أسباب نزول القرآن

أسباب نزول القرآن13%

أسباب نزول القرآن مؤلف:
تصنيف: علوم القرآن
الصفحات: 591

أسباب نزول القرآن
  • البداية
  • السابق
  • 591 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 428275 / تحميل: 6396
الحجم الحجم الحجم
أسباب نزول القرآن

أسباب نزول القرآن

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

إبراهيم بن مرزوق ، حدَّثنا مسلم بن إبراهيم ، حدَّثنا الحارث بن عبيد ، حدَّثنا عامر الأحول ، عن عطاء ، عن ابن عباس قال :

كان إيلاء أهل الجاهلية السنة والسنتين وأكثر من ذلك ، فَوَقَّتَ الله أربعة أشهر ، فمن كان إيلاؤُه أقل من أربعة أشهر فليس بإيلاء.

١٥٠ ـ وقال سعيد بن المُسَيَّب : كان الإيلاء [من] ضرار أهل الجاهلية : كان الرجل لا يريد المرأة ولا يحب أن يتزوّجها غيره ، فيحلف أن لا يقربها أبداً ، وكان يتركها كذلك لا أيماً ولا ذات بعل ، فجعل الله تعالى الأجلَ الذي يعلم به ما عند الرجل في المرأة أربعة أشهر ، وأنزل الله تعالى :( لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ ) الآية.

[٧٣]

قوله تعالى :( الطَّلاقُ مَرَّتانِ فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ ) الآية. [٢٢٩].

١٥١ ـ أخبرنا أحمد بن الحسن القاضي ، حدَّثنا محمد بن يعقوب ، أخبرنا الربيع ، أخبرنا الشافعي ، أخبرنا مالك ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه :

كان الرجل إذا طلّق امرأته ثم ارتجعها قبل أن تنقضي عدتها كان ذلك له ، وإن طلقها ألف مرة ، فعمد رجل إلى امرأة له فطلقها ثم أمهلها حتى إذا شارَفَتْ انقضاء عدتها ارتجعها ثم طلقها ، وقال : والله لا آويك إليّ ولا تحلين أبداً. فأنزل اللهعزوجل :( الطَّلاقُ مَرَّتانِ فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ ) .

١٥٢ ـ أخبرنا أبو بكر التَّمِيمِي ، أخبرنا أبو جعفر أحمد بن محمد بن

__________________

في سننه (١٨٨٤). وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (٥ / ١٠).

وعزاه في الدر (١ / ٢٧٠) لسعيد بن منصور وعبد بن حميد والطبراني والبيهقي والخطيب في تالي التلخيص.

[١٥٠] بدون سند.

[١٥١] أخرجه الترمذي في كتاب الطلاق (١١٩٢ مكرر) وأخرجه مالك في الموطأ ص ٥٨٨ وأخرجه ابن جرير (٢ / ٢٧٦) ـ وذكره ابن كثير في تفسير هذه الآية.

وزاد السيوطي نسبته في الدر (١ / ٢٧٧) للشافعي وعبد بن حميد وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه.

[١٥٢] أخرجه الترمذي في الطلاق (١١٩٢) وسياقه أتم ، وأعقبه بحديث مثله عن هشام بن عروة ولم

٨١

المرزبان [الأَبْهَري] حدَّثنا محمد بن إبراهيم الحَزَوَّرِي ، حدَّثنا محمد بن سليمان ، حدَّثنا يَعْلَى المكي مولى آل الزبير ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة :

أنها أتتها امرأة فسألتها عن شيء من الطلاق. قالت : فذكرتُ ذلك لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، قالت فنزلت :( الطَّلاقُ مَرَّتانِ فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ ) .

[٧٤]

قوله تعالى :( وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَ ) الآية. [٢٣٢].

١٥٣ ـ أخبرنا أبو سعيد بن أبي بكر [بن] الغازي ، أخبرنا أبو أحمد محمد بن محمد بن إسحاق الحافظ ، أخبرني أحمد بن محمد بن الحسين ، حدَّثنا أحمد بن حفص بن عبد الله ، حدَّثنا أبي ، حدَّثنا إبراهيم بن طهمان ، عن يونس بن

__________________

يذكر فيه عن عائشة وقال : وهذا أصح من حديث يعلى بن شبيب ا. ه.

وأخرجه الحاكم في المستدرك (٢ / ٢٧٩ ـ ٢٨٠) وصححه ووافقه الذهبي قلت : في تصحيح هذا الحديث نظر لأن في إسناده عند الحاكم يعلى بن شبيب ، وقد قال الحافظ في التقريب (٢ / ٣٧٨) : لين الحديث ، والحديث أخرجه البيهقي في السنن (٧ / ٣٣٣) ، وذكره السيوطي في لباب النقول (ص ٤٤) ، وزاد نسبته في الدر (١ / ٢٧٧) لابن مردويه.

[١٥٣] أخرجه البخاري في كتاب التفسير (٤٥٢٩) وأخرجه في كتاب النكاح (٥١٣٠) وأخرجه في كتاب الطلاق (٥٣٣٠ ـ ٥٣٣١) ، وأخرجه أبو داود في النكاح (٢٠٨٧) والترمذي في التفسير (٢٩٨١).

والنسائي في التفسير (٦٢).

والحاكم في المستدرك (٢ / ٢٨٠) وقال : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ، وتعقبه الذهبي بقوله : (الفضل بن دلهم ضعفه ابن معين وقواه غيره).

وأخرجه ابن جرير (٢ / ٢٩٧) ـ وذكره ابن كثير في تفسير هذه الآية وعزاه للبخاري وأبي داود والترمذي وابن ماجة وابن أبي حاتم وابن جرير وابن مردويه ، قلت : الحديث ليس عند ابن ماجة فلعله سهو منه والله أعلم.

وذكره السيوطي في لباب النقول (ص ٤٦).

وزاد نسبته في الدر (١ / ٢٨٦) لوكيع وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي.

٨٢

عبيد ، عن الحسن أنه قال في قول اللهعزوجل :( فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْواجَهُنَّ إِذا تَراضَوْا ) الآية. قال :

حدَّثني مَعْقِل بن يَسَار أنها نزلت فيه. قال : كنتُ زوَّجت أختاً لي من رجل ، فطلقها حتى إذا انقضت عدتها جاء يخطبها ، فقلت له : زوّجتك وأَفْرَشْتُك وأكرمتك فطلقتها ثم جئت تخطبها ، لا والله لا تعود إليها أبداً. قال : وكان رجلاً لا بأس به ، فكانت المرأة تريد أن ترجع إليه ، فأنزل اللهعزوجل هذه الآية ، فقلت : الآن أفْعَلُ يا رسول الله ، فزوجتها إِياه.

رواه البخاري عن أحمد بن حفص.

١٥٤ ـ أخبرنا الحاكم أبو منصور محمد بن محمد المَنْصُوري ، حدَّثنا علي بن عمر بن مهدي ، حدَّثنا محمد بن عمرو [بن] البختري ، حدَّثنا يحيى بن جعفر ، حدَّثنا أبو عامر العُقَدِي ، حدَّثنا عباد بن راشد ، عن الحسن قال : حدَّثني مَعْقِل بن يَسَار قال :

كانت لي أخت فَخُطِبَت إِليَّ : وكنت أَمْنَعُها الناسَ ، فأتاني ابن عم لي فخطبها فأنكحتها إياه ، فاصطحبها ما شاء الله ، ثم طلقها طلاقاً له رجعة ، ثم تركها حتى انقضت عدتها ، فخطبها مع الخُطَّاب ، فقلت : مَنَعْتُها الناسَ وزوجتك إياها ، ثم طلقتها طلاقاً له رجعة ، ثم تركتها حتى انقضت عدتها ، فلما خطبت إليّ أتيتني تخطبها ، لا أزوجك أبداً ، فأنزل الله تعالى :( وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْواجَهُنَ ) الآية. فكفرت عن يميني وأنكحتها إياه.

١٥٥ ـ أخبرنا إسماعيل بن أبي القاسم النَّصْرَاباذيّ حدَّثنا أبو محمد عبد الله بن إبراهيم بن مَاسِي البَزَّاز ، حدَّثنا أبو مسلم إبراهيم بن عبد الله البصري ، حدَّثنا حَجَّاج بن مِنْهَال ، حدَّثنا مبارك بن فضالة ، عن الحسن :

أن مَعْقِل بن يَسَار زوّج أخته من رجل من المسلمين ، وكانت عنده ما كانت ،

__________________

[١٥٤] أخرجه ابن جرير (٢ / ٢٩٧) من طريق عباد بن راشد.

وانظر السابق. وهو في تفسير النسائي (٦١) من طريق عباد بن راشد.

[١٥٥] انظر الحديث رقم (١٥٣)

٨٣

فطلقها تطليقة ثم تركها ومضت العدة فكانت أحقّ بنفسها ، فخطبها مع الخطاب فرضيتْ أن ترجع إليه ، فخطبها إلى مَعْقِل بن يَسَار ، فغضب معقل وقال : أكرمتك بها فطلقتها ، لا والله لا ترجع إليك بعدها.

قال الحسن : علم الله حاجة الرجل إلى امرأته وحاجة المرأة إلى بعلها ، فأنزل الله تعالى في ذلك القرآن :( وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْواجَهُنَّ إِذا تَراضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ) إلى آخر الآية.

قال : فسمع ذلك مَعْقِل بن يسار فقال : سمعاً لربي وطاعة ، فدعا زوجها فقال : أزوجك وأكرمك. فزوجها إياه.

١٥٦ ـ أخبرنا سعيد بن محمد بن أحمد الشاهد ، أخبرنا جدي ، أخبرنا أبو عمرو الحِيرِي ، حدَّثنا محمد بن يحيى ، حدَّثنا عمرو بن حماد ، حدَّثنا أسباط ، عن السُّدِّي عن رجاله قال :

نزلت في جابر بن عبد الله الأنصاري ، كانت له بنت عم فطلقها زوجها تطليقة ، فانقضت عدتها ثم رجع يريد رجعتها فأبى جابر ، وقال : طلقت ابنة عمنا ثم تريد أن تنكحها [الثانية]؟ وكانت المرأة تريد زوجها قد رضيت به ، فنزلت فيهم الآية.

[٧٥]

قوله تعالى :( وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً وَصِيَّةً لِأَزْواجِهِمْ ) الآية [٢٤٠].

١٥٧ ـ أخبرني أبو عمر محمد بن عبد العزيز المروزي في كتابه ، أخبرنا أبو الفضل [محمد بن الحسين] الحدادي ، أخبرنا محمد بن يحيى بن خالد ، أخبرنا

__________________

[١٥٦] أخرجه ابن جرير (٢ / ٢٩٨) ، وذكر هذا القول ابن كثير في تفسيره وقال : والصحيح الأول أي حديث معقل.

وذكره السيوطي في لباب النقول (ص ٤٧).

وزاد نسبته في الدر (١ / ٢٨٧) لابن المنذر.

[١٥٧] مرسل ، وذكره السيوطي في لباب النقول (ص ٤٨) وعزاه لإسحق بن راهويه في تفسيره.

٨٤

إسحاق بن إبراهيم الحنظلي قال : حدثت عن [مقاتل] بن حيان في هذه الآية :

ذاك أن رجلاً من أهل الطائف قدم المدينة وله أولاد رجال ونساء ، ومعه أبواه وامرأته ، فمات بالمدينة ، فرفع ذلك إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فأعطى الوالدين ، وأعطى أولاده بالمعروف ، ولم يعط امرأته شيئاً ، غير أنه أمرهم أن ينفقوا عليها من تركة زوجها إلى الحول.

[٧٦]

قوله تعالى :( لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ ) [٢٥٦].

١٥٨ ـ أخبرنا محمد بن أحمد بن جعفر المزكي ، أخبرنا زاهر بن أحمد ، أخبرنا الحسين بن محمد بن مصعب قال : حدَّثنا يحيى بن حكيم ، حدَّثنا ابن أبي عدي عن شُعْبَة ، عن أبي بشر ، عن سعيد بن جُبَيْر ، عن ابن عباس قال :

كانت المرأة من نساء الأنصار تكون مِقْلَاةً فتجعل على نفسها إن عاش لها ولد أن تُهَوِّدَه فلما أُجْلِيَت النَّضِير كان فيهم من أبناء الأنصار ، فقالوا : لا ندع أبناءنا. فأنزل الله تعالى :( لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِ ) . الآية.

١٥٩ ـ أخبرنا محمد بن موسى بن الفضل ، حدَّثنا محمد بن يعقوب ، حدَّثنا إبراهيم بن مرزوق ، حدَّثنا وهب بن جرير ، عن شعبة ، عن أبي بشر ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس في قوله تعالى :( لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ ) قال :

كانت المرأة من الأنصار لا يكاد يعيش لها ولد ، فتحلف لئن عاش لها ولد لَتُهَوِّدَنَّهُ ، فلما أُجْلِيَتْ بنو النَّضِير إِذَا فيهم أناس من [أبناء] الأنصار ، فقالت

__________________

[١٥٨] أخرجه أبو داود في الجهاد (٢٦٨٢).

والنسائي في التفسير (٦٨).

وابن جرير في تفسيره (٣ / ١٠).

وذكره السيوطي في لباب النقول (ص ٤٩).

وزاد نسبته في الدر (١ / ٣٢٩) لابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه وابن مندة في غرائب شعبة وابن حبان وابن مردويه والضياء في المختارة.

[١٥٩] انظر الحديث السابق.

٨٥

الأنصار : يا رسول الله ، أبناؤنا ، فأنزل الله تعالى :( لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ ) .

قال سعيد بن جبير : فمن شاء لحق بهم ، ومن شاء دخل في الإسلام.

١٦٠ ـ وقال مجاهد : نزلت هذه الآية في رجل من الأنصار كان له غلام أسود يقال له : صُبَيح ، وكان يكرهه على الإسلام.

١٦١ ـ وقال السُّدِّي : نزلت في رجل من الأنصار يكنى أَبا الحُصَين ، وكان له ابنان ، فقدم تجار الشام إلى المدينة يحملون الزيت ، فلما أرادوا الرجوع من المدينة أتاهم ابنا أبي الحصين فدعوهما إلى النصرانية ، فتنصرا وخرجا إلى الشام ، فأخبر أبو الحصين رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقال : أطلبهما ، فأنزل اللهعزوجل :( لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ ) فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : أبعدهما الله ، هما أول من كفر. قال : وكان هذا قبل أن يؤمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، بقتال أهل الكتاب ، ثم نسخ قوله :( لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ ) وأمر بقتال أهل الكتاب في سورة براءة.

١٦٢ ـ وقال مسروق : كان لرجل من الأنصار من بني سالم بن عوف ابنان ، فتنصرا قبل أن يبعث النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ثم قدما المدينة في نفر من النصارى يحملون الطعام ، فأتاهما أبوهما ، فلزمهما وقال : والله لا أدعكما حتى تسلما ، فأبيا أن يسلما ، فاختصموا إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقال : يا رسول الله ، أيدخل بعضي النار وأنا أنظر؟ فأنزل اللهعزوجل :( لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِ ) فخلى سبيلهما.

١٦٣ ـ أخبرنا أبو إسحاق أحمد بن إبراهيم المقري ، أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن عَبْدُوس ، أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن محفوظ ، حدَّثنا عبد الله بن هاشم ، حدَّثنا عبد الرحمن بن مَهْدِيّ ، عن سفيان ، عن خصيف ، عن مجاهد قال :

__________________

[١٦٠] مرسل.

[١٦١] مرسل ، وأخرجه ابن جرير (٣ / ١٠)

[١٦٢] مرسل.

[١٦٣] مرسل ، وأخرجه ابن جرير (٣ / ١١)

٨٦

كان ناس مسترضعين في اليهود : قُرَيْظَةَ والنَّضِير ، فلما أمر النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، بإجلاء بني النضير ، قال أبناؤهم من الأوس الذين كانوا مسترضعين فيهم : لنذهبن معهم ، ولنَدينَنَّ بدينهم ، فمنعهم أهلهم وأرادوا أن يكرهوهم على الإسلام ، فنزلت :( لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ ) الآية.

[٧٧]

قوله تعالى :( وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى ) الآية [٢٦٠].

ذكر المفسرون السبب في سؤال إبراهيم ربه أن يريه إحياء الموتى :

١٦٤ ـ أخبرنا سعيد بن محمد بن أحمد بن جعفر ، أخبرنا شعبة بن محمد ، أخبرنا مكي بن عبدان ، حدَّثنا أبو الأزهر ، حدَّثنا روح ، حدَّثنا سعيد ، عن قتادة قال :

ذكر لنا : أن إبراهيم أتى على دابة ميتة وقد توزعتها دواب البر والبحر ، فقال : رب أرني كيف تحيي الموتى؟

١٦٥ ـ وقال الحسن ، وعطاء الخراساني ، والضحاك ، وابن جريج : [إن إبراهيم الخليل مر على دابة ميتة ، قال ابن جريح] : كانت جيفة حمار بساحل البحر. قال عطاء : بحيرة طبرية. قالوا : فرآها وقد توزَّعتها دواب البر والبحر ، فكان إذا مَدَّ البحرُ جاءت الحيتان ودواب البحر فأكلت منها ، فما وقع منها يصير في الماء ، وإذا جَزَرَ البحرُ جاءت السباع فأكلت منها ، فما وقع منها يصير تراباً ، فإذا ذهبت السباع جاءت الطير فأكلت منها ، فما سقط قطعته الريح في الهواء. فلما رأى ذلك إبراهيم تعجب منها ، وقال : يا رب قد علمت لتجمعنها ، فأرني كيف تحييها لأعاين ذلك.

١٦٦ ـ وقال ابن زيد : مرَّ إبراهيم بحوت ميت ، نصفه في البر ونصفه في (١) ص : إبراهيم.

__________________

[١٦٤] مرسل ، وأخرجه ابن جرير (٣ / ٣٣)

[١٦٥] مرسل.

[١٦٦] مرسل.

٨٧

البحر ، فما كان في البحر فدواب البحر تأكله ، وما كان منه في البر فدواب البر تأكله ، فقال له إِبليس الخبيث : متى يجمع الله هذه الأجزاء من بطون هؤلاء؟ فقال :( رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى قالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي ) بذهاب وسوسة إبليس منه.

١٦٧ ـ أخبرنا أبو نعيم الأصفهاني فيما أذن لي في روايته ، حدَّثنا عبد الله بن محمد بن جعفر ، حدَّثنا محمد بن سهل ، حدَّثنا سلمة بن شبيب ، حدَّثنا إبراهيم بن الحكم بن أبان ، حدَّثنا أبي قال :

كنت جالساً مع عكرمة عند الساحل ، فقال عكرمة : إن الذين يغرقون في البحار تَقَسَّمُ الحيتان لحومهم ، فلا يبقى منهم شيء إلا العظام ، فتلقيها الأمواج على البر فتصير حائلَةً نَخِرَةً ، فتمر بها الإبل فتأكلها فتبعر ، ثم يجيء قوم فيأخذون ذلك البعر فيوقدون فتخمد تلك النار ، فتجيء ريح فتسفي ذلك الرماد على الأرض ، فإذا جاءت النفخة خرج أولئك وأهل القبور سواء ، وذلك قوله تعالى :( فَإِذا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ ) .

١٦٨ ـ وقال محمد بن إسحاق بن يسار : إِن إبراهيم لما احتج على نمرود فقال : ربي الذي يحيي ويميت. وقال نمروذ أنا أحيي وأميت ، ثم قتل رجلاً وأطلق رجلاً قال : قد أمت ذلك وأحييت هذا. قال له إِبراهيم : فإن الله يحيي بأن يرد الروح إلى جسد ميت ، فقال له نمروذ : هل عاينت هذا الذي تقوله؟ فلم يقدر أن يقول : نعم رأيته ، فانتقل إلى حجة أخرى ، ثم سأل ربه أن يريه إِحياء الموتى لكي يطمئن قلبه عند الاحتجاج ، فإنه يكون مخبراً عن مشاهدة وعيان.

١٦٩ ـ وقال ابن عباس ، وسعيد بن جبير ، والسدي : لما اتخذ الله إِبراهيم خليلاً استأذن ملك الموت ربه أن يأتي إبراهيم فيبشره بذلك ، فأتاه فقال : جئتك

__________________

[١٦٧] إسناده ضعيف : إبراهيم بن الحكم بن أبان ضعيف تقريب [١ / ٣٤].

[١٦٨] مرسل.

[١٦٩] أخرجه ابن جرير عن السدي (٣ / ٣٣) وهو مرسل.

ولم يذكر سنده إلى ابن عباس.

٨٨

أبشرك بأن الله تعالى اتخذك خليلاً ، فحمد اللهعزوجل وقال : ما علامة ذلك؟ فقال : أن يجيب الله دعاءك ، ويحيي الموتى بسؤالك ، ثم انطلق وذهب ، فقال إِبراهيم : رب أرني كيف تحيي الموتى؟ قال : أو لم تؤمن؟ قال : بلى ولكن ليطمئن قلبي بعلمي أنك تجيبني إذا دعوتك ، وتعطيني إذا سألتك ، وأنك اتخذتني خليلاً.

[٧٨]

قوله تعالى :( الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ ) الآية [٢٦٢].

١٧٠ ـ قال الكلبي : نزلت في عثمان بن عفان ، وعبد الرحمن بن عَوْف ، أما عبد الرحمن بن عوف فإنه جاء إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم بأربعة آلاف درهم صدقة ، فقال : كان عندي ثمانية آلاف درهم فأمسكت منها لنفسي وعيالي أربعة آلاف درهم ، وأربعة آلاف أقرضتها ربي. فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : بارك الله لك فيما أمسكت ، وفيما أعطيت.

وأما عثمانرضي‌الله‌عنه فقال : عليَّ جِهَازُ من لا جِهَازَ له في غزوة «تبوك» ، فجهز المسلمين بألف بعير بأَقْتَابِها وأَحْلَاسِهَا ، وتصدق بِرُومَة ـ رَكِيَّة كانت له ـ على المسلمين ، فنزلت فيهما هذه الآية.

١٧١ ـ وقال أبو سعيد الخُدْري : رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم رافعاً يده يدعو لعثمان ويقول : يا رب ، إن عثمان بن عفان رضيتُ عنه فارض عنه. فما زال رافعاً يده حتى طلع الفجر ، فأنزل الله تعالى فيه :( الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ ) الآية.

[٧٩]

قوله تعالى :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّباتِ ما كَسَبْتُمْ ) الآية. [٢٦٧].

__________________

[١٧٠] الكلبي ضعيف.

[١٧١] بدون إسناد ـ ولم أهتد إلى تخريجه.

٨٩

١٧٢ ـ أخبرنا عبد الرحمن بن أحمد الصَّيْدَلَاني ، حدَّثنا محمد بن عبد الله بن محمد بن نعيم ، حدَّثنا أحمد بن سهل بن حَمْدَويه ، حدَّثنا قيس بن أنيف ، حدَّثنا قتيبة بن سعيد ، حدَّثنا حاتم بن إسماعيل ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جابر قال :

أمر النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم بزكاة الفطر بصاع من تمر ، فجاء رجل بتمر رديء فنزل القرآن :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّباتِ ما كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ ) .

١٧٢١ م ـ أخبرنا أبو إسحاق أحمد بن محمد الواعظ ، أخبرنا عبد الله بن حامد الأصفهاني ، حدَّثنا محمد بن إسماعيل الفارسي ، حدَّثنا أحمد بن موسى الجمار ، حدَّثنا عمرو بن حماد بن طلحة ، حدَّثنا أسباط بن نصر ، عن السدي ، عن عدي بن ثابت ، عن البَرَاء قال :

نزلت هذه الآية في الأنصار ، كانت تُخْرِجُ ـ إذا كان جذَاذُ النَّخْل ـ من حيطانها أَقْنَاء من التمر والبُسْر ، فيعلقونها على حبل بين أسطوانتين في مسجد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فيأكل منه فقراء المهاجرين ، وكان الرجل يعمد فيدخل قنو الحشف وهو يظن أنه جائز عنه في كثرة ما يوضع من الأقناء ، فنزل فيمن فعل ذلك : وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ يعني القِنْوَ الذي فيه حَشَفٌ ولو أهدي إليكم ما قبلتموه.

__________________

[١٧٢] أخرجه الحاكم في المستدرك (٢ / ٣٨٣ ـ ٢٨٤) وصححه على شرط مسلم ووافقه الذهبي.

وعزاه في الدر (١ / ٣٤٥) للحاكم.

[١٧٢١] م أخرجه ابن ماجة في الزكاة (١٨٢٢) من طريق أسباط به.

وأخرجه الترمذي في كتاب التفسير (٢٩٨٧) من طريق أبي مالك الغفاري عن البراء ، وأخرجه الحاكم في المستدرك (٢ / ٢٨٥) وصححه ووافقه الذهبي. وأخرجه ابن جرير (٣ / ٥٥).

وذكره ابن كثير في تفسير هذه الآية. والسيوطي في لباب النقول (ص ٥٠).

وزاد نسبته في الدر (١ / ٣٤٥) لابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن مردويه والبيهقي.

٩٠

[٨٠]

قوله تعالى :( إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ ) الآية. [٢٧١].

١٧٣ ـ قال الكلبي : لما نزل قوله تعالى( وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ ) الآية. قالوا : يا رسول الله ، صدقة السر أفضل أم صدقة العلانية؟ فأنزل الله تعالى هذه الآية.

[٨١]

قوله تعالى :( لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ ) الآية. [٢٧٢].

١٧٣١ م ـ أخبرنا أحمد بن محمد بن أحمد بن الحارث ، أخبرنا عبد الله بن محمد بن جعفر ، حدَّثنا عبد الرحمن بن محمد بن مسلم ، حدَّثنا سهل بن عثمان العسكري ، حدَّثنا جرير ، عن أشعث بن إسحاق ، عن جعفر بن أبي المغيرة ، عن سعيد بن جُبَيْر قال :

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لا تَصَدَّقوا إلا على أهل دينكم» فأنزل الله تعالى :( لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ ) فقال رسول الله ،صلى‌الله‌عليه‌وسلم : تصدقوا على أهل الأديان.

١٧٤ ـ أخبرنا أحمد ، حدَّثنا عبد الله ، حدَّثنا عبد الرحمن ، حدَّثنا سهل ، حدَّثنا ابن نمير ، عن الحجاج ، عن سلمان المكي ، عن ابن الْحَنَفِيَّة قال :

كان المسلمون يكرهون أن يتصدقوا على فقراء المشركين حتى نزلت هذه الآية ، فأمروا أن يتصدقوا عليهم.

١٧٤١ م ـ وقال الكلبي : اعتمر رسول الله عُمْرَة القضاء ، وكانت معه في تلك العمرة أسماء بنت أبي بكر ، فجاءتها أمها قُتَيْلة وجدّتها يسألانها ، وهما مشركتان ، فقالت : لا أعطيكما شيئاً حتى أستأمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فإنكما لستما على ديني.

__________________

[١٧٣] الكلبي متهم بالكذب.

[١٧٣١] م مرسل.

[١٧٤] مرسل.

[١٧٤١] م الكلبي متهم بالكذب ـ ومرت ترجمته في رقم (١٠)

٩١

فاستأمرته في ذلك ، فأنزل الله تعالى هذه الآية. فأمرها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، بعد نزول هذه الآية ، أن تصدَّق عليهما ، فأعطتهما ووصلتهما.

قال الكلبي : ولها وجه آخر ، وذلك أن ناساً من المسلمين كانت لهم قرابة وأصهار ورضاع في اليهود ، وكانوا ينفعونهم قبل أن يسلموا ، فلما أسلموا كرهوا أن ينفعوهم وأرادوهم على أن يسلموا ، فاستأمروا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فنزلت هذه الآية ، فأعطوهم بعد نزولها.

[٨٢]

قوله تعالى :( الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً ) الآية. [٢٧٤].

١٧٥ ـ أخبرنا [أبو إبراهيم] إسماعيل بن إبراهيم النَّصْرابَادي ، أخبرنا عمرو بن نجيد ، أخبرنا محمد بن الحسن بن الخليل ، حدَّثنا هشام بن عمار ، حدَّثنا محمد بن شعيب ، عن ابن مهدي ، عن يزيد بن عبد الله بن عَرِيب ، عن أبيه ، عن جده ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، قال :

نزلت هذه الآية :( الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ ) في أصحاب الخيل ، وقالصلى‌الله‌عليه‌وسلم : إن الشياطين لا تخبل أحداً في بيته فرس عتيق من الخيل.

__________________

[١٧٥] إسناده ضعيف : قال السيوطي في لباب النقول (ص ٥١) بعد أن ذكر هذه الآية وهذا الحديث : يزيد وأبوه مجهولان أ. ه.

قلت : جاء في لسان الميزان (ج ٣ ص ٣١٥) في ترجمة عبد الله بن عريب المليكي :

أخرج ابن مندة في المعرفة من طريق أبي عتبة أحمد بن الفرج عن بقية عنه [أي عن عبد الله بن عريب المليكي] عن أبيه عن جده رفعه : لن يخبل الشيطان أحداً في داره فرس عتيق ، وأخرجه ابن قانع من طريق أبي حيوة عن سعيد بن سنان عن عمرو بن عريب عن أبيه عن جده ، وأخرج الطبراني من طريق أبي جعفر النفيلي عن سعيد بن سنان عن يزيد بن عبد الله بن عريب عن أبيه عن جده حديثاً آخراً في الخيل.

قال العلائي : هذا اختلاف شديد مع ما في روايته من الجهالة يعني عبد الله ويزيد وعمراً. أه. وانظر طبقات ابن سعد (٧ / ٢ / ١٤٧) ، الإصابة (٢ / ٤٧٩)

٩٢

وهذا قول أبي أمامة وأبي الدَّرْداء ومَكْحُول ، والأوْزَاعي ، ورَبَاح بن زيد قالوا : هم الذين يربطون الخيل في سبيل الله تعالى ، ينفقون عليها بالليل والنهار سراً وعلانية. نزلت فيمن لم يرتبطها خيلاء ولا لِضَمار.

١٧٦ ـ أخبرنا أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي ، أخبرني الحسين بن محمد الدِّينوري ، حدَّثنا عمر بن محمد بن عبد الله النَّهْرَوَاني ، حدَّثنا علي بن محمد بن مهْرَوَيه القزويني ، حدَّثنا علي بن داود القَنْطَرِيّ ، حدَّثنا عبد الله بن صالح ، حدَّثني أبو شريح ، عن قيس بن الحجاج ، عن حَنَش بن عبد الله الصَّنْعَاني ، أنه قال : حدث ابن عباس في هذه الآية :( الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً ) قال : في علف الخيل.

ويدل على صحة هذا ما :

١٧٧ ـ أخبرنا أبو إسحاق القري ، أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن عبدوس ، أخبرنا أبو العباس عبد الله بن يعقوب الكِرْمَاني ، حدَّثنا محمد بن زكريا الكِرْمَاني ، حدَّثنا وكيع ، حدَّثنا عبد الحميد بن بهرام ، عن شَهْر بن حَوْشَب ، عن أسماء بنت يزيد ، قالت :

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من ارتبط فرساً في سبيل الله فأنفق عليه احتساباً ، كان شبعه وجوعه وريه وظَمؤُه وبوله ورَوْثُه ، في ميزانه يوم القيامة».

__________________

[١٧٦] إسناده حسن.

حنش بن عبد الله الصنعاني : ثقة ، تقريب [١ / ٢٠٥].

قيس بن الحجاج : صدوق ، تقريب [٢ / ١٢٨].

أبو شريح هو عبد الرحمن بن شريح : ثقة فاضل [تقريب ١ / ٤٨٤].

عبد الله بن صالح كاتب الليث : صدوق كثير الغلط تقريب [١ / ٤٢٣].

علي بن داود القنطري : صدوق ، تقريب [٢ / ٣٦].

وعزاه في الدر (١ / ٣٦١) لعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والواحدي.

[١٧٧] إسناده ضعيف : شهر بن حوشب : قال الحافظ في التقريب : صدوق كثير الإرسال والأوهام وذكره ابن حبان في المجروحين (١ / ٣٥٧).

والحديث أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (١٢ / ٤٨٢) وأحمد (٦ / ٤٥٨) وعنده زيادة «ومن ارتبط فرساً رياء وسمعة كان ذلك خسراناً في ميزانه يوم القيامة».

٩٣

١٧٨ ـ وأخبرنا أبو إسحاق ، أخبرنا أبو عمرو الفُرَاتي ، أخبرنا أبو موسى عمران بن موسى ، حدَّثنا سعيد بن عثمان الجَزَرِي ، حدَّثنا فارس بن عمر ، حدَّثنا صالح بن محمد ، حدَّثنا سليمان بن عمرو ، عن عبد الرحمن بن يزيد عن مكحول ، عن جابر قال :

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : «المنفق في سبيل الله على فرسه كالباسط كفيه بالصدقة».

١٧٩ ـ أخبرنا أبو حامد أحمد بن الحسن الكاتب ، أخبرنا محمد بن أحمد بن شاذَان الرَّازي ، أخبرنا عبد الرحمن بن أبي حاتم ، حدَّثنا أبو سعيد الأشَج ، حدَّثنا زيد بن الحُبَاب ، أخبرنا رجاء بن أبي سلمة ، عن سليمان بن موسى الدمشقي ، عن عَجْلان بن سهل الباهلي ، قال :

سمعت أبا أمامة الباهلي يقول : من ارتبط فرساً في سبيل الله لم يرتبطه رياء ولا سمعة ، كان من( الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ ) الآية.

قول آخر :

١٨٠ ـ [أخبرنا أبو بكر التميمي ، أخبرنا أبو محمد بن حيان ، حدَّثنا] محمد بن يحيى بن مالك الضَّبِّي ، حدَّثنا محمد بن إسماعيل الجُرْجَاني ، حدَّثنا عبد الرزاق ، حدَّثنا عبد الوهاب بن مجاهد ، عن أبيه ، عن ابن عباس في قوله :( الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً ) قال : نزلت في علي بن أبي

__________________

[١٧٨] في إسناده انقطاع : مكحول لم يسمع جابر.

[١٧٩] إسناده ضعيف : عجلان بن سهل الباهلي : قال ابن حبان منكر الحديث مجروحين [٢ / ١٩٣] وقال البخاري روى عنه سليمان بن موسى ولم يصح حديثه ، سليمان بن موسى قال الحافظ في التقريب : في حديثه بعض لين وخلط قبل موته [تقريب ١ / ٣٣١].

والحديث عزاه السيوطي في الدر (١ / ٣٦٣) لابن المنذر وابن أبي حاتم والواحدي.

[١٨٠] إسناده ضعيف : عبد الوهاب بن مجاهد متروك [تقريب ١ / ٥٢٨] وذكره ابن كثير في تفسير هذه الآية وعزاه لابن مردويه ـ وعزاه السيوطي في الدر (١ / ٣٦٣) لعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن عساكر.

٩٤

طالب ، كان عنده أربعة دراهم فأنفق بالليل واحداً ، وبالنهار واحداً ، وفي السر واحداً ، وفي العلانية واحداً.

١٨١ ـ أخبرنا أحمد بن الحسن الكاتب ، حدَّثنا محمد بن أحمد بن شَاذان ، أخبرنا عبد الرحمن بن أبي حاتم ، حدَّثنا أبو سعيد الأشَجّ ، حدَّثنا يحيى بن يمان ، عن عبد الوهاب بن مجاهد ، عن أبيه ، قال :

كان لعليرضي‌الله‌عنه أربعة دراهم ، فأنفق درهما بالليل ، ودرهماً بالنهار ، ودرهماً سراً ، ودرهماً علانية ، فنزلت :( الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً ) .

١٨٢ ـ وقال الكلبي : نزلت هذه الآية في علي بن أبي طالبرضي‌الله‌عنه ، لم يكن يملك غير أربعة دراهم ، فتصدق بدرهم ليلاً ، وبدرهم نهاراً ، وبدرهم سراً ، وبدرهم علانية ، فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : ما حملك على هذا؟ قال : حملني أن أستوجب على الله الذي وعدني ، فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : أَلا إِنَّ ذلك لك ، فأنزل الله تعالى هذه الآية.

[٨٣]

قوله تعالى :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا ما بَقِيَ مِنَ الرِّبا ) . [٢٧٨]

(١٨٣) ـ أخبرنا محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن جعفر ، أخبرنا أبو عمرو بن حمدان ، أخبرنا أبو يعلى ، حدَّثنا أحمد بن الأخنس ، حدَّثنا محمد بن فضيل ، حدَّثنا الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس :

بلغنا ـ والله أعلم ـ أن هذه الآية نزلت في بني عمرو بن عمير بن عوف ، من

__________________

[١٨١] إسناده ضعيف : عبد الوهاب بن مجاهد متروك.

[١٨٢] الكلبي ضعيف ـ وعزاه السيوطي في لباب النقول (ص ٥١) لعبد الرزاق وابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني بسند ضعيف.

[١٨٣] إسناده ضعيف لضعف الكلبي.

وعزاه السيوطي في اللباب (ص ٥١) لأبي يعلى وابن مندة من طريق الكلبي.

٩٥

ثَقِيف ، وفي بني المُغِيرَة ، من بني مَخْزُوم ، وكانت بنو المغيرة يُرْبُون لِثَقِيف ، فلما أظهر الله تعالى رسوله على مكة وضع يومئذ الربا كلّه فأتى بنو عمرو بن عمير ، وبنو المغيرة إلى عَتَّاب بن أسيد ، وهو على مكة ، فقال بنو المغيرة : ما جعلنا أشقى الناس بالربا؟ وضع عن الناس غيرنا. فقال بنو عمرو بن عمير : صُولِحْنَا على أن لنا رِبَانا. فكتب عتّاب في ذلك إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فنزلت هذه الآية والتي بعدها :( فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ ) فعرف بنو عمرو أن لا يَدَانِ لهم بحرب من الله ورسوله. يقول الله تعالى :( وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُسُ أَمْوالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ ) فتأخذون أكثر( وَلا تُظْلَمُونَ ) فتُبْخَسُون منه.

١٨٤ ـ وقال عطاء ، وعكرمة : نزلت هذه الآية في العباس بن عبد المطلب ، وعثمان بن عفان ، وكانا قد أسلفنا في التمر ، فلما حضر الجذاذ قال لهما صاحب التمر : لا يبقى لي ما يكفي عيالي إذا أنتما أخذتما حظّكما كله ، فهل لكما أن تأخذا النصف [وتؤخرا النصف] وأضعف لكما؟ ففعلا. فلما حلّ الأجل طلبا الزيادة ، فبلغ ذلك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فنهاهما وأنزل الله تعالى هذه الآية ، فسمعا وأطاعا وأخذا رؤوس أموالهما.

١٨٥ ـ وقال السُّدِّي : نزلت في العباس ، وخالد بن الوليد ، وكانا شريكين في الجاهلية ، يسلفان في الربا ، فجاء الإسلام ولهما أموال عظيمة في الربا ، فأنزل الله تعالى هذه الآية ، فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم : ألا إن كلَّ ربا مِنْ ربا الجاهلية مَوْضُوع وأول ربا أَضَعُهُ ربا العباس بن عبد المطلب.

[٨٤]

قوله تعالى :( وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ ) . [٢٨٠].

١٨٦ ـ قال الكلبي : قالت بنو عمرو بن عمير لبني المغيرة : هاتوا رؤوس أموالنا ولكن الربا ندعه لكم ، فقالت بنو المغيرة : نحن اليوم أهل عسرة فأخرونا

__________________

[١٨٤] مرسل.

[١٨٥] عزاه السيوطي في الدر (١ / ٣٦٦) لابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم.

[١٨٦] الكلبي ضعيف.

٩٦

إلى أن تدرك الثمرة ، فأبوا أن يؤخروهم ، فأنزل الله تعالى :( وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ ) الآية.

[٨٥]

قوله تعالى :( آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ ) . [٢٨٥].

١٨٧ ـ أخبرنا الإمام أبو منصور : عبد القاهر بن طاهر ، أخبرنا محمد بن عبد الله بن علي بن زياد ، حدَّثنا محمد بن إبراهيم البُوشَنْجِي ، حدَّثنا أمية بن بسطام ، حدَّثنا يزيد بن زُرَيع ، حدَّثنا رَوْح بن القاسم ، عن العلاء ، عن أبيه ، عن أبي هريرة قال :

لما أنزل [الله] على رسولهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ،( وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ ) الآية ، اشتد ذلك على أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ثم أتوا رسول الله فقالوا : كُلِّفْنَا من الأعمال ما نطيقُ : الصلاة والصيام والجهاد والصدقة ، وقد أنزل الله عليك هذه الآية ولا نطيقها. فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : أتريدون أن تقولوا كما قال أهل الكتابين من قبلكم ـ أراه قال ـ : سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا قولوا( سَمِعْنا وَأَطَعْنا غُفْرانَكَ رَبَّنا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ) فلما اقترأها القوم فذلّت بها ألسنتهم ، أنزل الله تعالى في أثرها( آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ ) الآية كلها ، ونسخها الله تعالى فأنزل الله( لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها ) الآية إلى آخرها. رواه مسلم عن أمية بن بسطام.

١٨٨ ـ أخبرنا محمد بن إبراهيم بن محمد بن يحيى ، حدَّثنا والدي ، حدَّثنا

__________________

[١٨٧] صحيح : أخرجه مسلم في الإيمان (١٩٩ / ١٢٥) ص ١١٥.

وأحمد في مسنده (٢ / ٤١٢) من طريق العلاء به ، وأبو عوانة في مسنده (١ / ٧٦) من طريق أمية بن بسطام ، وذكره ابن كثير في تفسير هذه الآية.

وذكره السيوطي في لباب النقول (ص ٥٢) ، وابن جرير (٣ / ٩٥).

وفي الدر (١ / ٣٧٤) عزاه لأبي داود في ناسخه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم.

[١٨٨] صحيح : أخرجه مسلم في كتاب الإيمان (٢٠٠ / ١٢٦) ص ١١٦ وأخرجه الترمذي في التفسير (٢٩٩٢) وقال هذا حديث حسن والنسائي في التفسير (٧٩).

وأحمد في مسنده (١ / ٢٣٣) والحاكم في المستدرك (٢ / ٢٨٦) وصححه ووافقه الذهبي ، وأخرجه ابن جرير (٣ / ٩٥)

٩٧

محمد بن إسحاق الثقفي ، حدَّثنا عبد الله بن عمرو ويوسف بن موسى ، قالا : حدَّثنا وكيع ، حدَّثنا سفيان ، عن آدم بن سليمان. قال : سمعت سعيد بن جبير يحدث عن ابن عباس قال :

لما نزلت هذه الآية :( وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ ) دخل قلوبهم منها شيء لم يدخله من شيء ، فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم : قولوا : سمعنا وأطعنا وسلَّمنا. فألقى الله تعالى الإيمان في قلوبهم فقالوا : سمعنا وأطعنا. فأنزل الله تعالى :( لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها ) حتى بلغ( أَوْ أَخْطَأْنا ) فقال : قد فعلت ، إلى آخر البقرة ، كل ذلك يقول : قد فعلت. رواه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة ، عن وكيع.

١٨٩ ـ قال المفسرون : لما نزلت هذه الآية :( وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ ) جاء أبو بكر ، وعمر ، وعبد الرحمن بن عَوْف ، ومُعَاذ بن جَبَل ، وناس من الأنصار إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فَجَثَوْا على الركب ، وقالوا : يا رسول الله ، والله ما نزلت آية أشدّ علينا من هذه الآية ، إن أحدنا لَيُحَدِّثُ نفسه بما لا يحب أن يثبت في قلبه وأنَّ له الدنيا بما فيها ، وإنا لمأخوذون بما نحدث به أنفسنا ، هلكنا والله. فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم : هكذا أنزلت ، فقالوا : هلكنا وكُلِّفنا من العمل ما لا نطيق.قال : فلعلكم تقولون كما قالت بنو إسرائيل لموسى : سمعنا وعصينا ، قولوا : سمعنا وأطعنا ، فقالوا : سمعنا وأطعنا. واشتد ذلك عليهم فمكثوا بذلك حولاً ، فأنزل الله تعالى الفرج والراحة بقوله :( لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها ) الآية فنسخت هذه الآية ما قبلها. قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إن الله قد تجاوز لأمتي ما حدَّثوا به أنفسهم ما لم يعملوا أو يتكلموا به».

__________________

[١٨٩] انظر الحديث السابق.

٩٨

سورة آل عمران

١٩٠ ـ قال المفسرون : قَدِمَ وفد نَجْرَان ، وكانوا ستين راكباً ، على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وفيهم أربعة عشر رجلاً من أشرافهم ، وفي الأربعة عشر ثلاثةُ نفر إليهم يَؤولُ أمرهم ، العَاقِب : أمير القوم وصاحب مشورتهم الذي لا يُصْدِرُون إلا عن رأيه ، واسمه عبد المسيح. والسيد : ثِمَالُهُمْ وصاحبُ رَحْلِهم ، واسمه الأيْهَم. وأبو حارِثَةَ بن علقمة أسقفهم وحَبْرُهم ، وإمامهم وصاحب مِدْرَاسِهِمْ ، وكان قد شرف فيهم ودَرَسَ كتبهم ، حتى حَسُن علمه في دينهم ، وكانت ملوك الروم قد شرّفوه ومولّوه ، وبنوا له الكنائس لعلمه واجتهاده. فقدموا على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ودخلوا مسجده حين صلى العصر ، عليهم ثياب الحِبَرَات جِبَابٌ وأرْدِية ، في جمال رجال بني الحارث بن كعب ، يقول بعض من رآهم من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : ما رأينا وفداً مثلهم ، وقد حَانَت صلاتُهم ، فقاموا فصلوا في مسجد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : دعوهم. فصلوا إلى المشرق. فكلم السيد والعاقب رسولَ اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقال لهما رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : أسلما ، فقالا : قد أسلمنا قبلك ، قال : كذبتما ، منعكما من الإسلام دعاؤكما لله ولداً ، وعبادتكما الصليب ، وأكلكما الخنزير. قالا : إن لم يكن عيسى ولداً لله ، فمن أبوه؟ وخاصموه جميعاً في عيسى ، فقال لهما النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم : ألستم تعلمون أنه لا يكون ولد إلا و [هو] يشبه أباه؟ قالوا : بلى ، قال : ألستم تعلمون أن ربنا حي لا يموت ، وأن عيسى يأتي عليه

__________________

[١٩٠] ذكر ذلك ابن كثير في أول تفسير سورة آل عمران.

٩٩

الفناء؟ قالوا : بلى ، قال : ألستم تعلمون أن ربنا قيم على كل شيء يحفظه ويرزقه؟ قالوا : بلى ، قال : فهل يملك عيسى من ذلك شيئاً؟ قالوا : لا ، قال : فإن ربنا صور عيسى في الرحم كيف شاء ، وربنا لا يأكل ولا يشرب ولا يحدث. قالوا : بلى ، قال : ألستم تعلمون أن عيسى حملته أمه كما تحمل المرأة ، ثم وضعته كما تضع المرأة ولدها ، ثم غذي كما يغذى الصبي ، ثم كان يطعم ويشرب ويحدث؟ قالوا : بلى ، قال : فكيف يكون هذا كما زعمتم؟ فسكتوا فأنزل اللهعزوجل فيهم صدر صورة آل عمران إلى بضع وثمانين آية منها.

[٨٦]

قوله تعالى :( قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ ) الآية. [١٢].

١٩١ ـ قال الكلبي عن أبي صالح ، عن ابن عباس : إن يهود أهل المدينة قالوا لما هزم الله المشركين يوم بدر : هذا والله النبي الأمي الذي بشَّرْنا به موسى ، ونَجِدُه في كتابنا بنعته وصفته ، وإنه لا تُرَدُّ له راية. فأرادوا تصديقه واتباعه ، ثم قال بعضهم لبعض : لا تعجلوا حتى ننظر إلى وقعة له أخرى. فلما كان يوم أحد ونُكِبَ أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، شَكُّوا وقالوا : لا والله ما هو به. وغلب عليهم الشقاء فلم يسلموا ، وكان بينهم وبين رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، عهد إلى مُدَّة ، فنقضوا ذلك العهد ، وانطلق كعب بن الأَشْرَف في ستين راكباً إلى أهل مكة : أبي سفيان وأصحابه ، فوَافَقُوهم ، وأجمعوا أمرهم ، وقالوا : لتكونن كلمتنا واحدة. ثم رجعوا إِلى المدينة ، فأنزل الله تعالى فيهم هذه الآية.

١٩٢ ـ وقال محمد بن إسحاق بن يسار : لما أصاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، قريشاً ببدر ، فقدم المدينة ، جَمَع اليهود فقال : يا معشر اليهود ، احذروا من الله مثلَ ما

__________________

[١٩١] الكلبي ضعيف.

[١٩٢] ذكره المصنف بدون إسناده وقد أخرجه أبو داود (٣٠٠١) وابن جرير في تفسيره (٣ / ١٢٨) من طريق محمد بن إسحاق قال حدَّثني. محمد بن أبي محمد عن سعيد بن جبير أو عكرمة عن ابن عباس به. قلت : محمد بن أبي محمد ذكره ابن حبان في الثقات ، وقال الذهبي : لا يعرف.

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

سورة الممتحنة

[٤٢٢]

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ.

قولهعزوجل :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ ) الآية [١].

٨١١ ـ قال جماعة المفسرين : نزلت في حاطب بن أبي بَلْتَعَةَ ، وذلك : أن سَارَةَ مولاةَ أبي عمرو بن صيفي بن هاشم بن عبد مناف ، أتت رسول الله صَلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة ، ورسول الله صَلى الله عليه وسلم يتجهز لفتح مكة ، فقال لها : أمسلمة جئت؟ قالت : لا ، قال : فما جاء بك؟ قالت : أنتم [كنتم] الأهل والعشيرة والموالي ، وقد احتجت حاجة شديدة فقدمت عليكم لتعطوني وتكسوني. قال لها : فأين أنتِ من شباب أهل مكة؟ ـ وكانت مغنية ـ قالت : ما طُلب مني شيء؟ بعد وقعة بدر. فحث رسولُ الله صَلى الله عليه وسلم بني عبد المطلب وبني المطلب على إعطائها ، فكسوها وحملوها وأعطوها. فأتاها حاطب بن أبي بلتعة ، وكتب معها إلى أهل مكة وأعطاها عشرة دنانير على أن توصل [الكتاب] إلى أهل مكة ، وكتب في الكتاب : من حاطب إلى أهل مكة : إن رسول الله صَلى الله عليه وسلم يريدكم ، فخذوا حِذْرَكُم. فخرجت سارة ، ونزل جبريلعليه‌السلام ، فأخبر النبي صَلى الله عليه وسلم بما فعل حاطب. فبعث رسول الله صَلى الله عليه وسلم علياً وعماراً والزّبَير وطلْحة والمِقْدَاد بن الأسْوَد وأبا مَرْثَد. وكانوا كلُّهم فرساناً ، وقال

__________________

[٨١١] انظر الحديث (٨١٢)

٤٤١

لهم : انطلقُوا حتى تأتُوا رَوْضَة خَاخ ، فإن بها ظعينةً معها كتابٌ من حاطبٍ إلى المشركين فخذوه ، وخلَّوا سبيلَها ، فإن لم تدفعه إليكم فاضربوا عنقها. فخرجوا حتى أدركوها في ذلك المكان ، فقالوا لها : أين الكتابُ؟ فحلفتْ بالله ما معها [من] كتاب. ففتشوا متاعها ، فلم يجدوا معها كتاباً. فهَمُّوا بالرجوع ، فقال علي : والله ما كَذَبَنا ، ولا كَذَّبْنا وسلَّ سيفَه وقال : أخرجي الكتابَ ، وإلا والله لُأجَرِّدَنَّك ولأضرِبَنَّ عنقَك. فلما رأت الجِدَّ أخرجتْه من ذُؤابتها ، وكانت قد خبأتْه في شعرها ، فخلُّوا سبيلها ، ورجعوا بالكتاب إلى رسول الله صَلى الله عليه وسلم ، فأرسل رسولُ الله صَلى الله عليه وسلم إلى حاطب ، فأتاه فقال له : هل تعرفُ الكتابَ؟ قال : نعم فقال : فما حملك على ما صنعتَ؟ فقال : يا رسول الله ، والله ما كفرتُ منذ أسلمتُ ، ولا غششتُك منذ نصَحْتُك ، ولا أحببتهم منذ فارقتهم ، ولكن : لم يكن أحدٌ من المهاجرين إلا وله بمكةَ مَنْ يمنعُ عشيرتَه ، وكنتُ غريباً فيهم ، وكان أهلي بين ظَهْرَانِيهِمْ ، فخشيتُ على أهلي ، فأردت أن أتخذ عندهم يداً ، وقد علمتُ أن الله يُنزلُ بهم بأسَه ، و [أن] كتابي لا يغني عنهم شيئاً. فصدَّقه رسول الله صَلى الله عليه وسلم وعذَرَه. فنزلت هذه السورة :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ ) فقام عمر بن الخطاب فقال : دعني يا رسول الله أضرب عنق هذا المنافق ، فقال رسول الله صَلى الله عليه وسلم : وما يدريك يا عمر ، لعل الله قد اطلع على أهل بدر فقال لهم : اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم.

٨١٢ ـ أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن بن عمرو أخبرنا محمد بن يعقوب ، أخبرنا الربيع حدَّثنا الشافعي ، أخبرنا سفيان بن عيينة ، عن عمرو بن دينار ، عن الحسن بن محمد [بن علي] عن عُبَيْد الله بن أبي رافع ، قال : سمعت علياً يقول :

__________________

[٨١٢] أخرجه البخاري في الجهاد (٣٠٠٧) وفي المغازي (٤٢٧٤) وفي التفسير (٤٨٩٠).

وأخرجه مسلم في فضائل الصحابة (١٦١ / ٢٤٩٤) ص ١٩٤١.

وأخرجه أبو داود في الجهاد (٢٦٥٠) والترمذي في التفسير (٣٣٠٥) وقال : حسن صحيح ، وأخرجه النسائي في التفسير (٦٠٥) ، والبيهقي في السنن (٩ / ١٤٦) وزاد السيوطي نسبته في الدر (٦ / ٢٠٢) لأحمد والحميدي وعبد بن حميد وأبي عوانة وابن حبان وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي وأبي نعيم كلاهما في الدلائل ، والحديث عند أحمد (١ / ٧٩) من طريق عبيد الله بن أبي رافع به.

٤٤٢

بعثنا رسول الله صَلى الله عليه وسلم : أنا والزبير ، والمقداد [بن الأسود] قال : انطلقوا حتى تأتوا رَوْضَة خَاخ فإن بها ظعينة معها كتاب. [فخرجنا تَعَادَى بنا خيلُنا ، فإذا نحن بِظَعِينَةٍ ، فقلنا : أخرجي الكتاب. فقالت : ما معي كتابٌ]. فقلنا لها : لتُخْرِجن الكتابَ ، أو لنُلْقِيَنَّ الثيابَ. فأخرجته من عِقَاصِها ، فأتينا به رسول الله صَلى الله عليه وسلم ، فإذا فيه : مِنْ حاطب بن أبي بَلْتَعَةَ إلى أناس من المشركين ممن [كان] بمكة ، يُخبِرُ ببعض أمرِ النبي صَلى الله عليه وسلم ، فقال : ما هذا يا حاطبُ؟ فقال : لا تَعجَلْ عليَّ ، إني كنت امرأً مُلْصَقاً في قريش ، ولم أكن من أنفُسِها ، وكان مَنْ معك من المهاجرين لهم قَرَاباتٌ يَحمُون بها قَرَاباتِهم ، ولم يكن لي بمكة قرابةٌ ، فأحببتُ إذ فاتني ذلك أن أتخذ عندهم يداً ، والله ما فعلتُه شاكاً في دِيني ، ولا رضاً بالكفر بعد الإسلام. فقال رسول الله صَلى الله عليه وسلم : إنه قد صدق. فقال عمر : دعني يا رسول الله أضربْ عنقَ هذا المنافقِ. فقال : إنه قد شهد بدراً ، وما يُدْرِيكَ لعلَّ الله اطَّلع على أهل بدر فقال : اعمَلُوا ما شئتم فقد غَفَرْتُ لكم. ونزلت :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ ) الآية.

رواه البخاري عن الحُمَيْدي.

ورواه مسلم عن أبي بكر بن أبي شَيْبَة ، وجماعةٍ ، كلُّهم عن سفيان.

[٤٢٣]

قولهعزوجل :( لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ ) [٦].

يقول الله تعالى للمؤمنين : لقد كان لكم في إبراهيمَ ومن معه ، من الأنبياء والأولياء ، اقتداءٌ بهم في معاداة ذوي قَرَاباتِهم من المشركين ، فلما نزلت هذه الآية عادى المؤمنين أقرباءهم المشركين في الله ، وأظهروا لهم العداوة والبراءة ، وعلم الله تعالى شدَّة وجد المؤمنين بذلك ، فأنزل الله :( عَسَى اللهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً ) . ثم فعل ذلك بأن أسلم كثير منهم ، وصاروا لهم أولياءَ وإخواناً ، فخالطوهم وناكحوهم ، وتزوج رسول الله صَلى الله عليه وسلم أم حَبِيبَةَ بنت أبي سفيانَ بن حَرْب. فلان لهم أبو سفيان ، وبلغه ذلك [وهو مشرك] فقال : ذاك الفَحْلُ لا يُقْرَعُ أنْفُه.

٤٤٣

٨١٣ ـ أخبرنا أبو صالح منصور بن عبد الوهاب البزاز ، أخبرنا أبو عمرو محمد بن أحمد الحِيري ، حدَّثنا أبو يعلي ، حدَّثنا إبراهيم بن الحجاج ، حدَّثنا عبد الله بن المبارك ، عن مُصْعَب بن ثابت ، عن عامر بن عبد الله بن الزبير ، عن أبيه قال :

قدمت قُتَيْلَةُ بنت عبد العُزَّى على ابنتها أسماءَ بنت أبي بكر ، بهدايا : ضِباب وسمن ، وأقطٍ ، فلم تقْبل هداياها ، ولم تُدخلْها منزلها ، فسألت لها عائشة النبيَّ صَلى الله عليه وسلم عن ذلك ، فقال :( لا يَنْهاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ ) الآية. فأدخلتها منزلها ، وقبلتْ منها هداياها. رواه الحاكم أبو عبد الله في صحيحه ، عن أبي العباس السَّيَّاري ، عن عبد الله الغزال ، عن ابن شقيق ، عن ابن المبارك.

[٤٢٤]

قوله تعالى :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِهِنَّ ) الآية [١٠].

٨١٤ ـ قال ابن عباس : إن مشركي مكة صالحوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، عامَ الحُدَيْبية ، على أن مَن أتاه من أهل مكةَ ردَّه إليهم ، ومن أتى أهلَ مكةَ من أصحابه فهو لهم ، وكتبوا بذلك الكتاب وختموه. فجاءت سُبَيْعَةُ بنت الحارث الأسْلَميةُ بعدَ الفراغ من الكتاب ـ والنبيُّصلى‌الله‌عليه‌وسلم بالحُدَيْبِية ـ فأقبل زوجها ، وكان كافراً ، فقال : يا محمد ، ارْدد عليّ امرأتي ، فإنك قد شرطت لنا أن تَرُدَّ علينا مَن أتاك منا ، وهذه

__________________

[٨١٣] في إسناده : مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير : قال الحافظ في التقريب لين الحديث ، وذكره ابن حبان في المجروحين (٣ / ٢٨) وذكره في الثقات وقال : هو ممن أستخير الله فيه.

والحديث أخرجه الحاكم في المستدرك (٢ / ٤٨٥) وصححه ووافقه الذهبي وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (٧ / ١٢٣) وقال : رواه أحمد والبزار وفيه مصعب بن ثابت وثقه ابن حبان وضعفه جماعة ، وبقية رجاله رجال الصحيح.

وأخرجه ابن جرير في تفسيره (٢٨ / ٤٣).

وزاد السيوطي نسبته في الدر (٦ / ٢٠٥) للطيالسي وأبي يعلى وابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس في تاريخه والطبراني وابن مردويه.

[٨١٤] بدون إسناد ، وقد ذكر السيوطي في الدر (٦ / ٢٠٥) آثار تؤيد ذلك ولكنها من وجوه مرسلة.

وقد أخرج البخاري في الشروط (٢٧١١ ، ٢٧١٢) عن مروان والمسور عن أصحاب رسول الله صَلى الله عليه وسلم حديثاً يؤيد هذا المعنى مع اختلاف الصحابية فعند البخاري أن الصحابية هي أم كلثوم بنت عقبة

٤٤٤

طينةُ الكتاب لم تَجِفَّ بعد. فأنزل الله تعالى هذه الآية.

٨١٥ ـ أخبرنا الحسن بن محمد الفارسي ، حدَّثنا محمد بن عبد الله بن الفضل ، أخبرنا أحمد بن محمد بن الحسن الحافظ ، حدَّثنا محمد بن يحيى ، حدَّثنا حسن بن الرَّبيع بن الخشاب ، حدَّثنا ابن إدريس ، قال : قال محمد بن إسحاق : حدَّثني الزُّهْرِي ، قال :

دخلتُ على عُروةَ بن الزبير ، وهو يكتبُ كتاباً إلى ابن هُنَيْدَةَ صاحب الوليد بن عبد الملك ، يسأله عن قوله تعالى :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ ) الآية. قال : فكتب إليه : إن رسول الله صَلى الله عليه وسلم صالح قريشاً يومَ الحُدَيْبِيَة على أن يَرُدَّ عليهم مَن جاء بغير إذنِ وَلِيّه ، فلما هاجرن النساءُ أبى الله تعالى أن يُرْدَدْنَ إلى المشركين إذا هُنَّ امتُحِنَّ ، فعرفوا أنهن إنما جِئْنَ رغبةً في الإسلام ، بردِّ صدقاتِهن إليهم إذا احتُبِسْنَ عنهم ، إن هم رَدُّوا على المسلمين صدقةَ من حُبِسْنَ من نسائهم. قال : ذلكم حكم الله يحكم بينكم. فأمسك رسول الله صَلى الله عليه وسلم النساءَ ، وردَّ الرجال.

[٤٢٥]

قوله تعالى :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ ) الآية [١٣].

٨١٦ ـ نزلت في ناس من فقراء المسلمين ، كانوا يخبرون اليهود بأخبار المسلمين ويُواصِلونهم ، فَيُصِيبونَ بذلك من ثمارهم. فنهاهم الله تبارك وتعالى عن ذلك.

__________________

، وأثر ابن عباس الذي ذكره المصنف هنا فيه أن الصحابية سبيعة بنت الحارث الأسلمية.

ويؤيد أثر ابن عباس ما ذكره الحافظ ابن حجر في الإصابة نقلاً عن الفاكهي : أن سبيعة بنت الحارث أول امرأة أسلمت بعد صلح الحديبية إثر العقد وطي الكتاب ولم تخف فنزلت آية الامتحان [انظر الإصابة ٤ / ٥٢٤ ـ ٥٢٥].

[٨١٥] مرسل ، وعزاه في الدر (٦ / ٢٠٦) لابن إسحاق وابن سعد وابن المنذر.

[٨١٦] بدون إسناد.

٤٤٥

سورة الصف

[٤٢٦]

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ.

قوله تعالى :( سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) [١]

٨١٧ ـ أخبرنا محمد بن جعفر ، حدَّثنا محمد بن عبد الله بن زكريا ، أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الدَّغُولي ، قال : حدَّثنا محمد بن يحيى ، حدَّثنا محمد بن

__________________

[٨١٧] في إسناده محمد بن كثير قال الحافظ في التقريب : صدوق كثير الخطأ ، وفي إسناده يحيى بن أبي كثير قال الحافظ في التقريب : ثقة يدلس ويرسل ، وقد عنعنه ، ولكن صرح بالتحديث عن الحاكم (٢ / ٦٩) وهو من طريق الهقل بن زياد عن الأوزاعي ، عن يحيى بن أبي كثير حدثني هلال بن أبي ميمونة ، والهقل بن زياد ثقة.

وعلى هذا فالحديث صحيح.

والحديث أخرجه الترمذي (٣٣٠٩) والحاكم في المستدرك (٢ / ٦٩) من طريق أصحها من طريق أبي إسحاق الفزاري عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير حدثني أبو سلمة به ، الحاكم (٢ / ٧٠) ، ولكن بلفظ «فقرأ علينا» والذي يهمنا في هذا الكتاب تحقيق لفظ «فأنزل».

وأخرجه أحمد في مسنده (٥ / ٤٥٢) من طريق عبد الله بن المبارك أنا الأوزاعي ثنا يحيى بن أبي كثير حدثني هلال بلفظ «فقرأ علينا».

وأخرجه البيهقي في السنن (٩ / ١٦٠) من طريق أبي إسحاق الفزاري به بلفظ «فقرأ علينا».

والذي نخلص إليه أن الحديث صحيح بلفظ «فقرأ علينا».

وأما بلفظ فأنزل الله ففي إسناده محمد بن كثير : ضعفه أحمد ووثقه يحيى بن معين وقال النسائي ليس بالقوي كثير الخطأ.

٤٤٦

كثير الصَّنْعاني ، عن الأوزاعي ، عن يحيى بن أبي كَثِير ، عن أبي سَلَمَة ، عن عبد الله بن سلَّام ، قال :

قعدنا نفر من أصحاب رسول صَلى الله عليه وسلم [فتذاكرنا] وقلنا : لو نعلم أيُّ الأعمال أحبُّ إلى الله تبارك وتعالى عَمِلْناه. فأنزل الله تعالى :( سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) إلى قوله :( إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ ) إلى آخر السورة ، فقرأها علينا رسول الله صَلى الله عليه وسلم.

[٤٢٧]

قوله تعالى :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ ) . [٢].

٨١٨ ـ قال المفسرون : كان المسلمون يقولون : لو نعلم أحبَّ الأعمال إلى الله تعالى لبذلنا فيه أموالنا وأنفسنا ، فدلهم الله تعالى على أحبِّ الأعمالِ إليه ، فقال :( إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا ) الآية ، فابْتُلُوا يوم أحد بذلك ، فوَلَّوْا مُدْبِرين. فأنزل الله تعالى :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ؟ )

__________________

قلت : لعل هذا من خطأه ، والله أعلم.

[٨١٨] ذكره المصنف بدون إسناد ، وقد أخرجه ابن جرير (٢٨ / ٥٥) من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس أ. ه. قلت : علي لم يسمع من ابن عباس فالإسناد فيه انقطاع.

٤٤٧

سورة الجمعة

[٤٢٨]

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ.

قولهعزوجل :( وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها ) الآية [١١].

٨١٩ ـ أخبرنا الأستاذ أبو طاهر الزِّيادي ، أخبرنا أبو الحسن علي بن إبراهيم ، أخبرنا محمد بن مسلم بن وَارَةَ ، أخبرنا الحسن بن عطيةَ ، حدَّثنا إسرائيلُ ، عن حُصَين بن عبد الرحمن ، عن أبي سفيانَ ، عن جابر بن عبد الله ، قال :

كان رسول الله صَلى الله عليه وسلم يخطبُ يومَ الجُمعة ، إذ أقبلتْ عِير قد قَدِمَتْ [من الشام] فخرجوا إليها حتى لم يبق معه إلا اثنا عشرَ رجلاً. فأنزل الله تبارك وتعالى :( وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها وَتَرَكُوكَ قائِماً ) .

__________________

[٨١٩] أخرجه البخاري في الصلاة في كتاب الجمعة (٩٣٦) وفي البيوع (٢٠٥٨ ، ٢٠٦٤) وفي التفسير (٤٨٩٩) وأخرجه مسلم في كتاب الجمعة (٣٦ / ٨٦٣) ص ٥٩٠.

والترمذي في التفسير (٣٣١١) وقال : حسن صحيح.

والنسائي في التفسير (٦١٣).

وزاد المزي نسبته في تحفة الأشراف للنسائي في الصلاة في الكبرى (تحفة ٢٢٣٩) وأما السيوطي فقد زاد نسبته في الدر (٦ / ٢٢٠) لسعيد بن منصور وابن سعد وابن أبي شيبة وأحمد وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه والبيهقي في السنن.

٤٤٨

رواه البخاري ، عن حفص بن عمرَ ، عن خالد بن عبد الله ، عن حُصَيْن.

٨٢٠ ـ أخبرنا محمد بن إبراهيمَ المُزَكِّي ، أخبرنا أبو بكر [بن] عبد الله بن يحيى الطَّلْحي ، أخبرنا جعفر بن أحمد بن عمران الشَّاشِي ، حدَّثنا عبد الله بن أحمد بن عبد الله بن يونُسَ ، حدَّثنا عَبْثَر بن القاسم ، حدَّثنا حُصَينٌ ، عن سالم بن أبي الجَعْد ، عن جابر بن عبد الله :

كنا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم في الجُمعة ، فمَرَّتْ عِيرٌ تحملُ الطعامَ ، فخرج الناس إلا اثني عشرَ رجلاً. فنزلت آية الجُمُعة ، رواه مسلم عن إسحاقَ بن إبراهيمَ ، عن جرير ، ورواه البخاري في كتاب الجمعة ، عن معاويةَ بن عمرو ، عن زائدةَ ، كلاهما عن حُصَين.

٨٢٠ م ـ قال المفسرون : أصاب أهلَ المدينة جوعٌ وغَلاء سعرٍ ، فقدم دِحْيَة بن خَليفةَ الكلبيُّ في تجارة من الشام ، وضُرب لها طبلٌ يُؤْذِنُ الناسَ بقدومه ، ورسولُ اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم يخطب يوم الجُمُعة ، فخرج إليه الناسُ ولم يبق في المسجد إلا اثنا عشرَ رجلاً منهم أبو بكر وعمر. فنزلت هذه الآية ، فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم : والذي نفسُ محمدٍ بيده! لو تَتَابَعْتُم حتى لم يبق أحدٌ منكم ، لسَالَ بكم الوَادِي ناراً.

__________________

[٨٢٠] انظر السابق.

[٨٢٠] م عزاه في الدر (٦ / ٢٢١) للبيهقي في شعب الإيمان.

٤٤٩

سورة المنافقون

[٤٢٩]

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ.

قوله تعالى :( هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لا تُنْفِقُوا عَلى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ ) الآية [٧]

٨٢١ ـ أخبرنا عبد الرحمن بن عَبْدَان ، حدَّثنا محمد بن عبد الله بن محمد الحافظ ، حدَّثنا أبو العباس محمد بن أحمد المَحْبُوبِيُّ ، حدَّثنا سعيد بن مسعود ، حدَّثنا عُبيد الله بن موسى ، حدَّثنا إسرائيل ، عن أبي سعيد الأزْدِي ، عن (زيد بن أرقمَ) ، قال :

غزونا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وكان معنا (ناسٌ من الأعراب) ، وكنا نبتدر الماء ،

__________________

[٨٢١] أخرجه الترمذي في التفسير (٢٣١٣) من طريق أبي سعيد الأزدي به.

وقال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح.

ومن طريق أبي إسحاق السبيعي عن زيد بن أرقم :

أخرجه البخاري في التفسير (٤٩٠٠ ، ٤٩٠١ ، ٤٩٠٣ ، ٤٩٠٤).

وأخرجه مسلم في صفات المنافقين وأحكامهم (١ / ٢٧٧٢) ص ٢١٤٠.

والترمذي في التفسير (٣٣١٢).

والنسائي في التفسير (٦١٧).

وزاد السيوطي نسبته في الدر (٦ / ٢٢٢) لابن سعد وابن جرير وأحمد وابن المنذر والطبراني وابن مردويه.

٤٥٠

وكان الأعراب يسبقونا ، فيسبق الأعرابي أصحابه فيملأ الحوض [ويجعل حوله الحجارة] ، ويجعل النِّطْعَ عليه حتى يجيءَ أصحابه. فأتى رجل من الأنصار فأرخى زمام ناقته لتشرب ، فأبى أنْ يدعَه الأعرابي [فانتزع حجراً ففاض الماء ، فرفع الأعرابي] خشبة فضرب بها رأس الأنصاري فشَجَّه ، فأتى الأنصاري (عبدَ الله بن أبيّ) ، رأسَ المنافقين ، فأخبره ـ وكان من أصحابه ـ فغضب عبد الله بن أبيّ ثم قال : لا تنفقوا على مَنْ عند رسول الله حتى ينفضوا من حوله ـ يعني الأعراب ـ ثم قال لأصحابه : إذا رجعتم إلى المدينة فليخرج الأعزُّ منها الأذلَّ. قال زيد بن أرقم : وأنا رِدف عَمِّي ، فسمعت عبد الله فأخبرت [عمي فانطلق فأخبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم فأرسل إليه] رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، [فحلف وجحد واعتذر ، فصدقه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ] وكذبني ، فجاء إِليَّ عَمِّي فقال : ما أردت [إلا] أن مَقَتَكَ رسولُ اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وكذَّبك المسلمون. فوقع عليَّ من الغم ما لم يقع على أحد قط ، فبينا أنا أسيرُ مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، إذْ أتاني فَعرَك أذني ، وضحك في وجهي ، فما كان يسرني أن لي بها الدنيا. فلما أصبحنا قرأ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم سورة المنافقين( إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ قالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ ) حتى بلغ :( هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لا تُنْفِقُوا عَلى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا ) حتى بلغ :( لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَ ) .

وقال أهل التفسير وأصحاب السير : غزا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم بني الْمصْطَلِق ، فنزل على ماء من مياههم يقال له : المُرَيْسيع ، فوردت وَارِدَةُ الناس ومع عمر بن الخطاب أجيرٌ [له] من بني غِفَار يقال له : جَهْجَاه بن سعيد ، يقود فرسه ، فازدحم جهجاهٌ وسِنَانٌ الْجهني. حليف بني عوف من الخَزْرَج ، على الماء فاقتتلا ، فصرخ الجُهني : يا معشر الأنصار ، وصرخ الغِفِارِيّ : يا معشر المهاجرين [فأعان جَهْجَاهاً رجلٌ من المهاجرين يقال له : جُعَال ، وكان فقيراً. فقال له عبد الله بن أبيّ : وإنك لهنَاكَ! فقال : وما يمنعني أن أفعل ذلك؟! واشتد لسان جعال علَى عبد الله. فقال عبد الله : والذي يُحلَفُ به لَأذَرَنَّك ، ويَهُمُّك غير هذا [شيء؟]. وغضب عبد الله ، فقال : والله ما مثلنا ومثلهم إلا كما قال القائل : سَمِّنْ كَلْبَك يأْكُلْك ، إنا والله لئن رجعنا إلى المدينة ليُخرِجَنَّ الأعزُّ منها الأذلَّ ، يعني بالأعز نفسه ، وبالأذل رسولَ اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم . ثم أقبل على من حضره من قومه ، فقال : هذا ما فعلتم بأنفسكم ،

٤٥١

أحْلَلْتموهم بلادَكم ، وقاسَمْتُموهم أموالكم ، أما والله لو أمسكتم عن جُعال وذَوِيه فَضْلَ الطعام ، لم يركبوا رقابَكم ، ولَأوْشَكُوا أن يتحولوا عن بلادكم ، فلا تُنفقوا عليهم حتى يَنْفَضُّوا من حول محمد.

قال زيد بن أرقم ـ وكان حاضراً ويسمع ذلك ، فقال : أنت والله الذليل القليل المبغَّض في قومك ، ومحمد في عزٍ من الرحمن ، ومودةٍ من المسلمين ، والله لا أُحبُّك بعد كلامك هذا.

فقال عبد الله : اسكت ، فإنما كنت ألعبُ فمشى زيد بن أرْقَمَ إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فأخبره الخبر ، وعنده عمرُ بن الخطاب. فقال : دعني أضرب عنقه يا رسول الله. فقال : إذن ترْعَدُ له أُنُفٌ كبيرة بيَثْرِبَ. فقال عمر : فإن كرهت يا رسول الله أن يقتله رجل من المهاجرين ، فمُرْ سعدَ بن عُبادَةَ أو محمدَ بن مسْلَمةَ ، أو عُبادة بن بشر ـ فليقتلوه. فقال : إِذن يتحدثُ الناس أن محمداً يقتل أصحابه.

وأرسل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى عبد الله بن أبيّ فأتاه ، فقال له : أنت صاحب هذا الكلام الذي بلغني؟ فقال عبد الله : والذي أنزل عليك الكتابَ ما قلتُ شيئاً من هذا قطُّ ، وإن زيداً لكاذبٌ.

وَكان عبد الله في قومه شريفاً عظيماً ، فقال مَن حضر من الأنصار : يا رسول الله ، شيخُنا وكبيرُنا ، لا تُصدِّق عليه كلامَ غلام من غلمان الأنصار عسى أن يكون وهِمَ في حديثه فلم يَحفظْ. فعذره رسول الله.

وفشت الملامةُ في الأنصار لزيد وكذّبوه ، وقال له عمه : ما أردتَ إلا أن كذَّبك رسولُ اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم والمسلمون ومَقَتُوك. فاستحيىَ زيد بعد ذلك أن يَدْنُوَ من النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم . فلما ارتحل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم لَقيَه أُسَيْد بن حُضَير ، فقال له : أوَ مَا بلغك ما قال صاحبكم عبدُ الله بن أبيّ؟ قال : وما قال : زعم أنه إن رجع إلى المدينة ليُخرجنَّ الأعزُّ منها الأذلَّ. قال أُسَيد : فأنت يا رسول الله. والله تُخرجنّهُ إن شئتَ ، هو والله الذليلُ ، وأنت العزيزُ. ثم قال : يا رسول الله ارفق به ، فو الله لقد جاء الله بك وإن قومه لينظمون له الخَرَزَ ليُتَوِّجُوه ، وإنه ليرى أنك سلبتَه مُلْكاً.

٤٥٢

وبلغ عبد الله بن عبد الله بن أُبيّ ما كان من أمر أبيه ، فأتى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : إنه بلغني أنك تريد قتل عبد الله بن أُبيّ لمَا بلغك عنه ، فإن كنتَ فاعلاً فمرني به ، فأنا أحملُ إليك رأسَه! فو الله لقد علمت الخَزْرَجُ ما بها رجلٌ أَبَرَّ بوالدَيْه مني ، وأنا أخشى أن تأمر به غيري فيقتلَه فلا تَدَعَني نفسي أنظُر إلى قاتل عبد الله بن أُبي يمشي في الناس ، فأقتله ، فأقتل مؤمناً بكافر ، فأدخل النار. فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : بل نُحسنُ صُحْبتَه ما بقي معناه].

[ولما وافى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم المدينة ، قال زيد بن أرقم : جلست في البيت لما بي من الهم والحياء ، فأنزل الله تعالى سورة المنافقين في تصديقي وتكذيبِ عبد الله فلما نزلتْ أخذ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم بأذُنِ زيد ، فقال : يا زيد ، إن الله تعالى صدَّقَك وأَوْفَى بأُذُنِكَ وكان عبد الله بن أبي بِقُرْب المدينة ، فلما أراد أن يدخلها جاء ابنه عبد الله بن عبد الله حتى أناخ على مجامع طرق المدينة]. فلما أن جاء عبدُ الله بن أُبيّ ، قال ابنه : ورَاءك! قال : ما لك ويلك؟! قال : لا والله لا تدخلُها أبداً إلا بإذن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ولْتعلم اليومَ مَن الأعزُّ مِن الأذَل؟ فشكا عبدُ الله إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ما صنع ابنه ، فأرسل إليه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : أن خَلِّ عنه حتى يدخل ، فقال : أمَا إِذْ جاء أمرُ النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم فنعمْ ، فدخل.

فلما نزلت هذه السورة ، وبان كَذِبُه. قيل له : يا أبا حُبابٍ ، إِنه قد نزلت فيك آيٌ شِدَادٌ ، فاذهب إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ليستغفرَ لك فلَوَّى رأسهَ فذلك قوله تعالى :( وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللهِ لَوَّوْا رُؤُسَهُمْ ) الآية.

٤٥٣

سورة التغابن

[٤٣٠]

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ.

قوله تعالى :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْواجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ ) الآية [١٤].

٨٢٢ ـ قال ابن عباس : كان الرجل يُسْلِمُ ، فإذا أراد أن يُهاجرَ منعه أهلُه وولده ، وقالوا : نَنْشُدُكَ الله أن تذهب وتدع أهلَك وعشيرتك ، وتَصيرَ إلى المدينة بلا أهل ولا مال. فمنهم من يَرِقُّ لهم ويُقيمُ ولا يُهاجرُ. فأنزل الله تعالى هذه الآية.

٨٢٢م ـ أخبرنا أحمد بن عبد الله [بن أحمد] الشيباني ، حدَّثنا أبو الفضل أحمد بن إسماعيل بن يحيى بن حازم ، حدَّثنا عمر بن محمد بن بُجَيْر ، حدَّثنا محمد بن عمر المَقْدِمي ، حدَّثنا أشعثُ بن عبد الله ، حدَّثنا شُعْبةُ ، عن إسماعيل بن أبي خالد قال :

كان الرجل يُسلم فَيلُومُه أهلُه وبنوه ، فنزلت هذه الآية :( إِنَّ مِنْ أَزْواجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ ) .

__________________

[٨٢٢] انظر رقم (٨٢٣)

[٨٢٢] م مرسل.

٤٥٤

٨٢٣ ـ قال عكرمة عن ابن عباس : وهؤلاء الذين منعهم أهلُهم عن الهجرة ، لمَّا هاجروا ورأوا الناسَ قد فَقِهُوا في الدين ، هَمُّوا أنْ يُعاقبوا أهلِيهم الذين منعوهم ، فأَنزل الله تعالى :( وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) .

__________________

[٨٢٣] أخرجه الترمذي في جامعه في كتاب التفسير (٣٣١٧) وقال : هذا حديث حسن صحيح ، وأخرجه الحاكم في المستدرك (٢ / ٤٩٠) وصححه ووافقه الذهبي.

وأخرجه الطبراني في الكبير (١١ / ٢٧٥) وابن جرير في تفسيره (٢٨ / ٨٠).

وزاد السيوطي نسبته في الدر (٦ / ٢٢٧) للفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه.

٤٥٥

سورة الطلاق

[٤٣١]

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ.

قولهعزوجل :( يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ ) الآية [١]

٨٢٤ ـ روى قَتَادَةُ ، عن أنس ، قال : طلَّق رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم (حَفْصَة) ، فأنزل الله تعالى هذه الآية ، وقيل له : راجِعْها فإنها صَوَّامة قَوَّامة ، وهي من إحدى أزواجك ونسائك في الجنة].

٨٢٥ ـ وقال السُّدِّيُّ : نزلت في (عبد الله بن عمر) ، وذلك أنه طلق (امرأته) حائضاً ، فأمره رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم أن يُراجعَها ، ويُمِسكَها حتى تطُهرَ ، ثم تَحيِضَ حيضةً أخرى ، فإذا طهرتْ طلَّقها إن شاء قبل أن يجامعها ، فإنها العِدَّة التي أمر الله بها.

٨٢٦ ـ أخبرنا منصور بن عبد الوهاب بن أحمد الشالنجي ، أخبرنا أبو عمر

__________________

[٨٢٤] عزاه في الدر (٦ / ٢٢٩) لابن أبي حاتم.

[٨٢٥] مرسل.

[٨٢٦] أخرجه البخاري في الطلاق (٥٣٣٢) موصولاً وتعليقاً (٥٢٦٤).

وأخرجه مسلم في الطلاق (١ م / ١٤٧١) ص ١٠٩٣.

وأبو داود في الطلاق (٢١٨٠) من طريق الليث به.

وأخرجه ابن ماجة في الطلاق (٢٠١٩) من طريق عبيد الله عن نافع به.

٤٥٦

محمد بن أحمد الحِيرِي ، حدَّثنا محمد بن زنجويه ، حدَّثنا عبد العزيز بن يحيى ، حدَّثنا الليث بن سعد ، عن نافع ، عن ابن عمر :

أنه طلق (امرأته) ، وهي حائض تطليقةً واحدة فأمره رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يُراجعَها ، ثم يُمسكَها حتى تَطهرَ ، وتحيضَ عنده حيضةً أخرى ، ثم يُمهلَها حتى تطهَر من حيضتها ، فإن أراد أن يطلقها فليطلقها حين تطهُر ، من قبل أن يُجامعَها. فتلك العدةُ التي أمر الله تعالى أن تُطَلَّقَ لها النساء. [رواه البخاري ومسلم عن قتيبة ، عن الليث].

[٤٣٢]

قوله تعالى :( وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ ) ٢ و ٣

٨٢٧ ـ نزلت الآية في (عوف بن مالك الأشجعي) ، وذلك أن المشركين أسروا (ابناً له) ، فأتى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وشكا إليه الفاقةَ ، وقال : إن العدو أسر ابني ، وجزعت (الأم ،) فما تأمرني؟ فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اتق الله واصبرْ ، وآمرُك وإيَّاها أن تَسْتكثرا من قول لا حولَ ولا قوةَ إلا بالله. فعاد إلى بيته ، وقال لامرأته : إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أمرني وإياك أن نستكثر من قول : لا حولَ ولا قوةَ إلا بالله. فقالت : نِعْمَ ما أمرنا به. فجعلا يقولان ، فغفل العدو عن ابنه ، فساق غنمهم ، وجاء بها إلى أبيه ، وهي أربعة آلاف شاة. فنزلت هذه الآية.

٨٢٨ ـ أخبرنا عبد العزيز بن عَبْدانَ ، أخبرنا محمد بن عبد الله بن نُعيم ، قال : أخبرني أبو القاسم الحسن بن محمد بن الحسين السكوني ، حدَّثنا عبيد بن كثير العامري ، حدَّثنا عباد بن يعقوب ، حدَّثنا يحيى بن آدم ، حدَّثنا إسرائيلُ ،

__________________

وأخرجه مالك في الموطأ في الطلاق (٥٣) ص ٥٧٦.

وزاد السيوطي نسبته في الدر (٦ / ٢٢٩) للشافعي وعبد الرزاق وأحمد في مسنده وعبد بن حميد والنسائي وابن جرير وابن المنذر وأبي يعلى وابن مردويه والبيهقي في السنن.

[٨٢٧] سيأتي (٨٢٨) بإسناده.

[٨٢٨] أخرجه الحاكم في المستدرك (٢ / ٤٩٢) وصححه وتعقبه الذهبي : بل منكر وعباد رافضي جبل وعبيد متروك قاله الأزدي.

٤٥٧

حدَّثنا عمار بن معاوية ، عن سالم بن أبي الجَعْد ، عن جابر بن عبد الله ، قال :

نزلت هذه الآية :( وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ ) في (رَجُلِ من أشْجَعَ) ، كان فقيراً ، خفيف ذاتِ اليد ، كثيرَ العيال. فأتى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فسأله فقال : اتق الله ، واصبر. فرجع إلى أصحابه ، فقالوا : ما أعطاك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ؟ فقال : ما أعطاني شيئاً ، قال : اتق الله واصبر ، فلم يلْبث إلا يسيراً حتى جاء ابن له بغنم ، وكان العدو أصابوه ، فأتى رسولَ اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم فسأله عنها ، وأخبره خبرها. فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم إيَّاكَها.

[٤٣٣]

قوله تعالى :( وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ ) . [٤]

٨٢٩ ـ قال مقاتل : لما نزلت( وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَ ) الآية ، قال (خلاد ابن النُّعمان بن قيس الأنصاري) : يا رسول الله ، فما عِدَّةُ التي لا تحيض ، وعدَّةُ التي لم تحض ، وعِدَّةُ الحُبْلَى؟ فأنزل الله تعالى هذه الآية.

٨٣٠ ـ أخبرنا أبو إسحاق المقرئ ، أخبرنا محمد بن عبد الله حَمْدُون ، أخبرنا مكي بن عَبْدان ، حدَّثنا أبو الأزهر ، حدَّثنا أسباط بن محمد ، عن مُطَرِّف ، عن أبي عثمان عمرو بن سالم قال : لما نزلت عِدَّةُ النساء ـ في سورة البقرة ـ في المطلّقة والمتوفَّى عنها زوجُها ـ قال (أبيّ بن كعب :) يا رسول الله ، إن (نساءً من أهل المدينة) يقلْن : قد بقي من النساء من لم يُذكرْ فيها شيءٌ؟ قال : وما هو؟ قال : الصِّغار ، والكِبار ، وذواتُ الحَمْلِ. فنزلت هذه الآية :( وَاللَّائِي يَئِسْنَ ) إلى آخرها.

__________________

[٨٢٩] مرسل ـ

[٨٣٠] أخرجه الحاكم في المستدرك (٢ / ٤٩٢ ـ ٤٩٣) وصححه ووافقه الذهبي ، قلت : إسناده منقطع : عمرو بن سالم لم يسمع أُبي بن كعب [تهذيب التهذيب ١٢ / ١٨١] والحديث أخرجه البيهقي في السنن (٧ / ٤١٤) وأخرجه ابن جرير (٢٨ / ٩١) وزاد نسبته في الدر (٦ / ٢٣٤) لإسحاق بن راهويه وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه.

٤٥٨

سورة التحريم

[٤٣٤]

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ.

قوله تعالى :( يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللهُ لَكَ ) الآية [١].

٨٣١ ـ أخبرنا محمد بن منصور الطُّوسِي ، أخبرني علي بن عمر بن مَهْدِي ، حدَّثنا الحسين بن إسماعيلَ المَحَامِلي ، حدَّثنا عبد الله بن شَبيب ، قال : حدَّثنا إسحاق بن محمد ، حدَّثنا عبد الله بن عمر ، قال : حدَّثني أبو النَّضْر مولى عمر بن عبد الله ، عن علي بن عباس ، عن ابن عباس ، عن عمر ، قال :

دخل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم بأم وَلَدِه مارِيَةَ في بيت حَفْصَةَ ، فوجدته حفصةُ معها ، فقالت : لم تدخلها بيتي؟ ما صنعتَ بي هذا ـ مِنْ بين نسائك ـ إلا مِنْ هَوَاني عليك. فقال لها : لا تذكري هذا لعائشةَ ، هي عليَّ حرامٌ إن قربتُها. قالت حفصة : وكيف تَحْرُمُ عليك وهي جاريتك؟ فحلف لها لا يقربها ، وقال لها : لا تذكريه لأحد ، فذكرتْه لعائشةَ ، فآلى أن لا يدخلَ على نسائه شهراً ، واعتزلَهن تسعاً وعشرين ليلةً! فأنزل الله تبارك وتعالى :( يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضاتَ أَزْواجِكَ ) الآية؟!.

__________________

[٨٣١] في إسناده : عبد الله بن شبيب : ضعيف [المجروحين لابن حبان ٢ / ٤٧].

وأخرجه ابن جرير (٢١ / ١٠٠) مرسلاً عن زيد بن أسلم.

وعزاه السيوطي في الدر (٦ / ٢٣٩) لابن جرير وابن المنذر.

٤٥٩

٨٣٢ ـ أخبرنا أبو إبراهيم ، إسماعيل بن إبراهيم الواعظ ، أخبرنا بشر بن أحمد بن بشر ، أخبرنا جعفر بن الحسن الفِرْيَابي ، حدَّثنا مِنْجَاب بن الحارث ، حدَّثنا علي بن مُسْهِر ، عن هشام بن عُرْوةَ ، عن أبيه ، عن عائشةَ ، قالت :

كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يُحب الحَلْوَاء والعسل ، وكان إذا انصَرفَ من العصر دخل على نسائه. فدخل عَلى حفصةَ بنت عمر ، واحتبس عندها أكثر مما كان يحتبسُ ، فعرفتُ فسألتُ عن ذلك ، فقيل لي : أهدت لها امرأةٌ من قومها عُكَّةَ عسل ، فسقَتْ منه النبيَّصلى‌الله‌عليه‌وسلم شربةً قلتُ : أما والله لنحتالن له ، فقلت لِسَوْدَةَ بنت زَمْعَةَ : إنه سيَدْنُو منك إذا دخل عليك ، فقولي له : يا رسول الله ، أكلتَ مَغَافير؟ فإنه سيقول لك : سقْتني حَفْصَةُ شربةَ عسلٍ ، فقولي جَرَسَتْ نَحْلُه العُرْفُط ، وسأقول ذلك ، وقولي أنتِ يا صفيةُ ذلك. قالت : تقول سودة : فو الله ما هو إلا أن قام على الباب فكدتُ أن أُبادِئَه بما أمرتْني به ، فلما دنا منها قالت له سودة : يا رسول الله ، أكلتَ مَغَافِير؟ قال : لا ، قالت : فما هذه الريحُ التي أجد منك؟ قال : سقتني حفصةُ شربةَ عسل ، قالت : جَرسَتْ نَحْلُه العُرْفُط. قالت : فلمَّا دخل عليَّ قلتُ له مثل ذلك ، فلما دار إلى صفيةَ قالت له مثل ذلك ، فلمَّا دار إلى حَفْصةَ قالت : يا رسول الله ، أسقيك منه؟ قال : لا حاجةَ لي فيه. تقول سودة : سبحان الله لقد حرمناه ، قلت لها : اسكتي.

رواه البخاري عن فروة [ابن أبي المَغْراء] ، ورواه مسلم عن سُوَيَدْ بن سعيد ، كلاهما عن علي بن مُسْهِر.

٨٣٣ ـ أخبرنا أبو عبد الرحمن بن أبي حامد ، أخبرنا زاهر بن أحمد ، أخبرنا الحسين بن محمد بن مُصْعَب ، حدَّثنا يحيى بن حكيم ، حدَّثنا أبو داود ، حدَّثنا عامر الخزاز عن ابن أبي مُلَيْكة :

__________________

[٨٣٢] أخرجه البخاري في الطلاق (٥٢٦٦) ومسلم في الطلاق (٢١ مكرر / ١٤٧٤) ص ١١٠٢.

[٨٣٣] أبو عامر الخزاز : اسمه صالح بن رستم ، قال الحافظ في التقريب : صدوق يخطئ كثيراً ، والحديث أخرجه الطبراني في الكبير (١١ / ١١٧) من طريق أبي عامر به.

وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (٧ / ١٢٧) وقال : رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح.

٤٦٠

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591