سيد المرسلين صلى الله عليه وآله الجزء ٢

سيد المرسلين صلى الله عليه وآله10%

سيد المرسلين صلى الله عليه وآله مؤلف:
تصنيف: الرسول الأعظم صلّى الله عليه وآله
الصفحات: 778

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 778 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 459092 / تحميل: 9709
الحجم الحجم الحجم
سيد المرسلين صلى الله عليه وآله

سيد المرسلين صلى الله عليه وآله الجزء ٢

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

فأمر النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأن ينادي المسلمون بشعار مضاد لشعار أبي سفيان ، مشابه له في الوزن والسجع فقال : قولوا :

« الله مولانا ولا مولى لكم ».

أي اذا كنتم تعتمدون على صنم مصنوع من الحجر والخشب ، فاننا نعتمد على الله الخالق ، القادر والعلي الاعلى.

فنادى منادي الشرك ثالثا : يوم بيوم بدر. فأمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بان يجيبه المسلمون.

« لا سواء قتلانا في الجنة ، وقتلاكم في النار ».

فكان لشعارات المسلمين القوية الرادعة التي كان يرددها المئات ، أثرها العجيب في نفس رأس الشرك أبي سفيان الذي بدأ هذه الحملة النفسية والحرب الباردة بغية تحطيم ايمان المسلمين ، ورأى كيف ارتد كيده إلى نحره ولهذا انزعج بشدة وقال : ألا إن موعدكم بدر للعام القابل.

ثم انصرف إلى أصحابه ، وغادروا جميعا أرض المعركة راجعين إلى مكة(١) .

وكان على المسلمين الآن ـ وفيهم مئات الجرحى والمصابين وسبعون قتيلا ـ أن يصلّوا الظهر والعصر فصلى بهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جلوسا ، وصلّوا معه جلوسا ، لما أصابهم من الضعف ، ثم أمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بدفن الشهداء ، ومواراتهم الثرى عند جبل احد.

نهاية المعركة :

وضعت الحرب أوزارها ، وتباعد الجانبان ، وقد تحمّل المسلمون من الخسائر في الارواح ثلاثة أضعاف ما تحمّله المشركون. وكان عليهم أن يبادروا إلى دفن الشهداء على النحو الذي أمرهم به الدين.

ولكنهم فوجئوا بأمر فضيع ، فقد اغتنمت نسوة من قريش وفي طليعتهن هند

__________________

(١) السيرة النبوية : ج ٢ ص ٩٤.

١٨١

زوجة ابي سفيان فرصة انشغال المقاتلين المسلمين وارتكبن بحق الشهداء الابرار ، جناية فظيعة لم يعرف لها تاريخ البشرية مثيلا ، فهن لم يكتفين بالانتصار الظاهري بل عمدن إلى التمثيل بشهداء المسلمين ، تمثيلا مروعا فخمشن وجوههم ، وقطّعن الأنوف ، وجدعن الاذان ، وسملن العيون ، وقطعن أصابع الأيدي والأرجل ، والمذاكير ، وصنعن منها القلائد والاساور ، نكاية بالمسلمين ، واطفاء للحقد الدفين ، وبذلك الحقن بهنّ وبأوليائهنّ عارا لا ينسى.

فان جميع الامم والشعوب ـ متفقة على أن الميت الذي لا يستطيع دفاعا عن نفسه ، ولا يتوقع منه ضرر يجب احترامه ، ويحرم اهانته وان كان عدوا. ولكن هندا زوجة أبي سفيان ومن كان برفقتها من نساء المشركين مثّلن بأجساد القتلى شر تمثيل ، وصنعن مما قطّعن منها الاساور والقلائد ، وبقرت « هند » بالذات صدر حمزة بطل الاسلام الفدائيّ ، وأخرجت كبده ، ولاكته بين أسنانها ولكنها لفظته ولم تستطع أكله.

وقد بلغ هذا العمل من القبح ، والسوء أن تبرّأ منه أبو سفيان وقال : « في قتلاكم مثلة لم آمر بها »(١) .

وقد عرفت هند بسبب فعلتها الشنيعة هذه بآكلة الاكباد ، ودعي أبناؤها في ما بعد ببني آكلة الاكباد.

ولما أبصر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حمزة بن عبد المطلب ، ببطن الوادي وقد بقر بطنه عن كبده ، ومثّل به فجدع أنفه واذناه ، حزن حزنا شديدا وغاضه تمثيلهم به فقال :

« ما وقفت موقفا قطّ أغيظ إليّ من هذا! ».

ثم إنّ المؤرّخين يتفقون على أنّ المسلمين تعاهدوا في ذلك الموقف ( وربما نسب هذا إلى النبيّ نفسه ) لئن أظفرهم الله بالمشركين يوما أن يمثّلوا بهم مثلة لم يمثّلها أحد من العرب أو يمثلوا بدل الواحد ثلاثين.

__________________

(١) السيرة الحلبية : ج ٢ ص ٢٤٤.

١٨٢

ولم يمض زمان حتى نزل جبرئيل بقوله تعالى :

«وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ »(١) .

ولقد كشف الاسلام مرة اخرى ومن خلال هذه الآية ـ التي تتضمن أصلا اسلاميا في مجال القضاء مسلما به ـ عن وجهه الانسانيّ العاطفيّ ، وأظهر للجميع بأن الدين الاسلامي ليس شريعة انتقام ، وثأر ، فهو يعلّم أتباعه بأن لا يغفلوا في أشدّ اللحظات والحالات النفسية هياجا وغضبا عن قانون العدالة ، والحق ، وبهذا يكون الاسلام قد راعى مبادئ العدالة والانصاف على الدوام ، وصانها من الانهيار ، والسقوط.

ولقد أصرّت صفية أخت حمزة أنّ ترى جثمان أخيها ، إلاّ أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أمر ابنها الزبير أن يحبسها ويصرفها عن ذلك لكي لا ترى ما بأخيها فلا تحتمل الصدمة.

فقالت صفية : قد بلغني أن قد مثّل بأخي وذلك في الله ، فما أرضانا بما كان من ذلك! لاحتسبنّ ولأصبرنّ إن شاء الله.

فأخبر الزبير رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بمقالتها فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : خلّ سبيلها ، فأتته ، فنظرت إليه فصلّت عليه ، واسترجعت ، واستغفرت له ، ثم أمر به رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فدفن(٢) .

حقا أن قوّة الإيمان أعظم القوى ، فهي تحبس الانسان وتحفظه في أصعب الحالات ، وتفيض على صاحبه حالة من السكينة والوقار.

ثم إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صلى على شهداء أحد الأبرار ، وأمر بدفنهم واحدا واحدا أو اثنين اثنين ، وأمر بأن يدفن « عمرو بن الجموح » و « عبد الله بن عمرو » في قبر واحد.

__________________

(١) النحل : ١٢٦.

(٢) السيرة النبوية : ج ٢ ص ٩٧.

١٨٣

قائلا :

« ادفنوا هذين المتحابّين في قبر واحد »(١) .

آخر ما نطق به سعد بن الربيع :

كان سعد بن الربيع من صحابة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الأوفياء ، وكان رجلا مؤمنا مخلصا ، عظيم الوفاء والحبّ لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وقد اصيب في « احد » اثنتا عشرة اصابة قاضية فسقط على الأرض.

فمرّ عليه رجل يدعى مالك بن الدخشم فقال له : أما علمت أن محمدا قد قتل؟ فقال سعد : اشهد أن محمّدا قد بلّغ رسالة ربه ، فقاتل أنت عن دينك فان الله حيّ لا يموت(٢) .

ثم إنه قد مرّ عليه رجل من الانصار وهو في هذه الحال وبعد أن وضعت الحرب أوزارها فقال لسعد : إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أمرني أن أنظر أفي الاحياء أنت أم في الأموات؟ فقال سعد : أنا في الأموات فابلغ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عنّي السلام ، وقل له : إن سعد بن الربيع يقول لك جزاك الله عنا خيرا ما جزى نبيا عن امته وأبلغ قومك عنّي السلام ، وقل لهم : إن سعد بن الربيع يقول لكم : إنه لاعذر لكم عند الله إن خلص الى نبيكمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومنكم عين تطرف.

ثم لم يبرح ذلك الانصاري حتى قضى سعد بن الربيع نحبه ، فجاء الأنصاري الى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأخبره بما قال. فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

« رحم الله سعدا نصرنا حيّا واوصى بنا ميتا »(٣) .

إنّ حبّ الانسان لنفسه ، أو ما يصطلح عليه العلماء بحبّ الذات من الغرائز

__________________

(١) السيرة النبوية : ج ٢ ص ٩٨ ، بحار الأنوار : ج ٢٠ ص ١٣١.

(٢) و (٣) السيرة النبوية : ج ٢ ص ٩٥ ، بحار الأنوار : ج ٢٠ ص ١٢.

١٨٤

القوية المتأصلة في كيان الانسان بحيث لا يمكن لأي أحد أن يغفل عنها مهما كانت الظروف وهي بالتالي من القوة والهيمنة على وجود الانسان بحيث يضحّى في سبيلها بكل شيء.

ولكن قوة الايمان وحبّ الانسان للعقيدة ، وتعشقه للمعنويات أقوى وأشدّ تأثيرا من ذلك ، فهذا الجنديّ الشجاع لم يكن بين ـ حسب ما تفيده النصوص التاريخية ـ وبين الموت في ذلك الوقت سوى لحظات ، ومع ذلك نجده ينسى نفسه ، ويفكر في حياة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الذي كان يعتبره أقوى سبب لبقاء الدين ، ودوام الشريعة ، وهذا هو الهدف المقدّس الذي قاتل من أجله سعد البطل ، ولهذا لا يحمل ذلك الرجل الأنصاري سوى رسالة واحدة إلى أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يحثهم فيها على السهر على حياة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والعمل معه على تحقيق أهدافه ، في ارساء دعائم التوحيد.

النبيّ يعود الى المدينة :

كانت الشمس تميل نحو المغرب وكانت تستعد للملمة أشعتها الذهبية من صفحة الكون ، وكان السكون والصمت يخيم على كل مكان من الأرض.

في مثل هذه اللحظات كان على المسلمين المقاتلين أن يعودوا بجرحاهم الى منازلهم في المدينة ليستعيدوا قواهم ، ويجدّدوا نشاطهم ، ويضمدوا جرحاهم.

ولهذا صدرت أوامر من جانب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالتوجه نحو المدينة.

فلما كانوا بأصل الحرة قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اصطفوا فنثني على الله ، فاصطف الرجال صفين خلفهم النساء ثم دعا فقال :

اللهم لك الحمد كله ، اللهم لا قابض لما بسطت ، ولا باسط لما قبضت ، ولا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا هادي لمن اضللت ولا مضلّ لمن هديت ، ولا مقرّب باعدت ولا مباعد لما قرّبت.

اللهم انّي أسألك من بركتك ، ورحمتك وفضلك وعافيتك.

اللهم انّي أسألك النعيم المقيم الذي لا يحول ولا يزول.

١٨٥

اللهم انّي أسألك الأمن يوم الخوف والغنى يوم الفاقة عائذا بك.

اللهم من شرّ ما أنطيتنا وشرّ ما منعت منّا.

اللهم توفّنا مسلمين.

اللهم حبّب إلينا الايمان ، وزيّنه في قلوبنا ، وكرّه إلينا الكفر والفسوق والعصيان ، واجعلنا من الراشدين.

اللهم عذّب كفرة أهل الكتاب الذين يكذبون رسولك ويصدّون عن سبيلك.

اللهم أنزل عليهم رجسك وعذابك إله الحق. آمين(١) .

وقد كان هذا العمل خطوة مهمة جدا من الناحية النفسية فقد أمدّ هذا الدعاء نفوس المسلمين المصابين بطاقة روحية ضخمة مما كان من شأنه تخفيف وطأة الهزيمة وتقوية عزائم المسلمين ، كما علّمهم أن يلجئوا إلى الله تعالى في كلّ حال.

فدخل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومعه أصحابه من الانصار والمهاجرين الذين شاركوا في تلك المعركة المدينة.

وكانت أكثر بيوت المدينة قد تحوّلت الى مناجات ومآتم ، يرتفع منها أصوات بكاء الامهات والازواج والبنات اللائي أصبن في رجالهنّ وأوليائهنّ ، وآبائهنّ.

ولما مرّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على منازل بني عبد الاشهل وسمع ندبة النساء ، وبكاءهنّ حزن وانحدرت دموعه على خديه وقال :

« لكنّ حمزة لا بواكي له »(٢) .

فلما عرف سعد بن معاذ واسيد بن حضير بذلك أمرا جماعة من نسائهم بأن يذهبن فيبكين على عمّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

فلما سمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بكاءهنّ على حمزة خرج عليهن وهنّ على باب مسجده يبكين عليه فقال :

__________________

(١) امتاع الاسماع : ج ١ ص ١٦٢ و ١٦٣.

(٢) السيرة النبوية : ج ٢ ص ٩٩.

١٨٦

« ارجعن يرحمكنّ الله فقد آسيتنّ بأنفسكنّ ».

وقيل لما سمعصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بكاءهنّ قال :

« رحم الله الأنصار ، فانّ المواساة منهم ما علمت لقديمة مروهنّ فلينصرفن »(١) .

ذكريات مثيرة عن امرأة مؤمنة :

إن للنسوة المؤمنات صفحات مشرقة ، وعجيبة في تاريخ الاسلام ، لأننا قلما نجد لها نظيرا في عالم المرأة اليوم.

ومن تلك النسوة المؤمنات ذوات المواقف الرائعة والعجيبة في صدر الاسلام المرأة الدينارية ، التي اصيب زوجها وأخوها وأبوها مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم باحد.

فانّها لما نعوا لها مصرع رجالها قالت : فما فعل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟

قالوا : خيرا يا أمّ فلان ، هو بحمد الله كما تحبّين.

قالت : أرونيه حتى أنظر إليه؟

فاشير لها إليه حتى إذا رأته قالت : كل مصيبة بعدك جلل ( اي صغيرة )(٢) .

ما أعظم تلك الاستقامة ، وما أعظم ذلك الايمان الذي يجعل من الانسان طودا راسخا ثابتا في وجه العواصف والاعاصير.

نموذج آخر من النسوة المجاهدات :

لقد أشرنا في الصفحات الماضية بصورة إجمالية إلى قضية « عمرو بن الجموح » الذي آلى على نفسه أن يشارك في الجهاد مع ما كان به من العرج

__________________

(١) السيرة النبوية : ج ٢ ص ٩٩ ، امتاع الاسماع : ج ١ ص ١٦٣ و ١٦٤.

(٢) السيرة النبوية : ج ٢ ص ٩٩.

١٨٧

الموجب لسقوط الجهاد كما عرفت.

فقد شارك هذا المسلم الصادق والمؤمن المجاهد في معركة احد ، ومضى يقاتل في الصف الاول من المجاهدين ، وشارك ابنه « خلاّد بن عمرو بن الجموح » وأخو زوجته « عبد الله بن عمرو »(١) في هذا الجهاد المقدس ، واستشهدوا جميعا في تلك المعركة أيضا.

فخرجت « هند » زوجته وهي بنت عمرو بن حزام ، عمة جابر بن عبد الله الأنصاري الى « احد » وحملت أجسادهم على بعير وتوجهت بها نحو المدينة ، بمنتهى الجلادة ، ورباطة الجأشى.

وعند ما فشى في المدينة أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قتل باحد خرجت النسوة ، يتأكّدن من هذا النبأ ، فالتقت هند ببعض نساء النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ وهي عائدة من احد ـ فسألنهنّ عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقالت : خيرا ، أمّا رسول الله فصالح ، وكلّ مصيبة بعده جلل ، واتخذ الله من المؤمنين شهداء ، وقرأت قول الله تعالى : «وَرَدَّ اللهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنالُوا خَيْراً ... » !!

فسألوا : من هؤلاء؟

قالت : أخي ، وابني خلاّد ، وزوجي عمرو بن الجموح!!

فقلن لها : فأين تذهبين بهم؟

قالت : إلى المدينة اقبرهم بها ثم زجرت بعيرها تحثه على السير قائلة : حل حل في نبرة صامدة.

ومرة اخرى يظهر في هذه الصفحة الناصعة من تاريخ الاسلام نموذج حيّ آخر من مشاهد الثبات والصمود ، والاستقامة ، وتجاوز المصائب ، وتحمّل الآلام والشدائد في سبيل الهدف المقدّس ، وكلّ ذلك من فعل الايمان ، ونتائجه.

إن المذاهب المادية لا ولن تستطيع تربية أمثال هذه النسوة والرجال المتفانين في سبيل العقيدة ، بمثل هذا التفاني العظيم.

__________________

(١) وهو عبد الله بن عمرو بن حرام بن ثعلبة بن حرام الأنصاري.

١٨٨

على أن هؤلاء لم يقاتلوا من أجل المآرب المادية ، وانما قاتلوا من أجل الهدف ، وهو إعلاء كلمة الدين واقامة صرح التوحيد ، ومحو الوثنية والشرك.

هذا وفي بقية هذه القصة ما هو أعجب من اولها ، وهو أمر ، لا يمكن أن يدرك بالمقاييس المادية ، والأسس التي ينطلق منها أصحاب الاتجاه المادي في تحليل القضايا التاريخية. وانما يهضمها ـ فقط ـ من يؤمن بعالم آخر وراء العالم الماديّ الصرف ، ويصدّق بتأثيره في هذا العالم ، وبالتالي لا يقبل بها إلاّ من يصدّق بقضية الإعجاز والمعجزة ، ويذعن لها ويعترف بصحتها من غير تلكّؤ وابطاء.

وإليك هذه البقية :

لمّا زجرت هند بعيرها لتدخل به المدينة برك البعير في مكانه.

فقالت النسوة التي كنّ هناك : لعلّه برك لما عليه.

فقالت هند : ما ذاك به ، لربما حمل ما يحمل البعيران ، ولكنّي أراه لغير ذلك. فزجرته ثانية ، فقام ، فلما وجّهت به إلى المدينة برك ، فوجهته راجعة الى احد فاسرع.

فرجعت إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأخبرته بذلك ، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : فانّ الجمل مأمور. هل قال ( يعني : عمرو بن الجموح ) شيئا؟

قالت : إنّ عمرا لمّا وجّه إلى احد استقبل القبلة ، وقال : اللهم لا تردّني إلى أهلي خزيا ، وارزقني الشهادة!!

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « فلذلك الجمل لا يمضي. إنّ منكم يا معشر الأنصار من لو أقسم على الله لابرّه ، منهم عمرو بن الجموح ، يا هند ما زالت الملائكة مظلة على أخيك من لدن قتل إلى الساعة ينظرون أين يدفن » ، ثم مكث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتى قبرهم ، ثم قال : « يا هند قد ترافقوا في الجنة جميعا ، عمرو بن الجموح ، وابنك خلاّد ، وأخوك عبد الله ».

قالت هند : يا رسول الله فادع لي عسى أن يجعلني معهم(١) .

__________________

(١) امتاع الاسماع : ج ١ ص ١٤٦ ـ ١٤٨.

١٨٩

ثمّ إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دخل بيته فلما أبصرت به بنته العزيزة « فاطمة » ورأت ما أصابه من الجراح ذرفت عيناها بالدموع ، فأعطى رسول الله سيفه لابنته ( الزهراء ) حتى تغسله.

وقال الاربلي المؤرخ الشيعي المعروف الذي كان يعيش في القرن السابع الهجري : كان علي يجيء بالماء في ترسه ، وفاطمة تغسل الدم وأخذ حصيرا فاحرقه وحشى به جرحه(١) .

وفي الامتاع لما رأت فاطمة الدم لا يرقأ ـ وهي تغسله وعلي يصب الماء عليها بالمجنّ ـ أخذت قطعة حصير فأحرقته حتى صار رمادا ثم الصقته بالجرح فاستمسك الدم ويقال : داوته بصوفة محترقة(٢) .

لا بدّ من ملاحقة العدو :

لقد كانت الليلة التي استقرّ فيها المسلمون في منازلهم بالمدينة بعد يوم احد ليلة جدّا خطيرة وحساسة.

فالمنافقون واليهود وأتباع عبد الله بن أبي قد سرّوا لما أصاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأصحابه سرورا كبيرا ، وأظهروا القول السيئ ، وقالوا : ما اصيب نبي هكذا قط.

وكان أنين الجرحى والمكلومين وبكاء الموتورين في رجالهم ونياحهم يسمع من أكثر بيوت المدينة.

والأخطر من كلّ هذا هو التخوّف من أن يقوم المنافقون واليهود بعملية خيانية ضد الاسلام والمسلمين في تلك الظروف.

أو أن يعرّضوا وضع العاصمة الاسلامية الثابت ، والوحدة السياسية القائمة في المدينة للخطر بايجاد الاختلاف والتشتت على الاقل.

إن ضرر الاختلافات الداخليّة أشد بكثير من حملات العدوّ الخارجي ، وان

__________________

(١) كشف الغمة : ج ١ ص ١٨٩.

(٢) امتاع الاسماع : ج ١ ص ١٣٧ و ١٣٨.

١٩٠

انهيار الوحدة والانسجام في الجبهة الداخلية أخطر بكثير من تعرّض البلاد لهجوم من الخارج.

من هنا كان يتعيّن على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يرهب العدو الداخلي ، ويفهمه بأنّ قوى التوحيد لم تفقد انسجامها وتماسكها وانّ أيّة خطوة أو نشاط معاد يهدّد أساس الاسلام للخطر سيسحق بشدة في اللحظة الأولى.

ولهذا أمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأن يخرج في نفس الليلة لملاحقة العدوّ ( أي مشركي مكة ).

فكلّف النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رجلا بأن ينادي في كل مناطق المدينة :

« ألا عصابة تشدّد لأمر الله تطلب عدوّها ، فانّها أنكأ للعدوّ وأبعد للسمع.

ألا لا يخرجن معنا الاّ من حضر يومنا بالامس ».

أو قال : « يا معشر المهاجرين والأنصار من كانت به جراحة فليخرج ، ومن لم يكن به جراحة فليقم ».

وانما خرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كما أسلفنا ليرهب العدوّ وليبلغهم أنه خارج في طلبهم فيظنوا به قوّة ، وأن الذي أصابهم لم يوهنهم عن عدوّهم(١) .

على أن لهذا التقييد ، ولهذا النهي عن خروج غير الجرحى ، أو من لم يشترك في احد ، عللا أو حكما لا تخفى على العارفين بالسياسة ، والرموز العسكرية.

ويمكن الاشارة الى بعضها :

أولا : انّ هذا التحديد ، وبالتالي الاقتصار على من شارك في معركة احد هو نوع من التعريض بمن امتنع من المشاركة في تلك المعركة ، وفي الحقيقة هو نوع من تجريدهم من صلاحية المشاركة في الدفاع المقدّس.

ثانيا : إنّ هذا التحديد هو نوع من عقاب المشاركين في معركة احد ، لأنّهم بتجاهلهم لتعاليم القيادة ، وانصرافهم بسرعة الى المطامع المادية ، والغفلة عن ملاحقة العدوّ في حينه تسببوا في توجيه تلكم الضربة النكراء الى الاسلام ،

__________________

(١) مجمع البيان للطبرسي : ج ٢ ص ٥٣٥ ـ ٥٤١.

١٩١

ولذلك يجب عليهم انفسهم ملافاة تلك الخسارة ، وترميم ذلك العطب ، لكيلا يعودوا إلى مثل ذلك ، ولا يتجاهلوا أوامر القيادة ، ونحن نعلم أن الانضباطية والتقيد الكامل بالاوامر هو أهم عنصر في نجاح الامور العسكرية(١) .

بلغ نداء مؤذن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مسامع شاب من بني الاشهل كان قد شهد احدا مع رسول الله ، فخرج هو وأخوه وهما جريحان مع رسول الله لطلب العدوّ ، وقد قال أحدهما للآخر : أتفوتنا غزوة مع رسول الله.

وقد خرجا دون أن تكون لهما دابة يركبانها وكلاهما مصابان بجروح ثقيلة ، فكان الأيسر منهما يحمل الآخر مسافة ، فاذا تعب مشيا مسافة ، ثم عاد الى حمله حتى انتهيا الى ما انتهى إليه المسلمون(٢) .

حمراء الأسد(٣) :

خرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأصحابه الى حمراء الاسد ( وهي تبعد عن المدينة بثمانية أميال ) وقد استخلف على المدينة « ابن أمّ مكتوم ».

وهناك مرّ به « معبد بن أبي معبد الخزاعي » رئيس بني خزاعة ، وكانت خزاعة مسلمهم ومشركهم يومذاك ذات علاقات طيبة جدا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والمسلمين وكانوا لا يخفون عن النبيّ شيئا.

فتقدم معبد رئيسهم وعزّى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بما أصابه ، وهو يومئذ مشرك قائلا : يا محمّد أما والله لقد عزّ علينا ما أصابك ، ولوددنا أنّ الله عافاك فيهم.

ثم خرج معبد حتى لقي أبا سفيان ومن معه بمنطقة تدعى بالروحاء وقد

__________________

(١) كلا هذين الوجهين يستقيمان إذا قلنا بان النبيّ خرج بكل من شارك في احد لا أنه اقتصر على الجرحى ، كما تصرح به بعض النصوص التاريخية.

(٢) امتاع الاسماع : ج ١ ص ١٦٨ ، السيرة النبوية : ج ٢ ص ١٠١.

(٣) لقد عدّ البعض خروج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الى حمراء الاسد لملاحقة العدوّ غزوة مستقلة ، وذكرها البعض الآخر في ذيل معركة احد.

١٩٢

عزموا على الرجوع الى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأصحابه للكرة عليهم ، واستئصالهم ، والقضاء عليهم بالمرة.

فلما رأى أبو سفيان معبدا ( وكان معبد قد استهدف من خروجه الى أبي سفيان وجماعة المشركين القيام بخدمة لصالح النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأصحابه ) قال : ما وراءك يا معبد ، وما ذا عندك من الاخبار؟

فقال معبد : ـ وهو يريد إرعاب قريش وصرفهم عن الرجوع الى المدينة ـ محمّد قد خرج في أصحابه يطلبكم في جمع لم ار مثله قط ، يتحرّقون عليكم تحرقا قد اجتمع معه من كان تخلّف عنه في يومكم ، وندموا على ما صنعوا ، فيهم من الحنق وشدة الغيظ عليكم شيء لم ار مثله قط!!

فقال أبو سفيان : ـ وقد أرعب بشدة من هذا النبأ ـ ويحك ما ذا تقول؟

قال معبد : والله ما أرى ان ترتحل حتى أرى نواصيّ الخيل.

قال أبو سفيان : فو الله لقد أجمعنا الكرة عليهم لنستأصل بقيّتهم!

قال معبد : فاني أنهاك عن ذلك.

وقد تركت كلمات معبد ، ووصفه لقوة المسلمين وعزمهم الشديد على توجيه ضربة الى الكفار أثرها في نفس أبي سفيان الذي تملّكه خوف شديد ، دعاه إلى الانصراف عن الرجوع الى المدينة ثانية ، والعزم على القفول الى مكة(١) .

ومضى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأصحابه حتى عسكروا ليلا بحمراء الاسد ، فامر بأن يوقد المسلمون النيران فأوقدوا خمسمائة نار حتى ترى من المكان البعيد ، وذهب صوت معسكرهم ونيرانهم في كل وجه ، وتصور العدو أن النبيّ جاءهم في جيش عظيم ، فتشاوروا حول الرجوع الى المدينة فنهاهم صفوان عن ذلك ، فانصرفوا(٢) .

__________________

(١) السيرة النبوية : ج ٢ ص ١٠٢ ، امتاع الاسماع : ج ١ ص ١٦٩ و ١٧٠.

(٢) الطبقات الكبرى : ج ٢ ص ٤٩.

١٩٣

لا يخدع مؤمن مرّتين :

هذا هو معنى قول النبيّ الاكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

« المؤمن لا يلدغ من جحر مرّتين ».

ولقد قاله رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عند ما أسّر المسلمون أبو عزّة الجمحي في طريق عودتهم من حمراء الاسد على نحو الصدفة ، وأراد النبيّ ضرب عنقه فاستقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وطلب منه العفو وكان قد أسر ببدر قبل ذلك ، ثم منّ عليه النبيّ وأطلق سراحه مشترطا عليه أن يكفّ عن المؤامرة ضد النبيّ والمشاركة في قتاله ، ولكنه عاد الى مكة ، وشارك في قتال النبيّ مرة اخرى في احد.

فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، لما طلب العفو ثانية :

« والله لا تمسح عارضيك بمكة بعدها وتقول : خدعت محمّدا مرتين ، إنّ المؤمن لا يلدغ من جحر مرّتين ».

ثم أمر بضرب عنقه ، وضرب عنقه(١) .

وأخيرا انتهت معركة احد وقد قدم المسلمون فيها سبعين ، أو اربعة وسبعين ، أو واحدا وثمانين شهيدا على روايات مختلفة ، بينما لم يتجاوز عدد قتلى قريش اثنين وعشرين.

وقد نشأت هذه النكسة المرّة بسبب تجاهل الرماة لتعليمات الرسول القائد على النحو الذي قرأت.

__________________

(١) السيرة النبوية : ج ٢ ص ١٠٤ ، نلفت نظر القارئ الكريم الى أننا قد ذكرنا في الهوامش مصادر أهم الحوادث في معركة احد وفي إمكان القارئ الكريم لو أراد التوسع ان يراجع المصادر التالية التي اعتمد عليها المؤلف : وهي : الطبقات الكبرى لابن سعد : ج ٢ ص ٣٦ ـ ٤٩ ، المغازي : ج ١ ص ١٩٩ ـ ٣٤٠ ، شرح نهج البلاغة لابن ابي الحديد : ج ١٤ ص ١٤ ـ ٢١٨ وج ٥ ص ٦٠ ، وبحار الأنوار : ج ٢٠ ص ١٤ ـ ١٤٦ ، وامتاع الاسماع : ج ١ ص ١١٣ ـ ١٦٦ ، السيرة النبوية : ج ٢ ص ٦٠ ـ ١٦٨.

١٩٤

وقد وقعت معركة احد يوم السبت السابع من شهر شوال من السنة الثالثة للهجرة النبوية الشريفة ، هذا مضافا الى غزوة حمراء الاسد التي استمرت إلى يوم الجمعة من ذلك الاسبوع نفسه ، فتكون قضايا ووقائع هذه الغزوة في الرابع عشر من شهر شوال من نفس تلك السنة.

ميلاد الامام الحسن السبط :

هذا وقد ولد في هذه السنة ( اي السنة الثالثة من الهجرة ) سبط رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الاكبر الإمام الحسن بن عليعليه‌السلام في منتصف شهر رمضان من تلك السنة ، واجرى له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مراسيم ولادة خاصة ذكرها أصحاب الحديث وتجد تفصيلها في سيرة الائمة من أهل البيت النبوي الطاهرين.

١٩٥

حوادث السنة الرابعة من الهجرة

 

٣٣

فاجعة فريق المبلّغين(١)

لقد ظهرت الآثار السياسية لنكسة المسلمين في معركة « احد » بصورة واضحة بعد الحرب.

فمع أن المسلمين أظهروا مقاومة رائعة أمام العدوّ المنتصر ومنعوا من رجعته الى المدينة وتحقيق أهدافه الخطيرة في استئصال المسلمين إلا أن التحريكات الداخليّة والخارجية ضدّ الاسلام بهدف القضاء على هذا الدين ، ورجاله قد تصاعد مدّها في أعقاب حادثة « احد ».

وقد تجرّأ منافقو المدينة ، ويهودها والمشركون المتواجدون في شتى النقاط البعيدة خارج المدينة على أثر ذلك ، وبدءوا يحيكون المؤامرات ضدّ الاسلام والمسلمين ويجمعون الاسلحة والرجال لشن الحروب والغارات على المدينة.

وقد استطاع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبمهارة كبيرة إطفاء كلّ تلك التحريكات ، كما واستطاع قمع تحرّكات القبائل القاطنة خارج المدينة التي كانت تنوي الهجوم على المدينة وذلك بارسال السرايا والمجموعات القوية من المجاهدين.

وفي هذا الاثناء بلغ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نبأ مفاده أن قبيلة بني أسد تنوي الهجوم على المدينة وتسخيرها ، وقتل المسلمين ، ونهب أموالهم ، فبعث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من فوره جماعة من المقاتلين يبلغ عددهم (١٥٠)

__________________

(١) وقعت حادثة قتل المبلّغين في الشهر السادس.

١٩٦

رجلا بقيادة « أبي سلمة » الى منطقة تجمع المتآمرين.

ثم إنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أوصاهم بأن يخفوا مقصدهم الأصلي ، ويسلكوا طريقا آخر غير الطريق المتعارف ، ويقيموا نهارا ويسيروا ليلا ، ليعمّوا على القوم.

وقد فعل « أبو سلمة » وجماعته ما أوصاهم به رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فكانوا يسيرون الليل ، ويكتمون النهار ، حتى وردوا المنطقة فاحاطوا ببني أسد في عماية الصبح ، وقضوا على المؤامرة في مهدها ، وعادوا غانمين موفورين إلى المدينة ، وقد وقعت هذه الحادثة في شهر المحرّم على رأس خمسة وثلاثين شهرا من الهجرة(١) .

خطة ما كرة للفتك بالمبلّغين :

كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقوم بافشال بارسال السرايا والمجموعات العسكرية جميع مؤامرات المتآمرين ضد الاسلام ، كما أنه كان يقوم الى جانب ذلك ببعث المجموعات التبليغية الى القبائل ، والجماعات وبذلك يجلب قلوب المحايدين منهم نحو العقائد الاسلامية.

وكان المبلّغون والدعاة الذين كانوا من قراء القرآن الكريم ، ومن الملمين بالاحكام الاسلامية والتعاليم النبوية يبدون استعدادا عجيبا للقيام بهذه المهمّة الصعبة ولو كلّفت حياتهم فكانوا ينقلون تعاليم الاسلام إلى الناس في المناطق النائية ، والاماكن البعيدة بأوضح بيان وأوضح اسلوب.

ولقد كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ببعثه للمجموعات العسكرية من جانب ، وارساله للفرق التبليغية من جانب آخر يقوم ـ في الحقيقة ـ بوظيفتين هامتين من وظائف المنصب النبوي.

__________________

(١) المغازي : ج ١ ص ٣٤٠ ، وامتاع الاسماع : ج ١ ص ١٧٠ ، ولا بدّ أنك أيها القارئ الكريم تتذكر أن السنة الثالثة للهجرة تنتهي عند انتهاء الشهر الرابع والثلاثين ، وتكون حوادث الشهر الخامس والثلاثين متعلقة بالسنة الرابعة من الهجرة.

١٩٧

فهو ببعثه للسرايا والمجموعات العسكرية كان يقصد في الحقيقة القضاء على محاولات التمرّد ، والتآمر التي كانت في مرحلة التحقق والتكوّن لكي يتسنى للمجموعات التبليغية في ظل الأمن والحرية الدعوة إلى الاسلام ، والقيام بوظيفتها الاساسية ألا وهي ارساء دعائم الحكومة الاسلامية في القلوب ، وتنوير الافكار ، وايقاظ العقول.

ولكن بعض القبائل المتوحّشة ، والمنحطّة أخلاقيا وفكريّا كانت تتحايل على المجموعات التبليغية التي كانت تمثل القوى المعنوية للاسلام ، والتي لم يكن لها هدف سوى نشر التوحيد ، واقتلاع جذور الكفر والوثنية ، وكانوا يقتلونهم بصورة فضيعة ومفجعة.

وفيما يلي نلفت نظر القارئ الكريم إلى قصة مجموعة من الدعاة والمبلّغين الذين لقوا هذا المصير وكان عددهم يبلغ ستة أشخاص حسب رواية ابن هشام(١) ، أو عشرة أشخاص حسب رواية ابن سعد(٢) .

الغدر بالدعاة الى الإسلام وقتلهم :

لقد مشت جماعة من قبيلتي « عضل » و « القارة » إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقالوا ـ وهم يضمرون المكر ـ يا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إن فينا إسلاما فاشيا فابعث معنا نفرا من أصحابنا يقرءوننا القرآن ، ويفقهوننا في الاسلام.

فرأى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن من واجبه الاستجابة لمطلب تلك الجماعة التي كانت تمثل قبائل كبرى ، وكما رأى المسلمون أيضا أن من واجبهم أن يستفيدوا من هذه الفرصة مهما كلّف الثمن.

من هنا بعث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جماعة بقيادة « مرثد بن أبي مرثد

__________________

(١) السيرة النبوية : ج ٢ ص ١٦٩ ، وقال في امتاع الاسماع : ج ١ ص ١٧٤ انهم سبعة اشخاص.

(٢) الطبقات الكبرى : ج ٢ ص ٥٥.

١٩٨

الغنويّ » مع تلك الجماعة إلى القبائل المذكورة.

فخرج هؤلاء المبلغون ووفد القبيلتين من المدينة متوجّهين الى حيث تتواجد « عضل » و « قارة » ، ولمّا كانوا بماء يسمى الرجيع تقطن عنده قبيلة تدعى « هذيل » كشف مندوبو القبيلتين عن نواياهم الشرّيرة ، واستصرخوا هذيلا وكمينا من رجالهم ، وكانوا مائة رام وبأيديهم السيوف فاحاطوا بالدعاة يريدون أسرهم ثم قتلهم وابادتهم!!

فلم ير المبلّغون بدّا ـ وهم محاطون بتلك الجماعات المسلحة ـ من اللجوء الى سيوفهم والدفاع عن أنفسهم.

ولكن العدوّ قال : ما نريد قتالكم ، وما نريد إلاّ ان نصيب منكم من أهل مكة ثمنا ، ولكم عهد الله وميثاقه لا نقتلكم!!

فنظر الدعاة بعضهم الى بعض ، وقرر أكثرهم المقاومة وعدم الرضوخ لهذا العرض الغادر ، والخطة الماكرة ، وقال أحدهم : إني نذرت أن لا أقبل جوار مشرك(١) ثم جعلوا يقاتلون القوم قتال الرجال الابطال ، حتى قتلوا إلاّ ثلاث هم : « زيد بن دثنّة » ، و « خبيب بن عديّ » ، و « عبد الله بن طارق البلويّ » فقد أغمد هؤلاء سيوفهم وسلّموا ، فأخذوا ووثّقوا بأوتار قسيّهم ، ولكن « عبد الله » ندم على فعله ، فنزع يده من رباطه ثم أخذ سيفه ، وراح يقاتلهم حتى قتلوه رميا بالحجارة ، وقد انحازوا عنه وهو يشدّ فيهم وينفرجون عنه ، ودفن في مر الظهران.

ثم أخذوا الأسيرين الآخرين « خبيب » و « زيد » وقدموا بهما مكة فباعوهما لأهل مكة!!

فأمّا زيد بن الدثنّة فقد اشتراه « صفوان بن أميّة » وقتله ثأرا لابيه ، ولقتله قصة عجيبة سطر فيها أروع آيات المقاومة والوفاء والاخلاص.

فقد اشتراه « صفوان بن أميّة » كما أسلفنا ليقتله بأبيه ، وقد حبسه صفوان في الحديد ، وكان يتهجّد بالليل ويصوم بالنهار ، ولا يأكل شيئا مما اتى به من

__________________

(١) أو قالوا : والله لا نقبل من مشرك عهدا ولا عقدا أبدا ( السيرة النبوية : ج ٢ ص ١٧٠ ).

١٩٩

الذبائح ، وهو في الاسر والحبس.

ثم إنه اخرج إلى « التنعيم »(١) ليصلب على مرأى حشد كبير من الناس.

فرفعوا له جذعا ، فقال : دعوني أصلّي ركعتين ، فصلّى ركعتين ، ثم حملوه على الخشبة ثم جعلوا يقولون له : يا زيد ارجع عن دينك المحدث ، واتّبع ديننا ، ونرسلك فيقول : والله لا افارق ديني أبدا.

فقال له أبو سفيان فرعون مكة وأشدّ المتآمرين على الاسلام ومدبر أغلب الحروب ضد رسول الله ، والمسلمين : أنشدك بالله يا زيد أيسرّك أن محمّدا في أيدينا مكانك وأنت في بيتك؟. فقال زيد بشجاعة ووفاء عظيمين : ما يسرّني أنّ محمّدا اشيك بشوكة واني في بيتي ، وجالس في أهلي!!!

وقد كان لهذه الكلمة أثر الصاعقة في نفس طاغية مكة أبي سفيان فقال : ما رأينا أصحاب رجل قطّ أشدّ حبّا من أصحاب محمّد بمحمّد!!

ولم تمض لحظات إلاّ وصار « زيد » على خشبة الاعدام وطارت روحه الى خالقها ، ومضى ذلك المسلم الوفيّ ، والمؤمن الشجاع شهيد الثبات في طريق العقيدة ، والدفاع عن حياض الدين(٢) .

واما « خبيب » فقد حبس مدة من الزمان حتى قرّر ندوة مكة قتله ، فخرجوا به الى التنعيم ليصلبوه وخرج معه النساء والصبيان والعبيد وجماعة من أهل مكة ، فقال لهم : إن رأيتم ان تدعوني حتى أركع ركعتين فافعلوا ، فقالوا دونك فاركع.

فركع ركعتين أتمّهما وأحسنهما ثم اقبل على القوم وقال : أما والله لو لا أن تظنّوا أنّي إنما طوّلت جزعا من القتل لاستكثرت من الصلاة!!

ثم رفعوه على خشبة ثم وجّهوه الى المدينة ، وأوثقوه رباطا ، ثم قالوا له : ارجع عن الاسلام ، نخلّ سبيلك.

__________________

(١) التنعيم ابتداء الحرم ومنها يحرم المعتمرون للعمرة المفردة.

(٢) السيرة النبوية : ج ٢ ص ١٧٢ ، المغازي : ج ٢ ص ٣٦٢ ، امتاع الاسماع : ج ١ ص ١٧٤ و ١٧٥.

٢٠٠

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

بقرينة رواية المفيد، وأحمد بن عبدون سنة(٣٥٠) وروايته عن علي ابن حاتم كما في هذه الموارد وفى مشيخة التهذيب ج ١٠ / ٨١ إلى علي ابن حاتم والفهرست وغيرهما، والنسبة إلى الجد غير عزيزة.

الحسين بن أحمد بن ظبيان

ذكره في اصحاب الصادق (ع) البرقي(٢٦)، والشيخ(١٨٤) وابن حجر في لسان الميزان ج ٢ / ٢٤٥ قائلا: ذكره الطوسي في رجال الشيعة وقال: أخذ عن جعفر الصادق رحمة الله عليه. وقال في الفهرست(٥٦): الحسين بن أحمد له كتاب، رويناه بالاسناد الاول (عدة من أصحابنا عن أبي المفضل عن ابن بطة عن أحمد ابن محمد بن عيسى) عن ابن أبي عمير وصفوان جميعا عنه. قلت: الطريق ضعيف بأبي المفضل وبابن بطة. ثم أنه لم يظهر أن صاحب الكتاب هو ابن ظبيان نعم ذكره الاصحاب.

الحسين بن أحمد بن عامر الاشعرى

هكذا ذكر فيمن لم يرو عنهم (ع) من رجال الشيخ في النسخة المطبوعة(٤٦٩) وقال: يروى عن عمه عبدالله بن عامر عن ابن أبي عمير روى عنه الكليني. وذكره في لسان الميزان ج ٢ / ٢٦٥ وقال: ذكره علي بن الحكم في شيوخ الشيعة وقال: كان من شيوخ أبي جعفر الكليني صاحب كتاب الكافى.

وصنف الحسين كتاب طب أهل البيت وهو من خير

٣٨١

الكتب المصنفة في هذا الفن روى عن عمه عبدالله بن عامر وغيره.

قلت: الظاهر ان (احمد) مصحف (محمد) وعليه ضبط في المجمع وتقدم ذكره والكلام في ذلك ص ٢٥٠ عند ترجمته فراجع.

الحسين بن أحمد بن محمد بن أحمد أبوعبدالله الاشناني الدارمي البلخي

روى الصدوق (ره) عنه في الخصال وغيره ووصفه بالفقيه العدل قال في الخصال ج ١ / ١١٩: حدثنا أبوعبدالله الحسين بن أحمد الاشناني العدل ببلخ قال أخبرني جدي الخ، وفي (١٤٦) حدثنا أبوعبدالله الحسين بن أحمد الاسترابادي العدل ببلخ قال أخبرني جدي الخ، وفي ج ٢ / ٩٧ حدثنا أبوعبدالله الحسين بن محمد (أحمد ظ) الاشناني الرازي ببلخ قال أخبرنا جدي الخ. وقال في معاني الاخبار(٢٠٥) حدثنا أبوعبدالله الحسين بن أحمد بن محمد بن أحمد الاشناني الدارمي الفقيه العدل ببلخ قال: أخبرني جدي الخ.

الحسين بن أسد البصري

ذكره الشيخ في أصحاب الجواد (ع) (٤٠٠) قائلا: الحسين ابن أسد ثقة، صحيح. وفي أصحاب الهادي (ع)(٤١٣): الحسين ابن أسد البصري. وقيل باتحاده مع ما ذكره في أصحاب الرضا (ع)(٣٧٥)

٣٨٢

بقوله: الحسن بن أسد البصري. وان الحسن مصحف. وقال ابن داود في القسم الثاني(٤٤٤): الحسين بن أسد البصري د، دى (غض) يروي عن الضعفاء، وفي القسم الاول(١٢١): الحسين بن أسد البصري دي (جخ) ثقة، صحيح الا ان (غض) قال يروي عن الضعفاء وليس له شئ صالح الا كتاب علي بن اسماعيل ابن شعيب وقد رواه غيره. وعن ابن الغضائري: الحسن بن أسد الطفاوي البصري أبومحمد، يروى عن الضعيف (الضعفاء خ ل ظ)، ويروون عنه، وهو فاسد المذهب وما اعرف له شيئا أصلح فيه الا روايته كتاب علي بن اسماعيل ابن شعيب بن ميثم، وقد رواه عنه غيره. قلت: ويمكن القول بأن الحسين بن أسد الثقة الصحيح من أصحاب الجواد (ع) غيره الحسين بن أسد البصري من أصحاب الهاديعليه‌السلام مع اتحاد الثاني مع المذكور في اصحاب الرضا (ع) وفي كلام ابن الغضائري أو مع عدم القول بأتحاده أيضا والالتزام بالاتحاد مطلقا لاشاهد له وتقدم ص ٢٠ ما ينفع المقام. وفي كامل الزيارات(٧٣) عن الحسين بن سليمان عن الحسين ابن أسد عن حماد بن عيسى.

الحسين بن ايوب

ذكره الشيخ في الفهرست(٥٧) وقال: له كتاب، أخبرنا به أحمد بن عبدون عن أبي طالب الانباري عن حميد بن زياد عن الحسن ابن محمد بن سماعة عن الحسين بن أيوب.

٣٨٣

قلت: طريقه موثق بحميد، وبابن سماعة الواقفيين الثقتين.

وقال ابن حجر في لسان الميزان ج ٢ / ٢٧٤ الحسين بن أبي أيوب (وفي الحاشية: إبن أيوب) ذكره الطوسي في رجال الشيعة ومصنفيهم وقال: كان نحويا، روى عنه الحسن بن محمد بن سماعة. وفي التهذيب ج ٩ / ٣٦٠: الحسن بن محمد بن سماعة عن الحسن ابن أيوب عن العلا عن محمد بن مسلم الحديث، وبعده(٣٦٣): علي ابن الحسن عن محمد الكاتب عن الحسن بن محبوب عن علا عن محمد ابن مسلم الحديث. واحتمل في جامع الرواة ان (أيوب) مصحف (محبوب) بقرينة روايته عن العلا. قلت: فيه نظر حققناه في محله. ثم انه من المحتمل كون الحسين بن أيوب أخا للحسن بن أيوب المتقدم ص ١٠١ فلاحظ.

الحسين بن بشار

هكذا ذكره الشيخ في أصحاب الكاظم (ع)(٣٤٧) وفي أصحاب الرضا(٣٧٣) قال: الحسين بن بشار (يسار - خ) المدائني (مدائني - مجمع)، مولى زياد ثقة، صحيح، روى عن أبي الحسن موسىعليه‌السلام . وقال في أصحاب الجوادعليه‌السلام (٤٠٠) الحسين بشار. (يسار - خ) وقال البرقي في أصحاب الجواد (ع)(٥٦): الحسن بن بشار. وقال في الخلاصة(٤٩): الحسين بن بشار بالباء المنقطة تحتها نقطة والشين المعجمة المشددة، مدائني، مولى زياد من أصحاب

٣٨٤

الرضاعليه‌السلام ، قال الشيخ الطوسيرحمه‌الله : انه ثقة صحيح روى عن ابي الحسن (ع).

وقال ابن داود في رجاله(١٠٤): الحسن بن بشار بالباء المفردة والشين المعجمة المدائني، م، ضا، (جخ) ثقة، صحيح، كان واقفيا (واقفا - خ). وقال ابن حجر في لسان الميزان ج ٢ / ٢٧٥: الحسين بن بشار الواسطي، ذكره الكشي والطوسي في رجال الشيعة، روى عن الكاظم (ع) وولده الرضا (ع) رحمة الله عليهما، روى عنه محمد بن أسلم. قلت: في ترجمته مواقع للنظر: الاول: ضبط اسمه، وقد عرفت أن أكثر نصوص الاصحاب كما عليه جملة من الروايات (الحسين) مصغرا، والبرقي ذكره في اصحاب الكاظم (ع)(٤٩) مصغرا أيضا قال: الحسين بن يسار، ولكن في أصحاب الجواد (ع)(٥٦) ذكره مكبرا قال: الحسن بن يسار (بشار - خ) وفي الكشي في ترجمة يونس بن عبدالرحمان(٣٠٨) عن يعقوب ابن يزيد عن الحسن بن بشار عن الحسن بن بنت إلياس. وفي(٣٠٦) الحسين لكن في مجمع الرجال عنه: الحسين بن يسار. قلت: ربما يظهر بالتامل في الروايات وكلام الاصحاب أن الرجل واحد وان الحسن مصحف الحسين، ولا يعتمد على نسخة الكشي ولا على ما في أصحاب الجواد (ع) من رجال البرقي. والجمود على ظاهره يقتضي القول بالتعدد مع جهالة الحسن بن يسار فلاحظ. الثاني: ضبط إسم أبيه، ففي رجال الشيخ المطبوع ونسخ جماعة (بشار) كما عرفت وكذا في أصحاب الجواد (ع) من رجال البرقي ونسخ رجال الكشي في ترجمة يونس وغيرها، وفى التهذيب ج ٧ / ٣٩٦، والكافي

٣٨٥

ج ٢ / ٢٠٩ والارشاد، والخرائج وغير ذلك، لكن في مجمع الرجال عن الكشي في الموضعين (يسار - خ ل بشار)، وكذا في بعض مواضع التهذيب، وفي أصحاب الكاظم (ع) ونسخة من أصحاب الجواد (ع) من رجال البرقي. وبالتأمل في كلمات أصحابنا مع ملاحظة مشايخه ومن روى عنه وقرب اشتباه الكلمتين كتابة، واختلاف مواضع من كتاب واحد، بل نسخ موضع واحد يظهر، ان الاتحاد هوالصحيح والجمود على النسخ مع اختلافها والالتزام بالتعدد كما ربما يظهر من صاحب المجمع في غير محله.

الثالث: لقبه تقدم عن البرقي والكشي ذكره بلا تمييز في ترجمته وكذا في(٣٠٨)، و(٢٥٧) لكن روى عن يعقوب بن يزيد عن الحسين ابن بشار الواسطي عن يونس بن بهمن في يونس بن عبدالرحمان(٣٠٦)، ولقبه ابن حجر أيضا بالواسطي كما تقدم كما ان في جملة من الروايات ذكر لقبه (الواسطي) مثل ما في كامل الزيارات (٢٩٨) في حديثين، والتهذيب ج ٦ / ٨٢، وج ٧ / ٣٩٦ والكافي ج ٢ / ٧٧. وبالتأمل في كلامهم وفي رواياته ومن روى عنه ومشايخه، يظهر الاتحاد هذا مع انه قيل: ان واسط كان من توابع المدائن فيتحد الواسطي كما عرفت مع من لقبه الشيخ بالمدائني في أصحاب الرضا (ع)، وفي التهذيب ج ٣ / ٢٦. الرابع: طبقته - تقدم عن البرقي، والكشي والشيخ ومن تبعهم ذكره في أصحاب الكاظم (ع) بل صرح الشيخ في أصحاب الرضا (ع) وتبعه ابن حجر بانه روى عن أبي الحسن موسىعليه‌السلام . وروى في التهذيب ج ٧ / ١٥٦، والكافي ج ١ / ٤١١ عن أحمد بن محمد عن الحسين بن بشار (يسار - خ) عن أبي الحسن (ع).

٣٨٦

وكان من أصحاب الرضا (ع) كما تقدم عن الشيخ ومن تبعه وروى عنه (ع) كما هو ظاهره في كتب الحديث، وظاهر المفيد في الارشاد وغيره. وروى عنه (ع) كثيرا. عنه عنه (ع) ذكرناهم في الطبقات: منهم يعقوب بن يزيد، وأحمد بن محمد، ومحمد بن عيسى بن عبيد، وعبدالرحمان بن أبي نجران، وعلي بن عبدالله، ومالك بن أشيم، وأبوسعيد الادمي، وعلي أحمد بن أشيم. وكان من أصحاب أبي جعفر الجواد (ع) كما تقدم عن الشيخ، وذكره المفيد في الارشاد(٣١) فيمن روى النص عن الرضا (ع) على إمامته، وكذا الاربلي في كشف الغمة، وروى المشايخ بطرقهم عنه مكاتبته إليه (ع). وروى عن جماعة من رواة الحديث: منهم عبدالله بن جندب. عنه عنه علي بن مهزيار الثقة الجليل، وحنان، وهشام بن المثنى. عنه عنهما محمد بن الحسين زعلان، وداود الرقي. الخامس: مذهبه ووثاقته - قد وثقه الشيخ صريحا كما تقدم وتبعه غيره منهم العلامة وابن داود، والطبرسي في أعلام الورى، والاربلي في كشف الغمة، ومن تأخر عنهم. وقول الشيخ: (صحيح) ظاهر في صحة مذهبه وحديثه، ويؤيده روايته النص على امامة الجواد (ع) من أبيه (ع) وروايته عنهما، بل روايته المغيبات عن الرضا (ع) مثل إخباره بقتل المأمون أخاه محمد الامين كما رواه الصدوق في العيون ج ٢ / ٢٠٩، والاربلي في كشف الغمة ج ٣ / ١٠٨. ويظهر من بعض الروايات انه كان ممن شك وتحير بعد أبي الحسن

٣٨٧

موسى (ع) عند حدوث مذهب الواقفة ويمشي مع مثل إبن قياما الواقفي المعاند في وقفه وشكه.

قال الكشي(٣٤٢) حمدويه بن نصير قال حدثنا الحسن بن موسى عن عبدالرحمان بن أبي نجران عن الحسين بن بشار قال: إستأذنت أنا والحسين بن قياما على الرضا (ع) في " صرنا " (صوبا - مجمع الرجال)، فأذن لنا قال أفرغوا من حاجتكم قال له الحسين: تخلو الارض من أن يكون فيها امام؟ فقال: لا. قال: فيكون فيها إثنان؟ قال: " لا - مجمع الرجال " الا واحد صامت لا يتكلم. قال فقد علمت انك لست بامام. قال: ومن أين علمت؟ قال: إنه ليس لك ولد وإنما هي في العقب، فقال له: فو الله لا يمضي الايام والليالي حتى يولد لي ذكر من صلبي يقوم مقامي يحيي الحق ويمحق الباطل. وقال(٢٨١): في الحسين بن بشار (مجمع الرجال - يسار) حدثني خلف بن حماد قال حدثنا أبوسعيد الادمي قال حدثني الحسين بن بشار قال: لما مات موسى (ع) خرجت إلى علي بن موسى (ع) غير مؤمن بموت موسى (ع) ولا مقر بامامة علي (ع) إلا أن في نفسي أن أسأله وأصدقه فلما صرت إلى المدينة إنتهيت إليه وهو بالصوا (بالصراء خ ل. بالصرنا كما في الحديث الاول - بالصوبا - مجمع الرجال: قرية قريبة منها). فأستأذنت عليه ودخلت، فأدناني، وأردت أن أسأله عن أبيه (ع)، فبادرني فقال: يا حسين إن أردت أن ينظر الله إليك من غير حجاب، وتنظر إلى الله من غير حجاب فوال آل محمد (ع)، ووال ولي الامر منهم، قال: فقلت: أنظر إلى الله عزوجل؟ ! قال: إي والله قال حسين فجزمت على موت أبيه (ع) وإمامته، ثم قال لي ما أردت أن آذن لك لشدة الامر وضيقه، ولكني علمت الامر الذي أنت عليه،

٣٨٨

ثم سكت قليلا، ثم قال: خبرت بأمرك قلت له أجل. (ثم قال أبوعمرو الكشى): فدل هذا الحديث على ترك الوقف وقوله بالحق. قلت: الحديث الاول لا بأس به سندا إلى الحسين بن بشار فهو حسن بالحسن بن موسى الخشاب إلا أنه ينتهى إلى إبن بشار مع عدم وضوح دلالته على وقف إبن بشار وشكه. إلا أن إستيذانه مع إبن قياما في الدخول عليه، وقوله لهما: (أفرغوا من حاجتكم) يشير إلى ذلك ومحل الكلام الحديث الثاني. قال العلامة في الخلاصة(٤٩) بعد كلامه المتقدم: وقال الكشي: انه رجع عن القول بالوقف وقال بالحق، فأنا أعتمد على ما يرويه بشهادة الشيخين له، وان كان طريق الكشي إلى الرجوع عن الوقف، فيه نظر لكنه عاضد لنص الشيخ عليه. قلت: وجه النظر في طريق الحديث الثاني امور. الاول عدم ثبوت وثاقة خلف بن حماد شيخ أبي عمرو الكشى فقد أكثر الرواية عنه ولذلك عد من الشيوخ واستظهر غير واحد ممن تأخر اعتباره من اكثاره في الرواية عنه، الا انه حققنا في الشرح على الكشي عدم ظهور التزام الكشي بالرواية عن الثقات آو بترك الرواية عن المطعون اومن لايعرف وفي مشايخه على ماحققناه جماعة كثيرة من المجاهيل. ثم ان المذكور في عنوانه ما عرفت وفي اخبار الواقفة(٢٨٤): أبوصالح خلف بن حامد الكشي، وفي (٣٤٢) أبوصالح خلف بن حماد، وفي(١٠٤) أبوصالح خلف بن حماد بن الضحاك، وأبوصالح خلف بن حماد الكشي(١١) و(١٤٢).الثاني توقف العلامة في أبي سعيد الادمي سهل بن زياد لان

٣٨٩

الشيخ وثقهفى موضع وضعفه في عدة مواضع، والنجاشي ضعفه في حديثه، وذكر أن أحمد بن محمد بن عيسى يشهد عليه بالغلو والكذب، وضعفه ابن الغضائري مذهبا ورواية وسيأتي التحقيق في ذلك في ترجمته. الثالث ان سند الرجوع عن الوقف والقول بالحق ينتهي إلى الحسين بن بشار نفسه فاخباره بالعدول عن الوقف دعوى بعد اعتراف لاتسمع منه. والتحقيق ان يقال: مضافا إلى ان الشك والتردد في بدؤ أمر الواقفة لا يوجب الطعن بعد ما كان الحسين بن بشار في نفسه السؤال عنه وتصديقه. كيف وقد طرء الشك في بدؤا أمرهم لاجلاء الطائفة مثل البزنطي والوشا وعبدالله بن المغيرة وغيرهم، أنه لاطريق لنا إلى وقفه وشكه غير هذه الرواية فان ثبت الوقف بها ثبت الرجوع عنه وقول الشيخ: ثقة.

صحيح لايعارضه شئ. وقد ذكره الاربلي في كشف الغمة فيمن روى النص على أبي جعفر (ع) من أبيه ج ٣ / ١٤٣ ثم صرح بوثاقتهم في(١٦١). والعجب ممن ضعف من المتأخرين هذا الحديث بخلف بن حماد لان إبن الغضائرى قال: أمره مختلط. ثم جزم بالارسال بحذف الواسطة بين الكشي وبين خلف بن حماد فانه من رجال الصادق (ع). قلت: كيف وقد عرفت أنه من مشايخ الكشي الذي روى عنه كثيرا بقوله: حدثني وأما من ضعفه إبن الغضائري ومن عد في أصحاب الصادق (ع) وفي أصحاب الكاظم (ع) فهو غيره وتحقيقه في مقام آخر

الحسين بن بشر الاسدي

ذكره ابن حجر في لسان الميزان ج ٢ / ٢٥ وقال: ذكره ابن

٣٩٠

أبى طى في جال الشيعة الامامية، وقال إنه كان محدثا، فاضلا، جيد الخط، والقراء‌ة، عارفا بالرجال والتواريخ، جوالا في طلب الحديث، اعتني بحديث جعفر الصادقعليه‌السلام ورتبه على المسند، وسماه (جامع المسانيد) كتب منه ثلاثة آلاف، ومات ولم يتمه، ووثقه الشيخ المفيد. ومن شيوخه محمد بن علي بن سليمان، حدث عن حبان بن منذر وغيره.

الحسين بن بشير

قال الشيخ في أصحاب الرضا (ع)(٣٧٤): الحسن بن بشير مجهول. وفي مجمع الرجال عنه (الحسين بن بشير) وظاهر أكثر الاصحاب عنوانه (مكبرا). وقال في الخلاصة (٢١٢) في القسم الثانى: الحسن بن بشير من أصحاب الكاظم (ع) مجهول. قال إبن داود(٤٣٨) أيضا الحسن إبن بشير. بالباء المفردة والشين المعجمة ضا (جخ) مجهول وما رأيته في رجال الكاظم (ع) في (جخ). قلت: الامر كما ذكره فان الشيخ إنما ذكره في أصحاب الرضا (ع) دون أصحاب الكاظم (ع) على ما ذكره في الخلاصة. وروى الحسين بن بشير عن أبى عبدالله (ع) كما في التهذيب ج ٣ / ١٧٩ عن الحسين بن بشير عن أبي عبدالله (ع) سأله رجل عن القراء‌ة خلف الامام الحديث. وفي ج ٨ / ٣٠١ في الصحيح عن عبدالرحمان ابن أبي نجران عن الحسين بن بشر قال: سألته عن رجل له جارية الحديث وروى عن أبى الحسن موسى بن جعفر (ع) النص على إمامة الرضا (ع) رواه الصدوق في العيون ج ١ / ٢٨ وقد ذكرناه في طبقات

٣٩١

أصحابهما وأصحاب الرضاعليهم‌السلام . الحسين الاثرم بن الحسن بن علي بن أبي طالب (ع) أمه أم اسحاق بنت طلحة بن عبيد الله التميمى ذكره المفيد في الارشاد(١٩٤) في أولاد الحسنعليه‌السلام وقال في(١٩٧): والحسن (الحسين خ) بن الحسن المعروف بالاثرم كان له فضل ولم يكن له ذكر في ذلك. (أي لم يدع الامامة ولا ادعاها له مدع) قال في عمدة الطالب(٦٨) في أولاد الحسنعليه‌السلام : أعقب من ولد الحسن أربعة: زيد، والحسن، والحسين الاثرم، وعمر إلا ان الحسين الاثرم وعمر انقرضا سريعا. وقال البخاري في سر السلسلة العلوية(٥) بعد حصره عقب الحسنعليه‌السلام بالاثنين زيد، والحسن المثنى: بنو الاثرم لا يصح لهم نسب. هم المنتسبون إلى الحسين بن الحسن بن علي بن أبى طالبعليه‌السلام وهو المعروف بالاثرم.

الحسين بن الحسن الحسيني أبوعبدالله الاسود الرازي

قال الشيخ فيمن لم يرو عنهم (ع) من رجاله(٤٦٢): الحسين إبن الحسن الحسينى الاسود فاضل يكنى أبا عبدالله رازي. قلت: كان الحسين بن الحسن من مشايخ الكلينيرحمه‌الله قد روى عنه في الكافي مترحما عليه عن إبراهيم بن إسحاق الاحمر كما في مولد السجاد ج ١ / ٤٦٦ وفي النص على الحسن بن علي (ع) ج ١ / ٢٩٨

٣٩٢

وعن يعقوب بن ياسر أبي الطيب المثنى كما في مولد الهادي (ع) ٥٠٢، وروى عنه التوقيع إلى الوكلاء في مولد الصاحب (ع) ٥٢٥، وفي نوادر باب العلم(٥٠) الحسين بن الحسن عن محمد بن زكريا الغلابي. وفي باب شرط من أذن له في أعمالهم ج ١ / ٣٥٨ الحسين بن الحسن الهاشمي عن صالح بن أبي حماد الحديث. وفي التهذيب ج ٤ / ٧٩ علي بن حاتم قال حدثني أبوالحسن محمد بن عمرو عن أبي عبدالله الحسين بن الحسن الحسيني عن إبراهيم إبن محمد الهمداني الحديث ورواه في الاستبصار ج ٢ / ٤٤. قلت: الاتحاد في جميع هذه الموارد أمر ممكن إلا أنه لادليل عليه فلا حظ.

الحسين بن الحسن الافطس بن علي الاصغرإبن علي إبن الحسين بن علي بن أبي طالب (ع)

قد ذكر في السير والتواريخ بسيرة غير مرضية وتفصيل أخباره في كتابنا في أخبار الرواة.

الحسين بن الحسن بن الحسين بن الحسن بن علي ابن أبي طالب (ع) أبوالفضل العلوي

تقدم بعنوان الحسن بن الحسين العلوي من أصحاب الهادي والعسكري وممن هنائه بولادة ابنه الامام الحجة (عليهم‌السلام ).

٣٩٣

الحسين بن الحسن بن الحسين بن علي بن الحسين ابن موسى بن بابويه القمي

ذكره في لسان الميزان ج ٢ / ٢٧٩ وقال: ذكره ابن بابويه في الذيل وقال: كان من بيت فضل وعلم، وهو وجه الشيعة في وقته. وعن الرياض: كان من أكابر فقهاء الامامية وعلمائهم. ثم ذكر مدحه ببيته. وعن فهرست منتجب الدين: فقيه صالح. وعن الصهرشتي في أواخر (قبس المصباح) بعد حديث الحقوق من كتاب من لايحضره الفقيه للصدوق ما هذا لفظه: وقرأته على ابن أخيه الشيخ الرئيس أبي عبدالله الحسين بن الحسن بن بابويه بالري سنة ٤٤٠ وفى موضع آخر منه: سمعت الشيخ أبا عبدالله الحسين بن الحسن ابن بابويه بالري سنة ٤٤٠ يروي عن عمه أبي جعفر محمدبن علي بن بابويه (الصدوق) وهو الجد الاعلى للشيخ منتجب الدين، ولا ينافيه عدم تصريحه بأنه جده لم يصرح به في ترجمة غيره من أجداده سوى واحد.

ويأتي في ترجمة ربعي بن عبدالله(٤٣٩) قول الماتن: ذكر أبوعبدالله الحسين بن الحسن بن بابويه كتاب الراهب والراهبة رواية محمد بن الحسن عن محمد بن الحسن عن أحمد بن محمد عن القاسم إبن يحيى عن جده الحسن بن راشد في فهرسته.

وفي طاهر بن حاتم(٥٤٩) قوله: ذكر الحسن بن الحسين قال حدثنا خالي الحسين إبن الحسن وإبن الوليد الخ. قلت: لم أقف على ترجمة لبابويه ولا لابنه موسى ولا لحفيديه

٣٩٤

الحسين، ومحمد ولا للحسن بن محمد بن موسى في الرجال نعم تأتي ترجمة جده الاعلى والد الصدوق رقم(٦٨٣)، وترجمة الصدوق رقم (١٠٥١) وترجمة الحسين بن الحسن بن محمد بن موسى، والحسين بن الحسين ابن علي وتقدم ترجمة جده الادنى أخي الصدوق الحسين بن علي ص(٢٦٣) وأيضا ترجمة عم أبيه الحسن بن علي بن الحسين ص ٢٦٥ وترجمة أبيه، وعمه(٢٦٥). ويأتي أيضا ذكرهم. وقال الشهيد في الدراية(١٢٥): وقد اتفق لنا منه (أي الرواية عن خمسة آبآء) رواية الشيخ الجليل بابويه بن سعد بن محمد إبن الحسن بن الحسين بن علي بن الحسين بن بابويه عن أبيه سعد عن أبيه محمد عن أبيه الحسن عن أبيه الحسين، وهو أخو الشيخ الصدوق أبي جعفر محمد عن أبيه علي بن بابويه. وعن ستة آباء، وقد وقع لنا منه أيضا رواية الشيخ منتجب الدين ابن الحسن علي بن عبدالله عن الحسن بن الحسين بن الحسن بن الحسين ابن علي بن الحسين بن بابويه، فانه يروي أيضا عن أبيه عن أبيه عن أبيه عن أبيه عن أبيه عن علي بن الحسين الصدوق بن بابويه، وهذا الشيخ منتجب الدين كثير الرواية واسع الطرق عن آبائه وأقاربه وأسلافه، ويروى عن ابن عمه الشيخ بابويه المتقدم بغير واسطة انتهى.

الحسين بن الحسن الفارسي القمي

ذكره الشيخ في الفهرست(٥٥) وقال: له كتاب أخبرنا به عدة من أصحابنا عن أبي المفضل عن ابن بطة أحمد بن أبي عبدالله عن الحسين بن الحسن الفارسي. قلت: طريقه ضعيف بأبي المفضل وبابن بطة.

٣٩٥

الحسين بن الحسن بن محمد بن موسى بن بابويه القمي

ذكره الشيخ فيمن لم يرو عنهم (ع) من رجاله(٤٦٩) وقال: كان فقيها عالما، روى عن خاله علي بن الحسين بن موسى بن بابويه ومحمدبن الحسن بن الوليد، وعلي بن محمد ما جيلويه، وغيرهم، روى عنه جعفر بن علي بن أحمد القمي، ومحمد بن أحمد بن سنان، ومحمد ابن علي ملبية. وقال إبن حجر في لسان الميزان ج ٢ / ٢٧٨: الحسين بن الحسن إبن محمد. ذكره الطوسي في رجال الشيعة وقال: كان من الثقات، وأثنى عليه أبوجعفر بن بابويه، وقال: كان بصيرا بالعلم. قلت: يحتمل الاتحاد مع المتقدم عن الشيخ. وقال إبن داود(١٢٣) في القسم الاول: الحسين بن الحسن إبن محمد بن موسى بن بابويه. لم (جخ) كان فقيها عالما، روى عن خاله علي بن الحسين بن بابويه. وعن بعض أصحابنا رواية دعاء الكاظم (ع) حين ما حبسه الرشيد باسناده عنه عن خاله علي بن الحسين الحديث.

الحسين بن الحسن بن محمد

قال ابن حجر في لسان الميزان ج ٢ / ٢٧٨: الحسين بن الحسن بن محمد. ذكره الطوسي في رجال الشيعة. وقال: كان من الثقات وأثنى عليه أبوجعفر بن بابويه، وقال: كان بصيرا بالعلم.

٣٩٦

وفي مجمع الرجال عن رجال الشيخ (لم): الحسين بن الحسن بن محمد روى عنه محمد بن علي بن الحسين بن بابويه. قلت: لايوجد ذكره في النسخة المطبوعة من رجاله. ويمكن الاتحاد مع سابقه مع التصحيف فلاحظ.

الحسين بن الحسين بن علي بن الحسين بن بابويه القمي

تقدم في ترجمة أبيه(٢٦٥) ذكره مع أخيه الحسن وأبيه عن منتجب الدين قائلا: فقهاء صلحاء.

وفي لسان الميزان ج ٢ / ٢٧٩ في نسخة غير مصححة ذكره كما في العنوان ثم قال: ذكره ابن بابويه في الذيل وقال: كان من بيت فضل، وعلم، وهو وجه الشيعة في وقته. لكن في النسخة المصححة: الحسن بن الحسن بن الحسين بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي. وتقدم فلاحظ.

الحسين بن الحكم

اصول الكافي ج ٢ / ٣٩٩ باب الشك: علي بن ابراهيم عن محمد ابن عيسى عن يونس عن الحسين بن الحكم قال: كتبت إلى العبد الصالحعليه‌السلام أخبره: اني شاك وقد قال ابراهيم (ع) " رب أراني كيف تحيي الموتى " واني أحب أن تريني شيئا، فكتب (ع) أن ابراهيم كان مؤمنا وأحب أن يزداد ايمانا، وأنت شاك والشاك لاخير فيه الحديث وعن التعليقة: الظاهر من روايته هذه الرواية رجوعه وزوال

٣٩٧

شكه أه‍. قلت: وهذا منه (ره) عجيب فانها صريحة في ذمه لشكه وانه ليس مؤمنا يطلب الزيادة في يقينه، وحكايته ما يدل على ذمه لا تدل على رجوعه وزوال شكه. ثم انها غير ظاهرة في مورد شكه وانه في التوحيد أو المعاد أو امامة أبي الحسنعليه‌السلام أو غيرها. نعم ربما يدل على شكه بعد يقينه فلاحظ. وفي الكافي ج ٢ / ٢٧٠ محمد بن يحيى عن (التهذيب ج ٩ / ٣٢٥) أحمد بن محمد عن محمد بن سهل عن الحسين بن الحكم عن أبي جعفر الثاني (ع) في رجل مات وترك خالتيه الحديث.

الحسين بن خالد الصيرفي

ذكره في أصحاب الكاظم (ع) البرقي(٥٣) وأيضا قبل ذلك بأسماء(٤٨) بلا ذكر (الصيرفى)، وأيضا الشيخ(٣٤٧). وروى الصدوق في العيون ج ١ / ٣١٠ باسناده عن الحسين بن خالد الكوفي عن أبي الحسن الرضا (ع)، وكذا في معاني الاخبار. روى عن ابي الحسن الاول (ع) كثيرا. عنه عنه (ع) جماعة: منهم سيف بن عميرة، والحسن بن علي بن يقطين، ومحمد بن حفص ومحمد بن اشيم، ومحمد بن أبي عمير. وذكره الشيخ في أصحاب الرضا (ع) ٣٧٣ مع لقبه. روى عن الحسين بن خالد الصيرفي عنه (ع) جماعة: منهم الفضل ابن سليمان الكوفي، وعلي بن معبد (فقد روى عنه كثيرا جدا)، وأبوأحمد الغازي، ومحمد بن عيسى، وأحمد بن محمد أبي نصر

٣٩٨

البزنطي، وعبيدالله بن عبدالله الدهقان الواسطي والحسن بن أبي العقب الصيرفي، ويونس بن عبدالرحمان، ومحمد بن أبي عمير، وصفوان ابن يحيى: وفي العيون ج ٢ / ٢٢٩ حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني قال حدثنا علي بن ابراهيم بن هاشم عن أبيه عن صفوان بن يحيى قال: كنت عندالرضا (ع) فدخل عليه الحسين بن خالد الصيرفي فقال له: جعلت فداك اني أريد الخروج إلى الاعوض فقال: حيث ما ظفرت بالعافية فألزمه، فلم يقنعه ذلك، فخرج يريد الاعوض، فقطع عليه الطريق وأخذ كل شئ كان معه من المال. قلت: الخبر ربما يدل بظاهره على ذمه حيث خالف أمره (ع)، إلا أنه يمكن النظر فيه أولا فلعله لم يفهم من كلامه (ع) نهيه عن الخروج كما هو غير صريح بل ولا ظاهر جلي وثانيا ان النهي في أمثاله مما سيق للارشاد إلى مفاسد دنيوية تعود اليه لايوجب مخالفته عصيانا يمنع عن عدالته وهذا كما يأتي نظيره في حماد بن عيسى. ويأتي في ترجمة محمد بن اسماعيل بن بزيع باسناد الماتن إلى علي ابن معبد عن الحسين عن الحسين بن خالد الصيرفي قال: كنا عند الرضاعليه‌السلام ونحن جماعة نذكر محمد بن اسماعيل بن بزيع، فقال: وددت ان فيكم مثله. ومما يشير إلى وثاقته في الرواية رواية أجلة الاصحاب ومن لايروى الا عن ثقة عنه مثل ابن ابي عمير، والبزنطي، وصفوان واضرابهم، وانه من رجال أسانيد تفسير علي بن ابراهيم.

٣٩٩

الحسين الخراساني الحباز

هو الذي علمه أبوعبداللهعليه‌السلام دعاء‌ا لشفاء وجعه. رواه الكليني في أصول الكافي ٢ / ٥٦.

الحسين بن روح بن أبي بحر أبوالقاسم النوبختي

ثالث السفراء والنواب الخاصة الاربعة لامامنا الحجة صلوات الله عليه قام بالسفارة بعد مضي السفير الثاني أبي جعفر محمد بن عثمان العمري في آخر جمادى الاولى سنة ٣٠٥ كما في رواية أبي غالب الزراري، وما رواه محمد بن نفيس، أو سنة ٣٠٤ كما في خبر هبة الله ابن محمد. ولما حضرته الوفاة في شعبان سنة ٣٢٦ اوصى إلى السمري آخر السفراء ودفن بالنوبختية كما يدل عليه رواية الغيبة(٢٢٨) وقبره معروف ببغداد بالسوق يزار ويتبرك به.

مكانته السامية : كان جليل القدر عظيم المنزلة وجيها بين أصحابنا وعند العامة، فقد نشأ في بيت كبير جليل من النوبختية في بغداد فيها رجال يشار اليهم في العلوم تقدم ذكرهم ص ١٩٥ هذا مع فضله ودينه وثقته عندهم. وفيما رواه الشيخ في الغيبة(٢٣٦) باسناده عن أبي عبدالله بن غالب عندما وصفه: وكان له محل عند السيدة والمقتدر، عظيم، وكانت

٤٠٠

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735

736

737

738

739

740

741

742

743

744

745

746

747

748

749

750

751

752

753

754

755

756

757

758

759

760

761

762

763

764

765

766

767

768

769

770

771

772

773

774

775

776

777

778