سيّد المرسلين صلّى الله عليه وآله الجزء ١

سيّد المرسلين صلّى الله عليه وآله11%

سيّد المرسلين صلّى الله عليه وآله مؤلف:
المحقق: مؤسسة النشر الإسلامي
الناشر: مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرّفة
تصنيف: الرسول الأعظم صلّى الله عليه وآله
الصفحات: 694

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 694 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 358044 / تحميل: 8964
الحجم الحجم الحجم
سيّد المرسلين صلّى الله عليه وآله

سيّد المرسلين صلّى الله عليه وآله الجزء ١

مؤلف:
الناشر: مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرّفة
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

عيسى(1) . فعلى هذا يحتمل كونه سندي بن عيسى الثقة الآتي(2) ، فتأمّل.

وفي كتاب الحدود من الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد ـ في مسائل إسماعيل بن عيسى ـ ، عن الأخيرعليه‌السلام (3) في مملوك الحديث(4) .

وفيه إشارة أيضا إلى معروفيّته ، وكونه معتمدا ، وصاحب مسائل معروفة معهودة.

ويروي عنه إبراهيم بن هاشم(5) ، وابنه(6) ، وسعد(7) .

ويظهر من الصدوق في ذكر طرقه إليه(8) معروفيّته والاعتماد عليه ، فلاحظ ،تعق (9) .

أقول : أمّا عيسى بن الفرج السندي فلم نذكره لجهالته ، وهو مذكور فيق منجخ (10) كما ذكره من غير زيادة ، إلاّ أنّ في نسخة بدل ابن الفرج : أبو الفرج.

والذي في الكنى هكذا : فيست : أبو الفرج السندي له كتاب ، جماعة ، عن التلعكبري ، عن ابن همّام ، عن حميد ، عن القاسم بن‌

__________________

(1) منهج المقال : 393.

(2) منهج المقال : 176.

(3)عليه‌السلام ، لم ترد في الكافي.

(4) الكافي 7 : 261 / 5.

(5) الفقيه ـ المشيخة ـ : 4 / 42.

(6) كذا في النسخ ، وفي التعليقة : وابنه سعد.

(7) الاستبصار 2 : 85 / 266 ، وكذا في أكثر الروايات فإنه يروي عنه ابنه سعد.

(8) الفقيه ـ المشيخة ـ : 4 / 42.

(9) تعليقة الوحيد البهبهاني : 131.

(10) رجال الشيخ : 259 / 586.

٨١

إسماعيل ، عن أحمد بن رباح ، عنه(1) .

وقال الميرزا بعد نقله : روى عن الصادقعليه‌السلام ، اسمه عيسى(2) .

379 ـ إسماعيل بن الفضل :

ابن يعقوب بن الفضل بن عبد الله بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب ، ثقة ، من أهل البصرة ،قر (3) .

وزادصه بعد عبد المطلب : الهاشمي(4) ، من أصحاب أبي جعفر الباقرعليه‌السلام . وبعد من أهل البصرة : روي أنّ الصادقعليه‌السلام قال : هو كهل من كهولنا ، وسيّد من ساداتنا. وكفاه بهذا شرفا ، مع صحّة الرواية(5) ، انتهى.

وسند الرواية لم أطّلع عليه.

وفيق : ابن الفضل الهاشمي المدني(6) .

وفيكش : حدّثني محمّد بن مسعود ، قال : حدّثني عليّ بن الحسن ابن فضّال : أنّ إسماعيل بن الفضل الهاشمي كان من ولد نوفل بن الحارث ابن عبد المطلب ، وكان ثقة ، وكان من أهل البصرة(7) .

وفيتعق : لا وجه لاقتصار العلاّمة على كونه من أصحاب الباقرعليه‌السلام ، مع أنّ ظاهر الرواية وصريح الشيخ أنّه من أصحاب الصادق عليه‌

__________________

(1) الفهرست : 192 / 893.

(2) منهج المقال : 393.

(3) رجال الشيخ : 104 / 17.

(4) الهاشمي ، لم ترد في المصدر.

(5) الخلاصة : 7 / 1.

(6) رجال الشيخ : 147 / 88.

(7) رجال الكشي : 218 / 393.

٨٢

السلام أيضا ، بل يأتي في ابن أخيه الحسين بن محمّد روايته عن الكاظمعليه‌السلام أيضا(1) ، وأشار إليه المصنّف في أخيه إسحاق(2) ، ولا وجه لعدم إشارته هنا(3) .

قلت : في الحاوي : هذا هو الهاشمي المكرّر ذكره في الحديث ؛ ثمّ وأخذ العلاّمةرحمه‌الله على الاقتصار المذكور(4) .

ولا يخفى أنّ وجهه أخذ العلاّمة مجموع ما ذكره من الوصف والنسب والوثاقة من كلام الشيخرحمه‌الله فيقر ، وعدم ملاحظة ما فيق ، أو ملاحظته وظنّه تغايره معه. وأمّا ما في ابن أخيه ، فقد مرّ في إسحاق ـ أخيه ـ ما فيه.

وفيمشكا : ابن الفضل الثقة ، عنه محمّد بن النعمان ، وعليّ بن رئاب ، وأبان بن عثمان(5) .

380 ـ إسماعيل بن قدامة :

ابن حماطة الضبّي ، الكوفي ، أسند عنه ،ق (6) .

381 ـ إسماعيل القصير :

هو ابن إبراهيم.

382 ـ إسماعيل بن كثير البكري :

القيسي ، الكوفي ، أبو الوليد ، أسند عنه ،ق (7) .

__________________

(1) منهج المقال : 116.

(2) منهج المقال : 53.

(3) تعليقة الوحيد البهبهاني : 131.

(4) حاوي الأقوال : 16 / 36.

(5) هداية المحدثين : 20.

(6) رجال الشيخ : 147 / 85.

(7) رجال الشيخ : 148 / 123.

٨٣

383 ـ إسماعيل بن كثير السلّمي :

الكوفي ، أسند عنه ،ق (1) .

384 ـ إسماعيل بن محمّد بن إسحاق :

ابن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسينعليهم‌السلام (2) ، ثقة ، روى عن جدّه إسحاق بن جعفر وعن عمّ أبيه عليّ بن جعفر ،صه (3) .

وزادجش : له كتاب ، إسحاق بن العبّاس ، عن أبيه ، عنه ، به(4) .

أقول : فيمشكا : ابن محمّد بن إسحاق بن جعفر ، إسحاق(5) بن العبّاس عن أبيه عنه.

وهو عن جدّه إسحاق بن جعفر ، وعن عمّ أبيه عليّ بن جعفر(6) .

385 ـ إسماعيل بن محمّد بن إسماعيل :

ابن هلال المخزومي ، أبو محمّد ، وجه أصحابنا المكّيّين ، كان ثقة فيما يرويه. قدم العراق ، وسمع أصحابنا بها(7) منه ، مثل : أيّوب بن نوح والحسن بن معاوية ومحمّد بن الحسين وعليّ بن الحسن بن فضّال ،صه (8) .

وزادجش : له كتب ، علي بن أحمد العقيقي عنه بها كلّها.

قال ابن نوح : كان إسماعيل بن محمّد يلقّب قنبرة(9) .

__________________

(1) رجال الشيخ : 148 / 121.

(2)عليهم‌السلام ، لم ترد في المصدر.

(3) الخلاصة : 10 / 17.

(4) رجال النجاشي : 29 / 60.

(5) في نسخة « ش » : ابن إسحاق.

(6) هداية المحدثين : 181.

(7) بها ، لم ترد في المصدر.

(8) الخلاصة : 9 / 9.

(9) رجال النجاشي : 31 / 67.

٨٤

وزادست علىصه : وأحمد أخوه. وعاد إلى مكّة وأقام(1) بها ، وقلّت الرواية عنه بسبب ذلك.

وله كتب ، منها : كتاب التوحيد ، كتاب المعرفة ، كتاب الصلاة ، أحمد بن عبدون(2) ، عن أحمد بن محمّد العاصمي ، عن محمّد بن إسماعيل بن محمّد ، عن أبيه.

وأخبرنا الحسين بن عبيد الله وأحمد بن عبدون ، عن الحسن بن محمّد بن يحيى العلوي العقيقي(3) ، عنه(4) .

وفيه بعد ذكر جماعة : إسماعيل بن محمّد ، من أهل قم ، يقال له : قنبرة ؛ له كتب ، منها كتاب المعرفة(5) .

وهذا ينافي ظاهرجش من كون قنبرة لقبا للمكّي ، ولعلّه الصواب ، للتنافي بين ظاهر ما ذكر من كونه مكّيّا عاد إليها وكونه من أهل قم.

وفيلم بعد المخزومي : مكّي ، أبو محمّد ، روى عن أيّوب بن نوح ونظرائه(6) .

وهو يقتضي أن يكون الأمر في الرواية على عكس ما تقدّم.

أقول : فيضح : ابن محمّد بن إسماعيل بن هلال المخزومي ، يلقّب : قنبرة ، بفتح القاف والهاء أخيرا(7) . وهو يدلّ على اتّحادهما عنده‌

__________________

(1) في نسخة « م » : وقام.

(2) في المصدر زيادة : عن أبو علي محمّد بن أحمد بن الجنيد.

(3) في المصدر : عن الحسن بن محمّد بن يحيى العلوي ، عن علي بن أحمد العقيقي العلوي.

(4) الفهرست : 12 / 35.

(5) الفهرست : 15 / 48.

(6) رجال الشيخ : 452 / 83.

(7) إيضاح الاشتباه : 92 / 35.

٨٥

كجش .

إلاّ أنّ في ب ذكر المخزومي(1) ، ثمّ بعد جماعة : إسماعيل بن محمّد القمّي القنبرة(2) ، فتأمّل.

وفي الحاوي : الظاهر(3) الاتّحاد ، ويحتمل التعدّد(4) .

هذا ، وقيل الصواب فيجش وست : سمع من أصحابنا ، كما يفهم من لم ، انتهى ، فتأمّل جدّا.

وفيمشكا : ابن محمّد بن إسماعيل بن هلال الثقة ، عنه عليّ بن أحمد العقيقي ، وأيّوب بن نوح ، والحسن بن معاوية ، ومحمّد بن الحسين ، وعليّ بن الحسن بن فضّال(5) .

386 ـ إسماعيل بن محمّد الحميري :

ثقة ، جليل القدر ، عظيم الشأن والمنزلة ،رحمه‌الله تعالى ،صه (6) .

وفيق : ابن محمّد الحميري ، السيّد الشاعر ، يكنّى أبا عامر(7) .

وفيكش : حدّثني نصر بن الصباح ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن عبد الرحمن بن أبي نجران ، عن عبد الله بن بكير ، عن محمّد بن النعمان ، قال :

دخلت على السيّد ابن محمّد ، وهو لما به قد اسودّ وجهه ، وازرقّت عيناه ، وعطش كبده ، وهو يومئذ يقول بمحمّد بن الحنفيّة ، وهو من حشمه ،

__________________

(1) معالم العلماء : 8 / 35.

(2) معالم العلماء : 9 / 41 ، ولم يرد فيه : القنبرة.

(3) في نسخة « ش » : أيضا.

(4) حاوي الأقوال : 16 / 38.

(5) هداية المحدثين : 181.

(6) الخلاصة : 10 / 22.

(7) رجال الشيخ : 148 / 108.

٨٦

وكان(1) ممّن يشرب المسكر.

فجئت ، وكان قد قدم أبو عبد اللهعليه‌السلام الكوفة ، لأنّه كان انصرف من عند أبي جعفر المنصور ، فدخلت على أبي عبد اللهعليه‌السلام ، فقلت :

جعلت فداك إنّي فارقت السيّد ابن محمّد الحميري لما به قد اسودّ وجهه ، وازرقّت عيناه ، وعطش كبده ، وسلب الكلام ، فإنّه يشرب المسكر(2) .

فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام : أسرجوا لي. فركب ومضى ، ومضيت معه ، حتّى دخلنا على السيّد وجماعة محدقون به.

فقعد أبو عبد اللهعليه‌السلام عند رأسه فقال : يا سيّد. ففتح عينيه ينظر إليه ، ولا يمكنه الكلام ، وإنّا لنتبيّن فيه أنّه يريد الكلام ولا يمكنه. فرأينا أبا عبد اللهعليه‌السلام حرّك شفتيه ، فنطق السيّد.

فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام : قل بالحقّ يكشف الله ما بك ويرحمك ، ويدخلك الجنّة(3) الّتي وعد أولياءه.

فقال في ذلك :

تجعفرت باسم الله والله أكبر(4) .

فلم يبرح أبو عبد اللهعليه‌السلام حتّى قعد السيّد على استه(5) .

نصر بن الصباح ، عن إسحاق بن محمّد البصري ، عن عليّ بن‌

__________________

(1) في نسخة « ش » : وهو.

(2) في المصدر : وإنّه كان يشرب المسكر.

(3) في المصدر : جنّته.

(4) وجاء في هامش النسخة الخطيّة : أوّله : فلمّا رأيت الناس في الدين قد غووا.

(5) رجال الكشي : 287 / 507.

٨٧

إسماعيل ، عن فضيل بن الرسان(1) ، قال : دخلت على أبي عبد اللهعليه‌السلام بعد ما قتل زيد بن عليّرحمه‌الله ، فأدخلت بيتا جوف بيت ، فقال لي : يا فضيل قتل عمّي زيد؟

قلت : نعم جعلت فداك.

قال :رحمه‌الله ، أما إنّه كان مؤمنا ، وكان عارفا ، وكان عالما(2) ، وكان صدوقا ، أما إنّه لو ظفر لوفى ، إنّه لو ملك عرف(3) كيف يضعها.

قلت : يا سيّدي ألا أنشدك شعرا؟

قال : أمهل ، ثمّ أمر بستور فسدلت وبأبواب ففتحت ، ثمّ قال : أنشد. فأنشدت :

لامّ عمر باللوى مربع

طامسة أعلامه بلقع

الأبيات.

فسمعت نحيبا من وراء الستر.

فقال : من قال هذا الشعر؟

قلت : السيّد ابن محمّد الحميري.

فقال :رحمه‌الله .

قلت : إنّي رأيته يشرب النبيذ!

فقال :رحمه‌الله .

قلت : إنّي رأيته يشرب نبيذ الرستاق!

قال : تعني الخمر؟

قلت : نعم.

__________________

(1) في المصدر : فضيل الرسان.

(2) وكان عالما ، لم ترد في نسخة « م ».

(3) في المصدر : أما إنّه لو ملك لعرف.

٨٨

قال :رحمه‌الله ، وما ذلك على الله أن يغفر لمحبّ عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام (1) .

وفيتعق : وجدت مكتوبا من خطّ الكفعمي : قيل للصادقعليه‌السلام : إنّ السيّد لينال من الشراب.

فقال : إن زلّت له قدم فقد ثبتت له اخرى.

ولمّا أنشد عندهعليه‌السلام قصيدته : لامّ عمرو ، جعل يقول : شكر الله لإسماعيل قوله.

فقيل له : إنّه ليشرب النبيذ!

فقالعليه‌السلام : يلحق مثله التوبة ، ولا يكبر على الله أن يغفر الذنوب لمحبّينا ومادحينا.

ولمّا توفّي ببغداد أتي من الكوفة تسعون كفنا ، فكفّنه الرشيد وردّ أكفان العامّة. وصلّى عليه المهدي وكبّر عليه خمسا.

وولد سنة ثلاث وسبعين ومائة(2) ، انتهى.

وفي كشف الغمّة : وجد حمّال وهو يمشي بحمل قد أثقله ، فقيل : ما معك؟ فقال : ميميات(3) السيّد. وغلب هذا الاسم عليه ، ولم يكن علويّا(4) (5) .

__________________

(1) رجال الكشي : 285 / 505 ، وفيه : لمحبّ عليّعليه‌السلام .

(2) ذكر بعضه القاضي التستري في مجالس المؤمنين : 2 / 517 ، وذكر أنّه أرسل إليه سبعون كفن.

وقال : إنّه ولد سنة 105 ، وتوفي في سنة 173 ، نقلا من خط الكفعمي.

(3) في نسخة « م » : ميمات.

(4) كشف الغمّة : 1 / 413.

(5) تعليقة الوحيد البهبهاني : 131.

٨٩

أقول : فيطس : إسماعيل بن محمّد الحميري ، حاله في الجلالة ظاهر ، ومجده باهر ، فلنكتف بهذا ،رحمه‌الله تعالى(1) .

وفي الوجيزة : ممدوح ، ووثّقه العلاّمة(2) .

وذكره في الحاوي في الثقات(3) ، مع ما عرف من طريقته.

وفي ب عدّه في(4) شعراء أهل البيت المجاهرين ، وقال : من أصحاب الصادقعليه‌السلام ، ولقي الكاظمعليه‌السلام . وكان في بدء الأمر خارجيّا ثمّ كيسانيّا ثمّ إماميّا.

وقيل لأبي عبيدة(5) : من أشعر الناس؟

قال(6) : من شبّه رجلا بريح عاد ، يريد قوله :

إذا أتى معشرا يوما أنامهم

إنامة الريح في تدميرها عادا

وقال بشّار : لو لا أنّ هذا الرجل شغل عنّا بمدح بني هاشم لأتعبنا(7) .

وسمع مروان بن أبي حفصة القصيدة المذهّبة ، فقال لكلّ بيت : سبحان الله! ما أعجب هذا الكلام!

وقال الثوري : لو قرأت القصيدة الّتي فيها : إنّ يوم التطهير يوم عظيم. على المنبر ما كان بذلك بأس(8) .

__________________

(1) التحرير الطاووسي : 37 / 20.

(2) الوجيزة : 162 / 212.

(3) حاوي الأقوال : 17 / 40.

(4) في نسخة « ش » : من.

(5) في المصدر زيادة : النحوي.

(6) في نسخة « ش » : فقال.

(7) الأغاني : 7 / 237.

(8) الأغاني : 7 / 239 ، وفيه : التوزي ، بدل : الثوري ، وكذلك ذكره في الأعيان : 3 / 406 ، التوزي نقلا عن معالم العلماء.

٩٠

ثمّ نقل عن ابن المعتز في طبقات الشعراء(1) ما مرّ عن الكشف(2) .

وفي بعض كتب أصحابنا : كان أبواه من المتمسّكين بالشجرة الملعونة ، فترك طريقتهما.

وقيل له : كيف تشيّعت وأنت شامي حميري؟!

فقال : صبّت عليّ الرحمة صبّا ، فكنت كمؤمن آل فرعون(3) .

وكان الأصمعي يقول : لولا أنّه يسبّ الخلفاء في شعره لقلت : إنّه سيّد الشعراء(4) .

وكانت الاشراف والأمراء تبالغ في إكرامه ، حتّى أنّ المنصور لعنه الله مع اشتهاره بالنصب عزل سوار(5) بن عبد الله عن القضاء لمّا ردّ شهادته وقذفه بالرفض(6) .

وفي العيون : أنّ الرضاعليه‌السلام رأى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله في المنام وعنده عليّ والزهراء والحسنان وبين يديهصلى‌الله‌عليه‌وآله رجل يقرأ قصيدة : لامّ عمرو ، فرحّب به النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله وقال له(7) : سلّم عليهم.

فسلّم عليهم واحدا بعد واحد.

ثمّ قال له : سلّم على شاعرنا ومادحنا في دار الدنيا السيّد إسماعيل.

ولمّا فرغ من إنشاد القصيدة قال له : يا علي ، احفظ هذه القصيدة ومر‌

__________________

(1) طبقات الشعراء : 36.

(2) معالم العلماء : 146.

(3) مجالس المؤمنين : 2 / 503.

(4) الأغاني : 7 / 236.

(5) في النسخ : سواد ، وما أثبتناه من كتب السير والتواريخ هو الصواب.

(6) الأغاني : 7 / 262 ، وفيه : قد عزلتك عن الحكم للسيّد أو عليه.

(7) في نسخة « ش » زيادة :صلى‌الله‌عليه‌وآله .

٩١

شيعتنا بحفظها ، وأعلمهم أنّ من حفظها وأدمن قراءتها ضمنت له الجنّة على الله تعالى.

ولم يزل يكرّرها عليهعليه‌السلام حتّى حفظها(1) .

387 ـ إسماعيل بن محمّد :

المنقري ،ظم (2) .

وفيتعق : روى عنه ابن أبي عمير(3) (4) .

388 ـ إسماعيل بن مرار :

روى عن يونس بن عبد الرحمن ، روى عنه إبراهيم بن هاشم ، لم(5) .

وفيتعق : روى عن يونس كتبه كلّها ، وربما يظهر من عبارة ابن الوليد الآتية فيه الوثوق به ، بل ربما يظهر عدالته فلاحظ(6) ، سيّما بملاحظة حاله(7) ، وما سيذكر في محمّد بن أحمد بن يحيى(8) ، وما مرّ في إبراهيم‌

__________________

(1) بحار الأنوار : 47 / 228 ، عن بعض تأليفات الأصحاب ، باختلاف يسير ، ولم نجده في نسختنا من العيون.

(2) رجال الشيخ : 343 / 8.

(3) التهذيب 6 : 324 / 892.

(4) تعليقة الوحيد البهبهاني : 131.

(5) رجال الشيخ : 447 / 53.

(6) منهج المقال : 378 ، وفيه نقلا عن الفهرست : 181 / 809 : وقال أبو جعفر بن بابويه : سمعت ابن الوليدرحمه‌الله يقول : كتب يونس بن عبد الرحمن التي هي بالروايات كلّها صحيحة يعتمد عليها ، إلاّ ما ينفرد به محمّد بن عيسى بن عبيد عن يونس ، ولم يروه غيره ، فإنّه لا يعتمد عليه ولا يفتي به.

(7) أي حال محمّد بن الحسن بن الوليد ، لأنّه كان كثير التحرّز عمّا ينقله الرواة ، كما يظهر من ترجمة محمّد بن أحمد بن يحيى من استثنائه عدد من الرواة ، وكذا يظهر ذلك من ترجمة إبراهيم بن هاشم ، فلاحظ.

(8) منهج المقال : 281.

٩٢

ابن هاشم(1) .

قيل : وربما يستفاد من رواية إبراهيم عنه نوع مدح ، لما قالوا : من أنّه أوّل من نشر حديث الكوفيّين بقم ؛ وأهل قم كانوا يخرجون منها الراوي بمجرّد الريب ، فلو كان في إسماعيل ارتياب لما روى عنه إبراهيم.

قلت : وربما يؤيّد : أنّهم ـ بل وغيرهم أيضا ـ كانوا كثيرا ما يطعنون بالرواية عن الضعفاء والمجاهيل والمراسيل كما هو ظاهر تراجم كثيرة ، بل كانوا يؤذون.

هذا ، وفيه أمارات أخر مفيدة للاعتماد ، ككونه كثير الرواية وغيره ، فلاحظ(2) .

أقول : فيما ذكره القيل سيّما الجملة الأخيرة ، وكذا ما أيّده به سلّمه الله مناقشة ظاهرة.

هذا ، وطعن في السرائر في كتاب البيع ـ في رواية فيها إسماعيل هذا عن يونس ـ في يونس(3) المتّفق على ثقته ، ولم يطعن في إسماعيل ، وهو وإن كان غريبا لكنّه يدلّ على الاعتماد على إسماعيل ، فتأمّل.

389 ـ إسماعيل بن مسلم :

وهو ابن أبي زياد السكوني الكوفي ،ق (4) . وقد سبق.

390 ـ إسماعيل بن موسى :

ابن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسينعليهم‌السلام ، سكن مصر وولده بها ، وله كتب يرويها عن أبيهعليه‌السلام . عن آبائهعليهم‌السلام ،

__________________

(1) تعليقة الوحيد البهبهاني : 29.

(2) تعليقة الوحيد البهبهاني : 131.

(3) السرائر : 2 / 304.

(4) رجال الشيخ : 147 / 92.

٩٣

منها : كتاب الطهارة ، كتاب الصلاة ، كتاب الزكاة ، كتاب الصوم ، كتاب الحج ، كتاب الجنائز ، كتاب الطلاق ، كتاب النكاح ، كتاب الحدود ، كتاب الدعاء ، كتاب السنن والآداب ، كتاب الرؤيا.

أخبرنا الحسين بن عبيد الله ، عن أبي محمّد سهل بن أحمد بن سهل ، عن أبي علي محمّد بن محمّد بن الأشعث بن محمّد الكوفي بمصر قراءة(1) عليه ، عن موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفرعليه‌السلام ، عن أبيه بكتبه ،جش (2) .

وزادست بعد الحسينعليه‌السلام : ابن عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ، وبعد سهل ـ الثاني ـ : الديباجي ، وبدل بكتبه : إسماعيل. وزاد : كتاب الديات(3) (4) .

وفيتعق : كثرة تصانيفه ، وملاحظة عنواناتها وترتيبها ونظمها ، تشير إلى المدح ، مضافا إلى ما في صفوان بن يحيى : انّ أبا جعفرعليه‌السلام أمر إسماعيل بن موسى بالصلاة عليه(5) ، والظاهر أنّه هذا ، وفيه إشعار بنباهته(6) .

أقول : جزم في المجمع بأنّه هو ، وقال : فدلّ على زيادة جلالته جدّا(7) ، انتهى.

وفي ب : إسماعيل بن موسى بن جعفر الصادقعليهما‌السلام ، سكن‌

__________________

(1) في نسخة « م » : قرأته.

(2) رجال النجاشي : 26 / 48.

(3) وزاد كتاب الديات ، لم ترد في نسخة « ش ».

(4) الفهرست : 10 / 31.

(5) رجال الكشي : 502 / 962.

(6) تعليقة الوحيد البهبهاني : 131.

(7) مجمع الرجال : 1 / 224 ، ولم يرد فيه قوله : فدلّ على زيادة جلالته جدا.

٩٤

مصر ، وولده بها. ثمّ عدّ كتبه المذكورة(1) .

ولا يخفى ظهور كون الرجل من الفقهاء عنده ، وعندهما قبله.

وفيمشكا : ابن الكاظمعليه‌السلام ، أبو علي محمّد بن محمّد بن الأشعث بن محمّد الكوفي عن ولده موسى عن أبيه إسماعيل بن الكاظمعليه‌السلام (2) .

وهو عن أبيه الكاظمعليه‌السلام (3) .

391 ـ إسماعيل بن مهران :

ابن أبي نصر السكوني ـ واسم أبي نصر : زيد ـ مولى ، كوفي ، يكنّى أبا يعقوب ، ثقة معتمد عليه.

روى عن جماعة من أصحابنا عن أبي عبد اللهعليه‌السلام . ذكره أبو عمرو في أصحاب الرضاعليه‌السلام ،جش (4) .

ست إلى : عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، وزاد بعد مهران : ابن محمّد. ثمّ زاد : ولقي الرضاعليه‌السلام ، وروى عنه ، وصنّف مصنّفات كثيرة ، منها :

كتاب الملاحم ، الحسين بن عبيد الله ، عن أبي غالب الزراري قراءة عليه ، قال : حدّثني عمّ أبي عليّ بن سليمان ، عن جدّ أبي محمّد بن سليمان ، عن أبي جعفر أحمد بن الحسن ، عنه.

وكتاب ثواب القرآن ، الحسين بن(5) عبيد الله ، عن أحمد بن جعفر بن‌

__________________

(1) معالم العلماء : 7 / 31.

(2)عليه‌السلام ، لم ترد في نسخة « م ».

(3) هداية المحدثين : 20.

(4) رجال النجاشي : 26 / 49.

(5) ابن ، لم ترد في نسخة « م ».

٩٥

سفيان ، عن أحمد بن إدريس ، عن سلمة بن الخطّاب ، عنه.

وكتاب خطب أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وكتاب النوادر ، أحمد بن عبدون ، عن عليّ بن محمّد بن الزبير ، عن عليّ بن الحسن بن فضّال ، عنهرحمه‌الله (1) .

وكتاب العلل ، عدّة من أصحابنا ، عن هارون بن موسى ، عن عليّ ابن يعقوب الكناني ، عن عليّ بن الحسن بن فضّال ، عنه.

وله أصل ، عدّة من أصحابنا ، عن محمّد بن عليّ بن الحسين ، عن محمّد بن عليّ بن الحسن ، عن الصفّار(2) ، عن محمّد بن الحسين ، عنه(3) .

وفيصه : ابن مهران ـ بكسر الميم ، وسكون الهاء ، بعدها راء ، ثمّ ألف ، ثمّ نون ـ ابن محمّد بن أبي نصر السكوني. إلى آخر جش. وزاد :

وقال الشيخ أبو الحسين أحمد بن الحسين بن عبيد الله الغضائريرحمه‌الله : إنّه يكنّى أبا محمّد ، ليس حديثه بالنقي ، يضطرب تارة ويصلح اخرى ، ويروي عن الضعفاء كثيرا ، ويجوز أن يخرج شاهدا.

والأقوى عندي الاعتماد على روايته(4) ، لشهادة الشيخ أبي جعفر الطوسي والنجاشي له بالثقة.

قالكش : حدّثني محمّد بن مسعود ، قال : سألت عليّ بن الحسن بن فضّال عن إسماعيل بن مهران؟ قال : رمي بالغلوّ.

__________________

(1)رحمه‌الله ، لم ترد في المصدر.

(2) في المصدر : عن محمّد بن عليّ بن الحسين ، عن محمّد بن الحسن الصفار.

والظاهر أنّ الصواب : عن محمّد بن علي بن الحسين ، عن محمّد بن الحسن بن الوليد ، عن محمّد بن الحسن الصفار.

(3) الفهرست : 11 / 32.

(4) في المصدر : والأقوى عندي قبول روايته.

٩٦

قال محمّد بن مسعود : يكذبون عليه ، كان تقيّأ(1) ثقة خيّرا فاضلا(2) (3) .

وفي ب : إسماعيل بن مهران بن محمّد بن أبي نصر السكوني ، ثقة ، كوفي ، مولى ، لقي الرضاعليه‌السلام (4) .

أقول : يظهر منصه عدم تقدّم الجرح على التعديل مطلقا ، كما اشتهر على الألسن ؛ وإلاّ ، لوجب التوقّف في روايته لا محالة ، لجلالة ابن الغضائري وعدالته عنده ، كما هو في الواقع ، فتدبّر.

وفيمشكا : ابن مهران الثقة ، عنه أبو جعفر أحمد بن الحسن ، وسلمة بن الخطّاب ، وأبو سمينة ، وعليّ بن الحسن بن فضّال ، وسهل بن زياد ، وأحمد بن محمّد بن عيسى ، وأحمد بن محمّد بن خالد ، ومحمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، وأحمد بن أبي عبد الله(5) ، والحسين بن سعيد.

وهو عن محمّد بن أبي حمزة الثمالي(6) .

392 ـ إسماعيل بن همّام :

ابن عبد الرحمن بن أبي عبد الله ميمون البصري ، مولى كندة ، وإسماعيل يكنّى أبا همّام ، روى إسماعيل عن الرضاعليه‌السلام ، ثقة هو وأبوه وجدّه ،صه (7) .

__________________

(1) تقيّا ، لم ترد في الخلاصة.

(2) رجال الكشي : 589 / 1102.

(3) الخلاصة : 8 / 6.

(4) معالم العلماء : 8 / 32.

(5) وأحمد بن أبي عبد الله ، لم يرد في المصدر.

(6) هداية المحدثين : 20.

(7) الخلاصة : 10 / 19.

٩٧

وزادجش : له كتاب ، أحمد بن محمّد بن عيسى ، عنه به(1) .

وفيضا : ابن همّام مولى كندة ، وهو أبو همّام(2) .

أقول : فيمشكا : ابن همّام الثقة ، عنه أحمد بن محمّد بن عيسى ، وإبراهيم بن هاشم ، ويعقوب بن يزيد ، والعبّاس بن معروف.

وهو عن الرضاعليه‌السلام (3) .

393 ـ إسماعيل بن يحيى العبسي :

في ترجمة الحسن بن عبد السلام أنّه أجاز التلعكبري على يديه(4) ، وكذا في محمّد بن عبد ربّه ، وكنّاه فيها بأبي أحمد(5) .

وربما يستفاد من هذا الاعتماد عليه ومعروفيّته ونباهة شأنه ، بل وعدالته ،تعق (6) .

394 ـ إسماعيل بن يسار الهاشمي :

مولى إسماعيل بن عليّ بن عبد الله بن العبّاس ، ذكره أصحابنا بالضعف ،صه (7) .

وزادجش : له كتاب ، محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عنه به(8) .

قلت : فيضح : ابن يسار ، بالمثنّاة تحت والمهملة المخفّفة ، وقيل :

__________________

(1) رجال النجاشي : 30 / 62.

(2) رجال الشيخ : 368 / 15 ، وفيه : مولى لكندة.

(3) هداية المحدثين : 20 ، وفيها : ابن همّام الكندي الثقة.

(4) رجال الشيخ : 468 / 37 ، وقوله : على يديه ، أي : على يد إسماعيل بن يحيى.

(5) رجال الشيخ : 506 / 80.

(6) تعليقة الوحيد البهبهاني : 131.

(7) الخلاصة : 200 / 7.

(8) رجال النجاشي : 29 / 58.

٩٨

ابن سيّار ، بتقديم المهملة على المثنّاة تحت المشدّدة(1) .

395 ـ أسلم مولى علي بن يقطين :

يأتي بلا ألف ،تعق (2) .

396 ـ الأسود بن عاصم الهمداني :

كوفي ، أسند عنه ،ق (3) .

397 ـ الأسود بن يزيد :

ي. وفي نسخة : ابن برير(4) .

وفيهب : له ثمانون حجّة وعمرة ، وكان يصوم حتّى يخضرّ ويصفرّ(5) ، ويختم في ليلتين(6) .

أقول : عدّه ابن أبي الحديد في شرحه من المنحرفين عن عليّعليه‌السلام ( والمبغضين له ، وقال : روى سلمة بن كهيل أنّ الأسود بن يزيد كان يمشي إلى بعض أزواج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فيقع في عليّعليه‌السلام )(7) ، ومات على ذلك(8) .

398 ـ أسيد بن حضير :

بالحاء غير المعجمة المضمومة والضاد المعجمة المفتوحة ، ابن‌

__________________

(1) إيضاح الاشتباه : 90 / 30.

(2) تعليقة الوحيد البهبهاني : 166.

(3) رجال الشيخ : 153 / 214 ، وفيه : أسود بن عاصم.

(4) رجال الشيخ : 35 / 11 ، وفيه : الأسود بن برير ، وبرقم 16 : الأسود بن يزيد النخعي.

(5) في المصدر بدل يخضرّ ويصفرّ : يحضر.

(6) الكاشف 1 : 80 / 430.

(7) ما بين القوسين لم يرد في نسخة « ش ».

(8) شرح نهج البلاغة : 4 / 97.

٩٩

سماك ـ بالكاف ـ أبو يحيى ، سكن المدينة ، يقال له : حضير(1) الكتائب. قتل يوم بغاث ،صه (2) .

وزاد ل بعد حذف الترجمة : آخى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بينه وبين زيد بن حارثة(3) .

وفيقب : صحابيّ جليل ، مات سنة عشرين أو إحدى وعشرين(4) .

أقول : ذكره في القسم الأوّل ، وهو عجيب منهقدس‌سره بعد ما اشتهر عنه في كتب العامّة فضلا عن الخاصّة من اعترافه بكونه ممّن حمل الحطب إلى باب بيت فاطمةعليها‌السلام لإضرامه(5) ، فلاحظ.

وذكره في الحاوي في القسم الرابع(6) .

وفي الوجيزة : مجهول(7) ، فتدبّر.

وفي القاموس : بعاث ، بالعين وبالغين كغراب ويثلّث : موضع بقرب المدينة ، ويومه معروف(8) ، انتهى.

وفي النهاية : يوم بعاث ـ مضموم الباء ـ يوم مشهور كان(9) فيه حرب بين الأوس والخزرج ، وبعاث : اسم حصن للأوس(10) ، وبعضهم يقول‌

__________________

(1) في المصدر : حصين.

(2) الخلاصة : 23 / 2.

(3) رجال الشيخ : 4 / 24 ، وفيه : أسيد بن حصين بن سمالة بن يحيى.

(4) تقريب التهذيب 1 : 78 / 587.

(5) راجع شرح نهج البلاغة : 6 / 11.

(6) حاوي الأقوال : 230 / 1219.

(7) الوجيزة : 163 / 219.

(8) القاموس المحيط : 1 / 162.

(9) في نسخة « ش » : وكان.

(10) في نسخة « ش » : الأوس.

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

مبيت عليعليه‌السلام في فراش رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حيث قال : لقد دعا رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عليّاً الهجرة ، وطلب إليه أن يبيت في المكان الّذي اعتاد الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يبيت فيه ، وان يتغطى بالبرد الحضرميّ الّذي كان النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يتغطى به حتى إذا نظر ناظر من قريش إلى الدار رأى كأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نائم في مكانه مغطى بالبرد الّذي يتغطى به ، وهذا الذي كان من عليّ في ليلة الهجرة إذا نظر إليه في مجرى الاحداث الّتي عرضت للامام علي في حياته بعد تلك الليلة فانه يرفع لعيني الناظر أمارات واضحة واشارات دالة على ان هذا التدبير الّذي كان في تلك الليلة لم يكن أمراً عارضاً بل هو عن حكمة لها آثارها ـ إلى ان قال ـ انه إذا غاب شخص الرسول كان علىٌ هو الشخصية المهيّأة لأن تخلفه وتمثّل شخصه وتقوم مقامه ، حين نظرنا إلى عليّ وهو في برد الرسول وفي مثوى منامه الّذي اعتاد أن ينام فيه فقلنا : هذا خَلَفُ الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والقائم مقامه(١) .

بقية قصةِ هجرةِ النبيّ :

انتهت المراحلُ الاُولى لنجاة رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وفق تخطيط صحيح ، بنجاح ، فقد لجأ رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في منتصف اللّيل إلى غار ثور ، واختبأ فيه ، وبذلك أفشل محاولة المتآمرين عليه.

ولقد كان رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم طوال هذا الوقت مطمئناً لا يحسُّ في نفسه بأيّ قلق أو إظطراب ، حتّى انه طمأن رفيقَ سفره عندما وجده مضطرباً في تلك اللحظات الحساسة بقوله : «لا تَحْزَنْ اِنَّ اللّه مَعَن »(٢) .

وبقي هناك ثلاث ليال محروساً بعين اللّه تعالى ومشمولا بعنايته ولطفه ،

____________

١ ـ راجع كتاب علي بن أبي طالب بقيّة النبوّة وخاتم الخلافة ، ص ١٠٣ ـ ١٠٥ ملخّصاً.

٢ ـ التوبة : ٤٠.

٦٠١

وكان يتردّد عليهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في هذه الاثناء علىٌعليه‌السلام وهند ابن ابي هالة ( ابن خديجة ) على رواية الشيخ الطوسي في أماليه ، وعبد اللّه بن أبي بكر وعامر بن فهيرة راعي اغنام أبي بكر ( بناء على رواية كثير من المؤرّخين ).

يقول ابن الاثير : كان عبد اللّه بن ابي بكر يتسمَّع لهما بمكة نهاره ثم يأتيهما ليلا ، وكان يرعى غنمه نهاره على مقربة من الغار ، وكان إذا غدا من عندهما عفى على أثر الغنم(١) .

يقول الشيخ الطوسي في أماليه : عند ما دخل عليعليه‌السلام وهند على رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الغار ( بعد ليلة الهجرة ) أمر رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عليّاً أن يبتاع بعيرين له ولصاحبه ، فقال أبو بكر : قد كنتُ أعددت لي ولك يا نبي اللّه راحلتين نرتحلهما إلى يثرب.

فقال رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إني لا آخذهما ولا أحدهما إلاّ بالثمن. ثم أمرصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عليّاًعليه‌السلام فدفع إليه ثمن البعيرين(٢) .

وكان من جملة وصايا رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعليّعليه‌السلام في الغار في تلك الليلة ان يؤدي أمانته على أعين الناس ظاهراً وذلك بأن يقيم صارخاً بالابطح غدوة وعشياً : ألا من كان له قبل محمّد أمانة أو وديعة فليأت فلنؤدِ إليه أمانته(٣) .

ثم أوصاهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالفواطم ( والفواطم هن : فاطمة الزهراء بنت رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الحبيبة لديه ، والأثيرة عنده ، وفاطمة بنت أسد اُمّ عليّعليه‌السلام وفاطمة بنت الزبير ومن يريد الهجرة معه من بني هاشم ) ، وأمره بترتيب أمر ترحيلهم معه إلى يثرب وتهيئة ما يحتاجون إليه من زاد وراحلة.

وهنا قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عبارته الّتي تذرَّع بها ابن تيمية في دليله

__________________

١ ـ الكامل في التاريخ : ج ٢ ، ص ٧٣ مع تصرف.

٢ ـ أمالي الشيخ : ج ٢ ، ص ٨٢.

٣ ـ الكامل : ج ٢ ، ص ٧٣. السيرة الحلبية : ج ٢ ، ص ٥٣.

٦٠٢

الأول : « انهم لن يصلوا من الآن اليك يا عليّ بامر تكرهه حتّى تقدم عليَّ ».

فالملاحظ للقارئ هو أن رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إنما قال هذه العبارة عندما أمره باداء أمانته ، وذلك بعد انقضاء قضية ليلة المبيت.

أي انه أمر علياً بذلك ، وقال له تلك العبارة وهو يتهيّأ للخروج من غار ثور.

يقول الحلبي في سيرته : « وصى رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في احدى الليالي وهو بالغار علياً رضي اللّه عنه بحفظ ذمته واداء امانته ظاهراً على اعين الناس »(١) .

وثم ينقل عن مؤلف كتاب « الدر » ما يقتضي انه اجتمع به عند خروجه من الغار.

وخلاصة القول : انه مع رواية شيخ جليل من مشائخ الشيعة الامامية كالشيخ الطوسي بالاسناد الصحيحة أن الأمر بردّ الودائع والامانات صدر من جانب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى عليّعليه‌السلام بعد ليلة المبيت لا يحقّ لنا أن نعارض هذا النقل الصحيح ، ونعمد إلى الهاء العامة بالتوافه ، وأما رواية مؤرخي اهل السنة هذا المطلب بشكل آخر يوحي ظاهرُه بأن جميع وصايا النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعليّ تمت في ليلة واحدة هي ليلة الهجرة ( ليلة المبيت ) فقابلٌ للتفسير والتوجيه ، لأنه لا يبعد أن عنايتهم كانت مركزة على رواية أصل الموضوع ، ولم يكن لظرف صدور هذه الوصايا والأوامر ووقت بيانها اهمية عندهم.

الخروج من الغار :

هيّأ عليعليه‌السلام بأمر النبيّ ثلاث رواحل ودليلا امينا يدعى أريقط ليترحلوها إلى المدينة ، ويدلّهم الدليل على طريقها وأرسل كل ذلك إلى الغار.

__________________

١ ـ السيرة الحلبية : ج ٢ ، ص ٣٥.

٦٠٣

ولما سمع النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رغاء البعير أو نداء الدليل نزل هو وصاحبه من الغار وركبا البعيرين وتوجها من أسفل مكة إلى « يثرب » سالكين إلى ذلك الخط الساحلي ، وقد جاء ذكر المنازل الّتي مرّا بها في السيرة النبوية لابن هشام(١) وفي الهوامش المثبتة على التاريخ الكامل لابن الاثير(٢) .

صفحةُ التاريخ الاُولى :

اجل لقد حلّ الظلام في كل مكان ، ولملمت الشمس اشعتّها الذهبية من هذا الوجه من الكرة الأرضية لتوجّهها إلى الوجه الاخر منها.

وعاد جماعة من رجال قريش الذين سلكوا كل طريق في مكة وضواحيها بحثاً عن النبيّ ، ثلاثة أيام ، بلياليها ، إلى بيوتهم ومنازلهم متعبين مرهقين ، وقد يئسوا من الئفر بالجائزة ( وهي مائة من الإبل ) الّتي وضعتها سادة قريش جائزةً لمن يأخذ محمّداً أو يدل على مكانه ، واُعيد فتح طريق مكة ـ المدينة الّتي اُغلقت لهذه الغاية بعد اليأس من الظفر برسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ(٣) .

وفي هذه اللحظات بالذات بلغ نداء الدليل الّذي كان يصطحب معه ثلاث رواحل ومقداراً من الطعام ، إلى مسمع رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ورفيقه وهما في الغار وقد كان يقول بصوت خافت : لابد ان نتخد من ظلام هذا الليل ستراً ، ونسرع في الخروج من حدود المكيّين ، ونختار طريقاً يقلّ سالكوه ولا يهتدي إليه أحد.

ويبدأ تاريخ المسلمين من العام الّذي تضمَّن تلك الليلة بالضبط ، وجعل المسلمون يقيسون كل ما يقع من الحوادث بذلك العام وبذلك يحددون تاريخه وزمان حدوثه.

__________________

١ ـ السيرة النبوية لابن هشام : ج ١ ، ص ٤٩١.

٢ ـ الكامل في التاريخ : ج ٢ ، ص ٧٥.

٣ ـ تاريخ الطبري : ج ٢ ، ص ١٠٤.

٦٠٤

لماذا أصبح العامُ الهجريُ مبدأ للتاريخ :

إن الإسلام أكمل الشرائع السماوية قاطبة ، وقد جاء إلى البشرية بما تتضمنه شريعة موسى وعيسىعليهما‌السلام ولكن بصورة أكمل وبصيغة تطابق وتتمشى مع جميع الظروف والأوضاع.

ومع أن السيد المسيحعليه‌السلام وميلاده المبارك يحظى بالاحترام عند المسلمين إلاّ أنّ ميلادهعليه‌السلام لم يُتخَذ لديهم مبدأ للتاريخ ، والتوقيت.

وكانت العرب قد جعلت عام الفيل(١) مبدأ لتاريخها ، وكانت تقيس حوادثها واُمورها إليه فترة من الزمن ، ومع أن رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان قَد وُلِدَ في ذلك العام نفسه ، إلاّ أن المسلمين لم يتخذوه مع ذلك مبدأ للتاريخ ، لأنه لم يكن ينطوي على ما يتصل بقضية الإيمان والإسلام.

ولاجل هذا أيضاً لم يتخذوا عام البعثة مبدء لتاريخ المسلمين أيضاً لأن عدد المسلمين لم يكن يتجاوز في ذلك اليوم ثلاثة أشخاص ، إِذن فلم يكن في اي واحد من تلك الحوادث ما يعطي مبرراً قوياً لاتخاذه مبدء للتوقيت والتاريخ ، إذ لابد ان يكون ما يتخذ لذلك قضية مصيرة بالغة الأهمية.

ولكنه في السنة الاولى من الاعوام الهجرية حقق المسلمون انتصاراً عظيماً وباهراً ، وقد اُسست فيه حكومة مستقلة وتخلّص المسلمون من التشرذم والتبعثر ، وتمركزت قواهم وعناصرهم في نقطة واحدة ، وبيئة حرة لا أثرَ فيها للكبت والاضطهاد ، من هنا جعلوا ذلك العام ( أي العام الّذي تحققت فيه هجرة النبيّ العظيم ) مبدءً لتاريخهم ، واخذوا يقيسون إليه ـ وحتّى الآن ـ كل ما يحدث ويقع من خير وشر ، لتحديد تاريخ وقوعه.

من هنا يكون قد مضى على عام هجرة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من مكة إلى المدينة الف واربعمائة وتسعة اعوام.

__________________

١ ـ وهو العالم الّذي سيّر فيه أبرهة جيشاً لهدم الكعبة تتقدمة الفيلة. راجع المحبّر : ص ٥ ـ ٨.

٦٠٥

الهجرة النبوية مبدأ لتاريخ المسلمين كافة :

ولقد جعل رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم التاريخ الهجريّ بنفسه.

وانّ أيَّ إعراض وتجاهل لهذا التاريخ ، واختيار تاريخ آخر مكانه إعراضٌ عن سنة رسول الإسلام الكريمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ومخالفة لما رسمه للمسلمين في هذا المجال.

إن وجود تاريخ معين ثابت ( مؤلّف من السنة والشهر واليوم ) في الحياة الإجتماعية البشرية ، من الاُمور الضرورية الحيوية بل هو في غاية الضرورة والحيوية ، من أجل أن لا تتوقف عجلة الحياة الإجتماعية البشرية عن الدوران والحركة بسبب فقدان مقياس زمني ثابت ومعلوم للامور والحوادث.

وتلك حقيقة لا حاجة إلى اقامة البرهان عليها لأنَّ الاستدلال عليها يكون مثل الاستدلال على الامور البديهية.

فهل يكون تنظيم المعاهدات ، والمواثيق السياسية والعسكرية ، والاتفاقيات ، والعقود الاقتصادية وتحويل وتسديد السندات والحوالات التجارية ودفع الديون وكتابة الرسائل العائلية من دون ذكر تاريخ معين فيها أمراً مفيداً؟ كلا حتما ، ودون ريب.

فعندما سأل بعض الصحابة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن علة اختلاف أشكال القمر ، وانه لماذا يكون هلالا تارة ثم بدراً اُخرى. ثم يعود إلى سيرته الاُولى هلالا ، نزل الوحيُ الالهي ، يبيّنُ بعض حكمة هذه الظاهرة الطبيعية إذ قال تعالى : « قل هيَ مواقيت للنّاس »(١) .

أي ان اختلاف اشكال القمر وهيئاته انما هو لاجل ان يعرف الناسُ به الوقت والتاريخ فيعرفوا في أي يوم من الشهرهم ، في مبدئه أو منتصفه ، أو منتهاه ،

__________________

١ ـ البقرة : ١٨٩ ومطلعها : « يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت ».

٦٠٦

ولكي يعرفوا بواسطة ذلك مواعيد واجباتهم الشرعية والاجتماعية ، ويعرف الدُّيّان موعد تسلّم دُيونهم ، ويعمَدُ المَدِينون إلى دفع ما عليهم في وقته ، ويقومَ المؤمنُون بفرائضهم المقيَّدة بالازمنة والاوقات كالصوم والحج وماشابه ذلك.

من هنا لا مجال للنقاش في احتياج كل اُمة إلى تاريخ معين ثابت محدّد تجعله ملاكاً للتوقيت ، ومداراً لتحديداتها الزمنية.

إنما الكلام هو في ما ينبغي إتباعه والجري عليه من التواريخ ، وتنظيم المستندات والمكاتبات والمواعيد وفقاً له.

وبعبارة اُخرى : إن الكلام إنما هو في ما ينبغي جعله مبدءً للتاريخ يقاس به كل العُقودِ والاتفاقات من حيث الزمان ، والتوقيت.

فما الّذي يصلح أوينبغي إتخاذه مبدءً للتاريخ للامة الإسلامية؟

الجواب :

إن الاجابة على هذا السؤال واضحة جداً ، وتلك الاجابة هي :

إذا كانت لاُمة من الامم حوادث لامعة وسوابق مشرقة في حياتها ، وثقافة خاصة بها ، وديناً ومسلكاً مستقلا وشخصيات علمية وسياسية بارزة ، واحداث ووقائع عظيمة مثيرة ، تبعث على الفخر والاعتزاز ، ولم تكن كنبتة وحشية نبتت عفواً واعتباطاً من غير قانون ولا جذور كبعض الجماعات والشعوب الجديدة الظهور الّتي لا ترتكز إلى اُصول ثابتة معلومة.

فان على مثل هذه الاُمة أن تتخذ من أعظم حوادثها الاجتماعية والدينية مبدءً لتاريخها الّذي تقيس ، وتنظم عليه بقية حوادثها وأعمالها الّتي سبقت تلكم الحادثة العظمى ، أو الّتي وقعت اوتقع بعدها.

ومن هنا تكون قد اكسبت شخصيتها وكيانها قوةً اكبر ، وصانت نفسها من التبعية للشعوب والاُمم الاخرى ، والميعان والفناء فيها.

وإذ لم يكن في تاريخ الاُمة الإسلامية شخصية أعلى شأناً من شخصية رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، كما لم يكن هناك حادثة أعظم ، وانفع من حادثة

٦٠٧

الهجرة النبوية المباركة ، لأن هجرة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فتحت ـ في الحقيقة ـ صفحةً جديدةً في حياة البشرية ، فقد خرج رسول الإسلام واتباعه من بيئة مكة الرازحة تحت الكبت ، إلى بيئة مناسبة حرة مكنّتهم من إحداث انطلاقة كبرى لم يشهد التاريخُ البشريُ برمّته لها مثلا.

فقد استقبل اهلُ المدينة رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومن هاجر معه من المسلمين إلى يثرب استقبالا حاراً ، ووضعوا تحت تصرّفه كلَّ ما توفر لديهم من الامكانات والقوى ، فلم يمض زمن إلاّ وتمتع الإسلام بفضل هذه الهجرة المباركة بتشكيلات سياسية وعسكرية ، واتخذ صورة وشكلَ حكومة قوية لها وزُنها ، وشأنُها ، وجانبُها المرهوب في شبه الجزيرة العربية ، وسرعان ما نشر رايته على البسيطة كلها تقريباً ، وأسس حضارةً عظمى لم تر البشرية لها نظيراً.

فاذا لم تحدث تلك الهجرة المباركة المعطاء لقُضي على الإسلام في محيط مكة ، وحُرمَ العالم الانساني من هذا الفيض العظيم.

من هنا ، ولأجل هذا اتخذ المسلمون هجرة رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مبدءً لتاريخهم ، ودأبوا على ذلك إلى الآن حيث ينقضي أكثر من ألف وأربعمائة عام ، أي أن هذه الامة الكبرى تركت وراءها إلى هذا اليوم أربعة عشر قرناً من الأمجاد والمفاخر ، وهي الآن على أعتاب القرن الخامس عشر؟

من الّذي جعل الهجرة مبدءً للتاريخ؟

على العكس مما هو مشهور بين المؤرخين من أن الخليفة الثاني جعل هجرة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مبدءً للتاريخ باقتراح وتأييد من الامام أمير المؤمنين عليعليه‌السلام وامر بأن تؤرخ الدواوين ، والرسائل والعهود وما شابه ذلك بذلك التاريخ ، فان الامعان في مراسلات النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومكاتباته الّتي هي مدرجة في الأغلب في كتب التاريخ والسيرة والحديث والسنة ، وكذا غير ذلك من الادلة الّتي سوف نذكرها في هذه الصفحات يثبت أن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هو نفسه أول من اعتمد تلك الحادثة الكبرى كمبدأ للتاريخ ،

٦٠٨

وكان يؤرّخ رسائله ، وكتبه إلى امراء العرب ، وزعماء القبائل وغيرهم من الشخصيات البارزة بذلك التاريخ ( أي التاريخ الهجري ).

وها نحن ندرج هنا نماذج من تلك الرسائل النبوية المؤرخة بهذا التاريخ ، ثم نعمد بعد ذلك إلى استعراض الدلائل الاُخرى على هذا الأمر ، ونحن نحتمل ان تكون هناك أدلة اُخرى غير ما سنذكره هنا ـ أيضاً ـ لم نقف عليها.

نماذج من رسائل النبيّ المؤرخة :

١ ـ طلب سلمان من النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ان يكتب له ولأخيه ( ماه بنداذ ) ولأهله وصية مفيدة ينتفع بها ، فاستدعى رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عليّاً وأملى عليه اُموراً ، وكتبها عليعليه‌السلام ثم جاء في آخر تلك الوصية :

« وكتب علي بن أبي طالب بأمر رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في رجب سنة تسع من الهجرة »(١) .

٢ ـ أدرج المؤرخُ الشهير « البلاذري » في كتابه « فتوح البلدان » نصَّ معاهدة رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مع يهود « المقنا » وذكر أن مصرياً رأى نصَ هذه المعاهدة في جلد أحمر اللون عتيق وكان قد استنسخَها ، فقرأها لي.

ثم نقل البلاذري نص تلك المعاهدة وقد جاء في نهايتها :

« وليس عليكم امير الا من انفسكم أو من اهل بيت رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وكتب علي بن أبو طالب في سنة تسع »(٢) ومع أن « أبا طالب » يجب أن يكتب حسب القواعد الادبية في المقام « أبي طالب » لكونه مضافاً إليه فقد كتب : « علي بن أبو طالب » ولكن مع ذلك ذكر المحققون ان قبيلة قريش كانت تتلفظ لفظة أب في جميع الموارد ( أي في حالة النصب والرفع والجرّ ) ب‍ « أبو » وتكتبها كذلك أيضاً ، وقد صرح الاصمعيّ بهذا من بين الادباء.

ويقول البروفيسور « محمّد حميد اللّه » مؤلف كتاب « الوثائق السياسية » : اني

__________________

١ ـ اخبار اصفهان : تأليف ابي نعيم ، ج ١ ، ص ٥٢ و ٥٣.

٢ ـ فتوح البلدان : ص ٧٢.

٦٠٩

لما كنت في المدينة المنورة في شهر محرم سنة ١٣٥٨ وجدت في الكتابة القديمة الّتي في جنوبي جبل سلع في المدينة المنورة « أنا علي بن أبو طالب »(١) .

٣ ـ جاء في معاهدة الصلح الّتي نظمها « خالد بن الوليد » لاهل دمشق ، ونص فيها على احترام دمائهم ، واموالهم وكنائسهم : « وكتب سنة ثلاث عشرة »(٢) .

وكلنا نعلم أن دمشق فتحت في أواخر حياة الخليفة الأوّل.

فما يدعيه البعض من ان التاريخ الهجري قد اتخذ في عهد الخليفة الثاني بارشاد وتأييد من الامام عليعليه‌السلام غير صحيح فان تاريخ ذلك يرتبط بالسنة السادسة عشرة أو السابعة عشرة من الهجرة ، والحال ان هذه المعاهدة قد نظِّمت ودُوّنت واُرخت بالتاريخ الهجري قبل ذلك بأربع سنوات.

٤ ـ ان كتاب الصلح الّذي كتبه الامام عليعليه‌السلام بأمر رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لنصارى نجران مؤرَّخ بالسنة الهجرية الخامسة.

فقد جاء في هذه الرسالة :

« وأمر علياً ان يكتب فيه انه كتب لخمس من الهجرة »(٣) .

ان هذه الجملة تفيد بوضوح ان النبيّ الاكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هو واضع التاريخ الهجري ومؤسسه الاوّل وهو الّذي أمر علياًعليه‌السلام بان يؤرخ ذلك الكتاب بالتاريخ الهجري في ذيله.

٥ ـ جاء في مقدمة الصحيفة السجادية : قال جبرئيل وهو يفسر رؤيا رآها رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « تدور رحى الإسلام من مهاجرك فتلبث بذلك عشر ، ثم تدور رحى الإسلام على رأس خمس وثلاثين من مهاجرك فتلبث بذلك خمس ، ثم لابد من رحى ضلالة هي قائمة على قطبها »(٤) .

__________________

١ ـ مكاتيب الرسول : ص ٢٨٩ ، نقلا عن شرح ملا علي القاري لشفاء القاضي عياض ، وكذا الوثائق السياسية.

٢ ـ الاموال : طبعة مصر ، ص ٢٩٧.

٣ ـ التراتيب الادارية : ج ١ ، ص ١٨١ نقلا عن السيوطي.

٤ ـ مقدمة الصحيفة السجادية ، سفينة البحار : ج ٢ ، ص ٦٤١.

٦١٠

٦ ـ يروي المحدثون الاسلاميُّون أن رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال لام سلمة :

« يُقتَل الحسين بن علي على راس ستين من مهاجري »(١) .

٧ ـ قال أنس بن مالك : « حدثنا أصحاب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : لا تأتي مائة سنة من الهجرة ومنكم عين تطرف »(٢) .

٨ ـ أرخ أصحاب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في ايام حياته الحوادث الإسلامية بهجرته فقالوا : وقع كذا في الشهر كذا من الهجرة ، مثلا كانوا يقولون : حولت القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة في شهر شعبان ستة عشر شهراً أو سبعة عشر شهراً أو ثمانية عشر شهراً(٣) .

على رأس ثمانية عشر شهراً فرِضَ صوم شهر رمضان(٤) .

وقال عبد اللّه بن انيس أمير الوفد الّذي بعثه رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

خرجت من المدينة يوم الاثنين لخمس خلونَ من المحرم على رأس أربعة وخمسين شهراً(٥) .

وقال محمّد بن سلمة عن غزوة القرطاء : خرجتُ في عشر ليال خلون من المحرم فغبت تسع عشرة وقدمتُ لليلة بقيت من المحرم على رأس خمسة وخمسين شهراً(٦) .

إنَّ هذا النوع من تاريخ الحوادث والوقائع يكشف عن ان المسلمين كانوا إلى السنة الخامسة من الهجرة يقيسون الحوادث بهجرة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويؤرخون بها عن طريق عدّ الأشهر ، حتّى إذا كانت السنة الخامسة من الهجرة

__________________

١ ـ مجمع الزوائد : ج ٩ ، ص ١٩٠.

٢ ـ تاريخ الخميس : ج ١ ، ص ٣٦٧.

٣ ـ نفس المصدر : ج ١ ، ص ٣٦٨.

٤ ـ المغازي : ج ٢ ، ص ٥٣١ تحقيق الدكتور مارسدن جونس.

٥ ـ المغازي : ج ٢ ، ص ٥٣١.

٦ ـ المغازي : ج ٢ ، ص ٥٣٤.

٦١١

أمر رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم باحلال السنة الهجرية مكان الشهر الهجري ( كما مرّ في الرسالة رقم ٤ ) حيث أمر النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بان يُؤرَّخ الكتاب الّذي كتبه لنصارى نجران بالعام الهجري.

٩ ـ نقل المحدثون الاسلاميون عن الزهري قوله : ان رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لما قدم المدينة مهاجراً أمر بالتاريخ فكتب في ربيع الأوّل ( اي شهر قدومه المدينة )(١) .

١٠ ـ روى « الحاكم » عن « ابن عباس » ان التاريخ الهجري بدأ من السنة الّتي قدم فيها النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المدينة(٢) .

إن هذه النصوص تحكي عن أنّ قائد الإسلام الأكبر قد أوضح مسألة التاريخ من اليوم الاول. وانه جعل هجرته مبدأ لذلك التاريخ. غاية ما هنالك أن هذا التاريخ كان إلى فترة من الزمن يعدُّ بالأشهر ثم حل العدُّ بالأعوام منذ حلول السنة الخامسة من الهجرة محل العدّ بالاشهر.

سؤال :

ويمكن ان يسأل سائل : إذا كان حقاً أن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هو مؤسس التاريخ الهجري وواضعه الاوّل فماذا نفعل بالخبر الّذي رواه كثيرٌ من المحدثين والمؤرخين.

فانهم يقولون : رفع رجل إلى عمر صكاً مكتوباً على آخر بدَين يحلّ عليه في شعبان فقال عمر : اي شعبان؟ أمِن هذه السنة أم الّتي قبلها أم الّتي بعدها؟

ثم جمع الناس ( أي أصحاب رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) فقال : ضعوا للناس شيئاً يعرفون به حلول ديونهم فيقال : أن بعضهم أراد أن يؤرخوا كما تؤرخ الفرس بملوكهم كلما هلك ملك أرّخوا من تاريخ ولاية الّذي بعده فكرهوا ذلك.

__________________

١ ـ فتح الباري : ج ٧ ، ص ٢٠٨ ، تاريخ الطبري : ج ٢ ، ص ٢٨٨ طبعة دار المعارف.

٢ ـ مستدرك الحاكم : ج ٣ ، ص ١٣ و ١٤ وقد صححه على شرط مسلم.

٦١٢

ومنهم من قال : ارخوا بتاريخ الروم من زمان اسكندر فكرهوا ذلك لطوله أيضاً.

وقال آخرون : أرّخوا من مولد رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وقال آخرون : أرخوا من مبعثه. واشار علي بن أبي طالبعليه‌السلام أن يؤرخ من هجرته إلى المدينة لظهوره على كل أحد ، فانه أظهر من المولد والمبعث ، فاستحسن عمر ذلك والصحابة ، فأمر عمر أن يؤرَخ من هجرة رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (١) .

الجواب :

إنّ هذا القسم من التاريخ لا يمكن الاستناد إليه في مقابل النصوص الكثيرة الّتي وصفت الرسول العظيمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بكونه واضعَ التاريخ الهجري ومؤسسه الأول.

هذا مضافاً إلى أنه من الممكن أن يكون التاريخ الهجري الّذي وضعه النبيّ الكريمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد تعرّض للترك ، وفقد رسميته بمرور الزمن وقلة الحاجة إلى التاريخ ولكن جُدِّد في زمن الخليفة الثاني ، بسبب اتساع نطاق العلاقات واُعيد الاهتمام به لاشتداد الحاجة إليه في هذا العهد.

التذكير بنقطتين :

١ ـ لا نجد في الاقتراحات الّتي عرضت على الخليفة في مجال التاريخ أي ذكر للتاريخ المسيحي الّذي يجعل ميلاد السيد المسيحعليه‌السلام مبدءً للتاريخ.

والعلة هي : أن التاريخ الميلادي ظهر في القرن الرابع الاسلامي بين

__________________

١ ـ البداية والنهاية : ج ٧ ، ص ٧٣ و ٧٤ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج ١٢ ، ص ٧٤. الكامل لابن الاثير : ج ١ ، ص ١٠.

٦١٣

المسيحيين بعد سلسلة من المحاسبات التخمينية ، فهو لم يكن رائجاً قبل ذلك.

٢ ـ ان البلاد والاقطار الإسلامية بحاجة اليومَ إلى الوحدة والاتفاق اكثر من اي زمن مضى.

ومن مظاهر تلك الوحدة هو السعي للحفاظ على التاريخ الاسلامي الهجري.

ومن هنا يتوجب على الاقطار الإسلامية ان تقيم كل روابطها ، وعلاقاتها على أساس التاريخ الهجري ، شمسياً كان أو قمرياً.

وان هذا الأمر بحاجة إلى مؤتمر إسلامي كبير يشترك فيه كبارُ الشخصيات الفكرية الإسلامية من أجل توحيد التاريخ ، ودراسة السبل الكفيلة بالوصول إلى هذا الأمر ، والتخلّص من التبعية الغربية في التاريخ.

ان من المؤسف جداً أن تتجاهل بعض الدول الإسلامية والعربية التاريخَ الهجري وتعتمد التاريخ الميلادي المسيحيّ ، حتّى أن شيخ الجامع الازهر الّذي يشكل قمة القيادة الدينية في المجتمع السني يؤرخ رسائله بالتاريخ الميلادي ، ولا يذكر إلى جانبه التاريخ الهجري على الأقل!!(١)

مؤامرة الطاغوت :

وكانت ايران من الاقطار الإسلامية الّتي حافظت بشدة على التاريخ الهجري ، واعتمدته في اعمالها ، ولكن في المؤامرة الّتي نفّذت بواسطة الطاغية المقبور في عام ١٣٩٩ هـ ، استبدلت التاريخ الهجري بالتاريخ الشاهنشاهي واُعلن في وسائل الاعلام عن وجوب اعتماد هذا التاريخ المختلَق بدل التاريخ الهجري الاصيل!!

ولقد تصوَّر الطاغوتُ الأرعن أنه يستطيع بحذف التاريخ الهجري ، واستبداله

__________________

١ ـ وقد رأيت أنا شخصياً رسالةً من شيخ الجامع الأزهر الاسبق هو الشيخ محمود عبد الحليم وعليها التاريخ الميلادي فحسب!!

٦١٤

بالتاريخ الشاهنشاهي المشؤوم تثبيت قواعد حكومته المهزوزة ، وسلطانه المنخور ، ونظامه الظالم المتهرئ ، مدة أطول ، ولكن العناية الالهية ، وهمة الشعب الإيراني المسلم العالية ، وقيادة الاستاذ الاكبر آية اللّه العظمى الإمام الخمينيقدس‌سره الشريف أفشلت هذه المحاولة النكراء ، وآل الأمر إلى اسقاط النظام الشاهنشاهي بثورة الشعب المجيدة واقامة حكومة الجمهورية الإسلامية على انقاض الحكم الملكي المباد ، واحلال التاريخ الهجري الاسلامي المبارك محلّ التاريخ الشاهنشاهي المختلق. والحمد للّه(١) .

برنامج الرحلة في حادث الهجرة :

لقد كان على رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ان يقطع ـ للوصول إلى المدينة ـ ما يقرب من اربعمائة كيلومتراً ، ولا شك أن طيّ هذه المسافة الطويلة تحت تلك الحرارة العالية الدرجة بحاجة إلى خطة صحيحة ، لضمان السلامة ، خاصة وانهم كانوا يخافون من أن يقوم الأعراب الذين كانوا ربما يصادفونهم في اثناء الطريق باخبار قريش بهم ، ولهذا كانوا يسيرون ليلا ويستريحون نهاراً.

ويبدو أن شخصاً شاهد النبيّ ومن معه في أثناء الطريق فرجع إلى مكة وأخبر قريشاً بذلك فخرج « سراقة بن مالك بن جعشم » يطلبهم طمعاً في جائزة قريش الكبرى فلحق برسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقد صرفَ قريشاً عن ملاحقة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قبل ذلك ليتفرد بها.(٢)

يقول ابن الاثير : تبعهم سراقة فلحقهم فقال أبو بكر : يا رسول اللّه ادركنا الطلبُ ، فقال رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « لا تحزن إنَّ اللّهَ معنا ».

ثم قال رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « اللّهم اكفني شرَّ سُراقة بما شئتَ » فجمح به فرسُه وطرحه أرضاً.

__________________

١ ـ يستخدم فى ايران تاريخ هجري آخر هو التاريخ الهجري الشمسي وهو ينفع لمعرفة الفصول وما شاكل ذلك.

٢ ـ التاريخ الكامل : ج ٢ ، ص ١٠٥.

٦١٥

فعلم سراقة أن هذا من دعاء رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولهذا قال بنبرة المعتذر الملتمس : يا محمّد هذه إِبلي بين يديك فيها غلامي.

وان احتجت إلى ظهر ( اي مركوب ) أو لبن فخذ منه فقد حكّمتك في مالي.

فقال رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا حاجة لي في مالك(١) .

وروى المجلسي ان سراقة قال : فسلني حاجة.

فقال رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : رُدَّ عنّا مَنْ يطلبُنا من قريش.

فانصَرف سراقة فاستقبله جماعة من قريش في الطلب فقال لهم : انصرفوا عن هذا الطريق فلم يمرّ فيه أحد ، وأنا اكفيكم هذا الطريق فعليكم بطريق اليمن والطائف.

وهكذا ما كان يمرّ باحد إلاّ وصرفه عن البحث عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في هذا الطريق بمثل هذا الكلام.

ثم إن كُتّاب السيرة من الشيعة والسنّة يذكرون لرسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كرامات كثيرة في طريق مكة ـ المدينة ونحن ندرج واحدة منها :

مرّ رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في أثناء الطريق على خيمة اُم معبد وكانت إمرأة شجاعة فاضلة فنزلوا بخيمتها وطلبوا منها تمراً ولحماً أو لبناً يشترون.

فقالت : ما يحضرني شيء وكانت أغنامها قد اُصيبت بالهزال بسبب الجدب ، فنظر رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى شاة في جانب من الخيمة فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لها : ما هذه الشاة يا اُم معبد؟ قالت : شاةٌ خلّفها الجهدُ من الغنم فقال : هل بها من لبن؟.

قالت : هي أجهدُ من ذلك ، قال : أتأذنين ان أحلبها؟.

____________

١ ـ يذكر كثير من المؤرخين كابن الاثير في الكامل : ج ٢ : ص ١٠٥. والمجلسي في البحار : ج ١٩ ، ص ٧٥ ـ ٨٨ القصة كما نقلناها هنا ، ولكن مؤلف حياة محمّد يقول : ان سراقة تطيّر لما كبا به فرسُه واُلقي في روعه أن الآلهة مانعة منه ضالَّته.

٦١٦

قالت : نعم ان رأيت بها حلباً فاحلبها.

فدعا بها رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فمسح بيده ضرعَها ، وسمّى اللّه عزوجل ، ودعا لها في شاتها قائلا اللّهم بارك لها في شاتها فدرَّت لبناً كثيراً بفضل دعائهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فطلبَ إناءوحلبها ، فسقاها أولا حتّى رُوِّيَت ثم سَقى أصحابَهُ حتّى رَوُوْا وشرب هو آخرَهم ، وقال :

« ساقي القوم آخرهم شرباً ».

ثم حلب الشاة مرةً ثانيةً فغادره عندها ، وثم ارتحلوا عنها إلى المدينة(١) .

وقد ذُكرت هذه الكرامة في كثير من كتب السيرة والتاريخ ، وهو أمر ممكن في رؤية المؤمن باللّه ، لأن الدعاء أحدُ الاسباب التي تستطيع أن تؤثر في الطبيعة ، وشأنها شأن غيرها من الكرامات الّتي ورد ذكرها في الكتب الدينية وصدقته التجربة(٢) .

النزول في قرية قباء :

تقع قرية قباء على ميلين من المدينة على يسار القاصد إلى مكة وكانت مساكن « بني عمرو بن عرف » ومركزهم.

ولقد وصل رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومن معه إلى قباء في الثاني عِشر من شهر ربيع الاول يوم الاثنين ، ونزل على « كلثوم بن الهرم » وهو شيخ من بني عمرو وكان ثمة جمع كبير من المهاجرين والانصار ينتظرون قدومه ، ويستخبرون وروده.

ولقد لبث رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في قباء إلى آخر أيام الاسبوع ، وقد خط في هذا الفترة مسجداً لقبيلة « بني عمرو بن عوف » ، ونصب قبلته(٣) .

__________________

١ ـ بحار الأنوار : ج ١٩ ، ص ٧٥.

٢ ـ بحار الأنوار : ج ١٨ ، ص ٤٣ وج ١٩ ، ص ٩٩ ـ ١٠٣ ، الطبقات الكبرى : ج ١ ، ص ٢٣٠ و ٢٣١ ، تاريخ الخميس : ج ١ ، ص ٣٣٣ ، اُسد الغابة : ج ١ ، ص ٣٧٧.

٣ ـ تاريخ الخميس : ج ١ ، ص ٣٣٨.

٦١٧

وكان البعض ممن رافق رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يصرّ عليه أن يسارع في الدخول إلى المدينة ، ولكن رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان ينتظر ابن عمه علياً.

ويقول : فما أنا بداخلها حتّى يقدم ابن اُمّي وأخي ، وابنتي ( يعني عليّاً وفاطمةعليهما‌السلام )(١) .

وأقام عليّعليه‌السلام بمكة ثلاث ليال بايامها ، حتّى أدّى عن رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الودائع الّتي كانت عنده للناس فقد وقفعليه‌السلام على مكان مرتفع في مكة ونادى قائلا :

« مَن كانَ لَه قِبَلَ محمّد أمانةٌ أو وديعةٌ فليأتِ فلنؤدّ إليه أمانتهُ ».

فكان يأتيه من له أمانةٌ أو وديعة عند رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويذكر علامتها ويأخذها فلما فرغعليه‌السلام من اداء الامانات والودائع خرج بفاطمة بنت رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وامه فاطمة بنت اسد ، وفاطمة بنت الزبير وآخرين ممن لم يكن قد هاجر مكة حتى تلك الساعة ، وتوجه بهم نحو المدينة ليلا سالكا بها طريقاً في « ذي طوى ».

كتب الشيخ الطوسي في اماليه في هذا الصدد يقول : إن جواسيس قريش غرفت بسفر علي مع تلك الجماعة ، فخرجوا لملاحقتهم ، لغرض اعادتهم إلى مكة ، فادركوهم في منطقة « ضجنان ».

ووقع بين رجال قريش وبين عليعليه‌السلام تلاح وتناوش ، وأخذٌ وردٌّ ، ودنا الرجال من النسوة ، والمطايا ليثوروها فحال عليّعليه‌السلام بينهم ، وبينها ، ولم يجدعليه‌السلام طريقاً إلاّ أن يدافع عن حرم الإسلام والمسلمين ، فشدّ عليهم بسيفه شدَّة الأسد الغضِب والليث الغيور وهو يقول مرتجزاً :

خَلُّوا سبيل الجاهد المجاهِد

آليتُ لا أعبُدُ غَيرَ الواحِدِ

 __________________

١ ـ الفصول المهمة لابن صباغ المالكي : ص ٣٥ دون ان يذكر اسماً ، وامالي الشيخ الطوسي : ج ٢ ، ص ٨٣.

٦١٨

فلما وجدوا ما به من الجدّ والغضب خافوه وتفرّقوا عنه وقالوا : بنبرة الخائف المتضرع ـ : إحبس عنّا نفسَكَ يا ابن أبي طالب ، فقالعليه‌السلام :

« فإنّي مُنْطَلِقٌ إلى ابن عمّي رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بيثرب فمن سرّهُ ان اُفري لحمه واُهريق دمه فليتبعني ، وليدنُ مني ».

فتركه القومُ وعادوا من حيث أتوا ، وواصل الركبُ رحلته باتجاه المدينة.

يقول ابن الاثير : قدم « علي » المدينة وقد تفطّرت قدماه ، فقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ادعوا لي عليّاً ، قيل : لا يقدر أن يمشي ، فأتاه النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم واعتنقه وبكى رحمةً لما بقدميه من الورم(١) .

ولقد قدم رسول اللّه قباء في الثاني عشر من شهر ربيع الأول ، والتحق به عليُّعليه‌السلام في منتصف ذلك الشهر نفسه(٢) ، ويؤيد هذا القول ما ذكره الطبري في تاريخه إذ كتب يقول : واقام علي بن ابي طالب رضي اللّه عنه بمكة ثلاث ليال وأيامها حتّى أدى عن رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الودائع الّتي كانت عنده إلى الناس(٣) .

المدينة تهبُّ لقدوم النبيّ :

ولقد كان يوم دخول رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوماً عظيماً جداً ، ومشهوداً.

فكم ترى ستكون عظيمةً فرحةُ الذين آمنوا برسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم منذ ثلاث سنوات ، وظلوا طوال هذه الأعوام يبعثون برسلهم ووكلائهم إليه ، ويذكرون اسمه المقدس ، ويصلّون عليه في صلواتهم كل يوم ، إذا سمعوا أن

__________________

١ ـ الكامل في التاريخ : ج ٢ ، ص ١٠٦.

٢ ـ إمتاع الأسماع : ص ٤٨ وعلى هذا تكون محاصرة بيت رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد تمّت ثلاث ليال قبل شهر ربيع الاول من السنة الاُولى من الهجرة ، وقد خرج النبيّ من داره ليلة الاثنين ودخل غار ثور وبقي ماكثاً فيه ثلاثة أيام ، وخرج منه ليلة الخميس اول ربيع الاول وتوجه نحو المدينة ووصل قباء في الثاني عشر منه راجع تاريخ الخميس : ج ١ ، ص ٣٣٧ ـ ٣٣٨.

٣ ـ تاريخ الطبري : ج ٢ ، ص ٣٨٢.

٦١٩

قائدهم ذلك الّذي طال انتظارهم اياه ، واشتد تشوقهم إليه كائن عند ميلين من مدينتهم قد نزل في قبا اياماً ، وسيقدم اليهم ويدخل مدينتهم بعد ايام؟ وكم سيكون مبلغُ ابتهاجهم ، وأي ابتهاج ترى سيعم كل صغير وكبير؟

إنه حقاً لأمر يعجزُ القلم عن بيانه ، ويكل اللسان عن وصفه.

ولقد كان لفتية الأنصار وشبابهم الضامئين إلى الإسلام الحنيف برنامجٌ رائعٌ وعظيمٌ ، فقد كانوا عمدوا بغية تطهير جوّ المدينة من ادران الوثنية إلى كل صنم في المدينة كان يقدّس ويعبد فاحرقوه وكسّروه ، وقد كان كل شريف في بيته صنمٌ يمسحه ويطيّبه ، ولكل بطن من الأوس والخزرج صنمٌ في بيت لجماعة يكرّمونه ويطيّبونه ، ويجعلون عليه منديلا ويذَبحون له(١) .

ولا بأس في أن نذكر نموذجاً من هذا العمل الجليل الّذي قام به الانصار في التخلّص من الوثنية :

لماقدم من بايع من الأنصار في العقبة الثانية إلى المدينة اظهروا الإسلام بها وفي قومهم بقايا من شيوخ لهم على دين الشرك وعبادة الأوثان منهم « عمرو بن الجموح » وكان من سادات بني سلمة وشريفاً من أشرافهم وكان ابنه « معاذ » بن عمرو قد شهد بيعة العقبة.

وكان عمرو هذا قد اتخذ في داره صنماً من خشب يقال له : مناة ، كما كانت الاشراف يصنعون ، تتخذه إلهاً تعظّمه وتطهّره ، فلما أسلم فتيان بني سلمةَ : معاذ بن جبل ، وابنه معاذُ بن عمرو بن الجموح كانوا يتسلّلون في الليل إلى صنم عمرو بن الجموح فيحملونه ويطرحونه في بعض حُفَر بني سلمة ومزابلها ، وفيها فَضلاتِ الناس وعذرها منكَّساً على رأسه!!

فاذا أصبح عمرو قال : ويلكم من عدا على آلهتنا هذه الليلة؟

ثم يغدو يلتمسه حتّى إذا وجده غسله وطهّره وطيّبه. ثم قال للصنم : أما واللّه لو أعلمُ من فَعَلَ هذا بك لاُخزينّه!

__________________

١ ـ بحار الأنوار : ج ١٩ ، ص ١٠٧.

٦٢٠

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694