الاختصاص

الاختصاص10%

الاختصاص مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 372

الاختصاص
  • البداية
  • السابق
  • 372 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 109953 / تحميل: 9217
الحجم الحجم الحجم
الاختصاص

الاختصاص

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

في الجماعة أربعة وعشرون ركعة كل ركعة أحب إلى الله من عبادة أربعين سنة، وأما يوم الجمعة فهو يوم جمع الله فيه الاولين والآخرينن يوم الحساب، ما من مؤمن مشى بقدميه إلى الجمعة إلا خفف الله عليه أهوال يوم القيامة بعدما يخطب الامام وهي ساعة يرحم الله فيه المؤمنين والمؤمنات، وأما الاجهار فما من مؤمن يغسل ميتا إلا يتباعد عنه لهب النار(١) ويوسع عليه الصراط بقدر ما يبلغ الصوت ويعطي نورا حتى يوافي الجنة، وأما الرخصة فإن الله يخفف أهوال القيامة على من رخص من امتي كما رخص الله في القرآن، وأما الصلاة على الجنائز فما من مؤمن يصلي على جنازة إلا يكون شافعا أو مشفعا، وأما شفاعتي في أصحاب الكبائر من امتي ما خلا الشرك والمظالم.

قال: صدقت يا محمد، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله وأنك خاتم النبيين وإمام المتقين ورسول رب العالمين.

ثم أخرج ورقا أبيض من كمه مكتوب عليه جميع ما قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حقا، فقال: يا رسول الله والذي بعثك بالحق نبيا ما استنسختها إلا من الالواح الذي كتب الله لموسى ابن عمران فقد قرأت في التوراة مائة ألف آية فما من آية قرأتها إلا وجدتك مكتوبا فيها و قد قرأت في التوراة فضيلتك حتى شككت فيها، يا محمد فقد كنت أمحي اسمك في التوراة أربعين سنة فكلما محوت وجدت اسمك مكتوبا فيها ولقد قرأت في التوراة هذه المسائل لا يخرجها غيرك وإن ساعة ترد جواب هذه المسائل يكون جبرئيل عن يمينك وميكائيل عن يسارك. فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : جبرئيل عن يميني وميكائيل عن يساري.

وصلى الله على محمد وآله [ وسلم تسليما ].(٢)

__________________

(١) كذا في النسختين وفيه تصحيف وفى أمالى الصدوق " واما الاجهار فانه يتباعد لهب النار منه بقدر ما يبلغ صوته ".

(٢) رواه الصدوق في أماليه المجلس الخامس والثلاثين بأدنى تفاوت في اللفظ وزيادات وزاد فيه بعد قوله: " وميكائيل عن يسارك " " ووصيك بين يديك " وزاد بعد قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : " وميكائيل عن يسارى " " ووصيى على بن ابى طالب بين يدى ". وأيضا رواه في مطاوى العلل والخصال والمعانى.

٤١

قال: قال عبدالله بن المبارك رأيت رجلا متعلقا بأستار الكعبة وهو يقول: سيدي لئن طالبتني بذنوبي لاطالبنك بكرمك ولئن ناقشتني في الحساب لاطالبنك بعفوك ولئن حبستني في النار لاخبرن أهل النار بحبي لك سيدي، قال عبدالله بن المبارك(١) : فدخلت على الفضيل بن عياض فأخبرته بذلك، فقال لي: يا أبا عبدالرحمن عرفت الرجل؟ قلت: اللهم لا، فقال: ذاك من قوم خدموا الله فتذللوا.

__________________

(١) عبدالله بن المبارك هو ابوعبدالرحمن بن واضح المروزى مولى بنى حنظلة عامى كان فيهم من كبار العلماء واجلاء الزهاد اخذ الفقه عن سفيان الثورى ومالك بن أنس وروى عنه الموطأ.وكان شديد التورع، كثير الانقطاع يحكى عن أبيه انه كان يعمل في بستان لمولاه وأقام فيه زمانا ثم ان مولاه جاء‌ه يوما وقال له: اريد رمانا حلوا فمضى إلى بعض الشجر واحضر منها رمانا فكسره فوجده حامضا فحرد عليه وقال: اطلب الحلو فتحضر لى الحامض هات حلوا فمضى وقطع من شجرة اخرى فلما كسره وجده أيضا حامضا فاشتد حرده عليه وفعل ذلك دفعة ثالثة فقال له بعد ذلك: أنت ما تعرف الحلو من الحامض؟ فقال: لا، فقال: كيف ذلك؟ قال: لاني ما اكلت منه شيئا حتى أعرفه.فقال ولم لم تأكل؟ قال: لانك ما اذنت لى فكشف عن ذلك فوجده حقا فعظم في عينه وزوجه ابنته و يقال: ان عبدالله رزق من تلك الابنة فنمت على بركة ابيه.

وفضيل بن عياض ايضا عامى زاهد بصرى كوفى ثقة روى عن أبى عبداللهعليه‌السلام ويحكى انه كان في اول امره يقطع الطريق بين ابيورد وسرخس وعشق جارية، فبينما يرتقى الجدران اليها سمع تاليا يتلو " ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله " فقال: يا رب قد آن فرجع وأوى إلى خربة فاذا فيها رفقة فقال بعضهم: نرتحل وقال بعضهم حتى نصبح فان فضيلا على الطريق يقطع علينا فتاب الفضيل وأمنهم.

٤٢

مسائل عبدالله بن سلام(١)

بسم الله الرحمن الرحيم

عن ابن عباس أنه لما بعث محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أمر أن يدعو الخلق إلى شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له فأسرع الناس إلى الاجابة وأنذر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الخلق فأمره جبرئيل بأن يكتب إلى أهل الكتاب يعني اليهود والنصارى ويكتب كتابا وأملى جبرئيلعليه‌السلام على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كتابه وكان كاتبه يومئذ سعد بن أبي وقاص فكتب إلى يهود خيبر: بسم الله الرحمن الرحيم من محمد بن عبدالله الامي رسول الله إلى يهود خيبر: أما بعد فإن الارض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

ثم وجه الكتاب إلى يهود خيبر فلما وصل الكتاب إليهم، حملوه وأتوا به رئيسا لهم يقال له: عبدالله بن سلام إن هذا كتاب محمد إلينا فتقرأه علينا، فقرأه فقال لهم: ما ترون في هذا الكتاب؟ قالوا: نرى علامة وجدناها في التوراة فإن كان هذا محمدا الذي بشر به موسى وداود وعيسىعليهم‌السلام سيعطل التوراة ويحل لنا ما حرم علينا من قبل، فلو كنا على ديننا كان أحب إلينا، فقال عبدالله بن سلام: يا قوم اخترتم الدنيا على الآخرة والعذاب على الرحمة؟ قالوا: لا، قال: وكيف لا تتبعون داعي الله؟ قالوا: يا ابن سلام ما علمنا أن محمدا صادق فيما يقول، قال: فإذا نسأله عن الكائن والمكون والناسخ والمنسوخ فإن كان نبيا كما يزعم فإنه سيبين لنا كما بين الانبياء من قبل، قالوا: يا ابن سلام سر إلى محمد حتى تنقض كلامه وتنظر كيف يرد عليك الجواب، فقال: إنكم قوم تجهلون لو كان هذا محمدا الذي بشرنا به موسى وداود وعيسى ابن مريم فكان خاتم النبيين فلو اجتمع الثقلان الانس والجن

__________________

(١) عبدالله بن سلام من بنى قينقاع وكان من أحبارهم وعلمائهم واسمه الحصين فلما اسلم سماه النبىصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عبدالله. وذلك في السنة الثانية من الهجرة.

٤٣

على أن يردوا على محمد حرفا واحدا أو آية ما استطاعوا بإذن الله، قالوا: صدقت يا ابن سلام فما الحيلة؟ قال: علي بالتوراة، فحملت التوراة إليه فاستنسخ منها ألف مسألة و أربع مسائل ثم جاء بها إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتى دخل عليه يوم الاثنين بعد صلاة الفجر، فقال: السلام عليك يا محمد، فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : وعلى من اتبع الهدى ورحمة الله وبركاته، من أنت؟ فقال: أنا عبدالله بن سلام من رؤساء بني إسرائيل وممن قرأ التوراة وأنا رسول اليهود إليك مع آيات من التوراة تبين لنا ما فيها نراك من المحسنين، فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : الحمد لله على نعمائه يا ابن سلام أجئتني سائلا أو متعنتا؟ قال: بل سائلا يا محمد، قال: على الضلالة أم على الهدى؟ قال: بل على الهدى يا محمد، فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : فسل عما تشاء، قال: أنصفت يا محمد، فأخبرني عنك أنبي أنت أم رسول؟ قال: أنا نبي ورسول وذلك قوله في القرآن:( منهم من قصصنا عليك ومنهم من لم نقصص عليك (١) ) قال: صدقت يا محمد فأخبرني كلمك الله قبلا؟ قال: ما لعبد أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب، قال: صدقت يا محمد، فأخبرني تدعو بدينك أم بدين الله؟ قال: بل أدعو بدين الله ومالي بدين إلا ما ديننا الله، قال: صدقت يا محمد، فأخبرني إلى ما تدعو؟ قال: إلى الاسلام والايمان بالله، قال: وما الاسلام؟ قال: شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور، قال: صدقت يا محمد، فأخبرني كم دين لرب العالمين؟ قال: دين واحد والله واحد لا شريك له، قال: وما دين الله؟ قال: الاسلام، قال: وبه دان النبيون [ و ] من قبلك؟ قال: نعم، قال: فالشرائع؟ قال: كانت مختلفة وقد مضت سنة الاولين، قال: صدقت يا محمد، فأخبرني عن أهل الجنة يدخلون فيها بالاسلام أو بالايمان أو بالعمل؟ قال: منهم من يدخل بالثلاثة يكون مسلما مؤمنا عاملا فيدخل الجنة بثلاثة أعمال أو يكون نصرانيا أو يهوديا أو مجوسيا فيسلم بين الصلاتين ويؤمن بالله ويخلع الكفر من قلبه فيموت على مكانه ولم يخلف من الاعمال شيئا فيكون من أهل الجنة فذلك إيمان بلا عمل ويكون يهوديا أو نصرانيا يتصدق وينفق في غير ذات الله فهو على الكفر والضلالة، يعبد المخلوق

__________________

(١) المؤمن: ٧٩.

٤٤

من دون الخالق فإذا مات على دينه كان فوق عمله في النار يوم القيامة لان الله لا يتقبل إلا من المتقين، قال: صدقت يا محمد، فأخبرني هل أنزل عليك كتابا؟ قال: نعم، قال: وأي كتاب هو؟ قال: الفرقان، قال: ولم سماه ربك فرقانا؟ قال: لانه متفرق الآيات والسور انزل في غير الالواح وغير الصحف، والتوراة والانجيل والزبور انزلت كلها جملا في الالواح والاوراق، فقال: صدقت يا محمد، فأخبرني أي شئ مبتدأ القرآن وأئ شئ مؤخره؟ قال: مبتدؤه بسم الله الرحمن الرحيم ومؤخره..............(١) أبجد، قال: فما تفسير أبجد؟ قال: الالف آلاء الله و الباء بهاء الله والجيم جمال الله والدال دين الله وإدلاله على الخير وهوز الهاوية وحطى حطوط الخطايا و الذنوب.(٢) سعفص صاعا بصاع حقا بحق فصا بفص يعني جورا بجور، قرشت سهم الله المنزلة في كتابه المحكم(٣) .

__________________

(١) كذا بياض في الاصل ونقله المجلسىرحمه‌الله في البحار ج ٤ ص ٩٠ من الكتاب ونحوه في ج ١٤ ص ٣٤٦ عن بعض الكتب القديمة رآه وايضا وجده في كتاب ذكر الاقاليم والبلدان والجبال والانهار والاشجار مع اختلاف يسير في المضمون وتباين كثير في الالفاظ.فمن اراد الاطلاع فليراجع هناك.

(٢) كذا في النسختين والبحار ج ٤ ص ٩٠.

(٣) وروى الصدوق المجلس الثاني والخمسين من اماليه مسندا عن الاصبغ عن امير المؤمنينعليه‌السلام قال: سأل عثمان بن عفان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن تفسير أبجد فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أما الالف فآلاء الله حرف من اسمائه واما الباء فبهجة الله واما الجيم فجنة الله وجلال الله وجماله واما الدال فدين الله واما هوز فالهاء هاء الهاوية فويل لمن هوى في النار واما الواو فويل لاهل النار واما الزاى فزاوية في النار فنعوذ بالله مما في الزاوية يعنى زوايا جهنم واما حطى فالحاء حطوط الخطايا عن المستغفرين في ليلة القدر وما نزل به جبرئيل مع الملائكة إلى مطلع الفجر واما الطاء فطوبى لهم وحسن مآب وهى شجرة غرسها الله عزوجل ونفخ فيها من روحه وان اغصانها لترى من وراء سور الجنة تنبت بالحلى والحلل متدلية على افواههم واما الياء فيد الله فوق خلقه سبحانه وتعالى عما يشركون واما كلمن فالكاف كلام الله لا تبديل لكلمات الله ولن تجد من دونه ملتحدا واما اللام فالمام اهل الجنة بينهم في الزيارة والتحية والسلام وتلاوم اهل النار فيما بينهم واما الميم فملك الله الذى لا يزول ودوام الله الذى لا يغنى واما النون فنون والقلم وما يسطرون فالقلم قلم من نور وكتاب من نور في لوح محفوظ يشهده المقربون وكفى بالله شهيدا واما سعفص فالصاد صاع بصاع وفص بفص يعنى الجزاء بالجزاء وكما تدين تدان ان الله لا يريد ظلما للعباد واما قرشت يعنى قرشهم فحشرهم ونشرهم إلى يوم القيامة فقضى بينهم بالحق وهم لا يظلمون.

٤٥

بسم الله الرحمن الرحيم

سنة الله سبقت رحمة الله غضبه قال: لما عطس آدمعليه‌السلام قال: الحمد لله رب العالمين فأجابه ربه: يرحمك ربك يا آدم فسبقت له ذلك الحسنى من ربه من قبل أن يعصي الله في الجنة، فقال: صدقت يا محمد، فأخبرني عن أربعة أشياء خلقهن الله بيده، قال: خلق الله جنات عدن بيده، ونصب شجرة طوبى في الجنة بيده، وخلق آدم بيده، وكتب التوراة بيده، قال: صدقت يا محمد، قال: فمن أخبرك بهذا؟ قال: جبرئيل، قال: جبرئيل عمن؟ قال: عن ميكائيل، قال: ميكائيل عمن؟ قال: عن إسرافيل، قال: إسرافيل عمن؟ قال: عن اللوح المحفوظ، قال: اللوح عمن؟ قال: عن القلم، قال: القلم عمن؟ قال: عن رب العالمين.(١)

قال: صدقت يا محمد.

قال: فأخبرني عن جبرئيل في زي الاناث أم في زي الذكور؟ قال: في زي الذكور ليس في زي الاناث، قال: فأخبرني ما طعامه وشرابه؟ قال: طعامه التسبيح وشرابه التهليل، قال: صدقت يا محمد، قال: فأخبرني ما طول جبرئيل؟ قال: إنه على قدر بين الملائكة ليس بالطويل العالي ولا بالقصير المتداني، له ثمانون ذؤابة وقصة جعدة وهلال بين عينيه، أغر أدعج محجل ضوؤه بين الملائكة كضوء النهار عند ظلمة الليل، له أربع وعشرون جناحا خضرا مشبكة بالدر والياقوت، مختمة باللؤلؤ وعليه وشاح(٢) ، بطانته الرحمة، أزراره الكرامة، ظهارته الوقار، ريشه الزعفران، واضح الجبين، أقنى الانف، سائل الخدين مدور اللحيين، حسن القامة، لا يأكل ولا يشرب ولا يمل ولا يسهو قائم بوحي الله إليه إلي يوم القيامة.

__________________

(١) هكذا بياض في النسختين.

(٢) الوشاح شبه القلادة من نسيج عريض يرصع بالجوهر.

٤٦

قال: صدقت يا محمد(١) .

قال: فأخبرني ما الواحد وما الاثنان وما الثلاثة وما الاربعة وما الخمسة وما الستة وما السبعة وما الثمانية وما التسعة وما العشرة وما الاحد عشر وما الاثنى عشر وما الثلاثة عشر وما الاربعة عشر وما الخمسة عشر وما الستة عشر وما السبعة عشر و ما الثمانية عشر وما التسعة عشر وما العشرون وما الاحد والعشرون وما الاثنان والعشرون وثلاثة وعشرون وأربعة وعشرون وخمسة وعشرون وستة وعشرون وسبعة وعشرون وثمانية وعشرون وتسعة وعشرون وما الثلاثون وما الاربعون وما الخمسون وما الستون وما السبعون وما الثمانون وما التسعة والتسعون وما المائة؟ قال: نعم يا ابن سلام أما الواحد فهو الله الواحد القهار لا شريك له ولا صاحبة له ولا ولد له، يحيى ويميت بيده الخير وهو على كل شئ قدير، وأما الاثنان فآدم وحواء كانا زوجين في الجنة قبل ان اخرجا منها، وأما الثلاثة فجبرئيل وميكائيل و إسرافيل وهم رؤساء الملائكة وهم على وحي رب العالمين وأما الاربعة فالتوراة والانجيل والزبور والفرقان في كتب أكمل وفيه الاحكام، وأما الخمسة انزل علي وعلى امتى خمس صلوات لم تنزل على من قبلي ولا تفترض على امة بعدي لانه لا نبي بعدي، وأما الستة خلق الله السماوات والارض في ستة أيام وأما السبعة فسبع سماوات شداد وذلك قوله:( وبنينا فوقكم سبعا شدادا ) (٢) وأما الثمانية( ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية ) (٣)

__________________

(١) نقل المجلسىرحمه‌الله هذه القطعة اعنى من قوله: " فمن أخبرك هذا؟ قال: جبرئيل " إلى هنا في المجلد الرابع عشر من البحار ص ٢٤٥.وقال في بيانه: القصة - بالضم - شعر الناصية. والغرة - بالضم -: بياض في جبهة الفرس فوق الدرهم، يقال: فرس أغر، و الاغر: الابيض، ورجل أغر أى شريف. والدعج: شدة سواد العين مع سعتها والادعج من الرجال الاسود.والتحجيل: بياض في قوائم الفرس أو في ثلاث منها أو في رجليه قل أو كثر بعدان يجاوز الارساغ ولا يجاوز الركبتين والعرقوبين لانها مواضع الاحجال وهى الخلاخيل والقيود، يقال: فرس محجل.والوشاح ينسج من اديم عريضا ويرصع بالجواهر وتشده المرأة بين عاتقها وكشحها (إلى هنا نقله عن الجوهرى) ثم قال: والمراد بالوشاح اما المعنوى فالصفات ظاهرة أو الصورى فالمعنى ان بطانته علامة رحمة الله له ا وللعباد وكذا الباقيتان. والقنى احد يداب في الانف. انتهى.

(٢) النباء: ١٢.

(٣) الحاقة: ١٧.

٤٧

وأما التسعة( آتينا موسى تسع آيات بينات (١) ) ، وأما العشرة( تلك عشرة كاملة ) (٢) وأما الاحد عشر قول يوسف: لابيه( يا أبت إني رأيت أحد عشر كوكبا (٣) ) ، وأما الاثنا عشر فالسنة تأتي كل عام اثنى عشر شهرا جديدا وهو أيضا قول يوسف: " والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين "، وأما الثلاثة عشر فهم إخوة يوسف فأما الشمس والقمر فالام والاب(٤) ، وأما الاربعة عشر فهي أربعة عشر قنديلا من نور معلق بين العرش و الكرسي طول كل قنديل مسيرة مائة سنة، وأما الخمسة عشر فإن الفرقان انزل على آيات مفصلات في خمسة عشر يوما خلا من شهر رمضان الذي انزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان، وأما الستة عشر فستة عشر صفا من الملائكة حافين من حول العرش وذلك قوله تعالى:( حافين من حول العرش (٥) ) ، وأما السبعة عشر فسبعة عشر اسما من أسماء الله تعالى مكتوبا بين الجنة والنار ولولا ذلك لزفرت جهنم زفرا فتحرق من في السماوات ومن في الارض وأما الثمانية عشر فثمانية عشر حجابا من نور معلق بين الكرسي والحجب ولولا ذلك لذابت صم الجبال الشوامخ فاحترقت الجن والانس من نور الله.

قال: صدقت يا محمد، قال: وأما التسعة عشر فهي سقر( لا تبقي ولا تذر * لواحة للبشر * عليها تسعة عشر (٦) ) ، وأما العشرون انزل الزبور على داود في عشرين يوما خلون من شهر رمضان(٧) وذلك قوله في القرآن:( وآتينا داود زبورا (٨) ) وأما أحد وعشرون ميلاد سليمان بن داود وسبحت معه الجبال واما الاثنان والعشرون تاب الله على داود وغفر له ذنبه ولين له الحديد، يتخذ منه السابغات وهي

__________________

(١) الاسراء: ١٠٠.

(٢) البقرة: ١٩٥.

(٣) يوسف: ٣.

(٤) تفسير للاية.

(٥) الزمر ٧٥. ونقل المجلسىرحمه‌الله من الكتاب هذه القطعة والتى يأتى في الثمانية عشر في المجلد الرابع عشر ص ١٠٠. والسبعة عشر في المجلد الثالث من البحار ص ٣٨٢.

(٦) المدثر ٢٨ إلى ٣١.

(٧) في الكافى ج ٤ ص ١٥٧ في حديث " نزل الزبور في ليلة ثمانى عشرة مضت من شهر رمضان ".

(٨) الاسراء: ٥٥.

٤٨

الدروع، وأما الثلاثة والعشرون ميلاد عيسى ابن مريم وتنزيل المائدة(١) ، وأما الاربعة والعشرون كلم الله موسى تكليما، وأما الخمسة والعشرون فلق البحر لموسى ولبني إسرائيل وأما الستة والعشرون أنزل الله على موسى التوراة، وأما السبعة والعشرون ألقت الحوت يونس بن متى من بطنها، وأما الثمانية والعشرون رد الله بصر يعقوب عليه، و أما التسعة والعشرون رفع الله إدريس مكانا عاليا، وأما الثلاثون( وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة (٢) ) ، وأما الخمسون يوما كان مقداره خمسين ألف سنة، وأما الستون فالارض لها ستون عرقا والناس خلقوا على ستين لونا، وأما السبعون اختار موسى قومه سبعين رجلا، وأما الثمانون فشارب الخمر يجلد بعد تحريمه ثمانين سوطا، وأما التسعة والتسعون آتينا داود تسعة وتسعين نعجة وأما المائة( الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة (٣) ) .

قال: صدقت يا محمد، فأخبرني عن آدم كيف خلق ومن أي شئ خلق؟ قال: نعم إن الله سبحانه وتعالى وبحمده وتقدست أسماؤه ولا إله غيره خلق آدم من الطين والطين من الزبد والزبد من الموج والموج من البحر والبحر من الظلمة والظلمة من النور والنور من الحرف والحرف من الآية والآية من الصورة والصورة من الياقوتة والياقوتة من كن وكن من لا شئ.

قال: صدقت يا محمد، فأخبرني كم للعبد من الملائكة، قال: لكل عبد ملكان ملك عن يمينه وملك عن شماله، الذي عن يمينه يكتب الحسنات والذي عن شماله يكتب السيئات.

قال: فأين مقعد الملكان وما قلمهما وما دواتهما وما لوحهما؟ قال: مقعدهما كتفاه وقلمهما لسانه ودواتهما حلقه ومدادهما ريقه ولوحهما فؤاده يكتبون أعماله إلى مماته وقال سبحانه:( اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا (٤) ) . قال: صدقت يا محمد.

__________________

(١) في البحار ج ٤ ص ٩١ " فاما ثلاثة والعشرون أنزل المائدة فيه من شهر الصيام على عيسىعليه‌السلام ".

(٢) اعراف: ١٤١.

(٣) النور: ٣.

(٤) الاسراء: ١٤.

٤٩

صفة القلم واللوح المحفوظ

قال: فأخبرني ما خلق الله بعد ذلك؟ قال: ن والقلم.

قال: وما تفسير ن والقلم؟ قال: النون اللوح المحفوظ والقلم نور ساطع وذلك قوله:( ن والقلم وما يسطرون ) (١) قال: صدقت يا محمد، قال: فأخبرني وما طوله وما عرضه وما مداده وأين مجراه؟ قال: طول القلم خمس مائة سنة وعرضه مسيرة ثمانين سنة له ثمانون سنا يخرج المداد من بين أسنانه يجرى في اللوح المحفوظ بأمر الله وسلطانه، قال: صدقت يا محمد فأخبرني عن اللوح المحفوظ مما هو؟ قال: من زمردة خضراء، أجوافه اللؤلؤ، بطانته الرحمة، قال: صدقت يا محمد، قال: فأخبرني كم لحظة لرب العالمين في اللوح المحفوظ في كل يوم وليلة؟ قال: ثلاثمائة وستون لحظة(٢) [ يمضى ويرفع ].........(٣) قال: خمسة حبات.

قال: وما كان صفة حبة؟ قال: كان بمنزلة البيض الكبار.

قال: الحبة التي بقيت من آدم ما صنع بها؟ قال: انزلت مع آدم من الجنة وفركت ست مائة قطعة، فزرع تلك الحبة فنسل البر والحبوب كلها من تلك الحبة وبزر القطاع.

قال: فأين هبط آدم؟ قال: بالهند، قال: حواء؟ قال: بجدة، قال: إبليس؟ قال: باصفهان والحية بسقطرى،(٤) قال: فما كان لباس آدم حيث انزل من الجنة؟ قال: ثلاث ورقات من ورق الجنة كان متزرا بواحدة ومرتديا بالاخرى ومعتما بالثالث.

قال: فما كان لباس حواء؟ قال: شعرها كان يبلغ الارض، قال: فأين اجتمعا؟ قال: بعرفات، قال: صدقت يا محمد.

__________________

(١) القلم: ٢.

(٢) نقل المجلسىرحمه‌الله في المجلد الرابع عشر من البحار ص ٩٠ هذه القطعة من الكتاب اعنى من قوله: " قال: فاخبرنى ما خلق الله بعد ذلك؟ قال ن والقلم " إلى هنا.

(٣) هكذا بياض في النسختين ومن هنا إلى قوله: " فأين هبط آدم " مسقوط في البحار ج ٤ ص ٩١ واما في ج ١٤ ص ٣٤٦ موجود لكن لا يسعنا تصحيحه وان عثرنا على الحديث موافقا لما في الكتاب نورده بتمامه في آخر الكتاب.

(٤) سقطرى - بضمتين وطاء ساكنة وراء والف مقصورة ويروى بالمد -: جزيرة عظيمة كبيرة فيها عدة قرى ومدن يناوح عدن جنوبية وهى إلى بر العرب أقرب من بر الهند والسالك إلى بلاد الزنج يمر عليها واكثر أهلها نصارى عرب، يجلب منها الصبر ودم الاخوين وهو صمغ شجر لا يوجد الا في هذه الجزيرة ويسمونه القاطر. قيل: طولها ثمانون فرسخا.

٥٠

قال فأخبرني عن أول ركن وضع الله تعالى في الارض: قال: الركن الذي بمكة وذلك قوله في القرآن:( إن أول بيت وضع للناس للذي بمكة مباركا ) (١) قال: صدقت يا محمد.

قال: فأخبرني عن آدم خلق من حواء أو حواء خلقت من آدم؟ قال: بل خلقت حواء من آدم ولو أن آدم خلق من حواء لكان الطلاق بيد النساء ولم يكن بيد الرجال، قال: من كله أو من بعضه؟ قال: بل من بعضه ولو خلقت حواء من كله لجاز القضاء في النساء كما يجوز في الرجال، قال: فمن ظاهره أو من باطنه؟ قال بل من باطنه ولو خلقت من ظاهره لكشفت النساء عما ينكشف الرجال فلذلك النساء مستترات، قال: من يمينه أو من شماله؟ قال بل من شماله ولو خلقت من يمينه لكان حظ الذكر والانثى واحدا فلذلك للذكر سهمان وللانثى سهم وشهادة امرأتين برجل واحد، قال: فمن أي موضع خلقت من آدم؟ قال: من ضلعه الايسر.

قال: من سكن الارض قبل آدم؟ قال: الجن، قال: وقبل الجن؟ قال: الملائكة قال: وقبل الملائكة؟(٢) قال: آدم، قال: فكم كان بين الجن وبين الملائكة؟ قال: سبعة آلاف سنة، قال: فبين الملائكة وبين آدم؟ قال: ألفي ألف سنة، قال: صدقت يا محمد.

قال: فأخبرني عن آدم حج البيت؟ قال: نعم، قال: من حلق رأس آدم، قال: جبرئيل قال: من ختن آدم؟ قال: اختتن بنفسه، قال: ومن اختتن بعد آدم؟ قال:

إبراهيم خليل الرحمنعليه‌السلام قال: صدقت يا محمد.

قال: فأخبرني عن رسول لا من الانس ولا من الجن ولا من الوحش؟ قال: " بعث الله غرابا يبحث في الارض" قال: صدقت يا محمد.

__________________

(١) آل عمران: ٩٦.

(٢) في بعض النسخ وفى البحار [ قال: وبعد الجن؟ قال: الملائكة، قال وبعد الملائكة؟ قال: آدم ] وما في المتن أصح وان كان المعنى على النسختين واحد والخبر يدل على كون الارض مسكنا لبنى آدم قبل الملائكة ويؤيده قول الملائكة حيث قال الله تعالى " اذ قال ربك للملائكة إنى جاعل في الارض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء الاية " لانه يعلم منه أن الملائكة عالمون بكيفية سلوك بنى آدم في الارض وافسادهم فيها وهذا لا يمكن الا أن يسبقوا الملائكة و ان كانوا من نسل آدم اخرى غير أبونا.

٥١

قال: فأخبرني عن بقعة أضاء‌ته الشمس مرة ولا تعود اخرى إلى يوم القيامة؟ قال: لما ضرب موسى البحر بعصاه انفلق البحر باثنى عشر قطعة وأضاء‌ت الشمس على أرضه فلما اغرق الله فرعون وجنوده أطبق البحر ولا تضيئ الشمس إلى تلك البقعة إلى يوم القيامة، قال: صدقت يا محمد.

قال فأخبرني عن بيت له اثنا عشر بابا اخرج منه اثنى عشر رزقا لاثنى عشر ولدا؟ قال: لما دخل موسى البحر مر بصخرة بيضاء مربعة كالبيت فشكا بنو إسرائيل العطش إلى موسى فضربها بعصاه فانفجر منها اثنا عشر عينا من اثنى عشر بابا.

وحدثني جعفر بن محمد بن قولويه، عن جعفر بن محمد بن مسعود، عن أبيه محمد بن مسعود العياشي قال: سألت عبدالله بن محمد بن خالد عن محمد بن مسلم قال: كان رجلا شريفا موسرا فقال له أبوجعفرعليه‌السلام : تواضع يا محمد، فلما انصرف إلى الكوفة أخذ قوصرة تمر مع الميزان وجلس على باب مسجد الجامع وجعل ينادي عليه فأتاه قومه فقالوا له: فضجتنا، فقال: إن مولاي أمرني بأمر فلن اخالفه ولن أبرح حتى افرغ من بيع ما في هذه القوصرة فقال له قومه: أما إذا أبيت إلا أن تشتغل ببيع وشراء فاقعد في الطحانين فهيأ رحى و جملا وجعل يطحن.(١) وذكر أبومحمد عبدالله بن محمد بن خالد البرقي أنه كان مشهورا في العبادة وكان من العباد في زمانه. وحدثني جعفر بن محمد، عن أحمد بن شاذان بن نعيم، عن الفضل بن شاذان قال: أخبرني أبي عن غير واحد من أصحابنا، وحدثني هارون بن موسى، عن علي بن محمد بن يعقوب، عن علي بن الحسن بن علي بن فضال، عن جعفر بن محمد بن حكيم، عن أبيه محمد بن حكيم وصاحب له قال أبومحمد: قد كان درس اسمه في كتاب أبي قالا: رأينا شريكا واقفا في

__________________

(١) رواه الكشى في رجاله ص ١١٠ ونقله المجلسىرحمه‌الله في ج ١١ ص ٢٢٣.

٥٢

حائط من حيطان فلان قال أحدنا لصاحبه: هل لك في خلوة من شريك فاتيناه فسلمنا عليه فرد السلام فقلنا: يا أبا عبدالله مسألة، قال: في أي شئ؟ فقلنا: في الصلاة قال: سلوا عما بدا لكم فقلنا: لا نريد أن تقول قال فلان وقال فلان إنما نريد أن تسنده إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال: أليس في الصلاة؟ قلنا: بلى، فقال: سلوا عما بدا لكم، فقلنا: في كم يجب التقصير؟ قال: كان ابن مسعود يقول: لا يغرنكم سوادنا هذا وكان يقول فلان، فقلنا: إنا قد استثنينا عليك أن لا تحدثنا إلا عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: والله إنه لقبيح لشيخ يسأل عن مسألة في الصلاة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا يكون عنده فيها شئ وأقبح من ذلك أن أكذب على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قلنا: فمسألة اخرى، فقال: أليس في الصلاة؟ فقلنا: بلى قال: فسلوا عما بدا لكم فقلنا: على من تجب الجمعة؟ قال: عادت المسألة خدعة ما عندي في هذا عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم شئ، قال: فأردنا الانصراف، فقال: إنكم لم تسألوا عن هذا إلا وعندكم منه علم قال: قلنا: نعم أخبرنا محمد بن مسلم الثقفي، عن محمد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقال: الثقفي الطويل اللحية؟ قلنا: نعم فقال: أما إنه لقد كان مأمونا على الحديث ولكن كانوا يقولون: إنه خشبي ثم قال: ماذا رووا؟ قلنا: رووا عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن التقصير تجب في بريدين فإذا اجتمع خمسة أحدهم الامام فلهم أن يجمعوا(١) .

وحدثني عدة من أصحابنا، عن محمد بن جعفر المؤدب، عن أحمد بن أبي عبدالله، عن بعض أصحابه، عن عبدالله بن عبدالرحمن الاصم، عن مدلج، عن محمد بن مسلم قال: خرجت إلى المدينة وأنا وجع ثقيل فقيل له: محمد بن مسلم وجع ثقيل فأرسل إلي أبوجعفرعليه‌السلام بشراب مع الغلام مغطى بمنديل فناولنيه الغلام وقال لي: اشربه فأنه قد أمرني أن لا أرجع حتى تشربه فتناولت فاذا رائحة المسك منه وإذا شراب طيب الطعم بارد فلما شربته قال لي الغلام يقول لك إذا شربت فتعال إلي، ففكرت فيما قال لي ولا أقدر على النهوض قبل ذلك

__________________

(١) رواه الكشىرحمه‌الله في رجاله ص ١١١ ونقله المجلسى في البحار ج ١١ ص ٢٢٧ وقوله: " انه خشبى " قال في اللباب: الخشبى - بفتح الخاء والشين المعجمتين وفى آخرها الباء الموحدة - هذه النسبة إلى الخشبية وهم طائفة من الشيعة يقال لكل واحد منهم: خشبى وقال منصور بن المعتمر إن كان من يحب على بن أبي طالب خشبى فاشهدوا انى ساجه.وفى النهاية: في حديث ابن عمر انه كان يصلى خلف الخشبية، هم اصحاب المختار.

٥٣

على رجلي فلما استقر الشراب في جوفي فكأنما انشطت من عقال(١) فأتيت بابه فاستأذنت عليه فصوت بي صحيح الجسم ادخل ادخل فدخلت وأنا باك فسلمت وقبلت يده ورأسه فقال لي: وما يبكيك يا محمد؟ فقلت: جعلت فداك أبكى على اغترابي وبعد الشقة وقلة المقدرة على المقام عندك والنظر إليك، فقال لي: أما قلة المقدرة فكذلك جعل الله أولياء‌نا وأهل مودتنا وجعل البلاء إليهم سريعا، وأما ما ذكرت من الغربة فلك بأبي عبداللهعليه‌السلام اسوة بأرض ناء عنا بالفرات صلى الله عليه(٢) ، وأما ما ذكرت من بعد الشقة فإن المؤمن في هذا الدنيا غريب وفي هذا الخلق منكوس حتى يخرج من هذه الدار إلى رحمة الله، وأما ما ذكرت من حبك قربنا والنظر إلينا وإنك لا تقدر على ذلك فالله يعلم ما في قلبك وجزاؤك عليه(٣) - مختصر -.

حدثني محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن إبراهيم بن هاشم، عن ابن أبي عمير أن هشام بن سالم قال له: ما اختلفت أنا وزرارة قط فأتينا محمد بن مسلم فسألناه عن ذلك إلا قال لنا: قال أبوجعفرعليه‌السلام فيها كذا وكذا وقال أبوعبداللهعليه‌السلام فيها كذا كذا.(٤) (٥) ....... اسري بن إلى السماء فسح لي في بصري غلوة كمثال ما يرى الراكب خرق

__________________

(١) نشطت العقدة: عقدتها. وأنشطتها: حللتها ومنه كانما انشط من عقال اى حال (الدر النثير)

(٢) ناء عنا اى بعيد عنا.

(٣) رواه الكشى في رجاله ص ١١٢ وايضا ابن شهر آشوب في المناقب ونقله المجلسىرحمه‌الله من الكتاب في ج ١١ ص ٩٦.

(٤) نقله المجلسىرحمه‌الله في البحار ج ١١ ص ٢٢٢ من الكتاب.

(٥) هكذا بياض في الاصل ونقله المجلسى من كتاب الاستدراك في البحار ج ٤ ص ١٤١ ورواه الصدوق في المجلس التاسع والثمانين من الامالى باسناده عن جعفر بن عبدالله النما عن عبدالجبار عن داود الشعيرى عن الربيع صاحب المنصور عن أبي عبداللهعليه‌السلام في حديث طويل أن المنصور قال للصادقعليه‌السلام : حدثني عن فضائل جدك حديثا لم تروه العامة، فقال الصادقعليه‌السلام حدثني أبى عن ابيه عن جده قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لما اسرى بى الخ.وروى نحوه المؤلف في اماليه والشيخ ايضا في مجالسه وعلى بن عيسى الاربلى في كشف الغمة ص ١١٧.

٥٤

الابرة مسيرة يوم وعهد إلى ربي في علي كلمات فقال: يا محمد قلت: لبيك ربي، فقال: إن عليا أمير المؤمنين وإمام المتقين قائد الغر المحجلين ويعسوب المؤمنين والمال يعسوب الظلمة وهي الكلمة التي ألزمتها المتقين فكانوا أحق بها وأهلها فبشره بذلك، قال: فبشره النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بذلك فقال علي: يا رسول الله فإني اذكر هناك؟ فقال: نعم إنك لتذكر في الرفيع الاعلى، فقال المنصور: ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.

حديث داود الرقى مع الخارجى

محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، والحسن بن متيل، عن إبراهيم بن هاشم عن إبراهيم بن محمد الهمداني، عن السلمي، عن داود الرقي قال: سألني بعض الخوارج عن قول الله تبارك وتعالى: " ومن الضأن اثنين ومن المعز اثنين - إلى قوله -:( ومن الابل اثنين ومن البقر اثنين ) - الآية(١) " ما الذي أحل الله من ذلك؟ وما الذي حرم الله؟ قال: فلم يكن عندي في ذلك شئ فحججت فدخلت على أبي عبد اللهعليه‌السلام ، فقلت: جعلت فداك إن رجلا من الخوارج سألني عن كذا وكذا، فقالعليه‌السلام : إن الله عزوجل: أحل في الاضحية بمنى الضأن والمعز الاهلية وحرم فيها الجبلية وذلك قوله عزوجل: " ومن الضأن اثنين ومن المعز اثنين " وإن الله عزوجل أحل في الاضحية بمنى الابل العراب وحرم فيها البخاتي وأحل فيها البقر الاهلية وحرم فيها الجبلية فذلك قوله: " ومن الابل اثنين ومن البقر اثنين " قال: فانصرفت إلى صاحبي فأخبرته بهذا الجواب، فقال هذا شئ حملته الابل من الحجاز.(٢)

حديث ابى الحسن موسى بن جعفرعليهما‌السلام

محمد بن الحسن بن أحمد، عن أحمد بن إدريس، عن محمد بن أحمد بن محمد بن إسماعيل العلوي قال: حدثني محمد بن الزبرقان الدامغاني الشيخ قال: قال أبوالحسن موسى بن جعفرعليهما‌السلام : لما أمرهم هارون الرشيد بحملي دخلت عليه فسلمت فلم يرد السلام وأريته

__________________

(١) الانعام: ١٤٣.

(٢) رواه الكلينى في الكافى ج ٤ ص ٤٩٢: والعراب: الابل العربية. والبخت - بالضم - الابل الخراسانية والجمع البخاتى.

٥٥

مغضبا فرمى إلي بطومار فقال: اقرأه فإذا فيه كلام قد علم الله عزوجل براء‌تي منه وفيه: أن موسى بن جعفر يجبى إليه خراج الآفاق من غلاة الشيعة ممن يقول بإمامته يدينون الله بذلك ويزعمون أنه فرض عليهم إلى أن يرث الله الارض ومن عليها ويزعمون أنه من لم يوهب إليه العشر ولم يصل بإمامتهم ويحج بإذنهم ويجاهد بأمرهم ويحمل الغنية إليهم ويفضل الائمة على جميع الخلق ويفرض طاعتهم مثل طاعة الله وطاعة رسوله فهو كافر حلال ماله ودمه وفيه كلام شناعة مثل المتعة بلا شهود، واستحلال الفروج بأمره ولو بدرهم، و البراء‌ة من السلف ويلعنون عليهم في صلاتهم، ويزعمون أن من يتبرء منهم فقد بانت امرأته منه، ومن أخر الوقت فلا صلاة له لقول الله تبارك وتعالى:( أضاعوا الصلوة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا (١) ) ، يزعمون أنه واد في جهنم.

والكتاب طويل وأنا قائم أقرأ وهو ساكت فرفع رأسه وقال: قد اكتفيت بما قرأت فكلم بحجتك بما قرأته، قلت: يا أمير المؤمنين والذي بعث محمداصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالنبوة ما حمل إلي قط أحد درهما ولا دينارا من طريق الخراج لكنا معاشر آل أبي طالب نقبل الهدية التي أحلها الله عزوجل لنبيهعليه‌السلام في قوله " لو أهدي إلي كراع لقبلته ولو دعيت إلى ذراع لاجبت ".

وقد علم أمير المؤمنين ضيق ما نحن فيه، وكثرة عدونا وما منعنا السلف من الخمس الذي نطق لنا به الكتاب فضاق بنا الامر وحرمت علينا الصدقة وعوضنا الله عزوجل منها الخمس فاضطررنا إلى قبول الهدية وكل ذلك مما علمه أمير المؤمنين، فلما تم كلامي سكت، ثم قلت: إن أرى أمير المؤمنين أن يأذن لابن عمه في حديث عن آبائه عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فكأنه اغتنمها فقال: مأذون لك هاته، فقلت: حدثني أبي، عن جدي يرفعه إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن الرحم إذا مست رحما تحركت واضطربت فإن رأيت أن تناولني يدك فأشار بيده إلي، ثم قال: ادن فدنوت فصافحنى وجذبني إلى نفسه مليا، ثم فارقني وقد دمعت عيناه، فقال لي: اجلس يا موسى فليس عليك بأس صدقت وصدق جدك وصدق النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لقد تحرك دمي واضطربت عروقي واعلم أنك لحمي ودمي وأن الذي حدثتني به صحيح وأني اريد أن أسألك عن مسألة فإن أجبتني أعلم أنك قد صدقتني وخليت عنك ووصلتك ولم اصدق ما قيل فيك، فقلت: ما كان علمه عندي أجبتك فيه.

__________________

(١) مريم: ٥٩.

٥٦

فقال: لم لا تنهون شيعتكم عن قولهم لكم: " يا ابن رسول الله " وأنتم ولد علي وفاطمة إنما هي وعاء والولد ينسب إلى الاب لا إلى الام؟.

فقلت: إن رأى أمير المؤمنين أن يعفيني من هذه المسألة فعل.

فقال: لست أفعل أو أجبت.

فقلت: فأنا في أمانك ألا تصيبني من آفة السلطان شيئا؟ فقال: لك الامان، قلت أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم( ووهبنا له إسحاق ويعقوب كلا هدينا ونوحا هدينا من قبل ومن ذريته داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهرون وكذلك نجزي المحسنين * وزكريا ويحيى وعيسى (١) ) فمن أبوعيسى؟ فقال: ليس له أب إنما خلق من كلام الله عزوجل وروح القدس.

فقلت: إنما الحق عيسى بذراري الانبياءعليهم‌السلام من قبل مريم والحقنا بذراري الانبياء من قبل فاطمةعليها‌السلام لا من قبل عليعليه‌السلام .

فقال: أحسنت يا موسى زدني من مثله.

فقلت: اجتمعت الامة برها وفاجرها أن حديث النجراني حين دعاه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى المباهلة لم يكن في الكساء إلا النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعلي وفاطمة والحسن والحسينعليهم‌السلام ، فقال الله تبارك وتعالى:( فمن حاجك فيه من بعد ما جاء‌ك من العلم فقل تعالوا ندع أبناء‌نا و أبناء‌كم ونساء‌نا ونساء‌كم وأنفسنا وأنفسكم (٢) ) فكان تأويل أبنائنا الحسن والحسين و نسائنا فاطمة وأنفسنا علي بن أبي طالبعليه‌السلام .

فقال: أحسنت، ثم قال: أخبرني عن قولكم: ليس للعم مع ولد الصلب ميراث؟ فقلت: أسألك يا أمير المؤمنين بحق الله وبحق رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن تعفيني من تأويل هذه الآية وكشفها وهي عند العلماء مستورة.

فقال: إنك قد ضمنت لي أن تجيب فيما أسألك ولست أعفيك.

فقلت: فجدد لي الامان، فقال: قد أمنتك.

__________________

(١) الانعام: ٨٤.

(٢) آل عمران: ٥٥.

٥٧

فقلت: إن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يورث من قدر على الهجرة فلم يهاجر وإن عمي العباس قدر على الهجرة فلم يهاجر وإنما كان في عدد الاسارى عند النبىصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وجحد أن يكون له الفداء فأنزل الله تبارك وتعالى على النبىصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يخبره بدفين له من ذهب فبعث علياعليه‌السلام فأخرجه من عند ام الفضل، أخبر العباس بما أخبره جبرئيل عن الله تبارك وتعالى فأذن لعلي وأعطاه علامة الموضع الذي دفن فيه فقال العباس عند ذلك: يا بان أخي ما فاتني منك أكثر وأشهد أنك رسول رب العالمين، فلما أحضر علي الذهب فقال العباس: أفقرتني يا ابن أخي فأنزل الله تبارك وتعالى:( إن يعلم الله في قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا مما أخذ منكم ويغفر لكم ) (١) وقوله: " والذين آمنوا ولم يهاجروا مالكم من ولايتهم من شئ حتى يهاجروا " ثم قال:( وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر (٢) ) ، فرأيته قد اغتم.

ثم قال: أخبرني من أين قلتم: إن الاسنان يدخله الفساد من قبل النساء لحال الخمس الذي لم يدفع إلى أهله؟ فقلت: اخبرك يا أمير المؤمنين بشرط أن لا تكشف هذا الباب لاحد ما دمت حيا و عن قريب يفرق الله بيننا وبين من ظلمنا وهذه مسألة لم يسألها أحد من السلاطين غير أمير المؤمنين.

قال: ولا تيم ولا عدي ولا بنو امية ولا أحد من أبائنا؟ قلت: ما سئلت ولا سئل أبوعبدالله جعفر بن محمد عنها.

قال: الله، قلت: الله.

قال: فإن بلغني عنك أو عن أحد من أهل بيتك كشف ما أخبرتني به رجعت عما أمنتك منه.

فقلت: لك علي ذلك.

__________________

(١) الانفال: ٧١.

(٢) الانفال: ٧٣.

٥٨

فقال: أحب أن تكتب لي كلاما موجزا له اصول وفروع يفهم تفسيره ويكون ذلك سماعك من أبي عبداللهعليه‌السلام ؟ فقلت: نعم وعلى عيني يا أميرالمؤمنين قال: فإذا فرغت فارفع حوائجك، وقال: و كل بي من يحفظني وبعث إلي في كل يوم بمائدة سرية فكتبت: بسم الله الرحمن جميع امور الدنيا أمران: أمر لا اختلاف فيه وهو إجماع الامة على الضرورة التي يضطرون إليها وأخبار المجمع عليها المعروض عليها كل شبهة والمستنبط منها على كل حادثة، وأمير يحتمل الشك والانكار وسبيله استيضاح(١) أهل الحجة عليه فما ثبت لمنتحليه من كتاب مستجمع على تأويله أو سنة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا اختلاف فيها أو قياس تعرف العقول عدله ضاق على من استوضح تلك الحجة ردها ووجب عليه قبولها والاقرار والديانة بها ومالم يثبت لمنتحليه به حجة من كتاب مستجمع على تأويله أو سنة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا اختلاف فيها أو قياس تعرف العقول عدله وسع خاص الامة وعامها الشك فيه والانكار له كذلك هذان الامران من أمر التوحيد فما دونه إلى أرش الخدش فما دونه فهذا المعروض الذي يعرض عليه أمر الدين فما ثبت لك برهانه اصطفيته وما غمض عنك ضوء‌ه نفيته ولا قوة إلا بالله وحسبنا الله ونعم الوكيل.

فأخبرت الموكل بي أني قد فرغت من حاجته فأخبره فخرج وعرضت عليه فقال: أحسنت هو كلام موجز جامع فارفع حوائجك يا موسى فقلت: يا أمير المؤمنين أول حاجتي إليك أن تأذن لي في الانصراف إلى أهلي فإني تركتهم باكين آئسين من أن يروني، فقال: مأذون لك ازدد، فقلت: يبقى الله أمير المؤمنين لنا معاشر بني عمه، فقال: ازدد، فقلت: علي عيال كثير وأعيننا بعد الله تعالى ممدودة إلى فضل أمير المؤمنين وعادته فأمر لي بمائة ألف درهم وكسوة وحملني وردني إلى أهلي مكرما.(٢)

__________________

(١) في بعض النسخ [ وسبيله استنصاح اهل الحجة عليه ].

(٢) رواه الحسن بن على بن شعبة في كتاب تحف العقول ص ٤٠٦ بزيادة وادنى اختلاف في اللفظ ونقله المجلسىرحمه‌الله عن الاختصاص في ج ١١ ص ٢٦٨.وقال في بيانه: رواه في كتاب الاستدراك أيضا عن هارون موسى التلعكبرى باسناده إلى على بن حمزة عنهعليه‌السلام بالاختصار وأدنى تغيير.

٥٩

حديث أبى الحسن موسى بن جعفرعليهما‌السلام وهارون الرشيد والفضل بن الربيع

حمدان بن الحسين النهاوندي قال: حدثنا إبراهيم بن إسحاق النهاوندي قال: حدثني أحمد بن إسماعيل أبوعمر قال: حدثني عبدالله بن صالح قال: حدثني الفضل بن الربيع قال: كنت في فراشي وقد خلوت في بعض المقاصير مع جاريتي فسمعت وقعا فقلت: من هذا؟ قالت: الريح فتحركت له إذا دخل مسرور الكبير وقال: أجب أمير المؤمنين(١) فبرزت إليه مرعوبا فقال لي: يا فضل أطلق موسى بن جعفر الساعة وهب له ثمانون ألف درهم واخلع عليه خمسة خلع وأحمله على خمسة من الظهر، فقلت: يا أميرالمؤمنين موسى ابن جعفر؟ قال: نعم ويلك تريد أن أنقض العهد، فقلت: يا أمير المؤمنين وما العهد؟ قال: بينا أنا في مرقدي إذ ساورني أسود(٢) ما رأيت في السودان أعظم منه فقعد على صدري وقبض على حلقي وقال: أحبست موسى بن جعفرعليهما‌السلام ظالما له؟ قلت: أنا أطلقه الساعة فأخذ علي عهد الله عزوجل أن أطلقه ثم قام من صدري وكادت نفسي أن تخرج، قال الفضل: فخرجت من عنده ووافيت موسى بن جعفرعليهما‌السلام في مصلاه فأبلغته سلام أمير المؤمنين وأعلمته ما أمرني به فقال: لا حاجة في المال والخلع والحملان(٣) إذا كان فيه حقوق الامة فقلت: أنشدك الله أن ترده فيغتاظ عليك، فقال: افعل ما شئت فأخذت بيده فأخرجته من الحبس وقلت له: يا ابن رسول الله قد وجب حقي عليك لمشاركتي إياك ولما أجراه الله عزوجل على يدي فقال: رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في النوم ليلة الاربعاء فقال لي: يا موسى محبوس مظلوم، قلت: نعم يا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم محبوس مظلوم فكرر علي ثلاث مرات ثم قال: لعله فتنة لهم ومتاع إلى حين، وأصبح غدا صائما وأتبعه بصيام الخميس والجمعة فإذا كان وقت إفطارك فصل اثنى عشر ركعة تقول في كل ركعة: " الحمد " و " قل هو الله أحد " اثنى عشر مرة وكذلك في الركعة الثانيه فإذا انصرفت من صلاتك فقل: " اللهميا ساتر العيوب وسامع كل صوت ".(٤)

__________________

(١) يعني هارون الرشيد.

(٢) ساورني أى واثبنى.

(٣) الحملان: المتاع واسباب السفر.

(٤) رواه الصدوقرحمه‌الله في العيون بأدنى تغيير في اللفظ وفيه " قال لى: سر إلى حبسنا فاخرج موسى بن جعفر بن محمد وادفع اليه ثلاثين ألف درهم واخلع عليه خمس خلع واحمله على ثلاثة مراكب وخيره بين المقام معنا او الرحيل عنا إلى أى بلد اراد واحب " ورواه المجلسى في البحار ج ١١ ص ٣٩٦.

٦٠

حديث موسى بن جعفرعليهما‌السلام مع يونس بن عبدالرحمن

قال يونس بن عبدالرحمن يوما لموسى بن جعفرعليهما‌السلام : أين كان ربك حين لا سماء مبنية ولا أرضا مدحية؟ قال: كان نورا في نور ونورا على نور، خلق من ذلك النور ماء منكدرا فخلق من ذلك الماء ظلمة فكان عرشه على تلك الظلمة قال: إنما سألتك عن المكان، قال: قال: كلما قلت: أين فأين هو المكان، قال: وصفت فأجدت إنما سألتك عن المكان الموجود المعروف قال: كان في علمه لعلمه فقصر علم العلماء عند علمه، قال: إنما سألتك عن المكان قال: يا لكع أليس قد أجبتك أنه كان في علمه لعلمه فقصر علم العلماء عند علمه(١) .

__________________

(١) لم نعثر على تلك الرواية في مظانه من كتب الاصحاب.وقوله: " يا لكع " اللكع: العبد، الاحمق، الصبى، الصغير.ومعنى الرواية على ما أفاده الاستاذ المعظم العلامة الطباطبائى هو أن السائل يسأل عن المكان المعروف وهو ما يستقر فيه الاجسام ويحويها أو ما يستقر عليه الاجسام، وقد كرر السؤال في الرواية مرات حتى صرح به أخيرا وأجابهعليه‌السلام فيما سأل عنه، غير أنه جرد معنى المكان بحسب التحليل إلى ما " يستقر فيه الشئ أو يستقر عليه الشئ " كائنا ما كان.ثم ذكر أن لله سبحانه مكانا بمعنى ما يستقر فيه الشئ وهو علمه بنفسه فهو معلوم لعلم نفسه مستقر فيه، فهو مكانه لا يسعه علم غير علمه بنفسه، وأن له سبحانه مكانا بمعنى ما يستقر عليه الشئ وهو عرشه الذى هو علمه الفعلى بجميع مخلوقاته (على ما فسر به العرش في روايات اخر) فله تعالى مكان بمعنى ما يستقر فيه الشئ وهو علمه الذى بنفسه، ومكان بمعنى ما يستقر عليه الشئ وهو علمه الذى هو عرشه الذى يحكم عليه ويدبر به أمر خلقه.والدليل على تفسيره المكان بالمعنى الاول قولهعليه‌السلام : " كان نورا في نور " وقوله ثانيا وهو تكرار قوله الاول بمعناه: " كان في علمه لعلمه " وقوله ثالثا: " يا لكع أليس قد أجبتك أنه كان في علمه لعلمه - الخ - ". والدليل على تفسيره المكان بالمعنى الثانى قولهعليه‌السلام : " ونورا على نور، خلق من ذلك النور - الخ - " فقد استقر عرشه على الظلمة وعرشه نور لانه علم (وقد سمىعليه‌السلام العلم نورا) وهو تعالى على عرشه فهو نور على نور، وهو مكانه تعالى وتقدس عن الجسم والجسمانيات فافهم ذلك.وأما قولهعليه‌السلام : " فقصر علم العلماء عند علمه " فانما ذكره دفعا لان يتوهم أنه تعالى كما يتمكن في علم نفسه كذلك يتمكن في علم غيره. فذكرعليه‌السلام أن علم غيره محدود يقصر عن الاحاطة به تعالى.

٦١

حدثني محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن محمد بن عبدالحميد، عن عبدالسلام بن سالم، عن ميسر بن عبد العزيز قال: قال أبوعبداللهعليه‌السلام : حديث يأخذه صادق عن صادق خير من الدنيا وما فيها.(١) وعنه، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن بعض أصحابنا، عن عبدالله بن عبدالله قال: حدثني موسى بن إبراهيم المروزي، عن أبي الحسن الاولعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من حفظ من امتى اربعين حديثا مما يحتاجون إليه في أمر دينهم بعثه الله يوم القيامة فقيها عالما.(٢) حدثني محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، عن محمد بن الحسن الصفار، عن علي بن سليمان بن داود الرازي، وحدثنا أحمد بن محمد بن يحيى قال: حدثني سعد بن عبدالله، عن علي بن سليمان، عن علي بن أسباط، عن أبيه أسباط بن سالم قال: قال أبوالحسن موسى ابن جعفرعليهما‌السلام إذا كان يوم القيامة نادى مناد أين حواري محمد بن عبدالله رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الذين لم ينقضوا العهد ومضوا عليه؟ فيقوم سلمان والمقداد وأبوذر.

قال: ثم ينادي أين حواري علي بن أبي طالب وصي محمد بن عبدالله رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟ فيقوم عمرو بن الحمق الخزاعي ومحمد بن أبي بكر وميثم بن يحيى التمار مولى بني أسد و أويس القرني.

قال: ثم ينادي المنادي أين حواري الحسين بن علي وابن فاطمة(٣) بنت محمد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟ فيقوم سفيان بن أبى ليلى الهمداني وحذيفة بن اسيد الغفاري.

قال: ثم ينادي أين حواري الحسين بن علي؟ فيقوم كل من استشهد معه ولم يتخلف عنه.

قال: ثم ينادي أين حواري علي بن الحسين؟ فيقوم جبير بن مطعم ويحيى بن ام الطويل وأبوخالد الكابلي وسعيد بن المسيب.

ثم ينادي أين حواري محمد بن علي وحواري جعفر بن محمد؟ فيقوم عبدالله بن شريك العامري وزرارة بن أعين وبريد بن معاوية العجلي ومحمد بن مسلم الثقفي وليث بن البختري المرادي وعبدالله بن أبي يعفور وعامر بن عبدالله بن جذاعة وحجر بن زائدة وحمران بن أعين.

__________________

(١) نقله المجلسى من الكتاب في المجلد الاول من البحار باب فضل كتابة الحديث وروايته.

(٢) رواه الصدوق في الخصال ونقله المجلسى منه ومن الاختصاص في المجلد الاول من البحار باب من حفظ اربعين حديثا. وموسى بن إبراهيم معلم ولد سندى بن شاهك وله كتاب.

(٣) كذا.

٦٢

ثم ينادي سائر الشيعة مع سائر الائمة صلوات الله عليهم يوم القيامة فهؤلاء أول الشيعة الذين يدخلون الفردوس وهؤلاء أول السابقين وأول المقربين وأول المتحورة من التابعين.(١) حدثني محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن محمد بن عيسى، عن بشير، عن هشام بن سالم قال: قال لي أبوعبداللهعليه‌السلام : إن لابي مناقبا ليست لاحد من آبائي إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال لجابر بن عبدالله: إنك تدرك محمدا ابني فاقرأه مني السلام، فأتى جابر علي بن الحسينعليهما‌السلام يطلبه منه فقال: ترسل إليه فيدعوه لك من الكتاب، فقال: اذهب إليه فأتاه فاقرأه السلام من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقبل رأسه والتزمه فقال: وعلى جدي السلام وعليك يا جابر قال: فسأله أن يضمن له الشفاعة يوم القيامة فقال له: أفعل ذلك يا جابر(٢) .

محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار رفعه، عن حريز، عن أبان بن تغلب قال: قال أبوعبداللهعليه‌السلام : إن جابر بن عبدالله كان آخر من بقي من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم و كان منقطعا إلينا أهل البيت وكان يقعد في مسجد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو معتم بعمامة سوداء وكان ينادي يا باقر يا باقر فكان أهل المدينة يقولون: جابر يهجر، فكان يقول: لا والله ما أهجر ولكني سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: إنك ستدرك رجلا اسمه اسمي وشمائله شمائلي يبقر العلم بقرا فذلك الذي دعاني إلى ما أقول، قال: فبينا جابر يتردد ذات يوم في بعض طرق المدينة إذ مر بكتاب فيه محمد بن علي بن الحسينعليهم‌السلام فلما نظر إليه قال: يا غلام أقبل فأقبل ثم قال له: أدبر فأدبر فقال: شمائل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والذي نفس جابر بيده يا غلام ما اسمك؟ قال: اسمي محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، فأقبل عليه يقبل

__________________

(١) رواه الكشى في رجاله ص ٦ ونقله المجلسى من الاختصاص في البحار ج ٨ ص ٧٢٦.

(٢) رواه الكشى في رجاله ص ٢٨. ونقله المجلسى من الاختصاص في البحار ج ١١ ص ٦٤.

٦٣

رأسه فقال: بأبي أنت وامي أبوك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقرئك السلام ويقول لك، قال: فرجع محمد بن علي إلى أبيه علي بن الحسين وهو ذعر(١) فأخبره الخبر، فقال: يا بني ألزم بيتك وكان جابر يأتيه طرفي النهار وكان أهل المدينة يقولون: واعجباه لجابر يأتي هذا الغلام طرفي النهار وهو آخر ما بقي من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فلم يلبث أن مضى علي بن الحسينعليهما‌السلام وكان محمد بن عليعليهما‌السلام يأتيه على وجه الكرامة لصحبته برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قال: فجلس محمد بن عليعليهما‌السلام يحدثهم عن الله تبارك وتعالى فكان أهل المدينة يقولون: ما رأينا أحدا قط أجرأ من ذا قال: فلما رأى ما يقولون حدثهم عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال أهل المدينة: وما رأينا أحدا قط أكذب من هذا يحدث عمن لم يره، فلما رأى ما يقولون حدثهم عن جابر بن عبدالله عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فصدقوه وكان والله جابر يأتيه ويتعلم منه.(٢) حدثني جعفر بن الحسين بن محمد بن عبدالله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن هارون بن مسلم، عن أبي الحسن الليثي، عن جعفر بن محمد، عن آبائهعليه‌السلام ، أنه قال: لما نزلت هذه الآية على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ( قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ) (٣) قام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال: يا أيها الناس إن الله تبارك وتعالى قد فرض لي عليكم فرضا فهل أنتم مؤدوه؟ قال: فلم يجبه أحد منهم فانصرف فلما كان من الغد قام فيهم فقال: مثل ذلك فلم يتكلم منهم أحد فلما كان يوم الثالث قام فيهم بمثل ذلك فقال: يا أيها الناس إنه ليس بذهب ولا فضة ولا مطعم ولا مشرب، قالوا: فألقه، إذا، قال: إن الله تبارك وتعالى أنزل علي " قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى " قالوا: أما هذه فنعم، قال: أبوعبداللهعليه‌السلام فوالله ما وفى بها إلا سبعة نفر: سلمان وأبوذر وعمار والمقداد وجابر بن عبدالله ومولى لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقال له شبيب وزيد بن أرقم(٤) .

__________________

(١) أى خائف.

(٢) رواه الكشى في رجاله ص ٢٧. والراوندى في الخرائج. والكلينى في الكافى ج ١ ص ٤٦٩ ونقله المجلسى في البحار ج ١١ ص ٦٤ وفى الخرائج والكافى " معتجر " مكان " معتم " وقال الجزرى: الاعتجار هو ان يلف العمامة على رأسه ويرد طرفها على وجهه ولا يعمل منها شيئا تحت ذقنه.

(٣) الشورى: ٢٣.

(٤) رواه الحميرى في قرب الاسناد ص ٣٨. ونقله المجلسى في البحار ج ٦ ص ٧٧٨.

٦٤

خزيمة بن ثابت

حدثنا محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن الحسن بن موسى الخشاب، عن غياث بن كلوب، عن إسحاق بن عمار، عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اشترى فرسا من أعرابي فأعجبه فقام أقوام من المنافقين حسدوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على ما أخذ منه فقالوا للاعرابي: لو تبلغت بيه إلى السوق بعته بأضعاف هذا فدخل الاعرابي الشره فقال، ألا أرجع فأستقيله؟ فقالوا: لا ولكنه رجل صالح فإذا جاء‌ك بنقدك فقل: ما بعتك بهذا فانه سيرده عليك فلما جاء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أخرج إليه النقد فقال: ما بعتك بهذا فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : والذي بعثني بالحق لقد بعتني بهذا فقام خزيمة بن ثابت فقال يا أعرابي أشهد لقد بعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بهذا الثمن الذي قال: فقال الاعرابي: لقد بعته وما معنا من أحد فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لخزيمة: كيف شهدت بهذا؟ فقال: يا رسول الله بأبي أنت وأمي تخبرنا عن الله وأخبار السماوات فنصدقك ولا نصدقك في ثمن هذا فجعل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم شهادته شهادة رجلين فهو ذو الشهادتين(١) .

حدثنا جعفر بن الحسين، عن محمد بن الحسن الصفار، عن محمد بن عيسى عن يونس، عن جميل، عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: ارتد الناس بعد الحسينعليه‌السلام إلا ثلاثة: أبوخالد الكابلي ويحيى بن ام الطويل وجبير بن مطعم ثم إن الناس لحقوا وكثروا وكان يحيى بن أم الطويل يدخل مسجد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويقول: " كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء "(٢) .

وعنه، عن محمد بن جعفر المؤدب قال: حدثنا محمد بن عبدالله بن عمران، عن عبدالله بن يزيد الغساني يرفعه قال: قدم وفد العراقين على معاوية فقدم في وفد أهل الكوفة عدي ابن حاتم الطائي وفي وفد أهل البصرة الاحنف بن قيس وصعصة بن صوحان فقال: عمرو بن العاص لمعاوية هؤلاء رجال الدنيا وهم شيعة علي الذين قاتلوا معه يوم الجمل ويوم صفين فكن منهم على حذر، فأمر لكل رجل منهم بمجلس سري واستقبل

__________________

(١) رواه الكلينى في النوادر من كتاب الشهادات من الكافى. بادنى تغيير في اللفظ.

(٢) نقله المجلسى من الكتاب في البحار ج ١١ ص ٤٢ ورواه الكشى ص ٨١ من رجاله.

٦٥

القوم بالكرامة فلما دخلوا عليه قال لهم: أهلا وسهلا قدمتم أرض المقدسة والانبياء والرسل والحشر والنشر، فتكلم صعصعة وكان من أحضر الناس جوابا فقال: يا معاوية أما قولك: " أرض المقدسة " فإن الارض لا تقدس أهلها وإنما تقد سهم الاعمال الصالحة، وأما قولك: " أرض الانبياء والرسل " فمن بها من أهل النفاق والشرك والفراعنة والجبابرة أكثر من الانبياء والرسل، وأما قولك: " أرض الحشر والنشر " فإن المؤمن لا يضره بعد الحشر والمنافق لا ينفعه قربه.

فقال معاوية: لو أن الناس كلهم أولدهم أبوسفيان لما كان فيهم إلا كيسا رشيدا

فقال صعصعة: قد أولد الناس من كان خيرا من أبي سفيان فأولد الاحمق والمنافق والفاجر والفاسق والمعتوه والمجنون - آدم أبوالبشر -. فخجل معاوية.(١)

وكان من شرطة الخميس وكان فاضلا.

__________________

(١) نقله المجلسى في المجلد العاشر من البحار ص ١٢٩.

٦٦

الاصبغ بن نباتة

حدثنا جعفر بن الحسين، عن محمد بن جعفر المؤدب، عن أحمد بن أبي عبدالله البرقي، عن أبي الحسين صالح بن أبي حماد، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن سنان، عن أبي الجارود، عن الاصبغ بن نباتة قال: قلت للاصبغ ما كان منزلة هذا الرجل(١) فيكم؟ فقال: ما أدري ما تقول إلا أن سيوفنا كان على عواتقنا ومن أومأ إليه ضربناه.(٢) جعفر بن محمد بن قولويه، عن جعفر بن محمد بن مسعود، عن أبيه قال: حدثني علي ابن الحسين، عن مروك بن عبيد قال: حدثني إبراهيم بن أبي البلاد، عن رجل، عن الاصبغ قال: قلت له: كيف سميتم شرطة الخميس يا أصبغ؟ فقال: إنا ضمنا له الذبح وضمن لنا الفتح.(٣) محمد بن الحسن الشحاذ(٤) ، عن سعد بن عبدالله، عن محمد بن أحمد، عن محمد بن إسماعيل،

__________________

(١) يعنى أمير المؤمنين على بن أبى طالبعليه‌السلام .

(٢) نقله المجلسى في المجلد الثامن من البحار ص ٧٢٧.

(٣) نقله في البحار المجلد التاسع ص ٦٤٣.

(٤) كذا في النسختين وفى البحار ايضا.

٦٧

عن جعفر بن الهيثم الحضرمي، عن علي بن الحسين الفزاري، عن آدم التمار الحضرمي عن سعد بن طريف، عن الاصبغ بن نباتة قال: أتيت أمير المؤمنين صلوات الله عليه لاسلم عليه فجلست أنتظره فخرج إلي فقمت إليه فسلمت عليه فضرب على كفي ثم شبك أصابعه في أصابعي، ثم قال: يا أصبغ بن نباتة ! قلت: لبيك وسعديك يا أمير المؤمنين، فقال: إن ولينا ولي الله فإذا مات ولي الله كان من الله بالرفيق الاعلى وسقاه من النهر أبرد من الثلج وأحلى من الشهد وألين من الزبد، فقلت: بأبي أنت وامي وإن كان مذنبا؟ فقال: نعم وإن كان مذنبا، أما تقرأ القرآن( اولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما ) (١) يا أصبغ إن ولينا لو لقى الله وعليه من الذنوب مثل زبد البحر ومثل عدد الرمل لغفرها الله له إن شاء الله تعالى.(٢) حدثنا محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن يعقوب بن يزيد، عن محمد ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن سليمان بن خالد الاقطع قال: سمعت أبا عبداللهعليه‌السلام يقول: ما أجد أحدا أحيا ذكرنا وأحاديث أبيعليه‌السلام إلا زرارة وأبوبصير المرادي ومحمد ابن مسلم وبريد بن معاوية ولولا هؤلاء ما كان أحد يستنبط هدى، هؤلاء حفاظ الدين وامناء أبيعليه‌السلام على حلال الله وحرامه وهو السابقون إلينا في الدنيا وفي الآخرة.(٣) وعن محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن إبراهيم بن هاشم، عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبدالحميد قال: قال أبوعبداللهعليه‌السلام : رحم الله زرارة بن أعين لولا زرارة لاندرست آثار النبوة أحاديث أبيعليه‌السلام (٤) حدثني محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن محمد بن عيسى، عن إسماعيل ابن مهران، عن أبي جميلة المفضل بن صالح، عن جابر بن يزيد الجعفي قال: حدثني أبوجعفرعليه‌السلام سبعين ألف حديثا لم احدث بها أحدا قط ولا احدث بها أحدا أبدا

__________________

(١) الفرقان: ٧١.

(٢) نقله المجلسى في المجلد الثامن ص ٧٢٧.

(٣) رواه الكشى في رجاله ص ٩٠.

(٤) رواه الكشى في رجاله ص ٩٠.

٦٨

قال جابر: فقلت لابي جعفرعليه‌السلام : جعلت فداك إنك حملتني وقرا عظيما بما حدثتني به من سركم الذي لا احدث به أحدا وربما جاش في صدري حتى يأخذني منه شبه الجنون قال: يا جابر فإذا كان ذلك فاخرج إلى الجبان فاحفر حفيرة ودل رأسك فيها ثم قل: حدثني محمد بن علي بكذا وكذا.(١) محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن البرقي، عن أحمد بن النضر الخزاز، عن النعمان بن بشير قال: زاملت جابر بن يزيد الجعفي إلى الحج فلما خرجنا إلى المدينة ذهب إلى أبي جعفر الباقرعليهما‌السلام فودعه ثم خرجنا فما زلنا حتى نزلنا الاخيرجة(٢) فلما صلينا الاولى ورحلنا واستوينا في المحمل إذا دخل رجل طوال آدم شديد الادمة ومعه كتاب طينه رطب من محمد بن علي الباقرعليهما‌السلام إلى جابر بن يزيد الجعفي فتناوله جابر وأخذه وقبله، ثم قال: متى عهدك بسيدي قبل الصلاة أو بعد الصلاة؟ قال: بعد الصلاة الساعة قال: ففك الكتاب وأقبل يقرأه ويقطب(٣) وجهه فما ضحك ولا تبسم حتى وافينا الكوفة وقد كان قبل ذلك يضحك ويتبسم ويحدث، فلما نزلنا الكوفة دخل البيت فأبطأ ساعة ثم خرج علينا قد علق الكتاب في عنقه وركب القصب ودار في أزقة الكوفة وهو يقول: منصور بن جمهور أمير غير مأمور(٤) . ونحو هذا من الكلام وأقبل يدور في أزقة الكوفة والناس يقولون: جن جابر جن جابر فلما كان بعد ثلاثة أيام ورد كتاب هشام ابن عبدالملك على يوسف بن عثمان بأن انظر رجلا من جعف يقال له: جابر بن يزيد فاضرب عنقه وابعث إلي برأسه فلما قرأ يوسف بن عثمان الكتاب التفت إلى جلسائه فقال: من جابر بن يزيد؟ فقد أتاني من أمير المؤمنين يأمرني بضرب عنقه وأن أبعث إليه برأسه؟ فقالوا: أصلح الله الامير هذا رجل علامة صاحب حديث وورع وزهد وأنه جن وخولط في عقله و ها هو ذا في الرحبة يلعب مع الصبيان فكتب إلى هشام بن عبدالملك: أنك كتبت إلي في أمر هذا الرجل الجعفي وأنه جن؟ فكتب إليه دعه، قال: فما مضت إلا الايام حتى جاء

__________________

(١) رواه الكشى في رجاله ص ١٢٨ وفى البحار ج ١١ ص ٩٧ عن لكتاب.

(٢) اسم موضع في طريق مكة إلى المدينة.

(٣) اى يفيض وجهه.

(٤) كان واليا بالمدينة من قبل يزيد بن الوليد بعد عزل يوسف بن عمر سنة ١٢٦.

٦٩

منصور بن جمهور فقتل يوسف بن عثمان فصنع ما صنع(١) .

عيسى بن أعين

قال: حدثني محمد بن الحسن قال: حدثنا سعد بن عبدالله، عن محمد بن عيسى، عن محمد بن أبي عمير، عن بعض أصحابه قال: كان عيسى بن أعين إذا حج فصار إلى الموقف أقبل على الدعاء لاخوانه حتى يفيض الناس، فقيل له: تنفق مالك وتتعب بدنك حتى إذا صرت إلى الموضع الذي تبث فيها الحوائج إلى الله عزوجل أقبلت على الدعاء لاخوانك وتركت نفسك؟ فقال: إني على يقين من دعاء الملك لي وفي شك من الدعاء لنفسي.(٢) وعنه، عن سعد بن عبدالله، عن أحمد بن محمد، عن موسى بن طلحة، عن أبي محمد أخي يونس بن يعقوب عنه قال: كنت بالمدينة فاستقبلني جعفر بن محمدعليهما‌السلام في بعض أزقتها فقال: يا يونس فإن بالباب رجل منا أهل البيت، قال: فجئت إلى الباب فإذا عيسى بن عبدالله القمي جالس على الباب، قال: فقلت له: من أنت؟ فقال: أنا رجل من أهل قم قال: فلم يكن بأسرع إذ أقبل أبوعبداللهعليه‌السلام على حمار فدخل على الحمار الدار ثم التفت إلينا فقال: ادخلا ثم قال: يا يونس أحسبك أنكرت قولي لك أن عيسى بن عبدالله منا أهل البيت؟ قال: قلت: إي والله جعلت فداك لان عيسى بن عبدالله رجل من اهل قم، قال: يا يونس بن يعقوب عيسى بن عبدالله منا حيا وهو منا ميتا.(٣)

__________________

(١) رواه الكلينى في الكافى ج ١ ص ٣٩٦ بادنى تفاوت في اللفظ.ونقله المجلسى في البحار ج ١١ ص ٨١ من الكافى وفى ج ٧ ص ٣٦٣ من الاختصاص.

(٢) رواه الكلينى في الكافى ج ٤ ص ٤٦٥.

(٣) رواه الكشى في رجاله ص ٢١٣. والمؤلف في مجالسه ص ٨٣ بهذا السند أيضا.

٧٠

عمران بن عبدالله القمى

حدثنا محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن موسى بن طلحة، عن بعض الكوفيين قال: كنت بمنى إذا أقبل عمران بن عبدالله القمي ومعه مضارب للرجال والنساء وفيها كنف فضربها في مضرب أبي عبداللهعليه‌السلام إذ أقبل أبوعبداللهعليه‌السلام ومعه نساؤه فقال: ما هذا؟ فقلت: جعلت فداك هذه مضارب ضربها لك عمران بن عبدالله القمي، قال: فنزل بها ثم قال: يا غلام عمران بن عبدالله؟ قال: فأقبل فقال: جعلت فداك هذه المضارب التي أمرتني أن أعملها لك، فقال: بكم ارتفعت؟ فقال له: جعلت فداك إن الكرابيس من صنعتي وعملتها لك فأنا احب جعلت فداك أن تقبلها مني هدية وقد رددت المال الذي اعطيتنيه قال: فقبض أبوعبداللهعليه‌السلام على يده ثم قال: أسأل الله تعالى أن يصلي على محمد وآل محمد وأن يظلك يوم لا ظل إلا ظله.(١) وحدثنا جعفر بن محمد بن قولويه، عن جعفر بن محمد بن مسعود، عن أبيه قال: حدثني علي بن محمد، عن الحسين بن عبدالله، عن عبدالله علي، عن أحمد بن حمزة بن عمران القمي عن حماد الناب قال: كنا عند أبي عبداللهعليه‌السلام بمنى ونحن جماعة إذ دخل عليه عمران بن عبدالله القمي فسأله وبره وبشه فلما أن قام قلت لابي عبداللهعليه‌السلام : من هذا الذي بررته هذا البر؟ فقال: هذا من أهل بيت النجباء ما أراد بهم جبار من الجبابرة إلا قصمه الله.(٢) وعنه بهذا الاسناد، عن أحمد بن حمزة، عن المرزبان بن عمران، عن ابان بن عثمان قال: أقبل عمران بن عبدالله القمي على أبي عبداللهعليه‌السلام فقر به أبوعبداللهعليه‌السلام فقال: كيف أنت وكيف ولدك وكيف أهلك وكيف بنو عمك وكيف أهل بيتك؟ ثم حدثه مليا فلما خرج قيل لابي عبداللهعليه‌السلام : من هذا؟ قال: نجيب من قوم النجباء ما نصب لهم جبار إلا قصمه الله(٣) .

__________________

(١) رواه الكشى في رجاله ص ٢١٣ ونقله في البحار ج ١١ ص ٢٠٥ من الكتابين.والكنف جمع الكنيف.

(٢) رواه الكشى في رجاله ص ٢١٤ ونقله في البحار ج ١١ ص ٢٠٥ من الاختصاص.و قوله: " بشه " في اللغة بش به: سر وبش له: اقبل عليه وفرح به والبشر والبشاشة: طلاقة الوجه وحسن اللقاء. وقوله: " قصمه الله " أى أهلكه.

(٣) رواه الكشى في رجاله ص ١١٤ ونقله المجلسى من الاختصاص في البحار ج ١١ ص ٢٠٥.

٧١

محمد بن أبى بكر رحمه الله

ابن الطيار قال: ذكر محمد بن أبي بكر عند أبي عبداللهعليه‌السلام فقال أبوعبداللهعليه‌السلام :

رحمه الله وصلى الله عليه قال لامير المؤمنينعليه‌السلام يوما من الايام: ابسط يدك أبايعك فقال: أو ما فعلت؟ فقال: بلى فبسط يده، فقال: أشهد أنك إمام مفترض طاعتك وأن أبي في النار فقال أبوعبداللهعليه‌السلام : كانت النجابة(١) من قبل امه أسماء بنت عميس لا من قبل أبيه(٢) .

وحدثنا أحمد بن هارون الفاميرحمه‌الله ، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن اذينة، عن زرارة بن أعين، عن أبي جعفرعليه‌السلام أن محمد بن أبي بكر بايع عليا على البراء‌ة من أبيه.(٣) وحدثنا جعفر بن محمد بن قولويه، عن أبيه، عن سعد بن عبدالله، عن الحسن بن موسى الخشاب، ومحمد بن عيسى بن عبيد، عن علي بن أسباط، عن عبد الله بن سنان قال: سمعت أبا عبداللهعليه‌السلام يقول: كان مع أمير المؤمنينعليه‌السلام من قريش خمسة نفر وكان ثلاثة عشرة قبيلة مع معاوية فأما الخمسة: فمحمد بن أبي بكر أتته النجابة من قبل امه أسماء بنت عميس وكان معه هشام بن عتبة بن أبي وقاص المرقال وكان معه جعدة بن هبيرة المخزومي وكان أمير المؤمنينعليه‌السلام خاله وهو الذي قال له عتبة بن أبي سفيان: إنما هذه الشدة في الحرب من قبل خالك فقال له جعدة: لو كان لك خال مثل خالي لنسيت أباك.

ومحمد بن أبي حذيفة ابن عتبة بن ربيعة والخامس سلف أمير المؤمنينعليه‌السلام ابن أبي العاص بن الربيعة(٤) .

__________________

(١) في اكثر النسخ [ كان أنجابه ].

(٢) رواه الكشى في رجاله ص ٤٣. ونقله المجلسى في البحار ج ٨ ص ٦٥٦.

(٣) رواه الكشى في رجاله ص ٤٣. ونقله المجلسى في البحار ج ٨ ص ٦٥٦.

(٤) رواه الكشى في رجاله ص ٤٢. وفى القاموس السلف - ككبد - من الرجال زوج اخت امرأته.

ونقله المجلسى في البحار ج ٨ ص ٧٢٧.

٧٢

حدثنا جعفر بن الحسن المؤمن وأحمد بن هارون الفامى وجماعة من مشايخنا، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن علي بن إسماعيل بن عيسى عن حماد بن عيسى، عن الحسين بن مختار القلانسي، عن الحارث بن المغيرة النضري قال: قال لي أبوعبداللهعليه‌السلام : أي شئ تقولون أنتم؟ فقال: نقول: هلك الناس إلا ثلاثة، فقال أبوعبداللهعليه‌السلام : فأين ابن ليلى وشتير فسألت حماد بن عيسى عنهما قال: كانا موليين أسودين لعلي بن أبي طالب صلوات الله عليه(١) .

عبد الله بن العباس بن عبد المطلب

حدثنا جعفر بن الحسين، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن محمد ابن الحسين، عن صفوان بن يحيى، عن ذريح بن محمد المحاربي، عن أبي عبدالله، وعن ابن جريح وغيره من ثقيف أن ابن عباس لما مات واخرج به خرج من تحت كفنه طير أبيض ينظرون إليه يطير نحو السماء حتى غاب عنهم وقال أبوعبداللهعليه‌السلام : كان أبي يحبه حبا شديدا وكان أبيعليه‌السلام وهو غلام تلبسه امه ثيابه فينطلق في غلمان بني عبدالمطلب قال: فأتاه فقال: من أنت؟ - بعدما اصيب بصره - فقال: أنا محمد بن علي بن الحسين بن علي، فقال: حسبك من لم يعرف فلا عرفك(٢) .

__________________

(١) نقله المجلسى في البحار ج ٩ ص ٦٤٣ من الكتاب، والظاهر أن ابى ليلى هو عبدالرحمن ابن أبي ليلى الانصارى من أصحاب أمير المؤمنينعليه‌السلام ومن خواصه من اليمن، روى الكشى في رجاله ص ٦٧ باسناده عن الاعمش انه قال: رأيت عبدالرحمن بن أبى ليلى وقد ضربه الحجاج حتى اسود كتفاه ثم اقامه للناس على سب على والجلاوزة معه يقولون: سب الكذابين، فجعل يقول: ألعن الكذابين على وابن الزبير والمختار. قال ابن شهاب: يقول أصحاب العربية: سمعك تعلم ما يقول لقوله: " على " أى هو ابتداه الكلام.انتهى.

اقول: مراد بن شهاب أنه لو كانت " على " بدلا من قوله: " الكذابين فيجب أن يكون منصوبا فاذا رفعه فو مبتدء وخبره محذوف. واما شتير - بالشين المعجمة المضمومة والتاء المثناة من فوق المفتوحة والياء المثناة من تحت الساكنة والراء المهملة - وهو شتير بن شكل العبسى كان من خواص امير المؤمنينعليه‌السلام .

(٢) رواه الكشى في رجاله ص ٣٨. نقله المجلسى في البحار ج ٩ ص ٦٤٣ من الاختصاص.

٧٣

وعنه عن محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن علي بن إسماعيل، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن الفضيل بن يسار، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: أتى رجل أبيعليه‌السلام فقال: إن رجلا - يعني عبدالله بن عباس - يزعم أنه يعلم كل آية نزلت في القرآن في أي يوم نزلت وفيما نزلت، قال: فاسأله فيمن نزلت( من كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا (١) ) وفيمن نزلت( ولا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم (٢) ) وفيمن نزلت:( يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا (٣) ) فأتاه الرجل فغضب وقال: وددت الذي أمرك بهذا واجهني به فأسأله ولكن سله مما العرش ومتى خلق وكيف هو؟ فانصرف الرجل إلى أبيعليه‌السلام فقال له ما قال، فقالعليه‌السلام : فهل أجابك في الآيات؟ قال: لا، قال أبي: ولكن اجيبك فيها بنور وعلم غير المدعي ولا المنتحل أما الاولتان فنزلتا في أبيه وأما الاخيرة فنزلت في أبي وفينا ولم يكن الرباط الذي امرنا به بعد وسيكون ذلك من نسلنا المرابط ومن نسله المرابط(٤) وأما ما سأل عنه مما العرش فإن الله جعله أرباعا لم يخلق قبله إلا ثلاثة أشياء الهواء والقلم والنور ثم خلقه من ألوان أنوار مختلفة من ذلك النور نور أخضر اخضرت منه الخضرة ونور أصفر اصفرت منه الصفرة ونور أحمر احمرت منه الحمرة ونور أبيض وهو نور الانوار ومنه ضوء النهار ثم جعله سبعين ألف طبق غلظ كل طبق كأول العرش إلى أسفل السافلين وليس من ذلك طبق إلا يسبح بحمده ويقدسه بأصوات مختلفة وألسنة غير مشتبهة ولو سمع واحد منها شي مما تحته لانهدم الجبال(٥)

__________________

(١) الاسراء: ٧٢.

(٢) هود: ٣٤.

(٣) آل عمران: ٢٠٠.

(٤) المرابط: المواظب ثغر العدو والمرابطة أن يربط كل الفريقين خيولهم في ثغره وكل معد لصاحبه وسمى المقام في الثغر رباطا. (كذا في القاموس)

(٥) هكذا في النسختين وكذا أيضا في رجال الكشى ص ٣٦ وفيه قوله: "غلط كل طبق كأول العرش -الخ- " " غلط كل طبق يحاول العرش " ورواه على بن ابراهيم القمى في تفسيره وفيه " لو أذن للسان واحد فأسمع شيئا ما تحته لهدم الجبال والمدائن والحصون وكشف البحار ولهلك ما دونه " ورواه الصدوق أيضا في التوحيد من قولهعليه‌السلام ." فان الله خلق العرش - إلى قوله -: وليس وراء هذا مقال " وفيه " ولو أذن للسان منها فأسمع شيئا مما تحته لهدم الجبال والمدائن والحصون و لخسف البحار ولاهلك ما دونه " ورواه ايضا محمد بن ابراهيم النعمانى في كتاب الغيبة ص ١٠٧ بوجه آخر وفيه ان ابن عباس بعث إلى على بن الحسينعليهما‌السلام من يسأله عن قوله تعالى " يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا - الآية " فغضب على بن الحسينعليهما‌السلام وقال للسائل: وددت أن الذى أمرك بهذا واجهنى به ثم قال: نزلت في أبى وفينا إلى آخر الحديث بادنى اختلاف.

٧٤

والمدائن والحصون ولخسف البحار ولهلك ما دونه، له ثمانية أركان يحمل كل ركن منها من الملائكة ما لا يحصى عددهم إلا الله يسبحون الليل والنهار ولا يفترون ولو أحس شيئا مما فوقه ما أقام لذلك طرفة عين بينه وبين الاحساس الجبروت والكبرياء والعظمة والقدس والرحمة وليس(١) وراء هذا مقال ولقد طمع الحائر(٢) في غير مطمع أما إن في صلبه وديعة قد ذرئت لنار جهنم يستخرجون أقواما من دين الله كما دخلوا فيه وستصبغ الارض بدماء الفراخ من فراخ آل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تنهض تلك الفراخ في غير وقت وتطلب غير مدرك ويرابط الذين آمنوا [ ويصبرون ] ويصابرون(٣) حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين.

وكان بلال مؤذن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فلما قبض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لزم بيته ولم يؤذن لاحد من الخلفاء وقال فيه أبوعبدالله جعفر بن محمدعليهما‌السلام : رحم الله بلالا فإنه كان يحبنا أهل البيت لعن الله صهيبا فإنه كان يعادينا وفي خبر آخر: كان يبكى على رم ع(٤) .

قنبر مولى أمير المؤمنين صلوات الله عليه

حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى، عن عبدالله جعفر الحميري، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن جعفر بن محمد، عن أبيهعليهما‌السلام أن علياعليه‌السلام قال:

إذا رأيت أمرا منكرا

أوقدت نارا ودعوت قنبرا(٥)

وفي رواية العامة: سئل قنبر مولى من أنت؟ فقال: أنا مولى من ضرب بسيفين و طعن برمحين وصلى القبلتين وبايع البيعتين وهاجر الهجرتين ولم يكفر بالله طرفة عين، أنا مولى صالح المؤمنين ووارث النبيين وخير الوصيين وأكبر المسلمين ويعسوب المؤمنين

__________________

(١) قوله: " لو احس شيئا مما فوقه " أى لو احس حاس أو كل ملك من الملائكة.وفى بعض النسخ [ لو أحس حس شيئا ] وهو أظهر وفى بعضها [ لو أحس حس شى منها ] وزاد في رجال الكشى وتفسير القمى والتوحيد " والعلم " بعد قوله: والرحمة.

(٢) في بعض النسخ [ ولقد طمع الخائن ] وهكذا ايضا في الكتب التى أشرنا اليه.

(٣) في الكتب هنا " الذين آمنوا ويصبرون ويصابرون ".

(٤) روى نحوه الكشى في رجاله ص ٢٦ وقوله: " رم ع " كما قاله الطريحى مقلوبة فلا تغفل.

(٥) كذا ونقله المجلسى في البحار ج ٩ ص ٦٢٩. ورواه الكشى في رجاله ص ٤٨.

٧٥

ونور المجاهدين ورئيس البكائين وزين العابدين وسراج الماضين وضوء القائمين وأفضل القانتين ولسان رسول رب العالمين وأول الوصيين من آل يس والمؤيد بجبرئيل الامين و المنصور بميكائيل المتين المحمود عند أهل السماء أجمعين والمحامي عن حرم المسلمين والمجاهد أعداء‌ه الناصبين ومطفئ نيران الموقدين وأفخر من مشى من قريش أجمعين وأول من حارب واستجلب، أمير المؤمنين ووصي نبيه في العالمين وأمينه على المخلوقين وخليفة من بعث إليها أجمعين سيد المسلمين والسابقين وقاتل الناكثين والقاسطين ومبيد المشركين وسهم من مرام الله على المنافقين [ ولسان كلمة العابدين، ناصر دين الله وولي الله ] ولسان كلمة الله وناصره في أرضه وعيبة علمه وكهف دينه إمام الابرار مرضي عند العلي الجبار، سمح، سخي، حيي، بهلول، سنحنحي، زكي، مطهر، أبطحي، بازل جري(١) همام، صابر، صوام، مهدي، مقدام، قاطع الاصلاب مفرق الاحزاب عالي الرقاب، أربطهم عنانا وأثبتهم جنانا وأشدهم شكيمة، باسل، صنديد، هزبر، ضرغام، حازم، عزام، حصيف، خطيب، محجاج، كريم الاصل، شريف الفصل(٢) فاضل القبيلة، نقي العترة، زكي الركانة، مؤدي الامانة من بني هاشم وابن عم النبي، الامام المهدي الرشاد، مجانب الفساد، الاشعث الحاتم، البطل الجماجم(٣) ...

__________________

(١) الحيى: الكثير الحياء.والبهلول - بالضم -: الضحاك والسيد الجامع لكل خير. ورجل سنحنح الذي لا ينام بالليل والياء للمبالغة.والبازل: الرجل الكامل في تجربته والهمام: الملك العظيم الهمة والسيد الشجاع السخى.

(٢) عالى الرقاب أى يعلوها ويسلط عليها.وربط العنان كناية عن التقييد بقوانين الشريعة او حمل الناس عليها.

والشكيمة: الطبع، وفى اللجام: الحديدة المعترضة في فم الفرس.والباسل الاسد والشجاع.والصنديد: السيد الشجاع.والهزبر - بكسر الهاء وفتح الزاى وسكون الباء -: الاسد والشديد الصلب.والضرغام - بالكسر -: الاسد.والحصيف: من استكمل عقله.والمحجاج - بالكسر -: الجدل الكامل في الحجاج.والفصل: القضاء بين الحق والباطل ويحتمل أن يكون المراد هنا المحل الذى انفصل منه من الوالدين والاجداد.

(٣) الركانة: الوقار. والاشعث الاغبر والحاتم - بالكسر -: القاضي. و - بالفتح -: الجواد والجماجم: السادات والعظماء.أقول: أخذت معاني اللغات من البحار والحديث ناقص في النسختين اللتين كانتا عندى ورواه الكشى في رجاله ص ٤٩ وأوردها المجلسىرحمه‌الله في المجلد التاسع ص ٦٣٢ من البحار عنه وعن الاختصاص وفيه بعد قوله: " الجماجم " " والليث المزاحم بدرى، مكى، حنفى، روحانى، شعشعانى من الجبال شواهقها ومن ذى الهضاب رؤوسها ومن العرب سيدها ومن الوغا ليثها، البطل الهمام والليث المقدام والبدر التمام، محك المؤمنين ووارث المشعرين وابوالسبطين الحسن والحسين والله أمير المؤمنين حقا حقا على بن ابى طالب عليه من الله الصلوات الزكية والبركات السنية ".

٧٦

فبكيت(١) فقال لي: بكيت من القول دون الفعل فقلت: والله ما بكيت من القول ولا من الفعل ولكني بكيت من شك كان دخلني يوم خبرني سيدي ومولاي علي بن آبي طالب صلوات الله عليه.قال: وما قال لك؟ قال: أتيت الباب فقيل لي: نائم فناديت: انتبه أيها النائم فو الله

__________________

(١) هكذابياض في النسختين والحديث رواه الكشى في رجاله ص ٥٧ عن ابى الحسن الرضا عن ابيه، عن آبائهعليهم‌السلام قال: اتى ميثم التمار دار أمير المؤمنينعليه‌السلام وقيل له: انه نائم فنادى بأعلى صوته: انتبه أيها النائم فوالله لتخضبن لحيتك من رأسك، فانتبه أمير المؤمنينعليه‌السلام فقال: ادخلوا ميثما فقال له: أيها النائم والله لتخضبن لحيتك من رأسك، فقال: صد قت وانت والله لتقطعن يداك ورجلاك ولسانك ولتقطعن النخلة التى في الكناسة فتشق أربع قطع فتصلب أنت على ربعها وحجر بن عدى على ربعها ومحمد بن أكتم على ربعها وخالد بن مسعود على ربعها، قال ميثم: فشككت والله في نفسى وقلت: إن عليا ليخبرنا بالغيب فقلت له: أو كائن ذلك يا أمير المؤمنين؟ فقال: اى ورب الكعبة كذا عهده إلى النبىصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قال: فقلت: لم يفعل ذلك بى يا أمير المؤمنين؟ فقال ليأخذنك العتل الزنيم ابن الامة الفاجرة عبيدالله بن زياد، قال: وكان يخرج إلى الجبانة وأنا معه فيمر بالنخلة فيقول لى: يا ميثم لك ولها شأنا من الشأن قال: فلما ولى عبيدالله ابن زياد الكوفة ودخلها تعلق علمه بالنخلة التى بالكناسة فتخرق فتطير من ذلك فأمر بقطعها فاشتراها رجل من النجارين فشقها اربع قطع قال ميثم: فقلت لصالح ابنى: فخذ مسمارا من حديد فانقش عليه اسمى واسم أبى ودقه في بعض تلك الاجذاع، قال: فلما مضى بعد ذلك أيام أتونى قوم من اهل السوق فقالوا: يا ميثم انهض معنا إلى الامير نشتكى إليه عامل السوق فنسأله أن يعزله عنا ويولى علينا غيره قال: وكنت خطيب القوم فنصت لى وأعجبه منطقى فقال له عمرو بن حريث: اصلح الله الامير تعرف هذا المتكلم؟ قال: ومن هو؟ قال: ميثم التمار الكذاب مولى الكذاب علي بن ابى طالب قال: فاستوى جالسا فقال لى: ما تقول؟ فقلت: كذب أصلح الله الامير بل أنا الصادق مولى الصادق على بن ابى طالب امير المؤمنينعليه‌السلام حقا فقال لى: لتبرأن من على ولتذكرن مساويه وتتولى عثمان وتذكر محاسنه او لاقطعن يديك ورجليك ولاصلبنك فبكيت فقال لى: بكيت من القول دون الفعل.. الحديث.

٧٧

لتخضبن لحيتك من رأسك فقال: صدقت وأنت والله ليقطعن يديك ورجليك ولسانك و لتصلبن فقلت: ومن يفعل ذلك يا أمير المؤمنين؟ فقال: ليأخذنك العتل الزنيم ابن الامة الفاجرة عبيد الله بن زياد، قال: فامتلا غيظا - رجع إلى الحديث الاول قال -: فدعاني فقال: ما يقول هذا؟ قال: قلت: بل أنا الصادق ومولى الصادق وهو الكذاب الاشر فقال ابن زياد: لاقتلنك قتلة ما قتل أحد مثلها في الاسلام قال: فقلت: والله لقد أخبرني مولاي أن يقتلني العتل الزنيم فيقطع يدي ورجلي ولساني ثم يصلبني، قال: فقال: وما العتل الزنيم فإني أجده في كتاب الله؟ قال: قلت: أخبرني مولاي أنه ابن المرأة الفاجرة، قال: فقال: والله لاكذبنك ولاكذبن مولاك، فقال لصاحب حرسه: أخرجه فاقطع يديه ورجليه ودع لسانه حتى يعلم أنه كذاب مولى الكذاب، قال: فأخرجه ففعل ذلك به قال صالح: فأتيت أبي متشحطنا بدمه ثم استوى جالسا فنادى بأعلى صوته من أراد الحديث المكتوم عن علي بن أبي طالب أمير المؤمنينعليه‌السلام فليستمع فاجتمع الناس فأقبل يحدثهم بالعجائب قال: وخرج الاشقى على نعته ذلك(١) فلما رأى الناس حوله يكتبون رجع إلى ابن زياد فقال: أصلح الله الامير تركت أخبث شئ منه، قال: وما هو؟ قال: لسانه إنه ليحدث بالعجب، قال: فبادروه فاقطعوا لسانه، قال: فبادر الحرسي فقال: أخرج لسانك قال: فقال ميثم: ألا زعم ابن الفاجرة أنه يكذبني ويكذب مولاي هلك فأخرج لسانه فقطعه فقال صالح بن ميثم: فأرسل إلى جذع من تلك النخلة فصلب أبي عليه قال: وقد كان أخبره عليعليه‌السلام على أي ربع يصلب قال: فأخذ أبي مسمارا وكتب عليه اسمه فس مره في الجذع الذي أخبره به بلا علم النجار فلما أتى بالخشبة رأيت المسمار على قامة منه عليه اسمه رحم الله ميثم.

__________________

(١) في بعض النسخ [ فخرج الاشعثى على بقية ذلك ]. وفى الرجال " وخرج عمرو بن حريث ".

٧٨

ماجاء في رشيد الهجرى(١)

حدثنا جعفر بن الحسين، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن أبي القاسم، عن محمد بن علي الصيرفي، عن علي بن محمد بن عبدالله الخياط، عن وهيب بن حفص الحريري، عن أبي حسان العجلي، عن قنوا بنت رشيد الهجري قال: قلت لها: أخبريني بما سمعت من أبيك، قالت: سمعت من أبي يقول: قال: حدثني أمير المؤمنينعليه‌السلام فقال: يا رشيد كيف صبرك إذا أرسل إليك دعي بني امية فقطع يديك ورجليك ولسانك؟ فقلت: يا أمير المؤمنين آخر ذلك الجنة؟ قال: بلى يا رشيد أنت معي في الدنيا والآخرة، قالت: فوالله ما ذهبت الايام حتى أرسل إليه الدعي عبيدالله بن زياد فدعاه إلى البراء‌ة من أمير المؤمنينعليه‌السلام فأبى أن يتبرأ منه فقال له الدعي: فبأي ميتة قال لك تموت؟ قال: أخبرني خليلي أنك تدعوني إلى البراء‌ة منه فلا أتبرء منه فتقدمني فتقطع يدي ورجلي ولساني، فقال: والله لاكذبن قوله فيك، قدموه فاقطعوا يديه ورجليه واتركوا لسانه فحملت طوائفه(٢) لما قطعت يداه و رجلاه فقلت له: يا أبه كيف تجد ألما لما أصابك؟ فقال: لا يا بنية إلا كالزحام بين الناس فلما حملناه وأخرجناه من القصر اجتمع الناس حوله فقال: ائتوني بصحيفة ودواة أكتب لكم ما يكون إلى أن تقوم الساعة فإن للقوم بقية لم يأخذوها مني بعد فأتوه بصحيفة فكتب الكتاب بسم الله الرحمن الرحيم.(٣) وذهب لعين فأخبره أنه يكتب للناس ما يكون إلى أن تقوم الساعة فأرسل إليه الحجام حتى قطع لسانه فمات في ليلته تلك وكان أمير المؤمنينعليه‌السلام يسميه رشيد البلايا وكان قد ألقى إليه علم البلايا والمنايا فكان في حياته إذا القى الرجل قال له: يا فلان تموت بميتة كذا وكذا وتقتل أنت يا فلان بقتلة كذا وكذا فيكون

__________________

(١) رشيد - بالراء المضمومة والشين المعجمة المفتوحة وسكون المثناة من تحت والدال - والهجرى - بفتح الهاء والجيم - نسبة إلى هجر وهى بلدة من بلاد اليمن، مدينة معروفة وقال ابن الاثير في اللباب: ينسب إليها رشيد الهجرى.

(٢) أى جمعت اطراف يديه ورجليه لما قطعت كما في رجال الكشى ص ٥٠.

(٣) رواه ابن الشيخ في أماليه ص ١٠٣ عن أبيه عن المفيد مسندا عن وهيب بادنى تغيير في اللفظ وفيه ههنا " فأتوه بصحيفة ودواة فجعل يذكر ويملى عليهم اخبار الملاحم والكاينات ويسندها إلى امير المؤمنينعليه‌السلام فبلغ ذلك ابن زياد فأرسل إليه الحجام حتى قطع لسانه. الخ " .

٧٩

كما يقول الرشيد، وكان أمير المؤمنينعليه‌السلام يقول له: أنت رشيد البلايا أنك تقتل بهذه القتلة فكان كما قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه(١) .

وعنه، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن عثمان بن عيسى، عن أبي الجارود قال: سمعت القنوا بنت رشيد الهجري تقول: قال أبي: يا بنية أميتي الحديث بالكتمان واجعلى القلب مسكن الامانة. في وجه عن قنوا بنت رشيد الهجري قالت: قلت لابي: ما أشد اجتهادك؟ قال: يا بنية يأتي قوم بعدنا بصائرهم في دينهم أفضل من اجتهادنا(٢) .

جعفر بن الحسين، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن محمد بن الحسين ابن أبي الخطاب، عن الحسن محبوب، عن عبدالكريم يرفعه إلى رشيد الهجري قال: لما طلب زياد أبوعبيد الله رشيد الهجري اختفى رشيد فجاء ذات يوم إلى أبي أراكة وهو جالس على بابه في جماعة من أصحابه فدخل منزل أبي أراكة ففزع لذلك أبوأراكة وخاف فقام فدخل في إثره فقال: ويحك قتلتني وأيتمت ولدي وأهلكتهم، قال: وما ذاك؟ قال: أنت مطلوب وجئت حتى دخلت داري وقد رآك من كان عندي، فقال: ما رآني أحد منهم، قال: وستجربن أيضا فأخذه وشده كتافا ثم أدخله بيتا وأغلق عليه بابه ثم خرج إلى أصحابه فقال لهم: إنه خيل إلى أن رجلا شيخا قد دخل آنفا داري قالوا: ما رأينا أحدا فكرر ذلك عليهم كل ذلك يقولون: ما رأينا أحدا فسكت عنهم ثم إنه تخوف أن يكون قد رآه غيرهم فدخل مجلس زياد ليتجسس هل يذكرونه فإن هم أحسوا بذلك أخبرهم أنه عنده ورفعه إليهم قال: فسلم على زياد وقعد عنده وكان الذي بينهما لطيف قال: فبينا هو كذلك إذ أقبل رشيد على بغلة أبي أراكة مقبلا نحو مجلس زياد قال: فلما نظر إليه أبوأراكة تغير لونه وأسقط في يديه وأيقن بالهلاك، فنزل رشيد عن البغلة وأقبل إلى زياد فسلم عليه وقام إليه زياد فاعتنقه وقبله ثم أخذ يسأله كيف قدمت؟ وكيف من خلفت؟ وكيف كنت في مسيرك؟

__________________

(١) نقله المجلسىرحمه‌الله في البحار ج ٩ ص ٦٣٣.

(٢) نقله المجلسى من الكتاب في المجلد التاسع من البحار ص ٦٣٣ وأيضا من المحاسن في ص ٦٢٩.

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372