معاني الأخبار

معاني الأخبار13%

معاني الأخبار مؤلف:
تصنيف: مفاهيم عقائدية
الصفحات: 431

معاني الأخبار المقدمة
  • البداية
  • السابق
  • 431 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 290633 / تحميل: 6018
الحجم الحجم الحجم
معاني الأخبار

معاني الأخبار

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

ببابه حتى يخرج إليه فيسلم عليه ، وكان أبو علي الفارسي(1) يقول : هو من محسني الدنيا.

ان كافة أصحاب المعاجم والسير ، ترجمت للمرزباني ونصت على صدقه وتوثيقه وصحة ما يكتبه ويرويه ، وله تصانيف كثيرة في أخبار الشعراء وشعرهم ومنها : أخبار الشعراء المشهورين والمكثرين من المحدثين ، وأنسابهم وأزمانهم ، أولهم بشار بن برد وآخرهم ابن المعتز. أخبار أبي تمام. أخبار ابي مسلم الخراساني. أخبار البرامكة من ابتداء أمرهم الى انتهائه. أخبار عبد الصمد بن المعدل الشاعر. أشعار النساء. أشعار الجن. الأنوار والاثمار فيما قيل في الورد ، والنرجس ، وجميع الأنوار من الشعر. الرياض في اخبار المتيمين من الشعراء لجاهليين ، والمخضرمين ، والاسلاميين ، والمحدثين.

كتاب الأزمنة ، كتاب الأوائل في أخبار الفرس القدماء ، الموشح فيما انكره العلماء على بعض الشعراء من كسر ولحن وعيوب الشعر. أخبار السيد الحميري(2) . المفيد في أخبار الشعراء وأحوالهم في الجاهلية والاسلام ، ودياناتهم ونحلهم ، أخبار النحاة. معجم الشعراء. أخبار الغناء والأصوات. أخبار المتكلمين. أخبار أبي حنيفة وأصحابه. شعر يزيد بن معاوية. كتاب التهاني. كتاب المراثي. كتاب التعازي. المديح في الولائم والدعوات والتراب. أخبار الأولاد والزوجات والأهل. أخبار الزهاد. شعراء الشيعة(3) . ملوك كندة. أخبار الأجواء.

الى غير هذا من الكتب والرسائل ، وقد استفاد في وضعه التآليف هذه من

__________________

(1) أبو علي الحسن بن احمد بن عبد الغفار الفارسي الفسوي النحوي المتوفى 377 ، فار س ميدان العلم والأدب ، والذي ينسل الى فضله من كل حدب ، وكان امام وقته في علم النحو.

(2) طبع في النجف عام 1385 / 1965 ويقع في 71 صفحة.

(3) لخصة السيد الأمين صاحب أعيان الشيعة ، وطبع في النجف سنة 1388 / 1968 ويقع في 135 صفحة.

٢١

حوزة شيخه واستاذه أبي بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري ، كما صرح بذلك في كتابه الموشح مآخذ العلماء على الشعراء في عدة انواع من صناعة الشعر(1) في عدة صفحات منها ص 28 ، 47 ، 57 ، 64 ، 80 ، 82 ، 89 ، 101 ، 107 ، 108 ، 163 ، 171 ، 177 ، 188 ، 192 ، 208 ، 214 ، 216 ، 217 ، 224 ، 226 ، 252 ، 256 ، 261 ، 263 ، 280 ، 294 ، 295 ، 298 ، 319 ، 326 ، 329 ، 338 ، 340 ، 344 ، 354 ، 375.

ففي ، هذه الصحائف نجد المرزباني ، يصرح باسم الجوهري ، ونقله وروايته عنه ، ويقول في بعض الأحايين : كتب الي أحمد بن عبد العزيز الجوهري ، فبالاضافة الى الرواية يبدو ان كانت بينهما مراسلات أدبية ، يسأله المرزباني عن قضايا تتعلق بالشعر والشعراء وأخبارهم ، وهذا دليل على علو كعب لجوهري في الأدب والنقد ، واطلاعه الواسع على كتب الأدب ، واللغة ، والنحو ، والنقد.

3 ـ أبو أحمد العسكري :

أبو أحمد الحسن بن عبد الله بن سعيد بن الحسن بن اسماعيل بن زيد بن حكيم العسكري الخراساني المتوفى 382(2) .

كان أحد الأئمة في الأدب والحفظ. وكان رواية للأخبار والنوادر متوسعا في ذلك ، وفي التصريف في أنواع العلوم ، والتبحر في فنون الفهوم ، سمع ببغداد ، والبصرة ، واصبهان ، وغيرها من أبي القاسم البغوي ، وأبي بكر بن دريد ، ونفطويه ، وغيرهم واكثر وبالغ في الكتابة واشتهر في الأفاق بالدراية والاتقن ، وانتهت إليه رياسة التحديث والاملاء للآداب والتدريس ، بقطر خوزستان ، ورحل إليه الأجلاء ، روى عنه أبو

__________________

(1) طبع بالقاهرة عام 1965 تحقيق علي محمد البجاوي.

(2) معجم المؤلفين 3 : 239. ويضاف الى مصادره ، الكنى والألقاب 1 : 182. الأنساب : 39. خزانة الأدب 1 : 97. ذكر اخبار اصفهان 1 : 272 ريحانة الأدب 4 : 136. قاموس الاعلام 4 : 3153. راهنمادي دانشوران 2 : 17. دائرة المعارف وجدي 6 : 436. تاريخ آداب اللغة 2 : 616. الاعلام 2 : 211. نوابغ الرواة : 88.

٢٢

نعيم الاصبهاني ، وأبي سعد الماليني وغيرهما.

وكان الصاحب بن عباد ، الوزير الأديب المشهور يود الاجتماع به ولا يجد إليه سبيلا ، فقال لأميره مؤيد الدولة بن بويه ، ان معسكر مكرم قد اختلت أحوالها واحتاج الى كشفها بنفسي فاذن له في ذلك. فلما أتاها توقع ان يزوره أبو أحمد العسكري فلم يزره ، فكتب الصاحب إليه :

ولما أبيتم أن تزوروا وقلتم

ضعفنا فلم نقدر على الوخدان

أتيناكم من بعد أرض نزوركم

وكم منزل بكر لنا وعوان

نسائكم هل من قرى لنزيلكم

بملء جفون لا بملء جفان

وكتب مع هذه الأبيات شيئا من النثر ، فجاد به أبو أحمد عن النثر ، بنثر مثله وعن هذه الأبيات بالبيت المشهور :

أهم بأمر الحزم لو استطيعه

وقد حيل بين العير والنزوان

فلما وقف الصاحب على الجواب ، عجب من اتفاق هذا البيت له ، وقال : والله لو علمت انه يقع له هذا البيت لما كتبت إليه على هذا الروى.

وهذا البيت لصخر بن عمرو بن الشريد ، أخي الخنساء وهو من جملة أبيات ، فقد كان صخر هذا حضر محاربة بني أسد ، فطعنه ربيعة بن ثور الاسدي ، وامه وزوجته سليمى تمرضانه ، فضجرت زوجته منه فمرت بها امه فسألتها عن حاله فقالت : ما هو حى فيرجى ، ولا ميت فينسى ، فسمعها صخر فأنشد :

أرى أم صخر لا تمل عيادتي

وملت سليمى مضجعي ومكاني

وما كنت أخشى ان اكون جنازة

عليك ومن يغتر بالحدثان

لعمري لقد نبهت من كان نائما

وأسمعت من كانت له اذنان

وأي امرئ ساوى بأم حليلة

فلا عاش الا في شقي وهوان

٢٣

أهم بأمر الحزم لو استطيعه

وقد حيل بين العير والنزوان

فللموت خبر من حياة كأنها

معرس يعسوب برأس سنان

له تصانيف منها : البديعية. التصحيف ، الحكم والأمثال. ديوان شعر. الزواجر. المنطق. راحة الأرواح. المختلف والمؤتلف. وغير ذلك. ولد أبو احمد العسكري شوال 293 ومات من ذي الحجة 382. وأخذ وتتلمذ على ابي بكر الجوهري ، وسمع منه وكتب عنه الكثير واعترف به في تصانيفه وأقر على وثقاته وضبطه ، فقال في كتابه شرح ما يقع فيه التصحيف والتحريف ص 457 ما نصه :

وقرأت على أبي بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري ، وكان ضابطا صحيح العلم.

4_ أبو القاسم الطبراني :

أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب بن مطير الطبراني اللخمي المتوفى 360(1) . من كبار الحفاظ ، رحل في طلب الحديث من الشام الى العراق ، والحجاز ، واليمن ، ومصر ، وغيرها من الأمصار الأسلامية ، وسمع الكثير وعدد شيوخه الف شيخ ، ويقال له مسند الدنيا ، يروي عنه أبو نعيم الأصبهاني ، وله مصنفات اشهرها المعاجم الثلاثة : الكبير ، والأوسط ، والصغير ، الدعاء في مجلد كبير ، دلائل النبوة ، الأوائل ، تفسير القرآن كبير.

أخذ من طائفة كبيرة من العلماء وقرأ عليهم ومنهم الجوهري فقد روى عنه وأخذ منه كما صرح بذلك في المعجم الصغير 1 : 59.

ولد بطبرية الشام سنة 260‍ وسكن اصبهان الى ان توفي بها سنة 360 ودفن

__________________

(1) طبع بالقاهرة عام 1965 تحقيق علي محمد البجاوي.

٢٤

بقرب حمة الدوسي الصحابي ، وصلى عليه أبو نعيم صاحب حلية الأولياء ، وكان له سنة وعشرة أشهر ، وكان ثقة صدوقا ، واسع الحفظ بصيرا بالعلل والرجال والأبواب ، كثير التصانيف ، وأول سماعه في سنة 273 بطبرية المنسوب إليها ، ثم رحل الى البلدان ، وقال ابن ناصر الدين : هو مسند الآفاق ثقة له المعاجم الثلاثة المنسوبة إليه ، وكان يقول عن الأوسط هو روحي لأنه تعب عليه.

كتاب السقية وفدك :

لم يحتفظ التاريخ لأبي بكر الجوهري البغدادي البصري ، كتابا غير مؤلفه ـ السقيفة وفدك ـ وكأن التاريخ أهمل هذا العالم المحدث ، مع وفور علمه وجهاده الفكري ، وألقاه في زاوية الخمول والنسيان ، فلم يتوجه نحوه أصحاب المعاجم ، ولم يتقرب الى حوزته رجال البحث والتحقيق ، ولذلك لم نجد له في ثنايا المعاجم تراجم شافية ودراسات ضافية ، ولعل كتابه هذا كان الباعث في خموله وخموده.

ومهما يكن من أمر ، فقد أهمله رجال الحديث والدراية ، مع علمهم بوجوده وكونه من الرواة والمحدثين ، فنجد مثلا ابن حجر العسقلاني عندما يترجم في كتابه تهذيب التهذيب لواحد من شيوخ الجوهري ، وهو أبو زيد عمر بن شبة المتوفى 262 يذكر الرواة عنه فيقول : روى عنه وأحمد بن عبد العزيز الجوهري ولم يترجم له في حرف الألف من معجمه ، ولا في الكنى والألقاب من كتابه.

مع العلم أن أبا بكر الجوهري كان في الرعيل الأول من طبقة المحدثين والرواة الذين أفرد لهم ابن حجر ، وغيره في كتبهم تراجم وافية ، وعقد لهم صفحات الثناء والتقدير ، وقد سارت بذكره الركبان وكانت له حلقات حديث ودراية وأدب في الكوفة ، والبصرة ، وبغداد.

وكان على شاكلته الحافظ أبي أحمد بن علي الخطيب البغدادي ، المتوفى عام

__________________

(1) تهذيب التهذيب 7 : 46.

٢٥

463 فلم يترجم له في تاريخه ، مع ترجمته لتلميذ الجوهري ابي الفرج الاصفهاني(1) علي بن الحسين صاحب الأغاني ، ومطالعته لكتاب الأغاني ، ومقاتل الطالبيين و واعترافه بهذه التصانيف التى وقعت إليه ، وفيهما الكثير من عبارات : حدثني أحمد بن عبد العزيز الجوهري ومن هنا يحق لنا أن نطالب بالدقة والاتقان في البحث والتأليف في التأريخ ، لأنها اولى مراحل التأليف ، ودراسة حياة الرجال من أهم ركائز البحث ولعل للخطيب البغدادي وزميله ابن حجر عذرا ورأيا محترما في عدم ذكرهم الجوهري :

لعل لها عذرا وأنت تلوم

وكم لائم قد لام وهو مليم

إن التاريخ لم يعهد لأبي بكر كتابا غير ـ السقيفة وفدك ـ وكان متداولا وموجودا وموضع المطالعة والمراجعة حتى القرن السابع الهجري ، إلا انه فقد بعد هذا التاريخ ، ولم نجد اشارة في الفهارس إليه وهذا ما اعترف وصرح به :

أ ـ عز الدين عبد الحميد بن محمد بن محمد بن الحسين بن ابي الحديد المعتزلي المدائني ، الأديب المؤرخ الحكيم الشاعر ، شارح نهج البلاغة والمتوفى 655 فقد كانت لديه نسخة من الكتاب ، واكثر النقل عنه فقال : وجميع ما نورده في هذا الفصل من كتاب أبي بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري ، في السقيفة وفدك ، وأبو بكر الجوهري هذا عالم محدث ، كثير الأدب ، ثقة ورع اثنى عليه المحدثون ، ورووا عنه. مصنفاته(2) .

وقال ايضا : وقد ذكرنا ما قاله الجوهري في هذا الباب ، وهو من رجال الحديث ومن الثقات المأمونين(3) .

__________________

(1) تاريخ بغداد 11 : 398.

(2) شرح ابن ابي الحديد 16 : 210.

(3) شرح ابن ابي الحديد 2 : 60.

٢٦

ب ـ بهاء الدين أبو الحسن علي بن فخر الدين عيسى بن أبي الفتح الأربلي البغدادي المتوفى 693(1) العالم الفاضل المحدث الثقة الشاعر الأديب المنشئ ، جامع الفضائل والمحاسن ، كان ذا ثروة وشوكة اشتغل بالتأليف والتصنيف والعبادة والرياضة ، له كتب منها ـ كشف الغمة في معرفة الأئمة(2) نقل في كتابه عن كتاب الجوهري فقال : وحيث انتهى بنا القول الى هنا فلنذكر خطبة فاطمة (ع) فإنها من محاسن الخطب وبدايعها ، عليها مسحة من نور النبوة ، وفيها عبقة من أرج الرسالة ، وقد أوردها المؤالف والمخالف ، ونقلتها من كتاب السقيفة عن عمر بن شبة ، تأليف أبي بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري ، من نسخة قديمة مقروءة على مؤلفها المذكور ، قرأت عليه في ربيع الآخر سنة اثنتين وعشرين وثلثمائة

وقال ايضا في كتابه : هذه الخطبة نقلتها من كتاب السقيفة ، وكانت النسخة مع قدمها مغلوطة فحققتها من مواضع آخر(3) .

ان النصوص هذه ان دلت على شيء ، فإنما تدل على وجود الكتاب الى القرن السابع الهجري ، كما حدثنا عنه ابن ابي الحديد ، والأربلي ولما كان الكتاب هذا تراثا فكريا إسلاميا ، وسندا تأريخيا كثر النقل عنه بالواسطة لعدم وجوده ، واعتمد على ما ذكره ابن أبي الحديد في شرحه. لذلك كانت في رغبة ملحة وبواعث جمة في اخراج وافراز هذه النصوص ، من شرح النهج ، وجمعه وأخرجه في كتاب خاص.

فقد سبرت شرح النهج في طبعته الجديدة(4) من المجلد الأول الى آخر مجلده

__________________

(1) ترجمته في : الكنى والألقاب 2 : 18. فوات الوفيات 2 : 66. الوافي 12 : 135. كشف الظنون : 1492 ، 1939. ايضاح المكنون 1 : 18. الفوائد الرضوية 1 : 314. هدية العافين 1 : 47. روضات الجنات 4 : 341. امل الآمل 2 : 195. تأسيس الشيعة : 13. الذريعة 18 : 47. ريحانة الأدب 1 : 125. الغدير 5 : 446.

(2) طبع في العراق وايران ولبنان.

(3) كشف الغمة 1 : 492 ، 479 ط ايران.

(4) طبع القاهرة سنة 1378 تحقيق السيد محمد أبو الفضل ابراهيم.

٢٧

ونقلت ما ذكره ابن أبي الحديد ، عن كتاب السقيفة وفدك ، مع الاشارة في الهامش الى المجلد والصفحة ، وترجمت لمشايخه وللرواة ، وادعمت أحاديثه بمصادر ومراجع اخرى ، في الحديث والتاريخ ، ومنحت كل رواية رقما بالتسلسل ، مع افراز كل رواية من اختها الى وضع فهارس فنية في آخره ، وكان من توفيق الله وتسديده أن اخرج الكتاب بهذا النهج الذي تراه.

وحين وقف على عملي هذا بعض العاملين في حقل التاريخ والتحقيق قابلوني بالتشجيع والتقدير ، وحفزوني على انهائه واتمامه لافتقار المكتبة العربية إليه.

ان الكتاب هذا وإن لم يكن بكامل كتاب ـ السقيفة وفدك ـ وبتمامه ، إلا انه جزء منه ، والذى حفظه لنا ابن ابي الحديد ، وسجله على صفحاته كتابه القيم ـ شرح نهج البلاغة ـ ولعل التاريخ يكشف القناع في المستقبل عن وجود نسخة منه ، وليس ذلك على الله بعزيز.

فالشكر لله سبحانه على منحه التوفيق وله الحمد والمنة على ما أسداه من العناية ، ولله شأنه الحمد أولا وآخرا.

مصادر ترجمة الجوهري :

لم تكن لأبي بكر الجوهري في المعاجم ترجمة ضافية ، ولا لمحة عن حياته ، ولا اشارة إلى تاريخه ، لذلك كانت حياته غامضة ، وأحواله مبهمة لم يكشف التاريخ عنها القناع بصورة باتة ، بيد أننا نجد في بعض المعاجم ، اشارة عابرة إليه والاكتفاء بذكر اسمه وتأليفه ، مع اليقين انه كان في الرعيل الأول من الذين احترمتهم الخاصة والعامة ، وأذعنت لحيويته العلمية الشيعة والسنة ، ونقل الرواة عنه الكثير من القضايا ، بحيث ابتنوا على ثقافته ، مؤلفاتهم في الحديث والأدب.

وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن الغموض إكتنف حياة هذا العيلم منذ

٢٨

حياته ولم يبق لنا غير كلمات عن حياته ، كما اشار إليها ابن ابي الحديد من انه عالم محدث كثير الأدب ، ثقة ورع ، أثنى عليه المحدثون ، ورووا عنه منصفاته.

ومهما يكن من أمر ، فالثبت الفهرسي التالي يضم بعض المراجع التي اقتصرت على ذكر اسمه ، ونقلت عن مؤلفاته الأحاديث والأخبار ، وهو مرتب حسب الحروف :

أعيان الشيعة

السيد محسن الأمين العاملي 9 : 3 ط صيدا

الأغاني

أبو الفرج علي بن الحسين الاصفهاني 1 : 17 ط بولاق

الأوراق

ابو بكر محمد بن يحيى الصولي : 64 ط لبنان 1979

تنقيح المقال

الشيخ عبدالله المامقاني 1 : 64

تهذيب التهذيب

ابن حجر العسقلاني 7 : 460 ط حيدر آباد

جامع الرواة

الميرزا محمد علي الأردبيلي 1 : 52.

جلاء العيون

السيد عبدالله شبر 1 : 202 ط النجف

جنة العاصمة

السيد حسن مير جهاني الاصفهاني : 266 ط ايران

حققة جاويدان

الشيخ محمد باقر ملبوني : 53

دستور معالم الحكم

القاضي محمد بن سلامة : 199.

راهنماي دانشوران

السيد علي اكبر البرقعي 1 : 179 ط قم

روضات الجنات

السيد محد باقر الخوانساري

الذريعة

الشيخ آغا بزرك الطهراني 12 : 206

شرح نهج البلاغة

ابن أبي الحديد المعتزلي 16 : 210 ط القاهرة

__________________

(1) شرح النهج 16 : 210.

٢٩

شرح ما يقع فيه التصحيف

أبو احمد الحسن بن عبد الله العسكري : 457

الصراط المستقيم

البياضي الشيخ زين الدين 3 : 7

طبقات أعلام الشيعة

45 الشيخ آغا بزرك : 28

الغدير

الشيخ عبد الحسين الأميني 8 : 301

فدك

السيد محمد حسين القزويني : 146

الفهرست

الشيخ الطوسي : 30

قاموس الرجال

الشيخ محمد تقي التستري 1 : 355 ط ايران

كشف الغمة

أبو الفتح الاربلي 1 : 479 ـ 492 ط النجف

المجالس السنية

السيد الأمين 2 : 94

معالم العلماء

رشد الدين ابن شهر اشوب : 18 ط ايران

المعجم الصغير

أبو القاسم الطبراني 1 : 59

مقاتل الطالبيين

      أبو الفرج الاصفهاني : 171 ، 188 ، 189 ، 190 ، 191

ملكة اسلام

      الشيخ خليل كمره اي : لغته فارسية

الموشح

أبو عبيد الله محمد بن عمران المرزباني : 641 ط مصر الفهرست

النص والاجتهاد

السيد عبد الحسين شرف الدين : 106 ط 1386

هدية الأحباب

الشيخ عباس القمي : 35 ط النجف

عقيدة الجوهري :

ما يتركه العالم والأديب ، على صفحة الوجود من اثر فكري وجهود علمي نثرا أو شعرا ، فإنه ترجمان عن اتجاهاته الدينية ، والاجتماعية ، والسياسية ، لان العالم أو الأديباو الناثر والشاعر ، يعكس معتقداته وأحاسيسه في أثره ، والتأليف مرآة صافية تعبر عما نحن بصدد التحدث فيه ، وبالكتاب نقف على ما في أعماق قلب مؤلفه من خواطر ، وعقائد ومبادئ ، وما هو عليه منها ، وعلى ضوء هذا المعيار الفكري ، نتوصل الى عقيدة الجوهري المبثوثة في خلال سطور كتابه ـ السقيفة وفدك ـ والمشعشعة على

٣٠

صفحات تأليفه.

ان أبا بكر الجوهري جمع في كتابه أحاديث وروايات مخالفة للشيعة الامامية ومتباينة لمعتقداتها الأسلامية الصريحة الواضحة ومتضادة لسيرتها النبوية المركزة دون ان يتناول الحديث أو الرواية بالنقاش والرد ، كما ستطالعها في الكتاب ، فهو اذن من علماء السنة ولا شك في ذلك ، بالاضافة الى ان ذكر حديث أو اخبار موافقة لمفاهيم الشيعة ، لم يكن دليلا على تشيع الرجل.

هذا ولدينا مصادر تثبت عدم تشيعه ومخالفته له كما أن مشايخه الذين تلقف عنهم الحديث والعلم والأدب ليس فيهم من عرف بالتشيع ، أو كان شيعيا حتى يظهر أثره في نفس الجوهري بوضوح على اني تصفحت جميع المواضيع الخاصة به من جميع وجوهها فلم أجد للتشيع أي أثر فيه أو مجال ضيق يمكن به نسبته إليه ولذلك يمكن القول ان لا شك ولا تردد من كونه مخالفا للشيعة كما صرحت به النصوص التاريخية. ومنها :

أ ـ ابن أبي الحديد ، فقد جعل كتاب الجوهري ـ السقيفة وفدك ـ من امهات مصادر كتابه ـ شرح نهج البلاغة ـ ونقل الكثير الكثير من تأليفه ، مع انه قال في مقدمة شرحه في الفصل الأول من ـ فدك ـ : الفصل الأول ، فيما ورد من الأخبار والسير المنقولة من أفواه أهل الحديث وكتبهم ، لا من كتب الشيعة ورجالهم ، لأنا مشترطون على أنفسنا ألا نحفل بذلك ، وجميع ما نورده في هذا الفصل من كتاب أبي بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري ، في السقيفة وفدك ، وما وقع من الاختلاف والاضطراب ، عقب وفاة النبي صلى الله علية وآله ، وأبو بكر الجوهري هذا عالم محدث كثير الأدب ، ثقة ورع ، أثنى عليه المحدثون ورووا عنه مصنفاته(1) .

ب ـ أبو الحسن علي بن عيسى الأربلي البغدادي المتوفى 693‍ ، فهو أيضا نقل خطبة فاطمة الزهراء (ع) من كتاب الجوهري وقال قبل ذكره الخطبة : وقد

__________________

(1) شرح ابن ابي الحديد 16 : 210.

٣١

أوردها المؤالف والمخالف ونقلتها من كتاب السقيفة عن عمر بن شبة ، تأليف أبي بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري من نسخة قديمة مقروءة على مؤلفها المذكور ، وقرأت عليه في ربيع الآخر سنة اثنتين وعشرين وثلثمائة روى عن رجاله من عدة طرق(1) .

ج ـ السيد عبد الله بن محمد رضا بن محمد بن أحمد بن علي الشبر الحسيني المتوفى 1242 هجري ، قال في كتابه : وروى عن العامة والخاصة بأسانيد عديدة عنها (ع) انها خطبت هذه الخطبة العظيمة في ملأ من المهاجرين والأنصار وغيرهم ، رواها من العامة أحمد بن عبد العزيز الجوهري ، وابن أبي الحديد وغيرهما(2) .

د ـ الشيخ عبد الله بن الشيخ حسن بن المولى عبد الله المامقاني المتوفى 1351 قال : بل ظاهر ابن ابي الحديد في شرح نهج البلاغة كون الرجل عاميا وكون كتابه في السقيفة نافعا لهم ، قال في الكلام على فدك في الفصل الأول فيما ورد من الأخبار والسير المنقولة من أفواه أهل الحديث وكتبهم ، لا من كتب الشيعة ورجالهم لأنا مشترطون على انفسنا أن لا نحفل بذلك وجميع ما نورده في هذا الفصل من كتاب أبي بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري ، وهو عالم محدث كثير الادب ثقة ورع اثنى عليه المحدثون ورووا عنه مصنفاته ، انتهى ، فإنه صريح في انه من ثقاة المخالفين وعلمائهم(3) .

فهذه الكلمات صريحة على أن الجوهري ، من علماء العامة وثقاتهم وفي المعاجم الكثير من أمثال هذه العبارات ، بيد أن بعضا من أصحاب التراجم والتاريخ نسبه الى التشيع وذلك لعدم وقوفه على كتاب ـ السقيفة ـ وأول من التبس عليه الأمر وظنه من الشيعة ورجالهم ، شيخ الطائفة الطوسي محمد بن الحسن بن علي المتوفى 460 رضي الله تعالى عنه فقد ذكر في فهرسته الذي جمع فيه جماعة من شيوخ

__________________

(1) كشف الغمة 1 : 480.

(2) جلاء العيون 1 : 202.

(3) تنقيح المقال 1 : 64.

٣٢

الشيعة من أصحاب الحديث ، وما صنفوه من التصانيف ورووه من الأصول فقال : أحمد بن عبد العزيز الجوهري له كتاب السقيفة(1) .

ثم تبعه رشيد الدين محمد بن علي بن شهراشوب السردي البغدادي الحلبي المتوفى 588 فذكره في فهرست كتب الشيعة وأسماء المصنفين منهم قديما وحديثا فقال : أحمد بن عبد العزيز الجوهري له السقيفة(2) .

واعتمد الآخرون على ما جاء في المصدرين السالفين ـ الفهرست ومعالم العلماء ـ وحسبوه شيعيا من دون الوقوف على كتابه ومطالعته.

والغريب ان بعضا من المؤلفين مع تردده وشكه في عقيدته ، يفرد له ترجمة خاصة في كتابه ويجعله من أعيان الشيعة ، أو من طبقات أعلام الشيعة في القرن الرابع الهجري ، وأنا لا استطيع اتخاذ ما ذكره الشيخ الطوسي رحمة الله وبركاته عليه وتفرده به نصا ودليلا على تشيعه ، مع وجود كتابه الناطق على عكس ما ذهب إليه الشيخ الطوسي.

هذا ما توخيت بيانه للحق ، وتبيانه للحقيقة وما انتهى إليه علمي القاصر الضعيف باختصار ولو قصدنا التفصيل لطال المقام والمقال ...

وفاة الجوهري :

أسلفنا القول أن لم تكن في المعاجم ترجمة لأبي بكر الجوهري. فحياته مجهولة تكتنفها الغموض والجهل ، حتى عام وفاته إلا انه يعتبر من الذين عاشوا في القرنين الثالث والرابع الهجريين غير أن أبا بكر محمد بن يحيى بن عبد الله بن العباس بن محمد بن صول تكين الطولي الشطرنجي الكاتب المعروف والمتوفى بالبصرة سنة 335 / 336 قال : وفيها ـ اي سنة 323 ـ توفي أحمد بن عبد العزيز الجوهري ، صاحب عمر بن شبة بالبصرة ، لخمس بقين من شهر ربيع الآخر.

__________________

(1) فهرست الشيخ : 30.

(2) معالم العلماء : 18.

٣٣

هذا والذي ينبغي الاشارة إليه في نهاية الحديث أن أبا بكر الجوهري دخل ميدان الأدب والحديث والتفسير عناية وحرصا منه على صيانة التراث الفكري الاسلامي منذ شبابه ومنذ الوقت الذي كان يتدرج على طريق العلم بين البصرة وبغداد ، ونجد هذه العناية والاهتمامات منه وضاحة أشد الوضوح في تصانيفه التي اشير إليها ، وظلت ماثلة على صفحات المراجع العلمية والأدبية.

والله أسأل أن يرزقني التوفيق والاخلاص والسداد في القول والعمل والفكر وان يتقبل هذا الجهد لوجهه خالصا فمنه ألتمس الجزاء فيما قصدت وسبحانه الهادي والموفق وعليه توكلت واليه انيب

شوال سنة 1401

محمد هادى الأميني

عفى الله عنه وعن والديه

ايران ـ طهران ص. ب : 634 / 71

٣٤

القسم الأول :

السقيفة

٣٥
٣٦

عن عمر بن شبة ، عن محمد بن منصور(1) ، عن جعفر بن سليمان ، عن مالك بن دينار ، قال : كان النبي (ص) ، قد بعث أبا سفيان ساعيا ، فرجع من سعايته وقد مات رسول الله (ص) ، فلقيه قوم فسألهم ، فقالوا : مات رسول الله (ص) ، فقال : من ولي بعده؟ قيل : أبو بكر ، قال : أبو فضيل؟ قالوا : نعم ، قال : فما فعل المستضعفان : علي والعباس ، أما والذي نفسي بيده لأرفعن لهما من أعضادهما.

قال أبو بكر ، وذكر الراوي وهو جعفر بن سليمان : أن أبا سفيان قال : شيئا آخر لم تحفظه الرواة ، فلما قدم المدينة قال : إني لأرى عجاجة لا يطفئها إلا الدم ، فقال : فكلم عمرأبا بكر فقال : إن أبا سفيان قد قدم وإنا لا نأمن شره ، فدفع له ما في يده فتركته ورضى(2) .

وروى ان أبا سفيان قال : لما بويع عثمان ، كان هذا الأمر في تيم واني لتيم هذا الأمر ، ثم صار الى عدي فأبعد وابعد ، ثم رجعت إلى منازلها واستقر الأمر قراره ، فتلقفوها تلقف الكرة ..

__________________

(1) الصحيح احمد بن منصور الرمادي ، ومرت ترجمته.

(2) ابن أبي الحديد 2 : 44. تاريخ الطبري 3 : 2 2 عن هشام عن عوانه. الكامل 2 : 325. أبو سفيان هو ابن الحارث بن عبد المطلب بن هشام الهاشمي ابن عم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأخوه من الرضاعة. ارضعتها الحليمة السعدية. امه المغيرة وقيل اسمه كنيته والمغيرة أخوه ، وكان ممن يؤذي الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) ويهجوه ويؤذي المسلمين ـ الاصابة 4 : 9 ـ.

٣٧

وحدثني المغيرة ين محمد المهلبي قال : ذاكرت اسماعيل بن اسحاق القاضي ، عند الحديث وأن أبا سفيان قال لعثمان : بأبي أنت انفق ولا تكن كأبي حجر ، وتداولوها يا بني امية تداول الولدان الكرة ، فوالله ما من جنة ، ولا نار ، وكان الزبير حاضرا فقال عثمان لأبي سفيان أعزب ، فقال : يا بني اهاهنا أحد؟ قال الزبير : نعم والله لأكتمها عليك ، قال فقال اسماعيل : هذا باطل قلت : وكيف ذلك قال : ما انكر هذا من أبي سفيان ، ولكن انكر ان يكون سمعه عثمان ولم يضرب عنقه(1) .

وجاء أبو سفيان الى علي عليه السلام ، فقال : وليتم على هذا الأمر أذل ببت قريش ، أما والله لئن شئت لأملأنها على أبي فضيل خيلا ورجلا ، فقال علي عليه السلام : طالما غششت الاسلام وأهله ، فما ضررتهم شيئا لا حاجة لنا الى خيلك ورجلك ، لولا انا رأينا أبا بكر لها أهلا لما تركناه(2) .

ولما بويع لأبي بكر ، كان الزبير ، والمقداد ، يختلفان في جماعة من الناس الى علي ، وهو في بيت فاطمة ، فيتشاورون ويتراجعون امورهم ، فخرج عمر حتى دخل على فاطمة عليها السلام ، وقال : يا بنت رسول الله تأمني أحد من الخلق احب الينا من أبيك ، وما من أحد أحب الينا منك بعد أبيك ، وأيم الله ما ذاك بما نعى ان اجتمع هؤلاء النفر عندك ان آمر بتحريق البيت عليهم ، فلما خرج عمر جاءوها فقالت : تعلمون ان عمر جاءني وحلف لي بالله ان عدتم ليحرقن عليكم البيت ، وأيم الله ليمضين لما حلف له ، فانصرفوا عناء راشدين ، فلم يرجعوا الى بيتها وذهبوا فبايعوا لأبي بكر(3) .

__________________

(1) ابن ابي الحديد 2 : 44.

(2) ابن ابي الحديد 2 : 45. تاريخ الطبري 3 : 202 عن محمد بن عثمان بن صفوان الثقفي ، عن ابن قتيبة ، عن مالك بن مغول ، عن ابن الجر. والحديث ليس بصحيح سنده محمد بن عثمان بن صفوان ، ذكره الذهبي في ميزان الاعتدال 3 : 641 ، وقال : قال أبو حاتم ، منكر الحديث.

(3) ابن أبي الحديد 2 : 45. تاريخ الطبري 3 : 198 عن زياد بن كليب أبو معشر التميمي الكوفي مات سنة 120 ، قال حاتم : ليس بالمتين في حفظه ، تهذيب التهذيب 3 : 382. ميزان الاعتدال 2 : 92. لم يبايع أمير المؤمنين علي (ع) طول حياته ، ولم يتمكن أحد من ارغامه على البيعة لأنه عليه السلام كان بنص

٣٨

عن عبد الرحمن بن عوف قال : دخلت على أبي بكر أعوده في مرضه الذي مات فيه فسلمت عليه وسألته كيف به فاستوى جالسا فقلت : لقد أصبحت بحمد الله

__________________

النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أولى من غيره ، ولأن الامامة والخلافة كانت ثابتة فيه ، وكيف يبايع وهو على يقين صادق ، واعتقاد راسخ من أن الصحابة وعلى يقين من أن محل علي (عليه السلام) منها محل القطب من الرحى ، ينحدر عنه السيل ولا يرقى إليه الطير ، فسدل دونها ثوبا ، وطوى عنها كشحا وطفق يرتأي بين أن يصول بيد جذاء ، أو يصبر على طخية عمياء ، يهرم فيها الكبير ، ويشب فيها الصغير ، ويكدح فيها مؤمن حتى يلقى ربه ، فرأى أن الصبر على هاتا أحجى ، فصيروا وفي العين قذى ، وفي الحلق كيف يبايع أبو الحسن (عليه السلام) وهو يقول بصراحة وشهامة لأبي بكر : أنا أحق بهذا الأمر منكم ، لا أبايعكم وأنتم أولى بالبيعة لي. ولو فرضنا بيعته لأبي بكر فمعناها انه (عليه السلام) صادق ووافق على امامة أبي بكر ، فما معنى هذه الخطب والمناشدات والاحتجاجات التي صدرت منه (عليه السلام) خلال حكومة ابي بكر وعمر وعثمان في عدة مناسبات ومشاهدات ، ومن يشاقق الرسول من بعدما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا ـ النساء : 115.ولشيخ الطائفة الشيخ المفيد محمد البغدادي حديث في الدلالة على أن أمير المؤمنين (ع) لم يبايع أبا بكر ، فقد قال رضي الله عنه : قد اجمعت الأمة على أن أمير المؤمنين (ع) تأخر عن بيعة أبي بكر فالمقلل يقول تأخره ثلاثة أيام ، ومنهم من يقول : تأخر حتى ماتت فاطمة عليها السلام ثم بايع بعد موتها ، ومنهم من يقول تأخر أربعين يوما ، ومنهم من يقول : تأخر ستة أشهر ، والمحققون من أهل الامامة يقولون لم يبايع ساعة قط فقد حصل الاجماع على تأخره عن البيعة ثم اختلفوا في بيعته بعد ذلك على ما قدمناه به الشرح.فمما يدل على انه لم يبايع البتة انه ليس يخلو تأخره من أن يكون هدى وتركه ضلالا أو يكون ضلالا وتركه هدى وصوابا أو يكون صوابا وتركه صوابا ، أو يكون خطأ وتركه خطأ ، فلو كان التأخر ضلالا وباطلا لكان أمير المؤمنين (ع) قد ضل بعد النبي (ص) بترك الهدى الذي كان يجب المصير إليه وقد أجمعت الأ مة على ان أمير المؤمنين (عليه السلام) لم يقع منه ضلال بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ولا في طول زمان أبي بكر وأيام عمر ، وعثمان وصدرا من أيامه حتى خالفت الخوارج عند التحكيم وفارقت الأمة ، وبطل أن يكون تأخره عن بيعة أبي بكر ضلالا ، وان كان تأخره هدى وصوابا وتركه خطأ وضلالا فليس يجوز أن يعدل عن الصواب الى الخطأ ولا عن الهدى الى الضلال ، سيما والاجماع واقع على انه لم يظهر منه ضلال في أيام الثلاثة الذين تقدموا عليه ، ومحال أن يكون التأخر خطأ وتركه خطأ للأجماع على بطلان ذلك أيضا ولما يوجبه القياس من فساد هذا المقال. وليس يصح أن يكون صوابا وتركه صوابا لأن الحق لا يكون في جهتين مختلفتين ولا على وصفين متضادين ولأن القوم المخالفين لنا في هذه المسألة مجمعمون على انه لم يكن اشكال في جواز الاختيار وصحة امامة أبي بكر ، وانما الناس بين قائلين ، قائل من الشيعة يقول : ان امامة أبا بكر كانت فاسدة فلا يصح القول بها أبدا ، وقائل من الناصبة يقول آنها كانت صحيحة ولم يكن على أحد ريب في صوابها إذ جهة استحقاق الامامة هو ظاهر العدالة والنسب والعلم والقدرة على القيام بالأمور ، ولم تكن هذه الأمور تلتبس على أحد في أبي بكر عندهم وعلى ما يذهبون إليه فلا يصح مع ذلك ان يكون المتأخر عن بيعته مصيبا أبدا لأنه لا يكون متأخرا لفقد الدليل بل لا يكون متأ خرا لشبهة وانما يتأخر إذا ثبت انه تأخر للعناد فثبت بما بيناه أن أمير المؤمنين (عليه السلام) لم يبايع

٣٩

بارئا ، فقال : أما إني على ما ترى لوجع ، وجعلتم لي معشر المهاجرين شغلا على وجعي ، وجعلت لكم عهدا مني من بعدي واخترت لكم خيركم في نفسي ، فكلكم ورم لذلك أتفه رجاء أن يكون الأمر له ، ورأيتم الدنيا قد أقبلت ، والله لتتخذن ستور الحرير ونضائد الديباج ، وقائلون ضجائع الصوف الأذربي كأن احدكم على حسك السعدان ، والله لئن يقدم أحدكم فتضرب عنقه في غير حد لخير له من أن يسبح في غمرة الدنيا ، وانكم غدا لأولى ضال بالناس يجورون عن الطريق يمينا وشمالا ، يا هاوي الطريق جرت ، انما هو البجر أو الفجر ، فقال له عبد الرحمن : لا تكثر على ما بك فيهيضك ، والله ما أردت إلا خيرا ، وان صاحبك لذو خير ، وما الناس إلا رجلان ، رجل رأى ما رأيت ، فلا خلاف عليك منه ، ورجل رأى غير ذلك وانما يشير عليك برأيه ، فسكن وسكت هنيهة ، فقال عبد الرحمن : ما أرى بك بأسا والحمد لله ، فلا بأس على الدنيا ، فوالله ان علمناك الا صالحا مصلحا ، فقال : أما اني لا آسي إلا على ثلاث فعلتهن ، وددت اني لم أفعلهن ، وثلاث لم أفعلهن وددت اني فعلتهم ، وثلاث وددت اني سألت رسوله الله صلى الله عليه وآله عنهن.

فأما الثلاث التى فعلتهن ووددت اني لم أكن فعلتها ، فوددت اني لم أكن كشفت عن بيت فاطمة وتركته ولو اغلق على حرب ، ووددت اني يوم سقيفة بني ساعدة كنت قذفت الأمر في عنق أحد الرجلين ، عمرأو أبو عبيدة ، فكان اميرا ، وكنت وزيرا ، ووددت اني إذا اثبت بالفجاءة لم أكن احرقته وكنت قتلته بالحديد أو اطلقته.

__________________

أبا بكر على شيء من الوجوه كما ذكرناه وقدمناه ، وقد كانت الناصبة غافلة عن هذا الاستخراج في موافقتها على أن أمير المؤمنين (عليه السلام) تأخر عن البيعة وقتا ما ، ولو فطنت له لسبقت بالخلاف فيه عن الاجماع وما أبعد انهم سيرتكبون ذلك إذا وقفوا على هذا الكلام غير ان الاجماع السابق لمرتكب ذلك بحجة ويسقط قوله فيهون قصته ولا يحتاج معه الى الاكثارـ.

ـ الفصول المختارة : 31 ـ.

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي الوشاء، عن علي بن ميسرة قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : إياكم أن تكونوا منانين. قلت: جعلت فداك، فكيف ذلك؟ قال: يمشي أحدكم ثم يستلقي ويرفع رجليه على الميل ثم: يقول: « اللهم إني إنما أردت وجهك ».

( باب )

* ( معنى المكافأة والشكر ) *

١ - حدثنا أبي -رضي‌الله‌عنه - قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا محمد بن عيسى بن عبيد، قال: حدثنا عبيد الله بن عبد الله الدهقان، عن درست بن أبي منصور الواسطي، عن عمر أذينة، عن زرارة، قال: سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول: من صنع مثل ما صنع إليه فإنما كافئ، ومن أضعف كان شاكرا، ومن شكر كان كريما، ومن علم أن ما صنع [ إليه ] إنما يصنع(١) لنفسه لم يستبطئ الناس في شكرهم ولم يستزدهم في مودتهم. واعلم أن الطالب إليك الحاجة لم يكرم وجهه عن وجهك فأكرم وجهك عن رده.

( باب )

* ( معنى العلم الذي لا يضر من جهله ولا ينفع من علمه ) *

١ - حدثنا أبي -رحمه‌الله - قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا محمد بن عيسى بن عبيد، عن عبيد الله بن عبد الله الدهقان، عن درست بن أبي منصور الواسطي، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن أبي الحسنعليه‌السلام قال: دخل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله المسجد فإذا جماعة قد أطافوا برجل فقال: ما هذا؟ فقالوا: علامة يا رسول الله. فقال: وما العلامة؟ قالوا: أعلم الناس بأنساب العرب ووقائعها وأيام الجاهلية وبالاشعار، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : ذاك علم لا يضر من جهله ولا ينفع من علمه.

__________________

(١) في بعض النسخ [ إلى نفسه ].

١٤١

( باب )

* ( معنى المنافق ) *

١ - حدثنا أبي -رضي‌الله‌عنه - قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن يعقوب بن يزيد، عن محمد بن أبي عمير، عن عبد الله بن سنان، قال: كنا جلوسا عند أبي عبد اللهعليه‌السلام إذا قال [ له ] رجل من الجلساء: جعلت فداك يا ابن رسول الله أتخاف علي أن أكون منافقا؟ فقال له: إذا خلوت في بيتك نهارا أو ليلا أليس تصلي؟ فقال: بلى. فقال: فلمن تصلي؟ فقال: للهعزوجل . قال: فكيف تكون منافقا وأنت تصلي للهعزوجل لا لغيره؟.

( باب )

* ( معنى الشكوى في المرض ) *

١ - حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور -رضي‌الله‌عنه - قال: حدثنا الحسين بن محمد بن عامر، عن عمه عبد الله بن عامر، عن محمد بن أبي عمير، عن جميل بن صالح، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إنما الشكوى أن تقول: لقد ابتليت بما لم يبتل به أحد، أو تقول: لقد أصابني ما لم يصب أحد، وليس الشكوى أن تقول: سهرت البارحة، وحممت اليوم، ونحو هذا.

( باب )

* ( معنى الريح المنسية والمسخية ) *

١ - حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني -رحمه‌الله - قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، قال: حدثني أبو محمد الأنصاري - وكان خيرا - قال: حدثني أبو اليقظان عمار الأسدي، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لو أن مؤمنا أقسم على ربهعزوجل أن لا يميته ما أماته أبدا ولكن إذا حضر أجله بعث اللهعزوجل ريحين إليه: ريحا يقال له: « المنسية » وريحا يقال له: « المسخية » فأما المنسية فإنها

١٤٢

تنسيه أهله وماله، وأما المسخية فإنها تسخي نفسه عن الدنيا حتى يختار ما عند الله تبارك وتعالى.

( باب )

* ( معنى قول الصادقعليه‌السلام : « الناس اثنان: واحد أراح، وآخر استراح » ) *

١ - حدثنا محمد بن علي ماجيلويه -رضي‌الله‌عنه - عن عمه محمد بن أبي القاسم، عن أحمد ابن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، قال: حدثني بعض أصحابنا، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنه قال: الناس اثنان: واحد أراح، وآخر استراح. فأما الذي استراح فالمؤمن إذا مات استراح من الدنيا وبلائها، وأما الذي أراح فالكافر إذا مات أراح الشجر والدواب وكثيرا من الناس.

( باب )

* ( معنى السر وأخفى ) *

١ - حدثنا محمد بن علي ماجيلويه -رحمه‌الله - قال: حدثني عمي محمد بن أبي القاسم، عن محمد بن علي الكوفي، قال: حدثني موسى بن سعدان الحناط، عن عبد الله بن القاسم، عن عبد الله بن مسكان، عن محمد بن مسلم، قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول الله عز وجل: «يعلم السر وأخفى (١) » قال: السر ما كتمته(٢) في نفسك، وأخفى ما خطر ببالك ثم أنسيته.

( باب )

* ( معنى استعراب النبطي واستنباط العربي ) *

١ - حدثنا محمد بن علي ماجيلويه -رضي‌الله‌عنه - قال: حدثني عمي محمد بن أبي

__________________

(١) طه: ٧.

(٢) في بعض النسخ [ أثبته ] وفى بعضها [ أكننته ].

١٤٣

القاسم، عن محمد بن علي الكوفي، عن عثمان بن عيسى، عن فرات بن أحنف، قال: سأل رجل أبا عبد اللهعليه‌السلام فقال: إن من قبلنا يقولون: نعوذ بالله من شر الشيطان وشر السلطان وشر النبطي إذا استعرب. فقال: نعم، ألا أزيدك منه؟ قال: بلى. قال: ومن شر العربي إذا استنبط. فقلت: وكيف ذاك؟ فقال: من دخل الاسلام فادعا مولى غيرنا فقد تعرب بعد هجرته فهذا النبطي إذا استعرب. وأما العربي إذا استنبط فمن أقر بولاء من دخل(١) به في الاسلام فادعاه دوننا فهذا قد استنبط.

( باب )

* ( معنى ما روى أنه ليس لامرأة خطر لا لصالحتهن ولا لطالحتهن ) *

١ - حدثنا أبي -رحمه‌الله - قال: حدثنا محمد بن أبي القاسم ماجيلويه، عن محمد بن علي الكوفي، عن عثمان بن عيسى، عن عبد الله بن سنان، عن بعض أصحابنا، قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: إنما المرأة قلادة فانظر ما تتقلد وليس لامرأة خطر(٢) لا لصالحتهن ولا لطالحتهن، وأما صالحتهن فليس خطرها الذهب والفضة، هي خير من الذهب والفضة: وأما طالحتهن فليس خطرها التراب، التراب خير منها.

( باب )

* ( معنى مشاورة اللهعزوجل ) *

١ - حدثنا أبي -رحمه‌الله - قال: حدثنا محمد بن أبي القاسم ماجيلويه، عن محمد بن علي الكوفي، عن عثمان بن عيسى، عن هارون بن خارجة، قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: إذا أراد أحدكم أمرا فلا يشاورن. فيه أحدا من الناس حتى يشاور اللهعزوجل

__________________

(١) في بعض النسخ [ بولايتنا من دخل ].

(٢) أي مثل ولا عدل. ( م )

١٤٤

قلت: وما مشاورة اللهعزوجل ؟ فقال: يبدء فيستخير الله فيه(١) أولا ثم يشاور فيه فإذا بدء باللهعزوجل أجرى الله له الخيرة على لسان من أحب من الخلق.

( باب )

* ( معنى الحرج ) *

١ - حدثنا أبي -رحمه‌الله - قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي بن فضال، عن ثعلبة بن ميمون، عن زرارة، عن عبد الخالق بن عبد ربه، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول اللهعزوجل : «ومن يرد أن يضله يجعل صدر ضيقا حرجا (٢) » فقال: قد يكون ضيقا وله منفذ يسمع منه ويبصر، والحرج هو الملتئم(٣) الذي لا منفذ له يسمع [ به ] ولا يبصر منه(٤) .

٢ - حدثنا عبد الواحد بن محمد بن عبدوس العطار بنيسابور سنة اثنين وخمسين وثلاث مائة قال: حدثا علي بن محمد بن قتيبة، عن حمدان بن سليمان النيسابوري، قال: سألت أبا -  الحسن علي بن موسى الرضاعليه‌السلام عن قول اللهعزوجل : «فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للاسلام (٥) » قال: من يرد الله أن يهديه بإيمانه في الدنيا إلى جنته ودار كرامته في الآخرة يشرح صدره للتسليم لله والثقة به والسكون إلى ما وعده من ثوابه حتى يطمئن إليه، ومن يرد أن يضله عن جنته ودار كرامته في الآخرة لكفره وعصيانه له في الدنيا يجعل صدره ضيقا حرجا حتى يشك في كفره ويضطرب من اعتقاده قلبه(٦) حتى يصير كأنما يصعد في السماء كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون.

__________________

(١) أي يطلب من الله سبحانه أن يختار له ما هو خير له. ( م ) وليس المراد من الاستخارة ما هو المتعارف اليوم لأنه إذا كان بمعنى المتعارف فلا معنى للمشاورة بعده.

(٢) الانعام: ١٢٥.

(٣) كذا في جميع النسخ والصحيح « الملتئم » أي الملتصق. ( م )

(٤) مبالغة في نهاية ضيق الصدر وهو مثل فيما لا يستطاع.

(٥) الانعام: ١٢٥.

(٦) في بعض النسخ « في اعتقاده وقلبه ».

١٤٥

( باب )

* ( معنى أصدق الأسماء وخيرها ) *

١ - حدثنا أبي -رحمه‌الله - قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي بن فضال، عن ثعلبة بن ميمون، عن معمر بن عمر، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: أصدق الأسماء ما سمي بالعبودية وخيرها أسماء الأنبياء صلوات الله عليهم أجمعين.

( باب )

* ( معنى الغيب والشهادة ) *

١ - حدثنا أبي -رحمه‌الله - قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي بن فضال، عن ثعلبه بن ميمون، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قولهعزوجل : «عالم الغيب والشهادة (١) » فقال: الغيب ما لم يكن والشهادة ما قد كان.(٢)

__________________

(١) الجمعة: ٨.

(٢) الغيب: كل ما غاب عنك فلا تدركه، فيطلق على ما لا يدركه البصر لبعد أو غيره وعلى ما لا يناله السمع وهكذا. وحيث إنه تعالى الوجود الصرف الذي لا يعزب عنه موجود، والقيوم لكل شئ الذي لا استقلال لشئ دونه، والمحيط بكل شئ الذي لا يغيب عنه غائب فكل شئ مشهود له ولا يتصور الغيب بالقياس إليه. فمعنى قوله تعالى: « عالم الغيب والشهادة » - والله العالم - إما أنه العالم بما غاب عن الخلق، أو العالم بما بما يكون في ذاته غيبا فينطبق على الماديات لغيبوبتها عن ذاتها حيث إنها توجد تدريجا وشيئا فشيئا وغيبوبة أجزاءها بعضها عن بعض لانبساطها في الحيز، أو العالم بالمعدوم لغيبوبته عن الوجود. وأما قولهعليه‌السلام : « الغيب ما لم يكن والشهادة ما قد كان » فيمكن أن يكون المراد بقوله: « ما لم يكن » ما لم يوجد أصلا فينطبق على الثالث من الاحتمالات المذكورة في الآية، ويمكن أن يكون المراد به ما كان مسبوقا بعدم زماني أي شئ لم يكن سابقا فينطبق على العالم المادي وعلى هذا فالمراد بقوله: « ما قد كان » ما فوق الطبيعة وهو العالم المنزه عن المادة ولوازمها من الزمان والمكان كما يشعر به لفظة « قد » وينطبق على الاحتمال الثاني ولا يجرى فيه الاحتمال الأول كما لا يخفى. ( م )

١٤٦

( باب )

* ( معنى خائنة الأعين ) *

١ - حدثنا أبي -رحمه‌الله - قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي بن فضال، عن ثعلبة بن ميمون، عن عبد الرحمن بن مسلمة الجريري قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قولهعزوجل : «يعلم خائنة الأعين (١) » فقال: ألم تر إلى الرجل ينظر إلى الشئ وكأنه لا ينظر إليه فذلك خائنة الأعين.

( باب )

* ( معنى القنطار ) *

١ - حدثنا محمد بن علي ماجيلويه -رضي‌الله‌عنه - عن عمه محمد بن أبي القاسم، عن محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي، عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: من قرء مائة آية يصلي بها في ليلة كتب الله له بها قنوت ليلة ومن قرء مأتي آية في ليلة في غير صلاة الليل كتب الله له في اللوح المحفوظ قنطارا من حسنات، والقنطار ألف ومأتي أوقية والأوقية أعظم من جبل أحد.

٢ - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد -رحمه‌الله - قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن محمد بن مروان، عن سعد بن طريف، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من قرء عشر آيات في ليلة لم يكتب من الغافلين، ومن قرء خمسين آية كتب من الذاكرين، ومن قرء مائة آية كتب من القانتين، ومن قرء مائتي آية كتب من الخاشعين ومن قرء ثلاثمائة آية كتب من الفائزين ومن قرء خمسمائة آية كتب من المجتهدين ومن قرء ألف آية كتب له قنطار. والقنطار خمسة آلاف مثقال ذهب، والمثقال أربعة و عشرون قيراطا أصغرها مثل جبل أحد وأكبر هاما بين السماء والأرض.

__________________

(١) المؤمن: ٢٠.

١٤٧

( باب )

* ( معنى البحيرة والسائبة والصيلة والحام ) *

١ - حدثنا أبي -رحمه‌الله - قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن محمد بن أحمد بن يحيى الأشعري، عن العباس بن معروف، عن صفوان بن يحيى، عن ابن مسكان، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول اللهعزوجل : «ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام (١) » قال: إن أهل الجاهلية كانوا إذا ولدت الناقة ولدين في بطن واحد قالوا: وصلت، فلا يستحلون ذبحها ولا أكلها، وإذا ولدت عشرا جعلوها سائبة، ولا يستحلون ظهرها ولا أكلها، و « الحام » فحل الإبل لم يكونوا يستحلونه فأنزل اللهعزوجل أنه لم يكن يحرم شيئا من ذلك.

وقد روي أن البحيرة الناقة إذا أنتجت خمسة أبطن فإن كان الخامس ذكرا نحروه فأكله الرجال والنساء، وإن كان الخامس أنثى بحروا أذنها أي شقوه وكانت حراما على النساء والرجال لحمها ولبنها، وإذا مات حلت للنساء، والسائبة البعير يسيب(٢) بنذر يكون على الرجل إن سلمه اللهعزوجل من مرض أو بلغه منزله أن يفعل ذلك، والوصيلة من الغنم كانوا إذا ولدت الشاة سبعة أبطن فإن كان السابع ذكرا ذبح فأكل منه الرجال والنساء، وإن كانت أنثى تركت في الغنم، وإن كان ذكرا وأنثى قالوا: وصلت أخاها فلم تذبح وكان لحومها حراما على النساء إلا أن يكون يموت منها شئ فيحل أكلها للرجال والنساء، والحام الفحل إذا ركب ولد ولده قالوا: قد حمى ظهره. وقد يروى أن الحام هو من الإبل إذا أنتج عشرة أبطن، قالوا: قد حمى ظهره فلا يركب ولا يمنع من كلاء ولا ماء.

__________________

(١) المائدة: ١٠٢.

(٢) سيب الدابة: أي تركها تسيب وتمر حيث تشاء فهي سائبة.

١٤٨

( باب )

* ( معنى العتل والزنيم ) *

١ - أبي -رحمه‌الله - قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن العباس بن معروف، عن صفوان بن يحيى، عن ابن مسكان، عن محمد بن مسلم، قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : «عتل بعد ذلك زنيم »(١) قال: العتل العظيم الكفر، والزنيم المستهتر بكفره(٢) .

( باب )

* ( معنى شرب الهيم ) *

١ - أبي -رحمه‌الله - قال: حدثنا محمد بن أبي القاسم، عن محمد بن علي الكوفي بإسناده رفعه إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام أنه قيل له: الرجل يشرب بنفس واحد؟ قال: لا بأس، قلت: فإن من قبلنا يقول: ذلك شرب الهيم؟ فقال: إنما شرب الهيم ما لم يذكر اسم الله عليه.

٢ - حدثنا أبي -رحمه‌الله - قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن شيخ من أهل المدينة، قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام : عن رجل يشرب فلا يقطع حتى يروي، فقال: فهل اللذة إلا ذاك؟ قلت: فإنهم يقولون: إنه شرب الهيم(٣) ؟ فقال: كذبوا إنما شرب الهيم ما لم يذكر [ اسم ] اللهعزوجل عليه.

٣ - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد -رضي‌الله‌عنه - قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد، وعبد الله ابني محمد بن عيسى، عن محمد بن أبي عمير، عن حماد بن عثمان الناب، عن عبد الله بن علي الحلبي، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: ثلاثة أنفاس في الشرب أفضل من نفس واحد في الشرب، وقال: كان يكره أن يشبه بالهيم قلت:

__________________

(١) القلم: ١٣. والعتل في اللغة: الجاف الغليظ والزنيم: من لا أصل له والدعى.

(٢) المستهتر بكذا - بفتح التاء -: المولع به بحيث لا يفعل غيره ولا يتحدث بغيره.

(٣) الهيم: جمع الأهيم وهو الإبل الشديد العطش ويقال: « قوم هيم » أي عطاش ويستعمل بمعنى الرمل ولعله بعناية أنه لا يروى من الماء. ( م )

١٤٩

وما الهيم؟ قال: الرمل(١) . وفي حديث آخر هي الإبل.

قال مصنف هذا الكتاب: سمعت شيخنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد - رضي الله عنه - يقول: سمعت محمد بن الحسن الصفار يقول: كلما كان في كتاب الحلبي: « وفي حديث آخر » فذلك قول محمد بن أبي عمير -رحمه‌الله -.

( باب )

* ( معنى الأصغرين والأكبرين والهيئتين ) *

١ - حدثنا أحمد بن إبراهيم بن الوليد السلمي، قال: حدثنا أبو الفضل محمد بن أحمد الكاتب النيسابوري بإسناد رفعه إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام أنه قال: كمال الرجل بست خصال: بأصغريه، وأكبريه، وهيئتيه. فأما أصغراه فقلبه ولسانه إن قاتل قاتل بجنان، وإن تكلم تكلم بلسان، وأما أكبراه فعقله وهمته، وأما هيئتاه فماله وجماله.

( باب )

* ( معنى كرامة النعمة ) *

١ - حدثنا محمد بن علي ماجيلويه -رضي‌الله‌عنه -، عن عمه محمد بن أبي القاسم، عن محمد بن علي الصيرفي، عن سعدان بن مسلم، عن حسين بن نعيم، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: يا حسين أكرم النعمة(٢) . قلت: جعلت فداك، وأي شئ كرامتها؟ قال: اصطناع المعروف فيما يبقى عليك.

( باب )

* ( معنى السياء ) *

١ - أبي -رحمه‌الله - قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن محمد ابن علي الكوفي، عن عبيد الله الدهقان، عن درست بن أبي منصور الواسطي، عن إبراهيم

__________________

(١) في بعض النسخ [ الزمل ] - بفتح الزاي المعجمة - بمعنى الدابة.

(٢) في النسخ [ النعم ].

١٥٠

ابن عبد الحميد، عن أبي الحسن موسىعليه‌السلام قال: جاء رجل إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال: يا رسول الله قد علمت ابني هذا الكتاب، ففي أي شئ أسلمه؟ فقال: سلمه(١) لله أبوك ولا تسلمه في خمس: لا تسلمه سياء ولا صائغا ولا قصابا ولا حناطا ولا نخاسا قال: يا رسول الله وما السياء؟ قال: الذي يبيع الأكفان ويتمنى موت أمتي وللمولود ن أمتي أحب إلي مما طلعت عليه الشمس. وأما الصائغ فإنه يعالج غبن أمتي(٢) .

وأما القصاب فإنه يذبح حتى تذهب الرحمة من قلبه. وأما الحناط فإنه يحتكر الطعام على أمتي ولئن يلقى الله العبد سارقا أحب إلي من أن يلقاه قد احتكر طعاما ربعين يوما. وأما النخاس فإنه أتاني جبرئيلعليه‌السلام فقال: يا محمد إن شرار أمتك لذين يبيعون الناس(٣) .

( باب )

* ( معنى القليل ) *

١ - أبي -رحمه‌الله - قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن موسى بن عمر، عن جعفر بن محمد بن يحيى، عن غالب، عن أبي خالد، عن حمران، عن أبي جعفرعليه‌السلام في قول اللهعزوجل : « وما آمن معه إلا قليل »(٤) قال: كانوا ثمانية.

( باب )

* ( معنى آخر للقليل ) *

١ - أبي -رحمه‌الله - قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي ابن النعمان، عن هارون بن خارجة، عن أبي بصير، عن أبي جعفرعليه‌السلام في قوله عزوجل:

__________________

(١) في بعض النسخ [ أسلمه ]. وقوله: « لله أبوك » مدح للرجل نظير « لله دره ».

(٢) لعل المراد به أنه يزاول ما يحتمل الغرر ويقبل القلب فكأنه بصدد غبنهم. وفى بعض النسخ « عين » بالعين المهملة ولعله بمعنى الذهب لأنه يجمعه ويعالجه وفي بعضها « غنى » فان الذهب والفضة التي يعالجها الصائغ غنى الأمة. ( م )

(٣) المشهور بين فقهائنا كراهة هذه الصنائع الخمسة وحملوا الاخبار المعارضة على نفى التحريم.

(٤) هود: ٤٣.

١٥١

« فلما كتب عليهم القتال تولوا إلا قليلا منهم(١) » قال: كان القليل ستين ألفا.

( باب )

* ( معنى الخبر الذي روى أن الشؤم في الثلاثة في المرأة، والدابة، والدار ) *

١ - حدثني محمد بن علي ماجيلويه -رحمه‌الله - قال: حدثني محمد بن يحيى العطار، قال: حدثني سهل بن زياد، قال: حدثني عثمان بن عيسى، عن خالد بن نجيح، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: تذاكرنا الشؤم عنده، قال: الشؤم في ثلاثة: في المرأة، والدابة، والدار. فأما شؤم المرأة فكثرة مهرها وعقوق زوجها، وأما الدابة فسوء خلقها ومنعها هرها، وأما الدار فضيق ساحتها وشر جيرانها وكثرة عيوبها.

٢ - أبي -رحمه‌الله - قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن عبد الله ابن ميمون، عن عبد اللهعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : الشؤم في ثلاثة أشياء: في الدابة، والمرأة، والدار. فأما المرأة فشؤمها غلاء مهرها وعسر ولادتها، وأما الدابة فشؤمها كثرة عللها وسوء خلقها، وأما الدار فشؤمها ضيقها وخبث جيرانها. وقال: من بركة المرأة خفة مؤونتها ويسر ولادتها، وشؤمها شدة مؤونتها وتعسر ولادتها.

( باب )

* ( معنى قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله « أيما رجل ترك دينارين فهما كي بين عينه ) *

١ - أبي -رحمه‌الله - قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن علي بن إسماعيل، عن صفوان، عن عبد الرحمن بن الحجاج، عمن سمعه - وقد سماه -  عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سألته عن الزكاة ما يأخذ منها الرجل؟ وقلت له: إنه بلغنا أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: أيما رجل ترك دينارين فهما كي بين عينيه. قال: فقال: أولئك

__________________

(١) البقرة: ٢٤٥.

١٥٢

قوم كانوا أضيافا على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فإذا أمسى قال: يا فلان اذهب فعش هذا(١) . فإذا أصبح قال: يا فلان اذهب فغد هذا(٢) . فلم يكونوا يخافون أن يصبحوا بغير غداء ولا بغير عشاء فجمع الرجل منهم دينارين، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فيه هذه المقالة، فإن الناس إنما يعطون من السنة إلى السنة فللرجل أن يأخذ ما يكفيه ويكفي عياله من السنة إلى السنة.

( باب )

* ( معنى الزكاة الظاهرة والباطنة ) *

١ - حدثنا محمد بن الحسن -رحمه‌الله - قال: حدثنا أحمد بن إدريس، قال: حدثنا محمد بن أحمد، قال: حدثنا أبو عبد الله الرازي، عن نصر بن الصباح، عن المفضل بن عمر، قال: كنت عند أبي عبد اللهعليه‌السلام فسأله رجل: في كم تجب الزكاة من المال؟ فقال له: الزكاة الظاهرة أم الباطنة تريد؟ قال: أريدهما جميعا، فقال: أما الظاهرة ففي كل ألف خمسة وعشرون درهما، وأما الباطنة فلا تستأثر(٣) على أخيك بما هو أحوج إليك منك.

( باب )

* ( معنى قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله للرجل الذي مات وترك دينارين « ترك كثيرا » ) *

١ - أبي -رحمه‌الله - قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن فضالة، عن أبان، قال: ذكر بعضهم عند أبي الحسنعليه‌السلام فقال: بلغنا أن رجلا هلك على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وترك دينارين فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « ترك كثيرا » قال: إن ذلك كان رجلا يأتي أهل الصفة فيسألهم فمات وترك دينارين.

__________________

(١) عشاه: أطعمه العشاء - بالفتح - وهو طعام العشى.

(٢) غداه: أطعمه الغداء - بالفتح - وهو طعام أول النهار.

(٣) استأثر بالشئ على الغير: استبد به وخص به نفسه.

١٥٣

( باب )

* ( معنى عفو رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عما سوى التسعة الأصناف في الزكاة ) *

١ - أبي -رحمه‌الله - قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن محمد بن أحمد، عن موسى ابن عمر، عن محمد بن سنان، عن أبي سعيد القماط، عمن ذكره، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنه سئل عن الزكاة فقال: وضع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الزكاة على تسعة وعفا عما سوى ذلك: الحنطة والشعير، والتمر، والزبيب، والذهب، والفضة، والبقرة، والغنم، والإبل فقال السائل: فالذرة؟ فغضبعليه‌السلام ثم قال: كان والله على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله السماسم والذرة والدخن وجميع ذلك، فقال: إنهم يقولون: إنه لم يكن ذلك على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وإنما وضع على تسعة لما لم يكن بحضرته غير ذلك فغضب وقال: كذبوا فهل يكون العفو إلا عن شئ قد كان ولا والله ما أعرف شيئا عليه الزكاة غير هذا فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر.

( باب )

* ( معنى الجماعة والفرقة والسنة والبدعة ) *

١ - أبي -رحمه‌الله - قال حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن أبي الجهم هارون بن الجهم، عن حفص بن عمر، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سئل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عن جماعة أمته(١) ، فقال: جماعة أمتي أهل الحق وإن قلوا.(٢)

٢ - وبهذا الاسناد، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبي يحيى الواسطي، عن عبد الله بن يحيى بن عبد الله العلوي رفعه قال: قيل لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ما جماعة أمتك؟ قال: من كان على الحق وإن كانوا عشرة.

٣ - وبهذا الاسناد، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن عبد الله بن محمد الحجال، عن عاصم

__________________

(١) في بعض النسخ [ عن الجماعة ].

(٢) يعنى جماعة أمتي هم أهل الحق منهم وإن قلوا كما يأتي في الحديث الآتي.

١٥٤

ابن حميد رفعه قال: جاء رجل إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام فقال: أخبرني عن السنة والبدعة وعن الجماعة وعن الفرقة؟ فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : السنة ما سن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والبدعة ما أحدث من بعده، والجماعة أهل الحق وإن كانوا قليلا، والفرقة أهل الباطل وإن كانوا كثيرا.

( باب )

* ( معنى قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله للرجل الذي قال له(١) : « أنت ومالك لأبيك » ) *

١ - أبي -رحمه‌الله - قال: حدثنا أحمد بن إدريس، قال: حدثنا محمد بن أحمد، عن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن الحسين بن أبي العلاء، قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : ما يحل للرجل من مال ولده؟ فقال: قوته بغير سرف إذا اضطر إليه. قال: فقلت له: فقول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله للرجل الذي أتاه فقدم إليه أباه فقال: أنت ومالك لأبيك؟ فقال: إنما جاء بأبيه إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وقال له: يا رسول الله هذا أبي وقد ظلمني ميراثي من أمي فأخبره الأب أنه قد أنفقه عليه وعلى نفسه. فقال: أنت ومالك لأبيك ولم يكن عند الرجل شئ، أو كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يحبس أبا لابن؟!.

( باب )

* ( معنى المنقلين ) *

١ - أبي -رحمه‌الله - قال: حدثنا أحمد بن إدريس، عن محمد بن الحسن، عن ابن فضال عن علي بن يعقوب، عن مروان بن مسلم، عن محمد بن شريح، قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن خروج النساء في العيدين. فقال: لا، إلا العجوز عليها منقلاها - يعني الخفين -.

__________________

(١) كذا في النسخ التي بأيدينا ولعل الأصح « للرجل الذي أتاه ». ( م )

١٥٥

( باب )

* ( معنى قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله « ليس للنساء سراة الطريق » ) *

١ - حدثنا محمد بن علي ماجيلويه -رضي‌الله‌عنه - قال: حدثنا علي بن إبراهيم ابن هاشم، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ليس للنساء سراة الطريق ولكن جنباه - يعني بالسراة وسطه.

( باب )

* ( معنى يوم التلاق، ويوم التناد، ويوم التغابن، ويوم الحسرة ) *

١ - أبي -رحمه‌الله - قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن القاسم بن محمد الأصبهاني، عن سليمان بن داود، عن حفص بن غياث، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: يوم التلاق يوم يلتقي أهل السماء وأهل الأرض، ويوم التناد يوم ينادي أهل النار أهل الجنة « أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله » ويوم التغابن يوم يغبن أهل الجنة أهل النار، و يوم الحسرة يوم يؤتى بالموت فيذبح.

( باب )

* ( معنى قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله « مثل أصحابي فيكم كمثل النجوم » ) *

١ - حدثني(١) محمد بن بن الحسن بن أحمد بن الوليد -رحمه‌الله - قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن الحسن بن موسى الخشاب، عن غياث بن كلوب، عن إسحاق بن عمار، عن جعفر بن محمد، عن آبائهعليهم‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ما وجدتم في كتاب الله عز وجل فالعمل لكم به لا عذر لكم في تركه، وما لم يكن في كتاب اللهعزوجل وكانت فيه سنة مني فلا عذر لكم في ترك سنتي، وما لم يكن فيه سنة مني فما قال أصحابي فقولوا به، فإنما مثل أصحابي فيكم كمثل النجوم بأيها اخذ اهتدي، وبأي أقاويل أصحابي

__________________

(١) في بعض النسخ [ حدثنا ].

١٥٦

أخذتم اهتديتم، واختلاف أصحابي لكم رحمة. فقيل: يا رسول الله ومن أصحابك؟ قال: أهل بيتي.

قال محمد بن علي مؤلف هذا الكتاب: إن أهل البيتعليهم‌السلام لا يختلفون ولكن يفتون الشيعة بمر الحق وربما أفتوهم بالتقية فما يختلف من قولهم فهو للتقية والتقية رحمه للشيعة(١) .

( باب )

* ( معنى قولهعليه‌السلام « اختلاف أمتي رحمة » ) *

١ - حدثنا علي بن أحمد بن محمد -رحمه‌الله - قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي عن أبي الخير صالح بن أبي حماد، قال: حدثني أحمد بن هلال، عن محمد بن أبي عمير، عن عبد المؤمن الأنصاري، قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : إن قوما رووا أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: « إن اختلاف أمتي رحمة »؟ فقال: صدقوا، قلت: إن كان اختلافهم رحمة فاجتماعهم عذاب؟ قال: ليس حيث ذهبت وذهبوا، إنما أراد قول اللهعزوجل : «فلو لا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون (٢) » فأمرهم أن ينفروا إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ويختلفوا إليه فيتعلموا ثم يرجعوا إلى قومهم فيعلموهم، إنما أراد اختلافهم من البلدان لا اختلافا في دين الله، إنما الدين واحد.

( باب )

* ( معنى الكذب المفترع ) *

١ - أبي -رحمه‌الله - قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن محمد

__________________

(١) يجوز أن يكون المراد بالاختلاف معناه الاخر أي التعاقب والتردد كما في قول الله سبحانه: « ان في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار - الآية - » أي تعاقبهما وفى الزيارة الجامعة الكبيرة « ومختلف الملائكة » أي موضع نزولهم وترددهم وإيابهم وذهابهم. والمراد بالأصحاب: الأئمة كما جاءت في الاخبار.

(٢) التوبة: ١٢٣.

١٥٧

ابن علي رفعه، قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : إياكم والكذب المفترع. قيل له: وما الكذب المفترع؟ قال: أن يحدثك الرجل بالحديث فترويه عن غير الذي حدثك به.

( باب )

* ( معنى قول اللهعزوجل : « ان عبادي ليس لك عليهم سلطان » ) *

١ - أبي -رحمه‌الله - قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن محمد بن أحمد، عن يعقوب بن يزيد، عن علي بن النعمان، عن بعض أصحابنا رفعه إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام في قولهعزوجل : «إن عبادي ليس لك عليهم سلطان (١) » قال: ليس له على هذه العصابة خاصة سلطان، قال: قلت: وكيف جعلت فداك وفيهم ما فيهم؟ قال: ليس حيث تذهب، إنما قوله: « ليس لك عليهم سلطان » أن يحبب إليهم الكفر ويبغض إليهم الايمان.

( باب )

* ( معنى المعادن والاشراف وأهل البيوتات والمولد الطيب ) *

١ - أبي -رحمه‌الله - قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن سلمة بن الخطاب، عن علي ابن محمد الأشعث، عن الدهقان، عن أحمد بن ( ي ) زيد، عن علي بن جعفر، عن أخيه موسى ابن جعفرعليهما‌السلام قال: إنما شيعتنا المعادن والاشراف وأهل البيوتات ومن مولده طيب.

قال علي بن جعفر: فسألته عن تفسير ذلك، فقال: المعادن من قريش، والاشراف من العرب وأهل البيوتات من الموالي، ومن مولده طيب من أهل السواد.

( باب )

* ( معنى قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله « حدث عن نبي إسرائيل ولا حرج » ) *

١ - أبي -رحمه‌الله - قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين

__________________

(١) الحجر: ٤٣.

١٥٨

ابن سيف، عن أخيه علي بن سيف، عن أبيه سيف بن عميرة، عن محمد بن مارد، عن عبد الأعلى ابن أعين، قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : جعلت فداك حديث يرويه الناس أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: « حدث عن بني إسرائيل ولا حرج » قال: نعم، قلت: فنحدث عن بني إسرائيل بما سمعناه ولا حرج علينا؟ قال: أما سمعت ما قال: كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع؟ فقلت: فكيف هذا؟ قال: ما كان في الكتاب أنه كان في بني إسرائيل فحدث أنه كائن في هذه الأمة ولا حرج.

( باب )

* ( معنى ما روى أن الفقيه لا يعيد الصلاة ) *

١ - حدثنا أحمد بن الحسن القطان، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد الكوفي قال: أخبرنا المنذر بن محمد قراءة، قال: حدثنا جعفر بن سليمان، عن عبد الله بن الفضل الهاشمي قال: كنت عند أبي عبد اللهعليه‌السلام فدخل عليه رجل فسأله عن رجل لم يدر واحدة صلى أو اثنين فقال له: يعيد الصلاة، فقال له: فأين ما روي أن الفقيه لا يعيد الصلاة؟ قال: إنما ذلك في الثلاث والأربع.

( باب )

* ( معنى السميط والسعيدة والأنثى والذكر ) *

١ - أبي -رحمه‌الله - قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن إبراهيم بن هاشم، وأيوب بن نوح، عن عبد الله بن المغيرة، قال: حدثنا عبد الله بن سنان، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سمعته يقول: إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان نبي مسجده بالسميط، ثم إن المسلمين كثروا فقالوا: يا رسول الله لو أمرت بالمسجد فزيد فيه. فقال: نعم، فأمر به فزيد فيه. وبنى بالسعيدة، ثم إن المسلمين كثروا فقالوا: يا رسول الله لو أمرت بالمسجد فزيد فيه. فقال: نعم فزاد(١) فيه وبنى جداره بالأنثى والذكر، ثم أشتد عليهم الحر فقالوا: يا

__________________

(١) في بعض النسخ [ فأمر به فزيد فيه ].

١٥٩

رسول الله لو أمرت بالمسجد فظلل. قال: فأمر به فأقيمت فيه سواري جذوع النخل، ثم طرحت عليه العوارض والخصف والإذخر(١) فعاشوا فيه حتى أصابتهم الأمطار فجعل المسجد يكف عليهم(٢) ، فقالوا: يا رسول الله لو أمرت به فطين. فقال لهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لا، عريش(٣) كعريش موسى، فلم يزل كذلك حتى قبض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وكان جداره قبل أن يظلل قدر قامة فكان إذا كان الفيئ ذراعا وهو قدر مربض عنز صلى الظهر فإذا كان الفيئ ذراعين وهو ضعف ذلك صلى العصر، قال: وقال: السميط لبنة لبنة، والسعيدة لبنة ونصف، والأنثى والذكر لبنتان مخالفتان.

( باب )

* ( معنى الجهاد الأكبر ) *

١ - حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس -رضي‌الله‌عنه - قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، قال: أخبرني محمد بن يحيى الخزاز، قال: حدثني موسى بن إسماعيل عن أبيه، عن موسى بن جعفر، عن أبيه، عن آبائه، عن أمير المؤمنينعليهم‌السلام قال: إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بعث سرية فلما رجعوا قال: مرحبا بقوم قضوا الجهاد الأصغر وبقي عليهم الجهاد الأكبر قيل: يا رسول الله وما الجهاد الأكبر؟ قال: جهاد النفس، وقالعليه‌السلام أفضل الجهاد من جاهد نفسه التي بين جنبيه.

( باب )

* ( معنى أول النعم وبادئها ) *

١ - حدثنا أبي، ومحمد بن الحسن -رضي‌الله‌عنهما - قالا: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن خالد، قال: حدثنا أبو القاسم عبد الرحمن الكوفي، وأبو يوسف يعقوب

__________________

(١) الأذخر: نبات طيب الرائحة. والحشيش الأخضر.

(٢) أي يقطر.

(٣) العريش: البيت الذي يستظل به ولفظة « لا » منقطعة عما بعدها والمعنى لا أجوز لكم هذا وما ينبغي عريش إلا كعريش موسىعليه‌السلام .

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431