أسباب نزول القرآن

أسباب نزول القرآن10%

أسباب نزول القرآن مؤلف:
تصنيف: علوم القرآن
الصفحات: 591

أسباب نزول القرآن
  • البداية
  • السابق
  • 591 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 426891 / تحميل: 6377
الحجم الحجم الحجم
أسباب نزول القرآن

أسباب نزول القرآن

مؤلف:
العربية

١

٢

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

مقدمة

إن الحمد لله ، نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مُضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلَّا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

أما بعد :

فهذا كتاب (أسباب نزول القرآن)(١) ، أتشرف بتقديمه للقراء والباحثين بعد أن وجدت أن النسخة المتداولة بها أخطاء كثيرة في الأسانيد والمتون ، وقد اعتمدت في التحقيق على نسخة قام بتحقيقها الأستاذ / السيد أحمد صقر حيث إني وجدتها من أفضل النسخ سنداً ومتناً ، وقد وجدت فيها زيادات عن النسخة المطبوعة بالقاهرة عام (١٣١٦ ه‍) وهذه الزيادات مميزة بوضعها بين معكوفين، وقد قام الأستاذ / السيد أحمد صقر بذلك وتركتها كما هي.

وما أصبت فمن الله ، وما أخطأت فمن نفسي ، قال عز من قائل( ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللهِ وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ ) [النساء / ٧٩].

وأتقدم بخالص شكري وتقديري للأخ الشقيق أبي هاجر لإحضاره النسخة التي اعتمدت عليها من المملكة العربية السعودية ، فجزاه الله خيراً وبارك الله فيه.

وأرجو من كل قارئ أن يدعو الله لي ، ومن رأى صواباً فليحمد الله ، ومن

__________________

[١] هذا هو الاسم الأصلي للكتاب وهو مشهور بأسباب النزول.

٣

رأى غير ذلك فليتقدم بالنصيحة ، قال صَلى الله عليه وسِلم : «الدين النصيحة»(٢) ، أسأل الله العلي القدير أن يجعل هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم وأن يجعله في ميزان حسناتنا يوم القيامة إنه عليٌ قدير.

والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم المرسلين.

وكتب

كمال بسيونى السيد زغلول

القاهرة في : ٢٩ محرم ١٤١١ ه‍

٢٠ أغسطس ١٩٩٠ م

__________________

[٢] صحيح : أخرجه مسلم في صحيحه (٥٥ / ٩٥) وأبو داود (٤٩٤٤) وأحمد في مسنده (٤ / ١٠٢)

٤

ترجمة الإمام الواحدي(١)

ـ اسمه وكنيته : هو الإمام العلامة أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي النيسابوري.

ـ نسبه : قال ابن خلكان : لم أعرف هذه النسبة [الواحدي] إلى أي شيء هي ولا ذكرها السمعاني ، ثم وجدت هذه النسبة إلى الواحد بن الدين أو الدثن بن

__________________

[١] انظر : ـ دمية القصر ٢ / ١٠١٧ ـ ١٠٢٠ ـ تلخيص ابن مكتوم ١٢٥ ـ معجم الأدباء ١٢ / ٢٥٧ ـ ٢٧٠ ـ تتمة المختصر ١ / ٥٦٩ ـ الكامل لابن الأثير ١٠ / ١٠١ [نسخة أخرى ١٠ / ٣٥] ـ مسالك الأبصار ٤ / ٢ / ٣٠٧ ـ إنباء الرواة ٢ / ٢٢٣ ـ ٢٢٥ ـ مرآة الجنان ٢ / ٩٦ ـ ٩٧ وفيات الأعيان ٣ / ٣٠٣ ـ ٣٠٤. ـ طبقات السبكي / ٥ / ٢٤٠ ـ المختصر في أخبار البشر ٢ / ١٩٢ ـ طبقات الاسنوى ٢ / ٥٣٨ ـ ٥٣٩ دول الإسلام ٢ / ٤. ـ البداية والنهاية ١٢ / ١١٤ ـ العبر ٣ / ٢٦٧ ـ البلغة للفيروزآبادي ١٤٥ ـ طبقات النحاة لابن قاضي شهبة ٢ / ١٣٥ ـ ١٣٨ ـ غاية النهاية ١ / ٥٢٣ ـ طبقات الشافعية ٢٦ / ب ـ ٣ / ٢٨٩ ـ ٢٩٠ ـ شذرات الذهب ٣ / ٣٣٠ ـ النجوم الزاهرة ٥ / ١٠٤ ـ الفلاكة والمفلوكين ١١٧ ـ طبقات المفسرين للسيوطي ص ٧٨ ـ روضات الجنات ٢ / ٦٧٣ ـ طبقات المفسرين للداوودي ١ / ٣٨٧ ـ ٣٩٠ ـ هدية العارفين ١ / ٦٩٢ ـ طبقات القراء لابن الجزري ١ / ٥٢٣ ـ إشارة التعيين الورقة ٣١ ـ طبقات ابن هداية الله ٥٨.

٥

مهرة ، ذكره أبو أحمد العسكري ، وفي المختصر : والواحدي نسبة إلى الواحد بن ميسرة.

ـ مولده : وُلدرحمه‌الله بنيسابور ، ولم تحدد المراجع التي ترجمت له سنة مولده.

ـ وفاته : تُوفيرحمه‌الله بنيسابور،وقد اتفقت جميع المراجع على أن سنة وفاته ٤٦٨ ه‍.

ـ شيوخه : سمع التفسير من أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي ، سمع النحو من أبي الحسن علي بن محمد بن إبراهيم الضرير ، وأخذ اللغة عن أبي الفضل أحمد بن محمد بن يوسف العروضي ، وسمع : أبي القاسم علي بن أحمد البستي ، وأبي عثمان سعيد بن محمد الحيري ، وأبي الحسن علي بن محمد الفارسي ، وغيرهم كثير.

ـ تلاميذه : أحمد بن عمر الأرغياني ، عبد الجبار بن محمد الخواري ، وطائفة أخرى.

ـ مذهبه في العقيدة : كانرحمه‌الله من حماة مذهب الأشاعرة ويؤكد ذلك قوله عند تفسير قوله تعالى( وَنَطْبَعُ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ ) قال ابن الأنباري ويجوز أن يكون( وَنَطْبَعُ ) معطوفاً على( أَصَبْناهُمْ ) إذا كان بمعنى نصيب وفي هذا تكذيب للقدرية وبيان أن الله إذا شاء طبع على قلب فلا يفقه هدىً ولا يعي خيراً.

ـ مذهبه في الفقه : كانرحمه‌الله شافعي المذهب بدليل أنه قال عند تفسير قوله تعالى( وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا ) : ولا تدل الآية على ترك القراءة خلف الإمام لأن هذا الإنصات المأمور به ، وإنما هو نهي عن الكلام في الصلاة.

ـ مصنفاته :

التفسير : له ثلاثة كتب : الوجيز ، الوسيط ، البسيط ، وأسباب النزول يعتبر من كتب التفسير.

٦

* كتاب الدعوات.

المحصول.

كتاب تفسير النبي صَلى الله عليه وسلم.

كتاب المغازي.

شرح ديوان المتنبي : طبع في برلين ١٨٥٨.

كتاب الإعراب في علم الإغراب.

نفي التحريف عن القرآن الشريف.

التحبير في شرح الأسماء الحسنى.

أسماء النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم .

الوسيط في الأمثال : طبع في الكويت عام ١٩٧٥ م بتحقيق الدكتور عفيف محمد عبد الرحمن.

عملي في الكتاب ومنهجي في التحقيق :

١ ـ ترقيم التراجم التي ذكرها المصنف وكتبت الرقم بين معكوفين هكذا [] فمثلاً : الترجمة رقم [١] القول في أول ما نزل من القرآن ، وإذا كانت الترجمة آية قمت بكتابة رقمها بين معكوفين [] بعد نهاية الآية.

٢ ـ ترقيم أسباب النزول سواء قال المصنف : أخبرنا أو قال : قال فلان أو قال : نزلت في كذا وكذا.

٣ ـ عزوت الأحاديث والآثار للكتب التي أخرجتها.

٤ ـ قولي مرسل بدون إسناد يعني أنه لا يُحتج به.

٥ ـ غالباً لم أسكت على الحديث الضعيف مع بيان سبب ضعفه.

٦ ـ البحث عن بعض الأسانيد التي لم يذكرها المصنف فعلى سبيل المثال :

٧

رقم (٤٥٤) قال المصنف : قال ابن مسعود ، وقد ذكرت في تخريجي من خرجه مسنداً ، وكذلك رقم ٤٦٩ ، ٥٨٩.

٧ ـ البحث عن طريق متصل للحديث الذي ذكره مرسلاً فعلى سبيل المثال : رقم (٥٨٧) قال المصنف : قال الحسن ، وقد ذكرت له شاهداً من حديث ابن عباس.

٨ ـ إعداد فهارس فنية للكتاب تيسر على الباحث الرجوع للآية أو الحديث المنشود في زمن وجيز.

والحمد لله على توفيقه

٨

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

قال الشيخ الإمام أبو الحسن علي بن أحمد الواحدي النَّيْسَابُورِي ،رحمه‌الله : الحمد لله الكريم الوهاب ، هازم الأحزاب ، ومفتح الأبواب ، ومنشئ السحاب ، ومُرْسِي الهِضَاب ، ومنزل الكتاب ، في حوادثَ مختلفةِ الأسباب. أنزله مُفرَّقاً نُجُوماً ، وأودعه أحكاماً وعلوماً. قال عزّ من قائل :( وَقُرْآناً فَرَقْناهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلى مُكْثٍ وَنَزَّلْناهُ تَنْزِيلاً ) .

أخبرنا الشيخ أبو بكر أحمد بن محمد الأصفهاني ، أخبرنا عبد الله بن محمد بن حَيَّان ، أخبرنا أبو يحيى الرَّازِي ، حدثنا سهل بن عثمان العسكري ، حدثنا يزيد بن زرَيع ، حدثنا أبو رجاء قال : سمعت الحسن يقول في قوله تعالى :( وَقُرْآناً فَرَقْناهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلى مُكْثٍ ) :

ذُكِر لنا أنه كان بين أوله وآخره ثمانيَ عشْرة سنة ، أنزل عليه بمكة ثماني سنين قبل أن يهاجر ، وبالمدينة عشرَ سنين.

أخبرنا أحمد ، أخبرنا عبد الله ، أخبرنا أبو يحيى الرَّازِيُّ ، حدثنا سهل ، حدثنا يحيى بن أبي بُكَيْر ، عن هُشَيم ، عن داود ، عن الشعبي قال :

فرَّق الله تنزيله ، فكان بين أوله وآخره عشرون أو نحو من عشرين سنة.

أنزله قرآناً عظيماً ، وذكراً حكيماً ، وحبلاً ممدوداً ، وعهداً معهوداً ، وظلاً عميماً ، وصراطاً مستقيماً ، فيه معجزاتٌ باهرة ، وآيات ظاهرة ، وحجج صادقة ، ودلالات ناطقة ، أَدْحَضَ به حجج المبطلين ، وردّ به كيد الكائدين ، وقوّى به

٩

الإسلام والدين ، فَلَحَبَ منهاجه ، وثَقُبَ سراجه ، وشملت بركته ، وبلغت حكمته ـ على خاتم الرسالة ، والصادع بالدلالة ، الهادي للأمة ، الكاشف للغمة ، الناطق بالحكمة ، المبعوث بالرحمة. فرفع أعلام الحق ، وأحيا معالم الصدق ، ودمغ الكذب ومحا آثاره ، وقَمَعَ الشرك وهدم مناره ، ولم يزل يُعارِض ببيناته [أباطيل] المشركين حتى مهّد الدين ، وأبطل شبه الملحدين. صلَّى الله عليه صلاة لا ينتهي أمدها ، ولا ينقطع مددها ، وعلى آله وأصحابه الذين هداهم وطهرهم ، وبصحبته خصَّهم وآثرهم ، وسلّم كثيراً.

** وبعد هذا ، فإن علوم القرآن غزيرة وضروبها جَمَّة كثيرة ، يقصر عنها القول وإن كان بالغاً ، ويتقلّص عنها ذيله وإن كان سابغاً. وقد سبقت لي ـ ولله الحمد ـ مجموعات تشتمل على أكثرها ، وتنطوي على غررها ، وفيها لمن رام الوقوف عليها مَقْنَع وبلاغ ، وعما عداها من جميع المصنفات غُنْية وفراغ ، لاشتمالها على عُظْمِهَا مُتَحَقِّقَاً وتأديته إلى متأمِّله متّسقاً. غير أن الرغبات اليوم عن علوم القرآن صادِفةٌ كاذبة فيها ، قد عجزت قُوَى الملام عن تلافيها ، فآل الأمر بنا إلى إفادة المبتدءين بعلوم الكتاب ، إبانةَ ما أُنزل فيه من الأسباب. إذ هي أوفى ما يجب الوقوف عليها ، وأولى ما تُصْرَف العناية إليها ، لامتناع معرفة تفسير الآية وقصد سبيلها ، دون الوقوف على قصتها وبيان نزولها.

ولا يحل القول في أسباب نزول الكتاب ، إلا بالرواية والسماع ممن شاهدوا التنزيل ووقفوا على الأسباب ، وبحثوا عن علمها وجدّوا في الطِّلاب.

وقد ورد الشرع بالوعيد للجاهل ذي العِثَار ، في هذا العلم بالنار.

أخبرنا أبو إبراهيم إسماعيل بن إبراهيم الواعظ ، أخبرنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن حامد العطار ، حدثنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار ، حدثنا ليث بن حماد ، حدثنا أبو عَوَانة ، عن عبد الأعلى ، عن سعيد بن جُبَير ، عن ابن عباس قال :

قال رسول الله ،صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «اتقوا الحديث [عني] إلا ما علمتم ، فإنه من كذب

١٠

عليّ متعمداً فَلْيَتَبَوَّأْ مقعده من النار ، ومن كذب علَى القرآن من غير علم فليتبوأ مقعده من النار»(١) .

والسلف الماضون ،رحمهم‌الله ، كانوا في أبعد الغاية احترازاً عن القول في نزول الآية.

أخبرنا أبو نصر أحمد بن عُبيد الله المخلدي ، أخبرنا أبو عمرو بن نُجَيد ، أخبرنا أبو مسلم ، حدثنا عبد الرحمن بن حماد ، حدثنا ابن عَوْن ، عن محمد بن سيرين قال :

سألت عبيدَة عن آية من القرآن فقال : اتق الله وقل سداداً ، ذهب الذين يعلمون فيما أنزل القرآن.

وأما اليوم فكل أحد يخترع شيئاً ويختلق إفْكاً وكذباً. مُلْقياً زمامه إلى الجهالة ، غير مفكر في الوعيد للجاهل بسبب [نزول] الآية. وذلك الذي حدا بي إلى إملاء هذا الكتاب ، الجامع للأسباب ، لينتهي إليه طالبوا هذا الشأن والمتكلمون في نزول [هذا] القرآن ، فيعرفوا الصدق ، ويستغنوا عن التمويه والكذب ، ويَجِدُّوا في تحفظه بعد السماع والطلب.

ولا بد من القول أولاً في مبادئ الوحي ، وكيفية نزول القرآن ابتداء على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وتَعَهُّد جبريل إياه بالتنزيل ، والكشف عن تلك الأحوال ، والقول فيها على طريق الإجمال.

ثم نَفْرُغ للقول مفصلاً في سبب نزول كل آية رُوِي لها سبب مقول ، مرويّ منقول. والله تعالى الموفق للصواب والسَّدَاد ، والآخذ بنا عن العَاثُور إلى الجَدَد.

__________________

[١] إسناده ضعيف : في إسناده عبد الأعلى بن عامر الثعلبي ضعيف ذكره ابن حبان في المجروحين [٢ / ١٥٥].

والحديث أخرجه أحمد في مسنده (١ / ٢٩٣ ، ٣٢٣) والطبراني في الكبير [ج ١٢ / ٣٥ ـ رقم ١٢٣٩٣] والترمذي (٢٩٥١) كلهم من طريق أبي عوانة به وقال الترمذي حسن وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (١ / ١٤٧) وقال : فيه عبد الأعلى والأكثر على تضعيفه.

١١

[١]

القولُ في أول ما نزل من القرآن

١ ـ أخبرنا أبو إسحاق أحمد بن إبراهيم المُقْري ، أخبرنا عبد الله بن حامد الأصفهاني ، أخبرنا أحمد بن محمد بن الحسن الحافظ ، حدَّثنا محمد بن يحيى ، حدَّثنا عبد الرزاق ، عن مَعْمَرٍ ، عن ابن شهاب الزُّهرِي ، أخبرني عروة عن عائشةرضي‌الله‌عنها ، أنها قالت :

«أول ما بُدِيَءَ به رسول الله ـصلى‌الله‌عليه‌وسلم من الوحي الرؤيا الصادقة في النوم ، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثلَ فَلَق الصبح ، ثم حُبِّب إليه الخلاء ، فكان يأتي حِرَاء فَيَتَحَنَّثُ فيه ـ وهو التعبد ـ اللياليَ ذوات العدد ، ويتزود لذلك. ثم يرجع إلى خديجة فيتزود لمثلها ، حتى فَجَأه الحق وهو في غار حراء ، فجاءه الملك فقال :

__________________

[١] حديث صحيح : أخرجه البخاري في كتاب التفسير (٤٩٥٦) مختصراً باب قوله تعالى( اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ ) وأخرجه في كتاب التعبير (٦٩٨٢) بتمامه باب أول ما بُدئ به رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم من الوحي الرؤيا الصادقة.

وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان (٢٥٣ / ١٦٠ ـ ص ١٤٢) باب بدء الوحي إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

وأخرجه الحاكم في المستدرك (٣ / ١٨٣) وقال : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. وقد فاته أنهما أخرجاه حيث إنه قد أخرجه من طريق معمر به.

وأخرجه أبو عوانة في مسنده (١ / ١١٠) والبغوي في شرح السنة (١٣ / ٣١٦ ـ ٣١٧) من طريق الزهري به. وأخرجه البيهقي في السنن (٩ / ٦).

وزاد السيوطي نسبته في الدر (٦ / ٣٦٨) لعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن الأنباري في المصاحف وابن مردويه.

١٢

اقرأ. فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : فقلت [له] : ما أنا بقارئ. قال : فأخذني فغطّني حتى بلغ مني الجهد ، ثم أرسلني فقال : اقرأ فقلت : ما أنا بقارئ. فأخذني فغطّني الثانية حتى بلغ مني الجهد ، ثم أرسلني فقال : اقْرَأْ فقلت : ما أنا بقارئ ، فأخذني فغطّني الثالثة حتى بلغ مني الجهد ، فقال :( اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ) حتى بلغ( ما لَمْ يَعْلَمْ ) فرجع بها تَرْجُف بَوَادِرُهُ حتى دخل على خديجةرضي‌الله‌عنها فقال : زَمِّلُوني. فزَمّلُوه حتى ذهب عنه الرّوع ، فقال : يا خديجة! ما لي؟ فأخبرها الخبر وقال : قد خَشِيت عليّ ، فقالت له : كلا ، أبشر فو الله لا يخزيك الله أبداً ، إنك لتصل الرحم ، وتصدق الحديث ، وتحمل الكَلَّ ، وتقري الضيف ، وتعين على نوائب الحق».

رواه البخاري عن يحيى بن بُكَير.

ورواه مسلم عن محمد بن رافع ، كلاهما عن عبد الرزاق.

٢ ـ أخبرنا الشريف إسماعيل بن الحسن بن محمد بن الحسين الطبري ، أخبرنا جدي [حدَّثنا] أبو حامد أحمد بن الحسن الحافظ ، حدَّثنا عبد الرحمن بن بشر ، حدَّثنا سفيان بن عيينة ، عن محمد بن إسحاق ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة قالت :

إن أولَ ما نزل من القرآن :( اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ) .

رواه الحاكم أبو عبد الله في صحيحه ، عن أبي بكر الصَّبْغِي ، عن بشر بن موسى ، عن الحميدي ، عن سفيان.

٣ ـ أخبرنا أحمد بن محمد بن إبراهيم المقري ، أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد بن الجرجانيّ ، حدَّثنا نصر بن محمد الحافظ ، أخبرنا محمد بن مخلد : أن محمد ابن إسحاق حدثهم : حدَّثنا يعقوب الدَّوْرَقي ، حدَّثنا أحمد بن نصر بن زياد ، حدَّثنا

__________________

[٢] صحيح : أخرجه الحاكم في المستدرك (٢ / ٥٢٩) من طريق سفيان به وقال : هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ووافقه الذهبي. وأخرجه البيهقي في دلائل النبوة (٢ / ١٥٥) وعزاه في الدر (٦ / ٣٦٨) لابن جرير والحاكم وابن مردويه والبيهقي.

[٣] مرسل.

١٣

علي بن الحسين بن واقد ، حدَّثني أبي ، حدَّثني يزيدُ النحوي ، عن عكرمةَ والحسن قالا :

أول ما نزل من القرآن( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) .

فهو أول ما نزل من القرآن بمكة ، وأول سورة( اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ ) .

٤ ـ أخبرنا الحسن بن محمد الفارسي ، أخبرنا محمد بن عبد الله بن الفضل التاجر ، حدَّثنا أحمد بن محمد بن الحسن الحافظ ، حدَّثنا محمد بن يحيى ، حدَّثنا أبو صالح ، حدَّثني الليث ، حدَّثني عقيل ، عن ابن شهاب ، حدَّثني محمد بن عباد بن جعفر المخزومي : أنه سمع بعض علمائهم يقول : كان أولُ ما أنزل الله على رسوله ـصلى‌الله‌عليه‌وسلم ( اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ* خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ* اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ* الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ* عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ ) فقالوا : هذا صدرها [الذي] أنزل على رسول الله ـصلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ يوم حراء ، ثم أُنزل آخرها بعد ذلك بما شاء الله.

وأما الحديث الصحيح الذي روى أن أول ما نزل سورة «المدثر» ، فهو ما.

٥ ـ أخبرناه الأستاذ أبو إسحاق الثعالبي ، أخبرنا عبد الله بن حامد : حدَّثنا محمد بن يعقوب ، حدَّثنا أحمد بن عيسى بن زيد التِّنيسي ، حدَّثنا عمرو بن أبي سلمة ، عن الأوزاعي ، حدَّثني يحيى بن أبي كثير قال :

__________________

[٤] يتفق هذا الأثر مع حديث عائشةرضي‌الله‌عنها السابق رقم (٢) وعزاه في الدر (٦ / ٣٦٨) للبيهقي في الدلائل.

[٥] صحيح : أخرجه البخاري في بدء الوحي (٤) باب كيف كان بدء الوحي إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وأخرجه في كتاب بدء الخلق (٣٢٣٨) ، وأخرجه في كتاب التفسير (٤٩٢٢ ـ ٤٩٢٦) و (٤٩٥٤).

وأخرجه في كتاب الأدب (٦٢١٤).

وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان (٢٥٧ / ١٦١) ص ١٤٤.

وأخرجه الترمذي في التفسير (٣٣٢٥) وقال : هذا حديث حسن صحيح.

وأخرجه النسائي في التفسير (٦٥٢) ، تحفة الأشراف (٣١٥٢).

وأخرجه أحمد في مسنده (٣ / ٣٩٢) من طريق يحيى بن كثير به.

وأخرجه الطبري في تفسيره (٢٩ / ٩٠) أول سورة المدثر.

وأخرجه البيهقي في الدلائل (٢ / ١٥٥ ، ١٥٦) من طريق الأوزاعي.

والبيهقي في السنن (٧ / ٥١) و (٩ / ٦) من طريق ابن شهاب به.

١٤

سألت أبا سلمةَ بنَ عبد الرحمن : أيُّ القرآن أنزل قبل؟ قال :( يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ ) قلت : أو( اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ ) ؟ قال : سألتُ جابرَ بن عبد الله الأنصاري : أيُّ القرآن أنزل قبل؟ قال :( يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ ) قال : قلت : أو( اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ ) ؟ قال جابر : أحدثكم ما حدَّثنا رسول الله ـصلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ قال رسول الله ـصلى‌الله‌عليه‌وسلم : إني جاورت بحراء شهراً ، فلما قضيت جواري نزلت فاسْتَبْطَنْتُ بطن الوادي ، فنوديت فنظرت أمامي وخلفي وعن يميني وعن شمالي ، ثم نظرت إلى السماء فإذا هو على العرش في الهواء ـ يعني جبريل ـ فأخذتني رجفة. فأتيت خديجة فأمرتهم فدثروني ثم صبوا عليّ الماء ، فأنزل اللهعزوجل عليّ :( يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ* قُمْ فَأَنْذِرْ ) . رواه مسلم عن زهير بن حرب ، عن الوليد بن مسلم ، عن الأوزاعي.

وهذا ليس بمخالف لما ذكرناه أوّلاً ، وذلك : أن جابراً سمع من النبي ـصلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ [هذه] القصة الأخيرة ولم يسمع أولها ، فتوهم أن سورة المدثر أولُ ما نزل ، وليس كذلك ، ولكنها أول ما نزل عليه بعد سورة «اقرأ».

والذي يدل على هذا.

٦ ـ ما أخبرنا أبو عبد الرحمن بن [أبي] حامد ، أخبرنا محمد بن عبد الله بن محمد بن زكريا ، أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الدَّغُوليّ ، حدَّثنا محمد بن يحيى ، حدَّثنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر ، عن الزهري ، قال : أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن ، عن جابر قال :

سمعت رسول الله ـصلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ وهو يحدث عن فترة الوحي ـ فقال في حديثه : فَبَيْنَا أنا أمشي سمعت صوتاً من السماء فرفعت رأسي فإذا الملك الذي جاءني بحراء جالس على كرسي بين السماء والأرض ، فَجَثثتُ منه رعباً ، فرجعت ، فقلت : زملوني زملوني ، فَدَثَّرُوني ، فأنزل الله تعالى( يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ ) .

رواه البخاري عن عبد الله بن محمد.

ورواه مسلم عن محمد بن رافع ، كلاهما عن عبد الرزاق.

__________________

[٦] انظر الحديث السابق.

١٥

فبان بهذا الحديث أن الوحي كان قد فتر بعد نزول( اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ ) ثم نزل( يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ ) . والذي يوضح ما قلنا إخبار النبي ـصلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ أن الملك الذي جاء بحراء جالس ، فدل على أن هذه القصة إنما كانت بعد نزول اقرأ.

٧ ـ أخبرنا أبو إسحاق أحمد بن محمد المقري ، أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد المقري حدَّثنا أبو الشيخ ، حدَّثنا أحمد بن سليمان بن أيوب ، حدَّثنا محمد بن علي بن الحسن بن شقيق ، حدَّثنا علي بن الحسين بن واقد ، حدَّثني أبي ، قال : سمعت علي بن الحسين يقول :

أول سورة نزلت على رسول الله ـصلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ بمكة :( اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ ) .

وآخر سورة أنزلت على رسول الله ـصلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ بمكة : «المؤمنون». ويقال : «العنكبوت».

وأول سورة نزلت بالمدينة :( وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ ) وآخر سورة نزلت في المدينة : «براءة».

وأول سورة أعلنها رسول الله ـصلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ بمكة : «والنجم».

وأشدّ آية على أهل النار :( فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذاباً ) .

وأرجى آية في القرآن لأهل التوحيد :( إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ ) الآية.

وآخر آية نزلت على رسول الله ـصلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ :( وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ ) ، وعاش النبي ـصلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ بعدها تسع ليال.

[٢]

القولُ في آخر ما نزل من القرآن

٨ ـ أخبرنا أبو إبراهيم إسماعيل بن إبراهيم الواعظ ، وحدَّثنا محمد [بن

__________________

[٧] مرسل.

[٨] صحيح : أخرجه البخاري في كتاب التفسير (٤٦٠٥ ـ ٤٦٥٤)

١٦

إبراهيم بن محمد بن يحيى قالا] : أخبرنا أبو عمرو بن مطر ، أخبرنا أبو خليفة الفضل بن الحُباب الجُمَحِي ، حدَّثنا أبو الوليد ، حدَّثنا شعبة ، حدَّثنا أبو إسحاق قال : سمعت البراء بن عازب يقول :

آخر آية نزلت :( يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ ) ، وآخر سورة نزلت : «براءة». رواه البخاري في التفسير عن سليمان بن حرب ، عن شعبة ، ورواه في موضع آخر عن أبي الوليد ، ورواه مسلم عن بُنْدار ، عن غُنْدَر ، عن شعبة.

٩ ـ أخبرنا أبو بكر التَّميمي ، أخبرنا أبو محمد الحَيَّاني ، حدَّثنا أبو يحيى الرازي ، حدَّثنا سهل بن عثمان ، حدَّثنا [عبد الله] بن المبارك ، عن جُوَيْبر ، عن الضحاك ، عن ابن عباس ، قال :

آخر آية نزلت :( وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ ) .

٩١ ـ م ـ [وأخبرنا أبو بكر ، أخبرنا أبو محمد ، حدَّثنا أبو يحيى ، حدَّثنا سهل بن عثمان. حدَّثنا يحيى بن أبي زائدة ، عن مالك بن مغول ، سمعت عطية العوفي يقول : آخر آية نزلت( وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ ) ]

١٠ ـ أخبرنا محمد بن عبد الرحمن النحوي ، أخبرنا محمد بن أحمد بن

__________________

وأخرجه مسلم في كتاب الفرائض (١١ / ١٦١٨) ص ١٢٣٦ وأبو داود في الفرائض (٢٨٨٨).

والنسائي في التفسير (١٥٣) و (٢٣٢) تحفة (١٨٧٠).

والطبري في تفسيره (٦ / ٢٩) من طريق إسرائيل عن أبي إسحاق به.

[٩] إسناده ضعيف جداً : جويبر بن سعيد ضعيف ، له ترجمة في ميزان الاعتدال (١ / ٤٢٧) ترجمة رقم ١٥٩٣ ، قال ابن معين : ليس بشيء وقال الجوزجاني لا يشتغل به وقال النسائي والدارقطني وغيرهما : متروك الحديث.

والضحاك لم يسمع من ابن عباس.

ولكن أثر بن عباس له شاهد بإسناد صحيح أخرجه النسائي في التفسير رقم (٧٧) وابن جرير (٣ / ٧٦) والبيهقي في الدلائل (٧ / ١٣٧) من طريق يزيد النحوي عن عكرمة عن ابن عباس وأخرجه الطبراني في الكبير من نفس الطريق (١٢٠٤٠)

[٩] م عطية العوفي : ضعيف ، قال الحافظ في التقريب : صدوق يخطئ كثيراً وكان شيعياً مدلساً.

[١٠] إسناده ضعيف جداً : محمد بن السائب الكلبي متهم بالكذب جاء في ترجمته في ميزان الاعتدال :

١٧

سنان المقري ، أخبرنا أحمد بن علي الموصلي ، أخبرنا أحمد بن الأحمس ، حدَّثنا محمد بن فضَيْل ، حدَّثنا الكلبي ، عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله :( وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ ) ، قال :

ذكروا أن هذه الآية وآخر آية من سورة «النساء» نزلنا آخر القرآن.

١١ ـ أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم الصوفي ، أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن يعقوب ، حدَّثنا الحسن بن عبد الله العبدي ، حدَّثنا مسلم بن إبراهيم ، حدَّثنا شُعْبة ، عن علي بن زيد ، عن يوسف بن مِهْرَان ، عن ابن عباس ، عن أبيّ بن كعب أنه قال :

آخر آية أنزلت على عهد رسول الله ـصلى‌الله‌عليه‌وسلم :( لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ ) ، وقرأها إلى آخر السورة.

__________________

وقال سفيان : قال الكلبي قال لي أبو صالح انظر كل شيء رويت عني عن ابن عباس فلا تروه ـ وعن سفيان قال لي الكلبي : كل ما حدثتك عن أبي صالح فهو كذب ، وقال أحمد بن زهير : قلت لأحمد بن حنبل : يحل النظر في تفسير الكلبي قال : لا.

وقال ابن حبان : يروي عن أبي صالح عن ابن عباس التفسير وأبو صالح لم ير ابن عباس ولا سمع الكلبي من أبي صالح إلا الحرف بعد الحرف.

[١١] إسناده حسن : علي بن زيد بن جُدعان اختلف فيه.

قال الهيثمي في المجمع (١ / ١٠٦ ، ٢٦٩ ، ٣١٤) : اختلف في الاحتجاج به.

وقال في المجمع (٣ / ١٧) : فيه كلام وهو موثق.

وقال في المجمع (٤ / ١١٦ ، ٢٧٣) : ضعيف وقد وثق.

وقد أخرجه الحاكم في المستدرك (٢ / ٣٣٨) من طريق يونس بن عبيد وعلي بن زيد عن يوسف ابن مهران وصححه ووافقه الذهبي.

وأخرجه عبد الله في زوائد المسند (٥ / ١١٧) وابن جرير في تفسيره (١١ / ٥٧) من طريق علي بن زيد به.

وقال الهيثمي في المجمع (٧ / ٨٤) : رواه عبد الله بن أحمد والطبراني وفيه علي بن زيد بن جدعان وهو ثقة سيِّئ الحفظ.

وأخرجه البيهقي في الدلائل (٧ / ١٣٩).

وزاد السيوطي نسبته في الدر (٣ / ٢٩٥) لابن أبي شيبة وإسحاق بن راهويه وابن منيع في مسنده وابن المنذر وأبي الشيخ وابن مردويه.

١٨

رواه الحاكم أبو عبد الله في صحيحه ، عن الأصم ، عن بكَّار بن قتيبة ، عن أبي عامر العقدي ، عن شعبة.

١٢ ـ أخبرنا أبو عمرو محمد بن [عبد] العزيز في كتابه : أن محمد بن الحسين الحدّادي أخبرهم عن محمد بن يزيد ، حدَّثنا إسحاق بن إبراهيم ، حدَّثنا وكيع ، عن شعبة ، عن علي بن يزيد ، عن يوسف بن مَاهَك ، عن أُبَي بن كعب قال :

أحْدَثُ القرآن بالله عهداً :( لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ ) الآية. وأول يوم أنزل [القرآن] فيه يوم الاثنين.

١٣ ـ أخبرنا أبو إسحاق الثعالبي ، أخبرنا محمد بن عبد الله بن زكريا الشيباني ، أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الدَّغُولي ، أخبرنا ابن أبي خيثمة ، حدَّثنا موسى بن إسماعيل ، حدَّثنا مهدي بن ميمون ، حدَّثنا غيلان بن جرير ، عن عبد الله بن مَعْبَد الزَّمَّاني عن أبي قتادة : أن رجلاً قال لرسول الله : أرأيت صوم يوم الاثنين. قال : فيه أنزل عليَّ القرآن.

وأول شهر أنزل فيه القرآن : شهر رمضان ، قال الله تعالى ذكره :( شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ ) .

١٤ ـ أخبرنا عبد الرحمن بن حمدان النَّصْرُوي ، قال : أخبرنا أبو محمد

__________________

[١٢] في إسناده انقطاع ، قال المزي في تهذيب الكمال في ترجمة يوسف بن ماهك : روى عن أُبي بن كعب مرسلاً. وانظر الأثر السابق.

[١٣] إسناده صحيح : أخرجه مسلم في كتاب الصيام (١٩٨ / ١١٦٢) ص ٨٢٠ بلفظ : أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم سُئل عن صوم يوم الاثنين فقال فيه ولدت وفيه أُنزل عليَّ. وأخرجه أحمد في مسنده (٥ / ٢٩٩) بنفس اللفظ. وعزاه المزي في تحفة الأشراف (١٢١١٨) لمسلم والنسائي في الصيام في الكبرى.

[١٤] إسناده حسن : عمران بن داود القطان مختلف في الاحتجاج به ، قال الذهبي في الميزان : ضعفه النسائي وأبو داود. وفي ترجمته في تهذيب التهذيب قال البخاري : صدوق يهم.

والحديث أخرجه أحمد في مسنده (٤ / ١٠٧) وابن جرير (٢ / ٨٤).

والبيهقي في السنن الكبرى (٩ / ١٨٨)

١٩

عبد الله بن إبراهيم بن مَاسِي ، حدَّثنا أبو مسلم إبراهيم بن عبد الله ، حدَّثنا عبد الله بن رجاء بن الهيثم الغُدَاني ، حدَّثنا عمران ، عن قتادة ، عن أبي المليح ، عن وَاثِلَة : أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم قال :

نزلت صحف إبراهيم أول ليلة من رمضان ، وأنزلت التوراة لست مضيْن من رمضان ، وأنزل الإنجيل لثلاث عشرة خلت من شهر رمضان ، وأنزل الزبور لثمان عشرة خلت من رمضان ، وأنزل القرآن لأربع وعشرين خلت من رمضان.

[٣]

القولُ في آية التسمية وبيان نزولها

١٥ ـ أخبرنا أحمد بن محمد بن إبراهيم المقري ، أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد الجرجاني ، أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الرحمن الجوهري ، حدَّثنا محمد بن يحيى بن مَنْدَه ، حدَّثنا أبو كُرَيْب ، حدَّثنا عثمان بن سعيد ، حدَّثنا بشر بن عمارة عن أبي رَوْق ، عن الضحاك عن ابن عباس ، أنه قال :

أول ما نزل به جبريل على النبي ـصلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ قال : يا محمد استعذ ، ثم قل :( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) .

١٦ ـ أخبرنا أبو عبد الله بن [أبي] إسحاق ، حدَّثنا إسماعيل بن أحمد

__________________

والبيهقي في الأسماء والصفات (١ / ٣٦٧).

وأخرجه الطبراني في الكبير (ج ٢٢ / ٧٥ ـ رقم ١٨٥).

وقال الهيثمي في المجمع (١ / ١٩٧) رواه أحمد والطبراني في الكبير والأوسط وفيه عمران القطان ضعفه يحيى ووثقه ابن حبان وقال أحمد : أرجو أن يكون صالح الحديث وبقية رجاله ثقات.

وزاد السيوطي نسبته في الدر (١ / ١٨٩) لمحمد بن نصر والبيهقي في شعب الإيمان والأصبهاني في الترغيب.

[١٥] إسناده ضعيف : بشر بن عمارة : قال الحافظ في التقريب : ضعيف [تقريب ١ ١٠٠] ، المجروحين [١ / ١٨٨] ، الميزان [١ / ٢٣١].

وفيه انقطاع : الضحاك لم يسمع من ابن عباس ، [انظر ترجمة الضحاك في تهذيب الكمال للمزي].

[١٦] إسناده صحيح ، أخرجه أبو داود في الصلاة (٧٨٨) والحاكم في المستدرك (١ / ٢٣١) وصححه ووافقه الذهبي.

٢٠

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

وقال ابن سيرين : الجنس الواحد هو العلّة(١) .

وليس بصحيح ؛ لأنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أمر أن يؤخذ البعير بالبعيرين لـمّا أنفذ بعض الجيوش وقد نفدت الإبل(٢) .

وهذا البحث ساقط عنّا ؛ لأنّا نعتبر النصّ لا القياس ، فمهما دلّ على شي‌ء عملنا به ، وقد سُئل الصادقعليه‌السلام عن البيضة بالبيضتين ، قال : « لا بأس به » والثوب بالثوبين ، قال : « لا بأس به » والفرس بالفرسين ، فقال : « لا بأس به » ثمّ قال : « كلّ شي‌ء يُكال أو يُوزن فلا يصلح مِثْلين بمِثْلٍ إذا كان من جنسٍ واحد ، فإذا كان لا يُكال ولا يُوزن ولا يوزن فليس به بأس اثنين بواحد »(٣) .

مسألة ٧٦ : قد بيّنّا أنّ كلّ مكيل أو موزون يجري فيه الربا مع الشرائط سواء اُكل أو لا.

أمّا الشافعي حيث علّل بالطعم اعتبره ، فكلّ موضع لا يثبت فيه الطعم لا يثبت فيه الربا إلّا النقدين.

ولا فرق عنده بين أن يُؤكل للتداوي ، كالهليلج والسقمونيا وغيرهما ، وبين ما يؤكل لسائر الأغراض.

وقسّم المطعومات إلى أربعة : ضرْب يؤكل قوتاً ، وآخر يؤكل تأدّماً ، وثالث يؤكل تفكّهاً ، ورابع يؤكل تداوياً. ويجري الربا في ذلك كلّه لا في مأكول الدوابّ ، كالقضب والحشيش والنوى(٤) .

وحُكي وجهٌ للشافعيّة : أنّ ما يهلك كثيره ويستعمل قليله في الأدوية‌

____________________

(١) المجموع ٩ : ٤٠٠ ، حلية العلماء ٤ : ١٥٢ ، الحاوي الكبير ٥ : ٨٣ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٢. المغني والشرح الكبير ٤ : ١٣٨.

(٢) علل الحديث ١ : ٣٩٠ / ١١٦٧ ، سنن البيهقي ٥ : ٢٨٧.

(٣) التهذيب ٧ : ١١٩ / ٥١٧ ، الاستبصار ٣ : ١٠١ / ٣٥١.

(٤) المجموع ٩ : ٣٩٧ و ٣٩٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٢ و ٧٣.

١٤١

- كالسقمونيا - لا يجري فيه الربا(١) .

وفي الزعفران عندهم وجهان :

أصحّهما : جريان الربا فيه ؛ لأنّ المقصود الأظهر منه الأكل تنعّماً أو تداوياً إلّا أنّه يمزج بغيره.

والثاني : لا يجري ؛ لأنّه يقصد منه الصبغ واللون(٢) ، وهو قول القاضي أبي حامد(٣) .

والطين الخراساني لا يُعدّ مأكولاً ، ويُسفَّه آكِلُه - وإنّما يأكله قومٌ لعارضٍ بهم - ولو كان مستطاباً ؛ لاشتراك الكلّ في استطابته ، وقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لعائشة : « لا تأكلي الطين فإنّه يُصفّر اللون »(٤) ويجري آكل ذلك مجرى من يأكل التراب والخزف ، فإنّ من الممكن من يأكل ذلك ، فلا ربا فيه.

وعند بعضهم أنّه ربويّ(٥) .

والأرمني دواء ، كالهليلج.

وفيه وجه آخر لهم : أنّه لا ربا فيه ، كسائر أنواع الطين(٦) ، وهو قول القاضي ابن كج(٧) .

وأمّا دهن البنفسج والورد واللبان ففيه لهم وجهان ، أحدهما : ثبوت الربا ؛ لأنّها متّخذة من السمسم اكتسبت رائحة من غيره ، وإنّما لا يؤكل في‌

____________________

(١) المجموع ٩ : ٣٩٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٣.

(٢) المجموع ٩ : ٣٩٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٥ ، حلية العلماء ٤ : ١٥٠ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٠٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٢ - ٧٣.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٣.

(٤) كما في المغني ٤ : ١٣٩.

(٥و٦) المجموع ٩ : ٣٩٨ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٣.

(٧) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٣.

١٤٢

العادة ضنّاً بها(١) .

وفي دهن الكتّان وجهان عندهم ، أصحّهما : أنّه ليس بربويّ ؛ لأنّه لا يُعدّ للأكل(٢) .

وكذا دهن السمك ؛ لأنّه يُعدّ للاستصباح وتدهين السُّفُن لا للأكل(٣) .

وفي وجهٍ : أنّه مال ربا ؛ لأنّه جزء من السمك(٤) .

وفي حبّ الكتّان وجهان(٥) ، وكذا في ماء الورد(٦) .

ولا ربا عندهم في العُود والمصطكي(٧) .

وأمّا الماء ففي صحّة بيعه وثبوت الملك فيه وجهان ، فعلى الجديد فيه وجهان أيضاً :

أصحّهما : أنّه ربويّ ؛ لأنّه مطعوم ، لقوله تعالى :( وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي ) (٨) .

والثاني : لا ربا فيه ؛ لأنّه ليس مأكولاً(٩) .

____________________

(١) المجموع ٩ : ٣٩٨ - ٣٩٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٥ ، الوسيط ٣ : ٤٩ و ٥٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٣.

(٢) المجموع ٩ : ٣٩٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٥ ، الوسيط ٣ : ٤٩ ، العزيز شرح الوجيز ٣ : ٧٣.

(٣ و٤ ) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٧٨ ، المجموع ٩ : ٣٩٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٥ ، حلية العلماء ٤ : ١٥٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٣ ، الوسيط ٣ : ٤٩.

(٤) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٧٨ ، المجموع ٩ : ٣٩٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٥ ، حلية العلماء ٤ : ١٥٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٣ ، الوسيط ٣ : ٤٩.

(٥) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٧٨ ، المجموع ٩ : ٣٩٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٥ ، حلية العلماء ٤ : ١٥٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٣.

(٦) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٥.

(٧) كما في العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٣.

(٨) البقرة : ٢٤٩.

(٩) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٧٨ ، المجموع ٩ : ٣٩٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٦ ، حلية العلماء ٤ : ١٤٩ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٣ - ٧٤.

١٤٣

ولا ربا في الحيوان ؛ لأنّه لا يؤكل على هيئته ، وما يُباح أكله على هيئته كالسمك الصغير على وجهٍ يجري فيه الربا(١) .

والحقّ عندنا في ذلك كلّه ثبوت الربا في كلّ مكيل أو موزون ، سواء كان مأكولاً أو لا. والسمك يوزن ، فيجري فيه الربا مطلقاً.

مسألة ٧٧ : إذا بِيع مالٌ بمالٍ فأقسامه ثلاثة :

الأوّل : أن لا يكون شي‌ء منهما ربويّاً.

الثاني : أن يكون أحدهما ربويّاً دون الآخر.

الثالث : أن يكونا ربويّين.

فالأوّل لا يجب فيه رعاية التماثل قدراً ولا الحلول ولا التقابض في المجلس ، اتّحدا جنساً أو لا ، فيجوز بيع ثوبٍ بثوبين ، وعبد بعبدين ، ودابّة بدابّتين ، وبيع ثوبٍ بعبد وعبدين نقداً ونسيئةً ، عند علمائنا أجمع - وبه قال الشافعي(٢) - لأنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أمر عبد الله بن عمرو بن العاص أن يشتري بعيراً ببعيرين إلى أجل(٣) .

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام وقد سأله منصور بن حازم عن الشاة بالشاتين والبيضة بالبيضتين ، قال : « لا بأس به ما لم يكن فيه كيل ولا وزن »(٤) .

وسأل منصورُ بن حازم الصادقَعليه‌السلام عن البيضة بالبيضتين ، قال : « لا بأس به » والثوب بالثوبين ، قال : « لا بأس به » والفرس بالفرسين ، فقال :

____________________

(١) المجموع ٩ : ٣٩٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٦ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٤.

(٢) المجموع ٩ : ٤٠٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٦ - ٤٧ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٥.

(٣) سنن أبي داوُد ٣ : ٢٥٠ / ٣٣٥٧ ، سنن الدار قطني ٣ : ٦٩ / ٢٦١ ، سنن البيهقي ٥ : ٢٨٧ ، المستدرك - للحاكم - ٢ : ٥٦ - ٥٧.

(٤) التهذيب ٧ : ١١٨ / ٥١٣ ، الاستبصار ٣ : ١٠٠ - ١٠١ / ٣٤٩.

١٤٤

« لا بأس به » ثمّ قال : « كلّ شي‌ء يُكال أو يُوزن فلا يصلح مِثْلين بمِثْلٍ إذا كان من جنسٍ واحد ، فإذا كان لا يُكال ولا يُوزن فليس به بأس اثنين بواحد »(١) .

وعن الباقرعليه‌السلام : « لا بأس بالثوب بالثوبين »(٢) .

وقال أبو حنيفة : لا يجوز إسلاف الشي‌ء في جنسه(٣) . فلا يجوز بيع فرس بفرسين سلفاً ولا نسيئةً ، بل يجب التقابض في المجلس عنده ، وهو إحدى الروايات عن أحمد ؛ لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله نهى عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة(٤) . ولأنّ الجنس أحد وصفَي علّة تحريم التفاضل ، فيحرم فيه النسأ، كالوصف الآخر(٥) .

وتُحمل الرواية على النساء في الطرفين ، أو على أنّ النهي للتنزيه نهي كراهة لا نهي تحريم. والربا عندنا يثبت لا لعلّة ، بل للنصّ على ثبوته في كلّ مكيل أو موزون ، وإباحة التفاضل فيما عداهما ، على أنّه منقوض بإسلاف الدراهم في الحديد.

وقال مالك : يجوز إسلاف أحد الشيئين في مثله متساوياً لا متفاضلاً.

ولا يجوز بيع حيوان بحيوانين من جنسه بصفة يقصد بهما أمراً واحداً إمّا الذبح أو غيره ؛ لأنّ الغرض إذا كان بهما سواء ، كان بيع الواحد باثنين نسيئةً ذريعةً إلى الربا(٦) .

____________________

(١) التهذيب ٧ : ١١٩ / ٥١٧ ، الاستبصار ٣ : ١٠١ / ٣٥١.

(٢) التهذيب ٧ : ١١٩ / ٥١٨.

(٣) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٤٢ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٦.

(٤) سنن أبي داوُد ٣ : ٢٥٠ / ٣٣٥٦ ، سنن ابن ماجة ٢ : ٧٦٣ / ٢٢٧٠ ، سنن الترمذي ٣ : ٥٣٨ / ١٢٣٧ ، سنن البيهقي ٥ : ٢٨٨ - ٢٨٩ ، سنن الدارمي ٢ : ٢٥٤ ، المعجم الكبير - للطبراني - ٧ : ٢٤٧ / ٦٨٤٧ ، و ٢٤٨ / ٦٨٥١ ، و ٢٧٣ / ٦٩٤٠.

(٥) المغني ٤ : ١٤٣ ، الشرح الكبير ٤ : ١٧٩ ، الكافي في فقه الإمام أحمد ٢ : ٣٩.

(٦) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٦ ، حلية العلماء ٤ : ١٥٥.

١٤٥

ويبطل بقولهعليه‌السلام : « إذا اختلف الجنسان فبِيعوا كيف شئتم »(١) .

الثاني : أن يكون أحدهما ربويّاً دون الآخر ، كبيع ثوبٍ بدراهم أو دنانير ، أو بيع حيوان بحنطة أو شعير. وحكمه كالأوّل ، فيجوز بيع أحدهما بالآخر - وإن كان أزيد قيمةً منه - نقداً ونسيئةً؛ للإجماع على السلف والنسيئة مع تغاير الثمن - الذي هو أحد النقدين - والمثمن ، إلّا الصرف خاصّةً ، وسيأتي إن شاء الله تعالى.

الثالث كالأوّل عندنا ؛ للإجماع على إسلاف أحد النقدين في البُرّ أو الشعير أو غيرهما من الربويّات والمكيلات ، والنسيئة أيضاً ، وهو قول أبي حنيفة(٢) .

وقال الشافعي : إن اختلفت العلّة فيهما ، كالذهب بالقوت ، فلا تجب رعاية التماثل ولا الحلول ولا التقابض ، فيجوز إسلاف أحد النقدين في البُرّ ، أو بيع الشعير بالذهب نقداً أو نسيئةً.

وإن اتّفقت العلّة ، فإن اتّحد الجنس ، وجب فيه رعاية التماثل والحلول والتقابض في المجلس ، كما لو باع الذهب بالذهب والبُرّ بالبُرّ ، وثبت فيه أنواع الربا الثلاثة - وعندنا لا يجب الثالث إلّا في الصرف - وإن اختلف الجنس ، لم يجب التماثل ، بل الحلول والتقابض في المجلس ؛ لقولهعليه‌السلام : « ولكن بيعوا الذهب بالورق والورق بالذهب والبُرّ بالشعير والشعير بالبُرّ كيف شئتم يداً بيد »(٣) (٤) .

____________________

(١) الجامع لأحكام القرآن ١٠ : ٨٦ ، المغني ٤ : ١٤٦ ، الشرح الكبير ٤ : ١٤٧.

(٢) اُنظر : العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٦.

(٣) سنن البيهقي ٥ : ٢٧٦ ، شرح معاني الآثار ٤ : ٤.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٧ - ٤٨.

١٤٦

والجواب : يحتمل أن يكون التقييد باليد على سبيل الأولويّة ، أو في الصرف.

فروع :

أ - يكره بيع الجنسين المختلفين متفاضلاً نسيئةً ؛ لقول الصادقعليه‌السلام : « ما كان من طعام مختلف أو متاع أو شي‌ء من الأشياء يتفاضل فلا بأس ببيعه مِثْلين بمِثْل يداً بيد ، فأمّا نظرةٌ فلا يصلح »(١) .

وفي الصحيح عن الحلبي عن الصادقعليه‌السلام « ما كان من طعام مختلف أو متاع أو شي‌ء من الأشياء يتفاضل فلا بأس ببيعه مِثْلين بمِثْل يداً بيد ، فأمّا نظرةٌ فإنّه لا يصلح »(٢) .

ب - المصوغ من أحد النقدين لا يجوز بيعه بجنسه‌ من التبر أو المضروب متفاضلاً بل بوزنه وإن كان المصوغ أكثر قيمةً. وكذا الصحيح والمكسّر لا يجوز التفاضل فيهما مع اتّحاد الجنس - وبه قال الشافعي(٣) - لما رواه عطاء بن يسار أنّ معاوية باع سقايةً من ذهب أو ورق بأكثر من وزنها ، فقال أبو الدرداء : سمعت النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ينهى عن مثل هذا إلّا مِثْلاً بمثل ، فقال له معاوية : ما أرى بهذا بأساً ، قال أبو الدرداء : مَنْ يعذرني من هذا ، اُخبره عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ويُخبرني عن رأيه ، والله لا ساكنتك بأرضٍ أنت فيها ، ثمّ قدم أبو الدرداء على عمر فذكر له ذلك ، فكتب عمر إلى معاوية أن لا تبع ذلك إلّا وزناً بوزن مِثْلاً بمِثْلٍ(٤) .

____________________

(١) الكافي ٥ : ١٩١ / ٦ ، التهذيب ٧ : ٩٣ / ٣٩٥.

(٢) التهذيب ٧ : ٩٣ - ٩٤ / ٣٩٦.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٤ ، حلية العلماء ٤ : ١٥٣ ، المغني والشرح الكبير ٤ : ١٤١.

(٤) سنن البيهقي ٥ : ٢٨٠ ، المغني ٤ : ١٤١ ، الشرح الكبير ٤ : ١٤٣.

١٤٧

وقال مالك : يجوز أن يبيعه بقيمته من جنسه(١) . وأنكر أصحابه ذلك ، ونفوه عنه(٢) .

واحتجّ مَنْ أجازه : بأنّ الصنعة لها قيمة ، ولهذا لو أتلفه وجبت قيمته وإن زادت.

والجواب : لا نسلّم أنّ الصنعة تدخل في البيع وإن قوّمت على الغاصب. سلّمنا لكن لا نسلّم أنّه يقوّم بجنسه بل بغير جنسه.

ج - الفلوس يثبت الربا فيها عندنا ؛ لأنّها موزونة ، وبه قال أبو حنيفة(٣) ، وهو وجه ضعيف للشافعيّة ؛ لحصول معنى الثمنيّة(٤) .

وفي الأظهر عندهم : انتفاء الربا ؛ لانتفاء الثمنيّة والطعم ، والوزن والكيل ليسا علّةً عندهم(٥) وقد تقدّم بطلان التعليل.

د - يكره بيع أفراد الجنس الواحد إذا لم يدخله الكيل والوزن متفاضلاً نسيئةً ؛ لقول الباقرعليه‌السلام : « البعير بالبعيرين والدابّة بالدابّتين يداً بيد ليس به بأس »(٦) وهو يدلّ بمفهومه على كراهيّة النسيئة فيه.

ه- لا يشترط التقابض في المجلس مع اتّحاد الجنس واختلافه إلّا في الصرف‌ - وبه قال بعض الشافعيّة(٧) - لأنّهما عينان من غير جنس الأثمان ، فجاز التفرّق فيهما قبل القبض ، كالحديد. نعم ، يشترط الحلول‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٤ ، حلية العلماء ٤ : ١٥٣ ، المغني والشرح الكبير ٤ : ١٤١.

(٢) المصادر في الهامش (١) ما عدا العزيز شرح الوجيز.

(٣) اُنظر : العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٤.

(٤ و ٥) المجموع ٩ : ٣٩٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٦ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٤.

(٦) الكافي ٥ : ١٩٠ / ١ ، الفقيه ٣ : ١٧٧ / ٧٩٧ ، التهذيب ٧ : ١١٨ / ٥١١ ، الاستبصار ٣ : ١٠٠ / ٣٤٧.

(٧) روضة الطالبين ٣ : ٤٧ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٥.

١٤٨

مع الاتّفاق جنساً.

وقال بعض الشافعيّة : إذا كانا ربويّين ، وجب فيهما القبض قبل التفرّق ، كالذهب والفضّة(١) ؛ لقولهعليه‌السلام : « لا تبيعوا الذهب بالذهب ولا الورق بالورق ولا البُرّ بالبُرّ ولا الشعير بالشعير ولا التمر بالتمر ولا الملح بالملح إلّا سواء بسواء عيناً بعين يداً بيد »(٢) .

والجواب : أنّه لا يدلّ على المنع مع عدم التقابض إلّا من حيث المفهوم ، وهو ضعيف.

مسألة ٧٨ : لعلمائنا قولان في أنّ الحنطة والشعير هل هُما جنس واحد أو جنسان؟

والأقوى عندي : الأوّل - وبه قال مالك والليث والحكم وحمّاد(٣) - لأنّ معمر بن عبد الله بعث غلاماً له ومعه صاع من قمح ، فقال : اشتر شعيراً ، فجاءه بصاع وبعض صاع ، فقال له : ردّه ، فإنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله نهى عن بيع الطعام بالطعام إلّا مِثْلاً بمِثْلٍ ، وطعامنا يومئذٍ الشعير(٤) .

ومن طريق الخاصّة : ما رواه الحلبي - في الصحيح - عن الصادقعليه‌السلام ، قال : « لا يصلح الشعير بالحنطة إلّا واحداً بواحد »(٥) .

____________________

(١) روضة الطالبين ٣ : ٤٨ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٦.

(٢) صحيح مسلم ٣ : ١٢١٠ ، ١٥٨٧ ، سنن البيهقي ٥ : ٢٧٦ ، معرفة السنن والآثار ٨ : ٣٣ - ٣٤ ، ١١٠٢١.

(٣) بداية المجتهد ٢ : ١٣٥ ، الحاوي الكبير ٥ : ١١١ ، المغني ٤ : ١٥١ - ١٥٢ ، الشرح الكبير ٤ : ١٤٩ - ١٥٠.

(٤) صحيح مسلم ٣ : ١٢١٤ / ١٥٩٢ ، سنن الدار قطني ٣ : ٢٤ / ٨٣ و ٨٤ ، سنن البيهقي ٥ : ٢٨٣ ، المغني ٤ : ١٥٢ ، الشرح الكبير ٤ : ١٥٠.

(٥) الكافي ٥ : ١٨٩ / ١٢ ، التهذيب ٧ : ٩٤ / ٣٩٨.

١٤٩

وفي الصحيح عن الحلبي عن الصادقعليه‌السلام ، قال : « لا يباع مختومان من شعير بمختوم من حنطة إلّا مِثْلاً بمِثْلٍ » وسُئل عن الرجل يشتري الحنطة فلا يجد إلّا شعيراً أيصلح له أن يأخذ اثنين بواحد؟ قال : « لا ، إنّما أصلهما واحد »(١) .

وعن الباقرعليه‌السلام قال : « قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : لا تبع الحنطة بالشعير إلّا يداً بيد ، ولا تبع قفيزاً من حنطة بقفيزين من شعير »(٢) .

ولأنّ أحدهما يُغشّ بالآخر ، فهُما كنوعي جنسٍ واحد.

وقال بعض(٣) علمائنا : إنّهما جنسان يباع أحدهما بالآخر متفاضلاً يداً بيد ونسيئةً - وبه قال الشافعي(٤) - لقولهعليه‌السلام : « بيعوا الذهب بالورق ، والورق بالذهب ، والبُرّ بالشعير ، والشعير بالبُرّ كيف شئتم يداً بيد »(٥) .

ولأنّهما لا يشتركان في الاسم الخاصّ ، فكانا جنسين ، كالشعير والذرّة.

وأجابوا عن حديث معمر بأنّه أعمّ من هذا الحديث. والغشّ ينتقض بالفضّة ، فإنّه يُغشّ بها الذهب.

والجواب : أنّ الراوي فهم تناول الطعام لصورة النزاع. وبالجملة فالتعويل على أحاديث الأئمّةعليهم‌السلام . والاختصاص بالاسم لا يُخرج الماهيّات عن التماثل ، كالحنطة والدقيق.

____________________

(١) الكافي ٥ : ١٨٧ / ٣ ، التهذيب ٧ : ٩٤ / ٣٩٩.

(٢) التهذيب ٧ : ٩٥ / ٤٠٨.

(٣) هو ابن إدريس في السرائر ٢ : ٢٥٤.

(٤) الاُمّ ٣ : ٣١ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٧٩ ، الحاوي الكبير ٥ : ١١٠ ، بداية المجتهد ٢ : ١٣٥ ، المحلّى ٨ : ٤٩٢ ، المغني ٤ : ١٥١ ، الشرح الكبير ٤ : ١٤٩.

(٥) سنن البيهقي ٥ : ٢٧٦ ، معرفة السنن والآثار ٨ : ٣٣ - ٣٤ / ١١٠٢١.

١٥٠

مسألة ٧٩ : ثمرة النخل كلّها جنس واحد‌ ، كالبَرْنِيّ والمعقلي والآزاد والدقل وإن كان رديئاً في الغاية لا يجوز التفاضل فيه نقداً ولا نسيئةً ، فلا يباع مُدٌّ من البَرْنيّ بمُدَّيْن من الدقل وكذا البواقي لا نقداً ولا نسيئةً ، وكذا ثمرة الكرم كلّها جنس واحد ، كالأسود والأبيض والطيّان والرازقي ؛ لقول الصادقعليه‌السلام : « لا يباع مختومان من شعير بمختومٍ من حنطة إلّا مِثْلاً بمِثْلٍ ، والتمر مِثْل ذلك»(١) .

وكان عليّعليه‌السلام يكره أن يستبدل وسقين من تمر المدينة بوسق من تمر خيبر(٢) .

وفي حديثٍ آخر ذلك وزيادة : « ولم يكنعليه‌السلام يكره الحلال »(٣) .

وسُئل عن الطعام والتمر والزبيب ، فقال : « لا يصلح شي‌ء منه اثنان بواحد إلّا أن تصرفه نوعاً إلى نوع آخر ، فإذا صرفته فلا بأس به اثنان بواحد وأكثر »(٤) وإطلاق التمر يدلّ على اتّحاده حقيقةً.

وقال الباقرعليه‌السلام : « يكره وسق من تمر المدينة بوسقين من تمر خيبر ، لأنّ تمر المدينة أجودهما»(٥) .

تذنيب : الطلع كالثمرة في الاتّفاق وإن اختلفت اُصولهما‌ ، وطلع الفحل كطلع الإناث.

____________________

(١) الكافي ٥ : ١٨٧ / ٣ ، التهذيب ٧ : ٩٤ / ٣٩٩.

(٢) الكافي ٥ : ١٨٨ / ٨ ، التهذيب ٧ : ٩٤ / ٤٠٠ ، و ٩٧ / ٤١٣.

(٣) الكافي ٥ : ١٨٨ / ٧ ، التهذيب ٧ : ٩٦ - ٩٧ / ٤١٢ ، وصدر الحديث فيهما هكذا :

كان عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام يكره أن يستبدل وسقا من تمر المدينة بوسقين من تمر خيبر.

(٤) الفقيه ٣ : ١٧٨ / ٨٠٤ ، التهذيب ٧ : ٩٥ / ٤٠٦.

(٥) الفقيه ٣ : ١٧٨ / ٨٠٥ ، التهذيب ٧ : ٩٥ - ٩٦ / ٤٠٨.

١٥١

مسألة ٨٠ : اللحوم أجناس مختلفة باختلاف اُصولها‌ ، فلحم الغنم ضأنه وما عزه جنس واحد ، ولحم البقر جاموسها وعرابها جنس واحد مغاير للأوّل ، ولحم الإبل عرابها وبخاتيّها جنس آخر مغاير للأوّلين ، وكذا باقي اللحوم ، عند علمائنا أجمع - وهو أصحّ قولي الشافعي ، وبه قال المزني وأبو حنيفة وأحمد في رواية(١) - لأنّها فروع اُصول مختلفة هي أجناس متعدّدة ، وكانت أجناساً كاُصولها ، كما في الأدقّة والخلول. ولأنّها متفاوتة في المنافع ومتخالفة في الأغراض والغايات ، فأشبهت المختلفات جنساً.

وللشافعي قول آخر : إنّها جنس واحد ، فلحم البقر والغنم والإبل والسموك والطيور والوحوش كلّها جنس واحد - وهو رواية عن أحمد أيضاً - لأنّها اشتركت في الاسم في حال حدوث الربا فيها الذي لا يقع بعده التمييز إلّا بالإضافة ، فكانت جنساً واحداً ، كأنواع الرطب والعنب ، وتخالف الثمار المختلفة بالحقيقة ، فإنّها وإن اشتركت في اسم الثمرة لكنّها امتازت بأساميها الخاصّة(٢) .

والجواب : المنع من الاشتراك في الاسم الخاصّ ، وليس إطلاق لفظ اللحم عليها إلّا كإطلاق الحيوان والجسم عليها.

وقال مالك : اللُّحْمان(٣) ثلاثة أصناف : الإنسي والوحشي صنف واحد ،

____________________

(١) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٧٩ ، حلية العلماء ٤ : ١٦١ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٥٤ ، التنبيه في الفقه الشافعي : ٩١ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٩ ، الوسيط ٣ : ٥٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٥ ، المغني والشرح الكبير ٤ : ١٥٥.

(٢) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٧٩ ، حلية العلماء ٤ : ١٦١ - ١٦٢ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٥٤ ، التنبيه في الفقه الشافعي : ٩١ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٩ ، الوسيط ٣ : ٥٦ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٥ ، المغني ٤ : ١٥٥ ، الشرح الكبير ٤ : ١٥٤.

(٣) اللحمان : جمع لحم. لسان العرب ١٢ : ٥٣٥ « لحم ».

١٥٢

والطير صنف ، ولحوم ذوات الماء صنف واحد - وهو رواية اُخرى عن أحمد إلّا أنّه جعل الوحشي صنفاً آخر - لأنّ لحم الطير لا تختلف المنفعة به ، ولا يختلف القصد في أكله(١) .

والجواب : يبطل بلحم الإبل ولحم الغنم ، فإنّها تختلف المنفعة بها والقصد إلى أكلها.

فروع :

أ - الوحشيّ من كلّ جنس مخالف لأهليّة ، فالبقر الأهلي مع البقر الوحشيّ جنسان مختلفان ، والغنم الأهليّة والغنم الوحشيّة - وهي الظباء - جنسان ، والحُمُر الوحشيّة والأهليّة جنسان أيضاً عندنا ، وبه قال الشافعي في أصحّ القولين وأحمد(٢) ، خلافاً لمالك(٣) ، وقد سبق.

ب - لحم السمك مخالف لباقي اللحوم ، عند علمائنا أجمع ، وهو أصحّ قولي الشافعي وأحمد في رواية(٤) .

وللشافعي قول : إنّ اللُّحْمان كلّها صنف واحد(٥) ، فعلى هذا القول في السمك عنده قولان:

أحدهما : أنّ لحومها ولحوم باقي الحيوانات البرّيّة جنس واحد ؛

____________________

(١) بداية المجتهد ٢ : ١٣٦ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٥ ، حلية العلماء ٤ : ١٦٣ ، المغني ٤ : ١٥٥ ، الشرح الكبير ٤ : ١٥٤ - ١٥٥.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٩ ، حلية العلماء ٣ : ١٦٣ ، المغني ٤ : ١٥٥ ، الشرح الكبير ٤ : ١٥٤.

(٣) اُنظر : المصادر في الهامش (١).

(٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٩ ، وانظر : المغني ٤ : ١٥٥ ، والشرح الكبير ٤ : ١٥٤.

(٥) اُنظر : المصادر في الهامش (٢) من ص ١٥١.

١٥٣

لشمول الاسم لها ، قال الله تعالى :( وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيًّا ) (١) (٢) .

والجواب : أنّه كشمول الثمار للتمر والتفّاح.

والثاني : أنّ الحيتان مخالفة لباقي اللحوم ؛ لأنّ لها اسماً خاصّاً ، ولهذا لو حلف لا يأكل اللحم ، لم يحنث بلحوم الحيتان. ولأنّه لا يسمّى لحماً عند الإطلاق ، ولهذا لا يضاف اللحم إلى اسمه فيقال : لحم السمك ، كما يقال : لحم الإبل(٣) .

ج - لحم السمك هل هو جنس واحد أو أجناس؟ الأقوى : الأوّل ؛ لشمول اسم السمك للكلّ ، والاختلاف بالعوارض لا يوجب الاختلاف في الحقيقة.

ويحتمل أن يكون أجناساً متعدّدة ، فكلّ ما اختصّ باسمٍ وصفةٍ كان جنساً مخالفاً لما غايره ممّا اختصّ باسمٍ آخر وصفة اُخرى ، فالشبّوط والقطّان والبُنّي أجناس مختلفة ، وكذا ما عداها.

د - الأقوى في الحمام - وهو ما عبّ وهَدَر ، أو كان مطوّقاً على اختلاف التفسير - أنّه جنس واحد ، فلحم القماري والدباسي والفواخت جنس واحد ؛ لشمول اسم الحمام لها ، وتقاربها في المنافع.

ويحتمل تعدّدها بتعدّد ما يضاف إليه.

أمّا الحمام مع غيره من الطيور كالعصافير والدجج فأولى بالتغاير.

ه- الجراد جنس بانفراده مغاير لسائر اللحوم البرّيّة والبحريّة ، وهو ظاهر عند علمائنا حيث أوجبوا اختلاف اللحوم باختلاف اُصولها ، وهو‌

____________________

(١) فاطر : ١٢.

(٢ و ٣) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٧٩ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٥٤ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٥.

١٥٤

أصحّ قولي الشافعي(١) . وفي قول آخر للشافعي : إنّه من جنس اللحوم ، فحينئذٍ هل هو من البرّيّة أو البحريّة؟ وجهان(٢) .

و - أعضاء الحيوان الواحد كلّها جنس واحد مع لحمه ، كالكرش والكبد والطحال والقلب والرئة ، والأحمر والأبيض واحد ، وكذا الشحوم كلّها بعضها مع بعض ومع اللحم جنس واحد ؛ لأنّ أصلها واحد ، وتدخل تحت اسمه.

وللشافعيّة في ذلك طريقان :

الأشهر عندهم أن يقال : إن جعلنا اللحوم أجناساً ، فهذه أولى ؛ لاختلاف أسمائها وصفاتها ، وإن قلنا : إنّها جنس واحد ، ففيها وجهان ؛ لأنّ مَنْ حلف أن لا يأكل اللحم لا يحنث بأكل هذه الأشياء على الصحيح.

والثاني عن القفّال أن يقال : إن جعلنا اللحوم جنساً واحداً ، فهذه مجانسة لها ، وإن جعلناها أجناساً ، فوجهان ؛ لاتّحاد الحيوان ، فأشبه لحم الظهر مع شحمه(٣) .

وكذا المخ جنس آخر عندهم. والجلد جنس آخر. وشحم الظهر مع شحم البطن جنسان. وسنام البعير معهما جنس آخر ، أمّا الرأس والأكارع فمن جنس اللحم(٤) .

والكلّ عندنا باطل ؛ فإنّ الحقّ تساوي هذه الأشياء. والتعلّق بالحنث أو بعدمه غير مفيد ؛ فإنّ اليمين يتبع الاسم وإن كانت الحقيقة واحدةً ، كما لو حلف أن لا يأكل خبزاً ، فأكل دقيقاً ، لم يحنث وإن كان واحداً.

____________________

(١ و ٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٩.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٦.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٦٠.

١٥٥

تنبيه : كلّ ما حكمنا فيه باختلاف الجنس وتغايره ، فإنّه يجوز بيع بعضه ببعض‌ متفاضلاً نقداً ونسيئةً إلّا الصرف ، فلا يجوز النسيئة فيه ، وكلّ ما حكمنا فيه بالتماثل فإنّه لا يجوز التفاضل فيه.

مسألة ٨١ : المشهور المنع من بيع اللحم بحيوان من جنسه‌ - وبه قال الفقهاء السبعة(١) ومالك والشافعي وأحمد(٢) - لما رواه الجمهور عن سعيد بن المسيّب أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله نهى عن بيع اللحم بالحيوان(٣) . ومراسيل ابن المسيّب حجّة عندهم(٤) .

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام : « إنّ أمير المؤمنينعليه‌السلام كره اللحم بالحيوان »(٥) .

ولأنّه نوعٌ في الربا بِيع بأصله الذي هو منه فلم يجز ، كما لو باع‌

____________________

(١) وهُمْ : سعيد بن المسيّب وعروة بن الزبير والقاسم بن محمّد وعبيد الله بن عبد الله ابن عتبة بن مسعود وخارجة بن زيد وسليمان بن يسار. وفي السابع ثلاثة أقوال ، فقيل : سالم بن عبد الله بن عمر. وقيل : أبو سلمة بن عبد الرحمن. وقيل أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام.

اُنظر : تهذيب الأسماء واللغات ١ : ١٧٢ ، ١٤٠ ، وتهذيب الكمال في أسماء الرجال ٢٠ : ١٨.

(٢) المغني ٤ : ١٥٩ - ١٦٠ ، الشرح الكبير ٤ : ١٥٩ ، التفريع ٢ : ١٢٩ ، مختصر المزني : ٧٨ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٥٧ ، حلية العلماء ٤ : ١٩٣ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٤ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٦٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٦٠ ، الوسيط ٣ : ٥٧ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٨.

(٣) الموطّأ ٢ : ٦٥٥ ، ٦٤ ، المراسيل - لأبي داود - : ١٣٣ ، ١٥ ، المستدرك - للحاكم - ٢ : ٣٥ ، سنن الدارقطني ٣ : ٧١ ، ٢٦٦.

(٤) اُنظر : مختصر المزني : ٧٨ ، والجرح والتعديل ٤ : ٦١ ، والكفاية - للخطيب البغدادي - : ٤٠٤ ، واللمع : ١٥٩ ، والحاوي الكبير ٥ : ١٥٨ ، والمجموع ( المقدّمة ) ١ : ٦٠ و ٦١ ، وتهذيب الأسماء واللغات ١ : ٢٢١.

(٥) الكافي ٥ : ١٩١ / ٧ ، التهذيب ٧ : ٤٥ / ١٩٤ ، و ١٢٠ / ٥٢٥.

١٥٦

الشيرج(١) بالسمسم من غير اعتبارٍ.

والأقرب عندي : الجواز على كراهيّةٍ ؛ للأصل السالم عن معارضة ثبوت الربا ؛ لفقد شرطه ، وهو التقدير بالكيل أو الوزن ، المنفي في الحيوان الحيّ. وأمّا الكراهيّة : فللاختلاف.

وقال أبو حنيفة وأبو يوسف والمزني بالجواز ؛ لأنّه باع ما فيه الربا بما لا ربا فيه فجاز ، كما لو باع الحيوان بالدراهم(٢) .

وقال محمّد بن الحسن : يجوز على اعتبار اللحم في الحيوان ، فإن كان دون اللحم الذي في مقابلته ، جاز(٣) .

فروع :

أ - الممنوع إنّما هو بيع لحم الحيوان بجنسه ، أمّا بغير جنسه - كلحم الشاة بالإبل - فإنّه يجوز ؛ لجواز بيع لحم أحدهما بلحم الآخر فبالآخر حيّاً أولى.

أمّا الشافعيّة : ففي كون اللحوم كلّها جنساً واحداً أو أجناساً(٤) متعدّدة عندهم قولان ، فإن قالوا بالوحدة ، لم يجز بيع لحم الشاة بالإبل الحيّة ، ولا لحم البقر بالشاة الحيّة وكذا البواقي. وإن قالوا باختلاف ، فقولان :

____________________

(١) الشيرج : دهن السمسم. تاج العروس ٢ : ٦٤ « شرج ».

(٢) بدائع الصنائع ٥ : ١٨٩ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٦٤ ، مختصر اختلاف العلماء ٣ : ٤١ / ١١١٨ ، المغني ٤ : ١٦٠ ، الشرح الكبير ٤ : ١٥٩ ، مختصر المزني : ٧٩ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٥٧ ، حلية العلماء ٤ : ١٩٤ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٨.

(٣) بدائع الصنائع ٥ : ١٨٩ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٦٤ ، مختصر اختلاف العلماء ٣ : ٤١ / ١١١٨ ، حلية العلماء ٤ : ١٩٤ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٥٧.

(٤) في « ق ، ك» والطبعة الحجريّة : « جنس واحد أو أجناس » بالرفع.

١٥٧

أحدهما : المنع ؛ لأنّ أبا بكر منع من بيع العناق بلحم الجزور(١) .

والجواب : أنّ فعل أبي بكر وقوله ليس حجّةً.

والثاني(٢) : الجواز - وبه قال مالك وأحمد - لأنّه يجوز بيعه بلحمه فجواز بيعه به أولى(٣) .

ب - يجوز بيع اللحم بالحيوان غير المأكول كالآدمي والسبع وغيرهما ، عندنا ؛ لجواز بيعه بجنسه فبغيره حيّاً أولى. ولأنّ سبب المنع بيع مال الربا بأصله المشتمل عليه ، وهو منفيّ هنا ، وبه قال مالك وأحمد ، لأنّ الحيوان لا ربا فيه جملة فجاز بيعه بما فيه الربا(٤) .

وللشافعي قولان ، هذا أحدهما ، والثاني : المنع - وهو اختيار القفّال - لعموم السنّة(٥) . وهو ممنوع.

ج - يجوز بيع اللحم بالسمكة الحيّة ، ولحم السمك بالحيوان الحيّ عندنا ؛ لما تقدّم.

وعند الشافعي قولان ، أحدهما : أنّ لحم السمك إن كان من جملة اللحم ، كان كما لو باع لحم غنم ببقر. وإن كان ليس من جملة اللُّحْمان ،

____________________

(١) رواه الشافعي في مختصر المزني : ٧٨ ، وأورده أبو إسحاق الشيرازي في المهذّب ١ : ٢٨٤ ، والماوردي في الحاوي الكبير ٥ : ١٥٨ ، والرافعي في العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٨ ، وكذلك ابنا قدامة في المغني ٤ : ١٦٢ ، والشرح الكبير ٤ : ١٥٩.

(٢) في الطبعة الحجريّة و « ق ، ك» هكذا : وإن قالوا بالتعدّد والثاني. وجملة « وإن قالوا بالتعدّد » زائدة ؛ حيث ذكرها المصنّفقدس‌سره آنفاً بقوله : وإن قالوا بالاختلاف.

(٣) الوسيط ٣ : ٥٧ ، حلية العلماء ٤ : ١٩٤ - ١٩٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٦٠ ، التفريع ٢ : ١٢٩ ، المغني ٤ : ١٦٣ - ١٦٤ ، الشرح الكبير ٤ : ١٥٩.

(٤) التفريع ٢ : ١٢٩ ، المغني ٤ : ١٦٤ ، الشرح الكبير ٤ : ١٥٩ ، حلية العلماء ٤ : ١٩٥.

(٥) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٤ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٦٥ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٥٩ ، حلية العلماء ٤ : ١٩٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٦٠.

١٥٨

فقولان ؛ لوقوع اسم اللحم والحيوان عليه. والثاني : الجواز(١) .

د - يجوز بيع الشحم والألية والطحال والقلب والكِلية والرئة بالحيوان عندنا‌ - وللشافعيّة وجهان(٢) - وكذا السنام بالإبل ؛ للنهي عن بيع اللحم بالحيوان ، ولم يرد في غيره.

وأصحّهما عندهم : المنع ؛ لأنّه في معنى اللحم.

وكذا الوجهان في بيع الجلد بالحيوان إن لم يكن مدبوغاً [ وإن كان مدبوغاً ](٣) فلا منع. وعلى الوجهين أيضاً بيع لحم السمك بالشاة(٤) .

ه- يجوز بيع دجاجة فيها بيضة بدجاجة خالية من البيض ، أو بدجاجة فيها بيضة ، أو ببيضة لا غير ؛ لوجود المقتضي ، وهو عموم( وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ ) (٥) السالم عن معارضة الربا ؛ لانتفاء شرطه ، وهو الكيل أو الوزن هنا.

ومَنَع الشافعيّة من بيع دجاجة فيها بيضة بدجاجة قولاً واحداً ؛ لأنّ ذلك بمنزلة بيع اللبن بالحيوان اللبون(٦) . وسيأتي.

مسألة ٨٢ : الألبان تابعة لاُصولها تختلف باختلافها وتتّفق باتّفاقها‌ ، فلبن الغنم ضأنه ومعزه(٧) جنسٌ ، ولبن الإبل عرابها وبخاتيّها جنسٌ آخر مغاير للأوّل ، ولبن البقر عرابها وجاموسها جنس واحد مخالف للأوّلين.

____________________

(١) الحاوي الكبير ٥ : ١٥٩ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٦٠.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٦٠.

(٣) أضفناها من المصدر.

(٤) نفس المصدر في الهامش (٢).

(٥) البقرة : ٢٧٥.

(٦) الذي عثرنا عليه في المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٥ ، والتهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٦٥ هو منع بيع بيضة بدجاجة في جوفها بيض.

(٧) في « ق ، ك» : ماعزه.

١٥٩

ولبن الوحشي مخالف للإنسي ، فلبن البقر الوحشي(١) مخالف للبن البقر الإنسي. وكذا لبن الظبي ولبن الشاة جنسان ، عند علمائنا أجمع.

وقد نصّ الشافعي على أنّ الألبان أجناس(٢) ، ولم يذكر غير ذلك ، إلّا أنّ له في اللُّحْمان قولين : أحدهما : أنّها جنس واحد - قاله أصحابه - لا فرق بينها(٣) (٤) ، فجعلوا في الألبان قولين : أحدهما : أنّها جنس واحد ، وهو المشهور عن أحمد. والثاني - وهو الأصحّ عندهم - : أنّها أجناس ، وبه قال أبو حنيفة(٥) .

لنا : أنّها فروع تابعة لاُصول مختلفة بالحدّ والحقيقة ، فكانت فروعها تابعةً لها ، كالأدهان والخُلول - وهذا بخلاف اللُّحْمان ، فإنّ للشافعي قولاً بالتماثل فيها(٦) - لأنّ الاُصول التي حصل اللبن منها باقية بحالها وهي مختلفة ، فيدام حكمها على الفروع ، بخلاف اُصول اللحم.

احتجّ الآخرون بأنّ الألبان اشتركت في الاسم الخاصّ في أوّل حال‌

____________________

(١) في « ق ، ك» : بقر الوحش.

(٢) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٠ ، حلية العلماء ٤ : ١٦٢ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٢٠ ، التنبيه في الفقه الشافعي : ٩١ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٥٣ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٧ ، المغني والشرح الكبير ٤ : ١٥٧.

(٣) في الطبعة الحجريّة و « ق ، ك» : بينهما. والصحيح ما أثبتناه.

(٤) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٧٩ ، التنبيه في الفقه الشافعي : ٩١ ، حلية العلماء ٤ : ١٦١ - ١٦٢ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٥٤ ، الوسيط ٣ : ١٥٥ - ١٥٦ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٦٢ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٩ ، المغني ٤ : ١٥٥ ، الشرح الكبير ٤ : ١٥٤ و ١٥٥.

(٥) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٠ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٢٠ ، حلية العلماء ٤ : ١٦٢ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٥٣ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٧ ، الوسيط ٣ : ٥٧ ، المغني والشرح الكبير ٤ : ١٥٧ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٦٥.

(٦) راجع المصادر في الهامش (٤).

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591