سيد المرسلين صلى الله عليه وآله الجزء ٢

سيد المرسلين صلى الله عليه وآله7%

سيد المرسلين صلى الله عليه وآله مؤلف:
تصنيف: الرسول الأعظم صلّى الله عليه وآله
الصفحات: 778

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 778 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 459095 / تحميل: 9709
الحجم الحجم الحجم
سيد المرسلين صلى الله عليه وآله

سيد المرسلين صلى الله عليه وآله الجزء ٢

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

بقرينة رواية المفيد، وأحمد بن عبدون سنة(٣٥٠) وروايته عن علي ابن حاتم كما في هذه الموارد وفى مشيخة التهذيب ج ١٠ / ٨١ إلى علي ابن حاتم والفهرست وغيرهما، والنسبة إلى الجد غير عزيزة.

الحسين بن أحمد بن ظبيان

ذكره في اصحاب الصادق (ع) البرقي(٢٦)، والشيخ(١٨٤) وابن حجر في لسان الميزان ج ٢ / ٢٤٥ قائلا: ذكره الطوسي في رجال الشيعة وقال: أخذ عن جعفر الصادق رحمة الله عليه. وقال في الفهرست(٥٦): الحسين بن أحمد له كتاب، رويناه بالاسناد الاول (عدة من أصحابنا عن أبي المفضل عن ابن بطة عن أحمد ابن محمد بن عيسى) عن ابن أبي عمير وصفوان جميعا عنه. قلت: الطريق ضعيف بأبي المفضل وبابن بطة. ثم أنه لم يظهر أن صاحب الكتاب هو ابن ظبيان نعم ذكره الاصحاب.

الحسين بن أحمد بن عامر الاشعرى

هكذا ذكر فيمن لم يرو عنهم (ع) من رجال الشيخ في النسخة المطبوعة(٤٦٩) وقال: يروى عن عمه عبدالله بن عامر عن ابن أبي عمير روى عنه الكليني. وذكره في لسان الميزان ج ٢ / ٢٦٥ وقال: ذكره علي بن الحكم في شيوخ الشيعة وقال: كان من شيوخ أبي جعفر الكليني صاحب كتاب الكافى.

وصنف الحسين كتاب طب أهل البيت وهو من خير

٣٨١

الكتب المصنفة في هذا الفن روى عن عمه عبدالله بن عامر وغيره.

قلت: الظاهر ان (احمد) مصحف (محمد) وعليه ضبط في المجمع وتقدم ذكره والكلام في ذلك ص ٢٥٠ عند ترجمته فراجع.

الحسين بن أحمد بن محمد بن أحمد أبوعبدالله الاشناني الدارمي البلخي

روى الصدوق (ره) عنه في الخصال وغيره ووصفه بالفقيه العدل قال في الخصال ج ١ / ١١٩: حدثنا أبوعبدالله الحسين بن أحمد الاشناني العدل ببلخ قال أخبرني جدي الخ، وفي (١٤٦) حدثنا أبوعبدالله الحسين بن أحمد الاسترابادي العدل ببلخ قال أخبرني جدي الخ، وفي ج ٢ / ٩٧ حدثنا أبوعبدالله الحسين بن محمد (أحمد ظ) الاشناني الرازي ببلخ قال أخبرنا جدي الخ. وقال في معاني الاخبار(٢٠٥) حدثنا أبوعبدالله الحسين بن أحمد بن محمد بن أحمد الاشناني الدارمي الفقيه العدل ببلخ قال: أخبرني جدي الخ.

الحسين بن أسد البصري

ذكره الشيخ في أصحاب الجواد (ع) (٤٠٠) قائلا: الحسين ابن أسد ثقة، صحيح. وفي أصحاب الهادي (ع)(٤١٣): الحسين ابن أسد البصري. وقيل باتحاده مع ما ذكره في أصحاب الرضا (ع)(٣٧٥)

٣٨٢

بقوله: الحسن بن أسد البصري. وان الحسن مصحف. وقال ابن داود في القسم الثاني(٤٤٤): الحسين بن أسد البصري د، دى (غض) يروي عن الضعفاء، وفي القسم الاول(١٢١): الحسين بن أسد البصري دي (جخ) ثقة، صحيح الا ان (غض) قال يروي عن الضعفاء وليس له شئ صالح الا كتاب علي بن اسماعيل ابن شعيب وقد رواه غيره. وعن ابن الغضائري: الحسن بن أسد الطفاوي البصري أبومحمد، يروى عن الضعيف (الضعفاء خ ل ظ)، ويروون عنه، وهو فاسد المذهب وما اعرف له شيئا أصلح فيه الا روايته كتاب علي بن اسماعيل ابن شعيب بن ميثم، وقد رواه عنه غيره. قلت: ويمكن القول بأن الحسين بن أسد الثقة الصحيح من أصحاب الجواد (ع) غيره الحسين بن أسد البصري من أصحاب الهاديعليه‌السلام مع اتحاد الثاني مع المذكور في اصحاب الرضا (ع) وفي كلام ابن الغضائري أو مع عدم القول بأتحاده أيضا والالتزام بالاتحاد مطلقا لاشاهد له وتقدم ص ٢٠ ما ينفع المقام. وفي كامل الزيارات(٧٣) عن الحسين بن سليمان عن الحسين ابن أسد عن حماد بن عيسى.

الحسين بن ايوب

ذكره الشيخ في الفهرست(٥٧) وقال: له كتاب، أخبرنا به أحمد بن عبدون عن أبي طالب الانباري عن حميد بن زياد عن الحسن ابن محمد بن سماعة عن الحسين بن أيوب.

٣٨٣

قلت: طريقه موثق بحميد، وبابن سماعة الواقفيين الثقتين.

وقال ابن حجر في لسان الميزان ج ٢ / ٢٧٤ الحسين بن أبي أيوب (وفي الحاشية: إبن أيوب) ذكره الطوسي في رجال الشيعة ومصنفيهم وقال: كان نحويا، روى عنه الحسن بن محمد بن سماعة. وفي التهذيب ج ٩ / ٣٦٠: الحسن بن محمد بن سماعة عن الحسن ابن أيوب عن العلا عن محمد بن مسلم الحديث، وبعده(٣٦٣): علي ابن الحسن عن محمد الكاتب عن الحسن بن محبوب عن علا عن محمد ابن مسلم الحديث. واحتمل في جامع الرواة ان (أيوب) مصحف (محبوب) بقرينة روايته عن العلا. قلت: فيه نظر حققناه في محله. ثم انه من المحتمل كون الحسين بن أيوب أخا للحسن بن أيوب المتقدم ص ١٠١ فلاحظ.

الحسين بن بشار

هكذا ذكره الشيخ في أصحاب الكاظم (ع)(٣٤٧) وفي أصحاب الرضا(٣٧٣) قال: الحسين بن بشار (يسار - خ) المدائني (مدائني - مجمع)، مولى زياد ثقة، صحيح، روى عن أبي الحسن موسىعليه‌السلام . وقال في أصحاب الجوادعليه‌السلام (٤٠٠) الحسين بشار. (يسار - خ) وقال البرقي في أصحاب الجواد (ع)(٥٦): الحسن بن بشار. وقال في الخلاصة(٤٩): الحسين بن بشار بالباء المنقطة تحتها نقطة والشين المعجمة المشددة، مدائني، مولى زياد من أصحاب

٣٨٤

الرضاعليه‌السلام ، قال الشيخ الطوسيرحمه‌الله : انه ثقة صحيح روى عن ابي الحسن (ع).

وقال ابن داود في رجاله(١٠٤): الحسن بن بشار بالباء المفردة والشين المعجمة المدائني، م، ضا، (جخ) ثقة، صحيح، كان واقفيا (واقفا - خ). وقال ابن حجر في لسان الميزان ج ٢ / ٢٧٥: الحسين بن بشار الواسطي، ذكره الكشي والطوسي في رجال الشيعة، روى عن الكاظم (ع) وولده الرضا (ع) رحمة الله عليهما، روى عنه محمد بن أسلم. قلت: في ترجمته مواقع للنظر: الاول: ضبط اسمه، وقد عرفت أن أكثر نصوص الاصحاب كما عليه جملة من الروايات (الحسين) مصغرا، والبرقي ذكره في اصحاب الكاظم (ع)(٤٩) مصغرا أيضا قال: الحسين بن يسار، ولكن في أصحاب الجواد (ع)(٥٦) ذكره مكبرا قال: الحسن بن يسار (بشار - خ) وفي الكشي في ترجمة يونس بن عبدالرحمان(٣٠٨) عن يعقوب ابن يزيد عن الحسن بن بشار عن الحسن بن بنت إلياس. وفي(٣٠٦) الحسين لكن في مجمع الرجال عنه: الحسين بن يسار. قلت: ربما يظهر بالتامل في الروايات وكلام الاصحاب أن الرجل واحد وان الحسن مصحف الحسين، ولا يعتمد على نسخة الكشي ولا على ما في أصحاب الجواد (ع) من رجال البرقي. والجمود على ظاهره يقتضي القول بالتعدد مع جهالة الحسن بن يسار فلاحظ. الثاني: ضبط إسم أبيه، ففي رجال الشيخ المطبوع ونسخ جماعة (بشار) كما عرفت وكذا في أصحاب الجواد (ع) من رجال البرقي ونسخ رجال الكشي في ترجمة يونس وغيرها، وفى التهذيب ج ٧ / ٣٩٦، والكافي

٣٨٥

ج ٢ / ٢٠٩ والارشاد، والخرائج وغير ذلك، لكن في مجمع الرجال عن الكشي في الموضعين (يسار - خ ل بشار)، وكذا في بعض مواضع التهذيب، وفي أصحاب الكاظم (ع) ونسخة من أصحاب الجواد (ع) من رجال البرقي. وبالتأمل في كلمات أصحابنا مع ملاحظة مشايخه ومن روى عنه وقرب اشتباه الكلمتين كتابة، واختلاف مواضع من كتاب واحد، بل نسخ موضع واحد يظهر، ان الاتحاد هوالصحيح والجمود على النسخ مع اختلافها والالتزام بالتعدد كما ربما يظهر من صاحب المجمع في غير محله.

الثالث: لقبه تقدم عن البرقي والكشي ذكره بلا تمييز في ترجمته وكذا في(٣٠٨)، و(٢٥٧) لكن روى عن يعقوب بن يزيد عن الحسين ابن بشار الواسطي عن يونس بن بهمن في يونس بن عبدالرحمان(٣٠٦)، ولقبه ابن حجر أيضا بالواسطي كما تقدم كما ان في جملة من الروايات ذكر لقبه (الواسطي) مثل ما في كامل الزيارات (٢٩٨) في حديثين، والتهذيب ج ٦ / ٨٢، وج ٧ / ٣٩٦ والكافي ج ٢ / ٧٧. وبالتأمل في كلامهم وفي رواياته ومن روى عنه ومشايخه، يظهر الاتحاد هذا مع انه قيل: ان واسط كان من توابع المدائن فيتحد الواسطي كما عرفت مع من لقبه الشيخ بالمدائني في أصحاب الرضا (ع)، وفي التهذيب ج ٣ / ٢٦. الرابع: طبقته - تقدم عن البرقي، والكشي والشيخ ومن تبعهم ذكره في أصحاب الكاظم (ع) بل صرح الشيخ في أصحاب الرضا (ع) وتبعه ابن حجر بانه روى عن أبي الحسن موسىعليه‌السلام . وروى في التهذيب ج ٧ / ١٥٦، والكافي ج ١ / ٤١١ عن أحمد بن محمد عن الحسين بن بشار (يسار - خ) عن أبي الحسن (ع).

٣٨٦

وكان من أصحاب الرضا (ع) كما تقدم عن الشيخ ومن تبعه وروى عنه (ع) كما هو ظاهره في كتب الحديث، وظاهر المفيد في الارشاد وغيره. وروى عنه (ع) كثيرا. عنه عنه (ع) ذكرناهم في الطبقات: منهم يعقوب بن يزيد، وأحمد بن محمد، ومحمد بن عيسى بن عبيد، وعبدالرحمان بن أبي نجران، وعلي بن عبدالله، ومالك بن أشيم، وأبوسعيد الادمي، وعلي أحمد بن أشيم. وكان من أصحاب أبي جعفر الجواد (ع) كما تقدم عن الشيخ، وذكره المفيد في الارشاد(٣١) فيمن روى النص عن الرضا (ع) على إمامته، وكذا الاربلي في كشف الغمة، وروى المشايخ بطرقهم عنه مكاتبته إليه (ع). وروى عن جماعة من رواة الحديث: منهم عبدالله بن جندب. عنه عنه علي بن مهزيار الثقة الجليل، وحنان، وهشام بن المثنى. عنه عنهما محمد بن الحسين زعلان، وداود الرقي. الخامس: مذهبه ووثاقته - قد وثقه الشيخ صريحا كما تقدم وتبعه غيره منهم العلامة وابن داود، والطبرسي في أعلام الورى، والاربلي في كشف الغمة، ومن تأخر عنهم. وقول الشيخ: (صحيح) ظاهر في صحة مذهبه وحديثه، ويؤيده روايته النص على امامة الجواد (ع) من أبيه (ع) وروايته عنهما، بل روايته المغيبات عن الرضا (ع) مثل إخباره بقتل المأمون أخاه محمد الامين كما رواه الصدوق في العيون ج ٢ / ٢٠٩، والاربلي في كشف الغمة ج ٣ / ١٠٨. ويظهر من بعض الروايات انه كان ممن شك وتحير بعد أبي الحسن

٣٨٧

موسى (ع) عند حدوث مذهب الواقفة ويمشي مع مثل إبن قياما الواقفي المعاند في وقفه وشكه.

قال الكشي(٣٤٢) حمدويه بن نصير قال حدثنا الحسن بن موسى عن عبدالرحمان بن أبي نجران عن الحسين بن بشار قال: إستأذنت أنا والحسين بن قياما على الرضا (ع) في " صرنا " (صوبا - مجمع الرجال)، فأذن لنا قال أفرغوا من حاجتكم قال له الحسين: تخلو الارض من أن يكون فيها امام؟ فقال: لا. قال: فيكون فيها إثنان؟ قال: " لا - مجمع الرجال " الا واحد صامت لا يتكلم. قال فقد علمت انك لست بامام. قال: ومن أين علمت؟ قال: إنه ليس لك ولد وإنما هي في العقب، فقال له: فو الله لا يمضي الايام والليالي حتى يولد لي ذكر من صلبي يقوم مقامي يحيي الحق ويمحق الباطل. وقال(٢٨١): في الحسين بن بشار (مجمع الرجال - يسار) حدثني خلف بن حماد قال حدثنا أبوسعيد الادمي قال حدثني الحسين بن بشار قال: لما مات موسى (ع) خرجت إلى علي بن موسى (ع) غير مؤمن بموت موسى (ع) ولا مقر بامامة علي (ع) إلا أن في نفسي أن أسأله وأصدقه فلما صرت إلى المدينة إنتهيت إليه وهو بالصوا (بالصراء خ ل. بالصرنا كما في الحديث الاول - بالصوبا - مجمع الرجال: قرية قريبة منها). فأستأذنت عليه ودخلت، فأدناني، وأردت أن أسأله عن أبيه (ع)، فبادرني فقال: يا حسين إن أردت أن ينظر الله إليك من غير حجاب، وتنظر إلى الله من غير حجاب فوال آل محمد (ع)، ووال ولي الامر منهم، قال: فقلت: أنظر إلى الله عزوجل؟ ! قال: إي والله قال حسين فجزمت على موت أبيه (ع) وإمامته، ثم قال لي ما أردت أن آذن لك لشدة الامر وضيقه، ولكني علمت الامر الذي أنت عليه،

٣٨٨

ثم سكت قليلا، ثم قال: خبرت بأمرك قلت له أجل. (ثم قال أبوعمرو الكشى): فدل هذا الحديث على ترك الوقف وقوله بالحق. قلت: الحديث الاول لا بأس به سندا إلى الحسين بن بشار فهو حسن بالحسن بن موسى الخشاب إلا أنه ينتهى إلى إبن بشار مع عدم وضوح دلالته على وقف إبن بشار وشكه. إلا أن إستيذانه مع إبن قياما في الدخول عليه، وقوله لهما: (أفرغوا من حاجتكم) يشير إلى ذلك ومحل الكلام الحديث الثاني. قال العلامة في الخلاصة(٤٩) بعد كلامه المتقدم: وقال الكشي: انه رجع عن القول بالوقف وقال بالحق، فأنا أعتمد على ما يرويه بشهادة الشيخين له، وان كان طريق الكشي إلى الرجوع عن الوقف، فيه نظر لكنه عاضد لنص الشيخ عليه. قلت: وجه النظر في طريق الحديث الثاني امور. الاول عدم ثبوت وثاقة خلف بن حماد شيخ أبي عمرو الكشى فقد أكثر الرواية عنه ولذلك عد من الشيوخ واستظهر غير واحد ممن تأخر اعتباره من اكثاره في الرواية عنه، الا انه حققنا في الشرح على الكشي عدم ظهور التزام الكشي بالرواية عن الثقات آو بترك الرواية عن المطعون اومن لايعرف وفي مشايخه على ماحققناه جماعة كثيرة من المجاهيل. ثم ان المذكور في عنوانه ما عرفت وفي اخبار الواقفة(٢٨٤): أبوصالح خلف بن حامد الكشي، وفي (٣٤٢) أبوصالح خلف بن حماد، وفي(١٠٤) أبوصالح خلف بن حماد بن الضحاك، وأبوصالح خلف بن حماد الكشي(١١) و(١٤٢).الثاني توقف العلامة في أبي سعيد الادمي سهل بن زياد لان

٣٨٩

الشيخ وثقهفى موضع وضعفه في عدة مواضع، والنجاشي ضعفه في حديثه، وذكر أن أحمد بن محمد بن عيسى يشهد عليه بالغلو والكذب، وضعفه ابن الغضائري مذهبا ورواية وسيأتي التحقيق في ذلك في ترجمته. الثالث ان سند الرجوع عن الوقف والقول بالحق ينتهي إلى الحسين بن بشار نفسه فاخباره بالعدول عن الوقف دعوى بعد اعتراف لاتسمع منه. والتحقيق ان يقال: مضافا إلى ان الشك والتردد في بدؤ أمر الواقفة لا يوجب الطعن بعد ما كان الحسين بن بشار في نفسه السؤال عنه وتصديقه. كيف وقد طرء الشك في بدؤا أمرهم لاجلاء الطائفة مثل البزنطي والوشا وعبدالله بن المغيرة وغيرهم، أنه لاطريق لنا إلى وقفه وشكه غير هذه الرواية فان ثبت الوقف بها ثبت الرجوع عنه وقول الشيخ: ثقة.

صحيح لايعارضه شئ. وقد ذكره الاربلي في كشف الغمة فيمن روى النص على أبي جعفر (ع) من أبيه ج ٣ / ١٤٣ ثم صرح بوثاقتهم في(١٦١). والعجب ممن ضعف من المتأخرين هذا الحديث بخلف بن حماد لان إبن الغضائرى قال: أمره مختلط. ثم جزم بالارسال بحذف الواسطة بين الكشي وبين خلف بن حماد فانه من رجال الصادق (ع). قلت: كيف وقد عرفت أنه من مشايخ الكشي الذي روى عنه كثيرا بقوله: حدثني وأما من ضعفه إبن الغضائري ومن عد في أصحاب الصادق (ع) وفي أصحاب الكاظم (ع) فهو غيره وتحقيقه في مقام آخر

الحسين بن بشر الاسدي

ذكره ابن حجر في لسان الميزان ج ٢ / ٢٥ وقال: ذكره ابن

٣٩٠

أبى طى في جال الشيعة الامامية، وقال إنه كان محدثا، فاضلا، جيد الخط، والقراء‌ة، عارفا بالرجال والتواريخ، جوالا في طلب الحديث، اعتني بحديث جعفر الصادقعليه‌السلام ورتبه على المسند، وسماه (جامع المسانيد) كتب منه ثلاثة آلاف، ومات ولم يتمه، ووثقه الشيخ المفيد. ومن شيوخه محمد بن علي بن سليمان، حدث عن حبان بن منذر وغيره.

الحسين بن بشير

قال الشيخ في أصحاب الرضا (ع)(٣٧٤): الحسن بن بشير مجهول. وفي مجمع الرجال عنه (الحسين بن بشير) وظاهر أكثر الاصحاب عنوانه (مكبرا). وقال في الخلاصة (٢١٢) في القسم الثانى: الحسن بن بشير من أصحاب الكاظم (ع) مجهول. قال إبن داود(٤٣٨) أيضا الحسن إبن بشير. بالباء المفردة والشين المعجمة ضا (جخ) مجهول وما رأيته في رجال الكاظم (ع) في (جخ). قلت: الامر كما ذكره فان الشيخ إنما ذكره في أصحاب الرضا (ع) دون أصحاب الكاظم (ع) على ما ذكره في الخلاصة. وروى الحسين بن بشير عن أبى عبدالله (ع) كما في التهذيب ج ٣ / ١٧٩ عن الحسين بن بشير عن أبي عبدالله (ع) سأله رجل عن القراء‌ة خلف الامام الحديث. وفي ج ٨ / ٣٠١ في الصحيح عن عبدالرحمان ابن أبي نجران عن الحسين بن بشر قال: سألته عن رجل له جارية الحديث وروى عن أبى الحسن موسى بن جعفر (ع) النص على إمامة الرضا (ع) رواه الصدوق في العيون ج ١ / ٢٨ وقد ذكرناه في طبقات

٣٩١

أصحابهما وأصحاب الرضاعليهم‌السلام . الحسين الاثرم بن الحسن بن علي بن أبي طالب (ع) أمه أم اسحاق بنت طلحة بن عبيد الله التميمى ذكره المفيد في الارشاد(١٩٤) في أولاد الحسنعليه‌السلام وقال في(١٩٧): والحسن (الحسين خ) بن الحسن المعروف بالاثرم كان له فضل ولم يكن له ذكر في ذلك. (أي لم يدع الامامة ولا ادعاها له مدع) قال في عمدة الطالب(٦٨) في أولاد الحسنعليه‌السلام : أعقب من ولد الحسن أربعة: زيد، والحسن، والحسين الاثرم، وعمر إلا ان الحسين الاثرم وعمر انقرضا سريعا. وقال البخاري في سر السلسلة العلوية(٥) بعد حصره عقب الحسنعليه‌السلام بالاثنين زيد، والحسن المثنى: بنو الاثرم لا يصح لهم نسب. هم المنتسبون إلى الحسين بن الحسن بن علي بن أبى طالبعليه‌السلام وهو المعروف بالاثرم.

الحسين بن الحسن الحسيني أبوعبدالله الاسود الرازي

قال الشيخ فيمن لم يرو عنهم (ع) من رجاله(٤٦٢): الحسين إبن الحسن الحسينى الاسود فاضل يكنى أبا عبدالله رازي. قلت: كان الحسين بن الحسن من مشايخ الكلينيرحمه‌الله قد روى عنه في الكافي مترحما عليه عن إبراهيم بن إسحاق الاحمر كما في مولد السجاد ج ١ / ٤٦٦ وفي النص على الحسن بن علي (ع) ج ١ / ٢٩٨

٣٩٢

وعن يعقوب بن ياسر أبي الطيب المثنى كما في مولد الهادي (ع) ٥٠٢، وروى عنه التوقيع إلى الوكلاء في مولد الصاحب (ع) ٥٢٥، وفي نوادر باب العلم(٥٠) الحسين بن الحسن عن محمد بن زكريا الغلابي. وفي باب شرط من أذن له في أعمالهم ج ١ / ٣٥٨ الحسين بن الحسن الهاشمي عن صالح بن أبي حماد الحديث. وفي التهذيب ج ٤ / ٧٩ علي بن حاتم قال حدثني أبوالحسن محمد بن عمرو عن أبي عبدالله الحسين بن الحسن الحسيني عن إبراهيم إبن محمد الهمداني الحديث ورواه في الاستبصار ج ٢ / ٤٤. قلت: الاتحاد في جميع هذه الموارد أمر ممكن إلا أنه لادليل عليه فلا حظ.

الحسين بن الحسن الافطس بن علي الاصغرإبن علي إبن الحسين بن علي بن أبي طالب (ع)

قد ذكر في السير والتواريخ بسيرة غير مرضية وتفصيل أخباره في كتابنا في أخبار الرواة.

الحسين بن الحسن بن الحسين بن الحسن بن علي ابن أبي طالب (ع) أبوالفضل العلوي

تقدم بعنوان الحسن بن الحسين العلوي من أصحاب الهادي والعسكري وممن هنائه بولادة ابنه الامام الحجة (عليهم‌السلام ).

٣٩٣

الحسين بن الحسن بن الحسين بن علي بن الحسين ابن موسى بن بابويه القمي

ذكره في لسان الميزان ج ٢ / ٢٧٩ وقال: ذكره ابن بابويه في الذيل وقال: كان من بيت فضل وعلم، وهو وجه الشيعة في وقته. وعن الرياض: كان من أكابر فقهاء الامامية وعلمائهم. ثم ذكر مدحه ببيته. وعن فهرست منتجب الدين: فقيه صالح. وعن الصهرشتي في أواخر (قبس المصباح) بعد حديث الحقوق من كتاب من لايحضره الفقيه للصدوق ما هذا لفظه: وقرأته على ابن أخيه الشيخ الرئيس أبي عبدالله الحسين بن الحسن بن بابويه بالري سنة ٤٤٠ وفى موضع آخر منه: سمعت الشيخ أبا عبدالله الحسين بن الحسن ابن بابويه بالري سنة ٤٤٠ يروي عن عمه أبي جعفر محمدبن علي بن بابويه (الصدوق) وهو الجد الاعلى للشيخ منتجب الدين، ولا ينافيه عدم تصريحه بأنه جده لم يصرح به في ترجمة غيره من أجداده سوى واحد.

ويأتي في ترجمة ربعي بن عبدالله(٤٣٩) قول الماتن: ذكر أبوعبدالله الحسين بن الحسن بن بابويه كتاب الراهب والراهبة رواية محمد بن الحسن عن محمد بن الحسن عن أحمد بن محمد عن القاسم إبن يحيى عن جده الحسن بن راشد في فهرسته.

وفي طاهر بن حاتم(٥٤٩) قوله: ذكر الحسن بن الحسين قال حدثنا خالي الحسين إبن الحسن وإبن الوليد الخ. قلت: لم أقف على ترجمة لبابويه ولا لابنه موسى ولا لحفيديه

٣٩٤

الحسين، ومحمد ولا للحسن بن محمد بن موسى في الرجال نعم تأتي ترجمة جده الاعلى والد الصدوق رقم(٦٨٣)، وترجمة الصدوق رقم (١٠٥١) وترجمة الحسين بن الحسن بن محمد بن موسى، والحسين بن الحسين ابن علي وتقدم ترجمة جده الادنى أخي الصدوق الحسين بن علي ص(٢٦٣) وأيضا ترجمة عم أبيه الحسن بن علي بن الحسين ص ٢٦٥ وترجمة أبيه، وعمه(٢٦٥). ويأتي أيضا ذكرهم. وقال الشهيد في الدراية(١٢٥): وقد اتفق لنا منه (أي الرواية عن خمسة آبآء) رواية الشيخ الجليل بابويه بن سعد بن محمد إبن الحسن بن الحسين بن علي بن الحسين بن بابويه عن أبيه سعد عن أبيه محمد عن أبيه الحسن عن أبيه الحسين، وهو أخو الشيخ الصدوق أبي جعفر محمد عن أبيه علي بن بابويه. وعن ستة آباء، وقد وقع لنا منه أيضا رواية الشيخ منتجب الدين ابن الحسن علي بن عبدالله عن الحسن بن الحسين بن الحسن بن الحسين ابن علي بن الحسين بن بابويه، فانه يروي أيضا عن أبيه عن أبيه عن أبيه عن أبيه عن أبيه عن علي بن الحسين الصدوق بن بابويه، وهذا الشيخ منتجب الدين كثير الرواية واسع الطرق عن آبائه وأقاربه وأسلافه، ويروى عن ابن عمه الشيخ بابويه المتقدم بغير واسطة انتهى.

الحسين بن الحسن الفارسي القمي

ذكره الشيخ في الفهرست(٥٥) وقال: له كتاب أخبرنا به عدة من أصحابنا عن أبي المفضل عن ابن بطة أحمد بن أبي عبدالله عن الحسين بن الحسن الفارسي. قلت: طريقه ضعيف بأبي المفضل وبابن بطة.

٣٩٥

الحسين بن الحسن بن محمد بن موسى بن بابويه القمي

ذكره الشيخ فيمن لم يرو عنهم (ع) من رجاله(٤٦٩) وقال: كان فقيها عالما، روى عن خاله علي بن الحسين بن موسى بن بابويه ومحمدبن الحسن بن الوليد، وعلي بن محمد ما جيلويه، وغيرهم، روى عنه جعفر بن علي بن أحمد القمي، ومحمد بن أحمد بن سنان، ومحمد ابن علي ملبية. وقال إبن حجر في لسان الميزان ج ٢ / ٢٧٨: الحسين بن الحسن إبن محمد. ذكره الطوسي في رجال الشيعة وقال: كان من الثقات، وأثنى عليه أبوجعفر بن بابويه، وقال: كان بصيرا بالعلم. قلت: يحتمل الاتحاد مع المتقدم عن الشيخ. وقال إبن داود(١٢٣) في القسم الاول: الحسين بن الحسن إبن محمد بن موسى بن بابويه. لم (جخ) كان فقيها عالما، روى عن خاله علي بن الحسين بن بابويه. وعن بعض أصحابنا رواية دعاء الكاظم (ع) حين ما حبسه الرشيد باسناده عنه عن خاله علي بن الحسين الحديث.

الحسين بن الحسن بن محمد

قال ابن حجر في لسان الميزان ج ٢ / ٢٧٨: الحسين بن الحسن بن محمد. ذكره الطوسي في رجال الشيعة. وقال: كان من الثقات وأثنى عليه أبوجعفر بن بابويه، وقال: كان بصيرا بالعلم.

٣٩٦

وفي مجمع الرجال عن رجال الشيخ (لم): الحسين بن الحسن بن محمد روى عنه محمد بن علي بن الحسين بن بابويه. قلت: لايوجد ذكره في النسخة المطبوعة من رجاله. ويمكن الاتحاد مع سابقه مع التصحيف فلاحظ.

الحسين بن الحسين بن علي بن الحسين بن بابويه القمي

تقدم في ترجمة أبيه(٢٦٥) ذكره مع أخيه الحسن وأبيه عن منتجب الدين قائلا: فقهاء صلحاء.

وفي لسان الميزان ج ٢ / ٢٧٩ في نسخة غير مصححة ذكره كما في العنوان ثم قال: ذكره ابن بابويه في الذيل وقال: كان من بيت فضل، وعلم، وهو وجه الشيعة في وقته. لكن في النسخة المصححة: الحسن بن الحسن بن الحسين بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي. وتقدم فلاحظ.

الحسين بن الحكم

اصول الكافي ج ٢ / ٣٩٩ باب الشك: علي بن ابراهيم عن محمد ابن عيسى عن يونس عن الحسين بن الحكم قال: كتبت إلى العبد الصالحعليه‌السلام أخبره: اني شاك وقد قال ابراهيم (ع) " رب أراني كيف تحيي الموتى " واني أحب أن تريني شيئا، فكتب (ع) أن ابراهيم كان مؤمنا وأحب أن يزداد ايمانا، وأنت شاك والشاك لاخير فيه الحديث وعن التعليقة: الظاهر من روايته هذه الرواية رجوعه وزوال

٣٩٧

شكه أه‍. قلت: وهذا منه (ره) عجيب فانها صريحة في ذمه لشكه وانه ليس مؤمنا يطلب الزيادة في يقينه، وحكايته ما يدل على ذمه لا تدل على رجوعه وزوال شكه. ثم انها غير ظاهرة في مورد شكه وانه في التوحيد أو المعاد أو امامة أبي الحسنعليه‌السلام أو غيرها. نعم ربما يدل على شكه بعد يقينه فلاحظ. وفي الكافي ج ٢ / ٢٧٠ محمد بن يحيى عن (التهذيب ج ٩ / ٣٢٥) أحمد بن محمد عن محمد بن سهل عن الحسين بن الحكم عن أبي جعفر الثاني (ع) في رجل مات وترك خالتيه الحديث.

الحسين بن خالد الصيرفي

ذكره في أصحاب الكاظم (ع) البرقي(٥٣) وأيضا قبل ذلك بأسماء(٤٨) بلا ذكر (الصيرفى)، وأيضا الشيخ(٣٤٧). وروى الصدوق في العيون ج ١ / ٣١٠ باسناده عن الحسين بن خالد الكوفي عن أبي الحسن الرضا (ع)، وكذا في معاني الاخبار. روى عن ابي الحسن الاول (ع) كثيرا. عنه عنه (ع) جماعة: منهم سيف بن عميرة، والحسن بن علي بن يقطين، ومحمد بن حفص ومحمد بن اشيم، ومحمد بن أبي عمير. وذكره الشيخ في أصحاب الرضا (ع) ٣٧٣ مع لقبه. روى عن الحسين بن خالد الصيرفي عنه (ع) جماعة: منهم الفضل ابن سليمان الكوفي، وعلي بن معبد (فقد روى عنه كثيرا جدا)، وأبوأحمد الغازي، ومحمد بن عيسى، وأحمد بن محمد أبي نصر

٣٩٨

البزنطي، وعبيدالله بن عبدالله الدهقان الواسطي والحسن بن أبي العقب الصيرفي، ويونس بن عبدالرحمان، ومحمد بن أبي عمير، وصفوان ابن يحيى: وفي العيون ج ٢ / ٢٢٩ حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني قال حدثنا علي بن ابراهيم بن هاشم عن أبيه عن صفوان بن يحيى قال: كنت عندالرضا (ع) فدخل عليه الحسين بن خالد الصيرفي فقال له: جعلت فداك اني أريد الخروج إلى الاعوض فقال: حيث ما ظفرت بالعافية فألزمه، فلم يقنعه ذلك، فخرج يريد الاعوض، فقطع عليه الطريق وأخذ كل شئ كان معه من المال. قلت: الخبر ربما يدل بظاهره على ذمه حيث خالف أمره (ع)، إلا أنه يمكن النظر فيه أولا فلعله لم يفهم من كلامه (ع) نهيه عن الخروج كما هو غير صريح بل ولا ظاهر جلي وثانيا ان النهي في أمثاله مما سيق للارشاد إلى مفاسد دنيوية تعود اليه لايوجب مخالفته عصيانا يمنع عن عدالته وهذا كما يأتي نظيره في حماد بن عيسى. ويأتي في ترجمة محمد بن اسماعيل بن بزيع باسناد الماتن إلى علي ابن معبد عن الحسين عن الحسين بن خالد الصيرفي قال: كنا عند الرضاعليه‌السلام ونحن جماعة نذكر محمد بن اسماعيل بن بزيع، فقال: وددت ان فيكم مثله. ومما يشير إلى وثاقته في الرواية رواية أجلة الاصحاب ومن لايروى الا عن ثقة عنه مثل ابن ابي عمير، والبزنطي، وصفوان واضرابهم، وانه من رجال أسانيد تفسير علي بن ابراهيم.

٣٩٩

الحسين الخراساني الحباز

هو الذي علمه أبوعبداللهعليه‌السلام دعاء‌ا لشفاء وجعه. رواه الكليني في أصول الكافي ٢ / ٥٦.

الحسين بن روح بن أبي بحر أبوالقاسم النوبختي

ثالث السفراء والنواب الخاصة الاربعة لامامنا الحجة صلوات الله عليه قام بالسفارة بعد مضي السفير الثاني أبي جعفر محمد بن عثمان العمري في آخر جمادى الاولى سنة ٣٠٥ كما في رواية أبي غالب الزراري، وما رواه محمد بن نفيس، أو سنة ٣٠٤ كما في خبر هبة الله ابن محمد. ولما حضرته الوفاة في شعبان سنة ٣٢٦ اوصى إلى السمري آخر السفراء ودفن بالنوبختية كما يدل عليه رواية الغيبة(٢٢٨) وقبره معروف ببغداد بالسوق يزار ويتبرك به.

مكانته السامية : كان جليل القدر عظيم المنزلة وجيها بين أصحابنا وعند العامة، فقد نشأ في بيت كبير جليل من النوبختية في بغداد فيها رجال يشار اليهم في العلوم تقدم ذكرهم ص ١٩٥ هذا مع فضله ودينه وثقته عندهم. وفيما رواه الشيخ في الغيبة(٢٣٦) باسناده عن أبي عبدالله بن غالب عندما وصفه: وكان له محل عند السيدة والمقتدر، عظيم، وكانت

٤٠٠

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

فوق الجبال والتلال ، وللمزيد من تخويف سكان مكة والإظهار بمظهر القوة أمر بأن يشعل كل واحد من الجنود النار وحده ، في شريط طويل على الأرض.

كانت قريش وحلفاؤها يغطّون في نوم عميق آنذاك من جهة ، بينما كانت النيران من جهة اخرى قد غطت كلّ المرتفعات المشرفة على مكة فلم تستيقظ إلا على منظر أرعب قلوبهم ، ولفت أنظارهم.

وفي هذا الاثناء كان بعض سادة قريش ك : « أبي سفيان بن حرب » و « حكيم بن حزام » وغيرهما قد خرجا من مكة يتجسّسون الأخبار.

ففكّر « العباس بن عبد المطلب » الذي لازم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من منطقة الجحفة ، فكر في نفسه بأنه إذا ما اتفق أن واجه جنود الاسلام مقاومة من قريش عند دخول مكة لادّى ذلك إلى ان يقتل جمع كبير من قريش ، ولهذا فان من الأفضل أن يقوم بدور عمليّ لصالح الطرفين ، ويقنع قريشا بالتسليم ، وعدم المقاومة.

فركب بغلة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم البيضاء وتوجه صوب مكة ليخبر قريشا بمحاصرة مكة من قبل جنود الاسلام ، ويخبرهم بكثرة عددهم ، وبمبلغ شجاعتهم وإصرارهم على تحقيق أهداف النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويقنعهم بأنه لا مناص من التسليم للأمر الواقع.

فبينما هو كذلك إذ سمع صوت أبي سفيان وبديل بن ورقاء يتحادثان في جوف الليل فيقول أبو سفيان : ما رأيت كالليلة نيرانا قط ولا عسكرا ، فيقول بديل : هذه والله خزاعة حمشتها الحرب.

فيقول أبو سفيان : خزاعة أذلّ وأقلّ من ان تكون هذه نيرانها وعسكرها.

فصاح العباس بأبي سفيان وقال : يا أبا حنظلة.

فقال أبو سفيان : يا لبيك ، أبو الفضل ما لك؟

فقال العباس : هذا رسول الله في عشرة آلاف من المسلمين.

فارتعد أبو سفيان لما سمعه من العباس حول عظمة القوة الاسلامية ، فقال وهو

٤٨١

يرتجف ، وتصطكّ اسنانه من الفزع : فما الحيلة فداك أبي وأمي؟

فقال العباس : اركب في عجز هذه البغلة حتى آتي بك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فاستأمنه لك.

فركب أبو سفيان خلف العباس ، ورجع صاحباه ( حكيم وبديل ) إلى مكة.

ولقد كان مسعى العباس ـ كما ترى ـ في مصلحة الاسلام كله ، فقد أرعب شيطان قريش ، وزعيمها وعقلها المدبّر أبا سفيان ، وكان موفقا في هذه الخطوة جدا بحيث لم يعد يفكر أبو سفيان إلاّ في التسليم ، وإلقاء السلاح والكفّ عن المقاومة ، بل ومنعه العباس من العودة إلى مكة ، في نفس الليلة ( ليلة فتح مكة ) وأخذه معه إلى معسكر المسلمين بغية تقييده ، ومنعه من العودة مكة ، إذ كان من المحتمل جدا أن يقع فريسة أفكار المتطرفين في الزعامة المكية فيدبّرون معا خطة لمواجهة جيوش الاسلام ، فيقع ـ حينئذ ـ ما لا يحمد عقباه ، من سفك الدماء ، وذهاب الأنفس والارواح.

العباس يصطحب أبا سفيان إلى خيمة النبي :

دخل العباس ـ وهو على بغلة بيضاء وقد اردف خلفه أبا سفيان ـ في معسكر المسلمين ، وهو يقصد خيمة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من خلال نيران المسلمين التي أمر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بإشعالها ، وكان كلّما مرّ بنار من نيرانهم قالوا : عمّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فلا يمنعون من مروره ، حتى اذا لقيا عمر بن الخطاب في الاثناء ورأى عمر أبا سفيان خلف العباس على عجز البغلة همّ بقتله في المكان ، ولكن عمّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أجار أبا سفيان في الحال ، ومنع بذلك عمر من إلحاق الأذى به ، وهو في جواره.

وأخيرا وصل العباس برفقة أبي سفيان الى خيمة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فترجّلا ، فاستأذن العباس رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للدخول مع أبي سفيان عليه فاذن لهما ، فوقعت مشادة كلامية شديدة بين العباس وعمر بين

٤٨٢

يدى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حول أبي سفيان وكان عمر يقول : أبو سفيان عدوّ الله فلا بد أن يقتل ، ولكن العباس كان يقول : يا رسول الله إنّي قد أجرته ، فقطع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دابر هذه المناقشة عند ما قال :

« اذهب يا عبّاس إلى رحلك ، فاذا أصبحت فاتني به ».

فذهب العباس بأبي سفيان إلى رحله ، فبات عنده ليلته كما أمر ، فلما أصبح غدى به إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

أبو سفيان بين يدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

لما مثل أبو سفيان عند الصباح بين يدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في خيمته قال له النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

« ويحك يا أبا سفيان ؛ ألم يأن لك أن تعلم أنه لا إله إلاّ الله؟ ».

فقال أبو سفيان : بأبي أنت وأمي ما أحلمك ، وأكرمك ، وأوصلك والله لقد ظننت أن لو كان مع الله آله غيره ، لقد أغني عنّي شيئا بعد.

فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

« ويحك يا أبا سفيان ألم يأن لك أن تعلم أنّي رسول الله »؟

قال : بأبي أنت وأمي ما أحلمك ، وأكرمك ، وأوصلك ، أما والله فإنّ في النفس منها حتى الآن شيئا!!

فغضب العباس من شك أبي سفيان ، ولجاجته وعناده فقال له : ويحك ، أسلم واشهد أن لا إله الاّ الله ، وأن محمّدا رسول الله قبل أن يضرب عنقك.

فشهد أبو سفيان شهادة الحق ، فاسلم ودخل في عداد المسلمين.

أن إسلام أبي سفيان الذي حصل في جوّ من الرعب والتهديد وإن لم يكن بالاسلام الذي كان يريده رسول الاسلامصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويطلبه دينه الحنيف ، ولكنّ مصالح معيّنة كانت توجب أن يدخل أبو سفيان في عداد المسلمين كيفما كان ليرتفع بذلك اكبر سدّ ، وينزاح اكبر مانع من طريق الدعوة

٤٨٣

الاسلامية ، لأنّ رجالا مثل « أبي سفيان » و « أبي جهل » و « عكرمة » و « صفوان بن أميّة » وغيرهم ، كانوا قد أوجدوا جوّا من الرعب والخوف في مكة استمرّ أعواما عديدة ، فلم يكن يجرأ أحد من المكيّين في مثل هذا الجوّ المشحون بالخوف أن يفكّر في الاسلام ، أو يظهر رغبته في اعتناقه ، والانضواء تحت لوائه.

فإذا لم يكن إسلام أبي سفيان الظاهريّ والسطحيّ مفيدا من حيث الواقع ، ولكنه كان مفيدا جدا لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وللذين كانوا تحت سيطرة أبي سفيان ونفوذ زعامته من جماهير مكة ، وبالتالي لمن كانت له علاقات قربى معه.

ومع ذلك لم يسمح رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بإخلاء سبيل أبي سفيان لأنه لم يكن آمنا ـ وحتى مع إظهاره الاسلام ـ من جانبه قبل أن يتمّ فتح مكّة ، ولهذا أمرصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عمّه العباس بأن يحبسه بمضيق الوادي عند ممرّ الجنود ليبصر عظمة القوات الاسلامية ، وكثافتها قائلا :

« يا عبّاس احبشه بمضيق الوادي عند خطم الجبل ( أي انفه ) حتى تمرّ به جنود الله فيراها ».

ثم إن العباس قال لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا رسول الله إنّ أبا سفيان هذا رجل يحب الفخر ، فاجعل له شيئا.

واستجاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لهذا الطلب ، ومع أن أبا سفيان كان قد عادى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والّب ضدّه طيلة عشرين عاما ، وأثار في وجه دعوته الحروب والفتن الكثيرة ، ووجّه بذلك ضربات كثيرة إلى الاسلام والمسلمين ، فمنحه ـ رغم ذلك ولمصالح خاصة ـ مقاما ، وقال كلمته التاريخية في حقه تلك الكلمة التي تكشف عن عظمة أخلاق رسول الاسلامصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وسمو روحه ، وعمق حكمته اذ قال :

« من دخل دار أبي سفيان فهو آمن.

٤٨٤

ومن أغلق بابه فهو آمن.

ومن دخل المسجد فهو آمن.

ومن طرح السلاح فهو آمن »(١) .

مكة تستسلم من دون إراقة دماء :

تقدّم جيش التوحيد العظيم نحو مكة ، حتى أصبح على مقربة منها.

وقد كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عازما على أن يفتح مكة من دون إراقة دماء ، وإزهاق أرواح ، وأن يسلّم العدوّ من دون أيّة شروط.

وكان من العوامل التي ساعدت على تحقيق هذه الغاية ـ مضافا إلى عامل التكتم والتستّر ومبدأ المباغتة ـ أنّ العباس عمّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم توجّه إلى مكة كداعية صلح ووسيط سلام بين قريش والنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فكان أن أتى بأبي سفيان الى معسكر الاسلام كما أسلفنا ، وبذلك توصّل إلى تحييد أبي سفيان ، ولم يكن في مقدور سادة قريش أن يتخذوا قرارا حاسما من دون أبي سفيان.

وعند ما خضع أبو سفيان أمام عظمة رسول الاسلام الفريدة وأظهر الاسلام ، رأى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يستفيد منه لإرعاب المشركين اكثر قدر ممكن ، فأمر العباس بأن يحبسه عند مضيق الجبل ليرى بام عينيه حشود المجاهدين من المسلمين ـ كما أسلفنا ـ في وضح النهار مع كامل عدّتهم واسلحتهم ، ونظامهم وقوتهم ، فيخبر قريشا بذلك ، فيزيدهم خوفا ورهبة ، فينصرفوا عن فكرة مقاومة الجيش الاسلامي عند دخوله الى مكة.

وفعل العباس ما أمره الرسول الكريمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فحبس أبا سفيان

__________________

(١) السيرة النبوية : ج ٢ ص ٤٠٠ و ٤٠٤ ، مجمع البيان : ج ١٠ ص ٥٥٤ ـ ٥٥٦ ، المغازي : ج ٢ ص ٨١٦ ـ ٨١٨ ، شرح نهج البلاغة الحديدي : ج ١٧ ص ٢٦٨.

٤٨٥

حيث أمر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

فمرّت القبائل مع راياتها أمام أبي سفيان ، وكانت بعض قطعات الجيش الاسلامي على النحو التالي :

١ ـ كتيبة قوامها ألف مقاتل من بني سليم بقيادة خالد بن الوليد ، وفيها لواءان ، أحدهما مع « عباس بن مرداس » ، والآخر مع « المقداد ».

٢ ـ فوجان قوامهما خمسمائة مقاتل بقيادة « الزبير بن العوام » الذي كان يحمل معه لواء أسودا ، وكان اكثر أفراد هذا الفوج من المهاجرين.

٣ ـ فوج قوامه ثلاثمائة مقاتل من بني غفار بقيادة « أبي ذر الغفاري » وكان لواؤه معه.

٤ ـ فوج قوامه اربعمائة مقاتل من بني سليم بقيادة « يزيد بن الخصيب » ومعه لواؤه.

٥ ـ فوجان قوامهما خمسمائة مقاتل من بني كعب بقيادة « بشر بن سفيان » ورأيته معه.

٦ ـ كتيبة قوامها ألف مقاتل من بني مزينة ، فيها ثلاثة ألوية ، لواء مع النعمان بن مقرن ، ولواء مع بلال بن الحارث ، ولواء مع عبد الله بن عمر.

٧ ـ كتيبة قوامها ثمانمائة مقاتل من جهينة ، فيها أربعة ألوية ، لواء مع « معبد بن خالد » و « سويد بن صخرة » و « رافع بن مكيث » و « عبد الله بن بدر ».

٨ ـ فوجان قوامهما مائتا مقاتل من بني كنانة ، وبني ليث وضمرة ، بقيادة « أبي واقد الليثي » ، وكان لواؤهما معه.

٩ ـ فوج قوامه ثلاثمائة ، مقاتل من بني أشجع ، وفيها لواءان أحدهما بيد « معقل بن سنان » والآخر مع « نعيم بن مسعود »(١) .

__________________

(١) لقد سجّل المؤرخ الاسلامي الشهير « الواقدي » عدد أفراد هذه القطعات في تاريخه « المغازي » :

٤٨٦

وعند ما كانت هذه القبائل والقطعات تمرّ ، سأل أبو سفيان العباس عن اسمها ، وخصوصياتها ، فكان العباس يوضح له كل ذلك.

والذي كان يزيد هذا الجيش المنظم جلالا وعظمة أن قادة هذه الافواج والكتائب كانوا اذا مرّوا على العباس وأبي سفيان كبّروا ثلاثا بأعلى أصواتهم وبشكل منظّم ، وكبّر من ورائهم جنودهم بصوت واحد ومنظم أيضا كأكبر شعار اسلامي.

ولقد كان لهذه التكبيرات الهادرة التي كانت تدوّي في وديان مكة ، وتردّدها الجبال والوديان ، أكبر الاثر في نفوس الاصدقاء والاعداء ، فكانت تزيد بهيبتها وجلالها من محبة الاصدقاء للنظام الاسلامي العظيم ، بينما ترهب أعداء الله ، وتغرقهم في خوف ورعب شديدين.

هذا وكان أبو سفيان ينتظر بفارغ الصبر عبور الكتيبة التي فيها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولهذا كان يسأل العباس كلما مرّت قطعة من قطعات الجيش الاسلامي : أفيها محمّد؟ أو ما مضى بعد محمّد؟!

فيقول العباس : لم يمض بعد ، لو رأيت الكتيبة التي فيها محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رأيت الحديد والخيل والرجال وما ليس لأحد به طاقة.

وبينما هما كذلك إذ طلعت كتيبة عظيمة قوامها خمسة آلاف مقاتل ، فيها ألفا دارع فقط ، فيها الرايات والألوية الكثيرة ، فيها المهاجرون والانصار ، مع كل بطن وقبيلة من قبائل الأنصار راية ولواء ، وكانت تسمى كتيبة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الخضراء لأن أفرادها كانوا في الحديد لا يرى منهم إلا الحدق ، وقد ركبوا الخيول العربية الاصيلة ، والحمر من الإبل ، ورسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في وسطها راكب على ناقته القصوى ، وقد أحدق به كبار الشخصيات من

__________________

ـ ج ٣ ص ٨٠٠ و ٨٠١ وص ٨١٩ بشكل دقيق ، وقد نقلها عنه ابن أبي الحديد في ج ١٧ ص ٢٧٠ و ٢٧١.

٤٨٧

المهاجرين والانصار ، والنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يحدّثهم.

فارعبت عظمة هذه الكتيبة أبا سفيان ، بشدة ، حتى أنه قال للعباس من دون اختيار : ما لأحد بهؤلاء قبل ولا طاقة يا أبا الفضل! والله يا ابا الفضل لقد أصبح ملك ابن أخيك الغداة عظيما.

فقال له العباس ـ بنبرة موبّخة ـ : ويحك يا أبا سفيان ليس بملك إنّها النبوّة.

فليس هذه العظمة والجلال من أثر الملك المادّي الدنيوي إنما هو هو فعل الرسالة الالهية ، إنه جلال النبوة ، وانه بالتالي من فضل الله عزّ وجلّ الذي أدخل الاسلام في قلوب هذه الجماهير المؤمنة ، وهذه الجموع المجاهدة في سبيل الله.

أبو سفيان يرجع إلى مكة :

إلى هنا قام العباس بدوره على أفضل صورة ، فقد أرعب أبو سفيان من قوة الاسلام العسكرية الكبرى ، ولهذا رأى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يخلّى سبيله ليذهب إلى مكة قبل دخول جنود الاسلام فيها ، فيخبر أهلها بعظمة وقوة الجيش الاسلامي القادم إليهم ، ويحذّرهم من مغبة المقاومة والمواجهة ، ويدلهم على طريق الخلاص والنجاة ، وهو التسليم للأمر الواقع ، والقاء السلاح ، والاستسلام من دون قتال ومقاومة ، ومن دون قيد وشرط ، لأن بمجرد تخويف أهل مكة من دون إرشادهم إلى طريق الخلاص ما كان ليتحقق هدف النبي الاكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وهو الفتح من دون دماء.

فدخل أبو سفيان مكة ، وقد بات الناس ليلتهم في رعب شديد ، وترقّب رهيب حتى أصبحوا ، ولم يكن بامكانه أن يقرّروا شيئا من دونه ، فلما رأوه قادما أحاطوا به ، فاخذ يشير الى ناحية المدينة ، وقد اصفرّ وجهه ، وانهارت قواه وصرخ بأعلى صوته : يا معشر قريش ، هذا محمّد قد جاءكم فيما لا قبل لكم به ، أو قال : هذا محمّد في عشرة آلاف فمن دخل دار أبي سفيان فهو آمن. ومن ألقى السلاح فهو آمن ، ومن دخل المسجد فهو آمن ، ومن أغلق بابه فهو آمن.

٤٨٨

على أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يكتف بهذا بل أضاف إلى الأماكن الثلاثة التي أعلنها للجوء الناس إليها حتى يأمنوا من القتل ، موضعا آخر ، حيث عقد لابي رويحة « عبد الله بن عبد الرحمن الخثعمي » لواء وأمره أن ينادي :

« من دخل تحت لواء أبي رويحة فهو آمن »(١) .

وقد تسبّب أبو سفيان بندائه في إضعاف المعنويات عند أهل مكة بشدة حتى أنهم انصرفوا عن فكرة المقاومة ، لو كانت ، وأثمرت جهود العباس ومساعيه في الليلة الفائتة ، وأصبح فتح مكة من دون مقاومة في نظر أهل الرأي وعند من ينظر الى واقع الامور ، أمرا مسلّما وقطعيا.

ففزع الناس ، وتفرّقوا ، ولجأ بعضهم إلى دورهم ، والبعض الآخر الى المسجد ، وأسدى أعدى أعداء الرسالة ونعني أبا سفيان ، ونتيجة لتدبير رسول الله الحكيم ، أكبر خدمة لجنود الاسلام ، حيث مهّد لهم ـ بما أوجده في نفوس المكيين وقلوبهم من هزيمة نفسية ـ طريق الفتح العظيم بسلام ، ومن دون مشاكل تذكر ، اللهم إلا « هند » زوجة أبي سفيان التي كانت تحرّض الناس على المقاومة ، وراحت تشتم زوجها وتسبّه باقذع الشتائم والسباب ، وتتهمه بالجبن والذل.

بيد أنّ الأمر كان قد قدر ، ولم تعد تنفع أيّة محاولة معاكسة ، ولم تكن تلك الكلمات والأعمال المعارضة سوى هباء في شبك!

ونظير هذا الذي فعلته هند ، ما فعله وقام به بعض الزعماء المتطرفين مثل « صفوان بن أميّة » وعكرمة بن أبي جهل » و « سهيل بن عمرو » ممثّل قريش في صلح الحديبية ، الذين تحالفوا فيما بينهم على أن يعملوا على منع قوات الاسلام من دخول مكة ، وانخدع بهم فريق من البسطاء والمغفلين ، فشهروا السلاح في وجه أول قطعة من قطعات الجيش الاسلامي ، وسدّوا بذلك الطريق عليها في محاولة

__________________

(١) امتاع الاسماع : ج ١ ص ٣٧٩.

٤٨٩

يائسة لتحقيق مآربهم.

القوات الاسلامية تدخل مكة :

وقبل ان تدخل قوات الاسلام مكة كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد دعا جميع قادة وامراء جيشه وقال لهم بانه يريد ان يفتح مكة من دون إراقة أيّة دماء ، ولهذا امرهم ان لا يقاتلوا إلاّ من قاتلهم ، إلاّ أنه أمر بقتل عشرة وان وجدوا تحت أستار الكعبة وهم : « عكرمة بن أبي جهل » و « هبار بن الاسود » و « عبد الله بن أبي سرح » و « مقيس بن حبابة الكندي » و « الحويرث بن نقيذ » و « عبد الله بن خطل » و « صفوان بن أميّة » و « وحشي بن حرب » قاتل حمزة.

و « عبد الله بن الزبعرى » و « حارث بن طلالة » واربع نسوة وكان كل واحد من هؤلاء قد قتل أحدا او ارتكب جناية أو شارك في مؤامرة او حرب ضدّ الاسلام والمسلمين(١) .

وقد بلغ الأمراء والقادة هذا الأمر إلى جنودهم كافة ، ومع أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يعرف مسبّقا بمعنويات المكيين المنهارة ، وعدم قدرتهم على المقاومة ، إلا أنه ـ مع ذلك ـ لم يترك جانب الاحتياط والحذر الذي يفرضه العمل العسكري ، عند دخول مكة ، حيث رسم لدخولها خطة دقيقة.

فقد وصل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بجيشه كله إلى « ذي طوى » ( وهو موضع مرتفع كانت ترى منه بيوت مكة ومنازلها ) وهو في كتيبة قوامها خمسة آلاف ، فلما رأى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم منازل مكة اغرورقت عيناه بدموع الشوق والحنين ، فانحنى تواضعا لله تعالى وشكرا ، حتى رأى ما رأى من فتح الله ، وكثرة المسلمين حتى مسّت لحيته الشريفة واسطة الرجل أو يقرب منه.

__________________

(١) السيرة النبوية : ج ٢ ص ٤١٠ ، تاريخ الخميس : ج ٢ ص ٩٠ ـ ٩٤ وقد ذكر صاحب تاريخ الخميس تفاصيل ما ارتكبه هذه الجماعة المهدورة دماؤها وما آل إليه أمرهم بعد فتح مكة.

٤٩٠

ومراعاة لجانب الحذر والاحتياط فرّقصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جنوده فأمر البعض بأن يدخلوا مكة من أسفلها ، وأمر البعض بأن يدخلوها من أعلاها ، ولم يكتف بهذا بل أمر وحدات من الجيش بان تدخل من جميع المداخل والطرق المؤدية إلى داخل مكة.

فدخلت جميع وحدات الجيش الاسلامي وقطعاته وكتائبه وفرقه مكة من دون قتال ومن دون ان تلقى من أهلها مقاومة ، فقد كانت جميع الأبواب مفتحة في وجوههم الاّ المدخل الذي دخل منه « خالد بن الوليد » بفرقته ، فقد عمد جماعة من المكيين بتحريض من « عكرمة » و « صفوان » و « سهيل » على شهر أسلحتهم في وجوه المسلمين ، ورموا بالنبل لمنعهم من دخول مكة ، ووقع قتال بين الجانبين ، ولكن محرّضي هذه الجماعة اختفوا بعد شيء من القتال والمقاومة ، وفرّ الآخرون بعد أن قتل منهم المسلمون اثنى عشر أو ثلاثة عشر شخصا(١) .

ومرة اخرى قام أبو سفيان ومن حيث لا يشعر بعمل آخر لصالح الاسلام في هذه الحادثة ، فانه كان لا يزال مرعوبا ممّا رأى من كثرة الحشود العسكرية الاسلامية وقوتها وكان يعلم ان المقاومة لا تجدي نفعا ولا تجرّ على أهل مكة إلاّ الضرر ، ولهذا نادى بأعلى صوته ـ حقنا للدماء ـ : يا معشر قريش علام تقتلون أنفسكم؟ من دخل داره فهو آمن ، ومن وضع السلاح فهو آمن فلا يدفع محمّدا شيء ، فضعوا اسلحتكم ، وادخلوا في بيوتكم ، واغلقوا عليكم أبوابكم او ادخلوا المسجد ، تسلموا.

فكان لنداء أبي سفيان هذا أثره في نفوس الناس فجعلوا يقتحمون الدور ، ويغلقون عليهم ، ويطرحون السلاح في الطرقات حتى يأخذها المسلمون ، بينما لجأ بعضهم إلى المسجد.

ولما ظهر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على « ثنية أذاخر » نظر إلى لمعان

__________________

(١) السيرة النبوية : ج ١ ص ٤٠٨ ، وحسب المغازي : ج ٢ ص ٨٢٥ ـ ٨٢٦ قتل ثمان وعشرون رجلا.

٤٩١

السيوف وهي تصعد وتهبط فقال : « ما هذه البارقة؟ ألم أنه عن القتال »؟

فقيل : يا رسول الله ، خالد بن الوليد قوتل ، ولو لم يقاتل ما قاتل. فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « قضى الله خيرا ».

ثم إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دخل مكة من ناحية أذاخر ، وهي أعلى نقطة في مكة في موكب عظيم جليل ، فضرب له قبة من أدم بالحجون ( عند قبر عمّه العظيم أبي طالب ) ليستريح فيها ، وقد أصرّوا عليهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأن ينزل في بعض بيوت مكة فأبىصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (١) .

كسر الاصنام وغسل الكعبة :

لقد استسلمت مكة التي كانت مركزا رئيسيا للشرك والوثنية طوال أعوام عديدة ومديدة ، أمام قوات التوحيد الظافرة ، وسيطر جنود الاسلام على جميع نقاط تلك المدينة المقدسة.

ولقد استراح رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الخيمة التي ضربوها له في الحجون بعض الوقت.

ثم انهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعد أن اطمأنّ واغتسل ركب راحلته « القصواء » وتوجّه الى المسجد الحرام لزيارة بيت الله المعظم والطواف به ، بينما كان يحمل معه السلاح ، والمغفر على رأسه ، وتحيط به هالة من العظمة والجلال ، ويحدق به المهاجرون والانصار ، وقد صفّ له الناس من المسلمين والمشركين ، بعض يغمره الفرح والسرور ، وآخرون يكادون ينفجرون من الغيظ.

ولما انتهىصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى الكعبة فرآها ومعه المسلمون تقدّم على راحلته ، ولم يترجّل منها لأسباب خاصة فاستلم الركن بمحجنه بدل استلامه بيده ، وكبّر فكبّر المسلمون لتكبيره ، ورجّعوا التكبير حتى ارتجّت مكة لتكبيرهم

__________________

(١) الامتاع : ج ١ ص ٣٨٠.

٤٩٢

ودوّى صوتهم في الجبال والوهاد ، وسمعه المشركون الذين كانوا قد تفرّقوا فوق الجبال ينظرون إلى ذلك المشهد وقد بلغ من هياج المسلمين ، وهم يطوفون بالبيت من شدة سرورهم جدا كاد أن يمنع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من الطواف بالبيت بفكر هادئ فاشار إليهمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن اسكتوا ، فسكت الجميع بأمره ، وساد الصمت كل أرجاء المسجد الحرام ، فطاف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالبيت على راحلته ، وقد أخذ بزمامها « محمّد بن مسلمة » وفيما احتبست الاصوات في الصدور ، واتجهت الأبصار إليهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فوقعت عيناه الشريفتان ـ في الشوط الأول من طوافه ـ على الاصنام الكبرى « هبل » و « اساف » و « نائلة » منصوبة فوق الكعبة ، فجعل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كلّما مرّ بصنم منها يشير بقضيب في يده ويقول : « جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا » فيقع الصنم لوجهه.

وأمرصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بهبل اكبر أصنام المشركين فحطم وكسر في مرأى من المشركين ، ولقد كان هذا الصنم الكبير يهيمن على عقول الجاهليين في الجزيرة العربية ، ويسيطر على أفكارهم أعواما عديدة.

ولما كسر المسلمون ذلك الصنم قال الزبير لأبي سفيان وكان ينظر إلى ذلك المشهد : يا أبا سفيان لقد كسر هبل ، أما إنك قد كنت منه يوم « احد » في غرور ، حين تزعم أنه قد أنعم.

فقال أبو سفيان : دع هذا عنك يا ابن العوام فقد أرى لو كان مع إله محمّد غيره لكان غير ما كان.

ولما انتهى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من طوافه بالبيت انصرف فجلس ناحية من المسجد ، والناس حوله ، ثم أرسل بلالا إلى « عثمان بن طلحة » يأتيه بمفتاح الكعبة ، وكان عثمان يومذاك سادن الكعبة ، وقد كانت السدانة تتوارث جيلا بعد جيل.

فجاء بلال إلى عثمان فقال : إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يأمرك أن

٤٩٣

تأتي بمفتاح الكعبة ، فاستجاب عثمان ، إلاّ أنّ امّه منعته عن ذلك ، وكان المفتاح يومئذ عندها وقالت له : اعيذك بالله أن تكون الذي تذهب مأثرة قومه على يديه.

فقال لها عثمان : فو الله لتدفعنّه إليّ ، أو ليأتينّك غيري فيأخذ منك ، فسلّمته إياه.

ففتح رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم به باب الكعبة ودخل البيت ، ودخل من بعدهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اسامة بن زيد وبلال وعثمان وسادتها ، ثم أمر النبيّ باغلاق باب الكعبة ، ووقف خالد بن الوليد على الباب يذبّ الناس عن الباب.

وكانت جدران الكعبة من الداخل مغطّاة بصور الأنبياء والملائكة وغيرهم ، فأمر النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بمحوها جميعا ، وغسلها بماء زمزم.

عليّعليه‌السلام على كتف النبيّ :

يقول المحدّثون والمؤرّخون : لقد كسرت بعض الأصنام الموضوعة في الكعبة على يد « عليّ بن أبي طالب » وذلك عند ما قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعليّعليه‌السلام :

« اجلس ».

فجلس إلى جنب الكعبة ثم صعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على منكبي ثم قال : انهض بي إلى الصنم فحاول أن ينهض فلم يطق.

فلما رأى النبي ضعفه تحته ، قال :

« اجلس ».

فجلس عليّعليه‌السلام ثم نزل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عنه ، ثم جلسصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثم قال :

« يا عليّ اصعد على منكبي ».

٤٩٤

فصعد عليّعليه‌السلام على منكبه ، ثم نهض به فالقى صنم قريش الاكبر ، وكان من نحاس ، ثم ألقى بقيّة الاصنام إلى الارض وحطّمها.

وقد أنشد شاعر الحلة الشهير بابن العرندس ، وهو من شعراء القرن التاسع الهجريّ قصيدة ذكرها فيها هذه الفضيلة بقوله :

وصعود غارب أحمد فضل له

دون القرابة والصحابة أفضلا(١)

ثم ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أمر بان يفتح باب الكعبة فوقف على الباب ، وأخذ بعضادتى الباب فاشرف على الناس بطلعته المنيرة ومحياه الجميل وقال :

« الحمد لله الّذي صدق وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده ».

ولقد كان الله سبحانه قد وعد نبيّه الكريم في آية من آيات الكتاب العزيز بأن يعيده الى مسقط راسه اذ قال : « إن الذي فرض عليك القرآن لرادّك إلى معاد قل ربّي اعلم من جاء بالهدى ومن هو في ضلال مبين »(٢) .

وقد أخبر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بحمده هذا عن تحقّق وعد الله له ، وبرهن مرة اخرى على صدقه ، وصحة دعواه.

وفي ما كان الصمت يخيّم على أرجاء المسجد الحرام ، وفي ما كانت الانفاس محتبسة في الصدور ، وتجول في رءوس الحاضرين وانفسهم أفكار مختلفة ، وخواطر شتى ، ويتذكر أهل مكة المشركون ما ألحقوه برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم واتباعه من الأذى والعذاب الشديد ، فتذهب بهم تصوراتهم مذاهب شتى!!

إن الذي سبق لهم أن اشعلوا حروبا كثيرة ضد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقتلوا خيرة شبابه وأصحابه ، بل وتمادوا في غيهم وعدوانهم حتى أنهم تآمروا

__________________

(١) مسند احمد بن حنبل : ج ١ ص ٨٤ باسناد صحيح ، السيرة الحلبية : ج ٣ ص ٨٦. تاريخ الخميس : ج ٢ ص ٨٦ و ٨٧ ، مستدرك الحاكم : ج ٢ ص ٣٦٧ ، وراجع بقية المصادر في موسوعة الغدير : ج ٧ ص ١٠ ـ ١٣.

(٢) القصص : ٨٥.

٤٩٥

لاغتياله بالهجوم عليه في منزله ليلا ، وتقطيعه بالسيوف إربا إربا ، ها هم الآن يرون أنفسهم أسرى في قبضته ، وهوصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قادر على أن ينتقم منهم كيفما شاء!!

إن من الطبيعي أن يتحدث أهل مكة في أنفسهم وهم يتذكّرون معاداتهم الشديدة والطويلة لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وجرائمهم الكبرى بحقه ، وبحق دعوته ويقول بعضهم : أنه سيقتلنا حتما ، أو يقتل فريقا منا ، ويحبس آخرين ، ويسبي ذريتنا ونساءنا ، جزاء ما فعلنا.

وبينما كانوا ـ في تلك اللحظات ـ فريسة هذه الافكار والتصورات الشيطانية ، كسر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جدار الصمت الرهيب الذي يخيم على أرجاء المسجد الحرام وقال سائلا :

« ما ذا تقولون وما ذا تظنون؟! ».

فقال أهل مكة : وقد تملّكتهم حيرة شديدة ، وخوف عظيم وهم قد عرفوا رحمة النبي ورأفته ، ولطفه لطفه ، وخلقه العظيم : نقول خيرا ، ونظن خيرا ، أخ كريم ، وابن أخ كريم ، وقد قدرت.

فقال رسول الله ونبي الرحمةصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وقد سمع هذه العبارات العاطفية :

« فاني أقول لكم كما قال أخي يوسف « قال لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين »(١) .

وكان أهل مكة قد اطمأنّوا إلى عفو النبي وصفحه قبل ذلك نوعا ما عند ما رأوا ردّ فعله الشديد على أحد قادة جيشه عند ما أخذ ينادي حين دخول مجموعته العسكرية مكة من احدى مداخلها :

اليوم يوم الملحمة

اليوم تسبى الحرمة

__________________

(١) المغازي : ج ٢ ص ٨٣٥ ، بحار الأنوار : ج ٢١ ص ١٠٧ و ١٣٢ والآية المذكورة هي ٩٢ من يوسف.

٤٩٦

فغضب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لهذا الشعار وقال ردا عليه :

« اليوم يوم المرحمة »(١)

كما أنه أمر ـ لغرض تأديب من أطلق هذا الشعار ـ بأخذ اللواء منه ، وأعطاه إلى شخص آخر ، وقيل إنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عزله عن قيادة المجموعة ، وأمرّ ابنه مكانه ، وكان هذا الأمير هو سعد بن عبادة رئيس الخزرج.

وقد دفع هذا النوع من اللطف والموقف الايجابي الذي لاحظه أهل مكة المشركون أن يأمل الناس المغلوبون في العفو العامّ إلى درجة كبيرة ، خاصّة أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد أمّن من دخل المسجد الحرام أو بيت أبي سفيان ، أو ألقى السلاح ، أو أغلق على نفسه باب منزله.

كل هذه الامور كانت قد فتحت على أهل مكة بصيصا من الأمل في العفو الشامل.

النبي يعلن عن العفو العام :

ثم إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أعلن عن العفو العام عن جميع أهل مكة بقوله :

« ألا لبئس جيران النبيّ كنتم ، لقد كذّبتم ، وطردتم ، وأخرجتم ، وآذيتم ، ثم ما رضيتم حتى جئتموني في بلادي تقاتلونني اذهبوا فانتم الطلقاء »(٢) .

بلال يرفع الأذان على سطح الكعبة :

ثم حان وقت صلاة الظهر ، فعلا مؤذن الاسلام « بلال » الحبشي سطح الكعبة المعظمة ، ورفع في الحاضرين وبصوت عال نداء التوحيد والرسالة

__________________

(١) المغازي : ج ٢ ص ٨٢١ و ٨٢٢.

(٢) بحار الأنوار : ج ٢١ ص ١٠٦ ، السيرة النبوية : ج ٢ ص ٤١٢.

٤٩٧

( الأذان ) ، فكان كل واحد من المشركين يقول كلاما ، غضبا وحنقا على بلال.

فمنهم من قال : الحمد لله الذي أكرم أبي فلم يسمع هذا البوم!!

وقال أبو سفيان أما أنا فلا أقول شيئا ، لو قلت شيئا لاخبرته هذه الحصباء!!(١) .

إن هذا العجوز الخرف المعاند الذي لم يشرق في قلبه نور الإسلام حتى آخر لحظة من حياته ، خلط بين مسألة الاطلاع على الغيب ، وتلقّي الحقائق عن طريق الوحى ، وبين مسألة التجسس الذي يعتمده جبابرة العالم وطغاته.

إن مسألة اطلاع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على قضايا الغيب أمر يحصل بطرق غير عادية ولا متعارفة ، في حين تحصل معرفة جبابرة العالم بمجريات الامور في بلادهم عن طريق استخدام عناصر بشرية ، أو من يسمّون برجال المخابرات والأمن.

وعلى كل حال فان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صلّى بالمسلمين صلاة الظهر ثم دعا « عثمان بن طلحة » وردّ إليه مفتاح الكعبة ، وقال له :

« هاك مفتاحك يا عثمان ، اليوم يوم بر ووفاء »(٢) .

وروي أنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال :

« خذوها يا بني أبي طلحة تالدة خالدة لا ينزعها منكم أحد إلاّ ظالم »(٣) .

ولم يكن غير هذا بمتوقع من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

فإن النبي الذي بعثه الله سبحانه إلى الناس ليدعوهم إلى أداء الامانة ـ فيما يدعوهم إليه ـ وليبلّغهم قوله تعالى : «إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها » من المسلّم أن يكون أول من يلتزم بهذا التعليم الالهي ، فيعيد مثل تلك الامانة الكبرى إلى صاحبها.

__________________

(١) السيرة النبوية : ج ٢ ص ٤١٣.

(٢) و (٣) السيرة النبوية : ج ٢ ص ٤١٢ ، المغازي : ج ٢ ص ٨٣٨ الطبقات الكبرى لابن سعد : ج ٢ ص ١٣٧.

٤٩٨

إنه لم يكن بالذي يهضم حقوق الناس ويدوسها ، في ظل ما أوتي من قوة ، ويقول للناس بكل صراحة : « خذوها يا بني أبي طلحة ، تالدة خالدة لا ينزعها أحد منكم إلا ظالم ».

ثم ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ألغى جميع مناصب الكعبة التي كانت في الجاهلية إلاّ ما كان نافعا للناس كالسدانة والحجابة ( وهي القيام بشئون أستار الكعبة ) وسقاية الحجيج(١) .

النبي يتحدث إلى أقاربه :

ولكي يعرف أقرباء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن وشيجة القربى التي تربطهم برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا ترفع عن كاهلهم أيّة مسئولية من المسئوليات ، بل تزيد من مسئوليتهم ألقى فيهم خطابا خاصا بيّن فيه أن رابطة القربى مع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا تبرّر لأحد من أقربائه بأن يتجاهل قوانين الحكومة الاسلامية ، ويتخذ من انتسابه إلى زعيم هذه الحكومة ذريعة وغطاء لارتكاب ما لا يحل للآخرين كما هو الحال في أنظمة الحكم البشرية.

ولقد شجب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في خطابه هذا الذي خطبه في اجتماع ضمّ رجال بني هاشم وبني عبد المطلب ، كل تمييز ، وتفضيل غير صحيح ، ودعا إلى لزوم العدل ومراعاة المساواة ، بين جميع الطبقات اذ قال :

« يا بني هاشم ، يا بني عبد المطلب إنّي رسول الله إليكم ، وإنّي شفيق عليكم ، لا تقولوا : إنّ محمّدا منّا ، فو الله ما أوليائي منكم ولا من غيركم إلاّ المتقون فلا أعرفكم تأتوني يوم القيامة تحملون الدنيا على رقابكم ويأتي الناس يحملون الآخرة.

ألا وإني قد أعذرت فيما بيني وبينكم ، وفيما بين الله عزّ وجلّ وبينكم وإن

__________________

(١) بحار الأنوار : ج ٢١ ، ص ١٣٢.

٤٩٩

لي عملي ولكم عملكم »(١) .

خطاب النبي التاريخي في المسجد الحرام :

كان الاجتماع الذي شهده المسجد الحرام يوم فتح مكة اجتماعا عظيما جدا.

المسلمون والمشركون ، والصديق والعدو حضروا بأجمعهم في ذلك الاجتماع ، وكانت تجلل هالة من عظمة الاسلام وعظمة نبيه الكريمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رحاب ذلك المكان المبارك ، وكان الصمت والهدوء ، وحالة من الانتظار والترقب ، تخيم على اجواء مكة.

لقد آن الأوان ـ الآن ـ لأن يكشف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للناس عن الملامح الحقيقية لدعوته المباركة ويوقف ذلك الحشد الهائل المتعطش على معالم رسالته العظمى ، ومبادى دينه الحنيف ، وبالتالي أن يكمل حديثه الذي بدأه قبل عشرين عاما ولكنّه لم يوفق لإتمامه بسبب مضايقات المشركين ، ومعارضتهم ، وبسبب ما أوجدوه من عقبات وعراقيل في طريقه.

ولقد كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ابن تلك المنطقة ، وتلك البيئة ، ولهذا كان عارفا ـ تمام المعرفة ـ بأمراض المجتمع العربي ، وأدوائه ، وعلاج تلك الأدواء ودوائها.

لقد كان يعرفصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم علل انحطاط المجتمع المكيّ واسباب تخلفه عن ركب الحضارة والمدنية ، وعن اللحاق بقافلة التكامل البشري الصاعد.

من هنا رأى أن يضع يده على مواضع الداء في ذلك المجتمع المريض ، وأن يعالج امراض البيئة العربية بشكل كامل ، وكأي طبيب حاذق ، وحكيم ماهر.

ونحن هنا ندرج أبرز المقاطع في الخطاب التاريخي الذي ألقاه سيد المرسلين

__________________

(١) بحار الأنوار : ج ٢١ ص ١١١.

٥٠٠

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735

736

737

738

739

740

741

742

743

744

745

746

747

748

749

750

751

752

753

754

755

756

757

758

759

760

761

762

763

764

765

766

767

768

769

770

771

772

773

774

775

776

777

778