سيد المرسلين صلى الله عليه وآله الجزء ٢

سيد المرسلين صلى الله عليه وآله10%

سيد المرسلين صلى الله عليه وآله مؤلف:
تصنيف: الرسول الأعظم صلّى الله عليه وآله
الصفحات: 778

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 778 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 459117 / تحميل: 9709
الحجم الحجم الحجم
سيد المرسلين صلى الله عليه وآله

سيد المرسلين صلى الله عليه وآله الجزء ٢

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

2 ـ تشيّعه :

عده ابن قتيبة من رجال الشيعة(1) .

وقال أبو جعفر العقيلي : كان يقول بالرجعة(2) .

وقال أبو حاتم بن حبان : فتن بحب علي بن أبي طالبعليه‌السلام (3) .

3 ـ طبقته ورواياته :

عده ابن حجر في الطبقة الثالثة(4) .

وقال المزي : روى عن : الحسن بن علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، وأبي أيوب خالد بن زيد الأنصاري ، وعلي بن أبي طالبعليه‌السلام في سنن ابن ماجة ، وعمار بن ياسر ، وعمر بن الخطاب.

روى عنه : الأجلح بن عبد الله الكندي ، وثابت بن أسلم البناني ، وأبو حمزة ثابت بن أبي صفية الثمالي ، ورزين بياع الأنماط ، وأبو الجارود زياد بن المنذر ، وسعد بن طريف الاسكاف في سنن ابن ماجة ، وسعيد بن مينا ، وعلي بن الحزور ، وفطر بن خليفة ، ومحمد بن السائب الكلبي ، والوليد بن عبدة الكوفي ، ويحيى بن أبي الهيثم العطار(5) .

4 ـ رواياته في الكتب الستة :

سنن ابن ماجة(6) .

__________________

1 ـ المعارف : 624.

2 و 5 ـ تهذيب الكمال : 3 / 308.

3 ـ المجروحين : 1 / 174 ، تهذيب التهذيب : 1 / 363 الرقم 658.

4 ـ تقريب التهذيب : 1 / 81 الرقم 613.

6 ـ سنن ابن ماجة : 2 / 1152 الرقم 3482 ، باب موضع الحجامة.

٦١

5 ـ ترجمته في رجال الشيعة :

أورده النجاشي وقال : « كان من خاصة أمير المؤمنينعليه‌السلام »(1) ، وعده الشيخ الطوسي تارة فيمن روى عن الامام أمير المؤمنينعليه‌السلام ، واخرى في أصحاب الامام المجتبىعليه‌السلام (2) .

[ 13 ] إياس بن عامر الغافقي

1 ـ شخصيته ووثاقته :

إياس بن عامر الغافقي ثم المناري المصري ، ومنار بطن من غافق ، وهو عم موسى بن أيوب(3) .

قال العجلي : صدوق ، تابعي ، لا بأس به(4) .

وقال ابن حجر : صدوق(5) .

وقال أيضا : وصحح له ابن خزيمة(6) .

وعده ابن حبان في الثقات(7) .

__________________

1 ـ رجال النجاشي : 8 الرقم 5.

2 ـ رجال الشيخ الطوسي : 57 الرقم 470 ، وص 93 الرقم 919.

3 ـ تهذيب الكمال : 3 / 404 الرقم 591.

4 ـ تاريخ الثقات : 75 الرقم 126.

5 ـ تقريب التهذيب : 1 / 87 الرقم 672.

6 ـ تهذيب التهذيب : 1 / 340.

7 ـ كتاب الثقات : 4 / 33.

٦٢

2 ـ تشيّعه :

قال أبو سعيد بن يونس : كان من شيعة علي ، والوافدين عليه من أهل مصر ، وشهد معه مشاهده(1) .

3 ـ طبقته ورواياته :

عده ابن حجر في الطبقة الثامنة(2) .

وقال المزي : روى عن : عقبة بن عامر الجهني ، وعلي بن أبي طالب.

روى عنه : ابن أخيه موسى بن أيوب الغافقي(3) .

4 ـ رواياته في الكتب الستة :

سنن أبي داود(4) ، وابن ماجة(5) .

__________________

1 و 3 ـ تهذيب الكمال : 3 / 404 الرقم 591.

2 ـ تقريب التهذيب : 1 / 87 الرقم 672.

4 ـ سنن أبي داود : 1 / 230 ، كتاب الصلاة ، باب ما يقول الرجل في ركوعه وسجوده ، الحديث 869.

5 ـ سنن ابن ماجة : 1 / 287 ، كتاب اقامة الصلاة والسنة فيها ، باب التسبيح في الركوع والسجود ، الحديث 20.

٦٣

حرف الباء

[ 14 ] بكير بن عبد الله الطائي

1 ـ شخصيته ووثاقته :

بكير بن عبد الله ، ويقال : ابن أبي عبد الله الطائي الكوفي الطويل ، المعروف بالضخم(1) .

قال ابن حجر : مقبول(2) .

2 ـ تشيّعه :

قال ابن حجر : رمي بالرفض(3) .

3 ـ طبقته ورواياته :

عده ابن حجر في الطبقة السادسة(4) .

وقال المزي : روى عن : سعيد بن جبير ، وكريب مولى ابن عباس في مسلم وسنن ابن ماجة ، ومجاهد.

__________________

1 ـ تهذيب الكمال : 4 / 246 الرقم 766.

2 ـ 4 ـ تقريب التهذيب : 1 / 108.

٦٤

روى عنه : إسماعيل بن سميع الحنفي ، وأشعث بن سوار ، وسلمة بن كهيل في مسلم وابن ماجة(1) .

4 ـ رواياته في الكتب الستة :

صحيح مسلم(2) ، وسنن ابن ماجة(3) .

__________________

1 ـ تهذيب الكمال : 4 / 246 الرقم 766.

2 ـ صحيح مسلم : 1 / 529 ، كتاب صلاة المسافرين وقصرها ، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه ، ذيل الحديث 187.

3 ـ سنن ابن ماجة : 1 / 170 ، كتاب الطهارة ، باب وضوء النوم ، ذيل الحديث 508.

٦٥

حرف التاء

[ 15 ] تليد بن سليمان ( ـ 190 ه‍ )

1 ـ شخصيته ووثاقته :

تليد بن سليمان المحاربي ، أبو سليمان ، ويقال : أبو إدريس ، الكوفي الأعرج(1) .

قال أبو بكر المروذي : قال أحمد : ولم ير به بأسا(2) .

وقال العجلي : لا بأس به(3) .

2 ـ تشيّعه :

قال أبو داود : رافضي خبيث ، رجل سوء ، يشتم أبا بكر وعمر(4) .

وقال عباس الدوري : قعد فوق سطح مع مولى لعثمان بن عفان ، فذكروا عثمان ، فتناوله تليد ، فقام إليه مولى عثمان ، فأخذه فرمى به من فوق السطح فكسر

__________________

1 ـ تهذيب الكمال : 4 / 320 الرقم 798.

2 ـ تهذيب الكمال : 4 / 321.

3 ـ تاريخ الثقات : 88 الرقم 176.

4 ـ تهذيب الكمال : 4 / 322.

٦٦

رجليه ، وكان يمشي على عصا(1) .

وقال العجلي : كان يتشيّع(2) .

وقال أحمد : كان مذهبه التشيّع(3) .

3 ـ طبقته ورواياته :

عده ابن حجر في الطبقة الثامنة(4) .

وقال المزي : روى عن : حمزة بن حبيب الزيات ، وأبي الجحاف داود بن أبي عوف في سنن الترمذي ، وعبد الملك بن عمير ، وعطاء بن السائب ، ويحيى بن سعيد الأنصاري.

روى عنه : إبراهيم بن عبس التنوخي الكوفي ، وأحمد بن حاتم الطويل ، وأحمد بن محمد بن حنبل ، وإسحاق بن موسى الأنصاري ، وإسماعيل بن موسى الفزاري ، وحسن بن حسين العرني الكوفي ، وسعيد بن نصير ، وسهل بن عثمان العسكري ، وأبو سعيد عبد الله بن سعيد الأشج في الترمذي ، وعبد الرحمان بن صالح الأزدي ، وعبد العزيز بن بحر البغدادي ، ومحمد بن إسماعيل القلوسي ، ومحمد بن الجنيد ، ومحمد بن عبد الله بن نمير ، ومحمد بن علي العطار ، ومختار بن غسان ، ونعيم بن حماد الخزاعي ، وهشيم بن أبي ساسان الكوفي ، ويحيى بن يحيى النيسابوري(5) .

__________________

1 و 3 ـ تهذيب الكمال : 4 / 322.

2 ـ تاريخ الثقات : 88 الرقم 176.

4 ـ تقريب التهذيب : 4 / 322 الرقم 6.

5 ـ تهذيب الكمال : 4 / 321.

٦٧

4 ـ رواياته في الكتب الستة :

روى له الترمذي فقط(1) .

5 ـ ترجمته في رجال الشيعة :

عده الشيخ الطوسي في أصحاب الإمام جعفر بن محمد الصادقعليه‌السلام (2) .

__________________

1 ـ سنن الترمذي : 5 / 616 ، كتاب المناقب ، الحديث 3680.

2 ـ راجع رجال الشيخ الطوسي : 173 الرقم 2045.

٦٨

حرف الثاء

[ 16 ] ثوير بن أبي فاختة

1 ـ شخصيته ووثاقته :

ثوير بن أبي فاختة ، واسمه سعيد بن علاقة القرشي الهاشمي ، أبو الجهم الكوفي(1) .

قال العجلي : كوفي ، هو وأبوه لا بأس بهما(2) .

2 ـ تشيّعه :

قال محمود بن غيلان ، عن شبابة بن سوار : قلت ليونس بن أبي إسحاق : مالك لا تروي عن ثوير ، فإن إسرائيل كتب عنه؟ قال : إسرائيل أعلم ما صنع به ، كان رافضيا(3) .

وقال الحاكم : لم ينقم عليه إلا التشيّع(4) .

3 ـ طبقته ورواياته :

عده ابن حجر في الطبقة الرابعة(5) .

__________________

1 ـ تهذيب الكمال : 4 / 429 الرقم 863.

2 ـ تاريخ الثقات : 91 الرقم 191.

3 ـ تهذيب الكمال : 4 / 430 ، الكامل : 2 / 532 ، المعرفة والتاريخ : 3 / 112.

4 ـ المستدرك على الصحيحين : 2 / 510.

5 ـ تقريب التهذيب : 1 / 121 الرقم 54.

٦٩

وقال المزي : روى عن : زيد بن أرقم ، وسعيد بن جبير ، وأبيه أبي فاختة سعيد بن علاقة في سنن الترمذي ، والطفيل بن أبي كعب ، وعبد الله بن الزبير ، وعبد الله بن عمر بن الخطاب في الترمذي ، ومجاهد بن جبر في الترمذي ، وأبي جعفر محمد بن علي بن الحسين ، ويحيى بن جعفر بن هبيرة ، وعن رجل من أهل قباء ، عن أبيه في سنن الترمذي.

روى عنه : إسرائيل بن يونس في الترمذي ، وأبو الأشهب جعفر بن الحارث النخعي ، وحجاج بن أرطاة ، وسفيان الثوري في الترمذي ، وسليمان الأعمش ، وشعبة بن الحجاج في الترمذي ، وأبو مريم عبد الغفار بن القاسم ، وعبد الملك بن سعيد بن أبجر ، وعبيدة بن حميد ، وعمرو بن قيس الملائي ، ومحمد بن عبيدالله العرزمي ، وهارون بن سعد ، وأبو بلج الفزاري الكبير يحيى بن أبي سليم(1) .

4 ـ رواياته في الكتب الستة :

سنن الترمذي(2) .

5 ـ ترجمته في رجال

الشيعة : عده الشيخ الطوسي تارة في أصحاب الامام السجاد ، وثانية في أصحاب الامام الباقر ، وثالثة في أصحاب الامام الصادقعليهم‌السلام (3) .

__________________

1 ـ تهذيب الكمال : 4 / 429.

2 ـ سنن الترمذي : 3 / 300 ، كتاب الجنائر ، باب ما جاء في عيادة المريض ، الحديث 969.

3 ـ رجال الشيخ الطوسي : 111 الرقم 1085 ، وص 129 الرقم 1310 ، وص 174 الرقم 2055. وانظر رجال النجاشي : 188 الرقم 303.

٧٠

حرف الجيم

[ 17 ] جابر بن يزيد الجعفي ( ـ 128 ه‍ )

1 ـ شخصيته ووثاقته :

جابر بن يزيد بن الحارث بن عبد يغوث بن كعب بن الحارث بن معاوية بن وائل بن مرئي بن جعفي الجعفي ، أبو عبد الله ، ويقال : أبو يزيد ، ويقال : أبو محمد الكوفي(1) .

قال أبو عيسى : وسمعت الجارود يقول : سمعت وكيعا يقول : لولا جابر الجعفي لكان أهل الكوفة بغير حديث(2) .

وقال إسماعيل بن علية ، عن شعبة : جابر صدوق في الحديث(3) .

وعن الجراح بن مليح يقول : سمعت جابرا يقول : عندي سبعون ألف حديث عن أبي جعفر ، عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كلها(4) .

عن ابن مهدي ، سمعت سفيان يقول : ما رأيت في الحديث أورع من جابر الجعفي(5) .

__________________

1 ـ تهذيب الكمال : 4 / 465 الرقم 879.

2 ـ سنن الترمذي : 5 / 741.

3 ـ تهذيب الكمال : 4 / 467.

4 ـ صحيح مسلم : 1 / 20 المقدمة.

5 ـ ميزان الاعتدال : 1 / 382.

٧١

2 ـ تشيّعه :

قال الذهبي : من أكبر علماء الشيعة(1) .

وقال عباس الدوري ، عن يحيى بن يعلى المحاربي : قيل لزائدة : ثلاثة لا تروي عنهم ، لم لا تروي عنهم؟ ابن أبي ليلى ، وجابر الجعفي ، والكلبي؟ قال : أما جابر الجعفي فكان والله كذابا يؤمن بالرجعة(2) .

وقال ابن حجر : رافضي(3) .

3 ـ طبقته ورواياته :

عده ابن حجر في الطبقة الخامسة(4) .

قال المزي : روى عن : حارث بن مسلم ، وخيثمة بن أبي خيثمة البصري في سنن الترمذي ، وزيد العمي في سنن ابن ماجة ، وسالم بن عبد الله بن عمر ، وطاووس بن كيسان ، وعامر بن شراحيل الشعبي في سنن ابن ماجة ، وأبي الطفيل عامر بن واثلة الليثي الصحابي ، وأبي حريز عبد الله بن الحسين قاضي سجستان في سنن ابن ماجة وعبد الله بن نجي في التفسير ، وعبد الله بن عبد الرحمان بن الأسود بن يزيد في سنن الترمذي ، وعطاء بن أبي رباح ، وعكرمة مولى ابن عباس في سنن ابن ماجة ، وعمار الدهني في سنن ابن ماجة ، والقاسم بن عبد الرحمان بن عبد الله ابن مسعود في سنن ابن ماجة ، والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق ، ومجاهد بن

__________________

1 ـ الكاشف : 1 / 131 الرقم 748.

2 ـ تهذيب الكمال : 4 / 468 الرقم 879.

3 و 4 ـ تقريب التهذيب : 1 / 123 الرقم 17.

٧٢

جبر في سنن الترمذي ، ومحمد بن قرظة الأنصاري في سنن ابن ماجة ، وأبي الزبير محمد بن مسلم المكي في سنن ابن ماجة ، وأبي الضحى مسلم بن صبيح في سنن ابن ماجة ، وأبي عازب مسلم بن عمرو في سنن ابن ماجة ، والمغيرة بن شبيل في سنن أبي داود وسنن ابن ماجة.

روى عنه : إسرائيل بن يونس في سنن ابن ماجة ، وحسان بن إبراهيم الكرماني ، والحسن بن صالح بن حي في سنن ابن ماجة ، وحفص بن عمر البرجمي الأزرق في سنن ابن ماجة ، وزهير بن معاوية ، وسفيان الثوري في سنن أبي داود وسنن ابن ماجة ، وسفيان بن عيينة ، وسلام بن أبي مطيع ، وشريك بن عبد الله في سنن ابن ماجة ، وشعبة بن الحجاج في سنن الترمذي ، وشيبان بن عبد الرحمان ، وعبد الرحمان بن عبد الله المسعودي في سنن ابن ماجة ، وقيس بن الربيع ، وأبو حمزة محمد بن ميمون السكري في سنن الترمذي وسنن ابن ماجة ، ومسعر بن كدام ، ومعمر بن راشد في سنن ابن ماجة ، والمفضل بن عبد الله الكوفي في سنن ابن ماجة ، وأبو عوانة في سنن ابن ماجة(1) .

4 ـ رواياته في الكتب الستة :

سنن أبي داود(2) ، وابن ماجة(3) ، والترمذي(4) .

__________________

1 ـ تهذيب الكمال : 4 / 466.

2 ـ سنن أبي داود : 1 / 272 ، كتاب الصلاة ، الحديث 1036.

3 ـ سنن ابن ماجة : 1 / 381 ، كتاب الصلاة ، الحديث 1208.

4 ـ سنن الترمذي : 2 / 200 ، باب ما جاء في الامام ينهض في الركعتين ناسيا.

٧٣

5 ـ ترجمته في رجال الشيعة :

عده الشيخ الطوسي تارة في أصحاب الامام الباقر ، واخرى في أصحاب الامام الصادقعليهما‌السلام .(1)

[ 18 ] جرير بن عبد الحميد ( 110 ـ 188 ه‍ )

1 ـ شخصيته ووثاقته :

قال الذهبي : جرير بن عبد الحميد بن يزيد ، الامام الحافظ القاضي ، أبو عبد الله الضبي الكوفي ، نزل الري ونشر بها العلم ، ويقال : مولده بأعمال أصبهان ، ونشأ بالكوفة(2) .

وقال أبو القاسم اللالكائي : مجمع على ثقته(3) .

وقال النسائي : ثقة(4) .

وقال العجلي : كوفي ، ثقة ، سكن الري(5) .

2 ـ تشيّعه :

عده ابن قتيبة من رجال الشيعة(6) .

__________________

1 ـ رجال الشيخ الطوسي : 129 ، الرقم 1316 ، وص 176 الرقم 2092 ، ورجال النجاشي : 128 الرقم 332.

2 ـ سير أعلام النبلاء : 9 / 9 الرقم 3 ، الكاشف : 1 / 135 الرقم 780.

3 ـ تهذيب الكمال : 4 / 550.

4 ـ تهذيب الكمال : 4 / 550 ، الطبقات الكبرى : 7 / 381.

5 ـ تاريخ الثقات : 96 الرقم 205.

6 ـ المعارف : 624.

٧٤

3 ـ طبقته ورواياته :

قال المزي : روى عن : إبراهيم بن محمد بن المنتشر في صحيح مسلم ، وأسلم المنقري في كتاب المسائل لأبي داود ، وإسماعيل بن أبي خالد في البخاري ومسلم ، وأشعث بن سوار ، وأيوب بن عائذ الطائي في سنن النسائي ، وأبي بشر بيان بن بشر في مسلم والنسائي ، وثعلبة بن سهيل في الترمذي ، وجرير بن يزيد بن جرير بن عبد الله البجلي ، وحبيب بن أبي عمرة في النسائي ، والحسن بن عبيدالله في مسلم وأبي داود والترمذي ، وحصين بن عبد الرحمان في مسلم ، وحمزة بن حبيب الزيات في مقدمة مسلم ، وحنيف بن رستم المؤذن في مسند علي ، وداود بن سليك السعدي في الرد على أهل القدر لأبي داود ، ورقبة بن مصقلة في مقدمة مسلم وسنن النسائي ، والركين بن الربيع في مسلم ، وزيد بن عطاء بن السائب في النسائي ، وسفيان الثوري ، وسليمان الأعمش في الكتب الستة ، وسليمان التيمي في مسلم والنسائي ، وسهيل بن أبي صالح في مسلم ، وشيبة بن نعامة الضبي ، وطلق بن معاوية في مسلم والنسائي ، وعاصم بن سليمان الأحول في مسلم وأبي داود ، وعبد الله بن شبرمة الضبي في النسائي ، وعبد الله بن عثمان بن خثيم في النسائي ، وأبيه عبد الحميد بن قرط الضبي ، وعبد العزيز بن رفيع الأسدي في البخاري ومسلم وأبي داود والنسائي ، وعبد الملك بن عمير في البخاري ومسلم ، وعبيد الله بن عمر في ابن ماجة ، وعطاء بن السائب في أبي داود والترمذي والنسائي ، وعلي بن عمرو الثقفي في المراسيل ، وعمارة بن القعقاع بن شبرمة الضبي في البخاري ومسلم والنسائي ، والعلاء بن المسيب في مسلم وفي كتاب الرد على أهل القدر ، وفضيل بن غزوان الضبي في مسلم وأبي داود ، وقابوس بن أبي ظبيان في الأدب المفرد وأبي داود وابن ماجة ، وليث بن أبي سليم في الأدب المفرد ، ومالك بن أنس ، ومحمد بن اسحاق بن يسار في الترمذي والنسائي ، ومحمد بن شيبة بن نعامة الضبي في مسلم ، والمختار بن فلفل في مسلم ، ومسلم الملائي في سنن ابن ماجة ، ومطرف

٧٥

ابن طريف في البخاري ومسلم وأبي داود والنسائي ، ومغيرة بن مقسم الضبي في البخاري ومسلم وأبي داود والنسائي ، ومنصور بن المعتمر في الكتب الستة ، وموسى بن أبي عائشة في البخاري ومسلم وكتاب المراسيل ، وهشام بن حسان في مسلم والنسائي ، وهشام بن عروة في مسلم وأبي داود والترمذي والنسائي ، ويحيى ابن سعيد الأنصاري في مسلم ، ويزيد بن أبي زياد في أبي داود والترمذي والخصائص ، ومما استشهد به البخاري ، وأبي إسحاق الشيباني في البخاري ومسلم وأبي داود ، وأبي جناب الكلبي في أبي داود ، وأبي حيان التيمي في مسلم ، وأبي فروة الهمداني في أفعال العباد ومسلم وأبي داود والنسائي.

روى عنه : إبراهيم بن شماس في كتاب المسائل لأبي داود ، وإبراهيم بن موسى الفراء في أبي داود ، وإبراهيم بن هاشم بن مشكان ، وأحمد بن محمد بن حنبل ، وأحمد بن محمد بن موسى مردويه في الترمذي ، وإسحاق بن إسماعيل الطالقاني في أبي داود ، وإسحاق بن راهويه في البخاري ومسلم والترمذي والنسائي ، وإسحاق بن موسى الأنصاري في النسائي ، والحسن بن عمرو السدوسي في أبي داود ، وأبو عمار الحسين بن حريث المروزي في النسائي ، وداود بن مخراق الفريابي في أبي داود ، وأبو خيثمة زهير بن حرب في البخاري ومسلم وأبي داود ، وأبو هاشم زياد بن أيوب الطوسي ، وسعيد بن منصور في أبي داود ، وسفيان ابن وكيع بن الجراح في الترمذي ، وسليمان بن حرب ، وعبد الله بن الجراح في أبي داود وابن ماجة ، وعبد الله بن عثمان المروزي عبدان في البخاري ، وعبد الله بن المبارك ، ومات قبله ، وعبد الله بن محمد بن إسحاق الآدرمي في النسائي ، وأبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي شيبة في مسلم وابن ماجة ، وأخوه عثمان بن محمد بن أبي شيبة في البخاري ومسلم وأبي داود وعمل اليوم والليلة ، وعلي بن حجر السعدي في مسلم والترمذي والنسائي ، وعلي بن المديني في البخاري ، وعمرو بن رافع القزويني في ابن ماجة ، وقتيبة بن سعيد في البخاري ومسلم والترمذي وعمل اليوم

٧٦

والليلة ، ومحمد بن حميد الرازي في الترمذي ، ومحمد بن سلام البيكندي في البخاري ، ومحمد بن الصباح الجرجرائي في ابن ماجة ، ومحمد بن الصباح الدولابي ، ومحمد بن عمرو زنيج الرازي في مسلم وأبي داود ، ومحمد بن عيسى بن الطباع ، ومحمد بن قدامة بن إسماعيل السلمي البخاري ، ومحمد بن قدامة بن أعين المصيصي في أبي داود والنسائي ، ومحمد بن قدامة الطوسي ، وهارون بن عباد الأزدي في أبي داود ، ويحيى بن أكثم في الترمذي ، ويحيى بن معين بن يحيى النيسابوري في البخاري ومسلم ، ويعقوب بن إبراهيم الدورقي ، ويوسف بن موسى القطان في أبي داود والبخاري ، ومسند علي ، وسنن ابن ماجة ، وأبو داود الطيالسي ، وأبو الربيع الزهراني في سنن أبي داود(1) .

4 ـ رواياته في الكتب الستة :

صحيح البخاري(2) ، ومسلم(3) ، وسنن أبي داود(4) ، والترمذي(5) ، والنسائي(6) .

__________________

1 ـ تهذيب الكمال : 4 / 540 الرقم 918.

2 ـ صحيح البخاري : 1 / 25 ، كتاب العلم ، وج 2 / 107 ، باب ما جاء في قبر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وص 122 ، باب من ملك من العرب ، وص 157 ، باب فضل الحرم ، وص 160 ، باب اليمين بعد العصر ، وج 5 / 109 ، باب بعث أبي موسى ومعاذ الى اليمن ، وج 6 / 176 ، باب الاشارة في الطلاق.

3 ـ صحيح مسلم : 1 / 188 ، كتاب الايمان ، الحديث 196 ، وص 330 ، كتاب الصلاة ، باب الاستماع للقراءة ، وج 2 / 869 ، باب إحرام النفساء الحديث 1209 ، وج 3 / 1671 ، كتاب اللباس والزينة ، الحديث 2111.

4 ـ سنن أبي داود : 2 / 11 ، كتاب الصلاة ، باب صلاة الخوف ، الحديث 1236 ، وج 3 / 321 ، كتاب العلم ، الحديث 3659.

5 ـ سنن الترمذي : 1 / 159 ، باب ( 71 ) من أبواب الطهارة ، ذيل الحديث 95 ، وج 5 / 159 ، كتاب فضائل القرآن ، الباب ( 4 ) الحديث 2881.

6 ـ سنن النسائي : 3 / 12 ، كتاب السهو.

٧٧

5 ـ ترجمته في رجال الشيعة :

عده الشيخ الطوسي في أصحاب الامام الصادقعليه‌السلام (1) .

[ 19 ] جعفر بن زياد ( ـ 175 ه‍ )

1 ـ شخصيته ووثاقته :

جعفر بن زياد الأحمر ، أبو عبد الله ، ويقال : أبو عبد الرحمان الكوفي ، والد علي بن جعفر ، وجد الحسين بن علي بن جعفر الأحمر(2) .

قال العجلي : كوفي ، ثقة(3) .

وقال الذهبي : صدوق(4) .

وقال ابن حجر : صدوق(5) .

2 ـ تشيّعه :

قال الحسين بن علي بن جعفر الأحمر : كان جدي من رؤساء الشيعة بخراسان(6) .

__________________

1 ـ رجال الشيخ الطوسي : 177 الرقم 2105.

2 ـ تهذيب الكمال : 5 / 38 الرقم 941.

3 ـ تاريخ الثقات : 1 / 97 الرقم 211.

4 ـ الكاشف : 1 / 129 الرقم 799.

5 ـ تقريب التهذيب : 1 / 130 الرقم 81.

6 ـ تهذيب الكمال : 5 / 41.

٧٨

وقال الذهبي : شيعي(1) .

وقال ابن عدي : وهو يروي شيئا من الفضائل ، وهو من جملة متشيعة الكوفة ، وهو صالح في رواية الكوفيين(2) .

3 ـ طبقته ورواياته :

عده ابن حجر في الطبقة السابعة(3) .

وقال المزي : روى عن : إسماعيل بن أبي خالد ، وأبي بشر بيان بن بشر ، والحارث بن حصيرة ، وسليمان الأعمش ، وعبد الله بن عطاء في الترمذي والنسائي في الخصائص ، وعطاء بن السائب في الترمذي ، وأبي خالد عمرو بن خالد الواسطي ، والعلاء بن المسيب ، وعيسى بن عمر القارئ ، وقابوس بن أبي ظبيان ، وكثير بن إسماعيل النواء ، وأبي سهل كثير بن زياد البرساني ، ومجالد بن سعيد ، ومحمد بن سالم ، ومخول بن راشد ، وأبي فروة مسلم بن سالم في مسند علي ، ومطرح بن يزيد الكناني ، ومغيرة بن مقسم الضبي في كتاب المسائل لأبي داود ، والمنذر بن ثعلبة ، ومنصور بن المعتمر ، ويحيى بن سعيد الأنصاري ، ويحيى بن عبد الله الجابر ، ويزيد بن أبي زياد في خصائص أمير المؤمنين وأبي إسحاق الشيباني ، وأبي جعفر الرازي ، وأبي حيان التيمي ، وأبي هاشم الرماني.

روى عنه : أحمد بن المفضل الحفري ، وإسحاق بن منصور السلولي في سنن الترمذي ، وإسماعيل بن أبان الوراق ، والأسود بن عامر شاذان في الترمذي

__________________

1 ـ الكاشف : 1 / 129 الرقم 799.

2 ـ الكامل : 2 / 566.

3 ـ تقريب التهذيب : 1 / 130 الرقم 81.

٧٩

وخصائص أمير المؤمنين ، وأسيد بن زيد الجمال ، وحسين بن حسن الأشقر ، وزافر ابن سليمان ، وسفيان بن عيينة ، وعبد الحميد بن عبد الرحمن الكلبي الكسائي الكوفي ، وعبد الرحمن بن مهدي ، وعبيد الله بن موسى ، وعلي بن الحكيم الأودي ، وعلي بن قادم في خصائص أمير المؤمنين ، وعمرو بن عبد الغفار الفقيمي ، وأبو غسان مالك بن إسماعيل في مسند علي ، ومحمد بن إسحاق ، ومخلد بن أبي قريش ، وموسى بن داود في كتاب المسائل ، ووكيع بن الجراح ، ويحيى بن بشر الحريري ، ويحيى بن أبي بكير الكرماني(1) .

4 ـ رواياته في الكتب الستة :

روى الترمذي في كتاب المناقب ، عن جعفر الأحمر ، عن عبد الله بن عطاء ، عن ابن بريدة ، عن أبيه قال : كان أحب النساء إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فاطمة ، ومن الرجال علي(2) .

5 ـ ترجمته في رجال الشيعة :

عده الشيخ الطوسي في أصحاب الامام الصادقعليه‌السلام (3) .

__________________

1 ـ تهذيب الكمال : 5 / 39 ـ 40.

2 ـ سنن الترمذي : 5 / 698 ، كتاب المناقب ، باب فضل فاطمة بنت محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، الحديث 3868 ، وراجع خصائص أمير المؤمنينعليه‌السلام : 128 الرقم 113.

3 ـ رجال الشيخ الطوسي : 175 الرقم 2069.

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

قال : لا والله ما أحبّ أنّي رجعت عن الاسلام وأنّ لي ما في الأرض جميعا.

فقالوا : أمّا واللات والعزّى لئن لم تفعل لنقتلنّك!

فقال : إن قتلي في الله لقليل ، فلمّا أبى عليهم وقد جعلوا وجهه من حيث جاء ( أي نحو المدينة ) ، قال : أما صرفكم وجهي عن القبلة ، فان الله يقول : «فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ » ثم قال : اللهم إني لا أرى إلاّ وجه عدوّ ، اللهم أنه ليس هاهنا أحد يبلّغ رسولك السلام عنّي فبلّغه أنت عنّي السلام.

ثم دعا على القوم وقال : اللهم أحصهم عددا واقتلهم بددا ، ولا تغادر منهم أحدا.

ثم دعوا أبناء من أبناء من قتل ببدر فوجدوهم أربعين غلاما ، فأعطوا كل غلام رمحا ، ثمّ قالوا هذا الّذي قتل آباءكم ، فطعنوه برماحهم طعنا خفيفا فاضطرب على الخشبة فانقلب ، فصار وجهه الى الكعبة ، فقال : الحمد لله الّذي جعل وجهي نحو قبلته التي رضي لنفسه ولنبيه وللمؤمنين!!

فأثارت روحانيته الكبرى ، وطمأنينته العظيمة غيض أحد المشركين الحاضرين ، وهو « عقبه بن الحارث » وتملكه غضب شديد من إخلاصه للاسلام فأخذ حربته وطعن بها خبيبا طعنة قاضية ، قتلته ، وهو يوحّد الله ويشهد أن محمّدا رسول الله.

ويروي ابن هشام أن خبيبا أنشد قبل مقتله أبياتا عظيمة نذكر هنا بعضها :

إلى الله أشكو غربتي ثمّ كربتي

وما أرصد الأحزاب لي عند مصرعي

فذا العرش صبّرني على ما يراد بي

فقد بضّعوا لحمي وقد ياس مطمعي

وذلك في ذات الاله وأن يشأ

يبارك على أوصال شلو ممزّع

وقد خيّروني الكفر والموت دونه

وقد هملت عيناي من غير مجزع

وما بي حذار الموت أني لميّت

ولكن حذاري جحم نار ملفّع

فو الله ما أرجو إذا متّ مسلما

على أي جنب كان في الله مصرعي

فلست بمبد للعدوّ تخشعا

ولا جزعا إنّي إلى الله مرجعي

٢٠١

وقد أحزنت هذه الحادثة الاليمة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وكذا جميع المسلمين.

وأنشد فيهم « حسان بن ثابت » أبياتا ذكرها ابن هشام في سيرته ، كما أنه هجا هذيلا في أبيات اخرى لارتكابهم هذه الجريمة النكراء(١) .

ولقد خشي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن تتكرر مثل هذه الجريمة النكراء ، وبذلك يواجه رجال التبليغ والدعوة الذين كان يعدهم بصعوبة بالغة مصاعب في سبيلهم ، ويتعرضوا لخسائر لا تجبر ، وعمليات غدر واغتيال اخرى.

وقد بقي جثمان هذا المسلم المجاهد على الخشبة مدة من الزمن ، يحرسه جماعة من المشركين حتى قام رجلان قويّان شجاعان من المسلمين بانزاله من فوق الصليب ليلا ، ومن ثم دفنه بأمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٢) .

جريمة بئر معونة :

وفي شهر صفر من السنة الرابعة وقبل أن يصل نبا مصرع الدعاة المذكورين واستشهادهم على أيدي المشركين في منطقة الرجيع الى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قدم أبو براء العامري المدينة فدعاه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الى الاسلام فلم يسلم ولكنّه قال للنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يا محمّد إني ارى أمرك حسنا ، فلو بعثت رجالا من أصحابك إلى أهل « نجد » فدعوهم إلى أمرك رجوت أن يستجيبوا لك فان هم اتبعوك فما أعز أمرك.

فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنّي اخشى عليهم أهل نجد.

قال أبو براء : لا تخف ، أنا لهم جار ، فابعثهم فليدعو الناس الى أمرك.

فبعث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أربعين رجلا من خيار المسلمين من أصحابه ممن حفظوا القرآن وعرفوا احكام الاسلام ، وأمّر عليهم « المنذر بن

__________________

(١) المغازي : ج ١ ص ٣٥٤ ـ ٣٦٢ ، السيرة النبوية : ج ٢ ص ١٦٩.

(٢) سفينة البحار : ج ١ ص ٣٧٢.

٢٠٢

عمرو » ، فساروا حتى نزلوا ببئر معونة وهي بين أرض بني عامر وحرّة بني سليم وهم يحملون من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كتابا إلى عامر بن الطفيل أحد زعماء « نجد » ، وكلّف أحد المسلمين بايصال ذلك الكتاب إلى عامر ، فلما أتاه الكتاب لم ينظر فيه حتى عدا على الرجل ( حامل الكتاب ) فقتله ، ثم استصرخ بني عامر على المبلّغين ، فأبوا أن يجيبوه إلى ما دعاهم إليه ، وقالوا : لن ننقض عهد أبي براء ، وقد عقد لهم عقدا وجوارا.

فاستصرخ عليهم قبائل بني سليم فأجابوه إلى ذلك فخرجوا حتى نزلوا حيث نزل جماعة الدعاة ، فأحاطوا بهم في رحالهم ، فلما رأوهم أخذوا سيوفهم ، ثم قاتلوهم حتى قتلوا عن آخرهم بعد أن أبدوا مقاومة كبرى ، وبسالة عظيمة ، ولم يكن يتوقع منهم غير ذلك.

فانّ مبعوثي النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يكونوا مجرد رجال فكر وعلم فقط ، بل كانوا رجال حروب ، وأبطال معارك ، ولذا رفضوا الاستسلام للمعتدين ، واعتبروا ذلك عارا لا يليق بالمسلم الحرّ الأبيّ ، فقاتلوهم حتى استشهدوا جميعا ، إلاّ كعب بن زيد ، فانه جرح فعاد بجراحه الى المدينة ، وأخبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بما جرى لأصحابه على أيدي قبائل بني سليم المشركة الغدرة.

فحزن رسول الله والمسلمون جميعا لهاتين الحادثتين ، المفجعتين اشد الحزن بل ولم يجد على قتلى مثل ما وجد عليهم ، وبقي رسول الله يذكر شهداء بئر معونة ردحا من الزمان(١)

هذا ولقد كانت هاتان الحادثتان المؤسفتان المؤلمتان جميعا من نتائج النكسة التي أصابت المسلمين في « احد » والتي جرّأت القبائل خارج المدينة على قتل رجال المسلمين ودعاتهم غدرا ومكرا.

كيد المستشرقين وجفاؤهم :

إن المستشرقين الذين دأبوا على نقد أبسط سوء يتعرض له مشرك على أيدي

__________________

(١) السيرة النبوية : ج ٢ ص ١٨٣ ـ ١٨٧ امتاع الاسماع : ج ١ ص ١٧٠ ـ ١٧٣.

٢٠٣

المسلمين فينالون من الاسلام والمسلمين أشدّ نيل ، ويصرّون على أن يؤكّدوا على أن الاسلام لم ينتشر إلاّ بالسيف والقهر ، التزموا صمتا عجيبا تجاه هاتين الحادثتين المؤلمتين المفجعتين ، ولم ينبسوا في هذا المقام ببنت شفة أبدا ، وكأن شيئا من هذا لم يقع ، وكأن ما وقع لا يستأهل اهتماما وحديثا.

ترى أيّ نظام من أنظمة العالم القديم والجديد يجيز أن يقتل الدعاة والمبشرون ورجال العلم والفكر ، والتعليم والتثقيف.

إذا كان الاسلام قد تقدّم بالسيف ـ كما يدّعي رجال الاستشراق ـ فلما ذا تخاطر جماعات التبليغ والدعوة هذه بأنفسها وتزهق أرواحها في سبيل نشر الاسلام ، والدعوة السلمية الفكرية إليه.

إنّ هاتين الحادثتين تنطويان على نقاط حيوية ، وعبر مفيدة جدا ، فان قوة الايمان لدى تلك الجماعات ، وعمق تفانيها ، وتضحيتها ، وبسالتها تستحق إعجاب المسلمين ، واكبارهم. كما وتعتبر من أفضل الدروس وابلغها لهم.

المؤمن لا يلدغ من جحر مرّتين :

لقد أثارت حادثتا « الرجيع » و « بئر معونة » المفجعتان اللتان جرتا إلى مصرع مجموعة كبيرة من خيرة الدعاة والمبلّغين موجة من الحزن والأسى في المسلمين وتركت أثرا مؤلما في أوساطهم.

وهنا يتساءل القارئ : لما ذا أقدم النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على إرسال المجموعة الثانية من المبلّغين الى « نجد » مع أنه حصل على تجربة مرّة؟! ألم يقل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

« لا يلدغ المؤمن من جحر مرّتين ».

إن الإجابة على هذا السؤال تتضح من خلال مراجعة النصوص التاريخية لأن المجموعة الثانية قد بعثت في جوار من أبي براء ( عامر بن مالك بن جعفر ) والذي كان رئيسا لقبيلة بني عامر ، ولم تفعل قبيلته ما خالف جوار رئيسهم ولم يشتركوا في تلك الجريمة وقد بقي أبو براء نفسه في المدينة تأكيدا لجواره ، ريثما

٢٠٤

يرجع فريق التبليغ إلى المدينة.

لقد كانت خطة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خطة مدروسة وصحيحة لأن جماعة المبلّغين الثانية لم تقتل على يد قبيلة أبي براء ، ومع أن ابن أخيه عامر بن الطفيل قد استصرخ قبيلة أبي براء التي كانت قبيلته أيضا ، ضدّ جماعة المبلّغين إلاّ أن قبيلة أبي براء أبت أن تنفر معه ، ولم يستجب لندائه أحد منهم بل قالوا : لن يخفر جوار أبي براء. ولما أيس منهم استصرخ قبيلة اخرى لا تمتّ إلى قبيلة أبي براء بصلة ، فاقدمت تلك القبائل على محاصرة الدعاة الأربعين ومقاتلتهم.

ثم إن جماعة المبلّغين المذكورة كانت قد بعثت عند مغادرتها المدينة وتوجهها الى منطقة أبي براء رجلين من رجالها هما : عمرو بن أميّة و « حارث بن الصمة »(١) ليرعيا إبل الجماعة ويحافظا عليها ، وبينما كان الرجلان يقومان بواجبهما اذ أغار عليهما « عامر بن الطفيل ». فقتل حارث بن الصمة ، واطلق سراح عمرو بن اميّة.

فعاد عامر الى المدينة ، في اثناء الطريق التقى رجلين من العامريين فرافقهما وأمهلهما حتى اذا ناما وثب عليهما فقتلهما ، وهو يرى بأنه انتقم لزملائه من المسلمين من بني عامر ، وقد أخطأ في تصوره هذا لأن بني عامر لم تخفر جوار سيدها أبي براء ولم تنقض أمانة كما أسلفنا ، ولم يشترك في جريمة قتل الدعاة الأربعين.

فلما قدم على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأخبره الخبر ، حزن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لذلك وقال لعمرو :

« بئس ما صنعت ، قتلت رجلين كان لهما مني أمان وجوار ، لا دفعن ديتهما ».

ولكن الاجابة الاكثر وضوحا على هذا الاعتراض ( او السؤال ) هو ما يذكره ابن سعد صاحب الطبقات إذ يقول : وجاء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خبر أهل بئر معونة ، وجاءه تلك الليلة أيضا مصاب خبيب بن عديّ ومرثد بن أبي مرثد(٢) .

__________________

(١) السيرة النبوية : ج ٢ ص ١٦٨ وصاحب السيرة يرى انه المنذر بن محمد.

(٢) الطبقات الكبرى : ج ٢ ص ٥٢ و ٥٣.

٢٠٥

٣٤

غزوة « بني النضير »

لقد فرح منافقو المدينة ويهودها بانتكاسة المسلمين في معركة « أحد » كما فرحوا أيضا بمصرع رجال التبليغ والدعوة ، فرحا بالغا وباتوا يتحيّنون الفرصة لإثارة القلاقل والفتن في المدينة لإفهام القبائل خارجها بأنه لا توجد أية وحدة سياسيّة وانسجام اجتماعيّ في مركز الاسلام ، وعاصمة الحكومة الاسلامية ، وأن في مقدور الأعداء الخارجيين أن يجهزوا على حكومة الاسلام الفتية ، ويقضوا عليها بسهولة!!

ولكي يقف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على نوايا ودخائل يهود بني النضير مشى في جماعة من أصحابه إلى حصنهم.

على أن الهدف الظاهري المعلن عنه كان هو الاستعانة بهم في دية العامريّين اللذين قتلا خطأ على يد « عمرو بن أميّة » كما أسلفنا ، وذلك بموجب الاتفاقيّة المعقودة بين رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبين اليهود وكذا بني عامر وغيرهم والقاضية بالتعاون معا في تسديد الدية في مثل هذه الموارد.

فلما وصل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الى حيث يسكن بنو النضير ، وكلّمهم في أن يعينوه في تلك الدية ، رحبوا به ظاهرا ، ووعدوا بأن يلبّوا مطلبه ، ثم إنهم خاطبوه قائلين : يا أبا القاسم نعينك على ما احببت. ثم دعوه إلى أن يدخل في بيوتهم ، ويقضي يومه فيها ، قائلين : قد آن لك أن تزورنا ، وأن تأتينا ، اجلس حتى نطعمك ، فلم يقبل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بتلبية مطلبهم ، بل

٢٠٦

جلس مستندا الى جدار بيت من بيوتهم واخذ يكلمهم(١) .

ثم إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم احسّ بشرّ من ذلك الترحيب الحارّ الذي قابلته به رجال بني النضير ، والذي رافق حركات مشبوهة منهم!!

هذا مضافا إلى أنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم شاهدهم وقد خلا بعضهم إلى بعض يتناجون ويتهامسون الأمر الذي يدعو الى الشك ، ويورث سوء الظن!!

وقد كان سوء الظن هذا في محله ، فقد قرر سادة يهود ـ لمّا أتاهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في رهط قليل من أصحابه ـ أن يتخلصوا منه باغتياله والغدر به على حين غفلة منهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فانتدبوا أحدهم وهو « عمرو بن جحاش » لتنفيذ هذه الجريمة ، وذلك بأن يعلو على البيت الذي استند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى جداره فيلقى عليه صخرة تقتله.

إلاّ أنّ هذه المؤامرة انكشفت ـ ولحسن الحظ ـ قبل تنفيذها ، إما من خلال حركات اولئك اليهود الخبثاء ، المشبوهة ، أو بخبر أتى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من السماء ، كما يروي ابن هشام والواقدي في مؤلفيهما.

فنهض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سريعا ، كأنه يريد حاجة ، وتوجه من توّه إلى المدينة دون أن يخبر أصحابه الذين أتوا معه ، بقصده.

وبقي أصحابه هناك ينتظرون عودته من حاجته دون جدوى.

وندمت يهود على ما صنعت ، واضطربت لذلك اضطرابا شديدا ، واصابتها حيرة شديدة فيما يجب أن تقوم به.

فمن جهة خشيت أن يكون رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد علم بمؤامرتهم وتواطئهم ، فيقدم على تأديبهم لنقضهم ميثاق التعايش السلميّ ، ولتواطئهم القبيح ، ومكرهم السيئ.

ومن ناحية اخرى أخذت تفكّر في أن تنتقم من أصحابه الموجودين هنا إن هو فاتهم ، ولكنها خشيت أن يؤدي ذلك إلى مزيد من تأزّم الموقف ، وان ينتقم

__________________

(١) يقول صاحب المغازي : إن النبيّ جاء بني النضير في ناديهم ج ١ ص ٣٦٤.

٢٠٧

رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حينئذ منهم قطعا ويقينا.

وفيما هم في هذه الحالة من الاضطراب والتحيّر قرر أصحاب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم العودة إلى المدينة بعد أن يئسوا من رجعته إليهم من حاجته ، فلقوا رجلا مقبلا من المدينة فسألوه عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : رأيته داخلا المدينة ، فأقبلوا حتى انتهوا إليهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعرفوا بمؤامرة اليهود إذ قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لهم لما قالوا : يا رسول الله قمت ولم نشعر :

« همّت اليهود بالغدر بي ، فأخبرني الله بذلك فقمت »(١) .

بما ذا يجب أن تقابل هذه الجريمة؟

والآن ما ذا يجب أن يقوم به رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تجاه هذه الزمرة الخائنة المتآمرة؟ تلك الزمرة التي تنعم بما وفّرتها لهم الحكومة الاسلامية من أمن وحرية ، ويحافظ جنود الاسلام على أنفسهم وأموالهم وأعراضهم ، كما يفعلون الفعل ذاته بالنسبة إلى أنفسهم وأموالهم وأعراضهم على حد سواء.

تلك الزمرة التي كانت ترى كل آثار النبوة ودلائلها في حياة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأعماله ، وأقواله تماما على نحو ما قرأت عنه في كتبها وأسفارها ، ولكنها بدل أن تردّ الجميل بالجميل وتقابل الاحسان بالاحسان ، وبدل أن تحسن ضيافته وقد نزل عليهم ضيقا تتآمر لقتله غيلة وغدرا دون ما خجل ولا حياء!!

ما هو ترى ما تقتضيه العدالة في هذا الصعيد وفي هذه الحال؟

وما ذا يجب أن يفعل المرء حتى يمنع من تكرار مثل هذه الحوادث ، ويستأصل جذور مثل هذه الجرائم؟

إن الطريق المنطقي هو ما أختاره رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وفعله.

فقد أمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المسلمين بالتهيّؤ لحربهم ، والسير إليهم ،

__________________

(١) الطبقات الكبرى : ج ٢ ص ٥٧ ، امتاع الاسماع : ج ١ ص ١٧٨.

٢٠٨

ثم دعا محمد بن مسلمة وأمره بأن يذهب إلى بني النضير ، ويبلغ سادتهم ، من قبله رسالة.

فخرج محمد بن مسلمة الأنصاري الاوسي(١) الى بني النضير وقال لسادتهم : إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أرسلني إليكم يقول :

« قد نقضتم العهد الّذي جعلت لكم بما هممتم به من الغدر بي.

اخرجوا من بلادي فقد أجّلتكم عشرا فمن رئي بعد ذلك ضربت عنقه ».

فأحدثت هذه الرسالة الشديدة اللهجة والساخنة المضمون انكسارا عجيبا في يهود بني النضير ، وأخذوا يتلاومون ، وأخذ يحمّل كل واحد منهم الآخر مسئولية هذه القضية.

فاقترح عليهم أحد سادتهم أن يعتنقوا الاسلام ، ويؤمنوا برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ولكن عنادهم منعهم من القبول بهذا الاقتراح. وعمتهم حالة يرثى لها من الحيرة ، والانقطاع ، فقالوا لمبعوث النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا محمّد ما كنّا نرى أن يأتي بهذا رجل من الاوس.

ويقصدون أنه كان بيننا وبين الأوس حلف فما بالك تريد حربنا الآن.

فقال محمد بن مسلمة : تغيّرت القلوب.

وقد كان هذا الاجراء متطابقا مع ما جاء في ميثاق التعايش الذي عقده رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مع يهود يثرب ابان دخوله المدينة ، وقد وقع عليه عن اليهود بني النضير حيي بن أخطب ، وقد نقلنا في ما سبق النصّ الكامل لهذا الميثاق وها نحن ندرج هنا قسما منه ليتضح ما ذكرناه.

جاء في أحد بنود الميثاق ( العهد ) :

« ألاّ يعينوا ( أي بنو النضير وبنو قريظة وبنو قينقاع ) على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولا على أحد من أصحابه بلسان ولا يد ولا بسلاح ولا بكراع في السرّ والعلانية لا بليل ولا بنهار والله بذلك عليهم شهيد ، فان فعلوا فرسول الله في حل

__________________

(١) المغازي : ج ١ ص ٣٦٦.

٢٠٩

من سفك دمائهم ، وسبي ذراريهم ، ونسائهم ، وأخذ أموالهم »(١) .

المستشرقون ودموع التماسيح :

لقد أبدى المستشرقون حزنهم وأسفهم لما جرى في هذه القضية ، وذرفوا دموع تماسيح ، وأبدوا دقّة وشفقة أكثر مما تبديه والدة تجاه وليدها ، على اليهود الخونة الناقضين العهد ، الناكثين للايمان ، واعتبروا الإجراء الذي اتخذه النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بحقهم بعيدا عن روح الانصاف وسنن العدل!!

والحق أن هذه الاعتراضات والانتقادات لا تنبع من منطلق السعي لمعرفة الحقيقة ، لأننا عند مراجعتنا لنص الميثاق الذي أدرجناه للقارئ الكريم نرى الحقيقة على غير ما يتصورون ويصورون فاننا نعرف أن الجزاء الذي جازى به رسول الله يهود بني النضير هو في الحقيقة أقلّ من الجزاء المنصوص عليه في ذلك الميثاق بدرجات.

إن هناك اليوم مئات الجرائم والمظالم التي يرتكبها أسياد هؤلاء المستشرقين في الشرق والغرب دون أن يعترض عليها أي واحد من هؤلاء المستشرقين الرحماء ، أدعياء الدفاع عن حقوق الانسان!!!

أما عند ما يقوم رسول الاسلام بتنفيذ عقوبة ـ هي في الحقيقة ـ اقل بكثير من ما هو منصوص عليه في الميثاق بحق زمرة خائنة متآمرة ناقضة للعهد تتعالى أصوات حفنة من الكتاب المدفوعين بأغراض معينة ودوافع خاصة بالاعتراض ، والانتقاد.

دور حزب النفاق أيضا :

كان خطر المنافقين ـ وكما أسلفنا ـ أكبر من خطر اليهود لأن المنافق يطعن من الخلف وتحت غطاء من الصداقة ، ويتستر وراء قناع الصحبة والزمالة.

__________________

(١) بحار الأنوار : ج ١٩ ص ١١١.

٢١٠

وقد كان رأس هذا الحزب هو « عبد الله بن أبي » و « مالك بن أبي » و و ..

ولمّا سمع هؤلاء المنافقون بما يلقاه بنو النضير من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أرسلوا إليهم من يقول لهم : لا تخرجوا من دياركم وأموالكم ، وأقيموا في حصونكم ، فان معي ألفين من قومي وغيرهم من العرب ، يدخلون معكم حصنكم فيموتون من آخرهم قبل أن يوصل إليكم وتمدكم قريظة فانه لن يخذلونكم ، ويمدّكم حلفاؤكم من غطفان؟!

ولقد جرّات هذه الوعود بني النضير ، فانصرفوا عن فكرة الرضوخ لمطلب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأغلقوا أبواب حصونهم ، وأعدّوا عدة الحرب ، وعزموا على أن يقاوموا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مهما كلّف الثمن ، ولا يسمحوا للمسلمين بأن يسيطروا على بساتينهم وممتلكاتهم دون عوض.

فنصحهم أحد كبرائهم وهو « سلام بن مشكم » وشكك في وعود عبد الله بن أبي ، واعتبرها وعودا جوفاء ، وقال : ليس رأي ابن أبيّ بشيء ، فهو والله جلاؤنا من أرضنا ، وذهاب أموالنا ، أو سباء ذرارينا مع قتل مقاتلينا.

إلاّ أن « حيي بن أخطب » أبي إلاّ محاربة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وحث الناس على المقاومة والصمود ، وأرسل الى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنا لا نبرح من دارنا وأموالنا فاصنع ما أنت صانع!!

فعرف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم برسالة « عبد الله بن ابي » إلى بني النضير ، وو عوده لهم ، فاستخلف ابن أمّ مكتوم على المدينة ، وسارصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في أصحابه مكبّرا لمحاصرة بني النضير فصلّى صلاة العصر بفضائهم واستقر في الطريق بين « بني النضير » وبين « بني قريظة » ليقطع بذلك سبيل الاتصال بين هذين الفريقين ، وحاصر بني النضير ست ليال ـ حسب رواية ابن هشام ـ(١) أو خمسة عشر يوما حسب روايات آخرين ، ولكن اليهود تحصنوا منه في الحصون ، وأظهروا المقاومة ، والإصرار على الامتناع ، فأمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

__________________

(١) السيرة النبوية : ج ٢ ص ١٩١ ، وهذا من التكتيكات العسكرية التي كان النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يستعملها ليقطع خطوط الارتباط بين الجماعات المتعاونة.

٢١١

بقطع النخيل المحيطة بتلك الحصون ، وإلقاء النار لييأس اليهود من البقاء في تلك المنطقة ما دامت بساتينهم أعدمت ، وافنيت.

فتعالت نداءات اليهود تقول : يا محمّد ، قد كنت تنهى عن الفساد ، وتعيبه على من صنعه ، فما بال قطع النخل وتحريقها؟!

فردّ الله تعالى عليهم بقوله :

«ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوها قائِمَةً عَلى أُصُولِها فَبِإِذْنِ اللهِ وَلِيُخْزِيَ الْفاسِقِينَ »(١) .

هذا من جهة ومن جهة اخرى خذلهم عبد الله بن أبيّ ، فلم يأتوهم ، كما اعتزلتهم قريظة فلم تعنهم بسلاح ولا رجال.

وقد ذكر القرآن الكريم هذا الخذلان إذ قال تعالى :

«أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَداً أَبَداً وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ. لَئِنْ أُخْرِجُوا لا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ. لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللهِ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ. لا يُقاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلاَّ فِي قُرىً مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَراءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ »(٢) .

وقد كشفت الآيات الحاضرة ـ إلى جانب ما ذكر ـ عن نفسية اليهود الجبانة ، والتي انهارت أيضا بسبب معنويات المسلمين القوية حتى أنهم رغم اجتماعهم وعددهم الكبير يخافون من مواجهة المسلمين فلا يقاتلونهم إلاّ من وراء أسوار الحصون ، وجدران القلاع القوية خائفين مذعورين ، ومرعوبين ، وهم الى جانب كل ذلك يعانون من اضطراب وقلق وتفرق كلمة في الواقع.

وأخيرا رضخ اليهود لمطلب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وسألوه أن يجليهم ، ويكفّ عن دمائهم على أن يكون لهم ما حملت الابل من أموالهم إلاّ السلاح

__________________

(١) الحشر : ٥.

(٢) الحشر : ١١ ـ ١٤.

٢١٢

والدروع ، فرضي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بذلك.

فاحتملوا من أموالهم أكبر قدر ممكن ، حتى أن الرجل منهم يقلع باب بيته فيضعه على ظهر بعيره ، ثم يخرب بيته بيديه!!

فخرج جماعة منهم إلى خيبر ، وسارت جماعة اخرى منهم الى الشام.

وقد خرجت تلك الزمرة الذليلة المسكينة وهم يضربون بالدفوف ، ويزمّرون بالمزامير ، وقد البسوا نساءهم الثياب الراقية ، وحليّ الذهب ، مظهرين بذلك تجلّدا ليغطوا على هزيمتهم ، ويروا المسلمين أنهم غير منزعجين من مغادرتهم تلك الديار!!

مزارع بني النضير تقسّم بين المهاجرين فقط :

إن ما يغنمه جنود الاسلام دون قتال وهو ما يسمى بالفيء يعود أمره الى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خاصة يضعه حيث يشاء ويصرفه فيما يرى من مصالح الاسلام لقوله تعالى :

«ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ »(١) .

وقد رأى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن من الصالح أن يقسم المزارع والممتلكات التي غنمها من بني النضير على المهاجرين دون الأنصار ، لحرمانهم من ممتلكاتهم وثروتهم في مكة بسبب الهجرة منها الى المدينة ، وكانوا في الحقيقة ضيوفا على الأنصار طوال هذه المدة ، وقد أيّد « سعد بن معاذ » و « سعد بن عبادة » هذا الرأي ، ومن هنا قسّم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جميع تلك المزارع والممتلكات على المهاجرين خاصّة ، ولم يصب أحد من الأنصار منها شيئا الا رجلان كانا محتاجين هما : « سهل بن حنيف » ، و « أبو دجانة » ، الانصاريين وحصل بذلك انفراج في أحوال المسلمين عامة ، وأعطى « سعد بن معاذ » سيف

__________________

(١) الحشر : ٧.

٢١٣

رجل من زعماء بني النضير وكان سيفا معروفا.

يقول المقريزي :

فلما غنم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من بني النضير بعث ثابت بن قيس بن شماس فدعا الانصار كلّها ـ الاوس والخزرج ـ فحمد لله وأثنى عليه ، وذكر الانصار وما صنعوا بالمهاجرين وانزالهم اياهم في منازلهم ، وآثرتهم على أنفسهم ثم قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

« ان أحببتم قسمت بينكم وبين المهاجرين ما أفاء الله عليّ من بني النضير وكان المهاجرون على ما هم عليه من السكنى في مساكنكم وأموالكم ، وان أحببتم أعطيتهم وخرجوا من دوركم »؟

فقال سعد بن عبادة وسعد بن معاذ : رضينا وسلّمنا يا رسول الله.

فقسّم رسول الله ما أفاء الله عليه ، على المهاجرين دون الانصار إلاّ رجلين كانا محتاجين الخ(١) .

وقد وقعت هذه الحادثة في شهر ربيع الأول في السنة الرابعة من الهجرة ونزلت سورة الحشر في هذا الشأن ، والتي جاء في مطلعها قوله تعالى :

«هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ دِيارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ ما ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللهِ فَأَتاهُمُ اللهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يا أُولِي الْأَبْصارِ »(٢) .

هذا ويعتقد أكثر المؤرخين المسلمين أنه لم يسفك في هذه الحادثة ، أي دم ، ولكن المرحوم الشيخ المفيد يكتب في ارشاده : انه وقع ليلة فتح حصون بني النضير قتال محدود قتل فيه عشرة من اليهود وكان ذلك هو السبب في فتح تلكم الحصون(٣) .

__________________

(١) امتاع الاسماع : ج ١ ص ١٨٢ و ١٨٣.

(٢) الحشر : ٢.

(٣) الارشاد : ص ٤٧ و ٤٨.

٢١٤

وقال المقريزي : وفقد عليرضي‌الله‌عنه في بعض الليالي فقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : انه في بعض شأنكم ، فعن قليل جاء برأس « عزوك » وقد كمن له حتى خرج في نفر من اليهود يطلب غرّة من المسلمين وكان شجاعا راميا فشدّ عليه عليرضي‌الله‌عنه ، فقتله وفرّ اليهود(١) .

__________________

(١) امتاع الاسماع : ج ١ ص ١٨٠.

٢١٥

٣٥

تحريم الخمر

ذات الرقاع ، بدر الصغرى

١ ـ تحريم الخمر :

كانت الخمور ، وعلى العموم جميع المسكرات ولا تزال من أشد الاوبئة الاجتماعية التي تهدد أمن وسلامة المجتمعات البشرية وتجر إليها أكبر الأخطار ويكفي في خطورة هذا السمّ القاتل أنه يعادي أكبر ما يميّز البشر عن ما سواه من الاحياء ، ذلكم هو العقل ، فان الخمرة هو العدوّ الأول لهذه الموهبة الالهية التي في سلامتها ضمان سعادة الانسان.

إن الفارق بين الانسان وبين سائر الاحياء هو القوة العاقلة التي يمتلكها الانسان دون غيره ، وتكون المسكرات من أعدى أعداء هذه القوة ، من هنا كان المنع من تعاطي الخمور والمسكرات من أبرز البرامج التي جاء بها الأنبياء ، وكانت الخمور محرمة في جميع الشرائع السماوية(١) .

__________________

(١) عام ١٣٣٩ هجري زار الدكتور آرشه تونك رئيس منظمة مكافحة الخمور ايران ، وقد سرّ لما سمع أن الاسلام يحرم تعاطي المسكرات.

وقد كان يحبّ أن يلتقي بزعيم المذهب الشيعي يومئذ : ( آية الله السيد البروجردي ) ليتعرف على رأي الاسلام في الخمور والمسكرات ، فاصطحبه أحد الدكاترة المعروفين في طهران إلى منزل السيد البروجردي في مدينة « قم » ، وبعد الاستئذان تشرف بلقاء السيد ، وقد حضر العلامة الطباطبائي في ذلك المجلس وكنت أنا ووالدي حاضرين هناك كذلك.

فكان أول سؤال طرحه الدكتور هو : لما ذا حرم الاسلام المسكرات؟

فقال الامام البروجردي : يكفي أن أشير لك من بين العلل الكثيرة إلى علة واحدة وهي أن الخمرة تحطّم العقل الذي به يمتاز الانسان عن سائر الاحياء ، ويتميز عليهم. كما اوضحناه اعلاه.

٢١٦

ولقد كانت معاقرة الخمور من الآفات التي كانت متفشية ومتجذرة في المجتمع العربي في شبه الجزيرة العربيّة بحيث كانت معالجتها تحتاج الى وقت طويل ، واسلوب مدروس ، ولم تكن الظروف والاحوال في ذلك العهد لتسمح بأن يعلن رسول الاسلام عن تحريم الخمر دفعة واحدة ومن دون آية مقدمات ، وممهّدات لذلك ، بل كان يتحتم عليه أن يعالج هذا الوباء الاجتماعيّ من خلال إعداد الناس لمرحلة التحريم النهائي والقطعي تماما كما يفعل الطبيب بالنسبة إلى المرضى الذين طال بهم المرض ، وتجذر.

من هنا حرّمت الخمر في أربع مراحل تدريجية ضمن آيات أربع أظهرت الاستياء من الخمر لكن لا على نمط واحد ، بل بدأت من مرحلة مخفّفة حتى انتهت إلى مرحلة الاعلان عن التحريم القطعي.

إنّ التمعن في هذه الآيات تكشف لنا عن كيفيّة الاسلوب النبويّ في التبليغ والإرشاد ، والدعوة والهداية ، وينبغي للخطباء ، والكتاب أن يتبعوا هذا الاسلوب المؤثر والمفيد في معالجة الأدواء الاجتماعية المزمنة ، ويكافحها بهذا الشكل حتى يحصلوا على أفضل النتائج.

إن الشرط الاساسي لمكافحة ناجحة لأيّ خلق وسلوك فاسد هو إيقاظ المجتمع وإيقافه أوّلا على أضرار ذلك السلوك ، ومفاسده ، وتذكيره بآثاره السيئة ليحصل لدى المجتمع ـ بذلك ـ الاستعداد الروحي بل والدافع الباطني إلى خوض معركة أساسية وجذرية ضدّ ذلك السلوك الفاسد ، والخلق الذميم ، ويكون الناس هم الضمانة لا نجاح هذه المهمة. وذلك لأن ردّ المعتاد عن عادته كالمعجز كما في الحديث الشريف(١) .

كيف والعرب كانوا يعشقون الخمرة حتى أن الرجل منهم ربما كان يوصي بأن يدفن الى جنب كرمة لتسقى عظامه بالخمر.

يقول أحدهم :

__________________

(١) مفاتيح الغيب : ج ٢ ص ٢٦٣.

٢١٧

اذا مت فادفني الى جنب كرمة

تروّي عظامي بعد موتي عروقها(١)

من هنا اعتبر القرآن الكريم اتخاذ الخمر من التمور والاعناب ـ في مجتمع كان تعاطي الخمر جزء أساسيا من حياته ـ مخالفا للرزق الحسن ، وبذلك ايقظ العقول العافية ، إذ قال :

«وَمِنْ ثَمَراتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً »(٢) .

إنّ القرآن أعلن ـ في المرحلة الاولى من مراحل النهي عن تعاطي الخمر ـ أن اتخاذ المسكر من التمر والعنب لا يعد من الارتزاق الحسن بل الارتزاق الحسن هو تناول التمر والعنب على حالتهما الطبيعية.

إن هذه الآية : أعطت هزة ذكيّة للعقول وهيّأت الطبائع المنحرفة لمرحلة أقوى في مسيرة تحريم الخمر حتى يتسنى لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يشدد من نبرته ، ويعلن عن طريق آية اخرى أنّ النفع المادي القليل ، الذي تعود به الخمر ويأتي به القمار ، ليس بشيء بالقياس الى أضرارهما الكبرى وأخطارهما العظيمة ، وقد تم الكشف عن هذه الحقيقة في قوله تعالى :

«يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما »(٣) .

ولا ريب أن مجرد المقارنة بين النفع والضرر ، وكذا الوقوف على زيادة الضرر على النفع كاف لايجاد النفور والاشمئزاز لدى العقلاء ، والداعين من الخمر وما شاكلها ، وشابهها.

إلاّ أن جماهير الناس وعامتهم لن يقلعوا عن هذه العادة الشريرة المتجذرة ما لم يسمعوا نهيا صريحا وقاطعا عنها.

فها هو عبد الرحمن بن عوف رغم نزول هذه الآية قد استضاف جماعة من الصحابة وأحضر على المائدة خمرا ، فأكلوا ، وشربوا الخمر ، ثم قاموا الى الصلاة ، فأخطأ أحدهم في القراءة وهو سكران خطأ غيّر من مراد الله تعالى في ما قرأ من

__________________

(١) أي ما يسكر.

(٢) النحل : ٦٧.

(٣) البقرة : ٢١٩.

٢١٨

الآية ، فقد تلا سورة « الكافرون » ، وبدل أن يقول : « لا أعبد ما تعبدون » قرأ : « أعبد ما تعبدون ». فاضطربت تلك الجماعة لهذا الأمر ، وخشيت أن تكون ارتكبت بذلك أمرا عظيما!!

وقد هيّأ هذا الحادث الناس ليحرّم تعاطي الخمر في ظروف وحالات خاصة على الاقل.

من هنا جاء الاعلان عن حرمة تعاطي الخمر قبل الصلاة ، وأعلن القرآن الكريم بصراحة أنه لا يجوز لمسلم أن يصلّي في حالة السكر ، وقد أعلن عن هذا التشريع الالهيّ في قول الله تعالى :

«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ »(١) .

ولقد بلغ من تأثير هذه الآية ، وفاعليتها أن هجر جماعة من المسلمين تعاطي الخمر بالمرّة بحجة أن ما يضرّ بالصلاة يجب ان يطرد من حياة المسلم نهائيا.

ولكن البعض بقي يتعاطاها حتى أنّ رجلا من الأنصار دعا جماعة الى مائدة أحضر فيها الخمر ـ رغم نزول الآية الحاضرة ـ فلما شربوا وأسكروا حمل بعضهم على بعض ، وجرح بعضهم بعضا فشكوا أمرهم إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وكان الخليفة الثاني لم يزل يشرب الخمر إلى ذلك معتقدا عدم كفاية الآية الحاضرة في التحريم القطعيّ لها ولهذا رفع يديه إلى السماء وقال : اللهم بيّن لنا بيانا شافيا في الخمر.

ولا يخفى أن هذه الحوادث والوقائع المؤسفة قد هيّأت الارضية بشكل رائع لتقبّل مسألة تحريم الخمر تحريما كاملا وقاطعا ، من هنا نزل قوله تعالى يعلن عن هذه الحرمة القطعية :

«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ »(٢) .

__________________

(١) النساء : ٤٣.

(٢) المائدة : ٩٠.

٢١٩

وقد دفع هذا البيان البليغ القاطع أن يقلع عن الخمر نهائيا من كان يشربها حتى تلك الساعة بحجة عدم وجود نهي صريح وقاطع عنها.

وقد جاء في كتب السنة والشيعة أن الخليفة الثاني قال بعد سماع هذه الآية : انتهينا يا ربّ(١) !!

وقفة عند « البيان الشافي » :

قلنا إن الخليفة الثاني لم يقتنع بعد سماع الآيات الثلاث بحرمة الخمر ، بل بقي ينتظر بيانا شافيا يكشف عن التحريم القطعي ، حتى اقنعته الآية الرابعة بحرمة الخمور والمسكرات ، وقد كان حكم الله تعالى في هذه الآية هو : أنّ الخمر « رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلّكم تفلحون » ولكن المتغربين ، وهواة المادية الغربية في عصرنا لم تقنعهم كل هذه الآيات بحرمة الخمر ، حتى الآية الرابعة الصريحة في هذا الأمر ، فيقولون لا بدّ أن يعلن عن هذا التحريم بلفظة : حرام أو حرّمت ، والاّ لم يمكن القطع بحرمة الخمر!!

إن هذه الزمرة التابعة لأهوائها ، الأسيرة لشهواتها الحرام ، لا تريد في الحقيقة إلاّ أن تظل عاكفة على الخمر أبدا ، ومن هنا تطرح مثل المعاذير وتتوسل بمثل هذه التحججات الجوفاء.

على أن القرآن الكريم قد استعمل لفظ الحرام بشكل ما في شأن الخمر إذ قال : « وإثمهما أكبر من نفعهما »(٢) .

وقد حرّم تعالى جميع أنواع الإثم في آية اخرى إذ قال :

«قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ وَالْإِثْمَ »(٣) .

وبعبارة اخرى : لقد بين الله تعالى في آية اخرى الموضوع ، وهو أن الخمر ( التي تسمّى إثما أيضا ) قد حرّمت.

__________________

(١) مستدرك الوسائل : ج ٤ ص ١٤٣ ، روح المعاني : ج ٧ ص ١٥.

(٢) البقرة : ٢١٩.

(٣) الاعراف : ٣٣.

٢٢٠

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735

736

737

738

739

740

741

742

743

744

745

746

747

748

749

750

751

752

753

754

755

756

757

758

759

760

761

762

763

764

765

766

767

768

769

770

771

772

773

774

775

776

777

778