أسباب نزول القرآن

أسباب نزول القرآن6%

أسباب نزول القرآن مؤلف:
تصنيف: علوم القرآن
الصفحات: 591

أسباب نزول القرآن
  • البداية
  • السابق
  • 591 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 428727 / تحميل: 6401
الحجم الحجم الحجم
أسباب نزول القرآن

أسباب نزول القرآن

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

سورة الحجرات

[٣٨٨]

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ.

قوله تعالى :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللهَ ) الآية. [١].

٧٥٢ ـ أخبرنا أبو نصر [أحمد بن] محمد بن إبراهيم ، قال : أخبرنا عبيد الله بن محمد العكبري ، قال : أخبرنا عبد الله بن محمد البغوي ، قال : حدَّثنا الحسن بن محمد [بن] الصباح ، قال : حدَّثنا حجاج بن محمد ، قال : أخبرنا ابن جريج ، قال : حدَّثني ابن أبي مُلَيْكَة ، أن عبد الله بن الزبير أخبره :

أنه قدم ركب من بني تميم على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقال أبو بكر : أَمَّر القَعْقَاعَ بن مَعْبَد ، وقال عمر : بل أمَّر الأَقْرع بن حَابِس ، فقال أبو بكر : ما أردت إلَّا خِلَافِي ، وقال عمر : ما أردت خِلَافَك ، فتماريا حتى ارتفعت أصواتهما ، فنزل في ذلك قوله تعالى :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ ) إلى قوله سبحانه :( وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ ) . رواه البخاري عن الحسن بن محمد [بن] الصباح.

__________________

[٧٥٢] أخرجه البخاري في المغازي (٤٣٦٧) وفي التفسير (٤٨٤٥ ، ٤٨٤٧) وفي الاعتصام (٧٣٠٢) والترمذي في التفسير (٣٢٦٦) وقال : حسن غريب ، وأخرجه النسائي في التفسير (٥٣٤) وأخرجه في المجتبى في كتاب آداب القضاة (٨ / ٢٢٦)

٤٠١

[٣٨٩]

قولهعزوجل :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ ) الآية.

نزلت في ثابت بن قيس بن شِمَاس ، كان في أذنه وَقْر ، وكان جَهْوَرِيَّ الصَّوت ، وكان إذا كلم إنساناً جهر بصوته ، فربما كان يكلم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم فيتأذى بصوته ، فأنزل الله تعالى هذه الآية.

٧٥٣ ـ أخبرنا أحمد بن إبراهيم المُزَكَّي ، قال : أخبرنا عبيد الله بن محمد الزاهد ، قال : أخبرنا أبو القاسم البغوي ، قال حدَّثنا قَطَن بن نُسَيْر ، قال : حدَّثنا جعفر بن سليمان الضبعي ، قال : حدَّثنا ثابت عن أنس ، قال :

لما نزلت هذه الآية( لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِ ) قال ثابت بن قيس : أنا الذي كنت أرفع صوتي فوق صوت النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وأنا من أهل النار. فذكر ذلك لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : هو من أهل الجنة. رواه مسلم عن قطن بن نُسَير.

٧٥٤ ـ وقال ابن أبي مليكة : كاد الحِيَّران أن يهلكا : أبو بكر وعمر ، رفعا أصواتهما عند النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، حين قدم عليه ركب [من] بني تميم ، فأشار أحدهما بالأَقْرع بن حَابِس ، وأشار الآخر برجل آخر ، فقال أبو بكر لعمر : ما أردتَ إلا خِلَافي ، وقال عمر : ما أردت خلافك ، وارتفعت أصواتهما في ذلك ، فأنزل الله تعالى [في ذلك]( لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ ) الآية.

وقال ابن الزبير : فما كان عمر يُسْمِعُ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم بعد هذه الآية ، حتى يستفهمه.

__________________

وزاد السيوطي نسبته في الدر (٦ / ٨٣) لابن المنذر وابن مردويه.

[٧٥٣] أخرجه مسلم في الإيمان (١٨٨ / ١١٩) ص ١١٠.

وأخرجه البخاري في المناقب (٣٦١٣) وفي التفسير (٤٨٤٦) من طريق موسى بن أنس عنه به.

وزاد السيوطي نسبته في الدر (٦ / ٨٤) لأحمد وأبي يعلى والبغوي في معجم الصحابة وابن المنذر والطبراني وابن مردويه والبيهقي في الدلائل.

[٧٥٤] أخرجه البخاري في التفسير (٤٨٤٥).

وزاد نسبته في الدر (٦ / ٨٤) للطبراني وابن المنذر.

٤٠٢

[٣٩٠]

قوله تعالى :( إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْواتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ ) الآية. [٣].

٧٥٥ ـ قال عطاء عن ابن عباس : لما نزل قوله تعالى :( لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ ) تألَّى أبو بكر أن لا يكلم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم إلا كأَخِي السِّرَارِ ، فأنزل الله تعالى في أبي بكر :( إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْواتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ ) .

٧٥٦ ـ أخبرنا أبو بكر القاضي ، قال : حدَّثنا محمد بن يعقوب ، قال : حدَّثنا محمد بن إسحاق الصغاني قال : حدَّثنا يحيى بن عبد الحميد قال : حدَّثنا حُصَين بن عمر الأَحْمَسِيّ ، قال : حدَّثنا مُخَارِق ، عن طارق ، عن أبي بكر ، قال :

لما نزلت على النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ( إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْواتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ أُولئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوى ) قال أبو بكر : فآليت على نفسي أن لا أكلِّم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم إلا كأخي السِّرَارِ.

[٣٩١]

قوله تعالى :( إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ ) . [٤].

٧٥٧ ـ أخبرنا أحمد بن عبيد الله المَخْلَدِي ، قال : أخبرنا أبو محمد

__________________

[٧٥٥] بدون إسناد.

[٧٥٦] في إسناده حصين بن عمر الأحمسي قال الحافظ في التقريب : متروك ، ويحيى بن عبد الحميد الحماني : متهم بسرقة الحديث.

وأخرجه الحاكم في المستدرك (٣ / ٧٤) وصححه وتعقبه الذهبي بقوله : حصين واه وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (٧ / ١٠٨) وقال : رواه البزار وفيه حصين بن عمر الأحمسي ، وهو متروك ، وزاد السيوطي نسبته في الدر (٦ / ٨٤) لابن عدي وابن مردويه.

وله شاهد صحيح من حديث أبي هريرة أخرجه الحاكم في المستدرك (٢ / ٤٦٢) وصححه ووافقه الذهبي.

[٧٥٧] أخرجه الطبراني في الكبير (٥ / ٢١٠) وابن جرير (٢٦ / ٧٧) من طريق داود الطفاوي به ، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد وقال : رواه الطبراني وفيه داود بن راشد الطفاوي وثقه ابن حبان

٤٠٣

عبد الله بن محمد بن زياد الدّقّاق ، قال : حدَّثنا محمد بن إسحاق بن خزيمة ، قال : حدَّثنا محمد بن يحيى العتكي ، قال : حدَّثنا المعتمر بن سليمان ، قال : حدَّثنا داود الطفاوي قال : حدَّثنا أبو مسلم البَجَلِيّ ، قال : سمعت زيد بن أَرْقَم يقول :

أتى ناس النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فجعلوا ينادونه وهو في الحجرة يا محمد يا محمد ، فأنزل الله تعالى :( إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ ) .

٧٥٨ ـ وقال محمد بن إسحاق وغيره : نزلت في جُفَاة بني تميم ، قدم وفد منهم على النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم : فدخلوا المسجد فنادَوا النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم من وراء حجرته : أن أخرج إلينا يا محمد ، فإن مدحنا زَيْنٌ ، وإن ذمنا شين فآذى ذلك مِنْ صياحهم النبيَّصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فخرج إليهم فقالوا : إنا جئناك يا محمد نفاخرك ، ونزل فيهم :( إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ ) وكان فيهم : الأقْرَع بن حَابِس ، وعُيَيْنَة بن حِصْن ، والزِّبْرِقَان بن بدر ، وقيس بن عاصم.

٧٥٩ ـ وكانت قصة هذه المفاخرة على ما أخبرناه أبو إسحاق أحمد بن محمد المقرئ ، قال : أخبرنا الحسن بن محمد بن الحسن السّدُوسِي ، قال : حدَّثنا الحسن بن صالح بن هانئ ، قال : حدَّثنا الفضل بن محمد بن المسيب ، قال : حدَّثنا القاسم بن أبي شيبة قال : حدَّثنا مُعَلّى بن عبد الرحمن ، قال : حدَّثنا عبد الحميد بن جعفر ، عن عمر بن الحكم ، عن جابر بن عبد الله ، قال :

جاءت بنو تميم إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فنادوا على الباب : يا محمد اخرج إلينا فإن مدحنا زَيْن ، وإن ذَمَّنا شَيْن. فسمعهم النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم فخرج إليهم وهو يقول : إنما ذلكم الله

__________________

وضعفه ابن معين وبقية رجاله ثقات (مجمع ٧ / ١٠٨).

وزاد نسبته في الدر (٦ / ٨٦) لابن راهويه ومسدد وأبي يعلى وابن أبي حاتم.

[٧٥٨] بدون إسناد.

[٧٥٩] إسناده ضعيف ، معلى بن عبد الرحمن قال ابن حبان : يروي عن عبد الحميد بن جعفر المقلوبات ، لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد [مجروحين ٣ / ١٧].

وفي ترجمته في تهذيب التهذيب [١٠ / ٢١٤] : قال أبو داود سمعت يحيى بن معين وسئل عنه فقال : أحسن أحواله عندي أنه قيل له عند موته ألا تستغفر الله تعالى؟ فقال : أرجو أن يغفر لي وقد وضعت في فضل علي سبعين حديثاً.

٤٠٤

الذي مدحه زين ، وذمه شين ، فقالوا : نحن ناس من بني تميم ، جئنا بشاعرنا وخطيبنا نُشَاعِرك ونُفاخرك. فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : ما بالشعر بعثت ، ولا بالفخار أمرت ، ولكن هاتوا. فقال الزبرقان بن بدر لشاب من شبابهم : قم فاذكر فضلك وفضل قومك. فقام فقال

الحمد لله الذي جعلنا خير خلقه ، وآتانا أموالاً نفعل فيها ما نشاء ، فنحن من خير أهل الأرض ، ومن أكثرهم عُدَّة ومالاً وسلاحاً ، فمن أنكر علينا قولنا فليأت بقول هو أحسن من قولنا ، وفَعَال هو أحسن من فعالنا.

فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم لثابت بن قيس بن شِمَاس : قم فأجبه ، فقام فقال :

الحمد لله أحمده وأستعينه ، وأومن به وأتوكل عليه ، وأشهد أن لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، دعا المهاجرين من بني عمه ـ أحسن الناس وجوهاً وأعظمهم أحلاماً ـ فأجابوه ، فالحمد لله الذي جعلنا أنصاره ، ووزراء رسوله ، وعِزَّاً لدينه ، فنحن نقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ، فمن قالها منع مِنّا نَفْسه وماله ، ومن أباها قتلناه ، وكان رغمه في الله تعالى علينا هيناً ، أقول قولي هذا وأستغفر الله للمؤمنين والمؤمنات.

فقال الزبرقان بن بدر لشاب من شبابهم : قم يا فلان فقل أبياتاً تذكر فيها فضلك وفضل قومك ، فقام الشاب فقال :

نحن الكرام فلا حَيُّ يُعادلنا

فينا الرؤوس وفينا تُقْسَمُ الرُّبَعُ

ونطعمُ الناسَ عندَ القحطِ كلَّهم

من السّدِيفِ إِذا لم يؤنس القَزَعُ

إذا أَبَيْنَا فلا يأبى لنا أحدٌ

إنا كذلك عند الفخرِ نرتفعُ

قال : فأرسل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى حسان بن ثابت ، فانطلق إليه الرسول فقال : وما يريد مني وقد كنت عنده؟ قال : جاءت بنو تميم بشاعرهم وخطيبهم ، فأمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ثابت بن قيس فأجابهم ، وتكلم شاعرهم فأرسل إليك تجيبه. فجاء حسان ، فأمره رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم أن يجيبه ، فقال حسانٌ : [يا رسول الله مره فليسمعني ما قال ، فأنشده ما قال ، فقال حسان] :

نصرنا رسولَ الله والدينَ عَنْوةً

على رغم بادٍ من مَعَدٍ وحاضر

٤٠٥

ألسنا نخوض الموتَ في حَوْمَة الوَغَى

إذا طَابَ وِرْدُ الموتِ بَيْنَ العساكر

ونضرب هام الدَّار عين وَنَنْتَمِي

إلى حسب من جِذْم غَسَّان قاهر

فلو لا حياءُ الله قلْنا تكَرُّما

على الناس بالخَيفين هل من منافر

فأَحياؤُنا مِن خير مَن وطِئَ الحصى

وأمواتنا مِن خير أهل المقابر

قال : فقام الأقْرَع بن حابس فقال : إني والله لقد جئت لأمر ما جاء له هؤلاء ، وقد قلت شعراً فأسمعه ، فقال : هات ، فقال :

أتيناك كيما يعرف الناسُ فضلنَا

إذا فاخرُونا عند ذكرِ المكارمِ

وإنا رؤوس الناس في كلّ مَعْشَرٍ

وأن ليس في أرض الحجاز كَدَارِمِ

وإنّ لنا المِرْبَاعَ في كل غارة

تكون بنجد أو بأرض التَّهَائمِ

فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : قم يا حسان فأجبه [فقام حسان] فقال :

بَنِي دَارِمٍ لا تفخروا إنّ فَخْرَكُمْ

يَعودُ وَبَالاً عند ذكرِ المكارِم

هَبِلْتُم علينا تَفْخَرُونَ وأنتُم

لنا خَوَلٌ من بين ظِئْرٍ وخَادِمِ

وأفْضلُ ما نلتم من المجد والعُلَى

رِدَافَتُنا منْ بعد ذكر الأكارم

فإن كنتُم جئتُم لَحِقْنِ دمائكمْ

وأموالكم أن تقسموا في المَقاسِمِ

فلا تجعلوا لله نداً وأسلموا

ولا تفخروا عند النبي بدارم

وإلا وربِّ البيت مالت أكُفُّنَا

على هامِكم بالمُرْهَفَات الصَّوارِمِ

قال : فقال الأقْرَع بن حابس فقال : إِن محمداً لمؤتى له والله ما أدري ما هذا الأمر! تكلم خطيبنا فكان خطيبهم أحسن قولاً ، وتكلم شاعرنا فكان شاعرهم أشعر. ثم دنا من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله ، فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ما يَضُرُّكَ ما كان قبل هذا» ، ثم أعطاهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم وكساهم ، وارتفعت الأصوات ، وكثر اللَّغط عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فأنزل الله تعالى هذه الآيات( لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِ ) إلى قوله :( وَأَجْرٌ عَظِيمٌ ) .

[٣٩٢]

قولهعزوجل :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا ) الآية. [٦].

٤٠٦

نزلت في الوليد بن عُقْبة بن أبي مُعَيْط ، بعثه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى بني المُصْطَلِق مصدِّقاً ، وكان بينه وبينهم عداوة في الجاهلية ، فلما سمع القوم [به] تلقوه تعظيماً لله تعالى ولرسوله ، فحدثه الشيطان أنهم يريدون قتله ، فهابهم فرجع من الطريق إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم وقال : إن بني المُصْطَلِق قد منعوا صدقاتهم وأرادوا قتلي. فغضب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم وهمَّ أن يغزوهم ، فبلغ القومَ رجوعه ، فأتوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم وقالوا : سمعنا برسولك فخرجنا نتلقاه ونكرمه ونؤدي إليه ما قِبَلَنا مِنْ حقِّ الله تعالى ، فبدا له في الرجوع ، فخشينا أن يكون إنما رده من الطريق كتاب جاءه منك بغضب غضبته علينا ، وإنا نعوذ بالله من غضبه وغضب رسوله فأنزل الله تعالى :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ ) يعني الوليد بن عقبة.

٧٦٠ ـ أخبرنا الحاكم أبو عبد الله الشَّاذياخي ، قال : أخبرنا محمد بن عبد الله بن زكريا الشَّيْباني ، قال : أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الدَّغُولي ، قال : حدَّثنا سعيد بن مسعود ، قال : حدَّثنا محمد بن سابق ، قال : حدَّثنا عيسى بن دينار ، قال : حدَّثنا أبي أنه سمع الحارث بن ضِرَار يقول :

قدمت على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم فدعاني إلى الإسلام ، فدخلت في الإسلام وأقررت ، فدعاني إلى الزكاة فأقررت بها ، فقلت : يا رسول الله أرجع إلى قومي فأدعوهم إلى الإسلام وأداء الزكاة ، فمن استجاب لي جمعت زكاته ، فترسل لإبَّانِ كذا وكذا ، لآتيك بما جمعت من الزكاة. فلما جمع الحارث بن ضرار [ممن استجاب له] وبلغ الإبَّانَ الذي أراد أن يبعث إليه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ أحتبس عليه الرسول فلم يأته ، فظن الحارث أنّه قد حدث فيه سخطة من الله ورسوله فدعا سَرَوَات قومه فقال لهم : إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم قد كان وقّت لي وقتاً ليرسل إليّ ليقبض ما كان عندي من الزكاة ، وليس مِنْ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم الخلفُ ، ولا أرى حَبْسَ رسوله إلا من سَخْطَة ، فانطلقوا فنأتي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم . وبعثَ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم الوليدَ بن عقبة

__________________

[٧٦٠] أخرجه أحمد في مسنده (٤ / ٢٧٩) من طريق محمد بن سابق به ، وأخرجه الطبراني في الكبير (٣ / ٢٧٤) ، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (٧ / ١٠٩) وقال : رواه أحمد والطبراني ورجال أحمد ثقات.

وزاد نسبته في الدر (٦ / ٨٧) لابن أبي حاتم وابن مندة وابن مردويه.

٤٠٧

إلى الحارث ليقبض ما كان عنده مما جمع من الزكاة ، فلما أن سار الوليد حتى بلغ بعض الطريق فزع فرجع فقال : يا رسول الله ، إن الحارث منعني الزكاة وأراد قتلي. فَضَرَبَ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم البعث إلى الحارث ، وأقبل الحارث بأصحابه فاستقبل البَعْثَ وقد فَصَلَ من المدينة ، فلقيهم الحارث فقالوا : هذا الحارث ، فلما غشيهم قال لهم : إلى من بعثتم؟ قالوا : إليك ، قال : ولم؟ قالوا : إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم كان بعث إليك الوليد بن عُقْبةٍ ، فرجع إليه فزعم أنك منعته الزكاة وأردت قتله. قال : [لا] والذي بعث محمداً بالحق ما رأيته ولا أتاني. فلما أن دخل الحارث على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، قال : منعت الزكاة وأردت قتل رسولي؟ قال : لا والذي بعثك [بالحق] ما رأيت رسولك ولا أتاني ، ولا أقبلت إلا حين احتبس عليّ رسولُك خشية أن تكون سخطة من الله ورسوله. قال : فنزلت في الحجرات :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ ) إلى قوله تعالى :( فَضْلاً مِنَ اللهِ وَنِعْمَةً وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) .

[٣٩٣]

قوله تعالى :( وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا ) الآية. [٩].

٧٦١ ـ أخبرنا محمد بن أحمد بن جعفر النحوي ، قال : أخبرنا محمد بن أحمد بن سنان المقري ، قال أخبرنا أحمد بن علي الموصلي ، قال : حدَّثنا إسحاق بن [أبي] إسرائيل ، قال : أخبرنا معتمر بن سليمان ، قال : سمعت أبي يحدث عن أنس ، قال :

قلت يا نبي الله ، لو أتيت عبد الله بن أبيّ. فانطلق إليه النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم فركب حماراً وانطلق المسلمون يمشون ، وهي أرض سَبِخَةَ ، فلما أتاه النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : إليك عني ، فو الله لقد آذاني نَتْنُ حمارك! فقال رجل من الأنصار : [والله] لَحِمارُ

__________________

[٧٦١] أخرجه البخاري في الصلح (٢٦٩١).

وأخرجه مسلم في الجهاد والسير (١١٧ / ١٧٩٩) ص ١٤٢٤.

وأخرجه ابن جرير (٢٦ / ٨١) والبيهقي في السنن (٨ / ١٧٢).

وزاد نسبته في الدر (٦ / ٩٠) لابن مردويه.

٤٠٨

رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، أطيب ريحاً منك. فغضب لعبد الله رجل من قومه ، وغضب لكل واحد منهما أصحابه ، فكان بينهم ضرب بالجريد والأيدي والنعال ، فبلغنا أنه أنزلت فيهم :( وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما ) . رواه البخاري عن مُسدَّدَ ، ورواه مسلم عن محمد بن عبد الأعلى ، كلاهما عن المعتمر.

[٣٩٤]

قولهعزوجل :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ ) الآية. [١١].

٧٦٢ ـ نزلت في ثابت بن قيس بن شماس ، وذلك أنه كان في أذنيه وقر ، فكان إذا أتى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم أوسعوا له حتى يجلس إلى جنبه فيسمع ما يقول ، فجاء يوماً وقد أخذ الناس مجالسهم فجعل يتخطى رقاب الناس ويقول : تفسحوا تفسحوا ، فقال له رجل : قد أصبت مجلساً فاجلس ، فجلس ثابت مغضباً ، فغمز الرجل فقال : من هذا؟ فقال : أنا فلان ، فقال ثابت : ابن فلانة؟ وذكر أمَّاً كانت له يعيَّر بها في الجاهلية ، فنكس الرجل رأسه استحياء ، فأنزل الله تعالى هذه الآية.

[٣٩٥]

قوله تعالى :( وَلا نِساءٌ مِنْ نِساءٍ عَسى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَ ) . [١١].

٧٦٣ ـ نزلت في امرأتين من أزواج النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم سَخِرَتَا من أمّ سَلَمَة وذلك أنها ربطت حِقْوَيْهَا ـ بِسَبَنِيَّة ـ وهي ثوب أبيض ـ وسدلت طرفها خلفها فكانت تجره ، فقالت عائشة لحفصة : انظري [إلى] ما تجر خلفها كأنه لسان كلب! فهذا كان سخريتها.

٧٦٣ م ـ وقال أنس : نزلت في نساء النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، عيرن أمّ سَلَمَةَ بالقصر.

٧٦٤ ـ وقال عكرمة عن ابن عباس : إن صفية بنت حُيَيّ بن أخْطَب أتت

__________________

[٧٦٢] بدون إسناد.

[٧٦٣] بدون إسناد.

[٧٦٤] بدون إسناد.

٤٠٩

رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم فقالت : [يا رسول الله] إن النساء يعيرنني ويقلن : يا يهودية بنت يهوديين ، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : هَلا قلتِ : إن أبي هارون ، وإن عمي موسى ، وإن زوجي محمد. فأنزل الله تعالى هذه الآية.

[٣٩٦]

قوله تعالى :( وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ ) الآية. [١١].

٧٦٤ م ـ [أخبرنا أحمد بن محمد بن إبراهيم المهرجاني] قال : أخبرنا أبو عبد الله بن بطة قال : أخبرنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز ، قال : حدَّثنا إسحاق بن إبراهيم المَرْوزِيّ قال : حدَّثنا حفْص بن غِيَاث ، عن داود بن [أبي] هند ، عن الشعبي ، عن أبي جبيرة بن الضحاك ، عن أبيه وعمومته ، قالوا :

قدم علينا النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم فجعل الرجل يدعو الرجل ينبزه ، فيقال يا رسول الله ، إنه يكرهه. فنزلت :( وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ ) .

[٣٩٧]

قوله تعالى :( يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى ) الآية. [١٣].

٧٦٥ ـ قال ابن عباس : نزلت في ثابت بن قيس وقولِهِ في الرجل الذي لم يفسح له : ابن فلانة ، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : من الذَّاكِرُ فلانة؟ فقام ثابت فقال : أنا

__________________

[٧٦٤١] م أخرجه أبو داود في الأدب (٤٩٦٢) والترمذي في التفسير (٣٢٦٨) وقال : حسن صحيح ، وأخرجه النسائي في التفسير (٥٣٦).

وابن ماجة في الأدب (٣٧٤١) وأحمد في مسنده (٤ / ٢٦٠) والحاكم في المستدرك (٢ / ٤٦٣) و (٤ / ٢٨١) وصححه ووافقه الذهبي.

وأخرجه ابن جرير (٢٦ / ٨٤) والطبراني في الكبير (٢٢ / ٣٨٩ ـ ٣٩٠).

وزاد السيوطي نسبته في الدر (٦ / ٩١) للبخاري في الأدب المفرد وعبد بن حميد وأبي يعلى وابن حبان وابن المنذر والبغوي في معجمه والشيرازي في الألقاب وابن السني في عمل اليوم والليلة وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان أ. ه.

قلت : ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (٧ / ١١١) وقال : رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح ، وفاته عزو الحديث للطبراني.

[٧٦٥] بدون إسناد.

٤١٠

يا رسول الله ، فقال : انظر في وجوه القوم ، فنظر فقال : ما رأيت يا ثابت؟ فقال : رأيت أبيض وأحمر وأسود ، قال : فإنك لا تَفْضُلُهم إلا في الدين والتقوى ، فأنزل الله تعالى هذه الآية.

٧٦٥ م ـ وقال مقاتل : لما كان يوم فتح مكة ، أمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم بلالاً حتى أذّن على ظهر الكعبة ، فقال عَتَّاب بن أَسِيد بن أبي العِيس : الحمد لله الذي قَبَض أبي حتى لم ير هذا اليوم. وقال الحارث بن هشام : أما وجد محمد غير هذا الغراب الأسود مؤذناً! وقال سُهَيل بن عَمْرو : إن يرد الله شيئاً يغيره. وقال أبو سفيان : إني لا أقول شيئاً أخاف أن يخبر به رب السماء. فأتى جبريلعليه‌السلام النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وأخبره بما قالوا ، فدعاهم وسألهم عما قالوا : فأقروا ، فأنزل الله تعالى هذه الآية ، وزجرهم عن التفاخر بالأنساب ، والتَّكَاثُر بالأموال والإزْرَاءِ بالفقراء.

٧٦٦ ـ أخبرنا أبو حسان المُزَكِّي ، قال : أخبرنا هارون بن محمد الأسْتَرآباذي ، قال : حدَّثنا أبو محمد إسحاق بن محمد الخُزَاعي ، قال : حدَّثنا أبو الوليد الأزْرَقي قال : حدثني جدي ، قال : أخبرنا عبد الجبار بن الورد المكي ، قال : أخبرنا ابن أبي مُلَيْكَة ، قال :

لما كان يوم الفتح رقي بلال [على] ظهر الكعبة [فأذن] فقال بعض الناس : يا عباد الله ، أهذا العبد الأسود يؤذن على ظهر الكعبة؟ فقال بعضهم : إِن يَسْخَطِ الله هذا يُغَيِّره ، فأنزل الله تعالى :( يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى ) .

٧٦٦ م ـ وقال يزيد بن شَجَرَة : مر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ذات يوم ببعض الأسواق بالمدينة ، وإذا غلام أسود قائم ينادى عليه : بياع فيمن يزيد ، وكان الغلام يقول : من اشتراني فعلى شَرْط ، قيل : ما هو؟ قال : لا يمنعني من الصلوات الخمس خلف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فاشتراه رجل على هذا الشرط ، وكان يراه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم عند كل صلاة مكتوبة ، ففقده ذات يوم فقال لصاحبه : أين الغلام؟ فقال : محموم يا رسول

__________________

[٧٦٥] مرسل.

[٧٦٦] مرسل ، عزاه في الدر (٦ / ٩٧) لابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل.

[٧٦٦١] م بدون إسناد.

٤١١

الله ، فقال لأصحابه : قوموا بنا نعوده ، فقاموا معه فعادوه ، فلما كان بعد أيام قال لصاحبه : ما حال الغلام؟ فقال : يا رسول الله إن الغلام لِمَا بِهِ ، فقام ودخل عليه وهو في بُرَحَائه فقبض على تلك الحال ، فتولى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم غسله وتكفينه ودفنه ، فدخل على أصحابه من ذلك أمر عظيم ، فقال المهاجرون : هجرنا ديارنا وأموالنا وأهلينا فلم ير أحد منا في حياته ومرضه وموته ما لقي هذا الغلام. وقالت الأنصار : آويناه ونصرناه وواسيناه بأموالنا فآثر علينا عبداً حبشياً. فأنزل الله تبارك وتعالى :( يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى ) يعني أنكم بنو أب واحد وامرأة واحدة. وأراهم فضل التقوى بقوله تعالى :( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ ) .

[٣٩٨]

قوله تعالى :( قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا ) الآية. [١٤].

٧٦٧ ـ نزلت في أعراب من بني أسد بن خُزَيمة ، قدموا على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم المدينة في سنة جدبة ، فأظهروا الشهادتين ولم يكونوا مؤمنين في السر ، وأفسدوا طرق المدينة بالعَذَرَات وأغْلَوْا أسعارها ، وكانوا يقولون لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : أتيناك بالأثقال والعيال ولم نقاتلك كما قاتلك بنو فلان ، فأعطنا من الصدقة. وجعلوا يمنون عليه ، فأنزل الله تعالى فيهم هذه الآية.

__________________

[٧٦٧] ذكره المصنف بدون إسناد ، ووجدت إسناده في تفسير ابن كثير عند تفسير هذه الآية ونقله من الحافظ أبي بكر البزار ، وهو من حديث ابن عباس.

٤١٢

سورة ق

[٣٩٩]

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ.

قولهعزوجل :( وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ ) . [٣٨].

٧٦٨ ـ قال الحسن وقتادة : قالت اليهود : إن الله خلق الخلق في ستة أيام ، واستراح يوم السابع وهو يوم السبت. [وهم] يسمونه يوم الراحة ، فأنزل الله تعالى هذه الآية.

٧٦٩ ـ أخبرنا أحمد بن محمد التميمي ، أخبرنا عبد الله بن محمد بن جعفر الحافظ ، قال : أخبرنا إبراهيم بن محمد بن الحسن ، قال : حدَّثنا هنّاد بن السَّرِي ، قال : حدَّثنا أبو بكر بن عَيَّاش ، عن أبي سعد البقال ، عن عكرمة ، عن ابن عباس :

أن اليهود أتت النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فسألت عن خلق السموات والأرض فقال : خلق

__________________

[٧٦٨] مرسل.

[٧٦٩] إسناده ضعيف ، أبو سعد البقال اسمه سعيد بن المرزبان ، قال ابن معين : ليس بشيء لا يكتب حديثه ، وقال : عمرو بن علي : ضعيف الحديث [تهذيب التهذيب ٤ / ٧١] و [المجروحين لابن حبان ١ / ٣١٣]

٤١٣

الله الأرض يوم الأحد والاثنين ، وخلق الجبال يوم الثلاثاء [وما فيهن من المنافع] وخلق يوم الأربعاء [والشجر والماء] و [خلق يوم] الخميس [السماء] وخلق يوم الجمعة النجوم والشمس والقمر. قالت اليهود : ثم ما ذا يا محمد؟ قال : ثم استوى على العرش. قالوا : قد أصبت لو تممت ثم استراح. فغضب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم غضباً شديداً. فنزلت :( وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ* فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ ) .

٤١٤

سورة النجم

[٤٠٠]

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ.

قولهعزوجل :( هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ ) الآية. [٣٢].

٧٧٠ ـ أخبرنا أبو بكر بن الحارث ، قال : أخبرنا أبو الشيخ الحافظ ، قال : أخبرنا إبراهيم بن محمد بن الحسن ، قال : حدَّثنا أحمد بن سعد ، قال : حدَّثنا ابن وهب ، قال : أخبرني ابن لَهيعَة ، عن الحارث بن يزيد ، عن ثابت بن الحارث الأنصاري ، قال :

كانت اليهود تقول إذا هلك لهم صبي صغير : هو صدِّيق. فبلغ ذلك النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : كذبت يهود ، ما من نسمة يخلقها الله تعالى في بطن أمه إلا أنه شقي أو سعيد ، وأنزل الله تعالى عند ذلك هذه الآية :( هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ ) إلى آخرها.

__________________

[٧٧٠] إسناده ضعيف : ابن لهيعة ضعيف : قال ابن حبان : كان يدلس عن الضعفاء قبل احتراق كتبه أ.

ه. قلت لو لا هذا التدليس لكان هذا الإسناد صحيح لأن الراوي عن ابن لهيعة عبد الله بن وهب وهو ممن تقبل راويته عن ابن لهيعة لأنه روى عنه قبل احتراق كتبه ، ولكن لما كان ابن لهيعة مدلساً قبل احتراق كتبه وقد عنعنه فالإسناد هنا ضعيف بسبب التدليس والله أعلم.

وعزاه في الدر (٦ / ١٢٨) لابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وأبي نعيم في المعرفة وابن مردويه.

وهو عند الطبراني الكبير (٢ / ٨١)

٤١٥

[٤٠١]

قوله تعالى :( أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى* وَأَعْطى قَلِيلاً وَأَكْدى ) الآيات. [٣٣ ـ ٣٤].

٧٧١ ـ قال ابن عباس والسدي والكلبي والمُسَيَّب بن شَرِيك : نزلت في عثمان بن عفان ، كان يتصدق وينفق في الخير ، فقال له أخوه من الرضاعة عبد الله بن أبي سَرْح : ما هذا الذي تصنع؟ يُوشِك أن لا يبقى لك شيء. فقال عثمان : إن لي ذنوباً وخطايا ، وإني أَطلب بما أصنع رضا الله سبحانه وتعالى [عليّ] وأرجو عفوه. فقال له عبد الله : أعطني ناقتك برحلها وأنا أتحمل عنك ذنوبك كلها ، فأعطاه وأشهد عليه ، وأمسك عن بعض ما كان يصنع من الصدقة ، فأنزل الله تبارك وتعالى :( أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى* وَأَعْطى قَلِيلاً وَأَكْدى ) فعاد عثمان إلى أحسن ذلك وأجمله.

٧٧٢ ـ وقال مجاهد وابن زيد : نزلت في الوليد بن المُغِيرة ، وكان قد اتبع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم على دينه ، فعَيَّرَه بعضُ المشركين وقال [له] : لم تركت دين الأشياخ وضللتهم وزعمت أنهم في النار؟ قال : إني خشيت عذاب الله. فضمن له ـ إن هو أعطاه شيئاً من ماله ورجع إلى شركه ـ أن يتحمل عنه عذاب الله سبحانه وتعالى ، فأعطى الذي عاتبه بعض ما كان ضمن له ثم بخل ومنعه ، فأنزل الله تعالى هذه الآية.

[٤٠٢]

قوله تعالى :( وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكى ) . [٤٣].

٧٧٣ ـ أخبرنا أحمد بن محمد بن إبراهيم الواعظ ، قال : أخبرنا أبو عبد الله [الحسين بن محمد الثقفي ، حدَّثنا عبد الله بن] الفضل ، قال : حدَّثنا محمد بن

__________________

[٧٧١] بدون إسناد.

[٧٧٢] مرسل.

[٧٧٣] عزاه في الدر (٦ / ١٣٠) لابن مردويه.

٤١٦

أبي بكر المقدمي ، قال : حدَّثنا دَلَال بنت أبي المدل ، قالت : حدَّثتنا الصَّهْباء ، عن عائشة قالت :

مرَّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم بقوم يضحكون فقال : لو تعلمون ما أعلم لبكيتم كثيراً ولضحكتم قليلاً ، فنزل عليه جبريلعليه‌السلام فقال : إن الله تعالى يقول :( وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكى ) فرجع إليهم فقال : ما خطوت أربعين خطوة حتى تلقاني جبريلعليه‌السلام فقال : ائت هؤلاء وقل لهم : إن اللهعزوجل يقول :( وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكى ) .

٤١٧

سورة القمر

[٤٠٣]

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

قولهعزوجل :( اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ ) [١].

٧٧٤ ـ أخبرنا أبو حكيم : عَقِيل بن محمد الجُرْجَاني إجازة بلفظه ، أن أبا الفرج القاضي أخبرهم ، قال : أخبرنا محمد بن جرير ، قال : حدَّثنا الحسين بن أبي يحيى المقدسي ، قال : حدَّثنا يحيى بن حماد ، قال : حدَّثنا أبو عوانة ، عن المغيرة ، عن أبي الضُّحَى ، عن مَسْروق ، عن عبد الله ، قال :

انشق القمر على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقالت قريش : هذا سحر بن أبي كَبْشَةَ سَحَرَكُم ، فاسألوا السُّفَّار ، فسألوهم فقالوا : نعم قد رأَينا ، فأنزل الله عز

__________________

[٧٧٤] أخرجه ابن جرير (٢٧ / ٥٠) من طريق مسروق به.

ومن طريق أبي معمر عن ابن مسعود أخرجه البخاري في المناقب (٣٦٣٦ ، ٣٨٦٩ ، ٣٨٧١) وأخرجه في التفسير (٤٨٦٤ ، ٤٨٦٥).

وأخرجه مسلم في كتاب صفات المنافقين (٤٣ ، ٤٤ ، ٤٥ ، / ٢٨٠٠) ص ٢١٥٨.

والترمذي في التفسير (٣٢٨٥ ، ٣٢٨٧).

والنسائي في التفسير (٥٧٢ ، ٥٧٣).

وزاد السيوطي نسبته في الدر (٦ / ١٣٣) لابن المنذر وابن مردويه وأبي نعيم والبيهقي كلاهما في الدلائل.

٤١٨

وجل :( اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ* وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ ) .

[٤٠٤]

قوله تعالى :( إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ ) إلى( إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ ) . [٤٧ : ٤٩].

٧٧٥ ـ حدَّثنا أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد السراج إملاء ، قال : حدَّثنا.

أبو محمد عبد الله بن محمد بن موسى الكَعْبِي ، قال : حدَّثنا حمدان بن صالح الأشَجّ ، قال : حدَّثنا عبد الله بن عبد العزيز بن أبي رَوّاد ، قال : حدَّثنا سفيان الثوري ، عن زياد بن إسماعيل المخزومي ، عن محمد بن عباد بن جعفر ، عن أبي هريرة ، قال :

جاءت قريش يختصمون في القدر ، فأنزل الله تعالى :( إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ* يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ* إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ ) .

رواه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة ، عن وكيع ، عن سفيان.

٧٧٦ ـ قال الشيخ : أشهد بالله لقد أخبرنا أبو الحارث محمد بن عبد الرحيم الحافظ بِجُرْجَان ، قال : أشهد بالله لقد أخبرنا أبو نُعيم أحمد بن محمد بن إبراهيم البزاز قال : أشهد بالله لقد سمعت علي بن جندل يقول : أشهد بالله لسمعت أبا الحسن محمد بن أحمد بن أبي بخراسان يقول : أشهد بالله لسمعت عبد الله بن

__________________

[٧٧٥] أخرجه مسلم في القدر (١٩ / ٢٦٥٦) ص ٢٠٤٦ ، وأخرجه الترمذي في القدر (٢١٥٧) وفي التفسير (٣٢٩٠) وقال : هذا حديث حسن صحيح.

وأخرجه ابن ماجة في المقدمة (٨٣).

وزاد نسبته في الدر (٦ / ١٣٧) لأحمد وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه.

[٧٧٦] إسناده ضعيف جداً : عفير بن معدان : قال ابن حجر في التقريب ضعيف [تقريب ٢ / ٥٢] و (المجروحين لابن حبان ٢ / ١٩٨).

وعزاه في الدر (٦ / ١٣٧) لابن عدي وابن مردويه والديلمي وابن عساكر بسند ضعيف.

٤١٩

الصَّقْر الحافظ يقول : أشهد بالله لسمعت عفير بن معدان يقول : أشهد بالله لسمعت سليم بن عامر يقول : أشهد بالله لسمعت أبا أمامة الباهلي يقول :

أشهد بالله لسمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : إن هذه الآية نزلت في القدرية :( إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ* يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ ) الآيات.

٧٧٧ ـ أخبرنا أبو بكر بن الحارث قال : أخبرنا عبد الله بن محمد الأصفهاني ، قال : حدَّثنا جرير بن هارون ، قال : حدَّثنا علي بن الطَّنَافِسِي ، قال : حدَّثنا عبيد الله بن موسى ، قال : حدَّثنا بحر السقاء ، عن شيخ من قريش ، عن عطاء ، قال :

جاء أسقف نَجْران إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : يا محمد ، تزعم أن المعاصي بقدَر ، والبحار بقدر ، والسماء بقدر ، وهذه الأمور تجري بقدر ، فأما المعاصي فلا. فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : أنتم خصماء الله ، فأنزل الله تعالى :( إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ ) إلى قوله :( خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ ) .

٧٧٨ ـ أخبرنا أبو بكر ، قال : أخبرنا عبد الله ، قال : حدَّثنا عمرو بن عبد الله بن الحسن ، قال : حدَّثنا أحمد بن الخليل ، قال : حدَّثنا عبد الله بن رجاء الأزْدي ، قال : حدَّثنا عمرو بن العلاء أخو أبي عمرو بن العلاء ، قال : حدَّثنا خالد بن سلمة القرشي ، قال : حدَّثنا سعيد بن عمرو بن جعدة المخزومي ، عن ابن أبي زُرارة الأنصاري ، عن أبيه :

أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم قرأ هذه الآية :( إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ ) قال : نزلت هذه الآية في أناس من آخر هذه الأمة يكذبون بقدر الله تعالى.

__________________

[٧٧٧] إسناده ضعيف : بحر السقاء : قال الحافظ في التقريب ضعيف [تقريب ١ / ٩٣] و [المجروحين لابن حبان ١ / ١٩٢].

[٧٧٨] أخرجه الطبراني في الكبير (٥ / ٢٧٦) وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (٧ / ١١٧) وقال : رواه الطبراني وفيه من لم أعرفه.

وذكر هذا الحديث الحافظ في الإصابة (١ / ٥٤٨) ترجمة زرارة الأنصاري.

٤٢٠

٧٧٩ ـ أخبرنا أحمد بن الحسن الحِيرِي ، قال : حدَّثنا محمد بن يعقوب المعقلي ، قال : حدَّثنا أبو عتبة أحمد بن الفرج ، قال : حدَّثنا بقية ، قال : حدَّثنا ابن ثوبان ، عن بكير بن أسيد ، عن أبيه ، قال :

حضرت محمد بن كَعْب وهو يقول : إذا رأيتموني أنطلق في القدر فغلوني فإني مجنون ، فو الذي نفسي بيده ما أنزلت هذه الآيات إلا فيهم. ثم قرأ :( إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ ) إلى قوله :( خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ ) .

__________________

[٧٧٩] مرسل.

٤٢١

سورة الواقعة

[٤٠٥]

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ.

قوله تعالى :( فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ ) . [٢٨].

٧٨٠ ـ قال أبو العالية والضحاك : نظر المسلمون إلى وَجّ ـ وهو واد مخصب بالطائف ـ فأعجبهم سِدْرُه ، فقالوا : يا ليت لنا مثلَ هذا! فأنزل الله تعالى هذه الآية.

[٤٠٦]

قوله تعالى :( ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ* وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ ) . [١٣ ـ ١٤].

٧٨١ ـ قال عُرْوَة بن رُوَيم : لما أنزل الله تعالى :( ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ* وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ ) بكى عمر وقال : يا رسول الله آمنا بك وصدقناك ، ومع هذا كله مَنْ ينجو منا قليل. فأنزل الله تعالى :( ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ* وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ ) فدعا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم عمرَ ، فقال : يا عمرُ بن الخطاب ، قد أنزل الله فيما قلت ، فجعل( ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ* وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ ) . فقال عمر : رضينا عن ربنا ، ونصدِّق نبينا ، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : مِن آدمَ إلينا ثُلةٌ ، ومني إلى يوم القيامة ثُلَّةٌ ، ولا يستتمها إلا سودانٌ من رُعاة الإبل ، ممن قال : لا إله إلا الله.

__________________

[٧٨٠] مرسل.

[٧٨١] مرسل.

٤٢٢

[٤٠٧]

قوله تعالى :( وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ ) . [٨٢].

٧٨٢ ـ أخبرنا سعيد بن محمد المؤذن ، قال : أخبرنا محمد بن عبد الله بن حَمْدون ، قال : أخبرنا أحمد بن الحسن الحافظ ، قال : حدَّثنا حَمْدانٌ السلمي ، قال : حدَّثنا النَّضْر بن محمد ، قال : حدَّثنا عكرمة بن عمار ، قال : حدَّثنا أبو زُميل ، قال : حدَّثني ابن عباس ، قال :

مُطرِ الناسُ على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : أصبح من الناس شاكر ، ومنهم كافر. قالوا : هذه رحمة وضعها الله تعالى وقال بعضهم : لقد صدق نوء كذا [وكذا]. فنزلت هذه الآيات :( فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ ) حتى بلغ( وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ ) .

رواه مسلم عن عباس بن عبد العظيم ، عن النّضْر بن محمد.

٧٨٣ ـ وروى : أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم خرج في سَفْر فنزلوا [منزلاً] فأصابهم العطش وليس معهم ماء ، فذكروا ذلك للنبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : أرأيتم إن دعوت لكم فسُقيتم فلعلكم تقولون : سقينا هذا المطر بِنْوءِ كذا ، فقالوا : يا رسول الله ما هذا بحين الأَنْواء. قال : فصلى ركعتين ودعا الله تبارك وتعالى ، فهاجت ريح ثم هاجت سحابة فمطروا حتى سالت الأودية وملئوا الأسْقِيَة ، ثم مر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم برجل يغترف بقدح له و [هو] يقول : سُقِينا بنوء كذا ، ولم يقل : هذا من رزق الله سبحانه. فأنزل الله سبحانه :( وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ ) .

٧٨٤ ـ أخبرنا أبو بكر [بن محمد] بن عمر الزاهد ، قال : حدَّثنا أبو عمرو محمد بن أحمد [الجيزي] ، قال : أخبرنا الحسن بن سفيان ، قال : حدَّثنا

__________________

[٧٨٢] أخرجه مسلم في الإيمان (١٢٧ / ٧٣) ص ٨٤ ، وأخرجه الطبراني في الكبير (١٢ / ١٩٨) من طريق النضر بن محمد به.

[٧٨٣] بدون إسناد ، وعزاه في الدر (٦ / ١٦٢) لابن مردويه عن ابن عباس.

[٧٨٤] أخرجه مسلم في الإيمان (١٢٦ / ٧٢) ص ٨٤.

وأخرجه النسائي في المجتبى في كتاب الاستسقاء (٣ / ١٦٤) وأخرجه في عمل اليوم والليلة (٩٢٣)

٤٢٣

حَرْمَلة بن يحيى وعمرو بن سَوَّاد السّرْحي ، قال : أخبرنا عبد الله بن وهب ، قال : أخبرني يونس بن يزيد ، عن ابن شهاب ، قال : أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، أن أبا هريرة قال :

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : ألم تَرَوْا إلى ما قال ربكم؟ قال : ما أنعمتُ على عبادي من نعمة إلا أصبح فريقٌ بها كافرين ، يقولون : الكواكب وبالكواكب.

رواه مسلم عن حَرْمَلَة وعمرو بن سَوَّاد.

__________________

وأخرجه أحمد (٢ / ٣٦٢) من طريق ابن وهب به.

وأخرجه (٢ / ٣٦٨) من طريق يونس به.

وأخرجه البيهقي في السنن (٣ / ٣٥٨) من طريق عمرو بن سواد به.

٤٢٤

سورة الحديد

[٤٠٨]

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ.

قوله تعالى :( لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقاتَلَ ) الآية. [١٠].

٧٨٥ ـ روى محمد بن فُضيل ، عن الكلبي : أن هذه الآية نزلت في أبي بكر الصديقرضي‌الله‌عنه . ويدل على هذا ما أخبرنا محمد بن إبراهيم بن محمد [بن عبده] بن يحيى ، قال : حدَّثنا أبو الحسن محمد بن عبد الله السَّلِيطي ، قال : حدَّثنا عثمان بن سليمان البغدادي ، قال : حدَّثنا يعقوب بن إبراهيم المخزومي ، قال : حدَّثنا عمرو بن حَفْص الشَّيْباني ، قال : حدَّثنا العلاء بن عمرو ، قال : حدَّثنا أبو إسحاق الفَزَارِي ، عن سفيان الثَّوْرِي ، عن آدم بن علي ، عن ابن عمر ، قال :

بينا النبيُّصلى‌الله‌عليه‌وسلم جالس وعنده أبو بكر الصديق ، وعليه عباءة قد خلَّلها على صدره بخِلَال ، إذ نزل عليه جبريلعليه‌السلام فأقرأه من الله السلام وقال : يا محمد ، ما لي أرى أبا بكر عليه عباءة قد خَلَّلها على صدره بخلال؟ فقال : يا جبريل ، أنفق ماله قبل الفتح عَلَيَّ. قال : فأَقْرِئه مِنَ الله سبحانه وتعالى السلام ، وقل له : يقول لك ربك : أراضٍ أنت عني في فقرك هذا أم ساخط؟ فالتفت

__________________

[٧٨٥] إسناده ضعيف ، في إسناده العلاء بن عمرو : قال ابن حبان في المجروحين [٢ / ١٨٥] : شيخ يروي عن أبي إسحاق الفزاري العجائب.

وذكر ابن حبان هذا الحديث من عجائبه.

٤٢٥

النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى أبي بكر ، فقال : يا أبا بكر ، هذا جبريل يُقْرِئك من الله سبحانه السلام. ويقول لك : أراضٍ أنت عني في فقرك هذا أم ساخط؟ فبكى أبو بكر وقال : على ربي أغضب؟ أنا عن ربي راضٍ ، أنا عن ربي رَاضٍ.

[٤٠٩]

قوله تعالى :( أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ ) الآية. [١٦].

٧٨٦ ـ قال الكلبي ومقاتل : نزلت في المنافقين بعد الهجرة بسنة ، وذلك أنهم سألوا سلمان الفارسي ذاتَ يوم فقالوا : حدَّثنا عما في التوراة فإن فيها العجائب ، فنزلت هذه الآية ، وقال غيرهما : نزلت في المؤمنين.

٧٨٧ ـ أخبرنا عبد القاهر بن طاهر ، قال : أخبرنا أبو عمرو بن مطر ، قال : أخبرنا جعفر بن محمد الفِرْيابي ، قال : حدَّثنا إسحاق بن رَاهَوَيْه ، قال : حدَّثنا عمرو بن محمد القرشي ، قال : حدَّثنا خلاد بن [مسلم] الصَّفَّار ، عن عمرو بن قيس المُلَائي ، عن عمرو بن مُرَّة ، عن مُصْعَب بن سعد ، عن سعد ، قال :

أنزل القرآن على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فتلاه عليهم زماناً. فقالوا : يا رسول الله ، لو قصصت [علينا]. فأَنزل الله تعالى :( نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ ) فتلاه عليهم زماناً ، فقالوا : يا رسول الله ، لو حدثتنا. فأنزل الله تعالى :( اللهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ ) قال : كلُّ ذلك يُؤْمَرُونَ بالقرآن. قال خلاد : وزاد فيه آخر : قالوا : يا رسول الله ، لو ذكَّرْتنا. فأنزل الله تعالى :( أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ ) .

__________________

[٧٨٦] الكلبي ضعيف.

[٧٨٧] سبق برقم (٥٤٤)

٤٢٦

سورة المجادلة

[٤١٠]

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ.

قوله تعالى :( قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها ) الآية. [١].

٧٨٨ ـ أخبرنا أبو سعد محمد بن عبد الرحمن الغازي ، قال : أخبرنا أبو عمرو محمد بن أحمد الحِيري ، قال : أخبرنا أحمد بن علي بن المثنَّى ، قال : أخبرنا أبو بكر بن أبي شيبة ، قال : حدَّثنا محمد بن أبي عبيدة ، قال : حدَّثنا أبي ، عن الأعمش ، عن تميم بن سلمة ، عن عروة ، قال :

قالت عائشة : تبارك الذي وسع سمعه كل شي ، إني لأسمع كلام خَوْلَة بنت ثَعْلَبة ، ويخفى عليّ بعضه ، وهي تشتكي زوجها إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وهي تقول : يا رسول الله ، أبْلَى شبابي ، ونَثَرْتُ له بَطْنَي ، حتى إذا كبرَ سِنِّي ، وانقطع وَلَدِي ـ

__________________

[٧٨٨] أخرجه البخاري تعليقاً في كتاب التوحيد ترجمة الباب (٩) باب( وَكانَ اللهُ سَمِيعاً بَصِيراً ) قبل الحديث (٧٣٨٦).

وأخرجه النسائي في الطلاق (٦ / ١٦٨).

وفي التفسير (٥٩٠).

وأخرجه ابن ماجة في المقدمة (١٨٨).

وفي الطلاق (٢٠٦٣).

وأخرجه الحاكم في المستدرك (٢ / ٤٨١) وصححه ووافقه الذهبي.

٤٢٧

ظاهر مني ، اللهم إني أشكو إليك قالت : فما برحت حتى نزل جبريلُعليه‌السلام بهذه الآيات :( قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها وَتَشْتَكِي إِلَى اللهِ ) .

رواه [الحاكم] أبو عبد الله في صحيحه ، عن أبي محمد المزني عن مُطير ، عن أبي كُرَيب ، عن محمد بن أبي عبيدة.

٧٨٩ ـ أخبرنا أبو بكر بن الحارث ، قال : أخبرنا أبو الشيخ الحافظ الأصفهاني ، قال : حدَّثنا عبدان بن أحمد ، قال : حدَّثنا أحمد بن محمد بن يحيى بن سعيد ، قال : حدَّثنا [يحيى] بن عيسى الرملي ، قال : حدَّثنا الأعمش ، عن تميم بن سلمة ، عن عروة ، عن عائشة ، قالت :

الحمد لله الذي توسع لسمع الأصوات كلها! لقد جاءت المجادلة فكلمت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم . وأنا في جانب البيت لا أدري ما تقول ، فأنزل الله تعالى :( قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها ) .

[٤١١]

قوله تعالى :( الَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسائِهِمْ ) الآية. [٢].

٧٩٠ ـ أخبرنا أبو منصور محمد بن محمد المنصوري ، قال : أخبرنا علي بن عمر الحافظ ، قال : حدَّثنا أبو بكر محمد بن زياد النَّيْسَابُوري ، قال : حدَّثنا أبو بكر محمد بن الأشعث ، قال : حدَّثنا محمد بن بكار ، قال : حدَّثنا سعيد بن بشير ، أنه سأل قتادة عن الظِّهار ، قال : فحدثني أن أنس بن مالك ، قال :

إن أوس بن الصامت ظاهَرَ من امرأته خُوَيلة بنت ثَعْلَبة ، فشكت ذلك إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقالت : ظاهر مني حين كَبِرَ سني ، ورَقَّ عَظْمي. فأنزل الله تعالى آية الظهار ، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم لأوس : أعتق رقبة ، فقال : مالي بذلك يدان ، قال : فصم شهرين متتابعين ، قال : أما إِني إذا أخطأني أن لا آكل في اليوم [مرتين] كلَ

__________________

[٧٨٩] انظر السابق.

[٧٩٠] إسناده ضعيف : سعيد بن بشير الأزدي : ضعيف [تهذيب التهذيب ٤ / ٨] وقال ابن حبان : يروي عن قتادة ما لا يتابع [مجروحين ١ / ٣١٥] وعزاه في الدر (٦ / ١٨٠) لابن مردويه.

٤٢٨

بصري ، قال : فأطعم ستين مسكيناً ، قال : لا أجد إلا أن تعينني منك بعون وصلة.قال : فأعانه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم بخمسة عشرَ صرعاً حتى جمع الله له ، والله رحيم ، وكانوا يرون أن عنده مثلها ، وذلك لستِّين مسكيناً.

٧٩١ ـ أخبرنا عبد الرحمن بن أبي حامد العدل ، قال : حدَّثنا محمد بن محمد بن عبد الله بن زكريا ، قال : أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الدَّغُولي ، قال : أخبرنا أبو الحسن أحمد بن سيار ، قال : أخبرنا [عبد العزيز بن يحيى بن يوسف ، قال : حدَّثنا] أبو الأصبغ الحرّاني ، قال : حدَّثنا محمد بن مَسْلَمَة ، عن محمد بن إسحاق ، عن معمر بن عبد الله بن حنظلة ، عن يوسف بن عبد الله بن سلام قال :

حدَّثتني خُويلة بنت ثعلبة ، وكانت عند أوس بن الصّامت ، أخي عُبادة بن الصّامِت ، قالت : دخل عليَّ ذات يوم فكلمني بشيء وهو فيه كالضجر ، فرادَدْتُه فغضب ، فقال : أنت عليَّ كظهر أمي ، ثم خرج في نادي قومه ، ثم رجع إليّ فراودني عن نفسي فامتنعت منه ، فشَادَّني فشادَدْتُه ، فغلبته بما تغلب به المرأة الرجلَ الضعيف فقلت : كلا ـ والذي نفس خُوَيْلة بيده. لا تصلُ إليّ حتى يحكم الله تعالى فيّ وفيك بحكمه ، ثم أتيت النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم أشكو ما لقيت ، فقال : زوجك وابن عمك ، اتقي الله وأحسني صحبته. فما برحت حتى نزل القرآن :( قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها ) إلى [قوله] :( إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ) حتى انتهى إلى الكفارة ، قال : مريه فليعتق رقبة ، قلت : يا نبي الله ، والله ما عنده رقبة يعتقها. قال : مريه فليصم شهرين متتابعين ، قلت : يا نبي الله [والله إنه] شيخ كبير ما به من صيام ، قال : فليطعم ستين مسكيناً ، قلت : يا نبي الله ، والله ما عنده ما

__________________

[٧٩١] أخرجه أحمد في مسنده (٦ / ٤١٠) وقد صرح ابن إسحاق بالسماع. وفي إسناده معمر بن عبد الله بن حنظلة ، قال الحافظ في التهذيب : ذكره ابن حبان في الثقات وأخرج حديثه في صحيحه وفيه تصريح ابن إسحاق بالسماع وقال القطان : مجهول الحال وتبعه الذهبي وقال : تفرد عنه ابن إسحاق.

والحديث أخرجه أبو داود في كتاب الطلاق (٢٢١٤ ، ٢٢١٥).

والبيهقي في السنن الكبرى (٧ / ٣٨٩).

وزاد السيوطي نسبته في الدر (٦ / ١٧٩) للطبراني وابن المنذر وابن مردويه.

٤٢٩

يطعم ، فقال : بلى سنعينه بعَرْق من تمر ـ مِكْتَلّ يسع ثلاثين صاعاً ـ قالت : قلت : وأنا أعينه بِعَرْقٍ آخر ، قال : قد أحسنت ، فليتصدق.

[٤١٢]

قوله تعالى :( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوى ) . [٨].

٧٩٢ ـ قال ابن عباس ومجاهد : نزلت في اليهود والمنافقين ، وذلك أنهم كانوا يتناجون فيما بينهم دون المؤمنين وينظرون إلى المؤمنين ويتغامزون بأعينهم ، فإذا رأى المؤمنون نجواهم قالوا : ما نراهم إلا وقد بلَغَهم عن أقربائنا وإخواننا الذين خرجوا في السَّرَايا قَتْلٌ أو موت أو مصيبة أو هزيمة ، فيقع ذلك في قلوبهم ويحزنهم ، فلا يزالون كذلك حتى يقدم أصحابهم وأقرباؤهم ، فلما طال ذلك وكثر شكوا إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فأمرهم أن لا يتناجوا دون المسلمين ، فلم ينتهوا عن ذلك ، وعادوا إلى مناجاتهم. فأنزل الله تعالى هذه الآية.

[٤١٣]

قوله تعالى :( وَإِذا جاؤُكَ حَيَّوْكَ بِما لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللهُ ) . [٨].

٧٩٣ ـ أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر الخشاب ، قال : أخبرنا أبو إسحاق

__________________

[٧٩٢] بدون إسناد.

[٧٩٣] أخرجه مسلم في كتاب السلام (١١ / ٢١٦٥) ص ١٧٠٦.

والنسائي في التفسير (٥٩١).

وابن ماجة (٣٦٩٨) ثلاثتهم من طريق أبي الضحى عن مسروق به ومن طريق سفيان بن عيينة عن الزهري عن عروة عن عائشة :

أخرجه البخاري في استتابة المرتدين (٦٩٢٧).

ومسلم في كتاب السلام (١٠ / ٢١٦٥) ص ١٧٠٦.

والترمذي في الاستئذان (٢٧٠١).

والنسائي في التفسير (٥٩٢).

والنسائي في عمل اليوم والليلة (٣٨١).

وزاد السيوطي في الدر (٦ / ١٨٤) نسبته لعبد الرزاق وسعيد بن منصور والبيهقي في شعب الإيمان وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه.

٤٣٠

إبراهيم بن عبد الله الأصفهاني ، قال : أخبرنا محمد بن إسحاق السَّرَّاج ، قال : حدَّثنا قتيبة بن سعيد ، قال : حدثنا جرير ، عن الأعمش ، عن أبي الضُّحى ، عن مَسْرُوق ، عن عائشة ، قالت :

جاء ناس من اليهود إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقالوا : السَّامُ عليك يا أبا القاسم ، فقلت : السَّامُ عليكم ، وفَعَلَ الله بكم ، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : مَهْ يا عائشة! فإن الله تعالى لا يحب الفحش ولا التَّفَحُّش. فقلت : يا رسول الله أَلَسْتَ تَرَىَ ما يقولون؟ قال : أَلَسْتِ تَرَيْنَ أردّ عليهم ما يقولون؟ أقول : وعليكم! ونزلت هذه الآية في ذلك :( وَإِذا جاؤُكَ حَيَّوْكَ بِما لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللهُ ) .

٧٩٤ ـ أخبرنا أبو سعيد محمد بن عبد الرحمن الغازي ، قال : أخبرنا أبو عمرو محمد بن أحمد الحِيري ، قال : أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى ، قال : أخبرنا زهير بن محمد ، قال : أخبرنا يونس بن محمد ، قال : أخبرنا شيبان ، عن قتادة ، عن أنس.

أن يهودياً أتى النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : السام عليك ، فرد القوم ، فقال نبي اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : هل تدرون ما قال؟ قالوا : الله ورسوله أعلم [سلم] يا نبي الله ، قال : لا ، ولكن قال كذا وكذا رُدُّوه عليَّ ، فردوه عليه فقال : قلتَ : السام عليكم؟ قال : نعم ، فقال نبي اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم عند ذلك : إذا سلَّم عليكم أحدٌ من أهل الكتاب ، فقولوا : وعليكم ، أي عليك ما قلت. فنزل قوله تعالى :( وَإِذا جاؤُكَ حَيَّوْكَ بِما لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللهُ ) .

[٤١٤]

قوله تعالى :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللهُ لَكُمْ ) الآية. [١١].

٧٩٥ ـ قال مقاتل : كان النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم في الصفة ، وفي المكان ضيق وذلك يوم

__________________

[٧٩٤] أخرجه الترمذي في التفسير (٣٣٠١) من طريق قتادة عن أنس وقال الترمذي : حسن صحيح.

وأخرجه البخاري في كتاب استتابة المرتدين (٢٩٢٦) من طريق هشام بن زيد بن مالك عن أنس.

وزاد السيوطي نسبته في الدر (٦ / ١٨٤) لأحمد وعبد بن حميد.

[٧٩٥] مرسل ، وعزاه في الدر (٦ / ١٨٤) لابن أبي حاتم.

٤٣١

الجمعة ، وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم يكرم أهل بدر من المهاجرين والأنصار ، فجاء ناس من أهل بدر وقد سُبِقوا إلى المجلس ، فقاموا حِيَال النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم على أرجلهم ينظرون أن يُوسّع لهم فلم يفسحوا لهم ، وشق ذلك على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقال لمن حوله من غير أهل بدر : قم يا فلان وأنت يا فلان. فأقام من المجلس بقدر النفر الذين قاموا بين يديه من أهل بدر ، فشق ذلك على من أقيم من مجلسه وعرف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم الكراهية في وجوههم ، فقال المنافقون للمسلمين : ألستم تزعمون أن صاحبكم يعدل بين الناس؟ فو الله ما عدل بين هؤلاء : قوم أخذوا مجالسهم وأحبّوا القرب من نبيهم ، أقامهم وأجلس مَنْ أبطأ عنهم مقامهم! فأنزل الله تعالى هذه الآية.

[٤١٥]

قولهعزوجل :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ ) الآية. [١٢].

٧٩٦ ـ قال مقاتل بن حيان : نزلت الآية في الأغنياء ، وذلك أنهم كانوا يأتون النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم فيكثرون مناجاته ويغلبون الفقراء على المجالس ، حتى كره رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ذلك من طول جلوسهم ومناجاتهم ، فأنزل الله تبارك وتعالى هذه الآية ، وأمر بالصدقة عند المناجاة ، فأما أهل العُسْرَة فلم يجدوا شيئاً ، وأما أهل الميسرة فَبَخِلُوا ، واشتد ذلك على أصحاب النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فنزلت الرخصة.

٧٩٧ ـ وقال علي بن أبي طالبرضي‌الله‌عنه : إن في كتاب الله لآيةً ما عَمِلَ بها أحد قبلي ، ولا يَعْمَلُ بها أحد بعدي :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ ) كان لي دينار فبعته [بدراهم] وكنت إذا ناجيت الرسول تصدقت بدرهم حتى نفذ ، فَنُسِخَتْ بالآية الأخرى :( أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ ) الآية.

__________________

[٧٩٦] مرسل ، وعزاه في الدر (٦ / ١٨٤) لابن أبي حاتم.

[٧٩٧] أخرجه الحاكم في المستدرك (٢ / ٤٨٢) وصححه على شرط الشيخين ووافقه الذهبي.

وزاد السيوطي نسبته في الدر (٦ / ١٨٤) لسعيد بن منصور وإسحاق بن راهويه وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن أبي حاتم وابن مردويه.

٤٣٢

[٤١٤]

قولهعزوجل :( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ ) الآيات إلى قوله :( وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلى شَيْءٍ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْكاذِبُونَ ) . [١٤ : ١٨].

٧٩٨ ـ قال السدي ومقاتل : نزلت في عبد الله بن نَبْتل المنافق ، كان يجالس النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ثم يرفع حديثه إلى اليهود. فبينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم في حُجْرة من حجره إذ قال : يدخل عليكم الآنَ رجلٌ قلبُه قلبُ جبار ، وينظر بعيني شيطان. فدخل عبد الله بن نَبْتَل ، وكان أزرقَ ، فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : علام تشتُمني أنت وأصحابك؟ فحلف بالله ما فعل ذلك ، فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : فعلتَ. فانطلق فجاء بأصحابه ، فحلفوا بالله ما شتموه. فأنزل الله تعالى هذه الآيات.

٧٩٩ ـ أخبرنا محمد بن إبراهيم بن محمد بن يحيى ، أخبرنا محمد بن جعفر بن مطر ، أخبرنا جعفر بن محمد الفِرْيَابِي ، حدَّثنا أبو جعفر النفَيْلِي ، حدَّثنا زهير بن معاويةَ ، حدَّثنا سِمَاك بن حرب ، قال : حدَّثني سعيد بن جُبَير ، أن ابن عباس حدَّثه :

أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم كان في ظل حجرة من حجره ، وعنده نفرٌ من المسلمين قد كاد الظل يقلص عنهم ، فقال لهم : إنه سيأتيكم إنسان ينظر إليكم بعيني شيطان ، فإذا أتاكم فلا تكلموه ، فجاء رجل أزرقُ ، فدعاه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم وكلمه ، فقال : عَلَامَ تشتمني أنت وفلان وفلان؟ ـ نفر دعا بأسمائهم ـ فانطلق الرجل فدعاهم ، فحلفوا بالله واعتذروا إليه. فأنزل الله تعالى :( يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ

__________________

[٧٩٨] مرسل ، وعزاه في الدر (٦ / ١٧٦) لابن أبي حاتم عن السدي.

[٧٩٩] أخرجه أحمد في مسنده (١ / ٢٤٠) من طريق سماك به ، وأخرجه الحاكم في المستدرك (٢ / ٤٨٢) وصححه وأقره الذهبي.

وأخرجه ابن جرير في تفسيره (٢٨ / ١٧).

وأخرجه الطبراني في الكبير (١٢ / ٧) وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (٧ / ١٢٢) وعزاه للطبراني وأحمد والبزار وقال : رجال الجميع رجال الصحيح.

وزاد السيوطي نسبته في الدر (٦ / ١٨٦) للبيهقي في الدلائل وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه.

٤٣٣

كَما يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلى شَيْءٍ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْكاذِبُونَ ) .

رواه الحاكم في صحيحه ، عن الأصم ، عن ابن عفان ، عن عمرو العَنْقَزِي ، عن إسرائيل ، عن سِمَاك.

[٤١٧]

قوله تعالى :( لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ ) الآية. [٢٢].

٨٠٠ ـ قال ابن جريح : حُدِّثت أن أبا قُحَافَةَ سبَّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فصكّه أبو بكر صكّة شديدة سقط منها ، ثم ذكر ذلك للنبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقال : أَوَفَعَلْته؟ قال : نعم ، قال : فلا تعد إليه ، فقال أبو بكر : والله لو كان السيف قريباً مني لقتلته ، فأنزل الله تبارك وتعالى هذه الآية.

٨٠١ ـ وروي عن ابن مسعود ، أنه قال : نزلت هذه الآية في أبي عُبَيْدَة بن الجرّاح ، قتل أباه عبد الله بن الجراح يوم أحد.

وفي أبي بكر ، دعا ابنه يوم بدر إلى البراز ، فقال : يا رسول الله ، دعني أكن في الرَّعْلَة الأولى. فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : مَتِّعْنا بنفسك يا أبا بكر ، أما تعلم أنك عندي بمنزلة سمعي وبصري؟

وفي مُصْعَب بن عُمَير ، قتل أخاه عبيد بن عمير يوم أحُد.

وفي عمر ، قتل خالَه العاص بن هشام بن المغيرة يوم بدر.

وفي علي وحمزة [وعُبيدة] ، قتلوا عُتْبَة وشَيْبَة ابني ربيعة ، والوليدَ بن عتبة يوم بدر.

وذلك قوله :( وَلَوْ كانُوا آباءَهُمْ أَوْ أَبْناءَهُمْ أَوْ إِخْوانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ) .

__________________

[٨٠٠] مرسل.

[٨٠١] بدون إسناد.

٤٣٤

سورة الحشر

[٤١٨]

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ.

قوله تعالى :( سَبَّحَ لِلَّهِ ) إِلى قوله :( وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) [٦].

٨٠٢ ـ قال المفسرون : نزلت هذه الآية في بني النَّضِير ، وذلك : أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم لما قدم المدينة صالحه بنو النَّضِير على أن لا يقاتلوه ولا يقاتلوا معه ، وقَبِلَ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ذلك منهم. فلما غزا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم بدراً وظهر على المشركين ، قالت بنو النضير : والله إنه النبي الذي وجدنا نعته في التوراة ، لا تُردُّ له راية. فلما غزا أُحُداً وهُزم المسلمون ، نقضوا العهد ، وأظهروا العداوة لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم والمسلمين. فحاصرهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ثم صالحهم على الجلاء من المدينة.

٨٠٣ ـ أخبرنا أبو محمد الحسن بن محمد الفارسي ، أخبرنا محمد بن عبد الله بن الفضل التاجر ، أخبرنا أحمد بن محمد بن الحسين الحافظ ، حدَّثنا محمد بن يحيى ، حدَّثنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر ، عن الزهري ، عن ابن كعب بن مالك ، عن رجل من أصحاب النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم :

__________________

[٨٠٣] أخرجه أبو داود في الخراج والإمارة (٣٠٠٤).

وعزاه في الدر (٦ / ١٨٩) لعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر والبيهقي في الدلائل.

٤٣٥

أن كفار قريش كتبوا بعد وقعة بدر إلى اليهود : إنكم أهل الحَلْقة ، والحصون ، وإنكم لتقاتلنّ صاحِبنَا أو لنفعلن كذا ، ولا يحول بيننا وبين خَدَم نسائكم ـ وهي الخلاخل ـ شيء. فلما بلغ كتابُهم اليهودَ أجمعت بنو النضير [على] الغدر ، وأرسلوا إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أن أخرج إلينا في ثلاثين رجلاً من أصحابك ، وليخرجْ منا ثلاثون حَبْراً ، حتى نلتقي بمكان نَصَف بيننا وبينك ، ليسمعوا منك ، فإن صدَقوك وآمنوا بك آمنا بك كلّنا. فخرج النبي صَلى الله عليه وآله وسلم في ثلاثين من أصحابه ، وخرج إليه ثلاثون حَبْراً من اليهود ، حتى إذا برزوا في بَرَاز من الأرض ، قال بعض اليهود لبعض : كيف تخلُصون إليه ومعه ثلاثون رجلاً من أصحابه كلُّهم يُحب أن يموت قبله؟ فأرسلوا [إليه] كيف نفهم ونحن ستون رجلاً؟ أخرج في ثلاثة من أصحابك ، ونخرج إليك ثلاثة من علمائنا ، إن آمنوا بك آمنا بك كلُّنا وصدقناك. فخرج النبي صَلى الله عليه وسلم في ثلاثة من أصحابه ، وخرج ثلاثة من اليهود ، واشتملوا على الخناجر ، وأرادوا الفتك برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فأرسلت امرأة ناصحةٌ من بني النَّضِير إلى أخيها ـ وهو رجل مسلم من الأنصار ـ فأخبرته خبر ما أراد بنو النضير من الغدر برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فأقبل أخوها سريعاً حتى أدرك النبيَّ صَلى الله عليه وسلم ، فسارَّه بخبرهم فرجع النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم . فلما كان من الغد غدا عليهم بالكتائب ، فحاصرهم وقاتلهم حتى نزلوا على الجلاء ، على أنّ لهم ما أقلَّت الإبل إلا الحَلْقة ، وهي السلاح وكانوا يُخَرِّبون بيوتهم ، فيأخذون ما وافقهم من خشبها ، فأنزل الله تعالى :( سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ ) حتى بلغ :( وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) .

[٤١٩]

قوله تعالى :( ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ ) الآية. [٥].

٨٠٤ ـ وذلك : أن رسول الله صَلى الله عليه وسلم لما نزل ببني النضير ، وتحصنوا في حصونهم ، أمر بقطع نخيلهم وإحراقها ، فجزع أعداء الله عند ذلك ، وقالوا :

__________________

[٨٠٤] أخرج الترمذي في كتاب التفسير (٣٣٠٣) عن ابن عباس حديثاً يؤيد ذلك وقال : هذا حديث حسن غريب.

٤٣٦

زعمت يا محمد أنك تريد الصلاح ، أفمن الصلاح عَقْرُ الشجر المثمر وقطعُ النخيل؟ وهل وجدت فيما زعمت : أنه أنزل عليك ، الفساد في الأرض؟ فشق ذلك على النبي صَلى الله عليه وسلم. فوجد المسلمون في أنفسهم من قولهم ، وخشوا أن يكون ذلك فساداً ، واختلفوا في ذلك ، فقال بعضهم : لا تقطعوا فإنه مما أفاء الله علينا ، وقال بعضهم : بل اقطعوا. فأنزل الله تبارك وتعالى :( ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ ) الآية.

تصديقاً لمن نَهَى عن قطعه ، وتحليلاً لمن قطعه. وأخبر : أن قطْعَه وترْكَه بإذن الله تعالى.

٨٠٥ ـ أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم المُزكِّي ، أخبرنا والدي ، أخبرنا محمد بن إسحاق الثقفي ، حدَّثنا قتيبة ، حدَّثنا الليث بن سعد ، عن نافع ، عن ابن عمر :

أَن رسول الله صَلى الله عليه وسلم حرق نخل النضير ، وقطع. وهي البُوَيْرة. فأنزل الله تعالى :( ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوها قائِمَةً عَلى أُصُولِها فَبِإِذْنِ اللهِ وَلِيُخْزِيَ الْفاسِقِينَ )

رواه البخاري.

ومسلم عن قُتيبةَ.

٨٠٦ ـ أخبرنا أبو بكر بن الحارث ، أخبرنا عبد الله بن محمد بن جعفر ،

__________________

[٨٠٥] أخرجه البخاري في المغازي (٤٠٣١) وفي التفسير (٤٨٨٤).

وأخرجه مسلم في الجهاد والسير (٢٩ / ١٧٤٦) ص (١٣٦٥).

وأبو داود في الجهاد (٢٦١٥) ، وأخرجه الترمذي في السير (١٥٥٢) وفي التفسير (٣٣٠٢) وقال : هذا حديث حسن صحيح.

وأخرجه النسائي في التفسير (٥٩٣).

وزاد السيوطي نسبته في الدر (٦ / ١٨٨) لسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن جرير والبيهقي في الدلائل.

[٨٠٦] أخرجه البخاري في الجهاد (٣٠٢١) ومسلم في الجهاد والسير (٣٠ / ١٧٤٦) ص ١٣٦٥ ، وزاد المزي نسبته في تحفة الأشراف (٨٤٥٧) للنسائي في السير في الكبرى.

وأخرجه ابن جرير في تفسيره (٢٨ / ٢٣).

٤٣٧

أخبرنا أبو يحيى الرازي ، حدَّثنا سهل بن عثمان ، حدَّثنا عبد الله بن المبارك ، عن موسى بن عقبة ، عن نافع ، عن ابن عمر :

أن رسول الله صَلى الله عليه وسلم قطع نخل بني النضير وحرق ، وهي : البويرة ، ولها يقول حسّان :

وهَانَ عَلَى سَرَاةِ بَنِي لُؤَيٍ

حَرِيقٌ بِالْبُوَيرةِ مُسْتَطِيرُ

وفيها نزلت الآية :( ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوها قائِمَةً عَلى أُصُولِها ) الآية.

رواه مسلم عن سعيد بن منصور ، عن ابن المبارك.

٨٠٧ ـ وأخبرنا أبو بكر ، أخبرنا عبد الله ، حدَّثنا سَلْم بن عصام ، حدَّثنا رستة ، حدَّثنا عبد الرحمن بن مهدي ، حدَّثنا محمد بن ميمون التمار ، حدَّثنا جُرْمُوز ، عن حاتم النجار ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال :

جاء يهودي إلى النبي صَلى الله عليه وسلم ، فقال : أنا أقوم فأصلي. قال : قدَّرَ الله لك ذلك أن تصلي. قال : أنا أقعد. قال : قدَّر الله لك أن تقعد. قال : أنا أقوم إلى هذه الشجرة فأقطعها. قال : قدر الله لك أن تقطعها. قال : فجاء جبريلعليه‌السلام ، فقال : يا محمد لُقِّنتَ حُجتَك ، كما لُقِّنَها إبراهيمُعليه‌السلام على قومه. فأنزل الله تعالى :( ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوها قائِمَةً عَلى أُصُولِها فَبِإِذْنِ اللهِ وَلِيُخْزِيَ الْفاسِقِينَ ) يعني اليهود.

[٤٢٠]

قوله تعالى :( وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَالْإِيمانَ مِنْ قَبْلِهِمْ ) الآية. [٩].

__________________

وزاد السيوطي نسبته في الدر (٦ / ١٨٨) لسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن مردويه والبيهقي في الدلائل.

[٨٠٧] عزاه في الدر (٦ / ١٩٢) للبيهقي في الأسماء والصفات عن الأوزاعي وقد أخرجه البيهقي في الأسماء والصفات (١ / ٢٣٨ ـ ٢٣٩) عن الأوزاعي.

٤٣٨

٨٠٨ ـ روى جعفر بن برقان ، عن يزيد بن الأصم : أن الأنصار قالوا : يا رسول الله ، اقسم بيننا وبين إخواننا من المهاجرين الأرض نصفين. قال : لا ، ولكنهم يَكفونكم المَئُونة ، وتقاسمونهم الثمرة ، والأرضُ أرضُكم. قالوا : رضينا. فأنزل الله تعالى :( وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَالْإِيمانَ مِنْ قَبْلِهِمْ ) الآية.

[٤٢١]

قوله تعالى :( وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ ) . [٩].

٨٠٩ ـ أخبرنا سعيد بن أحمد بن جعفر المؤذن [قال :] أخبرنا أبو علي الفقيه ، أخبرنا محمد بن منصور بن أبي الجهم السَّبيعي ، حدَّثنا نصر بن علي الجهْضَميّ ، حدَّثنا عبد الله بن داود ، عن فُضَيْل بن غَزْوان ، عن أبي حازم ، عن أبي هريرة.

أن رسول الله صَلى الله عليه وسلم دفع إلى رجل من الأنصار رجلاً من أهل الصفة ، فذهب به الأنصاري إلى أهله ، فقال للمرأة : هل من شيء؟ قالت : لا ، إلا قوت الصِّبْيَة. قال : فَنَوِّميهم ، فإذا ناموا فأتيني [به] ، فإذا وضعت فأطفئي السراج قال : ففعلت ، وجعل الأنصاري يقدم إلى ضيفه ما بين يديه ، ثم غدا به إلى رسول الله صَلى الله عليه وسلم ، فقال : لقد عجب من فعالكما أهل السماء. ونزلت( وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ ) . رواه البخاري عن مُسَدَّد ، عن عبد الله بن داود ، ورواه مسلم عن أبي كُرَيب ، عن وكيع ، كلاهما عن فُضَيل بن غَزْوان.

٨١٠ ـ أخبرنا أبو عبد الله بن إسحاق المُزَكِّي ، أخبرنا أبو الحسن محمد بن

__________________

[٨٠٨] مرسل ، وعزاه في الدر (٦ / ١٩٥) لعبد بن حميد وابن المنذر عن يزيد بن الأصم.

[٨٠٩] أخرجه البخاري في المناقب (٣٧٩٨) وفي التفسير (٤٨٨٩).

وأخرجه مسلم في الأشربة (١٧٢ ، ١٧٣ / ٢٠٥٤) ص ١٦٢٤ ، ١٦٢٥.

وأخرجه الترمذي في التفسير (٣٣٠٤).

والنسائي في التفسير (٦٠٢)

[٨١٠] إسناده ضعيف : عبيد الله بن الوليد ضعيف [تقريب ١ / ٥٤٠] و [المجروحين ٢ / ٦٣].

والحديث أخرجه الحاكم (٢ / ٤٨٤) وصححه وتعقبه الذهبي بقوله : عبيد الله ضعفوه.

٤٣٩

عبد الله السليطي حدَّثنا أبو العباس بن عيسى بن محمد المَرْوَزي ، حدَّثنا المستجير بن الصَّلْت ، حدَّثنا القاسم بن الحكم العُرَني ، حدَّثنا عبيد الله بن الوليد ، عن مُحَارِب بن دِثَار ، عن عبد الله بن عمر ، قال :

أهدي لرجل من أصحاب رسول الله صَلى الله عليه وسلم رأسُ شاة ، فقال : إن أخي فلاناً وعياله أحوجُ إلى هذا منا. فبعثَ به إليه ، فلم يزل يَبعثُ به واحدٌ إلى آخَرَ حتى تداولها سبعة أهلُ أبيات ، حتى رجعتْ إلى الأول ، فنزلت :( وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ ) إلى آخر الآية.

__________________

وعزاه السيوطي في الدر (٦ / ١٩٥) للحاكم وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان.

٤٤٠

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591