أسباب نزول القرآن

أسباب نزول القرآن10%

أسباب نزول القرآن مؤلف:
تصنيف: علوم القرآن
الصفحات: 591

أسباب نزول القرآن
  • البداية
  • السابق
  • 591 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 428055 / تحميل: 6395
الحجم الحجم الحجم
أسباب نزول القرآن

أسباب نزول القرآن

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

محمد؟ فقال كعب : اعرضوا عليَّ دينكم ، فقال أبو سفيان : نحن ننحر للحجيج الكَوْمَاء ، ونسقيهم الماء ، ونَقْرِي الضيف ، ونفك العاني ، ونصل الرحم ، ونعمر بيت ربنا ، ونطوف به ، ونحن أهل الحرم ، ومحمد فارق دين آبائه ، وقطع الرحم ، وفارق الحرم ، وديننا القديم ، ودين محمد الحديث. فقال كعب : أنتم والله أهدى سبيلاً مما هو عليه ، فأنزل الله تعالى :( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ ) يعني كعباً وأصحابه. الآية.

[١٥١]

قوله تعالى :( أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ ) الآية. [٥٢].

٣٢٢ ـ أخبرنا أحمد بن إبراهيم المقري ، قال : أخبرنا سفيان بن محمد ، قال : أخبرنا مكي بن عبدان ، قال : حدَّثنا أبو الأزهر ، قال : حدَّثنا رَوْح ، قال : حدَّثنا سعيد ، عن قتادة ، قال :

نزلت هذه الآية في كعب بن الأشْرَف وحُيَيِّ بن أخْطَب ـ رجلين من اليهود من بين النَّضِير ـ لقيا قريشاً بالموسم فقال لهما المشركون : أنحن أهدى أم محمد وأصحابه ، فإنا أهل السدانة والسقاية وأهل الحرم؟ فقالا : بل أنتم أهدى من محمد ، وهما يعلمان أنهما كاذبان ، إنما حملهما على ذلك حسد محمد وأصحابه ، فأنزل الله تعالى :( أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ وَمَنْ يَلْعَنِ اللهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيراً ) فلما رجعا إلى قومهما قال لهما قومهما : إن محمداً يزعم أنه قد نزل فيكما كذا وكذا ، فقالا : صدق ، والله ما حملنا على ذلك إلا بغضه وحسده.

[١٥٢]

قوله تعالى :( إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها ) . [٥٨].

٣٢٣ ـ نزلت في عثمان بن طَلْحَةَ الحَجَبِيّ ، من بني عبد الدار ، كان سَادِن

__________________

[٣٢٢] مرسل.

[٣٢٣] قال الحافظ في الإصابة (٢ / ٤٦٠) : وقع في تفسير الثعلبي بغير سند في قوله تعالى( إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها ) .

١٦١

الكعبة ، فلما دخل النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم مكة يوم الفتح ، أغلق عثمان باب البيت وصعد السطح ، فطلب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم المفتاح ، فقيل إنه مع عثمان ، فطلب منه فأبى وقال : لو علمت أنه رسول الله لما منعته المفتاح ، فلوى عليّ بن أبي طالب يده وأخذ منه المفتاح وفتح الباب ، فدخل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم البيت وصلى فيه ركعتين ، فلما خرج سأله العباس أن يعطيه المفتاح ليجمع له بين السقاية والسِّدَانة فأنزل الله تعالى هذه الآية ، فأمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم علياً أن يرد المفتاح إلى عثمان ويعتذر إليه ، ففعل ذلك عليّ ، فقال له عثمان : يا علي أَكْرهْتَ وآذيت ثم جئت ترفق! فقال : لقد أنزل الله تعالى في شأنك ، وقرأ عليه هذه الآية فقال عثمان : أشهد أن محمداً رسول الله ، وأسلم ، فجاء جبريلعليه‌السلام وقال : ما دام هذا البيت فإن المفتاح والسدانة في أولاد عثمان. وهو اليوم في أيديهم.

٣٢٤ ـ أخبرنا أبو حسان المُزَكّي ، قال : أخبرنا هارون بن محمد الأسْتَرآبَاذِي ، قال : حدَّثنا أبو محمد الخُزاعي ، قال : حدَّثنا أبو الوليد الأزْرَقي ، قال : حدَّثنا جدي ، عن سفيان ، عن سعيد بن سالم ، عن ابن جريج ، عن مجاهد في قول الله تعالى :( إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها ) قال :

نزلت في [عثمان] بن طَلْحَة ، قبض النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم مفتاح الكعبة ، فدخل الكعبة يوم الفتح فخرج وهو يتلو هذه الآية ، فدعا عثمان فدفع إليه المفتاح ، وقال : خذوها يا بني أبي طلحة بأمانة الله ، لا ينزعها منكم إلا ظالم.

٣٢٥ ـ أخبرنا أبو نصر المِهْرَجَاني ، قال : أخبرنا عبيد الله بن محمد الزاهد ،

__________________

إن عثمان المذكور أسلم يوم الفتح بعد أن دفع له النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم مفتاح البيت.

وهذا منكر فالمعروف أنه أسلم وهاجر مع عمرو بن العاص وخالد بن الوليد.

قلت : قال ابن عبد البر في الاستيعاب (٣ / ٩٢) : أنه أسلم في هدنة الحديبية.

[٣٢٤] مرسل.

[٣٢٥] إسناده ضعيف : مصعب بن شيبة : قال الحافظ في التقريب : لين الحديث [تقريب ٢ / ٢٥١] ، وقال المزي في تهذيب الكمال ٣ / ١٣٣٣ : قال أبو بكر الأثرم عن أحمد بن حنبل : روى أحاديث مناكير ، وقال إسحاق ابن منصور عن يحيى بن معين : ثقة ، وقال أبو حاتم : لا يحمدونه وليس بقوي ، وقال النسائي فيما قرأت بخطه : مصعب منكر الحديث وقال في موضع آخر : في حديثه شيء أ. ه.

١٦٢

قال : أخبرنا أبو القاسم المُقْرِي ، قال : حدَّثني أحمد بن زهير ، قال : أخبرنا مُصْعَب ، قال : حدَّثنا شَيْبَةُ بن عثمان بن أبي طَلْحَةَ ، قال :

دفع النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم المفتاح إليَّ وإلى عثمان ، وقال : خذوها يا بني أبي طلحة خالدة تَالِدَة ، لا يأخذها منكم إلا ظالم. فبنو أبي طلحة ـ الذين يَلُونَ سِدَانَةَ الكعبة ـ من بني عبد الدَّار.

[١٥٣]

قوله تعالى :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ) الآية. [٥٩].

٣٢٦ ـ أخبرنا أبو عبد الرحمن بن أبي حامد العَدْل ، قال : أخبرنا أبو بكر بن أبي زكريا الحافظ ، قال : أخبرنا أبو حامد بن الشَّرقي ، قال : حدَّثنا محمد بن يحيى ، قال : حدَّثنا حَجَّاج بن محمد ، عن ابن جُرَيْج ، قال : أخبرني يَعْلَى بن مُسْلِم ، عن سعيد بن جُبَيْر ، عن ابن عباس ، في قوله تعالى :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ) قال :

نزلت في عبد الله بن حُذَافة بن قَيْس بن عَدِي ، بعثه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم في سَرِيَّة. رواه البخاري عن صدقة بن الفضل ، ورواه مسلم عن زهير بن حرب ، كلاهما عن حجاج.

٣٢٧ ـ وقال ابن عباس في رواية بَاذَان : بعث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم خالد بن

__________________

قلت : له ترجمة في الميزان وذكر الذهبي له حديثاً عند أبي داود وقال أبو داود : مصعب ضعيف

[٣٢٦] صحيح : أخرجه البخاري في التفسير (٤٥٨٤).

وأخرجه مسلم في الإمارة (٣١ / ١٨٣٤) ص ١٤٦٥.

وأبو داود في الجهاد (٢٦٢٤) والترمذي في الجهاد (١٦٧٢).

والنسائي في التفسير (١٢٩).

وزاد المزي نسبته في تحفة الأشراف (٥٦٥١) للنسائي في البيعة.

والنسائي في السير في الكبرى.

وأخرجه أحمد في مسنده (١ / ٣٣٧) وأخرجه ابن جرير (٥ / ٩٤) وذكره السيوطي في لباب النقول (ص ٨٠).

وزاد السيوطي نسبته في الدر (٢ / ١٧٦) للبيهقي في الدلائل وابن أبي حاتم وابن المنذر.

[٣٢٧] بإذن هو أبو صالح قال ابن حبان لم يسمع من ابن عباس.

١٦٣

الوليد في سَرِيّة ، إلى حيّ من أحياء العرب ، وكان معه عمَّار بن يَاسِر ، فسار خالد حتى إذا دنا من القوم عَرَّسَ لكي يُصَبِّحَهُم ، فأتاهم النذير فهربوا غير رجل قد كان أسلم ، فأمر أهله أن يتأَهَبُوا للمسير ، ثم انطلق حتى أتى عسكر خالد ، ودخل على عمّار فقال : يا أبا اليَقْظَان! إِني منكم ، وإنّ قومي لمّا سمعوا بكم هربوا ، وأقمت لإسلامي ، أفَنَافِعِي ذلك ، أم أهرب كما هرب قومي؟ فقال : أقم فإن ذلك نافعك. وانصرف الرجل إلى أهله وأمرهم بالمقام ، وأصبح خالد فأغار على القوم ، فلم يجد غير ذلك الرجل ، فأخذه وأخذ ماله ، فأتاه عمّار فقال : خل سبيل الرجل فإِنه مسلم ، وقد كنت أَمَّنته وأمرته بالمُقام. فقال خالد : أنت تجِيرُ عليّ وأنا الأمير؟ فقال : نعم ، أنا أجير عليك وأنت الأمير. فكان في ذلك بينهما كلام ، فانصرفوا إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فأخبروه خبرَ الرجل ، فأمَّنه النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وأجاز أمان عمّار ، ونهاه أن يجير بعد ذلك على أمير بغير إذنه.

قال : واسْتَبَّ عمّار وخالد بين يدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فأغلظ عمّار لخالد ، فغضب خالد وقال : يا رسول الله أتدع هذا العبد يشتمني؟ فو الله لو لا أنت ما شتمني ـ وكان عمار مولى لهاشم بن المغيرة ـ فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : «يا خالد ، كفّ عن عمار فإنه من يسب عماراً يسبّه الله ، ومن يبغض عماراً يبغضه الله». فقام عمار ، فتبعه خالد فأخذ بثوبه وسأله أن يرضى عنه ، فرضي عنه ، فأنزل الله تعالى هذه الآية ، وأمر بطاعة أولي الأمر.

[١٥٤]

قوله تعالى :( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ ) الآية [٦٠].

٣٢٨ ـ أخبرنا سعيد بن محمد العدل ، قال : أخبرنا أبو عمرو بن حَمْدان ،

__________________

[٣٢٨] إسناده صحيح.

وعزاه السيوطي في الدر (٢ / ١٧٨) للطبراني وابن أبي حاتم بسند صحيح. وقال الحافظ في الإصابة (٤ / ١٩) : وعند الطبراني بسند جيد عن ابن عباس فذكره.

١٦٤

قال : أخبرنا الحسن بن سفيان ، قال : حدَّثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري ، قال : حدثنا أبو اليمان ، قال : حدثنا صَفْوَان بن عمرو ، عن عِكْرِمَة ، عن ابن عباس ، قال :

كان أبو بُرْدَةَ الأَسْلَمِي كاهناً يقضي بين اليهود فيما يتنافرون فيه ، فتنافر إليه أناس من أسْلَمَ ، فأنزل الله تعالى( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ ) إِلى قَوْلِهِ( وَتَوْفِيقاً ) .

٣٢٩ ـ أخبرنا أحمد بن محمد بن إبراهيم ، قال : حدَّثنا أبو صالح شُعَيب بن محمد ، قال : حدَّثنا أبو حاتم التَّميمي ، قال : حدَّثنا أبو الأزهر ، قال : حدَّثنا رُوَيْمٌ ، قال : حدَّثنا سعيد عن قتادة قال :

ذكِرَ لنا أن هذه الآية أنزلت في رجل من الأنصار يقال له : قيس ، وفي رجل من اليهود ـ في مُدارَأة كانت بينهما في حق تَدَارَآ فيه ، فتنافرا إلى كاهن بالمدينة ليحكم بينهما ، وتركا نبي اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فعاب الله تعالى ذلك عليهما ، وكان اليهودي يدعوه إلى نبي الله وقد علم أنه لن يَجُورَ عليه ، وجعل الأنصاري يأبى عليه ، وهو يزعم أنه مسلم ، ويدعوه إلى الكاهن. فأنزل الله تعالى ما تسمعون ، وعاب على الذي يزعم أنه مسلم ، وعلى اليهودي الذي هو من أهل الكتاب ـ فقال :( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ ) إلى قوله( يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً ) .

٣٣٠ ـ أخبرني محمد بن عبد العزيز المَرْوزِيّ في كتابه ، قال : أخبرنا محمد بن الحسين قال : أخبرنا محمد بن يحيى ، قال : أخبرنا إسحاق الحنْظَليّ ، قال : أخبرنا المُؤَمِّل ، قال : حدَّثنا يزيد بن زُرَيْع ، عن دَاود ، عن الشَّعبي ، قال :

كان بين رجل من المنافقين ورجل من اليهود خصومة ، فدعا اليهودي المنافق إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، لأنه علم أنه لا يقبل الرشوة ، ودعا المنافق اليهودي إلى حكامهم ، لأنه علم أنهم يأخذون الرّشوة في أحكامهم. فلما اختلفا اجتمعا على

__________________

[٣٢٩] مرسل. وعزاه في الدر (٢ / ١٧٩) لعبد بن حميد وابن جرير.

[٣٣٠] مرسل. وعزاه في الدر (٢ / ١٧٨) لابن جرير وابن المنذر.

١٦٥

أن يُحكَّما كاهنا في جُهَيْنَة ، فأنزل الله تعالى في ذلك :( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ ) يعني المنافق( وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ ) يعني اليهودي :( يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ ) إلى قوله :( وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) .

٣٣١ ـ وقال الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس : نزلت في رجل من المنافقين كان بينه وبين يهودي خصومة ، فقال اليهودي : انطلق بنا إلى محمد ، وقال المنافق : بل نأتي كعب بن الأشرف ـ وهو الذي سماه الله تعالى الطاغوت ـ فأبى اليهودي إلا أن يخاصمه إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم . فلما رأى المنافق ذلك أتى معه إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فاختصامه إليه ، فقضى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم لليهودي. فلما خرجا من عنده لَزِمَهُ المنافق وقال : ننطلق إلى عمر بن الخطاب. فأقبلا إلى عمر ، فقال اليهودي : اختصمت أنا وهذا إلى محمد فقضى لي عليه ، فلم يرض بقضائه ، وزعم أنه مخاصم إليك ، وتعلق بي فجئت معه ، فقال عمر للمنافق : أكذلك؟ قال : نعم ، فقال لهما : رُوَيْداً حتى أخرج إليكما. فدخل عمر [البيت] وأخذ السيف فاشتمل عليه ، ثم خرج إليهما وضرب به المنافق حتى بَرَدَ ، وقال : هكذا أقضي لمن لم يرض بقضاء الله وقضاء رسوله. وهرب اليهودي ، ونزلت هذه الآية. وقال جبريلعليه‌السلام : إن عمر فَرَقَ بين الحق والباطل. فسمي الفارُوق.

٣٣٢ ـ وقال السُّدِّي : كان ناس من اليهود أسلموا ونافق بعضهم ، وكانت قريظة والنَّضِير في الجاهلية إذا قَتل رجلٌ من بني قريظة رجلاً من بني النَّضِيرِ قُتِلَ به وأخذ ديته مائة وَسقٍ من تمر ، وإذا قتل رجلٌ من بني النَّضير رجلاً من قُرَيْظَةَ لم يقتل به ، وأعطى ديته ستين وَسقاً من تمر. وكانت النّضِير حلفاء الأَوْس. وكانوا أكبر وأشرف من قُرَيْظَة ، وهم حلفاء الخزْرَج ، فقتل رجلٌ من النضير رجلاً من قريظة ، واختصموا في ذلك ، فقالت بنو النضير : إنا وأنتم [كنا] اصطلحنا في الجاهلية على أن نقتل منكم ولا تقتلوا منا ، وعلى أنّ ديتكم ستون وَسْقاً ـ والوسق : ستون صاعاً ـ وديتنا مائة وَسْق ، فنحن نعطيكم ذلك. فقالت الخزرج : هذا شيء

__________________

[٣٣١] إسناده ضعيف لضعف الكلبي.

[٣٣٢] مرسل ، الدر (٢ / ١٧٩) وعزاه لابن جرير وابن أبي حاتم.

١٦٦

كنتم فعلتموه في الجاهلية ، لأنكم كَثُرْتُم وقَلَلنَا فقهرتمونا ، ونحن وأنتم اليوم إِخوة وديننا ودينكم واحد ، وليس لكم علينا فضل. فقال المنافقون : انطلقوا إلى أبي بُرْدَة الكاهن الأسلمي ، وقال المسلمون : لا بل إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم . فأبى المنافقون وانطلقوا إلى أبي بُرْدَةَ ليحكم بينهم ، فقال : أعظموا اللّقمة ـ يعني الرشوة ـ فقالوا : لك عشرة أوْسُق ، قال : لا بل مائة وسق ديتي ، فإني أخاف إِن نَفَّرْت النَضِيري قتلتني قُرَيْظَةُ ، وإن نَفَّرت القُرَيْظِي قتلني النّضِير. فأبوا أن يعطوه فوق عشرة أوسق ، وأبى أن يحكم بينهم. فأنزل الله تعالى هذه الآية ، فدعا النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم كاهن أسْلم إلى الإسلام ، فأبى فانصرف ، فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم لابنيه : أدركا أباكما فإنه إنْ جَاوَزَ عَقَبةَ كذا لم يسلم أبداً ، فأدركاه فلم يزالا به حتى انصرف وأسلم ، وأمر النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم منادياً فنادى : أَلا إنَّ كاهِنَ أسْلَم قد أسْلَم.

[١٥٥]

قوله تعالى :( فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ) [٦٥].

نزلت في الزُّبَير بن العَوَّام وخصمه حاطِب بن أبي بَلْتَعَة ، وقيل : هو ثعلبة بن حاطب.

٣٣٣ ـ أخبرنا أبو سعيد عبد الرحمن بن حمدان ، قال : أخبرنا أحمد بن جعفر بن مالك قال : حدَّثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قال : حدَّثنِي أبي ، قال : حدَّثنا أبو اليمان ، قال : حدَّثنا شُعيَب عن الزُّهْري ، قال : أخبرني عُرْوَةُ بن الزُّبير ، عن أبيه :

__________________

[٣٣٣] أخرجه البخاري في المساقاة (٢٣٦١) وفي التفسير (٤٥٨٥) من طريق معمر عن الزهري به.

وأخرجه في المساقاة (٢٣٦٢) من طريق ابن جريج عن ابن شهاب به.

وأخرجه في الصلح (٢٧٠٨) وأحمد (١ / ١٦٥) من طريق شعيب عن الزهري به وأخرجه الحاكم في المستدرك (٣ / ٣٦٤) والبيهقي في السنن (٦ / ١٥٣).

وأخرجه ابن جرير (٥ / ١٠٠) ، والنسائي في المجتبى (٨ / ٢٣٨).

وأخرجه أبو الشيخ في أخلاق النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم (ص ٤١ ـ ٤٢) من طريق الزهري عن عروة به.

وزاد السيوطي نسبته في الدر (٢ / ١٨٠) لعبد بن حميد وعبد الرزاق وابن المنذر.

١٦٧

أنه كان يحدث : أنه خاصم رجلاً من الأنصار قد شهد بدراً ، إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، في شِرَاج الحَرَّة كانا يسقيان بها كِلَاهُما ، فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم للزُّبْير : اسْقِ ثم أرسل إلى جارك ، فغضب الأنصاري وقال : يا رسول الله أَنْ كان ابنَ عَمّتك! فتلوَّن وجه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ثم قال للزّبير : «اسق ثم احبس الماء حتى يرجع إلى المُجدُرِ» فاستوفى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم للزبير حقّه. وكان قبل ذلك أشار على الزبير برأي أراد فيه سعةً للأنصاري وله ، فلما أحفظ الأنصاري رسول الله استوفى للزبير حقه في صريح الحكم.

قال عروة : قال الزبير : والله ما أحْسِبُ هذه الآية أنزلت إلا في ذلك :( فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) رواه البخاري عن علي بن عبد الله عن محمد بن جعفر عن مَعْمَرٍ ، ورواه مسلم عن قتيبة عن الليث ، كلاهما عن الزُّهري.

٣٣٤ ـ أخبرنا أبو عبد الرحمن بن أبي حامد ، قال : أخبرنا محمد بن عبد الله بن محمد الحافظ ، قال : حدَّثنا أبو أحمد محمد بن محمد بن الحسن الشيباني ، قال : حدَّثنا أحمد بن حماد [بن] زُغْبَة ، قال : حدَّثنا حامد بن يحيى بن هانئ البَلْخِي ، قال : حدَّثنا سفيان ، قال : حدَّثني عمرو بن دينار عن أبي سَلَمة ، عن أم سَلَمة :

أن الزبير بن العوام خاصم رجلاً فقضى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم للزبير ، فقال الرجل : إنما قضى له أنه ابن عمته. فأنزل الله تعالى :( فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ ) الآية.

[١٥٦]

قوله تعالى :( وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ ) الآية. [٦٩].

٣٣٤ م ـ قال الكلبي : نزلت في ثَوْبَانَ مولى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وكان شديد

__________________

[٣٣٤] أخرجه الحميدي (٣٠٠) والطبراني في الكبير (٢٣ / ٢٩٤) من طريق سفيان عن عمرو بن دينار حدثني سلمة رجل من ولد أم سلمة به.

وعزاه في الدر (٢ / ١٨٠) للحميدي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والطبراني ـ وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (٧ / ٦)

[٣٣٤] م بدون إسناد.

١٦٨

الحب له ، قليل الصبر عنه ، فأتاه ذات يوم وقد تغير لونه ونحل جسمه ، يعرف في وجهه الحزن ، فقال له [رسول الله] : يا ثَوبَانُ ، ما غيَّر لونك؟ فقال : يا رسول الله ما بي من ضر ولا وجع ، غير أني إذا لم أَرَكَ اشتقت إليك ، واستوحشت وحشة شديدة حتى ألقاك ، ثم ذكرت الآخرة وأخاف أن لا أراك هناك ، لأني أعرف أنك تُرْفَعُ مع النبيّين ، وأني إن دخلت الجنة كنت في منزلة أدنى من منزلتك ، وإن لم أدخل الجنة فذاك أحْرَى أن لا أراك أبداً. فأنزل الله تعالى هذه الآية.

٣٣٥ ـ أخبرنا إسماعيل بن أبي نصر ، أخبرنا إبراهيم النَّصْرَابَاذِي ، قال : أخبرنا عبد الله بن عمر بن علي الجَوْهَرِيّ ، قال : حدَّثنا عبد الله بن محمود السَّعْدِي ، قال : حدَّثنا موسى بن يحيى ، قال : حدَّثنا عَبيدَةُ ، عن منصور عن مُسلم بن صُبَيْح عن مسروق ، قال

قال أصحاب رسول الله : ما ينبغي لنا أن نفارقك في الدنيا ، فإنك إذا فارقتنا رُفِعْتَ فوقنا. فأنزل الله تعالى :( وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ ) .

٣٣٦ ـ أخبرنا أحمد بن محمد بن إبراهيم ، أخبرنا شعيب ، قال : أخبرنا مَكِّي ، قال : أخبرنا أبو الأزهر ، قال : حدَّثنا رَوْح عن سعيد ، [عن شعبة] عن قتادة قال :

ذكر لنا أن رجالاً قالوا : يا نبي الله نراك في الدنيا ، فأما في الآخرة فإنك ترفع عنا بفضلك فلا نراك ، فأنزل الله تعالى هذه الآية.

٣٣٧ ـ أخبرني أبو نعيم الحافظ فيما أذن لي في روايته ، قال : أخبرنا

__________________

[٣٣٥] مرسل ، ابن جرير (٥ / ١٠٤) ، لباب ص ٨٣.

الدر (٢ / ١٨٢) وزاد نسبته لابن أبي حاتم وعبد بن حميد.

[٣٣٦] مرسل ، ابن جرير (٥ / ١٠٤) الدر (٢ / ١٨٢) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر.

[٣٣٧] عزاه في الدر (٢ / ١٨٢) للطبراني وابن مردويه وأبي نعيم في الحلية والضياء المقدسي في صفة الجنة ، وذكره السيوطي في لباب النقول (ص ٨٢).

وهو عند الطبراني في الصغير (٥٢) وذكر الهيثمي في مجمع الزوائد (٧ / ٧) وقال : رواه الطبراني في الصغير والأوسط ورجاله رجال الصحيح غير عبد الله بن عمران العابدي وهو ثقة.

١٦٩

سليمان بن أحمد اللَّخْمِي ، قال : حدَّثنا أحمد بن عمرو الخَلال ، قال : حدَّثنا عبد الله بن عمْران العابدي ، قال : حدَّثنا فُضَيل بن عِياض ، عن منصور ، عن إبراهيم ، عن الأسود ، عن عائشة ، قالت :

جاء رجل إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقال : يا رسول الله إنك لأحبُّ إليَّ من نفسي وأهلي وولدي ، وإني لأكون في البيت فأذكرك فما أصبر حتى آتيك فأنظر إليك ، وإذا ذكرتُ موتي وموتك عرفت أنك إِذا دخلتَ الجنة رُفِعتَ مع النبيين ، وأني إذا دخلت الجنة خشيت أن لا أراك. فلم يرد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم شيئاً ، حتى نزل جبريلعليه‌السلام بهذه الآية :( وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ ) الآية.

[١٥٧]

قوله تعالى :( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ ) الآية. [٧٧].

٣٣٨ ـ قال الكلبي : نزلت هذه الآية في نفر من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، منهم :

عبد الرحمن بن عَوْف ، والمِقْدادُ بن الأسْوَد ، وقُدَامَة بن مَظعُون وسعد بن أبي وقَّاص. كانوا يلقون من المشركين أذىً كثيراً ، ويقولون : يا رسول الله ائذن لنا في قتال هؤلاء ، فيقول لهم : كفوا أيديكم عنهم ، فإني لم أومر بقتالهم. فلما هاجر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى المدينة ، وأمرهم الله تعالى بقتال المشركين ـ كرهه بعضهم وشق عليهم ، فأنزل الله تعالى هذه الآية.

٣٣٩ ـ أخبرنا سعيد بن محمد بن أحمد العدل ، قال : أخبرنا أبو عمرو بن حمدان قال : أخبرنا الحسن بن سفيان ، قال : حدَّثنا محمد بن علي ، قال : سمعت أبي يقول : أخبرنا الحسين بن وَاقِد ، عن عمرو بن دينار ، عن عكرمة ، عن ابن عباس :

__________________

[٣٣٨] بدون إسناده ، والكلبي ضعيف.

[٣٣٩] صحيح : أخرجه النسائي في الجهاد (٦ / ٣) وفي التفسير (١٣٢) والحاكم في المستدرك (٢ / ٦٦) وصححه ووافقه الذهبي وأخرجه البيهقي في السنن (٩ / ١١) وابن جرير (٥ / ١٠٨).

وذكره السيوطي في لباب النقول (ص ٨٣).

وزاد نسبته في الدر (٢ / ١٨٤) لأبي أبي حاتم.

١٧٠

أن عبد الرحمن [بن عوف] وأصحاباً له أتوا إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم بمكة ، فقالوا : يا نبي الله كنا في عز ونحن مشركون ، فلما آمنا صرنا أذلة! فقال : إني أمرت بالعفو فلا تقاتلوا القوم. فلما حوّله الله إلى المدينة أمره بالقتال فكفوا ، فأنزل الله تعالى :( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ ) .

[١٥٨]

قوله تعالى :( أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ ) [٧٨].

٣٤٠ ـ قال ابن عباس في رواية أبي صالح : لما استشهد الله من المسلمين مَنِ استشهد يوم أحد ، قال المنافقون الذين تخلفوا عن الجهاد : لو كان إخواننا الذين قتلوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا. فأنزل الله تعالى هذه الآية.

[١٥٩]

قوله تعالى :( فَما لَكُمْ فِي الْمُنافِقِينَ فِئَتَيْنِ ) الآية. [٨٨].

٣٤١ ـ أخبرنا محمد بن إبراهيم بن محمد بن يحيى ، قال : حدَّثنا أبو عمرو إسماعيل بن نَجِيد ، قال : حدَّثنا يوسف بن يعقوب القاضي ، قال : حدَّثنا عمرو بن مَرْزُوق ، قال : حدَّثنا شُعْبَة ، عن عَدِيّ بن ثابت ، عن عبد الله بن يزيد بن ثابت :

أن قوماً خرجوا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى أُحد ، فرجعوا. فاختلف فيهم

__________________

[٣٤٠] أبو صالح لم يسمع من ابن عباس.

[٣٤١] أخرجه البخاري في الحج (١٨٨٤) وفي المغازي (٤٠٥٠) وفي التفسير (٤٥٨٩).

وأخرجه مسلم في كتاب صفات المنافقين (٦ / ٢٧٧٦) ص ٢١٤٢ والترمذي في التفسير (٣٠٢٨) وقال : حسن صحيح.

والنسائي في التفسير (١٣٣).

وأحمد في مسنده (٥ / ١٨٤ ، ١٨٧ ، ١٨٨).

وابن جرير في تفسيره (٥ / ١٢١) وأخرجه عبد بن حميد (٢٤٢ منتخب) وذكره السيوطي في اللباب ص ٨٤.

وزاد نسبته في الدر (٢ / ١٩٠) لأبي داود الطيالسي وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والبيهقي في الدلائل.

١٧١

المسلمون : فقالت فرقة : نقتلهم ، وقالت فرقة : لا نقتلهم. فنزلت هذه الآية.

رواه البخاري عَنْ بُنْدار ، عن غُنْدَر.

ورواه مسلم عن عبد الله بن معاذ ، عن أبيه ، كلاهما عن شُعْبة.

٣٤٢ ـ أخبرنا عبد الرحمن بن حَمْدَان العدل ، قال : أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر بن مالك ، قال : حدَّثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قال : حدَّثني أبي ، قال : حدَّثنا الأسود بن عامر ، قال : حدَّثنا حماد بن سلمة ، عن محمد بن إسحاق ، عن يزيد بن عبد الله بن قُسَيْط ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، عن أبيه :

أن قوماً من العرب أتوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم فأسلموا ، وأصابوا وباء المدينة وحُمَّاها فأُرْكِسوا ، فخرجوا من المدينة ، فاستقبلهم نفر من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقالوا : ما لكم رجعتم؟ فقالوا : أصابنا وباء المدينة فاجْتَوَيْنَاهَا فقالوا : ما لكم في رسول الله أسوة [حسنة؟] فقال بعضهم : نافقوا ، وقال بعضهم : لم ينافقوا هم مسلمون ، فأنزل الله تعالى :( فَما لَكُمْ فِي الْمُنافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللهُ أَرْكَسَهُمْ بِما كَسَبُوا ) الآية.

٣٤٢ م ـ وقال مجاهد في هذه الآية : هم قوم خرجوا من مكة حتى جاءوا المدينة يزعمون أنهم مهاجرون ، ثم ارتدوا بعد ذلك ، فاستأذنوا النبيعليه‌السلام [أن يخرُجُوا] إلى مكة ليأتوا ببضائع لهم يتجرون فيها ، فاختلف فيهم المؤمنون : فقائل يقول : هم منافقون ، وقائل يقول : هم مؤمنون. فبين الله تعالى نفاقهم وأنزل هذه الآية ، وأمر بقتلهم في قوله :( فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ ) فجاءوا ببضائعهم يريدون هِلالَ بن عُوَيمر الأَسْلَمي وبَيْنَه وبين النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم حلف ، وهو الذي حَصِرَ صَدْرُه أن يقاتل المؤمنين ، فرفع عنهم القتل بقوله تعالى :( إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلى قَوْمٍ ) الآية.

__________________

[٣٤٢] إسناده ضعيف : أبو سلمة لم يسمع من أبيه ، وابن إسحاق مدلس وقد عنعنه ، مجمع الزوائد (٧ / ٧) وقال : رواه أحمد وفيه ابن إسحاق وهو مدلس وأبو سلمة لم يسمع من أبيه أ. ه. والحديث عند أحمد (١ / ١٩٢).

وعزاه السيوطي في الدر (٢ / ١٩٠) لأحمد بسند فيه انقطاع.

[٣٤٢] م مرسل ، عزاه في الدر (٢ / ١٩٠) لعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم.

١٧٢

[١٦٠]

قوله تعالى :( وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً ) الآية [٩٢].

٣٤٣ ـ أخبرنا أبو عبد الله بن أبي إسحاق ، قال : أخبرنا أبو عمرو بن نجيد ، قال : حدَّثنا أبو مسلم إبراهيم بن عبد الله [قال : حدَّثنا] ابن حَجَّاج ، قال : حدَّثنا حماد ، قال : أخبرنا محمد بن إسحاق ، عن عبد الرحمن بن القاسم ، عن أبيه :

أن الحارث بن يزيد كان شديداً على النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فجاء وهو يريد الإسلام ، فلقيه عَيَّاش بن أبي ربيعة ، والحارث يريد الإسلام ، وعياش لا يشعر ، فقتله. فأنزل الله تعالى :( وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً ) الآية.

وشرح الكلبي هذه القصة فقال : إن عياش بن أبي رَبيعة المَخْزُوميّ أسلم وخاف أن يظهر إسلامه ، فخرج هارباً إِلى المدينة فَقَدمهَا ، ثم أتى أُطُماً من آطامِهَا فتحصَّن فيه. فجزعت أمه جزعاً شديداً ، وقالت لابنيها أبي جهل والحارث بن هشام ـ وهما [أخواه] لأمه ـ : والله لا يظلني سقف بيت ، ولا أذوق طعاماً ولا شراباً حتى تأتوني به ، فخرجا في طلبه وخرج معهم الحارث بن زيد بن أبي أنيسة ، حتى أتوا المدينة ، فأتوا عَيَّاشاً وهو في الأُطُم ، فقالا له : انزل فإِن أمّك لم يؤوها سقف بيت بعدك ، وقد حلفت لا تأكل طعاماً ولا شراباً حتى ترجع إليها ، ولك الله علينا أن لا نكرهك على شيء ، ولا نحول بينك وبين دينك. فلما ذكرا له جزع أمه وأوثقا له نزل إليهم ، فأخرجوه من المدينة وأوثقوه بِنِسْع ، وجلَدَه كل واحد منهم مائة جلدة ، ثم قدموا به على أمه فقالت : والله لا أحلك من وثاقك حتى تكفر بالذي آمنت به ، ثم تركوه موثقاً في الشمس وأعطاهم بعض الذي أرادوا ، فأتاه الحارث بن يزيد وقال : [يا] عياش ، والله لئن كان الذي كنت عليه هُدىً لقد تركت الهدى ، وإن كان ضلالة لقد كنت عليها. فغضب عياش من مقالته ، وقال : والله لا ألقاك خالياً إلا قتلتك. ثم إن عياشاً أسلم بعد ذلك وهاجر إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم بالمدينة. ثم

__________________

[٣٤٣] مرسل. وأخرجه البيهقي في السنن (٨ / ٧٢) وقال : وقد رويناه من حديث جابر موصولاً ، وعزاه في الدر (٢ / ١٩٣) للبيهقي في السنن وابن المنذر.

وذكره الحافظ ابن حجر في الإصابة (١ / ٢٩٥) في ترجمة الحارث بن يزيد.

١٧٣

إن الحارث بن يزيد أسلم وهاجر [بعد ذلك إلى رسول الله بالمدينة] وليس عياش يومئذ حاضراً ، ولم يشعر بإسلامه. فبينا هو يسير بظهر قَباء إِذ لقي الحارث بن يزيد ، فلما رآه حمل عليه فقتله ، فقال الناس : أي شيء صنعت ، إنه قد أسلم. فرجع عياش إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقال : يا رسول الله ، كان من أمري وأمر الحارث ما قد علمت ، وإني لم أشعر بإسلامه حتى قتلته. فنزل عليه جبريلعليه‌السلام بقوله تعالى :( وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً ) .

[١٦١]

قوله تعالى :( وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً ) الآية. [٩٣].

٣٤٤ ـ قال الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس : إن مَقِيس بن صُبَابَة وجد أخاه هشام بن صُبَابة قتيلاً في بني النّجار ، وكان مسلماً ، فأتى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فذكر له ذلك ، فأرسل رسول اللهعليه‌السلام معه رسولاً من بني فِهْر فقال له : ائت بني النجار ، فأقرئهم السلام وقل لهم : «إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم يأمركم إن علمتم قاتل هشام بن صُبَابة أن تدفعوه إلى أخيه فيقتصّ منه ، وإن لم تعلموا له قاتلاً أن تدفعوا إليه ديته». فأبلغهم الفِهْرِي ذلك عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقالوا : سمعاً وطاعة لله ولرسوله ، والله ما نعلم له قاتلاً ، ولكن نؤدي إليه ديته. فأعطوه مائة من الإبل. ثم انصرفا راجعين نحو المدينة ، وبينهما وبين المدينة قريب ، فأتى الشيطان مَقِيساً فوسوس إليه فقال : أيّ شيء صنعت؟ تقبل دية أخيك فيكون عليك سبة؟ اقتل الذي معك فيكونَ نفس مكان نفس وفَضْلُ الدية! ففعل مَقِيس ذلك ، فرمى الفِهْرِيّ بصخرة فشدخ رأسه ، ثم ركب بعيراً منها وساق بقيتها راجعاً إلى مكة كافراً ، وجعل يقول في شعره :

قَتَلْتُ بِهِ فهْراً وَحَمَّلْتُ عَقْلَهُ

سَرَاةَ بَنِي النَّجَارِ أَرْبَابِ فَارعِ

وأدْرَكْتُ ثأْرِي واضطَجَعْتُ مُوَسَّداً

وكُنْتُ إلى الأوْثَانِ أَوّلَ رَاجِعِ

فنزلت هذه الآية :( وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً ) الآية. ثم أهدر النبيعليه‌السلام دمه يوم فتح مكة ، فأدركه الناس بالسوق فقتلوه.)

__________________

[٣٤٤] إسناده ضعيف لضعف الكلبي ، انظر الإصابة (٣ / ٦٠٣)

١٧٤

[١٦٢]

قوله تعالى :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَتَبَيَّنُوا ) . [٩٤].

٣٤٥ ـ أخبرنا أبو إبراهيم إسماعيل بن إبراهيم الواعظ ، قال : أخبرنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن حامد ، قال : أخبرنا أحمد بن الحسين بن عبد الجبار ، قال : حدَّثنا محمد بن عَبَّاد ، قال : حدَّثنا سفيان ، عن عَمْرو ، عن عطاء ، عن ابن عباس ، قال :

لحق المسلمون رجلاً في غُنَيْمَةٍ له ، فقال : السلام عليكم ، فقتلوه وأخذوا غُنَيْمَتَهُ. فنزلت هذه الآية :( وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا ) [أي] تلك الغنيمة. رواه البخاري عن علي بن عبد الله ، ورواه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة ، كلاهما عن سفيان.

٣٤٦ ـ وأخبرنا إسماعيل ، قال : أخبرنا أبو عمرو بن نجيد ، قال : حدَّثنا محمد بن الحسن بن الخليل ، قال : حدَّثنا أبو كريب ، قال : حدَّثنا عبيد الله ، عن إسرائيل ، عن سِمَاك ، عن عَكْرَمَة ، عن ابن عباس ، قال :

مرّ رجل من سُلَيم على نفر من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ومعه غنم [له]

__________________

[٣٤٥] أخرجه البخاري في التفسير (٤٥٩١) ومسلم في التفسير (٢٢ / ٣٠٢٥) ص ٢٣١٩ ، وأبو داود في الحروف (٣٩٧٤).

والنسائي في التفسير (١٣٦).

وزاد المزي نسبته في تحفة الأشراف (٥٩٤٠) للنسائي في السير في الكبرى.

وأخرجه ابن جرير (٥ / ١٤١).

وذكره السيوطي في لباب النقول (ص ٩٤).

وزاد نسبته في الدر (٢ / ١٩٩) لعبد الرزاق وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن أبي حاتم.

[٣٤٦] أخرجه الترمذي في التفسير (٣٠٣٠) وقال : هذا حديث حسن والحاكم في المستدرك (٢ / ٢٣٥) وصححه ووافقه الذهبي.

وأحمد في مسنده (١ / ٢٢٩ ، ٢٧٢ ، ٣٢٤).

وزاد السيوطي نسبته في الدر (٢ / ١٩٩) لابن أبي شيبة والطبراني وعبد بن حميد وابن المنذر وابن جرير لباب النقول (ص ٨٦)

١٧٥

فسلم عليهم ، فقالوا : ما سلم عليكم إِلا لِيَتَعَوَّذَ منكم ، فقاموا إِليه فقتلوه ، وأخذوا غنمه ، وأتوا بها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم . فأنزل الله تعالى :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَتَبَيَّنُوا ) .

٣٤٧ ـ أخبرنا أبو بكر الأصفهاني ، قال : أخبرنا أبو الشيخ الحافظ ، قال : أخبرنا أبو يحيى الرازي ، قال : حدَّثنا سهل بن عثمان ، قال : حدَّثنا وكيع عن سفيان ، عن حَبِيب بن أبي عَمْرَة ، عن سَعيد بن جُبَيْر ، قال :

خرج المِقْدَادُ بن الأَسْوَد في سَرِيَّة ، فمروا برجل في غُنَيْمةٍ له فأرادوا قتله ، فقال : لا إِله إِلَّا الله ، فقتله المقداد ، فقيل له : أقتلته وقد قال : لا إِله إِلا الله؟ ودَّ لو فرَّب بأهله وماله. فلما قدموا على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ذكروا ذلك له ، فنزلت :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَتَبَيَّنُوا ) .

٣٤٨ ـ وقال الحسن : إن أصحاب النبيعليه‌السلام خرجوا يطوفون فلقوا المشركين فهزموهم ، فشد منهم رجل فتبعه رجل من المسلمين وأراد متاعه ، فلما غشيه بالسّنان قال : إني مسلم ، إني مسلم. فكذبه ثم أوْجَرَهُ بالسنان فقتله وأخذ متاعه وكان قليلاً ، فرفع ذلك إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقال : قتلته بعد ما زعم أنه مسلم؟ فقال : يا رسول الله ، إنما قالها مُتَعَوِّذاً. قال : فهلا شققت عن قلبه! [قال : لم يا رسول الله؟ قال] : لتنظر أصادق هو أم كاذب؟ قال : وكنت أعلم ذلك يا رسول الله؟ قال : ويك إنك [إِن] لم تكن تعلم ذلك ، إنما كان يبين [عنه] لسانه. قال : فما لبث القاتل أن مات فدفن ، فأصبح وقد وضع إِلى جنب قبره. قال : ثم عادوا فحفروا له وأمكنوا ودفنوه ، فأصبح وقد وضع إِلى جنب قبره مرتين أو ثلاثاً. فلما رأوا أن الأرض لا تقبله أَلْقُوه في بعض تلك الشعاب. قال : وأنزل الله تعالى هذه الآية.

قال الحسن : إن الأرض تُجِنُّ من هو شر منه ، ولكن وُعِظَ القومُ أَن لا يعودوا.)

__________________

[٣٤٧] مرسل ، أخرجه ابن جرير (٥ / ١٤٢) وزاد نسبته في الدر (٢ / ٢٠١) لابن أبي شيبة.

[٣٤٨] مرسل ، وعزاه في الدر (٢ / ٢٠١) لابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل.

١٧٦

٣٤٩ ـ أخبرنا أبو نصر أحمد بن محمد المُزَكّي ، قال : أخبرنا عبيد الله بن محمد بن بَطَّة ، قال : أخبرنا أبو القاسم البَغَوِيّ ، قال : حدَّثنا سعيد بن يحيى الأموي ، قال : حدَّثني أبي ، قال : حدَّثنا محمد بن إسحاق عن يزيد بن عبد الله بن قُسَيْط ، عن القَعْقَاع بن عبد الله بن أبي حَدْرَد ، عن أبيه ، قال :

بعثنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم في سَرِيَّة إِلى إضَم ، قبل مخرجه إلى مكة ، قال : فمر بنا عامر الأَضْبط الأَشجَعِي ، فحيانا تحية الإسلام فنزعنا عنه ، وحمل عليه محلَّم بن جَثَّامة ، لشر كان بينه وبينه في الجاهلية ، فقتله واستلب بعيراً له ووطاء ومُتَيِّعاً كان له. قال : فأنهينا شأننا إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فأخبرناه بخبره ، فأنزل الله تعالى :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَتَبَيَّنُوا ) إلى آخر الآية).

٣٥٠ ـ وقال السدي : بعث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، أسامَةَ بن زيد على سرية ، فلقي مِرْدَاس بن نهيك الضَّمْرِي فقتله ، وكان من أهل «فَدَكَ» ولم يسلم من قومه غيره ، وكان يقول : لا إِله إلا الله محمد رسول الله ، ويسلِّم عليهم. قال أسامة : فلما قدمت على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، أخبرته فقال : قتلت رجلاً يقول : لا إله إلا الله؟ فقلت : يا رسول الله ، إنما تَعَوَّذَ من القتل. فقال : كيف أنت إذا خاصَمَكَ يوم القيامة بلا إله إلا الله ، قال : فما زال يرددها عليّ : أقتلت رجلاً يقول : لا إله إلا الله؟ حتى تمنيت لو أن إسلامي كان يومئذ ، فنزلت :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَتَبَيَّنُوا ) الآية. ونحو هذا قال الكلبي وقتادة).

[و] يدل على صحته الحديث الذي.

٣٥١ ـ أخبرناه أبو بكر محمد بن إبراهيم الفارسي ، قال : أخبرنا محمد بن

__________________

[٣٤٩] في إسناده محمد بن إسحاق : وهو ثقة مدلس ، ولكنه صرح بالتحديث في مسند أحمد.

والحديث : أخرجه أحمد في مسنده (٦ / ١١) وابن جرير (٥ / ١٤٠) والبيهقي في الدلائل (٤ / ٣٠٥).

وزاد السيوطي نسبته في الدر (٢ / ١٩٩) لابن سعد وابن أبي شيبة والطبراني وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي نعيم في الدلائل ، وذكره السيوطي في لباب النقول (ص ٨٧)

[٣٥٠] مرسل.

[٣٥١] أخرجه البخاري في المغازي (٤٢٦٩) وفي الديات (٦٨٧٢)

١٧٧

عيسى بن عمرويه ، قال : حدَّثنا إبراهيم بن سفيان ، قال : حدَّثنا مسلم قال : حدَّثني يعقوب الدَّوْرَقي ، قال : حدَّثنا هشيم ، قال : أخبرنا [ابن] حصين ، قال : حدَّثنا أبو ظبيان ، قال : سمعت أسامة بن زيد بن حارثة يحدث ، قال :

بعثنا النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى الحرقة من جُهَيْنَةَ ، فصبحنا القوم فهزمناهم. قال : فلحقت أنا ورجل من الأنصار رجلاً منهم ، فلما غشيناه قال : لا إله إلا الله. قال : فكفّ عنه الأنصاري فطعنته برمحي فقتلته ، فلما قدمنا بلغ ذلك النبيعليه‌السلام فقال : يا أسامة ، أقتلته بعد ما قال : لا إله إلا الله؟ قلت : يا رسول الله ، إنما كان متعوذاً. قال : أقتلته بعد ما قال : لا إله إلا الله؟ قال : فما زال يكررها عليّ حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم.

[١٦٣]

قوله تعالى :( لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) الآية. [٩٥].

٣٥٢ ـ أخبرنا أبو عثمان سعيد بن محمد العدل ، قال : أخبرنا جدي ، قال : أخبرنا محمد بن إسحاق السّراج ، قال : حدَّثنا محمد بن حميد الرّازي ، قال : حدَّثنا سلمة بن الفضل ، عن محمد بن إسحاق ، عن الزُّهْري ، عن سهل بن سعد ، عن مروان بن الحكم ، عن زيد بن ثابت ، قال :

__________________

وأخرجه مسلم في الإيمان (١٥٨ ، ١٥٩ / ٩٦) ص ٩٦ ـ ٩٧ وأبو داود في الجهاد (٢٦٤٣).

وزاد المزي نسبته في تحفة الأشراف (٨٨) للنسائي في السير في الكبرى.

وزاد السيوطي نسبته في الدر (٢ / ٢٠٢) لابن أبي شيبة.

[٣٥٢] إسناده ضعيف : محمد بن إسحاق مدلس وقد عنعنه.

وله شاهد صحيح من طريق آخر :

أخرجه البخاري في الجهاد (٢٨٣٢) وفي التفسير (٤٥٩٢) والترمذي في التفسير (٣٠٣٣) وقال : حسن صحيح.

والنسائي في الجهاد (٦ / ٩).

وأخرجه أحمد في مسنده (٥ / ١٨٤).

والبيهقي في السنن (٩ / ٢٣) وابن جرير (٥ / ١٤٥) وزاد السيوطي نسبته في الدر (٢ / ٢٠٢) لابن سعد وعبد بن حميد وأبي داود وابن المنذر وأبي نعيم في الدلائل. وذكره في لباب النقول ص ٨٨.

١٧٨

كنت عند النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم حين نزلت عليه :( لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) ( وَالْمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ ) ولم يذكر أُولي الضرر ، فقال ابن أَم مكتوم ، كيف وأنا أَعمى لا أبصر؟ قال زيد : فتَغَشَّى النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم في مجلسه الوحي ، فاتكأ على فخذي ، فو الذي نفسي بيده لقد ثقل على فخذي حتى خشيت أن يَرُضَّها ، ثم سُرِّيّ عنه فقال : اكتب( لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ ) فكتبتها.

رواه البخاري عن إسماعيل بن عبد الله ، عن إبراهيم بن سعد ، عن صالح ، عن الزهري.

٣٥٣ ـ أخبرنا محمد بن إبراهيم بن محمد بن يحيى ، قال : أخبرنا محمد بن جعفر بن مطر ، قال : حدَّثنا أبو خليفة ، قال : حدَّثنا أبو الوليد ، قال : حدَّثنا شعبة ، قال : أنبأنا أبو إسحاق : سمعت البَرَاء يقول :

لما نزلت هذه الآية :( لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ ) دعا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم زيداً فجاء بِكَتِفٍ وكتبها ، فشكا ابن أم مَكْتُوم ضَرَارَتُه ، فنزلت :( لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ ) . رواه البخاري عن أبي الوليد ، ورواه مسلم عن بُنْدَار عن غندر ، [كلاهما] عن شُعْبة.

٣٥٤ ـ أخبرنا إسماعيل بن أبي القاسم النَّصْرَابَاذِي ، قال : أخبرنا إسماعيل بن نجيد ، قال : أخبرنا محمد بن عبدوس ، قال : حدَّثنا علي بن الجعد ، قال : حدَّثنا زهير ، عن أبي إسحاق ، عن البَرَاء ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، أنه قال :

ادع لي زيداً وقل له : يجيء بالكَتِفِ والدَّواة أو اللوح ، وقال : اكتب لي :

__________________

[٣٥٣] أخرجه البخاري في الجهاد (٢٨٣١) وفي التفسير (٤٥٩٣) وأخرجه مسلم في الإمارة (١٤١ ، ١٤٢ / ١٨٩٨) ص ١٥٠٨ ، ١٥٠٩ وأخرجه البيهقي في السنن (٩ / ٢٣) وابن جرير (٥ / ١٤٤) وأحمد (٤ / ٢٨٢) وزاد السيوطي نسبته في الدر (٢ / ٢٠٢) لابن سعد وعبد بن حميد والترمذي وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن الأنباري في المصاحف والبغوي في معجمه. وذكره السيوطي في لباب النقول (ص ٨٨)

[٣٥٤] أخرجه البخاري في التفسير (٤٥٩٤) وفي فضائل القرآن (٤٩٩٠) وابن أبي شيبة في المصنف (٥ / ٣٤٣)

١٧٩

( لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) أحسبه قال :( وَالْمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ ) فقال ابن أُمّ مَكْتُوم : يا رسول الله يعينيّ ضرر ، قال : فنزلت قبل أن يَبْرَح( غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ ) . رواه البخاري عن محمد بن يوسف ، عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق.

[١٦٤]

قوله تعالى :( إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ ) الآية [٩٧].

٣٥٥ ـ نزلت هذه الآية في ناس من أهل مكة تكلموا بالإسلام ولم يهاجروا ، وأظهروا الإيمان وأسرُّوا النفاق ، فلما كان يوم بدر خرجوا مع المشركين إلى حرب المسلمين فقُتِلوا ، فضربت الملائكة وجوهَهم وأدبارهم ، وقالوا لهم ما ذكر الله سبحانه.

٣٥٦ ـ أخبرنا أبو بكر الحارثي ، قال : أخبرنا أبو الشيخ الحافظ ، قال : أخبرنا أبو يحيى ، قال : حدَّثنا سهل بن عثمان ، قال : حدَّثنا عبد الرحيم بن سليمان ، عن أشعث بن سواد ، عن عكرمة ، عن ابن عباس :( إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ ) وتلاها إلى آخرها ، قال :

كانوا قوماً من المسلمين بمكة ، فخرجوا في قوم من المشركين في قتال ، فقتلوا معهم. فنزلت هذه الآية.

[١٦٥]

قوله تعالى :( وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ ) . [١٠٠].

٣٥٧ ـ قال ابن عباس في رواية عطاء : كان عبد الرحمن بن عوف بخبر أهل

__________________

[٣٥٥] بدون سند.

[٣٥٦] أشعث بن سوار ضعيف تقريب [١ / ٧٩] وله شاهد صحيح :

أخرجه البخاري في التفسير (٤٥٩٦) والنسائي في التفسير (١٣٩). وابن جرير (٥ / ١٤٨)

[٣٥٧] بدون إسناد وانظر الإصابة (١ / ٢٥١) ترجمة جندع بن ضمرة. وانظر مجمع الزوائد (٧ / ٩ ـ ١٠)

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

سورة الحجر

[٢٧٣]

بسم الله الرحمن الرحيم

قوله تعالى :( وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ ) . [٢٤].

٥٥٢ ـ أخبرنا نصر بن أبي نصر الواعظ ، قال : أخبرنا أبو سعيد عبد الله بن محمد بن نُصَير الرَّازي ، قال : أخبرنا [محمد بن أيوب الرازي ، قال : أخبرنا] سعيد بن منصور قال : حدثنا نوح بن قيس الطَّاحي ، قال : حدثنا عمرو بن مالك ، عن أبي الجَوْزَاء ، عن ابن عباس ، قال :

__________________

[٥٥٢] أخرجه الترمذي في التفسير (٣١٢٢) وقال : وروى جعفر بن سليمان هذا الحديث عن عمرو بن مالك عن أبي الجوزاء نحوه ولم يذكر فيه عن ابن عباس وهذا أشبه أن يكون أصح من حديث نوح.

وأخرجه النسائي في المجتبى (٢ / ١١٨) وفي التفسير (٢٩٣) وابن ماجة (١٠٤٦) والحاكم في المستدرك (٢ / ٣٥٣) وصححه ووافقه الذهبي.

وأخرجه الطبراني في الكبير (١٢ / ١٧١).

وأخرجه ابن جرير (١٤ / ١٨) من طريق جعفر بن سليمان عن عمرو بن مالك عن أبي الجوزاء ، ولم يذكر ابن عباس ، وهي الرواية التي أشار إليها الترمذي. وأخرجه ابن جرير (١٤ / ١٨) عن ابن عباس.

وأخرجه البيهقي في السنن (٣ / ٩٨).

وزاد السيوطي نسبته في الدر (٤ / ٩٦) للطيالسي وسعيد بن منصور وأحمد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن خزيمة وابن حبان وابن مردويه.

٢٨١

كانت تصلي خلف النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم امرأة حسناء في آخر النساء ، فكان بعضهم يتقدم إلى الصف الأول لئلا يراها ، وكان بعضهم يكون في الصف المؤخر ، فإذا ركع قال هكذا ـ ونظر من تحت إبطه ـ فنزلت :( وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ ) .

٥٥٣ ـ وقال الربيع بن أنس : حرّض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم على الصف الأول في الصلاة ، فازدحم الناس عليه ، وكان بنو عُذْرَة دُورُهم قاصيةٌ عن المسجد ، فقالوا : نبيع دورنا ونشتري دوراً قريبة من المسجد ، فأنزل الله تعالى هذه الآية.

[٢٧٤]

قوله تعالى( وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ ) [٤٧].

٥٥٤ ـ أخبرنا عبد الرحمن بن حمدان العدل ، قال : أخبرنا أحمد بن جعفر بن مالك ، قال : أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قال : حدثني محمد بن سليمان بن خالد الفحام قال : أخبرنا علي بن هاشم ، عن كثير النَّوَّاء ، [أنه] قال :

قلت لأبي جعفر : إن فلاناً حدثني عن علي بن الحسينرضي‌الله‌عنهما : أن هذه الآية نزلت في أبي بكر وعمر وعليرضي‌الله‌عنهم :( وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ ) قال : والله إنها لفيهم أنزلت [وفيمن تنزل إلا فيهم؟] قلت : وأي غل هو؟ قال : غِلّ الجاهلية ، إن بني تَيْم وعَدِي وبني هاشم ، كان بينهم في الجاهلية [غل] ، فلما أسلم هؤلاء القوم تحابوا فأخذتْ أبا بكر الخاصِرةُ ، فجعل عليٌّ يسخن يده فيكمد بها خَاصِرَة أبي بكر ، فنزلت هذه الآية.

[٢٧٥]

قوله تعالى :( نَبِّئْ عِبادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) . [٤٩].

__________________

[٥٥٣] مرسل.

[٥٥٤] في إسناده كثير النواء : ضعيف [تقريب ٢ / ١٣١] وعزاه السيوطي في الدر (٤ / ١٠١) لابن أبي حاتم وابن عساكر.

٢٨٢

٥٥٥ ـ روى ابن المبارك بإسناده عن رجل من أصحاب النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، أنه قال :

طلع علينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم من الباب الذي يدخل منه ، بنو شَيْبَةَ ، ونحن نضحك ، فقال : ألا أراكم تضحكون! ثم أدبر حتى إذا كان عند الحِجْر رجع إلينا القَهْقَرَى ، فقال : إني لما خرجت جاء جبريلعليه‌السلام ، فقال : يا محمد يقول الله تعالىعزوجل : لم تُقَنِّط عبادي؟( نَبِّئْ عِبادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) .

[٢٧٦]

قوله تعالى :( وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ ) . [٨٧].

٥٥٦ ـ قال الحسين بن الفضل : إن سبع قوافل وافت من بُصْرَى وأذْرِعَات ليهود قُرَيْظَة والنَّضِير في يوم واحد ، فيها أنواع من البَزِّ وأوعية الطِّيب والجواهر وأمتعة البحر ، فقال المسلمون : لو كانت هذه الأموال لنا لتقوينا بها فأنفقناها في سبيل الله. فأنزل الله تعالى هذه الآية وقال : لقد أعطيتكم سبع آيات هي خير لكم من هذه السبع القوافل. ويدل على صحة هذا قوله تعالى على أثرها :( لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ ) الآية.

__________________

[٥٥٥] ذكره المصنف بدون إسناد ، وقد أخرجه ابن جرير (١٤ / ١٠٢) بإسناده من طريق ابن المبارك عن مصعب بن ثابت.

ومصعب بن ثابت : قال الحافظ في التقريب : لين الحديث وعلى ذلك يكون الإسناد ضعيف.

وعزاه في الدر (٤ / ١٠٢) لابن جرير وابن مردويه.

[٥٥٦] مرسل.

٢٨٣

سورة النحل

[٢٧٧]

بسم الله الرحمن الرحيم

قوله تعالى :( أَتى أَمْرُ اللهِ ) الآية. [١].

٥٥٧ ـ قال ابن عباس : لما أنزل الله تعالى :( اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ ) قال الكفار بعضهم لبعض : إن هذا يزعم أن القيامة قد قربت ، فأمسكوا عن بعض ما كنتم تعملون حتى ننظر ما هو كائن. فلما رأوا أنه لا ينزل شيء قالوا :ما نرى شيئاً ، فأنزل الله تعالى :( اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ ) فأشفقوا وانتظروا قرب الساعة. فلما امتدت الأيام قالوا : يا محمد ما نرى شيئاً مما تخوفنا به ، فأنزل الله تعالى :( أَتى أَمْرُ اللهِ ) فوثب النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ورفع الناس رؤوسهم ، فنزل :( فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ ) فاطمأنوا. فلما نزلت هذه الآية قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : بعثت أنا والساعة كهاتين ـ وأشار بإصبعه ـ إن كادت لتسبقني.

٥٥٨ ـ وقال الآخرون : الأمر هاهنا : العذاب بالسيف. وهذا جواب النضر بن الحارث حين قال :( اللهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ ) يستعجل العذاب ، فأنزل الله تعالى هذه الآية.

__________________

[٥٥٧] بدون إسناد.

[٥٥٨] بدون إسناد.

٢٨٤

[٢٧٨]

قوله تعالى :( خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ ) . [٤].

٥٥٩ ـ نزلت الآية في أبيّ بن خَلَف الجُمَحِيّ حين جاء بِعَظْمٍ رَمِيمٍ إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقال : يا محمد ، أَتُرَى الله يُحيِي هذا بعد ما قد رمَّ؟

نظير هذه الآية قوله تعالى في سورة يس :( أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ ) إلى آخر السورة ، نازلة في هذه القصة.

[٢٧٩]

قولهعزوجل :( وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللهُ مَنْ يَمُوتُ ) الآية. [٣٨].

٥٦٠ ـ قال الربيع بن أنس ، عن أبي العالية :

كان لرجل من المسلمين على رجل من المشركين دين ، فأتاه يتقاضاه ، فكان فيما تكلم به : والذي أرجوه بعد الموت ، فقال المشرك : وإنك لتزعم أنك تُبعث بعد الموت ، فأقسمُ بالله لا يبعث الله مَن يموت ، فأنزل الله تعالى هذه الآية.

[٢٨٠]

قولهعزوجل :( وَالَّذِينَ هاجَرُوا فِي اللهِ مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا ) الآية. [٤١].

٥٦١ ـ نزلت في أصحاب النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، بمكة : بلال ، وصُهَيب ، وخَبَّاب ، وعمّار ، و [أبي] جَنْدَل بن سُهَيل ، أخذهم المشركون بمكة فعذّبوهم وآذوهم ، فبوَّأهم الله تعالى المدينة بعد ذلك.

__________________

[٥٥٩] بدون إسناد.

[٥٦٠] مرسل ، وأخرجه ابن جرير (١٤ / ٧٣) وعزاه في الدر (٤ / ١١٨) لعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم.

وانظر رقم (٦١٠)

[٥٦١] بدون إسناد.

٢٨٥

[٢٨١]

قولهعزوجل :( وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ ) الآية. [٤٣].

٥٦٢ ـ نزلت في مشركي مكة ، أنكروا نبوة محمدصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وقالوا : الله أعظم من أن يكون رسوله بشراً ، فهلّا بعث إلينا ملكاً!.

[٢٨٢]

قوله تعالى :( ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْناهُ مِنَّا رِزْقاً حَسَناً فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْراً ، هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ* وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً رَجُلَيْنِ أَحَدُهُما أَبْكَمُ لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلى مَوْلاهُ أَيْنَما يُوَجِّهْهُ لا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ ) [٧٥ ، ٧٦].

٥٦٣ ـ أخبرنا محمد بن إبراهيم بن محمد بن يحيى ، قال : أخبرنا أبو بكر بن الأنباري ، قال : حدثنا جعفر بن محمد بن شاكر ، قال : حدثنا عفان ، قال :حدثنا وهيب ، قال : حدثنا عبد الله بن عثمان بن خُثَيْم ، عن إبراهيم ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال :

نزلت هذه الآية :( ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ ) في هشام بن عمرو وهو الذي ينفق ماله سراً وجهراً ، ومولاه أبو الجَوْزاء ، الذي كان ينهاه. ونزلت :( وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً رَجُلَيْنِ أَحَدُهُما أَبْكَمُ لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ ) . فالأبكم منهما الكَلُّ على مَوْلَاهُ ، هو : أسيد بن أبي العيص. والذي( يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ ) هو : عثمان بن عفان.

__________________

[٥٦٢] ذكره المصنف بدون إسناد ، وقد أخرجه ابن جرير (١٤ / ٧٥) بإسناده فيه عن ابن عباس. وفي إسناده عنده بشر بن عمارة وهو ضعيف ، ومن طريق الضحاك عن ابن عباس ، والضحاك لم يسمع من ابن عباس.

وعزاه في الدر (٤ / ١١٨) لابن جرير وابن أبي حاتم.

[٥٦٣] في إسناده وهيب بن خالد ثقة ثبت تغيّر قبل موته.

وعزاه في الدر (٤ / ١٣٥) لابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه وابن عساكر.

٢٨٦

[٢٨٣]

قولهعزوجل :( إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ ) الآية. [٩٠].

٥٦٤ ـ أخبرنا أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم ، قال : حدثنا شعيب بن محمد البَيْهَقي ، قال : أخبرنا مكي بن عبدان ، قال : أخبرنا أبو الأزْهَر ، قال : حدثنا روْح بن عُبادة عن عبد الحميد بن بهرام ، قال : حدثنا شَهْر بن حَوْشَب ، قال : حدثنا عبد الله بن عباس ، قال :

بينما رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم بِفناء بيته بمكة جالساً ، إذ مر به عثمان بن مَظْعُون ، فكَشَرَ إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقال له : ألا تجلس؟ فقال : بلى. فجلس إليه مستقبِلَه ، فبينما هو يحدثه إذْ شَخَصَ بصره إلى السماء ، فنظر ساعة وأخذ يَضَعُ بَصَرَه حتى وضع على يمينه في الأرض ، ثم تَحَرَّف عن جليسه عثمان إلى حيث وضع بصره ، فأخذ يُنْغِضُ رأسَه كأنه يسْتَفْقِه ما يقال له ، ثم شَخص بصرُه إلى السماء كما شخص أول مرة ، فأتْبَعَهُ بصرَه حتى توارى في السماء ، وأقبل على عثمان كجلسته الأولى ، فقال : يا محمد ، فيما كنت أجالسك وآتيك ، ما رأيتك تفعل فَعْلَتَك الغداة. قال : وما رأيتني فعلت؟ قال : رأيتك شخص بصرك إلى السماء ، ثم وضعته حين وضعته على يمينك ، فتَحَرَّفْتَ إليه وتركتني ، فأخذت تُنْغِضُ رأسَك كأنك تستفقه شيئاً يقال لك. قال : أوَفَطِنْتَ إلى ذلك؟ قال عثمان : نعم. قال : أتاني رسول الله جبريلُ آنفاً وأنت جالس. [قال : رسول الله؟ قال : نعم] قال : فما ذا قال لك؟ قال : قال لي :( إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ) [قال عثمان] : فذلك حين استقر الإيمان في قلبي ، وأحببت محمداًصلى‌الله‌عليه‌وسلم .

__________________

[٥٦٤] إسناده حسن : أخرجه أحمد (١ / ٣١٨) ، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (٧ / ٤٨) وقال : رواه أحمد والطبراني وشهر وثّقه أحمد وجماعة وفيه ضعف لا يضر وبقية رجاله ثقات. وذكره ابن كثير في تفسير هذه الآية وقال عنه : إسناد جيد متصل قد بين فيه السماع المتصل.

وزاد السيوطي نسبته في الدر (٤ / ١٢٨) للبخاري في الأدب المفرد والطبراني وابن أبي حاتم وابن مردويه.

والحديث أخرجه الطبراني في الكبير (٩ / ٢٧) و (١٠ / ٣٣٣)

٢٨٧

[٢٨٤]

قوله تعالى :( وَإِذا بَدَّلْنا آيَةً مَكانَ آيَةٍ ) . [١٠١].

٥٦٥ ـ نزلت حين قال المشركون : إن محمداً يسخر بأصحابه ، يأمرهم اليوم بأمر وينهاهم عنه غداً ، أو يأتيهم بما هو أهونُ عليهم ، وما هو إلا مفتر يقولُه من تِلْقاء نفسه. فأنزل الله تعالى هذه الآية والتي بعدها.

[٢٨٥]

قوله تعالى :( وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ ) الآية [١٠٣].

٥٦٦ ـ أخبرنا أبو نصر أحمد بن إبراهيم المُزكي ، قال : أخبرنا أبو عبد الله محمد بن حمدان الزاهد ، قال : أخبرنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز ، قال : حدثنا أبو هشام الرِّفاعي ، قال : حدثنا ابن فضيل ، قال : حدثنا حُصَين عن عبد الله بن مسلم ، قال : كان لنا غلامان نصرانيان من أهل عين التمر ، اسم أحدهما : يَسارٌ ، والآخر جَبر ، وكانا [صَيْقَلَيْن] يقرآن كتباً لهما بلسانهما ، وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم يمر بهما فيسمع قراءتهما ، فكان المشركون يقولون : يتعلم منهما. فأنزل الله تعالى فأكذبهم :( لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهذا لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ ) .

[٢٨٦]

قولهعزوجل :( مَنْ كَفَرَ بِاللهِ مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ ) الآية. [١٠٦].

٥٦٧ ـ قال ابن عباس : نزلت في عمَّار بن يَاسِر ، وذلك أن المشركين أخذوه

__________________

[٥٦٥] بدون إسناد.

[٥٦٦] أخرجه ابن جرير (١٤ / ١٢٠) ، وذكره الحافظ في الإصابة (٢ / ٤٤٧) في ترجمة عبيد الله بن مسلم الحضرمي ، وذكره السيوطي في لباب النقول (ص ١٦٣) ومدار هذا الأثر على حصين بن عبد الرحمن : قال الحافظ في التقريب : ثقة تغير حفظه في الآخر.

[٥٦٧] أخرجه ابن جرير (١٤ / ١٢٢) من طريق العوفي عن ابن عباس والعوفي هو عطية بن سعد وهو صدوق يخطئ كثيراً كان شيعياً مدلساً.

وعزاه في الدر (٤ / ١٣١) لابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه.

٢٨٨

وأباه ياسراً ، وأمه سمية ، وصُهَيْباً ، وبلالاً ، وخَبَّاباً ، وسالماً ـ [فعذبوهم] فأما سُمَيَّة فإنها ربطت بين بعيرين ووُجِئَ قُبُلُهَا بحربة ، وقيل لها : إِنك أسلمت من أجل الرجال. فقتلت ، وقتل زوجها ياسر ، وهما أول قتيلين قتلا في الإسلام. وأما عمار فإنه أعطاهم ما أرادوا بلسانه مكرهاً ، فأخبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم بأن عماراً كفر ، فقال : كلا إن عماراً مليء إيماناً من قَرْنه إلى قدمه ، واختلط الإيمانُ بلحمه ودمه! فأتى عمار رسولَ اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو يبكي ، فجعل رسول اللهعليه‌السلام يمسح عينيه ويقول : «إِنْ عادوا لك فعُدْ لهم بما قلت»! فأنزل الله تعالى هذه الآية.

٥٦٨ ـ وقال مجاهد : نزلت في ناس من أهل مكة آمنوا ، فكتب إليهم المسلمون بالمدينة : أن هاجروا ، فإنا لا نراكم منا حتى تهاجروا إلينا. فخرجوا يريدون المدينة ، فأدركتهم قريش بالطريق ففتنوهم مُكْرَهين. وفيهم نزلت هذه الآية.

[٢٨٧]

قوله تعالى :( ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هاجَرُوا مِنْ بَعْدِ ما فُتِنُوا ) الآية [١١٠].

٥٦٩ ـ قال قتادة : ذُكِرَ لنا أنه لما أنزل الله تعالى قَبْلَ هذه الآية : أنّ أهلَ مكة لا يقبل منهم إسلام حتى يهاجروا ، كتب بها أهلُ المدينة إلى أصحابهم من أهل مكة ، فلما جاءهم ذلك خرجوا ، فلحقهم المشركون فردوهم. فنزلت :( الم* أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ ) فكتبوا بها إليهم. فتبايعوا بينهم على أن يخرجوا ، فإن لحق بهم المشركون من أهل مكة قاتلوهم حتى ينجوا أو يلحقوا بالله ، فأدركهم المشركون فقاتلوهم ، فمنهم من قُتل ومنهم من نجا ، فأنزل اللهعزوجل :( ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هاجَرُوا مِنْ بَعْدِ ما فُتِنُوا ثُمَّ جاهَدُوا وَصَبَرُوا ) .

[٢٨٨]

قولهعزوجل :( ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ) الآية. [١٢٥].

__________________

[٥٦٨] مرسل.

[٥٦٩] مرسل.

٢٨٩

٥٧٠ ـ أخبرنا أبو منصور محمد بن محمد المنصوري ، قال : أخبرنا علي بن عمر الحافظ ، قال : حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز ، قال : حدثنا الحكم بن موسى ، قال : حدثنا إسماعيل بن عيَّاش عن عبد الملك بن أبي غَنِيّة ، عن الحكم بن عُتَيْبَة عن مجاهد ، عن ابن عباس ، قال :

لما انصرف المشركون عن قتلى أحد ، انصرف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم فرأى منظراً ساءه ، ورأى حمزَةَ : قد شُقَّ بطنه ، واصْطُلِمَ أنفُه ، وجُدِعَت أذناه. فقال : لو لا أن تحزن النساء أو تكون سنة بعدي ، لتركته حتى يبعثه الله تعالى من بطون السباع والطير ، لأقتلن مكانه سبعين رجلاً منهم. ثم دعا ببردة فغطّى بها وجهَه فخرجت رجلاه ، فجعل على رجليه شيئاً من الإذْخر ، ثم قدمه وكبر عليه عشراً ، ثم جعل يُجاءُ بالرجل فيوضَعُ وحمزةُ مكانه حتى صلى عليه سبعين صلاة ، وكان القتلى سبعين. فلما دُفنوا وفُرغ منهم ، نزلت هذه الآية :( ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ) إلى قوله تعالى :( وَاصْبِرْ وَما صَبْرُكَ إِلَّا بِاللهِ ) فصَبَر ولم يُمَثِّل بأحد.

٥٧١ ـ أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم الواعظ ، قال : حدثنا أبو العباس

__________________

[٥٧٠] ضعيف : إسماعيل بن عياش إذا حدث عن الشاميين حديثه مستقيم وإذا حدث عن الحجازيين والعراقيين خلط ما شئت ، وفي هذا الحديث يروي عن عبد الملك وهو من أصبهان فتكون الرواية ضعيفة ، وهناك علة ثانية في هذا الحديث وهي : الحكم بن عتيبة : قال الحافظ في التقريب (١ / ١٩٢) ثقة ثبت فقيه إلا أنه ربما دلس.

والحديث أخرجه البيهقي في دلائل النبوة (٣ / ٢٨٧) وابن سعد (٣ / ١ / ٧) من طريق مقسم عن ابن عباس وليس عندهما سبب النزول ، وأخرجه الدارقطني (٤ / ١١٦) وابن سعد (٣ / ١ / ٨) والبغوي في شرح السنة (٥ / ٣٦٩) من حديث أنس وليس عندهم سبب النزول.

[٥٧١] فات المصنفرحمه‌الله وضع ترجمة هنا ، والحديث في إسناده صالح بن بشير المري قال الحافظ في التقريب : ضعيف [تقريب ١ / ٣٥٨].

وأخرجه الحاكم في المستدرك (٣ / ١٩٧) وسكت عليه وقال الذهبي : صالح واه.

وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (٦ / ١١٩) وقال : رواه البزار والطبراني وفيه صالح بن بشير المزني وهو ضعيف.

وزاد السيوطي نسبته في الدر (٤ / ١٣٥) لابن سعد وابن المنذر وابن مردويه والبيهقي في الدلائل.

٢٩٠

أحمد بن محمد بن عيسى الحافظ ، قال : حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز ، قال : حدثنا بشر بن الوليد الكِنْدي ، قال : حدثنا صالح المُري قال : حدثنا سليمان التيمِي عن أبي عثمان النَّهْدِي ، عن أبي هريرة ، قال :

أشرف النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم على حمزة فرآه صريعاً ، فلم ير شيئاً كان أوجع لقلبه منه ، وقال : والله لأقتلن بك سبعين منهم. فنزلت :( وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ )

٥٧٢ ـ أخبرنا أبو حسان المزكي ، قال : حدثنا أبو العباس محمد بن إسحاق [حدثنا موسى بن إسحاق] قال : حدثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني ، قال : حدثنا قيس عن [ابن] أبي ليلى ، عن الحكم ، عن مقسم ، عن ابن عباس ، قال :

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم يوم قُتِل حمزة ومُثِّل به : لئن ظفرت بقريش لأمثّلنّ بسبعين رجلاً منهم ، فأنزل اللهعزوجل :( وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ ) فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : بل نصبر يا رب.

٥٧٣ ـ قال المفسرون : إن المسلمين لما رأوا ما فعل المشركون بقتلاهم يوم أحد من تَبْقِيرِ البُطُون وقطع المَذَاكِيرِ والمثلة السيئة ، قالوا حين رأوا ذلك : لئن أظفرنا الله عليهم لنزيدن على صنيعهم ، ولنُمَثِّلنّ بهم مثلة لم يمثلها أحد من العرب بأحد قط ، ولنفعلن ولنفعلن. ووقف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم على عمه حمزة وقد جدعوا أنفه [وأذنه] وقطعوا مَذَاكِيرَه وبقرُوا بطنه ، وأخذت هند بنت عتبة قطعة من كبده فمضغتها ثم اسْتَرَطْتَها لتأكلها ، فلم تلبث في بطنها حتى رمت بها ، فبلغ ذلك نبيَّ اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقال : أما إنها لو أكلتها لم تدخل النار أبداً ، حمزُة أكرمُ على الله من

__________________

[٥٧٢] في إسناده ثلاثة علل : * منقطع : الحكم لم يسمع من مقسم إلا خمسة أحاديث وعدها يحيى القطان وهذا ليس فيها [تهذيب التهذيب ٢ / ٣٧٣] الحماني متهم بسرقة الحديث [تقريب ٢ / ٣٥٢].

قيس بن الربيع : صدق تغير لما كبر ، أدخل عليه ابنه ما ليس من حديثه فحدث به.

وعزاه في الدر (٤ / ١٣٥) لابن المنذر والطبراني وابن مردويه والبيهقي في الدلائل.

[٥٧٣] يتفق مع ما سبق.

٢٩١

أن يدخل شيئاً من جسده النار. فلما نظر رسولُ اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى حمزةَ ، نظر إلى شيء لم ينظر [قط] إلى شيء كان أوجع لقلبه منه ، فقال : رحمة الله عليك ، إنك كنت ما علمتُ : وصُولاً للرحم ، فعّالاً للخيرات ، ولو لا حزنُ مَنْ بَعدَك عليك لسرني أن أدعك حتى تُحشر من أجْوَاف شتى ، أما والله لئن أظفرني الله تعالى بهم لأمثلن بسبعين منهم مكانك. فأنزل الله تعالى :( وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ ) فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم : بلى نصبر ، وأمسك عما أراد ، وكَفَّرَ عن يمينه.

قال الشيخ أبو الحسن : ونحتاج أن نذكرها هنا مقتل حمزة :

٥٧٤ ـ أخبرنا عمرو بن أبي عمرو المُزَكي ، قال : أخبرنا محمد بن مكي ، قال : حدثنا محمد بن يوسف ، قال : حدثنا محمد بن إسماعيل الجُعْفِيّ ، قال : أخبرنا أبو جعفر محمد بن عبد الله حدثنا حُجَيْنُ بن المُثَنَّى ، قال : حدثنا عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة ، وأخبرنا محمد بن إبراهيم بن محمد بن يحيى ، قال : أخبرنا والدي ، قال : أخبرنا محمد بن إسحاق الثقفي ، قال : حدثنا سعيد بن يحيى الأموي ، قال : حدثني أبي ، عن محمد بن إسحاق ، حدثنا عبد الله بن الفضل بن عيّاش بن أبي ربيعة ، عن سليمان بن يَسَار ، عن جعفر بن عمرو بن أمية الضمري ، قال :

خرجت أنا وعُبيد الله بن عَدِي بن الخِيَار ، فمررنا بحمْص ، فلما قَدِمناها قال لي عُبيد الله بن عدي : هل لك أن تأتيَ وَحْشِياً نسأله كيف كان قتله حمزة؟ فقلت له : إن شئت [فخرجنا نسأل عنه] فقال لنا رجل : أما إنكما ستجدانه بفناء داره ، وهو رجل قد غلب عليه الخمر ، فإن تجداه صاحياً تجدا رجلاً عريباً [وتجدا] عنده بعض ما تريدان. فلما انتهينا إليه سلّمنا عليه فرفع رأسه ، قلنا : جئناك لتحدثنا عن قتلك حمزة رحمة الله عليه ، فقال : أما إني سأحدثكما كما حدَّثْتُ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، حين سألني عن ذلك : كنت غلاماً لجُبَيْر بن مُطْعِم بن عَدِي بن نَوْفَل ، وكان عمه طُعَيْمَة بن عدي قد أُصيب يوم بدر ، فلما سارت قريش إلى أحد ، قال لي جُبَير بن

__________________

[٥٧٤] أخرجه البخاري في المغازي (٤٠٧٢) وأحمد في مسنده (٣ / ٥٠١)

٢٩٢

مطعم : إن قتلت حمزة عمّ محمد بِعَمِّي طعيمَة فأنت عتيق. قال : فخرجت وكنت حَبشِياً أقذف بالحربة قذْفَ الحبشة قلَّما أخطئ بها شيئاً ، فلما التقى الناس خرجت أنظر حمزة [وأتبّصره] حتى رأيته في عُرْض الجيش مثل الجَمَل الأوْرَق يهدُّ الناس بسيفه هداً ما يقوم له شيء ، فو الله إني لأتَهَيَّا له وأستتر منه بحجر أو شجر لِيَدْنُوَ مني ، إذ تَقَدَّمَنِي إليه سِباعُ بن عبد العُزَّى ، فلما رآه حمزة رحمة الله عليه قال : ها [هنا] يا ابن مُقَطِّعَةِ البُظُور ، قال : ثم ضربه فو الله ما أخطأ رأسه ، وهَزَزْتُ حربتي حتى إِذا [ما] رضيت منها دَفَعْتُها إِليه ، فوقعت في ثُنَّتِه حتى خرجت من بين رجليه ، فذهب لِيَنُوءَ نحوي فغُلب وتركته حتى مات ، ثم أتيته فأخذت حربتي ، ثم رجعت إلى الناس فقعدت في العسكر ، ولم يكن لي بغيره حاجة ، إنما قتلته لأعتق ـ فلما قدمت مكة أُعْتِقْتُ ، فأقمت بها حتى فشا فيها الإسلام ، ثم خرجت إلى الطائف فأرسلوا إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم رسلاً ، وقيل لي : إِن محمداً لا يهيج الرسل. قال : فخرجت معهم حتى قدمت على النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فلما رآني قال [لي] أنت وحشي؟ قلت : نعم قال : أنت قتلت حمزة؟ قلت : قد كان من الأمر ما قد بلغك ، قال : فهل تستطيع أن تغيب وجهك عني. [فخرجت] قال : فلما قُبِضَ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وخرج الناس إلى مسيلمةَ الكذاب ـ قلت : لأخرجن إلى مسيلمة لعلي أقتله فأكافىءَ به حمزة. فخرجت مع الناس ، وكان من أمره ما كان.

٢٩٣

سورة بني إسرائيل

[٢٨٩]

بسم الله الرحمن الرحيم

قولهعزوجل :( وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ ) الآية [٢٩].

٥٧٥ ـ أخبرنا أبو الحسن ، محمد بن عبد الله بن علي بن عِمْرَان ، قال : أخبرنا أبو علي [ابن] أحمد الفقيه ، قال : أخبرنا أبو عبيد القاسم بن إسماعيلي المحَامِلي ، قال : حدثنا زكرياء بن يحيى الضرير ، قال : حدثنا سليمان بن سفيان الجُهَنيّ ، قال : حدثنا قيس بن الربيع ، عن أبي إسحاق ، عن أبي الأحْوص ، عن عبد الله قال :

جاء غلام إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقال : إن أمي تسألك كذا وكذا ، فقال : ما عندنا اليوم شيء ، قال : فتقول : لك اكسني قميصك ، قال : فخلع قميصه فدفعه إليه وجلس في البيت حاسراً ، فأنزل الله سبحانه وتعالى :( وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ ) الآية.

٥٧٦ ـ وقال جابر بن عبد الله : بينما رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قاعداً فيما بين أصحابه ، أتاه صبي فقال : يا رسول الله ، إن أمي تَسْتَكْسِيكَ دِرْعاً. ولم

__________________

[٥٧٥] إسناده ضعيف : سليمان بن سفيان الجهني ضعيف [تقريب ١ / ٣٢٥] مجروحين [١ / ٣٢٥] وفي إسناده : قيس بن الربيع مرت ترجمته في (٥٧٢). الدر (٤ / ١٧٨) وعزاه لابن جرير.

[٥٧٦] بدون إسناد.

٢٩٤

يكن عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم إلَّا قميصه ، فقال للصبي : من ساعة إلى ساعة يظهر [كذا] فعُدْ [إلينا] وقتاً آخر ، فعاد إِلى أمه ، فقالت : قل له : إن أمي تستكسيك القَمِيصَ الذي عليك ، فدخل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم داره ، ونزع قميصه وأعطاه ، وقعد عرياناً ، فأذن بلال للصلاة فلم يخرج ، فشغل قلوب الصحابة ، فدخل عليه بعضهم فرآه عرياناً. فأنزل تبارك وتعالى هذه الآية.

[٢٩٠]

قولهعزوجل :( وَقُلْ لِعِبادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) . [٥٣]

٥٥٧ ـ نزلت في عمر بن الخطابرضي‌الله‌عنه ، وذلك أن رجلاً من العرب شتمه ، فأمره الله تعالى بالعفو.

٥٧٨ ـ وقال الكلبي : كان المشركون يؤذون أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم بالقول والفعل ، فشكوا ذلك إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فأنزل الله تعالى هذه الآية.

[٢٩١]

قوله تعالى :( وَما مَنَعَنا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآياتِ ) الآية. [٥٩].

٥٧٩ ـ أخبرنا سعيد بن محمد بن أحمد بن جعفر ، قال : أخبرنا زاهر بن أحمد ، قال : أخبرنا أبو القاسم البغوي ، قال : [حدثنا] عثمان بن أبي شيبة قال : حدثنا جرير بن عبد الحميد ، عن الأعمش ، عن جعفر بن إياس ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال :

__________________

[٥٧٧] بدون إسناد.

[٥٧٨] الكلبي ضعيف.

[٥٧٩] أخرجه النسائي في التفسير (٣١٠) وأخرجه أحمد في مسنده (١ / ٢٥٨).

وأخرجه الحاكم في المستدرك (٢ / ٣٦٢) وصححه ووافقه الذهبي.

وأخرجه ابن جرير (١٥ / ٧٤) ، وذكره السيوطي في لباب النقول ص ١٦٧.

وزاد نسبته في الدر (٤ / ١٩٠) للبزار وابن المنذر والطبراني وابن مردويه والبيهقي في الدلائل والضياء في المختار.

وهو عند البزار (٢٢٢٥ ـ كشف) والبيهقي في الدلائل (٢ / ٢٧١ ، ٢٧٢)

٢٩٥

سأل أهلُ مكة النبيَّصلى‌الله‌عليه‌وسلم : أن يجعل لهم الصفا ذهباً ، وأن يُنَجِّي عنهم الجبال فيزرعون. فقيل له : إن شئت أن تستأني بهم لعلنا نَجْتَبِي منهم ، وإن شئت [أن] تؤتيهم الذي سألوا فإن كفروا أهلكوا كما أهلك من قبلهم ، قال : لا ، بل أسْتَأْني بهم. فأنزل اللهعزوجل :( وَما مَنَعَنا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآياتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ ) الآية.

٥٧٩ م ـ وروينا قول الزبير بن العوام في سبب نزول هذه الآية ، عند قوله :( وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ ) .

[٢٩٢]

قولهعزوجل :( وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ ) الآية. [٦٠].

٥٨٠ ـ أخبرنا إسماعيل بن عبد الرحمن بن أحمد الواعظ ، قال : حدثنا محمد بن محمد الفقيه ، قال : أخبرنا محمد بن الحسين القَطان ، قال : حدثنا إسحاق بن عبد الله بن زُرَيْر ، قال : حدثنا حفص بن عبد الرحمن ، عن محمد بن إسحاق ، عن حكيم بن عَبَّاد بن حُنَيف ، عن عِكْرَمَة ، عن ابن عباس ، أنه قال :

لما ذكر الله تعالى الزَّقُومَ [في القرآن] خُوِّف به هذا الحي من قريش ، فقال أبو جهل : هل تدرون ما هذا الزقوم الذي يخوفكم به محمد؟ قالوا : لا ، قال : الثريد بالزبد ، أما والله لئن أمكننا منه لنتزقمنه تَزَقُّماً! فأنزل الله تبارك وتعالى :( وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ ) يقول : المذمومة ،( وَنُخَوِّفُهُمْ فَما يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْياناً كَبِيراً ) .

[٢٩٣]

قوله تعالى :( وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ ) الآية. [٧٢].

__________________

[٥٧٩] م انظر رقم (٥٥٠)

[٥٨٠] في إسناده محمد بن إسحاق وهو مدلس وقد عنعنه ..

وعزاه في الدر (٤ / ١٩١) لابن إسحاق وابن أبي حاتم والبيهقي في البعث وذكره في لباب النقول ص ١٦٧.

٢٩٦

٥٨١ ـ قال عطاء عن ابن عباس : نزلت في وفد ثَقِيفٍ ، أتوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فسألوا شططاً وقالوا : مَتَّعْنا باللّاتِ سنةً ، وحَرَّم وادينا كما حَرَّمتَ مكة : شحرَها وطيرَها ووحشَها. [وأكثروا في المسألة] ، فأبى ذلك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ولم يجبهم. فأقبلوا يُكررون مسألتهم ، وقالوا : إنا نحب أن تعرف العرب فضلنا عليهم ، فإن كرهتَ ما نقول ، وخشيتَ أن تقول العرب : أعطيتَهم ما لم تُعطِنا ـ فقل : الله أمرني بذلك. فأمسك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، عنهم ، وداخلهم الطمع ، فصاح عليهم عمر : أما ترون رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم أمسك عن جوابكم كراهيةً لما تجيئون به؟ وقد همَّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، أن يعطيهم ذلك. فأنزل الله تعالى هذه الآية.

٥٨٢ ـ وقال سعيد بن جبير : قال المشركون للنبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم : لا نكف عنك إلا بأن تلم بآلهتنا ولو بطرف أصابعك ، فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم : ما عليَّ لو فعلت ، والله يعلم أني كاره ، فأنزل الله تعالى هذه الآية :( وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ ) إلى قوله :( نَصِيراً ) .

٥٨٣ ـ وقال قتادة : ذُكِرَ لنا أن قريشاً خَلَوا برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ذاتَ ليلة إلى الصبح ، يكلمونه ويفخمونه ويسوِّدونه ويقاربونه ، فقالوا : إنك تأتي بشيء لا يأتي به أحد من الناس ، وأنت سيدنا وابن سيدنا. وما زالوا به حتى كاد يُقارِبهُم في بعض ما يريدون ، ثم عصمه الله تعالى عن ذلك. فأنزل الله تعالى هذه الآية.

[٢٩٤]

قوله تعالى :( وَإِنْ كادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ ) الآية. [٧٦].

٥٨٤ ـ قال ابن عباس : حسدت اليهود مقام النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم بالمدينة ، فقالوا : إن

__________________

[٥٨١] بدون إسناد.

[٥٨٢] مرسل ، وأخرجه ابن جرير (١٥ / ٨٨) ، وعزاه في الدر (٤ / ١٩٤) لابن جرير وابن أبي حاتم.

وذكره في لباب النقول ص ١٦٨.

[٥٨٣] مرسل.

[٥٨٤] بدون إسناد ، وقال ابن كثير في تفسير هذه الآية تعليقاً على من قال إنها نزلت في اليهود : وهذا القول ضعيف لأن الآية مكية وسكنى المدينة بعد ذلك.

٢٩٧

الأنبياء إنما بعثوا بالشام ، فإن كنت نبياً فالحق بها ، فإنك إن خرجت إليها صدَّقناك وآمنا بك. فوقع ذلك في قلبه لما يحب من إسلامهم ، فرحل من المدينة على مرحلة ، فأنزل الله تعالى هذه الآية.

٥٨٥ ـ وقال عبد الرحمن بن غنم : إن اليهود أتوا نبي اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقالوا : إن كنت صادقاً أنك نبي [الله] فالحق بالشام ، فإن الشام أرض المَحْشِر والمَنْشرِ وأرض الأنبياء. فصدَّق ما قالوا ، وغزا غزوة «تَبُوكَ» لا يريد بذلك إلا الشام. فلما بلغ «تَبُوكَ» أنزل الله تعالى :( وَإِنْ كادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ ) .

٥٨٦ ـ وقال مجاهد وقتادة والحسن : همَّ أهل مكة بإخراج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم من مكة ، فأمره الله تعالى بالخروج. وأنزل هذه الآية إخباراً عما هَمُّوا به.

[٢٩٥]

قوله تعالى :( وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ ) الآية. [٨٠].

٥٨٧ ـ قال الحسن : إن كفار قريش لما أرادوا أن يوثقوا نبي اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ويخرجوه من مكة ، أرادَ اللهُ تعالى بقاء أهل مكة ، وأمر نبيهصلى‌الله‌عليه‌وسلم أن يخرج مهاجراً إلى المدينة ، ونزل قوله تعالى :( وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ ) .

__________________

[٥٨٥] بدون إسناد ، ورد ابن كثير هذا وقال : والأظهر أن هذا ليس بصحيح فإن النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم لم يغز تبوك عن قول اليهود وإنما غزاها امتثالاً لقوله تعالى( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ ) إلخ. [انظر تفسير هذه الآية عند ابن كثير].

[٥٨٦] بدون إسناد.

[٥٨٧] مرسل ، وأخرجه ابن جرير بإسناده عن الحسن (١٥ / ١٠٠) وله شاهد من قول ابن عباس : كان النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم بمكة ثم أُمر بالهجرة فنزلت عليه( وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي ) الآية ، أخرجه الترمذي (٣١٣٩) وقال : هذا الحديث حسن صحيح.

وأخرجه ابن جرير (١٥ / ١٠٠) وأخرجه أحمد (١ / ٢٢٣) والحاكم (٣ / ٣) وصححه ووافقه الذهبي.

وزاد السيوطي نسبته في الدر (٤ / ١٩٨) لابن المنذر والطبراني وأبي نعيم والبيهقي في الدلائل والضياء في المختارة.

٢٩٨

[٢٩٦]

قوله تعالى :( وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ ) الآية. [٨٥].

٥٨٨ ـ أخبرنا محمد بن عبد الرحمن النحوي ، قال : أخبرنا محمد بن بشر بن العباس ، أخبرنا أبو لبيد محمد بن أحمد بن بشر ، حدثنا سويد عن سعيد ، حدثنا علي بن مُسْهر ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن عبد الله ، قال :

إني لمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم في حرث بالمدينة ، وهو متكئ على عِسيبٍ ، فمر بنا ناس من اليهود ، فقالوا : سلوه عن الروح ، فقال بعضهم : لا تسألوه فيستقبلكم بما تكرهون ، فأتاه نفر منهم فقالوا [له] : يا أبا القاسم ما تقول في الروح؟ فسكت ثم قام فأمسك بيده على جبهته ، فعرفت أنه ينزل عليه. فأنزل الله عليه :( وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً ) رواه البخاري ، ومسلم جميعاً ، عن عمر بن حَفْص بن غِيَاث ، عن أبيه ، عن الأعمش.

٥٨٩ ـ وقال عكرمة عن ابن عباس : قالت قريش لليهود : أعطونا شيئاً نسأل عنه هذا الرجل ، فقالوا : سلوه عن الروح ، فنزلت هذه الآية.

__________________

[٥٨٨] أخرجه البخاري في العلم (١٢٥) وفي التفسير (٤٧٢١) وفي الاعتصام (٧٢٩٧) وفي التوحيد (٧٤٥٦ ، ٧٤٦٢) وأخرجه مسلم في كتاب صفات المنافقين (٣٢ ، ٣٣ / ٢٧٩٤) ص ٢١٥٢ والترمذي في التفسير (٣١٤١) وقال : هذا حديث حسن صحيح. والنسائي في التفسير (٣١٩).

وأخرجه أحمد (١ / ٣٨٩ ، ٤٤٤) وابن جرير (١٥ / ١٠٤).

وزاد السيوطي نسبته في الدر (٤ / ١٩٩) لابن حبان وابن المنذر وابن مردويه وأبي نعيم والبيهقي في الدلائل.

[٥٨٩] أخرجه الترمذي في التفسير (٣١٤٠) وقال : حسن صحيح غريب.

وأخرجه النسائي في التفسير (٣٣٤).

وأحمد (١ / ٢٥٥) والحاكم في المستدرك (٢ / ٥٣١) وصححه ووافقه الذهبي.

وزاد السيوطي نسبته في الدر (٤ / ١٩٩) لابن المنذر وابن حبان وأبي الشيخ في العظمة وأبي نعيم والبيهقي في الدلائل.

٢٩٩

٥٩٠ ـ وقال المفسرون : إن اليهود اجتمعوا ، فقالوا لقريش حين سألوهم عن شأن محمد وحاله : سلوا محمداً عن الروح ، وعن فِتْيَةٍ فُقِدُوا في أوّل الزمان ، وعن رجل بلغ مشرق الأرض ومغربها ، فإن أجاب في ذلك كله فليس بنبي ، وإن لم يجب في ذلك [كلّه] فليس بنبي ، وإن أجاب في بعض ذلك وأمسك عن بعضه فهو نبي. فسألوه عنها ، فأنزل الله تعالى في شأن الفتية :( أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً ) إلى آخر القصة ، [وأنزل في رجل الذي بلغ شرق الأرض ، وغربها :( وَيَسْئَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ ) إلى آخر القصة] ، وأنزل في الروح قوله تعالى :( وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ ) الآية.

[٢٩٧]

قوله تعالى :( وَقالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً ) الآية. [٩٠].

٥٩١ ـ روى عكرمة ، عن ابن عباس : أن عُتْبَةَ ، وشَيْبَة ، وأبا سفيان ، والنَّضْرَ بن الحارث ، وأبا البَخْتَرِي ، والوليد بن المُغِيرَة ، وأبا جهل ، وعبد الله بن أبي أميّة ، وأمَيّة بن خلف ، ورؤساء قريش ـ اجتمعوا عند ظهر الكعبة فقال بعضهم لبعض : ابعثوا إلى محمد وكلموه وخاصموه حتى تعذروا فيه. فبعثوا إليه : أن أشراف قومك قد اجتمعوا لك ليكلموك ، فجاءهم سريعاً ـ وهو يظن أنه بدا [لهم] في أمره بدَاء ، وكان عليهم حريصاً يحب رشدهم ، ويعز عليه عنَتُهمْ ـ حتى جلس إليهم فقالوا : يا محمد ، إنا والله لا نعلم رجلاً من العرب أدخل على قومه ما

__________________

[٥٩٠] انظر الحديثين السابقين.

[٥٩١] ذكره المصنف بدون إسناد.

وقد أخرجه ابن جرير (١٥ / ١١٠) من طريق محمد بن إسحاق عن شيخ من أهل مصر عن عكرمة عن ابن عباس فذكره.

وعزاه في الدر (٤ / ٢٠٢) لابن جرير وابن إسحاق وابن المنذر وابن أبي حاتم.

وأخرجه ابن جرير (١٥ / ١١١) من طريق محمد بن إسحاق قال حدثني محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت عن سعيد بن جبير أو عكرمة مولى ابن عباس عنه به مع اختلاف بسيط.

٣٠٠

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591