سيد المرسلين صلى الله عليه وآله الجزء ٢

سيد المرسلين صلى الله عليه وآله10%

سيد المرسلين صلى الله عليه وآله مؤلف:
تصنيف: الرسول الأعظم صلّى الله عليه وآله
الصفحات: 778

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 778 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 459105 / تحميل: 9709
الحجم الحجم الحجم
سيد المرسلين صلى الله عليه وآله

سيد المرسلين صلى الله عليه وآله الجزء ٢

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

حوادث السنة الخامسة من الهجرة

٣٨

سقوط آخر أوكار الفساد والمؤامرة

أقدم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في السنة الاولى من هجرته الى المدينة ، على تنظيم وعقد ميثاق تعايش بين سكان المدينة وما حولها ، بغية إنهاء جميع أشكال الاختلاف ، والتنازع ، والصراع الداخليّ.

وقد تعهّد الأوسيّون والخزرجيّون ، عامة واليهود من تينك القبيلتين أن يدافعوا عن المدينة وما حولها ، وقد مرّ النص الكامل لهذا الميثاق على القارئ الكريم فيما سبق(١) .

هذا من ناحية.

ومن ناحية اخرى عقد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بينه وبين يهود المدينة ميثاقا آخر ينصّ على أنّ مختلف الطوائف اليهودية تتعهد بأن لا تلحق أيّ ضرر وأذى برسول الله وأصحابه ، ولا تمدّ أعداءهم بالخيل والسلاح ، وأنها لو فعلت شيئا من ذلك يكون لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الحق في أن يقتلهم ، ويسبي نساءهم وأبناءهم.

إلاّ أنّ جميع الطوائف اليهودية الثلاث نقضت الميثاق المذكور بشتى العناوين والصور ، وتجاهلت بنوده ، ومواده!

فقد قتل « بنو قينقاع » مسلما ، وخطّطت « بنو النضير » لاغتيال رسول الله

__________________

(١) راجع صفحة ٢١ من هذا الجزء.

٢٨١

صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأجبرهم على الجلاء من المدينة وأخرجهم من البيئة الاسلامية.

وتعاونت « بنو قريظة » مع جيش المشركين لضرب المسلمين ، وطعنهم من الخلف ، والآن يجب أن نرى كيف يوبخ رسول الله بني قريظة على نقضهم للميثاق.

قوات الاسلام تحاصر بني قريظة :

لم يكن الصبح قد أسفر بعد عند ما غادرت آخر مجموعة من جنود « الأحزاب » أرض المدينة قافلة إلى بلادها مرعوبة فزعة للغاية.

كما أن آثار التعب والارهاق لم تكن قد فارقت بعد ملامح المسلمين ، ومع ذلك فقد أمر الله نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأن يعالج قضيّة « بني قريظة » بصورة نهائية ، فأذّن مؤذّن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وصلّى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالمسلمين صلاة الظهر ، ثم نادى منادي النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الناس : من كان سامعا مطيعا فلا يصلينّ العصر إلاّ ببني قريظة!

ثم إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قدّم « عليّ بن أبي طالب » برايته(١) ، وخرج معه جنود الإسلام الشجعان ، فحاصروا حصون « بني قريظة » ، فأخبرهم ديرانيهم بنشاط المسلمين ، فبادروا إلى اغلاق أبواب الحصون ، والتحصّن في داخلها ، ونشبت الحرب بين بني قريظة والمسلمين من اللحظات الاولى فقد أخذ اليهود يشتمون رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقالوا فيه مقالة قبيحة فرجع عليّعليه‌السلام بالمسلمين فالتقى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الطريق وقد كره أن يسمع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أذاهم وشتمهم وحاول أن يثني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من الاقتراب إلى حصن بني قريظة قائلا : لا عليك أن تدنو

__________________

(١) زاد المعاد : ج ٢ ص ٧٣ ، وامتاع الاسماع : ج ١ ص ٢٤٣.

٢٨٢

من هؤلاء الاخابث.

فلما عرف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بسبب ذلك قال : لو رأوني لم يقولوا من ذلك شيئا فلما دنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من حصونهم قال لهم :

« هل أخزاكم الله وأنزل عليكم نقمته »؟

وقد كانت ردة فعل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الشديدة غير متوقعة لليهود ، ومن هنا قالوا : يا أبا القاسم ما كنت جهولا وهم يريدون بذلك إطفاء مشاعره الملتهبة ضدّهم(١) .

فأثارت كلمتهم هذه عاطفة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بحيث رجع من غير اختيار ، وسقط رداؤه من كتفه.

اليهود يتشاورون حول الموقف :

تشاور يهود بنو قريظة وهم معتصمون بحصونهم في الموقف ، وقد شارك فيه « حيي بن أخطب » مثير معركة الأحزاب ، فانه لم يذهب إلى خيبر بعد أن وضعت الحرب ـ في معركة الاحزاب ـ أوزارها وولى العرب المشركون بل دخل في حصون بني قريظة.

هذا وقد طرح زعيم بني قريظة ثلاثة اقتراحات وطلب من الجميع أن يتفقوا على واحدة منها لمعالجة الموقف :

١ ـ أن يؤمنوا برسول الله ، ويصدّقونه لأنه قد تبيّن لهم أنه نبي مرسل ، وأنه الّذي يجدونه في كتابهم ، وبذلك يأمنون على دمائهم وأموالهم ونسائهم وأبنائهم.

٢ ـ أن يقتلوا أبناءهم ونساءهم ثم يخرجوا إلى محمّد وأصحابه يقاتلونهم ، فإذا هلكوا ، هلكوا ولم يتركوا وراءهم نسلا يخشى عليه ، وإن انتصروا تزوجوا

__________________

(١) السيرة النبوية : ج ٢ ص ٢٣٤ ، تاريخ الطبري : ج ٢ ص ٢٤٥ و ٢٤٦.

٢٨٣

من جديد ، ووجدوا أبناء.

٣ ـ ان الليلة هي ليلة السبت ، وانه عسى أن يكون محمّد وأصحابه قد منوهم فيها ، لعلمهم بأن اليهود لا يقاتلون في السبت ، فلينزلوا من الحصون لعلهم يصيبون من محمّد وأصحابه على حين غفلة.

ولكن المشاورين رفضوا جميع هذه الطروحات وقالوا : لا نفارق حكم التوراة أبدا ، ولا نستبدل به غيره ، وقالوا : ان نقتل أبناءنا ونساءنا فما خير العيش بعدهم ، وقالوا : لا نقاتل ليلة ليلة السبت ، محمّدا وأصحابه نفسد سبتنا علينا ، ونحدث فيه ما لم يحدث من كان قبلنا إلاّ من قد علمت ، فأصابه ما لم يخف عليك من المسخ(١) .

إن هذا الحوار يساعدنا على فهم نفسية تلك الجماعة ( ونعي اليهود ) ، وخصالهم وأخلاقهم الفاسدة.

فإن رفض الاقتراح يكشف عن أنهم كانوا جماعة معاندة ، لجوجة ، لأنهم إذا كانوا حقا يعرفون صدق نبوة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ كما قال زعيمهم ـ لم يكن لوقوفهم سبب الا العناد والعتوّ ، واللجاج.

واما الاقتراح الثاني وما دار حوله من كلام فيشهد ـ بجلاء ـ على أن تلك الطائفة كانت جماعة قاسية ، لا تعرف للرحمة والحنان معنى ، لان قتل الاطفال والنساء الابرياء لا يمكن من دون قسوة شديدة.

هذا مضافا إلى أن المشاورين آنذاك رفضوا هذا المقترح لا بدافع الرحمة والشفقة على الأطفال والنساء ، بل لأن الحياة لا تعود لذيذة بعد فقدهم هذا هو ما قالوه. ولم يقل أي واحد منهم : وما ذا جنى الاطفال والنساء حتى نقتلهم ونذبحهم ، ولو أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ تمكن منهم ـ لم يقتلهم ، فكيف نعمد نحن ( الآباء الرحماء ) إلى ارتكاب مثل هذه الجريمة بحقهم. فنفسك دماءهم

__________________

(١) السيرة النبوية : ج ٢ ص ٢٣٦.

٢٨٤

من غير جرم ولا جناية؟

وأما الاقتراح الثالث فيكشف عن أنهم لم يكونوا يعرفون جيدا مدى علم رسول الاسلامصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بفنون القتال ، والدفاع وكانوا يتصورون أن القائد الأعلى للاسلام لا يراعي قواعد الحذر والاحتياط ليلة السبت ويومه ، وخاصة في مواجهة أعداء خونة ، أخوان غدر ومكر ، أمثال اليهود الناقضين للعهود ، الناكثين للمواثيق.

ان دراسة وتقييم معركة « الاحزاب » تثبت ندرة وجود الاذكياء والفطنين بين هذه الجماعة ، والاّ لكانوا يتمكنون من حفظ كيانهم حتى من الناحية السياسية في تلك الظروف من دون أن ينحازوا إلى أيّ واحد من طرفي الصراع ( الاسلام والشرك ).

أي أنه كان من الممكن أن يتخذوا جانب الحياد الكامل ، ويبقوا متفرجين لما يدور بين محمّد ، وجيش المشركين ، وبهذا يبقوا محافظين على كيانهم ووجودهم ، انتصر من انتصر وغلب من غلب.

ولكنهم خدعوا بتسويلات « حيي بن أخطب » ووسوساته وانحازوا الى جيش العرب المشركين فتورطوا في مثل تلك الورطة ، وهي أن يتخلوا ـ في النهاية ـ عن مساعدة قريش بعد شهر كامل من التعاون معهم ، والرضوخ لخطة « نعيم بن مسعود » ، وإخبار قريش بأنهم لن يتعاونوا معهم ضدّ رسول الاسلام ما لم تسلم قريش بعض شخصياتها إليهم ، لغرض الاحتفاظ بهم في حصونهم كوثيقة!!

لقد غاب عن تلك الزمرة المعاندة اللجوجة أنهم قد تعاونوا ضدّ رسول الاسلام في بداية الأمر ، فاذا قطعوا علاقاتهم مع قريش ، وترك جيش المشركين ساحة المعركة إذا أحسّ بالعجز عن تحقيق أي انتصار ، وعاد الى بلاده ، فان بني قريظة بأجمعهم سيكونون حينئذ في قبضة المسلمين.

فلو كانوا يملكون شيئا من الرؤية السياسية الصحيحة لكان عليهم أن يعلنوا لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ فور قطع العلاقات مع قريش ـ عن ندامتهم على

٢٨٥

نقض الميثاق الذي عقدوه من قبل مع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويعتذروا إليه ممّا بدر منهم لينجوا من الخطر ـ في صورة انتصار المسلمين على الكفار ـ ولكن الشقاء أصابهم عند ما قطعوا العلاقات مع جيش قريش ، ولم يلتحقوا بالمسلمين ، ولم يعتذروا إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

على أنه لم يكن في مقدور النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يترك بني قريظة ـ بعد هزيمة جيش العرب ـ على حالهم ، ويغض النظر عن موقفهم إذ لم يكن من المستبعد ، أن يفكر العرب في مناسبة اخرى في تسيير جيش ضخم ومنظم آخر لاجتياح المدينة ، ويتمكنوا مع مساعدة بني قريظة من استئصال الاسلام.

فكان يهود بني قريظة يعتبرون ـ في الحقيقة ـ العدوّ الداخلي الذي يهدّد كيان الاسلام من الداخل ، وعلى هذا كان من الواجب معالجة الامر مع بني قريظة ، وحلّ هذه المسألة الخطيرة بالنسبة الى المسلمين من الاساس.

خيانة أبي لبابة :

لقد طلب يهود بني قريظة بعد محاصرة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لهم ، أن يبعث إليهم « أبا لبابة » الأوسي ليتشاوروا معه في الموقف ، وقد كان أبو لبابة حليفا لليهود قبلى دخول الاسلام إلى المدينة ، فأرسله رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إليهم ، فلما رأوه قام إليه الرجال وجهش إليه النساء والصبيان يبكون في وجهه وقالوا : يا أبا لبابة أترى أن ننزل على حكم محمّد؟

قال : نعم ـ وأشار بيده إلى حلقه ـ يريد أنهم سوف يقتلهم ولن يحقن دماءهم ، لو سلّموا.

لقد كان أبو لبابة يعلم أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لن يوافق على بقاء هذه الزمرة الشريرة الخائنة الخطرة على دين التوحيد ، إلاّ أن أبا لبابة قد خان بفعله هذا المسلمين ، ومصالح الاسلام العليا ، وأفشى سرّا كان عليه أن يكتمه قبل وقوعه ، ولهذا ندم على فعله ندما شديدا ، فخرج من حصن بني قريظة وهو

٢٨٦

يرتجف ويقول : إنّي خنت الله ورسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وانطلق على وجهه ، ولم يأت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والمسلمين وهم ينتظرون رجوعه إليهم ـ وربط نفسه في المسجد بعمود من أعمدته ، وقال لا أبرح مكاني هذا حتى يتوب الله عليّ ما صنعت!!

ويقول المفسرون : فنزل في خيانة أبي لبابة قول الله تعالى :

«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَماناتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ »(١) .

فلما بلغ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خبر أبي لبابة ، وكان قد استبطأه قال : أما أنه لو جاءني لاستغفرت له ، فأما إذ قد فعل ما فعل فما أنا بالذي أطلقه من مكانه حتى يتوب الله عليه.

وبقي أبو لبابة مرتبطا بالاسطوانة ، وكانت ابنته أو زوجته تأتيه في مواعيد الصلاة ، وتحلّ رباطه ، فيصلّي ثم تعيد الرباط.

فلما كان السحر من اليوم السابع نزلت توبة أبي لبابة بواسطة ملك الوحي ـ على رسول الله وهو في بيت أمّ سلمة ، والآية التي نزلت في توبته هي قوله تعالى :

«وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلاً صالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ »(٢) .

فلما نظرت أمّ سلمة إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو مستبشر يضحك قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لها :

« لقد تيب على أبي لبابة إن شئت فبشريه ».

فقامت إليه وهو مرتبط بالجذع في المسجد وقالت له : يا أبا لبابة أبشر فقد تاب الله عليك.

فلما عرف الناس بذلك أرادوا أن يطلقوه فقال : لا والله حتى يكون رسول الله

__________________

(١) الأنفال : ٢٧.

(٢) التوبة : ١٠٢.

٢٨٧

صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هو الذي يطلقني.

فلما مر عليه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خارجا إلى صلاة الصبح أطلقه(١) .

ولا شك إن زلّة أبي لبابة كانت بسبب عواطفه تجاه يهود بني قريظة ، فقد سلبه بكاء رجالهم ونسائهم ، وصبيانهم واستغاثتهم العاطفية القدرة على ضبط النفس ، فكشف سرّا من أسرار المسلمين كان عليه أن يكتمه ، ولكنّ قوة الايمان بالله والخشية من عذابه أكبر وأعلى من كل شيء الى درجة أنها دفعت بابى لبابة إلى أن يندم على فعله ذلك الندم العجيب ، ويعمد ـ لجبران تلك الخيانة ـ الى ما فعل من الانابة ، والاستغفار ، الأمر الذي تكون نتيجته أن لا تراود مثل هذه الفكرة نفسه مرة اخرى قط.

إلى أيّ مدى ذهب الطابور الخامس في مشاغبته؟

خرج « شأس بن قيس » اليهودي من الحصن ليتحادث مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نيابة عن بني قريظة ، فطلب من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ان يسمح ليهود بني قريظة بأن يحملوا معهم أموالهم ويخرجوا من المدينة كما فعل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مع بني النضير ، فأبى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقال : « لا ، إلاّ أن تنزلوا على حكمي ».

فقال شأس : لك الاموال والسلاح وتحقن دماءنا ، فابى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ورفض هذا الاقتراح أيضا.

وهنا يطرح السؤال التالي نفسه وهو : لما ذا رفض رسول الاسلامصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مقترحات مندوب بني قريظة؟!

إن السبب واضح ، فانه لم يكن من المستبعد أن تقدم هذه الزمرة ـ بعد

__________________

(١) السيرة النبوية : ج ٢ ص ٢٣٧ و ٢٣٨.

٢٨٨

خروجها من قبضة المسلمين ـ على تحريك العرب المشركين الوثنيين ضدّ الاسلام والمسلمين على نحو ما فعلت بنو النضير ، وتعرّض المجتمع الاسلامي والدولة الاسلامية الفتية لأخطار كبرى جدا ، وتسبب في سفك دماء كثيرة.

ولهذا لم يوافق رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على اقتراحات مندوب بني قريظة ، وعاد شأس إلى الحصن ، واخبر قومه بمقالة رسول الله عليه وآله ، ورفضه لمقترحاته.

فقرر بنو قريظة التسليم للمسلمين من دون أي قيد أو شرط.

أو الرضا بما يحكم به سعد بن معاذ الأوسي ـ وكان حليفا لهم ـ في حقهم.

ولهذا عمدوا الى فتح باب الحصن ، ودخل عليّعليه‌السلام على رأس كتيبة خاصة من المسلمين الحصن وجرّدوا بني قريظة من السلاح ، وحبسوهم في منازل « بني النجار » ليتقرر مصيرهم فيما بعد.

وحيث إن يهود بني قينقاع قد اسروا على أيدي جنود الاسلام ، ثم عفي عنهم بوساطة من الخزرج وبخاصة « عبد الله بن ابي » ، وانصرف النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن إهراق دمهم فيما مضى ، لذا ضغط الاوسيون المتحالفون مع بني قريظة على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأصرّوا عليه اصرارا شديدا بأن يعفو عن بني قريظة الذين كانوا متحالفين مع الأوس من قبل أن يقدم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المدينة ، وذلك منافسة للخزرج ، ولكن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قاوم هذا الطلب ، وقال لهم :

« ألا ترضون يا معشر الأوس أن يحكم فيهم رجل منكم »؟

قالوا : بلى.

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فذاك إلى « سعد بن معاذ » فهو يحكم فيهم.

والطريف أن اليهود قد قبلوا هم أيضا بما يحكم به سعد بن معاذ فقد بعث بنو قريظة الى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ كما يروى ابن هشام(١) والشيخ

__________________

(١) السيرة النبوية : ج ٢ ص ٢٤٠.

٢٨٩

المفيد(١) ـ : يا محمّد ننزل على حكم سعد بن معاذ.

وكان سعد آنذاك يتداوى في خيمة لامرأة تدعى « رفيدة » من سهم أصابه في معركة الخندق ، وكانت رفيدة تداوي الجرحى في سبيل الله ، وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يعود سعدا بين الحين والآخر ، فلما حكّمه في بني قريظة أتاه فتيان الأوس ، وحملوه على حمار وقد وطئوا له بوسادة من أدم وكان رجلا جسيما جميلا ، ثم أقبلوا معه الى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فلما طلع سعد على رسول الله والناس حولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جلوس ، قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

« قوموا إلى سيّدكم ».

فقام الناس على أرجلهم صفين احتراما لسعد ، وحيّاه كل واحد منهم ، حتى انتهى إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وقد طلب منه رجال قومه مرارا أن يحسن الحكم في حلفائهم : يهود بني قريظة ، ويخلّصهم من خطر الموت والقتل قائلين : يا سعد أجمل إلى مواليك فأحسن فيهم فان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد حكّمك فيهم لتحسن فيهم.

ولكن سعدا حكم في ذلك المجلس ـ رغم كل ذلك الالحاح ، والضغط ـ بأن يقتل رجال اليهود ، وتقسّم أموالهم ، وتسبى ذراريهم ونساؤهم(٢) .

تقييم ما استند إليه سعد في حكمه :

ليس من شك في أنه اذا غلبت عواطف القاضي وأحاسيسه على عقله ، تعرض جهاز القضاء للفوضى والاختلال ، وانتهى الى تمزق المجتمع وسقوطه ،

__________________

(١) الارشاد : ص ٥٠ وأيضا راجع زاد المعاد : ج ٢ ص ٧٣ ، امتاع الاسماع : ج ١ ص ٢٤٦.

(٢) السيرة النبوية : ج ٢ ص ٢٤٠ ، المغازي : ج ٢ ص ٥١٠ ، زاد المعاد : ج ٢ ص ٧٣ و ٧٤.

٢٩٠

وانهيار كل شيء ، لارتباط كل شيء بالعدالة وارتباط العدالة بالقضاء والمؤسسة القضائية.

إن العواطف تشبه الى حد بعيد الشهية الكاذبة التي تزيّن في نظر صاحبها كل مضر مهلك في حين إذا غلبت هذه العواطف والمشاعر العقل سحقت مصالح الفرد والمجتمع ، أو أضرت به أشدّ وأبلغ إضرار.

إنّ عواطف سعد وأحاسيسه ومشاعره ، ومنظر صبيان ونساء بني قريظة المحزن ، وأوضاع رجالهم التي كانت تثير الاشفاق وهم في الحبس ، وملاحظة الرأي العام في قبيلة الأوسيين الذين كانوا يلحّون على سعد أن يحسن الحكم والرأي في بني قريظة ، كل هذه الاعتبارات كان من شأنها أن تجعل القاضي فريسة العاطفة ، فيصدر حكمه على أساس من تقديم مصالح أقلية خائنة مشاغبة على مصالح الاكثرية ( أي عامة المسلمين ) ويبرّئ بني قريظة الجناة الخونة ، أو يخفف عن عقوبتهم أكبر قدر ممكن ، على الأقلّ ، أو يسلّم لإحدى المقترحات السابقة.

إلاّ أن منطق العقل ، وحرية القاضي واستقلاله في الحكم والقضاء ومراعاة المصالح العامة كل ذلك قاد سعدا إلى ناحية اخرى ، فحكم بأن يقتل رجال تلك الزمرة المتآمرة الخائنة ، وتصادر أموالهم ، وتسبى نساؤهم وأطفالهم.

وقد استند هذا الحاكم في حكمه هذا إلى الامور التالية :

١ ـ أن يهود بني قريظة قد تعهّدوا للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قبل مدّة بأنهم لو تآمروا ضدّ الإسلام ، والمسلمين ، وناصروا أعداء التوحيد ، واثاروا الفتن والقلاقل ، وألبوا على المسلمين كان للمسلمين الحق في قتلهم ومصادرة أموالهم وسبي نسائهم(١) .

وقد رأى بأنه لو حكم بمعاقبة اليهود حسب هذا الميثاق لم يصدر حكما مخالفا

__________________

(١) ولقد مرّ عليك نص هذا الميثاق الذي وقع عليه كعب بن الاسد رئيس بني قريظة.

٢٩١

للعدالة ، ولم يرتكب ظلما.

٢ ـ إن هذه الزمرة الناقضة للميثاق أخلّت بأمن المدينة في ظل حراب القوى المشركة ، فترة من الزمن ، وهاجمت منازل المسلمين ، ولو لا مراقبة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للاوضاع وحراسة من عيّنهم من جنود الاسلام للحفاظ على أمن المدينة ، لفعلت تلك الزمرة الأفاعيل ولارتكبت أسوأ الفضائع والفجائع ، ولو أتيح لهم أن يسيطروا على المدينة لقتلوا رجال المسلمين وصادروا أموالهم ، وسبوا نساءهم وأطفالهم.

ومن هنا رأى سعد بن معاذ في نفسه بأنه لو قضى فيهم بمثل هذا القضاء لما خالف الحق وأطفالهم.

٣ ـ من المحتمل جدا أن سعد بن معاذ رئيس الأوس الحلفاء ليهود بني قريظة ، والذين كانت بينهم علاقات ودّ ومحبّة كان مطّلعا على قوانين اليهود ، الجزائية في هذا المجال ، فإن التوراة تنص بما يلى : « حين تقرب من مدينة لكي تحاربها استدعاها إلى الصلح. فان اجابتك إلى الصلح وفتحت لك فكل الشعب الموجود فيها يكون لك للتسخير ، ويستعبد لك. وان لم تسالمك بل عملت معك حربا فحاصرها. واذا دفعها الرب إلهك إلى يدك فاضرب جميع ذكورها بحدّ السيف ، واما النساء والأطفال والبهائم وكل ما في المدينة كل غنيمتها فتغتنمها لنفسك »(١) .

ولعلّ سعدا فكر في نفسه بأن القاضي المرضيّ والمقبول لدى الجانبين لو عاقب المعتدين حسب شريعتهم ما فعل إلاّ ما يقتضيه العدل والانصاف.

٤ ـ والذي نتصوره هو أن أكبر أسباب هذا الحكم هو أن « سعد بن معاذ » رأى بام عينيه أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عفا عن بني قينقاع المعتدين بناء على طلب من الخزرجيين ، واكتفى ـ من عقابهم ـ باخراجهم من المدينة ، واجلائهم

__________________

(١) التوراة : سفر التثنية الفصل العشرون ١٠ ـ ١٤.

٢٩٢

عنها ولكن تلك الزمرة التي شملها عفو النبيّ لم تكن تغادر أراضي الاسلام حتى بدأت بالمشاغبة والمؤامرة الدنيئة ضدّ الاسلام ، فذهب كعب بن الأشرف الى مكة ، وأخذ يتباكى ـ دجلا وخداعا ـ على قتلى بدر ، ويذرف عليهم دموع التماسيح ، ولم يفتأ عن تأليب قريش ضد رسول الاسلام وأصحابه حتى عزمت قريش على تسيير جيشها نحو المدينة ، وكانت واقعة « احد » التي استشهد فيها اثنان وسبعون من خيرة أبناء الاسلام ، ورجاله.

وهكذا فعلت بنو النضير المتآمرون الخونة ، الذين عفا عنهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم واكتفى من عقابهم بمجرّد اجلائهم عن المدينة ، ولكنهم قابلوا هذا الموقف الانساني ، بتأليب القبائل العربية المشركة ضدّ الاسلام ، والمسلمين ، وكوّنوا اتحادا نظاميا بينها ، وألفوا منها جيشا قويا ساروا به الى عاصمة الاسلام ( المدينة ) ، فكانت وقعة ( الاحزاب ) التي لو لا حنكة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وخطة حفر الخندق لقضي على الاسلام بسببها منذ الايام الاولى ، ولما بقي من ذلك الدين خبر ولا أثر ولقتل آلاف الناس.

لقد لاحظ سعد بن معاذ كل هذه الاعتبارات ، فلم تسمح له التجارة الماضية بأن يستسلم لعواطفه ، ويضحّي بمصالح الآلاف في سبيل الحفاظ على مصالح أقلية لأنه كان من المسلّم به أن هذا الفريق سيقوم في المستقبل بايجاد تحالف عسكري أوسع ، وسيثير ويؤلب قوى العرب ضد الاسلام ، ويعرّض مركز الاسلام ، ومحوره الاساسي للخطر من خلال تدبير مؤامرات اخرى.

وعلى هذه الأساس رأى بأن وجود هذه الزمرة يضرّ المجتمع الاسلامي مائة بالمائة وأيقن بأن هذه الزمرة لو أتيح لها أن تخرج من قبضة المسلمين لما فتأت لحظة عن المؤامرة ولواجه المسلمون بسببها أخطارا كبرى.

ومن المحقق أنه اذا لم تكن في المقام هذه الجهات والاعتبارات لكان إرضاء الرغبة العامة في الابقاء على بني قريظة أو التخفيف في عقابهم أمرا في غاية الأهمية بالنسبة إلى سعد بن معاذ ، فان رئيس أي قوم ، أو جماعة أحوج ما يكون

٢٩٣

إلى تأييد قومه وجماعته وكسب رضاهم ودعمهم ، ولا ريب أن عدم الاستجابة لمطلبهم ، وتجاهل توصياتهم يوجّه أكبر ضربة لسيد القوم ورئيسهم ، ولكن سعدا ( رئيس الأوس ) أدرك أن جميع هذه التوصيات والوساطات تخالف مصالح الآلاف من المسلمين ، من هنا آثر عدم الحياد عن حكم العقل ، والمنطق ، على رضا قومه عنه.

هذا وإن الّذي يشهد بدقة نظر سعد ، وصواب رأيه ، وصحة تشخيصه وتقديره للأمر أنه عند ما اتي بحيي بن أخطب ليضرب عنقه فوقعت عينه على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : ما لمت نفسي في عداوتك ، ولكنه من يخذل الله يخذل. أي لو لا خذلان الله لليهود لاستمرّوا في معاداة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وتدبير المؤامرات ضده.

ثم أقبل على الناس فقال : يا أيّها الناس لا بأس بأمر الله ، ملحمة كتبها الله على بني إسرائيل.

ثم إنه قتل في هذه الواقعة من النساء امرأة واحدة لأنها ألقت برحى من فوق الحصن فقتلت به أحد المسلمين ، فقتلت قصاصا.

وكان بين المحكوم عليهم بالقتل رجل اسمه « الزبير بن باطا » شفع له رجل من المسلمين يدعى ثابت بن قيس ، فلم يقتل ، واخلي سبيل زوجته وأولاده ، واعيدت إليه أمواله ، وأسلم أربعة من بني قريظة ، وقسّمت غنائم العدوّ بين المسلمين بعد إخراج الخمس منها ، واخراج ما يرتبط بالامور الادارية الاسلامية العامة.

وقد اعطي للفارس سهمان ، وللراجل سهم واحد ، وسلّم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أموال « الخمس » إلى زيد بن حارثة ليذهب بها إلى نجد ويشتري بها العتاد ، والسلاح ، والخيل ، وغيرها من أدوات الحرب(١) .

__________________

(١) تاريخ الطبرى : ج ٢ ص ٢٥٠ ، السيرة النبوية : ج ٢ ص ٢٤١ ، زاد المعاد : ج ٢ ص ٧٤.

٢٩٤

وهكذا انتهت مشكلة بني قريظة في التاسع عشر من شهر ذي الحجة من السنة الخامسة للهجرة ، وقد نزلت في شأن هذه الواقعة الآيات ٢٦ ـ ٢٧ من سورة الاحزاب اذ يقول سبحانه :

«وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ صَياصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً. وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيارَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ وَأَرْضاً لَمْ تَطَؤُها وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً ».

وقد استشهد « سعد بن معاذ » الذي سبق أن جرح في معركة الخندق بعد حادثة بني قريظة هذه(١)

__________________

(١) السيرة النبوية : ج ٢ ص ٢٥٠ ـ ٢٥٤.

٢٩٥

حوادث السنة السادسة من الهجرة

٣٩

أعداء الاسلام تحت المراقبة المشدّدة(١)

لم تنقض السنة الهجرية الخامسة إلاّ وقد انتهت فتنة « الاحزاب » و « بني قريظة » ، وقضي عليهما بالكامل ، وأصبحت المدينة وضواحيها برمتها في قبضة المسلمين وتحت سيطرتهم ، وازدادت قواعد الحكومة الاسلامية الفتية رسوخا وثباتا ، وساد هدوء نسبي في المنطقة التي تخضع للحكومة الاسلاميّة ، غير أن هذا الهدوء كان هدوء موقتا ، وكان على قائد المسلمين الأعلى أن يراقب أحوال العدو وأوضاعه ، وتحركاته ليقضي في المهد على كل مؤامرة ضدّ الاسلام بما اوتي من قوى وامكانيات.

ولقد سمح الهدوء الذي ساد المنطقة للنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأن يقمع بعض مشعلي فتنة « الاحزاب » الذين هربوا من قبضة المسلمين بعد رحيل « الاحزاب ».

فلقد قتل « حيي بن أخطب » الذي كان من مشعلي معركة الأحزاب ، في غزوة بني قريظة ، ولكن رفيقه « سلاّم بن أبي الحقيق » كان لا يزال يعيش في خيبر ، ولا شكّ في أن هذا العنصر الخطر لم يكن ليفتأ لحظة واحدة عن إثارة وتأليب « الأحزاب » مرّة اخرى ضدّ الاسلام ، وخاصة أن العرب الوثنيين كانوا

__________________

(١) يستفاد من السيرة النبوية : ج ٣ ص ٢٩١ ط ١٣٥٥ أن خطة اغتيال « سلاّم » كانت قبل نهاية السنة الهجرية الخامسة ، ولكن بالنظر إلى أن قضية بني قريظة حدثت في التاسع عشر من شهر ذي الحجة يستبعد هذا الرأى.

٢٩٦

مستعدين لشن حرب على الاسلام ، وكان من المحتمل إذا نوفرت هناك جهة تتكفل نفقات الحرب ، أن تتكرر قضية الاحزاب مرة اخرى.

على أساس هذه المحاسبات كلّف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (١) مجموعة من شجعان الخزرج وفوارسهم بأن يصفّوا هذا العنصر الخطر ، الجريء والحاقد ، بشرط أن لا يتعرّضوا لأحد من أبنائه وزوجاته.

فخرجوا حتى قدموا خيبر ، فدخلوا خيبر ليلا ولم يدعوا بابا في الدار الا أغلقوه على أهله حتى لا يحس بهم أحد إذا صاح واستغاث بأحد ، ثم تسللوا إلى غرفته وكانت في الطابق الاعلى ، فطرقوا باب حجرته ، فخرجت إليهم امرأته وقالت : من أنتم؟ قالوا : ناس من العرب نلتمس الميرة ، ففتحت الباب وسمحت لهم بالدخول عليه من دون التحقق من أمرهم ، فدخلوا في غرفته وابتدروه وهو على فراشه بأسيافهم بعد أن أغلقوا باب الغرفة على أنفسهم ، وقضوا على ذلك المفسد الشرير الذي طالما أزعج المسلمين بفتنه ومؤامراته ، ثم خرجوا ، وانحدروا من الدرج واختبئوا في ممرّ مائي من خارج الحصن الى داخله ، فصاحت زوجته ، واستغاثت بالجيران ، فأوقد اليهود النيران ، واشتدوا في طلب تلك الجماعة الفدائية المسلمة ، ولكن من دون جدوى ، وعند ما يئسوا من القبض عليهم رجعوا الى صاحبهم المقتول ، وقد بلغ من جرأة المسلمين أن بعثوا أحدهم ليدخل بين اليهود في خيبر ويأتي لهم بخبر ابن أبي الحقيق ، لأنهم كانوا يظنون بأنه لا يزال على قيد الحياة.

فدخل ذلك الرجل بين اليهود فوجدهم وامرأته حول ابن أبي الحقيق ، وفي يدها المصباح تنظر في وجهه ، وتحدثهم ، وتقصّ عليهم ما جرى ، ثم أقبلت عليه

__________________

(١) إن السبب أو الحكمة في تكليف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الخزرج بهذه المهمة هو أن الاوس قاموا بعملية مشابهة في حق « كعب بن الأشرف » اليهودى الخطر فأراد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إقامة توازن في كسب المفاخر بين تينك القبيلتين ولذلك أوكل مهمة تصفية هذا اليهودي المفسد إلى رجال الخزرج.

٢٩٧

تنظر في وجهه ثم قالت : فاظ ( أي مات ) وإله يهود.

فعاد إلى رفاقه وأخبرهم بنجاح عمليّتهم وهلاك عدوّ الله : « سلام بن أبي الحقيق » على أيديهم ، فخرجوا في تلك الليلة من مخبأهم وعادوا إلى المدينة وأخبروا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بما جرى(١) .

أهل الرأي من قريش يهاجرون الى الحبشة :

توجه جماعة من أهل الرأي في قريش الذين أخافهم تقدّم الاسلام ، وانتشاره المطرد بشدة ، الى البلاط الحبشي ليقطنوا ويقيموا في الحبشة فقد قالوا : الرأي أن نلحق بالنجاشي فنكون عنده ، فان ظهر « محمّد » على قومنا كنا عند النجاشي ، فإنا أن نكون تحت يديه أحب إلينا من أن نكون تحت يدي محمّد وإن ظهر قومنا فنحن من عرفوا فلن يأتينا منهم إلاّ خير.

وخرجت هذه الجماعة وفيهم « عمرو بن العاص » بهدايا كثيرة من الحجاز قاصدة أرض الحبشة ، وبلاط النجاشيّ بالذات.

وصادف دخولهم على « النجاشي » ورود « عمرو بن اميّة الضمري » مبعوث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وحامل كتابه إلى النجاشي يوصيه فيه بجعفر بن أبي طالب ، والمهاجرين الآخرين من رفقائه.

فقال « عمرو بن العاص » : لو دخلت على « النجاشيّ » بالهدايا وسألته عمرو بن اميّة فاعطانيه ، فضربت عنقه.

فدخل « عمرو بن العاصي » على « النجاشيّ » ، وسجد له ـ على النحو الذي كان متبعا ـ فسأله النجاشيّ عن حاله ، ثم قال : هل أهديت إليّ من بلادك شيئا؟

قال ابن العاص : نعم أيها الملك ، قد أهديت إليك ادما كثيرا ، ثم قال : أيها

__________________

(١) السيرة النبوية : ج ٢ ص ٢٧٤ و ٢٧٥.

٢٩٨

الملك اني قد رأيت رجلا خرج من عندك ( ويقصد مبعوث رسول الله ) وهو رسول عدوّ لنا ، فاعطنيه لأقتله ، فإنه قد أصاب من أشرافنا وخيارنا.

فغضب النجاشيّ لمقالة ابن العاص غضبا شديدا فصفعه صفعة كادت أن تكسر أنفه ، ثم قال : أتسألني أن اعطيك رسول رجل يأتيه الناموس الأكبر الذي كان يأتي موسى لتقتله. ويحك يا عمرو أطعني واتبعه فانه والله لعلى الحق ، وليظهرنّ على من خالفه كما ظهر موسى على فرعون وجنوده ، ثم قال : أفتبايعني له على الاسلام؟

يقول عمرو بن العاص : فقلت نعم ، فبسط يده فبايعته على الاسلام ، ثم خرجت إلى أصحابي ، وقد حال رأيي عما كان عليه ، وكتمت أصحابي إسلامي(١) .

الوقاية من تكرار التجارب المرة :

تركت حادثة « الرجيع » المرّة التي قتل فيها جماعة من قبائل « عضل » و « القارة » من بني لحيان ثلة من دعاة الاسلام غدرا ومن دون رحمة ، بل وسلّمت رجلين منهم بقوا على قيد الحياة إلى قريش فصلبتهما قريش صبرا انتقاما من رسول الله والمسلمين.

لقد تركت هذه الفاجعة المأساوية المؤلمة ألما شديدا في نفوس المسلمين ، وأحدثت جرحا عميقا في ضمائرهم وأدت إلى توقف حركة الارشاد والتبليغ والدعوة.

ولكن في الظروف المستجدة التي استطاع الاسلام أن يزيل ـ بعد الأحزاب وبني قريظة ـ كل العراقيل والعقبات عن سبيل المسلمين رأى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن من الضروري تأديب بني لحيان لتعتبر بقية القبائل ، فلا يؤذوا بعد ذلك فرق الدعوة وبعثات التبليغ الاسلامي.

__________________

(١) السيرة النبوية : ج ٢ ص ٢٧٦ و ٢٧٧.

٢٩٩

فاستخلف مكانه لإدارة شئون المدينة « ابن أمّ مكتوم » في الشهر الخامس من السنة الهجرية السادسة ولم يظهر لأحد ما يقصده ، بل خرج يظهر أنه يريد الشام ليصيب « بني لحيان » على غفلة منهم ، فلما وصل الى طريق مكة عرّج حتى نزل بمنطقة تدعى غراب وهي منازل بني لحيان ، وقد كان بنو لحيان قد عرفوا بمسير النبي إليهم فحذروه ، وتمنعوا في رءوس الجبال.

وكان غزو المسلمين هذا ، وجبن العدو قد تركا أثرا نفسيا قويا ، فأحدث رعبا في قلوب أعداء الإسلام.

واستكمالا لهذا الهدف العسكريّ الهامّ عمد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى القيام بسلسلة من المناورات العسكرية ، واستعراض القوة القتالية في جنوده ليرهب أعداء الله القريب منهم والبعيد ولتسمع بهم قريش خاصة فيذعرهم ، فنزل في مائتي راكب من أصحابه حتى نزل عسفان على مقربة من مكة وقد قال من قبل :

« لو هبطنا عسفان لرأى أهل مكة أنا قد جئنا مكة ».

ثم بعث فارسين من أصحابه حتى بلغا كراع الغميم ( وهو موضع بناحية الحجاز بين مكة والمدينة وهو واد أمام عسفان بثمانية أميال ). ثم عاد مع أصحابه إلى المدينة(١) .

هذا وكان جابر بن عبد الله الأنصاري يقول : سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول حين رجوعه من هذه الغزوة :

« أعوذ بالله من وعثاء السفر وكآبة المنقلب وسوء المنظر في الأهل والمال »(٢) .

غزوة ذي قرد :

لم يقم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في المدينة بعد عودته من الغزوة

__________________

(١) السيرة النبوية : ج ٢ ص ٢٧٩ و ٢٨٠.

(٢) تاريخ الطبري : ج ٢ ص ٢٥٤ ، المغازي : ج ٢ ص ٥٣٥ ، إمتاع الاسماع : ج ١ ص ٢٥٩ و ٢٦٠.

٣٠٠

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

60 - اسماعيل القصير بن إبراهيم بز

كوفي. ثقة(1)

____________________

(1) وفي نسخة (بزة) وفي اصحاب الصادق (ع) ص 147 / 96: اسماعيل بن ابراهيم بن بزة القصير الكوفي. ونحوه في لسان الميزان ج 1 / 392 وقال: روى عن جعفر الصادق (ع) روى عنه علي بن ابن الحسن. وله مسند كثير الفوائد قاله النجاشي.قلت: لم احضر له رواية عن ابي عبدالله (ع) بل روى عن الرجال عنه (ع) فروى عن الحكم بن عتيبة عنه (ع) كما في اصول الكافي ج 2 / 444. وعن ابن بكير عنه (ع) كما في زيادات صوم التهذيب ج 4 / 322 / 989 والكافي ج 1 / 192. وعمن ذكره عن ابي حمزة الثمالي عن علي بن الحسين (ع) كما في أول مكاسب التهذيب ج 6 / 321 والكافى ج 1 / 350. نعم الطبقة تقتضي كونه من اصحابه (ع) فقد روى عنه محمد بن ابي عمير، ومحمد بن خالد البرقي واسماعيل بن مهران. ثم إن ظاهر سقوط (له كتاب) بعد قوله (ثقة) الا ان النسخ خالية عنه بل في حاشية نسخة الخزاعي التصريح بخلو النسخ المنقولة عنه ايضا.

٣٨١

حدثنا حميد قال حدثنا عبيدالله بن أحمد بن نهيك قال حدثنا علي ابن الحسن قال حدثنا اسماعيل به(1)

____________________

(1) موثق بحميد وعلي بن الحسن الطاطري الواقفيين الثقتين على كلام في احمد بن جعفر شيخ التلعكبري والحسين شيخ الماتن ولا يبعد سقوط (قال حدثنا محمد بن ابي عمير) عن نسخ المتن بقرينة رواية ابن أبي عمير عن اسماعيل بن ابراهيم في اصول الكافي ج 2 / 444 ورواية علي بن الحسن الطاطري عن ابن ابي عمير كثيرا. وفى الفهرست ص 14: اسماعيل القصير.له كتاب، اخبرنا به عدة من أصحابنا عن هارون بن موسى التلعكبري عن ابن عقدة عن احمد بن عمر بن كيسبة عن الطاطري عن محمد بن زياد عنه.قلت: طريقه ضعيف بأحمد بن عمر المجهول حاله، نعم روى كتب كثير من أصحابنا وأصولهم ذكره النجاشي والشيخ في الفهرست وكناه في الفهرست بابي الملك ولقبه بالنهدى كما في ترجمة علي بن الحسن الطاطري ص 92 روى عن الطاطري ومحمد بن بكر بن جناح وغيرهما وروى عنه ابن عقدة كثيرا وعلي بن محمد بن الزبير القرشي ومحمد بن عبدالله بن غالب وغيرهم.

٣٨٢

61 - اسماعيل بن همام بن عبدالرحمن بن أبي عبدالله - ميمون البصري

مولى كندة(1) وإسماعيل يكنى ابا همام(2) روى اسماعيل عن(3) الرضا عليه السلام(4) .

____________________

(1) كونه مولى كندة صريح الشيخ في اصحاب الرضا (ع) وروى في التهذيب ج 9 ص 209 في الوصية المبهمة عن اسماعيل بن همام الكندي عنه (ع) وايضا عن ابي همام. ولكن في اصحاب الصادق (ع) من رجال البرقي ص 24 عبدالرحمن بن ابي عبدالله من اهل البصرة عربي من كندة.وفى رجال الشيخ ص 230 / 127: مولى بني شيبان وأصله كوفي. وفى الكشي ص 200: وابوعبدالله رجل من أهل البصرة وروى الصدوق في باب إنقضاء مشي الماشي في الحج من الفقيه ص 252 باسناده عن الحسين بن سعيد عن اسماعيل بن همام المكي عن ابي الحسن الرضا (ع).

(2) كما صرح به البرقي والشيخ وفيما رواه الصدوق في الوصية بالعتق ص 531 وفي التهذيب ج 3 / 328 وغيره.

(3) وعده البرقي في اصحاب الكاظم (ع) ص 51 قال: ابوهمام وهو اسماعيل بن همام. وروى الشيخ في الاستبصار ج 1 / 143 في الصحيح عن يعقوب عن أبي همام عن ابي الحسن الاول عليه السلام في الحائض الحديث. ورواه في التهذيب ايضا ج 1 / 398 / 1241 وقد ذكرناه في طبقات اصحابه (ع).

(4) وعده الشيخ ايضا في أصحابه ص 368 / قائلا: اسماعيل ابن همام مولى لكندة وهو ابوهمام. وروى عنه كثيرا روى جماعة من اجلة اصحابنا عنه (ع) مثل يعقوب بن يزيد واحمد بن محمد بن عيسى وعلي بن مهزيار واحمد بن علي ومحمد بن عيسى وغيرهم ذكرناهم في الطبقات. وروى ابوهمام اسماعيل بن همام عن محمد بن سعيد بن غزوان كما في التهذيب ج 3 / 328 وغيره وعن الحسن بن زياد وغيرهما.تنبيه: ذكر في جامع الرواة رواية التلعكبري عن اسماعيل بن همام هذا عن مواضع من الفهرست.وليس كذلك فلا تصح رواية التلعكبري المتوفى(385) عن مثله ممن كان من اصحابي الكاظم والرضا عليهما السلام بل المراد به محمد بن ابي بكر همام بن سهيل الاسكافي من مشايخ التلعكبري المتوفى سنة 336 كما يأتي في ترجمته(1034).

٣٨٣

ثقة هو(1) وأبوه(2) وجده(3) .

____________________

(1) ويؤمى إلى ذلك رواية أجلة اصحابنا وثقاتهم عنه.

(2) وعلى توثيق الماتن له عول من تأخر.

(3) قال ابوعمرو الكشي ص 200: سألت محمد بن مسعود عن عبدالرحمن بن ابي عبدالله، فذكر عن علي بن الحسن بن فضال: انه عبدالرحمن بن ميمون الذي في الحديث. وابوعبدلله رجل من اهل البصرة. اسمه ميمون. وعبدالرحمن هو ختن الفضيل بن يسار وذكره البرقي في اصحاب الصادق ص 24 قائلا: عبدالرحمان بن ابي عبدالله من اهل البصرة. عربي من كندة.وايضا الشيخ ص 230 / 127 قائلا: عبدالرحمان بن ابي عبدالله البصري مولى بني شيبان وأصله كوفي إلى ان قال: وكان عبدالرحمان هذا ختن الفضيل بن يسار. قلت ويأتي في ترجمة الفضيل: انه عربي بصري صميم وروى ايضا عنه كما يأتي.قال في الخلاصة ص 113 في ترجمته قال علي بن احمد العقيقي: انه روى عن ابي عبدالله (ع) سبعمائة مسألة وهو بصري اصله من الكوفة. ونحوه في رجال ابن داود ص 222.قلت: روى عبدالرحمن بن ابي عبدالله البصري عن ابي عبدالله عليه السلام كثيرا روى جماعة من أجلة اصحابنا عنه عنه (ع) مثل الحسن بن محبوب السراد وأبان بن عثمان وحماد بن عثمان وحماد بن عيسى والفضيل بن يسار وصفوان بن يحيى وعبدالله بن سنان وغيرهم من أجلة أصحاب الباقر والصادق والكاظم عليهم السلام ذكرناهم في الطبقان وإكثار رواية أمثالهم عنه يؤمي إلى جلالته في الطائفة. وفي جملة من الاخبار ما يدل على جلالته وتمسكه بأهل البيت (ع) اوردناها في أخبار الرواة. =

٣٨٤

____________________

= وروى عن ابي الحسن موسى عليه السلام ايضا روى عنه عنه (ع) اسماعيل بن همام ابوهمام كما في وجوه الصيام من التهذيب ج 4 / 298 باسناد موثق وصاج 2 / 133 وياسين الضرير وغيرهما ويطول بذكرهم وإليك بكتابنا في الطبقات. ثم ان الظاهر اختصاص توثيق الماتن لجد اسماعيل بن همام بأبي همام عبدالرحمن بن ابي عبدالله ولا يشمل جده الاعلى - ابا عبدالله ميمون البصري الشيباني ولم اجد له توثيقا او مدحا صريحا نعم روى حديث الغدير وغيره من فضائل علي (ع) وذكر البرقي في أصحاب اميرالمؤمنين (ع) ص 4: ميمون بن مهران. وايضا الشيخ ص 58 / 9 وقال الذهبي في ميزان الاعتدال ج 4 ص 235 ميمون (ت، س، ق) مولى عبدالرحمن بن سمرة.ثم روى عنه عن زيد بن أرقم حديث الغدير، وحديث المنزلة، وحديث سد الابواب الشارعة في المسجد الا باب علي (ع). ثم انه لم تطب الذهبي نفسه كما في امثال المقام الا بأن يضعفه بروايته المناكير ثم ذكره هذه الروايات. وأمره إلى الله تعالى ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.

وقال الشيخ في اصحاب الصادق (ع) ص 230 عند ذكر إبنه عبدالرحمن: واسم ابي عبدالله ميمون، حدث عنه سلمة بن كهيل فيقول: عن ابي عبدالله الشيباني، وكثير النوا إيضا عن ابي عبدالله، وحدث عنه ايضا خالدا الحذاء، وشعبة، وعوف بن أبي جميلة فسموه كلهم ميمون، روى عن عبدالله بن عباس، وعبدالله بن عمر، والبراء بن عازب، وعبدالله بن بريدة، الخ.

٣٨٥

له كتاب يرويه عنه جماعة أخبرنا محمد بن علي قال حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى قال حدثنا سعد وأحمد بن إدريس قالا حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى عن أبي همام(1)

____________________

(1) كالصحيح على اشكال باحمد بن محمد بن يحيى وبمحمد بن علي شيخ الماتن. وفي الفهرست في الكني ص 187: ابوهمام له مسائل اخبرنا بها جماعة عن ابي المفضل عن ابن بطة عن احمد بن محمد بن عيسى عنه. قلت: طريقه ضعيف بابي المفضل وبابن بطة على كلام يأتي في ترجمتهما.وروى الصدوق (ره) في المشيخة(251) عن ابيه (رض) عن سعد ابن عبدالله وعبدالله بن جعفر الحميري جميعا عن احمد بن محمد بن عيسى وابراهيم بن هاشم جميعا عن ابي همام اسماعيل بن همام. قلت: طريقه صحيح رجاله الثقات الاعلام.

٣٨٦

62 - إسماعيل بن علي العمى ابوعلي البصري

أحد أصحابنا البصريين ثقة. له كتب، منها ما اتفقت عليه العامة بخلاف الشيعة من أصول الفرائض(1)

____________________

(1) ولا يبعد نسبته مع أحمد بن إبراهيم العمى الآتي ترجمته(238).ذكره الشيخ فيمن لم يرو عنهم (ع) ص 452 وبعد قوله البصري قال: له كتب ذكرناها في الفهرست وفيه ص 12: اسماعيل بن علي العمى ابوعلي البصري أحد شيوخنا البصريين ثقة له كتب كثيرة، منها كتاب ما اتفقت عليه العامة للشيعة من اصول الفرائض، أخبرنا به احمد بن عبدون، قال أخبرنا ابوطالب الانباري قال اخبرنا ابوبشر احمد بن ابراهيم، قال حدثنا عبدالعزيز بن يحيى بن احمد قال سمعت إسماعيل بن علي يقرأ هذا الكتاب. قلت: الطريق صحيح على الاقوى بناء‌ا على وثاقة احمد بن عبدون من مشايخ النجاشي. ثم ان ظاهر الشيخ ان كتابه في المسائل الاتفاقية بين الفريقين ونحوه في المعالم. وظاهر المتن انه في المسائل الخلافية بينهما.وذكره ابن حجر في لسان الميزان ج 1 ص 423 الا انه قال (القمي) بدل (العمى) وقال: سمع من نائل بن نجيح الخ. قلت: وذكر في جامع الرواة رواية محمد بن ابي عمير عنه عن الفضيل بن يسار عن موضعين من الكافي. وليس بصحيح، فان الظاهر ان المذكور فيهما وهو (اسماعيل البصري) اسماعيل بن همام المتقدم بقرينة رواية ابن ابي عمير عنه وروايته عن الفضيل بن يسار، مع انه لا تصح روايه ابن ابي عمير بن اصحاب بن يحيى الجلودي المتوفي بعد الثلاثين والثلاثمائة.

٣٨٧

63 و 64 - إسماعيل بن علي، وإسماعيل بن ابي عبدالله(1)

ذكر أصحابنا ان لهما كتاب خطب، قال الحسين بن عبيدالله اخبرنا احمد بن جعفر قال حدثنا أحمد بن ادريس عن عبدالله بن محمد ابن عيسى عن أبيه عنهما(2) .

65 - إسماعيل بن شعيب العريشي(3)

له كتاب في الطب، أخبرنا محمد بن علي قال حدثنا أحمد بن الكاظم (ع) عمن يروى عنه عبدالعزيز

____________________

(1) ذكره في جامع الرواة وقال: عنه ابومحمد الرازي في يب في باب فضل المساجد.قلت روى في التهذيب ج 3 ص 349 عن احمد ابن محمد عن محمد بن حسان الرازي عن ابي محمد الرازي عن اسماعيل ابن ابي عبدالله عن ابيه عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله الحديث. والمراد به إسماعيل بن ابي عبدالله الصادق (ع) الذي مات في حياته (ع) وهذا لا يروى عنه محمد بن عيسى الذي لم يدركه اصلا.

(2) كالضعيف بعبدالله بن محمد بن عيسى الملقب ببنان فلم يوثق وان قيل بحسن حاله على كلام في الحسين وشيخه.

(3) ذكره الشيخ فيمن لم يرو عنهم (ع) ص 452 وزاد: قليل الحديث ثقة روى عنه عبدالله بن جعفر.

وفى الفهرست ص 11 قليل الحديث إلا انه ثقة سالم فيما يرويه وله كتب منها كتاب الطب الخ وكتابه في المعالم.

٣٨٨

محمد بن يحيى عن عبدالله بن جعفر عن إسماعيل به(1) .

66 - إسماعيل بن محمد بن إسماعيل بن هلال المخزومي ابومحمد(2)

أحد أصحابنا ثقة فيما يرويه(3) قدم العراق وسمع أصحابنا منه(4) مثل أيوب بن نوح، والحسن بن معاوية، ومحمد بن الحسين وذكره بتوثيقه

____________________

(1) كالصحيح على اشكال باحمد بن محمد ومحمد بن علي كما تقدم وفي الفهرست أخبرنا به الحسين بن عبيدالله عن احمد بن محمد الخ.

(2) ذكره الشيخ في الفهرست ص 12 / 35 نحوه ونشير إلى اختلافه للمتن وفيمن لم يرو عنهم (ع) ص 452 زاد: مكي.

(3) وفى الفهرست: وجه اصحابنا المكيين كان ثقة فيما يرويه: قلت: ولعله سقطت كلمة من نسخ المتن وصحفت فان التنبيه على كونه احد اصحابنا فقط في هذا الكتاب كما ترى ويظهر من مواضع من هذه الترجمة ومنها طريقه إلى كتبه - انها كانت مأخوذة من الفهرست فليتأمل.

(4) وفى الفهرست: اصحابنا بها منه ايوب الخ وزاد بعد ابن فضال: وأحمد أخوه، وعاد إلى مكة وقام بها وقلت الرواية عنه بسبب ذلك وله كتب منها كتاب الخ. وفيمن لم يرو عنهم (ع): روى عن ايوب بن نوح ونظرائه. قلت: الظاهر ان الاصح ما في المتن وفي الفهرست فلاحظ، وفي الكافى في مناكحة الاكراد ج 2 / 12: علي بن ابراهيم عن اسماعيل بن محمد المكي عن علي بن الحسين عن عمرو بن عثمان الخ. ورواه ايضا في التهذيب.

٣٨٩

وعلي بن الحسن بن فضال. له كتاب التوحيد. كتاب المعرفة. كتاب الصلاة. كتاب الامامة.كتاب التجمل والمروة.قال ابن الجنيد: حدثنا احمد بن محمد العاصمي قال حدثنا محمد بن اسماعيل بن محمد عن ابيه(1) وقال الحسين بن عبيدالله حدثنا الحسن بن محمد بن يحيى العلوي قال حدثنا علي بن احمد العقيقي عنه بكتبه كلها(2) قال ابن نوح: كان اسماعيل بن محمد يلقب قنبرة(3)

____________________

(1) وفي الفهرست: اخبرنا بكتبه احمد بن عبدون، قال حدثنا ابوعلي محمد بن احمد بن الجنيد قال حدثنا الخ. قلت: الطريق ضعيف بمحمد بن اسماعيل المهمل.

(2) وفي الفهرست: وأخبرنا الحسين بن عبيدالله واحمد بن عبدون جميعا عن الحسن بن محمد الخ.

قلت: وهو ضعيف ايضا بالحسن بن يحيى الذي يأتي تضعيفه في ترجمته(147) وبالعقيقي الذي ذكره الشيخ في الفهرست وفين لم يرو عنهم (ع) وضعفه هو وغيره بما في احاديثه من التخليط والمناكير.

(3) ظاهر الشيخ وغيره: ان قنبرة غير المكي المخزومي فقد ذكره فيمن لم يرو عنهم (ع) ص 452 / قال: إسماعيل بن محمد قمي يعرف بقنبرة. وفي الفهرست / 15 / 48: اسماعيل بن محمد.من أهل قم، يقال له قنبرة، له كتب كثيرة منها كتاب المعرفة. وفي المعالم ص 9 اسماعيل بن محمد القمي من كتبه كتاب المعرفة. وقال ابن النديم في الفهرست ص 287: قنبرة، واسمه اسماعيل بن محمد من اهل قم. وله من الكتب كتاب المعرفة.له جلالة في الدنيا (والدين خ) يجري مجرى الوزراء في جلالة الكتاب. قلت: التصريح بانه قمي يمنع عن الجزم بالاتحاد وكلام ابن نوح ايضا غير ظاهر فيه، مع ان المكي انما دخل العراق ولم يعلم انه دخل (ايران) وخاصة (قم المشرفة) من بلادها كي ينسب اليها نزولا فلاحظ.

٣٩٠

67 - إسماعيل بن علي بن إسحق بن أبي سهل بن نوبخت(1)

كان شيخ المتكلمين من أصحابنا وغيرهم.

____________________

(1) وذكره الشيخ في الفهرست / 12 / 36 مثله وقال: ابوسهل كان شيخ المتكلمين من اصحابنا ببغداد ووجههم، ومتقدم النوبختيين في زمانه وذكره في كتاب الغيبة ص 127: من وجوه الشيعة والاكابر في اخبار السفير الثالث عند ذكر جماعة منهم وكناه بأبي سهل.وأشار إلى وجاهته ومنزلته في أنفس الناس ومحله من العلم والادب عندهم في ص 247 في اخبار الحسين بن منصور الحلاج وانه رضى الله عنه كشف أمره واحدوثته حتى شهر أمره عند الصغير والكبير وتنفر الجماعة عنه وقد اوردناه وما يدل على فضل ابي سهل في اخبار الرواة.قال ابن النديم في الفهرست ص 265: ابوسهل اسماعيل بن علي بن نوبخت من كبار الشيعة، وكان ابوالحسن الناشئ يقول: انه استاذه وكان فاضلا عالما متكلما، وله مجلس يحضره جماعة المتكلمين الخ. وذكر ما جرى بينه وبين رسول محمد بن علي الشلغماني المعروف بابن ابي الغراقر حين ما يدعوه إلى الفتنة. وقال في الحسن ابن موسى النوبختي: آل نوبخت معروفون بولاية علي وولده (ع) في كتاب الانسان الظاهر. وذكره في مواضع من كتابه.وذكره ابن حجر في لسان الميزان ج 1 / 424 وقال: البغدادي كان من وجوه المتكلمين ثم ذكر كتبه وقال اخذ عنه ابوعبدالله بن النعمان المعروف بالمفيد شيخ الشيعة في زمانه وغيره.

ولم تطب نفس الخطيب البغدادي بان يذكره مع جلالته وشهرته كغيره من اعلام الشيعة ورؤسائهم البغداديين في تاريخه مع أنه قد أكثر فيه من ذكر الكذابين والوضاعين ومن يستقبح ذكره في الكتب كما لا يخفى على المتتبع.

٣٩١

صنف كتبا كثيرة(1) منها كتاب الاستيفاء في الامامة. كتاب التنبيه في الامامة. قرأته على شيخنا ابي عبدالاله رحمه الله كتاب الجمل في الامامة. كتاب الرد على محمد بن الازهر في الاماة(2) . كتاب الرد على اليهود. كتاب في الصفات الرد على ابي العتاهية في التوحيد في شعره(3) كتاب الخصوص والعموم والاسماء والاحكام.

____________________

(1) ونحوه في الفهرست مع تفاوت نشير اليه.

(2) ولم يذكر في الفهرست كتاب الجعل وكتاب الرد على ابن الازهر. ومحمد بن الازهر لعله الجوزجاني الذي ضعفه الذهبي في ميزان الاعتدال ج 3 ص 467، أو محمد بن أحمد بن مزيد النحوي البوشنجي صاحب كتاب اخبار عقلاء المجانين الذي ذكره ابن النديم ص 217.

(3) وفي الفهرست: كتاب الرد على أبي العتاهية في التوحيد. شعر. وهو الاظهر الاصح وابوالعتاهية من الشعراء الذين عمل اخبارهم وشعرهم جماعة ذكره ابن النديم في فهرسته ص 233.وقال الذهبي في ميزان الاعتدال ج 1 ص 245: اسماعيل بن القاسم ابوالعتاهية. شاعر زمانه.ثم ضعفه وقال: ما علمت أحدا يحتج بابي العتاهية.

٣٩٢

والرد على ابن الراوندي(1) . كتاب الانوار في تواريخ الائمة (ع). كتاب الرد على الواقفة. كتاب الرد على الغلاة. كتاب التوحيد. كتاب الارجا. كتاب النفي والاثبات. مجالسه مع ابي علي الجبائي بالاهواز(2) كتاب في استحالة رؤية القديم. كتاب الرد على المجبرة في المخلوق(3) مجالس ثابت بن أبي قرة(4) كتاب النقض على عيسى ابن أبان في الاجتهاد(5) نقض مسألة أبي عيسى الوراق في قدم

____________________

(1) وهو ابوالحسين احمد بن محمد بن يحيى بن محمد بن إسحاق الراوندي من أهل مرو الروذ ولم يكن في نظرائه في زمنه أحذق منه بالكلام ولا أعرف بدقيقه وجليله وكان في أول أمره حسن السيرة جميل المذهب كثير الحياء ثم إنسلخ من ذلك بأسباب عرضت ذكرها ابن النديم مع كتبه في الكفريات ومن نقض عليها ورجوعه وتوبته عند موته وتفصيل ذلك في فهرسته ص 254.

(2) اسمه محمد بن عبدالوهاب بن سلام من معتزلة البصرة. وهو الذي ذلل الكلام وسهله وإليه إنتهت رئاسة البصريين في زمانه توفي سنة 303 ذكر ترجمته ابن النديم في الفهرست ص 256.

(3) وفي الفهرست: زاد: والاستطاعة.

(4) وفي الفهرست: كتاب مجالس ثابت بن أبي قرة بن ابي سهل ولعله ابوعلي الذي ذكره ابن النديم ص 402 وقال: وكان منجم العلوي البصري.

(5) هو عيسى بن ابان بن صدقة ابوموسى الفقيه القاضي صاحب كتاب إثبات القياس كتاب اجتهاد الرأي وغير ذلك وهو المتوفى سنة 220 ذكره ابن النديم ص 303.

٣٩٣

الاجسام(1) كتاب الاحتجاج لنبوة النبي صلى الله عليه وآله. كتاب حدوث العالم.

68 - إسماعيل بن علي بن علي بن رزين بن عثمان بن عبدالرحمن

ابن عبدالله بن بديل بن ورقا الخزاعي ابن أخي دعبل. كان بواسط مقامه، وولي الحسبة بها(2)

____________________

(1) وزاد في الفهرست: مع اثباته الاعراض. ولم يذكر الكتابين الاخيرين وقال: وزاد محمد بن اسحق النديم على هذه الكتب في فهرسته: كتاب الرد على الطاطري في الامامة كتاب نقص مسألة الشافعي.

كتاب الخواطر. كتاب المعرفة. كتاب تثبيت الرسالة. كتاب حدوث العالم. كتاب الرد على أصحاب الصفات. كتاب الحكاية والمحكي. كتاب نقض نعت الحكمه لابن الراوندي (وفي فهرسته نقض كتاب بعث الحكمة على الراوندي) كتاب نقض التاج على ابن الراوندي ويعرف بكتاب الشبك.كتاب نقض اجتهاد الرأي على ابن الراوندي كتاب الصفات.قلت: ذكره ابن النديم ص 265 كما ذكر وزاد: كتاب الرد على عيسى بن أبان في اللباس. كتاب الرد على من قال بالمخلوق. كتاب إبطال القياس.

(2) ونحوه في الفهرست ص 13 إلى آخر الترجمة وايضا عن ابن الغضائري وذكره الشيخ فيمن لم يرو عنهم (ع) ص 452 وقال: يكنى ابا القاسم اخبرنا عنه هلال الحفار. ويظهر من الخطيب في ترجمة دعبل ان أصله كوفي. وذكره الخطيب في تاريخه ج 6 / 306 بنسبه وكنيته ومن حدث عنه وهم جماعة قال وروى عن أبيه عن أخيه دعبل أحاديث مسندة عن مالك بن أنس و. و. الخ.وذكر جماعة من روى عنه وعنهم هلال بن محمد الحفار وذكر ان جماعة سمعوا منه ببغداد في درب رباح وقال: وكان غير ثقة. وعنه قال: ولدت في سنة تسع وخمسين ومائتين. ثم قال توفي بواسط في سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة.

وذكره ابن حجر في لسان الميزان ج 1 / 421 وحكى عن الدار قطني انه اخرج عنه في غرائب مالك ولم يكن مرضيا وذكر سماعه من أبيه سنة اثنتين وسبعين ومأتين. وقال: متهم. يأتي بأوابد.

وذكره الذهبي في ميزان الاعتدلال ج 1 / 238 وقال: متهم يأتي بأوابد.

وقال الخطيب في تاريخه ج 8 ص 383 ترجمة أخيه دعبل: وقد روى عنه أحاديث مسندة عن مالك بن أنس وعن غيره. وكلها باطلة، نراها من وضع إبن أخيه إسماعيل بن الدعبلي فانها لا تعرف الا من جهته وروى عنه قصيدته التي أولها: مدارس آيات الخ. قلت هذه قصيدته التي أنشدها دعبل الخزاعي في مجلس ابي الحسن الرضا عليه السلام ذكرها أصحابنا والجمهور ورواها أصحابنا عن غير طريقه ايضا كما في العيون ج 2 ص 263 وغيره.

٣٩٤

وكان مختلطا يعرف منه وينكر(1) له كتاب تاريخ

____________________

(1) وفى الفهرست: مختلط الامر في الحديث الخ. وعن ابن الغضائري: كان كذابا وضاعا لا يلتفت إلى ما رواه عن ابيه عن الرضا عليه السلام ولا غير ذلك ولا ما صنف. قلت: ويأتي في ترجمة أبيه علي(726) قول الماتن: ما عرف حديثه الا من قبل ابنه اسماعيل. ويأتي ايضا سماعه عنه ببغداد سنة اثنتين وسبعين ومأتين حديث دخوله مع أخيه دعبل علي أبي الحسن الرضا (ع) وما خلعه من قميصه وخاتمه والدراهم. ويظهر من المتن وغيره ان التضعيف نشأ مما قيل ان في حديثه تخليط ولذلك يعرف ذلك منه وقد عرفته من كلام الخطيب ثم ينسب وضع مارواه من المنكرات وما فيه غلو وتخليط إلى اسماعيل. وعليه ينكر ولم أقف في كلام أصحابنا على ذكر مارواه من المنكرات.نعم في كلام العامة الذين هم الاصل في تضعيفه ظاهرا والله العالم: إشارة إلى مارواه عن مالك والى مارواه من فضائل اهل البيت عليهم السلام والى شعر دعبل وحديث القميص وما اخبر به مما يستفيد من ذلك بقم مما يدل على فضائلهم (ع).

٣٩٥

الائمة (ع) وكتاب النكاح(1) .

____________________

(1) وفي الفهرست: وله كتاب تاريخ الائمة (ع)، اخبرنا عنه برواياته كلها الشريف ابومحمد المحمدي، وسمعنا هلال الحفار يروى عنه مسند الرضا عليه السلام وغيره فسمعناه منه وأجاز لنا باقي رواياته قلت: اما الشريف المحمدي الحسن بن احمد بن مشايخ النجاشي فيأتي الكلام فيه في ترجمته(150) وتقدم في مشايخه. واما هلال ابن محمد الحفار ابوالفتح المتوفي سنة أربع عشرة واربعمائة فهو من مشايخ شيخ الطائفة العامة كما روى عنه في كتبه وعده العلامة رحمه الله في اجازته لبني زهرة من مشايخه من العامة. وهو من مشايخ الخطيب البغدادي ذكر ترجمته في تاريخه ج 14 / 75.

٣٩٦

69 - اسماعيل بن أبان(1)

اخبرني ابوالعباس أحمد بن علي بن نوح قال حدثنا محمد بن علي بن هشام قال حدثنا علي بن محمد ما جيلويه عن احمد بن محمد البرقي عن اسماعيل بكتابه، وباخبار علي بن النعمان، وبكتاب موت المؤمن والكافر(2) .

____________________

(1) ذكر البرقي في اصحاب الصادق (ع) ص 28: اسماعيل بن أبان الحناط.وايضا الشيخ ص 154 / 243 ولكن فيه: الخياط.قلت: لم أحضر له رواية عن ابي عبدالله (ع) نعم روى إسماعيل بن اسحق عنه عن غياث عنه (ع) في باب طلاق الحامل من الفقيه ج 4 / 445 وايضا ابراهيم بن محمد الثقفي عنه عن صالح بن ابي الاسود كما في اصول الكافي ج 2 / 207 ولعله لذلك لم يذكره الماتن في عداد من روى عنه (ع)

(2) حسن كالضعيف على اشكال بمحمد بن علي بن هشام فلم يوثق الا انه استفيد حسن حاله من رواية الصدوق عنه مترضيا عنه على كلام بمحمد بن علي ما جيلويه من مشايخ الصدوق الذي روى عنه كثيرا مترحما عليه. ثم ان الموجود في نسخ الكتاب وما حكى عند هو علي بن محمد ما جيلويه الا ان الصحيح محمد بن علي وهو من مشايخ الصدوق (ره). وفي الفهرست ص 14 / 40: اسماعيل بن ابان له كتاب أخبرنا به ابن ابي جيد عن محمد بن الحسن عن محمد بن ابي القاسم عن محمد ابن على الصيرفي عنه. وايضا(44) اسماعيل بن ابان له كتاب رويناه بالاسناد الاول عن حميد عن ابراهيم بن سليمان عنه.قلت: ظاهره وان كان تعددهما الا انه لا ميز بينهما والامر سهل بعد عدم ثبوت وثاقته. وطريقه الاول ضعيف بالصيرفى الضعيف والثاني موثق بحميد بناء‌ا على وثاقة ابن عبدون في الاسناد الاول.

٣٩٧

70 - اسماعيل بن جابر الجعفي(1)

____________________

(1) وفي لسان الميزان ج 1 ص 397: اسماعيل بن جابر بن يزيد الجعفي.ذكره الطوسي في رجال الشيعة، وقال علي بن الحكم: كان من نجباء اصحاب الباقر (ع) وروى عن الصادق والكاظم (ع) روى عنه عثمان بن عيسى ومنصور بن يونس وغيرهما.قلت: روى في اصول الكافى في فرض إطاعة الائمة (ع) ج 1 ص 188 عن محمد بن الحسن عن سهل بن زياد عن محمد بن عيسى عن أبان عن عبدالله بن سنان عن اسماعيل بن جابر قال قلت لابي جعفر (ع): أعرض عليك ديني الذى أدين الله عزوجل به؟ ثم عرضه وفي آخره فقال (ع): هذا دين الله ودين ملائكته. وفي ج 2 / 405 باب المستضعف: الحسين بن محمد عن معلي بن محمد عن الوشاء عن مثنى عن اسماعيل الجعفي قال سألت أبا جعفر (ع) عن الدين إلى أن قال قلت: جعلت فداك فأحدثك بديني الذي انا عليه؟ فقال: بلى فقلت اشهد ان لا اله الا الله واشهد أن محمدا عبده ورسوله والاقرار بما جاء من عندالله وأتولاكم وأبرء من عدوكم ومن ركب رقابكم وتأمر عليكم وظلمكم حقكم فقال: ما جهلت شيئا هو والله الذي نحن عليه إلى ان قال ثم قال: ارأيت ام ايمن؟ فاني اشهد انها من أهل الجنة وما كانت تعرف ما أنتم عليه.وفى ج 1 ص 158 باب الجبر والقدر عن عثمان بن عيسى عن اسماعيل بن جابر حديث ما جرى بينه وبين الرجل الذي يتكلم في القدر والناس مجتمعون عليه في مسجد المدينة ثم حكايته لابي عبدالله عليه السلام وفيه إيماء بعلمه بالكلام. وفى ج 1 ص 125 باب النوافل عن عبدالله بن الوليد الكندي عن اسماعيل بن جابر او عبدالله بن سنان قال قلت: لابي عبدالله (ع) اني أقوم آخر الليل وأخاف الصبح قال اقرء الحمد واعجل واعجل. =

٣٩٨

____________________

= وروى الشيخ في التهذيب ج 2 ص 126 عن حماد عنه ما يشير إلى تعاهده لنوافل الليل. بل إلى أنه يهمه مافاته من النوافل على مارواه ايضا قبل ذلك ص 12 في الصحيح عن مرازم قال سأل إسماعيل بن جابر ابا عبدالله (ع) فقال اصلحك الله ان علي نوافل كثيرة فيكف اصنع فقال اقضها الخ. ورواه في الكافي ج 1 ص 126 وروى بعده في الصحيح عن ابان بن عثمان عن اسماعيل الجعفي قال: قال ابوجعفر (ع) إلى ان قال قلت: ولم تأمرني ان أوتر وترين في ليلة واحدة فقال عليه السلام احدهما قضاء.ويحتمل كون المراد باسماعيل الجعفي في الرواية الاخيرة اسماعيل بن عبدالرحمن كما يأتي.وغير ذلك مما يؤمي إلى وضوح طريقته وحسن سلوكه. ويظهر من الاخبار إختصاصه بأبي عبدالله (ع) وعنايته له. فروى في التهذيب ج 3 ص 234 في الصلاة في السفر من زياداته عن الحسين بن القاسم بن محمد عن رفاعة بن موسى عن اسماعيل بن جابر قال كنت مع ابي عبدالله عليه السلام حتى اذا بلغنا بين العشائين قال يا اسماعيل امض مع الثقل والعيال حتى الحقك وكان ذلك عند سقوط الشمس فكرهت ان انزل فاصلي وأدع العيال وقد امرني أن أكون معهم فسرت ثم لحقني أبوعبدالله (ع) فقال: يا إسماعيل هل صليت المغرب بعد؟ فقلت: لا. فنزل عن دابته فأذن وأقام وصلى المغرب وصليت معه وكان من الموضع الذي فارقته إلى الموضع الذى لحقني ستة أميال. وفى الكشي ص 131: حدثنا محمد بن مسعود قال حدثني علي بن الحسن قال حدثني ابن أورمة عن عثمان بن عيسى عن اسماعيل بن جابر قال أصابني لقوة في وجهي فلما قدمنا المدينة دخلت على أبي عبدالله عليه السلام قال ما الذي أراه بوجهك؟ قال فقلت: فاسدة ريح. قال فقال لي: إئت قبر النبي صلى الله عليه وآله فصل عنده ركعتين ثم ضع يدك على وجهك ثم قل الحديث =

٣٩٩

____________________

= وفي آخره فما عاودت الا مرتين حتى رجع فما عاد إلى الساعة.واما ما رواه الكشي ص 113 عن محمد بن مسعود قال حدثني جبرئيل بن احمد عن محمد بن عيسى عن يونس عن أبي الصباح قال سمعت أبا عبدالله (ع) يقول يا ابا الصباح هلك المترئسون في أديانهم منهم زرارة وبريد ومحمد بن مسلم واسماعيل الجعفي وذكر آخر لم أحفظه ورواه ايضا في ص 131 وص 156. فهو قاصر سندا بجبرئيل بن أحمد فلم يوثق. ودلالة على القدح بما يمنع الاعتماد به والعمل بخبره فقد جعل فيه عدلا لمثل زرارة من أمناء ابي جعفر (ع) على حلال الله وحرامه كما رواه الكشي. والهلاك انما يكون ذما، اذا كان أخرويا لا أمرا دنيويا باعتبار ما خيف على زرارة ونظرائه من اعلام الشيعة ولذلك ورد في زرارة وأقرانه ذموما كثيرة حقنا لدمائهم، على ان الترئس وان استلزم حب الرئاسة الا انه لا ينافى الوثاقة في النقل والرواية كما هو ظاهر وذكرنا في الشرح على الكشي شواهد حمل ماورد في ذم هؤلاء على التقية هذا مضافا إلى إحتمال كون المراد باسماعيل الجعفي فيه: اسماعيل بن عبدالرحمن الجعفي الآتى فلاحظ. وقد وثق الشيخ اسماعيل بن جابر الخثعمي قائلا: ثقة ممدوح له اصول. ويأتي كلامه وقال في الخلاصة(8) إسماعيل بن جابر الجعفى الكوفى ثقة ممدوح، وما ورد فيه من الذم فقد بينا ضعفه في كتابنا الكبير وكان من اصحاب الباقر (ع) وحديثه اعتمد عليه. وقال ابن داود في رجاله(55) اسماعيل بن جابر (جخ) الخثعمي الكوفى ابومحدم القرشى ثقة ممدوح، له اصول قر، ق (جش): عوض الخثعمى: الجعفى.قلت: وروى عن اسماعيل بن جابر ابن قولويه في كامل الزيارات(78) وغيره ممن ظاهره ذكر رواية الثقات في كتابه وروى عنه صفوان وابن ابى عمير ممن تقدم في المقدمة: انه لا يروى الا عن الثقات

٤٠٠

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735

736

737

738

739

740

741

742

743

744

745

746

747

748

749

750

751

752

753

754

755

756

757

758

759

760

761

762

763

764

765

766

767

768

769

770

771

772

773

774

775

776

777

778