الاختصاص

الاختصاص15%

الاختصاص مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 372

الاختصاص
  • البداية
  • السابق
  • 372 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 110015 / تحميل: 9224
الحجم الحجم الحجم
الاختصاص

الاختصاص

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

الاختصاص

تأليف فخر الشيعة أبي عبد الله محمد بن النعمان العكبرى البغدادى

الملقب بالشيخ المفيدرحمه‌الله المتوفى ٤١٣

١

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي لا تدركه الشواهد، ولا تراه النواظر، ولا تحجبه السواتر، الذي علا بكل مكرمة، وبان بكل فضيلة، وارتفع عن شبه الخليقة، وقام بالقسط في خلقه، و عدل فيهم بحكمه، وأحسن إليهم في قسمه، ولا إله إلا هو، الواحد القهار، العزيز الجبار، الذي يتناهى في الاوهام بتحديد، ولم تدركه الافكار بتصوير، ولم تنله مقائيس المقدرين فقدرته مكيفة في عقول الناظرين.(١) وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة أخلصها له وأدخرها عنده، وصلى الله على رسوله محمد النبي وآله الطيبين الطاهرين أجمعين.

هذا كتاب ألفته وصنفته وألعجت في جمعه وإسباغه وأقحمته فنونا من الاحاديث و عيونا من الاخبار(٢) ومحاسن من الآثار والحكايات في معان كثيرة من مدح الرجال و فضلهم وأقدار العلماء ومراتبهم وفقههم.

قال محمد بن محمد النعمان: حدثني أبوغالب أحمد بن محمد الزراري، وجعفر بن محمد بن قولويه، عن محمد بن يعقوب، عن الحسين بن الحسن، عن محمد بن زكريا الغلابي، عن ابن عائشة البصري(٣) رفعه، أن أمير المؤمنين صلوات الله عليه قال في بعض خطبه: أيها

__________________

(١) قوله: " مكيفة " بصيغة اسم الفاعل من باب التفعيل، فالمعنى ان المقائيس لما لم تنل ساحة عظمته تعالى فقدرته في العقول مقرونا بالكيفيات التى أضافتها إليه تعالى.

(٢) قوله: " ألعجت " على بناء المفعول من لعجه بمعنى آلمه أى وقعت في جمعه في الالم و والمشقة.

وفي بعض النسخ [ ابعجت ] وهو من بعج الحب فلانا أى أوقعه في الحزن. وقوله: " أقحمته " أى أدخلت فيه.

(٣) الغلابى بالغين المعجمة والباء الموحدة - نسبة إلى غلاب - كسحاب لانه كان مولى لبنى غلاب وهم قبيلة بالبصرة. وفي بعض النسخ [ عن ابن عائشة النصرى ] وهو تصحيف.

٢

الناس إعلموا أنه ليس بعاقل من انزعج من قول الزور فيه، ولا بحكيم من رضي بثناء الجاهل عليه، الناس أبناء ما يحسنون وقدر كل امرء ما يحسن، فتكلموا في العلم تبين أقداركم.(١) وحدثنا جعفر بن محمد بن قولويه، عن الحسين بن محمد بن عامر الاشعري، عن المعلمى بن محمد البصري، عن محمد بن جمهور العمي، عن عبدالرحمن بن أبي نجران، عن بعض أصحابه رفعه إلى أبي عبداللهعليه‌السلام قال: من حفظ من أحاديثنا أربعين حديثا بعثه الله يوم القيامة عالما فقيها(٢) .

رفعه إلى أبي عبداللهعليه‌السلام قال: كانوا شرطة الخميس ستة آلاف رجل أنصاره.(٣) محمد بن الحسين، عن محمد بن جعفر، عن أحمد بن أبي عبدالله قال: قال علي بن الحكم: أصحاب أمير المؤمنينعليه‌السلام الذين قال لهم: تشرطوا فأنا اشارطكم على الجنة ولست اشارطكم على ذهب ولا فضة(٤) ، إن نبيناصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيما مضى قال لاصحابه: تشرطوا فإني

__________________

(١) رواه الكلينيرحمه‌الله في الكافي ج ١ ص ٥٠.وقال المجلسىرحمه‌الله قال الجوهرى: أزعجه أى أقلعه وقلعه من مكانه فانزعج انتهى.اى العاقل لا يضطرب ولا ينقلع من مكانه بسبب سماع قول الزور والكذب والبهتان فيه لانه لا يضره بل ينفعه. والحيكم لا يرضى بثناء الجاهل بحاله ومعايبه عليه لانه لا ينفعه بل يضره.وقوله: " أبناء ما يحسنون " من الاحسان بمعنى العلم يقال: أحسن الشئ أى تعلمه فعلمه حسنا.

(٢) رواه الصدوقرحمه‌الله في أماليه باسناده عن ابن ابي نجران، عن عاصم بن حميد عن محمد بن مسلم، عن الصادقعليه‌السلام . ونقله المجلسىقدس‌سره في البحار باب من حفظ أربعين حديثا من المجلد الاول. وسيأتي مثله أيضا.

(٣) الظاهر رجوع الضمير في " رفعه " إلى ابن قولويه ونقل هذا الخبر والذي بعده المجلسيرحمه‌الله عن الكتاب ج ٨ ص ٧٢٥ من البحار: وقال في النهاية: شرطة السلطان نخبة أصحابه الذين يقدمهم على غيرهم من جنده.

والشرطة أول طائفة من الجيش تشهد الوقعة.وقال: في حديث ابن مسعود " وتشرط شرطة للموت، لا يرجعون الا غالبين " اه‍.وقال في القاموس: الشرطة - بالضم - هم أول كتيبة تشهد الحرب وتتهيأ للموت وطائفة من أعوان الولاة سموا بذلك لانهم أعلموا أنفسهم بعلامات يعرفون بها اه‍. والضمير في " انصاره " يرجع إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام .

(٤) روى الكشى في رجاله ص ٤ عن محمد بن مسعود العياشى وابى عمرو بن عبدالعزيز قالا: حدثنا محمد بن نصير، عن محمد بن عيسى، عن أبي الحسن العرنى، عن غياث الهمدانى، عن بشر بن عمرو الهمداني قال مر بنا أمير المؤمنينعليه‌السلام وقال: البثوا في هذه الشرطة فوالله لا تلى بعدهم الا شرطة النار الا من عمل بمثل أعمالهم. وروى أيضا عن أمير المؤمنينعليه‌السلام أنه قال لعبدالله بن يحيى الحضرمى يوم الجمل: أبشر يا ابن يحيى فانك وأباك من شرطة الخميس حقا، أخبرني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم باسمك واسم ابيك في شرطة الخميس والله سماكم شرطة الخميس على لسان نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وذكر ان شرطة الخميس كانوا ستة آلاف رجل أو خمسة آلاف. اه‍.و المراد بالخميس: الجيش سمى به لانه مقسوم بخمسة أقسام: المقدمة والساقة والميمنة والميسرة والقلب.

٣

لست اشارطكم إلا على الجنة، وهم: سلمان الفارسي، والمقداد، وأبوذر الغفاري، وعمار بن ياسر، وأبوساسان، وأبوعمرو الانصاريان، وسهل بدري، وعثمان ابنا حنيف الانصاري، وجابر بن عبدالله الانصاري.

ومن أصفياء أصحابه: عمرو بن الحمق الخزاعي عربي(١) ، وميثم التمار، وهو ميثم بن يحيى مولى، ورشيد الهجري، وحبيب بن مظهر الاسدي،(٢) ومحمد بن أبي بكر.

ومن أوليائه: العلم الازدي(٣) وسويد بن غفلة الجعفي، والحارث بن عبدالله الاعور الهمداني، وأبوعبد الله الجدلي(٤) وأبويحيى حكيم بن سعد الحنفي. وكان من شرطة الخميس أبوالرضي عبدالله بن يحيى الحضرمي، وسليم بن قيس الهلالي، وعبيدة السلماني المرادي عربي(٥)

__________________

(١) " الحمق " بفتح الحاء المهملة وكسر الميم، والقاف.

(٢) " رشيد " مصغرا. و " الهجرى " بفتح الهاء والجيم وكسر الراء والهجر - محركة - بلدة من بلاد اليمن أو قاعدة البحرين وقيل: ناحيه البحرين كلها. والمظهر كما في الخلاصة - بضم الميم وفتح الظاء والهاء المشددة المفتوحة ثم الراء ا ه‍. وقيل: مظاهر.

(٣) الظاهر ان المراد منه مالك بن الحارث الاشتر النخعي المعروف كما يأتي ص ٧.

(٤) نسبة إلى جديلة وهم بطن من قيس عيلان من أهل الكوفة ومنهم قيس بن مسلم الجدلى الذى روى عن سعيد بن جبير وروى عنه سفيان الثورى ومنهم أبوعبدالله الجدلى. (كذا في اللباب في تهذيب الانساب للجزرى).

(٥) قال الجزرى في اللباب: السلمانى بفتح السين وسكون اللام وفتح الميم نسبة إلى سلمان ابن يشكر بن ناجية بن مراد وهو حى من مراد والمشهور بهذه النسبة عبيدة بن عمرو، وقيل: عبيدة ابن قيس السلماني، صحب عليا وابن مسعود رضي الله عنهما - وروى عنهما وعن غيرهما من الصحابة اسلم قبل وفات النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بسنتين.

٤

ومن خواصه: تميم بن حذيم الناجي "(١) وقد شهد مع عليعليه‌السلام ، قنبر مولى علي بن أبي طالب صلوات الله عليه، أبوفاختة مولى بني هاشم، وعبيدالله بن أبي رافع وكان كاتبه.

وعنه، عن محمد بن الحسن(٢) ، عن محمد بن الحسن الصفار، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن زيد الشحام، عن أبي جعفرعليه‌السلام في قوله تعالى: " فليظر الانسان إلى طعامه " ما طعامه؟ قال: علمه الذي يأخذه عمن يأخذه(٣) .

وعنه، عن محمد بن الحسن بن أحمد، عن محمد بن الحسن الصفار، عن النسدي بن محمد، عن أبي البختري، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إن العلماء ورثة الانبياء وذلك أن العلماء(٤) لم يورثوا درهما ولا دينارا وإنما ورثوا أحاديث من أحاديثهم فمن أخذ بشئ منها فقد أخذ حظا وافرا، فانظروا علمكم هذا عمن تأخذونه فإن فينا أهل البيت في كل خلف عدولا ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين(٥) .

__________________

(١) تميم بن حذيم - بكسر الحاء المهملة وسكون الذال وفتح الياء كمنبر تابعى كما في القاموس.

(٢) يعني محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد شيخ القميين وفقيههم ووجههم.

(٣) رواه الكلينى في الكافى ج ١ ص ٥٠ والكشى في رجاله ص ٣ والبرقى في المحاسن ص ٢٢٠ ونقله المجلسى في البحار ج ١ باب ١٤.وقال بعده: هذا أحد بطون الاية الكريمة وعلى هذا التأويل المراد بالماء العلوم الفائضة منه تعالى فانها سبب لحياة القلوب وعمارتها وبالارض القلوب والارواح وبتلك الثمرات ثمرات تلك العلوم.ا ه‍ أقول: يريد بالماء والارض والثمرات ما وقع ذكره في الايات التالية " انا صببنا الماء صبا * ثم شققنا الارض شقا * فانبتنا فيها حبا * وعنبا وقضبا * وزيتونا ونخلا ". سورة عبس: ٢٤ إلى ٢٩.

(٤) كذا في النسختين والصحيح كما في غيره من الكتب " ان الانبياء " وهو تصحيف من الكتاب جدا.

(٥) رواه الصفار في بصائر الدرجات والكلينى في الكافى ج ١ ص ٣٢ عن البرقى رحمهم الله ونقله المجلسى في البصائر والاختصاص في البحار باب من يجوز أخذ العلم منه من المجلد الاول وقال في المرآة: العلماء ورثة الانبياء اى يرثون منهم العلوم والمعارف والحكم اذ هذه عمدة ما يتمتعون به في دنياهم ولذا علله بقوله: ان الانبياء لم يورثوا درهما ولا دينارا. ا ه‍. وقال الجزرى الخلف - بالتحريك والسكون - كل ما يجيئ بعد ما مضى الا أنه بالتحريك في الخير وبالتسكين في الشر. وقال الجوهري: الخلف - بالسكون -: القرن بعد القرن اه‍. وقال المجلسىرحمه‌الله : التحريف صرف الكلام عن وجهه. والغالين: المجاوزين الحد.والانتحال أن يدعى لنفسه ما لغيره كأن يدعى الاية أو الحديث الوارد في غيره أنه فيه، أو يدعى العلم ولم يكن عالما، أو يدعى التقوى ولم يكن متقيا او يظهر الصدق ولم يكن صادقا.والمبطلين: الذين جاؤوا بالباطل وقرروه و ذهبوا بالحق وضيعوه وأخفوه.وتأويل الجاهلين تنزيل الكلام على غير الظاهر وتبيين مرجعه و هذا انما يجوز ويصح من العالم بل الراسخ في العلم. ا ه‍.

٥

حدثنا جعفر بن الحسين المؤمن، عن محمد بن الحسن بن أحمد، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن صفوان بن يحيى، عن إسحاق ابن عمار، عن أبي بصير، عن أحدهماعليهما‌السلام في قول الله عزوجل: "( فبشر عباد * الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه ) (١) " قال: هم المسلمون لآل محمد صلى الله عليهم وسلم إذا سمعوا الحديث أدوه كما سمعوه لا يزيدون ولا ينقصون.

عبيد بن نضلة الخزاعي روى عن ابن الاعمش أنه قال لابيه: على من قرأت القرآن؟ فقال: على يحيى بن الوثاب وقرأ يحيى على عبيد بن نضلة كل يوم آية ففرغ من القرآن في سبع وأربعين سنة(٢) .

يحيى بن وثاب كان مستقيما.

أبواحيحة واسمه عمرو بن محصن اصيب بصفين وهو الذي جهز أمير المؤمنينعليه‌السلام بمائة ألف درهم في مسيره إلى الجمل(٣) .

حدثنا جعفر بن الحسين المؤمنرحمه‌الله عن محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن عيسى، عن ابن فضال، عن ثعلبة بن ميمون، عن زرارة، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: قال أميرالمؤمنينعليه‌السلام : خلقت الارض لسبعة بهم ترزقون وبهم تنصرون وبهم تمطرون منهم: سلمان الفارسي، والمقداد، وأبوذر، وعمار، وحذيفة، وكان أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام يقول: وأنا إمامهم، وهم الذين صلواعلى فاطمة صلوات الله عليها.(٤) أحمد بن محمد بن يحيى، عن أبيه، عن محمد بن الحسين، عن الحسين بن محبوب، عن الحارث

__________________

(١) الزمر: ١٧ و ١٨.والحديث رواه الكليني في الكافى ج ١ ص ٥١ عن علي بن ابراهيم و نقله المجلسى في البحار ج ١ باب آداب الرواية.

(٢) رواه الشيخ في رجاله أيضا على ما في التنقيح للمامقانى.والنضلة - بفتح النون وسكون الضاد المعجمة وفتح اللام بعدها هاء - وفى الخلاصة بعد نقل الرواية عن الشيخ قال: وكان يحيى بن وثاب مستقيما ذكره الاعمش.

(٣) ذكره الشيخ في رجاله والعلامة في القسم الاول من الخلاصة. واحيحة - بضم الهمزة و فتح الحائين المهملتين بينهما ياء‌ساكنة ثم الهاء -.

(٤) رواه الكشى في رجاله ص ٤ وفيه " ضاقت الارض بسبعة. ورواه الصدوق أيضا في الخصال في ابواب السبعة. وفرات بن ابراهيم في تفسيره ص ٢١٥ معنعنا عن أمير المؤمنينعليه‌السلام كما في المتن.

٦

قال: سمعت عبدالملك بن أعين يسأل أبا عبداللهعليه‌السلام فلم يزل يسأله حتى قال: فهلك الناس إذا؟ فقال: إي والله يا ابن أعين هلك الناس أجمعون، قلت: أهل الشرق والغرب؟ قال: إنها فتحت على الضلال، إي والله هلكوا إلا ثلاثة نفر: سلمان الفارسي، وأبوذر، والمقداد ولحقهم عمار، وأبوساسان الانصاري، وحذيفة، وأبوعمرة فصاروا سبعة.(١) عدة من أصحابنا، عن محمد بن الحسن(٢) ، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أيوب بن نوح، عن صفوان بن يحيى، عن مثنى بن الوليد الحناط، عن بريد بن معاوية، عن جعفرعليه‌السلام قال: ارتد الناس بعد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلا ثلاثة نفر: المقداد بن الاسود، وأبوذر الغفاري وسلمان الفارسي، ثم إن الناس عرفوا ولحقوا بعد.

وعنه عن محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن محمد بن الحسين، عن موسى بن سعدان، عن عبدالله بن القاسم الحضرمي، عن عمرو بن ثابت قال: سمعت أبا عبداللهعليه‌السلام يقول: إن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لما قبض ارتد الناس على أعقابهم كفارا إلا ثلاثا: سلمان والمقداد، وأبوذر الغفاري، إنه لما قبض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جاء أربعون رجلا إلى علي بن أبي طالبعليه‌السلام فقالوا: لا والله لا نعطي أحدا طاعة بعدك أبدا، قال: ولم؟ قالوا: إنا سمعنا من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيك يوم غدير [ خم ]، قال: وتفعلون؟ قالوا: نعم قال: فأتوني غدا محلقين، قال: فما أتاه إلا هؤلاء الثلاثة، قال: وجاء‌ه عمار بن ياسر بعد الظهر فضرب يده على صدره، ثم قال له: مالك أن تستيقظ من نومة الغفلة، ارجعوا فلا حاجة لي فيكم أنتم لم تطيعوني في حلق الرأس فكيف تطيعوني في قتال جبال الحديد، ارجعوا فلا حاجة لي فيكم.(٣)

__________________

(١) روى الكلينى في الروضة تحت رقم ٣٥٦ هذا الخبر إلى قوله ثلاثا والمراد بالحارث هو ابن المغيرة.

وذكر الكشى مثله في رجاله ص ٥.

(٢) يعني محمد بن الحسن بن الوليد والحديث رواه الكشى في رجاله في ص ٥.ونقله المجلسى في البحار عن الكتاب ج ٨ ص ٧٢٥.

(٣) روى نحوه الكشى في رجاله وأوردهما المجلسىرحمه‌الله في البحار ج ٨ ص ٤٧ و ٥١.

ذكر السابقين المقربين من أمير المؤمنينعليه‌السلام .

٧

حدثنا جعفر بن الحسين، عن محمد بن جعفر المؤدب: الاركان الاربعة سلمان، والمقداد وأبوذر، وعمار هؤلاء الصحابة.ومن التابعين: أويس بن أنيس القرني الذي يشفع في مثل ربيعة ومضر(١) ، عمرو بن الحمق الخزاعي - وذكر جعفر بن الحسين أنه كان(٢) من أمير المؤمنينعليه‌السلام بمنزلة سلمان من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - رشيد الهجري، ميثم التمار، كميل بن زياد النخعي، قنبر مولى أمير المؤمنينعليه‌السلام ، محمد بن أبي بكر، مزرع مولى أمير المؤمنينعليه‌السلام (٣) ، عبدالله بن يحيى، قال له أمير المؤمنينعليه‌السلام يوم الجمل: أبشر يا ابن يحيى فأنت وأبوك من شرطة الخميس سماكم الله به في السماء(٤) ، جندب بن زهير العامري، وبنو عامر شيعة عليعليه‌السلام على الوجه، حبيب بن مظهر الاسدي، الحارث بن عبد الله الاعور الهمداني، مالك بن الحارث الاشتر العلم الازدي، أبوعبدالله الجدلي، وجويرية بن مسهر العبدي(٥) أصحاب الحسن بن عليعليهما‌السلام : سفيان بن أبي ليلى الهمداني، حذيفة بن أسيد الغفاري أبورزين الاسدي.أصحاب الحسين بن عليعليهما‌السلام جميع من استهشد معه ومن أصحاب أمير المؤمنينعليه‌السلام :

__________________

(١) روى الكشى في رجاله ص ٦٥ حديثا طويلا فيه: قال النبىصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ذات يوم لاصحابه: أبشروا برجل من امتى يقال له: أويس القرنى فانه يشفع لمثل ربيعة ومضر. الخ.

(٢) يعنى اويس بن أنيس.

(٣) قال المامقانىرحمه‌الله في التنقيح: مزرع صاحب على بن ابى طالبعليه‌السلام ، نقل ابن ابى الحديد عن كتاب الغارات أنه قال: روى ابوداود الطيالسى عن سليمان بن زريق عن عبدالعزيز ابن صهيب قال: حدثني ابوالعالية قال: حدثنى مزرع صاحب على بن أبى طالبعليه‌السلام أنه قال: " ليقبلن جيش حتى اذا كانوا بالبيداء خسف بهم " قال ابوالعالية: فقلت له: انك لتحدثنى بالغيب، فقال: احفظ ما اقوله لك فانما حدثنى الثقة على بن ابى طالبعليه‌السلام وحدثنى ايضا شيئا آخر " ليؤخذن رجل فليقتلن وليصلبن بين شرافتين من شرف المسجد " فقلت له: انك لتحدثنى بالغيب، فقال: احفظ ما اقوله لك قال أبوالعالية: فوالله ما أتت علينا جمعة حتى اخذ مزرع فقتل وصلب بين شرافتين من المسجد.وأقول: الظاهر بقرينة ذكره وذكر مقتله بعد ميثم التمار وجويرية ورشيد الهجرى ان قتل الرجل لاخلاصه في الولاء لامير المؤمنينعليه‌السلام ولكونه من اصحاب سره وعلمه علم المنايا والبلايا عنه فهو من اكمل رجال الشيعة ولذلك عبر عنه بصاحب علىعليه‌السلام كما وقع في التعبير بنحو ذلك عن ميثم وكميل وقنبر وامثالهم. انتهى

(٤) قد مر ان الكشى رواه عن العياشى وابى عمرو بن عبدالعزيز.

(٥) نقله المجلسىرحمه‌الله في البحار ج ٨ ص ٧٢٥ و ٧٢٦

٨

حبيب مظهر، وميثم التمار، ورشيد الهجري، وسليم بن قيس الهلالي وأبوصادق وأبوسعيد عقيصا.(١) أصحاب علي بن الحسينعليهما‌السلام : أبوخالد الكابلي كنكر ويقال اسمه: وردان(٢) ، يحيى بن ام الطويل، المطعم،(٣) سعيد بن المسيب المخزومي، حكيم بن جبير.

أصحاب محمد بن عليعليهما‌السلام : جابر بن يزيد الجعفي، حمران بن أعين، وزرارة، وعامر ابن عبدالله بن جذاعة، حجر بن زائدة، عبدالله بن شريك العامري، فضيل بن يسار البصري سلام بن المستنير، بريد بن معاوية العجلي، الحكم بن أبي نعيم(٤) .

أصحاب أبي عبداللهعليه‌السلام : عبدالله بن أبي يعفور، بكر بن أعين، محمد بن مسلم الثقفي الطائفي، محمد بن نعمان.

أصحاب أبي الحسن موسى بن جعفرعليهما‌السلام : علي بن يقطين، علي بن سويد السائي.

في الخبر قال: قال أبوعبداللهعليه‌السلام : يكون من شيعتنا في دولة القائم سنام الارض وحكامها، يعطى كل رجل منهم قوة أربعين رجلا.(٥) في المقداد بن الاسود: وكنية المقداد أبومعبد وهو مقداد بن عمرو البهراني،(٦) وكان

__________________

(١) عقيصا اسمه دينار وكنيته ابوسعيد ذكره الشيخ تارة في اصحاب أمير المؤمنين صلوات الله عليه واخرى من أصحاب الحسينعليه‌السلام .

(٢) اسمه وردان ولقبه كنكر - كجعفر - وكنيته ابوخالد.

عده الشيخ في رجاله تارة من اصحاب على بن الحسينعليهما‌السلام واخرى من اصحاب الباقرعليه‌السلام .

(٣) هو محمد بن جبير بن مطعم - كمحسن - روى الكشى في رجاله ص ٧٦ عن الفضل بن شاذان أنه لم يكن في زمن على بن الحسينعليهما‌السلام في أول امره الا خمسة أنفس: سعيد بن جبير، سعيد ابن المسيب، محمد بن جبير بن مطعم، يحيى بن ام طويل، ابوخالد الكابلى واسمه وردان ولقبه كنكر. الخ.اقول: حكيم بن جبير وسعيد بن جبير كلاهما من اصحاب على بن الحسينعليهما‌السلام .

(٤) عد الشيخ في رجاله حكم بن عبدالرحمن بن ابى نعيم البجلى الكوفى تارة من اصحاب الباقر وأخرى من اصحاب الصادقعليهما‌السلام . والنسبة إلى الجد شايع عندهم.

(٥) روى الكلينىرحمه‌الله نحوه في روضة الكافى تحت رقم ٤٤٩.

(٦) قال في اللباب: " البهرانى " - بفتح الباء الموحدة وسكون الهاء وفتح الراء وفى آخرها النون - هذه النسبة إلى بهراء وهى قبيلة نزل، اكثرها مدينة حمص من الشام ينسب اليها عبدالله ابن دينار.وقال ابن الاثير: وهم من قبيلة قضاعة وهو بهراء بن عمرو بن الحاف بن قضاعة ومنهم المقداد بن عمرو البهراني المعروف بابن أسود الزهري، كان له فيهم حلف فنسب إليهم. ا ه‍

٩

الاسود بن عبد يغوث الزهري تبناه(١) فنسب إليه - رحمة الله عليه -.

حدثنا جعفر بن الحسين المؤمن، عن محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى يرفعه، عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: إن سلمان كان منه إلى ارتفاع النهار فعاقبه الله أن وجئ في عنقه حتى صيرت كهيئة السلعة حمراء(٢) وأبوذر كان منه إلى وقت الظهر، فعاقبه الله إلى أن سلط عليه عثمان حتى حمله على قتب وأكحل لحم إليتيه وطرده عن جوار رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فأما الذي لم يتغير منذ قبض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتى فارق الدنيا طرفة عين، فالمقداد بن الاسود لم يزل قائما قابضا على قائم السيف عيناه في عيني أمير المؤمنينعليه‌السلام ينتظر متى يأمره فيمضي.(٣) وعنه، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن عبدالرحمن بن أبي نجران، عن صفوان بن مهران الجمال، عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إن الله أمرني بحب أربعة، قالوا: ومن هم يا رسول الله؟ قال: علي ابن أبي طالب ثم سكت، ثم قال: إن الله أمرني بحب أربعة، قالوا: ومن هم يا رسول الله؟ قال علي بن أبي طالب ثم سكت، ثم قال: إن الله أمرني بحب أربعة، قالوا: ومن هم يا رسول الله؟ قال: علي بن أبي طالب، والمقداد بن الاسود، وأبوذر الغفاري، وسلمان الفارسي(٤) .

__________________

(١) أى اتخذه ابنا له.

(٢) في بعض النسخ [ كهيئة السلعاء حمراء ].

(٣) لم نعثر على هذه الرواية في غيره من الكتب.وأوردها المجلسىرحمه‌الله في المجلد الثامن من البحار ص ٥٢ ولم يتعرض لتوجيهها.ونقلها المحدث النورىقدس‌سره في نفس الرحمن باب الخامس عشر وذكر في توجيهها بيانا فمن اراد الاطلاع فليراجع هناك.والسلعة بكسر السين: الضواة، وهي زيادة تحدث في الجسد مثل الغدة وقال الازهري: هي الجدرة تخرج بالرأس وسائر الجسد تمور بين الجلد واللحم اذا حركتها وقد تكون لسائر البدن في العنق وغيره وقد تكون من حمصة إلى بطيخة. والسلع البرص والاسلع: الابرص، والسلع: آثار النار بالجسد ورجل اسلع: تصيبه النار فيحترق فيرى اثرها فيه. (لسان العرب)

(٤) رواه المؤلف في أماليه مسندا في المجلس الخامس عشر منه ورواه الصدوق أيضا في الخصال أبواب الاربعة. واورد مثله ابن عبدالبر في الاستيعاب ورواه ايضا عبدالله بن جعفر الحميرى في قرب الاسناد ص ٢٧ الطبع الحجرى.

١٠

علي بن الحسين بن يوسف، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن محمد بن إسماعيل، عن علي بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن أبي بكر الحضرمي قال: قال أبوجعفرعليه‌السلام : ارتد الناس إلا ثلاثة نفر: سلمان وأبوذر، والمقداد.

قال: فقلت: فعمار؟ فقال: قد كان جاض جيضة(١) ، ثم رجع ثم قال: إن أردت الذي لم يشك ولم يدخله شئ فالمقداد، فأما سلمان فإنه عرض في قلبه عارض، أن عند ذا يعني أمير المؤمنينعليه‌السلام اسم الله الاعظم لو تكلم به لاخذتهم الارض وهو هكذا، فلبسب ووجئت في عنقه حتى تركت كالسلعة(٢) ومر به أمير المؤمنينعليه‌السلام فقال: يا أبا عبدالله هذا من ذاك بايع، فبايع، وأما أبوذر فأمره أمير المؤمنينعليه‌السلام بالسكوت ولم يكن تأخذه في الله لومة لائم، فأبى إلا أن يتكلم فمر به عثمان فأمر به، ثم أناب الناس بعد فكان أول من أناب أبوساسان الانصاري وأبوعمرة وفلان حتى عقد سبعة، ولم يكن يعرف حق أمير المؤمنينعليه‌السلام ، إلا هؤلاء السبعة.(٣) وحدثنا أحمد بن محمد، ومحمد بن الحسن، عن سعد بن عبدالله، عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن بعض أصحابنا، عن أبي القاسم الايادي، عن هشام بن سالم قال: قال أبوعبداللهعليه‌السلام : إنما منزلة المقداد بن الاسود في هذه الامة كمنزلة ألف في القرآن لا يلزق بها شئ(٤) .

جعفر بن الحسين، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن أبي عبدالله

__________________

(١) جاض - بالجيم والضاد - وقد يقرأ - بالحاء والصاد المهملتين - وكلاهما بمعنى الحيود والزيغ.

كذا ذكره السيد الداماد في الرواشح.وقال المجلسىرحمه‌الله بعد نقل الخبر عن رجال الكشى: جاض عنه: حاد ومال وفى بعض النسخ بالحاء والصاد المهملتين بمعناه وحاصوا عن العدو: انهزموا. انتهى. والخبر في رجال الكشى ص ٨.

(٢) في القاموس: لببه أى جمع ثيابه عند نحره في الخصومة ثم جره. ا ه‍.ووجأ يوجأ وجأ فلانا بالسكين أو بيده: ضربه في اى موضع كان، فهو موجوء.والسلعة كما مر - بالكسر - كالغدة في الجسد و يفتح ويحرك أو غدة فيها او زيادة في البدن كالغدة تتحرك اذا حركت. على ما في القاموس.

(٣) رواه الكشى في رجاله ص ٨ عن على بن الحكم.

(٤) نقله المجلسى في البحار ج ٦ باب احوال مقداد قائلا بعده: بيان: لعل المراد في بعض الصفات الممتازة لا يلحقه أحد فلا تنافى كون سلمان أفضل منه مع أنه يحتمل أن يكون الحصر اضافيا. ا ه‍

١١

البرقي، عن أبيه، عن محمد بن عمرو، عن كرام، [ و ] عن إسماعيل بن جابر، عن مفضل بن عمر قال: قال أبوعبداللهعليه‌السلام : لما بايع الناس أبا بكر أتى أمير المؤمنينعليه‌السلام ملببا ليبايع قال سلمان أتضع ذا بهذا؟ والله لو أقسم على الله لانطبقت ذه على ذه قال: وقال أبوذر وقال: المقداد [ والله ] هكذا أراد الله أن يكون، فقال أبوعبداللهعليه‌السلام : كان المقداد أعظم الناس إيمانا تلك الساعة.(١) حدثني محمد بن الحسن، عن سعد بن عبدالله، عن محمد بن عيسى، عن النضر بن سويد عمن حدثه من اصحابنا، عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: ما بقي أحد بعدما قبض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلا وقد جال جولة إلا المقداد فإن قلبه كان مثل زبر الحديد.(٢) حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى، عن أبيه.

عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن وهيب بن حفص، عن أبي بصير، عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال سمعته يقول: إن سلمان علم الاسم الاعظم(٣) .

جعفر بن محمد بن قولويه، عن أبيه، ومحمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن فضال، عن عبدالله بن بكير عن زرارة قال: سمعت أبا عبداللهعليه‌السلام يقول: أدرك سلمان العلم الاول والعلم الآخر وهو بحر لا ينزح(٤) وهو منا أهل البيت بلغ من علمه أنه مر برجل في رهط فقال له: يا عبدالله تب إلى الله من الذي عملت في بطن بيتك البارحة واتق الله، فقال الرجل: أستغفر الله وأتوب إليه، قال: ثم مضى وقال له القوم: لقد رماك بأمر وما دفعته عن نفسك قال: إنه أخبرني بأمر ما اطلع عليه أحد إلا الله رب العالمين وأنا(٥) .

وعنه، عن سعد بن عبدالله، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن أسلم الجبلي، عن علي ابن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لسلمان: يا

__________________

(١) نقله المجلسى في المجلد الثامن من البحار ٥٢. ولبب فلانا: أخذه بتلبيبه و جره.

(٢) رواه الكشى في رجاله ص ٧.

(٣) رواه الكشى في رجاله ص ٨.

(٤) كذا.

(٥) رواه الكشى في رجاله ص ٨ وزاد في آخره " وفى خبر آخر مثله " وزاد في آخره إن الرجل كان ابا بكر بن ابى قحافة، ونقله المجلسى عن الكتابين في البحار ج ٦ ص ٧٩٠.

١٢

سلمان لو عرض علمك على المقداد لكفر، يا مقداد لو عرض صبرك على سلمان لكفر(١) .

حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى، عن أحمد بن إدريس، عن عمران بن موسى، عن موسى ابن جعفر البغدادي، عن عمرو بن سعيد المدائني، عن عيسى بن حمزة قال: قلت لابي عبداللهعليه‌السلام : الحديث الذي جاء في الاربعة، قال: وما هو؟ قلت، الاربعة التي اشتاقت إليهم الجنة، قال: نعم منهم سلمان وأبوذر والمقداد وعمار، قلت: فأيهم أفضل؟ قال: سلمان، ثم أطرق، ثم قال: علم سلمان علما لو علمه أبوذر كفر(٢) .

وحدثنا جعفر بن الحسين، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد ابن عيسى أو غيره، عن بعض أصحابنا، عن عباس بن حمزة الشهرزوري(٣) رفعه إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: كان سلمان يطبخ قدرا فدخل عليه أبوذر فانكبت القدر فسقطت على وجهها ولم يذهب منها شئ فردها على الاثافي(٤) ثم انكبت الثانية فلم يذهب منها شئ فردها على الاثافي، فمر أبوذر إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام مسرعا قد ضاق صدره مما رأى وسلمان يقفو أثره حتى انتهى إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فنظر أمير المومنين إلى سلمان فقال له: يا أبا عبدالله أرفق بأخيك(٥) .

وعنه، عن سعد بن عبدالله، عن أيوب بن نوح عن أحمد بن إسماعيل الفراء عن رجل

__________________

(١) رواه الكشى في رجاله ص ٧ وفيه " يا مقداد لو عرض علمك على سلمان لكفر " وقال المحدث النورى في نفس الرحمن الباب الخامس بعد نقل الحديث عن الكتابين: الظاهر بقرينة الراوى والمروى عنه والامامعليه‌السلام اتحاد المتن فيتعين التحريف في آخر أحدهما ولعله في الثانى [ اى الاختصاص ] أولى وإن امكن التوجيه بما يأتى في باب سيرة سلمان بعد النبى بما صبت عليه وعلى أقرانه من المصائب أنه عرض في قلب كلهم شئ إلا مقداد فان قلبه كان كالزبر الحديد فكان اصبر منهم و ذلك لا ينافى أفضلية سلمان منهم.أقول: أراد بما ياتى ما مضى في ص ١٠. وهذا الخبر أورده المجلسىرحمه‌الله في البحار ج ٦ ص ٧٨٥.

(٢) نقله المجلسىرحمه‌الله عن الكتاب في البحار ج ٦ ص ٧٨٣.

(٣) الشهر زور: بلدة بين الموصل وهمدان مشهورة بناها زور بن الضحاك. وقيل: شهرزور معناه مدينة زور. كذا في اللباب.

(٤) الاثافى جمع أثفية وهى الحجر الذى توضع عليه القدر.

(٥) في بعض النسخ [ ارفق بصاحبك ]. وهكذا نقله المجلسى في البحار ج ٦ ص ٧٩٣.

١٣

قال: قلت لابي عبداللهعليه‌السلام : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في أبي ذر: ما أظلت الخضراء وما أقلت الغبراء أصدق لهجة من أبي ذر؟ قال: بلى، قلت: فأين رسول الله وأمير المؤمنين والحسن والحسينعليهم‌السلام ؟ قال: فقال لي: كم فيكم السنة شهرا؟ قلت: اثنا عشر شهرا، قال: كم منها حرام؟ قلت: أربعة أشهر، قال: شهر رمضان منها؟ قلت: لا، قال إن شهر رمضان ليلة العمل فيها أفضل من ألف شهر إنا أهل بيت لا يقاس بنا أحد(١) .

حدثنا محمد بن الحسن، عن سعيد بن عبدالله، عن محمد بن إسماعيل بن عيسى، عن ابن أبي نجران، عن المفضل بنصالح، عن محمد بن مروان، عن رجل، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إن الله أوحى إلي أن احب أربعة: عليا وأبا ذر وسلمان والمقداد - مختصر -(٢) .

وعنه(٣) ، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن أبي القاسم، عن محمد بن علي، عن نصر بن أحمد، عن أبي مخنف لوط بن يحيى، عن محمد بن إسحاق، عن صالح بن إبراهيم، عن عبدالرحمن ابن عوف قال: حدثني شيخ من أسلم شهد صفين مع القوم قال: والله إن الناس على سكناتهم فما راعنا إلا صوت عمار بن ياسر حين اعتدلت الشمس أو كادت تعتدل وهو يقول: أيها الناس من رائح إلى الجنة كالضمآن يروي الماء؟ ما الجنة إلا تحت أطراف العوالي(٤) ، اليوم ألقي الاحبة محمد وحزبه، يا معشر المسلمين ! اصدقوا الله فيهم فإنهم والله أبناء الاحزاب دخلوا في هذا الدين كارهين حين أذلتهم حد السيوف وخرجوا منه طائعين حتى أمكنتم الفرصة.

وكان يومئذ ابن تسعين سنة قال: فوالله ما كان إلا الالجام و الاسراج.

__________________

(١) رواه الصدوقرحمه‌الله في باب ١٥٥ من معانى الاخبار بتمامه.والكشى في ص ١٦ من رجاله إلى قوله: " أصدق لهجة من أبى ذر " وأخرجه ايضا ابن الاثير في جامع الاصول برواية الترمذى عن أنس تارة واخرى عن ابن عمرو بن العاص. وثالثة عن ابى ذر نفسه - رضى الله عنه -. وذكره المجلسى في البحار ج ٨ ص ٣٢٤ وأخرجه ايضا ابن عبدالبر في الاستيعاب وابن حجر في الاصابه بطرق كثيرة. وأقلته الرعدة أى أصابته.

(٢) هكذا نقله المجلسىرحمه‌الله عن الكتاب في المجلد السادس من البحار ص ٨٣. وأخرج نحوه ابن الاثير في جامع الاصول عن الترمذى.

(٣) الضمير في " عنه " راجع إلى جعفر بن الحسين.

(٤) العوالى جمع العالية وهى اعلا الرمح.

١٤

وقال عمار حين نظر إلى راية عمرو بن العاص: إن هذه الراية قد قاتلتنا ثلاث عركات(١) وما هي بأشدهن، ثم حمل وهو يقول

نحن ضربناكم على تنزيله

فاليوم نضربكم على تأويله

ضربا يزيل الهام عن مقيله

ويذهل الخليل عن خليله

أو يرجع الحق إلى سبيله

يا رب إني مؤمن بقيله

ثم استسقى عمار واشتد ظمأوه فأتته امرأة طويلة اليدين، ما أدري أعسل معها أم إداوة فيها ضياح من لبن وقال: الجنة تحت الاسنة، اليوم ألقي الاحبة محمدا وحزبه والله لو هزمونا حتى يبلغوا بنا سعفات هجر(٢) لعلمنا أنا على الحق وأنهم على الباطل ثم حمل وحمل عليه ابن جوين السكسكى وأبوالعادية الفزارى(٣) فأما أبوالعادية فطعنه وأما ابن جوين إجتز رأسه - لعنهم الله -(٤) .

__________________

(١) في الصحاح لقيته عركة - بالتسكين - أى مرة ولقيته عركات أى مرات.

(٢) قال في مجمع البحرين: في حديث الجمل: والله لو ضربونا حتى يبلغوا بنا سعفات من هجر لعلمنا انا على الحق.السعفات جمع سعفة بالتحريك جريدة النخل ما دامت بالخوص فان زال عنها قيل: جريدة.وقيل: اذا يبست سميت سعفة انتهى. قال بعض الشارحين وخص هجر لبعد المسافة ولكثرة النخل بها.اقول الهجر - بالتحريك - قاعدة البحرين أو ناحيته - سبق ذكره في ص ٣ نقلا من المراصد.

(٣) ابن جوين في بعض النسخ ابن جون وفى كامل ابن الاثير ابن حوى.وأبوالعادية الفزارى في الكامل أبوالغازية - بالغين والزاى المعجمتين ولكن في زيارت امير المؤمنينعليه‌السلام يوم الغدير هكذا " وعمار يجاهد وينادى بين الصفين الرواح الرواح إلى الجنة ولما استسقى فسقى اللبن كبر وقال: قال لى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : آخر شرابك من الدنيا ضياح من لبن وتقتلك الفئة الباغية فاعترضه أبوالعادية الفزارى فقتله. الخ.وقال في اللباب: السكسكى - بفتح السين وسكون الكاف وفتح السين الثانية وفى آخرها كاف أخرى - هذه النسبة إلى سكاسك وهى بطن من كندة.

(٤) روى نحوه نصر بن مزاحم في كتاب الصفين ص ١٧٨ الطبع الحجرى.

١٥

عمرو بن الحمق الخزاعى

حدثنا جعفر بن الحسين، عن محمد بن جعفر المؤدب، عن أحمد بن أبي عبدالله البرقي عن أبيه، رفعه قال: قال عمرو بن الحمق الخزاعي لامير المؤمنينعليه‌السلام : والله ما جئتك لمال من الدنيا تعطينيها ولا لالتماس السلطان ترفع به ذكري إلا لانك ابن عم رسول الله صلوات الله عليهما وأولى الناس بالناس وزوج فاطمة سيدة نساء العالمينعليها‌السلام وأبوالذرية التى بقيت لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأعظم سهما للاسلام من المهاجرين والانصار، والله لو كلفتنى نقل الجبال الرواسي ونزح البحور الطوامي(١) أبدا حتى يأتي علي يومي وفي يدي سيفي أهز به عدوك(٢) وأقوي به وليك ويعلو به الله كعبك ويفلج به حجتك(٣) ما ظننت أني أديت من حقك كل الحق الذي يجب لك علي.

فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : اللهم نور قلبه باليقين واهده إلى الصراط المستقيم، ليت في شيعتي مائة مثلك(٤) .

وحدثنا أحمد بن هارون، وجعفر بن محمد بن قولويه، وجماعة، عن علي بن الحسين، عن عبدالله بن جعفر الحميري، عن محمد بن الحسن، عن أحمد بن النضر، عن صباح، عن الحارث ابن الحصيرة، عن صخر بن الحكم الفزاري(٥) ، عمن حدثه أنه سمع عمرو بن الحمق يحدث عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه سمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في المسجد الحرام أو في مسجد المدينة يقول: يا عمرو وهل لك في أن اريك آية الجنة يأكل الطعام ويشرب الشراب ويمشي في الاسواق وآية النار يأكل الطعام ويشرب الشراب ويمشي في الاسواق؟ فقلت: نعم بأبي أنت وأمي فأرنيهما، فأقبل عليعليه‌السلام يمشي حتى سلم فجلس، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا عمرو هذا وقومه آية الجنة، ثم أقبل معاوية حتى سلم، ثم جلس، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا عمرو هذا وقومه آية النار.

__________________

(١) الطوامى: الممتلئ، طمى البحر اذا امتلاء ماء.

(٢) أهز في بعض النسخ [ اهزم ]. وهززت الشئ هزا فاهتز أى حركته فتحرك.

(٣) الكعب: الشرف والمجد ورجل عالى الكعب أى شريف. والفلج: الفوز والظفر

(٤) رواه نصر بن مزاحم في كتاب الصفين ص ٥٦ من الطبع الحجرى بأدنى تفاوت في اللفظ واورده المجلسىرحمه‌الله عن الكتابين في البحار ج ٨ ص ٤٧٥ و ٧٢٦.

(٥) لم نعثر على ترجمة لصخر في كتب التراجم وفى بعض النسخ [الحارث بن الحصيرة بن صخر ابن الحكم].

١٦

الجنة فأقبلوا حتى انتهوا إلي من آخر النهار فأمرت فتياني فنحروا جزورا وحلبوا من اللبن فبات القوم يطعمون من اللحم ما شاؤوا ويسقون من اللبن، ثم أصبحوا، فقلت: ما أنتم بمنطلقين حتى وذكر أن بدء إسلامه أنه كان في إبل لاهله وكانوا أهل عهد لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وإن اناسا من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مروا به وقد بعثهم رسول الله صلى الله عليه آله في بعث، فقالوا: يا رسول اله ما معنا زاد ولا نهتدي الطريق، فقال: إنكم ستلقون رجلا صبيح الوجه يطعمكم من الطعام ويسقيكم من الشراب ويهديكم الطريق، هو من أهل تطعموا أو تزودوا، فقال رجل منهم وضحك إلى صاحبه، فقلت: ولم ضحكت؟ فقال: أبشر ببشرى الله ورسوله، فقلت: وما ذاك؟ قال: فقال: بعثنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في هذا الفج وأخبرناه أنه ليس لنا زاد ولا هداية الطريق، فقال: ستلقون رجلا صبيح الوجه يطعمكم الطعام ويسقيكم من الشراب ويدلكم على الطريق من أهل الجنة فلم نلق من يوافق نعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم غيرك، قال: فركبت معهم فأرشدتهم الطريق ثم انصرفت إلى فتياني وأوصيتهم بإبل ثم سرت كما أنا إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتى بايعت وأسلمت و أخذت لنفسي ولقومي أمانا من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، إنا آمنون على أموالنا ودمائنا إذا شهدنا أن لا إله إلا الله وان محمدا رسول الله، واقمنا الصلاة وآتينا الزكاة فأقمنا سهم الله و رسوله فإذا فعلتم ذلك فأنتم آمنون على أموالكم ودمائكم، لكم بذلك ذمة الله ورسوله لا يعتدى عليكم في ولا دم، فأقمت مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما أقمت وغزونا معه غزوات وقبض الله رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (١) .

قال: كان عمرو بن الحمق الخزاعي شيعة لعلي بن أبي طالبعليه‌السلام فلما صار الامر إلى معاوية انحاز إلى شهر زور من الموصل وكتب إليه معاوية: أما بعد فإن الله أطفأ النائرة، وأخمد الفتنة، وجعل العاقبة للمتقين، ولست بأبعد أصحابك همة ولا أشدهم في سوء الاثر صنعا، كلهم قد أسهل(٢) بطاعتي وسارع إلى الدخول في أمري وقد بطؤ بك ما بطؤ فادخل فيما دخل فيه الناس يمح عنك سالف ذنوبك ومحى داثر حسناتك ولعلي لا أكون لك دون من كان قبلي إن أبقيت واتقيت ووقيت وأحسنت فاقدم علي آمنا في ذمة الله وذمة رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم محفوظا من حسد القلوب وإحن الصدور(٣) وكفي بالله شهيدا.

__________________

(١) نقله المجلسىرحمه‌الله في البحار المجلد الثامن ص ٧٢٦ عن الكتاب.

(٢) اسهل بطاعتى أى رفع عن نفسه الشدة. يقال: أسهل القوم أى صاروا إلى السهل. وفى بعض النسخ [استهل] أى رفع صوته او صار إليها فرحا من قولهم: استهل فرحا. قاله المجلسى.

(٣) الاحنة: الحقد والعداوة جمعه إحن - كعصم -.

١٧

فلم يقدم عليه عمرو بن الحمق فبعث إليه من قتله وجاء برأسه وبعث به إلى امرأته فوضع في حجرها فقالت: سترتموه عني طويلا وأهديتموه إلي قتيلا فأهلا وسهلا من هدية غير قالية ولا مقلية، بلغ أيها الرسول عني معاوية ما أقول: طلب الله بدمه وعجل الوبيل من نقمه(١) فقد أتى أمرا فريا وقتل بارا تقيا، فأبلغ أيها الرسول معاوية ما قلت.

فبلغ الرسول ما قالت، فبعث إليها فقال لها: أنت القائلة ما قلت؟ قالت: نعم غير ناكلة عنه ولا معتذرة منه، قال لها: اخرجي من بلادي قالت: أفعل فوالله ما هو لي بوطن ولا أحن فيها إلى سجن، ولقط طال بها سهري واشتد بها عبري(٢) وكثر فيها ديني من غير ما قرت به عينى، فقال عبد الله بن أبي سرح الكاتب: يا أمير المؤمنين إنها منافقة فألحقها بزوجها، فنظرت إليه فقالت: يا من بين لحييه كجثمان الضفدع ألا قلت من أنعمك خلعا واصفاك كساء؟ إنما المارق المنافق من قال بغير الصواب واتخذ العباد كالارباب فانزل كفره في الكتاب، فأومى معاوية إلى الحاجب بإخراجها، فقالت: واعجباه من ابن هند يشير إلي ببنانه ويمنعني نوافذ لسانه، أما والله لابقرنه بكلام عتيد كنواقد الحديد أو ما أنا بآمنة بنت الشريد.(٣) عن أبي عبداللهعليه‌السلام (٤) قال: المفقود ينتظر أهله أربع سنين فإن عاد وإلا تزوجت فإن قدم زوجها خيرت فإن اختارت الاول اعتدت من الثاني ورجعت إلى الاول وإن

__________________

(١) الوبيل: الشديد. والوخيم: سوء العاقبة. وفي بعض النسخ [ عجل الويل من نقمه ].

(٢) " أحن فيها " أى اشتاق. وفى بعض النسخ [ إلى شجن ] والشجن: الهم والحزن. و في بلاغات النساء " إلى سكن ". والعبر: الدمعة.

(٣) ذكره صاحب بلاغات النساء ص ٥٩ من كتابه بصورة مفصلة قال: حدثنا العباس بن بكار قال: حدثنا أبوبكر الهذلي، عن الزهري وسهل بن أبي سهل التميمى عن ابيه قال لما قتل علي بن أبى طالب وساق إلى آخر المقال ونقله صاحب دائرة المعارف (محمد فريد وجدى) ج ١ ص ٥٩٥.

(٤) هكذا في النسختين ولعل هنا سقطا أو هذا نشأ من اختلال نظم الاوراق وترتيبها بسبب تقديم بعض الورقات وتأخير بعضها في نسخة الاصل أو نسخة التى استنسخت منها النسخ المتاخرة.

١٨

اختارت الثاني فهو زوجها.(١) عن علي بن سويد السائي، عن أبي الحسن الاولعليه‌السلام قال: ما خلق الله خلقا أفضل من محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولا خلق خلقا بعد محمد أفضل من عليعليه‌السلام .(٢) محمد بن الفضيل: قال: سمعت أبا الحسنعليه‌السلام يقول: ولاية عليعليه‌السلام مكتوبة في جميع صحف الانبياء.(٣) عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفرعليه‌السلام في قول الله تبارك وتعالى: " عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا " قال: يجلسه على العرش معه.(٤) الحسن بن علي الوشاء، عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام قال: قال لي: مالي أراك مصفرا؟ فقلت: هذا الحمى الربع قد ألحت علي(٥) ، قال: فدعا بدواة وقرطاس ثم كتب بسم الله الرحمن الرحيم أبجد هوز حطي عن فلان بن فلانة، ثم دعا بخيط فاتى بخيط مبلول، فقال: ائتني بخيط لم يمسه الماء فاتي بخيط يابس فشد وسطه وعقد على الجانب الايمن أربعة وعقد على الايسر ثلاث عقد وقرأ على كل عقدة الحمد والمعوذتين وآية الكرسي،

__________________

(١) نقله المجلسى في البحار ج ٢٣ ص ١٣٠ من الكتاب.وقال العلامةرحمه‌الله في القواعد ج ٢ ص ٧١ في المفقود عنها زوجها: اذا غاب الرجل عن امرأته فان عرف خبره بانه حى وجب الصبر ابدا وكذا إن انفق عليها وليه ولو جهل خبره ولم يكن من ينفق عليه فان صبرت فلا كلام والا رفع أمرها إلى الحاكم فيؤجلها أربع سنين ويبحث عنه الحاكم هذه المدة فان عرف حياته صبرت أبدا وعلى الامام أن ينفق عليها من بيت المال وان لم يعرف حياته أمرها بالاعتداد عدة الوفاة بعد الاربع ثم حلت للازواج ولو صبرت بعد الاربع غير معتدة لانتظار خبره جاز لها بعد ذلك الاعتداد متى شاء‌ت.وقال في فروع تلك المسألة: لو جاء الزوج وقد خرجت من العدة ونكحت فلا سبيل له عليها وان جاء وهى في العدة فهو املك بها ولو جاء بعد العدة قبل التزويج فقولان الاقرب أنه لا سبيل له عليها.ولو نكحت بعد العدة ثم ظهر موت الزوج كان العقد الثانى صحيحا ولا عدة سواء كان موته قبل العدة أو بعدها لسقوط اعتبار عقد الاول في نظر الشرع.

(٢) نقله المجلسى في البحار ج ٦ ص ١٨٢ من الكتاب.

(٣) رواه الصفار في البصائر الباب الثانى من الجزء الثامن وزاد في آخره " ولن يبعث الله نبيا الا بنبوة محمد وولاية وصيه علىعليه‌السلام ".

(٤) نقله المجلسى في البحار ج ٦ ص ١٨٢ بدون ذكر " معه " وعلى فرض كونه يكون المراد نهاية قربهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إليه تعالى والاية في سورة الاسراء: ٧٨.

(٥) في بعض النسخ [ ألحف على ].

١٩

ثم دفعه إلي وقال: شده على عضدك الايمن ولا تشده على الايسر.(١) عن عبدالله بن سنان قال: قال أبوعبداللهعليه‌السلام : سؤر المؤمنشفاء من سبعين داء.(٢)

حديث الغار

محمد بن عيسى بن عبيد، عن علي بن أسباط، عن الحكم بن مروان، عن يونس بن صهيب، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: نظر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى أبي بكر وقد ذهب به إلى الغار فقال: مالك أليس الله معنا؟ تريد أن اريك أصحابي من الانصار في مجالسهم يتحدثون واريك جعفر بن أبي طالب وأصحابه في سفينة يغوصون؟ فقال: نعم أرنيهم.

فمسح رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وجهه وعينيه فنظر إليهم فأضمر في نفسه أنه ساحر.(٣) أحمد بن محمد بن عيسى، عن سهل بن زياد، عن أبي يحيى الواسطي قال: حدثني علي بن بلال قال: حدثني محمد بن محمد الواسطي قال: كنت ببغداد عنه محمد بن سماعة القاضي وعنده رجل، فقال له: إني دخلت مسجد الكوفة فجلست إلى بعض أساطينه لاصلي ركعتين فإذا خلفي امرأة أعرابية بدوية وعليها شملة وهي تنادي: يا مشهورا في الدنيا ويا مشهورا في الآخرة ويا مشهورا في السماء ويا مشهورا في الارض ! جهدت الجبابرة على إطفاء نورك وإخماد ذكرك فأبى الله لنورك إلا ضياء ولذكرك إلا علوا ولو كره المشركون، قال، فقلت: يا أمة الله ومن هذا الذي تصفينه بهذه الصفة؟ قالت: ذاك أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب الذي لا يجوز التوحيد إلا به وبولايته، قال: فالتفت إليها فلم أر أحدا.(٤)

__________________

(١) نقله المجلسى في البحار ج ١٩ ص ١٨٩ من الكتاب.

(٢) نقله المجلسى في البحار ج ١٧ ص ١٢٥ من الكتاب.

(٣) نقله في البحار ج ٨ ص ٢٢٧ من الكتاب. والسند هكذا.

(٤) رواه الصدوق في أماليه في المجلس الثالث والستين عن الطالقانى عن محمد بن جرير الطبرى، عن الحسن بن محمد، عن الحسن بن يحيى الدهان قال: كنت ببغداد عند قاضى بغداد واسمه سماعة اذ دخل عليه رجل من كبار أهل بغداد فقال له: اصلح الله القاضى انى حججت في السنين الماضية فمررت بالكوفة فدخلت في مرجعى إلى مسجدها فبينا أنا واقف في المسجد اريد الصلاة اذا أمامى امرأة اعرابية بدوية مرخية الذوائب عليها شملة وهى تنادى وتقول: يا مشهورا في السماوات ويا مشهورا في الارضين ويا مشهورا في الاخرة الخ. ونقله المجلسى في البحار ج ٩ ص ٣٨٢.

٢٠

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

والولاية لأمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام والبراءة من أعدائه(١) ، وأول ما يزور من العراق النجف(٢) ، ثم يجعل الكوفة عاصمته ، ويختار فيها منزله(٣) ، ومن أدركه فليسلم عليه بقوله : « السّلام عليكم يا أهل بيت النبوّة ، ومعدن العلم ، وموضع الرسالة »(٤) .

وهذا غيض ، من فيض ، إغترفتاه على عجّل من بحر الإمام الباقرعليه‌السلام وحده ، لخّصنا فيه مضامين بعض أحاديثه الشريفة في الإمام المهديعليه‌السلام وما تركناه أكثر وأكثر.

وقد توزع ما ذكرناه على خمسين رجلا من أصحابهعليه‌السلام ، وهم :

١ ـ أبو ايوب المخزومي ، ٢ ـ أبو بصير ، ٣ ـ أبو بكر الحضرمي ، ٤ ـ أبو الجارود ، ٥ ـ أبو حمزة الثمالى ، ٦ ـ أبو خالد الكابلي ، ٧ ـ أبو عبيدة الحذاء ، ٨ ـ ابو مريم عبد الغفار بن القاسم ، ٩ ـ أحمد بن عمر ،

__________________

١ ـ كتاب الغيبة للسيد على بن عبد الحميد على ما في بحار المنوار ٥٢ : ٣٠٨ / ٨٣ باب ٢٦.

٢ ـ بصائر الدرجات : ١٨٨ / ٥٤ باب ٤ ، وأصول الكافي ١ : ٢٣١ / ٣ باب ما عند الأئمة من آيات الأنبياءعليهم‌السلام ، من كتاب الحجة ، وتفسير العياشي ١ : ١٠٣ / ٣٠٢ ، وإكمال الدين ٢ : ٦٧٠ / ١٧ باب ٥٨ ، وكتاب الغيبة / النعماني : ٢٣٨ / ٢٨ باب ١٣ ، و : ٣٠٨ / ٣ باب ١٩ ، والإرشاد ٢ : ٣٧٩ ـ ٣٨٠.

٣ ـ كامل الزيارات : ٣٠ / ١١ باب ٨ ، والإرشاد ٢ : ٣٧٩ ـ ٣٨٠ ، وتهذيب الاخبار / الشيخ الطوسي ٦ : ٣١ / ١ باب ١٠ ، وكتاب الغيبة / الشيخ الطوسي : ٢٧٥ و ٢٨٠.

٤ ـ كتاب الغيبة / الشيخ الطوسي : ٢٨٢ ، ونحوه في إكمال الدين ٢ : ٦٥٣ / ١٨ باب ٥٧.

٢٠١

١٠ ـ إسماعيل الجعفي ، ١١ ـ بدر بن الخليل الازدي ، ١٢ ـ بريد العجلي ، ١٣ ـ بشير بن أبي أراكه النبال ، ١٤ ـ بكير بن أعين ، ١٥ ـ ثابت بن عمرو ، ١٦ ـ جابر الجعفي ، ١٧ ـ حصين الثعلبي ، ١٨ ـ حمران بن أعين ، ١٩ ـ زرارة بن أعين ، ٢٠ ـ زيد الكناسي ، ٢١ ـ سالم الأشل ، ٢٢ ـ سلام ابن أبي عميرة ، ٢٣ ـ سلام بن المستنير ، ٢٤ ـ سليمان بن الحسن ، ٢٥ ـ سليمان بن خالد ، ٢٦ ـ سيف بن عميرة ، ٢٧ ـ شرحبيل ، ٢٨ ـ صالح ابن ميثم ٢٩ ـ ضريس ، بن عبد الملك الكناسي ، ٣٠ ـ عبد الله بن أبي يعفور ، ٣١ ـ عبد الله بن حماد الأنصاري ، ٣٢ ـ عبد الله بن عطاء ، ٣٣ ـ عبد الحميد الواسطي ، ٣٤ ـ عبدالرحيم القصير ، ٣٥ ـ عبد الملك بن أعين ، ٣٦ ـ علقمة بن محمد الحضرمي ، ٣٧ ـ عمار الدهني ، ٣٨ ـ عمرو ابن عبد الله بن هند الجملي ، ٣٩ ـ مالك الجهني ، ٤٠ ـ محمد بن علي السلمي ، ٤١ ـ محمد بن فضل ، ٤٢ ـ محمد بن مسلم الثقفي ، ٤٣ ـ معروف ابن خربوذ ، ٤٤ ـ منصور الصيقل ، ٤٥ ـ ميمون البان ، ٤٦ ـ ناجية القطان ، ٤٧ ـ هارون بن هلال ، ٤٨ ـ يحيى بن أبي العلاء ، ٤٩ ـ يحيى بن سابق ، ٥٠ ـ يحيى بن سالم.

وبهذا يتبين لك مذهب الإمام الباقرعليه‌السلام في الإمام المهديعليه‌السلام ، وبه تتضح قيمة ما رواه ابن سعد في طبقاته أولا ، وما أخرجه ابن عساكر ثانيا ، من إكذوبتين ما أنزل الله بهما من سلطان.

على أن مسلمة بن أبي سعيد الذي روى عنه ابن سعد ، لا خير فيه عندهم ، وأهمله أكثرهم.

٢٠٢

ومولى هند بنت أسماء الذي أخرج له ابن عساكر ، لا عين له ولا أثر في مصادرهم ، فهو نكرة مهمل غارق في الاهمال.

ونكتفي بهذا القدر في ابطال ما نسبوه إلى الإمام الباقرعليه‌السلام لنرى الاقوال الواردة في تعزيز القول بمهدوية عمر بن عبد العزيز ، وقد نسبت إلى بعض التابعين وغيرهم ، ولم يثبت معظمها ، لضعف رواتها :

رابعا ـ الأقوال الواردة في مهدوية عمر بن عبد العزيز :

ومن الأقوال الواردة في مهدوية عمر بن العزيز الأموي المرواني :

١ ـ قول الحسن البصري : « ما أرى مهديا فهو عمر بن عبد العزيز »(١) .

وقوله : « إن كان مهدي فعمر بن عبد العزيز ، وإلاّ فلا مهدي إلاّ عيسى ابن مريمعليه‌السلام »(٢) .

٢ ـ قول أبي قلابة : « عمر بن عبد العزيز هو المهدي حقا »(٣) .

٣ ـ قول قتادة : « كان يُقال المهدي ابن أربعين سنة ، يعمل بأعمال بني إسرائيل ، فإن لم يكن عمر فلا أدري من هو؟ »(٤) .

__________________

١ ـ الملاحم والفتن / ابن حماد : ٢٦٤ / ١٠٣٩.

٢ ـ حلية الأولياء ٥ : ٢٥٧ / ٣٣١ ، وتاريخ دمشق ٤٥ : ١٨٦ / ٥٢٤٢.

٣ ـ الملاحم والفتن / ابن حماد : ٢٦٤ / ١٠٣٨.

٤ ـ السنن الواردة في الفتن / أبو عمرو الداني ٥ : ١٠٧٤ / ٥٨٨ ، وتاريخ دمشق ٤٥ : ١٨٦ ـ ١٨٧ / ٥٢٤٢.

٢٠٣

٤ ـ قول وهب بن منبّه : « إن كان في هذه الأمة مهدي فهو عمر بن عبد العزيز »(١) .

وقال ابن كثير في البداية والنهاية بعدما أورد قول وهب بن منبّه : « ونحو هذا قال قتادة وسعيد بن المسيب وغير واحد »(٢) .

٥ ـ قول سعيد بن المسيب لرجل سأله : من المهدي؟ فقال : « عمر بن عبد العزيز هو المهدي »(٣) .

خامسا ـ من ردَّ هذه الأقوال ورفضها من العامة :

رفض طاوس كل هذه الأقوال حين سأله إبراهيم بن ميسرة ، قال : « قلت لطاوس : عمر بن عبد العزيز المهدي؟ قال : قد كان مهديا وليس به ، إنّ المهدي إذا كان زيد المحسن في إحسانه وتيب عن المسيء من إساءته ، وهو يبذل المال ، ويشتدّ على العمال ، ويرحم المساكين »(٤) .

ورواه ابن حماد من طريق آخر بلفظ : « قلت لطاوس : عمر بن عبد العزيز المهدي؟ قال : لم ، إنه لا يستكمل العدل كله »(٥) .

__________________

١ ـ حلية الأولياء ٥ : ٢٥٤ / ٣٣١ ، وتاريخ دمشق ٤٥ : ١٨٧ / ٥٢٤٢.

٢ ـ البداية والنهاية / ابن كثير ٩ : ٢٢٥ في حوادث سنة ١٠١ / هـ في ترجمة عمر بن عبد العزيز ، فصل ( وقد كان منتظرا فيما يؤثر من الأخبار )!

٣ ـ الطبقات الكبرى / ابن سعد ٥ : ٣٣٣ ، وتاريخ دمشق ٤٥ : ١٨٨ / ٥٢٤٢.

٤ ـ المصنّف / ابن أبي شيبة ٨ : ٦٧٩ / ١٩٨ ، والملاحم والفتن / ابن حماد : ٢٥٣ / ٩٨٩.

٥ ـ الملاحم والفتن / ابن حماد : ٢٥٢ / ٩٨٧.

٢٠٤

وعلّق عليه السمهودي بقوله : « أي : بل هو مهدي من جملة المهديين غير الموعود به في آخر الزمان ، قال أحمد ـ في إحدى الروايتين عنه ـ وغيره : عمر بن عبد العزيز متّهم »(١) .

ومن الواضح إمكان إضافة العشرات من علماء العامة إلى قائمة تكذيب القول بمهدوية عمر بن عبد العزيز ، وهم من رووا أحاديث المهديعليه‌السلام في تلك الفترة ، وما أكثر هم ، بل لا يوجد من العامة ولا من غيرهم ـ اليوم ـ من يقول البتّةَ بتلك المهدوية الزائفة التي انتهت بموته.

سادسا ـ المهدوية الأموية المروانية في الميزان :

إنّا لا نحتاج ـ في الواقع ـ إلى ما قاله طاوس وغيره في الردّ على مهدوية عمر بن عبد العزيز ؛ إذ لم تكن الأمة الإسلامية ـ في عصر الإمام الصادقعليه‌السلام ( ١١٤ ـ ١٤٨ هـ ) ـ بحاجة إلى من يبيّن لها زيف تلك الأقوال ووهنها ؛ لِعلم الأمة ـ حينئذٍ ـ بأن عمر بن عبد العزيز الأموي قد تولّى السلطة سنة / ٩٩ هـ ، ومات سنة / ١٠١ هـ ، وإنه جاء إليها بعهد من سليمان بن عبدالملكالأموي ( ٩٦ ـ ٩٩ هـ ) ، وقد بايع الأمويون لمن في كتاب العهد الذي كتبه سليمان بيده ثم ختمه ، ولم يفضّه أحد إلى من هلك هذا الطاغية سنة / ٩٩ هـ باتفاق المؤرخين.

ومع أن الأُمويين ليسوا من أهل الحل والعقد ، فهم لم يعرفوا لمن بايعوا إلاّ بعد هلاك سليمان!!

____________

١ ـ جواهر العقدين / السمهودي : ٣١١ ، القسم الثاني من الفصل الثالث.

٢٠٥

وقد كان (المهدي الأموي ) يعتقد بأن سليمان بن عبدالملك إمام مفروض الطاعة(١) ! في الوقت الذي وصفه الحديث بأنه ثاني الجبارين(٢) الأربعة من ولد عبد الملك بن مروان وأنَّ معاوية الوغد كان كذلك في عقيدته ، حتى أنه ما ضرب أحدا في سلطانه غير رجل واحد تناول من معاوية ، فضربه هذا ( المهدي ) ثلاثه اسواط!!(٣) .

ومن ثم سلمها ( مهدي الامويين ) ـ عند احتضاره ـ إلى الجبّار الثالث يزيد بن عبد الملك ( ١٠١ ـ ١٠٥ هـ ) ، وعلى وفق ما رسم له من قبل الجبّار الثاني سليمان ، وهكذا أبقاها عمر بن عبد العزيز في الشجرة الملعونة كعلامة فارقة من علامات ( عدله ) الذي اغترّ به الكثيرون.

نعم لم تكمن الأمة بحاجة إلى من يدلّها على زيف التاريخ الاموي ، وانحراف صانعيه وعتوهم وكفرهم ونفاقهم ، واستسلامهم لا إسلامهم منذ أن بزغ نجمهم على يد باغيتهم ، وانتهاء بقتل حمارهم وانقضاء دولتهم التي مزقت مثل الاسلام أي ممزق ، وعادت بالمجتمع الإسلامي إلى حضيض الجاهلية ، ونقضت الإسلام عروة فعروة. حتى صارت كلمة ( اموي )

____________

١ ـ منع عمر بن عبد العزيز مروان بن عبدالملك من الردّ على اخيه سليمان بن عبدالملك في كلام وقع بينهما ، قائلا له : إنّه إمامك!! راجع : تاريخ الخلفاء / السيوطي : ١٨١.

٢ ـ سليمان هذا أحد الجبابرة الأربعة من ولد عبد الملك بن مروان ، وهم : الوليد ، وسليمان ، ويزيد ، وهشام. وقد وصفهم الحديث بالجبابرة الأربعة. اخرجه الطبراني في المعجم الكبير ١٩ : ٣٨٢ / ٨٩٧ ، فراجع.

٣ ـ تاريخ الخلفاء / السيوطي : ١٩٠.

٢٠٦

وحدها ، كافية على انحراف من تطلق عليه واستهتاره بكل القيم ، إلاّ من خرج بدليل منهم ، وقليل ما هم. فلا غرو إذن في أن تشمئز من ذكرها النفوس وتقشعر الابدان.

والنبي الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الذي بشّر بمهدي أهل البيتعليهم‌السلام حذّر أُمته من الامويين ، بأنهم ليسوا من خلفاء هذه الأمة ، وإنما هم من الملوك ، وأن ملكهم عضوض كسروي(١) .

وقد رآهم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في منامه ، وهم ينزون على منبره الشريف نزو القردة فساءه ذلك ، فما استجمع ضاحكا حتى فارق الحياةصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأنزل الله تعالى في ذلك( وما جعلنا الرّويا الّتي أريناك إلا فتنة للناس والشجرة الملعونة في القرآن ) (٢) أي :بنو أميه (٣) .

____________

١ ـ كما في حديث سفينة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في مسند أحمد ٦ : ٢٨٩ ـ ٢٩٠ / ٢١٤١٢ و ٢١٤١٦ و ٢١٤٢١ ، والطبعة القديمة ٥ : ٢٢٠ ـ ٢٢١ ، وسنن أبي داود ٤ : ٢١٠ / ٤٦٤٦ ـ ٤٦٤٧ ، باب الخلفاء من كتاب السنة ، ومستدرك الحاكم ٣ : ١٥٦ / ٤٦٩٧ والطبعة القديمة ٣ : ١٤٥ ، وحديث أبي هريرة في المستدرك ٣ : ٧٥ / ٤٤٤٠ ، والطبعة القديمة٣ : ٧٢.

٢ ـ سورة الإسراء : ١٧ / ٦٠.

٣ ـ راجع : الكشف والبيان ( تفسير الثعلبي ) ٦ : ١١١ ، والتفسير الكبير / الفخر الرازي مج ١٠ ج ٢٠ ص ٢٣٨ ، والدر المنثور / السيوطي ٥ : ٣١٠ ، وكذلك : تفسير القمي ١ : ٤١١ ـ ٤١٢ وتفسير العياشي ٣ : ٥٧ ـ ٥٨ / ٢٥٣٧ و ٢٥٣٩ و ٢٥٤٣ ، ومجمع البيان / الطبرسي ٦ : ٥٤٨ ؛ كلهم في تفسير الآية ( ٦٠ ) من سورة الإسراء. وقد روى ذلك الحاكم النيسابوري في مستدركه بسنده عن أبي هريرة

٢٠٧

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في بني أميه : إنهم «يرودّون الناس عن الإسلام القهقرى » ، أو : « يردّون الناس على أعقابهم القهقرى »(١) .

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إذا بلغت بنو أميه أربعين رجلا اتّخذوا عبادالله خولا ، ومال الله نحلا ، وكتاب الله دغلا »(٢) .

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «هلاك هذه الأمة على يدى أغيلمة من قريش ».

أخرجه الحالم ثم قال : « هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ، ولهذا الحديث توابع وشواهد عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وصحّابته الطاهرين ، والأئمة من التابعين لم يسعني إلاّ ذكرها ، فذكرت بعض ما حضرني ، منها : »(٣) .

ثم ذكر جملة من تلك الأحاديث ، ولا بأس بالاشارة السريعة إليها وهي :

١ ـ حديث عبدالرحمن بن عوف قال : « كان لا يولد لأحد مولود إلاّ أتي به النيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فدعا له ، فأدخل عليه مروان بن الحكم [ جدّ عمر بن

____________

مرفوعا ، وقال : « هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه » واعترف الذهبي في خلاصة المستدرك بأنه صحيح على شرط مسلم. راجع مستدرك الحاكم ٤ : ٥٢٧ / ٨٤٨١ ، والطبعة القديمة ( وبذيلها خلاصة الذهبي ) ٤ : ٤٨٠.

١ ـ روضة الكافي ٨ : ٢٨٥ / ٥٤٣ ، وتفسير العياشي ٣ : ٥٧ ـ ٥٨ / ١٥٤٠ و ١٥٤١ ، ونحوه في اصول الكافي ١ : ٤٢٦ / ٧٣ باب فيه نكت ونتف من التنزيل في الولاية ، من كتاب الحجة.

٢ ـ مستدرك الحاكم ٤ : ٥٢٥ ـ ٥٢٦ / ٨٤٧٥ ـ ٨٤٧٦ ، والطبعة القديمة ٤ : ٤٧٩.

٣ ـ مستدرك الحاكم ٤ : ٥٢٦/ ذيل الحديث رقم ٨٥٧٦ ، والطبعة القديمة ٤ : ٤٧٩.

٢٠٨

عبد العزيز ] فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «هو الوزغ ابن الوزغ الملعون ابن الملعون ».

قال الحاكم : « هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه »(١) .

٢ ـ وحديث أبيذر ، قال : « سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : إذا بلغ بنو أبي العاص ثلاثين رجلا ، اتّخذوا مال الله دولا ، وعبادالله خولا ، ودين الله دغلا ».

قال الحاكم : « هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه »(٢) ، وقد أخرج له الحاكم شاهدا من رواية أبي سعيد(٣) .

٣ ـ وحديث أبي برزة ، قال : «كان أبغض الأحياء إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : بنو أُميه ، وبنو حنيفة ، وثقيف ».

قال الحاكم : « هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه »(٤) .

٤ ـ وحديث محمد بن زياد ، قال : « لما بايع معاوية لابنه يزيد ، قال مروان : سُنَّة أبي بكر وعمر ، فقال عبد الرحمن بن أبي بكر : سنة هر قل وقيصر ، فقال مروان : أنزل ألله فيك :( والّذي قال لوالديه أفٍّ لَكُمَا ) (٥) .

____________

١ ـ مستدرك الحاكم ٤ : ٥٢٦ / ٨٥٧٧ ، والطبعة القديمة ٤ : ٤٧٩.

٢ ـ مستدرك الحاكم ٤ : ٥٢٦ ـ ٥٢٧ / ٨٤٧٨ ، والطبعة القديمة ٤ : ٤٧٩ ـ ٤٨٠ ، وقد اعترف الذهبي بصحّته على شرط مسلم.

٣ ـ مستدرك الحاكم ٤ : ٥٢٧ / ٨٤٧٩ و ٨٤٨٠ ، والطبعة القديمة ٤ : ٤٨٠.

٤ ـ مستدرك الحاكم ٤ : ٥٢٨ / ٨٤٨٢ ، والطبعة القديمة ٤ : ٤٨٠ ـ ٤٨١ ، وقد اعترف الذهبي بصحته على شرط البخاري ومسلم معا.

٥ ـ سورة الأحقاف : ٤٦ / ١٧.

٢٠٩

قال فبلغ عائشة ، فقالت : كذب والله ما هو به ، ولكن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعن أبا مروان ومروان في صلبه ، فمروان قصص من لعنة الله عزّوجلّ ».

قال الحاكم : « هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه »(١) .

وقد أخرج الطبراني عن الإمام الحسن السبطعليه‌السلام قوله لمروان : «فوالله لقد لعنك الله على لسان نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأنت في صلب أبيك »(٢) .

٥ ـ وحديث عمرو بن مرّة الجهني قال : « إن الحكم بن أبي العاص استأذن على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فعرف النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صوته وكلامه ، فقال : إئذنوا له عليه لعنة الله وعلى من يخرج من صلبه إلاّ المؤمن منهم وقليل ما هم ، يشرفون في الدنيا ويضعون في الآخرة ، ذوو مكر وخديعة ، يعطون في الدنيا ، وما لهم في الآخرة من خَلاق ».

قال الحاكم : « هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ، وشاهده حديث عبد الله بن الزبير » ، ثم أورد حديث ابن الزبير وفيه : «إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعن الحكم وولده » وقال : « هذا الحديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. »(٣) .

ومن مقارنة هذا الشاهد بحديث عمرو بن مرّة الجهني ، يتقوّى احتمال

____________

١ ـ مستدرك الحاكم ٤ : ٥٢٨ / ٨٤٨٣ ، والطبعة القديمة ٤ : ٤٨١.

٢ ـ المعجم الكبير / الطبراني ٣ : ٨٥ / ٢٧٤٠.

٣ ـ مستدرك الحاكم ٤ : ٥٢٨ ـ ٥٢٩ / ٨٤٨٥ ، والطبعة القديمة ٤ : ٤٨١ ـ ٤٨٢ ، وقال الحاكم في ذيل الحديث : « ليعلم طالب العلم إن هذا باب لم أذكر فيه ثلث ما روي ، وإن أول الفتن في هذه الأمة فتنتهم ، ولم يسعني فيما بيني وبين الله أن أخلى الكتاب من ذكرهم ».

٢١٠

زيادة عبارة ( إلاّ المؤمن منهم ، وقليل ما هم ) على حديث الجهني ، خصوصا ومن لعن بني أميه قاطبة قد صحّ من طرقنا ، فلاحظ.

هذا وقد روى الحاكم ـ في مكان آخر ـ عن أبي سعيد الخدري ، قال : « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :إنّ أهل بيتي سيلقون من بعدي من امتي قتلا وتشريدا ، وإنّ أشدّ قومنا لنا بغضا : بنو أُمية ، وبنو المغيرة ، وبنو مخزوم ».

قال الحاكم : « هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه »(١) .

وحين أخذ مروان به الحكم أسيرا يوم الجمل ، وخلّى سبيله أمير المؤمنين عليعليه‌السلام ، فقيل له : « يبايعك يا أمير المؤمنين »؟ فقالعليه‌السلام : «أو لم يبايعتي بعد قتل عثمان؟ لا حاجة لي في بيعته ، إنها كفّ يهودية ، لو بايعني بكفّه لغدر بسُبّته ، أمٍا إنّ له إمرة كلعقة الكلب أنفه ، وهو أبو الأكبُش الأربعة [ يعني : الوليد ، وسليمان ، ويزيد ، وهشام ]وستلقى الأمة منه ومن وُلْدِهِ يوما أحمر »(٢) .

وقد وصف أمير المؤمنين علىعليه‌السلام فتنتهم بقولهعليه‌السلام :

« ألا وإن أخوف الفتن عندي عليكم فتنة بني أميه فانها فتنة عمياء مظلمة وأيم الله لتجدن بني أميه لكم أرباب سوء بعدي كالناب الضروس لا يزالون بكم حتى لا يتركوا منكم إلاّ نافعا لهم أو غير ضائرٍ بهم ، ولا يزال بلاؤهم عنكم حتى لا يكون انتصار أحدكم منهم إلاّ كانتصار العبد من ربّه ، والصاحب من مستصحبه ، ترد عليكم فتنتهم

____________

١ ـ مستدرك الحاكم ٤ : ٥٣٤ / ٨٥٠٠ ، والطبعة القديمة ٤ : ٤٨٧.

٢ ـ نهج البلاغة : ١٠٩ ، رقم / ٧٣ ، ( من كلام لهعليه‌السلام قاله لمروان بن الحكم بالبصرة ).

٢١١

شوهاء مخشيّة ، وقطعا جاهليّة ، ليس فيها منار هدى ، ولا علم يُرى »(١) .

ونتيجة لهذه الأحاديث وغيرها ممالم نذكره وهو كثير جدا في مثالب بني أميه جميعا ، صار العالمون بها ، والمطّلعون على سيرة بني أميه أول كافر بمهدوية عمر بن العزيز عند لحظة انطلاقتها من على أفواه الكذّابين والمجرمين.

جدير بالذكر من ابن المبارك ( ت / ١٨١ هـ ) ، وهو كما يقول المزي : « أحد الائمّة الأعلام ، وحفّاظ الإسلام »(٢) يرى أن معاوية ـ على جرائمة الكبرى ، وموبقاته التي لا أول لها ولا آخر ـ أفضل من عمر بن عبدالعزيز ابن مروان بن الحكم بن أبي العاص الأُموي المرواني(٣) .

وكان هناك من : « يفسّق عمر بن عبد العزيز ، ويستهزئ به ، ويكفّره »(٤) .

فيكون عمر مع هذا هو المهدي؟!

سابعا ـ موقف الإمام الصادقعليه‌السلام من تلك المهدوية :

بعد اتضاح موقف القرآن الكريم ، والسنة النبوية المطهرة من الأمويين والمروانيين ، ودولتهم ( الشجرة الملعونة ) ، وما قاله أمير المؤمنينعليه‌السلام في

____________

١ ـ نهج البلاغة : ١٧٢ خطبة رقم / ٩٣ ( في التنبيه على فضله وعلمهعليه‌السلام ، مع بيان فتنة بني أميه وانحراف دولتهم ).

٢ ـ تهذيب الكمال ١٦ : ٦ / ٣٥٢٠.

٣ ـ راجع : الشريعة / الآجري ٣ : ٥٢٠ / ٢٠١٢. الأثر رقم / ٧١٣.

٤ ـ راجع : شرح نهج البلاغة / ابن أبي الحديد المعتزلي ٢٠ : ٣٢.

٢١٢

فتنتهم وانحرافهم ؛ فماذا يتوقع بعد هذا إذن أن يقوله الإمام الصادقعليه‌السلام في تلك الدولة الخبيثة المنحرفة من رأسها إلى أساسها؟

روى سفيان بن عيينة عن الإمام الصادقعليه‌السلام بأن بني أميه لم يطلقوا تعليم الشرك للناس ؛ لكي إذا حملوهم عليه لم يعرفوه(١) .

وروى الحكم بن سالم ، عمّن حدّثه عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال : « إنّا وآل أبي سفيان أهل بيتين تعادينا في الله ، قلنا : صدق الله ، وقالوا : كذب الله! قاتل أبو سفيان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وقاتل معاوية بن أبي طالبعليه‌السلام ، وقاتل يزيد بن معاوية الحسين بن علىعليه‌السلام ، والسفياني يقاتل القائمعليه‌السلام »(٢) .

واما من اغتر بماورد في سيرة عمر بن عبدالعزيز من رد المظالم وأشباهها كارجاع فدك إلى بني فاطمةعليها‌السلام ووصفهم له بالعدالة!!

فجوابه ما ذكرناه في أول رد هذه المقولة ، بأنه استلم السطلة من الشجرة الملعونة ، ومقتضى العدلّ من يتنحى عنها ولا يتقدم ـ بنص الحديث الصحيح ـ على قوم نهي من التقدم عليهم ، أو على الاقلّ أن يرجعها إليهم بعد وفاته لا أن يرجعها إلى تلك الشجرة الخبيثة التي اجتثت فما لها من قرار.

وما قيمة رد المظالم في قبال اغتصاب الحق الأكبر؟!

__________________

١ ـ أصول الكافي : ٢ : ٤١٥ ـ ٤١٦ / ١ ، كتاب الايمان والكفر.

٢ ـ معاني االأخبار / الصدوق : ٣٤٦ / ١ ، باب معنى قول الصادقعليه‌السلام ، إنّا وآل أبي سفيان أهل بيتين تعادينا في الله عزّوجلّ.

٢١٣

سأل عبد الأعلى مولى آل سام أبا عبد الله الصادقعليه‌السلام بقوله : قلت له :( قل اللهمّ مالك الملك توتي الملك من ّتشاء وتنزع الملك ممن تشاءُ ) (١) أليس قد أتى الله عزّوجلّ بني أميه الملك؟

قالعليه‌السلام : ليس حيث تذهب إليه ، إن الله عزّوجلّ أتانا الملك وأخذته بنو أميه ، بمنزلة الرجل يكون له الثّوب فيأخذه الآخر ، فليس هو للذي أخذه »(٢) .

ومن هنا لم يتعرض إمامنا الصادقعليه‌السلام إلى إبطال مهدوية عمر بن عبد العزيز بصورة مباشرة ، لعلم الأمة كلها بذلك ، وإنما نبّه الأمة على جرائم بني أميه ، ولم يستثن أحدا منهم قط ، كما هو شأن الأحاديث السابقة في مثالبهم ، مبيناعليه‌السلام ما يكفي لدحض كل دعوى زائفة بهذا الشأن سواء التي عاصرها أو التي جائت بعد حين ، وذلك عن طريق تصريحه تارة بأن المهديعليه‌السلام لم يولد بعد ، وأخرى بأنه من ذريّة الحسينعليه‌السلام ، وثالثة ببيان هويته الكاملة كما لاحظنا ذلك في الفصول السابقة مما لم يبق ـ بهذا ـ مجالا لاستمرار أية حجة للتمسك بأمثال تلك الدعاوى الباطلة ، وغيرها من دعاوى المهدوية الزائفة كما سنرى.

__________________

١ ـ سورة آل عمران : ٣ / ٢٦.

٢ ـ روضة الكافي ٨ : ٢٢٢ / ٣٨٩.

٢١٤

الفصل الثالث

شبهة مهدوية محمد بن عبد الله الحسني

أولا ـ منشأ هذه الشبهة وتداعياتها :

اختلطت الأهداف الجهادية بالسياسة المحضة وراء انطلاق إشاعة مهدوية محمد بن عبد الله بن الحسن المحض ، بن الحسن السبطعليه‌السلام ، وذلك في اجتماع الأبواء في أواخر العصر الاموي ، و الذي ضمّ وجوه بني هاشم من الحسنيين والزيديين وبني العباس ، بهدف تنظيم صفوفهم ، والبيعة إلى واحد منهم ، ودعوة الناس إلى نصرنه ؛ للاطاحة بالحكم الأموي الذي أهلك الحرث والنسل ، وعاث في الأرض فسادا. وقد شجّعهم على ذلك الثورات العلوية السابقة المتلاحقة التي أنهكت حكم الطاغوت ، ولاح لهم في الأفق أنه بات يعدّ أيامه الأخيرة ؛ ليذهب وشيكا في مزابل التاريخ بلا رجعة.

وقد تمخّض اجتماع الهاشميين عن بيعتهم لمحمد بن عبد الله بن الحسن المحض ، ولقّب بالمهدي ؛ ليقوم بدور القائد الملبي لطموح الأمة في القضاء على البغي والعدوان ، وإشاعة العدلّ والمساواة وبين الناس. وقد اختاروا شعار « الرضا من آل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم » لانطلق دعوتهم ؛ لأنه الشعار الذي

٢١٥

يضمن عدم استبداد أيّ من الهاشميين على حساب بني عمومتهم ، ويمثّل المساواة بين الاطراف المتنازعة على السلطة المرتقب ممن حضر اجتماع الأبواء.

ولكن سرعان ما التفّ العباسيون بدهاء على ثمار تلك الدعوة التي أتت أكلها بقتل مروان الحمار آخر طغاة الامويين سنة ( ١٣٢ / هـ ) فاستفردوا بالسلطة ، وصاروا حربا شعواء على العلويين بأشدّ أما كان عليه حالهم أيام دولة الطلقاء.

وهكذا تحقّقت نبوءة الإمام الصادقعليه‌السلام بشأن بني الحسن في ذلك الاجتماع كما سنرى ، إلاّ من القائد المنكوب محمد بن عبد الله لم يقدر على تحمّل الصدمة ، فاخذ يعدّ العدة في الخفاء للثار من العباسيين الذين استحوذوا على السلطة ونكثوا بيعته ، وبقي هكذا إلى أن استخلف المنصور الدوانيقي بعد هلاك أخيه السفاح ( ١٣٢ ـ ١٣٦ هـ ) ، فكان همّه معرفة أمر محمد وأخيه إبراهيم ابني عبد الله بن الحسن اللذين اختفايا عنه ، ولم يقف أحد من عيونه على أثر لهما في أي مكان ، وزاد من تخوّفه ان ابن عمّهما الحسن بن زيد بن الحسن قد حرّضه على محمد قائلا : « والله ما آمن وثوبه عليك ، فإنه لا ينام عنك » ولهذا كان موسى بن عبد الله بن الحسن يقول بعد ذلك : « اللهم اطلب الحسن بن زيد بدمائنا »(١) الأمر الذي حمل المنصور على سجن أبيه عبد الله بن الحسن وأخوته وأعمّامه وبني عمومته في المدينة المنورة عند مروره بها حاجا سنة ( ١٤٤ / هـ ) ، ثم ساقهم عند عودته من

__________________

١ ـ الكامل في الأثير / ابن الأثير ٥ : ١٣٧ ـ ١٣٨ في حوادث سنة / ١٤٤ هـ.

٢١٦

المدينة إلى الربذة مصفّدين بالأغلال ، ومنها إلى طوامير العراق في الهاشمية عاصمة أخيه السفّاح. وهنا اضطّر القائد المنكوب إلى ارسال أخيه إبراهيم إلى البصرة ، وعجّل هو بظهوره في المدينة ليختار الموت على الحياة ، ويلحق بموكب الشهداء من بني الحسن السبطعليه‌السلام .

وبهذا كانت نهايته صريعا على أحجار الزيت ، كما كانت نهاية أخيه إبراهيم بباخمرا ، وحينما أدركت فلول أنصارهما المنهزمة زيف تلك المهدوية ، وعلمت البقية الباقية من بني الحسن وغير هم صدق ما قاله الإمامعليه‌السلام من قبل في اجتماع الأبواء وغيره.

ترى ، فمن كان وراء إشاعة مهدوية محمد بن عبد الله الحسني التي جرّت الويلات على الحسنيين؟ حتى حمّ لنكبتهم الإمام الصادقعليه‌السلام زهاء عشرين يوما وخيف عليه(١) .

لا شكّ من وراءها اصناف من الناس اشتركت كلها في تلك الاشاعة ، ويأتي في طليعتهم عبد الله بن الحسن ، إذ كان يشيع بين آونة واخرى من ابنه محمد هو المهدي المبشّر بظهوره في آخر الزمان ، وهو الرجل الوحيد الذي جاءت به الرواية ، وكان يحلف بالله تعالى على ذلك!

قال ابن أخي الزهري : « تجالسنا بالمدينة أنا وعبد الله بن حسن ، فتذاكرنا المهدي ، فقال عبد الله بن حسن : المهدي من ولد الحسن بن على [عليهما‌السلام ] ، فقلت : يأبى ذلك علماء أهل بيتك. فقال عبد الله : المهدي والله

__________________

١ ـ اصول الكافي ١ : ٣٦١ / ١٧ ، باب ما يُفصل به بين دعوى المُحِقِّ والمُبطل في أمر الإمامة ، من كتاب الحجة.

٢١٧

من ولد الحسن بن على [عليهما‌السلام ] ، ثم من ولدي خاصة »(١) .

هذا فضلا عن اقواله الكثيرة الأخرى في مهدوية ابنه محمد(٢) ، وهكذا اغترّت العامة بكلامه ، وخدع حتى الفقهاء بها لمنزلة قائلها ، وفضله ، وشرفه ، ونسبه الكريم ؛ من أمثال الفقيه عبد الله بن جعفر بن عبدالرحمن بن المسوّر بن مخرمة الزهري ، الذي ندم على اعتقاده بمهدوية محمد هذا بعد مقتله ، حيث استدعاه جعفر بن سليمان العباسي والي المدينة وقال له : « ما حملك على الخروج مع محمد على ما أنت عليه من العلم والفقه؟ قال : ما خرجت معه وأنا أشك في أنه المهدي ؛ لما روي لنا في أمره ، فما زلت أرى أنه هو ، حتى رأيته مقتولا ، ولا اغتررت بأحد بعده »(٣) .

ولهذا قال الذهبي في ترجمة هذا الرجل : « له فضل ، وشرف ، ومروءة ، وله هفوة. نهض مع محمد بن عبد الله بن حسن وظنّه المهدي ثم أنه ندم فيما بعد ، وقال لا غرّني أحد بعده »(٥) .

وكذلك الحال مع الفقيه المدني محمد بن عجلان الذي « شبّه عليه وظن منه المهدي الذي جاءت به الرواية »(٥) .

__________________

١ ـ تهذيب الكمال ٢٥ : ٤٦٨ / ٥٣٣٨ في ترجمة محمد بن عبد الله بن الحسن المثنى.

٢ ـ سنشير لها لاحقا في بيان دور الإمام الصادقعليه‌السلام في إبطال تلك المهدوية ، فلاحظ.

٣ ـ مقاتل الطالبيين / أبو الفرج الأصبهاني : ٢٥٦.

٤ ـ سير أعلام النبلاء / الذهبي ٧ : ٣٢٩ / ١١٤.

٥ ـ مقاتل الطالبيين : ٢٥٤ ، وانظر : تاريخ الطبري ٧ : ٥٩٩ في حوادث سنة ١٤٥ هـ ، وتهذيب الكمال ٢٥ : ٤٦٩ / ٥٣٣٨.

٢١٨

كما خرج مع محمد : عبد الله بن يزيد بن هرمز الفقيه المدني المشهور(١) ، وعبد الحميد بن جعفر بن عبد الله بن الحكم الأنصاري ، وقال الذهبي : « وكان سفيان الثوري ينقم عليه خروجه مع محمد بن عبد الله بن الحسن. وكان من فقهاء المدينة »(٢) ، كما ان مالك بن أنس حين استُفتي في الخروج مع محمد بن عبد الله ، وقيل له : إن في أعناقنا بيعة لأبي جعفر؟ فقال : « إنما بايعتم مكرهين ، وليس على مكره يمين ، فأسرع الناس إلى محمد ولزم مالك بيته »(٣) ، كما كان أبو حنيفة يجاهر في أمر إبراهيم ، ويأمر بالخروج معه(٤) ، وكان شعبة بن الحجاج كذلك(٥) وهؤلاء الثلاثة : مالك ، وأبو حنيفة ، وشعبة لم يعتقدوا بمهدوية محمد ، وإلاّ لما اكتفوا بحدود الإفتاء كما هو ظاهر.

ومهما يكن ، فإن اعتقاد بعض الفقهاء بمهدويته ، وخروج بعضهم معه ، وافتاء آخرين لصالح دعوته ، كل ذلك أدّى إلى شيوع القول بمهدويته بين عامة الناس من أهل المدينة ، ويكفي أن انخدع أهل بيته الحسنيّون ، قال أبو الفرج : « وكان أهل بيته يسمّونه المهدي ، ويتصورون أنه الذي جاءت

__________________

١ ـ تاريخ الطبري ٧ : ٥٩٩.

٢ ـ سير أعلام النبلاء ٧ : ٢١ / ٤ ، في ترجمة عبد الحميد بن جعفر.

٣ ـ تاريخ الطبري ٧ : ٥٦٠ ، والكامل في التاريخ ٥ : ١٤٩ ، والبداية والنهاية / ابن كثير ١٠ : ٨٤ ؛ كلهم في حوادث سنة / ١٤٥ هـ ، وعمدة الطالب : ١٠٥ ، في اخبار محمد ذي النفس الزكية.

٤ ـ مرآة الجنان / اليافعي ١ : ٢٣٥ في حوادث سنة / ١٤٥ هـ.

٥ ـ المصابيح / أبو العباس أحمد بن إبراهيم الحسني : ٤٥٣/ ٢٤.

٢١٩

فيه الرواية »(١) .

وأما عن انصاره ومؤيديه الذين لا حريجة لهم في الدين ، فقد ارتكبوا جريمة وضع الحديث في مهدويته! ولما كان محمد بن عبد الله الحسني تمتاما(٢) ، فقد وضعوا الحديث في اسمه واسم أبيه وصفته ، ورفعوه إلى أبي هريرة بأنه قال : « إن المهدي اسمه محمد بن عبد الله في لسانه رتَّةٌ »(٣) .

كما كان للشعراء الدور البارز في إشاعة مهدوية محمد بن عبد الله الحسني ، نظرا لدور الشعر الإعلامي البارز في ذلك الحين ، حيث اغتنموا الفرصة ، وأدلوا دلوهم ، وأشادوا بمهدويته وفي هذا الصدد قال مسلمة بن علي :

إن الذي يـروي الرواةُ لبيـِّنٌ

إذا ما ابن عبد الله فـيهم تجرّدا

له خاتـم لم يعطـه الله غـيره

وفيه علامات من البِرِّ والهُدى(٤)

يشير بهذا البيت إلى أن في كتف محمد بن عبد الله خالا ، وقد جاءت الرواية في صفة المهدي بأن له خالا ، فوافقت الصفة الموصوف!!

__________________

١ ـ مقاتل الطالبيين : ٢٠٧ ، والمصابيح : ٤٢٧ / ٩.

٢ ـ تاريخ الطبري ٧ : ٥٦٣ ، وعمدة الطالب في منساب آل أبي طالب / ابن عنبه : ١٠٣ ، في أخبار عبد الله المحض وعقبه.

٣ ـ مقاتل الطالبيين : ٢١٤.

٤ ـ المصابيح : ٤٣٧ / ١٣ ، وقد نسب أبو الفرج في المقاتل : ٢١٥ هذين البيتين إلى مسلمة بن أسلم الجهني.

٢٢٠

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372