سيّد المرسلين صلّى الله عليه وآله الجزء ١

سيّد المرسلين صلّى الله عليه وآله11%

سيّد المرسلين صلّى الله عليه وآله مؤلف:
المحقق: مؤسسة النشر الإسلامي
الناشر: مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرّفة
تصنيف: الرسول الأعظم صلّى الله عليه وآله
الصفحات: 694

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 694 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 358071 / تحميل: 8965
الحجم الحجم الحجم
سيّد المرسلين صلّى الله عليه وآله

سيّد المرسلين صلّى الله عليه وآله الجزء ١

مؤلف:
الناشر: مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرّفة
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

٤- وفي ترجمة: إبراهيم بن عبد العزيز، وأنّه مِن أصحاب الإمام الصادقعليه‌السلام ، والراوين عنه.

قال ابن حجر: روى عن أبيه وجعفر الصادق، ذكره عليّ بن الحَكم في رجال الشيعة. لسان الميزان ج١ ص٧٨ رقم ٢١٤.

٥- وفي ترجمة: إبراهيم بن عيسى الخزّاز الكوفي.

قال ابن حجر: ذكره عليّ بن الحَكم وغيره في رجال الشيعة، وقال روى عن الصادق والكاظم. روى عنه الحسن بن محبوب وغيره. لسان الميزان ج ١ ص ٨٨ رقم ٢٥١.

وكيف ما كان، فيظهر أنّ الكتاب موجود عند الذهبي، أو عند ابن حجر الذي لخّص الميزان.

١٨ - عليّ بن مهزيار: القرن الثالث(١) .

قال النجاشي ( ٦٦٢ ): علي بن مهزيار الأهوازي. أبو الحسن، دروقي الأصل، مولى. كان أبوه نصرانيّاً فأسلم.

وقد قيل: إنّ علياً أيضاً أسلم وهو صغير، ومَنّ الله عليه بمعرفة هذا الأمر، وتَفقّه.

وروى عن الرضا وأبي جعفرعليهما‌السلام ، واختصّ بأبي جعفر ( ع )، وتوكّل له، وعظُم محلّه منه، وكذلك أبو الحسن الثالث ( ع )، وتوكّل لهم في

____________________

(١) اُنظر: رجال النجاشي ج٢ ص٧٤ رقم ( ٦٦٢ )، فهرست كُتُب الشيعة وأُصولهم ص٢٦٥ رقم ٣٧٩، رجال الطوسي ص٣٨١ و٤٠٣ و٤١٧.

٤١

بعض النواحي، وخرجت إلى الشيعة فيه توقيعات بكلّ خير.

وكان ثقة في روايته، لا يُطعن عليه، صحيحاً اعتقاده(١) .

وقال الطوسي ( ٣٧٩ ): جليل القدر، واسع الرواية، ثقة. له ثلاثة وثلاثون كِتاباً، مثل كتاب الحسين بن سعيد، وزيادة(٢) .

وذكره في أصحاب الإمام الرضا ( ع )، فقال: علي بن مهزيار، أهوازي، ثقة صحيح(٣) ، وفي أص-حاب الإمام الجواد ( ع )(٤) ، وفي أصحاب الإمام الهادي ( ع )، فقال: علي بن مهزيار، أهوازي، ثقة(٥) .

وله مِن كُتُب الرجال:

١ - كتاب المثالب.

٢ - كتاب الأنبياء.

٣ - رسائل عليّ بن أسباط.

٤ - وفاة أبي ذر.

٥ - حديث بدء إسلام سلمان.

١٩ - محمّد العمّي.

قال النجاشي ( ٩٠٢ ): محمّد بن جمهور أبو عبد الله العمّي، ضعيف

____________________

(١) رجال النجاشي ج٢ ص٧٤.

(٢) فهرست كُتُب الشيعة وأُصولهم ص٢٦٥.

(٣) رجال الطوسي ص٣٨١.

(٤) رجال الطوسي ص٤٠٣.

(٥) رجال الطوسي ص٤١٧.

٤٢

في الحديث، فاسد المذهب، وقيل فيه أشياء الله أعلم بها مِن عِظمها. روى عن الرضا ( ع )(١) .

وقال الطوسي ( ٦٢٧ ): محمّد بن الحسن بن جمهور العمّي البصري له كُتُب منها:

١ - كتاب صاحب الزمان.

٢ - كتاب وقت خروج القائم ( ع ). ذكرهما الطوسي.

٢٠ - يحيى العلوي العقيقي: وُلد ٢١٤، تُوفّي ٢٧٧ ه-(٢) .

هو: يحيى بن الحسن بن جعفر بن عبيد الله بن الحسين بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالبعليهم‌السلام ، أبو الحسين.

مشايخه وتلامذته:

روى يحيى بن الحسن عن الإمام الرضا ( ع )، وعن مشايخ كثيرة ذُكر منهم السمهودي أكثر مِن ثمانين شيخاً، ومنهم: ابن زبالة.

وروى عنه عدد كبير مِن المُحدِّثين، وأهل النَسب والسِيَر منهم: حفيده الحسن بن محمّد بن يحيى بن الحسن، ومنهم أبو أسحاق إبراهيم بن إسحاق بن

____________________

(١) رجال النجاشي ج٢ ص٢٢٥ رقم ٩٠٢.

(٢) اُنظر ترجمته في: رجال النجاشي ج٢ رقم ( ١١٩٠ )، فهرست كُتُب الشيعة للطوسي رقم ( ٨٠٢ و٨٠٣ و٨٠٤)، مجلّة المَجمع العِلمي العراقي ج١١، كما عن مقدّمة المناسك للحربي ص١٦٢، الذريعة ج١ ص٣٤٩ و ج٢ ص٣٧٨، الأعلام للزركلي ج٨ ص١٤٠.

٤٣

إبراهيم الحربي صاحب كتاب ( المناسك ) الذي روى عنه كثيراً في كتابه المناسك.

قال النجاشي ( ١١٩٠ ): العالم الفاضل الصدوق، روى عن الرضاعليه‌السلام صنف كُتُباً، منها: كتاب نَسب آل أبي طالب، كتاب المسجد(١) .

الشيخ الطوسي في الفهرست ترجم ثلاثة أشخاص بعنوان يحيى بن الحسن وهم:

١ - تحت رقم ( ٨٠٣ ): يحيى بن الحسن بن جعفر بن عبيد الله بن الحسين بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالبعليهم‌السلام ، له كتاب المناسك. عن عليّ بن الحسينعليهما‌السلام .

٢ - تحت رقم ( ٨٠٢ ): يحيى بن الحسن العلوي، له كتاب المسجد، تأليفه.

٣ - تحت رقم ( ٨٠٤ ): يحيى بن الحسن، له كتاب نَسب آل أبي طالب.

وممّا تقدّم عن النجاشي أن هؤلاء الثلاثة هُم رجل واحد. وذلك فإنّ كتاب نَسب آل أبي طالب، والمسجد ذكرهما النجاشي ليحيى بن الحسن بن جعفر بن عبيد الله … ولا يَضرّ كون كتاب المناسك له أيضاً بعدَ أن سَرد اسمه كما سرد اسمه النجاشي.

ويُحتمل أن يكون صاحب كتاب المسجد الذي ذكره الطوسي، وذكر سَنَده إليه، قال أخبرنا جماعة عن التلعكبري عنه. فلعلّ هذا غير المُترجَم.

فإنّ التلعكبري: هارون بن موسى التلعكبري تُوفّي ٣٨٥ه- فيُستبعد أن يروي عن المُترجَم المُتوفّى ٢٧٧ه-.

____________________

(١) رجال النجاشي ج٢ ص٤١٢ رقم ١١٩٠.

٤٤

ثقافته:

يحيى بن الحسن العلوي ذو ثقافة عالية وواسعة في مُختلف الميادين، يدلّ على ذلك مؤلّفاته في الفِقه، والنَسب، والسيرة، والتاريخ، وعدد مشايخه الذين بلغوا بالعشرات، وقد أخذ عنهم ومِن مُختلف الطبقات.

مؤلّفاته:

١ - المناسك.

٢ - المسجد.

٣ - نَسب آل أبي طالب.

٤ - أخبار المدينة.

كتابه في الرجال:

كتابنَسب آل أبي طالب . الذي ذكره النجاشي والطوسي. وهو أوّل كتاب في نَسب آل أبي طالب.

قال ابن عنبه في عُمدة الطالب عنه:

يحيى النسّابة ابن الحسن بن جعفر الحجّة بن عبيد الله الأعرج بن الحسين الأصغر بن علي زين العابدينعليهم‌السلام . ويُقال إنّه أوّل مَن جمعَ كتاباً في نَسب آل أبي طالب(١) .

ويحيى هذا هو جدّ أُمراء المدينة، الّذين كانوا يحكمونها في زمن السمهودي المُتوفّى ٩١١ه-، وهو مِن الشيوخ المؤلِّفين، له مِن الكُتُب غير

____________________

(١) عُمدة الطالب ص٣٣١. اُنظر هامش رجال النجاشي ج٢ ص٤١٢.

٤٥

المُتقدّمة كتاب حول المدينة بعنوان: أخبار المدينة.

كتابه في أخبار المدينة:

مِن أوائل الكُتب التي أُلّفت في تاريخ المدينة المُنوّرة - كما تقدّم عن السمهودي - وهو مِن الكُتب المُهمّة جدّاً التي تحدّثت عن تاريخ المدينة بشكل مُفصَّل.

فقد بحث في هجرة الرسول ونزوله قباء، ثمّ استقرار مقامه في بني النجّار، والمِربد، وبناء المسجد، وتحويل القبلة، والمنبر، ومُعتكَف الرسول، وبيوت زوجات النبي، وأبواب المسجد وتوسعته، والدور التي حوله، وزيادة الخُلفاء وخاصّة الوليد، والمؤذِّنين، والحرَس، ومواضع قبر الرسول والخُلفاء، وتجمير المسجد والبلاليع والأبواب والمُصلّى، وقباء، وبعض مساجد المدينة التي صلّى فيه(١) .

وهذا الكتاب قد اعتمده تلميذه أبو إسحاق الحربي المُتوفّى ٢٨٥ ه-، واستفاد منه كثيراً، ونقل عنه في مواضع عديدة مِن كتابه ( المناسك )(٢) .

وكذلك نقل عنه المراغي المُتوفّى ٨١٦ ه- في كتابه ( تحقيق النصرة بتلخيص معالِم دار الهجرة) في مواضع عدّة.

وأكثر مَن نقل عنه السمهودي في كتابه وفاء الوفاء بأخبار دار المُصطفى فقد بَلغت ٢١٠ مِن المواضع.

____________________

(١) مُقدّمة المناسك للحربي ص ١٦٣ عن مقال الدكتور صالح العلي مجلّة المَجمع العِلمي العراقي.

(٢) اُنظر: المناسك للحربي ص ٣٥٩ و٣٦٣ و٣٦٥ و ٣٦٦ و٣٦٧-٣٦٩ و ٣٧١ و٣٧٢ و٣٧٨ و٣٧٩ و٣٨١ و٣٨٣-٣٨٧ و٣٨٩-٣٩٥ و٣٩٧ و٤٠٣ و٤٠٤ و٤٢٥. طبع دار اليمامة بتحقيق حمد الجاسر.

٤٦

ذكره السمهودي له بهذا العنوان في كتابه وفاء الوفاء(١) .

وقد اطّلع السمهودي على عدّة نسخ مِن هذا الكتاب:

١ - النسخة التي رواها ابن المؤلِّف طاهر بن يحيى العلوي عن المدائني(٢) .

٢ - النسخة التي رواها ابن المؤلّف طاهر بن يحيى العلوي عن أبيه مُباشرة(٣) .

٣ - النسخة التي رواها حفيده الحسن بن محمّد بن يحيى(٤) .

٤ - النسخة التي رواها ابن فارس عن ابن المؤلِّف طاهر بن يحيى عن أبيه يحيى(٥) .

أقدم مَن أرّخ للمدينة:

يقول السمهودي حول أقدم مَن أرّخ للمدينة: وابن زبالة ويحيى عُمدة في ذلك، فإنّهما أقدم مَن أرّخ للمدينة؛ لأنّ ابن زبالة هو محمّد بن الحسن، أحد أصحاب الإمام مالك بن أنس، ويؤخذ مِن كلامه أنّه وضع كتابه في صَفَر سَنَة تسع وتسعين ومائة، وأمّا يحيى فهو مِن أصحاب أصحابه، وكانت وفاته سَنة سبع وسبعين ومائتين عن ثلاث وستّين سَنَة(٦) .

وقال السمهودي أيضاً: وابن زبالة وإن كان ضعيفاً، ولكن اعتضد بموافقة يحيى له، وروايته لكلامه مِن غير تعقيب(٧) .

____________________

(١) وفاء الوفاء ج١ ص٢٤٤ طبع دار الكُتب العِلمية بتحقيق محمّد محيّ الدين، وفي غيره كما عن هامش المناسك للحربي ج١ ص١٧٤ و٢٠٣ وج٢ ص ١٧ و ٤٠١.

(٢) وفاء الوفاء ج٢ ص٥٠٨.

(٣) وفاء الوفاء ج١ ص٦٨ و٢٤٤ وج٢ ص٢٩٤ و٥٥٤.

(٤) وفاء الوفاء ج١ ص٢٤٥ وج٢ ص٢٩٤.

(٥) وفاء الوفاء ج٢ ص٥٥٥.

(٦) وفاء الوفاء ج١ ص٣٥٢.

(٧) وفاء الوفاء ج١ ص٢٥٢ بواسطة مُقدّمة مناسك الحربي.

٤٧

ومع الأسف إن الكتاب مفقود، ولا يوجد إلاّ ما نُقل عنه فقط.

ولادته ووفاته:

وُلد بالمدينة المُنوّرة سَنة ٢١٤ه-، وبها نشأ، وكَتَب عنها (أخبار المدينة).

تُوفّي في سَنة ٢٧٧ه- عن ٦٣ سَنة، كما عن وفاء الوفاء، ودُفن في مكّة المُكرّمة كما عن أعيان الشيعة.

٢١ - عيسى بن مِهْراَن: القرن الثالث(١) .

هو عيسى بن مهران المستعطف، أبو موسى، وكان يسكن ببغداد. وث-قه محمّد بن جرير الطبري العامّي(٢) . ويظهر أنّه عاش في النصف الثاني مِن المائة الثالثة، حيث روى عنه أبو علي محمّد بن هارون التلعكبري المُتوفّى ٣٣٦ه- بواسطة واحدة.

له مِن الكُتب في علم الرجال:

( كتاب المُحدّثين ) كما ذكره النجاشي، والطوسي، وابن النديم.

____________________

(١) اُنظر ترجمته في رجال النجاشي رقم (٨٠٥)، الفهرست للطوسي رقم (٥٢٠)، الذريعة ج١ ص ١٣٩، مصفى المقال ص ٣٤٥، لسان الميزان ج ٤ ص ٤٠٦ رقم ١٣٤٢، الفهرست لابن النديم ص٣٧٠، رجال الطوسي ص٤٨٧ رقم ( ٦٤ ) مِن حرف العين، فيمن لم يروِ عنهم، قاموس الرجال ج٨ ص٣٣٥ رقم ٥٨٢٨، تاريخ بغداد ج١١ ص١٦٧ رقم ٥٨٦٦، الكامل لابن عدي ج٦ ص٤٥٧ رقم ( ١٤٠٥ ).

ومهران: قيل بكسر الميم وقيل بفتحها.

(٢) لسان الميزان ج٤ ص٤٠٦ رقم ١٣٤٢.

٤٨

٢٢ - إبراهيم بن محمّد الثقفي: المُتوفّى ٢٨٣ه-(١) .

إبراهيم بن محمّد بن سعيد بن هلال … الثقفي أبو إسحاق، أصله كوفيّ وانتقل إلى أصفهان.

قال النجاشي ( ١٨ ): كان زيديّاً أوّلاً، ثم انتقل إلينا.

ويُقال: إنّ جماعة مِن القُميّين - كأحمد بن محمّد بن خالد - وفدوا إليه، وسألوه الانتقال إلى قُم فأبى.

وكان سَبب خروجه مِن الكوفة أنّه عَمل كتاب المعرفة وفيه المناقب والمثالب، فاستعضمه الكوفّيون، وأشاروا إليه بأن يتركه ولا يُخرجه، فقال: أيّ البلاد أبعد مِن الشيعة فقالوا: أصفهان، فحَلف أن لا أروي هذا الكتاب إلاّ بها؛ فانتقل إليها، ورواه بها، ثقة منه بصحّة ما رواه فيه(٢) .

ووث-قه ابن النديم بقوله: مِن الث-قات العُلماء المصنّفين(٣) .

له كُتُب كثيرة في مُختلف المواضيع قرابة خمسين كتاباً ذكرها النجاشي والطوسي.

كُتُبه في عِلم الرجال:

وله في عِلم الرجال خاصّة كُتُب عديدة منها:

١- أخبار المُختار.

٢- كِتاب الرِدّة.

____________________

(١) اُنظر ترجمته: رجال النجاشي (١٨) ، الفهرست للطوسي (٣١) ، مصفى المقال ص٨، الذريعة ج١٠ ص٨٢، لسان الميزان ج١ ص١٠٢، قاموس الرجال ج١ ص٢٧٥-٢٨٠ رقم ( ١٨٧ )، الفهرست لابن النديم ص٣٧٢.

(٢) رجال النجاشي ج١ ص٩٠.

(٣) الفهرست لابن النديم ص ٣٧٢.

٤٩

٣- كِتاب مقتل عثمان.

٤- أخبار عمر.

٥- أخبار يزيد.

٦- أخبار ابن الزبير.

٧- أخبار زيد.

٨- كِتاب التوّابين.

٩- أخبار محمّد، وإبراهيم ابني عبد الله.

١٠- كِتاب فضل الكوفة، ومَن نزلها مِن الصحابة.

١١- كِتاب مَن قُتِل مِن آل أبي طالبعليه‌السلام ( آل محمّدعليهم‌السلام ).

١٢ - مقتل أمير المؤمنينعليه‌السلام .

١٣ - قيام الحسن بن عليعليهما‌السلام .

١٤ - مقتل الحسينعليه‌السلام .

توفّي سَنة ٢٨٣ ه-.

٢٣- أحمد العلوي العقيقي: المُتوفّى ٢٨٢ه-(١) .

هو أحمد بن علي بن محمّد بن جعفر بن عبد الله بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، العلوي العقيقي كان مُقيماً بمكّة.

وهو يروي عن أبيه عن إبراهيم بن هاشم القُمّي، ويروي عنه ابنه أبو الحسن عليّ بن أحمد العقيقي صاحب الرجال المشهور.

____________________

(١) اُنظر ترجمته: رجال النجاشي رقم (١٩٤)، الفهرست للطوسي رقم (٧٣) ، مصفى المقال ص ٥٧، الذريعة ج٣ ص٢٥٣، قاموس الرجال ج١ ص٥٣٧ رقم ( ٤٥٨ ).

٥٠

له في علم الرجال:

كِتاب ( تاريخ الرجال )، كما في رجال النجاشي والفهرست للطوسي.

٢٤- عبد الرحمان المروزي البغدادي: المُتوفّى ٢٨٣ه-(١) .

هو عبد الرحمان بن يوسف بن سعيد خراش المروزي البغدادي، الحافظ.

مدحه والثناء عليه:

قال ابن عدي، سمعت عبدان يقول: قلت لابن خراش حديث ( لا نُورِّث ما تركنا صدقة ).

قال: باطل.

قلت: مَن تتّهم في هذا الإسناد: رواه الزُهري، وأبو الزبير وعِكرمة بن خالد، عن مالك بن أنس بن الحدثان، أتَتَّهِم هؤلاء ؟

قال: لا، إنّما أتّهم مالك بن أوس.

وقال ابن عدي: سمعت عبدان يقول: وحمل ابن خراش إلى بندار جُزأين صنّفهما في مثالب الشيخين؛ فجازاه بألفي درهم …

وقال ابن عدي: وسمعت أحمد بن محمّد بن سعيد المعروف ب- ( ابن عقدة ) يقول: كان ابن خراش في ( الكوفة ) إذا كُتِب شيئاً مِن باب التشيُّع يقول لي: هذا لا يُنفق إلاّ عندي وعندك يا أبا العبّاس.

وقال ابن عدي: وسمعت عبد الملك بن محمّد أبا نعيم يُثني على ابن خراش هذا، وقال: ما رأيت أحفظ مِنه لا يذكر شيء مِن الشيوخ والأبواب إلاّ مرَّ فيه.

____________________

(١) اُنظر ترجمته: مصفى المقال ص٢٢٥، الذريعة ج١٠ ص٨٤، لسان الميزان ج٣ ص٤٤٤، تاريخ بغداد ج١٠ ص٢٧٨ رقم ٥٣٩٨، الكامل لابن عدي ج٥ ص٥١٨ رقم الترجمة ١١٥٥، قاموس الرجال ج٦ ص١٤٨ رقم الترجمة ٤٠٨٤، الميزان للذهبي ج٤ ص٣٢٩ رقم ٥٠١٤.

٥١

وقال ابن عدي: وابن خراش هذا هو أحد مَن يُذكر بحفظ الحديث مِن حُفّاظ العراق، وكان له مَجلسُ مذاكرة لنفسه على حدة، وإنّما ذكر عنه شيء مِن التشيّع كما ذكره عبدان، فأمّا الحديث فأرجو أنّه لا يتعمّد الكذب(١) .

وقال الخطيب: كان أحد الرحّالين في الحديث إلى الأمصار بالعراق، والشام، ومصر، وخُراسان، وممَّن يُوصَف بالحفظ والمعرفة، روى عنه العبّاس بن عقدة(٢) .

وقال أبو زرعة محمّد بن يوسف الجُرْجَاني: كان خرّج مثالب الشيخين وكان رافضيّاً، وعن ابن المُنادى أن ابن خراش كان مِن المعدودين المذكورين بالحفظ والفَهم بالحديث والرجال(٣) .

وقال الذهبي: فإنّه كان حافظ زمانه، وله الرحلة الواسعة، والإطلاع الكثير والإحاطة(٤) .

ومع ذلك تحامل عليه، وعلى مذهب التشيُّع لأنّه كان يتشيَّع.

وأنت سمعت، فقد مدحه بعض عُلماء العامّة، كما قد ذمّه آخرون؛ لأنّه ألّف في المثالب، وأنكر حديث ( لا نورِّث ما تركناه صدقة )، ورموه بالتشيُّع والرفض، وهو أحد مشايخ ابن عُقدة.

له في عَلم الرجال:

( كِتاب الجرح والتعديل )

تُوفّي في خمس شهر رمضان ٢٨٣ه-.

____________________

(١) الكامل لابن عدي ج٥ ص٥١٩.

(٢) تاريخ الخطيب ج١٠ ص٣٧٩.

(٣) تاريخ بغداد ج١٠ ص٢٨٠.

(٤) الميزان للذهبي ج٤ ص٣٣٠.

٥٢

٢٥ - عليّ بن الحسن بن فضّال: ولد ٢٠٦ ه - وتُوفّي ٢٩٠ه-(١) .

هو عليّ بن الحسن بن عليّ بن فضّال بن عمر بن أيمن ...أبو الحسن.

ذكره الطوسي في أصحاب الإمامين الهُمامين الإمام الهادي والإمام العسكريعليهما‌السلام .

وقال النجاشي ( ٦٧٤ ): كان فقيه أصحابنا بالكوفة، ووجههم، وثقتهم، وعارفهم بالحديث، والمسموع قوله فيه، سُمِع منه شيئاً كثيراً، ولم يُعثَر له على زَلّة فيه ولا ما يشينه، وقلّ ما روى عن ضعيف، وكان فطحيّاً، ولم يروِ عن أبيه شيئاً، وقال: كنت أُقابِلُهُ وسنّي ثمان عشرة سَنة، ولا أفهم إذ ذاك الروايات، ولا أستحلُّ أن أرويها عنه.

وروى عن أخَوَيه، عن أبيهما(٢) .

وقد وثذقه الطوسي بقوله: فطحيَّ المذهب، ثقة كوفيّ، كثير العِلم، واسع الأخبار، جيد التصانيف، غير مُعاند، وكان قريب الأمر إلى أصحابنا الإماميّة القائلين بالإثني عشر(٣) .

وقد وث-قه الكشّي قال: سألت أبا النضر محمّد بن مسعود عن جماعة هو منهم، فقال: أمّا عليّ بن الحسن بن فضّال، فما لقيت بالعراق وناحية خُراسان أفقه، ولا أفضل مِن عليّ بن الحسن بالكوفة، ولم يكن كَتَب عن الأئمة -عليهم‌السلام - في كل صِنف إلاّ وقد كان عِنده، وكان أحفظ الناس، غير أنّه كان

____________________

(١) اُنظر ترجمته: رجال النجاشي رقم ( ٦٧٤ )، الفهرست للطوسي ( ٣٩٣ )، رجال الطوسي ص٤١٩ و٤٣٣، مصفى المقال ص٢٧٤، الذريعة ج١٠ ص٩٠، قاموس الرجال ج٧ ص٤١٣ رقم ٥٠٩٢.

(٢) رجال النجاشي ج٢ ص٨٣.

(٣) فهرست كُتُب الشيعة ص ٢٧٢ رقم ( ٣٩٢ ).

٥٣

فطحيّاً يقول بعبد الله بن جعفر، ثم بأبي الحسن موسىعليه‌السلام ، وكان مِن الث-قات(١) .

وله كُتُب كثيرة منها في الرجال:

١ - (كِتاب الرجال). ذكره النجاشي والطوسي في الفهرست.

٢ - الأصفياء.

٣ - المثالب.

٢٦ - أبان البَجَلي: القرن الثالث(٢) .

أبان بن محمّد البجلي، وهو المعروف بسندي البزّاز، أبو بشر، وهو ابن أخت صفوان بن يحيى. كان ثقة، وجهاً في أصحابنا الكوفيّين.

وصفوان بن يحيى تُوفّي٢١٠ه-.

والمُترجَم ذكره الشيخ الطوسي في أصحاب الإمام الهاديعليه‌السلام الذي تُوفّي ٢٥٤ه-.

وقد روى عن خاله صفوان بن يحيى وغيره.

وروى عنه: أحمد بن محمّد بن خالد البرقي المُتوفّى٢٧٤ أو ٢٨٠ه-، وعليّ بن الحسن بن عليّ بن فضّال المُتوفّى حدود (٢٩٠ه-)، ومحمّد بن الحسن الصفّار المُتوفّى ٢٩٠ه-.

____________________

(١) قاموس الرجال ج٧ ص٤١٤ عن الكشّي.

(٢) اُنظر ترجمته: رجال النجاشي برقم ( ١٠ و ٤٩٥ )، والفهرست للطوسي برقم (٣٤٣)، ورجال الطوسي في أصحاب الإمام الهادي ص٤١٦، مُعجَم رجال الحديث ج١ ص١٧١ و ج٨ ص٣١٧، مصفى المقال ص٥، الذريعة ج١٠ ص٨٢، قاموس الرجال ج١ ص١٢٣ رقم الترجمة ٢٩.

٥٤

قال النجاشي ( ٤٩٥ ): وهو ابن أُخت صفوان بن يحيى، كان ثقة، وجهاً في أصحابنا الكوفييّن.

وله كِتاب في عِلم الرجال:

( النوادر عن الرجال ). ذكره النجاشي.

٢٧ - محمّد بن عيسى اليقطيني: القرن الثالث(١) .

قال النجاشي ( ٨٩٧ ): محمّد بن عيسى بن عُبيد بن يقطين بن موسى، مولى أسد بن خزيمة، أبو جعفر.

جليل في أصحابنا ثقة، عين، كثير الرواية، حَسِن التصنيف، روى عن أبي جعفر الثانيعليه‌السلام مُكاتبة ومُشافهة.

ثم عدّد كُتُبه إلى أن ذكر له: كِتاب (الرجال)، وذكر سَنَده إليه.

وذكره الطوسي في أصحاب الرضا والهادي والعسكريعليهم‌السلام مِن رجاله وضعَّفه، وكذلك ذكره في فهرست كُتُب الشيعة ( ٦١٢) وضعَّفه لحُسن ظنّه بابن بأبويه القُمّي، والقُمّي تبعاً لشيخه محمّد بن الحسن بن الوليد. فأصل التضعيف يرجع لابن الوليد، حيث استثناه مِن كِتاب نوادر الحكمة.

إلاّ أنّ الأكثريّة ممَّن تقدّم على ابن الوليد أو تأخّر عنه، مثل الفضل بن شاذان، وجعفر بن معروف، والكشّي، وابن نوح، والنجاشي فكُلّهم مُجمعون على جلالة قدره.

____________________

(١) اُنظر ترجمته: رجال النجاشي برقم ( ٨٩٧ )، الفهرست للطوسي ( ٦١٢ )، رجال الطوسي ص٣٩٣ في أصحاب الرضا رقم ( ٧٦ ) وص٤٢٢ في أصحاب الهادي رقم ( ١٠ ) وص٤٣٥ في أصحاب العسكري رقم ( ٣٠ ) وص٥١١ في مَن لم يروِ عن الأئمّة رقم ( ١١١ )، قاموس الرجال ج٩ ص٤٩٩ رقم ( ٧١٤٥ ) مُعجَم رجال الحديث ج١٧ ص١١٠ - ١٢٠، مصفى المقال ص٤٢١.

٥٥

قال المُحقِّق التستري: وأمّا تحقيق حاله، فأوّل مَن ضعَّفه ابن الوليد، وتبعه ابن بأبويه لحُسن ظنّه به كما يُفهَم مِن كلام ابن نوح، ومِن قول نفسه في صوم فقيهه بأنّ كلّ خَبَر لم يُصحّحه شيخه ابن الوليد ليس عنده بصحيح، وتبع ابن بأبويه الشيخ لحُسن ظنّه به، كما يُفهم مِن تعبير فهرسته المُتقدّم، وحينئذ فكأن المضعِّف منحصر بابن الوليد، ولا يدرى ما رابه فيه - كما قال ابن نوح - بعد كونه على ظاهر العدالة ؟

ولعلّه رابه روايته القدح العظيم في زُرارة، ومحمّد بن مُسلم، ومؤمن الطاق، وأبي بصير، وبريد العجلي، وإسماعيل الجعفي وهُم أجلاّء، وكذلك في المُفضل أو روايته عن يونس، عن الرضاعليه‌السلام جواز الاغتسال والوضوء بماء الورد.

رواه الكافي في ١٢ مِن أخبار باب نوادر طهارته(١) .

وأمّا مَن تقدّم على ابن الوليد، أو مَن عاصره أو مَن تأخّر عنه - غير تابعيه مِن الفضل بن شاذان، وبورق الورع، والقتيبي، وجعفر بن معروف، والكشّي، وابن نوح، والنجاشي - مُجمعون على جلالته، ويكفي في فَضله ثناء مثل الفضل عليه، كما قاله النجاشي(٢) .

إلاّ أنّ المُعتَمد هو قول النجاشي في توثيقه؛ لأنّ سند التض-عيف هو استثناؤه مِن كِتاب ( نوادر الحكمة ).

وقال النجاشي حول ذلك: ورأيت أصحابنا يُنكرون هذا القول، ويقولون: مَن مثل أبي جعفر محمّد بن عيسى سكن بغداد؟!(٣) .

____________________

(١) الكافي ج٣ ص٧٣.

(٢) اُنظر ذلك في قاموس الرجال ج٩ ص٥٠٣.

(٣) رجال النجاشي ج ٢ ص ٢١٩.

٥٦

وقال القتيبي - محمّد بن عليّ بن قتيبة -: كان الفضل ابن شاذانرحمه‌الله يُحب العبيدي، ويُثني عليه، ويمدحه ويميل إليه، ويقول: ليس في أقرانه مِثله، وبحسبك هذا الثناء مِن الفضلرحمه‌الله (١) .

والمُترجَم روى عن أخيه جعفر بن عيسى، والحسن بن عليّ بن يقطين، وصفوان بن يحيى، وعلي بن مهزيار، ومحمّد بن أبي عُمير وغيرهم.

وروى عنه: أحمد بن محمّد بن خالد البرقي، وعبد الله بن جعفر الحميري، وعلي بن إبراهيم بن هاشم، ومحمّد بن الحسن الصفّار وغيرهم.

٢٨ - محمّد بن عمر الواقدي: المولود ١٣٠ه-، والمُتوفّى ٢٠٧ه-(٢)

محمّد بن عمر الواقدي المَدني البغدادي مولى بني هاشم، وقيل مولى بني سهم بن أسلم المؤرّخ المشهور صاحب ( المغازي ) المُنتشر.

تشيعه:

قال ابن النديم في الفهرست: وكان يتشيَّع، حسن المَذهب، يُلزم التقيَّة. وهو الذي روى أنّ عليّاًعليه‌السلام كان مِن مُعجزات النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وسلم كالعصا لموسىعليه‌السلام ، و إحياء الموتى لعيسى بن مريمعليه‌السلام . وذكر تاريخ ولادته ووفاته.

____________________

(١) رجال النجاشي ج٢ ص٢١٩.

(٢) اُنظر ترجمته: الفهرست لابن النديم، أعيان الشيعة ج١٠ ص٣٠-٣٣، مصفى المقال ص٤٢١، تهذيب الكمال ج٢٦ ص١٨٠ رقم ٥٥٠١ وهي ترجمة مُفصّلة، مُعجَم رجال الحديث ج١٧ ص٧٢ وج١ ص٢٧٤، قاموس الرجال ج٩ ص٤٩٢ رقم ( ٧١٢٨ ).

٥٧

كُتبه في الرجال:

١ - كِتاب الطبقات.

٢ - تاريخ الفقهاء.

أقول: تَشيّعه مُحتمل؛ لأنّ أكثر العامّة الّذين ترجموه لم يَنسبوه إلى التشيُّع أو الرفض.

٢٩ - إبراهيم النهاوندي: تُوفّي بعد ٢٦٩ه-.

هو إبراهيم بن إسحاق، أبو إسحاق الأحمري النهاوندي.

قال النجاشي ( ٢٠ ): كان ضعيفاً في حديثه، منهوماً.

وقال الطوسي ( ٩ ): كان ضعيفاً في حديثه، متَّهماً في دينه.

له كُتُب منها في الرجال:

١ - كِتاب مقتل الحسين بن عليعليهما‌السلام . ذكره النجاشي والطوسي.

٢ - كِتاب نفي أبي ذر عليه الرحمة. ذكره النجاشي.

٣٠ - سعد بن عبد الله الأشعري القُمّي: المُتوفّى سَنة ( ٢٩٩ أو ٣٠٠ أو ٣٠١ ه-)(١) .

قال النجاشي ( ٤٦٥ ): سعد بن عبد الله بن أبي خلف الأشعري

____________________

(١) اُنظر ترجمته: رجال النجاشي برقم ( ٤٦٥ ) ورقم ( ١٠٧٢ و ١١٧١ )، فهرست كُتُب الشيعة وأُصولهم للطوسي (٣١٦)، رجال الطوسي ص٤٧٥ في مَن لم يروِ عن الأئمّة رقم ( ٦ )، مُعجَم رجال الحديث ج٨ ص٧٤، مصفى المقال ص١٨٦، قاموس الرجال ج٥ ص٥٦ رقم الترجمة ٣١٧٦.

٥٨

القُمّي، أبو القاسم. شيخ هذه الطائفة وفقيهها ووجهها - إلى أن قال - ولقي مولانا أبا محمّدعليه‌السلام - يعني الإمام العسكريعليه‌السلام -، ثم ذكر كُتُبه ووفاته فقال: تُوفّي سعدرحمه‌الله ٣٠١ه-، وقيل سَنة ٢٩٩ه-.

وقال الطوسي في الفهرست ( ٣١٦ ): جليل القدر، واسع الأخبار، كثير التصانيف، ثقة. ثم ذكر كُتُبه.

وقال في رجاله في مَن لم يروِ عن الأئمّةعليهم‌السلام : جليل القدر، صاحب تصانيف ذكرناها في الفهرست، روى عنه ابن الوليد وغيره، روى ابن قولويه عن أبيه عنه(١) .

وله في عِلم الرجال:

١ - طبقات الشيعة. ذكره النجاشي في ترجمة محمّد بن يحيى المعيني برقم (١٠٧٢) وفي ترجمة هيثم بن عبد الله برقم (١١٧١).

٢ - فِرَق الشيعة.

٣ - كِتاب فضل أبي طالب وعبد المطلب وأبي النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

٤ - كِتاب فضل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله .

٥ - مناقب رواة الحديث.

٦ - مثالب رواة الحديث. ذكرها النجاشي والطوسي.

٧ - كِتاب فهرست كِتاب ما رواه ( سعد بن عبد الله ). ذكره الطوسي في الفهرست (٣١٦).

____________________

(١) رجال الطوسي ص٤٧٥.

٥٩

القَرنُ الرابع

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

للسعادة ، وحيث أنه كان يحبُّ الحقيقة ، ويعشق الكمالَ والحقّ ، لذلك كان من الطبيعيّ أن يدافع عن الحق والحقيقة ، وينصرهما بكل وجوده ، وبكل قواه.

وهذا المعنى هو المستفاد من قصائد « أبي طالب » وأشعاره ، فهو يصرح بأن « محمّداً » رسولٌ كموسى وعيسى إذ يقول :

لِيَعلَم خِيارُ النّاسِ أَنَّ مُحمَّداً

نبيّاً كَمُوسى وَالمَسيحِ بنِ مَريَمِ

أَتانا بِهَدي مِثلَ ما أتيا بهِ

فَكُلٌّ بِأمرِ اللّهِ يَهدي وَيَعصِمِ(١)

ويقول في قصيدة اُخرى :

ألَم تَعلَمُوا أَنَّا وَجَدنا محمّداً

نَبِيّاً كَمُوسى خطّ في أوّل الكُتب(٢)

هذا وتعتبر ابياته الّتي سبق أن أشرنا اليها والمئات من أمثالها مما جاء ذكره في ديوان أبي طالب ، وفي ثنايا التاريخ والتفسير والحديث شواهد حيّة وقوية على أن محرك « أبي طالب » الواقعي ودافعه الحقيقي إلى الدفاع عن رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان هو اعتقاده الخالص ، واسلامه الواقعي ولم يكن له أي دافع آخر سوى الايمن والعقيدة.

ونحن هنا نكشف النقابَ عن بعض مواقفه في الدفاع عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وحمايته بعد اضطلاعه بعبء الرسالة ، ونترك لك أيها القارئ بأن تدقّق في مثل هذه المواقف الفدائية ثم تقضي بنفسك : هل تنبع مثل هذه التضحية ، ومثل هذا التفاني ، والفداء إلاّ من الايمان والاعتقاد؟؟

* * *

لمحات من تضحيات أبي طالب

إجتمع أسياد قريش واشرافها في بيت أبي طالب والنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حاضر ، وتبودلت بين الجانبين أحاديث حول رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

__________________

١ ـ مجمع البيان : ج ٧ ، ص ٣٧ ، الحجّة : ص ٥٦ ـ ٥٧ ، مستدرك الحاكم : ج ٢ ، ص ٦٢٣ و ٦٢٤.

٢ ـ مجمع البيان : ج ٧ ، ص ٣٦ ، وقد نقل ابن هشام في السيرة النبوية : ج ١ ، ص ٣٥٢ و ٣٥٣ خمسة عشر بيتاً من هذه القصيدة.

٥٢١

ودينه وما خلق من مشكلات في مكة ، وحاول القرشيون اثناء النبيّ عن دعوته وعمله ولكن دون جدوى فلما يئسوا من الحصول على النتيجة الّتي كانوا يريدونها نهضوا من مكانهم ليتركوا بيت « أبي طالب » قال « عقبة ابن أبي معيط » غاضباً مهدداً : لا نعود إليه أبداً ، وما خير من أن نغتال محمّداً!!

فغضب « أبو طالب » من هذه الكلمة ، ولكنه ماذا عساه أن يفعل فهم ضيوفه ، وفي بيته. واتفق أن خرج النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من البيت في ذلك اليوم ولم يعد ، وجاء « أبو طالب » وعمومته إلى منزله فلم يجدوه ، فجمع فتياناً من بني هاشم وبني المطلب ، ثم قال ـ وهو يظن ان قريشاً كادت برسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ليأخذ كل واحد منكم حديدة صارمة ثم ليتبعني إذا دخلت المسجد ، فلينظر كل فتى منكم ، فليجلس إلى عظيم من عظمائهم فيهم ابن الحنظلية ـ يعنى أبا جهل ـ فانه لم يغب عن شر ان كان محمّداً قد قتِل ، فقال الفتيان : نفعل فجاء زيد بن حارثة فوجد أبا طالب على تلك الحال فقال : يا زيد أحسست ابن أخي؟ قال : نعم كنت معه آنفاً.

فقال أبو طالب : لا ادخل بيتي أبداً حتّى أراه.

فخرج زيد سريعاً حتّى اتى رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو في بيت عند الصفا ومعه أصحابه يتحدثون فاخبره الخبر ، فجاء رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى أبي طالب فقال : يا ابن أخي : اين كنت؟ اكنتَ في خير؟ قال : نعم ، قال : ادخل بيتك ، فدخل رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فلما اصبح أبو طالب غدى على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فاخذ بيده فوقف على اندية قريش ومعه الفتيان الهاشميون والمطلبيون فقال : يا معشر قريش هل تدرون ما هممتُ به؟

قالوا : لا ، فاخبرهم الخبر ، وقال للفتيان اكشفوا عما في ايديكم ، فكشفوا ، فاذا كل رجل منهم معه حديدة صارمة. فقال : واللّه لو قتلتموه ما بقّيت منكم أحداً حتّى نتفانى نحن وانتم ، فانكسر القوم وكان اشدَّهم انكساراً أبو جهل(١) .

__________________

١ ـ الطبقات الكبرى : ج ١ ، ص ١٦٨ ، الطرائف : ص ٨٥.

٥٢٢

لو لاحظت أيها القارئ الكريم هذه الصفحات وغيرها من تاريخ « أبي طالب » ، ودرستَ حياته لرأيت كيف ان « أبا طالب » ظلّ طوال اثنين وأربعين سنة بأيامها ولياليها يحدب على رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويدافع عنه ، ويحاميه ، وبخاصة في السنوات العشر الاخيرة من حياته الّتي صادفت بعثة رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ودعوته ، فقد أظهر من الدفاع عن رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والحرص على حياته ، وحماية هدفه اكثر مما يُتصور.

ولقد كان العامل الوحيد الّذي دفعه إلى مثل هذا الموقف الراسخ العظيم في هذا السبيل هو : عمق الايمان برسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وقوة الاعتقاد الخالص برسالته.

ولو أننا ضممنا إلى تضحياته الشخصية تضحيات ولده العزيز « عليّ » لأدركنا مغزى البيتين الذين انشدهما « ابن ابي الحديد » المعتزلي الشافعي إذ قال :

ولو لا أبو طالب وابنُه

لما مَثُلَ الدِّينُ شخصاً وقاما

فذاك بمكّة آوى وَحامى

وَهذا بِيَثربَ جَسَّ الحماما(١)

قضيّةٌ ذات بواعث سياسيّة :

ليس من ريب في أنه لو ثبت عُشر هذا القدر من الشواهد الدالّة على اسلام « أبي طالب » وإيمانه بالرسالة المحمّدية ، لغيره ممّن هو بعيدٌ عن قضايا السياسة ، وخارج عن دائرة الحقد والبغض لا تفق الجميع سنةً وشيعةً على إسلامه وايمانه ، ولكن كيف ذهب فريقٌ إلى تكفير « أبي طالب » مع كلّ هذه الشواهد القويّة القاطعة على إيمانه؟ حتّى أنّ فريقاً من الكتاب ذهب إلى أن بعض الآيات المشعرة بالعذاب نزلت في شأنه.

__________________

١ ـ شرح نهج البلاغة : ج ١٤ ص ٨٤ يقول ابن أبي الحديد : صنف بعض الطالبيين في هذا العصر كتاباً في اسلام أبي طالب ، وبعثه اليّ ، وسألني ان اكتب عليه بخطي نظماً أو نثراً اشهد فيه بصحة ذلك ، وبوثاقة الأدلة عليه ( إلى ان قال ) فكتبت على ظاهر المجلد هذه الابيات.

٥٢٣

بينما توقّف في هذا الأمر ، وذهب أفراد معدودون من علماء السنة إلى الحكم باسلامه وايمانه ، ومنهم « زيني دحلان » مفتي مكة المتوفّى سنة ١٣٠٤ من الهجرة.

ولكن الانصاف هو ان يقال : أن الهدف من طرح هذه المسألة والتوقف في ايمان « أبي طالب » أو تكفيره لم يكن إلاّ الطعن في أبنائه ، وبخاصة أمير المؤمنين الامام عليّعليه‌السلام .

ولقد جرّ بعض كتّاب السنّة ـ لتبرير تكفير أبي طالب ـ هذه المسألة إلى غير ابي طالب ووسع دائرة التكفير هذه حتّى شملت آباء النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أيضاً حيث ذهب إلى أن أبوي النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ماتا كافرين أيضاً.

ونحن لا يهمنا هنا أن نعلم بأنّ تكفير والدي النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مخالفٌ لاجماع الامامية والزيدية ، وكذا جماعة من علماء السنة ، ومحقّقيهم ، إنما الكلام هو حول من اتّهموا ببساطة متناهية حامي النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الوحيد والمدافع عنه بلا منازع.

الأدِلّة على إيمان أبي طالب

إن التعرّف على عقيدة أحد ، ومعرفة نمط تفكيره ، يمكن عن ثلاث طرق هي :

١ ـ دراسة ما ترك من آثار علميّة وأدبية.

٢ ـ اُسلوب عمله ، وتصرفاته في المجتمع.

٣ ـ رأي أقربائه ، وأصدقائه غير المغرضين فيه.

ونحن نستطيع أن نتعرَّف على إيمان « أبي طالب » وعقيدته من خلال هذه الطرق.

فان أشعار « أبي طالب » تدل بجلاء لالُبس فيه على ايمانه وإخلاصه ، وكذا تكونُ خدماته القيمة في السنوات العشر الاخيرة من عمره شاهداً قوياً على إيمانه العميق.

٥٢٤

كما وأنَّ رأي أقربائه المنصفين متفق على أنَّ « أبا طالب » كان مسلماً مؤمناً ولم يقل أحدٌ من أقربائه ، في حقه بغير هذا أبداً.

وإليك إثبات هذا الموضوع عن هذه الطرق الثلاث على وجه التفصيل :

آثار أبي طالب العلميّة والأدبية

نحن نختار هنا من بين قصائد « أبي طالب » المطوَّلة ، بعض الأبيات الّتي تثبت ايمانه برسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، واعتقاده بالاسلام ، في غير ابهام.

١ ـ لِيَعلَم خِيارُ النّاسِ أنَّ مُحمَّداً

نَبيّ كَمُوسى وَالمَسيحِ بنِ مَريَمِ

أتانا بَهَدي مِثلَ ما أَتيابه

فَكُلُّ بِأمرِ اللّه يَهدِي وَيَعصِمِ(١)

٢ ـ تمنيتمو أن تَقتُلُوهُ وإنّما

أمانيُّكُم هذي كَأحلامِ نائِم

نَبيٌّ أتاهُ الوحىُ من عِندِ رَبّهِ

وَمَن قالَ لا يَقرَع بِها سنَّ نادِم(٢)

٣ ـ ألَم تَعلَمُوا أنّا وَجَدنا محمّداً

رَسُولاً كَمُوسى خُطَّ في أوّلِ الكُتُب

وَ أنَّ عَلَيهِ في العِبادِ محبةً

وَلا حيفَ في من خصَّهُ اللّه بالحُبّ(٣)

٤ ـ وَاللّهِ لَن يَصِلّوا إلَيكَ بِجَمعِهم

حَتّى اُوسَّدَ في التّراب دَفينا

فَاصدَع بِأمرِك ما عَلَيْكَ غَضاضةٌ

وَابشِر بِذاكَ وَقرَّ مِنكَ عُيُونا

وَدَعوتَني وعلمتُ أنّكَ ناصِحٌ

وَلَقَد دَعَوت وَكُنت ثمَّ أمِينا

وَلَقَد عَلِمتُ بأن دِينَ مُحمّد

مِن خَير أديان البَريّة دينا(٤)

٥ ـ أوتُؤمنوا بكتاب منزل عَجَب

عَلى نَبيّ كمُوسى أوكذِي النون(٥)

٦ ـ لَقَد عَلِمُوا أنَّ ابنَنا لا مُكذَّبٌ

لَدَينا وَلا يَعني بِقولِ الأباطِل

فايّده رَبُّ العِبادِ بِنَصرِهِ

وَاظهَرَ ديناً حَقُّهُ غيرُ باطل(٦)

__________________

١ ـ مجمع البيان : ج ٧ ، ص ٣٧ ، الحجة : ص ٥٧ ، مستدرك الحاكم : ج ٢ ، ص ٦٢٣.

٢ و ٣ ـ ديوان أبي طالب : ص ٣٢ ، السيرة النبوية : ج ١ ، ص ٣٥٣.

٤ ـ تاريخ ابن كثير : ج ٣ ، ص ٤٢.

٥ ـ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج ١٤ ، ص ٧٤ ، ديوان أبي طالب : ص ١٧٣.

٦ ـ السيرة النبوية : ج ١ ، ص ٢٧٢ ـ ٢٨٠.

٥٢٥

إِن كلّ واحدة من هذه المقطوعات الشعريّة الّتي تشكل قسماً صغيراً من قصائد مفصّلة لأبي طالب ، تشهد بايمانه بدين ابن اخيه « محمّد »صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وخلاصة القول : أنَّ بيتاً واحداً من هذه الأبيات كاف في اثبات ايمان صاحبها وقائلها ، ولو أنّ أحداً قالها وهو خارج عن فلك الصراعات السياسية ، وبعيد عن دوائر التعصبات والأغراض لحكم الجميعُ ـ بالاتفاق ـ باسلام قائله وايمانه الخالص العميق.

ولكن لما كان « أبو طالب » هو قائلها ، وكانت الأجهزة الدعائية في الحكومات الاموية والعباسيّة تعمل بكلّ جهدها ضدّ آل « أبي طالب » من هنا أبى فريقٌ من الناس أن يُثبتوا مِثل هذه الفضيلة الكبرى لأبي طالبعليه‌السلام .

هذا من جانب.

ومن جانب آخر فانّ أبا طالب والد « علي » الّذي كانت سلطات الخلفاء تعمل ضدّه على الدوام ، وتستغل كل الوسائل للحط من شأنه ، كان إسلام أبيه وإيمانه بالرسالة المحمدية يُعدُّ فضيلة بارزة من فضائلهعليه‌السلام في حين أن كفر آباء الخلفاء وشركهم يعدُّ مثلبة توجب الحط من شأنهم ، وقيمتهم.

وعلى كل حال قام جماعة بتكفير أبي طالب رغم كلِّ هذه الأشعار والأقوال ، والمواقف الصادقة ، بل لم يكتفوا بذلك ، فادعوا نزول آيات من القرآن تدل على كفره ، وشركه!!!

الطريق الثاني لا ثبات إيمان أبي طالب

إنّ الطريق الثاني للبرهنة والتدليل على إيمان « أبي طالب » هو مواقفه من رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وكيفية دفاعه وذبه عنه وحمايته له ، وحدبه عليهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وما قام به من خدمات جليلة في هذا الطريق.

ان كل واحدة من هذه الخدمات تستطيع بمفردها ان تكون المرآة الصادقة

٥٢٦

التي تعكس فكر « أبي طالب » وعقيدته وما كان يحمله بين جوانحه من إيمان بالرسالة والرسول ، واخلاص للّه تعالى.

لقد كان « أبو طالب » هو ذلكم الشخصية الّتي لم يرض لنفسه بان ينكسر قلب ابن أخيه لتركه في مكة ، واصطحبه معه إلى الشام في الرحلة التجارية الّتي سبق ذكرها ، رغم الموانع الكثيرة ، وفقدان الوسائل اللازمة ، ورغم ما تَرتب على اصطحابه معه من متاعب.

إن ايمانه بابن أخيه كان عميقاً إلى درجة أنه أخذه إلى المصلّى واستسقى به ، مقسماً به على اللّه تعالى أن يكشف العذاب عن قومه ، ويرسل رحمته عليهم ، فيستجيب اللّه دعاءه ، وينزل عليهم غيثاً وافراً ممرعاً ، بقيت قصته في ذاكرة التاريخ.

إنه ذلك الرجل الّذي لم يفتأ عن الحفاظ على حياة رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لحظة واحدة ، فهو الّذي تحمل في سبيله ثلاثة أعوام عجاف من الحصار الاقتصادي والاجتماعي الصعب ، مؤثراً العيش في الشعب وفي شغاف الجبال والوديان القاحلة على زعامة قريش ، ورئاسة مكة إلى ان أعيته تلك المحن والمتاعب ففقد بذلك صحته ، وانحرف بذلك مزاجه ، وتوفّي متأثراً بتلك المتاعب والمصاعب ، والمشاق والمحن بعد نقض الصحيفة ، وانتهاء الحصار ، والعودة إلى المنازل بأيام معدودة!!

لقد كان إيمان « أبي طالب » برسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قوياً وراسخاً إلى درجة أنه رضى بأن يتعرّض كل ابنائه لخطر القتل والاغتيال ليبقى « محمّد » ولا يمسُّه من أعدائه أي سوء ، فكان يُضجِع ولده علياً في موضعه ، حتّى إذا أرادوا إغتياله لا يصيبه شيء وهذا يعني أنه كان يقيه بنفسه وبأولاده.

وفوق هذا كلّه استعدَّ في يوم من الايام لأن يقتل كل زعماء قريش وأسيادها انتقاماً لمحمّد ، وكان من الطبيعي أن يقتل في هذا العملية بنو هاشم كلُّهم أيضاً(١) .

__________________

١ ـ راجع الصفحة ٥٢٢ من هذا الكتاب.

٥٢٧

وصية أبي طالب عند وفاته

وعند وفاته قال لأولاده :

« اُوصيكم بمحمّد خيراً فانّه الأمينُ في قُريش وهو الجامعُ لكلّ ما اُوصيكم به ، وقد جاءَ بأمر قبله الجَنان ، وانكره اللِسان مخافة الشنئان ، وأيم اللّه لكأنّي انظرُ إلى صعاليك العرب ، وأهل البرّ في الاطراف ، والمستضعفين من الناس ، قد أجابوا دعوته ، وصدّقوا كلمته ، وعظّموا أمره فخاض بهم غمرات الموت ، فصارت رؤساء قريش وصناديدها أذناباً ، ودُورُها خراباً ، وضُعفاؤها أرباباً ، وإذا أعظمهم عليه أحوجهم إليه ، وأبعدهم منه أحظاهم عنده ».

ثم ختم وصيته هذه بقوله :

يا معشر قريش كونوا له ولاةً ، ولحزبه حماةً ، واللّه لا يسلك أحدٌ منكم سبيله الارشد ، ولا يأخذ أحد بهديه الاّ سعد(١) .

نحن لا نشك في أن « أبا طالب » كان صادقاً في اُمنيّته هذه لأن خدماته الكبرى وتضحياته المتواصلة خلال عشر سنوات من بداية عهد الرسالة شاهدة على صدق مقاله ، كما كان صادقاً في الوعد الّذي قطعه على نفسه لابن أخيه ( محمّد ) في مبدأ البعثة عندما جمع رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أعمامه وعشيرته الأقربين ودعاهم إلى الإسلام فقال له ابو طالب :

« اُخرج يا ابن أخي فانّكَ الرفيعُ كعباً ، والمنيع حزباً ، والأعلى أباً.

واللّهِ لا يَسلِقُك لسانٌ الاسلَقتهُ ألسن حِداد ، واجتذَبته سيوفُ حداد.

واللّهِ لَتَذلَنَّ لَكَ العربُ ذلَّ البُهم لحاضِنها »(٢) .

* * *

__________________

١ ـ السيرة الحلبية : ج ١ ، ص ٣٥١ و ٣٥٢.

٢ ـ الطرائف تأليف السيد ابن طاووس : ص ٨٥ ، نقلا عن كتاب غاية السؤول في مناقب آل الرسول تأليف ابراهيم بن علي الدينوري.

٥٢٨

آخر الطُرق لا ثبات ايمان أبي طالب

ويحسن بنا أخيراً ان نسأل عن أبي طالب وعن ايمانه واخلاصه ، اقاربَه غير المغرضين لأن « أهل البيت ادرى بما في البيت ».

١ ـ لما مات أبو طالب جاء عليٌعليه‌السلام إلى رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فآذنه بموته ، فتوجع توجعاً عظيماً ، وحزن حزناً شديداً ، ثم قال له امض فتولّ غسله فاذا رفعته على سريره فاعلمني ، ففعل فاعترضه رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو محمول على رؤوس الرجال : قال : « وصلتك رحم يا عم ، وجزيت خيراً فلقد ربّيت وكفلت صغيراً ، ونصرت وآزرت كبيراً ».

ثم تبعه إلى حضرته ، فوقف عليه فقال :

« أما واللّه لاستغفرنَّ لك ، ولا شفعنَّ فيك شفاعةً يعجبُ لها الثقلان »(١) .

٢ ـ روي ان علي بن الحسينعليهما‌السلام سئل عن ايمان أبي طالب. فقال :

« واعجباً! ان اللّه تعالى نهى رسوله ان يقرّ مسلمة على نكاح كافر ، وقد كانت فاطمة بنت اسد من السابقات إلى الإسلام ، ولم تَزَل تحتَ أبي طالب حتّى مات »(٢) .

٣ ـ روي عن علي بن محمّد الباقرعليهما‌السلام أنه قال :

« لو وُضِعَ إيمان أبي طالِب في كفّة ميزان ، وإيمانُ هذا الخلقِ في الكفّة الاُخرى لرجح إيمانه ».

ثم قال :

« ألم تَعلَموا أنَّ أميرَالمؤمنين عليّاًعليه‌السلام كانَ يأمر أن يُحجَّ عن عَبدِاللّه وَأبيه »(٣) .

٤ ـ قال الامام جعفر بن محمّد الصادقعليهما‌السلام :

__________________

١ ـ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج ١٤ ، ص ٧٦.

٢ ـ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج ١٤ ، ص ٦٩.

٣ ـ المصدر السابق : ص ٦٨.

٥٢٩

« إنَّ مَثَل أبي طالِب مَثَلُ أصحاب الكَهف أسَرُّوا الإيمان ، وأَظهَروا الشركَ فآتاهُمُ اللّهُ اَجرَهم مرّتين ، وأن أبا طالِب أسرّ الإيمان ، وأظهر الشرك ، فآتاه اللّه أجرَه مَرّتين »(١) .

رأي علماء الشيعة في أبي طالب

ولقد اتّفقَ علماءُ الاماميّة والزيديّة تبعاً لأهل بيت النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على : أن « أبا طالب » كان من أبرز المؤمنين برسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولم يخرج من الدنيا إلاّ بقلب يفيض إيماناً بالاسلام ، وإخلاصاً للّه تعالى ، وحبّاً للمسلمين ، وقد اُلِّفَت في هذا المجال كتب ورسائل ، ودراسات عديدة ، يمكن الوقوف عليها لمن اراد ، ولمزيد التوسع في هذا المجال يراجع المجلد ٧ ، ص ٤٠٢ ـ ٤٠٤ من موسوعة الغدير للعلامة الأميني طبعة النجف ، أو ج ٧ ، ص ٣٣٠ ـ ٤٠٩ طبعة لبنان.

نظرة إلى حديث « الضحضاح »

واستكمالا لهذا الحديث ينبغي أن نلقي نظرة إلى رواية تشكك في ايمان أبي طالب فقد روى بعض الكتّاب مثل البخاري(٢) ، ومسلم عن رواة نظير سفيان بن سعيد الثوري ، عبدالملك بن عمير ، عبدالعزيز بن محمّد الدراوردي حديثاً نسبوه إلى رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم انه قال عن أبي طالبرحمه‌الله :

« وجدتُه في غمرات من النّارِ فأخرجتُه إلى ضحضاح ».

« لعلّهُ تنفعُه شفاعَتي يومَ القيامة فيجعَلُ في ضَحضاح منَ النّار يبلغُ كعبَيه ، يغلي منهُ دماغُهُ »(٣) .

إنّ هذه الرواية وان كانت تكذبها عشرات الأحاديث والروايات الإسلامية ،

__________________

١ ـ اصول الكافي : ج ١ ، ص ٤٤٨.

٢ ـ صحيح البخاري : ج ١ ، ص ٣٣ و ٣٤ من أبواب المناقب.

٣ ـ صحيح مسلم : كتاب الايمان.

٥٣٠

والدلائل القاطعة الساطعة ، وتثبت بطلانها وتفاهتها ، ولكننا بهدف الوصول إلى مزيد من التوضيح نعمد إلى دراسة أمرين مرتبطين بهذا الحديث.

١ ـ ضعف أسناد هذه الرواية

إنّ رواة هذه الرواية ـ كما أسلفنا ـ هم عبارة عن سفيان بن سعيد الثوري وعبدالملك بن عمير وعبدالعزيز بن محمّد الدراوردي الذين سندرس أحوالهم واحداً واحداً ـ في ضوء أقوال علماء الرجال المعترف بهم عند أهل السنة ـ عنهم :

الف : سفيان بن سعيد الثوري

قال أبوعبد اللّه محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي ـ وهو من علماء الرجال عند اهل السنة ـ في سفيان الثوري : كان يدلّس عن الضعفاء(١) .

إن هذا الكلام شاهد قوي على وجود التدليس عند الثوري ، وعلى روايته عن الضعفاء أو المجهولين ، وهو وصف يُسقطه عن درجة الاعتبار.

باء : عبدالملك بن عمير

قال عنه الذهبيّ المذكور : طال عُمره وساء حفظُه قال أبو حاتم : ليس بحافظ ، تغيّر حفظه ، وقال أحمد : ضعيف يغلط ، وقال ابن معين : مخلط وقال ابن خراش : كان شعبة لا يرضاه ، وذكر الكوسج عن احمد بن حنبل : انه ضعيف جداً(٢)

فمن مجموع هذه العبارات نعرف ان عبدالملك كان يتصف بصفات عديدة هي أنه :

١ ـ سيء الحفظ.

٢ ـ ضَعيف.

٣ ـ كثير الغلط.

__________________

١ ـ ميزان الاعتدال : ج ٢ ، ص ١٦٩.

٢ ـ المصدر السابق ، ج ٢ ، ص ٦٦٠.

٥٣١

٤ ـ مخلط.

ومن الواضح ان كل واحدة من الصفات والحالات المذكورة كافية لأن تبطلَ الاحاديث الّتي يرويها عبدالملك بن عمير ، والحال انه قد اجتمعت جميع نقاط الضعف هذه في هذا الرجل.

جيم : عبدالعزيز بن محمد الدراوردي

ولقد وصفَهُ علماء الرجال عند اهل السنة بالنسيان ، وقلة الحفظ فلا يمكن الاستناد إلى مروياته.

فقد قال أحمد بن حنبل عنه : إذا حدّث من حفظه جاء بأباطيل(١) .

وقال أبو حاتم عنه : لا يُحتَجُّ به(٢) .

وقال أبو زرعة أيضاً : سئ الحفظ(٣) . ومن مجموعة هذه العبارات يتضح بجلاء ان الرواة الاصليين لحديث الضحضاح ضعفاء في غاية الضعف ، إلى درجة لا يمكن الاعتماد على مروياتهم.

٢ ـ نص حديث الضحضاح يخالف الكتاب والسنة

لقد نُسِب إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في هذه الرواية أنه أخرج أبا طالب من نار جهنم إلى ضحضاح وبهذا خفَّفَ عنه العذاب ، أو أنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تمنى أن يشفع له ، فيخفِّفَ اللّهُ عنه العذابَ ، على حين نفى القرآنُ الكريم والسنة النبوية الشريفة تخفيف العذاب عن الكفار كما ونفيا شفاعة احد في حقهم.

وعلى هذا الاساس فلو كان ابو طالب كافراً ، لم يجز للنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ان يخفف عنه العذاب أو يتمنى له الشفاعة في يوم الجزاء.

وبهذا يظهر بطلان محتوى حديث الضحضاح.

واليك فيما يأتي ادلة ما قلناه من الكتاب والسنة :

__________________

١ ـ المصدر السابق ، ص ٦٣٤.

٢ و ٣ ـ المصدر السابق.

٥٣٢

الف : القرآن الكريم

يقول القرآن الكريم في هذا الصدد : «وَالَّذينَ كَفَرُوا لَهُمْ نارُ جَهَنَّم لا يُقضى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا ولا يُخَفَّفُ عنْهُمْ مِن عَذابِها ، كَذلِكَ نَجْزي كُلَّ كَفُور »(١) .

ب : السنة النبوية

ان السنة النبوية الطاهرة تنفي أيضاً الشفاعة للكفار ، ونذكر من باب النموذج بعض تلك الأحاديث :

١ ـ روى أبوذر الغفاري عن رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم انه قال :

« اُعطيت الشفاعة وهي نائلة من اُمتي من لا يشرك باللّه شيئاً »(٢) .

٢ ـ روى أبو هريرة عن رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم انه قال :

« وشفاعتي لمن شهد أن لا اله الا اللّه مخلصاً ، وأنَّ محمّداً رسول اللّه يصدِّق لسانُه قلبَه ، وقلبُه لسانَه »(٣) .

إن الآيات والروايات المذكورة تثبت بوضوح بطلان نص حديث الضحضاح عند من يقول بأن أبا طالب مات كافراً.

ونتيجة البحث أنه تبين مما ذكر ان حديث الضحضاح لا أساس له من الصحة لا من جهة السند والطريق ، ولا من جهة المتن والنص ، ولا يمكن الاستدلال به.

وبهذا ينهار أقوى حصن يتمسكُ به البعض للخدشة في ايمان أبي طالب الثابت المسلّم.

__________________

١ ـ فاطر : ٣٦.

٢ ـ الترغيب والترهيب : ج ٤ ، ص ٤٣٣.

٣ ـ المصدر السابق : ص ٤٣٧.

٥٣٣

٥٣٤

٢٢

المعراج

المعراج في نظر القرآن والسنة والتاريخ

كان الليل يخيم على الافق ، ويسودُ الظلام على كل مكان.

فقد حان الأوانُ لان ترقدَ جميع الاحياء في مساكنها ، وتستريح في جحورها وأعشاشها ، وتغمض الأجفان لبعض الساعات عن مظاهر الطبيعة ، لتستعيد نشاطها من أجل العمل في يوم جديد حافل بالنشاط والحركة والسعي.

فذلك قانون الطبيعة في كلِّ ليل ونهار.

ولم يكن رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بمستثنى عن هذا الناموس الطبيعي.

فهوصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مضى ليستريح بعد أن صلّى صلاة العتمة أيضاً.

ولكنه فجأةً سمع صوتاً مألوفاً مأنوساً له ، وكان ذلك هو صوت أمين الوحي « جبرئيل » وهو يخبره بأن أمامه الليلة سفراً بعيداً ورحلة طويلة ، وانه سيرافقه في هذا الرحلة إلى مختلف نقاط الكون ، وسيسافر على متن دابة فضائية تدعى « البراق ».

لقد بدأ رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رحلته الفضائية العظيمة من بيت اخت علي بن أبي طالب(١) « اُم هاني » ، وتوجه على متن تلك الدابة إلى « بيت

__________________

١ ـ مجمع البيان : ج ٦ ، ص ٣٩٥ و ٣٩٦ ، السيرة النبويّة : ج ١ ، ص ٣٩٦ ـ ٤٠٢.

٥٣٥

المقدس » في الأردن وفلسطين والّذي يسمى « المسجد الأقصى » أيضاً ، وهبط في تلك النقطة بعد مدة قصيرة جداً ، وزار مواضع عديدة من ذلك المسجد ، وتفقّد « بيت لحم » مسقط رأس « السيد المسيح » ومنازل الأنبياء وآثارهم ومحاريبهم ، وصلّى عند كل محراب من بعض تلك المحاريب ركعتين.

ثم بدأ بعد ذلك القسم الثاني من رحلته ، حيث عرج من ذلك إلى السماوات العلى ، وشاهد النجوم والكواكب ، واطّلع على نظام العالم العلوي ، وتحدث مع ارواح الأنبياء ، والملائكة السماويين ، واطّلع على مراكز الرحمة والعذاب ( الجنة والنار )(١) ورأى درجات أهل الجنة ، وأشباح أهل النار عن كثب ، وبالتالي تعرف على أسرار الوجود ، ورموز الطبيعة ، ووقف على سعة الكون ، وآثار القدرة الالهيّة المطلقة ، ثم واصل رحلته حتّى بلغ إلى سدرة المنتهى(٢) ، فوجَدها مسربلة بالعظمة المتناهية والجلال العظيم وعندها انتهى برنامج رحلتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فامر بأن يعود من حيث أتى فعاد ، بعدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومرّ في عودته على بيت المقدس ثانية ، ثم توجّه منه إلى « مكة » ، ومرّ خلال الطريق على قافلة تجارية لقريش وقد ضلّ بعير لهم في البيداء وكانوا يبحثون عنه ، ثم وجد في رحلهم قعباً مملوء من الماء فشرب منه وصبَّ بقيته على الأرض أو غطاه كما كان بناء على رواية. وترجّل عن مركبته الفضائية العجيبة في بيت « اُم هاني » قبيل طلوع الفجر ، وأخبرها بالخبر قبل اي أحد ، ثم كشف عن هذا الحادث في أندية قريش صباح نفس تلك الليلة.

فاستبعد السامعون قصة المعراج والحركة السريعة هذه ، واعتبروه أمراً محالا وانكروه ، وفشا هذا الخبر في جميع الأوساط وغضب بسببه أشراف قريش وساداتهم اكثر من غيرهم.

وكعادتها بادرت قريش إلى تكذيب هذه القصّة وقالوا : هذا واللّه الامر البيّن

__________________

١ ـ مجمع البيان : سورة الاسراء ، ج ٦ ، ص ٣٩٥.

٢ ـ لتوضيح معنى سدرة المنتهى راجع كتب التفسير.

٥٣٦

( العجيب المنكر ) واللّه إن العير لتطّرد شهراً من مكة إلى الشام مدبرة ، وشهراً مقبلة ، أفيذهب ذلك « محمّدٌ » في ليلة واحدة؟

وقالوا : إن صدقَتَ فصف لنا بيتَ المقدس ، فإن فينا من شاهدهُ.

فلم يصف لهم رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بيت المقدس فحسب بل اخبرهم بكل ما مرّ به وفعله ورآه في طريق عودته من بيت المقدس إلى « مكّة » وقال : وآية ذلك أنّي مررت على بعير بني فلان بوادي كذا وكذا ، وقد ضلّ لهم بعير وقد همّوا في طلبه ، وشربت من ماء في آنية لهم مغطاة بغطاء وثم غطّيت عليها كما كان ، ثم مررتُ على بعير فلان وقد نفّرت لهم ناقة وانكسرت يدها.

فقالت قريش : أخبرنا عن عير قريش.

فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنَّها الآن في التنعيم ( وهو مبدأ الحرم ) يتقدمها جمل أورق ( أبيض مائل إلى السواد ) عليه غرارتان وستدخل الآن مكة.

فغضب قريش من هذه الأخبار القاطعة وقالت : سنعلمنَّ الآن صِدقه أو كِذبه.

ثم لم تمض لحظاتٌ إلاّ وطلعت العير عليهم ، وحدَّثهم أبو سفيان بكل ما أخبرهم به رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من ضياع بعير لهم في الطريق وهمّهم في طلبه ، وأنهم وضعوا ماء مملوء فغطوه ولما رجعوا وجدوه مغطى كما غطوه ولكن لم يجدوا فيه ماءً.

هذه هي خلاصة ما جاء في كتب التفسير ، والتاريخ ، والحديث حول المعراج.

وإذا أراد القارئ الكريم أن يقف على تفاصيل أكثر في هذا المجال فما عليه إلاّ أن يراجع بحار الأنوار باب « المعراج »(١) .

هل للمعراج جذور قرآنية؟

لقد جاءَ ذكر « المعراج » النبوي وسيره العجيبصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في

__________________

١ ـ بحار الأنوار : ج ١٨ ، ص ٢٨٣ ـ ٤١٠.

٥٣٧

العالم العلوي ، والفضاء غير المتناهي في سورتين من القرآن الكريم بشكل واضح وصريح كما واشير اليها في سور اُخرى أيضاً.

ونحن نكتفي هنا باستعراض الآيات الّتي ذكرت هذه القضيّة بصورة واضحة ، ونقف عند بعض النقاط الجديدة بالدراسة فيها :

يقول اللّه تعالى في سورة الأسراء : «سُبحانَ الّذي أسرى بِعَبْدِهِ لَيْلا مِنْ الْمَسْجِدِ الْحَرام إِلَى المَسْجِدِ الأَقْصَى الّذي بارَكْنا حَوْلَهُ لِنُرِيَه مِن آياتِنا ، إنَّهُ هُوَ السَّميعُ البَصير »(١) .

ويستفاد من ظاهر هذه الآية اُمور :

١ ـ لكي نعلم بأنَّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يطو تلك المسافات ، ولم يقم برحلته إلى تلك العوالم بقوّة بشرية ، بل تسنى له كلُ ذلك بقوة غيبيّة ، فبها استطاع أن يطوي تلك المسافات البعيدة في زمن قصير جداً بدأ اللّه تعالى حديثه عن الاسراء بقوله : « سُبْحانَ الّذي » وهو اشارة إلى تنزيه اللّه عن كلِّ نقص وعيب.

ولم يكتف بذلك بل وصف نفسَه بوضوح بأنه هو تعالى سبب هذه الرحلة والمسيّرُ فيها إذ قال : « أسرى » أي إنَّ اللّه تعالى هو الّذي سرى برسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأخذه إلى تلك الرحلة.

وهذه العناية لأجل أن لا يتصور الناس بأنّ هذه الرحلة تحققت بالوسائل العادية ، وحسب القوانين الطبيعية ليتسنّى لهم إنكارها ، إِنما تحققت بقدرة اللّه وعنايته الربوبية الخاصة.

٢ ـ إن هذه الرحلة تحققت برمّتها خلال الليل ، ويستفاد هذا المطلب ـ علاوة على كلمة ليلا ـ من كلمة « أسرى » أيضاً لأنّ العرب كانت تستعمل اللفظة المذكورة في السير ليلا.

٣ ـ مع أنّ هذه الرحلة بدأت من بيت « اُم هاني » ابنة أبي طالب ، فإن الآية صرّحت بأنها تَمَّت من المسجد الحرام ، ولعل هذا لأنّ العرب كانت تعتبر

__________________

١ ـ الاسراء : ١.

٥٣٨

كل مكة حرماً إلهياً ، ومن هنا كان كل مكان من مكة يتمتع عندهم بحكم الحرم والمسجد الحرام ، فيكون المراد بالمسجد الحرام هنا مكّة ، ومكّة والحرم كلها مسجد ، فصحَّ أن يقول : « من المسجد الحرام ».

وتَذهب بعض الروايات إلى أنَّ المعراج كان من نَفس المسجد الحرام.

ثم إنَّ هذه الآية وان كانت تصرّح بأنَّ المعراج بدأ من « المسجد الحرام » وانتهى ب‍ : « المجسد الأقصى » إلاّ أن ذلك لا ينافي أن يكون للنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رحلة اُخرى إلى العالم العُلوي لأنّ هذه الاّية تبيّن فقط قسماً من هذه الرحلة ، وأما القسم الآخر من برنامج هذه الرحلة فتتعرض لذكره آيات في مطلع سورة « النجم ».

٤ ـ إنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عرج بجسمه وروحه معاً ، لا بالروح فقط.

ويدلُّ على ذلك قوله تعالى « بعبده » الّذي يُستَعمل في « الجسم والروح معاً » ولو كان المعراج بالروح فقط لزم أن يقول : « بروحه ».

٥ ـ إنَّ الغرض من هذا السير العظيم وهذه الرحلة العجيبة هو إيقاف النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على مراتب الوجود ، وإطلاعه على الكون العظيم ، وهذا ما سنشرحه فيما بعد.

وأما السورة الاُخرى الّتي تعرض لبيان حادثة المعراج بوضوح وصراحة هي سورة « النجم ».

والآيات الّتي سندرجها هنا من هذه السورة نزلت على رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عندما قال لقريش : « رأيت جبرئيلَ أوّل ما اُوحي التي على صورته الي خُلِقَ عليها » جادلته قريش في ذلك ، فنزلتِ الآيات التالية تجيب على اعتراضهم : «أفَتُمارُوْنَهُ عَلى ما يَرى. وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً اُخْرى. عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى. عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى. إذْ يَغْشى السِدْرَة ما يَغْشى. ما زاغَ البَصَرُ وَما طَغى. لَقَدْ رَأى مِنْ آيات رَبّه الكُبرى »(١) .

__________________

١ ـ النجم : ١٢ ـ ١٨.

٥٣٩

أحاديث المعراج :

روى المفسرون والمحدّثون أخباراً وروايات كثيرة حول معراج النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وما شاهده في هذه الرحلة العظيمة ، ليست برمتها صحيحة مُسَلَّمة مقطوعاً بها.

ولقد قسّم المفسر الشيعيُ الكبير المرحومُ « العلامة الطبرسيّ » هذه الاخبار إلى أصناف أربعة إذ قال :

وتنقسم جملتها إلى أربعة اوجه :

أحدها : ما يقطع على صحته لتواتر الأخبار به ، واحاطة العلم بصحته مثل أصل المعراج.

وثانيها : ما ورد في ذلك مما تجوِّزه العقول ولا تأباه الاصول مثل طوافه في السماء ورؤيته أرواح الأنبياء وتحدّثه معهم ورؤيته للجنة والنار ، فنحن نجوّزه ثم نقطع على أن ذلك كان في يقظته ، دون منامه.

وثالثها : ما يكون ظاهره مخالفاً لبعض الاُصول ، إلاّ أنه يمكن تأويلها على وجه يوافق المعقول فالأولى أن نؤوّله على ما يطابق الحق والدليل. مثل أنّه راى أهل الجنة وأهل النار وتحدّث معهما الّذي يجب أن يؤوّل فيُحمل على انه : رأى أشباحهم وصورَهُم وَصفاتهم.

ورابعها : ما لا يصحّ ظاهره ولا يمكن تأويله ، وهي ما اُلصِق واُلحق بهذه الحادثة من الأساطير والخرافات ، مثل ما روي من أنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كلّم اللّه سبحانه جهرةً ورآه وقعد معه على سريره أو سمع صرير قلمه ، ونحو ذلك ممّا يوجب ظاهره التشبيه والتجسيم واللّه سبحانه يتقدّس عن ذلك كلّه ، فالأولى أن لا نقبله(١) .

* * *

__________________

١ ـ مجمع البيان : ج ٦ ، ص ٣٩٥.

٥٤٠

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694