سيد المرسلين صلى الله عليه وآله الجزء ٢

سيد المرسلين صلى الله عليه وآله7%

سيد المرسلين صلى الله عليه وآله مؤلف:
تصنيف: الرسول الأعظم صلّى الله عليه وآله
الصفحات: 778

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 778 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 459093 / تحميل: 9709
الحجم الحجم الحجم
سيد المرسلين صلى الله عليه وآله

سيد المرسلين صلى الله عليه وآله الجزء ٢

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

بقرينة رواية المفيد، وأحمد بن عبدون سنة(٣٥٠) وروايته عن علي ابن حاتم كما في هذه الموارد وفى مشيخة التهذيب ج ١٠ / ٨١ إلى علي ابن حاتم والفهرست وغيرهما، والنسبة إلى الجد غير عزيزة.

الحسين بن أحمد بن ظبيان

ذكره في اصحاب الصادق (ع) البرقي(٢٦)، والشيخ(١٨٤) وابن حجر في لسان الميزان ج ٢ / ٢٤٥ قائلا: ذكره الطوسي في رجال الشيعة وقال: أخذ عن جعفر الصادق رحمة الله عليه. وقال في الفهرست(٥٦): الحسين بن أحمد له كتاب، رويناه بالاسناد الاول (عدة من أصحابنا عن أبي المفضل عن ابن بطة عن أحمد ابن محمد بن عيسى) عن ابن أبي عمير وصفوان جميعا عنه. قلت: الطريق ضعيف بأبي المفضل وبابن بطة. ثم أنه لم يظهر أن صاحب الكتاب هو ابن ظبيان نعم ذكره الاصحاب.

الحسين بن أحمد بن عامر الاشعرى

هكذا ذكر فيمن لم يرو عنهم (ع) من رجال الشيخ في النسخة المطبوعة(٤٦٩) وقال: يروى عن عمه عبدالله بن عامر عن ابن أبي عمير روى عنه الكليني. وذكره في لسان الميزان ج ٢ / ٢٦٥ وقال: ذكره علي بن الحكم في شيوخ الشيعة وقال: كان من شيوخ أبي جعفر الكليني صاحب كتاب الكافى.

وصنف الحسين كتاب طب أهل البيت وهو من خير

٣٨١

الكتب المصنفة في هذا الفن روى عن عمه عبدالله بن عامر وغيره.

قلت: الظاهر ان (احمد) مصحف (محمد) وعليه ضبط في المجمع وتقدم ذكره والكلام في ذلك ص ٢٥٠ عند ترجمته فراجع.

الحسين بن أحمد بن محمد بن أحمد أبوعبدالله الاشناني الدارمي البلخي

روى الصدوق (ره) عنه في الخصال وغيره ووصفه بالفقيه العدل قال في الخصال ج ١ / ١١٩: حدثنا أبوعبدالله الحسين بن أحمد الاشناني العدل ببلخ قال أخبرني جدي الخ، وفي (١٤٦) حدثنا أبوعبدالله الحسين بن أحمد الاسترابادي العدل ببلخ قال أخبرني جدي الخ، وفي ج ٢ / ٩٧ حدثنا أبوعبدالله الحسين بن محمد (أحمد ظ) الاشناني الرازي ببلخ قال أخبرنا جدي الخ. وقال في معاني الاخبار(٢٠٥) حدثنا أبوعبدالله الحسين بن أحمد بن محمد بن أحمد الاشناني الدارمي الفقيه العدل ببلخ قال: أخبرني جدي الخ.

الحسين بن أسد البصري

ذكره الشيخ في أصحاب الجواد (ع) (٤٠٠) قائلا: الحسين ابن أسد ثقة، صحيح. وفي أصحاب الهادي (ع)(٤١٣): الحسين ابن أسد البصري. وقيل باتحاده مع ما ذكره في أصحاب الرضا (ع)(٣٧٥)

٣٨٢

بقوله: الحسن بن أسد البصري. وان الحسن مصحف. وقال ابن داود في القسم الثاني(٤٤٤): الحسين بن أسد البصري د، دى (غض) يروي عن الضعفاء، وفي القسم الاول(١٢١): الحسين بن أسد البصري دي (جخ) ثقة، صحيح الا ان (غض) قال يروي عن الضعفاء وليس له شئ صالح الا كتاب علي بن اسماعيل ابن شعيب وقد رواه غيره. وعن ابن الغضائري: الحسن بن أسد الطفاوي البصري أبومحمد، يروى عن الضعيف (الضعفاء خ ل ظ)، ويروون عنه، وهو فاسد المذهب وما اعرف له شيئا أصلح فيه الا روايته كتاب علي بن اسماعيل ابن شعيب بن ميثم، وقد رواه عنه غيره. قلت: ويمكن القول بأن الحسين بن أسد الثقة الصحيح من أصحاب الجواد (ع) غيره الحسين بن أسد البصري من أصحاب الهاديعليه‌السلام مع اتحاد الثاني مع المذكور في اصحاب الرضا (ع) وفي كلام ابن الغضائري أو مع عدم القول بأتحاده أيضا والالتزام بالاتحاد مطلقا لاشاهد له وتقدم ص ٢٠ ما ينفع المقام. وفي كامل الزيارات(٧٣) عن الحسين بن سليمان عن الحسين ابن أسد عن حماد بن عيسى.

الحسين بن ايوب

ذكره الشيخ في الفهرست(٥٧) وقال: له كتاب، أخبرنا به أحمد بن عبدون عن أبي طالب الانباري عن حميد بن زياد عن الحسن ابن محمد بن سماعة عن الحسين بن أيوب.

٣٨٣

قلت: طريقه موثق بحميد، وبابن سماعة الواقفيين الثقتين.

وقال ابن حجر في لسان الميزان ج ٢ / ٢٧٤ الحسين بن أبي أيوب (وفي الحاشية: إبن أيوب) ذكره الطوسي في رجال الشيعة ومصنفيهم وقال: كان نحويا، روى عنه الحسن بن محمد بن سماعة. وفي التهذيب ج ٩ / ٣٦٠: الحسن بن محمد بن سماعة عن الحسن ابن أيوب عن العلا عن محمد بن مسلم الحديث، وبعده(٣٦٣): علي ابن الحسن عن محمد الكاتب عن الحسن بن محبوب عن علا عن محمد ابن مسلم الحديث. واحتمل في جامع الرواة ان (أيوب) مصحف (محبوب) بقرينة روايته عن العلا. قلت: فيه نظر حققناه في محله. ثم انه من المحتمل كون الحسين بن أيوب أخا للحسن بن أيوب المتقدم ص ١٠١ فلاحظ.

الحسين بن بشار

هكذا ذكره الشيخ في أصحاب الكاظم (ع)(٣٤٧) وفي أصحاب الرضا(٣٧٣) قال: الحسين بن بشار (يسار - خ) المدائني (مدائني - مجمع)، مولى زياد ثقة، صحيح، روى عن أبي الحسن موسىعليه‌السلام . وقال في أصحاب الجوادعليه‌السلام (٤٠٠) الحسين بشار. (يسار - خ) وقال البرقي في أصحاب الجواد (ع)(٥٦): الحسن بن بشار. وقال في الخلاصة(٤٩): الحسين بن بشار بالباء المنقطة تحتها نقطة والشين المعجمة المشددة، مدائني، مولى زياد من أصحاب

٣٨٤

الرضاعليه‌السلام ، قال الشيخ الطوسيرحمه‌الله : انه ثقة صحيح روى عن ابي الحسن (ع).

وقال ابن داود في رجاله(١٠٤): الحسن بن بشار بالباء المفردة والشين المعجمة المدائني، م، ضا، (جخ) ثقة، صحيح، كان واقفيا (واقفا - خ). وقال ابن حجر في لسان الميزان ج ٢ / ٢٧٥: الحسين بن بشار الواسطي، ذكره الكشي والطوسي في رجال الشيعة، روى عن الكاظم (ع) وولده الرضا (ع) رحمة الله عليهما، روى عنه محمد بن أسلم. قلت: في ترجمته مواقع للنظر: الاول: ضبط اسمه، وقد عرفت أن أكثر نصوص الاصحاب كما عليه جملة من الروايات (الحسين) مصغرا، والبرقي ذكره في اصحاب الكاظم (ع)(٤٩) مصغرا أيضا قال: الحسين بن يسار، ولكن في أصحاب الجواد (ع)(٥٦) ذكره مكبرا قال: الحسن بن يسار (بشار - خ) وفي الكشي في ترجمة يونس بن عبدالرحمان(٣٠٨) عن يعقوب ابن يزيد عن الحسن بن بشار عن الحسن بن بنت إلياس. وفي(٣٠٦) الحسين لكن في مجمع الرجال عنه: الحسين بن يسار. قلت: ربما يظهر بالتامل في الروايات وكلام الاصحاب أن الرجل واحد وان الحسن مصحف الحسين، ولا يعتمد على نسخة الكشي ولا على ما في أصحاب الجواد (ع) من رجال البرقي. والجمود على ظاهره يقتضي القول بالتعدد مع جهالة الحسن بن يسار فلاحظ. الثاني: ضبط إسم أبيه، ففي رجال الشيخ المطبوع ونسخ جماعة (بشار) كما عرفت وكذا في أصحاب الجواد (ع) من رجال البرقي ونسخ رجال الكشي في ترجمة يونس وغيرها، وفى التهذيب ج ٧ / ٣٩٦، والكافي

٣٨٥

ج ٢ / ٢٠٩ والارشاد، والخرائج وغير ذلك، لكن في مجمع الرجال عن الكشي في الموضعين (يسار - خ ل بشار)، وكذا في بعض مواضع التهذيب، وفي أصحاب الكاظم (ع) ونسخة من أصحاب الجواد (ع) من رجال البرقي. وبالتأمل في كلمات أصحابنا مع ملاحظة مشايخه ومن روى عنه وقرب اشتباه الكلمتين كتابة، واختلاف مواضع من كتاب واحد، بل نسخ موضع واحد يظهر، ان الاتحاد هوالصحيح والجمود على النسخ مع اختلافها والالتزام بالتعدد كما ربما يظهر من صاحب المجمع في غير محله.

الثالث: لقبه تقدم عن البرقي والكشي ذكره بلا تمييز في ترجمته وكذا في(٣٠٨)، و(٢٥٧) لكن روى عن يعقوب بن يزيد عن الحسين ابن بشار الواسطي عن يونس بن بهمن في يونس بن عبدالرحمان(٣٠٦)، ولقبه ابن حجر أيضا بالواسطي كما تقدم كما ان في جملة من الروايات ذكر لقبه (الواسطي) مثل ما في كامل الزيارات (٢٩٨) في حديثين، والتهذيب ج ٦ / ٨٢، وج ٧ / ٣٩٦ والكافي ج ٢ / ٧٧. وبالتأمل في كلامهم وفي رواياته ومن روى عنه ومشايخه، يظهر الاتحاد هذا مع انه قيل: ان واسط كان من توابع المدائن فيتحد الواسطي كما عرفت مع من لقبه الشيخ بالمدائني في أصحاب الرضا (ع)، وفي التهذيب ج ٣ / ٢٦. الرابع: طبقته - تقدم عن البرقي، والكشي والشيخ ومن تبعهم ذكره في أصحاب الكاظم (ع) بل صرح الشيخ في أصحاب الرضا (ع) وتبعه ابن حجر بانه روى عن أبي الحسن موسىعليه‌السلام . وروى في التهذيب ج ٧ / ١٥٦، والكافي ج ١ / ٤١١ عن أحمد بن محمد عن الحسين بن بشار (يسار - خ) عن أبي الحسن (ع).

٣٨٦

وكان من أصحاب الرضا (ع) كما تقدم عن الشيخ ومن تبعه وروى عنه (ع) كما هو ظاهره في كتب الحديث، وظاهر المفيد في الارشاد وغيره. وروى عنه (ع) كثيرا. عنه عنه (ع) ذكرناهم في الطبقات: منهم يعقوب بن يزيد، وأحمد بن محمد، ومحمد بن عيسى بن عبيد، وعبدالرحمان بن أبي نجران، وعلي بن عبدالله، ومالك بن أشيم، وأبوسعيد الادمي، وعلي أحمد بن أشيم. وكان من أصحاب أبي جعفر الجواد (ع) كما تقدم عن الشيخ، وذكره المفيد في الارشاد(٣١) فيمن روى النص عن الرضا (ع) على إمامته، وكذا الاربلي في كشف الغمة، وروى المشايخ بطرقهم عنه مكاتبته إليه (ع). وروى عن جماعة من رواة الحديث: منهم عبدالله بن جندب. عنه عنه علي بن مهزيار الثقة الجليل، وحنان، وهشام بن المثنى. عنه عنهما محمد بن الحسين زعلان، وداود الرقي. الخامس: مذهبه ووثاقته - قد وثقه الشيخ صريحا كما تقدم وتبعه غيره منهم العلامة وابن داود، والطبرسي في أعلام الورى، والاربلي في كشف الغمة، ومن تأخر عنهم. وقول الشيخ: (صحيح) ظاهر في صحة مذهبه وحديثه، ويؤيده روايته النص على امامة الجواد (ع) من أبيه (ع) وروايته عنهما، بل روايته المغيبات عن الرضا (ع) مثل إخباره بقتل المأمون أخاه محمد الامين كما رواه الصدوق في العيون ج ٢ / ٢٠٩، والاربلي في كشف الغمة ج ٣ / ١٠٨. ويظهر من بعض الروايات انه كان ممن شك وتحير بعد أبي الحسن

٣٨٧

موسى (ع) عند حدوث مذهب الواقفة ويمشي مع مثل إبن قياما الواقفي المعاند في وقفه وشكه.

قال الكشي(٣٤٢) حمدويه بن نصير قال حدثنا الحسن بن موسى عن عبدالرحمان بن أبي نجران عن الحسين بن بشار قال: إستأذنت أنا والحسين بن قياما على الرضا (ع) في " صرنا " (صوبا - مجمع الرجال)، فأذن لنا قال أفرغوا من حاجتكم قال له الحسين: تخلو الارض من أن يكون فيها امام؟ فقال: لا. قال: فيكون فيها إثنان؟ قال: " لا - مجمع الرجال " الا واحد صامت لا يتكلم. قال فقد علمت انك لست بامام. قال: ومن أين علمت؟ قال: إنه ليس لك ولد وإنما هي في العقب، فقال له: فو الله لا يمضي الايام والليالي حتى يولد لي ذكر من صلبي يقوم مقامي يحيي الحق ويمحق الباطل. وقال(٢٨١): في الحسين بن بشار (مجمع الرجال - يسار) حدثني خلف بن حماد قال حدثنا أبوسعيد الادمي قال حدثني الحسين بن بشار قال: لما مات موسى (ع) خرجت إلى علي بن موسى (ع) غير مؤمن بموت موسى (ع) ولا مقر بامامة علي (ع) إلا أن في نفسي أن أسأله وأصدقه فلما صرت إلى المدينة إنتهيت إليه وهو بالصوا (بالصراء خ ل. بالصرنا كما في الحديث الاول - بالصوبا - مجمع الرجال: قرية قريبة منها). فأستأذنت عليه ودخلت، فأدناني، وأردت أن أسأله عن أبيه (ع)، فبادرني فقال: يا حسين إن أردت أن ينظر الله إليك من غير حجاب، وتنظر إلى الله من غير حجاب فوال آل محمد (ع)، ووال ولي الامر منهم، قال: فقلت: أنظر إلى الله عزوجل؟ ! قال: إي والله قال حسين فجزمت على موت أبيه (ع) وإمامته، ثم قال لي ما أردت أن آذن لك لشدة الامر وضيقه، ولكني علمت الامر الذي أنت عليه،

٣٨٨

ثم سكت قليلا، ثم قال: خبرت بأمرك قلت له أجل. (ثم قال أبوعمرو الكشى): فدل هذا الحديث على ترك الوقف وقوله بالحق. قلت: الحديث الاول لا بأس به سندا إلى الحسين بن بشار فهو حسن بالحسن بن موسى الخشاب إلا أنه ينتهى إلى إبن بشار مع عدم وضوح دلالته على وقف إبن بشار وشكه. إلا أن إستيذانه مع إبن قياما في الدخول عليه، وقوله لهما: (أفرغوا من حاجتكم) يشير إلى ذلك ومحل الكلام الحديث الثاني. قال العلامة في الخلاصة(٤٩) بعد كلامه المتقدم: وقال الكشي: انه رجع عن القول بالوقف وقال بالحق، فأنا أعتمد على ما يرويه بشهادة الشيخين له، وان كان طريق الكشي إلى الرجوع عن الوقف، فيه نظر لكنه عاضد لنص الشيخ عليه. قلت: وجه النظر في طريق الحديث الثاني امور. الاول عدم ثبوت وثاقة خلف بن حماد شيخ أبي عمرو الكشى فقد أكثر الرواية عنه ولذلك عد من الشيوخ واستظهر غير واحد ممن تأخر اعتباره من اكثاره في الرواية عنه، الا انه حققنا في الشرح على الكشي عدم ظهور التزام الكشي بالرواية عن الثقات آو بترك الرواية عن المطعون اومن لايعرف وفي مشايخه على ماحققناه جماعة كثيرة من المجاهيل. ثم ان المذكور في عنوانه ما عرفت وفي اخبار الواقفة(٢٨٤): أبوصالح خلف بن حامد الكشي، وفي (٣٤٢) أبوصالح خلف بن حماد، وفي(١٠٤) أبوصالح خلف بن حماد بن الضحاك، وأبوصالح خلف بن حماد الكشي(١١) و(١٤٢).الثاني توقف العلامة في أبي سعيد الادمي سهل بن زياد لان

٣٨٩

الشيخ وثقهفى موضع وضعفه في عدة مواضع، والنجاشي ضعفه في حديثه، وذكر أن أحمد بن محمد بن عيسى يشهد عليه بالغلو والكذب، وضعفه ابن الغضائري مذهبا ورواية وسيأتي التحقيق في ذلك في ترجمته. الثالث ان سند الرجوع عن الوقف والقول بالحق ينتهي إلى الحسين بن بشار نفسه فاخباره بالعدول عن الوقف دعوى بعد اعتراف لاتسمع منه. والتحقيق ان يقال: مضافا إلى ان الشك والتردد في بدؤ أمر الواقفة لا يوجب الطعن بعد ما كان الحسين بن بشار في نفسه السؤال عنه وتصديقه. كيف وقد طرء الشك في بدؤا أمرهم لاجلاء الطائفة مثل البزنطي والوشا وعبدالله بن المغيرة وغيرهم، أنه لاطريق لنا إلى وقفه وشكه غير هذه الرواية فان ثبت الوقف بها ثبت الرجوع عنه وقول الشيخ: ثقة.

صحيح لايعارضه شئ. وقد ذكره الاربلي في كشف الغمة فيمن روى النص على أبي جعفر (ع) من أبيه ج ٣ / ١٤٣ ثم صرح بوثاقتهم في(١٦١). والعجب ممن ضعف من المتأخرين هذا الحديث بخلف بن حماد لان إبن الغضائرى قال: أمره مختلط. ثم جزم بالارسال بحذف الواسطة بين الكشي وبين خلف بن حماد فانه من رجال الصادق (ع). قلت: كيف وقد عرفت أنه من مشايخ الكشي الذي روى عنه كثيرا بقوله: حدثني وأما من ضعفه إبن الغضائري ومن عد في أصحاب الصادق (ع) وفي أصحاب الكاظم (ع) فهو غيره وتحقيقه في مقام آخر

الحسين بن بشر الاسدي

ذكره ابن حجر في لسان الميزان ج ٢ / ٢٥ وقال: ذكره ابن

٣٩٠

أبى طى في جال الشيعة الامامية، وقال إنه كان محدثا، فاضلا، جيد الخط، والقراء‌ة، عارفا بالرجال والتواريخ، جوالا في طلب الحديث، اعتني بحديث جعفر الصادقعليه‌السلام ورتبه على المسند، وسماه (جامع المسانيد) كتب منه ثلاثة آلاف، ومات ولم يتمه، ووثقه الشيخ المفيد. ومن شيوخه محمد بن علي بن سليمان، حدث عن حبان بن منذر وغيره.

الحسين بن بشير

قال الشيخ في أصحاب الرضا (ع)(٣٧٤): الحسن بن بشير مجهول. وفي مجمع الرجال عنه (الحسين بن بشير) وظاهر أكثر الاصحاب عنوانه (مكبرا). وقال في الخلاصة (٢١٢) في القسم الثانى: الحسن بن بشير من أصحاب الكاظم (ع) مجهول. قال إبن داود(٤٣٨) أيضا الحسن إبن بشير. بالباء المفردة والشين المعجمة ضا (جخ) مجهول وما رأيته في رجال الكاظم (ع) في (جخ). قلت: الامر كما ذكره فان الشيخ إنما ذكره في أصحاب الرضا (ع) دون أصحاب الكاظم (ع) على ما ذكره في الخلاصة. وروى الحسين بن بشير عن أبى عبدالله (ع) كما في التهذيب ج ٣ / ١٧٩ عن الحسين بن بشير عن أبي عبدالله (ع) سأله رجل عن القراء‌ة خلف الامام الحديث. وفي ج ٨ / ٣٠١ في الصحيح عن عبدالرحمان ابن أبي نجران عن الحسين بن بشر قال: سألته عن رجل له جارية الحديث وروى عن أبى الحسن موسى بن جعفر (ع) النص على إمامة الرضا (ع) رواه الصدوق في العيون ج ١ / ٢٨ وقد ذكرناه في طبقات

٣٩١

أصحابهما وأصحاب الرضاعليهم‌السلام . الحسين الاثرم بن الحسن بن علي بن أبي طالب (ع) أمه أم اسحاق بنت طلحة بن عبيد الله التميمى ذكره المفيد في الارشاد(١٩٤) في أولاد الحسنعليه‌السلام وقال في(١٩٧): والحسن (الحسين خ) بن الحسن المعروف بالاثرم كان له فضل ولم يكن له ذكر في ذلك. (أي لم يدع الامامة ولا ادعاها له مدع) قال في عمدة الطالب(٦٨) في أولاد الحسنعليه‌السلام : أعقب من ولد الحسن أربعة: زيد، والحسن، والحسين الاثرم، وعمر إلا ان الحسين الاثرم وعمر انقرضا سريعا. وقال البخاري في سر السلسلة العلوية(٥) بعد حصره عقب الحسنعليه‌السلام بالاثنين زيد، والحسن المثنى: بنو الاثرم لا يصح لهم نسب. هم المنتسبون إلى الحسين بن الحسن بن علي بن أبى طالبعليه‌السلام وهو المعروف بالاثرم.

الحسين بن الحسن الحسيني أبوعبدالله الاسود الرازي

قال الشيخ فيمن لم يرو عنهم (ع) من رجاله(٤٦٢): الحسين إبن الحسن الحسينى الاسود فاضل يكنى أبا عبدالله رازي. قلت: كان الحسين بن الحسن من مشايخ الكلينيرحمه‌الله قد روى عنه في الكافي مترحما عليه عن إبراهيم بن إسحاق الاحمر كما في مولد السجاد ج ١ / ٤٦٦ وفي النص على الحسن بن علي (ع) ج ١ / ٢٩٨

٣٩٢

وعن يعقوب بن ياسر أبي الطيب المثنى كما في مولد الهادي (ع) ٥٠٢، وروى عنه التوقيع إلى الوكلاء في مولد الصاحب (ع) ٥٢٥، وفي نوادر باب العلم(٥٠) الحسين بن الحسن عن محمد بن زكريا الغلابي. وفي باب شرط من أذن له في أعمالهم ج ١ / ٣٥٨ الحسين بن الحسن الهاشمي عن صالح بن أبي حماد الحديث. وفي التهذيب ج ٤ / ٧٩ علي بن حاتم قال حدثني أبوالحسن محمد بن عمرو عن أبي عبدالله الحسين بن الحسن الحسيني عن إبراهيم إبن محمد الهمداني الحديث ورواه في الاستبصار ج ٢ / ٤٤. قلت: الاتحاد في جميع هذه الموارد أمر ممكن إلا أنه لادليل عليه فلا حظ.

الحسين بن الحسن الافطس بن علي الاصغرإبن علي إبن الحسين بن علي بن أبي طالب (ع)

قد ذكر في السير والتواريخ بسيرة غير مرضية وتفصيل أخباره في كتابنا في أخبار الرواة.

الحسين بن الحسن بن الحسين بن الحسن بن علي ابن أبي طالب (ع) أبوالفضل العلوي

تقدم بعنوان الحسن بن الحسين العلوي من أصحاب الهادي والعسكري وممن هنائه بولادة ابنه الامام الحجة (عليهم‌السلام ).

٣٩٣

الحسين بن الحسن بن الحسين بن علي بن الحسين ابن موسى بن بابويه القمي

ذكره في لسان الميزان ج ٢ / ٢٧٩ وقال: ذكره ابن بابويه في الذيل وقال: كان من بيت فضل وعلم، وهو وجه الشيعة في وقته. وعن الرياض: كان من أكابر فقهاء الامامية وعلمائهم. ثم ذكر مدحه ببيته. وعن فهرست منتجب الدين: فقيه صالح. وعن الصهرشتي في أواخر (قبس المصباح) بعد حديث الحقوق من كتاب من لايحضره الفقيه للصدوق ما هذا لفظه: وقرأته على ابن أخيه الشيخ الرئيس أبي عبدالله الحسين بن الحسن بن بابويه بالري سنة ٤٤٠ وفى موضع آخر منه: سمعت الشيخ أبا عبدالله الحسين بن الحسن ابن بابويه بالري سنة ٤٤٠ يروي عن عمه أبي جعفر محمدبن علي بن بابويه (الصدوق) وهو الجد الاعلى للشيخ منتجب الدين، ولا ينافيه عدم تصريحه بأنه جده لم يصرح به في ترجمة غيره من أجداده سوى واحد.

ويأتي في ترجمة ربعي بن عبدالله(٤٣٩) قول الماتن: ذكر أبوعبدالله الحسين بن الحسن بن بابويه كتاب الراهب والراهبة رواية محمد بن الحسن عن محمد بن الحسن عن أحمد بن محمد عن القاسم إبن يحيى عن جده الحسن بن راشد في فهرسته.

وفي طاهر بن حاتم(٥٤٩) قوله: ذكر الحسن بن الحسين قال حدثنا خالي الحسين إبن الحسن وإبن الوليد الخ. قلت: لم أقف على ترجمة لبابويه ولا لابنه موسى ولا لحفيديه

٣٩٤

الحسين، ومحمد ولا للحسن بن محمد بن موسى في الرجال نعم تأتي ترجمة جده الاعلى والد الصدوق رقم(٦٨٣)، وترجمة الصدوق رقم (١٠٥١) وترجمة الحسين بن الحسن بن محمد بن موسى، والحسين بن الحسين ابن علي وتقدم ترجمة جده الادنى أخي الصدوق الحسين بن علي ص(٢٦٣) وأيضا ترجمة عم أبيه الحسن بن علي بن الحسين ص ٢٦٥ وترجمة أبيه، وعمه(٢٦٥). ويأتي أيضا ذكرهم. وقال الشهيد في الدراية(١٢٥): وقد اتفق لنا منه (أي الرواية عن خمسة آبآء) رواية الشيخ الجليل بابويه بن سعد بن محمد إبن الحسن بن الحسين بن علي بن الحسين بن بابويه عن أبيه سعد عن أبيه محمد عن أبيه الحسن عن أبيه الحسين، وهو أخو الشيخ الصدوق أبي جعفر محمد عن أبيه علي بن بابويه. وعن ستة آباء، وقد وقع لنا منه أيضا رواية الشيخ منتجب الدين ابن الحسن علي بن عبدالله عن الحسن بن الحسين بن الحسن بن الحسين ابن علي بن الحسين بن بابويه، فانه يروي أيضا عن أبيه عن أبيه عن أبيه عن أبيه عن أبيه عن علي بن الحسين الصدوق بن بابويه، وهذا الشيخ منتجب الدين كثير الرواية واسع الطرق عن آبائه وأقاربه وأسلافه، ويروى عن ابن عمه الشيخ بابويه المتقدم بغير واسطة انتهى.

الحسين بن الحسن الفارسي القمي

ذكره الشيخ في الفهرست(٥٥) وقال: له كتاب أخبرنا به عدة من أصحابنا عن أبي المفضل عن ابن بطة أحمد بن أبي عبدالله عن الحسين بن الحسن الفارسي. قلت: طريقه ضعيف بأبي المفضل وبابن بطة.

٣٩٥

الحسين بن الحسن بن محمد بن موسى بن بابويه القمي

ذكره الشيخ فيمن لم يرو عنهم (ع) من رجاله(٤٦٩) وقال: كان فقيها عالما، روى عن خاله علي بن الحسين بن موسى بن بابويه ومحمدبن الحسن بن الوليد، وعلي بن محمد ما جيلويه، وغيرهم، روى عنه جعفر بن علي بن أحمد القمي، ومحمد بن أحمد بن سنان، ومحمد ابن علي ملبية. وقال إبن حجر في لسان الميزان ج ٢ / ٢٧٨: الحسين بن الحسن إبن محمد. ذكره الطوسي في رجال الشيعة وقال: كان من الثقات، وأثنى عليه أبوجعفر بن بابويه، وقال: كان بصيرا بالعلم. قلت: يحتمل الاتحاد مع المتقدم عن الشيخ. وقال إبن داود(١٢٣) في القسم الاول: الحسين بن الحسن إبن محمد بن موسى بن بابويه. لم (جخ) كان فقيها عالما، روى عن خاله علي بن الحسين بن بابويه. وعن بعض أصحابنا رواية دعاء الكاظم (ع) حين ما حبسه الرشيد باسناده عنه عن خاله علي بن الحسين الحديث.

الحسين بن الحسن بن محمد

قال ابن حجر في لسان الميزان ج ٢ / ٢٧٨: الحسين بن الحسن بن محمد. ذكره الطوسي في رجال الشيعة. وقال: كان من الثقات وأثنى عليه أبوجعفر بن بابويه، وقال: كان بصيرا بالعلم.

٣٩٦

وفي مجمع الرجال عن رجال الشيخ (لم): الحسين بن الحسن بن محمد روى عنه محمد بن علي بن الحسين بن بابويه. قلت: لايوجد ذكره في النسخة المطبوعة من رجاله. ويمكن الاتحاد مع سابقه مع التصحيف فلاحظ.

الحسين بن الحسين بن علي بن الحسين بن بابويه القمي

تقدم في ترجمة أبيه(٢٦٥) ذكره مع أخيه الحسن وأبيه عن منتجب الدين قائلا: فقهاء صلحاء.

وفي لسان الميزان ج ٢ / ٢٧٩ في نسخة غير مصححة ذكره كما في العنوان ثم قال: ذكره ابن بابويه في الذيل وقال: كان من بيت فضل، وعلم، وهو وجه الشيعة في وقته. لكن في النسخة المصححة: الحسن بن الحسن بن الحسين بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي. وتقدم فلاحظ.

الحسين بن الحكم

اصول الكافي ج ٢ / ٣٩٩ باب الشك: علي بن ابراهيم عن محمد ابن عيسى عن يونس عن الحسين بن الحكم قال: كتبت إلى العبد الصالحعليه‌السلام أخبره: اني شاك وقد قال ابراهيم (ع) " رب أراني كيف تحيي الموتى " واني أحب أن تريني شيئا، فكتب (ع) أن ابراهيم كان مؤمنا وأحب أن يزداد ايمانا، وأنت شاك والشاك لاخير فيه الحديث وعن التعليقة: الظاهر من روايته هذه الرواية رجوعه وزوال

٣٩٧

شكه أه‍. قلت: وهذا منه (ره) عجيب فانها صريحة في ذمه لشكه وانه ليس مؤمنا يطلب الزيادة في يقينه، وحكايته ما يدل على ذمه لا تدل على رجوعه وزوال شكه. ثم انها غير ظاهرة في مورد شكه وانه في التوحيد أو المعاد أو امامة أبي الحسنعليه‌السلام أو غيرها. نعم ربما يدل على شكه بعد يقينه فلاحظ. وفي الكافي ج ٢ / ٢٧٠ محمد بن يحيى عن (التهذيب ج ٩ / ٣٢٥) أحمد بن محمد عن محمد بن سهل عن الحسين بن الحكم عن أبي جعفر الثاني (ع) في رجل مات وترك خالتيه الحديث.

الحسين بن خالد الصيرفي

ذكره في أصحاب الكاظم (ع) البرقي(٥٣) وأيضا قبل ذلك بأسماء(٤٨) بلا ذكر (الصيرفى)، وأيضا الشيخ(٣٤٧). وروى الصدوق في العيون ج ١ / ٣١٠ باسناده عن الحسين بن خالد الكوفي عن أبي الحسن الرضا (ع)، وكذا في معاني الاخبار. روى عن ابي الحسن الاول (ع) كثيرا. عنه عنه (ع) جماعة: منهم سيف بن عميرة، والحسن بن علي بن يقطين، ومحمد بن حفص ومحمد بن اشيم، ومحمد بن أبي عمير. وذكره الشيخ في أصحاب الرضا (ع) ٣٧٣ مع لقبه. روى عن الحسين بن خالد الصيرفي عنه (ع) جماعة: منهم الفضل ابن سليمان الكوفي، وعلي بن معبد (فقد روى عنه كثيرا جدا)، وأبوأحمد الغازي، ومحمد بن عيسى، وأحمد بن محمد أبي نصر

٣٩٨

البزنطي، وعبيدالله بن عبدالله الدهقان الواسطي والحسن بن أبي العقب الصيرفي، ويونس بن عبدالرحمان، ومحمد بن أبي عمير، وصفوان ابن يحيى: وفي العيون ج ٢ / ٢٢٩ حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني قال حدثنا علي بن ابراهيم بن هاشم عن أبيه عن صفوان بن يحيى قال: كنت عندالرضا (ع) فدخل عليه الحسين بن خالد الصيرفي فقال له: جعلت فداك اني أريد الخروج إلى الاعوض فقال: حيث ما ظفرت بالعافية فألزمه، فلم يقنعه ذلك، فخرج يريد الاعوض، فقطع عليه الطريق وأخذ كل شئ كان معه من المال. قلت: الخبر ربما يدل بظاهره على ذمه حيث خالف أمره (ع)، إلا أنه يمكن النظر فيه أولا فلعله لم يفهم من كلامه (ع) نهيه عن الخروج كما هو غير صريح بل ولا ظاهر جلي وثانيا ان النهي في أمثاله مما سيق للارشاد إلى مفاسد دنيوية تعود اليه لايوجب مخالفته عصيانا يمنع عن عدالته وهذا كما يأتي نظيره في حماد بن عيسى. ويأتي في ترجمة محمد بن اسماعيل بن بزيع باسناد الماتن إلى علي ابن معبد عن الحسين عن الحسين بن خالد الصيرفي قال: كنا عند الرضاعليه‌السلام ونحن جماعة نذكر محمد بن اسماعيل بن بزيع، فقال: وددت ان فيكم مثله. ومما يشير إلى وثاقته في الرواية رواية أجلة الاصحاب ومن لايروى الا عن ثقة عنه مثل ابن ابي عمير، والبزنطي، وصفوان واضرابهم، وانه من رجال أسانيد تفسير علي بن ابراهيم.

٣٩٩

الحسين الخراساني الحباز

هو الذي علمه أبوعبداللهعليه‌السلام دعاء‌ا لشفاء وجعه. رواه الكليني في أصول الكافي ٢ / ٥٦.

الحسين بن روح بن أبي بحر أبوالقاسم النوبختي

ثالث السفراء والنواب الخاصة الاربعة لامامنا الحجة صلوات الله عليه قام بالسفارة بعد مضي السفير الثاني أبي جعفر محمد بن عثمان العمري في آخر جمادى الاولى سنة ٣٠٥ كما في رواية أبي غالب الزراري، وما رواه محمد بن نفيس، أو سنة ٣٠٤ كما في خبر هبة الله ابن محمد. ولما حضرته الوفاة في شعبان سنة ٣٢٦ اوصى إلى السمري آخر السفراء ودفن بالنوبختية كما يدل عليه رواية الغيبة(٢٢٨) وقبره معروف ببغداد بالسوق يزار ويتبرك به.

مكانته السامية : كان جليل القدر عظيم المنزلة وجيها بين أصحابنا وعند العامة، فقد نشأ في بيت كبير جليل من النوبختية في بغداد فيها رجال يشار اليهم في العلوم تقدم ذكرهم ص ١٩٥ هذا مع فضله ودينه وثقته عندهم. وفيما رواه الشيخ في الغيبة(٢٣٦) باسناده عن أبي عبدالله بن غالب عندما وصفه: وكان له محل عند السيدة والمقتدر، عظيم، وكانت

٤٠٠

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

٤٥

قصّة فدك

كانت « فدك » منطقة خصبة ، كثيرة الخير ، قرب خيبر ، وهي تبعد عن المدينة بما يقرب من (١٤٠) كيلومترا ، وكانت تعتبر بعد حصون خيبر النقطة الهامة التي يعتمد عليها يهود الحجاز(١) .

وقد ملأت القيادة الاسلامية ـ بعد أن هزم اليهود في خيبر ووادي القرى وتيماء الفراغ الذي حصل في شمال المدينة ـ بالقوة العسكرية الاسلامية.

ولأجل أن تنهي الوجود السياسي اليهودي في هذه المنطقة التي كانت بمثابة منبع خطر ، وبؤرة شغب ضدّ الاسلام ، بعثت القيادة الاسلامية سفيرا الى سادة فدك وزعمائها ، لمعرفة موقفهم فآثر « يوشع بن نون » الذي كان يرأس سكان تلك المنطقة ، الصلح والسلام على الحرب والقتال ، وتعهّد بأن يسلّم كل سنة نصف محاصيل فدك الى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٢) .

وأن يعيش هو وقومه من الآن تحت راية الحكومة الاسلامية ، ولا يشاغب ولا يتآمر ضدّ المسلمين ، على أن تتعهد الحكومة الاسلامية ـ في مقابل هذا المبلغ ـ بتوفير الأمن في المنطقة.

__________________

(١) راجع كتاب « مراصد الاطلاع » ج ٣ ص ١٠٢٠ ماده فدك.

(٢) السيرة النبوية : ج ٢ ص ٣٥٣ ، امتاع الاسماع : ج ١ ص ٣٣١ ، فتوح البلدان : ص ٤٢.

٤٢١

حكم الاراضي المفتوحة بلا قتال :

ومن الجدير بالذكر هنا أن الأراضي التي يسيطر عليها المسلمون بالحرب والقتال تعود ملكيتها الى عامة المسلمين ويكون إدارتها بيد القائد الأعلى للامة.

أما الاراضي التي لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب ولم يسيطر عليها المسلمون بالقتال فتكون لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والامام من بعده خالصة ، فهو يتصرف فيها كما يشاء ويرى ، فله أن يهبها ، وله أن يؤجّرها ، ومن جملة ماله أن يفعل فيها هو أن يهبها لأقربائه فيسدوا بها حاجتهم ، ويديروا بها معيشتهم(١) .

وعلى هذا الاساس وهب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فدكا لابنته الطاهرة فاطمة الزهراء ، وقد أريد من إيهاب هذه الارض لها ـ كما تشهد بذلك القرائن ـ أمران :

١ ـ انّ قيادة الامة كانت بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كما صرّح النبي بذلك مرارا ، لـ : « علي بن أبي طالب » ، ومثل هذه المسئولية الثقيلة تحتاج ولا شك الى ميزانية كبيرة ، فكان لعليّعليه‌السلام أن يصرف من أموال فدك وعائداتها اذا صارت تحت تصرفه اكبر قدر ممكن ليحفظ به ذلك المنصب ، ويستطيع القيام بمتطلباته.

وكأنّ جهاز الخلافة ـ بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أدرك هذه الحقيقة ، ولهذا عمد منذ الايام الاولى لوفاة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الى انتزاع فدك من أهل بيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

٢ ـ لقد كان من الواجب أن تعيش ذرية النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم التي كان يتمثل مصداقها الكامل في وحيدة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فاطمة الزهراء ،

__________________

(١) وقد طرحت هذه المسألة في الآية ٦ و ٧ من سورة الحشر وعولجت في الكتب الفقهية في باب الجهاد تحت عنوان « الفيء » « والأنفال ».

٤٢٢

وابنيها الحسن والحسينعليهما‌السلام بعد وفاة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بصورة تليق بمقام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وشرفه ، ومكانته السامية.

ولهذا الهدف وهب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فدكا لابنته فاطمة الزهراءعليها‌السلام .

يقول المفسرون والمحدّثون الشيعة وبعض علماء السنة انه لما نزل قوله تعالى :

« وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ » (١) .

دعا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ابنته فاطمة وفوّض إليها فدكا(٢) ، وقد روى هذا الأمر ابو سعيد الخدري وهو من كبار صحابة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

ويعترف جميع المفسرين ، سنة وشيعة ، بان هذه الآية نزلت في حق أقرباء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وابنته الزهراء اظهر وأقوى مصاديق « ذي القربى » ، حتى انه كان على بن الحسين السجاد في الشام بعد واقعة كربلاء ، وسأله بعض الشاميين عن نسبه ، فتلاعليه‌السلام الآية المذكورة للتعريف بنفسه ، وحيث إن مفاد الآية والمراد بها كان معلوما عند المسلمين كافة قال الشامي متعجبا : وانكم للقرابة الذي أمر الله أن يؤتى حقه(٣) .

وخلاصة القول ان ثمة اتفاقا بين علماء السنة والشيعة في أن هذه الآية قد نزلت في شأن الزهراء وابنيها ، نعم هناك خلاف في ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهب ساعة نزول هذه الآية فدكا لابنته فاطمة ، أم لا ، ولقد اتفق علماء الشيعة على الشق الأول ، وذهبوا إلى ان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهب فدكا عند نزول الآية لفاطمة ووافقهم على ذلك جمع من علماء السنة.

وقد أراد المأمون العباسى ( لسبب ما ) اعادة فدك إلى بني الزهراء فكتب

__________________

(١) الاسراء : ٢٦.

(٢) مجمع البيان : ج ٣ ص ٤١١ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج ١٦ ص ٢٦٨ ، الدر المنثور : ج ٤ ص ١٧٧.

(٣) الدّر المنثور : ج ٤ ص ١٧٦.

٤٢٣

الى المحدث المعروف « عبد الله بن موسى » وطلب منه أن يرشده في هذا الامر ، فكتب إليه عبد الله بن موسى الحديث المذكور الذي يوضح شأن نزول هذه الآية ، فاعاد المأمون فدكا الى أبناء الزهراء ، وذريتها(١) فكتب الخليفة العباسي إلى واليه على المدينة يومذاك بأن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهب فدكا لابنته فاطمة الزهراء ، وهذا أمر مسلم ، ولا خلاف فيه بين ابناء الزهراء.

وقد جلس المأمون ذات يوم على كرسي خاص للاستماع إلى مظالم الناس وشكاياتهم ، فكانت أول ما أعطي له ، رسالة وصف صاحبها نفسه فيها بأنه يدافع عن الزهراء ، فقرأ المأمون الرسالة وبكى مدة ، ثم قال : من هو المحامي عن الزهراء؟ فقام شيخ كبير ، وقال : أنا هو ذا ، فانقلب مجلس المأمون من مجلس القضاء الى مجلس حوار ومناظرة بين المأمون وبين ذلك الشيخ ، وأخيرا وجد المأمون نفسه مغلوبا محجوجا فأمر رئيس ديوانه بان يكتب كتاب ردّ فدك إلى ابناء الزهراء ، فكتب ذلك الكتاب ، ووشحه المأمون بتوقيعه ، وفي هذه المناسبة قام دعبل الذي حضر ذلك المجلس وأنشأ شعرا هذا مطلعه :

أصبح وجه الزمان قد ضحكا

بردّ مأمون هاشم فدكا(٢)

وليس الشيعة بحاجة ـ في اثبات ان فدكا كان ملكا طلقا وخالصا للزهراء فاطمة بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى الدلائل المذكورة ، لأن الصدّيق الاكبر أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام قد صرّح بمالكيته بفدك في إحدى رسائله الى واليه على البصرة عثمان بن حنيف اذ قال :

« بلى كانت في أيدينا فدك من كلّ ما أظلّته السماء فشحّت عليها نفوس قوم ، وسخت عنها نفوس قوم آخرين ونعم الحكم الله »(٣) .

__________________

(١) مجمع البيان : ج ٣ ص ٤١١ عند تفسير قوله تعالى : «« وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ » الاسراء : ٢٧ فتوح البلدان ص ٤٦

(٢) شرح ابن أبي الحديد : ج ١٦ ص ٢١٧.

(٣) نهج البلاغة : الكتاب ٤٥.

٤٢٤

قصة فدك بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

لقد حرمت ابنة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم العزيزة فاطمة من ملكها الخالص ( فدك ) بعد وفاة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأغراض سياسية خاصة ، وأخرجوا عمالها من تلك الارض ، فعمدت إلى إثبات حقّها واسترداد ملكها من جهاز الخلافة عن طريق القانون.

ففي الدرجة الأولى كانت قرية فدك في يدها ، واليد دليل الملك ، ولكن جهاز الخلافة طلب منها مع ذلك دليلا على كون فدك ملكها ، خلافا لكلّ الموازين القضائية الاسلامية.

إذ لا يطلب من أيّ واحد له يد على شيء ( أي يكون ذلك الشيء تحت تصرفه ) أن يقيم دليلا على ملكيته لذلك الشيء ، ولكن الخلافة لم تعر ليد الزهراء على « فدك » أهمية ، بل طالبتها بان تأتي بشاهد على ملكيته.

ولهذا اضطرت فاطمة الزهراءعليها‌السلام إلى ان تأتي للشهادة على ذلك بشخصيّة ذات مكانة هامة كعليّعليه‌السلام وامرأة تدعى أمّ أيمن التي شهد لها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأنها من نساء الجنة(١) .

وبعتيق رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم « رباح » حسب رواية البلاذري(٢) ، ولكن جهاز الخلافة لم يعر اهتماما لشهادة هؤلاء الشهود ، وحرم ابنة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من ملكها الذي وهبه اياها والدها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

ولقد كانت « الزهراء » و « علي » وابناهما الحسن والحسينعليهم‌السلام مطهرين من كل رجس كما صرح بذلك قوله تعالى :

«إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً »(٣) .

__________________

(١) الاصابة : ج ٤ ص ٤٣٢.

(٢) فتوح البلدان : ص ٤٤.

(٣) الاحزاب : ٣٣ ، راجع كتاب : آية التطهير في احاديث الفريقين : ج ١ و ٢.

٤٢٥

ولو أن هذه الآية شملت نساء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لكانت فاطمة الزهراء من أوضح مصاديقها قطعا ويقينا ، ولكن الخلافة تجاهلت ـ مع الأسف ـ حتى هذا الدليل ، واعتبر الخليفة ادعاءها ادعاء غير مشروع.

وفي المقابل يرى علماء الشيعة أن الخليفة الاول أذعن في نهاية الأمر لصحة رأى الزهراء وصحة ادّعائها وشرعيّته ، وكتب كتابا يصرّح بأن فدكا ملك خالص للزهراء وأعطاها ذلك الكتاب ، ولكن رفيق الخليفة وصاحبه لما صادف الزهراء في اثناء الطريق وعرف بأنها حصلت على اعتراف صريح من الخليفة بملكيتها لفدك أخذ منها ذلك الكتاب واتى به الى الخليفة الاول وقال معترضا على شهادة عليعليه‌السلام وأم أيمن لها : ان عليا يجرّ إلى نفسه وأم أيمن امرأة.

ثم عمد إلى الكتاب فمحاه وخرقه(١) .

هذا ويروي الحلبي في سيرته هذه الحادثة بصورة اخرى اذ يكتب قائلا : ان ابا بكر كتب لفاطمة بفدك ودخل عليه عمر فقال : ما هذا؟ فقال : كتاب كتبته لفاطمة بميراثها من أبيها ، فقال : ممّا ذا تنفق على المسلمين وقد حاربتك العرب كما ترى ، ثم اخذ عمر الكتاب فشقه(٢) .

ما قاله أحد متكلمي الشيعة ، وهو ان أبي الحديد يقول : قلت لمتكلم من متكلمي الاماميّة يعرف بعلي بن تقي من بلدة النيل : وهل كانت فدك إلاّ نخلا يسيرا وعقارا ليس بذلك الخطير! فقال لي : ليس الأمر كذلك ، بل كانت جليلة جدا ، وكان فيها من النخل نحو ما بالكوفة الآن من النخل ، وما قصد ابو بكر وعمر بمنع فاطمة عنها إلا ألاّ يتقوّى عليّ بحاصلها وغلّتها على المنازعة في الخلافة ، ولهذا اتبعا ذلك بمنع فاطمة وعلي وسائر بني هاشم وبني المطّلب حقّهم في الخمس ، فإنّ الفقير الذي لا مال له تضعف همته ، ويتصاغر عند نفسه ، ويكون مشغولا بالاحتراف والاكتساب عن طلب الملك والرئاسة(٣) .

__________________

(١) شرح ابن أبي الحديد : ج ١٦ ص ٣٧٤.

(٢) السيرة الحلبية : ج ٣ ص ٣٩١.

(٣) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج ١٦ ص ٢٣٦.

٤٢٦

ويكتب هذا الكاتب في موضع آخر من كتابه أيضا : سألت علي بن الفارقيّ مدرّس المدرسة الغربية ببغداد ، فقلت له : أكانت فاطمة صادقة؟ قال : نعم ، قلت : فلم لم يدفع إليها أبو بكر فدك وهي عنده صادقة؟ فتبسم ، ثم قال كلاما لطيفا مستحسنا مع ناموسه وحرمته وقلة دعابته ، قال : لو أعطاها اليوم فدك بمجرد دعواها لجأت إليه غدا ، وادّعت لزوجها الخلافة ، وزحزحته عن مقامه ، ولم يكن يمكنه الاعتذار والموافقة بشيء ، لانه يكون قد اسجل على نفسه على أنها صادقة فيما تدعي كائنا ما كان من غير حاجة إلى بيّنة ولا شهود. وهذا كلام صحيح ، وان كان أخرجه مخرج الدعابة والهزل(١) .

لقد بدأ منع بني الزهراء من فدك في عهد الخليفة الأول ، وبعد ان قضى عليعليه‌السلام وتسلّم معاوية زمام الامر ، وزع فدكا بين ثلاثة هم : ( مروان بن الحكم وعمرو بن عثمان ، وابنه يزيد ).

ولما ولي الأمر « مروان » سيطر على فدك بصورة كاملة ، ووهبها لابنه عبد العزيز ، واعطاها عبد العزيز لولده « عمر بن عبد العزيز »(٢) .

وحيث انه كان حاكما معتدل السيرة بين خلفاء بني أميّة لهذا فان أول بدعة أزاحها كان هو اعادة فدك إلى بني فاطمة ، ثم انتزعها الخلفاء الذين توالوا بعده من ايدي بني هاشم ، وكانت بأيديهم حتى يوم انقرضت فيه حكومة الامويين.

وقد اضطرب أمر فدك اضطرابا عجيبا ايام الخلافة العباسية ، فلما ولي أبو العباس السفاح ردّها على عبد الله بن الحسن بن الحسن ، ثم قبضها ابو جعفر من بني حسن ، ثم ردّها محمّد المهدي ابنه ، على ولد فاطمةعليها‌السلام ، ثم قبضها موسى الهادي بن المهدي وهارون أخوه ، لاسباب سياسيه خاصة ، حتى وصل الدور إلى المأمون فردها على الفاطميين اصحابها الشرعيين ضمن تشريفات

__________________

(١) شرح ابن أبي الحديد : ج ١٦ ص ٢٨٤.

(٢) شرح ابن أبي الحديد : ج ١٦ ص ٢٧٨.

٤٢٧

خاصة وبصورة رسمية.

ثم اضطرب امر فدك من بعده أيضا فربما سلبت من أصحابها وربما ردّت إليهم. وهكذا تراوحت بين السلب والرد.

ولقد استغلّت فدك في عهد الامويين والعباسيين في أغراض سياسية بحتة قبل أن تستغلّ في أغراض اقتصادية.

فلقد كان الخلفاء في صدر الاسلام يحتاجون إلى عائدات فدك المالية ، مضافا إلى انهم انتزعوها من يد عليّ لغرض سياسي ولكن في العصور المتأخرة عن ذلك كثرت ثروة الخلفاء وزادت زيادة هائلة بحيث لم يكونوا بحاجة إلى عائدات فدك ، ولهذا فان عمر بن عبد العزيز لما أعاد فدكا إلى بني فاطمة احتج عليه بنو أميّة واعترضوا قائلين : هجّنت فعل الشيخين ، وإن أبيت إلاّ هذا فامسك الأصل وأقسم الغلّة(١) .

فدك في محكمة التاريخ :

إن دراسة وتقييم ملفّ « فدك » تثبت بوضوح أن منع ابنة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من حقها المشروع كان عملا سياسيا بحتا ، أي إنه ما كان يستند إلى أي مبرر شرعي مطلقا ، وان المسألة كانت أوضح من أن تخفى على خليفة العصر.

وقد أوضحت الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراءعليها‌السلام هذه الحقيقة في خطابها الساخن البليغ اذ قالت :

هذا كتاب الله حكما عدلا وناطقا فصلا يقول : ويرثني ويرث من آل يعقوب(٢) وورث سليمان داود(٣) وبيّن عزّ وجلّ في ما وزّع من الأقساط وشرع من الفرائض والميراث »(٤) .

__________________

(١) شرح نهج البلاغة لابن ابي الحديد : ج ١٦ ص ٢٧٨.

(٢) مريم : ٦.

(٣) النمل : ١٦.

(٤) الاحتجاج للطبرسي : ج ١ ص ١٤٥.

٤٢٨

إن البحث حول دلالة الآيتين على وراثة أبناء النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عنه ، والحديث الذي رواه الخليفة وحده يوجب اطالة الكلام ، وفي امكان من يحبّ التوسع ان يراجع كتب التفسير المفصلة.

السيطرة على وادي القرى :

ان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يضع نهاية لنشاط القوى المضادة للاسلام في هذه المنطقة ( خيبر ) فقط بل رأى ان يتوجه الى وادي القرى التي كان يشكل مركزا آخر من مراكز اليهود. فحاصر بنفسه حصونهم عدة أيام ، حتى فتحها ، ثم عقد بعد الفتح معاهدة مع أهلها على غرار معاهدة « خيبر ».

وبهذا طهرت أرض الحجاز من فتنة اليهود الاوغاد ، وقد جرّدوا من اسلحتهم ووضعوا تحت حماية المسلمين ومراقبتهم الدقيقة(١) .

__________________

(١) الكامل في التاريخ : ج ٢ ص ١٥٠.

٤٢٩

٤٦

عمرة القضاء(١)

كان يحق للمسلمين بعد التوقيع على معاهدة صلح الحديبية أن يدخلوا بعد عام واحد من تاريخ يوم التوقيع مكة ، ثم يغادروها بعد ثلاثة ايام يقيمون فيها شعائر العمرة وكان عليهم بموجب الاتفاق أن لا يحملوا معهم إلاّ سلاح الراكب : السيف في القرب ، ليس غير.

والآن مضى عام واحد على يوم التوقيع على المعاهدة المذكورة ، وآن الاوان ليستفيد المسلمون من هذه المادة في تلك الاتفاقية ، وان يتوجه المسلمون المهاجرون الذين مضى عليهم سبعة أعوام ابتعدوا فيها عن بيوتهم ووطنهم ومسقط رءوسهم ، ورجّحوا الحياة في الغربة ، وتحمل متاعبها على العيش في الوطن للمحافظة على عقيدة التوحيد.

يتوجه مثل هؤلاء مرة اخرى إلى زيارة بيت الله الحرام ولقاء الاحباب والأقرباء وتفقّد المنازل والبيوت التي ولدوا فيها وترعرعوا في رحابها.

__________________

(١) العمرة أعمال خاصة ومناسك معينة يمكن للمرء الاتيان بها طوال اشهر السنة على العكس من أعمال الحج التي يجب أداؤها فقط في شهر ذي الحجة وقد توجه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى مكة في يوم الاثنين السادس من شهر ذي القعدة من السنة الهجرية السابعة. وسميت هذه العمرة عمرة القضاء لانها كانت بدلا عن العمرة التي منع النبيّ والمسلمون عنها في عام الحديبية.

٤٣٠

ولهذا عند ما أعلن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بان يستعد من حرم من العمرة في العام الماضي للعمرة ، دب شوق عجيب في نفوس المسلمين ، واغرورقت دموع الفرح في عيونهم ، فخرج مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ألفا شخص بدل ألف وثلاثمائة وهم عدد الذين خرجوا معه في السنة الماضية.

وكان بين الخارجين مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جمع كبير من شخصيات المهاجرين والأنصار البارزة الذين كانوا يلازمون رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم طول سيره ملازمة الظل لصاحب الظل.

وساق رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في هذه العمرة ستين بدنة وقد قلّدها(١) ، وأحرم من مسجد المدينة واتبعه الآخرون ، وخرج ألفان وهم يلبّون مرتدين أثواب الاحرام يقصدون مكة.

ولقد كان هذا الموكب العظيم من الجلال والمغزى المعنوي بحيث لفت نظر الكثير من المشركين إلى حقيقة الاسلام ومعنويته الرائعة.

ولو قلنا : ان هذا السفر كان ـ في حقيقته ـ سفرا تبليغيا ، وان المشتركين فيه كانوا ـ في حقيقة الامر ـ طلائع التبليغ والدعوة لما قلنا جزافا ، فان آثار هذا السفر المعنوى ظهرت للتو فقد انبهر بمنظر سلوكهم وعبادتهم ونظامهم الد أعداء الاسلام أمثال « خالد بن الوليد » بطل معركة أحد وعمرو بن العاص داهية العرب فرغبوا في الاسلام ، وأسلموا بعد قليل.

وحيث ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يكن آمنا من غدر قريش فقد كان يحتمل أن يباغتوه ويباغتوا أصحابه في أرض مكة ، ويسفكوا دماء جماعة

__________________

(١) البدنة الناقة تنحر بمكة والجمع بدن وتقليد البدنة أن يجعل في عنقها نعلا فيعلم أنها هدي.

٤٣١

منهم وهم لا يحملون معهم إلاّ سلاح الراكب اذ لم يكن مسموحا للمسلمين ـ حسب المعاهدة ـ أن يأخذوا معهم سلاحا غير ذلك.

من هنا عمد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تحسبا لأي طارئ إلى تكليف مائتي رجل من المسلمين بالتسلح الكامل ، وأمرّ عليهم « محمّد بن مسلمة » وحملهم على مائة فرس سريع ، وأمرهم بالتوجه صوب مكة أمام القافلة الكبرى ، والاستقرار في منطقة « مرّا لظهران » قرب الحرم ، ينتظرون ورود رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومن معه.

فعرف عيون قريش الذين كانوا يراقبون تحركات رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بقضية الفرسان المسلّحين المائتين ، واستقرارهم في وادي « مرّ الظهران » ، وأخبروا سادة قريش بالأمر.

فبعثت قريش « مكرز بن حفص » الى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ليكلموه في هذا الإجراء فاتى مكرز الى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ه اعتراض قريش وانه تعهّد ـ قبل ذلك ـ أن لا يدخل مكة إلاّ بسلاح المسافر.

فأجابه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

« لا ندخلها إلاّ كذلك ولكن يكون هؤلاء قريبين منا ».

وقد أفهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مكرزا بهذه العبارة بأن قريش لو استغلّت عدم حمل النبي واصحابه للسلاح الثقيل فباغتتهم أدركتهم هذه القوة الاحتياطية المسلحة القوية المستقرة على مقربة من الحرم ، ومدّوهم بالسلاح والعتاد.

فعاد « مكرز » واخبر قريشا بما سمع من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فادركت قريش حنكة رسول الاسلام وبعد نظره ، وحسن تقديره للامور ،

٤٣٢

ففتحت أبواب مكة في وجه المسلمين ، وخرج رءوس المشركين وأهلوهم ومن تبعهم الى رءوس الجبال ، وخلّوا مكة ، وقالوا : لا ننظر إلى محمّد ولا إلى اصحابه ، ولكنهم كانوا يراقبون المشهد من بعيد!!(١)

النبي يدخل مكة :

دخل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو على راحلته القصواء وأصحابه متوشحو السيوف محدقون به يلبّون وهم ألفان ، فدوّى صوتهم الموحّد بالتلبية في أرجاء مكة ، وكانت نغمة هذه التلبية الكبرى من الجلال والجمال بحيث بهرت كل سكان مكة ، وسحرت قلوبهم وعطفها نحو المسلمين ، وفي نفس الوقت أرعب اتّحاد المسلمين ، ونظامهم ، والتفافهم حول النبي قلوب المشركين ، ولم يقطع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تلبيته حتى استلم الركن.

فلما انتهى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الى البيت وهو على راحلته وابن رواحة آخذ بزمامها وقد صف له المسلمون حين دنا من الركن حتى انتهى إليه ، استلم الركن بمحجنه مضطبعا بثوبه على راحلته انشد عبد الله بن رواحة يقول :

خلّوا بني الكفّار عن سبيله

إني شهدت أنه رسوله

حقا وكل الخير في سبيله

نحن قتلناكم على تأويله

كما ضربناكم على تنزيله

ضربا يزيل الهام عن مقيله

ويذهل الخليل عن خليله(٢)

وطاف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالبيت المعظم على راحلته ، وهنا أمر

__________________

(١) امتاع الاسماع : ج ١ ص ٣٣٧ و ٣٣٨.

(٢) زاد المعاد : ج ٢ ص ١٥٢.

٤٣٣

صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ابن رواحة ان يردّد هذا الدعاء بلحن ونغم خاص ؛ وان يتبعه المسلمون :

« لا إله إلاّ الله وحده وحده ، صدق وعده ، ونصر عبده واعز جنده ، وهزم الاحزاب وحده ».

كانت مكة بجميع مشاعرها في ذلك اليوم تحت تصرف المسلمين ، المسجد ، الكعبة ، الصفا ، المروة ، وغيرها. وقد كانت هذه الشعارات التوحيدية الساخنة في مكان كان طوال سنين مديدة مركزا للوثنية ، والشرك توجّه ضربات روحية قوية إلى نفسيّة سادة المشركين ، وأتباعهم ، ممّا كان يوحي بغلبة « محمّد »صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على كل أرجاء الجزيرة العربية حتما ويقينا.

ولما قضى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نسكه دخل البيت فلم يزل فيه حتى حان الظهر ، فصعد بلال الذي طالما عذّب في هذا البلد بسبب اسلامه فوق ظهر الكعبة بأمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، واذّن لصلاة الظهر.

ولقد كان لهذا المنظر مردود عجيب في نفوس المشركين فبلال واقف في نقطة طالما عدّت فيها الشهادة بالتوحيد وبرسالة محمّد ، ذنبا لا يغتفر ، وجريمة لا ينجو صاحبها من العذاب ، يردد ويردد معه المسلمون ما يردّد من فصول الأذان فصلا فصلا في خشوع وروحانية بالغة.

لقد أزعج أذان بلال المشركين واعداء التوحيد ، حتى قال « صفوان بن أميّة » : الحمد لله الذين أذهب أبي قبل أن يرى هذا ، وقال خالد بن اسيد : الحمد لله الذي أمات أبي ولم يشهد هذا اليوم ، ولم يسمع هذا العبد الحبشيّ يقول ما يقول.

واما « سهيل بن عمرو » فانه لما سمع تكبير بلال غطّى وجهه بمنديل.

إنهم لم ينزعجوا من صوت « بلال » بل أحرجتهم مضامين فصول الأذان التي كانت ضدّ ما يحملونه من المعتقدات الباطلة الموروثة ، وجعلتهم يعانون بسبب

٤٣٤

ذلك من عذاب روحي شديد.

ثم ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حين أراد السعي بين الصفا والمروة سمع بأن قريشا تحدثت بينها أن محمّدا وأصحابه في عسرة وجهد وشدة ، وان الذين هاجروا معه الى المدينة مرضى ، وأنهم صفّوا له عند دار الندوة لينظروا إليه وإلى أصحابه ، فهرول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هرولة في المكان المعلّم الآن في المسعى ، وتبعه المسلمين وقد قال لهم قبل ذلك.

« رحم الله امرأ أراهم اليوم من نفسه قوة »(١) .

وذلك ليبطل ما اشاعته قريش حول المسلمين المهاجرين من الضعف والهزال بسبب ظروف المهجر. وهذا إن دل على شيء فانما يدل على امرين :

أولا : جواز القيام بالأعمال السياسية في موسم الحج.

ثانيا : ان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان حذرا جدا فكان يبطل كل خطط العدو أولا بأول.

يقول صاحب زاد المعاد : أمر النبي بذلك ليرى المشركون جلدهم وقوتهم ، وكان يكايدهم ( أي يبطل كيدهم ) بكل ما استطاع(٢) .

ثم ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعد أن فرغ من السعي نحر البدن ، ثم قصّر من شعره ، ثم خرج من إحرامه ، وتبعه المسلمون في كلّ ما فعل.

ثم أمرصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مائتين من أصحابه بعد أن طافوا بالبيت وانتهوا من مناسك العمرة ان يذهبوا إلى أصحابه بمرّ الظهران فيقيموا على السلاح فيأتي الآخرون فيقضوا مناسكهم ، ففعلوا.

انتهت أعمال العمرة ونسكها ، وذهب المهاجرون إلى منازلهم التي هجروها قبل سبعة أعوام ، ليجدّدوا اللقاء بذويهم وأقربائهم بعد طول فراق ، واستضافوا

__________________

(١) تاريخ الطبري : ج ٢ ص ٣٠٩ وراجع نظيره في زاد المعاد : ج ٢ ص ١٥٢.

(٢) زاد المعاد : ج ٢ ص ١٥٢. ولنا مقال مفصل في هذا المجال تحت عنوان الحج عبادة وسياسة نشر في مجلة الشهيد فراجع.

٤٣٥

جماعة من الأنصار في بيوتهم وفاء لجميلهم وتقديرا لخدماتهم حين قدموا عليهم المدينة بعد الهجرة ، فأسكنوهم واكرموهم في منازلهم وخدموهم سنينا عديدة.

النبي يغادر مكة :

تركت أحوال المسلمين وأوضاع الاسلام وجلال الموكب النبوي وعظمته أثرا بليغا وعجيبا في نفوس سكان مكة المشركين ، فقد تعرفوا على نفسية المسلمين النبيلة الطيبة في هذه الزيارة اكثر من أي وقت مضى وكاد ذلك أن « يفعل » فعلته ، ويحدث انقلابا روحيا في تلك البيئة.

ولما رأى زعماء المشركين أن توقف النبي وأصحابه في مكة سيؤثر في عقائد أهل مكة ويضعف تمسكهم بوثنيتهم ، ويوجد علاقات المحبة بينهم وبين المسلمين ، لهذا بعثوا أحدهم وهو حويطب الى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ بعد انقضاء المدّة المقرّرة للاقامة في مكة في المعاهدة ـ ليطلب منه مغادرة مكة قائلا : انه قد انقضى اجلك فاخرج عنا.

فانزعج بعض أصحاب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من مقالة مبعوث قريش هذا ، ولكن النبي لم يكن بالذي يخالف ما تعهّد به ، ولهذا أمر بأن ينادى في المسلمين بالرحيل فترك هو والمسلمون مكة فورا.

ولقد تأثرت « ميمونة » اخت أمّ الفضل زوجة العباس ، بما شهدت من مشاعر المسلمين وروحانيتهم فأرسلت إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن طريق عمّها العباس أنها ترغب في الزواج برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فوافق رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (١) وتزوجها ، وبهذا قوّى علاقاته مع قريش.

ان رغبة فتاة في الزواج بمن يكبرها بسنين عديدة لدليل واضح على مدى التأثير الروحي والمعنوي الذي تركه النبي والمسلمون في النفوس حتى أن النبي

__________________

(١) حياة محمد : ص ٤٠١.

٤٣٦

صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لما طلب من مبعوث قريش بأن يمهلوه بعض الوقت ليعرس بين أظهرهم ، ويصنع لهم طعاما يحضروه ، أبوا امهاله خوفا من تعاظم تأثيره في النفوس ، وقالوا له : لا حاجة لنا في طعامك فاخرج عنا(١) .

فأمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يخرج المسلمون من مكة في منتصف النهار ولم يبق بمكة إلى وقت الظهر ، وخلّف ابا رافع ليحمل إليه زوجته « ميمونة » حين يمسي ، فأقام أبو رافع حتى أمسى ، فخرج بميمونة ومن معها فلقوا عناء من سفهاء المشركين ، ولاموا « ميمونة » على فعلها ، ولكن كلامهم لم يؤثر قط في نفسها ، فقد رغبت في الزواج برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بدافع الرغبة في خلقه وسموّ أخلاقه.

وهكذا تحققت رؤيا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الصادقة التي رآها قبل سنة واحدة بأنه دخل البيت ، وحلق راسه ، ونزلت بعد هذه الوقائع الآية ٢٧ من سورة الفتح تتحدث عن تحقق هذا الوعد حيث أخبرت ضمنا عن فتح قريب ، ـ هو فتح مكة ـ الذي تحقق في السنة الثامنة من الهجرة اذ يقول سبحانه :

«لَقَدْ صَدَقَ اللهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لا تَخافُونَ فَعَلِمَ ما لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذلِكَ فَتْحاً قَرِيباً »(٢) .

__________________

(١) السيرة النبوية : ج ٢ ص ٣٧٢ ، تاريخ الخميس : ج ٢ ص ٦٢ ـ ٦٥.

(٢) الفتح : ٢٧.

٤٣٧

احداث السنة الثامنة من الهجرة

٤٧

معركة مؤتة

انقضت السنة الهجرية السابعة ، واستطاع المسلمون بفضل معاهدة صلح الحديبية ان يزوروا معا بيت الله المعظم ويعتمروا في أمان ، ويردّدوا في مركز حكومة الوثنيين شعارات قوية لصالح عقيدتهم التوحيدية إلى درجة انهم استطاعوا ان يستميلوا نحو الاسلام قلوب جماعة من سراة قريش وزعماء المشركين امثال « خالد بن الوليد » ، « وعمرو بن العاص »(١) و « عثمان بن طلحة » ، فلم يلبثوا أن جاءوا طائعين راغبين الى المدينة ، واعتنقوا الاسلام وقطعوا علاقاتهم بحكومة مكة الوثنية المشركة التي لم يبق منها إلاّ جسم من دون روح ، وهيكل من دون حياة(٢) .

وذكر بعض المؤرخين اسلام خالد او ابن العاص في السنة الخامسة من الهجرة.

ولكن هذا غير صحيح قطعا لأن « خالدا » كان يقود في الحديبية مائتين من فرسان قريش ، ونحن نعلم أن اسلام هذين الرجلين تمّ في وقت واحد.

كان ثمت أمن نسبيّ يسود اكثر مناطق الحجاز في أوائل السنة الثامنة ، وكان نداء الاسلام قد وصل إلى اكثر النقاط ولم يبق من نفوذ اليهود شيء ، ولم

__________________

(١) لقد ذكر الواقدي في مغازيه : ج ٢ ص ٧٤٣ و ٧٤٥ علة اسلام عمرو بصورة اخرى.

(٢) الطبقات الكبرى لابن سعد : ج ٤ ص ٢٥٢ ـ ٢٦١.

٤٣٨

تعد قريش تهدّد المسلمين من ناحية الجنوب ، ولهذا فكر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في أن يركز دعوته على سكان المناطق الحدودية للشام ، ويستميل الى الاسلام قلوب اولئك الاقوام التي كانت في تلك الايام تعاني من ظلم السلطات الروميّة.

ولهذا الغرض وجّه « حارث بن عمير الازدي » مع كتاب إلى « الحارث بن أبي شمر الغساني » ملك « بصرى » الذي كان حاكم الشامات المطلق يومذاك ، وكان يحكم من جانب قيصر.

فلما نزل مبعوث النبي « مؤتة » عرف به شرحبيل وكان حاكم المناطق الحدودية ، فقبض عليه ، وحقق معه ، فاعترف له بانه يحمل كتابا من جانب رسول الاسلام إلى حاكم الشامات المطلق ( الحارث الغساني ) ، فأمر بان يوثق وقدمه وضرب عنقه صبرا مخالفا بذلك كل الأعراف العالمية القاضية باحترام السفراء وحصانتهم.

فعرف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بذلك وغضب لمقتل رسوله بشدّة وندب الناس فأخبرهم بمقتل سفيره ومن قتله ، ودعا المقاتلين المسلمين الى الخروج للاقتصاص من قاتل « الحارث ».

حادثة أفجع من السابقة :

واتفق أن وقعت في نفس الايام حادثة اخرى افجع من الأولى ، أكّدت عزم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على تأديب سكان المناطق الحدودية الشامية الذين سلبوا دعاة الاسلام حرية العمل والدعوة ، وقتلوا دون رحمة ، وعذرا سفير النبي ، وجماعة الدعوة والتبليغ وإليك مفصل الحادثة الثانية :

بعث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في شهر ربيع الاول سنة ثمان من الهجرة على رأس خمسة عشر رجلا إلى منطقة « ذات أطلاح » من ارض الشام ، خلف وادي القرى لدعوة الناس الى الاسلام ، فخرجوا حتى انتهوا إلى تلك

٤٣٩

المنطقة فدعوا أهلها إلى الاسلام فلم يستجيبوا لهم ، ورشقوهم بالنبل فلما رأى أصحاب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ذلك قاتلوهم اشدّ القتال ، حتى قتلوا مؤثرين عز الشهادة على ذل الأسر ، وافلت منهم رجل جريح من القتلى ، فلما جنّ الليل تحامل حتى اتى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فاخبره الخبر فشق ذلك على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

فتسبّب العدوان على دعاة الاسلام وقتلهم في ان يصدر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أمرا بالخروج إلى الجهاد في شهر جمادى ، ووجّه جيشا قوامه ثلاثة آلاف مقاتل لتأديب المتمردين ، ومزاحمي دعاة الاسلام.

فتجمع ثلاثة آلاف بعد الاذان بالجهاد في معسكر خارج المدينة يدعى « الجرف » فخرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بنفسه الى ذلك المعسكر ، وخطب في المقاتلين خطابا ، هذا نصه :

« اغزوا بسم الله ادعوهم الى الاسلام فإن فعلوا فاقبل منهم واكفف عنهم والاّ فقاتلوا عدوّ الله وعدوّكم بالشام ، وستجدون فيها رجالا في الصوامع معتزلين الناس ، فلا تعرضوا لهم ، وستجدون آخرين للشيطان في رءوسهم مفاحص فاقلعوها بالسيوف ، ولا تقتلنّ امرأة ولا صغيرا مرضعا ولا كبيرا فانيا ، لا تغرقنّ نخلا ولا تقطعنّ شجرا ، ولا تهدموا بيتا »(١) .

ثم قال : جعفر بن أبي طالب أمير الناس ، فان قتل فزيد بن حارثة ، فان اصيب زيد فعبد الله بن رواحة فإن اصيب عبد الله بن رواحة فليرتضى المسلمون بينهم رجلا فليجعلوه عليهم.

ثم امر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المقاتلين بالتحرك نحو الهدف ، وخرج فشيّعهم مع جماعة من اصحابه حتى « ثنية الوداع » وهناك ودّعهم وكان المسلمون المشيعون يقولون : دفع الله عنكم وردكم سالمين غانمين ، صالحين.

__________________

(١) المغازي : ج ٢ ص ٧٥٧ و ٧٥٨.

٤٤٠

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735

736

737

738

739

740

741

742

743

744

745

746

747

748

749

750

751

752

753

754

755

756

757

758

759

760

761

762

763

764

765

766

767

768

769

770

771

772

773

774

775

776

777

778