سيّد المرسلين صلّى الله عليه وآله الجزء ١

سيّد المرسلين صلّى الله عليه وآله8%

سيّد المرسلين صلّى الله عليه وآله مؤلف:
المحقق: مؤسسة النشر الإسلامي
الناشر: مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرّفة
تصنيف: الرسول الأعظم صلّى الله عليه وآله
الصفحات: 694

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 694 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 358150 / تحميل: 8965
الحجم الحجم الحجم
سيّد المرسلين صلّى الله عليه وآله

سيّد المرسلين صلّى الله عليه وآله الجزء ١

مؤلف:
الناشر: مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرّفة
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

60 - اسماعيل القصير بن إبراهيم بز

كوفي. ثقة(1)

____________________

(1) وفي نسخة (بزة) وفي اصحاب الصادق (ع) ص 147 / 96: اسماعيل بن ابراهيم بن بزة القصير الكوفي. ونحوه في لسان الميزان ج 1 / 392 وقال: روى عن جعفر الصادق (ع) روى عنه علي بن ابن الحسن. وله مسند كثير الفوائد قاله النجاشي.قلت: لم احضر له رواية عن ابي عبدالله (ع) بل روى عن الرجال عنه (ع) فروى عن الحكم بن عتيبة عنه (ع) كما في اصول الكافي ج 2 / 444. وعن ابن بكير عنه (ع) كما في زيادات صوم التهذيب ج 4 / 322 / 989 والكافي ج 1 / 192. وعمن ذكره عن ابي حمزة الثمالي عن علي بن الحسين (ع) كما في أول مكاسب التهذيب ج 6 / 321 والكافى ج 1 / 350. نعم الطبقة تقتضي كونه من اصحابه (ع) فقد روى عنه محمد بن ابي عمير، ومحمد بن خالد البرقي واسماعيل بن مهران. ثم إن ظاهر سقوط (له كتاب) بعد قوله (ثقة) الا ان النسخ خالية عنه بل في حاشية نسخة الخزاعي التصريح بخلو النسخ المنقولة عنه ايضا.

٣٨١

حدثنا حميد قال حدثنا عبيدالله بن أحمد بن نهيك قال حدثنا علي ابن الحسن قال حدثنا اسماعيل به(1)

____________________

(1) موثق بحميد وعلي بن الحسن الطاطري الواقفيين الثقتين على كلام في احمد بن جعفر شيخ التلعكبري والحسين شيخ الماتن ولا يبعد سقوط (قال حدثنا محمد بن ابي عمير) عن نسخ المتن بقرينة رواية ابن أبي عمير عن اسماعيل بن ابراهيم في اصول الكافي ج 2 / 444 ورواية علي بن الحسن الطاطري عن ابن ابي عمير كثيرا. وفى الفهرست ص 14: اسماعيل القصير.له كتاب، اخبرنا به عدة من أصحابنا عن هارون بن موسى التلعكبري عن ابن عقدة عن احمد بن عمر بن كيسبة عن الطاطري عن محمد بن زياد عنه.قلت: طريقه ضعيف بأحمد بن عمر المجهول حاله، نعم روى كتب كثير من أصحابنا وأصولهم ذكره النجاشي والشيخ في الفهرست وكناه في الفهرست بابي الملك ولقبه بالنهدى كما في ترجمة علي بن الحسن الطاطري ص 92 روى عن الطاطري ومحمد بن بكر بن جناح وغيرهما وروى عنه ابن عقدة كثيرا وعلي بن محمد بن الزبير القرشي ومحمد بن عبدالله بن غالب وغيرهم.

٣٨٢

61 - اسماعيل بن همام بن عبدالرحمن بن أبي عبدالله - ميمون البصري

مولى كندة(1) وإسماعيل يكنى ابا همام(2) روى اسماعيل عن(3) الرضا عليه السلام(4) .

____________________

(1) كونه مولى كندة صريح الشيخ في اصحاب الرضا (ع) وروى في التهذيب ج 9 ص 209 في الوصية المبهمة عن اسماعيل بن همام الكندي عنه (ع) وايضا عن ابي همام. ولكن في اصحاب الصادق (ع) من رجال البرقي ص 24 عبدالرحمن بن ابي عبدالله من اهل البصرة عربي من كندة.وفى رجال الشيخ ص 230 / 127: مولى بني شيبان وأصله كوفي. وفى الكشي ص 200: وابوعبدالله رجل من أهل البصرة وروى الصدوق في باب إنقضاء مشي الماشي في الحج من الفقيه ص 252 باسناده عن الحسين بن سعيد عن اسماعيل بن همام المكي عن ابي الحسن الرضا (ع).

(2) كما صرح به البرقي والشيخ وفيما رواه الصدوق في الوصية بالعتق ص 531 وفي التهذيب ج 3 / 328 وغيره.

(3) وعده البرقي في اصحاب الكاظم (ع) ص 51 قال: ابوهمام وهو اسماعيل بن همام. وروى الشيخ في الاستبصار ج 1 / 143 في الصحيح عن يعقوب عن أبي همام عن ابي الحسن الاول عليه السلام في الحائض الحديث. ورواه في التهذيب ايضا ج 1 / 398 / 1241 وقد ذكرناه في طبقات اصحابه (ع).

(4) وعده الشيخ ايضا في أصحابه ص 368 / قائلا: اسماعيل ابن همام مولى لكندة وهو ابوهمام. وروى عنه كثيرا روى جماعة من اجلة اصحابنا عنه (ع) مثل يعقوب بن يزيد واحمد بن محمد بن عيسى وعلي بن مهزيار واحمد بن علي ومحمد بن عيسى وغيرهم ذكرناهم في الطبقات. وروى ابوهمام اسماعيل بن همام عن محمد بن سعيد بن غزوان كما في التهذيب ج 3 / 328 وغيره وعن الحسن بن زياد وغيرهما.تنبيه: ذكر في جامع الرواة رواية التلعكبري عن اسماعيل بن همام هذا عن مواضع من الفهرست.وليس كذلك فلا تصح رواية التلعكبري المتوفى(385) عن مثله ممن كان من اصحابي الكاظم والرضا عليهما السلام بل المراد به محمد بن ابي بكر همام بن سهيل الاسكافي من مشايخ التلعكبري المتوفى سنة 336 كما يأتي في ترجمته(1034).

٣٨٣

ثقة هو(1) وأبوه(2) وجده(3) .

____________________

(1) ويؤمى إلى ذلك رواية أجلة اصحابنا وثقاتهم عنه.

(2) وعلى توثيق الماتن له عول من تأخر.

(3) قال ابوعمرو الكشي ص 200: سألت محمد بن مسعود عن عبدالرحمن بن ابي عبدالله، فذكر عن علي بن الحسن بن فضال: انه عبدالرحمن بن ميمون الذي في الحديث. وابوعبدلله رجل من اهل البصرة. اسمه ميمون. وعبدالرحمن هو ختن الفضيل بن يسار وذكره البرقي في اصحاب الصادق ص 24 قائلا: عبدالرحمان بن ابي عبدالله من اهل البصرة. عربي من كندة.وايضا الشيخ ص 230 / 127 قائلا: عبدالرحمان بن ابي عبدالله البصري مولى بني شيبان وأصله كوفي إلى ان قال: وكان عبدالرحمان هذا ختن الفضيل بن يسار. قلت ويأتي في ترجمة الفضيل: انه عربي بصري صميم وروى ايضا عنه كما يأتي.قال في الخلاصة ص 113 في ترجمته قال علي بن احمد العقيقي: انه روى عن ابي عبدالله (ع) سبعمائة مسألة وهو بصري اصله من الكوفة. ونحوه في رجال ابن داود ص 222.قلت: روى عبدالرحمن بن ابي عبدالله البصري عن ابي عبدالله عليه السلام كثيرا روى جماعة من أجلة اصحابنا عنه عنه (ع) مثل الحسن بن محبوب السراد وأبان بن عثمان وحماد بن عثمان وحماد بن عيسى والفضيل بن يسار وصفوان بن يحيى وعبدالله بن سنان وغيرهم من أجلة أصحاب الباقر والصادق والكاظم عليهم السلام ذكرناهم في الطبقان وإكثار رواية أمثالهم عنه يؤمي إلى جلالته في الطائفة. وفي جملة من الاخبار ما يدل على جلالته وتمسكه بأهل البيت (ع) اوردناها في أخبار الرواة. =

٣٨٤

____________________

= وروى عن ابي الحسن موسى عليه السلام ايضا روى عنه عنه (ع) اسماعيل بن همام ابوهمام كما في وجوه الصيام من التهذيب ج 4 / 298 باسناد موثق وصاج 2 / 133 وياسين الضرير وغيرهما ويطول بذكرهم وإليك بكتابنا في الطبقات. ثم ان الظاهر اختصاص توثيق الماتن لجد اسماعيل بن همام بأبي همام عبدالرحمن بن ابي عبدالله ولا يشمل جده الاعلى - ابا عبدالله ميمون البصري الشيباني ولم اجد له توثيقا او مدحا صريحا نعم روى حديث الغدير وغيره من فضائل علي (ع) وذكر البرقي في أصحاب اميرالمؤمنين (ع) ص 4: ميمون بن مهران. وايضا الشيخ ص 58 / 9 وقال الذهبي في ميزان الاعتدال ج 4 ص 235 ميمون (ت، س، ق) مولى عبدالرحمن بن سمرة.ثم روى عنه عن زيد بن أرقم حديث الغدير، وحديث المنزلة، وحديث سد الابواب الشارعة في المسجد الا باب علي (ع). ثم انه لم تطب الذهبي نفسه كما في امثال المقام الا بأن يضعفه بروايته المناكير ثم ذكره هذه الروايات. وأمره إلى الله تعالى ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.

وقال الشيخ في اصحاب الصادق (ع) ص 230 عند ذكر إبنه عبدالرحمن: واسم ابي عبدالله ميمون، حدث عنه سلمة بن كهيل فيقول: عن ابي عبدالله الشيباني، وكثير النوا إيضا عن ابي عبدالله، وحدث عنه ايضا خالدا الحذاء، وشعبة، وعوف بن أبي جميلة فسموه كلهم ميمون، روى عن عبدالله بن عباس، وعبدالله بن عمر، والبراء بن عازب، وعبدالله بن بريدة، الخ.

٣٨٥

له كتاب يرويه عنه جماعة أخبرنا محمد بن علي قال حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى قال حدثنا سعد وأحمد بن إدريس قالا حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى عن أبي همام(1)

____________________

(1) كالصحيح على اشكال باحمد بن محمد بن يحيى وبمحمد بن علي شيخ الماتن. وفي الفهرست في الكني ص 187: ابوهمام له مسائل اخبرنا بها جماعة عن ابي المفضل عن ابن بطة عن احمد بن محمد بن عيسى عنه. قلت: طريقه ضعيف بابي المفضل وبابن بطة على كلام يأتي في ترجمتهما.وروى الصدوق (ره) في المشيخة(251) عن ابيه (رض) عن سعد ابن عبدالله وعبدالله بن جعفر الحميري جميعا عن احمد بن محمد بن عيسى وابراهيم بن هاشم جميعا عن ابي همام اسماعيل بن همام. قلت: طريقه صحيح رجاله الثقات الاعلام.

٣٨٦

62 - إسماعيل بن علي العمى ابوعلي البصري

أحد أصحابنا البصريين ثقة. له كتب، منها ما اتفقت عليه العامة بخلاف الشيعة من أصول الفرائض(1)

____________________

(1) ولا يبعد نسبته مع أحمد بن إبراهيم العمى الآتي ترجمته(238).ذكره الشيخ فيمن لم يرو عنهم (ع) ص 452 وبعد قوله البصري قال: له كتب ذكرناها في الفهرست وفيه ص 12: اسماعيل بن علي العمى ابوعلي البصري أحد شيوخنا البصريين ثقة له كتب كثيرة، منها كتاب ما اتفقت عليه العامة للشيعة من اصول الفرائض، أخبرنا به احمد بن عبدون، قال أخبرنا ابوطالب الانباري قال اخبرنا ابوبشر احمد بن ابراهيم، قال حدثنا عبدالعزيز بن يحيى بن احمد قال سمعت إسماعيل بن علي يقرأ هذا الكتاب. قلت: الطريق صحيح على الاقوى بناء‌ا على وثاقة احمد بن عبدون من مشايخ النجاشي. ثم ان ظاهر الشيخ ان كتابه في المسائل الاتفاقية بين الفريقين ونحوه في المعالم. وظاهر المتن انه في المسائل الخلافية بينهما.وذكره ابن حجر في لسان الميزان ج 1 ص 423 الا انه قال (القمي) بدل (العمى) وقال: سمع من نائل بن نجيح الخ. قلت: وذكر في جامع الرواة رواية محمد بن ابي عمير عنه عن الفضيل بن يسار عن موضعين من الكافي. وليس بصحيح، فان الظاهر ان المذكور فيهما وهو (اسماعيل البصري) اسماعيل بن همام المتقدم بقرينة رواية ابن ابي عمير عنه وروايته عن الفضيل بن يسار، مع انه لا تصح روايه ابن ابي عمير بن اصحاب بن يحيى الجلودي المتوفي بعد الثلاثين والثلاثمائة.

٣٨٧

63 و 64 - إسماعيل بن علي، وإسماعيل بن ابي عبدالله(1)

ذكر أصحابنا ان لهما كتاب خطب، قال الحسين بن عبيدالله اخبرنا احمد بن جعفر قال حدثنا أحمد بن ادريس عن عبدالله بن محمد ابن عيسى عن أبيه عنهما(2) .

65 - إسماعيل بن شعيب العريشي(3)

له كتاب في الطب، أخبرنا محمد بن علي قال حدثنا أحمد بن الكاظم (ع) عمن يروى عنه عبدالعزيز

____________________

(1) ذكره في جامع الرواة وقال: عنه ابومحمد الرازي في يب في باب فضل المساجد.قلت روى في التهذيب ج 3 ص 349 عن احمد ابن محمد عن محمد بن حسان الرازي عن ابي محمد الرازي عن اسماعيل ابن ابي عبدالله عن ابيه عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله الحديث. والمراد به إسماعيل بن ابي عبدالله الصادق (ع) الذي مات في حياته (ع) وهذا لا يروى عنه محمد بن عيسى الذي لم يدركه اصلا.

(2) كالضعيف بعبدالله بن محمد بن عيسى الملقب ببنان فلم يوثق وان قيل بحسن حاله على كلام في الحسين وشيخه.

(3) ذكره الشيخ فيمن لم يرو عنهم (ع) ص 452 وزاد: قليل الحديث ثقة روى عنه عبدالله بن جعفر.

وفى الفهرست ص 11 قليل الحديث إلا انه ثقة سالم فيما يرويه وله كتب منها كتاب الطب الخ وكتابه في المعالم.

٣٨٨

محمد بن يحيى عن عبدالله بن جعفر عن إسماعيل به(1) .

66 - إسماعيل بن محمد بن إسماعيل بن هلال المخزومي ابومحمد(2)

أحد أصحابنا ثقة فيما يرويه(3) قدم العراق وسمع أصحابنا منه(4) مثل أيوب بن نوح، والحسن بن معاوية، ومحمد بن الحسين وذكره بتوثيقه

____________________

(1) كالصحيح على اشكال باحمد بن محمد ومحمد بن علي كما تقدم وفي الفهرست أخبرنا به الحسين بن عبيدالله عن احمد بن محمد الخ.

(2) ذكره الشيخ في الفهرست ص 12 / 35 نحوه ونشير إلى اختلافه للمتن وفيمن لم يرو عنهم (ع) ص 452 زاد: مكي.

(3) وفى الفهرست: وجه اصحابنا المكيين كان ثقة فيما يرويه: قلت: ولعله سقطت كلمة من نسخ المتن وصحفت فان التنبيه على كونه احد اصحابنا فقط في هذا الكتاب كما ترى ويظهر من مواضع من هذه الترجمة ومنها طريقه إلى كتبه - انها كانت مأخوذة من الفهرست فليتأمل.

(4) وفى الفهرست: اصحابنا بها منه ايوب الخ وزاد بعد ابن فضال: وأحمد أخوه، وعاد إلى مكة وقام بها وقلت الرواية عنه بسبب ذلك وله كتب منها كتاب الخ. وفيمن لم يرو عنهم (ع): روى عن ايوب بن نوح ونظرائه. قلت: الظاهر ان الاصح ما في المتن وفي الفهرست فلاحظ، وفي الكافى في مناكحة الاكراد ج 2 / 12: علي بن ابراهيم عن اسماعيل بن محمد المكي عن علي بن الحسين عن عمرو بن عثمان الخ. ورواه ايضا في التهذيب.

٣٨٩

وعلي بن الحسن بن فضال. له كتاب التوحيد. كتاب المعرفة. كتاب الصلاة. كتاب الامامة.كتاب التجمل والمروة.قال ابن الجنيد: حدثنا احمد بن محمد العاصمي قال حدثنا محمد بن اسماعيل بن محمد عن ابيه(1) وقال الحسين بن عبيدالله حدثنا الحسن بن محمد بن يحيى العلوي قال حدثنا علي بن احمد العقيقي عنه بكتبه كلها(2) قال ابن نوح: كان اسماعيل بن محمد يلقب قنبرة(3)

____________________

(1) وفي الفهرست: اخبرنا بكتبه احمد بن عبدون، قال حدثنا ابوعلي محمد بن احمد بن الجنيد قال حدثنا الخ. قلت: الطريق ضعيف بمحمد بن اسماعيل المهمل.

(2) وفي الفهرست: وأخبرنا الحسين بن عبيدالله واحمد بن عبدون جميعا عن الحسن بن محمد الخ.

قلت: وهو ضعيف ايضا بالحسن بن يحيى الذي يأتي تضعيفه في ترجمته(147) وبالعقيقي الذي ذكره الشيخ في الفهرست وفين لم يرو عنهم (ع) وضعفه هو وغيره بما في احاديثه من التخليط والمناكير.

(3) ظاهر الشيخ وغيره: ان قنبرة غير المكي المخزومي فقد ذكره فيمن لم يرو عنهم (ع) ص 452 / قال: إسماعيل بن محمد قمي يعرف بقنبرة. وفي الفهرست / 15 / 48: اسماعيل بن محمد.من أهل قم، يقال له قنبرة، له كتب كثيرة منها كتاب المعرفة. وفي المعالم ص 9 اسماعيل بن محمد القمي من كتبه كتاب المعرفة. وقال ابن النديم في الفهرست ص 287: قنبرة، واسمه اسماعيل بن محمد من اهل قم. وله من الكتب كتاب المعرفة.له جلالة في الدنيا (والدين خ) يجري مجرى الوزراء في جلالة الكتاب. قلت: التصريح بانه قمي يمنع عن الجزم بالاتحاد وكلام ابن نوح ايضا غير ظاهر فيه، مع ان المكي انما دخل العراق ولم يعلم انه دخل (ايران) وخاصة (قم المشرفة) من بلادها كي ينسب اليها نزولا فلاحظ.

٣٩٠

67 - إسماعيل بن علي بن إسحق بن أبي سهل بن نوبخت(1)

كان شيخ المتكلمين من أصحابنا وغيرهم.

____________________

(1) وذكره الشيخ في الفهرست / 12 / 36 مثله وقال: ابوسهل كان شيخ المتكلمين من اصحابنا ببغداد ووجههم، ومتقدم النوبختيين في زمانه وذكره في كتاب الغيبة ص 127: من وجوه الشيعة والاكابر في اخبار السفير الثالث عند ذكر جماعة منهم وكناه بأبي سهل.وأشار إلى وجاهته ومنزلته في أنفس الناس ومحله من العلم والادب عندهم في ص 247 في اخبار الحسين بن منصور الحلاج وانه رضى الله عنه كشف أمره واحدوثته حتى شهر أمره عند الصغير والكبير وتنفر الجماعة عنه وقد اوردناه وما يدل على فضل ابي سهل في اخبار الرواة.قال ابن النديم في الفهرست ص 265: ابوسهل اسماعيل بن علي بن نوبخت من كبار الشيعة، وكان ابوالحسن الناشئ يقول: انه استاذه وكان فاضلا عالما متكلما، وله مجلس يحضره جماعة المتكلمين الخ. وذكر ما جرى بينه وبين رسول محمد بن علي الشلغماني المعروف بابن ابي الغراقر حين ما يدعوه إلى الفتنة. وقال في الحسن ابن موسى النوبختي: آل نوبخت معروفون بولاية علي وولده (ع) في كتاب الانسان الظاهر. وذكره في مواضع من كتابه.وذكره ابن حجر في لسان الميزان ج 1 / 424 وقال: البغدادي كان من وجوه المتكلمين ثم ذكر كتبه وقال اخذ عنه ابوعبدالله بن النعمان المعروف بالمفيد شيخ الشيعة في زمانه وغيره.

ولم تطب نفس الخطيب البغدادي بان يذكره مع جلالته وشهرته كغيره من اعلام الشيعة ورؤسائهم البغداديين في تاريخه مع أنه قد أكثر فيه من ذكر الكذابين والوضاعين ومن يستقبح ذكره في الكتب كما لا يخفى على المتتبع.

٣٩١

صنف كتبا كثيرة(1) منها كتاب الاستيفاء في الامامة. كتاب التنبيه في الامامة. قرأته على شيخنا ابي عبدالاله رحمه الله كتاب الجمل في الامامة. كتاب الرد على محمد بن الازهر في الاماة(2) . كتاب الرد على اليهود. كتاب في الصفات الرد على ابي العتاهية في التوحيد في شعره(3) كتاب الخصوص والعموم والاسماء والاحكام.

____________________

(1) ونحوه في الفهرست مع تفاوت نشير اليه.

(2) ولم يذكر في الفهرست كتاب الجعل وكتاب الرد على ابن الازهر. ومحمد بن الازهر لعله الجوزجاني الذي ضعفه الذهبي في ميزان الاعتدال ج 3 ص 467، أو محمد بن أحمد بن مزيد النحوي البوشنجي صاحب كتاب اخبار عقلاء المجانين الذي ذكره ابن النديم ص 217.

(3) وفي الفهرست: كتاب الرد على أبي العتاهية في التوحيد. شعر. وهو الاظهر الاصح وابوالعتاهية من الشعراء الذين عمل اخبارهم وشعرهم جماعة ذكره ابن النديم في فهرسته ص 233.وقال الذهبي في ميزان الاعتدال ج 1 ص 245: اسماعيل بن القاسم ابوالعتاهية. شاعر زمانه.ثم ضعفه وقال: ما علمت أحدا يحتج بابي العتاهية.

٣٩٢

والرد على ابن الراوندي(1) . كتاب الانوار في تواريخ الائمة (ع). كتاب الرد على الواقفة. كتاب الرد على الغلاة. كتاب التوحيد. كتاب الارجا. كتاب النفي والاثبات. مجالسه مع ابي علي الجبائي بالاهواز(2) كتاب في استحالة رؤية القديم. كتاب الرد على المجبرة في المخلوق(3) مجالس ثابت بن أبي قرة(4) كتاب النقض على عيسى ابن أبان في الاجتهاد(5) نقض مسألة أبي عيسى الوراق في قدم

____________________

(1) وهو ابوالحسين احمد بن محمد بن يحيى بن محمد بن إسحاق الراوندي من أهل مرو الروذ ولم يكن في نظرائه في زمنه أحذق منه بالكلام ولا أعرف بدقيقه وجليله وكان في أول أمره حسن السيرة جميل المذهب كثير الحياء ثم إنسلخ من ذلك بأسباب عرضت ذكرها ابن النديم مع كتبه في الكفريات ومن نقض عليها ورجوعه وتوبته عند موته وتفصيل ذلك في فهرسته ص 254.

(2) اسمه محمد بن عبدالوهاب بن سلام من معتزلة البصرة. وهو الذي ذلل الكلام وسهله وإليه إنتهت رئاسة البصريين في زمانه توفي سنة 303 ذكر ترجمته ابن النديم في الفهرست ص 256.

(3) وفي الفهرست: زاد: والاستطاعة.

(4) وفي الفهرست: كتاب مجالس ثابت بن أبي قرة بن ابي سهل ولعله ابوعلي الذي ذكره ابن النديم ص 402 وقال: وكان منجم العلوي البصري.

(5) هو عيسى بن ابان بن صدقة ابوموسى الفقيه القاضي صاحب كتاب إثبات القياس كتاب اجتهاد الرأي وغير ذلك وهو المتوفى سنة 220 ذكره ابن النديم ص 303.

٣٩٣

الاجسام(1) كتاب الاحتجاج لنبوة النبي صلى الله عليه وآله. كتاب حدوث العالم.

68 - إسماعيل بن علي بن علي بن رزين بن عثمان بن عبدالرحمن

ابن عبدالله بن بديل بن ورقا الخزاعي ابن أخي دعبل. كان بواسط مقامه، وولي الحسبة بها(2)

____________________

(1) وزاد في الفهرست: مع اثباته الاعراض. ولم يذكر الكتابين الاخيرين وقال: وزاد محمد بن اسحق النديم على هذه الكتب في فهرسته: كتاب الرد على الطاطري في الامامة كتاب نقص مسألة الشافعي.

كتاب الخواطر. كتاب المعرفة. كتاب تثبيت الرسالة. كتاب حدوث العالم. كتاب الرد على أصحاب الصفات. كتاب الحكاية والمحكي. كتاب نقض نعت الحكمه لابن الراوندي (وفي فهرسته نقض كتاب بعث الحكمة على الراوندي) كتاب نقض التاج على ابن الراوندي ويعرف بكتاب الشبك.كتاب نقض اجتهاد الرأي على ابن الراوندي كتاب الصفات.قلت: ذكره ابن النديم ص 265 كما ذكر وزاد: كتاب الرد على عيسى بن أبان في اللباس. كتاب الرد على من قال بالمخلوق. كتاب إبطال القياس.

(2) ونحوه في الفهرست ص 13 إلى آخر الترجمة وايضا عن ابن الغضائري وذكره الشيخ فيمن لم يرو عنهم (ع) ص 452 وقال: يكنى ابا القاسم اخبرنا عنه هلال الحفار. ويظهر من الخطيب في ترجمة دعبل ان أصله كوفي. وذكره الخطيب في تاريخه ج 6 / 306 بنسبه وكنيته ومن حدث عنه وهم جماعة قال وروى عن أبيه عن أخيه دعبل أحاديث مسندة عن مالك بن أنس و. و. الخ.وذكر جماعة من روى عنه وعنهم هلال بن محمد الحفار وذكر ان جماعة سمعوا منه ببغداد في درب رباح وقال: وكان غير ثقة. وعنه قال: ولدت في سنة تسع وخمسين ومائتين. ثم قال توفي بواسط في سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة.

وذكره ابن حجر في لسان الميزان ج 1 / 421 وحكى عن الدار قطني انه اخرج عنه في غرائب مالك ولم يكن مرضيا وذكر سماعه من أبيه سنة اثنتين وسبعين ومأتين. وقال: متهم. يأتي بأوابد.

وذكره الذهبي في ميزان الاعتدلال ج 1 / 238 وقال: متهم يأتي بأوابد.

وقال الخطيب في تاريخه ج 8 ص 383 ترجمة أخيه دعبل: وقد روى عنه أحاديث مسندة عن مالك بن أنس وعن غيره. وكلها باطلة، نراها من وضع إبن أخيه إسماعيل بن الدعبلي فانها لا تعرف الا من جهته وروى عنه قصيدته التي أولها: مدارس آيات الخ. قلت هذه قصيدته التي أنشدها دعبل الخزاعي في مجلس ابي الحسن الرضا عليه السلام ذكرها أصحابنا والجمهور ورواها أصحابنا عن غير طريقه ايضا كما في العيون ج 2 ص 263 وغيره.

٣٩٤

وكان مختلطا يعرف منه وينكر(1) له كتاب تاريخ

____________________

(1) وفى الفهرست: مختلط الامر في الحديث الخ. وعن ابن الغضائري: كان كذابا وضاعا لا يلتفت إلى ما رواه عن ابيه عن الرضا عليه السلام ولا غير ذلك ولا ما صنف. قلت: ويأتي في ترجمة أبيه علي(726) قول الماتن: ما عرف حديثه الا من قبل ابنه اسماعيل. ويأتي ايضا سماعه عنه ببغداد سنة اثنتين وسبعين ومأتين حديث دخوله مع أخيه دعبل علي أبي الحسن الرضا (ع) وما خلعه من قميصه وخاتمه والدراهم. ويظهر من المتن وغيره ان التضعيف نشأ مما قيل ان في حديثه تخليط ولذلك يعرف ذلك منه وقد عرفته من كلام الخطيب ثم ينسب وضع مارواه من المنكرات وما فيه غلو وتخليط إلى اسماعيل. وعليه ينكر ولم أقف في كلام أصحابنا على ذكر مارواه من المنكرات.نعم في كلام العامة الذين هم الاصل في تضعيفه ظاهرا والله العالم: إشارة إلى مارواه عن مالك والى مارواه من فضائل اهل البيت عليهم السلام والى شعر دعبل وحديث القميص وما اخبر به مما يستفيد من ذلك بقم مما يدل على فضائلهم (ع).

٣٩٥

الائمة (ع) وكتاب النكاح(1) .

____________________

(1) وفي الفهرست: وله كتاب تاريخ الائمة (ع)، اخبرنا عنه برواياته كلها الشريف ابومحمد المحمدي، وسمعنا هلال الحفار يروى عنه مسند الرضا عليه السلام وغيره فسمعناه منه وأجاز لنا باقي رواياته قلت: اما الشريف المحمدي الحسن بن احمد بن مشايخ النجاشي فيأتي الكلام فيه في ترجمته(150) وتقدم في مشايخه. واما هلال ابن محمد الحفار ابوالفتح المتوفي سنة أربع عشرة واربعمائة فهو من مشايخ شيخ الطائفة العامة كما روى عنه في كتبه وعده العلامة رحمه الله في اجازته لبني زهرة من مشايخه من العامة. وهو من مشايخ الخطيب البغدادي ذكر ترجمته في تاريخه ج 14 / 75.

٣٩٦

69 - اسماعيل بن أبان(1)

اخبرني ابوالعباس أحمد بن علي بن نوح قال حدثنا محمد بن علي بن هشام قال حدثنا علي بن محمد ما جيلويه عن احمد بن محمد البرقي عن اسماعيل بكتابه، وباخبار علي بن النعمان، وبكتاب موت المؤمن والكافر(2) .

____________________

(1) ذكر البرقي في اصحاب الصادق (ع) ص 28: اسماعيل بن أبان الحناط.وايضا الشيخ ص 154 / 243 ولكن فيه: الخياط.قلت: لم أحضر له رواية عن ابي عبدالله (ع) نعم روى إسماعيل بن اسحق عنه عن غياث عنه (ع) في باب طلاق الحامل من الفقيه ج 4 / 445 وايضا ابراهيم بن محمد الثقفي عنه عن صالح بن ابي الاسود كما في اصول الكافي ج 2 / 207 ولعله لذلك لم يذكره الماتن في عداد من روى عنه (ع)

(2) حسن كالضعيف على اشكال بمحمد بن علي بن هشام فلم يوثق الا انه استفيد حسن حاله من رواية الصدوق عنه مترضيا عنه على كلام بمحمد بن علي ما جيلويه من مشايخ الصدوق الذي روى عنه كثيرا مترحما عليه. ثم ان الموجود في نسخ الكتاب وما حكى عند هو علي بن محمد ما جيلويه الا ان الصحيح محمد بن علي وهو من مشايخ الصدوق (ره). وفي الفهرست ص 14 / 40: اسماعيل بن ابان له كتاب أخبرنا به ابن ابي جيد عن محمد بن الحسن عن محمد بن ابي القاسم عن محمد ابن على الصيرفي عنه. وايضا(44) اسماعيل بن ابان له كتاب رويناه بالاسناد الاول عن حميد عن ابراهيم بن سليمان عنه.قلت: ظاهره وان كان تعددهما الا انه لا ميز بينهما والامر سهل بعد عدم ثبوت وثاقته. وطريقه الاول ضعيف بالصيرفى الضعيف والثاني موثق بحميد بناء‌ا على وثاقة ابن عبدون في الاسناد الاول.

٣٩٧

70 - اسماعيل بن جابر الجعفي(1)

____________________

(1) وفي لسان الميزان ج 1 ص 397: اسماعيل بن جابر بن يزيد الجعفي.ذكره الطوسي في رجال الشيعة، وقال علي بن الحكم: كان من نجباء اصحاب الباقر (ع) وروى عن الصادق والكاظم (ع) روى عنه عثمان بن عيسى ومنصور بن يونس وغيرهما.قلت: روى في اصول الكافى في فرض إطاعة الائمة (ع) ج 1 ص 188 عن محمد بن الحسن عن سهل بن زياد عن محمد بن عيسى عن أبان عن عبدالله بن سنان عن اسماعيل بن جابر قال قلت لابي جعفر (ع): أعرض عليك ديني الذى أدين الله عزوجل به؟ ثم عرضه وفي آخره فقال (ع): هذا دين الله ودين ملائكته. وفي ج 2 / 405 باب المستضعف: الحسين بن محمد عن معلي بن محمد عن الوشاء عن مثنى عن اسماعيل الجعفي قال سألت أبا جعفر (ع) عن الدين إلى أن قال قلت: جعلت فداك فأحدثك بديني الذي انا عليه؟ فقال: بلى فقلت اشهد ان لا اله الا الله واشهد أن محمدا عبده ورسوله والاقرار بما جاء من عندالله وأتولاكم وأبرء من عدوكم ومن ركب رقابكم وتأمر عليكم وظلمكم حقكم فقال: ما جهلت شيئا هو والله الذي نحن عليه إلى ان قال ثم قال: ارأيت ام ايمن؟ فاني اشهد انها من أهل الجنة وما كانت تعرف ما أنتم عليه.وفى ج 1 ص 158 باب الجبر والقدر عن عثمان بن عيسى عن اسماعيل بن جابر حديث ما جرى بينه وبين الرجل الذي يتكلم في القدر والناس مجتمعون عليه في مسجد المدينة ثم حكايته لابي عبدالله عليه السلام وفيه إيماء بعلمه بالكلام. وفى ج 1 ص 125 باب النوافل عن عبدالله بن الوليد الكندي عن اسماعيل بن جابر او عبدالله بن سنان قال قلت: لابي عبدالله (ع) اني أقوم آخر الليل وأخاف الصبح قال اقرء الحمد واعجل واعجل. =

٣٩٨

____________________

= وروى الشيخ في التهذيب ج 2 ص 126 عن حماد عنه ما يشير إلى تعاهده لنوافل الليل. بل إلى أنه يهمه مافاته من النوافل على مارواه ايضا قبل ذلك ص 12 في الصحيح عن مرازم قال سأل إسماعيل بن جابر ابا عبدالله (ع) فقال اصلحك الله ان علي نوافل كثيرة فيكف اصنع فقال اقضها الخ. ورواه في الكافي ج 1 ص 126 وروى بعده في الصحيح عن ابان بن عثمان عن اسماعيل الجعفي قال: قال ابوجعفر (ع) إلى ان قال قلت: ولم تأمرني ان أوتر وترين في ليلة واحدة فقال عليه السلام احدهما قضاء.ويحتمل كون المراد باسماعيل الجعفي في الرواية الاخيرة اسماعيل بن عبدالرحمن كما يأتي.وغير ذلك مما يؤمي إلى وضوح طريقته وحسن سلوكه. ويظهر من الاخبار إختصاصه بأبي عبدالله (ع) وعنايته له. فروى في التهذيب ج 3 ص 234 في الصلاة في السفر من زياداته عن الحسين بن القاسم بن محمد عن رفاعة بن موسى عن اسماعيل بن جابر قال كنت مع ابي عبدالله عليه السلام حتى اذا بلغنا بين العشائين قال يا اسماعيل امض مع الثقل والعيال حتى الحقك وكان ذلك عند سقوط الشمس فكرهت ان انزل فاصلي وأدع العيال وقد امرني أن أكون معهم فسرت ثم لحقني أبوعبدالله (ع) فقال: يا إسماعيل هل صليت المغرب بعد؟ فقلت: لا. فنزل عن دابته فأذن وأقام وصلى المغرب وصليت معه وكان من الموضع الذي فارقته إلى الموضع الذى لحقني ستة أميال. وفى الكشي ص 131: حدثنا محمد بن مسعود قال حدثني علي بن الحسن قال حدثني ابن أورمة عن عثمان بن عيسى عن اسماعيل بن جابر قال أصابني لقوة في وجهي فلما قدمنا المدينة دخلت على أبي عبدالله عليه السلام قال ما الذي أراه بوجهك؟ قال فقلت: فاسدة ريح. قال فقال لي: إئت قبر النبي صلى الله عليه وآله فصل عنده ركعتين ثم ضع يدك على وجهك ثم قل الحديث =

٣٩٩

____________________

= وفي آخره فما عاودت الا مرتين حتى رجع فما عاد إلى الساعة.واما ما رواه الكشي ص 113 عن محمد بن مسعود قال حدثني جبرئيل بن احمد عن محمد بن عيسى عن يونس عن أبي الصباح قال سمعت أبا عبدالله (ع) يقول يا ابا الصباح هلك المترئسون في أديانهم منهم زرارة وبريد ومحمد بن مسلم واسماعيل الجعفي وذكر آخر لم أحفظه ورواه ايضا في ص 131 وص 156. فهو قاصر سندا بجبرئيل بن أحمد فلم يوثق. ودلالة على القدح بما يمنع الاعتماد به والعمل بخبره فقد جعل فيه عدلا لمثل زرارة من أمناء ابي جعفر (ع) على حلال الله وحرامه كما رواه الكشي. والهلاك انما يكون ذما، اذا كان أخرويا لا أمرا دنيويا باعتبار ما خيف على زرارة ونظرائه من اعلام الشيعة ولذلك ورد في زرارة وأقرانه ذموما كثيرة حقنا لدمائهم، على ان الترئس وان استلزم حب الرئاسة الا انه لا ينافى الوثاقة في النقل والرواية كما هو ظاهر وذكرنا في الشرح على الكشي شواهد حمل ماورد في ذم هؤلاء على التقية هذا مضافا إلى إحتمال كون المراد باسماعيل الجعفي فيه: اسماعيل بن عبدالرحمن الجعفي الآتى فلاحظ. وقد وثق الشيخ اسماعيل بن جابر الخثعمي قائلا: ثقة ممدوح له اصول. ويأتي كلامه وقال في الخلاصة(8) إسماعيل بن جابر الجعفى الكوفى ثقة ممدوح، وما ورد فيه من الذم فقد بينا ضعفه في كتابنا الكبير وكان من اصحاب الباقر (ع) وحديثه اعتمد عليه. وقال ابن داود في رجاله(55) اسماعيل بن جابر (جخ) الخثعمي الكوفى ابومحدم القرشى ثقة ممدوح، له اصول قر، ق (جش): عوض الخثعمى: الجعفى.قلت: وروى عن اسماعيل بن جابر ابن قولويه في كامل الزيارات(78) وغيره ممن ظاهره ذكر رواية الثقات في كتابه وروى عنه صفوان وابن ابى عمير ممن تقدم في المقدمة: انه لا يروى الا عن الثقات

٤٠٠

دقائق ظافراً بأغلى الجواهر.

بينما إذا كان المريض أو الغوّاص يشكُّ في عمله ، أو يعتقد بعدم فائدته ، فانَّه لن يُقدمَ عليه قط واذاما أقدم فان عمله سيكون حينئذ مقروناً بالجهد والعناء.

فقوة الإيمان اذن هي الّتي تذلّل كل مُشكل ، وتسهِّل كلَّ صعب.

غير أنه لا ريب في أنَّ الوصولَ إلى الهَدف لا يخلو من مشكلات وموانع ، فلابدّ من السعي لرفع تلك الموانع ، وإزالة تلكم المشكلات.

وقد قيل قديماً : أنَّ مع كل وردة أشواك ، فكيف يمكن قطف وردة دون أن تُدمى أنامل القاطف بالأشواك المحيطة بها؟؟

هذا وقد بيّن القرآنُ الكريمُ هذه المسألة ( وهي ان رمز السعادة هو : الإيمان بالهدف والثبات في طريق تحقيقه ) في جملة قصيرة إذ قال : «إنَّ الَّذيْن قالُوا ربُّنا اللّه ثُمَّ استقامُوا تتَنَزَّلُ عَليْهِمْ الْمَلائكة أنْ لا تَخافُوا وَلا تَحزَنُوا وأبْشروا بِالجَنَّةِ الّتي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ »(١) .

ثَباتُ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وَصَبرُهُ :

لقد أدّت إتصالاتُ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الخاصّة. قَبل الدعوة العامة ، وجهودُه الكبرى بعد الجهر بالدعوة ، إلى ظهور وتكوين صفٍّ مرصوص من المسلمين في وجه صفوف الكفر ، والوثنية.

فالَّذين دخَلُوا سرّاً في حوزة الإسلام والإيمان قبل الدعوة العامّة تعرَّفوا على المسلمين الجدد الذين لبُّوا داعي الإسلام بعد إعلان الرسالة ، وشكّل القدامى والجدد جماعة قوية متعاطفة متحاببة ، وكان ذلك بمثابة إنذار لأوساط الكفر والشرك والوثنية ، أربكها وجعلها تشعر بالخطر.

على أنّ ضرب نهضة ناشئة والقضاء عليها كان أمراً سهلا لقريش ، ولكنّ الّذي أرعب قريشاً ومنعها من توجيه مثل هذه الضربة هي أنَّ أفراد هذه

__________________

١ ـ فُصّلت : ٣٠.

٤٠١

الجماعة ، وعناصر هذه النهضة لم يكونوا من قبيلة واحدة ، ليمكن مواجهتها وضربُها بكلّ قوة ، بل إنتمى من كل قبيلة إلى الإسلام ، عددٌ من الأفراد ، ومن هنا لم يكن إتخاذ أيّ قرار حاسم بحقّهم أمراً سهلا وبسيطاً.

من هنا قرّر سادة قريش وكبراؤها ـ بعد تداول الأمر في ما بينهم ـ أن يبدأوا بالقضاء على أساس هذه الجماعة ، ومحرِّك هذا الحزب ، والداعي إلى هذه العقيدة بمختلف الوسائل فيحاولوا ثنيه عن دعوته بالاغراء والتطميع تارة ويمنعوا من انتشار دينه بالتهديد والايذاء تارة اُخرى.

وقد كان هذا هو برنامج قريش وموقفها من الدعوة طيلة عشر سنوات وهي المدة المتبقية من سنوات البعثة من الفترة المكية ، إلى ان قررت بالتالي قتله ، ولكنه استطاع ان يبطل مُؤامرتهم بالهجرة إلى المدينة قبل أن يتمكنوا من القضاء عليه.

ولقد كان « أبو طالب » آنذاك زعيم بني هاشم ورئيسها المطلق ، وكان رجلا طاهر القلب عالي الهمّة ، شجاعاً ، كريماً ، وكان بيته ملجأ دافئاً للمحرومين والمستضعفين ، وملاذاً أميناً للفقراء والأيتام ، وكان يتمتع في المجتمع العربي ـ علاوة على رئاسة مكة وبعض مناصب الكعبة ـ بمكانة كبرى ومنزلة عظيمة ، وحيث أنّه كان كفيلا لرسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعد وفاة جدّه « عبد المطلب » ، لذلك حضر سادة قريش بصورة جماعية(١) عنده وقالوا له :

« يا أبا طالب إن ابن أخيك قدسبّ آلهتنا ، وعابَ دينَنا ، وسفَّه أحلامنا وضلّل آباءنا ، فامّا أن تكفّه عنّا ، وإما أن تخلّي بيننا وبينه ».

ولكن « أبا طالب » قال لهم قولا رفيقاً وردَّهم ردّاً جميلا حكيماً ، فانصرفوا عنه.

بيد أنَّ نفوذ الإسلام وانتشاره كان يتزايد باستمرار ، وكانت جاذبيّة الدّين المحمَّدي ، وبيان القرآن البليغ يساعدان على ذلك ، فيترك اثره في الناس ،

__________________

١ ـ ادرج ابن هشام في سيرته : ج ١ ، ص ٢٦٤ و ٢٦٥ اسماءهم بالتفصيل.

٤٠٢

وخاصة في الأشهر الحرم حيث تفد الحجيجُ على مكة من مختلف أنحاء الجزيرة ، وكان النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يعرض دينه عليهم ، فكانت أحاديثه الجذّابة ، وكلماتُه البليغة ، ودينُه المحبَّب تؤثر في قلوب كثير منهم ، فيميلون إلى الإسلام ويقبلون دعوة الرسول.

وهنا أدرك طغاة مكة وفراعنتها أن « محمَّداً » قد بدأ يفتح له مكاناً في قلوب جميع القبائل ، واصبح له انصارٌ واتباعٌ في كثير منها ، ممّا دفعهم مرّة اُخرى إلى الحضور عند « أبي طالب » حاميه الوحيد ، وتذكيره بالإشارة والتصريح بالاخطار المحدقة باستقلال المكّيين وعقائدهم نتيجة نفوذ الإسلام وانتشاره فقالوا له أجمع :

يا أبا طالب ، إن لك سنّاً ، وشَرفاً ، ومنزلة فينا ، وإنّا قد استنهيناك مِن ابن اخيك فلم تنهَه عنّا ، وإنا واللّه لا نصبر على هذا من شتم آبائنا ، وتسفيه أحلامنا وعيب آلهتنا ، حتّى تكفه عنّا ، أو ننازله وإيّاك في ذلك حتّى يهلك أحد الفريقين.

فأدرك حامي الرَّسول الوحيد ـ بذكائه وفطنته ـ أنّ عليه أن يصبرَ أمام جماعة ترى وجودها ، ومصالحها في خطر ، من هنا عَمد إلى مسالمتهم وملاطفتهم ، ووعدَ بأن يبلغ ابن اخيه « محمَّد » كلامهم. وقد كان هذا محاولة من « أبي طالب » لتسكين غضب تلك الجماعة الغاضبة وإطفاء نائرتهم ، وتهدئة خواطرهم ، ليتمَّ معالجة هذه المشكلة ـ بعد ذلك ـ بطريقة أصحّ وأفضل.

ولهذا أقبل ـ بعد خروج تلك الجماعة من عنده ـ على إبن اخيه ، وذكرَ له ما قال له القومُ ، وهو يريد ـ بذلك ضمناً ـ إختبار إيمان « محمَّد » بهدفه ، فكان الردُّ العظيمُ ، والجوابُ الخالد الّذي يعتبر من أسطع وألمع السطور في حياة قائد الإسلام الاكبر « محمَّد » رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، حيث قال لعمّه بعد أن سمع مقالة قريش :

« يا عَمّ ، واللّه لو وضعُوا الشَمْس في يميني ، والقمرَ في يساري ، على أن أترك هذا الأمر حتّى يظهرهُ اللّه ، أو اهلكَ فيه ، ما تركُته ».

ثم اغرورَقتْ عيناه الشريفتان بدموع الشوق والحب للهدف ، وقام وذهب

٤٠٣

من عند عمه.

وكان لتلك الكلمات الصادقة النافذة أثرٌ عجيب في نفس زعيم مكة وسيدها الوقور بحيث نادى ابن اخيه ، وأظهر له استعداده الكامل للوقوف إلى جانبه ، والحدب عليه رغم كل المخاطر ، والمتاعب الّتي كانت تكمن له إذ قال :

« إذهَبْ يا ابْن أَخي فَقُلْ ما أحبَبْتَ فَو اللّه لا اُسلمك لِشَيء أبداً ».

قريش تمشي إلى أبي طالب للمرّة الثالثة :

لقد أقلق انتشار الإسلام المتزايد قريشاً ، ودفعها إلى التفكير في حيلة ، فاجتمع أشرافها وسادتها للتشاور مرّة اُخرى وقالوا :

لعل كفالة أبي طالب لمحمَّد هي الّتي تدفعه إلى الدفاع عنه وحمايته والوقوف إلى جانبه في دعوته ، فكيف لو مشوا إليه بأجمل فتيان مكة ، وطلبوا منه أن يأخذه بدل « محمَّد » ويسلّمه اليهم ليروا فيه رأيهم ، ولهذا مشوا إلى أبي طالب بعمارة بن الوليد بن المغيرة فقالوا له :

يا أَبا طالب هذا عمارةُ بن الوليد أنهَدُ فتى في قريش وأجملُه ، فخذهُ فلك عقلُهُ ونصرُه ، واتخذه ولداً فهو لكَ ، وأسلِمْ إليْنا ابن أخيكَ هذا ، الّذي فرّق جماعة قومكَ ، وَسفَّه أحلامَهُمْ فنقتله ، فانما هو رجل برجل!!

فأجابهم أبو طالب وهو مستاء من هذه المساومة الظالمة :

« هذا واللّه لبئس ما تسومونني! أتعطوني إبنكم أغذُوهُ لكم ، واعطيكم ابني تقتلونه ، هذا واللّه ما لا يكون أبداً ».

فقال « المطعم بن عدي بن نوقل » : واللّه يا أبا طالب لقد أنصفَك قومُك ، فما أراك تريد أن تقبَل منهم شيئاً.

فأجابه أبو طالب قائلا : واللّه ما أنصفوني ولكنّك قد أجمَعتَ خُذْلاني ، ومظاهرة القوم عليّ فاصنَعْ ما بدا لك(١) .

__________________

١ ـ تاريخ الطبري : ج ٢ ، ص ٦٧ و ٦٨ ، السيرة النبوية لابن هشام : ج ١ ، ص ٢٦٦ و ٢٦٧.

٤٠٤

قريش تحاولُ تطميع رسول اللّه!

ولما علمت قريش بأنه لا يمكن ارضاء « أبي طالب » بخذلان ابن اخيه « محمَّد » ، فهو وإن كان لا يتظاهر بالإسلام ، إلاّ أنهم يكنُّ لابن أخيه ، وُدّاً عميقاً ، ومحبة كبرى من هنا قرّروا بأنْ يتركوا مفاضوة ، إلاّ أنهم فكّروا في خطة اخرى وهي أن يُحاولوا إثناء النبيّ عن المضيّ في دعوته بتطميعه بالمناصب ، والهدايا ، والأموال والفتيات الجميلات ، ولهذا مشوا إلى بيت « أبي طالب » ودخلوا عليه ومحمَّد جالسٌ إلى جنبه فتكلّم متكلِّمهُمْ وقال : يا محمَّد انا بعثنا اليك لِنُكلَّمك ، فانا واللّه لا نعلم رجلا من العرب أدخل على قومك ما ادخلت على قومه لقد شتمت الآباء ، وعيبت الدين ، وسببت الآلهة ، وسفهت الاحلام ، وفرقت الجماعة ولم يبق امر قبيح الاّ أتيته فيما بيننا وبينك فان كنت انما جئت بهذا الحديث تطلب به مالا جمعنا لك من أموالنا حتّى تكون اكثر مالا ، وان كنت انما تطلب الشرف فينا فنحن نسوّدك ونشرّفك علينا ، وان كان هذا الّذي ياتيك تابعاً من الجن قد غلب عليك بذلنا أموالنا في طبك.

فقال ابو طالب لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أي ابن أخي ما بال قومك يشكونك ، يزعمون انك تشتم آلهتهم وتقول وتقول؟

فتكلم رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقال : يا عم أُريدهم على كلمة واحدة يقولونها تدين لهم بها العرب وتؤدي اليهم بها العجم الجزية.

ففزعوا لكلمته ، ولقوله فقال القوم كلمة واحدة : نعم وأبيك عشراً.

قالوا : فما هي ، فقال أبو طالب : وأي كلمة هي يا ابن أخي؟

قال : « لا اله الاّ اللّه ».

فكان هذا الرد مفاجئة قوية لذلك الفريق الّذي يأمل في صرف النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن هدفه ، ولهذا قاموا فزعين ينفضون ثيابهم وهم يقولون : « أجعَلَ الآلهة إلهاً واحداً إن هذا لشيء عجاب »(١) .

__________________

١ ـ السيرة الحلبية : ج ١ ، ص ٣٠٣ ، تاريخ الطبري : ج ٢ ، ص ٦٥ و ٦٦.

٤٠٥

نماذجٌ من إيذاء قُريش وتعذيبها للمُسلمين :

يومَ صدَعَ رسولُ اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بما اُمر ، وجَهر بدعوته للناس وأيس سادة قريش من قبوله لأيّ اقتراح من إقتراحاتهم بعد ما سمعوه يقول : « واللّه لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر حتّى يُظهِرَه اللّه أو أهلك دونه ما تركُته » بدأ في الحقيقة واحداً من أشدّ فصول حياته ، واكثرها متاعبَ ومصاعبَ ، لأن قريشاً كانت لا تزال إلى ذلك الوقت تراعي حرمته وتحترمه ، وتسيطر على أعصابها ، ولكنها عند ما فشلت في خططها لجرّه إلى مساومتها اضطرَّت إلى تغيير نهجها واُسلوبها معه لتقفَ دون إنتشار دينه مهما كلَّف من الثمن مستفيدة في هذا السبيل من كل الوسائل الممكنة.

من هنا قرّر سادة قريش بالاجماع أن يتوسَّلوا بسلاح الاستهزاء والسخرية ، والإيذاء والتهديد ، بهدف صرفه عن المضيّ في دعوته(١) .

ولا يخفى أن المصلح الّذي يفكر في هداية العالم البشريّ كله يجب ان يتزود بقدر كبير من الصبر والتحمل ، أمام جميع المشكلات والمتاعب ، والمكاره والشدائد ليتغلب عليها شيئاً فشيئاً ، كما كان دأب كل المصلحين الآخرين.

ونحن هنا نورد طرفاً من أذى قريش لرسول اللّه وأتباعه ليتضح مدى صبر النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وثباته ، واستقامته على طريق الدعوة.

ولقد كان رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يتمتع ـ مضافاً إلى العامل الروحي والمعنويّ الباطني الّذي كان يساعده من الداخل أعني الإيمان والصبر والإستقامة والثبات ـ بعامل خارجيّ تولّى حراسته وحمايته وذلك حماية بني هاشم ، وعلى رأسهم أبو طالب لهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأنه عند ما عرف « ابو طالب » بعزم قريش القاطع على إيذاء إبن أخيه ( محمَّد ) دعا بني هاشم عامة ، وطلب منهُم جميعاً حماية النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والقيام دونه ، فلبَّوا نداء سيّدهم ، وأجابوه

__________________

١ ـ راجع لمعرفة ابرز من كان يؤذي النبيّ والمسلمين المحبر : ص١٥٧ و ١٦١.

٤٠٦

إلى ما دعاهم من حماية رسول اللّه وحراسته بعضٌ بدافع الايمان وآخر بدافع الرَحم ، الاّ « أبو لهب » ورجلان آخران انضموا إلى اعداء النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولكن هذا السياج الدفاعيّ لم يقدر ـ مع ذلك ـ على صيانتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من بعض الحوادث المرّة ، لأنّ قريشاً ألحقت به الأذى ، وأنزلت به مكروهاً ، كلما وجدته وَحيداً بعيداً عن أعين حُماته.

وإليك فيما يأتي بعض النماذج من ذلك الأذى :

١ ـ مَرَّ « أبو جهل » برسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عند الصفا ، فآذاه وشتمه ونال منه ببعض ما يُكره من العيب لدينه ، والتضعيف لأمره ، فلم يكلّمه رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومولاة لعبد اللّه بن جدعان في مسكن لها تسمع ذلك ، ثم انصرف عنه ، فعمد إلى ناد من قريش عند الكعبة ، فجلس معهم ، فلم يلبث « حمزة بن عبد المطلب » رضي اللّه عنه أن أقبلَ متوشحاً قوسَه راجعاً من قَنص له ، وكان صاحب قنص يرميه ويخرج له ، وكان إذا رجع من قنصه لم يصل إلى أهله حتّى يطوف بالكعبة ، وكان إذا فعل ذلك لم يمرّ على ناد من قريش إلاّ وقف وسلَّم وتحدَّث معهم ، وكان أعز فتى في قريش ، وأشدّ شكيمة.

فلما مرّ بالمولاة ، وقد رجع رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى بيته قالت له : يا أبا عمارة ( وتلك هي كنيته ) لو رأيت ما لقي ابنُ أخيك محمَّد آنفاً من أبي الحكم بن هشام ( وتعنى أبا جهل ) : وجده هاهنا جالساً فآذاه وسبَّه ، وبلَغَ منهُ ما يُكرَه ، ثم انصرف عنه ولم يكلمه محمَّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

فغضب « حمزة » لذلك ، فخرج يسعى ولم يقف على أحد مُعِدّاً لأبي جهل إذا لقيه أن يوقع به.

فلمّا دخل المسجد نظر إليه جالساً في القوم ، فاقبل نحوه ، حتّى إذا قام على رأسه رفع القوس فضربه بها فشجَّهُ شجة منكرة ، ثم قال : « أتشمته وأنا على دينه أقول ما يقول. فردَّ ذلك عليَّ أن استطعتَ ».

فقامت رجالٌ من بني مخزوم إلى « حمزة » لينصروا « أباجهل » فقال أبو جهل :

٤٠٧

دعوا أبا عمارة فاني قد سبَبْتُ ابن أخيه سبّاً قبيحاً(١) . وبهذا منع « أبو جهل » الّذي كان ممن يدرك خطورة مثل هذه المواقف من وقوع شجار وقتال.

إنَّ التاريخ الثابت والمسلَّم يشهد بأنّ وجودَ رجال ذوي بأس وقوة بين صفوف المسلمين مثل « حمزة » الّذي أصبح في ما بعد من كبار قادة الإسلام ، قد كان له أثرٌ كبيرٌ في حفظ الإسلام ، والحفاظ على حياة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ودعم جماعة المسلمين ، وتقوية جناحهم ، فهذا ابن الاثير(٢) يقول عن حمزة : لما اسلم حمزة عرفت قريش أن رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد عزّ وامتنع فكفوا عما كانوا يتناولون منه.

من هنا أخذت قريش تفكّرُ في إعداد خطط اُخرى لمواجهة قضية الإسلام والمسلمين ، سنذكرها في المستقبل.

هذا ويرى بعضُ المؤرّخين مثل ابن كثير الشامي(٣) على أن رُدود فعل إسلام « أبي بكر » و « عمر » واثرهما لم تكن بأقلّ من تاثير إسلام « حمزة » ، وانَّ الدين قويَ جانبه باسلام هذين الرجلين ، وكسَبَ المسلمون بذلك القوة والحريّة في العمل والتحرك ، والحقيقة انه لا شك في انه لكل فرد تأثيره في تقوية ودعم الإسلام ، إلاّ أنه لا يمكن ـ القولُ بحال بأن تأثير إسلام الشيخين كان يعدل تأثير إسلام « حمزة » ، فإن « حمزة » ما انْ سمع بأن قريشاً أساءت إلى رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الاّ وتوجه ، من دون أن يُعرّج على أحد ، إلى المسيء وانتقم منه في الحال أشدّ انتقام ، ولم يجرؤ أحد على الوقوف في وجهه ومنع المسيء منه ، ومن غضبه وانتقامه ، بينما يكتب ابن هشام في سيرته عن « أبي بكر » امراً يكشف عن أن « أبابكر » يوم دخل في صفوف المسلمين لم يكن قادراً على حماية نفسه ، ولا على الدفاع عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . واليك نصُّ الواقعة :

مرَّ رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ذاتَ يوم على جماعة من قريش وهم جلوسٌ عندَ الحجر ، فوثبوا إليه وثبة رجل واحد ، وأحاطوا به يقولون : أنتَ الّذي تقول :

__________________

١ ـ السيرة النبوية : ج ١ ، ص ٢٩١ و ٢٩٢ ، تاريخ الطبري : ج ٢ ، ص ٧٢.

٢ ـ الكامل لابن الاثير : ج ٢ ، ص ٥٦.

٣ ـ البداية والنهاية : ج ٢ ، ص ٢٦ و ٣٢.

٤٠٨

كذا وكذا ، لما كان يقول من عيب آلهتهم ودينهم فيقول رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : نعم أنا الّذي اقولُ ذلك ، فأخذ رجلٌ منهم بمجمع ردائه ( وهم يقصدون قتله ) فقام « أبو بكر » دونه وهو يبكي ويقول : أتقتلون رجلا يقول رَبّي اللّه؟ فانصرفوا عنه ( ولم يقتلوه لأمر رأوه ) ، فرجع رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى منزله ، ورجع « أبو بكر » يومئذ وقد صدعوا فرق رأسه(١) .

إن هذه الرواية التاريخية إذا دلّت على مشاعر الخليفة تجاه النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلاّ أنها تدل قبل أي شيء على عجزه وضعفه.

إنه يدلُّ على أنه لم يملك ذلك اليوم لا أية مقدرة بدَنية وروحية ، ولا أية مكانة اجتماعية تُرهَب ، وحيث أنَّ إلحاق الأذى بشخص رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان ينطوي ـ في نظر قريش ذلك على عواقب لا تحمد ـ لذلك تركوا رسولَ اللّه ، وَوَجَّهُوا ضربتهم إلى رفيقه وصدعوا فرق رأسه.

ولو أنك قارنت بين هاتين الحادثتين وقايست بين موقف « حمزة » الشجاع وموقف الخليفة الأوّل هذا لاستطعت أن تقضي بسهولة بأنَّ عزة الإسلام وقوة المسلمين ، وتعزيز موقفهم ، وخوف الكفار كان يعود إلى الإسلام أيّ واحد من ذينك الرجلين؟

هذا وستقرأ في القريب العاجل كيفية إسلام « عمر ». وسترى بأنَّ إسلامه ـ كاسلام صديقه ـ لم يزد هو الآخر من قدرة المسلمين الدفاعية ، وأنهم بالتالي لم يعتزوا باسلامه.

فيوم أسلم « عمر » كادَ أن يُقتل لولا « العاص بن وائل السهمي » لأنه هو الّذي خاطب الذين قصدوا قتل « عمر » قائلا : رَجُلٌ اختار لنفسه أمراً فماذا تريدون منه؟ أترونَ بني عَدِيّ بن كعب يسلمون لكم صاحبَهم هكذا ، خلوُّا عن الرجل »(٢) .

__________________

١ ـ السيرة النبوية : ج ١ ، ص ٢٨٩ و ٢٩٠ ، وقد ذكر الطبري في تاريخه : ج ٢ ، ص ٧٢ قصة صدع رأس أبي بكر بالتفصيل فراجع.

٢ ـ السيرة النبوية : ج ١ ، ص ٣٤٩.

٤٠٩

إن هذه العبارة الّتي قالها « العاص » لانقاذ الخليفة الثاني من أيدي الذين اجتمعوا على قتله تفيد ـ بوضوح ـ أن الخوف من قبيلة « عمر » هو الّذي كان وراء تركهم إياه وعدم قتله ، وقد كان دفاعُ القبائل عن أبنائها سنة فطرية وعادة متعارفة يومذاك وكان يتساوى فيها الكبير والصغير ، والشريف والوضيع.

أجل إنّ بني هاشم هم كانوا ـ في الواقع ـ الحصن الحقيقي للمسلمين ، وقد كان القسط الأكبر من هذا الأمر يتحمله « أبو طالب » وذووه ، وإلاّ فانَّ الاشخاص الآخرين الذين كانوا ينضمُّون إلى صفوف المسلمين لم يكن لديهم القدرة على الدفاع عن أنفسهم ، فكيف بالدفاع عن الإسلام وجماعة المسلمين ليقال بأن المسلمين اعتزوا بهم؟

أبوجهل يكمُن لرسول اللّه :

لقد أغضب تقدمُ الإسلام المطرد قريشاً بشدة فلم يمرُّ يوم دون أن يبلغهم نبأ عن انضمام واحد من أفراد قريش إلى صفوف المسلمين ولأجل هذا راح مرجل الغضب والحنق على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يغلي في نفوسهم ، فهذا فرعون مكة « أبو جهل لقريش في مجلس من مجالسهم : يا معشر قريش إن محمَّداً قد أبى إلاّ ما ترون من عيب ديننا ، وشتم آبائنا ، وتسفيه أحلامنا ، وشتم آهلتنا ، واني اُعاهِدُ اللّه لأَجلسنَّ له غداً بحجر ما اُطيق حمله فإذا سجد في صلاته فضختُ به رأسه.

فلما كان من غد أخذ « أبو جهل » حجراً كما وصَف ثم جلس لرسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ينتظره ، وغدا رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على عادته ووقف للصلاة بين الركن اليمانيّ والحجر الأسود ، وغدت تلك الجماعة من قريش فجلست في انديتها تنتظر ما ابو جهل فاعلٌ ، فلما سجد رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أحتمل « أبو جهل » الحجر ، ثم اقبل نحوه ، حتّى إذا دنا منه رجع منهزماً منتقعاً لونه ، مَرعوباً وقذف الحجَر من يده ، فقامت إليه رجالٌ من قريش وقالوا له : مالك يا أبا الحكم؟ فقال بصوت ضعيف يطفح بالخوف والرعب : قمت إليه

٤١٠

لأفعل به ما قلتُ لكم البارحة فلما دنوتُ منه عرضَ لي دونهُ ما لا رأيتُ مثلَه حياتي ، فتركتُه!!(١) .

إنه ليس من شك في أنَّ قوة غيبيّة أدركتْ رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأمر اللّه تعالى في تلك اللحظة ، وصوّرت ذلك المنظر الرهيب وحفظت رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كما وعده تعالى وعداً لا خلف فيه إذ قال : «إنّا كَفيْناكَ المُسْتَهْزئيْن »(٢) .

وهناك نماذج كثيرةٌ من أذى قريش لشخص رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سجَّلها التاريخ في صفحاته ، وقد عقد « ابن الأثير »(٣) فصلا خاصّاً لهذا الموضوع ذكر فيه أسماء أعداء رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الألدّاء ، في مكّة ، وبيّن أنواع ما كانوا يؤذُون به النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وما قد مرّ ذكره في الصفحات السابقة ما هو إلاّ أمثلة على ذلك ، فقد كانصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يواجه في كل يوم نوعاً خاصاً من الأذى ، والمضايقة.

فقد رُوي أنَّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يطوف ذات يوم فشتمه « عقبة بن أبي معيط » وألقى عمامَته في عنقه ، وجرّه من المسجد ، فأخذوه من يده ، خوفاً مِن بني هاشم(٤) .

أبو لهب يؤذي رسول اللّه :

ولقد تعرّض رسولُ اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأذى لا مثيل له من جانب عمه « أبي لهب » وزوجته « اُم جميل » وقد كان رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يجاورهم ، فلم يألوا جهداً في إزعاجه وإيذائه فكم من مرّة ومرة ألقيا الرماد

__________________

١ ـ السيرة النبوية : ج ١ ، ص ٢٩٨ و ٢٩٩.

٢ ـ الحجر : ٩٥.

٣ ـ الكامل في التاريخ : ج ٢ ، ص ٤٧ كما وعقد المجلسيرحمه‌الله في البحار : ج ١٨ باباً خاصاً بعنوان : « باب المبعث واظهار الدعوة وما لقيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من القوم » راجع من صفحة ١٤٨ إلى صفحة ٢٤٣.

٤ ـ السيرة الحلبية : ج ١ ، ص ٢٩٣ نظيره.

٤١١

والتراب على رأسه الشريف وثيابه. وكم من مرّة نشرت أم جميل الشوك على طريقه ، أو جمعته باب بيته لتؤذيه عند الخروج.

ولا شك ان معارضَة انسباء النبي واقربائه لدعوته المباركة ، وايذاؤهم اياه كان اكثر ايلاماً لنفسه الشريفة ، واشد وقعاً عليها ، حتّى اننا نجد القرآن يخص أبا لهب باللعن ويسميه بصورة خاصة مما يكشف عن هذه الحقيقة إذ يقول : « تَبّتْ يَدا أبي لَهَب وَتَبَّ. مَا أغنى عَنهُ مَا لُهُ وَما كَسَبِ. سَيَصْلى ناراً ذاتَ لَهَبِ. وَامْرأَتُهُ حَمَّالَةَ الحَطَبِ. في جِيْدها حَبْلٌ مِنْ مَسَد »(١) .

صبر النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم واستقامته :

ولكن رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يواجه كل ذلك الأذى وماشابهه من التحججات الّتي سنشير اليها بصبر عظيم ، وثبات تتعجب منه الجبال الشماء ، وذلك اولا إيماناً منه برسالته.

إيذاء المسلمين وتعذيبُهم!

يرجع تقدمُ الإسلام في مطلع عهد الرسالة إلى عوامل منها : ثبات رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نفسه ، وثباتُ اَتباعه وأنصاره.

ولقد تعرّفنا ـ في ما سبق ـ على أمثلة ونماذج من ثبات قائد الإسلام الاكبر وصبره ، واستقامته في ما لقي من أذىً ومضايقة.

على أن ثبات أنصاره واتباعه الذين آمنوا في مكّة ( مركز الحكومة الوثنية آنذاك ) هو الآخر ممّا يدعو إلى الإعجاب ويستحق الاحترام. وسنذكر صمودَهم وثباتهم في حوادث ما بعد الهجرة في محله.

وأمّا هنا فنسلّطُ الضوء على حياة عدد من أتباع رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم القدامى الذين تحملوا أشد أنواع العذاب وكانوا يعيشون في المحيط المكي

__________________

١ ـ المسد : ١ ـ ٥.

٤١٢

حيث لم يكن ملجأ لهم يلجؤن إليه وهاجروا منه لأغراض الدعوة والتبليغ بعد أن تحملوا شيئاً كثيراً من الإيذاء والتِعذيب على أيدي المشركين والوثنين القساة.

١ ـ بلال الحبشي :

كان أبواهُ ممّن اُسروا في الجاهلية وجيء بهم من الحبشة إلى جزيرة العرب ثم إلى مكة.

وأما بلال الّذي اصبح في ما بعد مؤذن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقد كان غلاماً ل‍ « اُميّة بن خلف » الّذي كان من أشدّ أعداء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وحيث أنّ عشيرة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تولَّتِ الدِفاع عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وحمايته ولم يمكن لاُميّة إلحاق الأذى برسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عمد إلى تعذيب غلامه بلال الّذي أسلم ، أمام الناس ، بأشد أنواع الأذى والتعذيب إنتقاماً ، وتشفياً.

فقد كان يطرح بلالا عارياً على الأحجار والصخور الملتهبة في الهاجرة ، ويضع صخرة على صدره ثم يقول له : لا تزال هكذا حتّى تموت أو تكفر بمحمَّد ، وتعبد الّلات والعزّى ، فيقول وَهو في ذلك البلاء والمحنة الشديدة : أَحَدٌ أَحَدٌ(١) .

ولقد أثار ثباتُ هذا الغلام الأسود وجلدُهُ وصبرُه على أذى سيّده ، إعجابَ الآخرين ، حتّى أن « ورقة بن نوفل » مرّ عليه وهو يعذّب بذلك وهو يقول : أحَدْ أَحَدْ ، اقبل على « اُميّة » ومن يصنع به ذلك من « بني جمح » فيقول : احلف بالله لئن قتلتموه على هذا لأتخذنّه حناناً ( أي لأجعلنَّ قبره متبركاً ومزاراً )(٢) .

وربما زاد « اُميّة » من تعذيبه لبلال فربط حبلا بعنقه وترك الصبيان يديرون به في الازقة والسكك(٣) .

__________________

١ ـ السيرة النبوية : ج ١ ، ص ٣١٧ و ٣١٨.

٢ ـ السيرة النبوية : ج ١ ، ص ٣١٨.

٣ ـ الطبقات الكبرى لابن سعد : ج ٣ ، ص ٢٣٣.

٤١٣

وقد اُسِر « اُميّة » وابنه في معركة « بدر » وكانا أولَ من اُسِرا من المشركين ، ولم يوافق بعضُ المسلمين على قتلهما ولكن بلالا قال : « رأسُ الكفر اُميّة بن خلف لا نجوتُ إنْ نجا ». وأدّى اُصرارُ بلال على قتلهما إلى قتل اُميّة وابنه جزاء أعمالهما الظالمة.

٢ ـ آلُ ياسر رمز الصمود والمقاومة!

كان « عَمار » ووالداه من السابقين إلى الإسلام فهم أسلموا يوم كان رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يلتقي باصحابه ويدعو إلى الإسلام في بيت « الارقم بن أبي الارقم » ، وعند ما عرف المشركون بانضمامهم إلى صفوف المسلمين عمدوا إلى إيذائهم وتعذيبهم ولم يألوا جهداً في ذلك أبداً.

فقد كان المشركون يخرجون « عماراً » واباه « ياسر » واُمَّه « سميّة » في وقت الظهيرة إلى رمضاء مكة ليقضوا ساعات طويلة تحت أشعة الشمس الحارقة ، وفوق الرّمال الملتهبة والصخور المتّقدة كأنها الجمرات.

وقد تكرّر هذا العذابُ مرّات عديدة حتّى أودى بحياة « ياسر » فقضى نحبَه على تلك الحال.

وقد خاشنت زوجتُه « سُميّة » أبا جَهل وكلمته في زوجها بغليظ القول ، فطعنها اللعين برمح في قلبها فقضت ـ هي الاُخرى ـ نحبَها ، وكانا أولَ شهيدين في الإسلام(١) .

وقد آلم رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما شاهده من حالهما وهما يعذّبان بأشد أنواع العذاب فقال لهُما ولولدهما « عمّار » وهو يصبّرهم ، والدموع تنحدر على خدّيه :

« صَبراً آلَ ياسِر فانّ موعدكم الجنة »(٢) .

__________________

١ ـ بحار الأنوار : ج ١٨ ، ص ٢٤١ والسيرة الحلبية : ج ١ ، ص ٣٠٠ ، السيرة الدحلانية بهامش السيرة.

٢ ـ السيرة الحلبية : ج ١ ، ص ٣٠٠ ، السيرة الدحلانية بهامش السيرة الحلبية : ج ١ ، ص ٢٣٨ و ٢٣٩.

٤١٤

وبعد أن قضى والدا « عمّار » نحبَهما تحت التعذيب بالغ المشركون القساة في تعذيب « عَمّار » وإيذائه والتنكيل به ، وأخذوا يعذّبونه على نحو ما كانوا يعذّبون به بلالا ، وهم يقصدون قتله ، وإلحاقه بأبويه!! أو يتبرأ من دين النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فاضطر إلى أن يعطيهم ما يريدون ويظهر الرجوع عن الإسلام ، إبقاء على نفسه ، وتقيّة منهم فتركوه ، وانصرفوا عن قتله ، ولكنه سرعان ما ندم على فعله من التظاهر بترك الإسلام وتألّم من ذلك فجاء إلى رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو يبكي ، فقال له النبيّ : كيف تجد قلبك؟ قال : مطمئن بالايمان قال : ان عادوا فعد ، فنزلت الآية التالية في ايمان عمّار : «إنّما يَفتَري الكَذِب الذينَ لا يُؤمنُونَ بِآياتِ اللّه وَاُوْلئكَ هُم الْكاذِبُونَ مَنْ كَفَرَ بِاللّه منْ بَعْدِ إيمانِه إلاّ مَنْ اُكرهَ وَقَلبهُ مُطْمئنٌ بِالإيمان »(١) (٢) .

هذا وروي أنّ أباجهل حينما قصد تعذيب « آل ياسر » وكانوا أضعف من بمكة أمر بسوط ونار ثم سحبوا عماراً وأبويه على الأرض ، فكان يكوي بطرف السيف والخنجر المحمى بالنار المشتعلة ابدانهم ، ويضربهم بالسوط ضرباً شديداً.

وقد تكرّر هذا العمل القاسي كثيراً حتّى استشهد « ياسر » وزوجته « سُميّة » على أثر ذلك التعذيب المرير ، ولكن دون أن يفتئا حتّى النفس الأخير عن مدح رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والاشادة بدينه.

ولقد أثار هذا المنظر المؤلم مشاعر فتيان من قريش فأقدموا ـ رغم عدائهم للإسلام ومشاركتهم لغيرهم من المشركين في بغض الرسول ـ على تخليص « عمار » الجريح المنهك عذاباً من براثن « أبي جهل » ليتمكن من مواراة أبويه الشهيدين.

٣ ـ عَبدُاللّه بن مسعود :

تشاور المسلمون في ما بينهم في مقرّهم السرّي في من يجهر بالقرآن على مسامع قريش ، في المسجد الحرام لأنها لم تسمع منه شيئاً إذ قالوا : واللّه ما سَمِعَتْ قريشٌ

__________________

١ ـ النحل : ١٠٥ و ١٠٦.

٢ ـ الدّر المنثور : ج ٤ ، ص ١٣٢ عند تفسير الآيتين المذكورتين.

٤١٥

هذا القرآن يجهر لها قط فمَنْ رَجُلٌ يُسمِعُهُموه؟

فأبدى « ابن مسعود » استعدادَه للقيام بهذه العملية الجريئة ، وتلاوة القرآن على مسامع قريش في المسجد الحرام بصوت عال.

فقالُوا : إنّا نخشاهم عليك ، إنّما نريد رجلا له عشيرة يمنعونه من القوم إن أرادوه.

قال : دَعوني فانَ اللّه سيمنعني.

ثم غدا « ابن مسعود » حتّى أتى المقامَ في وقت الضحى وقريش في انديتها حتّى قام عند المقام ثم قرأ : « بِسم اللّه الرّحمن الرّحيم » رافعاً بها صوته ، « الرّحمان علّم القرآن » وهكذا استمر يقرأ بقية آيات تلك السورة المباركة.

فارعبت عبارات القرآن الفصيحة القوية قلوب سراة قريش ، ولكي يمنعوا من تأثير هذا النداء الالهيّ العظيم قاموا إليه جميعاً وجعَلوا يضربونه في وجهه ، وجعل هو يقرأ حتّى بلَغَ منها ماشاء اللّه أن يبلغ ثم عادَ إلى اصحابه وقد اُدْمِيَ وجهُه وجسمه ، وهو مسرورٌ لإسْماع قريش كتاب اللّه تعالى وآياته المباركة(١) .

إنَّ الَّذين صَمَدوا في أشد الأيام وأصعبها في مطلع عهد البعثة منَ المسلمين الأوائل لا شك اكثر ممّن ذكرنا اسماءهم إلاّ أننا اكتفينا بهذا القدر رعاية للاختصار.

٤ ـ أبوذر : أوّل المجاهرين بالإسلام

كان « أبوذر » رابع أو خامس من أسلم(٢) ، وعلى هذا فهو من الذين أسلموا في الأيّام الاُولى من بزوغ شمس الإسلام وطلوع فجره ، فإذَنْ هو من السابقين إلى الإسلام.

وقد صرح القرآنُ الكريمُ بأنّ للذين سبقوا إلى الإيمان برسول اللّه في بدء

__________________

١ ـ السيرة النبوية : ج ١ ، ص ٣١٤.

٢ ـ اُسد الغابة : ج ١ ، ص ٣٠١ ، الإصابة : ج ٤ ، ص ٦٤ ، الإستيعاب : ج ٤ ، ص ٦٢.

٤١٦

بعثته وبالتالي فإنَ للسابقين عند اللّه تعالى مكانة عظيمة ، ومقاماً لا يضاهى إذ قال تعالى : «السابِقُونَ السابِقُونَ. اُوْلئكَ الْمُقَرَّبُونَ »(١) .

وقال تعالى فيهم أيضاً.

«والسّابِقُونَ الأوَّلُونَ مِنَ الُمهاجِريْنَ وَالأَنْصار وَالَّذينَ اتَّبَعُوهُمْ بإحْسان رَضيَ اللّه عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّلَهُمْ جَنّات تَجْري تَحْتهَا الأَنْهار خالِديْنَ فِيْها أبَداً ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظيمُ »(٢) .

وقال تعالى كذلك في من آمن قبل فتح مكة وفضلهِم ، ومكانتهم المعنوية المتفوقة على مَن أسلم بعدَ إعتزاز الإسلام ، واشتداد أمره ، وقيام دَوْلته يعني أنّهم ليسوا سواء.

«لا يَسْتوي مِنْكُمْ مِنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقاتَلَ اُوْلئكَ أَعْظمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذيْنَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقاتلُوا »(٣) .

أجل هذه هي مكانة السابقين في الاسلام وكان « ابوذر » منهم.

هذا مضافاً إلى أنَّه يُعَدُّ أول من نادى بالإسلام على رؤوس الأشهاد وفي الملأ من قريش.

فيومَ اسلم « أبوذر » كان رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يدعو الناس إلى الإسلام سرّاً ، ولم تهيّأ بعدُ ظروفُ الجَهْر بالدعوة إلى هذا الدّين ، فانَّ أتباع الإسلام والمؤمنين به لم يتجاوز عددُهم في ذلك اليوم عددّ الأصابع هم : النبيُّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وخمسة ممن آمنُوا به ، وقبلوا دعوته ، ومع ملاحظة هذه الإعتبارات والظروف لم يكن بدّ حسب الظاهر ـ من أن يُخفي « أبوذر » إسلامَه ، ويعودَ إلى قبيلته من دون أن يعرف به أحدٌ في مكة.

ولكنَّ روحَ « أبي ذر » الطافحة بالإيمان والحماس أبت ذلك ، وكأنه قد خُلِقَ لينهض في كل زمان ومكان ضدّ الظلم والطغيان ، ويرفع عقيدته في وجه

__________________

١ ـ الواقعة : ١٠ ـ ١١.

٢ ـ التوبة : ١٠٠.

٣ ـ الحديد : ١٠.

٤١٧

الباطل وأهله ، ويكافح الانحراف والاعوجاج أيّاً كان مصدرُه ، وصاحبه. وأيُّ باطل اكبر من أن يُطأطِئ الناسُ أمامَ أصنام مصنوعة من الحجر ، ويخضعوا أمام أوثان منحوتة من الخشب لا تضرُّ ولا تنفع ، ولا تعطي ولا تمنع ، ويسجدوا لها ويتخذوها آلهة دون اللّه الخالق الكبير المتعال؟؟

إنّه ليس في وسع « أبي ذر » أن يتحمَّل هذا المشهد البغيض المقرف!!

من هنا قال لرسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعد أن مكث في مكة قليلا وقرأ شيئاً من القرآن : يا نبيّ اللّه ما تأمرني؟

قال : ترجعُ إلى قومك حتّى يبلُغك أمري.

فقال له : والّذي نفسي بيده لا أرجع حتّى أصرخ بالإسلام في المسجد.

قال : اني اخاف عليك أن تقتل.

قال : لابد منه وإن قُتِلتُ.

ثم دخل المسجد فنادى بأعلى صوته : أشهد أن لا اله إلاّ اللّه ، وأنَّ محمَّداً عبدهُ ورسوله(١) .

إن التاريخ الإسلامي يشهد بأن هذا النداء كان أول نداء تحدّى جبروت قريش وشركها ، وقد اطلقته حنجرة رجل غريب لا حامي له في مكة ولا نصير ، ولا قوم ولا قريب.

وقد وقع ما توقّعه رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فما أن دوى صوت ابي ذر في المسجد حتّى قام إليه رجال قريش ، وهجموا عليه من كل جانب وضربوه بشدة حتّى صرع فأتاه العباس بن عبد المطلب فأكبّ عليه في محاولة لانقاذه من الموت ـ بطريقة لطيفة ـ وقال : قتلتم الرجل يا معشر قريش! انتم تجار وطريقكم على غفار ، فتريدون ان يقطع الطريق ، فامسكوا عنه.

ونجحت محاولة « العباس » الانقاذية ، وكفّت قريش عن ابي ذر.

__________________

١ ـ حلية الأولياء : ج ١ ، ص ١٥٨ و ١٥٩ ، الطبقات الكبرى : ج ٤ ، ص ٢٢٥ ، الاستيعاب : ج ٤ ، ص ٦٣ ، الاصابة : ج ٤ ، ص ٦٤ ، الدّرجات الرفيعة : ص ٢٢٨.

٤١٨

ولكن أباذر الشاب الشجاع ، والطافح بالحيوية والحماس عاد اليوم الثاني فصنع مثل ما صنعه في اليوم الاول فضربوه حتّى صرع ، فأكب عليه العباس ، وقال لهم مثل ما قال في أول مرة فأمسكوا عنه.

ولا شك في انه لو لم يكن العباس لما نجى أبوذر من مخالف المشركين في اغلب الظن ، ولكن أباذر لم يكن بذلك الرجل الّذي يتراجع عن هدفه بسرعة ، ولهذا بدأ جهاده من جديد.

ففي يوم رأى امرأة تطوف بالبيت ، وتدعو ساف ونائلة ( وهما صنمان لقريش ) وتسألهما ان يقضيا لها حاجاتها ، فانزعج أبوذر من جهل تلك المرأة ، ولكي يفهمها بانها تدعو صنمين لا يضران ولا ينفعان بل ولا يشعران قال : أنكحي أحدهما الاُخر. فغضبت المرأة لقول أبي ذر في الصنمين ، وتعلقت به وقالت : انت صابئ ، فجاء فتية من قريش فضربوه وجاء ناس من بني بكر فانقذوه منهم(١) .

قبيلةُ غِفار تعتنق الإسلام :

لقد أدرك رسول الإسلامصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قابليات تلميذه وناصره الجديد ، وصلابته الخارقة في مكافحة الباطل ، ولكن حيث ان الوقت لم يكن يحنْ بعد للدخول في مواجهة ساخنة مع المشركين لهذا أمره رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بان يلحق بقومه ، ويدعوهم إلى الإسلام ، قائلا له : « إلحق بقومك فاذا بلغك ظهوري فأتني ».

فعاد ابوذر إلى قومه ، وأخذ يدعوهم إلى الإسلام ويكلمهم عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويدعوهم إلى نبذ الاصنام وعبادة اللّه الواحد ، والتخلق بالاخلاق الرغيبة.

فاسلم أبواه ، أولا ، ثم اسلم نصف رجال قبيلته « غفار » ثم اختار البقية الإسلام بعد هجرة النبي إلى المدينة ، ثم تبعتها قبيلة « أسلم » حيث وفدوا على

__________________

١ ـ الطبقات الكبرى : ج ٤ ، ص ٢٢٣.

٤١٩

رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم واعتنقوا الإسلام.

ثم التحق ابوذر بعد معركة بدر واُحد برسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في المدينة وأقام فيها(١) .

وربما كان إيذاء المشركين للمسلمين المؤمنين برسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يتخذ طابع التهديد والترهيب وممارسة الضغط النفسي والاقتصادي والاجتماعي.

فقد كان ابو جهل إذا سمع بالرجل قد اسلم له شرف ومنعة أنّبه وأخزاه ، وقال له : تركتَ دين أبيك وهو خير منك ، لنُسَفِّهَنَّ حلمَك ، ولنفيلنَّ رأيك ، ولنضعنَّ شرفك.

وإن كان تاجراً قال له : لنكسدنّ تجارتك ، ولنهلكنّ مالك.

وإن كان ضعيفاً ضربَهُ ، وأغرى به(٢) .

وروي أيضاً أن « خبّاب بن الارت » صاحب رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان قيناً بمكة يعمل السيوف وكان قد باع من « العاص بن وائل » سيوفاً صنعها له حتّى كان له عليه مال ، فجاءه يتقاضاه ، فقال يا خَبّاب : أليس يزعم « محمَّد » صاحبكم هذا الّذي أنت على دينه أن في الجنة ما ابتغى أهلُها من ذهب وفضة أوثياب أوخدم ، قال خبّاب : بلى ، قال : فأنظِرني إلى يوم القيامة يا خبّاب حتّى أرجعَ إلى تلك الدار ، فأقضيك هنالك حقَك فواللّه لا تكونُ وصاحبك يا خبّاب اشرَّ عند اللّه مني!!(٣) .

أعداء النبي الألدّاء :

إن للتعرف على أعداء رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وخصومه الالدّاء ، ومواقفهم دوراً هاماً في تحليل جملة من حوادث التاريخ الإسلامي الّتي وقعت

__________________

١ ـ الطبقات الكبرى : ج ٤ ، ص ٢٢١ و ٢٢٢ و ٢٢٦ ، الدرجات الرفيعة : ص ٢٢٥ و ٢٢٦ وص ٢٢٩ و ٢٣٠.

٢ ـ السيرة النبوية : ج ١ ، ص ٣٢٠.

٣ ـ السيرة النبوية : ج ١ ، ص ٣٥٧.

٤٢٠

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694