الاختصاص

الاختصاص0%

الاختصاص مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 372

الاختصاص

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: أبي عبد الله محمد بن محمد بن النعمان العكبرى البغدادى (الشيخ المفيد)
تصنيف: الصفحات: 372
المشاهدات: 97737
تحميل: 7169

توضيحات:

الاختصاص
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 372 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 97737 / تحميل: 7169
الحجم الحجم الحجم
الاختصاص

الاختصاص

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

قاضي القضاة فجعلوا حاجتهم إليه وأطمعوه في الهدايا على أن يحتال على أبي جعفرعليه‌السلام في مسألة لا يدري كيف الجواب فيها عند المأمون إذا اجتمعوا للتزويج، فلما حضروا وحضر أبوجعفرعليه‌السلام قالوا: يا أمير المؤمنين هذا يحيى بن أكثم إن أذنت له يسأل أبا جعفر، فقال المأمون: يا يحيى سل أبا جعفر عن مسألة في الفقه لننظر كيف فقهه، فقال يحيى: يا أبا جعفر أصلحك الله ما تقول في محرم قتل صيدا؟ فقال أبوجعفرعليه‌السلام : قتله في حل أو حرم؟ عالما كان أو جاهلا؟ عمدا أو خطأ؟ عبدا أو حرا؟ صغيرا أو كبيرا؟ مبدئا أو معيدا؟ من ذوات الطير أو من غيرها؟ من صغار الصيد أو من كبارها؟ مصرا عليها أو نادما؟ بالليل في وكرها أو بالنهار عيانا؟ محرما للعمرة أو للحج؟ قال: فانقطع يحيى بن أكثم انقطاعا لم يخف على أهل المجلس وتحير الناس تعجبا من جوابه ونشط المأمون، فقال: يخطب أبوجعفر؟ فقال أبوجعفر: نعم يا أمير المؤمنين، ثم قال: الحمد لله إقرارا بنعمته ولا إله إلا الله إخلاصا لعظمته وصلى الله على محمد عند ذكره وقد كان من فضل الله على الانام أن أغناهم بالحلال عن الحرام، فقال جل ذكره: " وأنكحوا الايامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم " ثم إن محمد بن علي خطب أم الفضل بنت عبدالله وبذل لها من الصداق خمسمائة درهم، فقال: المأمون: قد زوجت فهل قبلت؟ فقال أبوجعفرعليه‌السلام : قد قبلت هذا لتزويج بهذا الصداق.

١٠١

ثم أولم المأمون وجاء الناس على مراتبهم في الخاص والعام، قال: فبينما نحن كذلك إذ سمعنا كلاما كأنه كلام الملاحين في مجاوباتهم فإذا بالخدم يجرون سفينة من فضة فيها نسائج من أبريسم مكان القلوس(١) مملوة غالية فخضبوا لحى أهل الخاص بها، ثم مدوا إلى دار العامة فطيبوهم.

فلما تفرقوا قال المأمون: يا أبا جعفر إن رأيت أن تبين لنا ما الذي يجب على كل صنف من هذه الاصناف التي ذكرت من قتل الصيد، فقال أبوجعفرعليه‌السلام : نعم يا أمير المؤمنين إن المحرم إذا قتل صيدا في الحل والصيد من ذوات الطير من كبارها فعليه شاة فإذا أصابه في الحرم فعليه الجزاء مضاعفا وإذا قتل فرخا في الحل فعليه حمل قد فطم وليس عليه قيمته لانه ليس في الحرم فإذا قتله في الحرم فعليه الحمل وقيمته لانه في الحرم وإذا كان من الوحش فعليه في حمار الوحش بدنة وكذلك في النعامة، فإن لم يقدر فإطعام ستين مسكينا فإن لم يقدر فليصم ثمانية عشر يوما، وإن كانت بقرة فعليه بقرة، فإن لم يقدر فإطعام ثلاثين مسكينا، فإن لم يقدر فليصم تسعة أيام، وإن كان ظبيا فعليه شاة فإن لم يقدر فإطعام عشرة مساكين فإن لم يقدر فصيام ثلاثة أيام، فإن كان في الحرم فعليه الجزاء مضاعفا هديا بالغ الكعبة حقا واجبا أن ينحره في حج إن كان بمنى حيث ينحر الناس وإن كان في عمرة ينحر بمكة ويتصدق بمثل ثمنه حتى يكون مضاعفا وكذلك إذا أصاب أرنبا فعليه شاة يتصدق وإذا قتل الحمامة تصدق بدرهم أو يشتري به طعاما لحمام الحرم، وفي الفرخ نصف درهم وفي البيضة ربع درهم وكل ما أتى به المحرم بجهالة أو خطاء فليس عليه شئ إلا الصيد فإن عليه فيه الفداء بجهالة كان أم بعلم، خطاء كان أو تعمدا، وكلما أتى به العبد فكفارته على صاحبه مثل ما يلزم صاحبه وكلما أتى به الصغير الذي ليس ببالغ فلا شئ عليه وإن كان ممن عاد فينتقم الله منه ليس عليه كفارة والنقمة في الآخرة فإن دل على الصيد وهو محرم فعليه الفداء والمصر عليه يلزمه بعد الفداء عقوبة في الآخرة والنادم عليه لا شئ عليه في الآخرة بعد الفداء فإذا أصاب الطير ليلا وفي وكره خطاء فلا شئ عليه إلا أن يتعمد فإذا تصيد بليل أو نهار فعليه الفداء بمنى(٢)

__________________

(١) القلس - بالفتح -: حبل ضخم للسفينة من خوص او غيره جمعه قلوس - بضم القاف -.

(٢) كذا في النسختين. وفى تفسير على بن ابراهيم بعد قوله "فعليه الفداء" "والمحرم للحج ينحر الفداء بمنى".

حيث ينحر الناس والمحرم للعمرة ينحر بمكة.

١٠٢

فأمر المأمون أن يكتب ذلك ثم دعا أهل بيته فقرأ عليهم ذلك وقال لهم: هل فيكم أحد يجيب بمثل هذا الجواب، قالوا: لا والله ولا القاضي، فقالوا: يا أمير المؤمنين صدقت كنت أعلم به منا، ثم قال: ويحكم إن أهل هذا البيت خلوا من هذا الخلق أو ما علمتم أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بايع الحسن والحسينعليهما‌السلام وهما صبيان غير بالغين ولم يبايع طفلا غيرهما، أو ما علمتم أن عليا آمن بالنبي وهو ابن عشر سنين(١) فقبل الله ورسوله منه إيمانه ولم يقبل من طفل غيره ولا دعا النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم طفلا غيره إلى الايمان أو ما علمتم أنها ذرية بعضها من بعض يجري لآخرهم ما يجري لاولهم، قال: ثم أمر المأمون أن ينثر على أبي جعفرعليه‌السلام ثلاثة أطباق بنادق زعفران ومسك معجون بماء الورد في جوفهما رقاع على طبق رقاع عمالات والثاني ضياع طعمة لمن أخذها والثالث فيه بدر(٢) ثم أمر أن يفرق طبق العمالات على بني هاشم خاصة والذي عليه ضياع طعمة على الوزراء والذي عليه البدر على القواد، وما زال مكرما لابي جعفرعليه‌السلام أيام حياته حتى كان يقدمه على ولده - تم الخبر -(٣) .

وروى عن علي بن محمد العسكري، عن أبيه، عن جده، عن أمير المؤمنينعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لما اسربي إلى السماء الرابعة نظرت إلى قبة من لؤلؤ لها أربعة أركان وأربعة أبواب كلها من استبرق أخضر، قلت: يا جبرئيل ما هذه القبة التي لم أر في السماء الرابعة أحسن منها؟ فقال: حبيبي محمد هذه صورة مدينة يقال لها: قم يجتمع فيها عباد الله المؤمنون ينتظرون محمدا وشفاعته للقيامة والحساب يجري عليهم الغم والهم والاحزان و

__________________

(١) في بعض نسخ الحديث [ وهو ابن اثنى عشر سنة ] وفى بعضها [ وهو ابن تسع سنين ].

(٢) البدر - بكسر الباء وفتح الدال -: جمع بدرة وهى كيس يجعل فيه الدرهم والدينار.

(٣) رواه على بن ابراهيم القمى في تفسيره ص ١٦٩ ط ايران ١٣١٣ ورواه المؤلف في الارشاد في ذكر فضائل الجوادعليه‌السلام باب طرف الاخبار والطبرسى في الاحتجاج ص ٢٤٥ ط النجف والطبرى في دلائل الامامة ص ٢٠٦ والاربلى في كشف الغمة ص ٢٨٥. والمسعودى في اثبات الوصية ص ١٦٩ ط طهران ١٣٢٠ - وط النجف وط النجف ص ١٨٣ عن على بن ابراهيم عن ابيه عن ريان ابن شبيب خال المأمون.

١٠٣

المكاره، قال: فسألت علي بن محمد العسكريعليه‌السلام متى ينتظرون الفرج؟ قال: إذا ظهر الماء على وجه الارض(١) .

حديث محمد بن على بن موسى الرضاعليهم‌السلام وعمه عبدالله بن موسى علي بن إبراهيم بن هاشم قال: حدثني أبي قال: لما مات أبوالحسن الرضاعليه‌السلام حججنا فدخلنا على أبي جعفرعليه‌السلام وقد حضر خلق من الشيعة من كل بلد لينظروا إلى أبي جعفرعليه‌السلام فدخل عمه عبدالله بن موسى وكان شيخا كبيرا نبيلا عليه ثياب خشنة وبين عينيه سجادة فجلس، وخرج أبوجعفرعليه‌السلام من الحجرة وعليه قميص قصب ورداء قصب ونعل جدد بيضاء فقام عبدالله فاستقبله وقبل بين عينيه وقام الشيعة وقعد أبوجعفرعليه‌السلام على كرسي ونظر الناس بعضهم إلى بعض وقد تحيروا لصغر سنه فابتدر رجل من القوم فقال لعمه: أصلحك الله ما تقول في رجل أتى بهيمة؟ فقال: تقطع يمينه ويضرب الحد فغضب أبوجعفرعليه‌السلام ثم نظر إليه فقال: يا عم اتق الله اتق الله إنه لعظيم أن تقف يوم القيامة بين يدي الله عزوجل فيقول لك: لم أفتيت الناس بما لا تعلم، فقال له عمه: أستغفر الله يا سيدي أليس قال هذا أبوك صلوات الله عليه؟ فقال أبوجعفرعليه‌السلام : إنما سئل أبي عن رجل نبش قبر امرأة فنكحها، فقال أبي: تقطع يمينه للنبش ويضرب حد الزنا فإن حرمة الميتة كحرمة الحية، فقال: صدقت يا سيدي وأنا أستغفر الله، فتعجب الناس وقالوا: يا سيدنا أتأذن لنا ان نسألك؟ قال: نعم فسألوه في مجلس عن ثلاثين ألف مسألة(٢) فأجابهم فيها وله تسع سنين(٣) .

محمد بن الحسن، عن علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن عمرو بن عثمان الخزاز

__________________

(١) رواه الحسن بن محمد بن الحسن القمى المتوفى سنة ٣٧٨ في تاريخ قم ص ٩٦ [ من ترجمته المطبوع ] عن أبى مقاتل سبل الديلمى نقيب الرى عن أبى الحسن على بن محمدعليهما‌السلام .ونقله المجلسى من الاختصاص في المجلد الرابع عشر من البحار ص ٣٣٧.

(٢) يستبعد أن يكون في وسع السائلين أن يسألوا عن ثلاثين ألف مسألة في مجلس واحد و إن كان الامامعليه‌السلام يقدر على جواب أزيد منها ومن المحتمل أن يكون لفظه " ألف " من زيادة النساخ.

(٣) رواه السيد المرتضى في عيون المعجزات والسروى في المناقب على ما في التنقيح.

ونقله المجلسى في البحار ج ١٢ ص ١٢٠.

١٠٤

عن الحسين بن خالد قال: سألت أبا الحسن موسى بن جعفرعليه‌السلام عن مهر السنة كيف صار خمسمائة درهم؟ فقال: إن الله تبارك وتعالى أوجب على نفسه أن لا يكبره مؤمن مائة تكبيرة ويسبحه مائة تسبيحة ويحمده مائة تحميدة ويهلله مائة تهليلة ويصلي على محمد وآل محمد مائة مرة ثم يقول: اللهم زوجني من حور العين إلا زوجه حوراء وجعل ذلك مهرها فمن ثم أوحى الله إلى نبيه أن سن مهر المؤمنات خمسمائة ففعل ذلك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .(١) محمد بن عبدالله عن بعض أصحابه قال: قلت لابي عبداللهعليه‌السلام : لم حرم الله الخمر والميتة والدم ولحم الخنزير؟ فقال: إن الله تبارك وتعالى لم يحرم ذلك على عباده وأحل لهم ما سواه من رغبة فيما حرم عليهم ولا رهبة فيما أحل لهم ولكنه خلق الخلق وعلم ما تقوم به أبدانهم وما يصلحهم فأحله لهم وأباحه لهم تفضلا منه عليهم لمصلحتهم وعلم ما يضرهم فنهاهم عنه و حرمه عليهم ثم أباحه للمضطر وأحله له في الوقت الذي لا يقوم بدنه إلا به فأمر أن ينال منه بقدر البلغة لا غير ذلك(٢) .

ثم قال: أما الميتة فإنها لا يدنوا منها أحد ولا يأكل إلا ضعف بدنه ونحل جسمه وذهبت قوته(٣) وانقطع نسله ولا يموت إلا فجأة، وأما الدم فإنه يورث أكله الاصفر(٤) ويبخر الفم وينتن الريح ويسيئ الخلق ويورث الكلب(٥) والقسوة للقلب وقلة الرأفة والرحمة حتى لا يؤمن أن يقتل ولده ووالديه ولا يؤمن على حميمه وعلى من صحبه.

وأما لحم الخنزير فإن الله مسخ قوما في صورة شئ شبه الخنزير والقرد والدب وكان من الامساخ ثم نهى عن أكل مثله لكي لا ينتفع بها ولا يستخف بعقوبته.

__________________

(١) رواه الكلينى في الكافى المجلد الخامس ص ٣٧٦.وفيه عن عمرو بن عثمان الخزاز عن رجل عن الحسين بن خالد.ورواه الصدوق في العلل ص ١٧٠ وفيه على ابراهيم عن ابيه عن على بن معبد عن الحسين بن خالد ورواه ايضا في العيون في باب علل الاشياء.

(٢) البلغة - بالضم -: ما تبلغ به من العيش. (النهاية)

(٣) في بعض النسخ [ وأوهنت قوته ].

(٤) ولعل المراد بالماء الاصفر الاستسقاء.

(٥) الكلب - بالتحريك -: داء يعرض الانسان شبه الجنون. (النهاية)

١٠٥

وأما الخمر فإنه حرمها لفعلها وفسادها وقال: إن مدمن الخمر كعابد وثن ويورثه الارتعاش ويذهب بقوته ويهدم مروء‌ته ويحمله على أن يجسر على المحارم من سفك الدماء و ركوب الزنا ولا يؤمن إذا سكر ان يثب على حرمه(١) .

محمد بن الحسين أحمد بن الوليد، عن الحسن بن متيل، عن إبراهيم بن إسحاق النهاوندي، عن محمد بن سليمان الديلمي، عن أبي سليم الديلمي، عن أبي بصير(٢) قال: أتيت أبا عبداللهعليه‌السلام بعد أن كبرت سني وقد أجهدني النفس فقال: يا أبا محمد ما هذا النفس؟ فقلت له: جعلت فداك كبر سني ورق عظمي واقترب أجلي مع أني لست أدري ما أصير إليه في آخرتي، فقال: يا أبا محمد إنك لتقول هذا القول؟ فقلت: جعلت فداك كيف لا أقوله؟ فقال: أما علمت أن الله تبارك وتعالى يكرم الشباب منكم ويستحيي من الكهول؟ قلت: جعلت فداك كيف يكرم الشباب منا ويستحيى من الكهول؟ قال: يكرم الشباب منكم أن يعذبهم ويستحيي من الكهول أن يحاسبهم، فهل سررتك؟ قال قلت: جعلت فداك زدني فإنا قد نبزنا نبزا(٣) انكسرت له ظهورنا وماتت له أفئدتنا واستحلت به الولاة دماء‌نا في حديث رواه فقهاؤهم هؤلاء، قال: فقال: الرافضة؟ قلت: نعم، قال: لا والله ما هم سموكم بل الله سماكم، أما علمت أنه كان مع فرعون سبعون رجلا من بني إسرائيل يدينون بدينه فلما استبان لهم ضلال فرعون وهدى موسى رفضوا فرعون ولحقوا بموسى فكانوا في عسكر موسى أشد أهل ذلك العسكر عبادة وأشدهم اجتهادا إلا أنهم رفضوا فرعون فأوحى الله إلى موسى أن أثبت لهم هذا الاسم في التوراة فإني قد نحلتهم ثم ذخر الله هذا الاسم حتى

__________________

(١) رواه الكلينى في الكافى كتاب الاطعمة الحديث الاول.ورواه الصدوق في العلل ص ١٦٥. وفى الامالى في المجلس الخامس والتسعين.ورواه العياشى في تفسيره على ما في ج ١ ص ٤٣٤ من تفسير البرهان ج ١٤ ص ٧٧٢ من البحار.وقوله " يثب على حرمه " الوثوب كناية عن الجماع. وزاد في جميع نسخ الحديث بعد قوله: " على حرمه " " وهو لا يعقل ذلك والخمر لا يزداد صاحبها الا كل شر ".

(٢) هو أبومحمد يحيى بن القاسم الاسدى الكوفى من أصحاب الصادق والكاظمعليهما‌السلام تابعى مات سنة خمسين ومائة بعد أبى عبداللهعليه‌السلام . وقد يطلق على ليث بن البخترى والظاهر المراد ههنا الاول.

(٣) النبز: اللمز بما يقبح ومنه قوله تعالى: " لا تنابزو بالالقاب ". - وبالتحريك -: اللقب

١٠٦

سماكم به إذ رفضتم فرعون وهامان وجنودهما واتبعتم محمدا وآل محمد يا أبا محمد فهل سررتك؟ قال: قلت جعلت فداك زدني، قال: افترق الناس كل فرقة واستشيعوا كل شيعة فاستشيعتم مع أهل بيت نبيكم فذهبتم حيث ذهب الله واخترتم ما اختار الله وأحببتم من أحب الله وأردتم من أراد الله فأبشروا ثم ابشروا فأنتم والله المرحومون المتقبل من محسنكم و المتجاوز عن مسيئكم من لم يلق الله بمثل ما أنتم عليه لم يتقبل [ الله ] منه حسنة ولم يتجاوز عنه سيئة، فهل سررتك يا أبا محمد؟ قال؟ قلت: جعلت فداك زدني، فقال: إن الله وملائكته يسقطون الذنوب عن ظهور شيعتنا كما يسقط الريح الورق عن الشجر في أوان سقوطه وذلك قول الله تعالى:( والملائكة يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون لمن في الارض (١) ) فاستغفارهم والله لكم دون هذا العالم، فهل سررتك يا أبا محمد؟ قال: قلت: جعلت فداك زدني، فقال: لقد ذكركم الله في كتابه فقال:( من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا (٢) ) والله ما عنى غيركم إذ وفيتم فيما أخذ عليكم ميثاقكم من ولايتنا وإذ لم تبدلوا بنا غيرنا ولو فعلتم لعيركم الله كما عير غيركم في كتابه إذ يقول:( وما وجدنا لاكثرهم من عهد وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين (٣) ) ، فهل سررتك يا أبا محمد؟ قال: قلت: جعلت فداك زدني، قال: لقد ذكركم الله في كتابه فقال:( الاخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين (٤) ) فالخلق والله غدا أعداء غيرنا وشيعتنا، وما عنى بالمتقين غيرنا وغير شيعتنا، فهل سررتك يا أبا محمد؟.

__________________

(١) الشورى: ٣ أى ينزهونه تعالى عما لا يجوز عليه من الصفات متلبسا بحمد ربهم.

(٢) الاحزاب: ٢٣. والنحب: الموت والنذر. و " قضى نحبه " أى أدرك ما تمنى من الموت أو القتل فذلك قضاء النحب.

(٣) الاعراف: ١٠٢. " ان وجدتا " " إن " مخففة من المثقلة واللام للفارقة أى علمنا وعند الكوفيين " ان " للنفى واللام بمعنى الا.

(٤) الزخرف: ٦٧.

١٠٧

قال: قلت: جعلت فداك زدني، فقال: لقد ذكركم الله في كتابه فقال:( ومن يطع الله والرسول فاولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا ) (١) فمحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم النبيين ونحن الصديقون والشهداء وأنتم الصالحون، فتسموا بالصلاح كما سماكم الله فوالله ما عنى غيركم، فهل سررتك يا أبا محمد؟ قال: قلت: جعلت فداك زدني، فقال: لقد جمعنا الله وولينا وعدونا في آية من كتابه فقال: قل يا محمد:( هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر اولوا الالباب (٢) ) فهل سررتك يا أبا محمد؟ قال: قلت: جعلت فداك زدني، قال: فقال: لقد ذكركم الله في كتابه فقال:( وقالوا ما لنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الاشرار (٣) ) فأنتم في النار تطلبون وفي الجنة والله تحبرون(٤) فهل سررتك يا أبا محمد؟.

قال: قلت: جعلت فداك زدني، قال: فقال: لقد ذكركم الله في كتابه فأعاذكم من الشيطان فقال:( إن عبادي ليس لك عليهم سلطان ) (٥) والله ما عنى غيرنا وغير شيعتنا فهل سررتك يا أبا محمد؟ قال: قلت: جعلت فداك زدني، قال: والله لقد ذكركم الله في كتابه فأوجب لكم المغفرة فقال:( يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا (٦) ) قال: قلت: جعلت فداك ليس هكذا نقرؤه إنما نقرء " يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا(٧) " قال: يا أبا محمد فإذا

__________________

(١) النساء: ٧١، وقوله تعالى " رفيقا " تميز ولذلك لم يجمع.قوله " فمحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم النبيين " كذا في نسخة من النسختين وفى الاخرى " فمحمد وأهل بيتهعليهم‌السلام في هذا الموضع النبيين " وعلى كلتا النسختين " النبيين " كان على سبيل الحكاية.

(٢) الزمر: ٩. وروى البرقى في المحاسن في حديث قالعليه‌السلام : " نحن الذين يعلمون وعدونا الذين لا يعلمون وشيعتنا اولوا الالباب ".

(٣) ص: ٦٢.

(٤) أى تكرمون وتتنعمون وتسرون.

(٥) الحجر: ٤٢. والاسراء ٦٥.

(٦) الزمر: ٥٣.

(٧) هكذا في النسختين وليست هذه الزيادة في منقوله في البحار ولا في روضة الكافى وعلى فرضه لعل المراد انا فهمنا من الاية أن الله يغفر ذنوب الجميع فاجابعليه‌السلام أنه اذا غفر الله ذنوب جميع الخلق فمن يعذب بعدئذ. والعلم عند الله

١٠٨

غفر الله الذنوب جميعا فمن يعذب، والله ما عنى غيرنا وغير شيعتنا، وإنها لخاصة لنا ولكم فهل سررتك يا أبا محمد؟ قال: قلت: جعلت فداك زدني، قال: والله ما استثنى الله أحدامن الاوصياء ولا أتباعهم ما خلا أمير المؤمنينعليه‌السلام وشيعته إذ يقول:( يوم لا يغني مولى عن مولى شيئا ولا هم ينصرون * إلا من رحم الله إنه هو العزيز الرحيم (١) ) والله ما عنى بالرحمة غير أمير المؤمنينعليه‌السلام وشيعته، فهل سررتك يا أبا محمد؟ قال: قلت: جعلت فداك زدني، قال: قال علي بن الحسينعليهما‌السلام ليس على فطرة الاسلام غيرنا وغير شيعتنا وسائر الناس من ذلك براء فهل شفيتك يا أبا محمد(٢) .

أبوأحمد، عن رجل، عن أبي عبدالله أو أبي جعفرعليهما‌السلام قال: اجتمع رجلان يتغديان مع أحد ثلاثة أرغفة ومع واحد خمسة أرغفة قال: فمر بهما رجل فقال: السلام عليكما فقالا: وعليك السلام الغداء رحمك الله، فقال: فقعد وأكل معهما فلما فرغ قام فطرح إليهما ثمانية دراهم، فقال: هذه عوض لكما بما أكلت من طعامكما قال: فتنازعا بها فقال صاحب الثلاثة: النصف لي والنصف لك وقال صاحب الخمسة: لي خمسة بقدر خمستي ولك ثلاثة بقدر ثلاثتك، فأبيا وتنازعا حتى ارتفعا إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام فاقتصا عليه القصة فقال: إن هذا الامر الذي أنتما فيه دني ولا ينبغي أن ترفعا فيه إلى حكم، ثم أقبل عليعليه‌السلام إلى صاحب الثلاثة فقال: أرى أن صاحبك قد عرض عليك أن يعطيك ثلاثة وخبزه أكثر من خبزك فارض به، فقال: لا والله يا أمير المؤمنين لا أرضي إلا بمر الحق، قال: فإنما لك في مر الحق درهم فخذ درهما وأعطه سبعة، فقال: سبحان الله يا أمير المؤمنين عرض علي ثلاثة فأبيت وآخذ واحدا؟ ! قال: عرض ثلاثة للصلح فحلفت أن لا ترضى إلا بمر الحق وإنما لك بمر الحق درهم، قال: فأوقفني على هذا، قال: أليس تعلم أن ثلاثتك تسعة أثلاث؟ قال: بلى، قال: أوليس تعلم أن خمسته خمسة عشر ثلثا؟ قال: بلى

__________________

(١) الدخان: ٤٢ و ٤٣.

(٢) رواه الكلينى في روضة الكافى ص ٣٣. ونقله المجلسى من الاختصاص في المجلد الحاديعشر ص ٢٢٣. وقوله: " براء " - ككرام - وفى بعض النسخ [ برآء ] - كفقهاء - وكلاهما جمع برئ.

١٠٩

قال: فذلك أربعة وعشرون ثلثا، أكلت أنت ثمانية وأكل الضيف ثمانية وأكل هو ثمانية فبقي من تسعتك واحد أكله الضيف وبقي من خمسة عشره سبعة أكلها الضيف فله بسبعته سبعة ولك بواحدك الذي أكله الضيف واحد(١) .

حديث أمير المؤمنينعليه‌السلام مع ابليس

القاسم بن محمد الهمداني قال: حدثني أبوإسحاق إبراهيم بن محمد بن [ أحمد بن ] إبراهيم الكوفي قال: حدثنا أبوالحسين يحيى بن محمد الفارسي، عن أبيه، عن أبي عبدالله، عن أبيهعليهما‌السلام عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه قال: خرجت ذات يوم إلى ظهر الكوفة وبين يدي قنبر فقلت له: يا قنبر ترى ما أرى؟ فقال ضوء الله عزوجل لك يا أمير المؤمنين عما عمى عنه بصري، فقلت: يا أصحابنا ترون ما أرى؟ فقالوا: لا قد ضوء الله لك يا أمير المؤمنين عما عمى عنه أبصارنا، فقلت: والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لترونه كما أراه و لتسمعن كلامه كما أسمع فما لبثنا أن طلع شيخ عظيم الهامة، مديد القامة، له عينان بالطول فقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته فقلت: من أين أقبلت يا لعين؟ قال: من الانام فقلت: وأين تريد؟ قال: الانام، فقلت: بئس الشيخ أنت، فقال: لم تقول هذا يا أمير المؤمنين؟ فوالله لاحدثنك بحديث عني عن الله عزوجل ما بيننا ثالث، فقلت: يا لعين عنك عن الله عزوجل ما بينكما ثالث؟ قال: نعم إنه لما هبطت بخطيئتي إلى السماء الرابعة ناديت إلهي وسيدي ما أحسبك خلقت خلقا هو أشقى مني؟ فأوحى الله تبارك وتعالى: بلى قد خلقت من هو أشقى منك فانطلق إلى مالك يريكه، فانطلقت إلى مالك فقلت: السلام يقرء عليك السلام ويقول: أرني من هو أشقى مني فانطلق بي مالك إلى النار فرفع الطبق الاعلى فخرجت نار سوداء ظننت أنها قد أكلتني وأكلت مالكا فقال لها: اهدئي فهدأت ثم انطلق بي إلى الطبق الثاني فخرجت نار هي أشد من تلك سوادا وأشد حمى فقال لها: أخمدي فخمدت إلى أن انطلق بي إلى

__________________

(١) رواه الكلينى في باب النوادر من كتاب القضايا من الكافى الحديث العاشر. ورواه المؤلف أيضا في الارشاد فصل قضايا علىعليه‌السلام . ونقله المجلسى في البحار ج ٢٤ ص ١٥ من الاختصاص.

١١٠

الطبق السابع وكل نار تخرج من طبق هي أشد من الاولى فخرجت نار ظننت أنها قد أكلتني وأكلت مالكا وجميع ما خلقه الله عزوجل فوضعت يدي على عيني وقلت: مرها يا مالك أن تخمد وإلا خمدت، فقال: إنك لن تخمد إلى الوقت المعلوم فأمرها فخمدت فرأيت رجلين في أعناقهما سلاسل النيران معلقين بها إلى فوق وعلى رؤوسهما قوم معهم مقامع النيران يقمعونهما بها، فقلت: يا مالك من هذان؟ فقال: أوما قرأت على ساق العرش و كنت قبل قد قرأته قبل أن يخلق الله الدنيا بألفي عام لا إله إلا الله محمد رسول الله أيدته ونصرته بعلي، فقال: هذان من أعداء اولئك أو ظالميهم - الوهم من صاحب الحديث.(١)

باب القياس

المعلى بن محمد [ بن جعفر ]، عن بعض أصحابنا يرفعه إلى أبي عبداللهعليه‌السلام قال: إن أول من قاس إبليس فقال: خلقتني من نار وخلقته من طين ولو علم إبليس ما جعل الله في آدم لم يفتخر عليه.

ثم قال: إن الله عزوجل خلق الملائكة من النور وخلق الجان من النار وخلق الجن - صنفا من الجان - من الريح وخلق صنفا من الجن من الماء وخلق آدم من صفحة الطين ثم أجرى في آدم النور والنار والريح والماء فبالنور أبصر وعقل وفهم وبالنار أكل وشرب ولولا أن النار في المعدة لم تطحن المعدة الطعام ولولا أن الريح في جوف ابن آدم يلهب نار المعدة لم يلتهب، ولولا أن الماء في جوف ابن آدم يطفئ حر نار المعدة لاحرقت النار جوف ابن آدم، فجمع الله ذلك في آدم الخمس الخصال و كانت في إبليس خصلة فافتخر بها على آدمعليه‌السلام (٢) .

مناظرة مؤمن الطاق مع أبى حنيفة في الطلاق

يعقوب بن يزيد البغدادي، عن محمد بن أبي عمير قال: قال أبوحنيفة لابي جعفر مؤمن الطاق: ما تقول في الطلاق الثلاث؟ قال: أعلى خلاف الكتاب والسنة؟ قال: نعم، قال أبوجعفر: لا يجوز ذلك، قال أبوحنيفة: ولم لا يجوز ذلك؟ قال: لان التزويج عقد بالطاعة ولا يحل بالمعصية، وإذا لم يجز

__________________

(١) نقله المجلسى من الكتاب في البحار ص ٣٨٨ من المجلد التاسع.

(٢) نقله المجلسى في البحار ج ١٤ ص ٤٧٧ من الاختصاص.

١١١

التزويج بجهة المعصية لم يجز الطلاق بجهة المعصية وفى إجازة ذلك طعن على الله عزوجل فيما أمر به وعلى رسوله فيما سن، لانه إذا كان العمل بخلافهما فلا معنى لهما وفي قولنا من شذ عنهما رد إليهما وهو صاغر.

قال أبوحنيفة: قد جوز العلماء ذلك، قال أبوجعفر: بئس العلماء الذين جوزوا للعبد العمل بالمعصية و استعمال سنة الشيطان في دين الله ولا عالم أكبر من الكتاب والسنة، فلم تجوزون للعبد الجمع بين ما فرق الله من الطلاق الثلاث في وقت واحد ولا تجوزون له الجمع بين ما فرق الله من الصلوات الخمس؟ وفي تجويز ذلك تعطيل الكتاب وهدم السنة، وقد قال الله عز وجل:( ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه ) (١) المتعدي لحدود الله بإفراقه.

ما تقول يا أبا حنيفة في رجل طلق امرأته على سنة الشيطان، أيجوز له ذلك الطلاق؟ قال أبوحنيفة: خالف السنة وبانت منه امرأته وعصى ربه، قال أبوجعفر: فهو كما قلنا إذا خالف سنة الله عمل بسنة الشيطان ومن أمضى سنته فهو على ملته ليس له في دين الله نصيب، قال أبوحنيفة: هذا عمر بن الخطاب وهو من أفضل أئمة المسلمين، قال: إن الله جل ثناؤه جعل لكم في الطلاق أناة فاستعجلتموه وأجزنا لكم ما استعجلتموه.(٢) قال أبوجعفر: إن عمر كان لا يعرف أحكام الدين، قال أبوحنيفة: وكيف ذلك؟ قال أبوجعفر: ما أقول فيه ما تنكره، أما أول ذلك فإنه قال: لا يصلي الجنب حتى يجد الماء ولو سنة والامة على خلاف ذلك.

وأتاه أبوكيف العائذي(٣) فقال: يا أمير المؤمنين إني غبت فقدمت وقد تزوجت امرأتي؟ فقال: إن كان قد دخل بها فهو أحق بها وإن لم يكن دخل بها فأنت أولى بها وهذا حكم لا يعرف، والامة على خلافه.

وقضى في رجل غاب عن أهله أربع سنين أنها تتزوج إن شاء‌ت والامة على خلاف ذلك، إنها لا تتزوج أبدا حتى تقوم البينة أنه مات أو كفر أو طلقها.

__________________

(١) الطلاق: ٢.

(٢) نقله الحجة الامينى في الغدير المجلد السادس ص ١٧٨ الطبع الثانى من مسند أحمد ج ١ ص ٣١٤ وصحيح مسلم ج ١ ص ٥٧٤ وسنن البيهقي ج ٧ ص ٣٣٦ ومستدرك الحاكم ج ٢ ص ١٩٦.وتفسير القرطبى ج ٣ ص ١٣٠.

(٣) في بعض النسخ [ ابوكيف العابدى ].

١١٢

وإنه قتل سبعة نفر من أهل اليمن برجل واحد، وقال: لولا ما عليه أهل صنعاء لقتلتهم به.

والامة على خلافه.

واتي بامرأة حبلى شهدوا عليها بالفاحشة فأمر برجمها، فقال له عليعليه‌السلام : إن كان لك السبيل عليها فما سبيلك على ما في بطنها، فقال: لولا علي لهلك عمر.

واتي بمجنونة وقد زنت فأمر برجمها، فقال له عليعليه‌السلام : أما علمت أن القلم قد رفع عنها حتى تصح، فقال: لولا علي لهلك عمر.

وإنه لم يدر الكلالة فسأل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأخبره بها فلم يفهم عنه فسأله ابنته حفصة أن تسأل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن الكلالة فسألته، فقال لها: أبوك أمرك بهذا؟ قالت: نعم، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لها: إن أباك لا يفهمها حتى يموت، فمن لم يعرف الكلالة كيف يعرف أحكام الدين(١) .

جزء فيه اخبار من روايات اصحابنا وغيرهم

روي عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ما من أهل بيت يدخل واحد منهم الجنة إلا دخلوا أجمعين الجنة قيل: وكيف ذلك؟ قال: يشفع فيهم فيشفع حتى يبقى الخادم فيقول يا رب خويدمتي قد كانت تقيني الحر والقر فيشفع فيها.(٢) وروي(٣) ما من أهل بيت إلا وفيهم نجيب وأنجب النجباء من أهل بيت النبوة.

وروي أن للمنافق أربع علامات: قساوة القلب، وجمود العين، والاصرار على الذنب، والحرص على الدنيا.(٤) حدثني سهل بن زياد الادمي قال: حدثني عروة بن يحيى، عن أبي سعيد المدائني قال: قلت لابي عبداللهعليه‌السلام : ما معنى قول الله عزوجل في محكم كتابه:( وما كنت بجانب

__________________

(١) نقله المجلسى من الكتاب في البحار المجلد الرابع ص ١٤٤.

(٢) رواه العياشى في تفسيره ونقل منه المجلسى في المجلد الثالث من البحار ص ٣٠٧. و أيضا في ص ٣٠٥ من الاختصاص. والقر: البرد.

(٣) أى عن الصادقعليه‌السلام .

(٤) نقله المجلسى في البحار الجزء الثالث من المجلد الخامس عشر ص ٢٣. وروى الصدوق في الخصال أبواب الاربعة من علامات الشقاء جمود العين. الحديث.

١١٣

الطور إذ نادينا ) (١) فقال:عليه‌السلام كتابا لنا كتبه الله يا أبا سعيد في ورق قبل أن يخلق الخلائق بألفي عام صيره معه في عرشه أو تحت عرشه فيه يا شيعة آل محمد أعطيتكم قبل أن تسألوني، وغفرت لكم قبل أن تستغفروني، من أتاني منكم بولاية آل محمد أسكنته جنتي برحمتي.(٢) حدثني محمد بن جعفر بن أبي شاكر، عمن حدثه، عن بعض الرجال، عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: جزى الله المعروف إذا لم يكن يبدأ عن مسألة فأما إذا أتاك أخوك في حاجة كاد يرى دمه في وجهه مخاطرا لا يدري أتعطيه أم تمنعه، فوالله ثم والله لو خرجت له من جميع ما تملكته ما كافيته.(٣) بسم الله الرحمن الرحيم حدثني أبوبكر محمد بن إبراهيم العلاف الهمداني بهمدان قال: حدثنا عبدالله بن محمد بن جعفر بن موسى بن شاذان البزاز قال: حدثنا أبوعبدالله الحسين بن محمد بن سعيد البزاز المعروف بابن المطبقي، وجعفر الدقاق قالا: حدثنا أبوالحسن محمد بن الفيض بن فياض الدمشقي بدمشق قال: حدثنا إبراهيم بن عبدالله ابن أخي عبد الرزاق قال: حدثنا عبدالرزاق بن همام الصنعاني قال: حدثنا معمر بن راشد قال: حدثنا محمد بن المنكدر، عن أبيه، عن جده قال: لما قدم السيد والعاقب اسقفا نجران في سبعين راكبا وافدا على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كنت معهم فبينا كرز يسير - وكرز صاحب نفقاتهم - إذ عثرت بغلته فقال: تعس من نأتيه الابعد يعني النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٤) فقال له صاحبه وهو العاقب: بل تعست وانتكست(٥)

__________________

(١) القصص: ٤٦.

(٢) نقله المجلسى من الكتاب في البحار الجزء الاول ص ١١٩ من المجلد الخامس عشر.

(٣) روى نحوه الكلينى في الكافى ج ٤ ص ٢٣.

(٤) التعس: الهلاك والعثار والسقوط والشر والانحطاط. والفعل كمنع وسمع. فاذا خاطبت قلت: تعست - كمنعت - واذا حكيت قلت: تعس - كسمع -. وفى بعض نسخ الحديث [ فقال كرز: تعس الابعد يعنى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ] والابعد: الخائن والمتباعد من الخير.

(٥) انتكس فلان أى وقع على رأسه.

١١٤

فقال: ولم ذلك؟ قال: لانك أتعست النبي الامي أحمد، قال: وما علمك بذلك؟ قال: أما تقرأ من المفتاح الرابع(١) من الوحي إلى المسيح أن قل لبني إسرائيل: ما أجهلكم تتطيبون بالطيب لتطيبوا به في الدنيا عند أهلها وأهلكم وأجوافكم عندي كالجيفة المنتنة يا بني إسرائيل آمنوا برسولي النبي الامي الذي يكون في آخر الزمان صاحب الوجه الاقمر والجمل الاحمر المشرب بالنور، ذي الجناب الحسن والثياب الخشن، سيد الماضين عندي وأكرم الباقين علي، المستن بسنتي، والصائر في دارجتي، والمجاهد بيده المشركين من أجلي، فبشر به بني إسرائيل ومر بني إسرائيل أن يعزروه وأن ينصروه، قال عيسى صلى الله عليه: قدوس قدوس، من هذا العبد الصالح الذي قد أحبه قلبي ولم تره عيني؟ قال: هو منك وأنت منه وهو صهرك على امك، قليل الاولاد، كثير الازواج، يسكن مكة من موضع أساس وطى إبراهيم، نسله من مباركة وهي ضرة امك في الجنة، له شأن من الشأن، تنام عيناه ولا ينام قلبه، يأكل الهدية ولا يقبل الصدقة، له حوض من شفير زمزم إلى مغيب الشمس(٢) حيث يغرب، فيه شرابان من الرحيق والتسنيم،(٣) فيه أكاويب عدد نجوم السماء، من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبدا وذلك بتفضيلي إياه على سائر المرسلين، يوافق قوله فعله وسريرته علانيته، فطوبى له وطوبى لامته، الذين على ملته يحيون وعلى سنته يموتون ومع أهل بيته يميلون، آمنين مؤمنين مطمئنين مباركين ويظهر في زمن قحط وجدب فيدعوني، فترخى السماء عزاليها(٤) حتى يرى أثر بركاتها في أكنافها، وابارك فيما يضع فيه يده، قال: إلهي سمه، قال: نعم هو أحمد وهو محمد رسولي إلى الخلق كافة، وأقربهم مني منزلة وأحضرهم عندي شفاعة، لا يأمر إلا بما احب وينهى لما أكره.

__________________

(١) في بعض النسخ [ من المصباح الرابع ].

(٢) في بعض النسخ [ مغرب الشمس ].

(٣) التسنيم هو عين في الجنة وهو اشرف شراب في الجنة.

(٤) الجدب - كالقتل - مصدر: ضد الخصب. وأصابهم الجدب أى الفقر والقحط. " فترخى السماء عزاليها " اشارة إلى شدة وقع المطر. والعزالى جمع عزلاء وهى مصب الماء من القربة ونحوها.

١١٥

قال له صاحبه: فأنى تقدم بنا على من هذه صفته(١) ؟ قال: نشهد أحواله وننظر آياته فإن يكن هو هو ساعدناه بالمسالمة ونكفه بأموالنا عن أهل ديننا من حيث لا يشعر بنا وإن يكن كاذبا كفيناه بكذبه على الله عزوجل، قال: ولم إذا رأيت العلامة لا تتبعه؟ قال: أما رأيت ما فعل بنا هؤلآء القوم أكرمونا، ومولونا ونصبوا لنا الكنائس وأعلوا فيه ذكرنا، فكيف تطيب النفس بالدخول في دين يستوي فيه الشريف والوصيع، فلما قدموا المدينة قال من رآهم من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ما رأينا وفدا من وفود العرب كانوا أجمل منهم، لهم شعور وعليهم ثياب الحبر، وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم متناء عن المسجد فحضرت صلاتهم فقاموا فصلوا في مسجد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تلقاء المشرق فهم بهم رجال من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بمنعهم، فأقبل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال: دعوهم فلما قضوا صلاتهم جلسوا إليه وناظروه، فقالوا: يا أبا القاسم حاجنا في عيسى، قال: هو عبدالله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، فقال أحدهما: بل هو ولده وثاني اثنين وقال آخر: بل هو ثالث ثلاثة: أب وابن وروح القدس وقد سمعناه في قرآن نزل عليك يقول: فعلنا وجعلنا وخلقنا ولو كان واحدا لقال: خلقت وجعلت وفعلت فتغشى النبىصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الوحي فنزل عليه صدر سورة آل عمران إلى قوله رأس الستين منها " فمن حاجك فيه من بعد ما جاء‌ك من العلم فقل تعالوا ندع أبناء‌نا وأبناء‌كم ونساء‌نا ونساء‌كم وأنفسنا وأنفسكم - إلى آخر الآية - " فقص عليهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم القصة وتلا عليهم القرآن فقال بعضهم لبعض: قد والله أتاكم بالفصل من خبر صاحبكم.

فقال لهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إن الله عزوجل قد أمرني بمباهلتكم، فقالوا: إذا كان غدا باهلناك فقال القوم بعضهم لبعض: حتى ننظر بما يباهلنا غدا بكثرة أتباعه من أوباش الناس أم بأهله من أهل الصفوة والطهارة(٢) ؟ فإنهم وشيج الانبياء وموضع نهلهم(٣) فلما كان

__________________

(١) في بعض النسخ [ فأين تعدينا على من هذه صفته ].

(٢) في بعض النسخ [ أم بالقلة من أهل الصفوة والطهارة ].

(٣) الوشيج هو ما التف من الشجر والوشيجة: عرق الشجرة وليف يفتل ثم يشد به ما يحمل والوشيج جمع وشيجة ووشجت العروق والاغصان: اشتبكت وفى القاموس الوشيج: اشتباك القرابة والواشجة: الرحم المشتبكة.

١١٦

من غد غدا النبىصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بيمينه علي وبيساره الحسن والحسينعليهما‌السلام ومن ورائهم فاطمة صلى الله عليها، عليهم النمار النجرانية(١) وعلى كتف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كساء قطواني رقيق خشن ليس بكثيف ولا لين،(٢) فأمر بشجرتين فكسح ما بينهما(٣) ونشر الكساء عليهما وأدخلهم تحت الكساء وأدخل منكبه الايسر معهم تحت الكساء، معتمدا على قوسه النبع(٤) ورفع يده اليمنى إلى السماء للمباهلة واشرأب الناس ينظرون واصفر لون السيد والعاقب وكرا حتى كاد أن يطيش عقولهما، فقال أحدهما لصاحبه: أنباهله؟ قال: أوما علمت أنه ما باهل قوم قط نبيا فنشأ صغيرهم [ أ ] وبقي كبيرهم ولكن أره أنك غير مكترث وأعطه من المال والسلاح ما أراد، فإن الرجل محارب وقل له: أبهؤلاء تباهلنا لئلا يرى أنه قد تقدمت معرفتنا بفضله وفضل أهل بيته، فلما رفع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يده إلى السماء للمباهلة قال: أحدهما لصاحبه: وأي رهبانية؟ ! دارك الرجل، فإنه إن فاه ببهلة لم نرجع إلى أهل ولا مال، فقالا: يا أبا القاسم أبهؤلاء تباهلنا؟ قال: نعم، هؤلاء أوجه من على وجه الارض بعدي إلى الله عزوجل وجهة وأقربهم إليه وسيلة، قال: فبصبصا(٥) يعني ارتعدوا وكرا وقالا له: يا أبا القاسم نعطيك ألف سيف وألف درع وألف حجفة وألف دينار كل عام على أن الدرع والسيف والحجفة عندك إعارة حتى يأتي من وراء‌نا من قومنا فنعلمهم بالذي رأينا و شاهدنا فيكون الامر على ملاء منهم فإما الاسلام وإما الجزية وإما المقاطعة في كل عام، فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : قد قبلت ذلك منكما أما والذي بعثني بالكرامة لو باهلتموني بمن تحت الكساء لاضرم الله عزوجل عليكم الوادي نارا تأجج حتى يساقها إلى من وراء‌كم في أسرع من طرفة العين فأحرقتم تأججا، فهبط عليه جبرئيل الروح الامينعليه‌السلام فقال:

يا محمد الله يقرئك السلام ويقول لك: وعزتي وجلالي وارتفاع مكاني لو باهلت بمن تحت الكساء أهل السماوات وأهل الارض لساقطت السماء كسفا متهافتة ولتقطعت الارضون زبرا سائحة فلم

__________________

(١) النمرة - كفرحة -: الحبرة، وشملة فيها خطوط بيض وسود. (القاموس).

(٢) القطوان - بالتحريك وآخره نون موضع بالكوفة منه الاكسية. وفى بعض النسخ [ قرطف ] وفى القاموس القرطف - كجعفر -: القطيفة. وفى بعضها [ قرطق ] بالقافين وفى القاموس: القرطق - كجندب -: ليس معروف، معرب كرته.

(٣) كسح البيت: كنسه والشئ قطعه وأذهبه.

(٤) النبع - بتقديم النون على الباء الموحدة -: شجر للقسى وللسهام. (القاموس)

(٥) في اللغة: بصبص الكلب أى أدخل ذنبه بين رجليه، وبصبص فلان: تملق.

١١٧

تستقر عليها بعد ذلك، فرفع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يديه حتى رئي بياض إبطيه، ثم قال: وعلى من ظلمكم حقكم وبخسني الاجر الذي افترضه الله فيكم عليهم بهلة الله تتابع إلى يوم القيامة(١) .

حدثني محمد بن علي بن شاذان وقال: حدثنا أحمد بن يحيى النحوي أبوالعباس ثعلب قال: حدثنا أحمد بن سهل أبوعبدالرحمن قال: حدثنا يحيى بن محمد بن إسحاق بن موسى قال: حدثنا أحمد بن قتيبة أبوبكر، عن عبدالحكم القتيبي، عن أبي كيسة ويزيد بن رومان قالا: لما اجتمعت عائشة على الخروج إلى البصرة أتت ام سلمة رضي الله عنها وكانت بمكة فقالت: يا بنت أبي امية كنت كبيرة امهات المؤمنين وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقمؤ(٢) في بيتك، وكان يقسم لنا في بيتك، وكان ينزل الوحي في بيتك، قالت لها: يا بنت أبي بكر لقد زرتني وما كنت زوارة ولامر ما تقولين هذه المقالة؟ قالت: إن ابني وابن أخي أخبراني أن الرجل(٣) قتل مظلوما وأن بالبصرة مائة ألف سيف يطاعون، فهل لك أن أخرج أنا وأنت لعل الله أن يصلح بين فئتين مشاجرتين؟ فقالت: يا بنت أبي بكر أبدم عثمان تطلبين؟ فلقد كنت أشد الناس عليه وأن كنت لتدعينه بالتبري أم أمر ابن أبي طالب تنقضين فقد تابعه المهاجرون والانصار، إنك سدة بين رسول اللهعليه‌السلام وبين امته وحجابة مضروبة على حرمه، وقد جمع القرآن ذيلك فلا تبذخيه(٤) ، وسكني عقيراك فلا تضحى بها،

__________________

(١) أخرجه رضى الدين احمد بن ابى القاسم بن سعد الدين سيد بن طاووس في كتابه سعد السعود ص ٩١ عن كتاب تأويل ما انزل من القرآن الكريم في النبىصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تأليف ابى عبدالله محمد ابن العباس المعروف بالحجام بهذا السند أيضا.

(٢) في النهاية فيه أنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يقمؤ إلى منزل عائشة كثيرا. أى يدخل.

(٣) اريد به عثمان بن عفان.

(٤) البذخ - من باب تعب -: التكبر والفخر والعلو وباذخه فاخره وما يأتى من المؤلف من أنه بمعنى النفخ ليس في كتب اللغة ولعله استعمل في الاصل بهذا المعنى ثم استعمل في الكبر تجوزا ثم صار حقيقة فيه كما أشار اليه المجلسى. وفى رواية ابن أبى الحديد في شرح النهج " فلا تندحيه "وقال في شرحه: اى لا تفتحيه ولا توسيعه بالحركة والخروج، يقال: ندحت الشئ اذا وسعته، ومنه يقال: فلان في مندوحة عن كذا أى في وسعة. تريد قول الله تعالى: " وقرن في بيوتكن " في سورة الاحزاب: ٣٣. وفى بعض النسخ [ تبدحيه ] بالباء فأنه من البداح وهو المتسع من الارض. و عقيراك من عقر الدار وهو أصلها. وقولها: " وسكنى عقيراك فلا تضحى بها " في شرح النهج ومعانى الاخبار واحتجاج الطبرسى " وسكن عقيراك فلا تصحريها " أى لا تبرزيها، أو لا تجعليها بالصحراء وهو الاظهر.

١١٨

الله من وراء هذه الامة، قد علم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مكانك ولو أراد أن يعهد إليك فعل، قد نهاك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن الفراطة في البلاد(١) ، إن عمود الاسلام لا ترأبه النساء إن انثلم، ولا يشعب بهن إن انصدع(٢) حماديات النساء غض بالاطراف، وقصر الوهادة(٣) وما كنت قائله لو أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عرض لك ببعض الفلوات وأنت ناصة قلوصا من منهل إلى آخر، إن بعين الله مهواك وعلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تردين قد وجهت سدافته وتركت عهيداه،(٤)

__________________

(١) الفراطة في البلاد، السعى والذهاب كما يأتى معناه من المؤلف وفى شرح النهج والمعانى والاحتجاج " الفرطة " وقال ابن أبى الحديد: الفرطة في البلاد: اى عن السفر والشخوص من الفرط وهو السبق والتقدم، ورجل فارط أتى الماء أى سابق.

(٢) قولها: " عمود الاسلام لا ترأبه النساء ان انثلم " يعنى لا تصلحه اذا انشق وانصدع. و في شرح النهج " عمود الاسلام لا يثأب بالنساء ان مال ولا يرأب بهن ان صدع ".

وفى رواية المؤلف في كتاب الجمل " عمود الاسلام لا يقام بالنساء ان انثلم ولا يشعب بهن ان انصدع ".

(٣) كذا لكن الصحيح كما في شرح النهج " وحماديات النساء غض الاطراف وخفر الاعراض وقصر الوهازة " وفى معانى الاخبار " حماديات النساء غض الابصار وخفر الاعراض وقصر الوهازة ".وفى كتاب الجمل " غض الاطراف وخفر الاعطاف وقصر الوهادة وضم الذيول " وفى الاحتجاج " غض الاطراف وضم الذيول والاعطاف " وقال ابن أبي الحديد: غض الاطراف: جمعها.وقولها " خفر الاعراض " الخفر: الحياء والاعراض جمع عرض وهو الجسد، يقال: فلان طيب العرض أى طيب ريح البدن. وقال: ومن رواه الاعراض - بكسر الهمزة - جعله مصدرا من أعراض عن كذا.وقولها: " قصر الوهازة " قال ابن قتيبة: سألت عن هذا فقال لى من سألته: سألت عنه أعرابيا فصيحا فقال: الوهازة الخطوة. والوهادة يأتى معناها من المؤلف لكن لا مناسبة لها بسياق الكلام وإن كان في لسان العرب.

(٤) قال ابن ابى الحديد: ناصة قلوصا أى رافعة لها في السير. والنص: الرفع ومنه يقال: حديث منصوص أى مرفوع. والقلوص من النوق: الشابة وهى بمنزلة الفتاة من النساء.والمنهل: الماء ترده الابل.قولها: " إن بعين الله مهواك " أى ان الله يرى سيرك وحركتك.والهوى: الانحدار في السير من النجد إلى الغور.قولها: " وعلى رسوله تردين " أى تقدمين في القيامة.قولها: " وجهت سدافته " السدافة: الحجاب والستر، هى من أسدف الليل اذا ستر بظلمته كانها أرخى ستورا من الظلام، ويروى بفتح السين. و "وجهت " أى نظمتها بالخرز والوجيهة: خرزة معروفة وعادت العرب ان تنضم على المحمل خرزات اذا كان للنساء. قولها: " وتركت عهيداه " لفظة مصغرة مأخوذة من العهد مشابهة لما سلف من قولها: عقيراك. انتهى.وفى النهاية في حديث ام سلمة لعائشة " وتركت عهيداه " العهيدى - بالتشديد والقصر - فعيلى من العهد كالجهيدى من الجهد والعجيلى من العجلة.

١١٩

اقسم بالله لو سرت مسيرك هذا ثم قيل لي: ادخلي الفردوس لاستحييت أن ألقى محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هاتكة حجابا قد ضربه علي، اجعلي حصنك بيتك وقاعة الستر(١) قبرك حتى تلقيه وأنت على ذلك أطوع، ثم قالت: لو ذكرتك من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خمسا في علي صلوات الله عليه لنهشتني نهش الحية الرقشاء المطرقة ذات الحبب(٢) أتذكرين إذ كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقرع بين نسائه إذا أراد سفرا فأقرع بينهن فخرج سهمى وسهمك فبينا نحن معه وهو هابط من قديد(٣) ومعه عليعليه‌السلام ويحدثه فذهبت لتهجمي عليه فقلت لك: رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم معه ابن عمه ولعل له إليه حاجة فعصيتني ورجعت باكية فسألتك، فقلت: بأنك هجمت عليها فقلت له: يا علي إنما لي من رسول الله يوم من تسعة أيام وقد شغلته عني فأخبرتني أنه قال لك: أتبغضيه فما يبغضه أحد من أهلي ولا من امتي إلا خرج من الايمان أتذكرين هذا يا عائشة؟ قالت: نعم.

ويوم أراد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سفرا وأنا أجش له جشيشا(٤) فقال: ليت شعري أيتكن

__________________

(١) " قاعة الستر " يأتي معناها من المؤلف.

(٢) الحية الرقشاء: الافعى التى في ظهرها خطوط ونقط وتوصف بالاطراق كما يوصف به الاسد والنمر والرجل الشجاع.وذلك لان الحية تقع على الذكر والانثى كما قاله الجزرى ولعله كناية عن سمها او استغفالها وأخذها دفعة كما قاله المجلسىرحمه‌الله .والحبب تنضد الاسنان وفى بعض النسخ [ ذات الخبب ] ولعله تصحيف.

(٣) القديد - كزبير - اسم موضع قرب مكة. (مراصد الاطلاع).

(٤) جشه: دقه وكسره كأجشه. وبالعصا: ضربه بها، والجشيش: السويق وحنطة تطحن جليلا فتجعل في قدر ويلقى فيه لحم أو تمر فيطبخ. (القاموس)

١٢٠