سيد المرسلين صلى الله عليه وآله الجزء ٢

سيد المرسلين صلى الله عليه وآله7%

سيد المرسلين صلى الله عليه وآله مؤلف:
تصنيف: الرسول الأعظم صلّى الله عليه وآله
الصفحات: 778

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 778 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 459085 / تحميل: 9709
الحجم الحجم الحجم
سيد المرسلين صلى الله عليه وآله

سيد المرسلين صلى الله عليه وآله الجزء ٢

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

٥١

غزوة الطائف

« الطائف » من مصايف الحجاز ومن المناطق الخصبة ، الكثيرة الزرع فيها ، وتقع الطائف في الجنوب الشرقي من مكة على بعد (١٢) فرسخا منها ، وقد كانت ولا تزال بسبب مناخها اللطيف ، وبساتينها المثمرة ، ونخيلها الكثيرة مقصدا بل مركزا وموطنا لطلاب اللذة والراحة من أهل الحجاز.

وقد كانت قبيلة ثقيف التي كانت تعدّ من القبائل العربية القوية الكثيرة العدد تسكن في هذا البلد.

وكانت أعراب ثقيف من الذين شاركوا في معركة « حنين » ضدّ الاسلام والمسلمين ، ثم لجئوا بعد الهزيمة المنكرة التي لحقت بهم على أيدي جنود الاسلام الظافرين إلى بلدهم الذي كان لهم آنذاك فيه حصن قويّ ومنيع.

ولتكميل الانتصار الاسلامي أمر الرسول القائدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بملاحقة الهاربين المنهزمين في معركة حنين.

من هنا كلّفصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أبا عامر الأشعري وأبا موسى الأشعري وفريقا من جنود الاسلام بملاحقة من لجأ منهم إلى « أوطاس » فقتل القائد الأوّل في هذه الواقعة ، واستطاع الثاني أن يحرز انتصارا كبيرا على العدو ويفرق جمعه(١) .

وأما النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نفسه فقد توجه بالبقية من جيشه الى

__________________

(١) المغازي : ج ٣ ص ٩١٥ و ٩١٦.

٥٢١

الطائف(١) ، ومرّ في طريقه على حصن مالك بن عوف النصرى مثير فتنة « حنين » ورأس المؤامرة ، فهدمه وسوّاه بالأرض.

على أن تهديم حصن « مالك » لم يكن بدافع انتقاميّ بل كان لأجل ان لا يترك وراءه نقطة اعتماد وملجأ للعدوّ.

تحركت أعمدة الجيش الاسلامي الواحدة تلو الاخرى ، واستقرت حول مدينة الطائف.

كان حصن الطائف حصنا منيعا ، مرتفع الجدران ، قوي البنيان ، فيه أبراج للمراقبة مسيطرة على خارج الحصن سيطرة كاملة.

ومنذ أن استقرّ الجيش الاسلامي خارج الطائف بدأ حصاره لها ، غير أنّ الحصار لم يتكامل بعد حتى عمد العدو إلى رمي المسلمين للحيلولة دون تقدّمهم نحو المواقع المرسومة لها ، فقتل بهذا جماعة من المسلمين في بداية هذه الواقعة.

فأمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الجيش بالانسحاب والتراجع التكتيكي الى نقطة بعيدة عند مرمى العدوّ ، والتمركز فيها ريثما تصدر الاوامر الجديدة

وهنا اقترح « سلمان الفارسي » الذي سبق له أن اقترح حفر الخندق في معركة الاحزاب ، وكان ذا خبرة بفنون القتال ، اقترح على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأن يرمي الحصن بالمنجنيق(٢) ، وكان هذا الجهاز الذي كان يستخدم في حروب تلك الأعصر يؤدى نفس دور الدبابة في الحروب الراهنة.

فقام امراء الجيش الاسلامي بنصب المنجنيق بارشاد وتوجيه من سلمان ، وأخذوا يرمون الحصن المذكور وأبراجها الشاهقة بالحجارة طوال عشرين يوما متوالية.

ولكن العدوّ لم يسكت تجاه هذه العمليات القوية التي بدأها المسلمون ،

__________________

(١) بحار الأنوار : ج ٢١ ص ١٦٣.

(٢) امتاع الاسماع : ج ١ ص ٤١٧.

٥٢٢

فزاد من رميه واستمر في ذلك ، فوقعت بين المسلمين بعض الاصابات نتيجة ذلك(١) .

والآن يجب أن نرى كيف حصل المسلمون على جهاز المنجنيق ، هذا؟

يرى البعض أن سلمانا هو الذي صنع هذا الجهاز وعلّم المسلمين كيفية استخدامه في هذه الغزوة(٢) .

ويرى آخرون ان المسلمين حصلوا على هذا الجهاز وغنموه من اليهود في خيبر عند فتح قلاعهم وحصونهم واصطحبوه معهم إلى الطائف واستخدموه في غزوها.

ولا يبعد أن الصحابي الجليل سلمان الفارسي قد ادخل بعض التحسينات على ذلك الذي جلبه المسلمون من خيبر ، وعلّم المسلمين كيفية نصبه واستخدامه في القتال ، فانه يستفاد من التاريخ أن المنجنيق لم يكن منحصرا في المنجنيق الذي حصل عليه من يهود خيبر ، لأن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعث الطفيل بن عمرو الدوسي لتحطيم أصنام لقبيلة « دوس » في وقت متزامن مع خروجه الى معركة حنين ثم الطائف فعاد الطفل فاتحا مع من خرجوا تحت إمرته من جنود الاسلام الاربعمائة ، وكانوا برمتهم من أبناء قبيلته ، فقد قدم الطائف على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مع عدد واحد من جهاز المنجنيق وعربتين حربيتين خاصتين ، وقد استخدمت هذه الآليات في غزوة الطائف.

شدخ جدار الحصن بالمنجنيق :

كان لا بدّ لاخضاع العدو ودفعه إلى الاستسلام من القيام بحملات واسعة ومن مختلف الاطراف والنواحي ، ولهذا تقرر أن يقوم جنود الاسلام ، مضافا إلى

__________________

(١) الطبقات الكبرى : ج ٢ ص ١٥٨.

(٢) السيرة النبوية : ج ٤ ص ١٢٦ ، وابن هشام يرى أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هو اول من أستخدم المنجنيق في الجزيرة العربية.

٥٢٣

رمي الحصن بالمنجنيق ، إيجاد ثغرة في الجدار واجه مشكلة كبرى ، لأن السهام والاحجار ، والنيران كانت تنصبّ على رءوس المقاتلين المسلمين كالمطر ، ولم يكن في مقدور أحد منهم الاقتراب والدنوّ من جدار الحصن ، فكان أفضل وسيلة لتحقيق هذا الهدف هو استخدام الدبابة التي كانت في جيوش العالم الكبرى في تلك العصور في صورتها البدائية.

وكانت الدبابة آنذاك تصنع من الخشب وتغطى بجلود البقر ، ويدخل تحتها جماعة من الجنود الاقوياء ثم تتحرك نحو الحصن حتى تدنو إليه ، ويقوم الجنود بعملية إيجاد ثغرة او نقب في جدار الحصن ، فاستخدم نفر من جنود الاسلام الشجعان الاشداء هذا الجهاز بالطريقة المذكورة ، بيد أن العدو قد حال دون هذا العمل إذ ألقى على الدبابة سكك الحديد المحماة بالنار فاخرب سقفها ، واضطرّ أفرادها الى الخروج منها ، فرمتهم ثقيف بالنبل فقتلت منهم رجلا واحدا ولم ينتج هذه التكتيك القتالي ، ولم يتحقق أي نجاح في هذا المجال ، فانصرف المسلمون عن استخدامه(١) .

ضغوط اقتصادية ونفسية :

إن تحقيق الانتصار لا ينحصر في مجرد استخدام الطرق والتكتيكات العسكرية ، بل للقائد الحكيم أن يستخدم ـ لاضعاف قوة العدو وكسر صموده ـ الضربات والضغوط الاقتصادية ويجبره على الاستسلام.

وقد تكون الضربة النفسية والاقتصادية اقوى مفعولا بدرجات أى إن أثرها تفوق بمراتب عديدة أثر الضربة العسكرية ، والإضرار البدني الذي يلحق بجنود العدو وأفراده.

ولقد كانت أرض الطائف أرض زراعة ، ونخيل وأعناب ، وكانت معروفة

__________________

(١) المغازي : ج ٣ ص ٩٢٨.

٥٢٤

في الحجاز بخصبها ، وكثرة محاصيلها وخيراتها ، لأن أهلها كانوا يجهدون كثيرا في تنمية نخيلهم وأعنابهم ورعايتها ، ويولون الحفاظ عليها اهتماما كبيرا ، ويعطون هذا الأمر القسط الاكبر من جهودهم.

فأعلن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لتهديد المتمردين اللاجئين إلى الحصن ، والمعتصمين به ، بأنه سيعمد إلى قطع أعناب ثقيف ، وإفناء مزارعها إذا واصل المعتصمون بالحصن مقاومتهم ولم يسلموا للمسلمين.

فلم يكترث العدو بهذا التهديد لأنه لم يك يتصور أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ وهو النبي الذي عرف برحمته ورافته ـ يستخدم مثل هذه الطريقة.

وفجأة وجدت « ثقيف » أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أصدر أوامره بقطع الأعناب ، واتلاف المزارع وتحريقها ، فوقع المسلمون فيها يقطعون ويحرقون.

فعجّت « ثقيف » لذلك وضجّت ، واستغاثت برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأقسمت عليه بالرحم والقرابة أن يكف عن ذلك ، فتركها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم احتراما لوشيجة القربى التي كانت بينه وبين « ثقيف ».

ان المعتصمين بحصن الطائف وان كانوا من مثيرى معركة حنين والطائف ، وتانك الغزوتان اللتان كلّفتا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الكثير من الخسائر والمتاعب غير أنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قبل مع ذلك التماس العدو وطلبه هذا ، فابدى وللمرة الاخرى وجه الاسلام الرحيم وكشف عن إنسانيته في التعامل مع العدوّ اللدود في ميدان القتال ، وأمر أصحابه بالكف عن قطع الاعناب وتحريقها.

ثم إن مع ما نعرفه ونعهده من أخلاق رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأساليبه الانسانية في مجال التعامل مع العدوّ ، يمكننا أن ندرك بسرعة أن الامر بقطع الاعناب وتحريق المزارع كان مجرد تهديد ومحاولة ضغط على العدو بحيث إذا لم تنجح هذه الطريقة معه لكفّ عنها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتما.

٥٢٥

آخر محاولة لفتح حصن الطائف :

كانت قبيلة « ثقيف » جماعة ثريّة ، وذات مال كثير ، وعبيد وإماء كثيرين ، ولكي يحصل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على معلومات دقيقة عن الاوضاع في داخل الحصن ، ويعرف بالتالي حجم امكانات العدو ومدى استعداداته من جهة ، ويوجد الاختلاف في صفوفه من جهة اخرى أمر أن يعلن عن القرار التالي : وينادى : أي عبد نزل من الحصن وخرج إلينا فهو حرّ.

ونفعت هذه الطريقة إلى حدّ ما ، فقد خرج من الحصن بطريقة ماهرة حوالي بضعة عشر رجلا من عبيد ثقيف ورقيقهم ، والتحقوا بصفوف المسلمين فعرف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من خلال التحقيق معهم أنّ المعتصمين بالحصن لا ينوون الاستسلام ، وأنهم مستعدون للمقاومة حتى لو طال الحصار عاما واحدا ، فإنهم قد أعدّوا لمثل هذا الحصار الطويل الطعام الكافي ، ولن يقعوا في أزمة بسبب طول الحصار.

جيش الاسلام يعود الى المدينة :

استخدم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في هذه الغزوة جميع الاساليب والتكتيكات العسكرية المادية والنفسيّة ضدّ العدوّ ، وقد اثبتت التجربة أن فتح الحصن يحتاج إلى مزيد من الصبر والعمل على حين لم تكن ظروف الجيش الاسلامي وامكاناته ـ يومذاك ـ لتسمح بذلك القدر من الصبر والترقب ، والانتظار والتوقف ، اكثر ممّا توقف ومكث في تلك المنطقة وذلك :

أولا : لأنه قتل في اثناء هذه المحاصرة (١٣) مسلما سبعة منهم من قريش ، وأربعة من الانصار ، ورجل واحد من قبيلة اخرى.

هذا مضافا إلى من استشهد من المسلمين في وادي « حنين » إثر هجوم العدوّ الغادر ، وانفراط صفوف الجيش الاسلامي ، والذين لم يذكر التاريخ مع

٥٢٦

الأسف أسماءهم ، وخصوصياتهم ، ولهذا كان قد دبّ نوع من التعب في نفوس جنود الإسلام لم يكن من الصالح تجاهله.

وثانيا : أن شهر شوال قد انتهى ، وبدأ شهر ذي القعدة الذي كان معدودا عند العرب من الاشهر الحرم وقد أيّد الاسلام فيما بعد هذه السنّة ، وأكّد حرمة الاشهر الحرم.

من هنا كان من الضروري ـ حفاظا على هذه السنّة ـ(١) إنهاء الحصار في أقرب وقت لكي لا تتّهم عرب ثقيف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بمخالفة السنّة الصالحة وخرقها.

أضف إلى ذلك دنوّ حلول موسم الحج ، مع العلم بأن إدارة ذلك الموسم ومناسكه كانت في ذلك العام للمسلمين ، بعد أن كانت ـ قبل ذلك ـ تدار بواسطة المشركين وبرعايتهم.

ولا شك أن موسم الحج الذي كان سببا لحصول اجتماع بشريّ عظيم من سكان الجزيرة العربية كان يوفّر اكبر وافضل فرصة لتبليغ الاسلام ، وبيان حقيقة التوحيد ، وكان على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ان يستغل هذه الفرصة العظيمة التي اتيحت له لأوّل مرة ، في مجال الدعوة ، ويستفيد منها اكثر قدر ممكن ويولي اهتمامه لقضايا اخرى اكثر أهميّة وخطورة من فتح حصن واقع في منطقة نائية.

مع أخذ هذه الظروف بنظر الاعتبار ترك الرسول القائدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حصار الطائف وعاد بجيشه إلى الجعرّانة التي جعلها محلا لحفظ أسرى حنين وغنائمها.

__________________

(١) ويدلّ على هذا الأمر أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ترك مكة متوجها إلى الطائف في الخامس من شهر شوال واستغرقت مدة الحصار عشرين يوما ، وصرفت بقيّة الايام ( وهي خمسة ) في المسير إلى حنين ، وفي المعركة.

وقولنا بأن الحصار طال عشرين يوما يستند إلى رواية نقلها ابن هشام ، إلاّ أن ابن سعد ذكر مدة الحصار أربعين يوما ( الطبقات الكبرى ج ٢ ص ١٥٨ ).

٥٢٧

حوادث ما بعد الحرب :

انتهت حوادث معركة « حنين » و « الطائف » وعاد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من دون تحقيق نتيجة قطعية الى « الجعرانه » لتقسيم غنائم معركة « حنين ».

والغنائم التي حصل عليها المسلمون في معركة « حنين » كانت من اكبر الغنائم التي غنموها طوال المعارك الاسلامية كلّها ، لأن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم قدم « الجعرّانة » كان هناك ستة آلاف أسير و (٢٤) ألف من الإبل واكثر من (٤٠) ألف رأس غنم و (٨٥٢) كيلو غرام من الفضة يحافظ عليها في مركز الغنائم(١) وكان من الممكن أن تسدّد القيادة من هذه الغنائم قسما كبيرا من ميزانية الجيش الاسلامي.

لقد مكث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في « الجعرّانة » ثلاثة عشر يوما ، وفي هذه المدة قسّم تلك الغنائم بطريقة خاصة ملفتة للنظر وجديرة بالتأمل والدراسة.

فقد خلّى سبيل بعض الأسرى ، وتركهم لذوبهم ، وخطّط لاخضاع ( او بالاحرى إسلام ) مالك بن عوف النصري مثير معركة حنين والطائف الهارب ، كما أظهر تقديره وشكره لمواقف الاشخاص في هاتين الغزوتين وخدماتهم ، وجذب بسياسته الحكيمة افئدة أعداء الاسلام ، ورغّبها في عقيدة التوحيد الشريفة ، وأنهى نقاشا حدث بينه وبين جماعة الأنصار حول طريقة تقسيم الغنائم بخطبة جميلة.

وإليك تفصيل الكلام في المواضيع المذكورة :

١ ـ لقد دأب رسول الاسلامصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على احترام حقوق الأفراد ، وتثمين جهودهم مهما ضؤلت ودقّت ، وعلى أن لا يبخس أحدا عمله ، فإذا أحسن

__________________

(١) الطبقات الكبرى : ج ٢ ص ١٥٢.

٥٢٨

إليه أحد قابل إحسانه بما يزيد عليه أضعافا مضاعفة. وكان ذلك من أبرز صفاته وأخلاقهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

فقد رضع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وترعرع في قبيلة بني سعد التي هي من قبائل هوازن ، وقد ارضعته امرأة من هذه القبيلة تدعى « حليمة السعدية » ، وقد بقي في تلك القبيلة خمسة أعوام.

وقد شاركت قبيلة بني سعد في معركة حنين ضدّ الاسلام فسبيت بعض نسائهم وأطفالهم على أيدي المسلمين ، كما وقعت بعض أموالهم بأيديهم أيضا ، وقد ندمت على فعلها ندما شديدا.

وقد كانوا يعلمون أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نشأ وترعرع فيهم ، ورضع بلبن نسائهم هذا من ناحية ، ومن ناحية اخرى كانوا يعرفون أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ملء قلبه الرحمة والمروءة ومعرفة الجميل ، فاذا سنح لهم أن يذكّروه بذلك لأطلق أسراهم حتما.

فقدم أربعة عشر رجلا من رؤسائهم الذين كانوا قد أسلموا جميعا « الجعرانة » على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقد أمّروا على أنفسهم شخصيتين من رجالهم أحدهما هو « زهير بن صرد » والآخر عم للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من الرضاعة ، فقالوا : يا رسول الله إنّما في هذه الأسرى من يكفلك من عماتك وخالاتك ، وحواضنك ، وقد حضنّاك في حجورنا وارضعناك بثدينا ، ولقد رايتك مرضعا فما رأيت مرضعا خيرا منك ، ورأيتك فطيما فما رأيت فطيما خيرا منك ، ورأيتك شابا فما رأيت شابا خيرا منك ، وقد تكاملت فيك خلال الخير ، ونحن مع ذلك أهلك وعشيرتك فامنن علينا منّ الله عليك.

وقال زهير بن صرد : يا رسول الله إنّما في هذه الحظائر عماتك وخالاتك وحواضنك اللاتي كنّ يكفلنك ، ولو أننا ملحنا للحارث بن أبي شمر ، أو النعمان بن المنذر ، ثم نزل منا بمثل الذي نزلت به رجونا عطفه وعائدته علينا وأنت خير المكفولين.

٥٢٩

فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لهم :

« إن أحسن الحديث أصدقه ، وعندي من ترون من المسلمين ، فابناؤكم ونساؤكم أحبّ إليكم أم أموالكم »؟

قالوا : يا رسول الله خيّرتنا بين أحسابنا وأموالنا وما كنّا نعدل بالأحساب شيئا ، فردّ علينا أبناءنا ونساءنا.

فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

« أما ما لي ولبني عبد المطلب فهو لكم واسأل لكم الناس وإذا صلّيت الظهر بالناس فقولوا : إنا لنستشفع برسول الله الى المسلمين ، وبالمسلمين الى رسول الله فاني سأقول : لكم ما كان لي ولبني عبد المطّلب فهو لكم وسأطلب لكم إلى الناس ».

فلما صلّى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الظهر بالناس قاموا فتكلموا بالذي أمرهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقالوا : إنا نستشفع برسول الله الى المسلمين وبالمسلمين إلى رسول الله.

فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أما ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لكم.

وبهذا وهب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لهم نصيبه من الاسرى.

فقال المهاجرون : أمّا ما كان لنا فهو لرسول الله.

وقال الانصار : ما كان لنا فهو لرسول الله.

وهكذا وهب الانصار والمهاجرون نصيبهم من الاسرى تبعا لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولم يتأخر عن ذلك إلاّ قليلون مثل « الاقرع بن حابس » و « عيينة بن حصن » فقد امتنعا عن أن يهبا نصيبهما ، ويطلق سراح ما عندهم من السبايا ، فقام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقال : إن هؤلاء القوم جاءوا مسلمين وقد استأنيت بهم ، فخيّرتهم بين النساء والأبناء ، والأموال ، فلم يعدلوا بالأبناء والنساء ، فمن كانت عنده منهنّ شيء فطابت نفسه أن يردّه فليرسل ،

٥٣٠

ومن أبى منكم وتمسك بحقه فليردّ عليهم ، فله بكل انسان ست فرائض ( أي سوف أعطيه بدل الواحد ستا ) من أول ما يفيء الله به علينا(١) .

فكان لعمل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هذا أثر عظيم في نفوس المسلمين حيث خلّوا سبيل جميع من كان في أيديهم من الاسرى والسبايا إلا امرأة عجوز امتنع « عيينة » من ردّها إلى ذوبها.

وهكذا أثمر عمل صالح غرست شتيلته ـ قبل ستين عاما ـ في أرض قبيلة بني سعد على يدى حليمة السعدية ، فاتت اكلها بعد مدة طويلة ، واطلق بفضل ذلك العمل الصالح سراح جميع الاسرى والسبايا من هوازن(٢) .

ثم ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دعا اخته من الرضاعة « الشيماء »(٣) وبسط لها رداءه ثم قال : اجلسي عليه ، ورحّب بها ، ودمعت عيناه ، وسألها عن امّه وابيه من الرضاعة ، فاخبرته بموتهما في الزمان ، ثم قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لها :

« إن أحببت فأقيمي عندنا محبّبة مكرّمة وإن أحببت أن امتّعك وترجعي الى قومك فعلت ».

فقالت : بل تمتّعني وتردّني إلى قومي ، فمتّعها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وردّها الى قومها ، بعد أن أسلمت طوعا ورغبة ، وأعطاها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثلاثة أعبد وجارية(٤) .

وقد قوّى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم باخلائه سبيل جميع أسرى هوازن وسباياها من رغبة هوازن في الاسلام ، فاسلموا من قلوبهم ، وهكذا فقدت

__________________

(١) المغازي : ج ٣ ص ٩٤٩ ـ ٩٥٣.

(٢) الطبقات الكبرى : ج ٢ ص ١٥٣ و ١٥٤ ، السيرة النبوية : ج ٢ ص ٤٩٠ ، والحادثة التاريخية هذه جسّدت مضمون قول الله تعالى : «مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ ، فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ » ( النحل : ٩٧ ).

(٣) هي الشيماء بنت الحارث بن عبد العزى.

(٤) البداية والنهاية : ج ٢ ص ٣٦٣ و ٣٦٤ ، الامتاع : ج ١ ص ٤١٣.

٥٣١

« الطائف » آخر حليف من حلفائها.

٢ ـ اسلام مالك بن عوف :

في هذا الأثناء اغتنم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الفرصة ليعالج مشكلته مع « مالك بن عوف النصري » مثير حرب حنين ، عن طريق وفد بني سعد وذلك بترغيبه في الاسلام ، وعزله عن حليفه : « ثقيف ».

ولهذا سألهم عن مالك ما فعل؟ فقالوا يا رسول الله هو بالطائف مع ثقيف.

فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

« أخبروا مالكا أنّه إن أتاني مسلما رددت عليه أهله وماله وأعطيته مائة من الابل ».

فبلّغ وفد هوازن مالكا كلام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأمانه المشروط ، فقرّر مالك الذي كان يرى بامّ عينيه تعاظم أمر الاسلام ، واشتداد أزره كما رأى رحمة النبي ولطفه ، أن يخرج من الطائف ، ويلتحق بالمسلمين ، ولكنه كان يخشى أن تعرف « ثقيف » بنيته فتحبسه في الحصن ، ولهذا عمد الى خطة خاصة للفرار ، فقد أمر باعداد راحلته فهيّئت له ، وأمر بفرس له فأتي به إلى الطائف ، فركب فرسه وركّضه حتى أتى راحلته حيث أمر بها أن تحبس فركبها ، فلحق برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فادركه بالجعرانة أو بمكة ، فردّ عليه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أهله وماله ، وأعطاه مائة من الابل كما وعد من قبل ، واسلم فحسن إسلامه ، ثم استعمله رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على من أسلم من قومه وقبائل « ثمالة » و « سلمة » و « فهم ».

وقد انشد « مالك بن عوف » أبياتا عند ما أسلم يصف فيها خلائق رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الكريمة ، ويمدحه أجمل مديح اذ يقول :

ما إن رأيت ولا سمعت بمثله

في الناس كلّهم بمثل محمّد

أوفى وأعطى للجزيل إذ اجتدي

ومتى تشأ يخبرك عما في غد

٥٣٢

وإذا الكتيبة عرّدت أنيابها

بالسمهريّ وضرب كلّ مهنّد

فكأنّه ليث على أشباله

وسط الهباءة خادر في مرصد

وصار يقاتل بتلك القبائل ثقيفا لا يخرج لهم سرح إلاّ أغار عليه حتى ضيّق عليهم لما حصل عليه من مكانة وعزة في الاسلام ، وبعد أن أدرك قبح موقف « ثقيف »(١) .

٣ ـ تقسيم الغنائم :

كان أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يلحّون عليه أن يسرع في تقسيم غنائم الحرب ، ولكي يدلّل النبي الكريمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على حياده الكامل في تقسيم الغنائم قام إلى بعير فأخذ وبرة من سنامه فجعلها بين إصبعيه ثم رفعها ثم قال :

« أيّها الناس والله مالي في فيئكم ولا هذه الوبرة إلاّ الخمس ، والخمس مردود عليكم ، فادّوا الخياط والمخيط فإن الغلول ( أي الخيانة في بيت المال ) يكون على أهله عارا ، ونارا ، وشنارا يوم القيامة ».

ثم ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قسّم أموال بيت المال بين المسلمين ، واما الخمس الذي هو حقه الخاص به فقد وزّعه بين أشراف قريش الحديثي العهد بالاسلام يتألّفهم ، ويتألف بهم قومهم ، فأعطى من هذا المال لـ : أبي سفيان بن حرب ، وابنه معاوية ، وحكيم بن حزام ، والحارث بن الحارث ، والحارث بن هشام ، وسهيل بن عمرو ، وحويطب بن عبد العزى ، والعلاء بن جارية وصفوان بن أميّة ، وغيرهم ممّن كانوا يعادونه الى الأمس القريب من رءوس الشرك ورموز الكفر ، لكلّ واحد منهم مائة بعير(٢) .

__________________

(١) السيرة النبوية : ج ٢ ص ٤٩١ وعرّدت أي عوّجت.

(٢) راجع المحبّر : ص ٤٧٣ ، المغازي : ج ٣ ص ٩٤٤ ـ ٩٤٨ ، السيرة النبوية : ج ٣ ص ٤٩٣ ، امتاع الاسماع : ج ١ ص ٤٢٣.

٥٣٣

وقد كان لهذا العطاء السخيّ أثره الطيب والبالغ في نفوس تلك الجماعة التي شملها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم برحمته ، ولطفه ، وعنايته ، وكرمه ، واشتدت رغبتهم في الاسلام.

وهذا الفريق هم من يصطلح عليهم في الفقه الاسلامي بالمؤلفة قلوبهم ، وهم يشكّلون إحدى مصارف الزكاة بنص القرآن الكريم.

ويقول ابن سعد في الطبقات الكبرى بعد ان ذكر قصة هذا التقسيم الخاص للغنائم : وأعطى ذلك كله من الخمس وهو أثبت الاقاويل عندنا(١) .

ولقد شق هذا النوع من الاسلوب في تقسيم الغنائم وهذا النمط من البذل الذي مارسه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، شقّ على بعض المسلمين ، وبخاصة الانصار وقد جهلوا بالمصالح التي كان يراعيها ، والأهداف العليا التي كان يتوخّاها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من هذا النوع من البذل والعطاء ( وهو تخصيص حديثي العهد بالاسلام باكثر الغنائم ).

لقد كانوا يتصورون ان التعصب القبلي هو الذي دفع بالرسول القائدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى أن يقسم خمس الغنيمة بين أبناء قبيلته حتى أن احدهم ( وهو ذو الخويصرة التميمي ) قال لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بكل وقاحة : يا محمّد قد رأيت ما صنعت في هذا اليوم ، لم أرك عدلت!!

فغضب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من كلامه هذا وقال :

« ويحك إذا لم يكن العدل عندي فعند من يكون »؟!

فطلب عمر بن الخطاب من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يأذن له بقتله ، فلم يأذن له النبي وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

« دعه فانّه سيكون له شيعة يتعمّقون في الدين ( أي يتتبّعون أقصاه ) حتى

__________________

(١) الطبقات الكبرى : ج ٣ ص ١٥٣.

٥٣٤

يخرجوا منه كما يخرج السهم من الرميّة »(١) .

وقد كان هذا الرجل ـ كما قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم زعيم فرقة الخوارج في عهد حكومة الإمام عليّعليه‌السلام ، فهو الذي قاد تلك الفرقة الخطرة ، غير أن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يقدم على عقوبته على ما بدر منه فيما بعد لأن القصاص أو العقاب قبل الجناية يخالف قواعد الإسلام.

ولقد رفع « سعد بن عبادة » شكوى الأنصار حول كيفية تقسيم الخمس إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لسعد : اجمع من كان هاهنا من الأنصار في هذه الحظيرة.

فجمع سعد الانصار في تلك الخطيرة ، فلما اجتمعوا دخل عليهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعليه جلال النبوة ، وهيبة الرسالة ، فحمد الله واثنى عليه بالذي هو أهله ثم قال :

« يا معشر الأنصار ما مقالة بلغتني عنكم وجدة وجدتموها في أنفسكم؟ ألم آتكم ضلاّلا فهداكم الله وعالة فاغناكم الله ، وأعداء فألّف الله بين قلوبكم »؟

قالوا : بلى الله ورسوله أمنّ وافضل!

قال :

ألا تجيبوني يا معشر الانصار »؟

قالوا : وما ذا نجيبك يا رسول الله ولرسول الله المنّ والفضل؟

قال :

« أما والله لو شئتم قلتم فصدقتم أتيتنا مكذّبا فصدّقناك ومخذولا فنصرناك

__________________

(١) السيرة النبوية : ج ٢ ص ٤٩٦ ، السيرة الحلبية : ج ٣ ص ١٢٢ ، وفي المغازي : ج ٣ ص ٩٤٨ أن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال فيه : « دعه إنّ له أصحابا يحقّر أحدكم صلاته مع صلاتهم ، وصيامه مع صيامهم ، يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم ، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية يخرجون على فرقة من المسلمين ». وراجع امتاع الاسماع : ج ١ ص ٤٢٥ وجاء في السيرة الحلبية انه أصل الخوارج.

٥٣٥

وطريدا فآويناك وعائلا فآسيناك!(١) وجدتم في أنفسكم يا معشر الأنصار في شيء من الدّنيا تألّفت به قوما ليسلموا ووكلتكم إلى إسلامكم ، أفلا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس بالشاة والبعير ، وترجعوا برسول الله إلى رحالكم؟

والذي نفس محمّد بيده لو لا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار ، ولو سلك الناس شعبا وسلكت الأنصار شعبا لسلكت شعب الأنصار ».

ثم ترحّم على الأنصار وعلى أبنائهم وعلى أبناء أبنائهم فقال :

« اللهم ارحم الأنصار وأبناء الأنصار وأبناء أبناء الأنصار ».

وقد كانت كلمات النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هذه من القوة والعاطفيّة بحيث أثارت مشاعر الأنصار ، فبكوا بعد سماعها بكاء شديدا حتى اخضلّت لحاهم وابتلّت بالدموع وقالوا : رضينا يا رسول الله حظّا وقسما!!!

ثم انصرف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وتفرّقوا(٢) .

ان هذه القصة تكشف عن عمق حكمة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعن حنكته السياسيّة البالغة ، وكيف أنه كان يعالج المشاكل باساليب مناسبة وبروح الصدق واللطف.

رسول الله يعتمر :

ثم ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خرج من الجعرانة معتمرا ، بعد ان قسم الغنائم ، فلما فرغ من عمرته انصرف راجعا الى المدينة ، فقدم المدينة في اواخر شهر ذي القعدة ، أو أوائل شهر ذي الحجة.

__________________

(١) إن هذا يفيد ان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما كان ينسى فضل أحد عليه وان كان هوصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صاحب الفضل الاكبر على الناس اجمعين.

(٢) السيرة النبوية : ج ٢ ص ٤٩٨ و ٤٩٩ ، المغازي : ج ٣ ص ٩٥٧ و ٩٥٨.

٥٣٦

٥٢

لاميّة كعب بن زهير المعروفة

« بانت سعاد »

فرغ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في منتصف شهر ذي القعدة ، من السنة الثامنة للهجرة من قسمة غنائم حنين في الجعرانة ، وكان موسم الحج على الأبواب ، وكانت هذه السنة هي السنة الاولى التي كان يتوجب على الحجيج العرب ، مسلمين ومشركين ، أن يقوموا بمناسك الحج تحت رعاية الحكومة الاسلامية.

وكان اشتراك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في هذه الشعائر يزيد الحج عظمة وجلالا ، وكان من الممكن ـ وبفضل قيادته الحكيمة ـ أن تتم في ذلك الحشد الهائل والاجتماع العظيم دعوة صحيحة وقوية وواسعة إلى الاسلام ، بينما كانت ثمة مسئوليات في المدينة تنتظر عودة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وقد مضى على مفارقته المدينة ما يقرب من ثلاثة أشهر ، وكانت الأعمال التي يجب أن يقوم بها هو بنفسه قد تعطّلت طوال هذه المدة.

وبعد دراسة هذه المسألة من جوانبها المختلفة رأى الرسول القائدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يكتفي بعمرة ، يغادر بعدها مكة ليصل الى المدينة في أقرب وقت ممكن.

ولكنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رأى أنه لا بدّ أن يعيّن شخصا صالحا لادارة الامور السياسية والدينية في المنطقة الحديثة العهد بالفتح الاسلامي ( نعني مكة ) حتى لا تحدث في غيابه أزمة فيها ، وحتى تجري الامور على النسق الصحيح والمطلوب.

٥٣٧

من هنا استخلف النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم « عتّاب بن اسيد » على مكة ، وكان عتاب شابا لبيبا يتسم بالصبر والجلد ، وكان له من العمر اذ ذاك عشرون سنة ، وقد قرّر له النبي راتبا قدره درهم واحد كل يوم.

وبهذا العمل ( أي تعيين شاب حديث العهد بالاسلام والايمان في مقتبل العمر ، ولكن كفؤ لتسيير الامور في مكة ، وتفضيله على كثير من الشيوخ وكبار السنّ ) حطّم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سدّا خياليا ، ومفهوما باطلا في مجال التوظيف والتأمير.

فان جماعة من الناس لما أمّر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم « عتابا » على أهل مكة قالوا : إن محمّدا لا يزال يستخفّ بناحتى ولّى علينا غلاما حدث السنّ ابن ثمانية عشر سنة ، ونحن مشايخ ذو والاسنان فاجابهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بقوله في كتاب كتبه لعتاب :

« لا يحتجّ محتجّ منكم في مخالفته بصغر سنّه ، فليس الاكبر هو الأفضل بل الأفضل هو الاكبر وهو الاكبر في موالاتنا وموالاة أوليائنا ومعاداة أعدائنا فلذلك جعلناه الأمير عليكم والرئيس عليكم فمن أطاعه فمرحبا به ومن خالفه فلا يبعد الله غيره »(١) .

وبهذا أثبتصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عمليا أن حيازة المناصب الاجتماعية إنما تدور فقط حول معيار الأهلية والجدارة ، والكفاءة ، وأنّ صغر السنّ لا يمنع من ذلك اذا كان صاحبه يتمتع بكفاءة عالية.

ثم ان « عتّابا » قام فخطب في الناس فقال : أيّها الناس أجاع الله كبد من جاع على درهم ، فقد رزقني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم درهما كل يوم ، فليست بي حاجة إلى أحد(٢) .

__________________

(١) بحار الأنوار : ج ٢١ ص ١٢٢ و ١٢٣. امتاع الاسماع : ج ١ ص ٤٣٢ و ٤٣٣.

(٢) السيرة النبوية : ج ٢ ص ٥٠٠.

٥٣٨

وأحسن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الاختيار أيضا عند ما عيّن « معاذ بن جبل » ليعلّم الناس القرآن ويفقههم في الدين ، فقد كان معاذ ممن عرف بالفقه ، والمعرفة باحكام القرآن بين أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتى أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لما بعثه للقضاء ، الى اليمن سألهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : بم تقضي إن عرض قضاء فقال : أقضى بما في كتاب الله.

قال : فان لم يكن في كتاب الله؟

قال : أقضي بما قضى به الرسول.

قال : فإن لم يكن فيما قضى به الرسول؟

قال : أجتهد رأيي ولا آلو.

فضرب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صدره ، وقال :

« الحمد الله الّذي وفّق رسول رسول الله لما يرضى رسول الله »(١) .

قصة كعب بن زهير بن أبي سلمى :

كان « زهير بن أبي سلمى » من شعراء العرب البارعين في العهد الجاهلي ، فهو صاحب إحدى المعلّقات السبع التي بقيت منصوبة في الكعبة المعظّمة حتى قبيل نزول القرآن الكريم ، وكانت تفتخر بها العرب ، وتبدأ معلّقته تلك بقوله :

أمن أمّ أوفى دمنة لم تكلّم

بحومانة الدرّاج فالمتثلّم

وقد توفي « زهير » قبل عصر الرسالة ، وخلّف ولدين هما : « بجير » ، و « كعب » وكان الأول ممّن آمن برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ونصره ، وأحبّه ، بينما عادى الثاني ( كعب ) رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بشدّة ، وحيث أنه كان ذا قريحة شعرية موروثة قوية ، لهذا كان يهجو رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في قصائده

__________________

(١) الطبقات الكبرى : ج ٢ ص ٣٤٧ و ٣٤٨ ، ويكتب الجزري في اسد الغابة : ( ج ٣ ص ٣٥٨ ) كان عتاب رجلا خبيرا صالحا فاضلا.

٥٣٩

وأشعاره ويؤلّب الناس ضدّ الإسلام.

ولما قدم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المدينة في الرابع والعشرين من شهر ذي القعدة كان « بجير » قد شارك مع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في فتح مكة ، وحصار الطائف ، وقد شاهد عن كثب كيف هدّد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالقتل بعض الشعراء الذين كانوا يهجون رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويؤلّبون الناس ضدّ الإسلام ، وأهدر دماءهم.

فكتب بهذا إلى أخيه ( كعب ) ونصحه في آخر كتابه قائلا : إن كانت لك في نفسك حاجة فطر الى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فانه لا يقتل أحدا جاءه تائبا.

فاطمأنّ كعب بكلام أخيه ، وتوجّه من فوره إلى المدينة فدخل المسجد ورسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يتهيأ لصلاة الصبح ، فصلّى مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأوّل مرّة ثم جلس إليه ، ووضع يده في يده ، وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا يعرفه ، فقال : يا رسول الله إن كعب بن زهير قد جاء ليستأمن منك تائبا مسلما فهل أنت قابل منه إن أنا جئتك به؟

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : نعم.

قال : أنا يا رسول الله كعب بن زهير(١) .

ثم أخرج كعب قصيدته اللاميّة العصماء التي مدح فيها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والتي كان قد أنشأها من قبل ، وانشدها بين يدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في المسجد ليتلافى بها ما سبق أن بدر منه من هجاء وطعن في سيد المرسلينصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٢) .

__________________

(١) روي أنه وثب على كعب ـ في تلك الحال ـ رجل من الانصار فقال : يا رسول الله دعني وعدوّ الله أن أضرب عنقه ، فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : دعه عنك فانه قد جاء تائبا نازعا ( عما كان عليه ) السيرة النبوية : ج ٢ ص ٥٠١.

(٢) السيرة الحلبية : ج ٣ ص ٢٤٢.

٥٤٠

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

«وَما مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ »(١) .

النبي يتحدث مع ابنته الزهراء :

لقد كشفت التجربة عن ان عواطف الشخصيات الكبرى تجاه ابنائهم تتضاءل اثر تراكم النشاطات وتزايد الاهتمامات والهموم ، لأنّ الاهداف الكبرى ، والاهتمامات العالمية تشغل بالهم وفكرهم إلى درجة لا تترك لهم مجالا لمشاعرهم العاطفية بالظهور والتجلّي ، بيد أنّه يستثنى الشخصيات الروحانية والمعنوية الكبرى من هذه القاعدة فهم مع ما يشغل بالهم من الاهداف الكبرى ، والاهتمامات العالية ، والشواغل اليومية الكثيرة يمتلكون روحا كبرى ونفسية طيبة سامية فلا يمنعهم عمل عن آخر ، ولا يشغلهم شغل عن آخر ، فلا مكان للضمور العاطفي عندهم ، ولا مكان للجمود الاحساسيّ في حياتهم الاجتماعية والعائلية.

إن محبة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لابنته الوحيدة فاطمة كانت من ابرز التجليات العاطفية الانسانية في شخصية النبي الاكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ولهذا لم يعهد أن يسافر رسول الله من دون أن يودع ابنته ، كما لم يعهد أن يرجع المدينة من دون ان يزور ابنته قبل أي أحد ، كما كان يحترمها عند زوجاته احتراما لائقا بها ويقول لاتباعه :

« فاطمة بضعة منّي فمن أغضبها أغضبني »(٢) .

كما أن رؤية فاطمة كانت تذكرة باشد نساء العالمين طهرا ووفاء ، وعطفا ولطفا ، ( خديجة ) التي تحملت في سبيل أهداف زوجها المقدس متاعب كبيرة ،

__________________

(١) آل عمران : ١٤٤.

(٢) صحيح البخاري : ج ٥ ص ٢١.

٦٨١

وبذلت ثروتها كلها في سبيل تلك الاهداف باخلاص ورغبة.

كانت فاطمة الزهراءعليها‌السلام تلازم فراش والدها النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم طوال ايام مرضه ، ولا تفارقه لحظة واحدة ، وفجأة أشار النبي إلى ابنته يطلب منها ان تقرب رأسها إلى فمه ليحدّثها ، فانحنت فاطمة حتى صار رأسها قريبا من فمه الشريف ثم راح النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يحادثها بصوت ضئيل ولم يعرف من كان هناك ما ذا قاله رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لابنته الطاهرة في تلك النجوى.

وانما شاهدوا الزهراء تبكي بشدة لما انتهى والدها من حديثه وسالت دموعها بغزارة ، ولكنهم شاهدوا ان النبي اشار إليها مرة اخرى وحدثها بشيء فسرّت فاطمة وتهلّلت اسارير وجهها ، وتبسمت مستبشرة.

فاثارت هاتان الحالتان المتضادتان المتزامنتان الحضور وبعثتهم على التعجب والدهشة ، فلما سألوها عن سرّ ذلك الحزن ، وهذه الفرحة ، وطلبوا منها ان تذكر لهم علة هاتين الحالتين المتضادتين قالت :

« ما كنت لافشي سرّه ».

ثم بعد أن قضى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله  كشفت الزهراءعليها‌السلام عن الحقيقة بناء على اصرار عائشة وقالت : اخبرني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم انه قد حضر اجله وانه يقبض في وجعه هذا ، فبكيت ، ثم اخبرني أني أول اهله لحوقا به فضحكت(١) .

مسواك النبي قبيل وفاته :

كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يستاك كل ليلة قبل النوم كما كان يستاك بعد ان يستيقظ من نومه وكان مسواك النبي من شجرة الأراك التي تنفع

__________________

(١) الطبقات الكبرى : ج ٢ ص ٢٤٧ ، الكامل ، ج ٢ ص ٢١٩.

٦٨٢

جدا في تقوية اللثة ، وإزالة الاوساخ وبقايا الطعام عن الاسنان.

وذات يوم دخل اخو عائشة عبد الرحمن على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ليعوده وبيده سواك اخضر فنظر النبي إليه ـ وهو في يده ـ نظرا عرف أنه يريده فقال عبد الرحمن : يا رسول الله تريد أن أعطيك هذا السواك. فقال نعم ، فقدّمه إلى النبي فورا فاخذهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم واستاك به أحسن استياك ، ونظف اسنانه به بدقة وعناية بالغة(١) .

وصايا النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قبيل رحيله :

كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خلال فترة مرضه ووجعه يولي إعطاء التعاليم والتذكير بما فيه هداية الناس اهتماما بالغا ، فقد كان يوصي بالصلاة ورعاية الرقيق في الايام الاخيرة من حياته الشريفة ويقول :

« الصّلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم ، ألبسوا ظهورهم وأشبعوا بطونهم وألينوا لهم القول »(٢) .

وقد سأل كعب الاحبار عمر بن الخطاب بعد وفاة رسول الله وفي ايام خلافة الأخير ما كان آخر ما تكلّم به رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال عمر : سل عليّا. فسأل علياعليه‌السلام :

فقال امير المؤمنينعليه‌السلام :

« أسندته إلى صدري فوضع رأسه على منكبي فقال : الصلاة الصلاة.

فقال كعب : كذلك آخر عهد الأنبياء وبه امروا وعليه يبعثون(٣) .

وقد فتح النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عينيه في آخر لحظة من حياته الشريفة وقال :

__________________

(١) الطبقات الكبرى : ج ٢ ص ٢٣٤ ، السيرة النبوية : ج ٢ ص ٦٥٤.

(٢) الطبقات الكبرى : ج ٢ ص ٢٥٤.

(٣) الطبقات الكبرى : ج ٢ ص ٢٦٢.

٦٨٣

« أدعوا لي أخي ».

فعرف الجميع بأنه يريد علياعليه‌السلام فدعوا له عليا فقال :

« ادن منّي ».

فدنا منه عليّعليه‌السلام فاستند إليه فلم يزل مستندا إليه يكلّمه(١) .

فلم يلبث أن بدت عليهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم علامات الاحتضار.

سأل رجل ابن عباس : هل توفّي رسول الله في حجر أحد قال : توفي وهو لمستند إلى صدر علي.

فقال السائل : قلت : فان عائشة قالت : توفي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بين سحرى ونحرى.

فكذبها ابن عباس وقال : أتعقل؟ والله لتوفّى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأنه لمستند إلى صدر عليّ وهو الذي غسّله ، وأخي الفضل بن عباس(٢) .

وقد صرح أمير المؤمنين عليعليه‌السلام في إحدى خطبه حيث قال :

« ولقد قبض رسول الله وإنّ رأسه لعلى صدري ولقد وليت غسله والملائكة أعواني »(٣) .

وينقل بعض المحدثين أن آخر جملة قالها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في آخر لحظة من حياته الشريفة هي جملة : « لا ، إلى الرفيق الأعلى » ، وكأنّ ملك الموت خيّره عند قبض روحه الشريفة في أن يصحّ من مرضه ويبقى أو يلبي دعوة ربّه ، ويلتحق بالرفيق الأعلى ، فعبر بجملته هذه عن رغبته في اللحاق بربه ، ليعيش مع الذين أشار إليهم قوله سبحانه :

«فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ

__________________

(١) الطبقات الكبرى : ج ٢ ص ٢٦٣.

(٢) المصدر : ج ٢ ص ٢٦٣.

(٣) نهج البلاغة : الخطبة ١٩٧.

٦٨٤

وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً »(١) .

قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هذا ولفظ أنفاسه الشريفة(٢) .

يوم الوفاة :

في منتصف يوم الاثنين الثامن والعشرين من شهر صفر(٣) طارت روح النبي الاكرم المقدّسة إلى بارئها ، والى جنان الخلد ، فسجّى ببرد يماني ، ووضع في حجرته بعض الوقت ، وارتفعت صرخات العيال ، وعلا بكاء الاقارب فعرف من كان في خارج المنزل أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد قضى ، فلم يلبث أن انتشر نبأ وفاته في كل أنحاء المدينة التي تحولت بسرعة إلى مناحة كبرى ، ومأتم عظيم.

فصاح الخليفة الثاني خارج البيت ولأسباب خاصّة أنّ النبي لم يمت انما عرج بروحه كما عرج بروح موسى ، وانه لا يموت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ! وأصرّ على هذا الموقف وهدّد كل من يخالف ذلك ، وكاد أن يوافق عليه فريق من الناس لو لا أن أحد الصحابة تلا عليه قول الله سبحانه :

«وَما مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ ».

حتى فرغ من الآية ، فسحب عمر موقفه ، مستغربا من وجود مثل هذه الآية قائلا : هذا في كتاب الله؟(٤)

ثم قام أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام بتغسيل جسد النبي الطاهر وكفنه لأن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان قد قال : « يغسلنى أقرب

__________________

(١) النساء : ٦٩.

(٢) إعلام الورى : ص ٨٣.

(٣) وهو ما اتفق عليه محدثو الشيعة ومؤرخوهم ، ونقل في السيرة النبوية ج ٢ ص ٦٥٨ بصورة : قيل.

(٤) الطبقات الكبرى : ج ٢ ص ٢٦٧.

٦٨٥

الناس إلىّ » ولم يكن ذلك سوى عليّعليه‌السلام .

ولما فرغ « علي » من تغسيل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كشف الازار عن وجههصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقال والدموع تنهمر من عينيه الشريفتين :

« بأبي أنت وأمّي طبت حيّا وطبت ميتا ، انقطع بموتك ما لم ينقطع بموت أحد ممّن سواك من النبوة والانباء. ولو لا أنّك أمرت بالصبر ، ونهيت عن الجزع لأنفذنا عليك ماء الشؤون ولكان الداء مماطلا ، والكمد محالفا وقلاّ لك ، ولكنّه ما لا يملك ردّه ولا يستطاع دفعه! بأبي أنت وامّي اذكرنا عند ربك ، واجعلنا من بالك؟ »(١) .

ثم ان الامام أمير المؤمنين « علي بن أبي طالب »عليه‌السلام كان أوّل من صلّى على جثمان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثم صلّى عليه المسلمون جماعة جماعة ، ثم تقرر دفنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حجرته المباركة.

فقام أبو عبيدة الجراح وزيد بن سهل بحفر قبر لهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وإعداده ثم دفنصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في تلك الحفرة على يد أمير المؤمنين عليعليه‌السلام يساعده في ذلك الفضل والعباس.

وهكذا غربت شمس أعظم شخصية غيّرت مسار التاريخ البشري بتضحياته الكبرى وجهوده المضنية ، واعظم رسول الهي فتح امام الانسانية صفحات جديدة ومشرقة من الحضارة والمدنية.

ولكن ظهرت على الساحة برحيله مشكلات عديدة كان لها أثر في استمرار رسالته ، ومواصلة أهدافه التي من أهمها مسألة الخلافة وموضوع القيادة في المجتمع الاسلامي وقد بدت بعض بوادر الاختلاف في الاوساط الاسلامية حتى قبل رحيله.

غير أن هذا القسم وإن كان قسما مهما وخطيرا من تاريخ الاسلام ، فهو

__________________

(١) نهج البلاغة : الخطبة رقم ٢٣٥.

٦٨٦

خارج عن اطار بحثنا هذا ( وهو دراسة وتحليل الشخصية المحمدية وحياة النبي الرسالية والسياسية والعسكرية ).

من هنا فاننا نختم حديثنا هذا بالشكر لله تعالى على هذه النعمة الكبرى ، والحمد لله رب العالمين(١) .

قم المقدّسة ـ الحوزة العلمية

جعفر السبحاني

شعبان المعظم ١٣٩٠ هـ

__________________

(١) ثم تدوين هذه المحاضرات وتوثيقها وتحقيقها في شهر شعبان المعظم عام ١٤٠٩ هجرية في مدينة قم والحمد لله رب العالمين.

جعفر الهادي

٦٨٧

٦٨٨

الفهارس

١ ـ فهرس الآيات القرآنية

٢ ـ فهرس الاحاديث الشريفة

٣ ـ فهرس الأشعار

٤ ـ فهرس الأعلام

٥ ـ فهرس القبائل والامم

٦ ـ فهرس الكنى والألقاب

٧ ـ فهرس الوقائع والايام

٨ ـ فهرس الاماكن والبلدان

٩ ـ فهرس المذاهب والأديان ونظم الحكم

١٠ ـ فهرس الموضوعات العلمية المبحوثة ضمنا

١١ ـ فهرس المصادر

١٢ ـ فهرس المواضيع

٦٨٩

٦٩٠

(١)

فهرس الآيات القرآنية

البقرة ـ ٢

الآية

رقمها

الصفحة

( فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ )

١١٥

٢٠١

( سَيَقُولُ السُّفَهاءُ مِنَ النَّاسِ ما وَلاَّهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ )

١٤٢

٥١

( وَما جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْها )

١٤٣

٤٩

( وَما كانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ )

١٤٣

٥٠

( قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ )

١٤٤

٤٨

( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ )

٢٠٧

١١٣

( يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ )

٢١٧

٤٠

( يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ )

٢١٩

٢١٨

( وَإِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما )

٢١٩

٢٢٠

آل عمران ـ ٣

( قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ ) ..

١٢

١٢٢

( قَدْ كانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتا ) ..

١٣

٩٦

( إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ )

٥٩

٦٠٤

( فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ )

٦١

٦٠٤

( فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ )

٦١

٤٠٥

( قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ )

٦٤

٦٠١

( وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقاعِدَ لِلْقِتالِ )

١٢١

١٥١

٦٩١

( وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ )

١٢٣ـ ١٢٧

٩٠

( وَما مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ )

١٤٤

١٦٣ ، ٦٨١ ، ٦٨٥

( إِذْ تُصْعِدُونَ وَلا تَلْوُونَ عَلى أَحَدٍ )

١٥٢

١٦٣

( وَطائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ )

١٥٤

١٦٢

( إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ )

١٥٥

١٦٣

النساء ـ ٤

( لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى )

٤٣

٢١٩، ٢٢١، ٢٢٣ ، ٢٢٥

( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ )

٥١

٢٤٩

( إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ )

٥٨

٤٩٨

( فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ )

٦٩

٦٨٤

  المائدة ـ ٥

( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ )

١ ـ ٣

٦٥٣

( فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا )

٢٤

٦٢

( مَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً )

٣٢

١٢٧

( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى )

٥١ ـ ٥٣

١٢٦

( يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ )

٦٧

٦٤٧

( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ )

٩٠

٢١٩

( إِذْ قالَ اللهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ )

١١٠

٣٨٠

الأنعام ـ ٦

( وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ )

٣٨

٦٧٧

الأعراف ـ ٧

( قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها )

٣٣

٢٣٠

( فَهَلْ وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا )

٤٤

٧٨٣

٦٩٢

الأنفال ـ ٨

( كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِ )

٥

٦٢

( يُجادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ ما تَبَيَّنَ كَأَنَّما يُساقُونَ ... )

٦

٦٢

( إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجابَ لَكُمْ )

٩

٩٦

( فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا )

١٢

٩٨

( إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعاسَ أَمَنَةً مِنْهُ )

١١ ـ ١٢

٩٦

( ذلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللهَ وَرَسُولَهُ )

١٣

٩٨

( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللهَ وَالرَّسُولَ )

٢٧

٢٨٧

( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ لِيَصُدُّوا )

٣٦

١٣٦

( إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيا )

٤٢ ـ ٤٣

٩٥

( وَلَوْ تَواعَدْتُمْ لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعادِ )

٤٢

٩٧

( وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً )

٤٤

٩٧

( وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ )

٤٧

٩٨

( وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ )

٤٨

٩٨

( يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرى )

٧٠

٩٥

( وَإِنْ يُرِيدُوا خِيانَتَكَ فَقَدْ خانُوا اللهَ مِنْ قَبْلُ )

٧١

٩٥

( وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ )

٨٧

٦٨

التوبة ـ ٩

( أَجَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَعِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ )

١٩

١١٣

( وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِراراً )

١٠٧ـ ١٠٨

٥٨٠

( لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ فِي مَواطِنَ كَثِيرَةٍ )

٢٥

٥١٤

( اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً )

٣١

٥٥٠

( هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى )

٣٣

٣٥٥

( وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلا تَفْتِنِّي )

٤٩

٥٥٥

٦٩٣

( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّما كُنَّا نَخُوضُ )

٦٥

٥٧٤

( وَقالُوا لا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نارُ جَهَنَّمَ )

٨١ ـ ٨٢

٥٥٥

( وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذا ما أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ )

٩٢

٥٥٧

( تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ )

٩٢

٥٥٦

( وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا )

١٠٢

٢٨٧

( حَتَّى إِذا ضاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ )

١١٨

٥٧٧

يوسف ـ ١٢

( قالُوا تَاللهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللهُ عَلَيْنا )

٩١

٤٧٩

( قالَ لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ )

٩٢

٤٧٩ و ٤٩٦

النحل ـ ١٦

( وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ )

٤٤

٦٧٢

( وَمِنْ ثَمَراتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً )

٦٧

٢١٨

( مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ )

٩٨

٥٣١

( وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ )

١٢٦

١٨٣

الإسراء ـ ١٧

( وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ )

٢٦

٤٢٣

مريم ـ ١٩

( يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ )

٦

٤٢٨

( وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاَّ وارِدُها )

٧١

٤٢٨

الحج ـ ٢٢

( أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا )

٣٩

٥٦

النور ـ ٢٤

( إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ )

١١

٣١٦ و ٣١٨

( لَوْ لا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ )

١٢ ـ ١٤

٢١٩

( وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ )

٣٢

١٠٠

٦٩٤

( وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ )

٣٣

٣١٣

( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ )

٦٢

١٤٨ و ٢٥٤

النمل ـ ٢٧

( وَوَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ )

١٦

٤٢٨

القصص ـ ٢٨

( إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ )

٨٥

٤٩٥

العنكبوت ـ ٢٩

( وَإِنْ جاهَداكَ لِتُشْرِكَ بِي )

٨

١٧

الروم ـ ٣٠

( يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ )

٣١

١٤٨

الأحزاب ـ ٣٣

( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ )

٩ ـ ٢٥

٢٧٦

( بُيُوتَنا عَوْرَةٌ )

١٣

٢٨٧

( وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ )

٢٦ ـ ٢٧

٢٩٥

( إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ )

٣٣

٤٢٥ و ٦٠٧

( وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللهُ )

٣٦ ـ ٣٧

٢٣٢

( وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ )

٣٧

٢٤٣

( فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً )

٣٧

٢٤٣

( ما كانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيما فَرَضَ اللهُ لَهُ )

٣٨ ـ ٣٩

٢٣٦ و ٢٤٤

( ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ )

٤٠

٢٣٦

سبأ ـ ٣٤

( وَما أَرْسَلْناكَ إِلاَّ كَافَّةً لِلنَّاسِ )

٢٨

٣٥٥

يس ـ ٣٦

( لِيُنْذِرَ مَنْ كانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ )

٧٠

٣٥٥

٦٩٥

الفتح ـ ٤٨

( إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً )

١

٣٤٨

( لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ )

١٧

١٤٧

( لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ )

١٨

٣٣٤

( وَلَوْ قاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبارَ )

٢٢

٣٤٧

( لَقَدْ صَدَقَ اللهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا )

٢٧

٤٣٧

الحجرات ـ ٤٩

( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ )

١

٤٧٦

( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ )

٦

٣١٢

الحشر ـ ٥٩

( هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ )

٢

٢١٤

( ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوها قائِمَةً )

٥

٢١٢

( ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى )

٧

٢١٣

( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوانِهِمُ )

١١ ـ ١٤

٢١٢

الممتحنة ـ ٦٠

( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي )

٦ ـ ٩

٤٧٥

( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ )

١٠

٣٥١

( أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللهِ )

١٢

٥٠٧

القلم ـ ٦٨

( وَما هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ )

٥٢

٣٥٥

العاديات ـ ١٠٠

 ( وَالْعادِياتِ ضَبْحاً. فَالْمُورِياتِ قَدْحاً )

١ ـ ٢

٤٥٩

النصر ـ ١١٠

( إِذا جاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ )

١ ـ ٣

٥٤٥

٦٩٦

(٢)

فهرس الأحاديث الشريفة

نصّ الحديث

القائل

الصفحة

أبا وهب هل لك العام تخرج معنا

( النبي )

٥٥٤

أ تسمون قاتلكم ثم تحلفون عليه

( النبي )

٤١٨

أحب الناس الي من الرجال عليّ

( النبي )

١٢٠

أخبروا مالكا انه إن اتاني مسلما

( النبي )

٥٣٢

اخرجوا من بلادي فقد أجلتكم عشرا

( النبي )

٢٠٩

أخرجها من العسكر ثم صح وارمها

( النبي )

٣٩٥

ادعوا لي أخي

( النبي )

٦٨٤

ادفنوا هذين المتحابين في قبر واحد

( النبي )

١٨٤

إذا خطب إليكم كفو فزوجوه

( النبي )

١٠٣

اذهب يا عباس الى رحلك

( النبي )

٤٨٣

اذهبت منك الرحمة

( النبي )

٤٠٩

ارجعا حتى تأتياني غدا

( النبي )

٣٦٨

ارجعن يرحمكن الله

( النبي )

١٨٧

أرسلته كرارا غير فرار

( النبي )

٤٥٧

اركب فان الله ورسوله عنك راضيان

( النبي )

٤٥٩

استفدت يا أمّ عمارة

( النبي )

١٧٧

استوصوا بالاسارى خيرا

( النبي )

٨٧

٦٩٧

أسندته الى صدري فوضع رأسه على منكبي

( علي )

٦٨٣

السلام على أهل همدان

( علي )

٦٢٧

السلام عليكم يا أهل القبور

( علي )

٦٦٥

اشتدّ غضب الله في دم وجه نبيه

( علي )

١٧٩

اكرموا اولادكم

( النبي )

٥٩٦

الصلاة الصلاة وما ملكت ايمانكم

( النبي )

٦٨٣

الصلاة يا أهل البيت

( النبي )

١٠٩

اطلبوا العلم ولو بالصين

( النبي )

١٣٢

اغزوا باسم الله وادعوهم الى الاسلام

( النبي )

٤٤٠

اغد على بركة الله

( النبي )

٦٦٤

الحمد لله الذي صدق وعده

( النبي )

٤٩٥

الحمد لله الذي وفق رسول الله

( النبي )

٥٣٩

الحمد لله ونستعينه ونؤمن به

( النبي )

٦٤٧

ألاّ إن كل مال ومأثرة ودم في الجاهلية

( النبي )

٥٠٣

ألاّ ترضون يا معشر الاوس

( النبي )

٢٨٩

الله أعلى وأجل

( النبي )

١٨٠

الله أكبر ابشروا يا معشر المسلمين

( النبي )

٢٥٨

الله أكبر خربت خيبر

( النبي )

٣٩٢

الله مولانا ولا مولى لكم

( النبي )

١٨١

ألستم تشهدون أن لا إله إلاّ الله

( النبي )

٦٤٨

ألم أنهكم ان يخرج منكم أحد

( النبي )

٥٦٤

اللهم ائتني بأحب خلقك إليك

( النبي )

١١٥

اللهم اجمع شملهما والّف بين قلوبهما

( النبي )

١٠٨

اللهم ارحم الانصار وابناء الانصار

( النبي )

٥٣٦

اللهم إن تهلك هذه العصابة

( النبي )

٧٩

٦٩٨

اللهم انزل عليهم رجسك

( النبي )

١٨٦

اللهم إنك اخذت مني عبيده

( النبي )

٢٦٤

اللهم إنك قد عرفت حالهم

( النبي )

٣٦٥

اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد

( النبي )

٥٠٨

اللهم أني اسألك الأمن يوم الخوف

( النبي )

١٨٦

اللهم أني اسألك كله

( النبي )

١٨٥

اللهم اهد قلبه وثبت لسانه

( النبي )

٦٢٦

اللهم بارك لقوم جل آنيتهم الخزف

( النبي )

١٠٦

اللهم خذ على قريش أبصارهم

( النبي )

٤٧١

اللهم خذ العيون والاخبار عن قريش

( النبي )

٤٧١

اللهم رب السماوات وما اظللن

( النبي )

٣٩٠

اللهم هؤلاء اهل بيتي

( النبي )

٤٠٥

اللهم هذه قريش قد أقبلت

( النبي )

٧٢

اللهم وال من والاه

( النبي )

٦٤٨

إليّ يا فلان إليّ يا فلان أنا رسول الله

( النبي )

١٤٦

اليوم يوم المرحمة

( النبي )

٤٩٧

أما أنت فقد عذرك الله

( النبي )

١٤٧

أما أيها الناس فانه قد حان خفوق مني

( النبي )

٦٧٨

أما بعد أيها الناس ما مقالة بلغتني

( النبي )

٦٦٣

أما والذي نفسي بيده لقد تدلى العذاب

( النبي )

٦٠٧

أما ما لي وبني عبد المطلب فهو لكم

( النبي )

٥٣٠

أما والله لو شتم لقلتم فصدقتم

( النبي )

٥٣٥

أمك امك اعصب جرحها

( النبي )

١٧٧

أحب أهلي إليّ فاطمة

( النبي )

١١٩

ان أحببت فاقيمي عندنا محببة

( النبي )

٥٣١

٦٩٩

أنا أحق بذلك منك

( النبي )

١٣٠

أنا النبي لا أكذب ...

( النبي )

٥١٩

إنا لم نجئ لقتال أحد ولكننا جئنا معتمرين

( النبي )

٣٢٩

أنا لم نرض

( النبي )

٣٤٣

أنت بالخيار فيه اربعة عشر

( النبي )

٥٠٦

أنت خليفتي في أهل بيتي

( النبي )

٥٥٨

انطلق فطف بالبيت

( النبي )

٦٣٢

انظروا الى ما امرتكم به

( النبي )

١٤٥

ان بالمدينة لا قواما

( النبي )

٥٧٥

إن حسن التبعل يعدل ذلك كله

( النبي )

١٧٦

إن ربي قد قتل ربكما ليلة كذا وكذا

( النبي )

٣٦٨

إن رجلا قال هذا محمد يخبركم أنه نبي

( النبي )

٥٦٥

إن رسول الله كان يغير الأسماء القبيحة ...

( الصادق )

٥٤٤

إنكم ستلقون ربكم فيسألكم

( النبي )

٦٣٥

إن الله اختار من أهل الارض رجلين

( النبي )

١١٨

إن الله امرني ان اعرض عنهم

( النبي )

٥٧٤

إنما أنت فينا رجل فخذل عنا

( النبي )

٢٧٣

إنه لا يؤدي عنك إلاّ أنت أو رجل منك

( النبي )

٥٩١

إنها مشية يبغضها الله إلاّ ...

( النبي )

١٥٣

إن هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم

( النبي )

٦٤٦

إني امرت ان استغفر لأهل البقيع

( النبي )

٦٦٥

إني تارك فيكم الثقلين.

( النبي )

٦٤٨ ، ٦٧٣

إني رأيت العرب رمتكم

( النبي )

٢٧١

أو ما بلغك ما قال صاحبكم

( النبي )

٣٠٨

أوحى الله تعالى الى رسول الله إن أشكر لجعفر

( الباقر )

٢٢٢

٧٠٠

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735

736

737

738

739

740

741

742

743

744

745

746

747

748

749

750

751

752

753

754

755

756

757

758

759

760

761

762

763

764

765

766

767

768

769

770

771

772

773

774

775

776

777

778