سيد المرسلين صلى الله عليه وآله الجزء ٢

سيد المرسلين صلى الله عليه وآله7%

سيد المرسلين صلى الله عليه وآله مؤلف:
تصنيف: الرسول الأعظم صلّى الله عليه وآله
الصفحات: 778

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 778 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 459102 / تحميل: 9709
الحجم الحجم الحجم
سيد المرسلين صلى الله عليه وآله

سيد المرسلين صلى الله عليه وآله الجزء ٢

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

صاحب شرطة « قيصر » إلى بيت المقدس ، فادخلهم على « قيصر » في مجلسه وحوله عظماء الروم.

فقال قيصر : أيّكم أقرب نسبا بهذا الرجل الذي يزعم أنه نبي؟.

فقال أبو سفيان : أنا أقربهم نسبا.

فقال قيصر : أدنوه منّي ، وقرّبوا أصحابه فاجعلوهم عند ظهره ، ثم قال لترجمانه : قل لهم : إني سائل هذا عن هذا الرجل ، فان كذّبني فكذّبوه.

ثم طرح قيصر على أبي سفيان الاسئلة التالية :

١ ـ كيف نسب محمّد فيكم؟

هو فينا ذو نسب.

٢ ـ فهل قال هذا القول منكم أحد قبله؟

لا.

٣ ـ فهل كان في آبائه من ملك؟

لا.

٤ ـ فأشراف الناس اتّبعوه أم ضعفاؤهم؟

بل ضعفاؤهم.

٥ ـ أيزيدون أم ينقصون؟

بل يزيدون.

٦ ـ فهل يرتدّ منهم أحد سخطة لدينه بعد أن يدخل فيه؟

لا.

٧ ـ فهل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟

لا.

٨ ـ فهل يغدر؟

لا.

٩ ـ فهل قاتلتموه؟

٣٦١

نعم.

١٠ ـ فكيف كان قتالكم ايّاه؟

الحرب بيننا وبينه سجال ، ينال منّا ، وننال منه.

١١ ـ فما ذا يأمركم؟

اعبدوا الله وحده ، ولا تشركوا به شيئا ، واتركوا ما يقول آباؤكم ، ويأمرنا بالصلاة والصدقة والعفاف والصلة ، ويأمرنا بالوفاء بالعهد وأداء الأمانة.

فقال قيصر للترجمان قل لأبي سفيان ومن معه : إن كان ما تقول حقا فسيملك موضع قدميّ هاتين فهذه صفة نبيّ ، وقد كنت اعلم أنه خارج لم اكن أظنّه منكم ، فلو أنّي أعلم أني أخلص إليه لتجشمت لقاه ، ولو كنت عنده لغسلت قدميه!!

فاعترض ابن أخي قيصر على كتاب رسول الله وقال لعمه : قد ابتدأ بنفسه وسمّاك صاحب الروم.

فقال قيصر : والله انك لضعيف الرأي. أترى أرمي بكتاب رجل يأتيه الناموس الاكبر ، وهو أحق أن يبدأ بنفسه ، ولقد صدق أنا صاحب الروم ، والله مالكي ، مالكه.

قال أبو سفيان : فلما فرغ من قراءة الكتاب ارتفعت الاصوات عنده ، وكثر اللغط ، فأمر بنا فاخرجنا قال : قلت لأصحابي حين خرجنا : لقد أمر أمر ابن أبي كبشة ، أنه ليخافه ملك بني الأصفر.

وروى أيضا أن أبا سفيان قال : لما سألني قيصر عن رسول الله جعلت ازهّد له شأنه ، واصغّر له أمره واقول له : أيها الملك ، ما يهمّك من أمره ، إن شأنه دون ما يبلغك ، وجعل قيصر لا يلتفت إلى ذلك ، ثم قال : أنبئني عما أسألك من شأنه(١) .

__________________

(١) بحار الأنوار : ج ٢٠ ص ٣٨٤ ـ ٣٨٦ ، تاريخ الطبري : ج ٢ ص ٢٩٠ و ٢٩١.

٣٦٢

أثر رسالة النبي إلى قيصر :

لم يكتف قيصر بالمعلومات التي حصلها من أبي سفيان حول رسول الاسلامصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بل كتب إلى أحد علماء الروم وأساقفتهم يسألهم عن هذا الأمر.

فأجابه ذلك الاسقف : هذا النبي الذي كنا ننتظره ، بشرنا به عيسى بن مريم.

فعمد قيصر إلى خطة ليجسّ بها نبض قومه ، ويختبرهم ويعرف ما اذا كانوا يرضون باسلامه أولا ، فجمع عظماءهم في صومعة له بحمص فقال : يا معشر الروم هل لكم في الفلاح والرشد ، وان يثبت لكم ملككم وتتبعون ما قال عيسى بن مريم.

فقالت الروم : وما ذاك أيها الملك؟

قال : تتبعون هذا النبي العربي.

فثاروا في وجهه ، ورفعوا الصليب ، فلما رأى منهم ذلك يئس من اسلامهم وخافهم على نفسه وملكه ، فسكنهم ثم قال : إنما قلت لكم ما قلت اختبركم لأنظر كيف صلابتكم في دينكم ، فقد رأيت منكم الذي احبّ. فسكنوا ورضوا عنه.

ثم أمر باكرام دحية ، وكتب جوابا على رسالة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأرسله مع دحية وارسل بهدية الى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (١) .

سفير النبيّ في البلاط الإيراني :

يوم توجّه سفير رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بكتابه إلى البلاط الإيراني

__________________

(١) الطبقات الكبرى : ج ١ ص ٢٥٩ ـ ٢٦٠ ، السيرة الحلبية : ج ٣ ص ٢٤٥ ـ ٢٤٦ ، الكامل في التاريخ ج ٢ ص ١٤٤ ، بحار الأنوار : ج ٢٠ ص ٣٧٩.

٣٦٣

كان الملك الذي يحكم هذه الأرض الواسعة هو « خسروا برويز » ثاني ملك بعد انوشيروان ، الذي جلس على العرش الملكي الإيراني مدة ٣٢ عاما قبل الهجرة النبوية المباركة.

وقد واجهت حكومة هذا الملك خلال مدة سلطانه أنواعا عديدة من الحوادث المرة والحلوة ، وكانت مكانة ايران في عهده تعاني من الاضطراب ، وعدم الاستقرار بشكل ملحوظ.

وقد امتدّ النفوذ الإيراني ذات يوم حتى شمل آسيا الصغرى ، وامتدّ الى مشارف القسطنطنية ، وأتى بصليب عيسى الذي كان أقدس شيء عند النصارى إلى طيسفون ( المدائن ) ، فطلب سلطان الروم الصلح وبعث سفيرا من قبله الى البلاط الإيراني لعقد معاهدة الصلح.

بيد أنّ سوء تدبير الملوك في تلك الدولة العظمى ، وانغماسهم في اللذة والمجون أكثر من المتعارف تسبب في أن تصبح ايران على حافة السقوط والانهيار في أواخر العهد الساساني ، فقد خرجت المستعمرات من تحت النفوذ الإيراني الواحدة تلو الاخرى ، واجتاح العدو الروميّ الاراضي الايرانية إلى الاعماق ، ووصل الأمر بخسروبرويز امبراطور ايران الى أن يهرب من وجه الروم الغزاة ، وقد أثار هذا الهروب الخانع وهذه الهزيمة المنكرة سخط الشعب يومذاك ، فقتل بيد ابنه « شيرويه ».

ويعزي محلّلوا التاريخ القديم تخلّف إيران وضياع قوتها إلى غرور قادتها وحكامها وميلهم الى البذخ والترف ، وبلهنية العيش ورغد الحياة ، والزينة واللذة. ولو كان ذلك الملك يتلقى رسالة السلام التي عرضها الاسلام بالصورة اللائقة لبقيت عظمة إيران على حالها في ظل هذا السلام دون أن يصيبها ما أصابها.

ولو أن رسالة رسول الاسلام لم تترك أثرا حسنا في نفس « خسروا برويز » يومذاك فان ذلك لم يكن لتقصير أو عيب في تلك الرسالة أو في سلوك حاملها

٣٦٤

الى البلاط الايراني ، بل كان لنفسيّة ذلك الحاكم المغرور ، المنحرفة ، وأنانيته الطاغية ، التي لم تسمح له بالتفكير بعض اللحظات في كتاب رسول الاسلامصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كما فعل « قيصر » ، أو غيره. بل لم يمهل المترجم حتى ينتهي من قراءة كتاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، إنما صاح به في تلك الاثناء ، وأخذ منه رسالة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومزّقها بوقاحة بالغة ، واسلوب بالغ في الجفاف ، وسوء الادب.

وإليك تفصيل الحادث :

في مطلع السنة الهجرية السابعة بعث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم احد فرسانه الشجعان وهو « عبد الله بن حذافة السهمي » ، الى ايران وكتب معه كتاب إلى « خسروا پرويز » ملك ايران يومذاك يدعوه فيه الى الاسلام وامره أن يدفع الكتاب الى كسرى نفسه وإليك نص هذه الرسالة :

« بسم الله الرّحمن الرّحيم من محمّد رسول الله إلى كسرى عظيم فارس. سلام على من اتبع الهدى وآمن بالله ورسوله ، واشهد أن لا إله الاّ الله وحده لا شريك له ، وأنّ محمّدا عبده ورسوله. أدعوك بدعاية الله ، فإني أنا رسول الله كافة لا نذر من كان حيّا ، ويحقّ القول على الكافرين أسلم تسلم ، فان أبيت فعليك اثم المجوس ».

فلما دخل سفير النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على « خسروا برويز » أمر بأن يؤخذ منه كتاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولكن عبد الله بن حذافة قال : لا حتى أدفعه إليك كما امرني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ثم دنا وسلّم الكتاب فدعى كسرى بمترجمه ليقرأ الكتاب ، فلما قرأه ، فاذا فيه : من محمّد رسول الله الى كسرى عظيم فارس أغضبه حين بدأ رسول الله بنفسه ، وصاح ، وأخذ الكتاب ، فمزّقه قبل أن يعلم ما فيه وقال : يكتب إليّ بهذا.

ثم أمر باخراج حامل الكتاب من قصره ، فاخرج عبد الله بن حذافة السلمي ، ولما رأى ذلك قعد على راحلته وسار حتى وصل إلى النبي صلّى الله

٣٦٥

عليه وآله ، فاخبره الخبر ، فغصب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من موقف كسرى فدعا عليه قائلا : اللهم مزّق ملكه(١) .

نظرية اليعقوبي :

ويختلف ابن واضح الاخباري المعروف باليعقوبي في تاريخه ـ مع عامة المؤرخين ـ : قرأ كتاب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثم كتب كتابا إليه جعله بين سرقتي حرير وجعل فيهما مسكا ، فلما دفعه الرسول إلى النبي فتحه فاخذ قبضة من المسك فشمّه ، وناوله أصحابه ، وقال : لا حاجة لنا في هذا الحرير ، ليس من لباسنا ، وقال : لتدخلنّ في أمري أو لآتينّك بنفسي ومن معي ، وأمر الله اسرع من ذلك.(٢)

ولكن هذا رأي ينفرد به اليعقوبي ولا يوافقه عليه أحد من أرباب السير إلاّ احمد بن حنبل الذي يقول : أهدى كسرى لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقبل منه(٣) .

أوامر « خسرو » إلى واليه على اليمن :

تقع أرض اليمن الخصبة في جنوب مكة ، وكان ملوكها وحكامها ولاة منصوبين من قبل البلاط الايراني بأجمعهم ، وكان الذي يحكم اليمن يوم مراسلة النبي لقادة العالم وملوكه رجل يدعى « باذان » فكتب طاغية ايران المغرور « خسرو » بعد أن مزّق رسالة النبيّ إلى عامله باليمن ( باذان ) :

بلغني أن في أرضك رجلا يتنبّأ فاستتبه ، فان تاب والاّ فابعث به إليّ.

فبعث « باذان » رجلين من فرسانه يدعى أحدهما : « فيروز » والآخر « خرخسره » وكتب معهما كتابا إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يأمره فيه أن

__________________

(١) الطبقات الكبرى : ج ١ ص ٢٦٠.

(٢) تاريخ اليعقوبي : ج ١ ص ٦٦.

(٣) مسند احمد بن حنبل : ج ١ ص ٩٦.

٣٦٦

ينصرف معهما إلى كسرى أو أن يجبراه على الرجوع الى دين آبائه وان أبى قتلوه وأرسلوا برأسه الى الملك حسب رواية ابن حجر في الاصابة.

إن رسالة كسرى إلى « باذان » يكشف عن جهل هذا الحاكم ، وعدم معرفته بما كان يجري في بلاده ومستعمراته ، فقد بلغ من جهله أنه لم يكن يعلم أن هذا الرجل الذي يدّعي النبوة(١) قد مضى على ادعائه النبوة أكثر من ١٩ عاما.

ثم إن الذي ادعى النبوة في منطقة نائية ، وانتشر دينه ، وأصبح من القوة والشوكة بحيث يجرأ على مراسلة الامبراطور ، ودعوته إلى دينه لا يمكن أخذه واحضاره إلى اليمن بواسطة رجلين. وأن الأمر ـ بالتالي ـ لن يتم بمثل هذه السهولة ، والبساطة ، التي تصورها.

وعلى كل حال لما قدم مبعوثا « باذان » المدينة ودخلا على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قدّما رسالة « باذان » إليهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقالا : لقد بعثنا « باذان » إليك لتنطلق معنا ، فان فعلت كتب فيك إلى ملك الملوك بكتاب ينفعك ، ويكف عنك به ، وإن أبيت فهو من قد علمت ، فهو مهلكك ومهلك قومك ومخرب بلادك.

وكانا قد دخلا على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقد حلقا لحاهما وأطلقا شواربهما ، فاستمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى كلامهما ، وقبل أن يجيب على مطلبهما دعاهما إلى الاسلام ، وقد كره النظر إليهما لما كانا عليه من الهيئة فقال لهما : من أمركما بهذا؟! قالا : أمرنا بهذا ربّنا ( يعنيان كسرى ) فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

« لكنّ ربّي أمرني بإعفاء لحيتي وقصّ شاربي »(٢) .

فأرعبتهما هيبة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وجلال محضره ، بحيث أخذا

__________________

(١) حسب تعبير كسرى.

(٢) الكامل في التاريخ : ج ٢ ص ١٤٦.

٣٦٧

يرتجفان عند ما عرض رسول الله الاسلام عليهما.

ثم قال لهما رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

« ارجعا حتّى تأتياني غدا ».

وفي هذه الاثناء أتى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الخبر من السماء أن الله عزّ وجلّ قد سلّط على كسرى ابنه شيرويه ، فقتله في شهر كذا وكذا وكذا لكذا ، وكذا من الليل.

فلما حضر الرجلان ( مبعوثا باذان ) عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من غد قال لهما رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

« إنّ ربّي قد قتل ربّكما ليلة كذا وكذا من شهر كذا وكذا. بعد ما مضي من الليل كذا وكذا سلّط عليه شيرويه فقتله »(١)

وكانت الليلة التي ذكرها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هي ليلة الثلاثاء العاشر من شهر جمادى الاولى سنة سبع من الهجرة.

فاستغرب الرجلان لخبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقال : هل تدري ما تقول؟ إنا قد نقمنا منك ما هو أيسر من هذا. فنكتب بها عنك ونخبر الملك ( أي باذان ).

فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

« نعم أخبراه ذلك عنّي وقولا له : إن ديني وسلطاني سيبلغ ما بلغ ملك كسرى ، وينتهي إلى منتهى الخفّ والحافر ، وقولا له : إن أسلمت اعطيتك ما تحت يديك ، وملكتك على قومك ».

ثم أعطى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لخرخسرة منطقة ( أي حراما ) فيها ذهب وفضة كان أهداها له بعض الملوك ، فخرجا من عنده حتى قدما على باذان باليمن واخبراه الخبر.

__________________

(١) الطبقات الكبرى : ج ١ ص ٢٦٠ ، بحار الأنوار : ج ٢٠ ص ٣٨٢.

٣٦٨

فقال باذان : والله ما هذا بكلام ملك وإني لأرى الرجل نبيا كما يقول ، ولننظر ما قد قال ، فلئن كان ما قد قال حقا فانه لا ريب نبي مرسل ، وإن لم يكن فسنرى فيه رأينا.

فلم يلبث أن قدم عليه كتاب شيرويه : أما بعد فاني قد قتلت كسرى ولم اقتله الاّ غضبا لفارس ، لما كان استحل من قتل أشرافهم ، فاذا جاءك كتابي هذا فخذ لي الطاعة ممن قبلك ، وانظر الرجل الذي كان كسرى كتب إليك فيه فلا تهجه حتى يأتيك أمري فيه.

وقد تسبّب كتاب « شيرويه » هذا في أن يعتنق « باذان » الاسلام هو وجميع رجال دولته وكانوا من الفرس ، وكتب إلى رسول الاسلامصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يخبره بإسلامه واسلام أعضاء حكومته(١) .

سفير النبيّ في أرض مصر :

تعتبر « مصر » مهد الحضارات والمدنيات العريقة ، ومركز سلطان الفراعنة ، وموضع سيادة الاقباط.

ويوم أشرقت شمس الاسلام على أرض الحجاز كانت « مصر » قد فقدت استقلالها ، وقوتها ، وكان المقوقس قد فوض إليه حكم « مصر » من قبل قيصر الروم لقاء ١٩ مليون دينار يدفعها الى قيصر.

وكان « حاطب بن أبي بلتعة » ـ وكان فارسا بارعا وله قصة في تاريخ الاسلام سيأتي ذكرها في حوادث السنة الثامنة ـ احد الستة الذين كلّفوا بابلاغ كتب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى الملوك والرؤساء يومذاك وقد أمره رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بايصال كتابه إلى المقوقس حاكم « مصر ».

وإليك نص كتاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى المقوقس :

__________________

(١) بحار الأنوار : ج ٢٠ ص ٣٩١.

٣٦٩

« بسم الله الرحمن الرحيم من محمّد بن عبد الله إلى المقوقس عظيم القبط ، سلام على من اتبع الهدى.

أما بعد فإني أدعوك بدعاية الاسلام ، أسلم تسلم ، وأسلم يؤتك الله أجرك مرّتين ، فإن تولّيت فإنّما عليك إثم القبط « ويا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد الاّ الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنّا مسلمون »(١) .

فخرج « حاطب » بكتاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتى قدم « مصر » ، وأراد الدخول على حاكمها ، « المقوقس » علم بأنه يسكن في أحد قصوره الشامخة على ضفاف النهر ، في الإسكندرية ، فركب زورقا ، نقله إلى قصر « المقوقس ».

فلما وصل « حاطب » إلى قصر « المقوقس » أكرمه وأخذ كتاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقرأه ، وفكّر في مضمونه بعض الوقت ، ثم قال لسفير النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ما منعه إن كان نبيّا أن يدعو على من خالفه ( أي من قومه ) وأخرجوه من بلده إلى غيرها أن يسلّط عليهم.

فقال حاطب وكان حكيما فهيما : ألست تشهد أن عيسى بن مريم رسول الله؟ فماله حيث أخذه قومه فأرادوا أن يقتلوه أن لا يكون دعا عليهم أن يهلكهم الله تعالى حتى رفعه الله إليه؟

فأعجب المقوقس ـ الذي لم يكن يتوقع أن يجابه بهذا المنطق القوى المفحم ـ برد حاطب وقال له : أحسنت ، أنت حكيم جاء من عند حكيم(٢) .

فتجرأ حاطب لما رأى هذا الموقف الخاضع من ملك مصر وقال : إنه كان قبلك رجل يزعم أنه الرب الأعلى ( يعني فرعون ) فأخذه الله نكال الآخرة

__________________

(١) السيرة الحلبية : ج ٣ ص ٢٤٩ ، الدر المنثور : ج ١ ص ٤٠ ، أعيان الشيعة : ج ١ ص ٢٤٤.

(٢) اسد الغابة : ج ١ ص ٣٦٢.

٣٧٠

والاونى ، فانتقم به ، ثمّ انتقم منه فاعتبر بغيرك ، ولا يعتبر غيرك بك ، ان هذا النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دعا الناس فكان أشدّهم عليه قريش ، وأعداهم له اليهود ، وأقربهم منه النصارى ولعمري ما بشارة موسى بعيسى عليهما الصلاة والسلام إلاّ كبشارة عيسى بمحمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وما دعاؤنا إياك إلى القرآن إلاّ كدعائك أهل التوراة إلى الانجيل ، وكل نبي أدرك قوما فهم امّته ، فالحق عليهم أن يطيعوه ، فانت ممّن أدرك هذا النبيّ ، ولسنا ننهاك عن دين المسيحعليه‌السلام ولكنا نأمرك به.

وهو يقصد بكلامه الأخير أن الاسلام هو الصورة الاكمل لدين المسيح.

انتهى الحوار بين حاطب سفير النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والمقوقس حاكم مصر إلاّ أن المقوقس لم يعطه جوابا قاطعا في ذلك المجلس ، فكان على حاطب أن يلبث في مصر مدة حتى يتلقى جواب كتاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (١) .

ثم طلب المقوقس حاطبا ذات يوم وانفرد به في قصره ، وسأله عن ما جاء به رسول الله وإلى مَ يدعو؟ فقال له حاطب : إلى أن نعبد الله وحده ، ويأمر بالصلاة ، خمس صلوات في اليوم والليلة ويأمر بصيام رمضان ، وحج البيت ، والوفاء بالعهد ، وينهى عن أكل الميتة والدم و و ...

فقال له المقوقس : صفه لي.

قال حاطب : فوصفت فأوجزت.

فقال المقوقس : مصدّقا ما ذكره حاطب من أوصاف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : هذه صفته ، وكنت أعلم أن نبيّا قد بقي ، وكنت اظن أن مخرجه بالشام وهناك كانت تخرج الأنبياء من قبله ، فأراه قد خرج في أرض العرب ، في أرض جهد وبؤس ، والقبط لا تطاوعني في اتّباعه ، وسيظهر على البلاد ، وينزل أصحابه من بعد بساحتنا هذه ، حتى يظهروا على ما هاهنا.

__________________

(١) السيرة الحلبية : ج ٣ ص ٢٥٠.

٣٧١

ثم طلب المقوقس من حاطب أن يكتم أمر هذا الحوار الذي دار بينه وبين حاطب عن قومه قائلا : وأنا لا أذكر للقبط من هذا حرفا واحدا ، ولا أحب أن يعلم بمحادثتي ( أو بمحاورتي ) إياك(١) .

ثم إنه اكرم حاطبا مدة اقامته بمصر إكراما بالغا ، وأحسن قراه ، وضيافته(٢) .

المقوقس يكتب كتابا الى النبيّ :

ثم إنّ حاكم « مصر » المقوقس دعا كاتبه العربيّ ، وأمره أن يكتب كتابا إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هذا نصه :

بسم الله الرحمن الرحيم. لمحمّد بن عبد الله من المقوقس عظيم القبط ، سلام عليك ، أما بعد فقد قرأت كتابك ، وفهمت ما ذكرت فيه ، وما تدعو إليه ، وقد علمت أن نبيا قد بقي ، وقد كنت أظن أنه يخرج بالشام وقد أكرمت رسولك ، وبعثت إليك بجاريتين لهما مكان في القبط عظيم ، وبثياب ، وأهديت إليك بغلة لتركبها والسلام عليك(٣) .

إن الاحترام الذي أبداه « المقوقس » في رسالته المذكورة ، وتقديم اسم النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على اسمه وكذا هداياه التي بعثها إلى رسول الاسلامصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وتكريم سفير النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كلها تحكي عن أنّ المقوقس قبل دعوة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في سرّه ولكن حبّه في البقاء في السلطة منعه من التظاهر بايمانه وإسلامه ، ومن الانقياد العمليّ والعلني للاسلام.

خرج « حاطب » بصحبة جماعة من الحرس المحافظين وهو يحمل الهدايا التي بعثها المقوقس من عند المقوقس ولما وصل الى الشام أذن للمحافظين بالانصراف ثم واصل هو سفره ضمن قافلة إلى المدينة ، ولما قدم المدينة على رسول الله صلّى

__________________

(١) سيرة زيني دحلان : ج ٣ ص ٧١.

(٢) الطبقات الكبرى : ج ١ ص ٢٦٠.

(٣) الطبقات الكبرى : ج ١ ص ٢٦٠.

٣٧٢

الله عليه وآله سلّم إليه كتاب المقوقس وهداياه قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

« ضنّ بملكه ، ولا بقاء لملكه »(١) .

المغيرة بن شعبة في البلاط المصري :

توجه المغيرة بن شعبة الذي كان معروفا بحكمه وعقله ودهائه ، والذي اصبح في ما بعد من رجال السياسة العرب ودهاتها المعروفين.

توجّه في جمع من قبيلة ثقيف إلى البلاط المصري ، فسألهم كبير المصريين ( المقوقس ) :

كيف خلصتم إليّ ، وبيني وبينكم محمّد وأصحابه.

فقال : لصقنا بالبحر.

قال : فكيف صنعتم فيما دعاكم إليه؟

قالوا : ما تبعه منّا رجل واحد.

قال : فكيف صنع قومه؟

قالوا : تبعه أحداثهم ، وقد لاقاه من خالفه في مواطن كثيرة.

قال : فالى ما ذا يدعو؟

قالوا : إلى أن نعبد الله وحده ، ونخلع ما كان يعبد آباؤنا ، ويدعو إلى الصلاة ، والزكاة ، ويأمر بصلة الرحم ، ووفاء العهد ، وتحريم الزنا ، والربا ، والخمر.

فقاطعهم المقوقس قائلا : هذا نبي مرسل إلى الناس كافة ، ولو أصاب القبط ، والروم لا تبعوه ، وقد أمرهم بذلك عيسى ، وهذا الذي تصفون منه نعت الأنبياء من قبله ، وستكون له العاقبة حتى لا ينازعه أحد ، ويظهر دينه إلى منتهى الخفّ والحافر.

__________________

(١) الطبقات الكبرى : ج ١ ص ٢٦٠ وغيره.

٣٧٣

فاستاء رجال ثقيف من هذا الكلام وقالوا بكل صلافة ووقاحة : لو دخل الناس كلّهم معه ما دخلنا معه.

فهزّ المقوقس رأسه ساخرا بهم وقال : أنتم في اللعب(١) . بيد ان هذه الرواية لا توافق بقية المصادر التاريخية لان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كاتب ملوك العالم وقادته في السنة السابعة من الهجرة ، على حين كان المغيرة في معركة الخندق قد آمن ، وكان في الحديبية في صفوف المسلمين ، حتى أنه كان بينه وبين مندوب قريش المفاوض عروة بن مسعود الثقفي مشاجرة مر ذكرها عند استعراض قصة الصلح.

وعلى فرض صحة هذه الرواية لا بد من القول بأن المغيرة لم يكن في وفد ثقيف.

وفي الختام ينبغي أن نلفت نظر القارئ الكريم إلى أن الواقدي نقل نص رسالة النبي إلى عظيم القبط بصورة اخرى.

ولكن أسلوب الرسالة وعباراتها تدل على أن هذه الصورة لا أساس لها من الصحة ، لانها تتضمن تهديدا من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعظيم القبط بالحرب والغزو اذ جاء فيه : « وأمرني ( أي الله ) بالإعذار والانذار ، ومقاتلة الكفار حتى يدينوا بديني »(٢) .

وممّا لا شك فيه أن هذا غير صحيح لأن امكانيات المسلمين في ذلك اليوم لم تكن لتسمح لهم بمقاتلة المكيين فكيف يغزو « مصر » وهي منطقة نائية جدا.

هذا مضافا إلى أن صدور مثل هذا الكلام عن النبي في أول دعوة له إلى الاسلام لا يتلاءم ونفسية وخلق ذلك الرجل العظيم الذي كان يقدّر الظروف آنذاك أفضل من غيره.

__________________

(١) السيرة الدحلانية : ج ٣ ص ٧٠.

(٢) فتوح الشام : ج ٢ ص ٢٣.

٣٧٤

سفير النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في أرض الذكريات « الحبشة » :

تقع « الحبشة » في آخر إفريقيا الشرقية وتبلغ مساحتها ١٨٠٠ كيلومترا مربعا ، وعاصمتها اليوم : أديس أبابا.

ولقد تعرّف الشرقيون على هذه الأرض قبل ظهور الاسلام بقرن ، وذلك على أثر هجوم الجيش الايراني الذي تمّ في عهد حكومة الملك الفارسي « انوشيروان » ، وبلغ هذا التعرّف والتردد ذروته في هجرة المسلمين من مكة إلى الحبشة ( الهجرة الأولى والهجرة الثانية ).

ويوم قرر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يبعث ستة من خيرة رجاله الشجعان إلى نقاط مختلفة ، ونائية من العالم لإبلاغ نداء رسالته العالميّة كلّف : « عمرو بن اميّة الضميري » بأن يأخذ كتابه إلى الحبشة ، ويسلّمه إلى النجاشيّ ملكها العادل الطيب.

على أن الكتاب الذي ستقرأ نصّه قريبا ليس هو الكتاب الوحيد الذي بعثه رسول الاسلامصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى النجاشي ، بل سبق أن كتبصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إليه قبل هذا يوصيه بالمهاجرين المسلمين ، ويطلب منه فيه أن يلطف بهم ، ويرعاهم ، ولا يزال نصّ هذين الكتابين موجودا في المصادر التاريخية الاسلامية(١) .

وربما حصل اشتباه بين هذين الكتابين ( الرسالة التي بعثها النبي لابلاغ دعوته العالمية ، والرسالة التي أوصى فيها النجاشي بالمهاجرين ) فخلط بعض المؤرخين بين عبارتيهما.

ويوم قدم سفير النبي بكتاب الدعوة إلى الاسلام ، الحبشة على النجاشي كان بعض المهاجرين المسلمين لا يزالون في أرض الحبشة ، يعيشون في كنف

__________________

(١) تاريخ الطبري : ج ٢ ص ٢٩٤.

٣٧٥

النجاشي وحمايته ، بينما عاد بعضهم من قبل إلى المدينة ، وهم يحملون أجمل الذكريات والخواطر عن عدل حاكمها الطيب « النجاشي » ، ولطفه ، وحسن وفادته.

من هنا كانت أرض الحبشة في نظر المسلمين تعتبر أرض الذكريات الجميلة والخواطر الحلوة ، وكانوا يمدحون حاكمها ويصفونهم بالعدل والاستقامة. ولو اننا لا حظنا في كتاب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إليه نوعا من اللطف ، واللين في القول فان ذلك مردّه إلى معرفة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بنفسية النجاشي وخلقه وحسن موقفه.

فانك لا تجد لتهديدات رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في كتبه ورسائله الاخرى إلى الملوك والزعماء ، بالعقاب الالهي إن رفضوا القبول بدعوته ، وحمّلهم مسئولية شعوبهم في عبارات صريحة وقاطعة ، أيّ أثر في هذا الكتاب.

فقد كتب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى النجاشي ما يلي :

« بسم الله الرّحمن الرّحيم. من محمّد رسول الله إلى النجاشي ملك الحبشة. سلام عليك ، أحمد الله الذي لا إله إلاّ هو الملك القدّوس السلام المؤمن المهيمن ، وأشهد أن عيسى بن مريم روح الله وكلمته ألقاها إلى مريم البتول الطيّبة الحصينة فحملت بعيسى ، حملته من روحه ، ونفخه ، كما خلق آدم بيده ، وإني أدعوك إلى الله وحده لا شريك له والموالاة على طاعته ، وأن تتبعني وتوقن بالذي جاءني ، فإني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وإنّي أدعوك وجنودك وقد بلّغت ونصحت فاقبلوا نصيحتي والسلام على من اتبع الهدى »(١) .

لقد بدأ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كتابه بالتسليم على حاكم الحبشة وأرسل إليه بتحياته الشخصية ، ولكنه لم يفعل هذا في كتاب غيره ، فلم يرسل بتحياته الشخصية الى « كسرى » و « قيصر » و « المقوقس » حكّام إيران والروم

__________________

(١) السيرة الحلبية : ج ٣ ص ٢٤٨ ، إعلام الورى : ص ٤٥ و ٤٦.

٣٧٦

ومصر ، بل بدأ كتبه إليهم بالسلام العام حيث قال : « السلام على من اتبع الهدى ».

ولكنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سلّم في كتابه هذا ، على النجاشي نفسه ، وقال : « السلام عليك » ، وبهذا خصّه دون غيره من الزعماء والملوك باحترام وتكريم خاصّين.

ولقد أشارصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في هذا الكتاب الى جملة من صفات الله البارزة التي تدلّ جميعها على تنزهه سبحانه ، وعظمته وجلاله.

ثم أشار إلى مسألة ألوهية المسيح ( التي هي من ولائد التفكير الكنسي المنحطّ ) وردّ على ذلك باستدلال قويّ خاصّ مستلهم من القرآن الكريم. حيث قايس ولادة المسيحعليه‌السلام بخلقة آدم ، وأثبت ان ولادة شخص من دون أب لو كان دليلا على ألوهيّته ، أو كونه ابنا لله ، لصحّ ذلك في حق آدم ، الذي خلق من غير أب ولا أمّ ، ولكن لا يرى أحد فيه مثل هذا الرأي.

ثم ختمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كتابه هذا باخراج دعوته في لباس النصح والموعظة ، تجنبا من إظهار نفسه بمظهر الآمر.

محاورة سفير النبيّ وحاكم الحبشة :

لما مثل سفير النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أمام النجاشيّ قال للنجاشي :

يا أصحمة إنّ عليّ القول ، وعليك الاستماع ، إنّك كأنّك في الرقّة علينا منا ، وكأنّا في الثقة بك منك لأنا لم نظن بك خيرا قط إلاّ نلناه ، ولم نحفظك على شرّ قطّ إلاّ أمنّاه ، وقد أخذنا الحجة عليك من قبل آدم ، والانجيل بيننا وبينك شاهد لا يردّ ، وقاض لا يجور ، وفي ذلك موقع الخير ، واصابة الفضل ، وإلاّ فأنت في هذا النبي الامّي كاليهود في عيسى بن مريم ، وقد فرّق رسله إلى الناس فرجاك لما لم يرجهم له ، وأمنك على ما خافهم عليه لخير سالف ، وأجر ينتظر.

فقال النجاشي : أشهد بالله أنه للنبي الذي ينتظره أهل الكتاب ، وإنّ

٣٧٧

بشارة موسى براكب الحمار ، كبشارة عيسى براكب الجمل ، وانه ليس الخبر كالعيان ، ولكنّ أعواني من الحبشة قليل ، فانظرني حتى أكثر الأعوان ، وأليّن القلوب ولو استطيع أن آتيه لأتيته(١) .

رسالة النجاشي إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

ثم كتب كتابا إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هذا نصه :

« بسم الله الرّحمن الرّحيم ؛ إلى محمّد رسول الله من النجاشي ، سلام عليك يا نبي الله ورحمة الله وبركاته ، الذي لا إله إلاّ هو ، الذي هداني إلى الإسلام.

أما بعد ، فقد بلغني كتابك يا رسول الله فيما ذكرت من أمر عيسى ، فو ربّ السماء والأرض إن عيسى ما يزيد على ما ذكرت ثفروقا(٢) إنه كما قلت وقد عرفنا ما بعثت به إلينا ، وقد قرّبنا ابن عمك وأصحابك ، وأشهد أنّك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقد بايعتك وبايعت ابن عمك وأسلمت على يديه لله ربّ العالمين ، وقد بعثت إليك يا نبيّ الله فان شئت أن آتيك لفعلت يا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فإنّي أشهد أنّ ما تقول حق والسلام عليك ورحمة الله وبركاته »(٣)

ثم إن النجاشي بعث بهدايا خاصّة إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وكتب إليه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعد ذلك كتابين آخرين أيضا ، وكان في كلّ مرة يحترم كتاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويقبّله ويضعه على عينيه.

تقييم سريع لمراسلة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قادة العالم :

ربما تصوّر بعض العارفين بأحوال الساسة في ذلك اليوم أن دعوة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لحكّام وشعوب العالم يومذاك كان أمرا خارج المألوف وعملا

__________________

(١) السيرة الحلبية : ج ٣ ص ٢٤٨ ، الطبقات الكبرى : ج ١ ص ٢٥٩.

(٢) الثفروق : الاقماع التي تلزق بالبسر.

(٣) تاريخ الطبري : ج ٢ ص ٢٩٤ ، بحار الأنوار : ج ٢٠ ص ٣٩٢.

٣٧٨

غير متعارف ، ولكنّ مضيّ الزمان أثبت أنّ ذلك العمل كان من وظائف النبيّ ومهامّه الاساسية.

أولا : ان إرسال ستة سفراء في يوم واحد إلى أنحاء العالم ، محمّلين برسائل قوية مبرهنة أغلق كل باب للشكّ في وجه المخالفين في المستقبل ، فلا مجال لأن يشك أحد هذا اليوم وهو يرى هذا العمل العظيم في عالميّة الرسالة المحمّدية ، فمضافا إلى الآيات الواردة في هذا الصعيد يعدّ إرسال السفراء بنفسه دليلا قاطعا وكبيرا على عالمية الرسالة الاسلامية.

ثانيا : لقد تأثّر جميع الزعماء والملوك والقادة الذين راسلهم النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما عدا « خسروا برويز » ملك إيران الذي كان طاغية مستبدا متكبرا ، برسائل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ودعوته ، وأكرموا سفراءه.

كما أن قضية ظهور النبيّ العربي قد أصبح حديث الاوساط والمحافل الدينية بسبب هذا العمل.

لقد أيقظت هذه الرسائل والكتب بمحتوياتها ومضامينها القوية المبرهنة العقول الغافية ، وهزّت الغافلين بشدّة ، وأثارت مشاعر الشعوب العالميّة المتحضرة ، ودفعتهم إلى البحث والتحقيق حول من بشّر به التوراة والانجيل ، كما تسبب في أن يجري العلماء والاساقفة والقساوسة غير المغرضين باتصالات بمن ينتسب إلى هذا الدين ، ويقيموا ارتباطا مع هذه العقيدة بشكل وآخر.

ومن هنا ولأجل هذا تسابقت أفواج وفرق كبيرة من رجال الدين من الشرائع الدينية المختلفة التي كانت سائدة آنذاك في الايام الاخيرة لحياة رسول الإسلامصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبعدها إلى القدوم على المدينة لدراسة أوضاع الدين الجديد ، والتعرف على ماهيته ومنطقه.

ولقد شرحنا في الفصول الماضية وبشكل مفصّل نوع ومدى التأثير الذي تركته رسائل النبي وسفراؤه في نفوس حكّام الرّوم ومصر والحبشة ، وها نحن نواصل بيان بقية التأثيرات التي تركتها مراسلة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لحاكم

٣٧٩

الحبشة العادل ، وملكها البار : اصحمة النجاشي.

فقد عمد النجاشيّ بعد تقديم الهدايا إلى سفير النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، إلى ارسال ثلاثين رجلا من القساوسة والاساقفة الاحباش إلى أرض المدينة للتحقيق في أمر الإسلام ، ونبوة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وليروا من كثب حياته الزاهدة البسيطة ، ولا يتصوروا أنه يعيش كما كان يعيش الملوك والجبابرة في ذلك العصر.

ولما قدم مبعوثو النجاشي المدينة على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سألوه عن نظريته حول السيّد المسيحعليه‌السلام فبيّن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عقيدته حول ذلك النبيّ العظيم بقراءة الآية التالية :

«إِذْ قالَ اللهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلى والِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيها فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرائِيلَ عَنْكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ : إِنْ هذا إِلاَّ سِحْرٌ مُبِينٌ »(١) .

وقد كان لهذه الآيات أثر عجيب في نفوس اولئك القساوسة والأساقفة حتى أنهم بكوا عند سماعها من دون اختيار.

وبعد التحقيق الدقيق في دعوة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عاد هذا الفريق من علماء الدين المسيحي إلى الحبشة ، وأخبروا النجاشيّ بما سمعوه وشاهدوه ، فبكى هو أيضا لما سمع من اولئك الرجال(٢) .

وقد نقل ابن الاثير في « الكامل » و « اسد الغابة » قصة هذا الوفد بصورة اخرى إذ كتب بعد ذكر ما مرّ من رسالة النجاشي باضافة قوله : « وبعثت

__________________

(١) المائدة : ١١٠.

(٢) اعلام الورى : ص ٤٦.

٣٨٠

60 - اسماعيل القصير بن إبراهيم بز

كوفي. ثقة(1)

____________________

(1) وفي نسخة (بزة) وفي اصحاب الصادق (ع) ص 147 / 96: اسماعيل بن ابراهيم بن بزة القصير الكوفي. ونحوه في لسان الميزان ج 1 / 392 وقال: روى عن جعفر الصادق (ع) روى عنه علي بن ابن الحسن. وله مسند كثير الفوائد قاله النجاشي.قلت: لم احضر له رواية عن ابي عبدالله (ع) بل روى عن الرجال عنه (ع) فروى عن الحكم بن عتيبة عنه (ع) كما في اصول الكافي ج 2 / 444. وعن ابن بكير عنه (ع) كما في زيادات صوم التهذيب ج 4 / 322 / 989 والكافي ج 1 / 192. وعمن ذكره عن ابي حمزة الثمالي عن علي بن الحسين (ع) كما في أول مكاسب التهذيب ج 6 / 321 والكافى ج 1 / 350. نعم الطبقة تقتضي كونه من اصحابه (ع) فقد روى عنه محمد بن ابي عمير، ومحمد بن خالد البرقي واسماعيل بن مهران. ثم إن ظاهر سقوط (له كتاب) بعد قوله (ثقة) الا ان النسخ خالية عنه بل في حاشية نسخة الخزاعي التصريح بخلو النسخ المنقولة عنه ايضا.

٣٨١

حدثنا حميد قال حدثنا عبيدالله بن أحمد بن نهيك قال حدثنا علي ابن الحسن قال حدثنا اسماعيل به(1)

____________________

(1) موثق بحميد وعلي بن الحسن الطاطري الواقفيين الثقتين على كلام في احمد بن جعفر شيخ التلعكبري والحسين شيخ الماتن ولا يبعد سقوط (قال حدثنا محمد بن ابي عمير) عن نسخ المتن بقرينة رواية ابن أبي عمير عن اسماعيل بن ابراهيم في اصول الكافي ج 2 / 444 ورواية علي بن الحسن الطاطري عن ابن ابي عمير كثيرا. وفى الفهرست ص 14: اسماعيل القصير.له كتاب، اخبرنا به عدة من أصحابنا عن هارون بن موسى التلعكبري عن ابن عقدة عن احمد بن عمر بن كيسبة عن الطاطري عن محمد بن زياد عنه.قلت: طريقه ضعيف بأحمد بن عمر المجهول حاله، نعم روى كتب كثير من أصحابنا وأصولهم ذكره النجاشي والشيخ في الفهرست وكناه في الفهرست بابي الملك ولقبه بالنهدى كما في ترجمة علي بن الحسن الطاطري ص 92 روى عن الطاطري ومحمد بن بكر بن جناح وغيرهما وروى عنه ابن عقدة كثيرا وعلي بن محمد بن الزبير القرشي ومحمد بن عبدالله بن غالب وغيرهم.

٣٨٢

61 - اسماعيل بن همام بن عبدالرحمن بن أبي عبدالله - ميمون البصري

مولى كندة(1) وإسماعيل يكنى ابا همام(2) روى اسماعيل عن(3) الرضا عليه السلام(4) .

____________________

(1) كونه مولى كندة صريح الشيخ في اصحاب الرضا (ع) وروى في التهذيب ج 9 ص 209 في الوصية المبهمة عن اسماعيل بن همام الكندي عنه (ع) وايضا عن ابي همام. ولكن في اصحاب الصادق (ع) من رجال البرقي ص 24 عبدالرحمن بن ابي عبدالله من اهل البصرة عربي من كندة.وفى رجال الشيخ ص 230 / 127: مولى بني شيبان وأصله كوفي. وفى الكشي ص 200: وابوعبدالله رجل من أهل البصرة وروى الصدوق في باب إنقضاء مشي الماشي في الحج من الفقيه ص 252 باسناده عن الحسين بن سعيد عن اسماعيل بن همام المكي عن ابي الحسن الرضا (ع).

(2) كما صرح به البرقي والشيخ وفيما رواه الصدوق في الوصية بالعتق ص 531 وفي التهذيب ج 3 / 328 وغيره.

(3) وعده البرقي في اصحاب الكاظم (ع) ص 51 قال: ابوهمام وهو اسماعيل بن همام. وروى الشيخ في الاستبصار ج 1 / 143 في الصحيح عن يعقوب عن أبي همام عن ابي الحسن الاول عليه السلام في الحائض الحديث. ورواه في التهذيب ايضا ج 1 / 398 / 1241 وقد ذكرناه في طبقات اصحابه (ع).

(4) وعده الشيخ ايضا في أصحابه ص 368 / قائلا: اسماعيل ابن همام مولى لكندة وهو ابوهمام. وروى عنه كثيرا روى جماعة من اجلة اصحابنا عنه (ع) مثل يعقوب بن يزيد واحمد بن محمد بن عيسى وعلي بن مهزيار واحمد بن علي ومحمد بن عيسى وغيرهم ذكرناهم في الطبقات. وروى ابوهمام اسماعيل بن همام عن محمد بن سعيد بن غزوان كما في التهذيب ج 3 / 328 وغيره وعن الحسن بن زياد وغيرهما.تنبيه: ذكر في جامع الرواة رواية التلعكبري عن اسماعيل بن همام هذا عن مواضع من الفهرست.وليس كذلك فلا تصح رواية التلعكبري المتوفى(385) عن مثله ممن كان من اصحابي الكاظم والرضا عليهما السلام بل المراد به محمد بن ابي بكر همام بن سهيل الاسكافي من مشايخ التلعكبري المتوفى سنة 336 كما يأتي في ترجمته(1034).

٣٨٣

ثقة هو(1) وأبوه(2) وجده(3) .

____________________

(1) ويؤمى إلى ذلك رواية أجلة اصحابنا وثقاتهم عنه.

(2) وعلى توثيق الماتن له عول من تأخر.

(3) قال ابوعمرو الكشي ص 200: سألت محمد بن مسعود عن عبدالرحمن بن ابي عبدالله، فذكر عن علي بن الحسن بن فضال: انه عبدالرحمن بن ميمون الذي في الحديث. وابوعبدلله رجل من اهل البصرة. اسمه ميمون. وعبدالرحمن هو ختن الفضيل بن يسار وذكره البرقي في اصحاب الصادق ص 24 قائلا: عبدالرحمان بن ابي عبدالله من اهل البصرة. عربي من كندة.وايضا الشيخ ص 230 / 127 قائلا: عبدالرحمان بن ابي عبدالله البصري مولى بني شيبان وأصله كوفي إلى ان قال: وكان عبدالرحمان هذا ختن الفضيل بن يسار. قلت ويأتي في ترجمة الفضيل: انه عربي بصري صميم وروى ايضا عنه كما يأتي.قال في الخلاصة ص 113 في ترجمته قال علي بن احمد العقيقي: انه روى عن ابي عبدالله (ع) سبعمائة مسألة وهو بصري اصله من الكوفة. ونحوه في رجال ابن داود ص 222.قلت: روى عبدالرحمن بن ابي عبدالله البصري عن ابي عبدالله عليه السلام كثيرا روى جماعة من أجلة اصحابنا عنه عنه (ع) مثل الحسن بن محبوب السراد وأبان بن عثمان وحماد بن عثمان وحماد بن عيسى والفضيل بن يسار وصفوان بن يحيى وعبدالله بن سنان وغيرهم من أجلة أصحاب الباقر والصادق والكاظم عليهم السلام ذكرناهم في الطبقان وإكثار رواية أمثالهم عنه يؤمي إلى جلالته في الطائفة. وفي جملة من الاخبار ما يدل على جلالته وتمسكه بأهل البيت (ع) اوردناها في أخبار الرواة. =

٣٨٤

____________________

= وروى عن ابي الحسن موسى عليه السلام ايضا روى عنه عنه (ع) اسماعيل بن همام ابوهمام كما في وجوه الصيام من التهذيب ج 4 / 298 باسناد موثق وصاج 2 / 133 وياسين الضرير وغيرهما ويطول بذكرهم وإليك بكتابنا في الطبقات. ثم ان الظاهر اختصاص توثيق الماتن لجد اسماعيل بن همام بأبي همام عبدالرحمن بن ابي عبدالله ولا يشمل جده الاعلى - ابا عبدالله ميمون البصري الشيباني ولم اجد له توثيقا او مدحا صريحا نعم روى حديث الغدير وغيره من فضائل علي (ع) وذكر البرقي في أصحاب اميرالمؤمنين (ع) ص 4: ميمون بن مهران. وايضا الشيخ ص 58 / 9 وقال الذهبي في ميزان الاعتدال ج 4 ص 235 ميمون (ت، س، ق) مولى عبدالرحمن بن سمرة.ثم روى عنه عن زيد بن أرقم حديث الغدير، وحديث المنزلة، وحديث سد الابواب الشارعة في المسجد الا باب علي (ع). ثم انه لم تطب الذهبي نفسه كما في امثال المقام الا بأن يضعفه بروايته المناكير ثم ذكره هذه الروايات. وأمره إلى الله تعالى ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.

وقال الشيخ في اصحاب الصادق (ع) ص 230 عند ذكر إبنه عبدالرحمن: واسم ابي عبدالله ميمون، حدث عنه سلمة بن كهيل فيقول: عن ابي عبدالله الشيباني، وكثير النوا إيضا عن ابي عبدالله، وحدث عنه ايضا خالدا الحذاء، وشعبة، وعوف بن أبي جميلة فسموه كلهم ميمون، روى عن عبدالله بن عباس، وعبدالله بن عمر، والبراء بن عازب، وعبدالله بن بريدة، الخ.

٣٨٥

له كتاب يرويه عنه جماعة أخبرنا محمد بن علي قال حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى قال حدثنا سعد وأحمد بن إدريس قالا حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى عن أبي همام(1)

____________________

(1) كالصحيح على اشكال باحمد بن محمد بن يحيى وبمحمد بن علي شيخ الماتن. وفي الفهرست في الكني ص 187: ابوهمام له مسائل اخبرنا بها جماعة عن ابي المفضل عن ابن بطة عن احمد بن محمد بن عيسى عنه. قلت: طريقه ضعيف بابي المفضل وبابن بطة على كلام يأتي في ترجمتهما.وروى الصدوق (ره) في المشيخة(251) عن ابيه (رض) عن سعد ابن عبدالله وعبدالله بن جعفر الحميري جميعا عن احمد بن محمد بن عيسى وابراهيم بن هاشم جميعا عن ابي همام اسماعيل بن همام. قلت: طريقه صحيح رجاله الثقات الاعلام.

٣٨٦

62 - إسماعيل بن علي العمى ابوعلي البصري

أحد أصحابنا البصريين ثقة. له كتب، منها ما اتفقت عليه العامة بخلاف الشيعة من أصول الفرائض(1)

____________________

(1) ولا يبعد نسبته مع أحمد بن إبراهيم العمى الآتي ترجمته(238).ذكره الشيخ فيمن لم يرو عنهم (ع) ص 452 وبعد قوله البصري قال: له كتب ذكرناها في الفهرست وفيه ص 12: اسماعيل بن علي العمى ابوعلي البصري أحد شيوخنا البصريين ثقة له كتب كثيرة، منها كتاب ما اتفقت عليه العامة للشيعة من اصول الفرائض، أخبرنا به احمد بن عبدون، قال أخبرنا ابوطالب الانباري قال اخبرنا ابوبشر احمد بن ابراهيم، قال حدثنا عبدالعزيز بن يحيى بن احمد قال سمعت إسماعيل بن علي يقرأ هذا الكتاب. قلت: الطريق صحيح على الاقوى بناء‌ا على وثاقة احمد بن عبدون من مشايخ النجاشي. ثم ان ظاهر الشيخ ان كتابه في المسائل الاتفاقية بين الفريقين ونحوه في المعالم. وظاهر المتن انه في المسائل الخلافية بينهما.وذكره ابن حجر في لسان الميزان ج 1 ص 423 الا انه قال (القمي) بدل (العمى) وقال: سمع من نائل بن نجيح الخ. قلت: وذكر في جامع الرواة رواية محمد بن ابي عمير عنه عن الفضيل بن يسار عن موضعين من الكافي. وليس بصحيح، فان الظاهر ان المذكور فيهما وهو (اسماعيل البصري) اسماعيل بن همام المتقدم بقرينة رواية ابن ابي عمير عنه وروايته عن الفضيل بن يسار، مع انه لا تصح روايه ابن ابي عمير بن اصحاب بن يحيى الجلودي المتوفي بعد الثلاثين والثلاثمائة.

٣٨٧

63 و 64 - إسماعيل بن علي، وإسماعيل بن ابي عبدالله(1)

ذكر أصحابنا ان لهما كتاب خطب، قال الحسين بن عبيدالله اخبرنا احمد بن جعفر قال حدثنا أحمد بن ادريس عن عبدالله بن محمد ابن عيسى عن أبيه عنهما(2) .

65 - إسماعيل بن شعيب العريشي(3)

له كتاب في الطب، أخبرنا محمد بن علي قال حدثنا أحمد بن الكاظم (ع) عمن يروى عنه عبدالعزيز

____________________

(1) ذكره في جامع الرواة وقال: عنه ابومحمد الرازي في يب في باب فضل المساجد.قلت روى في التهذيب ج 3 ص 349 عن احمد ابن محمد عن محمد بن حسان الرازي عن ابي محمد الرازي عن اسماعيل ابن ابي عبدالله عن ابيه عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله الحديث. والمراد به إسماعيل بن ابي عبدالله الصادق (ع) الذي مات في حياته (ع) وهذا لا يروى عنه محمد بن عيسى الذي لم يدركه اصلا.

(2) كالضعيف بعبدالله بن محمد بن عيسى الملقب ببنان فلم يوثق وان قيل بحسن حاله على كلام في الحسين وشيخه.

(3) ذكره الشيخ فيمن لم يرو عنهم (ع) ص 452 وزاد: قليل الحديث ثقة روى عنه عبدالله بن جعفر.

وفى الفهرست ص 11 قليل الحديث إلا انه ثقة سالم فيما يرويه وله كتب منها كتاب الطب الخ وكتابه في المعالم.

٣٨٨

محمد بن يحيى عن عبدالله بن جعفر عن إسماعيل به(1) .

66 - إسماعيل بن محمد بن إسماعيل بن هلال المخزومي ابومحمد(2)

أحد أصحابنا ثقة فيما يرويه(3) قدم العراق وسمع أصحابنا منه(4) مثل أيوب بن نوح، والحسن بن معاوية، ومحمد بن الحسين وذكره بتوثيقه

____________________

(1) كالصحيح على اشكال باحمد بن محمد ومحمد بن علي كما تقدم وفي الفهرست أخبرنا به الحسين بن عبيدالله عن احمد بن محمد الخ.

(2) ذكره الشيخ في الفهرست ص 12 / 35 نحوه ونشير إلى اختلافه للمتن وفيمن لم يرو عنهم (ع) ص 452 زاد: مكي.

(3) وفى الفهرست: وجه اصحابنا المكيين كان ثقة فيما يرويه: قلت: ولعله سقطت كلمة من نسخ المتن وصحفت فان التنبيه على كونه احد اصحابنا فقط في هذا الكتاب كما ترى ويظهر من مواضع من هذه الترجمة ومنها طريقه إلى كتبه - انها كانت مأخوذة من الفهرست فليتأمل.

(4) وفى الفهرست: اصحابنا بها منه ايوب الخ وزاد بعد ابن فضال: وأحمد أخوه، وعاد إلى مكة وقام بها وقلت الرواية عنه بسبب ذلك وله كتب منها كتاب الخ. وفيمن لم يرو عنهم (ع): روى عن ايوب بن نوح ونظرائه. قلت: الظاهر ان الاصح ما في المتن وفي الفهرست فلاحظ، وفي الكافى في مناكحة الاكراد ج 2 / 12: علي بن ابراهيم عن اسماعيل بن محمد المكي عن علي بن الحسين عن عمرو بن عثمان الخ. ورواه ايضا في التهذيب.

٣٨٩

وعلي بن الحسن بن فضال. له كتاب التوحيد. كتاب المعرفة. كتاب الصلاة. كتاب الامامة.كتاب التجمل والمروة.قال ابن الجنيد: حدثنا احمد بن محمد العاصمي قال حدثنا محمد بن اسماعيل بن محمد عن ابيه(1) وقال الحسين بن عبيدالله حدثنا الحسن بن محمد بن يحيى العلوي قال حدثنا علي بن احمد العقيقي عنه بكتبه كلها(2) قال ابن نوح: كان اسماعيل بن محمد يلقب قنبرة(3)

____________________

(1) وفي الفهرست: اخبرنا بكتبه احمد بن عبدون، قال حدثنا ابوعلي محمد بن احمد بن الجنيد قال حدثنا الخ. قلت: الطريق ضعيف بمحمد بن اسماعيل المهمل.

(2) وفي الفهرست: وأخبرنا الحسين بن عبيدالله واحمد بن عبدون جميعا عن الحسن بن محمد الخ.

قلت: وهو ضعيف ايضا بالحسن بن يحيى الذي يأتي تضعيفه في ترجمته(147) وبالعقيقي الذي ذكره الشيخ في الفهرست وفين لم يرو عنهم (ع) وضعفه هو وغيره بما في احاديثه من التخليط والمناكير.

(3) ظاهر الشيخ وغيره: ان قنبرة غير المكي المخزومي فقد ذكره فيمن لم يرو عنهم (ع) ص 452 / قال: إسماعيل بن محمد قمي يعرف بقنبرة. وفي الفهرست / 15 / 48: اسماعيل بن محمد.من أهل قم، يقال له قنبرة، له كتب كثيرة منها كتاب المعرفة. وفي المعالم ص 9 اسماعيل بن محمد القمي من كتبه كتاب المعرفة. وقال ابن النديم في الفهرست ص 287: قنبرة، واسمه اسماعيل بن محمد من اهل قم. وله من الكتب كتاب المعرفة.له جلالة في الدنيا (والدين خ) يجري مجرى الوزراء في جلالة الكتاب. قلت: التصريح بانه قمي يمنع عن الجزم بالاتحاد وكلام ابن نوح ايضا غير ظاهر فيه، مع ان المكي انما دخل العراق ولم يعلم انه دخل (ايران) وخاصة (قم المشرفة) من بلادها كي ينسب اليها نزولا فلاحظ.

٣٩٠

67 - إسماعيل بن علي بن إسحق بن أبي سهل بن نوبخت(1)

كان شيخ المتكلمين من أصحابنا وغيرهم.

____________________

(1) وذكره الشيخ في الفهرست / 12 / 36 مثله وقال: ابوسهل كان شيخ المتكلمين من اصحابنا ببغداد ووجههم، ومتقدم النوبختيين في زمانه وذكره في كتاب الغيبة ص 127: من وجوه الشيعة والاكابر في اخبار السفير الثالث عند ذكر جماعة منهم وكناه بأبي سهل.وأشار إلى وجاهته ومنزلته في أنفس الناس ومحله من العلم والادب عندهم في ص 247 في اخبار الحسين بن منصور الحلاج وانه رضى الله عنه كشف أمره واحدوثته حتى شهر أمره عند الصغير والكبير وتنفر الجماعة عنه وقد اوردناه وما يدل على فضل ابي سهل في اخبار الرواة.قال ابن النديم في الفهرست ص 265: ابوسهل اسماعيل بن علي بن نوبخت من كبار الشيعة، وكان ابوالحسن الناشئ يقول: انه استاذه وكان فاضلا عالما متكلما، وله مجلس يحضره جماعة المتكلمين الخ. وذكر ما جرى بينه وبين رسول محمد بن علي الشلغماني المعروف بابن ابي الغراقر حين ما يدعوه إلى الفتنة. وقال في الحسن ابن موسى النوبختي: آل نوبخت معروفون بولاية علي وولده (ع) في كتاب الانسان الظاهر. وذكره في مواضع من كتابه.وذكره ابن حجر في لسان الميزان ج 1 / 424 وقال: البغدادي كان من وجوه المتكلمين ثم ذكر كتبه وقال اخذ عنه ابوعبدالله بن النعمان المعروف بالمفيد شيخ الشيعة في زمانه وغيره.

ولم تطب نفس الخطيب البغدادي بان يذكره مع جلالته وشهرته كغيره من اعلام الشيعة ورؤسائهم البغداديين في تاريخه مع أنه قد أكثر فيه من ذكر الكذابين والوضاعين ومن يستقبح ذكره في الكتب كما لا يخفى على المتتبع.

٣٩١

صنف كتبا كثيرة(1) منها كتاب الاستيفاء في الامامة. كتاب التنبيه في الامامة. قرأته على شيخنا ابي عبدالاله رحمه الله كتاب الجمل في الامامة. كتاب الرد على محمد بن الازهر في الاماة(2) . كتاب الرد على اليهود. كتاب في الصفات الرد على ابي العتاهية في التوحيد في شعره(3) كتاب الخصوص والعموم والاسماء والاحكام.

____________________

(1) ونحوه في الفهرست مع تفاوت نشير اليه.

(2) ولم يذكر في الفهرست كتاب الجعل وكتاب الرد على ابن الازهر. ومحمد بن الازهر لعله الجوزجاني الذي ضعفه الذهبي في ميزان الاعتدال ج 3 ص 467، أو محمد بن أحمد بن مزيد النحوي البوشنجي صاحب كتاب اخبار عقلاء المجانين الذي ذكره ابن النديم ص 217.

(3) وفي الفهرست: كتاب الرد على أبي العتاهية في التوحيد. شعر. وهو الاظهر الاصح وابوالعتاهية من الشعراء الذين عمل اخبارهم وشعرهم جماعة ذكره ابن النديم في فهرسته ص 233.وقال الذهبي في ميزان الاعتدال ج 1 ص 245: اسماعيل بن القاسم ابوالعتاهية. شاعر زمانه.ثم ضعفه وقال: ما علمت أحدا يحتج بابي العتاهية.

٣٩٢

والرد على ابن الراوندي(1) . كتاب الانوار في تواريخ الائمة (ع). كتاب الرد على الواقفة. كتاب الرد على الغلاة. كتاب التوحيد. كتاب الارجا. كتاب النفي والاثبات. مجالسه مع ابي علي الجبائي بالاهواز(2) كتاب في استحالة رؤية القديم. كتاب الرد على المجبرة في المخلوق(3) مجالس ثابت بن أبي قرة(4) كتاب النقض على عيسى ابن أبان في الاجتهاد(5) نقض مسألة أبي عيسى الوراق في قدم

____________________

(1) وهو ابوالحسين احمد بن محمد بن يحيى بن محمد بن إسحاق الراوندي من أهل مرو الروذ ولم يكن في نظرائه في زمنه أحذق منه بالكلام ولا أعرف بدقيقه وجليله وكان في أول أمره حسن السيرة جميل المذهب كثير الحياء ثم إنسلخ من ذلك بأسباب عرضت ذكرها ابن النديم مع كتبه في الكفريات ومن نقض عليها ورجوعه وتوبته عند موته وتفصيل ذلك في فهرسته ص 254.

(2) اسمه محمد بن عبدالوهاب بن سلام من معتزلة البصرة. وهو الذي ذلل الكلام وسهله وإليه إنتهت رئاسة البصريين في زمانه توفي سنة 303 ذكر ترجمته ابن النديم في الفهرست ص 256.

(3) وفي الفهرست: زاد: والاستطاعة.

(4) وفي الفهرست: كتاب مجالس ثابت بن أبي قرة بن ابي سهل ولعله ابوعلي الذي ذكره ابن النديم ص 402 وقال: وكان منجم العلوي البصري.

(5) هو عيسى بن ابان بن صدقة ابوموسى الفقيه القاضي صاحب كتاب إثبات القياس كتاب اجتهاد الرأي وغير ذلك وهو المتوفى سنة 220 ذكره ابن النديم ص 303.

٣٩٣

الاجسام(1) كتاب الاحتجاج لنبوة النبي صلى الله عليه وآله. كتاب حدوث العالم.

68 - إسماعيل بن علي بن علي بن رزين بن عثمان بن عبدالرحمن

ابن عبدالله بن بديل بن ورقا الخزاعي ابن أخي دعبل. كان بواسط مقامه، وولي الحسبة بها(2)

____________________

(1) وزاد في الفهرست: مع اثباته الاعراض. ولم يذكر الكتابين الاخيرين وقال: وزاد محمد بن اسحق النديم على هذه الكتب في فهرسته: كتاب الرد على الطاطري في الامامة كتاب نقص مسألة الشافعي.

كتاب الخواطر. كتاب المعرفة. كتاب تثبيت الرسالة. كتاب حدوث العالم. كتاب الرد على أصحاب الصفات. كتاب الحكاية والمحكي. كتاب نقض نعت الحكمه لابن الراوندي (وفي فهرسته نقض كتاب بعث الحكمة على الراوندي) كتاب نقض التاج على ابن الراوندي ويعرف بكتاب الشبك.كتاب نقض اجتهاد الرأي على ابن الراوندي كتاب الصفات.قلت: ذكره ابن النديم ص 265 كما ذكر وزاد: كتاب الرد على عيسى بن أبان في اللباس. كتاب الرد على من قال بالمخلوق. كتاب إبطال القياس.

(2) ونحوه في الفهرست ص 13 إلى آخر الترجمة وايضا عن ابن الغضائري وذكره الشيخ فيمن لم يرو عنهم (ع) ص 452 وقال: يكنى ابا القاسم اخبرنا عنه هلال الحفار. ويظهر من الخطيب في ترجمة دعبل ان أصله كوفي. وذكره الخطيب في تاريخه ج 6 / 306 بنسبه وكنيته ومن حدث عنه وهم جماعة قال وروى عن أبيه عن أخيه دعبل أحاديث مسندة عن مالك بن أنس و. و. الخ.وذكر جماعة من روى عنه وعنهم هلال بن محمد الحفار وذكر ان جماعة سمعوا منه ببغداد في درب رباح وقال: وكان غير ثقة. وعنه قال: ولدت في سنة تسع وخمسين ومائتين. ثم قال توفي بواسط في سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة.

وذكره ابن حجر في لسان الميزان ج 1 / 421 وحكى عن الدار قطني انه اخرج عنه في غرائب مالك ولم يكن مرضيا وذكر سماعه من أبيه سنة اثنتين وسبعين ومأتين. وقال: متهم. يأتي بأوابد.

وذكره الذهبي في ميزان الاعتدلال ج 1 / 238 وقال: متهم يأتي بأوابد.

وقال الخطيب في تاريخه ج 8 ص 383 ترجمة أخيه دعبل: وقد روى عنه أحاديث مسندة عن مالك بن أنس وعن غيره. وكلها باطلة، نراها من وضع إبن أخيه إسماعيل بن الدعبلي فانها لا تعرف الا من جهته وروى عنه قصيدته التي أولها: مدارس آيات الخ. قلت هذه قصيدته التي أنشدها دعبل الخزاعي في مجلس ابي الحسن الرضا عليه السلام ذكرها أصحابنا والجمهور ورواها أصحابنا عن غير طريقه ايضا كما في العيون ج 2 ص 263 وغيره.

٣٩٤

وكان مختلطا يعرف منه وينكر(1) له كتاب تاريخ

____________________

(1) وفى الفهرست: مختلط الامر في الحديث الخ. وعن ابن الغضائري: كان كذابا وضاعا لا يلتفت إلى ما رواه عن ابيه عن الرضا عليه السلام ولا غير ذلك ولا ما صنف. قلت: ويأتي في ترجمة أبيه علي(726) قول الماتن: ما عرف حديثه الا من قبل ابنه اسماعيل. ويأتي ايضا سماعه عنه ببغداد سنة اثنتين وسبعين ومأتين حديث دخوله مع أخيه دعبل علي أبي الحسن الرضا (ع) وما خلعه من قميصه وخاتمه والدراهم. ويظهر من المتن وغيره ان التضعيف نشأ مما قيل ان في حديثه تخليط ولذلك يعرف ذلك منه وقد عرفته من كلام الخطيب ثم ينسب وضع مارواه من المنكرات وما فيه غلو وتخليط إلى اسماعيل. وعليه ينكر ولم أقف في كلام أصحابنا على ذكر مارواه من المنكرات.نعم في كلام العامة الذين هم الاصل في تضعيفه ظاهرا والله العالم: إشارة إلى مارواه عن مالك والى مارواه من فضائل اهل البيت عليهم السلام والى شعر دعبل وحديث القميص وما اخبر به مما يستفيد من ذلك بقم مما يدل على فضائلهم (ع).

٣٩٥

الائمة (ع) وكتاب النكاح(1) .

____________________

(1) وفي الفهرست: وله كتاب تاريخ الائمة (ع)، اخبرنا عنه برواياته كلها الشريف ابومحمد المحمدي، وسمعنا هلال الحفار يروى عنه مسند الرضا عليه السلام وغيره فسمعناه منه وأجاز لنا باقي رواياته قلت: اما الشريف المحمدي الحسن بن احمد بن مشايخ النجاشي فيأتي الكلام فيه في ترجمته(150) وتقدم في مشايخه. واما هلال ابن محمد الحفار ابوالفتح المتوفي سنة أربع عشرة واربعمائة فهو من مشايخ شيخ الطائفة العامة كما روى عنه في كتبه وعده العلامة رحمه الله في اجازته لبني زهرة من مشايخه من العامة. وهو من مشايخ الخطيب البغدادي ذكر ترجمته في تاريخه ج 14 / 75.

٣٩٦

69 - اسماعيل بن أبان(1)

اخبرني ابوالعباس أحمد بن علي بن نوح قال حدثنا محمد بن علي بن هشام قال حدثنا علي بن محمد ما جيلويه عن احمد بن محمد البرقي عن اسماعيل بكتابه، وباخبار علي بن النعمان، وبكتاب موت المؤمن والكافر(2) .

____________________

(1) ذكر البرقي في اصحاب الصادق (ع) ص 28: اسماعيل بن أبان الحناط.وايضا الشيخ ص 154 / 243 ولكن فيه: الخياط.قلت: لم أحضر له رواية عن ابي عبدالله (ع) نعم روى إسماعيل بن اسحق عنه عن غياث عنه (ع) في باب طلاق الحامل من الفقيه ج 4 / 445 وايضا ابراهيم بن محمد الثقفي عنه عن صالح بن ابي الاسود كما في اصول الكافي ج 2 / 207 ولعله لذلك لم يذكره الماتن في عداد من روى عنه (ع)

(2) حسن كالضعيف على اشكال بمحمد بن علي بن هشام فلم يوثق الا انه استفيد حسن حاله من رواية الصدوق عنه مترضيا عنه على كلام بمحمد بن علي ما جيلويه من مشايخ الصدوق الذي روى عنه كثيرا مترحما عليه. ثم ان الموجود في نسخ الكتاب وما حكى عند هو علي بن محمد ما جيلويه الا ان الصحيح محمد بن علي وهو من مشايخ الصدوق (ره). وفي الفهرست ص 14 / 40: اسماعيل بن ابان له كتاب أخبرنا به ابن ابي جيد عن محمد بن الحسن عن محمد بن ابي القاسم عن محمد ابن على الصيرفي عنه. وايضا(44) اسماعيل بن ابان له كتاب رويناه بالاسناد الاول عن حميد عن ابراهيم بن سليمان عنه.قلت: ظاهره وان كان تعددهما الا انه لا ميز بينهما والامر سهل بعد عدم ثبوت وثاقته. وطريقه الاول ضعيف بالصيرفى الضعيف والثاني موثق بحميد بناء‌ا على وثاقة ابن عبدون في الاسناد الاول.

٣٩٧

70 - اسماعيل بن جابر الجعفي(1)

____________________

(1) وفي لسان الميزان ج 1 ص 397: اسماعيل بن جابر بن يزيد الجعفي.ذكره الطوسي في رجال الشيعة، وقال علي بن الحكم: كان من نجباء اصحاب الباقر (ع) وروى عن الصادق والكاظم (ع) روى عنه عثمان بن عيسى ومنصور بن يونس وغيرهما.قلت: روى في اصول الكافى في فرض إطاعة الائمة (ع) ج 1 ص 188 عن محمد بن الحسن عن سهل بن زياد عن محمد بن عيسى عن أبان عن عبدالله بن سنان عن اسماعيل بن جابر قال قلت لابي جعفر (ع): أعرض عليك ديني الذى أدين الله عزوجل به؟ ثم عرضه وفي آخره فقال (ع): هذا دين الله ودين ملائكته. وفي ج 2 / 405 باب المستضعف: الحسين بن محمد عن معلي بن محمد عن الوشاء عن مثنى عن اسماعيل الجعفي قال سألت أبا جعفر (ع) عن الدين إلى أن قال قلت: جعلت فداك فأحدثك بديني الذي انا عليه؟ فقال: بلى فقلت اشهد ان لا اله الا الله واشهد أن محمدا عبده ورسوله والاقرار بما جاء من عندالله وأتولاكم وأبرء من عدوكم ومن ركب رقابكم وتأمر عليكم وظلمكم حقكم فقال: ما جهلت شيئا هو والله الذي نحن عليه إلى ان قال ثم قال: ارأيت ام ايمن؟ فاني اشهد انها من أهل الجنة وما كانت تعرف ما أنتم عليه.وفى ج 1 ص 158 باب الجبر والقدر عن عثمان بن عيسى عن اسماعيل بن جابر حديث ما جرى بينه وبين الرجل الذي يتكلم في القدر والناس مجتمعون عليه في مسجد المدينة ثم حكايته لابي عبدالله عليه السلام وفيه إيماء بعلمه بالكلام. وفى ج 1 ص 125 باب النوافل عن عبدالله بن الوليد الكندي عن اسماعيل بن جابر او عبدالله بن سنان قال قلت: لابي عبدالله (ع) اني أقوم آخر الليل وأخاف الصبح قال اقرء الحمد واعجل واعجل. =

٣٩٨

____________________

= وروى الشيخ في التهذيب ج 2 ص 126 عن حماد عنه ما يشير إلى تعاهده لنوافل الليل. بل إلى أنه يهمه مافاته من النوافل على مارواه ايضا قبل ذلك ص 12 في الصحيح عن مرازم قال سأل إسماعيل بن جابر ابا عبدالله (ع) فقال اصلحك الله ان علي نوافل كثيرة فيكف اصنع فقال اقضها الخ. ورواه في الكافي ج 1 ص 126 وروى بعده في الصحيح عن ابان بن عثمان عن اسماعيل الجعفي قال: قال ابوجعفر (ع) إلى ان قال قلت: ولم تأمرني ان أوتر وترين في ليلة واحدة فقال عليه السلام احدهما قضاء.ويحتمل كون المراد باسماعيل الجعفي في الرواية الاخيرة اسماعيل بن عبدالرحمن كما يأتي.وغير ذلك مما يؤمي إلى وضوح طريقته وحسن سلوكه. ويظهر من الاخبار إختصاصه بأبي عبدالله (ع) وعنايته له. فروى في التهذيب ج 3 ص 234 في الصلاة في السفر من زياداته عن الحسين بن القاسم بن محمد عن رفاعة بن موسى عن اسماعيل بن جابر قال كنت مع ابي عبدالله عليه السلام حتى اذا بلغنا بين العشائين قال يا اسماعيل امض مع الثقل والعيال حتى الحقك وكان ذلك عند سقوط الشمس فكرهت ان انزل فاصلي وأدع العيال وقد امرني أن أكون معهم فسرت ثم لحقني أبوعبدالله (ع) فقال: يا إسماعيل هل صليت المغرب بعد؟ فقلت: لا. فنزل عن دابته فأذن وأقام وصلى المغرب وصليت معه وكان من الموضع الذي فارقته إلى الموضع الذى لحقني ستة أميال. وفى الكشي ص 131: حدثنا محمد بن مسعود قال حدثني علي بن الحسن قال حدثني ابن أورمة عن عثمان بن عيسى عن اسماعيل بن جابر قال أصابني لقوة في وجهي فلما قدمنا المدينة دخلت على أبي عبدالله عليه السلام قال ما الذي أراه بوجهك؟ قال فقلت: فاسدة ريح. قال فقال لي: إئت قبر النبي صلى الله عليه وآله فصل عنده ركعتين ثم ضع يدك على وجهك ثم قل الحديث =

٣٩٩

____________________

= وفي آخره فما عاودت الا مرتين حتى رجع فما عاد إلى الساعة.واما ما رواه الكشي ص 113 عن محمد بن مسعود قال حدثني جبرئيل بن احمد عن محمد بن عيسى عن يونس عن أبي الصباح قال سمعت أبا عبدالله (ع) يقول يا ابا الصباح هلك المترئسون في أديانهم منهم زرارة وبريد ومحمد بن مسلم واسماعيل الجعفي وذكر آخر لم أحفظه ورواه ايضا في ص 131 وص 156. فهو قاصر سندا بجبرئيل بن أحمد فلم يوثق. ودلالة على القدح بما يمنع الاعتماد به والعمل بخبره فقد جعل فيه عدلا لمثل زرارة من أمناء ابي جعفر (ع) على حلال الله وحرامه كما رواه الكشي. والهلاك انما يكون ذما، اذا كان أخرويا لا أمرا دنيويا باعتبار ما خيف على زرارة ونظرائه من اعلام الشيعة ولذلك ورد في زرارة وأقرانه ذموما كثيرة حقنا لدمائهم، على ان الترئس وان استلزم حب الرئاسة الا انه لا ينافى الوثاقة في النقل والرواية كما هو ظاهر وذكرنا في الشرح على الكشي شواهد حمل ماورد في ذم هؤلاء على التقية هذا مضافا إلى إحتمال كون المراد باسماعيل الجعفي فيه: اسماعيل بن عبدالرحمن الجعفي الآتى فلاحظ. وقد وثق الشيخ اسماعيل بن جابر الخثعمي قائلا: ثقة ممدوح له اصول. ويأتي كلامه وقال في الخلاصة(8) إسماعيل بن جابر الجعفى الكوفى ثقة ممدوح، وما ورد فيه من الذم فقد بينا ضعفه في كتابنا الكبير وكان من اصحاب الباقر (ع) وحديثه اعتمد عليه. وقال ابن داود في رجاله(55) اسماعيل بن جابر (جخ) الخثعمي الكوفى ابومحدم القرشى ثقة ممدوح، له اصول قر، ق (جش): عوض الخثعمى: الجعفى.قلت: وروى عن اسماعيل بن جابر ابن قولويه في كامل الزيارات(78) وغيره ممن ظاهره ذكر رواية الثقات في كتابه وروى عنه صفوان وابن ابى عمير ممن تقدم في المقدمة: انه لا يروى الا عن الثقات

٤٠٠

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735

736

737

738

739

740

741

742

743

744

745

746

747

748

749

750

751

752

753

754

755

756

757

758

759

760

761

762

763

764

765

766

767

768

769

770

771

772

773

774

775

776

777

778