الاختصاص

الاختصاص15%

الاختصاص مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 372

الاختصاص
  • البداية
  • السابق
  • 372 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 110003 / تحميل: 9222
الحجم الحجم الحجم
الاختصاص

الاختصاص

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

حديث موسى بن جعفرعليهما‌السلام مع يونس بن عبدالرحمن

قال يونس بن عبدالرحمن يوما لموسى بن جعفرعليهما‌السلام : أين كان ربك حين لا سماء مبنية ولا أرضا مدحية؟ قال: كان نورا في نور ونورا على نور، خلق من ذلك النور ماء منكدرا فخلق من ذلك الماء ظلمة فكان عرشه على تلك الظلمة قال: إنما سألتك عن المكان، قال: قال: كلما قلت: أين فأين هو المكان، قال: وصفت فأجدت إنما سألتك عن المكان الموجود المعروف قال: كان في علمه لعلمه فقصر علم العلماء عند علمه، قال: إنما سألتك عن المكان قال: يا لكع أليس قد أجبتك أنه كان في علمه لعلمه فقصر علم العلماء عند علمه(١) .

__________________

(١) لم نعثر على تلك الرواية في مظانه من كتب الاصحاب.وقوله: " يا لكع " اللكع: العبد، الاحمق، الصبى، الصغير.ومعنى الرواية على ما أفاده الاستاذ المعظم العلامة الطباطبائى هو أن السائل يسأل عن المكان المعروف وهو ما يستقر فيه الاجسام ويحويها أو ما يستقر عليه الاجسام، وقد كرر السؤال في الرواية مرات حتى صرح به أخيرا وأجابهعليه‌السلام فيما سأل عنه، غير أنه جرد معنى المكان بحسب التحليل إلى ما " يستقر فيه الشئ أو يستقر عليه الشئ " كائنا ما كان.ثم ذكر أن لله سبحانه مكانا بمعنى ما يستقر فيه الشئ وهو علمه بنفسه فهو معلوم لعلم نفسه مستقر فيه، فهو مكانه لا يسعه علم غير علمه بنفسه، وأن له سبحانه مكانا بمعنى ما يستقر عليه الشئ وهو عرشه الذى هو علمه الفعلى بجميع مخلوقاته (على ما فسر به العرش في روايات اخر) فله تعالى مكان بمعنى ما يستقر فيه الشئ وهو علمه الذى بنفسه، ومكان بمعنى ما يستقر عليه الشئ وهو علمه الذى هو عرشه الذى يحكم عليه ويدبر به أمر خلقه.والدليل على تفسيره المكان بالمعنى الاول قولهعليه‌السلام : " كان نورا في نور " وقوله ثانيا وهو تكرار قوله الاول بمعناه: " كان في علمه لعلمه " وقوله ثالثا: " يا لكع أليس قد أجبتك أنه كان في علمه لعلمه - الخ - ". والدليل على تفسيره المكان بالمعنى الثانى قولهعليه‌السلام : " ونورا على نور، خلق من ذلك النور - الخ - " فقد استقر عرشه على الظلمة وعرشه نور لانه علم (وقد سمىعليه‌السلام العلم نورا) وهو تعالى على عرشه فهو نور على نور، وهو مكانه تعالى وتقدس عن الجسم والجسمانيات فافهم ذلك.وأما قولهعليه‌السلام : " فقصر علم العلماء عند علمه " فانما ذكره دفعا لان يتوهم أنه تعالى كما يتمكن في علم نفسه كذلك يتمكن في علم غيره. فذكرعليه‌السلام أن علم غيره محدود يقصر عن الاحاطة به تعالى.

٦١

حدثني محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن محمد بن عبدالحميد، عن عبدالسلام بن سالم، عن ميسر بن عبد العزيز قال: قال أبوعبداللهعليه‌السلام : حديث يأخذه صادق عن صادق خير من الدنيا وما فيها.(١) وعنه، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن بعض أصحابنا، عن عبدالله بن عبدالله قال: حدثني موسى بن إبراهيم المروزي، عن أبي الحسن الاولعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من حفظ من امتى اربعين حديثا مما يحتاجون إليه في أمر دينهم بعثه الله يوم القيامة فقيها عالما.(٢) حدثني محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، عن محمد بن الحسن الصفار، عن علي بن سليمان بن داود الرازي، وحدثنا أحمد بن محمد بن يحيى قال: حدثني سعد بن عبدالله، عن علي بن سليمان، عن علي بن أسباط، عن أبيه أسباط بن سالم قال: قال أبوالحسن موسى ابن جعفرعليهما‌السلام إذا كان يوم القيامة نادى مناد أين حواري محمد بن عبدالله رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الذين لم ينقضوا العهد ومضوا عليه؟ فيقوم سلمان والمقداد وأبوذر.

قال: ثم ينادي أين حواري علي بن أبي طالب وصي محمد بن عبدالله رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟ فيقوم عمرو بن الحمق الخزاعي ومحمد بن أبي بكر وميثم بن يحيى التمار مولى بني أسد و أويس القرني.

قال: ثم ينادي المنادي أين حواري الحسين بن علي وابن فاطمة(٣) بنت محمد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟ فيقوم سفيان بن أبى ليلى الهمداني وحذيفة بن اسيد الغفاري.

قال: ثم ينادي أين حواري الحسين بن علي؟ فيقوم كل من استشهد معه ولم يتخلف عنه.

قال: ثم ينادي أين حواري علي بن الحسين؟ فيقوم جبير بن مطعم ويحيى بن ام الطويل وأبوخالد الكابلي وسعيد بن المسيب.

ثم ينادي أين حواري محمد بن علي وحواري جعفر بن محمد؟ فيقوم عبدالله بن شريك العامري وزرارة بن أعين وبريد بن معاوية العجلي ومحمد بن مسلم الثقفي وليث بن البختري المرادي وعبدالله بن أبي يعفور وعامر بن عبدالله بن جذاعة وحجر بن زائدة وحمران بن أعين.

__________________

(١) نقله المجلسى من الكتاب في المجلد الاول من البحار باب فضل كتابة الحديث وروايته.

(٢) رواه الصدوق في الخصال ونقله المجلسى منه ومن الاختصاص في المجلد الاول من البحار باب من حفظ اربعين حديثا. وموسى بن إبراهيم معلم ولد سندى بن شاهك وله كتاب.

(٣) كذا.

٦٢

ثم ينادي سائر الشيعة مع سائر الائمة صلوات الله عليهم يوم القيامة فهؤلاء أول الشيعة الذين يدخلون الفردوس وهؤلاء أول السابقين وأول المقربين وأول المتحورة من التابعين.(١) حدثني محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن محمد بن عيسى، عن بشير، عن هشام بن سالم قال: قال لي أبوعبداللهعليه‌السلام : إن لابي مناقبا ليست لاحد من آبائي إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال لجابر بن عبدالله: إنك تدرك محمدا ابني فاقرأه مني السلام، فأتى جابر علي بن الحسينعليهما‌السلام يطلبه منه فقال: ترسل إليه فيدعوه لك من الكتاب، فقال: اذهب إليه فأتاه فاقرأه السلام من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقبل رأسه والتزمه فقال: وعلى جدي السلام وعليك يا جابر قال: فسأله أن يضمن له الشفاعة يوم القيامة فقال له: أفعل ذلك يا جابر(٢) .

محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار رفعه، عن حريز، عن أبان بن تغلب قال: قال أبوعبداللهعليه‌السلام : إن جابر بن عبدالله كان آخر من بقي من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم و كان منقطعا إلينا أهل البيت وكان يقعد في مسجد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو معتم بعمامة سوداء وكان ينادي يا باقر يا باقر فكان أهل المدينة يقولون: جابر يهجر، فكان يقول: لا والله ما أهجر ولكني سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: إنك ستدرك رجلا اسمه اسمي وشمائله شمائلي يبقر العلم بقرا فذلك الذي دعاني إلى ما أقول، قال: فبينا جابر يتردد ذات يوم في بعض طرق المدينة إذ مر بكتاب فيه محمد بن علي بن الحسينعليهم‌السلام فلما نظر إليه قال: يا غلام أقبل فأقبل ثم قال له: أدبر فأدبر فقال: شمائل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والذي نفس جابر بيده يا غلام ما اسمك؟ قال: اسمي محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، فأقبل عليه يقبل

__________________

(١) رواه الكشى في رجاله ص ٦ ونقله المجلسى من الاختصاص في البحار ج ٨ ص ٧٢٦.

(٢) رواه الكشى في رجاله ص ٢٨. ونقله المجلسى من الاختصاص في البحار ج ١١ ص ٦٤.

٦٣

رأسه فقال: بأبي أنت وامي أبوك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقرئك السلام ويقول لك، قال: فرجع محمد بن علي إلى أبيه علي بن الحسين وهو ذعر(١) فأخبره الخبر، فقال: يا بني ألزم بيتك وكان جابر يأتيه طرفي النهار وكان أهل المدينة يقولون: واعجباه لجابر يأتي هذا الغلام طرفي النهار وهو آخر ما بقي من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فلم يلبث أن مضى علي بن الحسينعليهما‌السلام وكان محمد بن عليعليهما‌السلام يأتيه على وجه الكرامة لصحبته برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قال: فجلس محمد بن عليعليهما‌السلام يحدثهم عن الله تبارك وتعالى فكان أهل المدينة يقولون: ما رأينا أحدا قط أجرأ من ذا قال: فلما رأى ما يقولون حدثهم عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال أهل المدينة: وما رأينا أحدا قط أكذب من هذا يحدث عمن لم يره، فلما رأى ما يقولون حدثهم عن جابر بن عبدالله عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فصدقوه وكان والله جابر يأتيه ويتعلم منه.(٢) حدثني جعفر بن الحسين بن محمد بن عبدالله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن هارون بن مسلم، عن أبي الحسن الليثي، عن جعفر بن محمد، عن آبائهعليه‌السلام ، أنه قال: لما نزلت هذه الآية على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ( قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ) (٣) قام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال: يا أيها الناس إن الله تبارك وتعالى قد فرض لي عليكم فرضا فهل أنتم مؤدوه؟ قال: فلم يجبه أحد منهم فانصرف فلما كان من الغد قام فيهم فقال: مثل ذلك فلم يتكلم منهم أحد فلما كان يوم الثالث قام فيهم بمثل ذلك فقال: يا أيها الناس إنه ليس بذهب ولا فضة ولا مطعم ولا مشرب، قالوا: فألقه، إذا، قال: إن الله تبارك وتعالى أنزل علي " قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى " قالوا: أما هذه فنعم، قال: أبوعبداللهعليه‌السلام فوالله ما وفى بها إلا سبعة نفر: سلمان وأبوذر وعمار والمقداد وجابر بن عبدالله ومولى لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقال له شبيب وزيد بن أرقم(٤) .

__________________

(١) أى خائف.

(٢) رواه الكشى في رجاله ص ٢٧. والراوندى في الخرائج. والكلينى في الكافى ج ١ ص ٤٦٩ ونقله المجلسى في البحار ج ١١ ص ٦٤ وفى الخرائج والكافى " معتجر " مكان " معتم " وقال الجزرى: الاعتجار هو ان يلف العمامة على رأسه ويرد طرفها على وجهه ولا يعمل منها شيئا تحت ذقنه.

(٣) الشورى: ٢٣.

(٤) رواه الحميرى في قرب الاسناد ص ٣٨. ونقله المجلسى في البحار ج ٦ ص ٧٧٨.

٦٤

خزيمة بن ثابت

حدثنا محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن الحسن بن موسى الخشاب، عن غياث بن كلوب، عن إسحاق بن عمار، عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اشترى فرسا من أعرابي فأعجبه فقام أقوام من المنافقين حسدوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على ما أخذ منه فقالوا للاعرابي: لو تبلغت بيه إلى السوق بعته بأضعاف هذا فدخل الاعرابي الشره فقال، ألا أرجع فأستقيله؟ فقالوا: لا ولكنه رجل صالح فإذا جاء‌ك بنقدك فقل: ما بعتك بهذا فانه سيرده عليك فلما جاء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أخرج إليه النقد فقال: ما بعتك بهذا فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : والذي بعثني بالحق لقد بعتني بهذا فقام خزيمة بن ثابت فقال يا أعرابي أشهد لقد بعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بهذا الثمن الذي قال: فقال الاعرابي: لقد بعته وما معنا من أحد فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لخزيمة: كيف شهدت بهذا؟ فقال: يا رسول الله بأبي أنت وأمي تخبرنا عن الله وأخبار السماوات فنصدقك ولا نصدقك في ثمن هذا فجعل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم شهادته شهادة رجلين فهو ذو الشهادتين(١) .

حدثنا جعفر بن الحسين، عن محمد بن الحسن الصفار، عن محمد بن عيسى عن يونس، عن جميل، عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: ارتد الناس بعد الحسينعليه‌السلام إلا ثلاثة: أبوخالد الكابلي ويحيى بن ام الطويل وجبير بن مطعم ثم إن الناس لحقوا وكثروا وكان يحيى بن أم الطويل يدخل مسجد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويقول: " كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء "(٢) .

وعنه، عن محمد بن جعفر المؤدب قال: حدثنا محمد بن عبدالله بن عمران، عن عبدالله بن يزيد الغساني يرفعه قال: قدم وفد العراقين على معاوية فقدم في وفد أهل الكوفة عدي ابن حاتم الطائي وفي وفد أهل البصرة الاحنف بن قيس وصعصة بن صوحان فقال: عمرو بن العاص لمعاوية هؤلاء رجال الدنيا وهم شيعة علي الذين قاتلوا معه يوم الجمل ويوم صفين فكن منهم على حذر، فأمر لكل رجل منهم بمجلس سري واستقبل

__________________

(١) رواه الكلينى في النوادر من كتاب الشهادات من الكافى. بادنى تغيير في اللفظ.

(٢) نقله المجلسى من الكتاب في البحار ج ١١ ص ٤٢ ورواه الكشى ص ٨١ من رجاله.

٦٥

القوم بالكرامة فلما دخلوا عليه قال لهم: أهلا وسهلا قدمتم أرض المقدسة والانبياء والرسل والحشر والنشر، فتكلم صعصعة وكان من أحضر الناس جوابا فقال: يا معاوية أما قولك: " أرض المقدسة " فإن الارض لا تقدس أهلها وإنما تقد سهم الاعمال الصالحة، وأما قولك: " أرض الانبياء والرسل " فمن بها من أهل النفاق والشرك والفراعنة والجبابرة أكثر من الانبياء والرسل، وأما قولك: " أرض الحشر والنشر " فإن المؤمن لا يضره بعد الحشر والمنافق لا ينفعه قربه.

فقال معاوية: لو أن الناس كلهم أولدهم أبوسفيان لما كان فيهم إلا كيسا رشيدا

فقال صعصعة: قد أولد الناس من كان خيرا من أبي سفيان فأولد الاحمق والمنافق والفاجر والفاسق والمعتوه والمجنون - آدم أبوالبشر -. فخجل معاوية.(١)

وكان من شرطة الخميس وكان فاضلا.

__________________

(١) نقله المجلسى في المجلد العاشر من البحار ص ١٢٩.

٦٦

الاصبغ بن نباتة

حدثنا جعفر بن الحسين، عن محمد بن جعفر المؤدب، عن أحمد بن أبي عبدالله البرقي، عن أبي الحسين صالح بن أبي حماد، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن سنان، عن أبي الجارود، عن الاصبغ بن نباتة قال: قلت للاصبغ ما كان منزلة هذا الرجل(١) فيكم؟ فقال: ما أدري ما تقول إلا أن سيوفنا كان على عواتقنا ومن أومأ إليه ضربناه.(٢) جعفر بن محمد بن قولويه، عن جعفر بن محمد بن مسعود، عن أبيه قال: حدثني علي ابن الحسين، عن مروك بن عبيد قال: حدثني إبراهيم بن أبي البلاد، عن رجل، عن الاصبغ قال: قلت له: كيف سميتم شرطة الخميس يا أصبغ؟ فقال: إنا ضمنا له الذبح وضمن لنا الفتح.(٣) محمد بن الحسن الشحاذ(٤) ، عن سعد بن عبدالله، عن محمد بن أحمد، عن محمد بن إسماعيل،

__________________

(١) يعنى أمير المؤمنين على بن أبى طالبعليه‌السلام .

(٢) نقله المجلسى في المجلد الثامن من البحار ص ٧٢٧.

(٣) نقله في البحار المجلد التاسع ص ٦٤٣.

(٤) كذا في النسختين وفى البحار ايضا.

٦٧

عن جعفر بن الهيثم الحضرمي، عن علي بن الحسين الفزاري، عن آدم التمار الحضرمي عن سعد بن طريف، عن الاصبغ بن نباتة قال: أتيت أمير المؤمنين صلوات الله عليه لاسلم عليه فجلست أنتظره فخرج إلي فقمت إليه فسلمت عليه فضرب على كفي ثم شبك أصابعه في أصابعي، ثم قال: يا أصبغ بن نباتة ! قلت: لبيك وسعديك يا أمير المؤمنين، فقال: إن ولينا ولي الله فإذا مات ولي الله كان من الله بالرفيق الاعلى وسقاه من النهر أبرد من الثلج وأحلى من الشهد وألين من الزبد، فقلت: بأبي أنت وامي وإن كان مذنبا؟ فقال: نعم وإن كان مذنبا، أما تقرأ القرآن( اولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما ) (١) يا أصبغ إن ولينا لو لقى الله وعليه من الذنوب مثل زبد البحر ومثل عدد الرمل لغفرها الله له إن شاء الله تعالى.(٢) حدثنا محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن يعقوب بن يزيد، عن محمد ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن سليمان بن خالد الاقطع قال: سمعت أبا عبداللهعليه‌السلام يقول: ما أجد أحدا أحيا ذكرنا وأحاديث أبيعليه‌السلام إلا زرارة وأبوبصير المرادي ومحمد ابن مسلم وبريد بن معاوية ولولا هؤلاء ما كان أحد يستنبط هدى، هؤلاء حفاظ الدين وامناء أبيعليه‌السلام على حلال الله وحرامه وهو السابقون إلينا في الدنيا وفي الآخرة.(٣) وعن محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن إبراهيم بن هاشم، عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبدالحميد قال: قال أبوعبداللهعليه‌السلام : رحم الله زرارة بن أعين لولا زرارة لاندرست آثار النبوة أحاديث أبيعليه‌السلام (٤) حدثني محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن محمد بن عيسى، عن إسماعيل ابن مهران، عن أبي جميلة المفضل بن صالح، عن جابر بن يزيد الجعفي قال: حدثني أبوجعفرعليه‌السلام سبعين ألف حديثا لم احدث بها أحدا قط ولا احدث بها أحدا أبدا

__________________

(١) الفرقان: ٧١.

(٢) نقله المجلسى في المجلد الثامن ص ٧٢٧.

(٣) رواه الكشى في رجاله ص ٩٠.

(٤) رواه الكشى في رجاله ص ٩٠.

٦٨

قال جابر: فقلت لابي جعفرعليه‌السلام : جعلت فداك إنك حملتني وقرا عظيما بما حدثتني به من سركم الذي لا احدث به أحدا وربما جاش في صدري حتى يأخذني منه شبه الجنون قال: يا جابر فإذا كان ذلك فاخرج إلى الجبان فاحفر حفيرة ودل رأسك فيها ثم قل: حدثني محمد بن علي بكذا وكذا.(١) محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن البرقي، عن أحمد بن النضر الخزاز، عن النعمان بن بشير قال: زاملت جابر بن يزيد الجعفي إلى الحج فلما خرجنا إلى المدينة ذهب إلى أبي جعفر الباقرعليهما‌السلام فودعه ثم خرجنا فما زلنا حتى نزلنا الاخيرجة(٢) فلما صلينا الاولى ورحلنا واستوينا في المحمل إذا دخل رجل طوال آدم شديد الادمة ومعه كتاب طينه رطب من محمد بن علي الباقرعليهما‌السلام إلى جابر بن يزيد الجعفي فتناوله جابر وأخذه وقبله، ثم قال: متى عهدك بسيدي قبل الصلاة أو بعد الصلاة؟ قال: بعد الصلاة الساعة قال: ففك الكتاب وأقبل يقرأه ويقطب(٣) وجهه فما ضحك ولا تبسم حتى وافينا الكوفة وقد كان قبل ذلك يضحك ويتبسم ويحدث، فلما نزلنا الكوفة دخل البيت فأبطأ ساعة ثم خرج علينا قد علق الكتاب في عنقه وركب القصب ودار في أزقة الكوفة وهو يقول: منصور بن جمهور أمير غير مأمور(٤) . ونحو هذا من الكلام وأقبل يدور في أزقة الكوفة والناس يقولون: جن جابر جن جابر فلما كان بعد ثلاثة أيام ورد كتاب هشام ابن عبدالملك على يوسف بن عثمان بأن انظر رجلا من جعف يقال له: جابر بن يزيد فاضرب عنقه وابعث إلي برأسه فلما قرأ يوسف بن عثمان الكتاب التفت إلى جلسائه فقال: من جابر بن يزيد؟ فقد أتاني من أمير المؤمنين يأمرني بضرب عنقه وأن أبعث إليه برأسه؟ فقالوا: أصلح الله الامير هذا رجل علامة صاحب حديث وورع وزهد وأنه جن وخولط في عقله و ها هو ذا في الرحبة يلعب مع الصبيان فكتب إلى هشام بن عبدالملك: أنك كتبت إلي في أمر هذا الرجل الجعفي وأنه جن؟ فكتب إليه دعه، قال: فما مضت إلا الايام حتى جاء

__________________

(١) رواه الكشى في رجاله ص ١٢٨ وفى البحار ج ١١ ص ٩٧ عن لكتاب.

(٢) اسم موضع في طريق مكة إلى المدينة.

(٣) اى يفيض وجهه.

(٤) كان واليا بالمدينة من قبل يزيد بن الوليد بعد عزل يوسف بن عمر سنة ١٢٦.

٦٩

منصور بن جمهور فقتل يوسف بن عثمان فصنع ما صنع(١) .

عيسى بن أعين

قال: حدثني محمد بن الحسن قال: حدثنا سعد بن عبدالله، عن محمد بن عيسى، عن محمد بن أبي عمير، عن بعض أصحابه قال: كان عيسى بن أعين إذا حج فصار إلى الموقف أقبل على الدعاء لاخوانه حتى يفيض الناس، فقيل له: تنفق مالك وتتعب بدنك حتى إذا صرت إلى الموضع الذي تبث فيها الحوائج إلى الله عزوجل أقبلت على الدعاء لاخوانك وتركت نفسك؟ فقال: إني على يقين من دعاء الملك لي وفي شك من الدعاء لنفسي.(٢) وعنه، عن سعد بن عبدالله، عن أحمد بن محمد، عن موسى بن طلحة، عن أبي محمد أخي يونس بن يعقوب عنه قال: كنت بالمدينة فاستقبلني جعفر بن محمدعليهما‌السلام في بعض أزقتها فقال: يا يونس فإن بالباب رجل منا أهل البيت، قال: فجئت إلى الباب فإذا عيسى بن عبدالله القمي جالس على الباب، قال: فقلت له: من أنت؟ فقال: أنا رجل من أهل قم قال: فلم يكن بأسرع إذ أقبل أبوعبداللهعليه‌السلام على حمار فدخل على الحمار الدار ثم التفت إلينا فقال: ادخلا ثم قال: يا يونس أحسبك أنكرت قولي لك أن عيسى بن عبدالله منا أهل البيت؟ قال: قلت: إي والله جعلت فداك لان عيسى بن عبدالله رجل من اهل قم، قال: يا يونس بن يعقوب عيسى بن عبدالله منا حيا وهو منا ميتا.(٣)

__________________

(١) رواه الكلينى في الكافى ج ١ ص ٣٩٦ بادنى تفاوت في اللفظ.ونقله المجلسى في البحار ج ١١ ص ٨١ من الكافى وفى ج ٧ ص ٣٦٣ من الاختصاص.

(٢) رواه الكلينى في الكافى ج ٤ ص ٤٦٥.

(٣) رواه الكشى في رجاله ص ٢١٣. والمؤلف في مجالسه ص ٨٣ بهذا السند أيضا.

٧٠

عمران بن عبدالله القمى

حدثنا محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن موسى بن طلحة، عن بعض الكوفيين قال: كنت بمنى إذا أقبل عمران بن عبدالله القمي ومعه مضارب للرجال والنساء وفيها كنف فضربها في مضرب أبي عبداللهعليه‌السلام إذ أقبل أبوعبداللهعليه‌السلام ومعه نساؤه فقال: ما هذا؟ فقلت: جعلت فداك هذه مضارب ضربها لك عمران بن عبدالله القمي، قال: فنزل بها ثم قال: يا غلام عمران بن عبدالله؟ قال: فأقبل فقال: جعلت فداك هذه المضارب التي أمرتني أن أعملها لك، فقال: بكم ارتفعت؟ فقال له: جعلت فداك إن الكرابيس من صنعتي وعملتها لك فأنا احب جعلت فداك أن تقبلها مني هدية وقد رددت المال الذي اعطيتنيه قال: فقبض أبوعبداللهعليه‌السلام على يده ثم قال: أسأل الله تعالى أن يصلي على محمد وآل محمد وأن يظلك يوم لا ظل إلا ظله.(١) وحدثنا جعفر بن محمد بن قولويه، عن جعفر بن محمد بن مسعود، عن أبيه قال: حدثني علي بن محمد، عن الحسين بن عبدالله، عن عبدالله علي، عن أحمد بن حمزة بن عمران القمي عن حماد الناب قال: كنا عند أبي عبداللهعليه‌السلام بمنى ونحن جماعة إذ دخل عليه عمران بن عبدالله القمي فسأله وبره وبشه فلما أن قام قلت لابي عبداللهعليه‌السلام : من هذا الذي بررته هذا البر؟ فقال: هذا من أهل بيت النجباء ما أراد بهم جبار من الجبابرة إلا قصمه الله.(٢) وعنه بهذا الاسناد، عن أحمد بن حمزة، عن المرزبان بن عمران، عن ابان بن عثمان قال: أقبل عمران بن عبدالله القمي على أبي عبداللهعليه‌السلام فقر به أبوعبداللهعليه‌السلام فقال: كيف أنت وكيف ولدك وكيف أهلك وكيف بنو عمك وكيف أهل بيتك؟ ثم حدثه مليا فلما خرج قيل لابي عبداللهعليه‌السلام : من هذا؟ قال: نجيب من قوم النجباء ما نصب لهم جبار إلا قصمه الله(٣) .

__________________

(١) رواه الكشى في رجاله ص ٢١٣ ونقله في البحار ج ١١ ص ٢٠٥ من الكتابين.والكنف جمع الكنيف.

(٢) رواه الكشى في رجاله ص ٢١٤ ونقله في البحار ج ١١ ص ٢٠٥ من الاختصاص.و قوله: " بشه " في اللغة بش به: سر وبش له: اقبل عليه وفرح به والبشر والبشاشة: طلاقة الوجه وحسن اللقاء. وقوله: " قصمه الله " أى أهلكه.

(٣) رواه الكشى في رجاله ص ١١٤ ونقله المجلسى من الاختصاص في البحار ج ١١ ص ٢٠٥.

٧١

محمد بن أبى بكر رحمه الله

ابن الطيار قال: ذكر محمد بن أبي بكر عند أبي عبداللهعليه‌السلام فقال أبوعبداللهعليه‌السلام :

رحمه الله وصلى الله عليه قال لامير المؤمنينعليه‌السلام يوما من الايام: ابسط يدك أبايعك فقال: أو ما فعلت؟ فقال: بلى فبسط يده، فقال: أشهد أنك إمام مفترض طاعتك وأن أبي في النار فقال أبوعبداللهعليه‌السلام : كانت النجابة(١) من قبل امه أسماء بنت عميس لا من قبل أبيه(٢) .

وحدثنا أحمد بن هارون الفاميرحمه‌الله ، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن اذينة، عن زرارة بن أعين، عن أبي جعفرعليه‌السلام أن محمد بن أبي بكر بايع عليا على البراء‌ة من أبيه.(٣) وحدثنا جعفر بن محمد بن قولويه، عن أبيه، عن سعد بن عبدالله، عن الحسن بن موسى الخشاب، ومحمد بن عيسى بن عبيد، عن علي بن أسباط، عن عبد الله بن سنان قال: سمعت أبا عبداللهعليه‌السلام يقول: كان مع أمير المؤمنينعليه‌السلام من قريش خمسة نفر وكان ثلاثة عشرة قبيلة مع معاوية فأما الخمسة: فمحمد بن أبي بكر أتته النجابة من قبل امه أسماء بنت عميس وكان معه هشام بن عتبة بن أبي وقاص المرقال وكان معه جعدة بن هبيرة المخزومي وكان أمير المؤمنينعليه‌السلام خاله وهو الذي قال له عتبة بن أبي سفيان: إنما هذه الشدة في الحرب من قبل خالك فقال له جعدة: لو كان لك خال مثل خالي لنسيت أباك.

ومحمد بن أبي حذيفة ابن عتبة بن ربيعة والخامس سلف أمير المؤمنينعليه‌السلام ابن أبي العاص بن الربيعة(٤) .

__________________

(١) في اكثر النسخ [ كان أنجابه ].

(٢) رواه الكشى في رجاله ص ٤٣. ونقله المجلسى في البحار ج ٨ ص ٦٥٦.

(٣) رواه الكشى في رجاله ص ٤٣. ونقله المجلسى في البحار ج ٨ ص ٦٥٦.

(٤) رواه الكشى في رجاله ص ٤٢. وفى القاموس السلف - ككبد - من الرجال زوج اخت امرأته.

ونقله المجلسى في البحار ج ٨ ص ٧٢٧.

٧٢

حدثنا جعفر بن الحسن المؤمن وأحمد بن هارون الفامى وجماعة من مشايخنا، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن علي بن إسماعيل بن عيسى عن حماد بن عيسى، عن الحسين بن مختار القلانسي، عن الحارث بن المغيرة النضري قال: قال لي أبوعبداللهعليه‌السلام : أي شئ تقولون أنتم؟ فقال: نقول: هلك الناس إلا ثلاثة، فقال أبوعبداللهعليه‌السلام : فأين ابن ليلى وشتير فسألت حماد بن عيسى عنهما قال: كانا موليين أسودين لعلي بن أبي طالب صلوات الله عليه(١) .

عبد الله بن العباس بن عبد المطلب

حدثنا جعفر بن الحسين، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن محمد ابن الحسين، عن صفوان بن يحيى، عن ذريح بن محمد المحاربي، عن أبي عبدالله، وعن ابن جريح وغيره من ثقيف أن ابن عباس لما مات واخرج به خرج من تحت كفنه طير أبيض ينظرون إليه يطير نحو السماء حتى غاب عنهم وقال أبوعبداللهعليه‌السلام : كان أبي يحبه حبا شديدا وكان أبيعليه‌السلام وهو غلام تلبسه امه ثيابه فينطلق في غلمان بني عبدالمطلب قال: فأتاه فقال: من أنت؟ - بعدما اصيب بصره - فقال: أنا محمد بن علي بن الحسين بن علي، فقال: حسبك من لم يعرف فلا عرفك(٢) .

__________________

(١) نقله المجلسى في البحار ج ٩ ص ٦٤٣ من الكتاب، والظاهر أن ابى ليلى هو عبدالرحمن ابن أبي ليلى الانصارى من أصحاب أمير المؤمنينعليه‌السلام ومن خواصه من اليمن، روى الكشى في رجاله ص ٦٧ باسناده عن الاعمش انه قال: رأيت عبدالرحمن بن أبى ليلى وقد ضربه الحجاج حتى اسود كتفاه ثم اقامه للناس على سب على والجلاوزة معه يقولون: سب الكذابين، فجعل يقول: ألعن الكذابين على وابن الزبير والمختار. قال ابن شهاب: يقول أصحاب العربية: سمعك تعلم ما يقول لقوله: " على " أى هو ابتداه الكلام.انتهى.

اقول: مراد بن شهاب أنه لو كانت " على " بدلا من قوله: " الكذابين فيجب أن يكون منصوبا فاذا رفعه فو مبتدء وخبره محذوف. واما شتير - بالشين المعجمة المضمومة والتاء المثناة من فوق المفتوحة والياء المثناة من تحت الساكنة والراء المهملة - وهو شتير بن شكل العبسى كان من خواص امير المؤمنينعليه‌السلام .

(٢) رواه الكشى في رجاله ص ٣٨. نقله المجلسى في البحار ج ٩ ص ٦٤٣ من الاختصاص.

٧٣

وعنه عن محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن علي بن إسماعيل، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن الفضيل بن يسار، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: أتى رجل أبيعليه‌السلام فقال: إن رجلا - يعني عبدالله بن عباس - يزعم أنه يعلم كل آية نزلت في القرآن في أي يوم نزلت وفيما نزلت، قال: فاسأله فيمن نزلت( من كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا (١) ) وفيمن نزلت( ولا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم (٢) ) وفيمن نزلت:( يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا (٣) ) فأتاه الرجل فغضب وقال: وددت الذي أمرك بهذا واجهني به فأسأله ولكن سله مما العرش ومتى خلق وكيف هو؟ فانصرف الرجل إلى أبيعليه‌السلام فقال له ما قال، فقالعليه‌السلام : فهل أجابك في الآيات؟ قال: لا، قال أبي: ولكن اجيبك فيها بنور وعلم غير المدعي ولا المنتحل أما الاولتان فنزلتا في أبيه وأما الاخيرة فنزلت في أبي وفينا ولم يكن الرباط الذي امرنا به بعد وسيكون ذلك من نسلنا المرابط ومن نسله المرابط(٤) وأما ما سأل عنه مما العرش فإن الله جعله أرباعا لم يخلق قبله إلا ثلاثة أشياء الهواء والقلم والنور ثم خلقه من ألوان أنوار مختلفة من ذلك النور نور أخضر اخضرت منه الخضرة ونور أصفر اصفرت منه الصفرة ونور أحمر احمرت منه الحمرة ونور أبيض وهو نور الانوار ومنه ضوء النهار ثم جعله سبعين ألف طبق غلظ كل طبق كأول العرش إلى أسفل السافلين وليس من ذلك طبق إلا يسبح بحمده ويقدسه بأصوات مختلفة وألسنة غير مشتبهة ولو سمع واحد منها شي مما تحته لانهدم الجبال(٥)

__________________

(١) الاسراء: ٧٢.

(٢) هود: ٣٤.

(٣) آل عمران: ٢٠٠.

(٤) المرابط: المواظب ثغر العدو والمرابطة أن يربط كل الفريقين خيولهم في ثغره وكل معد لصاحبه وسمى المقام في الثغر رباطا. (كذا في القاموس)

(٥) هكذا في النسختين وكذا أيضا في رجال الكشى ص ٣٦ وفيه قوله: "غلط كل طبق كأول العرش -الخ- " " غلط كل طبق يحاول العرش " ورواه على بن ابراهيم القمى في تفسيره وفيه " لو أذن للسان واحد فأسمع شيئا ما تحته لهدم الجبال والمدائن والحصون وكشف البحار ولهلك ما دونه " ورواه الصدوق أيضا في التوحيد من قولهعليه‌السلام ." فان الله خلق العرش - إلى قوله -: وليس وراء هذا مقال " وفيه " ولو أذن للسان منها فأسمع شيئا مما تحته لهدم الجبال والمدائن والحصون و لخسف البحار ولاهلك ما دونه " ورواه ايضا محمد بن ابراهيم النعمانى في كتاب الغيبة ص ١٠٧ بوجه آخر وفيه ان ابن عباس بعث إلى على بن الحسينعليهما‌السلام من يسأله عن قوله تعالى " يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا - الآية " فغضب على بن الحسينعليهما‌السلام وقال للسائل: وددت أن الذى أمرك بهذا واجهنى به ثم قال: نزلت في أبى وفينا إلى آخر الحديث بادنى اختلاف.

٧٤

والمدائن والحصون ولخسف البحار ولهلك ما دونه، له ثمانية أركان يحمل كل ركن منها من الملائكة ما لا يحصى عددهم إلا الله يسبحون الليل والنهار ولا يفترون ولو أحس شيئا مما فوقه ما أقام لذلك طرفة عين بينه وبين الاحساس الجبروت والكبرياء والعظمة والقدس والرحمة وليس(١) وراء هذا مقال ولقد طمع الحائر(٢) في غير مطمع أما إن في صلبه وديعة قد ذرئت لنار جهنم يستخرجون أقواما من دين الله كما دخلوا فيه وستصبغ الارض بدماء الفراخ من فراخ آل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تنهض تلك الفراخ في غير وقت وتطلب غير مدرك ويرابط الذين آمنوا [ ويصبرون ] ويصابرون(٣) حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين.

وكان بلال مؤذن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فلما قبض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لزم بيته ولم يؤذن لاحد من الخلفاء وقال فيه أبوعبدالله جعفر بن محمدعليهما‌السلام : رحم الله بلالا فإنه كان يحبنا أهل البيت لعن الله صهيبا فإنه كان يعادينا وفي خبر آخر: كان يبكى على رم ع(٤) .

قنبر مولى أمير المؤمنين صلوات الله عليه

حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى، عن عبدالله جعفر الحميري، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن جعفر بن محمد، عن أبيهعليهما‌السلام أن علياعليه‌السلام قال:

إذا رأيت أمرا منكرا

أوقدت نارا ودعوت قنبرا(٥)

وفي رواية العامة: سئل قنبر مولى من أنت؟ فقال: أنا مولى من ضرب بسيفين و طعن برمحين وصلى القبلتين وبايع البيعتين وهاجر الهجرتين ولم يكفر بالله طرفة عين، أنا مولى صالح المؤمنين ووارث النبيين وخير الوصيين وأكبر المسلمين ويعسوب المؤمنين

__________________

(١) قوله: " لو احس شيئا مما فوقه " أى لو احس حاس أو كل ملك من الملائكة.وفى بعض النسخ [ لو أحس حس شيئا ] وهو أظهر وفى بعضها [ لو أحس حس شى منها ] وزاد في رجال الكشى وتفسير القمى والتوحيد " والعلم " بعد قوله: والرحمة.

(٢) في بعض النسخ [ ولقد طمع الخائن ] وهكذا ايضا في الكتب التى أشرنا اليه.

(٣) في الكتب هنا " الذين آمنوا ويصبرون ويصابرون ".

(٤) روى نحوه الكشى في رجاله ص ٢٦ وقوله: " رم ع " كما قاله الطريحى مقلوبة فلا تغفل.

(٥) كذا ونقله المجلسى في البحار ج ٩ ص ٦٢٩. ورواه الكشى في رجاله ص ٤٨.

٧٥

ونور المجاهدين ورئيس البكائين وزين العابدين وسراج الماضين وضوء القائمين وأفضل القانتين ولسان رسول رب العالمين وأول الوصيين من آل يس والمؤيد بجبرئيل الامين و المنصور بميكائيل المتين المحمود عند أهل السماء أجمعين والمحامي عن حرم المسلمين والمجاهد أعداء‌ه الناصبين ومطفئ نيران الموقدين وأفخر من مشى من قريش أجمعين وأول من حارب واستجلب، أمير المؤمنين ووصي نبيه في العالمين وأمينه على المخلوقين وخليفة من بعث إليها أجمعين سيد المسلمين والسابقين وقاتل الناكثين والقاسطين ومبيد المشركين وسهم من مرام الله على المنافقين [ ولسان كلمة العابدين، ناصر دين الله وولي الله ] ولسان كلمة الله وناصره في أرضه وعيبة علمه وكهف دينه إمام الابرار مرضي عند العلي الجبار، سمح، سخي، حيي، بهلول، سنحنحي، زكي، مطهر، أبطحي، بازل جري(١) همام، صابر، صوام، مهدي، مقدام، قاطع الاصلاب مفرق الاحزاب عالي الرقاب، أربطهم عنانا وأثبتهم جنانا وأشدهم شكيمة، باسل، صنديد، هزبر، ضرغام، حازم، عزام، حصيف، خطيب، محجاج، كريم الاصل، شريف الفصل(٢) فاضل القبيلة، نقي العترة، زكي الركانة، مؤدي الامانة من بني هاشم وابن عم النبي، الامام المهدي الرشاد، مجانب الفساد، الاشعث الحاتم، البطل الجماجم(٣) ...

__________________

(١) الحيى: الكثير الحياء.والبهلول - بالضم -: الضحاك والسيد الجامع لكل خير. ورجل سنحنح الذي لا ينام بالليل والياء للمبالغة.والبازل: الرجل الكامل في تجربته والهمام: الملك العظيم الهمة والسيد الشجاع السخى.

(٢) عالى الرقاب أى يعلوها ويسلط عليها.وربط العنان كناية عن التقييد بقوانين الشريعة او حمل الناس عليها.

والشكيمة: الطبع، وفى اللجام: الحديدة المعترضة في فم الفرس.والباسل الاسد والشجاع.والصنديد: السيد الشجاع.والهزبر - بكسر الهاء وفتح الزاى وسكون الباء -: الاسد والشديد الصلب.والضرغام - بالكسر -: الاسد.والحصيف: من استكمل عقله.والمحجاج - بالكسر -: الجدل الكامل في الحجاج.والفصل: القضاء بين الحق والباطل ويحتمل أن يكون المراد هنا المحل الذى انفصل منه من الوالدين والاجداد.

(٣) الركانة: الوقار. والاشعث الاغبر والحاتم - بالكسر -: القاضي. و - بالفتح -: الجواد والجماجم: السادات والعظماء.أقول: أخذت معاني اللغات من البحار والحديث ناقص في النسختين اللتين كانتا عندى ورواه الكشى في رجاله ص ٤٩ وأوردها المجلسىرحمه‌الله في المجلد التاسع ص ٦٣٢ من البحار عنه وعن الاختصاص وفيه بعد قوله: " الجماجم " " والليث المزاحم بدرى، مكى، حنفى، روحانى، شعشعانى من الجبال شواهقها ومن ذى الهضاب رؤوسها ومن العرب سيدها ومن الوغا ليثها، البطل الهمام والليث المقدام والبدر التمام، محك المؤمنين ووارث المشعرين وابوالسبطين الحسن والحسين والله أمير المؤمنين حقا حقا على بن ابى طالب عليه من الله الصلوات الزكية والبركات السنية ".

٧٦

فبكيت(١) فقال لي: بكيت من القول دون الفعل فقلت: والله ما بكيت من القول ولا من الفعل ولكني بكيت من شك كان دخلني يوم خبرني سيدي ومولاي علي بن آبي طالب صلوات الله عليه.قال: وما قال لك؟ قال: أتيت الباب فقيل لي: نائم فناديت: انتبه أيها النائم فو الله

__________________

(١) هكذابياض في النسختين والحديث رواه الكشى في رجاله ص ٥٧ عن ابى الحسن الرضا عن ابيه، عن آبائهعليهم‌السلام قال: اتى ميثم التمار دار أمير المؤمنينعليه‌السلام وقيل له: انه نائم فنادى بأعلى صوته: انتبه أيها النائم فوالله لتخضبن لحيتك من رأسك، فانتبه أمير المؤمنينعليه‌السلام فقال: ادخلوا ميثما فقال له: أيها النائم والله لتخضبن لحيتك من رأسك، فقال: صد قت وانت والله لتقطعن يداك ورجلاك ولسانك ولتقطعن النخلة التى في الكناسة فتشق أربع قطع فتصلب أنت على ربعها وحجر بن عدى على ربعها ومحمد بن أكتم على ربعها وخالد بن مسعود على ربعها، قال ميثم: فشككت والله في نفسى وقلت: إن عليا ليخبرنا بالغيب فقلت له: أو كائن ذلك يا أمير المؤمنين؟ فقال: اى ورب الكعبة كذا عهده إلى النبىصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قال: فقلت: لم يفعل ذلك بى يا أمير المؤمنين؟ فقال ليأخذنك العتل الزنيم ابن الامة الفاجرة عبيدالله بن زياد، قال: وكان يخرج إلى الجبانة وأنا معه فيمر بالنخلة فيقول لى: يا ميثم لك ولها شأنا من الشأن قال: فلما ولى عبيدالله ابن زياد الكوفة ودخلها تعلق علمه بالنخلة التى بالكناسة فتخرق فتطير من ذلك فأمر بقطعها فاشتراها رجل من النجارين فشقها اربع قطع قال ميثم: فقلت لصالح ابنى: فخذ مسمارا من حديد فانقش عليه اسمى واسم أبى ودقه في بعض تلك الاجذاع، قال: فلما مضى بعد ذلك أيام أتونى قوم من اهل السوق فقالوا: يا ميثم انهض معنا إلى الامير نشتكى إليه عامل السوق فنسأله أن يعزله عنا ويولى علينا غيره قال: وكنت خطيب القوم فنصت لى وأعجبه منطقى فقال له عمرو بن حريث: اصلح الله الامير تعرف هذا المتكلم؟ قال: ومن هو؟ قال: ميثم التمار الكذاب مولى الكذاب علي بن ابى طالب قال: فاستوى جالسا فقال لى: ما تقول؟ فقلت: كذب أصلح الله الامير بل أنا الصادق مولى الصادق على بن ابى طالب امير المؤمنينعليه‌السلام حقا فقال لى: لتبرأن من على ولتذكرن مساويه وتتولى عثمان وتذكر محاسنه او لاقطعن يديك ورجليك ولاصلبنك فبكيت فقال لى: بكيت من القول دون الفعل.. الحديث.

٧٧

لتخضبن لحيتك من رأسك فقال: صدقت وأنت والله ليقطعن يديك ورجليك ولسانك و لتصلبن فقلت: ومن يفعل ذلك يا أمير المؤمنين؟ فقال: ليأخذنك العتل الزنيم ابن الامة الفاجرة عبيد الله بن زياد، قال: فامتلا غيظا - رجع إلى الحديث الاول قال -: فدعاني فقال: ما يقول هذا؟ قال: قلت: بل أنا الصادق ومولى الصادق وهو الكذاب الاشر فقال ابن زياد: لاقتلنك قتلة ما قتل أحد مثلها في الاسلام قال: فقلت: والله لقد أخبرني مولاي أن يقتلني العتل الزنيم فيقطع يدي ورجلي ولساني ثم يصلبني، قال: فقال: وما العتل الزنيم فإني أجده في كتاب الله؟ قال: قلت: أخبرني مولاي أنه ابن المرأة الفاجرة، قال: فقال: والله لاكذبنك ولاكذبن مولاك، فقال لصاحب حرسه: أخرجه فاقطع يديه ورجليه ودع لسانه حتى يعلم أنه كذاب مولى الكذاب، قال: فأخرجه ففعل ذلك به قال صالح: فأتيت أبي متشحطنا بدمه ثم استوى جالسا فنادى بأعلى صوته من أراد الحديث المكتوم عن علي بن أبي طالب أمير المؤمنينعليه‌السلام فليستمع فاجتمع الناس فأقبل يحدثهم بالعجائب قال: وخرج الاشقى على نعته ذلك(١) فلما رأى الناس حوله يكتبون رجع إلى ابن زياد فقال: أصلح الله الامير تركت أخبث شئ منه، قال: وما هو؟ قال: لسانه إنه ليحدث بالعجب، قال: فبادروه فاقطعوا لسانه، قال: فبادر الحرسي فقال: أخرج لسانك قال: فقال ميثم: ألا زعم ابن الفاجرة أنه يكذبني ويكذب مولاي هلك فأخرج لسانه فقطعه فقال صالح بن ميثم: فأرسل إلى جذع من تلك النخلة فصلب أبي عليه قال: وقد كان أخبره عليعليه‌السلام على أي ربع يصلب قال: فأخذ أبي مسمارا وكتب عليه اسمه فس مره في الجذع الذي أخبره به بلا علم النجار فلما أتى بالخشبة رأيت المسمار على قامة منه عليه اسمه رحم الله ميثم.

__________________

(١) في بعض النسخ [ فخرج الاشعثى على بقية ذلك ]. وفى الرجال " وخرج عمرو بن حريث ".

٧٨

ماجاء في رشيد الهجرى(١)

حدثنا جعفر بن الحسين، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن أبي القاسم، عن محمد بن علي الصيرفي، عن علي بن محمد بن عبدالله الخياط، عن وهيب بن حفص الحريري، عن أبي حسان العجلي، عن قنوا بنت رشيد الهجري قال: قلت لها: أخبريني بما سمعت من أبيك، قالت: سمعت من أبي يقول: قال: حدثني أمير المؤمنينعليه‌السلام فقال: يا رشيد كيف صبرك إذا أرسل إليك دعي بني امية فقطع يديك ورجليك ولسانك؟ فقلت: يا أمير المؤمنين آخر ذلك الجنة؟ قال: بلى يا رشيد أنت معي في الدنيا والآخرة، قالت: فوالله ما ذهبت الايام حتى أرسل إليه الدعي عبيدالله بن زياد فدعاه إلى البراء‌ة من أمير المؤمنينعليه‌السلام فأبى أن يتبرأ منه فقال له الدعي: فبأي ميتة قال لك تموت؟ قال: أخبرني خليلي أنك تدعوني إلى البراء‌ة منه فلا أتبرء منه فتقدمني فتقطع يدي ورجلي ولساني، فقال: والله لاكذبن قوله فيك، قدموه فاقطعوا يديه ورجليه واتركوا لسانه فحملت طوائفه(٢) لما قطعت يداه و رجلاه فقلت له: يا أبه كيف تجد ألما لما أصابك؟ فقال: لا يا بنية إلا كالزحام بين الناس فلما حملناه وأخرجناه من القصر اجتمع الناس حوله فقال: ائتوني بصحيفة ودواة أكتب لكم ما يكون إلى أن تقوم الساعة فإن للقوم بقية لم يأخذوها مني بعد فأتوه بصحيفة فكتب الكتاب بسم الله الرحمن الرحيم.(٣) وذهب لعين فأخبره أنه يكتب للناس ما يكون إلى أن تقوم الساعة فأرسل إليه الحجام حتى قطع لسانه فمات في ليلته تلك وكان أمير المؤمنينعليه‌السلام يسميه رشيد البلايا وكان قد ألقى إليه علم البلايا والمنايا فكان في حياته إذا القى الرجل قال له: يا فلان تموت بميتة كذا وكذا وتقتل أنت يا فلان بقتلة كذا وكذا فيكون

__________________

(١) رشيد - بالراء المضمومة والشين المعجمة المفتوحة وسكون المثناة من تحت والدال - والهجرى - بفتح الهاء والجيم - نسبة إلى هجر وهى بلدة من بلاد اليمن، مدينة معروفة وقال ابن الاثير في اللباب: ينسب إليها رشيد الهجرى.

(٢) أى جمعت اطراف يديه ورجليه لما قطعت كما في رجال الكشى ص ٥٠.

(٣) رواه ابن الشيخ في أماليه ص ١٠٣ عن أبيه عن المفيد مسندا عن وهيب بادنى تغيير في اللفظ وفيه ههنا " فأتوه بصحيفة ودواة فجعل يذكر ويملى عليهم اخبار الملاحم والكاينات ويسندها إلى امير المؤمنينعليه‌السلام فبلغ ذلك ابن زياد فأرسل إليه الحجام حتى قطع لسانه. الخ " .

٧٩

كما يقول الرشيد، وكان أمير المؤمنينعليه‌السلام يقول له: أنت رشيد البلايا أنك تقتل بهذه القتلة فكان كما قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه(١) .

وعنه، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن عثمان بن عيسى، عن أبي الجارود قال: سمعت القنوا بنت رشيد الهجري تقول: قال أبي: يا بنية أميتي الحديث بالكتمان واجعلى القلب مسكن الامانة. في وجه عن قنوا بنت رشيد الهجري قالت: قلت لابي: ما أشد اجتهادك؟ قال: يا بنية يأتي قوم بعدنا بصائرهم في دينهم أفضل من اجتهادنا(٢) .

جعفر بن الحسين، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن محمد بن الحسين ابن أبي الخطاب، عن الحسن محبوب، عن عبدالكريم يرفعه إلى رشيد الهجري قال: لما طلب زياد أبوعبيد الله رشيد الهجري اختفى رشيد فجاء ذات يوم إلى أبي أراكة وهو جالس على بابه في جماعة من أصحابه فدخل منزل أبي أراكة ففزع لذلك أبوأراكة وخاف فقام فدخل في إثره فقال: ويحك قتلتني وأيتمت ولدي وأهلكتهم، قال: وما ذاك؟ قال: أنت مطلوب وجئت حتى دخلت داري وقد رآك من كان عندي، فقال: ما رآني أحد منهم، قال: وستجربن أيضا فأخذه وشده كتافا ثم أدخله بيتا وأغلق عليه بابه ثم خرج إلى أصحابه فقال لهم: إنه خيل إلى أن رجلا شيخا قد دخل آنفا داري قالوا: ما رأينا أحدا فكرر ذلك عليهم كل ذلك يقولون: ما رأينا أحدا فسكت عنهم ثم إنه تخوف أن يكون قد رآه غيرهم فدخل مجلس زياد ليتجسس هل يذكرونه فإن هم أحسوا بذلك أخبرهم أنه عنده ورفعه إليهم قال: فسلم على زياد وقعد عنده وكان الذي بينهما لطيف قال: فبينا هو كذلك إذ أقبل رشيد على بغلة أبي أراكة مقبلا نحو مجلس زياد قال: فلما نظر إليه أبوأراكة تغير لونه وأسقط في يديه وأيقن بالهلاك، فنزل رشيد عن البغلة وأقبل إلى زياد فسلم عليه وقام إليه زياد فاعتنقه وقبله ثم أخذ يسأله كيف قدمت؟ وكيف من خلفت؟ وكيف كنت في مسيرك؟

__________________

(١) نقله المجلسىرحمه‌الله في البحار ج ٩ ص ٦٣٣.

(٢) نقله المجلسى من الكتاب في المجلد التاسع من البحار ص ٦٣٣ وأيضا من المحاسن في ص ٦٢٩.

٨٠

الخروج. فقال له : أفأنت على رأيه. قال كنا نعبد رباً واحداً. قال : أما والله لأمثلن لك. قال اختر لنفسك من القصاص ما شئت فأمر به فقطعوا يديه ورجليه. ثم قال كيف ترى قال : افسدت علي دنياي. وأفسدت عليك آخرتك. قال فأمر بصلبه على باب داره.

قال : أبو العباس : كان ابو الوازع الراسبي من مجتهدي الخوارج وهذا ابو وازع اشترى سيفاً. وأتى صيقلاً ، كان يذم الخوارج ويدل على عوراتهم. فشاوره في السيف فحمد ثم اشحذه فشحذه حتى اذا رضيه خبط به الصيقل فقتله. وحمل على الناس فهربوا منه حتى أتى مقبرة بني يشكر. فدفع عليه رجل حايطاً ستره فشدخه. وأمر ابن زياد بصلبه فصلب.

٨١

[ الخوراج وابن الزبير ]

لما هلك يزيد بن معاوية اجتمع الخوارج فيما بينهم وتذاكروا أمر ابن الزبير وقالوا ندخل على هذا الرجل فننظر ما عنده فان قدم أبا بكر وعمر وبرىء من عثمان ومن علي وكفر أباه وطلحة بايعناه. وان تكن الأخرى ظهر لنا ما عنده فتشاغلنا بما يجدي علينا. قال فدخلوا على ابن الزبير وهو متبذر وأصحابه متفرقون عنه. فقالوا انا جئناك لتخبرنا رأيك فان كنت على الصواب بايعناك. وان كنت على غيره دعوناك الى الحق ما تقول في الشيخين. قال خيراً. قالوا ما تقول في عثمان الذي احمى الحمى وآوى الطريد وأظهر لأهل مصر شيئاً وكتب بخلافه وأوطأ آل أبي معيط رقاب الناس وآثرهم بفيىء المسلمين وفي الذين بعده ـ أي علي بن ابي طالب (ع) ـ الذي حكم في دين الله الرجال وأقام علي (ع) غير تائب ولا نادم ، وفي ابيك وصاحبه وقد بايعا علياً. وهو امام عادل مرضي لم يظهر منه كفر. ثم نكثا

٨٢

بعرض من أعراض الدنيا وأخرجا عائشة تقاتل وقد أمرها الله وصواحبها أن يقرن في بيوتهن. وكان لك في ذلك ما يدعوك إلى التوبة فان أنت قلت كما نقول فلك الزلفة عند الله والنصر على ايدينا ونسأل الله لك التوفيق. وان أبيت الا نصر رأيك الأول وتصويب ابيك وصاحبه. والتحقيق بعثمان والتولي وفي السنين الست التي أحلت دمه ونقضت أمره وأفسدت إمامته خذلك الله وانتصر منك بأيدينا. قال ابن الزبير ان الله أمر وله العزة والقدرة في مخاطبة اكفر الكافرين واعتى العتاة بأرأف من هذا القول. فقال لموسى ولأخيه صلى الله عليهما في فرعون : ( فقولا له قولاً ليناً لعله يتذكر أو يخشى ) (١) . وقال رسول الله (ص) لا تؤذوا الأحياء بسبب الموتى ، فنهى عن سب ابي جهل من أجر عكرمة ابنه. وأبو جهل عدو الله وعدو الرسول والمقيم على الشرك والجاد في المحاربة والمتبغض الى رسول الله (ص) قبل الهجرة والمحارب له بعدها وكفى بالشرك ذنباً. وقد كان يغنيكم عن هذا القول الذي سميتم فيه طلحة وأبى أن تقولوا أتبرأ من الظالمين؟ فان كانا منهم دخلاً في غمار الناس وإن لم يكونا منهم لم تحفظوني بسب أبي وصاحبه. وأنتم تعلمون ان الله جل وعز. قال للمؤمن

__________________

(١) سورة طه.

٨٣

في أبويه( وان تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفاً ) . وقال جل ثناؤه( وقولوا للناس حسناً ) وهذا الذي دعوتهم اليه أمر له ما بعده وليس يقنعكم الا التوقيف والتصريح ولعمري ان ذلك لأحرى بقطع الحجج وأوضح لمنهاج الحق. وأولى بأن يعرف كل صاحبه من عدوه. فروحوا الي من عشيتكم هذه اكشف لكم ما أنا عليه ان شاء الله.

قال الراوي فلما كان العشي راحوا اليه فخرج اليهم وقد لبس سلاحه فلما رأى ذلك ـ نجدة ـ قال : هذا خروج منا بذلكم فجلس على رفع من الأرض وخطبهم وأثنى على ابي بكر وعلى عمر وعلى عثمان فلما سمعوا ذلك منه تفرقوا عنه.

٨٤

[ وقعة دولاب ]

اجتمع الخوارج بالأهواز. ورئيسهم يومئذ نافع بن الأزرق الحنفي ، وصاروا يقتلون الأطفال. ويريعون النساء. فارتاع لذلك أهل البصرة. فاجتمعوا الى الأحنف بن قيس فشكوا ذلك اليه. وقالوا ليس بيننا وبين العدو الا ليلتان. وسيرتهم ما ترى فقال الأحنف. ان فعلهم في مصركم ان ظفروا به كفعلهم في سوادكم فجدوا في جهاد عدوكم. فاجتمع اليه عشرة آلاف. فأتى عبدالله بن الحرث بن نوفل بن الحرث بن عبدالمطلب وهو ( ببة ). فسأله ان يؤمر عليهم فاختار لهم ابن عبيس ابن كريز. وكان ديناً شجاعاً. فأمره عليهم وشيعه. فلما نفد من جسر البصرة أقبل على الناس. فقال اني ما خرجت لأمتار ذهب ولا فضة واني لأحارب قوماً ان ظفرت بهم فما ورآءهم الا سيوفهم ورماحهم فمن كان شأنه الجهاد فلينهض ومن أحب الحياة فليرجع فرجع نفر يسير ومضى الباقون معه. فلما

٨٥

صاروا. بدولاب. خرج اليهم نافع فاقتتلوا قتالاً شديداً حتى تكسرت الرماح وعقرت الخيل وكثرت الجراح والقتل وتضاربوا بالسيوف والعمد ، فقتل في المعركة ابن عبيس ونافع بن الأزرق. وكان ابن عبيس تقدم الى أصحابه. فقال ان اصبت. فأميركم الربيع بن عمر. والأجدم الغداني. فلما أصيب بن عبيس اخذ الربيع الراية. وكان نافع قد استخلف عبيد الله بن بشير بن الماحوز السليطي فكان الرئيسان من بني يربوع رئيس المسلمين من بني غدانة بن يربوع ورئيس الخوارج من بني سليط بن يربوع. فاقتتلوا قتالاً شديداً. فلم يزل الربيع بن الأجذم يقاتلهم نيفاً وعشرين يوماً. حتى قال : يوماً أنا مقتول لا محالة. قالوا وكيف قال لأني رأيت البارحة كأن يدي التي أصيبت بكابل انحطت من السماء فاستشلتني(١) فلما كان الغد قاتل الى الليل. ثم غاداهم فقتل فتدافع أهل البصرة الراية حتى خافوا العطب. اذ لم يكن لهم رئيس. ثم اجمعوا على الحجاج بن باب الحميري. فأباها. فقيل له ألا ترى ان رؤساء العرب بالحضرة وقد اختاروك من بينهم؟ فقال : مشؤمة ما يأخذها أحد الا قتل. ثم أخذها فلم يزل يقاتل

__________________

(١) استشلتني. اي اخذتني اليها.

٨٦

الخوارج بدولاب والخوارج اعد بالألات والدروع والجواشن. فالتقى الحجاج بن باب : وعمران بن الحرث الراسبي وذلك بعد ان اقتتلوا ، زهاء شهر فاختلفا بضربتين فسقطا ميتين.

٨٧

[ حروب أهل البصرة مع الخوراج ]

قال الراوي. وكره ( ببة ) القتال ، وأقام حارثة بن بدر القداني بازاء الخوارج يناوشهم على غير ولاية. وكان يقول ما عذرنا عند اخواننا من أهل البصرة ان وصل اليهم الخوارج ونحن دونهم فكتب اهل البصرة الى ابن الزبير يخبرونه بقعود ( ببة ) ويسألونه ان يولي والياً فكتب الى أنس بن مالك أن يصلي بالناس فصلى بهم أربعين يوماً وكتب إلى عمر بن عبيد الله بن معمر فولاه البصرة فلقيه الكتاب وهو يريد الحج وهو في بعض الطريق فرجع فأقام بالبصرة. وولى اخاه عثمان محاربة الأزارقة. فخرج اليهم في اثني عشر الفاً ولقيه حارثة فيمن كان معه وعبيد الله بن الماحوز في الخوارج بسوق الأهواز. فلما عبروا اليهم دجيلا نهض اليهم الخوارج. وذلك قبيل الظهر فقال عثمان بن عبيد الله لحارثة بن بدر. أما الخوارج الا ما أرى فقال له حارثة حسبك بهؤلاء. فقال لا جرم والله لا اتغدى حتى

٨٨

أناجزهم. فقال له حارثة ان هؤلاء لا يقاتلون بالتعسف فابق على نفسك وجندك. فقال أبيتم أهل العراق الا جبناً وانت يا حارثة ما علمك بالحرب انت والله بغير هذا أعلم ـ يعرض له بالشراب ـ فغضب حارثة فاعتزل. وحاربهم عثمان يومه الى ان غابت الشمس فأجلت الحرب عنه قتيلاً. وانهزم الناس وأخذ حارثة الراية. وصاح بالناس انا حارثة بن بدر. فثاب اليه قومه فعبر بهم دجيلاً. وبلغ فل عثمان البصرة وخاف الناس الخوارج خوفاً شديداً. وعزل ابن الزبير عمر بن عبيد الله وولى الحرث بن عبدالله بن ابي ربيعة المعروف بالقباع احد بني مخزوم. وهو اخو عمر بن عبدالله بن ابي ربيعة المخزومي الشاعر ، فقدم البصرة. فكتب اليه حارثة بن بدر يسأله الولاية والمدد. فاراد أن يوليه فقال له رجل من بكر بن وايل. ان حارثة ليس بذلك. انما هو صاحب شراب فكتب اليه القباع تكفي حربهم انشاء الله فأقام حارثة يدافعهم حتى تفرق عنه الناس ، واقام بنهر تيري فعبرت اليه الخوارج فهرب وأصحابه حتى أتى دجيلاً فجلس في سفينة واتبعه جماعة من أصحابه كانوا معه. وأتاه رجل من بني تميم وعليه سلاحه والخوارج وراءه. وقد توسط حارثة فصاح به يا حارث ليس مثلي ضيع. فقال للملاح قرب فقرب الى جرف ولا فرصة هناك فطفر بسلاحه في السفينة فساخت بالقوم جميعاً. وأقام ابن

٨٩

المأحوز يجبي كور الأهواز ثلاثة اشهر. ثم وجه الزبير بن علي نحو البصرة فضج الناس الى الأحنف فأتى القباع فقال أصلح الله الأمير ، ان هذا العدو قد غلبنا على سوادنا وفيئنا فلم يبق الا أن يحصرنا في بلدنا حتى نموت هزلا. قال فسموا رجلاً فقال أحنف الرأي ما يخيل ما أرى لها الا المهلب بن أبي صفرة. فقال أو هذا رأي جميع أهل البصرة اجتمعوا الي في غد. وجاء الزبير حتى نزل الفرات وعقد الجسر ليعبر الى ناحية البصرة. فخرج اكثر أهل البصرة اليه. وقد اجتمع للخوارج أهل الأهواز وكورها رغبة ورهبة. فأتاه البصريون في السفن وعلى الدواب ورجالة ، فاسودت بهم الأرض فقال : الزبير لما رآهم أبى قومنا الا كفراً. فقطعوا الجسر وأقام الخوارج بالفراق بازائهم. واجتمع الناس عند القباع وخافوا الخوارج خوفاً شديداً. وكانوا ثلاث فرق فسمى قوم المهلب. وسمى قوم مالك بن مسمع. وسمى قوم زياد بن عمرو بن الاشرف العتكي. فصرفهم. ثم اختبر ما عند مالك وزياد فوجدهما متثاقلين عن ذاك. ثم اختبر ما عند مالك وزياد فوجدهما متثاقلين عن ذاك. وعاد اليه من أشار بهما. وقالوا قد رجعنا عن رأينا ما نرى لها الا المهلب. فوجه الحرث اليه فأتاه فقال له يا أبا سعيد. انا والله ما آثرناك بها. ولكننا لم نر من يقوم مقامك فقال له الحرث. وأومأ الى الأحنف ان هذا الشيخ لم يسمك الا ايثاراً للدين. وكل من في مصرك ماد عينيه

٩٠

اليه راج أن يكشف الله عز وجل هذه الغمة بك. فقال : المهلب لا حول ولا قوة إلا بالله اني عند نفسي لدون ما وصفتم. ولست آبيا ما دعوتم اليه على شروط اشترطها. قال الأحنف قل : قال على أن أنتخب من احببت. قال ذاك لك. قال : ولي امرة كل بلد أغلب عليه. قال وذاك لك. قال : ولي فيىء كل بلد اظفر به قال : الأحنف ليس ذاك لك ولا لنا انما هو فيىء المسلمين. فان سلبتهم اياه كنت عليهم كعدوهم. ولكن لك أن تعطي أصحابك من فيىء كل بلد تغلب عليه ما شئت. تنفق على محاربة عدوك. فما فضل عنكم كان للمسلمين. فقال المهلب فمن لي بذلك. قال : الأحنف نحن وأميرك وجماعة أهل مصرك. قال : قد قبلت. فكتبوا بذلك كتاباً. ووضع على يدي الصلت بن حريث بن جابر الحنفي. وانتخب المهلب من جميع الأخماس فبلغت نخبته اثني عشر الفاً. ونظروا ما في بيت المال فلم يكن إلا مأتي الف درهم فعجزت. فبعث الملهب الى التجار. ان تجارتكم مذحول قد كسدت عليكم بانقطاع مواد الأهواز وفارس عنكم. فهلم فبايعوني واخرجوا معي أو فكم انشاء الله حقوقكم فتاجروه فأخذ من المال ما يصلح به عسكره. واتخذ لأصحابه : الخفاتين. والرانات. المحشوة بالصوف. ثم نهض وأكثر أصحابه رجاله. حتى اذا صار بحذاء القوم أمر بسفن فاحضرت

٩١

وأصلحت ، فما ارتفع النهار حتى فرغ منها. ثم أمر الناس بالعبور الى الفرات. وأمر عليهم ابنه المغيرة فخرج الناس. فلما قاربوا الشاطىء فحاربوهم فكشفوهم وشغلوهم حتى عقد المهلب الجسر وعبر والخوارج منهزمون فنهى الناس عن أتباعهم. ففي ذلك يقول الأزدي.

ان العراق واهلـه لـم يخبروا

مثل المهلب في الحروب فسلموا

أمضى وايمن فـي اللقاء نقيبة

واقـل تهليلاً اذا مـا أحجمـوا

٩٢

[ وقائع المهلب والخوارج ]

قال : المبرد. لما انهزم الخوارج من المهلب. اقام المهلب اربعين يوماً بكور دجلة ، والخوارج بنهر تيري. والزبير بن علي منفرد بعسكره عن عسكر ابن الماحوز. وهناك قضى المهلب التجار واعطى أصحابه فاسرع اليه الناس رغبة مجاهدة الخوارج ، ثم صار المهلب الى نهر تيري فتنحوا عنه الى الأهواز. وأقام المهلب يجبي ما حواليه من الكور.

قال : ودس المهلب الجواسيس الى عسكر الخوارج فأتوه بأخبارهم ومن في عسكرهم. فاذا حشوة ما بين قصار. وصباغ وداعر وحداد. فخطب المهلب الناس. فذكر من هناك. وقال للناس امثل هؤلاء يغلبونكم على فيئكم. فلم يزل مقيماً حتى فهمهم أمره وقوى أصحابه وكثرت الفرسان في عسكره وتتام اليه زهاء عشرين الفاً. ثم مضى يؤم الأهواز. واستخلف اخاه ـ المعارك ـ بن ابي

٩٣

صفرة على نهر تيري ، وفي مقدمته المغيرة بن المهلب. حتى قاربهم المغيرة فناوشوه فانكشف عنه بعض أصحابه. وثبت المغيرة بقية يومه وليلته يوقد النيران. ثم غاداهم القتال. فاذا القوم قد أوقدوا النيران. في ثقلة متاعهم. وارتحلوا عن سوق الأهواز. فدخلها المغيرة. وقد جاءت اوائل خيل المهلب. فأقام بسوق الأهواز. وكتب بذلك الى الحرث بن عبد الله بن أبي ربيعة كتاباً يقول فيه.

بسم الله الرحمن الرحيم. اما بعد فانا منذ خرجنا نؤم هذا العدو في نعم من الله متصلة علينا. ونقمة من الله متتابعة عليهم. نقدم ويحجمون ونحل ويرتحلون الى أن حللنا سوق الأهواز. والحمد لله رب العالمين الذي ما عنده النصر وهو العزيز الحكيم ، فكتب اليه الحرث هنيئاً لك أخا الأزد الشرف في الدنيا والذخر في الآخرة ان شاء الله. فقال : المهلب لأصحابه ما أجفى أهل الحجاز أما ترونه يعرف اسمي واسم ابي وكنيتي ، وكان المهلب. يبث الأحراس في الأمن كما يبثهم في الخوف. ويذكي العيون في الأمصار كما يذكيها في الصحارى. ويأمر أصحابه بالتحرز ويخوفهم البيات. وان بعد منهم العدو. ويقول احذروا ان تكادوا كما تكيدون. ولا تقولوا هزمنا وغلبنا. فان القوم خائفون وجلون والضرورة تفتح باب

٩٤

الحيلة. ثم قام فيهم خطيباً. وقال أيها الناس انكم قد عرفتم مذهب هؤلاء الخوارج وانهم ان قدروا عليكم فتنوكم في دينكم وسفكوا دماءكم. فقاتلوهم على ما قاتل عليه أولهم. علي بن ابي طالب صلوات الله عليه. فلقد لقيهم قبلكم. الصابر المحتسب مسلم بن عبيس. والعجل المفرط عثمان بن عبيد الله. والمعصي المخالف حارثة بن بدر فقتلوا جمعياً. وقتلوا فألقوهم بجد وحد. فانما هم مهنتكم وعبيدكم وعار عليكم ونقص في أحسابكم وأديانكم ان يغلبكم هؤلاء على فيئكم ويوطئوا حريمكم. ثم سار يريدهم. وهم بمناذر الصغرى. فوجه عبيد الله ابن بشير بن الماحوز ـ رئيس الخوارج ـ رجلاً يقال له واقد مولى لآل ابي صفرة من سبى الجاهلية في خمسين رجلاً. فيهم صالح بن مخراق الى نهر تيري. وبها المعارك بن أبي صفرة. فقتلوه وصلبوه. فنمى الخبر الى المهلب. فوجه ابنه المغيرة. فدخل نهر تيري. وقد خرج واقد منها فاستنزله ودفنه وسكن الناس. واستخلف بها ورجع الى أبيه. وقد حل بسولاف. والخوارج بها. فواقعهم وجعل على بني تميم الحريش بن هلال فخرج رجل من أصحاب المهلب. يقال له عبد الحمن الاسكاف فجعل يحض الناس وهو على فرس له صفراء. فجعل يأتي الميمنة والميسرة والقلب فيحض الناس ويهون أمر الخوارج ويختال

٩٥

بين الصفين. فقال رجل من الخوارج لأصحابه يا معشر المهاجرين هل لكم في فتكه فيها أريحية فحمل جماعة منهم على الاسكاف فقاتلهم وحده فارساً. ثم كبا به فرسه. فقاتلهم راجلاً قائماً وباركاً. ثم كثرت به الجراحات. فذبب بسيفه وجعل يحثوا التراب في وجوههم والمهلب غير حاضر. ثم قتل. وحضر المهلب فأخبر. فقال للحريش. وعطية العنبري أأسلمتما سيد أهل العسكر لم تعيناه. ولم تستنقذاه حسداً له لأنه رجل من أصحابه ووبخهما. وحمل رجل من الخوارج على رجل من أصحابه فقتله فحمل عليه المهلب فطعنه وقتله. ومال الخوارج بأجمعهم على العسكر. فانهزم الناس وقتلوا سبعين رجلاً. وثبت المهلب وأبلى المغيرة يومئذ وعرف مكانه. يقال حاص المهلب وأبلى المغيرة يومئذ وعرف مكانه. يقال حاص المهلب يومئذ حيصة. وتقول الأزد. كان يرد المنهزمة ويحمي أدبارهم ، قال الراوي. وبات المهلب في الفين. فلما أصبح رجع بعض المنهزمة فصار في أربعة آلاف فخطب أصحابه. فقال : والله ما بكم من قلة. وما ذهب عنكم إلا أهل الجبن والضعف والطمع والطبع. فان يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله. فسيروا الى عدوكم على بركة الله. فقام اليه الحريش بن هلال. فقال انشدك الله أيها الأمير ان تقاتلهم الا ان يقاتلوك فان بالقوم جراحاً. وقد اثخنتهم هذه الجولة فقبل منه. ومضى

٩٦

المهلب في عشرة فأشرف على عسكر الخوارج. فلم ير منهم احداً يتحرك. فقال له الحريش ارتحل عن هذا الموضع فارتحل فعبر دجيلا. وصار الى عاقول لا يؤتى إلا من وجه واحد.

قال : وأقام في العاقول ثلاثة أيام. ثم ارتحل والخوارج بسلى وسلبرى(١) فنزل قريباً منهم. فقال ابن الماحوز لأصحابه ما تنتظرون بعدوكم وقد هزمتموهم بالأمس وكسرتم حدهم؟ فقال له وافد مولى أبي صفرة. يا أمير المؤمنين. انما تفرق عنهم أهل الضعف والجبن وبقي أهل النجدة والقوة. فان أصبتم لم يكن ظفراً هيناً لأني أراهم لا يصابون حتى يصيبوا فان غلبوا ذهب الدين فقال أصحابه نافق وافد. فقال ابن الماحوز لا تعجلوا على أخيكم فانه انما قال هذا نظراً لكم. ثم توجه الزبير بن علي الى عسكر المهلب لينظر ما حالهم. فأتاهم في مائتين فحزرهم ورجع. وأمر المهلب أصحابه بالتحارس. حتى اذا أصبح ركب اليهم على تعبية صحيحة فالتقوا بسلى وسلبرى.

__________________

(١) سلى وسلبرى قال الأخفش بفتح السين موضعان بالأهواز.

٩٧

( وقعة سلى وسلبرى )

لما تقابل الفريقان. بسلى وسلبرى. خرج من الخوارج مائة فارس فركزوا رماحهم بين الصفين واتكئوا عليها. وأخرج اليهم المهلب عدادهم. ففعلوا مثل ما فعلوا لا يريمون الا الصلاة حتى أمسوا فرجع كل فريق الى معسكرهم. ففعلوا هذا ثلاثة أيام. قال فحمل المهلب وحملوا فاقتتلوا قتالاً شديداً فجهد الخوارج فنادى مناديهم الا أن المهلب قد قتل فركب المهلب بذوناً قصيراً أشهب وأقبل يركض بين الصفين وان احدى يديه لفي القباء وما يشعر بها. وهو يصيح أنا المهلب فسكن الناس بعد ان كانوا قد ارتاعوا وظنوا أن أميرهم قد قتل. وكل الناس مع العصر فصاح المهلب بابنه المغيرة تقدم ففعل وصاح بذكوان مولاه قدم رايتك ففعل. فقال له رجل من ولده انك تغرر بنفسك فذمره. ثم صاح يا بني تميم أمركم فتعصونني فتقدم وتقدم الناس. واجتلدوا أشد جلاد حتى إذا كان مع

٩٨

المساء. قتل ابن الماحوز. وانصرف الخوارج. ولم يشعر المهلب بقتله. فقال لأصحابه ابغوني رجلاً جلداً يطوف في القتلى فأشاروا عليه برجل من جرم وقالوا أنا لم نر رجلاً قط أشد منه فطوف ومعه النيران فجعل اذا مر بجريح من الخوارج قال كافر ورب الكعبة فأجهز عليه. وإذا مر بجريح من المسلمين أمر بسقيه وحمله. وقام المهلب في عسكره يأمرهم بالاحتراس. حتى إذا كان نصف الليل وجه رجلاً من اليحمد(١) في عشرة فصاروا الى عسكر الخوارج فإذا القوم قد تحملوا إلى ـ أرجان ـ فرجع إلى المهلب فأعلمه. فقال أنا لهم الساعة أشد خوفاً. فاحذروا البيات. قال : أبو العباس. ويروى عن شعبة بن الحجاج أن المهلب. قال لأصحابه يوماً. أن هؤلاء الخوارج قد يئسوا من ناحيتكم الا من جهة البيات فان كان ذلك فاجعلوا شعاركم ـ حم لا ينصرون ـ فان رسول الله (ص) كان يأمر بها. ويروى أنه

__________________

(١) قال الأخفش : اليحمد من الازد. والخليل من بطن منهم. يقال لهم الفراهيد والفرهود في الأصل الحمل. فان نسبت الى الحي قلت فراهيدي. وان نسبت الى الحملان قلت فرهودي لا غير.

٩٩

كان شعار أصحاب علي بن أبي طالب صلوات الله عليه. قال : ولما أصبح المهلب غدا على القتلى فأصاب ابن الماحوز فيهم ففي ذلك يقول رجل من الخوارج :

بسلى وسلبرى مصـارع فتية

كرام وجرحى لم توسد خدودها

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372