سيّد المرسلين صلّى الله عليه وآله الجزء ١

سيّد المرسلين صلّى الله عليه وآله8%

سيّد المرسلين صلّى الله عليه وآله مؤلف:
المحقق: مؤسسة النشر الإسلامي
الناشر: مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرّفة
تصنيف: الرسول الأعظم صلّى الله عليه وآله
الصفحات: 694

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 694 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 358136 / تحميل: 8965
الحجم الحجم الحجم
سيّد المرسلين صلّى الله عليه وآله

سيّد المرسلين صلّى الله عليه وآله الجزء ١

مؤلف:
الناشر: مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرّفة
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

الحسين بن مصعب

ذكره الشيخ في أصحاب الباقر (ع)(١١٥) هكذا: الحسين ابن مصعب. وفي أصحاب الصادق (ع) (١٦٩ / ٧٠): الحسين ابن مصعب بن مسلم البجلي الكوفي. ص ١٧٠ / ٨٦: الحسين بن مصعب الهمداني الكوفي. وص ١٨٤ / ٣٢٢: الحسين بن مصعب الهمداني. وذكره البرقي أيضا في أصحثجابه (ع)(٢٦) قائلا: حسين بن مصعب الهمداني، كوفي. وروى عن الحسين بن مصعب عن أبي عبدالله (ع) جماعة: منهم محمد بن أبي عمير كما في الخصال ج ١ / ١٢٨، والتهذيب ج ٦ / ٣٥٠، وغيره، ومحمد بن زياد بن عيسى كما في روضة الكافي(٢١٧)، وبهلول كما في الخصال ج ١ / ٧٤ وذكرناهم في الطبقات. وذكره الشيخ في الفهرست(٥٨) وقال: له كتاب، أخبرنا عدة من أصحابنا عن التلعكبري عن أحمد بن محمد بن سعيد عن أحمد بن عمر بن كيسبة عن الطاطري عن محمد بن زياد عنه. قلت: طريقه ضعيف بأحمد بن عمر بن كسيبة المهمل في الرجال. نعم روى الشيخ والجاشي كتب جماعة عنه عنهم. وكناه الشيخ في الفهرست بأبي الملك، ولقبه بالهندي في ترجمة علي بن الحسن الطاطري(٩٢). روى أحمد بن عمر بن كيسبة عن جماعة: م نهم علي بن الحسن الطاطري الثقة الواقفي المتعصب في مذهبه كثيرا كما في ترجمته من الفهرست(٩٢)، وأيضا(١١٥)، و(٦٥)، ومواضع بن النجاشي،

٤٤١

ومنهم محمد بن بكر بن جناح كما في ترجمة محمد بن اسحاق من النجاشي.

وروى عنه علي بن محمد بن الزبير القرشي (الفهرست ٦٩)، و ٩٢، وأحمد بن محمد بن عقدة في مواضع من الفهرست والنجاشي. الحسين بن معاذ بن مسلم الانصاري الهرا الكوفي ذكره الشيخ في أصحاب الصادق (ع)(١٦٩). قلت: وكان معاذ أبوه ابن عم محمد بن الحسن بن أبي سارة مولى الانصار الرواسي الذي تأتي ترجمته رقم(٨٨٥) وهناك قول: النجاشي: وابن عم محمد بن الحسن معادبن مسلم بن أبي سادة، وهم أهل بيت فضل وأدب، وعلى معاذ، ومحمد تفقه الكسائي علم العرب إلى أن قال: وهم ثقات لايطعن عليهم بشئ. وعلى هذا فالحسين بن معاذ يعد من الفضلاء الثقات الذين لا يطعن عليهم، وتأتي ترجمة معاذ ومسلم في محله. وفي معاني الاخبار(١٢٢) باسناده عن أبي أحمد عبدالعزيز بن بن يحيى بن أحمد بن عيسى الجلودي البصري عن الحسين بن معاذ عن سليمان بن داود.

الحسين بن موسى بن جعفر (ع)

ذكره علماء الانساب والمفيد وغيره في أولاد موسى بن جعفر (ع) وقال المفيد في الارشاد(٣٠٣): ولكل واحد من ولد أبي الحسن موسىعليه‌السلام فضل ومنقبة مشهورة، وكان الرضاعليه‌السلام المقدم

٤٤٢

عليهم في الفضل حسب ما ذكرناه.

واختلف علماء الانساب في عقب الحسين بن موسى (ع) وانه هل أعقب وبقي أو انقرض أو لم يعقب.

روى الحسين عن أبيه ابي الحسن موسى (ع) ابراهيم عن عقبة، وابراهيم بن اسحاق الاحمر الكافي ج ٢ / ٢٢٢ في الحناء بعد النورة). وروى عن أمه عن أبيه (ع) عنه أحمد بن محمد (قرب الاسناد(١٤١)، والكافي ج ١ / ١٤ في وجوب الغسل يوم الجمعة) وروى عن أم احمد بنت موسى عنه (ع) ايضا كما في الكافي ج ١ / ١٤. وذكرناه في طبقات أصحابه (ع). وروى عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام ما يدل على امامته (ع) من الاخبار بالمغيبات كما في عيون أخبار الرضا (ع) ج ٢ / ٢٠٨ وروى عن أبي جعفر الجوادعليه‌السلام ففي الكشي ترجمة علي بن جعفر (ع)(٢٦٩): حدثني نصر بن الصباح البلخي قال حدثني اسحاق بن محمد البصري أبويعقوب قال حدثني أبوعبدالله الحسين ابن موسى بن جعفر (ع) قال: كنت عند أبي جعفر (ع) بالمدينة وعنده علي بن جعفر (ع) وأعرابي من أهل المدينة جالس فقال الاعرابي: من هذا الفتى؟ وأشار بيده إلى أبي جعفر (ع) قلت: هذا وصي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال يا سبحان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قد مات منذ مائتي سنة كذا وكذا سنة وهذا حديث كيف يكون هذا وصي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قلت: هذا وصي علي بن موسى وعلي وصي موسى ابن جعفر (ع) الحديث.

تنبيه: قال في مجمع الرجال ج ٢ / ١٩١: الحسين بن علي بن موسى ابن جعفرعليهما‌السلام ، سيذكر انشاء الله في علي بن جعفر، وفي ص ٢٠١: كش الحسين بن موسى بن جعفر (ع) أبوعبدالله (ع).

٤٤٣

سيذكر انشاء الله في علي بن جعفر. ثم علق على (الحسين بن موسى) بقوله: بن على الخ ظ.

يريد سقوطه وفي ترجمة علي بن جعفر روى الحديث المتقدم عن الكشي كما ذكرناه ثم استظهر سقوط (ابن علي) أيضا. وهذا منهرحمه‌الله غريب فلم يكن لعلي بن موسى بن جعفر (ع) ولد غير أبي جعفر الجواد (ع) يسمى بالحسين أو غيره فلاحظ.

الحسين بن موسى الهمداني

ذكره الشيخ في أصحاب الصادق (ع)(١٧٠) وقال: كوفي. وفي ص ١٨٣: الحسين بن موسى، كوفى. وقال البرقي في أصحابه (ع)(٢٦): الحسين بن موسى كوفي. وقال الشيخ في أصحاب الكاظم (ع)(٣٤٨): الحسين بن موسى واقفي. وفي أصحاب الرضا (ع)(٣٧٣): الحسين موسى. قلت: يمكن اتحاد الجميع ولا شاهد عليه كما انه لا تميز فلا حظ.

الحسين بن الهذيل

ذكره الشيخ في الفهرست(٥٧) وقال: له روايات. ثم قال: الحسينبن مهران. له كتاب، رواهما حميد عن عبدالله بن أحمد بن نهيك عنهما. قلت لايبعد كون الطريق معلقا على طريقه إلى الحسين بن ايوب قبلهما هكذا: أخبرنا به أحمد بن عبدون عن أبي طالب الانباري عن حميد بن زياد الخ. وحينئذ موثق بحميد الواقفي الثقة. وقال في باب من لم يرو عنهم (ع) من رجاله(٤٦٤): الحسن ابن هذيل روى عنه حميد. قلت والظاهر ان (الحسن مصحف الحسين)

٤٤٤

هذا آخر باب الحسن والحسين من كتاب تهذيب المقال والحمد لله رب العالمين والصلوة والسلام على محمد وآله الطاهرين ويليه الجزء الثالث أوله: (ومن هذا الباب اسحاق)

٤٤٥

الفهرس

تهذيب المقال في تنقيح كتاب الرجال ٣

٤ - باب الحسن والحسين -٧١ - الحسن بن علي بن فضال كوفي(١) ٥

٧٢ - الحسن بن علي بن أبي حمزة ١٥

٧٣ - الحسن بن أبي قتادة علي بن محمد بن عبيد بن حفص بن حميد ١٨

٧٤ - الحسن بن محمد بن سهل النوفلي ١٩

٧٥ - الحسن بن راشد الطفاوي ٢٠

٧٦ - الحسين بن يزيد بن محمد بن عبدالملك النوفلي(٢) ٢١

٧٧ - الحسين بن أبي سعيد هاشم ابن حيان المكاري أبوعبدالله(١) ٢٥

٧٨ - الحسين بن بسطام ٢٨

٧٩ - الحسن بن علي بن زياد الوشابجلي ٣٠

٨٠ - الحسن بن علي بن النعمان ٣٨

٨١ - الحسن بن علي بن بقاح(١) ٤٠

٨٢ - الحسن بن الحسين بن اللؤلؤى ٤٢

٨٣ - الحسن بن محمد بن سماعة أبومحمد الكندي الصيرفي(١) ٤٤

٨٤ - الحسن بن موسى الخشاب ٥٣

٨٥ - الحسين بن عبيد الله السعدي أبوعبدالله إبن عبيد الله بن سهل ٥٦

٨٦ - الحسن بن خرزاد ٥٩

٨٧ - الحسين بن إشكيب ٦٠

٨٨ - الحسن بن الطيب بن حمزة الشجاعي ٦٢

٨٩ - الحسين بن موسى بن السالم الخياط أبو عبدالله ٦٣

٩٠ - الحسن بن علي بن يقطين بن موسى ٦٥

٩١ - الحسن بن جعفر بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب (ع) ٦٧

٤٤٦

٩٢ - الحسن بن عطية الحناط ٦٨

٩٣ - الحسن بن رباط البجلي ٧١

٩٥ - الحسن بن زياد العطار(١) ٧٥

٩٦ - الحسن بن السري الكاتب الكرخي(١) ٧٨

٩٧ - الحسن بن قدامة الكناني الحنفي ٩٨ - الحسين بن زيدان الصرمي ٩٩ - الحسن بن علي بن أبي عقيل أبومحمد العماني الحذا ٨٣

١٠٠ - الحسن بن محمد بن أحمد الصفار البصري أبوعلي ٨٦

١٠١ - الحسن بن محمد النهاوندي ١٠٢ - الحسن بن متيل ٨٩

١٠٣ - الحسن بن علي أبومحمد الحجال ١٠٤ - الحسن بن محمد الحضرمي ابن أخت أبي مالك الحضرمي(٣) ٩٠

١٠٥ - الحسن بن علي بن أبي المغيرة الزبيدي الكوفي ٩١

١٠٦ - الحسن بن صالح الاحول ١٠٧ - الحسن بن علي بن سبرة(٢) ٩٤

١٠٨ - الحسن بن الجهم بن بكير عن أعين أبومحمد الشيباني ٩٥

١٠٩ - الحسن بن الدبرقان أبوالخزرج(١) ٩٧

١١٠ - الحسن بن الحسين العرني النجار ٩٨

١١١ - الحسن بن محمد بن الفضل بن يعقوب بن سعيد بن نوفل بن الحرث بن المطلب ١٠١

١١٣ - الحسن بن الحسين السكوني ١١٤ - الحسين بن زيد علي بن الحسين (ع) أبوعبدالله(٤) ١٠٢

١١٥ - الحسين بن علوان الكلبي ١١٠

١١٦ - الحسين بن أبي العلاء الخفاف أبوعلي الاعور ١١٤

١١٧ - الحسين بن أحمد المنقري التميمي أبوعبدالله ١١٩

١١٨ - الحسين بن عثمان بن شريك بن عدي العامري الوحيدي(١) ١٢٤

٤٤٧

١١٩ - الحسين بن نعيم الصحاف مولى بني أسد(٢) ١٢٥

١٢٠ - الحسين بن حمزة الليثي الكوفي إبن بنت أبي حمزة الثمالي(٢) ١٢٨

١٢١ - الحسين بن عثمان الاحمسي البجلي ١٣٢

١٢٢ - الحسين بن المختار أبوعبدالله القلانسي(١) ١٣٣

١٢٣ - الحسين بن حماد بن ميمون العبدي ١٣٦

١٢٤ - الحسين بن ثور بن أبي فاخته سعيد بن حمران ١٣٧

١٢٥ - الحسين بن أبي غندر ١٤١

١٢٦ - الحسين بن مهران بن محمد بن أبى نصر السكونى(٢) ١٤٢

١٢٧ - الحسين بن عمر بن سلمان ١٤٥

١٢٨ - الحسين بن المبارك ١٤٦

١٢٩ - الحسين بن سيف بن عميرة أبوعبدالله النخعي(١) ١٤٧

١٣٠ - الحسين بن محمد بن الفضل بن يعقوب إبن سعد بن نوفل بن الحرث ١٤٩

١٣١ - الحسن بن موفق ١٥٣

١٣٢ - الحسن بن عمرو بن منهال بن مقلاص ١٥٤

١٣٣ - الحسين بن عبيد الله بن حمران الهمداني المعروف بالسكوني ١٣٤ - الحسن بن علي بن الحسن بن عمر بن علي بن الحسين إبن علي ابن ١٥٥

١٣٥ - الحسين بن سعيد بن حماد بن مهران ١٦٥

١٣٦ - الحسن بن العباس بن الحريش الرازي أبوعلي(١) ١٧٩

١٣٧ - الحسن بن خالد بن محمد بن علي البرقي ابوعلي أخو محمد بن خالد(١) ١٨٢

١٣٨ - الحسن بن ظريف بن ناصح(٢) ١٨٣

١٣٩ - الحسن بن أبي عثمان المقلب سجادة أبومحمد ١٨٤

١٤٠ - الحسن بن عنبسة الصوفي(١) ١٤١ - الحسن بن علي الزيتوني الاشعري أبومحمد ١٨٧

١٤٢ - الحسن بن محمد بن جمهور العمي أبومحمد بصري(١) ١٨٨

١٤٣ - الحسن بن احمد بن ريذويه القمي ١٤٤ - الحسن بن عبدالصمد بن محمد بن عبيد الله الاشعري ١٩١

٤٤٨

١٤٥ - الحسن بن علي بن عبدالله بن المغيرة البجلي ١٩٢

١٤٦ - الحسن بن موسى ابومحمد النوبختي(١) ١٩٤

ابوجعفر محمد بن علي بن نوبخت المنجم ١٩٧

اسماعيل بن علي بن نوبخت ابوسهل النوبختي ١٩٨

ابوجعفر بن علي بن نوبخت العباس بن اسماعيل بن ابي سهل بن نوبخت ٢٠٠

محمد بن العباس بن اسماعيل كبرياء النوبختي ٢٠١

علي بن العباس بن اسماعيل ابوالحسن النوبختي ٢٠٢

الحسن بن الحسين بن علي بن العباس بن اسماعيل ٢٠٣

اسحاق الكاتب النوبختي احمد بن ابراهيم النوبختي ٢٠٤

عبدالله بن ابراهيم ابوجعفر النوبختي احمد بن عبدالله ابوعبدالله النوبختي ٢٠٥

علي بن احمد النوبختي ابن زهومة ابي علي بن جعفر النوبختي ٢٠٦

ابومحمد الحسن بن يحيى النوبختي ٢٠٧

١٤٧ - الحسن بن محمد بن يحيى بن الحسن جعفر بن عبيد الله ابن الحسين ٢١٨

١٤٨ - الحسن بن حمزة بن علي بن عبدالله بن محمد بن الحسن بن الحسين بن... علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (ع) ابومحمد الطبري(١) ٢٢٩

١٤٩ - الحسن بن احمد بن محمد بن الهيثم العجلي أبومحمد ٢٣٧

١٥٠ - الحسن بن أحمد بن القاسم بن محمد ابن علي بن أبي طالب (ع)(٣) ٢٣٨

١٥١ - الحسين بن شاذويه أبوعبدالله الصفار ٢٤٢

١٥٢ - الحسين بن محمد بن علي الازدي ابوعبدالله ٢٤٣

١٥٣ - الحسين بن علي ابوعبدالله المصري(٢) ٢٤٤

١٥٤ - الحسين بن محمد بن عمران بن أبي بكر الاشعري القمي ابوعبدالله(١) ٢٤٦

١٥٥ - الحسين بن القاسم بن محمد بن ايوب ابن سمعون ابوعبدالله الكاتب(٢) ٢٥٢

١٥٦ - الحسين بن عنبسة الصوفي(٢) ٢٥٣

١٥٧ - الحسين بن حمدان الحضيني الجنبلاى ابوعبدالله(٤) ٢٥٣

١٥٨ - الحسين بن محمد بن الفرزدق بن بحير بن زياد الفزارى ابوعبدالله المعروف بالقطعي(٢) ٢٥٤

٤٤٩

١٥٩ - الحسين بن خالويه ابو عبدالله النحوى(٢) ٢٥٥

١٦٠ - الحسين بن علي سفيان بن خالد ابن سفيان ابوعبدالله البزوفري ٢٦٠

١٦١ - الحسين بن علي بن الحسين بن موسى ابن بابويه القمي أبوعبدالله ٢٦٣

١٦٢ - الحسين بن علي الحزاز القمي أبوعبدالله ٢٧٥

١٦٣ - الحسين بن أحمد بن المغيرة أبوعبدالله البوشنجي ٢٧٦

١٦٤ - الحسين بن عبيد الله بن ابراهيم الغضائري ابوعبدالله(٢) ٢٧٧

١٦٥ - الحسين بن علي بن الحسين بن محمد ابن يوسف الوزير أبوالقاسم المغربي ٢٨٦

١٦٦ - الحسين بن محمد بن جعفر الخالع ٢٩٠

تذييل باب الحسن والحسين ٢٩٢

الحسن بن أيوب بن نوح الحسن بن حبيش الاسدي الكوفي ٢٩٤

الحسن بن الحسين الانباري ٢٩٦

شهوده مع عمه الحسين (ع) يوم الطف ٣٠٣

تزوجه بنت عمه الحسين (ع) ٣٠٤

توليه صدقات امير المؤمنين (ع) ٣٠٥

تجنبه عن دعوى الامامة ٣٠٧

مولده ووفاته ٣٠٩

الحسن بن راشد أبوعلي البغدادي مولى آل المهلب ٣١١

الحسن بن راشد مولى بني العباس ابومحمد الكوفي البغدادي الوزير ٣١٥

الحسن بن سهل بن عبدالله اخو الفضل ٣١٧

الحسن بن شاذان الواسطي الحسن الشريعي ابومحمد الحسن بن صالح بن حي الهمداني الثوري الكوفي ٣١٨

الحسن بن صدقة المدائني أخو مصدق بن صدقة ٣٢٥

الحسن بن عباد الحسن بن عبدالله القمي ٣٢٦

الحسن بن عبدالله ابوعلي عم الرافعي الحسن بن علوية أبومحمد القماص ٣٢٧

الحسن بن علي الحضرمي الحسن بن علي الحناط الحسن بن علي الاصغر بن علي بن الحسين بن علي بن ابيطالب (ع) الملقب بالافطس ٣٢٨

٤٥٠

الحسن بن علي الكلبي الحسن بن علي الوجناء النصيبي الحسن بن علي أبومحمد الهمداني ٣٢٩

الحسن بن عمار الحسن بن عمار الدهان الحسن بن عمارة الكوفي ٣٣٠

الحسن بن عمر بن زيد ٣٣٢

الحسن بن الفضل بن زيد اليماني الحسن بن القاسم ٣٣٣

الحسن بن القاسم بن العلاء ٣٣٧

الحسن بن محبوب بن وهب بن جعفر بن وهب أبوعلي البجلي السراد، ويقال له الزراد ٣٣٩

مكانته السامية ٣٤٦

مناقشات ونوادر في رواياته ٣٤٧

الحسن بن محمد بن اسماعيل بن محمد بن أشناس أبوعلي البزاز ٣٥١

الحسن بن محمد بن بابا القمي ٣٥٣

الحسن بن محمد الداعي بالخبر الحسن بن محمد السراج الحسن بن محمد بن عبيد الله بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي ٣٥٤

الحسن بن محمد بن عمران الحسن بن محمد بن الوجناء أبومحمد النصيبي ٣٥٦

الحسن بن مسكان ابن أخي جابر الجعفي ٣٥٨

الحسن بن موسى الحناط الكوفي ٣٥٩

الحسن بن النضر القمي ٣٦٠

الحسن بن النضر ابوعوان الابرش ٣٦٢

الحسن بن النظرة ٣٦٣

الحسن بن هارون الدينوري ٣٦٣

الحسن بن هارون بن عمران ابومحمد الهمداني ٣٦٤

الحسن البصرى وحديثه ٣٦٩

اعجاب البصرى بعلمه ٣٦٩

إفتاء الحسن البصري برأيه ٣٧١

الحسن بن يعقوب القمي الحسين بن إبراهيم بن احمدبن هشام المؤدب المكتب ٣٧٢

الحسين بن ابراهيم بن علي القمي المعروف بابن الخياط الحسين بن ابراهيم القزويني ٣٧٤

٤٥١

الحسين بن أبي الخطاب الحسين بن احمد بن أبان القمي ٣٧٥

الحسين بن ادريس القمي الاشعرى ٣٧٦

الحسين بن احمد بن الحسن الرقي ٣٧٨

الحسين بن أحمد الحلبي الحسين بن احمد بن خيران ٣٧٩

الحسين بن أحمد بن سفيان القزويني الحسين بن أحمد بن شيبان القزويني ٣٨٠

الحسين بن أحمد بن ظبيان الحسين بن أحمد بن عامر الاشعرى ٣٨١

الحسين بن أحمد بن محمد بن أحمد أبوعبدالله الاشناني الدارمي البلخي الحسين بن أسد البصري ٣٨٢

الحسين بن ايوب ٣٨٣

الحسين بن بشار ٣٨٤

الحسين بن بشر الاسدي ٣٩٠

الحسين بن بشير ٣٩١

الحسين بن الحسن الحسيني أبوعبدالله الاسود الرازي ٣٩٢

الحسين بن الحسن الافطس بن علي الاصغرإبن علي إبن الحسين بن علي بن أبي طالب (ع) الحسين بن الحسن بن الحسين بن الحسن بن علي ابن أبي طالب (ع) أبوالفضل العلوي ٣٩٣

الحسين بن الحسن بن الحسين بن علي بن الحسين ابن موسى بن بابويه القمي ٣٩٤

الحسين بن الحسن الفارسي القمي ٣٩٥

الحسين بن الحسن بن محمد بن موسى بن بابويه القمي الحسين بن الحسن بن محمد ٣٩٦

الحسين بن الحسين بن علي بن الحسين بن بابويه القمي الحسين بن الحكم ٣٩٧

الحسين بن خالد الصيرفي ٣٩٨

الحسين الخراساني الحباز الحسين بن روح بن أبي بحر أبوالقاسم النوبختي ٤٠٠

المؤهلين للسفارة بعد اختياره ٤٠٨

محبسه ٤٠٩

طبقته ومن روى عنه ٤١٠

الحسين بن زياد ٤١١

الحسين بن شداد بن رشيد الجعفي الكوفي الحسين بن عبد ربه ٤١٢

٤٥٢

الحسين بن عبدالله النيشابورى ٤١٤

الحسين بن عبدالملك بن عمرو الاحول الحسين بن عبيد الله بن علي الواسطي الحسين بن عبيد الله القمي المحرر ٤١٥

الحسين بن عثمان بن زياد الرواسي أخو حماد الناب ٤١٦

الحسين بن على بن ابراهيم العلوي الحسين الاصغر أبوعبدالله بن علي بن الحسين ابن علي بن أبي طالب عليهم‌السلام ٤١٨

طبقته ٤٢٥

مولده ووفاته ٤٢٧

الحسين بن علي الخواتيمي الحسين بن علي الزعفراني ٤٢٨

الحسين بن علي بن يقطين ٤٢٩

الحسين بن عمر بن يزيد ٤٣٠

الحسين بن عمرو بن ابراهيم الهمداني ٤٣٤

ابوعلي الحسين بن الفرج أبي قتادة البغدادي ٤٣٥

الحسين بن قياما الواسطي الصيرفي ٤٣٦

الحسين بن كيسان الحسين بن مالك القمي ٤٣٨

الحسين بن محمد بن سليمان الحسين بن مخارق السلولي ٤٣٩

الحسين بن محلد بن إلياس الحسين بن مسكان ٤٤٠

الحسين بن مصعب ٤٤١

الحسين بن موسى بن جعفر (ع) ٤٤٢

الحسين بن موسى الهمداني الحسين بن الهذيل ٤٤٤

الفهرس ٤٤٦

٤٥٣

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

وقد كلّمه رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ذات يوم في ذلك وقد طمع في اسلامه ، فَبينا هو في ذلك إذ مرَّ به « ابن اُم مكتوم » ، فكلم رسولُ اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وجعل يستقرئه القرآن فشقَّ ذلك منه على رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتّى أضجره ، وذلك أنّه شغله عمّا كان فيه من أمر « الوليد ». وما طمع فيه من اسلامه ، فلمّا أكثر عليه انصرف عنه عابساً وتركه ، فنزل قوله تعالى : «عَبس وَتَولّى. أنْ جَاءهُ الأَعْمى. وَما يدريْكَ لَعلَّهُ يَزَّكى. أوْ يَذَّكرُ فَتنْفَعُهُ الذِّكْرى. أَمَّا مَنِ اسْتَغنى. فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى. وَما عَلَيْكَ ألاّ يَزكّى. وَأَمَّا مَنْ جاءكَ يَسْعى. وَهُوَ يَخْشى فَأَنتَ عَنْهُ تَلَهّى. كَلا إنّها تَذْكِرَةٌ »(١) (٢) .

وقد فنّد علماء الشيعة ومحقّقوهم هذه الرواية التاريخية ، واستبعدوا صدور مثل هذا السلوك عن رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الّذي امتَدحَهُ ربُّ العالمين بالخلق العظيم ، ووصفه بالرأفة بالمؤمنين ، وقالوا : ليس في الآيات ما يدل على أن الّذي عبَس وتولّى هو رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وقد روي عن الامام الصادقعليه‌السلام أنَ المراد رجلٌ من بني اُميَة ، فإنّه عبس وتولّى عند ما حضر « ابنُ ام مكتوم » الأعمى عند رسول اللّه فنزلت هذه الآيات توبيخاً له(٣) .

* * *

٣ ـ تحريم استماع القرآن

كانت البرامجُ الواسعة الّتي دبرها الوثنيّون في « مكة » لمكافحة الإسلام والحيلولة دون انتشاره بين القبائل والجماعات ، تُنفَّذ الواحدة تلو الآخرى ، ولكن دون جدوى ، ودون ان يكسب اصحابُها من ورائها أي نجاح ، واية نتائج على

____________

١ ـ السيرة النبوية : ج ١ ، ص ٣٦٣ ـ ٣٦٤.

٢ ـ عبس : ١ ـ ١١.

٣ ـ مجمع البيان : ج ١٠ ، ص ٤٣٧ ، وقد شرح العلامة الطباطبائي في المجلد ٢٠ من تفسير الميزان عند تفسير سورة عبس شأن نزول هذه الآيات بصورة رائعة ، وشكل بديع ، واثبت بان فاعل عبس ليس رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ولا ينافي ذلك توجّه الخطاب في « وما يدريك » إليهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

٤٨١

المستوى المطلوب ، فقد كانت تلك المؤامرات تفشل في كل مرة ، ولا يجني المشركون منها سوى الخيبة والفشل ، وسوى النتائج المعكوسة في أغلب الأحايين.

فقد مارسوا الدعاية ضد رسول اللّه فترة من الزمن ولكن لم يحالفهم التوفيقُ الكاملُ في ذلك ، فقد وجدوا رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اكثر ثباتاً واستقامة في طريقه وأشدّ إصراراً على هدفه ، وكانوا يرون باُم أعينهم بأن عقيدة التوحيد في انتشار مستمر ومتزايد ، يوماً بعد يوم.

ولهذا قرَّر سادة قريش وزعماء « مكة » المشركون أن يمنعوا الناس عن سماع القرآن. ولكي تتحقق خطتهم هذه وتلبس ثوب الوجود بَثّوا جواسيسهم في كل انحاء مكة ومداخلها ليمنعوا من يفدُ اليها للحج أوالتجارة من الاتصال بمحمَّد ، ومنعه بكل صورة ممكنة ، عن الاستماع إلى القرآن ، وأعلن مناديهم ما ذكره القرآن عند قوله تعالى : «وَقالَ الَّذينَ كَفرُوا لا تَسْمعُوا لِهذا الْقُرآن والْغوا فِيْه لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ »(١) .

لقد كان القرآن اقوى أسلحة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقد القى رعباً عجيباً في نفوس الاعداء واقضّ مضاجعهم.

وكان اشراف قريش وأسيادها يرون باُم أعينهم كيف أنَّ اعدى أعداء النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ( وهو أبو جهل ) عندما مشى إليه ليستهزئ به ، ويسخر منه ، ما ان سمع آيات من القرآن ، إلاّ وفقد السيطرة على نفسه ، ولان قلبه ، وأصبح من أصحابه ومؤيديه الأقوياء ، ولهذا لم يكن أمام اُولئك الاسياد إلا أن يمنعوا من سماع القرآن منعاً باتا ، ويحرموا التحدث إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تحريماً قاطعاً(٢) .

ولهذا كان الرجل منهم إذا أراد أن يسمع من رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعض ما يتلوه من القرآن وهو يصلي استرق السمع دونهم فرقاً منهم ، فان رأى أنهم قد عرفوا أنه يستمع منه ذهبَ خشيةَ أذاهُم فلم يستمع(٣) .

__________________

١ ـ فصّلت : ٢٦.

٢ و ٣ ـ السيرة النبوية : ج ١ ، ص ٣١٣ و ٣١٤.

٤٨٢

واضعوا القرار ينقضون قرارهم!!

ولكن من الطريف العجيب أن نفس الذين كانوا يمنعون الناس بشدة عن الاستماع إلى القرآن ، وكانوا يعدون كل من يتجاهل قرار ( تحريم الاستماع إلى القرآن ) مخالفاً يتعرض للملاحقة والعقاب ، نقضوا بعد أيام من إصدار هذا القرار قرارهم وانضمُّوا إلى صفوف المخالفين له في الخفاء.

فاذا بالذين يمنعون من سماع القرآن في العلن ، يستمعون إليه في الخفاء!

واليك بعض ما جرى في هذا الصعيد :

خرج « أبو سفيان » و « أبو جهل » و « الاخنس » ليلة ليستمعوا من رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو يصلي من الليل في بيته ، فاخذ كلُ رجل منهم مجلساً يستمع فيه ، وكلٌ لا يعلم بمكان صاحبه ، فباتوا يستمعون له ، حتّى إذا طلَعَ الفجرَ تفرَّقوا فجمعهم الطريقُ فتلاوموا ، وقال بعضهم لبعض : لا تعودوا ، فلو رآكم بعض سفهائكم لأوقعتم في نفسه شيئاً ثم انصرفوا ، حتّى إذا كانت الليلة الثانيةُ عاد كلُ رجل منهم إلى مجلسه ، فباتوا يستمعون له ، حتّى إذا طلع الفجر تفرّقوا ، فجمعهم الطريق ، فقال بعضهم لبعض مثل ما قالوا أول مرة ، ثم انصرفوا ، حتّى إذا كانت الليلة الثالثة اخذ كلُ رجل منهم مجلسه ، فباتوا يستمعون له ، حتّى إذا طلع الفجر تفرقوا ، فجمعهم الطريق ، فقال بعضهم لبعض : لا نبرح حتّى نتعاهد ألاّ نعود ، فتعاهدوا على ذلك. ثم تفرّقوا(١) .

* * *

٤ ـ منع الاشخاص من الايمان برسول اللّه

بعد خطة ( تحريم الاستماع إلى القرآن ) بدأوا بتنفيذ خطة اُخرى وهي منع كل قريب وبعيد ممّن رغبوا في الإسلام وقدموا إلى مكة ليتعرفوا على النبيّ ، وعلى ما اتى به من كتاب ودين ، من الاتصال بالنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

__________________

١ ـ السيرة النبوية : ج ١ ، ص ٣١٥.

٤٨٣

فبثت قريش جواسيسها في الطرق المؤدية إلى مكة ليتصلوا بمن يلقونه من هؤلاء ويبادروا إلى منعه من الاتصال برسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والايمان برسالته ، بشتى الحيل والاساليب.

واليك نموذجين حيّين من هذا الامر.

١ ـ « الاعشى » :

وكان من شعراء العهد الجاهلي البارزين ، وكانت قصائده تتناقلها مجالس السَمر القرشية ، وتتغنى بها محافل انسهم.

وقد بلغ « الاعشى » في كبره نبأ ما جاء به رسولُ اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من التوحيد ومن تعاليم الإسلام العظيمة ، وكان يعيش في منطقة نائية عن مكة ، حيث لم تصل اليها أشعة الرسالة الإسلامية على وجه التفصيل بعد ، ولكن ما قد سمع به من تعاليم الإسلام على نحو الاجمال قد اوجد في نفسه هياجاً خاصاً وحرّك مشاعره فأنشأ قصيدة مطوّلة يمدح فيها رسولُ اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثم خرج إلى مكة ليهديها إليهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو في نفس الوقت يريد الإسلام.

ورغم ان تلكم القصيدة لا تتجاوز أبياتُها ٢٤ بيتاً ، ولكنها تُعدّ من أفضل وافصح ما قيل من الشعر في الإسلام ، وفي رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في العهد النبوي ويوجد نصّها الكامل في ديوان « الأعشى » وقد قال فيها وهو يذكر بعض تعاليم الإسلام :

نَبيّاً يرى ما لا يَرون وذكرُه

أغار لعَمري في البلاد وأنجدا

فاياك والميتات لا تقربنّها

ولا تاخذن سَهماً حديداً لتفصدا

وذا النُصب المنصوب لا تُنسكُنَّه

ولا تعبد الأوثان واللّه فاعبُدا

ولا تقربنَّ حُرَّة كان سرُّها

عليك حراماً فانكحن اوتأبّداً

وذا الرحم القربى فلا تقطعنَّه

لعاقبة ، ولا الاسير المقيِّدا

وسبِّح على حين العشيات والضحى

ولا تحمَد الشيطان واللّه فاحمدا

              

٤٨٤

فلما كان بمكة أو قريباً منها اعترضه جواسيس قريش ورجالها فسألوه عن أمره وقصده فاخبرهم بانه جاء يريد رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ليسلم ، وحيث أنهم كانوا يعرفون بأن « الاعشى » رجل يحب النساء والخمر حبّاً كبيراً لذلك عمدوا إلى الضرب على هذا الوتر لينفّروه من الإسلام فقالوا له : يا أبا بصير ( وهي كنية الاعشى ) إنه يحرم الزنا.

فقال الاعشى : واللّه ذلك لأمرٌ ما لي فيه من ارب.

فقالوا له : يا أبا بصير فانَّه يحرِّم الخمرَ.

فقال الأعشى ـ وقد صُدِمَ بهذا الخبر ـ أمّا هذه فواللّه في النفس منها لعلالات ، ولكني منصرفٌ فاتروّى منها عامي هذا ، ثم آتيه فاُسلم!! فانصرفَ فمات في عامه ذلك ، ولم يَعُدْ إلى رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (١) .

٢ ـ الطُفيل بُن عَمرو الدوسيّ :

وهو الشاعر العربي الحكيم العذب اللسان ، صاحب النفوذ والكلمة المسموعة في قبيلته.

يروى انه قدم « مكة » ورسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بها ، وكانت قريش تخشى ان يتصل بالنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيسلم.

ومن البديهي أن اسلام رجل مثله كان ممّا يشق على قريش جدّاً ولهذا مشى إليه رجالٌ منهم وقالوا له ـ محذرين ايّاه من رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

يا طُفيل ، إنك قدمت بلادَنا ، وهذا الرجلُ الّذي بين أظهرنا قد اعضلَ بنا ، وقد فرّق جماعتنا ، وشتَّت أمرنا ، وإنما قوله كالسحر يفرّق بين الرجل وبين ابيه ، وبين الرجل وبين اخيه ، وبين الرجل وبين زوجته ، وإنا نخشى عليك وعلى قومك ما قد دخل علينا فلا تكلمنَّه ، ولا تسمعنَّ منه شيئاً.

ففعلت تحذيراتُ قريش فعلتَها في نفس الطفيل وهم يكرّرونها عليه بقوة

__________________

١ ـ السيرة النبوية : ج ١ ، ص ٣٨٦ ـ ٣٨٨.

٤٨٥

وإصرار ، حتّى انه قرر ان لا يسمع من النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم شيئاً ، ولا يكلّمه ، وحشّى اُذنه ـ حين غدى إلى المسجد للطواف ـ قطناً ، خوفاً من أن يبلغه شيء من قول رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو لا يريد ان يسمعه!!!

يقول الطفيل : فغدوت إلى المسجد فاذا رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قائمٌ يصلي عند الكعبة ، فقمتُ منه قريباً فسمعتُ كلاماً حسناً من غير اختيار مني فقلت في نفسي : واثكلَ اُمي ، واللّه اني لرجل لبيبٌ شاعرٌ ما يخفى عليّ الحسَنُ من القبيح ، فما يمنعني أن اسمع من هذا الرجل ما يقول ، فان كان الّذي يأتي به حسناً قبلتُه ، وان كان قبيحاً تركتُه؟

فمكثتُ حتّى انصرف رسولُ اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى بيته فاتّبعته حتّى إذا دخل بيته دخلت عليه فقلت : يا محمَّد إن قومك قد قالوا لي كذا وكذا للذي قالوا ، فواللّه ما برحوا يخوّفونني أمرُك حتّى سردت اُذني بكسرف لئلا اسمع قولك ثم اَبى اللّه إلاّ أن يُسمعني قولك فسمعتهُ قولا حسناً ، فاعرض عليّ أمرك ، فعرض عليَّ رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الإسلام وتلا عليّ القرآن ، فلا واللّه ما سمعت قولا قط أحسن منه ، ولا أمراً أعدل منه ، فأسلمتُ وشهدتُ شهادة الحق. ثم قلت : يا الله نبيّ إني امرؤ مطاعٌ في قومي وأنا راجع إليهم ، وداعيهم إلى الإسلام.

ثم يكتب ابن هشام قائلا : إن الطفيل لم يزل بارض « دوس » يدعوهم إلى الإسلام حتّى هاجر رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى المدينة ومضى « بدر » و « اُحد » و « الخندق » فقدم على رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بمن أسلم معه من قومه وهم سبعون أوثمانون بيتاً ورسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بخيبر فلحقوا جميعاً برسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بخيبر ، وبقي مع النبيّ حتّى قُبِضَصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثم سار مع المسلمين ـ في زمن الخلفاء إلى « اليمامة » وشارك في معركتها وقُتِلَ فيها(١) .

__________________

١ ـ السيرة النبوية : ج ١ ، ص ٣٨٢ ـ ٣٨٥.

٤٨٦

١٩

اسطورة الغرانيق

قد يكون بين القرّاء من يودُّ التعرف على اسطورة « الغرانيق » الّتي رواها بعض مؤرّخي السنّة ومعرفة جذورها كما يودّ التعرف على الأيادي الخفية الّتي كانت وراء اختلاق هذه الاسطورة ، وأمثالها من الأكاذيب ، والمفتريات.

كان اليهودُ وبخاصّة أحبارهم ولا يزالون العدوّ رقم واحد للإسلام.

وقد عَمَد فريقٌ منهم ـ مثل « كعب الاحبار » وغيره ـ ممّن تظاهروا باعتناق الإسلام إلى تحريف الحقائق باختلاق الأكاذيب وجعل الأخبار المفتراة على لسان الانبياء(١) .

ولقد أدرج بعضُ المؤلفين المسلمين بعض هذه المفتريات في مؤلفاتهم وجعلوها في عداد الحديث والتاريخ الصحيح من دون تمحيصها والتحقيق فيها ، ثقة بكل من أظهر الإسلام وتظاهر بالإيمان ، وانضم إلى صفوف المسلمين!!

ولكنَّ اليوم حيث يجد العلماء فرصة اكبر للتحقيق في هذا النوع من الأحاديث والاخبار ، والمنقولات والنصوص وبخاصة بعد أن توفّرت لديهم ، بفضل جهود طائفة من المحققين المسلمين القواعد والضوابط الكفيلة بتمييز

__________________

١ ـ وهي الّتي يُطلَق عليها الاسرائيليات وقد اُلّفَت في هذا المجال بعض الكتب.

٤٨٧

الحسن عن القبيح ، والصحيح عن السقيم ، وفرز الحقائق التاريخية عن القصص الخياليّة ، والروايات الاسطورية.

من هنا لا ينبغي لكاتب مسلم ملتزم أن يعتبر كل ما يراه في مصنّف تاريخيّ أو غير تاريخيّ متقدِّم أمراً صحيحاً مقطوعاً بسلامته ، ويرويه في كتابه من دون دراسة وتحقيق ، وتمحيص وتقييم.

ما هي اُسطورة الغرانيق؟!

يقولون : إن « الأسود بن المطلب » و « الوليد بن المغيرة » و « اُمية بن خلف » و « العاص بن وائل » وهم من زعماء قريش واسيادها قالو لرسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

يا محمَّد هلم فلنعبد ما تعبد ، وتعبد ما نعبدُ فنشترك نحن وانت في الأمر!!

وقالوا ذلك رفعاً للاختلاف ، وتضييقاً لشقّة الخلاف فأنزلَ اللّه سبحانه سورة الكافرين الّتي امر فيها نبيّه أن يقول في جوابهم : «لا أعْبدُ ما تَعْبدُونَ. وَلا أنتُم عابِدُونَ ما أعْبُد ».

ومع ذلك كان رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يرغب في أن يساوم قريشاً ويجاربهم وكان يقول في نفسه : ليت نزل في ذلك أمر يقرّبنا من قريش.

وذات يوم وبينما كانصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يتلو القرآن عند الكعبة ويقرأ سورة « النجم » فلما بلغ قوله تعالى : «أَفرَأَيْتُمْ الّلات وَالعُزّى. وَمَناةَ الثّالِثَةَ الاُخْرى »(١) .

أجرى الشيطان على لسانِه الجُمْلتين التاليتين :

« تِلْكَ الْغَرانِيقُ الْعُلى مِنْها الشفاعَةُ تُرْتَجى ».

فقرأهما من دون إختيار ، وقرأ ما بعدها من الآيات ، ولمّا بلغ آية السجدة سجد هو ومن حضر في المسجد من المسلمين والمشركين أمام الاصنام ، إلاّ

__________________

١ ـ النجم : ١٩ و ٢٠.

٤٨٨

« الوليد » الّذي عاقه كبر سنه عن السجود!!

وفرح المشركون ، وارتفعت نداءاتهم يقولون : لقد ذكر « محمَّد » آلهتنا بخير.

وانتشر نبأ هذه المصالحة والتقارب بين رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والمشركين ، المهاجرين إلى الحبشة ، فعاد على أثرها جماعة منهم إلى مكة ، ولكنّهم ما أن كانوا على مشارف « مكة » إلاّ وعرفوا بأن الأمر تغير ثانية ، وأن ملك الوحي نزل على النبيّ وأمره مرة اُخرى بمخالفة الاصنام ومجاهدة الكفار والمشركين ، وأخبره بأن الشيطان هو الَّذي أجرى تينك الجملتين على لسانه ، وانه لم يقله وأنه ليس من « الوحي » في شيء أبداً.

وعندئذ نزلت الآيات ( ٥٢ ـ ٥٤ ) من سورة « الحج » الّتي يقول اللّه تعالى فيها : «وَما أرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُول وَلا نَبِيٍّ إلاّ إذا تَمنّى ألْقى الشَيْطانُ في اُمْنِيّتِه فَيَنْسَخُ اللّه ما يُلْقي الشيْطانَ ثم يُحكِمُ اللّه آياتِهِ وَاللّه عَلِيمٌ حَكيْمٌ ».

«لِيَجْعَلَ ما يُلْقي الشَيْطانُ فِتْنَةً لِلَّذين فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقاسيَةِ قُلُوبِهم ، وإن الظّالِمينَ لَفِيْ شِقاق بَعِيْد وَلِيَعْلَمَ الَّذينَ اُوتُوا العلْم أَنَّه الحقّ مِنْ رَبّك فيُؤمنُوا به فتُخبتُ لَهُ قُلُوبُهم وإنّ اللّه لَهادِ الَّذينَ آمَنُوا إلى صِراط مُسْتقيمْ ».

هذه هي خلاصة اُسطورة « الغرانيق » الّتي أوردها « الطبري » في تاريخه(١) ويذكرها ويردّدها المستشرقون المغرضون بشيء كبير من التطويل والتفصيل!!

محاسبة بسيطة لهذه الاسطورة

لنفترض أن « محمّداً » لم يكن نبياً مرسلا ولكن هل يمكن لأحد أن ينكر ذكاءه وحنكته ، وفطنته وعقله.

فهل لعاقل فَطِن ، محنَّك لبيب مثله أن يفعل مثل هذا؟

ان الذكيّ اللبيب الّذي يجد انصاره يتكاثرون ويتزايدون يوماً بعد يوم

__________________

١ ـ تاريخ الطبري ج ٢ ، ص ٨٥ و ٧٦.

٤٨٩

وتقوى صفوفهم اكثر فاكثر بينما تتفرقُ صفوفُ أعدائه ومناوئيه ويتناقص معارضوه وخصومُه ، هل يقدم في مثل هذه الحالة على عمل يوجب ان يسيء الجميعُ ظنَهم به ، ويشك الصديق والعدوُ في أمره؟!

هل تصدّق أنت أيها القارئ الكريم أن رجلا ترك جميع الأموال والمناصب الّتي عرضتها قريش عليه ، في سبيل دينه الحنيف ، وعقيدة التوحيد أن يصبح مرة اُخرى من دعاة الشرك ، ومروّجي الوثنية؟؟!

إننا لن نصدّق بمثل هذا الاحتمال في حق مصلح أو سياسي عادي من الساسة والمصلحين فكيف برسول الله ونبيّه العظيم.

رأي العقل في هذه القصة :

١ ـ إن العقل يحكم بان المرشدين الذين يبعثهم اللّه تعالى إلى البشرية لهدايتها وارشادها ، وتزكيتها وتعليمها مصونون عن أي خطأ وزلل بقوة ( العصمة ) الّتي اُوتوها ، إذ لو تعرض مثل هؤلاء إلى الخطأ والزلل في اُمور الدين لزالت ثقة الناس بهم وبكلامهم.

يجب علينا ان نقارن بين أمثال هذه القصص ، وبين هذا الأصل العقائديّ المنطقي ونعالج بواسطة معتقداتنا القوية المبرهَنة متشابهات التاريخ ومعضلاته.

إنّ من المسلَّم أن عصمة رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كانت تمنعه وتحفظه من أي نوع من هذه الحوادث في تبليغ رسالته السماوية.

٢ ـ ان هذه الاسطورة تقوم أساساً على أن النبيّ قد تعب من أداء مهمَّته الّتي ألقاها اللّه سبحانه عليه ، وقد شقَّ عليه ابتعاد الوثنيّين عنه ، فكان يبحث عن مخلَص من هذا الوضع المتعِب ، يكون طريقاً ـ حسب تصوره ـ إلى إصلاح وضعهم!!

ولكن العقل يقضي بأن على الانبياء أن يكونوا صابرين حلماء أكثر ممّا يتصور ، وأن يكونوا مضرب المثل عند الجميع في ذلك ، فلا يُحدّثوا أنفسَهم بالتهرّب من المسؤولية وترك الساحة مطلقاً ، مهما اشتدّت الظروف ، وتأزّمت

٤٩٠

الأحوال.

بينما لو صحّت هذه الرواية ـ الاسطورة ـ لكانت دليلا على أنَّ بَطلَ حديثنا قد فَقَد عنان الصبر وأفلت منه زمام الثبات والاستقامة وانه بالتالي تعب وملّ ، وضني وكلّ ، وهو أمرٌ لا ينسجم مع ما يحكم به العقل السليمُ في حق الأنبياء ، كما لا يتفق كذلك مع ما عهدناه من سوابق رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومن مستقبله أبداً.

إن مختلق هذه الاسطورة لم يمرّ بخاطره وباله أنَّ القرآن الكريم شهد ببطلان هذه القصة ، إذ يعد اللّه تعالى نبيه الكريم ، بأن لا يتسرّب إلى القرآن أي شيء من الباطل إذ قال : «لا يَاتِيه الباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَديْه ولا مِنْ خَلفِه »(١) .

كما وعده أيضاً بأن يَصونه عبَر جميع أدوار البشرية من أي حادث سيّء إذ قال سبحانه : «إنّا نَحْنُ نَزَّلْنا الذِكْرَ وَاِنّا لَهُ لَحافِظُونَ »(٢) .

ومع ذلك كيف يستطيع الشيطان الرجيم عدو اللّه أن ينتصر على رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويسرّب إلى القرآن شيئاً باطلا ، ويصبح القرآنُ الّذي تقوم معارفه وتعاليمه على أساس معاداة الوثنية ومحاربتها داعياً إلى الوثنية؟؟!!

إنه لأمر عجيبٌ جداً أن يفتري مختلِقُ هذه الاسطورة أمراً ضدَّ التوحيد في موضع قد كذّبه القرآنُ قبل هذا المكان بقليل إذ قال اللّه تعالى : «وَما يَنْطِقُ عَنْ الْهَوى. إنْ هُوَ إلاّ وَحْيٌ يُوْحى »(٣) .

فكيف يترك اللّه نبيّه ـ وقد وعده بهذا الوعد ـ من دون حفيظ ، ويسمح للشيطان بأن يتصرف في قلبه وعقله ولسانه؟؟

إن هذه الأدلة العقلية إنما تفيد من يكون مؤمناً بنبوة محمَّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ورسالته.

__________________

١ ـ فصّلت : ٤٢.

٢ ـ الحجر : ٩.

٣ ـ النجم : ٣ و ٤.

٤٩١

واما المستشرقون الذين لا يعتقدون بنبوته ، ويعمدون إلى شرح ونقل وترديد أمثال هذه الأساطير للحطّ من شأن دينه ورسالته فلا تكفيهم هذه الدلائل ، فلابدّ أن ندخل معهم في البحث من باب آخر.

تكذيب القِصَّة من طريق آخر

إنّ النصّ التاريخيّ يقول : إن رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قرأ هذه السورة ، وكبار قريش واكثرهم من عمالقة الكلام ، وأبطال الفصاحة والبلاغة العربية حضور في المسجد ومنهم « الوليد بن المغيرة » ، متكلم العرب ومنطيقها المفوّه المعروف بينهم بالذكاء وحصافة العقل والنباهة ، وقد سمعوا جميعاً هذه السورة إلى ختامها حيث سجد الجميع بسجدتها.

فكيف اكتفى هذا الجمعُ المؤسسُ للفصاحة والبلاغة الذين كانوا ينقدون كل ما يعرض عليهم نقداً دقيقاً؟

كيف اكتفوا بتينك الجملتين اللتين امتدحتا آلهتهم ، وقد تضمنت الآيات السابقة عليهما ، واللاحقة لهما على شتم آلهتم وتفنيدها ، والازدراء بها بصورة صارخة وصريحة؟!

كيف تصور مختلق هذه الاكذوبة الفاضحة ، تلك الجماعة أصحاب اللغة العربية وآباءها ونقّاد الكلام المعدودين عند العرب كلّها من عمالقة الفصاحة والبلاغة بلا منازع ، والذين كانوا أعرف من غيرهم باشارات تلك اللغة ، وكناياتها ( فضلا عن تصريحاتها ).

كيف اكتفى هؤلاء بتينك العبارتين في امتداح آلهتهم ، وغفلوا عما سبقها ولحقها من الذمّ لها والطعن الصارخ فيها؟

إنه لا يمكن قط أن نخدع العادّيين من الناس بهاتين الجملتين المحفوفتين بكلام مطوَّل يذم عقائدهم وسلوكهم فكيف بمن عُرف باللب ، والحصافة ، والحكمة والذكاء؟

وها نحن ندرج هنا الآيات المتعلّقة بالمقام ونترك أصفاراً ( وفراغاً ) في مكان

٤٩٢

الجملتين اللتين اُدّعي اضافتهما ، ثم نترك للقارئ نفسه أن يقيم بنفسه هل لتينَك الجملتين مكانٌ بين هذه الآيات ( الّتي وردت في ذمّ الاصنام والقدح فيها ) : وإليك هذه الآيات : «أفَرَأَيْتُمُ الّلاتَ والعُزّى وَمَناةَ الثالِثةَ الاُخرى (١) أَلَكُمْ الذَّكَرُ وَلَهُ الاُنْثى تِلْكَ إذاً قِسْمَةً ضِيْزى .إنْ هِيَ إلاّ أسماء سَمَّيْتُمُوها أنْتُمْ وَآباؤُكم ما أنْزَلَ الله بِها مِنْ سُلْطان »(٢) .

ثم هل يسمحُ إنسانٌ عاديّ لنفسه أن يكفَّ عن معاداة نبيٍّ هاجَمَ عقائدهُ طيلة عَشرة اعوام ، وهدر إستقلاله وكيانه ، وجرَّ عليه الشقاء بتسفيه أحلامه ، وشتم آلهته ، لعبارات متناقضة وكلام خليط من الذّم الكبير والمدح العابر.

دَليلٌ لغَويٌّ على تفنيد هذه الاسطورة

يقول العلامةُ الجليلُ الشيخ محمَّد عبده : لم يُستعمَل لفظ الغرانيق في الآلهة أبداً لا في اللغة ولا في الشعر العربي(٣) .

و « غرنوق » و « غَرنيق » اللذان جاءا في اللغة استعملا في نوع من طيور الماء أو الشابّ الجميل ، ولا يَنطبق أىُ واحد من هذه المعاني على الآلهة.

وقد اعتبر احدُ المستشرقين يدعى « السيروليم مويير » قصة « الغرانيق » هذه من مسلَّمات التاريخ واستدل لها بقوله : لم يكن يمض على هجرة المهاجرين الاول إلى الحبشة اكثر من ثلاثة أشهر يوم صالح محمَّدٌ قريشاً فعادوا إلى مكة.

إن المسلمين الذين هاجَروا إلى تلك الأَرض وكانوا يعيشون في أمن وطمأنينة في جوار النجاشيّ إذا لم يكونوا يبلغهم نبأ مصالحة النبيّ لقريش لما عادوا إلى مكة للقاء بذويهم.

فاذن لابدَّ أَنَّ « محمَّداً » قد تذرَّع بشيء لمصالحة قريش ، والتقرّب اليها ،

__________________

١ ـ مكان الجملتين المزعومتين : تلك الغرانيق إلى آخرها.

٢ ـ النجم : ١٩ ـ ٢٣.

٣ ـ نقله عنه القاسمي في تفسيره : ج ١٢ ، ص ٥٥ ـ ٥٦.

٤٩٣

وهذا الشيء هو قصة الغرانيق »!!(١) .

ولكن يجب أن نسأل هذا المستشرق المحترم :

أولاً : لماذا يجب أن تكون عودة المهاجرين ناشئة عن نبأ صحيح حتماً.

إن النفعيين وذوي الأهواء والأغراض يسعون دائماً إلى بثّ عشرات بل مئات الأخبار الكاذبة بين جماعتهم لتحقيق مارب خاصّة لهم ، فما الّذي يمنع من أن نحتمل أن هناك من افتعل خبر مصالحة النبيّ لقريش بهدف إرجاع المهاجرين من الحبشة إلى « مكة ». وقد صدق بعض اُولئك المهاجرين هذا الخبر الكاذب فعادوا إلى أرض الوطن ، بينما لم ينخدع الآخرون بها وبقوا في الحبشة ولم يعودوا إلى مكة؟؟

ثانياً : لنفترض أن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يريد أن يصالح قريشاً ، فهل يكونُ الطريق إلى السلام والمصالحة منحصراً في افتعال هاتين الجملتين.

ألم يكن إعطاء مجرَّد وَعد مناسب أو مجرّد السكوت عن عقائدهم كافياً لتهدئة خواطرهم ، واجتذاب قلوبهم نحوه؟

وعلى كلّ حال فان عودة المهاجرين لا يكونُ دليلا على صحّة هذه الاُسطورة كما أن المصالحة ، والتقارب غير متوقفين على النُطق بهاتين الجملتين.

والأعجب من هذا أن البعضَ تصوَّر الآيات ( ٥٢ ـ ٥٤ من سورة الحج ) قد نزلت في قصة الغرانيق.

وحيث أن هذه الآيات قد وقعت ذريعة بأيدي المستشرقين ومرتكبي جريمة التحريف في التاريخ ، فاننا نعمدُهنا إلى توضيح مفاد هذه الآيات ، ونبين للقارئ بأنها تنظر إلى امر آخر ، ولا ترتبط بهذه القصة بتاتاً.

وها هو نصُّ الآيات المشار إليها : «وَما أرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُول وَلا نَبِيٍّ * إلا إذا تَمنّى ألْقى الشَيْطانُ في اُمْنِيَّتِه فَيَنْسَخُ اللّه ما يُلقي الشَيطانُ ثمَ يُحْكِمُ اللّه آياتِه ، واللّه عَليمٌ حَكيمٌ

____________

١ ـ راجع حياة محمَّد : ص ١٦٥ و ١٦٦.

٤٩٤

ليَجْعَلَ ما يُلْقي الشَّيطانُ فِتْنَةً لِلَّذيْن فِي قُلُوبِهمْ مَرَضُ وَالْقاسِيَة قُلُوبُهُمْ وَإن الْظالِميْنَ لَفِي شِقاق بَعيْد وَلِيَعْلَمَ الَّذينَ اُوْتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمنُوا بهِ فَتخبتَّ لَه قُلوبُهُم وَأَنَّ اللّه لَهاد الَّذين آمنوا إلى صِراط مُسْتَقِيم ».

والآن يجب أن نبين مفاد الآيات ولنبدأ بالآية الاُولى :

انّ الآية الاُولى تذكِّرُ بثلاثة اُمور هي :

١ ـ انَّ الأنبياء والرسل يتمنون.

٢ ـ انَّ الشيطانَ يتدخّل في تمنياتهم.

٣ ـ انّ اللّه يمحي آثار ذلك التدخّل.

وبتوضيح هذه النقاط الثلاث يتضح مفاد الآية والمراد منها.

واليك توضيح تلكم النقاط الثلاث :

١ ـ ما هو المقصود من تمني الانبياء والرُسل

لقد كان الأنبياء والرسل يحبّون هداية اُممهم ، ونشر دينهم وتعاليمهم فيها ، وكانوا يدبّرون اُموراً ويخطّطون خططاً لتحقيق أهدافهم هذه ، كما كانوا يتحملون في هذا السبيل كل المتاعب والمصاعب ، ويثبتون في جميع المشكلات والمحن.

ولم يكن رسول الإسلامصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مستثنى عن هذه القاعدة ، فقد كانصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يخطط لتحقيق أهدافه كثيراً ، ويهيّئ مقدمات ويبيّن القرآن هذه الحقيقة بقوله : «وَما أرْسَلْنا مِنْ رَسُول وَلا نبيّ إلاّ إذا تَمَنّى ».

فاتّضح إلى هنا المراد من لفظ تمنّى ولنشرح الآن النقطة الثانية.

٢ ـ ما هو المقصود من تدخّل الشيطان؟

إن تدخُّل الشيطان يمكن أن يتم على نحوين :

١ ـ أن يوجد الشك والترديد في عزم الانبياء ، ويوحي إليهم بأنَّ هناك

٤٩٥

عوائق كثيرة تحول بينهم وبين أهدافهم ، ولذلك لن يحرزوا نجاحاً في تحقيق تلك الأهداف.

٢ ـ بأن الأنبياء كلما مهّدوا لأمر وهيَّاوا له مقدّماته ، وَظهرت منهم أمارات تدلُ على أنهم مقدِمون على تنفيذه فعلا أقام الشيطان ومن تبعه من شياطين الانس العراقيل والموانع في طريقهم ، ليمنعوهم من الوصول إلى غاياتهم.

أما الاحتمالُ الأول فلا ينسجم لا مع الآيات القرآنية الاُخرى ولا مع الآية اللاحقة.

أمّا مِن جهة الآيات الاُخرى فلأنّ القرآن ينفي بصراحة لا صراحة فوقها أنه لا سلطان للشيطان على أولياء اللّه وعباده الصالحين ( ولو بأن يصوّروا لهم بأنهم لن يقدروا على تحقيق آمالهم ، وأهدافهم ) إذ يقول : «إن عِبادي لَيْسَ لك عَلَيْهِمْ سُلطانٌ »(١) . ويقول أيضاً : «إنَّه لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلى الَّذيْنَ امَنُوا وَعَلى رَبّهم يَتَوكَّلُونَ »(٢) .

إن هذه الآيات ، والآيات الاُخرى الّتي تنفي سلطان الشيطان على أولياء اللّه وعباده الصالحين ، وتأثيره في قلوبهم ونفوسهم لخيرُ شاهد وأفضل دليل على أنَّ المقصودَ من تدخّل الشيطان في تمنيات الأنبياء لَيس بمعنى إضعاف عزيمتهم ، وإرادتهم وتكبير الموانع والعراقيل في نظرهم.

أمّا من جِهَة الآيات المبحوثة فانَ الآية الثانية والثالثة تفسِّر وتشرح علّة التدخّل على النحو الآتي :

إننا نختبر بهذا العمل فريقين من الناس : الفريق الأول : الَّذين في قلوبهم مرض ، والفريق الثاني : الذين يؤمنون باللّه واليوم الآخر.

يعني أنَّ تدخُّل الشيطان في أعمال الأنبياء عن طريق تحريك الناس ضِدَّهم وضدَّ أهدافهم يوجب مخالفة الفريق الأوّل ومعارضتهم للانبياء في حين يكون الأمر على العكس من ذلك في الفريق الثاني فانه يزيد من ثباتهم وصمودهم.

__________________

١ ـ الحجر : ٤٢ ، الاسراء : ٦٥.

٢ ـ النحل : ٩٩.

٤٩٦

وان بيان أن لتدخل الشيطان في تمنيات الانبياء ، مثل هذين الاثرين المختلفين ( أي يحمل فريقا على المخالفة وفريقا آخر على الثبات والصمود ) يفيد أن المراد بالتدخل هنا هو المعنى الثاني ، يعني ان التدخل يحصل عن طريق تحريك الناس ضدّهم ، وإلقاء الوساوس في قلوب أعدائهم ، وخلق الموانع والعراقيل في طريقهم لا أنهم يتصرفون في نفوس الأنبياء وقلوبهم ويضعفون ارادتهم وعزمهم.

إلى هنا اتضح معنى تدخّل الشيطان في تمنيات الانبياء والرسل.

والآن حان الحين لتوضيح المطلب الآخر يعني محو آثار هذا التدخل.

٣ ـ ما هو المقصود من محو آثار التدخل؟

إذا كان معنى تدخّل الشيطان هو تحريك الناس وتأليبهم ضد الانبياء ليمنعوا الأنبياء والرسل من التقدم في أهدافهم ، فان محو آثار التدخّل الشيطاني من قبل اللّه ـ حينئذ ـ يكون بمعنى ان اللّه يدفع عن أنبيائه ورسله كيد الشيطان ليتضح الحقُ للمؤمنين ، ويكون إختباراً لمرضى القلوب كما يقول تعالى في آية اُخرى.

«إنّا لَنَنْصُر رُسُلَنا وَالَّذيْنَ آمَنُوا فِي الحَياة الدّنْيا »(١) .

وخلاصة القول : أن القرآن يخبر ـ في هذه الآيات ـ عن سنة للّه قديمة في مجال الأنبياء وهي :

إن تَمنّي التقدم في الأهداف وتمنّي التوفيق في هداية الناس هو فعل الانبياء دائماً.

ثم يأتي الدور لتدخّل الشيطان وأتباعه من شياطين الإنس والجنّ ، وذلك بايجاد الموانع والعقبات في طريق الأنبياء والرسل.

ثم يأتي من بعد ذلك حلول المدد الالهي الغيبيّ بمحو وفسخ كلّ التدابير الشيطانية المضادّة لأهداف الانبياء المعرقِلة لتحقيق أمانيّهم.

وهذه هي إحدى السنن الالهية الثابتة الّتي جرت في جميع الاُمم السالفة.

__________________

١ ـ غافر : ٥١.

٤٩٧

إن تاريخ الأنبياء والرسل وقصصهم من نوح وإبراهيم وأنبياء بني إسرائيل وبخاصّة موسى وعيسىعليهما‌السلام ، وتاريخ حياة الرّسول الاكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خير شاهد على هذا المطلب.

وينبغي إستكمالا لهذا البحث أن نقول : ولأجل ما ورد على هذه القصة الاُسطوية من مؤاخذات رفضها وفنّدها بعض المحققين من أهل السنة إذ قال بعد ذكرها على النحو الّذي ادرجها الطبري في تاريخه وأرسله ارسال المسلّمات :

وأهل الاُصول يدفعون هذا الحديث بالحجة.

ومن صحَّحهُ قال فيه أقوالا :

منها : ان الشيطان قال ذلك وأذاعه والرسول عليه الصلاة والسَّلام لم ينطق به.

( وذكر وجوهاً اُخرى ثم قال : ) والحديث على ما خيّلت غير مقطوع بصحته(١) .

__________________

١ ـ راجع هوامش السيرة النبويَّة : ج ١ ، ص ٣٦٤.

٤٩٨

٢٠

الحصار الاقتصادي والاجتماعي

إن أبسط وسيلة وأسهلها لضرب الأقليات في أي مجتمع ، والقضاء عليها هو ما يسمى بالمكافحة السلبية الّتي تقوم أساساً على اتحاد الأكثرية واتفاقها على مقاطعة الأقليّة المتمرّدة.

إن عكس هذا يحتاج إلى أدوات متعددة مختلفة ، لأنه يتطلب مثلا ان يحمل جماعة من المقاتلين السلاح ، وتتوجه نحو الاهداف المطلوبة عبر التضحية بقدر كبير من الأنفس والأموال ، وازالة العشرات من الموانع والسواتر ، وهو أمر لا يُقدم عليه القادة المحنّكون إلاّ بعد توفّر كل مستلزمات المواجهة واتخاذ جميع التدابير اللازمة ، والاستعداد الكامل ، وبالتالي لا يقدمون على هذه الخطوة ما لم تدعو الضرورة اليها ، وتنحصرُ الحيلة في القتال.

ولكنّ المكافحة السلبية لا تتوقف على مثل هذه الاُمور ، بل تحتاج إلى أمر واحد وهو اتفاق الاكثرية.

يعني أن يتفق من يعنيهم الأمرُ ولهم عقيدة واحدة ويتحالفوا في ما بينهم بصدق على أن يقطعوا كلَ صلاتهم وعلاقاتهم بالأقليّة المعارضة ، فيحرّموا التعامل التجاريّ معهم ويوقفوا الاتصال العائليّ بهم ، ولا يشركونهم في اعمالهم الاجتماعية ولا يتعاونوا معهم في اُمورهم الشخصيّة أيضاً.

٤٩٩

في مثل هذه الحالة تضيق الأَرض على الأقلية بما رحبت وتغدو الدنيا لهم على سعتها كسجن ضيق وصغير ، ويصيرون عُرضة للانهيار والسقوط بأقلّ قدر ممكن من الضغط عليها.

إن الاقليّة المخالفة المتمرّدة ربما تستسلم ـ في هذه الحالة ـ وتؤوب من منتصف الطريق ، وتطيع إرادة الأكثرية.

ولكن أقلية كهذه لابد أن تكون ممَّن لا تعود مخالفتها للأكثرية إلى أمر عقائديّ ولا يكون لانفصالها عن الاكثرية طابعٌ اُصوليٌ مبدأيّ ، كما لو كان خلافها مع الاكثرية مثلا على تحصيل ثروة أو منصب مهمّ أو ما شاكل ذلك.

فان مثل هذه الاقلية إذا أحسّت بخطر جدّي ، أو واجهت العذاب والسجن والحصار ستتراجع عن مخالفتها وتعود إلى طاعة الاكثرية مؤثرة اللّذة العابرة المؤقَّتة على اللذة الإحتمالية ، لأنها لم تنطلق من دوافع ايمانية اصيلة ، ولم يكن المحرك لها محركاً روحياً معنوياً.

ولكن الجماعة الّتي يقوم خلافُها للاكثرية على أساس الإيمان بهدف مقدس ، لن تنصاع أبداً لمثل هذه الضغوط ، ولن تنثني أمام هذه الرياح والعواصف ، ولا يزيدها ضغطُ الحصار الاّ صلابة وقوة ، وإصراراً وعناداً ، وتردُّ جميع ضربات العدوّ بالصبر والإستقامة.

إن صفحات التاريخ البشريِّ تشهد بأن أقوى العوامل لثبات كل أقليّة وصمودها في وجه الأكثرية هو : قوةُ الايمان ، وعاملُ الإعتقاد ، الّذي ربما يؤدّي رسالة الثبات والمقاومة ببذل آخر قطرة دم في ساحة المواجهة.

ولنا على هذا عشرات بل ومئات الأمثلة من التاريخ الغابر والحاضر.

قريشٌ تحاصر النبيّ والمسلمين اقتصادياً واجتماعياً

لقد شقَّ على قريش انتشار الإسلام المتزايد وأزعجها نفوذه العجيب في القبائل العربية في مدة غير طويلة بالنسبة إلى عمر الدعوة ولهذا كانت تفكر باستمرار في حلّ لهذه المشكلة.

٥٠٠

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694