الاختصاص

الاختصاص0%

الاختصاص مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 372

الاختصاص

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: أبي عبد الله محمد بن محمد بن النعمان العكبرى البغدادى (الشيخ المفيد)
تصنيف: الصفحات: 372
المشاهدات: 97726
تحميل: 7169

توضيحات:

الاختصاص
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 372 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 97726 / تحميل: 7169
الحجم الحجم الحجم
الاختصاص

الاختصاص

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

خالفه منا، فقد كفر بمتابعته إيانا وطاعته في الخطأ لنا وأحل لنا بذلك قتله وسفك دمه فتجمعوا على ذلك من حالهم وخرجوا راكبين رؤوسهم ينادون بأعلى أصواتهم: لا حكم إلا لله، ثم تفرقوا فرقا فرقا، فرقة بالنخيلة وفرقة بحروراء واخرى راكبة رأسها تخبط الارض شرقا حتى عبرت دجلة فلم تمر بمسلم إلا امتحنته فمن بايعها استحيت ومن خالفها قتلت، فخرجت إلى الاوليين واحدة بعد اخرى، أدعوهم إلى طاعة الله ومتابعة الحق والرجوع إليه، فأبيا إلا السيف لا يقنعهما غيره، فلما أعيت الحيلة فيهما حاكمتهما إلى الله عزوجل، فقتل الله هذه وهذه، وكانوا يا أخا اليهود لولا ما فعلوا ركنا لي قويا وسدا منيعا، فأبى الله إلا ما صاروا إليه، ثم كتبت إلى الفرقة الثالثة ووجهت رسلي تترى وكانوا من أجلة أصحابي وأهل التعبد منهم والزهد في الدنيا.

فأبت إلا اتباع اختيها والاحتذاء على مثالهما وأسرعت في قتل من خالفها من المسلمين وتتابعت إلي الاخبار بفعلها - فخرجت حتى قطعت إليهم دجلة واوجه السفراء النصحاء وأطلب العتبى بجهدي بهذا مرة وبهذا مرة - وأومأ بيده إلى الاشتر والاحنف بن قيس أو سعيد بن قيس الكندي - فلما أبوا إلا تلك ركبتها منهم فقتلهم الله يا أخا اليهود عن آخرهم وهم أربعة آلاف ويزيدون حتى لم يفلتني منهم مخبر فاستخرجت ذا الثدية من قتلاهم بحضرة من يرى، له ثدي كثدي المرأة.

ثم التفت إلى أصحابه، فقال: أليس كذلك؟ قالوا: بلى يا أمير المؤمنين.

قال: قد وفيتك سبعا وسبعا يا أخا اليهود وبقيت الاخرى وأوشك بها وكان قد قربت، قال: فبكي أصحاب علي صلوات الله عليه وبكى رأس اليهود وقالوا: يا أمير المؤمنين أخبرنا بالاخرى، فقال: الاخرى أن تخضب هذه - وأومأ بيده إلى لحيته - من هذه - وأومأ إلى هامته - قال: فارتفعت أصوات الناس في المسجد الجامع بضجة البكاء حتى لم يبق بالكوفة دار إلا خرج أهلها فزعا وأسلم رأس اليهود على يدي أمير المؤمنينعليه‌السلام من ساعته ولم يزل مقيما حتى قتل أمير المؤمنين صلوات الله عليه، فلما قتل واخذ ابن ملجم لعنه الله أقبل رأس اليهود حتى وقف على الحسنعليه‌السلام والناس حوله وابن ملجم بين يديه وقال: يا أبا محمد اقتله اقتله الله، فإني قرأت في الكتب التي انزلت على موسى بن عمران أن هذا أعظم عند الله جرما من ابن آدم قاتل أخيه ومن قدار عاقر ناقة ثمود.

١٨١

- تم الخبر -(١) أبومحمد، عن صباح المزني، عن الحارث بن حصيرة، عن الاصبغ بن نباتة أنه قال: كنا مع أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام يوم الجمعة في المسجد بعد العصر إذ أقبل رجل طوال كأنه بدوي فسلم عليه، فقال له عليعليه‌السلام : ما فعل جنيك الذي كان يأتيك؟ قال: إنه ليأتيني إلى أن وقفت بين يديك يا أمير المؤمنين، قال عليعليه‌السلام : فحدث القوم بما كان منه، فجلس وسمعنا له، فقال: إني لراقد باليمن قبل أن يبعث الله نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فإذا جني أتاني نصف الليل، فرفسني برجله(٢) وقال: اجلس، فجلست ذعرا، فقال: اسمع، قلت: وما أسمع؟ قال:

عجبت للجن وأبلاسها

وركبها العيس بأحلاسها(٣)

تهوي إلى مكة تبغي الهدى

ما طاهر الجن كأنجاسها

فارحل إلى الصفوة من هاشم

وارم بعينيك إلى رأسها(٤)

قال: فقلت: والله لقد حدث في ولد هاشم شئ أو يحدث وما أفصح لي وإني لارجو أن يفصح لي، فأرقت ليلتي وأصبحت كئيبا، فلما كان من القابلة أتاني نصف الليل وأنا راقد فرفسني برجله وقال: اجلس، فجلست ذعرا، فقال: اسمع، فقلت: وما أسمع؟ قال:

عجبت للجن وأخبارها

وركبها العيس بأكوارها(٥)

تهوي إلى مكة تبغي الهدى

ما مؤمنوا الجن ككفارها

فارحل إلى الصفوة من هاشم

بين رواسيها وأحجارها

فقلت: والله لقد حدث في ولد هاشم شئ أو يحدث وما أفصح لي وإني لارجو أن يفصح لي، فأرقت ليلتي وأصبحت كئيبا، فلما كان من القابلة أتاني نصف الليل وأنا راقد، فرفسني برجله وقال: اجلس، فجلست وأنا ذعر، فقال: اسمع، قلت: وما أسمع؟ قال:

__________________

(١) رواه الصدوقرحمه‌الله في كتاب الخصال أبواب السبعة ونقله المجلسىقدس‌سره في البحار ج ٩ ص ٣٠٠ إلى ص ٣٠٥.

(٢) رفسه رفسا ورفاسا: ضربه في صدره.

(٣) العيس - بالكسر -: الابل البيض يخالط بياضها شئ من الشقرة. والاحلاس جمع حلس وهو كساء يطرح على ظهر البعير.

(٤) " إلى رأسها " الضمير راجع إلى القبيلة.

(٥) الاكوار جمع الكور - بالضم - وهو الرجل بأداته.

١٨٢

عجبت للجن وألبابها

وركبها العيس بأقتابها

تهوي إلى مكة تبغي الهدى

ما صادقوا الجن ككذابها

فارحل إلى الصفوة من هاشم

أحمد إذ هو خير أربابها

قلت: قد والله أفصحت، فأين هو؟ قال: ظهر بمكة يدعو إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، فأصبحت ورحلت ناقتي ووجهتها قبل مكة، فأول ما دخلتها لقيت أبا سفيان - وكان شيخا ضالا - فسلمت عليه وسألته عن الحي، فقال: والله إنهم مخصبون(١) إلا أن يتيم أبي طالب قد أفسد علينا ديننا، قلت: وما اسمه؟ قال: محمد أحمد(٢) ، قلت: وأين هو؟ قال: تزوج بخديجة ابن خويلد فهو عليها نازل، فأخذت بخطام ناقتي ثم انتهيت إلى بابها فعقلت ناقتي ثم ضربت الباب، فأجابتني: من هذا؟ فقلت: أنا أردت محمدا، فقالت: اذهب إلى عملك ما تذرون محمدا يأويه ظل بيت قد طردتموه وهربتموه وحصنتموه، اذهب إلى عملك، قلت: رحمك الله إني رجل أقبلت من اليمن وعسى الله أن يكون قد من علي به فلا تحرميني النظر إليه وكان رحيماصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - فسمعته يقول: يا خديجة افتحي الباب، ففتحت فدخلت فرأيت النور في وجهه ساطعا نور في نور، ثم درت خلفه فإذا أنا بخاتم النبوة مختوم على كتفه الايمن فقبلته، ثم قمت بين يديه وأنشأت أقول:

أتاني بجني بعد هدو ورقدة

ولم يك فيما قد تلوت بكاذب(٣)

ثلاث ليال قوله كل ليلة

أتاك رسول من لؤي بن غالب

فشمرت من ذيلي الازار ووسطت

بي الذعلب الوجناء بين السباسب(٤)

فمرنا بما يأتيك يا خير قادر

وإن كان فيما جا تشيب الذوائب(٥)

وأشهد أن الله لا شئ غيره

وأنك مأمور على كل غائب

وأنك أدنى المرسلين وسيلة

إلى الله يا ابن الاكرمين الاطائب

وكن لي شفيعا يوم لا ذو شفاعة

إلى الله يغني عن سواد بن قارب

__________________

(١) أى أنهم في رغد العيش.

(٢) كذا.

(٣) الهدو: السكون. وفى بعض النسخ [ فيما بلوت ].

(٤) الذعلب: الناقة القوية. والوجناء: الناقة الصلبة. والسباسب جمع سبسب وهو الارض البعيدة المستوية.

(٥) الذوائب جمع الذؤابة: الناصية وهى شعر في مقدم الرأس والمعنى إنا صدقناك وآمنا بما يأنيك من الوحى وان كان فيه شدائد تشيب منه الذوائب. و " جا " مخفف " جاء ".

١٨٣

- وكان اسم الرجل سواد بن قارب - فرجعت(١) والله مؤمنا بهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ثم خرج إلى صفين فاستشهد مع أمير المؤمنينعليه‌السلام .(٢)

حديث فدك

أبومحمد، عن عبدالله بن سنان، عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: لما قبض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وجلس أبوبكر مجلسه بعث إلى وكيل فاطمة صلوات الله عليها فأخرجه من فدك فأتته فاطمةعليها‌السلام فقالت: يا أبا بكر ادعيت أنك خليفة أبي وجلست مجلسه وأنك بعثت إلى وكيلي فأخرجته من فدك وقد تعلم أن رسول الله اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صدق بها علي وأن لي بذلك شهودا، فقال لها: إن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا يورث فرجعت إلى عليعليه‌السلام فأخبرته، فقال: ارجعي إليه وقولي له: زعمت أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا يورث وورث سليمان داود وورث يحيى زكريا وكيف لا أرث أنا أبي؟ فقال عمر: أنت معلمة، قالت: وإن كنت معلمة فإنما علمني ابن عمي و بعلي، فقال أبوبكر: فإن عائشة تشهد وعمر أنهما سمعا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو يقول إن النبي لا يورث، فقالت: هذا أول شهادة زور شهدا بها في الاسلام، ثم قالت: فإن فدك إنما هي صدق بها علي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولي بذلك بينة فقال لها: هلمي ببينتك قال: فجاء‌ت بام أيمن وعليعليه‌السلام ، فقال أبوبكر: يا ام أيمن إنك سمعت من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول في فاطمة؟ فقالا: سمعنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: إن فاطمة سيدة نساء أهل الجنة، ثم قالت ام أيمن: فمن كانت سيدة نساء أهل الجنة تدعي ما ليس لها؟ وأنا امرأة من أهل الجنة ما كنت لاشهد إلا بما سمعت(٣) من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقال عمر: دعينا يا ام أيمن من هذه القصص، بأي شئ تشهدان؟ فقالت: كنت جالسة في بيت فاطمةعليها‌السلام

__________________

(١) في بعض النسخ [ فرحت ].

(٢) نقله المجلسىرحمه‌الله في البحار ج ٦ ص ٣٢٠ وج ١٤ ص ٥٩٢ من الاختصاص.

(٣) في بعض النسخ [ ما كنت لاشهد بمالم أكن سمعت ].

١٨٤

ورسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جالس حتى نزل عليه جبرئيل فقال: يا محمد قم فإن الله تبارك وتعالى أمرني أن أخط لك فدكا بجناحي، فقام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مع جبرئيلعليه‌السلام فما لبثت أن رجع فقالت فاطمةعليها‌السلام : يا أبه أين ذهبت؟ فقال: خط جبرئيلعليه‌السلام لي فدكا بجناحه وحد لي حدودها، فقالت يا أبه إني أخاف العيلة والحاجة من بعدك فصدق بها علي، فقال: هي صدقة عليك فقبضتها قالت: نعم، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا ام أيمن اشهدي ويا علي اشهد، فقال عمر: أنت امرأة ولا نجيز شهادة امرأة وحدها، وأما علي فيجر إلى نفسه، قال: فقامت مغضبة وقالت: اللهم إنهما ظلما ابنة محمد نبيك حقها فاشدد وطأتك عليهما، ثم خرجت وحملها علي على أتان عليه كساء له خمل، فدار بها أربعين صباحا في بيوت المهاجرين والانصار والحسن والحسينعليهما‌السلام معها وهي تقول: يا معشر المهاجرين والانصار انصروا الله فإني ابنة نبيكم وقد بايعتم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم بايعتموه أن تمنعوه وذريته مما تمنعون منه أنفسكم وذراريكم ففوا لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ببيعتكم، قال: فما أعانها أحد ولا أجابها ولا نصرها، قال: فانتهت إلى معاذ بن جبل فقالت: يا معاذ بن جبل إني قد جئتك مستنصرة وقد بايعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على أن تنصره وذريته وتمنعه مما تمنع منه نفسك وذريتك وأن أبا بكر قد غصبني على فدك وأخرج وكيلي منها قال: فمعي غيري؟ قالت: لا ما أجابني أحد، قال: فأين أبلغ أنا من نصرتك؟ قال: فخرجت من عنده ودخل ابنه(١) فقال: ما جاء بابنة محمد إليك، قال: جاء‌ت تطلب نصرتي على أبي بكر فإنه أخذ منها فدكا، قال: فما أجبتها به؟ قال: قلت: وما يبلغ من نصرتي أنا وحدي؟ قال: فأبيت أن تنصرها؟ قال: نعم، قال: فأي شئ قالت لك؟ قال: قالت لي: والله لانازعنك الفصيح من رأسي حتى أرد على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٢) ، قال: فقال: أنا والله لانازعنك الفصيح من رأسي حتى أرد على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذ لم تجب ابنة محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قال: وخرجت فاطمةعليها‌السلام من عنده وهي تقول: والله لا اكلمك كلمة حتى اجتمع أنا وأنت عند

__________________

(١) يعنى ابن معاذ وهو غير سعد لانه توفى في حياة النبىصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

(٢) في بعض النسخ [ لانازعنك الفصيح حتى أرد ] وهكذا في البحار وقال العلامة المجلسى رحمه الله: أى لانازعنك بما يفصح عن المراد اى بكلمة من رأسى فان محل الكلام في الرأس.أو المراد بالفصيح اللسان.

١٨٥

رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثم انصرفت، فقال عليعليه‌السلام لها: ائت أبا بكر وحده فإنه أرق من الآخر وقولي له: ادعيت مجلس أبي وأنك خليفته وجلست ومجلسه ولو كانت فدك لك ثم استوهبتها منك لوجب ردها علي فلما أتته وقالت له ذلك، قال: صدقت، قال: فدعا بكتاب فكتبه لها برد فدك، فقال: فخرجت والكتاب معها، فلقيها عمر فقال: يا بنت محمد ما هذا الكتاب الذي معك، فقالت: كتاب كتب لي أبوبكر برد فدك، فقال: هلميه إلي، فأبت أن تدفعه إليه، فرفسها برجله وكانت حاملة بابن اسمه المحسن فأسقطت المحسن من بطنها ثم لطمها فكأني أنظر إلى قرط في اذنها حين نقفت(١) ثم أخذ الكتاب فخرقه فمضت ومكثت خمسة وسبعين يوما مريضة مما ضربها عمر، ثم قبضت فلما حضرته الوفاة دعت عليا صلوات الله عليه فقالت: إما تضمن وإلا أوصيت إلى ابن الزبير فقال عليعليه‌السلام : أنا أضمن وصيتك يا بنت محمد، قالت: سألتك بحق رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا أنا مت ألا يشهداني ولا يصليا علي، قال: فلك ذلك، فلما قبضتعليها‌السلام دفنها ليلا في بيتها وأصبح أهل المدينة يريدون حضور جنازتها وأبوبكر وعمر كذلك، فخرج إليهما عليعليه‌السلام فقالا له: ما فعلت بابنة محمد أخذت في جهازها يا أبا الحسن؟ فقال عليعليه‌السلام : قد والله دفنتها، قالا: فما حملك على أن دفنتها ولم تعلمنا بموتها؟ قال: هي أمرتني، فقال عمر: والله لقد هممت بنبشها والصلاة عليها، فقال عليعليه‌السلام : أما والله ما دام قلبي بين جوانحي وذو الفقار في يدي، إنك لا تصل إلى نبشها فأنت أعلم، فقال أبوبكر: اذهب فانه أحق بها منا وانصرف الناس - تم الخبر -.(٢)

حديث سقيفة بنى ساعدة

أبومحمد، عن عمرو بن أبي المقدام، عن أبيه، عن جده قال: ما أتاني على عليعليه‌السلام يوم قط أعظم من يومين أتياه، فأما أول يوم فاليوم الذي قبض فيه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأما اليوم الثاني فوالله إني لجالس في سقيفة بني ساعدة عن يمين أبي بكر والناس يبايعونه إذ قال له عمر: يا هذا لم تصنع شيئا مالم يبايعك علي فابعث إليه حتى يأتيك فيبايعك، قال: فبعث قنفذا، فقال له:

__________________

(١) " نقفت " على بناء المجهول أى كسر من لطم عمر.

(٢) نقله المجلسى في المجلد الثامن من البحار ص ١٠٣ من الاختصاص.

١٨٦

أجب خليفة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قال عليعليه‌السلام : لاسرع ماكذبتم على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما خلف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أحدا غيري، فرجع قنفذ وأخبر أبا بكر بمقالة عليعليه‌السلام فقال أبوبكر: انطلق إليه فقل له: يدعوك أبوبكر ويقول: تعال حتى تبايع فإنما أنت رجل من المسلمين، فقال عليعليه‌السلام : أمرني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن لا أخرج بعده من بيتي حتى اؤلف الكتاب فإنه في جرائد النخل وأكتاف الابل فأتاه قنفذ وأخبره بمقالة عليعليه‌السلام ، فقال عمر: قم إلى الرجل، فقام أبوبكر وعمر وعثمان وخالد ابن الوليد والمغيرة بن شعبة وأبوعبيدة بن الجراح وسالم مولى أبي حذيفة وقمت معهم و ظنت فاطمةعليها‌السلام أنه لا تدخل بيتها إلا بإذنها، فأجافت الباب(١) وأغلقته، فلما انتهوا إلى الباب ضرب عمر الباب برجله فكسره - وكان من سعف - فدخلوا على عليعليه‌السلام و أخرجوه ملببا.(٢) فخرجت فاطمةعليها‌السلام فقالت: يا أبا بكر وعمر تريدان أن ترملاني(٣) من زوجي والله لئن لم تكفا عنه لانشرن شعري ولاشقن جيبي ولآتين قبر أبي ولاصيحن إلى ربي، فخرجت وأخذ بيد الحسن والحسينعليهما‌السلام متوجهة إلى القبر فقال عليعليه‌السلام لسلمان: يا سلمان أدرك ابنة محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فإني أرى جنبتي المدينة تكفئان، فوالله لئن فعلت لا يناظر بالمدينة أن يخسف بها وبمن فيها، قال: فلحقها سلمان فقال: يا بنت محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إن الله تبارك وتعالى إنما بعث أباك رحمة فانصرفي، فقالت: يا سلمان ما علي صبر فدعني حتى آتي قبر أبي، فأصيح إلى ربي، قال سلمان: فإن عليا بعثني إليك وأمرك بالرجوع فقالت: أسمع له وأطيع فرجعت، وأخرجوا عليا ملببا قال: وأقبل الزبير مخترطا سيفه(٤) وهو يقول: يا معشر بني عبدالمطلب أيفعل هذا بعلي وأنتم أحياء وشد على عمر ليضربه بالسيف فرماه خالد بن الوليد بصخرة فأصابت قفاه وسقط السيف من يده فأخذه عمر وضربه على صخرة فانكسر ومر عليعليه‌السلام على قبر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال: " يا ابن ام إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني " واتي بعليعليه‌السلام إلى السقيفة إلى مجلس أبي بكر، فقال له عمر: بايع، قال: فإن لم أفعل فمه؟ قال: إذا والله نضرب عنقك، قال عليعليه‌السلام :

__________________

(١) أجاف الباب: رده.

(٢) لبب فلانا: أخذه بتلبيبه وجره.

(٣) الارملة: المرأة التى ليس لها زوج ورملت المرأة من زوجها صارت أرملة ولم يذكر في اللغة أرمل ورمل متعديا. وفى بعض النسخ [ تريدان أن تزيلاني من زوجي ].

(٤) أى أخرج سيفه.

١٨٧

إذا والله أكون عبدالله وأخي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المقتول، فقال عمر: أما عبدالله المقتول فنعم وأما أخا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فلا - حتى قالها ثلاثا - وأقبل العباس فقال: يا أبا بكر ارفقوا بابن أخي، فلك علي أن يبايعك فأخذ العباس بيد عليعليه‌السلام فمسحها على يدي أبي بكر وخلوا عليا مغضبا فرفع رأسه إلى السماء، ثم قال: اللهم إنك تعلم أن النبي الامي -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - قال لي: إن تموا عشرين فجاهدهم، وهو قولك في كتابك: " فإن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين " اللهم إنهم لم يتموا - حتى قالها ثلاثا - ثم انصرف.(١) عن بعض الهاشميين رفع الحديث إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن أعرابيا أتاه فقال: يا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أيدالك الرجل امرأته؟ قال: نعم إذا كان ملفجا،(٢) فقال: يا رسول الله من أدبك؟ قال: الله أدبني وأنا أفصح العرب ميد أني من قريش وربيت في حجر من هوازن بني سعد بن بكر، ونشأت سحابة فقالوا: هذه سحابة قد أظلتنا، فقال: كيف ترون قواعدها؟ فقالوا: ما أحسنها وأشد تمكنها، قال: وكيف ترون رحاها؟ فقالوا: ما أحسنها وأشد استدارتها، قال: وكيف ترون البرق فيها وميضا، أم خفوا، أم بواسقها(٣) فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : قد جاء‌كم الحيا(٤) ، فقالوا: يا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما رأينا أفصح منك، قال: وما يمنعني وأنا أفصح العرب وأنزل الله القرآن بلغتي وهي أفضل اللغات بيد أني ربيت في بني سعد بن بكر.(٥) " قواعدها " يريد أسافلها المعترضة في آفاق السماء و " بواسقها " المستطيلة في وسط السماء إلى الافق الآخر.

__________________

(١) روى نحوه ابوالنضر العياشى في تفسيره ونقله المجلسى في البحار ج ٨ ص ٤٤.

(٢) " يدالك " أى أيماطل، قال الجزرى: " في حديث الحسن " وسئل أيدالك الرجل امرأته؟ قال: نعم اذا كان ملفجا. المدالكة المماطلة يعني مطله إياه بالمهر اذا كان فقيرا. والملفج - بكسر الفاء أيضا -: الذي أفلس وغلبه الدين.

(٣) في بعض النسخ مكان " ام بواسقها " [ أم يشق شقا ].

(٤) قال الجزرى: الحيا مقصورا المطر لاحيائه الارض وقيل: الخصب وما يحيا به الناس.

(٥) روى الصدوق مثله في معانى الاخبار مسندا مع بيانه على ما نقله المجلسى في البحار ج ٦ ص ٢٣٠.

١٨٨

وخفو البرق: اعتراضه في نواحي الغيم.

والوميض: أن تلمع قليلا ثم تسكن.

وشق البرق: استطالته في السماء ومعظمه.

ورحى القوم: سيدها ورحى الارض: معظمها.(١) و " بيد " و " ميد " لغتان وفيه ثلاث لغات في معنى سوى أني من قريش وإلا أني من قريش. وفي معنى غير أني من قريش.

وروي عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه أنه قال: المفتخر بنفسه أشرف من المفتخر بأبيه لاني أشرف من أبي والنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أشرف من ابيه وإبراهيم أشرف من تارخ.

قيل: وبم الافتخار؟ قال: بإحدى ثلاث: مال ظاهر.

أو أدب بارع أو صناعة لا يستحيي المرء منها.

قيل لامير المؤمنين علي صلوات الله عليه: كيف أصبحت يا أمير المؤمنين؟ قال صلوات الله عليه: أصبحت آكل رزقي وأنتظر أجلي، قيل له: فما تقول في الدنيا؟ قالعليه‌السلام : فما أقول في دار أولها غم وآخرها الموت، من استغنى فيها افتقر ومن افتقر فيها حزن، في حلالها حساب وفي حرامها النار.

قيل: فمن أغبط الناس؟ قالعليه‌السلام : جسد تحت التراب قد أمن من العقاب و يرجو الثواب.

وقالعليه‌السلام : من زار أخاه المسلم في الله ناداه الله عز وجل أيها الزائر طبت وطابت لك الجنة.

وقالعليه‌السلام : ما قضى مسلم لمسلم حاجة إلا ناداه الله عزوجل علي ثوابك ولا أرضي لك بدون الجنة.

وقالعليه‌السلام : ثلاثة يضحك الله إليهم يوم القيامة: رجل يكون على فراشه ومعه زوجته وهو يحبها فيتوضأ ويدخل المسجد فيصلي ويناجي ربه.

ورجل أصابته جنابة، فلم يصب ماء فقام إلى الثلج فكسره، ثم دخل فيه واغتسل.

ورجل لقى عدوا وهو مع أصحابه فجاء‌هم مقاتل فقاتل حتى قتل.

وقالعليه‌السلام : التعزية تورث الجنة.

__________________

(١) قال الجزرى: " في حديث صفة السحاب " كيف ترون رحاها أى استدارتها أو ما استدار منها.

١٨٩

وقالعليه‌السلام : إذا حملت بجوانب سرير الميت خرجت من الذنوب كما ولدتك أمك.

وقالعليه‌السلام : من اشترى لعياله لحما بدرهم كان كمن أعتق نسمة من ولد إسماعيل.

وقالعليه‌السلام : من شرب من سؤر أخيه تبركا به خلق الله بينهما ملكا يستغفر لهما حتى تقوم الساعة.

وقالعليه‌السلام : في سؤر المؤمن شفاء من سبعين داء.(١)

مناظرة أبى حنيفة مع أبى عبداللهعليه‌السلام

محمد بن عبيد، عن حماد، عن محمد بن مسلم قال: دخل أبوحنيفة على أبي عبداللهعليه‌السلام فقال له: إني رأيت ابنك موسى يصلي والناس يمرون بين يديه فلا ينهاهم، وفيه ما فيه فقال أبوعبداللهعليه‌السلام : ادع لي موسى، فلما جاء‌ه قال: يا بني إن أبا حنيفة يذكر أنك تصلي والناس يمرون بين يديك فلا تنهاهم، قال: نعم يا أبه إن الذي كنت اصلي له كان أقرب إلي منهم، يقول الله تعالى:( نحن أقرب إليه من حبل الوريد (٢) ) قال: فضمه أبوعبداللهعليه‌السلام إلى نفسه وقال: بأبي أنت وامي يا مودع الاسرار(٣) .

فقال أبوعبداللهعليه‌السلام : يا أباحنيفة القتل عندكم أشد أم الزنا؟ فقال بل القتل، قال: فكيف أمر الله في القتل بشاهدين وفي الزنا بأربعة؟ كيف يدرك هذا بالقياس؟، يا أبا حنيفة ترك الصلاة أشد أم ترك الصيام؟ قال: بل ترك الصلاة، قال: فكيف تقضي المرأة صيامها ولا تقضي صلاتها، كيف يدرك هذا بالقياس؟، ويحك يا أبا حنيفة النساء أضعف على المكاسب أم الرجال؟ قال: بل النساء، قال: فكيف جعل الله للمرأة سهما و للرجل سهمين؟ كيف يدرك هذا بالقياس؟، يا أبا حنيفة الغائط أقذر أم المني؟ قال: بل الغائط، قال: فكيف يستنجى من الغائط ويغتسل من المني؟ كيف يدرك هذا بالقياس؟، ويحك يا أبا حنيفة تقول سأنزل مثل ما أنزل الله؟ قال أعوذ بالله أن أقوله، قال: بلى تقوله أنت وأصحابك من حيث لا تعلمون.

__________________

(١) نقله المجلسى من الاختصاص في المجلد السابع عشر من البحار ص ١٢٥.

(٢) ق: ١٦.

(٣) رواه الكلينى في الكافى ج ٣ ص ٢٩٧ عن على بن ابراهيم.

١٩٠

قال أبوحنيفة: جعلت فداك حدثني بحديث نحدث به عنك، قال: حدثني أبي محمد ابن علي، عن أبيه علي بن الحسينعليهم‌السلام ، عن أبيه الحسين بن عليعليهما‌السلام ، عن أبيه علي ابن أبي طالب صلوات الله عليهم أجمعين قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إن الله أخذ ميثاق أهل البيت من أعلى عليين وأخذ طينة شيعتنا منا ولو جهد أهل السماء وأهل الارض أن يغيروا من ذلك شيئا ما استطاعوه، قال: فبكى أبوحنيفة بكاء [ شديدا ] وبكى أصحابه ثم خرج وخرجوا.

حديث بغلة أبى حنيفة

وعنه عن سماعة قال: سأل رجل أبا حنيفة عن الشئ وعن لا شئ وعن الذي لا يقبل الله غيره، فأخبر عن الشئ(١) وعجز عن لا شئ، فقال: اذهب بهذه البغلة إلى إمام الرافضة فبعها منه بلا شئ واقبض الثمن، فأخذ بعذارها وأتى بها أبا عبداللهعليه‌السلام فقال له أبوعبداللهعليه‌السلام : استأمر أبا حنيفة في بيع هذه البغلة، قال: قد أمرني ببيعها، قال: بكم؟ قال: بلا شئ، قال له: ما تقول؟ قال: الحق أقول، فقال: قد اشتريتها منك بلا شئ، قال: وأمر غلامه أن يدخله المربط.

قال: فبقي محمد بن الحسن(٢) ساعة ينتظر الثمن فلما أبطأه الثمن قال: جعلت فداك الثمن؟ قال: الميعاد إذا كان الغداة، فرجع إلى أبي حنيفة فأخبره فسر بذلك فرضيه منه فلما كان من الغد وافى أبوحنيفة، فقال أبوعبداللهعليه‌السلام : جئت لتقبض ثمن البغلة لا شئ؟ قال: نعم ولا شئ ثمنها؟ قال: نعم، فركب أبوعبداللهعليه‌السلام البغلة وركب أبوحنيفة بعض الدواب فتصحرا جميعا، فلما ارتفع النهار نظر أبوعبداللهعليه‌السلام إلى السراب يجرى قد ارتفع كأنه الماء الجاري فقال أبوعبداللهعليه‌السلام : يا أبا حنيفة ماذا عند الميل كأنه يجري؟ قال: ذاك الماء يا ابن رسول الله فلما وافيا الميل وجداه أمامهما فتباعد فقال أبوعبداللهعليه‌السلام : اقبض ثمن البغلة، قال الله تعالى:( كسراب بقيعة يحسب الضمآن ماء حتى إذا جاء‌ه لم يجده

__________________

(١) في بعض النسخ [ فأخرج الشئ ].

(٢) كذا.

١٩١

شيئا ووجد الله عنده (١) ) قال: فخرج أبوحنيفة إلى أصحابه كئيبا حزينا فقالوا له: مالك يا أبا حنيفة؟ قال: ذهبت البغلة هدرا، وكان قد أعطى بالبغلة عشرة آلاف درهم(٢) .

حديث قصيدة الفرزدق لعلى بن الحسين صلوات الله عليهما

حدثنا جعفر بن الحسين المؤمنرحمه‌الله عن حيدر بن محمد بن نعيم ويعرف بأبي أحمد السمرقندي تلميذ أبي النضر محمد بن مسعود، عن محمد بن مسعود قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثني أبوالفضل محمد بن أحمد بن مجاهد قال: حدثنا العلاء بن محمد بن زكريا بالبصرة، قال: حدثنا عبيدالله بن محمد بن عائشة(٣) قال: حدثني أبي أن هشام بن عبدالملك حج في خلافة عبدالملك والوليد، فطاف بالبيت وأراد أن يستلم الحجر، فلم يقدر عليه من الزحام، فنصب له منبر فجلس عليه، وأطاف به أهل الشام فبينا هو كذلك إذ أقبل علي ابن الحسينعليهما‌السلام وعليه إزار ورداء، من أحسن الناس وجها، وأطيبهم رائحة، بين عينيه سجادة، كأنها ركبة عنز، فجعل يطوف بالبيت، فإذا بلغ إلى موضع الحجر تنحى الناس حتى يستلمه، هيبة له وإجلالا، فغاظ هشام فقال رجل من أهل الشام لهشام: من هذا الذي قد هابه الناس هذه الهيبة وأفرجوا له عن الحجر؟ فقال هشام: لا أعرفه، لان لا يرغب فيه أهل الشام، فقال الفرزدق - وكان حاظرا - لكني أعرفه: فقال الشامي: من هو يا أبا فراس؟ فقال:

هذا الذي تعرف البطحاء وطأته

والبيت يعرفه والحل والحرم

هذا ابن خير عباد الله كلهم

هذا التقي النقي الطاهر العلم

هذا علي رسول الله(ص) والده

أمسى بنور هداه تهتدى الظلم(٤)

إذا رأته قريش قال قائلها:

إلى مكارم هذا ينتهي الكرم

ينمى إلى ذروة العز التي قصرت

عن نيلها عرب الاسلام والعجم

__________________

(١) النور: ٣٩.

(٢) نقله المجلسى من الكتاب في البحار ج ١١ ص ١٧٦. والبحرانى في التفسير ج ٣ ص ١٤٠.

(٣) كذا في النسختين وفى البحار ورجال الكشى أيضا كذلك والصحيح هكذا " حدثنا الغلابى محمد بن زكريا البصرى عن عبيدالله بن محمد بن عائشة " كما في الاغانى ج ١٤ ص ٧٥.

(٤) كذا. وفى بعض النسخ [ أمست بنور هداه تهتدى الامم ].

١٩٢

يكاد يمسكه عرفان راحته

ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم(١)

يغضي حياء ويغضى من مهابته

فما يكلم إلا حين يبتسم(٢)

ينشق نور الدجى عن نور غرته

كالشمس تنجاب عن إشراقها الظلم(٣)

بكفه خيزران ريحه عبق

من كف أروع في عرنينه شمم(٤)

مشتقة من رسول الله نبعته

طابت عناصره والخيم والشيم(٥)

حمال أثقال أقوام إذا فدحوا

حلو الشمائل تحلو عنده نعم(٦)

هذا ابن فاطمة إن كنت جاهله

بجده أنبياء الله قد ختموا

هذا ابن فاطمة الغراء نسبته

في جنة الخلد يجري باسمه القلم

الله فضله قدما وشرفه

جرى بذاك له في لوحه القلم

من جده دان فضل الانبياء له

وفضل امته دانت لها الامم

عم البرية بالاحسان فانقشعت

عنها الغيابة والاملاق والظلم(٧)

كلتا يديه غياث عم نفعهما

تستوكفان ولا يعروهما عدم(٨)

__________________

(١) " عرفان " مفعول لاجله.

(٢) الاغضاء: ادناء الجفون، واغضى على الشئ: سكت.

(٣) انجابت السحابة: انكشفت.

(٤) عبق به الطيب يعبق عبقا وعباقة وعباقية: لزق به. والرائحة في الشئ: بقيت. و المكان بالطيب: انتشرت رائحته فيه. ورجل عبق اذا تطيب بادنى طيب لم يذهب عنه أياما. والعرنين - بالكسر -: الانف.

وفى القاموس - الشمم محركة -: ارتفاع قصبة الانف وحسنها واستواء اعلاها وانتصاب الارنبة أو ورود الارنبة في حسن استواء القصبة وارتفاعها اشد من ارتفاع الذلف أو أن يطول الانف ويدق وتسيل روثته فهو أشم. انتهى، وقوله: " من كف " فيه تجريد مضاف إلى الاروع والاروع: من يعجبك بحسنه وجهارة منظره.

(٥) النبعة بمعنى الاصل يقال: هو من نبعة كريمة أى من أصل كريم. والخيم - بالكسر -: السجية.والشيم - بكسر الشين وفتح الياء المثناة جمع شيمة - بالكسر - وهى الطبيعة.

(٦) فدحه الدين: أثقله.

(٧) انقشع عنه السحاب: زال وانكشف. والبلاء عن البلاد: زال، وكذلك الهم عن القلب.والغيابة - كسحابة - من كل شئ ما سترك منه وايضا قعر الوادى وقعر الجب.وفى بعض نسخ القصيدة " عنها العماية والاملاق والظلم ".

(٨) استوكف: استقطر.

١٩٣

سهل الخليقة لا تشخى بوادره

يزينه اثنان حسن الخلق والكرم(١)

لا يخلف الوعد ميمون نقيبته

رحب الفناء أريب حين يعترم(٢)

من معشر حبهم دين وبغضهم

كفر وقربهم منجى ومعتصم

يستدفع السوء والبلوى بحبهم

ويستزاد به الاحسان والنعم

مقدم بعد ذكر الله ذكرهم

في كل بدء ومختوم به الكلم

إن عد أهل التقى كانوا أئمتهم

أو قيل: من خير أهل الارض؟ قيل هم

لا يستطيع جواد بعد غايتهم

ولا يدانيهم قوم وإن كرموا

هم الغيوث إذا ما أزمة أزمت

والاسد اسد الشري والنار تحتدم(٣)

يأبى لهم أن يحل الذم ساحتهم

خيم كريم وأيد بالندى هضم(٤)

لا ينقص العسر شيئا من أكفهم

سيان ذلك إن أثروا وإن عدموا(٥)

أي الخلائق ليست في رقابهم

لاولية هذا أوله نعم

من يعرف الله يعرف أولية ذا

والدين من بيت هذا ناله الامم

قال: فذهب هشام وأمر بحبس الفرزدق، فحبس بعسفان بين مكة والمدينة، فبلغ ذلك علي بن الحسينعليهما‌السلام ، فبعث إليه باثنتي عشرة ألف درهم وقال: أعذرنا يا أبا فراس

__________________

(١) البوادر جمع البادرة وهى ما يبدو من الانسان عند حدة الغضب من قول أو فعل.

(٢) النقيبة: النفس والعقل والمشورة ونفاذ الرأى والطبيعة." رحب الفناء " اى متسع العناية والاريب: العاقل.

و " يعترم " - على المجهول - من العرام بمعنى الشدة اى هو في الشدة والبأس عاقل.وفى بعض النسخ

[ يعتزم ] ولعله الاصح واعتزم الامر وعليه: اراد فعله.

(٣) الازمة: الشدة. و " أزمت " أى لزمت.والشرى مأسدة جانب الفرات يضرب به المثل واحتدام النار التهابها.

وفى بعض نسخ الحديث " والاسد اسد الشرى والناس يحتدم " وفى بعضها " والبأس محتدم "

(٤) الخيم: السجية والطبيعة. " هضم " - ككتب - جمع هضوم، يقال: يد هضوم أى جواد بما فيها. وفى بعض النسخ [ ديم ].

(٥) " سيان " تثنية السى وهو المثل، يقال: هما سيان اى مثلان.وأثرى أى كثر ماله. و المعنى أن اكفهم في حال الغنا والفقر سواء.وفى بعض نسخ الحديث " لا يقبض العسر بسطا من اكفهم " وفى بعضها " لا يقبض العسر قسطا من اكفهم "

١٩٤

لو كان عندنا أكثر من هذا لوصلناك به، فردها وقال: يا ابن رسول الله ما قلت إلا غضبا لله ولرسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وما كنت لارزأ عليه شيئا فردها إليه وقال له: بحقي عليك لما قبلتها فقد أنار الله مكانك وعلم نيتك فقبلها، فجعل الفرزدق يهجو هشاما وهو في الحبس فكان مما هجاه به قوله:

أتحبسني بين المدينة والتي

إليها قلوب الناس تهوي منيبها

يقلب رأسا لم يكن رأس سيد

وعينا له حولاء باد عيوبها(١)

وحدثنا علي بن الحسن بن يوسف، عن محمد بن جعفر العلوي، عن الحسين بن محمد جمهور العمي قال: حدثني أبوعثمان المازني قال: حدثنا كيسان، عن جويرية ابن أسماء، عن هشام بن عبدالاعلى قال: حدثني فرعان وكان من رواة الفرزدق قال: حججت سنة مع عبدالملك بن مروان فنظر إلى علي بن الحسين بن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام فأراد أن يصغر منه، فقال: من هذا؟ فقال الفرزدق: فقلت على البديهة القصيدة المعروفة:

هذا ابن خير عباد الله كلهم

هذا التقي النقي الطاهر العلم

حتى أتمها، قال: وكان عبدالملك يصله في كل سنة بألف دينار فحرمه تلك السنة، فشكى ذلك إلى علي بن الحسينعليهما‌السلام وسأله أن يكلمه فقال: أنا أصلك من مالي بمثل الذي كان يصلك به عبدالملك وصني عن كلامه، فقال: والله يا ابن رسوله الله لارزأتك شيئا ولثواب الله عزوجل في الآجل أحب إلي من ثواب الدنيا في العاجل، فاتصل ذلك بمعاوية بن عبدالله بن جعفر الطيار وكان أحد سمحاء بني هاشم لفضل عنصره وأحد ادبائها وظرفائها فقال له: يا أبا فراس كم تقدر الذي بقي من عمرك؟ قال: قدر عشرين

__________________

(١) رواه الكشى في رجاله ص ٨٦ ونقله المجلسى في البحار ج ١١ ص ٣٦ منه ومن المناقب والاختصاص ورواه ايضا ابوالفرج في الاغاني ج ١٤ ص ٧٦. وج ١٩ ص ٤٠.وابن الجوزى في صفة الصفوة ج ٢ ص ٥٤ وسبطه في التذكرة ص ١٨٦ نقلا عن أبى نعيم في حلية الاولياء ونقله ابن خلكان في الوفيات ج ٥ ص ١٤٥ بزيادات منها

مال قال لا قط إلا في تشهده

لولا التشهد كانت لاء‌ه نعم

ونقله محمد بن طلحة الشافعى في مطالب السئول ص ٧٩.

١٩٥

سنة قال: فهذه عشرون ألف دينار أعطيكها من مالي واعف أبا محمد أعزه الله عن المسألة في أمرك، فقال: لقد لقيت أبا محمد وبذل لي ماله فأعلمته أني أخرت ثواب ذلك لاجر الآخرة.(١)

عبد الله بن ابى يعفور

عدة من مشايخنا، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد ابن عيسى، عن ابي نجران، عن محمد بن يحيى، عن حماد بن عثمان قال: أردت الخروج إلى مكة فأتيت ابن أبي يعفور مودعا له فقلت: ألك حاجة؟ قال: نعم تقرأ أبا عبداللهعليه‌السلام السلام، قال: فقدمت المدينة فدخلت عليه، فسألني، ثم قال: ما فعل ابن أبي يعفور؟ قال: قلت: صالح جعلت فداك آخر عهدي به، وقد أتيته مودعا له فسألني أن اقرئك السلام، قال: وعليه‌السلام اقرأه السلام صلى الله عليه وقل: كن على ما عهدتك عليه(٢) .

جعفر بن الحسين، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن الحسن الصفار، عن إبراهيم بن هاشم، عن ابن أبي عمير قال: أخبرني سليمان الفراء، عن عبدالله بن أبي يعفور قال: كان أصحابنا يدفعون إليه الزكاة يقسمها في أصحابه فكان يقسمها فيهم وهو يبكى، قال سليمان: فأقول له: ما يبكيك؟ قال: فيقول: أخاف أن يرو أنها من قبلي(٣) .

__________________

(١) نقله المجلسىرحمه‌الله في البحار ج ١١ ص ٣٧ من الاختصاص.

(٢) نقله المجلسىرحمه‌الله في البحار ج ١١ ص ٢١٧ من الاختصاص.

(٣) نقله المجلسىرحمه‌الله في البحار ج ١١ ص ٢١٨ من الاختصاص.

١٩٦

عيسى بن عبدالله القمى

حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى، عن عبدالله بن جعفر الحميري، عن محمد بن الوليد الخزاز، عن يونس بن يعقوب قال: دخل عيسى بن عبدالله القمي على أبي عبداللهعليه‌السلام فلما انصرف قال لخادمه: ادعه فانصرف إليه فأوصاه بأشياء، ثم قال: يا عيسى بن عبد الله إن الله يقول: " وأمر أهلك بالصلوة " وإنك منا أهل البيت، فإذا كانت الشمس من ههنا مقدارها من ههنا من العصر فصل ست ركعات، قال: ثم ودعه وقبل ما بين عينى عيسى وانصرف(١) .

قال يونس بن يعقوب: فما تركت الست ركعات منذ سمعت أبا عبداللهعليه‌السلام يقول لعيسى بن عبدالله.

المجهولون من أصحاب أبي عبدالله وأبي جعفرعليهما‌السلام : محمد بن مسكان، يوسف الطاطري عمر الكردي - روى عنه المفضل -، هشام بن المثنى الرازي(٢) .

حمران بن اعين

عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن حجر بن زائدة، عن حمران بن أعين(٣) قال: قلت لابي جعفرعليه‌السلام : إني أعطيت الله عهدا أن لا أخرج من المدينة حتى تخبرني عما أسألك عنه، قال: فقال لي: سل، قال: فقلت: أمن شيعتكم أنا؟ قال: فقال: نعم في الدنيا والآخرة.(٤) وحدثنا أحمد بن محمد، عن سعد بن عبدالله، عن يعقوب بن يزيد، عن مروك بن عبيد، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: سمعته يقول: نعم الشفيع أنا و أبي لحمران بن أعين يوم القيامة، نأخذه بيده ولا نزايله حتى ندخل الجنة جميعا.(٥) وروى محمد بن عيسى بن عبيد، عن زياد بن مروان القندي، عن أبي عبداللهعليه‌السلام : أنه قال في حمران: إنه رجل من أهل الجنة.(٦)

__________________

(١) إلى هنا نقله المجلسىرحمه‌الله في البحار ج ١١ ص ٢٠٩ من الاختصاص.

(٢) نقله المجلسىرحمه‌الله في البحار ج ١١ ص ٢١٠. والمامقانى في التنقيح ج ٣ ص ١٨٤.

(٣) حمران - بفتح المهملة وسكون الميم وفتح الراء والالف والنون -.

(٤) رواه الكشى في رجاله ص ١١٧. ونقله المجلسى في البحار ج ١١ ص ٩٧ من الاختصاص.

(٥) رواه الكشى في رجاله صفحة ١٢٠ وفيه " نعم الشفيع أنا وآبائى لحمران بن اعين.

الخ " ونقله المجلسىرحمه‌الله من الاختصاص في البحار ج ١١ ص ٢١٠.

(٦) رواه الكشىرحمه‌الله في رجاله ص ١١٧ عن ابن عيسى عن زياد الكندى ولعله تصحيف و نقله المجلسىرحمه‌الله في البحار ج ١١ ص ٢١٠ من الاختصاص.

١٩٧

فضائل امير المؤمنينعليه‌السلام

[ حدثنا تميم بن عبدالله بن تميم القرشيرضي‌الله‌عنه قال: حدثني أبي، عن علي بن أحمد بن علي الانصاري قال: حدثني علي بن ميثم، عن أبيه قال: لما اشتريت لحميدة ام موسى بن جعفرعليهما‌السلام ام الرضاعليه‌السلام نجمة، ذكرت حميدة أنها رأت في المنام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول لها: يا حميدة هبي نجمة لابنك موسى فإنه سيولد له منها خير أهل الارض، فوهبتها له، فلما ولدت له الرضاعليه‌السلام سماها الطاهرة وكانت لها أسماء منها نجمة وأروى وسكن وسمانة وتكتم وهو آخر أساميها، قال ميثم: سمعت أبي يقول: كانت نجمة بكرا لما اشترتها حميدة(١) .

حدثنا أبي قال: حدثنا سعد بن عبدالله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن يعقوب بن إسحاق، عن أبي زكريا الواسطي، عن هشام بن أحمر قال: قال أبوالحسن الاولعليه‌السلام : هل علمت أحدا من أهل المغرب قدم؟ قلت: لا، فقال: بلى فانطلق بنا، فركب وركبنا معه حتى انتهينا إلى الرجل فإذا رجل من أهل المغرب معه رقيق(٢) ، فقال له: أعرض علينا فعرض علينا تسع جوار كل ذلك يقول أبوالحسنعليه‌السلام : لا حاجة لي فيها، ثم قال له: أعرض علينا، قال ما عندي شئ، فقال: بل أعرض علينا، قال: لا والله ما عندي إلا جارية مريضة فقال له: ما عليك أن تعرضها، فأبى عليه ثم انصرف ثم إنه أرسلني من الغد إليه فقال لي: قل له: كم غايتك فيها فإذا قال كذا وكذا فقل: فقد أخذتها، فأتيته فقال: ما اريد أن أنقصها من كذا وكذا، قلت: قد أخذتها وهو لك فقال: هي لك ولكن من الرجل الذي كان معك بالامس؟ فقلت: رجل من بني هاشم، فقال: من أي بني هاشم؟ فقلت: من نقبائهم، فقال: اريد أكثر منه، فقلت: ما عندي أكثر من هذا فقال: اخبرك عن هذه الوصيفة(٣) إني اشتريتها من أقصى المغرب فلقيني امرأة من أهل الكتاب فقالت: ما هذه الوصيفة معك، فقلت: اشتريتها لنفسي، فقالت: ما ينبغي أن تكون هذه عند مثلك إذ هذه الجارية ينبغي أن تكون عند خير أهل الارض، فلا تلبث عنده إلا قليلا حتى تلد منه غلاما يدين له شرق الارض وغربها، فقال: فأتيته بها فلم تلبث عنده قليلا حتى ولدت علياعليه‌السلام (٤) .

__________________

(١) الظاهر أن المصنفرحمه‌الله رواه عن الصدوق - رضى الله عنه - عن تميم ويؤيد ذلك أن الصدوقرحمه‌الله رواه في العيون ص ١٢ بعينه سندا ومتنا.

(٢) الرقيق: المملوك واحد وجمع. (الصحاح).

(٣) الوصيف: الخادم غلاما كان أو جارية وقد يقال للجارية: الوصيفة.

(٤) رواه الصدوقرحمه‌الله بعينه في العيون ص ١٢.

١٩٨

حدثنا أبو أحمد هانئ بن محمد بن محمود العبديرضي‌الله‌عنه قال: حدثني أبي بإسناده رفعه أن موسى بن جعفرعليه‌السلام دخل على الرشيد فقال له الرشيد: يا ابن رسول الله أخبرني عن الطبائع الاربع، فقال موسىعليه‌السلام : أما الريح فإنه ملك يداري، وأما الدم فإنه عبد عارم وربما قتل العبد مولاه، وأما البلغم فإنه خصم جدل إن سدد من جانب انفتح من آخر، وأما المرأة فإنها أرض اذا اهتزت رجعت بما فوقها فقال له هارون: يا ابن رسول الله تنفق على الناس من كنوز الله تعالى ورسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .(١) قال الراوي: ذكر عند الرضاعليه‌السلام الجبر والتفويض فقال: ألا اعطيكم في هذا أصلا لا تختلفون فيه ولا يخاصمكم عليه أحد إلا كسرتموه، قلنا: إن رأيت ذلك، فقال: إن الله تعالى لم يطع بإكراه ولم يعص بغلبة ولم يهمل العباد في ملكه هو المالك لما ملكهم والقادر على ما أقدرهم عليه، فإن ائتمر العباد بطاعة لم يكن الله عنها صادا ولا منها مانعا، وإن ائتمروا بمعصية فشاء أن يحول بينهم وبين ذلك فعل وإن لم يحل وفعلوه فليس هو الذي أدخلهم فيه، ثم قالعليه‌السلام : من يضبط حدود هذا الكلام فقد خصم من يخالفه - تم الخبر -(٢) .

__________________

(١) رواه الصدوقرحمه‌الله في العيون ونقله العلامة المجلسىرحمه‌الله في البحار ج ١٤ ص ٤٧٤ قائلا بعده: بيان يحتمل أن يكون المراد بالريح المرة الصفراء لحدتها ولطافتها وسرعة تأثيرها فينبغي ان يدارى لئلا تغلب وتهلك أو المراد بها الروح الحيوانية وبالمرة الصفراء و السوداء معا فانه تطلق عليها المرة فيكون اصطلاحا آخر في الطبايع وتقسيما آخر لها.والعارم سيئ الخلق الشديد، يقال عرم الصبى علينا أى اشر ومرح أو بطر أو فسد، ولعل المعنى أنه خادم للبدن نافع لكن ربما كانت غلبته سببا للهلاك فينبغى أن يكون الانسان على حذر منه فانه خصم جدل كناية عن بطوء علاجه وعدم اندفاعه بسهولة." إذا اهتزت " أى غلبت وتحركت رجعت بما فوقها كما في حمى النائبة من الغب والربع وغيرهما فانها تزلزل البدن وتحركها.

ورأيت مثل هذا الكلام في كتب الاطباء والحكماء الاقدمين.انتهى

(٢) رواه - الصدوق رحمه الله - مسندا في التوحيد باب الجبر والتفويض ص ٣٧٠ والعيون ص ٨٢.

ونقله المجلسىرحمه‌الله منهما في البحار ج ٣ ص ٦ ومن الاحتجاج [ ص ٢٢٥ و ٢٢٦]مثله وقال: لعل ذكر الائتمار ثانيا للمشاكلة أو هو بمعنى الهم أو الفعل من غير مشاورة كما ذكر في النهاية والقاموس.

انتهى أقول: وفى اللغة ائتمر الامر: امتثله قال امرؤ القيس:

أحار بن عمرو كأنى خمر

ويعدو على المرء ما يأتمر

أى ما يأتمر به نفسه.

١٩٩

عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عمن حدثه، عن عبدالرحيم القصير قال: ابتدأني أبوجعفرعليه‌السلام فقال: أما إن ذا القرنين خيرا السحابتين فاختار الذلول وذخر لصاحبكم الصعب، فقلت: وما الصعب؟ فقال: ماكان من سحاب فيه رعد وصاعقة وبرق فصاحبكم يركبه أما أنه سيركب السحاب ويرقى في الاسباب أسباب السماوات السبع والارضين السبع خمس عوامر واثنتان خرابان(١) .

وعنه، عن الحسين بن سعيد، عن عثمان بن عثمان، عن سماعة بن مهران - أو غيره - عن أبي بصير، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: إن علياعليه‌السلام ملك ما فوق الارض وما تحتها فعرضت له ساحبتان إحداهما السهلة والاخرى الذلول وكان في الصعبة ملك ما تحت الارض، وفي الذلول ملك ما فوق الارض فاختار الصعبة على الذلول فدارت به سبع أرضين فوجد ثلاثا خرابا وأربعة عوامر(٢) .

وعنه، عن محمد بن سنان، عن أبي خالد القماط، وأبي سلام الحناط، عن سورة بن كليب، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: قال: أما إن ذا القرنين قد خير السحابتين فاختار الذلول وذخر لصاحبكم الصعب قال: قلت: وما الصعب؟ فقال: ما كان من سحاب فيه رعد أو صاعقة أو برق فصاحبكم يركبه أما أنه سيركب السحاب ويرقى في الاسباب أسباب السماوات السبع والارضين السبع خمس عوامر واثنان خرابان - تم الخبر وكمل -(٣) . أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن صفوان بن يحيى، عن معاوية ابن عمار، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبدالله قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : في غزوة الطائف دعا علياعليه‌السلام فناجاه فقال الناس وأبوبكر وعمر: انتجاه دوننا، فقام النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الناس خطيبا فحمد الله وأثنى عليه: ثم قال: أيها الناس أنتم تقولون: إني انتجيت عليا

__________________

(١) رواه الصفاررحمه‌الله في البصائر الجزء الثامن. ونقله المجلسى - في البحار ج ١٣ ص ١٨٣.

(٢) رواه الصفار في البصائر الجزء الثامن الباب الخامس عشر.

(٣) رواه الصفار في البصائر الجزء الثامن باب الخامس عشر الا أن فيه " عن أبي خالد، وابوسلام عن سورة" وهكذا في البحار ج ١٣ ص ١٨٣ وهو تصحيف. ولكن في المجلد الخامس ص ١٦١ " عن أبى خالد وأبى سلام عن سورة ".

٢٠٠