الاختصاص

الاختصاص10%

الاختصاص مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 372

الاختصاص
  • البداية
  • السابق
  • 372 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 109901 / تحميل: 9211
الحجم الحجم الحجم
الاختصاص

الاختصاص

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

وأخذ لحيته ثم مكث هنيئة ثم قام فذهب فقال أبوأراكة لزياد: أصلح الله الامير من هذا الشيخ؟ قال: هذا أخ من إخواننا من أهل الشام قدم علينا زائرا، فانصرف أبوأراكة إلى منزله فإذا رشيد بالبيت كما تركه فقال له أبوأراكة: أما إذا كان عندك من العلم ما أرى فاصنع ما بدا لك وادخل علينا كيف شئت.(١)

زيد بن صوحان

حدثنا جعفر بن الحسين المؤمن وجماعة من مشايخنا، عن محمد بن عبدالله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن موسى بن جعفر البغدادي، عن علي بن معبد، عن عبيدالله بن عبدالله الدهقان، عن واصل بن سليمان، عن عبدالله بن سنان، عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: لما صرع زيد بن صوحان يوم الجمل جاء أمير المؤمنينعليه‌السلام حتى جلس عند رأسه فقال: يرحمك الله يا زيد فقد كنت خفيف المؤونة عظيم المعونة قال: فرفع زيد رأسه إليه ثم قال: وأنت فجزاك الله خيرا يا أمير المؤمنين ما علمتك إلا بالله عليما وفى ام الكتاب عليا حكيما و أن الله في صدرك لعظيم والله ما قاتلت معك على جهالة ولكني سمعت ام سلمة زوجة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تقول: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: " من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله ". وكرهت والله أن أخذلك فيخذلني الله.(٢)

مالك الاشتر

حدثنا أبوعبدالله الحسين بن أحمد العلوي المحمدي، وأحمد بن علي بن الحسين بن زنجويه جميعا قالا: حدثنا أبوالقاسم حمزة بن القاسم العلوي قال: حدثنا بكر بن عبدالله ابن حبيب، عن سمرة بن علي، عن أبي معاوية الضرير، عن مجالد، عن الشعبي قال: حدثنا عبدالله بن جعفر ذو الجناحين قال لما جاء علي بن ابي طالب صلوات الله عليه مصاب محمد بن أبي بكر حيث قتله معاوية بن خديج

__________________

(١) نقله المجلسىرحمه‌الله في البحار ج ٩ ص ٦٣٣ من الكتاب.

(٢) رواه الكشى في رجاله ص ٤٤. ونقله المجلسى في المجلد الثامن من ص ٤٣٢.

٨١

السكوني بمصر جزع عليه جزعا شديدا وقال: ما أحلق مصر أن يذهب آخر الدهر فلوددت أني وجدت رجلا يصلح لها فوجهته إليها فقلت: تجد، فقال: من؟ فقلت: الاشتر قال: ادعه لي فدعوته فكتب له عهده وكتب معه بسم الله الرحمن الرحيم من علي بن أبي طالب إلى الملاء من المسلمين الذين غضبوا لله حين عصي في الارض وضرب الجور بأرواقه(١) على البر والبحر فلا حق يستراح إليه ولا منكر يتناهى عنه سلام عليكم أما بعد فإني قد وجهت إليكم عبدا من عباد الله لا ينام أيام الخوف ولا ينكل عن الاعداء حذار الدوائر، أشد على الفجار من حريق النار وهو مالك بن الحارث الاشتر أخو مذحج(٢) فاسمعوا له وأطيعوا فأنه سيف من سيوف الله لا يأتي الضريبة ولا كليل الحد فإن أمركم أن تنفروا فانفروا وإن أمركم أن تقيموا فأقيموا وإن أمركم أن تحجموا فاحجموا فإنه لا يقدم إلا بأمري وقد آثرتكم به على نفسي لنصيحته لكم وشدة شكيمته على عدوكم، عصمكم ربكم بالهدى وثبتكم باليقين ثم قال له: لا تأخذ على السماوة فإني أخاف عليك من معاوية وأصحابه ولكن الطريق الاعلى في البادية حتى تخرج إلى أيلة(٣) ثم ساحل مع البحر حتى تأتيها، ففعل فلما انتهى إلى أيلة وخرج منها صحبه نافع مولى عثمان بن عفان فخدمه وألطفه حتى أعجبه شأنه، فقال له: ممن أنت؟ قال: من أهل المدينة قال: من أيهم؟ قال: مولى عمر بن الخطاب قال: وأين تريد؟ قال: مصر قال: وما حاجتك بها؟ قال: اريد أشبع من الخبز فإنا لا نشبع بالمدينة فرق له الاشتر وقال له: ألزمني فإني ساصيبك بخبز، فلزمه حتى بلغ القلزم(٤) وهو من مصر على ليلة فنزل على امرأة من جهينة فقالت: أي الطعام أعجب بالعراق فاعالجه لكم؟ قال: الحيتان الطرية فعالجتها له فأكل وقد كان ظل صائما في يوم حار فأكثر من شرب الماء فجعل لا يروي فأكثر منه حتى نغر يعني انتفخ بطنه من كثرة شربه(٥) فقال له نافع: إن هذا

__________________

(١) الارواق: الفساطيط، يقال: ضرب فلان روقه بموضع كذا إذا نزل به وضرب خيمته

(٢) فيه كلام لا مجال ههنا لذكره وكان اعزامه قبل قتل محمد على بعض الاقوال.

(٣) - بفتح الهمزة - مدينة على ساحل بحر القلزم مما يلى الشام.وقيل: هى آخر الحجاز و أول الشام وهى مدينة اليهود الذين اعتدوا في السبت واليها يجتاز حجاج مصر.(مراصد الاطلاع)

(٤) القلزم هى مدينة على ساحل بحر اليمن من جهة مصر ينسب البحر اليها.(المراصد)

(٥) في النهاية: نغرت القدر تنغر اذا غلت. وفى القاموس: نغر من الماء كفرح: اكثر.وما في الخبر بيان حاصل المعنى.

٨٢

الطعام الذي أكلت لا يقتل سمه إلا العسل فدعا به من ثقله، فلم يوجد فقال له نافع: هو عندي فآتيك به؟ قال: نعم فأتني به فأتى رحله فحاضر شربة من عسل بسم قد كان معه أعده له فأتاه بها فشربها فأخذه به الموت من ساعته وانسل نافع في ظلمة الليل فأمر به الاشتر أن يطلب فطلب فلم يصب.

قال عبدالله بن جعفر: وكان لمعاوية بمصر عين يقال له: مسعود بن جرجة فكتب إلى معاوية بهلاك الاشتر فقام معاوية خطيبا في أصحابه فقال: إن عليا كانت له يمينان قطعت إحداهما بصفين - يعني عمارا - واخرى اليوم، إن الاشتر مر بأيلة متوجها إلى مصر فصحبه نافع مولى عثمان فخدمه وألطفه حتى أعجبه واطمأن إليه فلما نزل القلزم حاضر له شربة من عسل بسم فسقاها فمات، ألا وإن لله جنودا من عسل(١) .

وحدثنا أحمد بن علي قال: حدثنا أبوالقاسم حمزة بن القاسم العلوي، عن بكر بن عبدالله بن حبيب، عن سمرة بن علي قال: حدثني المنهال بن جبير الحميري قال: حدثنا عوانة قال: لما جاء هلاك الاشتر إلى علي بن أبي طالب صلوات الله عليه صعد المنبر فخطب الناس ثم قال: ألا إن مالك بن الحارث قد مضي نحبه وأوفى بعهده ولقى ربه فرحم الله مالكا لو كان جبلا لكان فذا ولو كان حجرا لكان صلدا، لله مالك(٢) وما مالك؟ وهل قامت النساء عن مثل مالك؟ وهل موجود كمالك؟ ! قال: فلما نزل ودخل القصر أقبل عليه رجال من قريش فقالوا: لشد ما جزعت عليه ولقد هلك، قال: أما والله هلاكه فقد أعز أهل المغرب وأذل أهل المشرق، قال: وبكى عليه أياما وحزن عليه حزنا شديدا وقال: لا أرى مثله بعده أبدا.(٣) أحمد بن هارون الفامي عن محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد ابن عيسى، عن أبي عبدالله محمد بن خالد البرقي، عن أحمد بن النضر الخزاز، عن عمرو بن شمر عن جابر الجعفي، عن ابي جعفرعليه‌السلام قال: شهد مع علي بن أبي طالبعليه‌السلام من التابعين

__________________

(١) نقله المجلسى في البحار ج ٨ ص ٦٥٧. وروى نحوه المؤلف في أماليه ص ٥٠.

(٢) في بعض نسخ الحديث " لله در مالك ".

(٣) نقله المجلسى في البحار ج ٨ ص ٦٥٨.

٨٣

ثلاثة نفر بصفين شهد لهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالجنة ولم يرهم: اويس القرني وزيد بن صوحان العبدي وجندب الخير الازدي رحمة الله عليهم(١) .

سفيان بن ليلى الهمداني

حدثنا جعفر بن الحسين المؤمن وجماعة من مشايخنا، عن محمد بن الحسن بن أحمد، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن النعمان، عن عبدالله بن مسكان، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: جاء رجل من اصحاب الحسنعليه‌السلام يقال له: سفيان بن ليلى وهو على راحلة له فدخل على الحسنعليه‌السلام وهو محتب(٢) في فناء داره فقال له: السلام عليك يا مذل المؤمنين، فقال له الحسن: أنزل ولا تعجل، فنزل فعقل راحلته في الدار، ثم أقبل يمشي حتى انتهى إليه قال: فقال له الحسنعليه‌السلام : ما قلت؟ قال قلت: السلام عليك يا مذل المؤمنين، قال وما علمك بذلك؟ قال: عمدت إلى أمر الامة فحللته من عنقك وقلدته هذه الطاغية يحكم بغير ما أنزل الله، قال: فقال الحسنعليه‌السلام : ساخبرك لم فعلت ذلك سمعت أبي يقول: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لن تذهب الايام والليالي حتى يلي على امتي رجل واسع البلعوم رحب الصدر يأكل ولا يشبع وهو معاوية، فلذلك فعلت ما جاء بك، قال: حبك؟ قال: الله، قال: الله، قال: فقال الحسنعليه‌السلام : والله لا يحبنا عبد أبدا ولو كان أسيرا بالديلم إلا نفعه الله بحبنا وإن حبنا ليساقط الذنوب من ابن آدم كما يساقط الريح الورق من الشجر(٣) .

تسمية من شهد مع الحسين بن عليعليهما‌السلام بكربلاء

العباس بن علي بن أبي طالب وهو السقاء قتله حكم بن الطفيل وام العباس ام البنين بن حزام بن خالد بن ربيعة بن الوحيد بن عامر، وجعفر بن علي، وعبدالله بن علي بن ابي طالبعليه‌السلام وامهما ام البنين، ومحمد بن علي وامه ام ولد، وأبوبكر بن علي وامه ليلى بنت مسعود، وعلي بن

__________________

(١) نقله المجلسى في البحار ج ٨ ص ٥٢٢ مع توضيح وبيان.

(٢) احتبى بالثوب: جمع بين ظهره وساقيه بعمامة ونحوه. (القاموس)

(٣) نقله المجلسى في البحار ج ١٠ ص ١٠٥.

٨٤

الحسين بن علي بن ابي طالب وامه ليلى بنت أبي مرة بن عروة بن مسعود وعبدالله بن الحسين بن علي بن أبي طالب وامه الرباب بنت امرء القيس بن عدي، وعون ابن عبدالله بن جعفر بن أبي طالب، ومحمد بن عبدالله بن جعفر بن أبي طالب، وعبدالله بن مسلم بن عقيل ابن أبي طالب، ومحمد بن أبي سعيد بن عقيل بن أبي طالب، وعبدالله بن يقطر رضيع الحسين بن علي ابن أبي طالب، وسليمان مولى الحسين، ومنجح مولى الحسين بن علي بن أبي طالبعليهما‌السلام فجميع من استشهد مع أبي عبدالله الحسين بن علي بن أبي طالب صلوات الله عليهما بكربلاء من ولد علي وجعفر وعقيل وولد الحسين ومواليهمعليهم‌السلام .

روى محمد بن جعفر المؤدب أن أبا إسحاق واسمه عمرو بن عبدالله السبيعي أنه صلى أربعين سنة صلاة الغداة بوضوء العتمة وكان يختم القرآن في كل ليلة ولم يكن في زمانه أعبد منه ولا أوثق في الحديث عند الخاص والعام وكان من ثقات علي بن الحسينعليهما‌السلام وولد في الليلة التي قتل فيها أمير المؤمنين صلوات الله عليه وقبض وله تسعون سنة و هو من همدان اسمه عمرو بن عبدالله بن علي بن ذي حمير بن السبيع بن يبلغ الهمداني ونسب إلى السبيع لانه نزل فيهم(١) .

زياد بن المنذر الاعمى وهو أبوالجارود، وزياد بن أبي رجاء وهو أبوعبيدة الحذاء، وزياد بن سوقة، وزياد مولى أبي جعفرعليه‌السلام ، وزياد بن أبي زياد المنقري وزياد الاحلام من أصحاب أبي جعفرعليه‌السلام ، ومن أصحابه أبوبصير ليث بن البختري المرادي، وأبوبصير يحيى ابن أبي القاسم مكفوف مولى لبني أسد واسم أبي القاسم إسحاق، وأبوبصير كان يكنى بأبي محمد(٢) .

سورة بن كليب

حدثنا محمد بن الحسن......(٣)

__________________

(١) نقله المجلسى في البحار ج ١١ ص ٣٣ من الكتاب.

(٢) نقله المجلسى في البحار ج ١١ ص ٩٨ من الكتاب.

(٣) هكذا في النسختين وروى أبوجعفر محمد بن جرير بن رستم الطبري الاملى في دلائل الامامة ص ١١٨ ط النجف عن الحسين بن سعيد قال أخبرني أحمد بن محمد، عن محمد بن علي، عن على بن محمد عن صندل، عن سورة بن كليب قال: قال لي أبوعبداللهعليه‌السلام : يا سورة كيف حججت العام؟ قال قلت: استقرضت حجتى. الحديث بأدنى تغيير في اللفظ. ونقله المجلسى في المجلد الحاديعشر ص ١٤٠ عن المناقب لابن شهر آشوب بأدنى تفاوت في اللفظ أيضا.

٨٥

العام قال: قلت: استقرضت حجتي ووالله إني لاعلم أن الله تعالى سيقضيها عني وما كان أعظم حجتي بعد المغفرة إلا شوقا إليك وإلى حديثك قال: أما حجتك فقد قضاها الله من عندي ثم رفع مصلى تحته فأخرج دنانير وعد عشرين دينارا وقال: هذه حجتك وعد عشرين دينارا وقال: هذه معونة لك حياتك حتى تموت، قلت: جعلت فداك أخبرني أن أجلي قد دنى؟ قال: يا سورة أما ترضى أن تكون معنا ومع إخوانك فلان وفلان؟ قلت: نعم، قال صندل: فما لبث إلا تسعة أشهر حتى مات.

ابراهيم بن شعيب

حدثني أبوالعباس أحمد بن محمد بن القاسم الكوفي المحاربي قال: حدثني علي بن محمد بن يعقوب الكوفي قال: حدثني علي بن الحسن بن علي بن فضال، عن علي بن أسباط عن إبراهيم بن أبي البلاد - أو عبدالله بن جندب - قال: كنت في الموقف فلما أفضت لقيت إبراهيم بن شعيب فسلمت عليه وكان مصابا بإحدى عينيه وإذا عينه الصحيحة حمراء كأنها علقة دم، فقلت له: قد اصبت بإحدى عينيك وأنا مشفق لك على الاخرى فلو قصرت من البكاء قليلا، فقال: لا والله يا أبا محمد ما دعوت لنفسي اليوم بدعوة، فقلت: فلمن دعوت؟ قال: دعوت لاخواني، سمعت أبا عبداللهعليه‌السلام يقول: من دعا لاخيه بظهر الغيب وكل الله به ملكا يقول: ولك مثلاه، فأردت أن أكون أنا أدعو لاخواني ويكون الملك يدعو لي لاني في شك من دعائي لنفسي ولست في شك من دعاء الملك لي(١) .

عبدالله بن المغيرة الخزاز الكوفى

حدثني محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد، عن الحسن ابن علي بن فضال، قال: قال عبدالله بن المغيرة: كنت واقفا(٢) فحججت على تلك الحالة فلما صرت بمكة اختلج في صدري شئ فتعلقت بالملتزم ثم قلت: اللهم قد علمت طلبتي وإرادتي فأرشدني إلى خير الاديان، فوقع في نفسي أن آتي الرضاعليه‌السلام فأتيت المدينة فوقفت ببابه وقلت للغلام: قل لمولاك: رجل من أهل العراق بالباب فسمعت نداء‌ه: ادخل يا عبدالله بن

__________________

(١) رواه الكلينيرحمه‌الله في المجلد الرابع من الكافى ص ٤٦٥. ونقله المجلسى في البحار ج ١١ ص ٢٨٤.

(٢) أى كنت على مذهب الوقف. وفى بعض النسخ [ كنت واقفيا ].

٨٦

المغيرة، فدخلت فلما نظر إلي قال: قد أجاب الله دعوتك وهداك لدينك فقلت: أشهد أنك حجة الله وأمينه على خلقه(١) .

حدثنا محمد بن الحسن قال: حمل إلى محمد بن موسى بن المتوكل رقعة من أبي الحس الاسدي قال: حدثني سهل بن زياد الادمي لما أن صنف عبدالله بن المغيرة كتابه وعد أصحابه أن يقرأ عليهم في زاوية من زوايا مسجد الكوفة وكان له أخ مخالف فلما أن حضروا لاستماع الكتاب جاء الاخ وقعد، قال: فقال لهم: انصرفوا اليوم فقال الاخ: أين ينصرفون فإني أيضا جئت لما جاؤوا، قال: فقال له: لما جاؤوا؟ قال: يا أخي اريت فيما يرى النائم أن الملائكة تنزل من السماء فقلت: لماذا ينزلون هؤلاء؟ فقال: قائل: ينزلون يستمعون الكتاب الذي يخرجه عبدالله بن المغيرة فانا أيضا جئت لهذا وأنا تائب إلى الله، قال: فسر عبدالله بن المغيرة بذلك(٢)

سعد بن عبدالملك الاموى

حدثني أبوعبدالله محمد بن أحمد الكوفي الخزاز قال: حدثني أحمد بن محمد بن سعيد الكوفي، عن ابن فضال، عن إسماعيل بن مهران، عن أبي مسروق النهدى، عن مالك بن عطية، عن أبي حمزة، قال: دخل سعد بن عبدالملك وكان أبوجعفرعليه‌السلام يسميه سعد الخير وهو من ولد عبدالعزيز بن مروان على أبي جعفرعليه‌السلام فبينا ينشج كما تنشج النساء(٣) قال: فقال له أبوجعفرعليه‌السلام : ما يبكيك يا سعد؟ قال وكيف لا أبكي وأنا من الشجرة الملعونة في القرآن، فقال له: لست منهم أنت اموي منا أهل البيت أما سمعت قول الله عزوجل يحكي عن إبراهيم:( فمن تبعني فإنه مني ) (٤) ".

__________________

(١) رواه الكشى في رجاله ص ٣٦٥.والصدوق في العيون والراوندى في الخرائج والاربلى في كشف الغمة ص ٢٦٩ عن دلائل الحميرى.ونقله المجلسى في ج ١٢ ص ١٢ من الكتاب.

(٢) نقله المجلسى في البحار ج ١١ ص ٢٨٥.

(٣) نشج الباكى: غص بالبكاء من غير انتحاب.

(٤) الاية في سورة ابراهيم آية ٣٩. والخبر نقله المجلسى من الكتاب في البحار ج ١١ ص ٩٧.

٨٧

اسماعيل بن عبدالرحمن الجعفى

أبوغالب أحمد بن محمد الزراري قال: حدثني محمد بن سعيد الكوفي قال: حدثني محمد ابن فضل بن إبراهيم، عن أبيه، عن النعمان بن عمرو الجعفي قال: حدثني محمد بن إسماعيل بن عبدالرحمن الجعفي قال: دخلت أنا وعمي الحصين بن عبدالرحمن علي أبي عبداللهعليه‌السلام فأدناه وقال: ابن من هذا معك؟ قال: ابن أخي إسماعيل، فقال: رحم الله إسماعيل وتجاوز عنه سيئ عمله، كيف خلفتموه؟ قال: بخير ما آتاه الله لنا من مودتكم، فقال: يا حصين لا تستصغروا مودتنا فإنها من الباقيات الصالحات، قال: يا ابن رسول الله ما استصغرتها ولكن أحمد الله عليها(١)

أبوأحمد محمد بن ابى عمير

قال: وحدثنا محمد بن المحسن السجاد(٢) قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه قال: كان ابن أبي عمير حبس سبع عشر سنة فذهب ماله وكان له على رجل عشرة آلاف درهم قال: فباع داره وحمل إليه حقه، فقال له ابن أبي عمير: من أين لك هذا المال وجدت كنزا أو ورثت عن إنسان؟ لا بد من ان تخبرني، قال: بعت داري، فقال: حدثني ذريح المحاربي عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: لا يخرج الرجل عن مسقط رأسه بالدين أنا محتاج إلى درهم و ليس يدخل ملكي(٣) .

واسم أبي عمير زياد من مولى الازد، أوثق الناس عند الشيعة والعامة وأنسكهم نسكا وأورعهم وأعبدهم وكان واحدا في زمانه في الاشياء كلها، أدرك أبا إبراهيم موسى بن جعفرعليهما‌السلام ولم يرو عنه وروى عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام (٤) .

زكريا بن أدم وأبى جرير زكريا بن ادريس بن عبدالله القميين

حدثنا أحمد بن محمد، عن أبيه، وسعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن حمزة بن اليسع، عن زكريا بن آدم قال: دخلت على الرضاعليه‌السلام من أول الليل في حدثان ما مات أبوجرير رحمه الله فسألني عنه وترحم عليه ولم يزل يحدثني واحدثه حتى طلع الفجر، ثم قام صلى الله عليه وصلى صلاة الفجر(٥) .

__________________

(١) نقله المجلسى في البحار ج ١١ ص ٢٠٦ من الكتاب.

(٢) كذا.

(٣) نقله في البحار ج ١٢ ص ٨٢.

(٤) نقله المجلسى من الكتاب في البحار ج ١٢ ص ٨٢.

(٥) نقله المجلسى من الكتاب في البحار ج ١٢ ص ٨٢.

٨٨

وعنه عن أبيه، وسعد جميعا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن حمزة، عن زكريا ابن آدم، قال: قلت للرضاعليه‌السلام : إني اريد الخروج عن أهل بيتي، فقد كثر السفهاء، فقال: لا تفعل فإن أهل قم يدفع عنهم بك كما يدفع عن أهل بغداد بأبي الحسنعليه‌السلام (١) .

وعن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أحمد بن الوليد، عن علي بن المسيب(٢) قال: قلت للرضاعليه‌السلام : شقتي بعيدة ولست أصل إليك كل وقت فممن آخذ معالم ديني؟ فقال: من زكريا ابن آدم القمي المأمون على الدين والدنيا، قال ابن المسيب: فلما انصرفت قدمت على زكريا بن آدم فسألته عما احتجت إليه(٣) .

وعن أحمد بن محمد بن عيسى القمي قال: بعث أبوجعفرعليه‌السلام غلامه معه كتابه فأمرني أن أصير إليه فأتيته وهو بالمدينة نازل في دارخان بزيع فدخلت فسلمت فذكر في صفوان ومحمد بن سنان وغيرهما ما قد سمعه غير واحد فقلت في نفسي: أستعطفه على زكريا ابن آدم لعله أن يسلم مما قال في هؤلاء القوم، ثم رجعت إلى نفسي فقلت: من أنا أن أتعرض في هذا وشبهه لمولاي وهو أعلم بما صنع، فقال لي: يا أبا علي ليس على مثل أبي يحيى(٤) تعجل وقد كان من خدمته لابي صلى الله عليه ومنزلته عنده وعندي من بعده غير أني قد احتجت إلى المال الذي عنده، فقلت: جعلت فداك هو باعث إليك بالمال وقال: إن وصلت إليه فأعلمه أن الذي منعني من بعث المال اختلاف ميمون ومسافر(٥) ، قال: احمل كتابي إليه ومره أن يبعث إلي بالمال، فحملت كتابه إلى زكريا بن آدم فوجه إليه بالمال(٦) .

وحدثنا جعفر بن محمد بن قولويه، عن الحسن بن بنان، عن محمد بن عيسى، عن أبيه، عن علي بن مهزيار، عن بعض القميين، عن محمد بن إسحاق، والحسن بن محمد قالا: خرجنا بعد وفاة زكريا بن آدم إلى الحج فتلقانا كتابهعليه‌السلام في بعض الطريق ما جرى من قضاء الله

__________________

(١) يعني بأبى الحسن الكاظمعليه‌السلام كما هو المصرح به فيما رواه الكشى في رجاله ص ٣٦٦

(٢) في بعض النسخ [ على بن الميثم ].

(٣) نقله المجلسى في البحار ج ١٢ ص ٨٢ من الكتاب ورواه الكشى في رجاله ص ٣٦٦.

(٤) كنية زكريا بن آدم القمى.

(٥) في هامش التنقيح كلاهما من أصحاب الرضاعليه‌السلام انتهى.والظاهر هما ميمون بن يوسف النخاس كما احتمله المحقق الوحيدرحمه‌الله وأبومسلم مسافر خادم الرضاعليه‌السلام .

(٦) رواه الكشى في رجاله ص ٣٦٧ ونقله المجلسى في البحار ج ١٢ ص ٨٢ من الكتاب.

٨٩

في الرجل المتوفى في رحمة الله يوم ولد ويوم قبض ويوم يبعث حيا، فقد عاش أيام حياته عارفا بالحق، قائلا به، صابرا محتسبا للحق قائما بما يحب الله ورسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومضى رحمة الله عليه غير ناكث ولا مبدل، فجزاه الله أجر نيته وأعطاه جزاء سعيه(١) وذكرت الرجل الموصى إليه فلم أجد فيه رأينا وعندنا من المعرفة به أكثر ما وصفت - يعني الحسن بن محمد بن عمران -(٢) .

المرزبان بن عمران القمى الاشعرى

حدثنا أحمد بن محمد، عن أبيه، وأحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد ابن عيسى، عن الحسن بن علي، عن المرزبان بن عمران القمي الاشعري قال: قلت لابي الحسن الرضاعليه‌السلام : أسألك عن أهم الاشياء والامور إلي، أمن شيعتكم أنا: فقال: نعم، قال: قلت لابي الحسن الرضاعليه‌السلام : واسمي مكتوب عندك؟ قال: نعم(٣) .

صفوان بن يحيى

وذكر محمد بن جعفر المؤدب أن صفوان بن يحيى يكنى بأبي محمد مولى بجيلة، بياع السابري، أوثق أهل زمانه عند أصحاب الحديث وأعبدهم كان يصلي في كل يوم خمسين و مائة ركعة ويصوم في السنة ثلاثة أشهر ويخرج زكاة ماله كل سنة ثلاث مرات وذلك أنه اشترك هو وعبدالله بن جندب وعلي بن نعمان في بيت الله الحرام تعاقدوا جميعا إن مات واحد منهم يصلي من بقي منهم صلاته ويصوم عنه ويحج عنه ويزكي عنه ما دام حيا، فمات صاحباه وبقي صفوان بعدهما فكان يفي لهما بذلك، يصلي عنهما ويزكي عنهما ويحج عنهما وكل شئ من البر والصلاح لنفسه كذلك يفعله لصاحبيه، وقال بعض جيرانه من أهل الكوفة بمكة: يا ابا محمد تحمل لي إلى المنزل دينارين؟ فقال له:

__________________

(١) في رجال الكشى " أعطاه خير امنيته ".

(٢) رواه الكشى في رجاله ص ٣٦٦. ونقله المجلسى من الاختصاص في المجلد الثانى عشر ص ١٢٥ وفى رواية الكشى مكان قولهعليه‌السلام : " فلم أجد فيه رأينا " " ولم تعرف فيه رأينا "، وفى بعض نسخ الكتاب [ فلم بعد فيه رأينا ].

(٣) رواه الكشى في رجاله ص ٣١٤، ونقله المجلسى في البحار ج ١٢ ص ٨٠ من الاختصاص.

٩٠

إن جمالي يستكري حتي استأمر فيه جمالي(١) .

على بن عبيد الله بن على بن الحسينعليهما‌السلام

حدثني أحمد بن محمد، عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن سليمان بن جعفر قال: قال لي علي بن عبيدالله بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالبعليه‌السلام : أشتهي أن أدخل على أبي الحسن الرضاعليه‌السلام اسلم عليه، قلت: فما يمنعك من ذلك؟ قال: الاجلال والهيبة له وأبقي عليه قال: فاعتل أبوالحسنعليه‌السلام علة خفيفة وقد عاده الناس فلقيت علي بن عبيدالله فقلت: قد جاء‌ك ما تريد قد اعتل أبوالحسنعليه‌السلام علة خفيفة وقد عاده الناس فإن أنت أردت الدخول عليه فاليوم، قال: فجاء إلى أبي الحسنعليه‌السلام عائدا فلقيه أبوالحسنعليه‌السلام بكل ما يحب من المكرمة والتعظيم ففرح بذلك علي بن عبيدالله فرحا شديدا ثم مرض علي بن عبيدالله فعاده أبوالحسنعليه‌السلام وأنا معه فجلس حتى خرج من كان في البيت(٢) .

الحسن بن محبوب، عن علي بن حمزة قال: قال لي أبوالحسن موسى بن جعفرعليهما‌السلام مبتدئا من غير أن أسأله: يلقاك غدا رجل من أهل المغرب يقال له: يعقوب يسألك عني فقل له: هو الامام الذي قال لنا أبوعبداللهعليه‌السلام وإذا سألك عن الحلال والحرام فأجبه عني، قلت: جعلت فداك وما علامته؟ قال: رجل طوال جسيم، فإن أتاك فلا عليك أن تدله علي(٣) وإن أحب أن تدخله علي فأدخله علي، فقال: فوالله إني لفي الطواف إذ أقبل إلي رجل طوال جسيم فقال لي: إني اريد أن أسألك عن صاحبك؟ فقلت: عن أي صاحبي؟ فقال: عن فلان بن فلان، قلت: وما اسمك؟ قال: يعقوب،

__________________

(١) نقله المجلسىرحمه‌الله في البحار ج ١٢ ص ٨١.

(٢) رواه الكشى في رجاله ص ٣٦٥. وزاد بعد قوله: " في البيت " فلما خرجنا أخبرتنى مولاة لنا ان ام سلمة امرأة على بن عبيدالله كانت وراء الستر تنظر إليه فلما خرج خرجت وانكبت على الموضع الذي كان أبوالحسنعليه‌السلام فيه جالسا فقبلته وتتمسح به قال سليمان: ثم دخلت على على بن عبيدالله فأخبرني بما فعلت ام سلمت فخبرت به أبا الحسنعليه‌السلام فقال: يا سليمان ان على ابن عبيدالله وامرأته وولده من أهل الجنة، يا سليمان ان ولد على وفاطمةعليهما‌السلام اذا عرفهم الله هذا الامر لم يكونوا كالناس.انتهى ونقله المجلسى في البحار ج ١٢ ص ٦٧.

(٣) اى لا جناح عليك ولا بأس بذلك.

٩١

قلت: ومن أين أنت؟ قال: من أهل المغرب، قلت: فمن أين عرفتني؟ قال: أتاني آت في المنام فقال: لي ألق علي بن حمزة فسله عن جميع ما تحتاج إليه، فسألت عنك فدللت عليك، فقلت له: اقعد في هذا الموضع حتى أفرغ من طوافي وآتيك إن شاء الله، فطفت ثم أتيته فكلمت رجلا عاقلا، ثم طلب إلي أن أدخله على أبي الحسنعليه‌السلام ، فأخذت بيده فأتيت أبا الحسنعليه‌السلام فلما رآه قال: يا يعقوب ! قال: لبيك، قال: قدمت أمس ووقع بينك و بين إسحاق أخيك [ شر ] في موضع كذا ثم شتم بعضكم بعضا وليس هذا من ديني ولا من دين آبائي ولا يأمر به أحد من الناس فاتقيا الله وحده لا شريك له فإنكما ستفترقان جميعا بموت، أما إن أخاك سيموت في سفره قبل أن يصل إلى أهله وستندم أنت على ما كان منك وذاك أنكما تقاطعتما فبترت أعماركما، فقال له الرجل: متى أجلي؟ قال: كان أجلك قد حضر حتى وصلت عمتك بما وصلتها به فأنسى الله في أجلك عشرين سنة قال: فاخبر الرجل أن أخاه لم يصل إلى منزله حتى دفن في الطريق.(١) قال: قال أبوحنيفة يوما لموسى بن جعفرعليه‌السلام : أخبرني أي شئ كان أحب إلى أبيك العود أم الطنبور؟ قال: لا بل العود فسئل عن ذلك فقال: يحب عود البخور ويبغض الطنبور(٢) .

أبوالفرج، عن أبي سعيد بن زياد، عن رجل، عن عبدالله بن جبلة، عن أبي المغراء عن موسى بن جعفرعليهما‌السلام قال: سمعته يقول: من كانت له إلى الله حاجة وأراد أن يرانا و أن يعرف موضعه من الله فليغتسل ثلاث ليال يناجي بنا فإنه يرانا ويغفر له بنا ولا يخفى عليه موضعه، قلت: سيدي ! فإن رجلا رآك في منامه وهو يشرب النبيذ؟ قال: ليس النبيذ يفسد عليه دينه إنما يفسد عليه تركنا وتخلفه عنا.

إن أشقى أشقياء‌كم من يكذبنا في الباطن بما يخبر عنا، يصدقنا في الظاهر ويكذبنا في الباطن، نحن أبناء نبي الله وابناء رسول الله صلوات الله عليه وأبناء أمير المؤمنينعليه‌السلام و أحباب رب العالمين، نحن مفتاح الكتاب فبنا نطق العلماء ولولا ذلك لخرسوا، نحن رفعنا

__________________

(١) رواه الكشى في رجاله كما في البحار والراوندى في الخرائج وابن شهر آشوب في المناقب والطبرى في الدلائل ص ١٦٦ بادنى تغيير في اللفظ. وفى البحار ج ١١ ص ٢٤١.

(٢) نقله في البحار ج ١١ ص ٢٨٦.

٩٢

المنار وعرفنا القبلة، نحن حجر البيت في السماء والارض، بنا غفر لآدم وبنا ابتلي أيوب وبنا افتقد يعقوب وبنا حبس يوسف وبنا دفع البلاء، بنا أضاء‌ت الشمس، نحن مكتوبون على عرش ربنا، مكتوبون: محمد خير النبيين وعلي سيد الوصيين وفاطمة سيدة نساء العالمين(١) أنا خاتم الاوصيا أنا طالب الباب أنا صاحب الصفين أنا المنتقم من أهل البصرة أنا صاحب كربلاء من أحبنا وتبرأ من عدونا كان معنا وممن في الظل الممدود والماء المسكوب - و الحديث طويل وفي آخر - إن الله اشترك بين الانبياء والاوصياء في العلم والطاعة - وفي حديث آخر - إن الله خلقنا قبل الخلق بألفي ألف عام فسبحنا فسبحت الملائكة لتسبيحنا وهو حديث طويل يرويه محمد بن عيسى بن عبيد البغدادي، عن موسى بن محمد بن علي بن موسى سأله ببغداد في دار الفطن قال: قال موسى(٢) : كتب إلي يحيى بن اكثم يسألني عن عشر مسائل أو تسعة فدخلت على أخي فقلت له: جعلت فداك إن ابن أكثم كتب إلي يسألني، عن مسائل افتيه فيها فضحك، ثم قال: فهل أفتيته؟ قلت: لا، قال: ولم؟ قلت: لم أعرفها، قال: وما هي؟ قلت: كتب إلي أخبرني عن قول الله عزوجل:( قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك (٣) ) أنبي الله كان محتاجا إلى علم آصف؟

__________________

(١) إلى هنا نقله في البحار ج ٧ ص ٣٣٦.

(٢) هو أبوأحمد موسى المبرقع أخوأبى الحسن الهادىعليه‌السلام من طرف الاب والام كان امهما ام ولد تسمى بسمانة المغربية وكان موسى جد سادات الرضوية، قدم قم سنة ٢٥٦ وهو أول من انتقل من الكوفة إلى قم من السادات الرضوية وكان يسدل على وجهه برقعا دائما ولذلك سمى بالمبرقع.فلم يعرفه القميون فانتقل عنهم إلى كاشان فأكرمه أحمد بن عبدالعزيز بن دلف العجلى فرحب به وأكرمه وأهدى اليه خلاعا فاخرة وأفراسا جيادا ووظفه في كل سنة ألف مثقال من الذهب وفرسا مسرجا فلما عرفه القميون أرسلوا رؤساء‌هم إلى كاشان بطلبه وردوه إلى قم واعتذروا منه وأكرموه واشتروا من مالهم ووهبوا له سهاما من القرى واعطوه عشرين الف درهم واشترى ضياعا كثيرة.فأتته أخواته زينب وام محمد وميمونة بنات محمد بن الرضاعليهما‌السلام ونزلن عنده، فلما متن دفن عند فاطمة بنت موسى بن جعفرعليهما‌السلام واقام موسى بقم حتى مات سنة ٢٦٦ ودفن في داره وقيل: في دار محمد بن الحسن بن ابى خالد الاشعرى وهو المشهد المعروف اليوم. ويظهر من بعض الروايات أن المتوكل الخليفة العباسى يحتال في أن ينادمه. وقد أفرد المحدث النورىرحمه‌الله في أحواله رسالة سماها: " البدر المشعشع في أحوال موسى المبرقع ".

(٣) النمل: ٤٠.

٩٣

وأخبرني عن قول الله عزوجل:( ورفع أبويه على العرش وخروا له سجدا (١) ) أسجد يعقوب وولده ليوسف وهم أنبياء؟.

و أخبرني عن قول الله عزوجل:( فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فسئل الذين يقرؤن الكتاب من قبلك (٢) ) من المخاطب بالآية؟ فإن كان المخاطب رسول الله صلوات الله عليه أليس قد شك فيما انزل إليه؟ وإن كان المخاطب به غيره فعلى غيره إذا انزل القرآن.

وأخبرني عن قوله تعالى:( ولو أن ما في الارض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفذت كلمات الله (٣) ) ما هذه الابحر " وأين هي؟.

وأخبرني عن قول الله:( فيها ما تشتهي الانفس وتلذ الاعين (٤) ) فاشتهت نفس آدم البر فأكل وأطعم، فكيف عوقبا فيها على ما تشتهى الانفس؟.

وأخبرني عن قول الله:( أو يزوجهم ذكرانا وإناثا (٥) ) فهل زوج الله عباده الذكران وقد عاقب الله قوما فعلوا ذلك.

وأخبرني عن شهادة امرأة جازت وحدها وقد قال الله عزوجل:( واشهدوا ذوي عدل منكم (٦) ) .

وأخبرني عن الخنثى وقول علي فيها: " تورث الخنثى من المبال " من ينظر إذا بال؟ وشهادة الجار إلى نفسه لا تقبل، مع أنه عسى أن يكون رجلا وقد نظر إليه النساء وهذا ما لا يحل فكيف هذا؟.

وأخبرني عن رجل أتى قطيع غنم فرأى الراعي ينزو على شاة منها فلما بصر بصاحبها خلى سبيلها فانسابت(٧) بين الغنم لا يعرف الراعي أيها كانت ولا يعرف صاحبها أيها يذبح.

__________________

(١) يوسف: ١٠٠.

(٢) يونس: ٩٤.

(٣) لقمان: ٢٦.

(٤) الزخرف: ٧١.

(٥) الشورى: ٤٩.

(٦) الطلاق: ٣.

(٧) سابت الدابة: مرت حيث شاء‌ت.

٩٤

وأخبرني عن قول علي لابن جرموز: " بشر قاتل ابن صفية(١) بالنار " فلم لم يقتله وهو إمام ومن ترك حدا من حدود الله فقد كفر إلا من علة؟.

وأخبرني عن صلاة الفجر لم يجهر فيها بالقراء‌ة وهي من صلاة النهار وإنما يجهر في صلاة الليل؟ وأخبرني عنه لم قتل أهل صفين وأمر بذلك مقبلين ومدبرين وأجاز على جريحهم ويوم الجمل غير حكمه لم يقتل من جريحهم ولا من دخل دارا ولم يجز على جريحهم ولم يأمر بذلك ومن ألقى سيفه آمنه، لم فعل ذلك؟ فإن كان الاول صوابا كان الثاني خطاء؟ فقالعليه‌السلام : اكتب، قلت: وما أكتب؟ قال: اكتب: بسم الله الرحمن الرحيم وأنت فألهمك الله الرشد، ألقاني كتابك بما امتحنتنا به من تعنتك لتجد إلى الطعن سبيلا قصرنا فيها والله يكافئك على نيتك وقد شرحنا مسائلك فاصغ إليها سمعك وذلل لها فهمك واشتغل بها قلبك فقد ألزمتك الحجة والسلام.

سألت عن قول الله عزوجل في كتابه: " قال الذي عنده علم من الكتاب " فهو آصف بن برخيا ولم يعجز سليمان عن معرفة ما عرف، لكنه أحب أن يعرف امته من الجن والانس أنه الحجة من بعده وذلك من علم سليمان أودعه آصف بأمر الله ففهمه الله ذلك لئلا يختلف في إمامتهودلالته كما فهم سليمان في حياة داود ليعرض امامته ونبوته من بعده لتأكيد الحجة على الخلق.

وأما سجود يعقوب وولده ليوسف فإن السجود لم يكن ليوسف كما أن السجود من الملائكة لآدم، لم يكن لآدم إنما كان منهم طاعة لله وتحية لآدم فسجد يعقوب وولده شكرا لله باجتماع شملهم، ألم تر أنه يقول في شكره في ذلك الوقت:( رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الاحاديث ) - إلى آخر الآية -(٢) .

وأما قوله: " فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فسئل الذين يقرؤن الكتاب من

__________________

(١) ابن صفية هو الزبير بن العوام الصحابى المعروف الذى نكث بيعة علىعليه‌السلام وأوقد نيران الحرب بين المسلمين في وقعة الجمل.

(٢) يوسف: ١٠٢.

٩٥

قبلك " فإن المخاطب في ذلك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولم يكن في شك مما انزل إليه ولكن قالت الجهلة كيف لم يبعث الله نبيا من ملائكته أم كيف لم يفرق بينه وبين خلقه بالاستغناء عن المأكل والمشرب والمشي في الاسواق؟ فأوحى الله إلى نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم " فسئل الذين يقرؤن الكتاب من قبلك " تفحص بمحضر كذا من الجهلة هل بعث الله رسولا قبلك إلا وهو يأكل ويشرب ويمشي في الاسواق ولك بهم اسوة وإنما قال: " إن كنت في شك " ولم يكن للنصفة كما قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : " قل تعالوا ندع أبناء‌نا وأبناء‌كم ونساء‌نا ونساء‌كم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين " ولو قال: نبتهل فنجعل لعنة الله عليكم لم يكونا يجوزان للمباهلة(١) وقد علم الله أن نبيه مؤد عنه رسالاته وما هو من الكاذبين وكذلك عرف النبي أنه صادق فيما يقول ولكن أحب أن ينصفهم من نفسه.

وأما قوله: " ولو أن ما في الارض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله " فهو كذلك لو أن أشجار الدنيا أقلام والبحر مداد له بعد سبعة مدد البحر حتى فجرت الارض عيونا فغرق أصحاب الطوفان لنفدت قبل أن تنفد كلمات الله عزوجل وهي عين الكبريت وعين اليمن وعين برهوت وعين الطبرية وحمة ماسبذان وتدعى المنيات وحمة إفريقية وتدعى بسلان وعين باحروان(٢) وبحر بحر، ونحن الكلمات التي لا تدرك فضائلنا ولا تستقصى.

وأما الجنة ففيها من المآكل والمشارب والملاهي والملابس ما تشتهي الانفس وتلذ الاعين وأباح الله ذلك كله لادم والشجرة التي نهى الله عنها آدم وزوجته أن يأكلا منها شجرة الحسد عهد إليهما أن لا ينظر إلى من فضل الله عليهما وعلى كل خلائقه بعين الحسد فنسي ونظر بعين الحسد ولم يجد له عزما.

وأما قوله: " أو يزوجهم ذكرانا وإناثا " فإن الله تبارك وتعالى يزوج ذكران المطيعين إناثا من الحور ومعاذ الله أن يكون عنى الجليل ما لبست على نفسك تطلب الرخص

__________________

(١) في بعض نسخ الحديث " لم يجيبوا المباهلة ".

(٢) في بعض نسخ الحديث " وتدعى لسان وعين بحرون " والحمة - بالفتح فالتشديد -: العين الحارة التى يستشفى بها الاعلاء والمرضى وأراد بها وبالعين ههنا كل ماء له منبع ولا ينقص منه شئ كالبحار وليس منحصرا فيها فكان ذكرها على سبيل التمثيل ولانها معهودة عند السائل.

٩٦

لارتكاب المآثم( ومن يفعل ذلك يلق أثاما * يضاعف له العذاب يوم القيمة ويخلد فيه مهانا ) إن لم يتب(١) ".

وأما قول علي: بشر قاتل ابن صفية بالنار.

لقول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : بشر قاتل ابن صفية بالنار وكان ممن خرج يوم النهروان ولم يقتله أمير المؤمنينعليه‌السلام بالبصرة لانه علم أنه يقتل في فتنة النهروان.

وأما قولك: " علي قتل أهل صفين مقبلين ومدبرين وأجاز على جريحهم ويوم الجمل لم يتبع موليا ولم يجز على جريح ومن ألقى سيفه آمنه ومن دخل داره آمنه " فإن أهل الجمل قتل إمامهم ولم يكن لهم فئة يرجعون إليها وإنما رجع القوم إلى منازلهم غير محاربين ولا محتالين ولا متجسسين ولا منابذين(٢) وقد رضوا بالكف عنهم فكان الحكم رفع السيف والكف عنهم إذا لم يطلبوا عليه أعوانا وأهل صفين يرجعون إلى فئة مستعدة وإمام لهم منتصب يجمع لهم السلاح من الدروع والرماح والسيوف ويستعد(٣) لهم العطاء ويهيئ لهم الانزال(٤) ويتفقد جريحهم ويجبر كسيرهم ويداوي جريحهم ويحمل رجلتهم ويكسو حاسرهم ويردهم فيرجعون إلى محاربتهم وقاتلهم لا يساوي بين الفريقين في الحكم ولولا عليعليه‌السلام وحكمه لاهل صفين والجمل لما عرف الحكم في عصاة أهل التوحيد لكنه شرح ذلك لهم فمن رغب عنه يعرض على السيف أو يتوب من ذلك.

وأما شهادة المرأة التي جازت وحدها: فهي القابلة جائز شهادتها مع الرضا وإن لم يكن رضا فلا أقل من امرأتين تقوم مقامها بدل الرجل للضرورة لان الرجل لا يمكنه أن يقوم مقامها فإن كانت وحدها قبل مع يمينها.

وأما قول عليعليه‌السلام في الخنثى: إنه يورث من المبال، فهو كما قال وينظر إليه قوم عدول فيأخذ كل واحد منهم المرأة فيقوم الخنثى خلفهم عريانا وينظرون في المرآة فيرون الشبح فيحكمون عليه.

__________________

(١) الفرقان: ٦٨ و ٦٩.

(٢) في نسخة [ مبارزين ].

(٣) زاد في نسخة من الحديث [ يستعد لهم ويسنى ]

(٤) الانزال الارزاق.

٩٧

وأما الرجل الذي قد نظر إلى الراعي قد نزا على شاة فإن عرفها ذبحها وأحرقها وإن لم يعرفها قسمها بنصفين ساهم بينهما(١) فإن وقع السهم على أحد النصفين فقد نجى الآخر ثم يفرق الذي وقع فيه السهم بنصفين بينهما بسهم فإن وقع على أحد النصفين نجى النصف الآخر فلا يزال كذلك حتى يبقى اثنان فيقرع بينهما فأيهما وقع السهم لها تذبح وتحرق وقد نجت سائرها.

وأما صلاة الفجر والجهر فيها بالقراء‌ة: لان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يغلس(٢) بها فقراء‌تها من الليل.

وقد أنبأتك بجميع ما سألتنا فاعلم ذلك يولي الله حفظك والحمد لله رب العالمين(٣) .

حديث هشام بن الحكم ودلائله على أفضلية علىعليه‌السلام

أحمد بن الحسن قال: حدثنا عبدالعظيم بن عبدالله قال: قال هارون الرشيد لجعفر بن يحيى البرمكي: إني احب أن أسمع كلام المتكلمين من حيث لا يعلمون بمكاني فيحتجون عن بعض ما يريدون، فأمر جعفر المتكلمين فاحضروا داره وصار هارون في مجلس يسمع كلامهم وأرخى بينه وبين المتكلمين سترا فاجتمع المتكلمون وغص المجلس بأهله ينتظرون هشام ابن الحكم فدخل عليهم هشام وعليه قميص إلى الركبة وسراويل إلى نصف الساق فسلم على الجميع ولم يخص جعفرا بشئ فقال له رجل من القوم: لم فضلت عليا على أبي بكر والله يقول:( ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا (٤) ) فقال هشام: فأخبرني عن حزنه في ذلك الوقت أكان لله رضى أم غير رضى؟ فسكت فقال هشام: إن زعمت أنه كان لله رضى فلم نهاه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال: " لا تحزن " أنهاه عن طاعة الله ورضاه؟ وإن زعمت أنه كان لله غير رضى فلم تفتخر بشئ كان لله غير رضى؟ وقد علمت ما قد قال الله تبارك و

__________________

(١) أى قارع بينهما.

(٢) " يغلس بها " اى يصلى بالغلس وهو بالتحريك " ظلمة آخر الليل.

(٣) رواه الحسن بن علي بن شعبة الحرانى في تحف العقول مرسلا ص ٤٧٦ وابن شهر آشوب في المناقب ونقله المجلسى من التحف في المجلد الرابع من البحار ص ٥٨١ ومن المناقب في المجلد الثانى عشر ص ١٣٨ باختلاف غير يسير وفيه بعد قولهعليه‌السلام : " وعين باحوران " " ونحن الكلمات التى لا تدرك فضائلنا - الخ- ".

(٤) التوبة: ٤٠.

٩٨

تعالى حين قال:( فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين (١) ) ولكنكم قلتم وقلنا.

وقالت العامة: الجنة اشتاقت إلى أربعة نفر إلى علي بن أبي طالبعليه‌السلام والمقداد بن الاسود وعمار بن ياسر وأبي ذر الغفاري، فأرى صاحبنا قد دخل مع هؤلاء في هذه الفضيلة وتخلف عنها صاحبكم، ففضلنا صاحبنا على صاحبكم بهذه الفضيلة.

وقلتم وقلنا، وقالت العامة: إن الذابين عن الاسلام أربعة نفر: علي بن أبي طالبعليه‌السلام والزبير بن العوام وأبودجانة الانصاري وسلمان الفارسي، فأرى صاحبنا قد دخل مع هؤلاء في هذه الفضيلة وتخلف عنها صاحبكم، ففضلنا صاحبنا على صاحبكم بهذه الفضيلة.

وقلتم وقلنا، وقالت العامة: إن القراء أربعة نفر: علي بن أبي طالبعليه‌السلام وعبدالله ابن مسعود وابي بن كعب وزيد بن ثابت، فأرى صاحبنا قد دخل مع هؤلاء في هذه الفضيلة وتخلف عنها صاحبكم، ففضلنا صاحبنا على صاحبكم بهذه الفضيلة.

وقلتم وقلنا، وقالت العامة: إن المطهرين من السماء أربعة نفر: علي بن أبي طالبعليه‌السلام وفاطمة والحسن والحسينعليهم‌السلام فأرى صاحبنا قد دخل مع هولاء في هذه الفضيلة و تخلف عنها صاحبكم، ففضلنا صاحبنا على صاحبكم بهذه الفضيلة.

وقلتم وقلنا، وقالت العامة: إن الابرار أربعة نفر: علي بن أبي طالبعليه‌السلام وفاطمة والحسن والحسينعليهم‌السلام فأرى صاحبنا قد دخل مع هؤلاء في هذه الفضيلة وتخلف عنها صاحبكم، ففضلنا صاحبنا على صاحبكم بهذه الفضيلة.

وقلتم وقلنا، وقالت العامة: إن الشهداء أربعة نفر: علي بن أبي طالبعليه‌السلام وجعفر وحمزة بن عبدالمطلب وعبيدة بن الحارث بن عبدالمطلب، فأرى صاحبنا قد دخل مع هؤلاء في هذه الفضيلة وتخلف عنها صاحبكم، ففضلنا صاحبنا على صاحبكم بهذه الفضيلة.

قال: فحرك هارون الستر وأمر جعفر الناس بالخروج فخروج فخرجوا مرعوبين وخرج هارون

__________________

(١) الفتح: ٢٦: اشارة إلى أن آية الغار صفحا عن عدم دلالته على أى منقبة لابى بكر انما تدل على طعن صريح له وهو حزنه المنهى عنه وعدم نزول السكينة عليه حيث إن الله تعالى انزل في غير موضع سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وخص في هذه الاية رسوله فقط وما قيل من رجوع الضمير اليهما غير مقبول واجاب عنه المؤلف في الفصول المختارة ص ٢٢ فليراجع.

٩٩

إلى المجلس فقال: من هذا ابن الفاعلة فوالله لقد هممت بقتله وإحراقه بالنار.(١) قال: كتب المأمون إلى الرضاعليه‌السلام فقال: عظني، فكتبعليه‌السلام إليه:

إنك في دنيا لها مدة

يقبل فيها عمل العامل

أما ترى الموت محيطا بها

يسلب منها أمل الآمل

تعجل الذنب بما تشتهي

وتأمل التوبة من قابل

والموت يأتي أهله بغتة

ما ذاك فعل الحازم العاقل(٢)

حديث التزويج

علي بن إبراهيم بن هشام يرفعه قال: لما أراد المأمون أن يزوج أبا جعفر محمد بن علي بن موسىعليه‌السلام ابنته ام الفضل اجتمع إليه أهل بيته الادنون فقالوا: يا أمير المؤمنين ننشدك الله أن تخرج عنا أمرا قد ملكناه وتنزع عنا عزا قد ألبسناه وقد علمت الامر الذي بيننا وبين آل علي قديما وحديثا، فقال المأمون: اسكتوا فوالله ما قبلت من أحدكم في أمره، فقالوا: يا أمير المؤمنين أتزوج قرة عينك صبيا لم يتفقه في دين الله ولا يعرف فريضة من سنة ولا يميز بين الحق والباطل ولابي جعفرعليه‌السلام يومئذ عشر سنين أو إحدى عشرة سنة فلو صبرت عليه حتى يتأدب ويقرأ القرآن و يعرف فرضا من سنة، فقال لهم المأمون: والله إنه لافقه منكم وأعلم بالله وبرسوله و سننه وفرائضه وحلاله وحرامه منكم وأقرء لكتاب الله وأعلم بمحكمه ومتشابهه وناسخه ومنسوخه وظاهره وباطنه وخاصه وعامه وتأويله وتنزيله منكم، فاسألوه فإن كان الامر كما وصفتم قبلت منكم في أمره وإن كان الامر كما قلت علمتم أن الرجل خير منكم، فخرجوا من عنده وبعثوا إلى يحيى بن أكثم(٣) وكان

__________________

(١) نقله المجلسى في البحار ج ٤ ص ١٦٠ من الكتاب.

(٢) رواه الصدوق في العيون ونقله المجلسى في المجلد الثانى عشر من البحار ص ٣٢.

(٣) هو من قضاة العامة ومحبوب المأمون لم يقدم عليه أحدا وكان قاضيا في العراقين ومعروفا بعمل قوم لوط واحياء طريقتهم وتسبب لتحريم المأمون المتعة كما نقله ابن خلكان في الوفيات ج ٥ ص ١٩٩ ونقل عن تاريخ الخطيب أن المأمون قال له يوما: يا يحيى لمن هذا الشعر؟ قاض يرى الحد في الزناء ولا * يرى على من يلوط من بأس قال: أو ما يعرف الامير من القائل؟ قال المأمون: لا، قال: يقوله الفاجر الذى قال: لا أحسب الجور ينقضى وعلى * الامة وال من آل عباس قال: فأفحم المأمون خجلا. انتهى.وكان هو قاضيا في البصرة في أيام هارون وبعده إلى أن يعزله المأمون توفى في الربذة سنة ٢٤٢ وقيل: ٢٤٣ وذلك بعد أن غضب عليه المتوكل وأمر بقبض املاكه والزم منزله ثم حج وحمل اخته معه وعزم أن يجاور فلما اتصل به رجوع المتوكل له بداله في المجاورة ورجع يريد العراق فلما وصل إلى الربذة هلك ودفن هناك وله يومئذ ثلاث وثمانون يوما.

١٠٠

قاضي القضاة فجعلوا حاجتهم إليه وأطمعوه في الهدايا على أن يحتال على أبي جعفرعليه‌السلام في مسألة لا يدري كيف الجواب فيها عند المأمون إذا اجتمعوا للتزويج، فلما حضروا وحضر أبوجعفرعليه‌السلام قالوا: يا أمير المؤمنين هذا يحيى بن أكثم إن أذنت له يسأل أبا جعفر، فقال المأمون: يا يحيى سل أبا جعفر عن مسألة في الفقه لننظر كيف فقهه، فقال يحيى: يا أبا جعفر أصلحك الله ما تقول في محرم قتل صيدا؟ فقال أبوجعفرعليه‌السلام : قتله في حل أو حرم؟ عالما كان أو جاهلا؟ عمدا أو خطأ؟ عبدا أو حرا؟ صغيرا أو كبيرا؟ مبدئا أو معيدا؟ من ذوات الطير أو من غيرها؟ من صغار الصيد أو من كبارها؟ مصرا عليها أو نادما؟ بالليل في وكرها أو بالنهار عيانا؟ محرما للعمرة أو للحج؟ قال: فانقطع يحيى بن أكثم انقطاعا لم يخف على أهل المجلس وتحير الناس تعجبا من جوابه ونشط المأمون، فقال: يخطب أبوجعفر؟ فقال أبوجعفر: نعم يا أمير المؤمنين، ثم قال: الحمد لله إقرارا بنعمته ولا إله إلا الله إخلاصا لعظمته وصلى الله على محمد عند ذكره وقد كان من فضل الله على الانام أن أغناهم بالحلال عن الحرام، فقال جل ذكره: " وأنكحوا الايامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم " ثم إن محمد بن علي خطب أم الفضل بنت عبدالله وبذل لها من الصداق خمسمائة درهم، فقال: المأمون: قد زوجت فهل قبلت؟ فقال أبوجعفرعليه‌السلام : قد قبلت هذا لتزويج بهذا الصداق.

١٠١

ثم أولم المأمون وجاء الناس على مراتبهم في الخاص والعام، قال: فبينما نحن كذلك إذ سمعنا كلاما كأنه كلام الملاحين في مجاوباتهم فإذا بالخدم يجرون سفينة من فضة فيها نسائج من أبريسم مكان القلوس(١) مملوة غالية فخضبوا لحى أهل الخاص بها، ثم مدوا إلى دار العامة فطيبوهم.

فلما تفرقوا قال المأمون: يا أبا جعفر إن رأيت أن تبين لنا ما الذي يجب على كل صنف من هذه الاصناف التي ذكرت من قتل الصيد، فقال أبوجعفرعليه‌السلام : نعم يا أمير المؤمنين إن المحرم إذا قتل صيدا في الحل والصيد من ذوات الطير من كبارها فعليه شاة فإذا أصابه في الحرم فعليه الجزاء مضاعفا وإذا قتل فرخا في الحل فعليه حمل قد فطم وليس عليه قيمته لانه ليس في الحرم فإذا قتله في الحرم فعليه الحمل وقيمته لانه في الحرم وإذا كان من الوحش فعليه في حمار الوحش بدنة وكذلك في النعامة، فإن لم يقدر فإطعام ستين مسكينا فإن لم يقدر فليصم ثمانية عشر يوما، وإن كانت بقرة فعليه بقرة، فإن لم يقدر فإطعام ثلاثين مسكينا، فإن لم يقدر فليصم تسعة أيام، وإن كان ظبيا فعليه شاة فإن لم يقدر فإطعام عشرة مساكين فإن لم يقدر فصيام ثلاثة أيام، فإن كان في الحرم فعليه الجزاء مضاعفا هديا بالغ الكعبة حقا واجبا أن ينحره في حج إن كان بمنى حيث ينحر الناس وإن كان في عمرة ينحر بمكة ويتصدق بمثل ثمنه حتى يكون مضاعفا وكذلك إذا أصاب أرنبا فعليه شاة يتصدق وإذا قتل الحمامة تصدق بدرهم أو يشتري به طعاما لحمام الحرم، وفي الفرخ نصف درهم وفي البيضة ربع درهم وكل ما أتى به المحرم بجهالة أو خطاء فليس عليه شئ إلا الصيد فإن عليه فيه الفداء بجهالة كان أم بعلم، خطاء كان أو تعمدا، وكلما أتى به العبد فكفارته على صاحبه مثل ما يلزم صاحبه وكلما أتى به الصغير الذي ليس ببالغ فلا شئ عليه وإن كان ممن عاد فينتقم الله منه ليس عليه كفارة والنقمة في الآخرة فإن دل على الصيد وهو محرم فعليه الفداء والمصر عليه يلزمه بعد الفداء عقوبة في الآخرة والنادم عليه لا شئ عليه في الآخرة بعد الفداء فإذا أصاب الطير ليلا وفي وكره خطاء فلا شئ عليه إلا أن يتعمد فإذا تصيد بليل أو نهار فعليه الفداء بمنى(٢)

__________________

(١) القلس - بالفتح -: حبل ضخم للسفينة من خوص او غيره جمعه قلوس - بضم القاف -.

(٢) كذا في النسختين. وفى تفسير على بن ابراهيم بعد قوله "فعليه الفداء" "والمحرم للحج ينحر الفداء بمنى".

حيث ينحر الناس والمحرم للعمرة ينحر بمكة.

١٠٢

فأمر المأمون أن يكتب ذلك ثم دعا أهل بيته فقرأ عليهم ذلك وقال لهم: هل فيكم أحد يجيب بمثل هذا الجواب، قالوا: لا والله ولا القاضي، فقالوا: يا أمير المؤمنين صدقت كنت أعلم به منا، ثم قال: ويحكم إن أهل هذا البيت خلوا من هذا الخلق أو ما علمتم أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بايع الحسن والحسينعليهما‌السلام وهما صبيان غير بالغين ولم يبايع طفلا غيرهما، أو ما علمتم أن عليا آمن بالنبي وهو ابن عشر سنين(١) فقبل الله ورسوله منه إيمانه ولم يقبل من طفل غيره ولا دعا النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم طفلا غيره إلى الايمان أو ما علمتم أنها ذرية بعضها من بعض يجري لآخرهم ما يجري لاولهم، قال: ثم أمر المأمون أن ينثر على أبي جعفرعليه‌السلام ثلاثة أطباق بنادق زعفران ومسك معجون بماء الورد في جوفهما رقاع على طبق رقاع عمالات والثاني ضياع طعمة لمن أخذها والثالث فيه بدر(٢) ثم أمر أن يفرق طبق العمالات على بني هاشم خاصة والذي عليه ضياع طعمة على الوزراء والذي عليه البدر على القواد، وما زال مكرما لابي جعفرعليه‌السلام أيام حياته حتى كان يقدمه على ولده - تم الخبر -(٣) .

وروى عن علي بن محمد العسكري، عن أبيه، عن جده، عن أمير المؤمنينعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لما اسربي إلى السماء الرابعة نظرت إلى قبة من لؤلؤ لها أربعة أركان وأربعة أبواب كلها من استبرق أخضر، قلت: يا جبرئيل ما هذه القبة التي لم أر في السماء الرابعة أحسن منها؟ فقال: حبيبي محمد هذه صورة مدينة يقال لها: قم يجتمع فيها عباد الله المؤمنون ينتظرون محمدا وشفاعته للقيامة والحساب يجري عليهم الغم والهم والاحزان و

__________________

(١) في بعض نسخ الحديث [ وهو ابن اثنى عشر سنة ] وفى بعضها [ وهو ابن تسع سنين ].

(٢) البدر - بكسر الباء وفتح الدال -: جمع بدرة وهى كيس يجعل فيه الدرهم والدينار.

(٣) رواه على بن ابراهيم القمى في تفسيره ص ١٦٩ ط ايران ١٣١٣ ورواه المؤلف في الارشاد في ذكر فضائل الجوادعليه‌السلام باب طرف الاخبار والطبرسى في الاحتجاج ص ٢٤٥ ط النجف والطبرى في دلائل الامامة ص ٢٠٦ والاربلى في كشف الغمة ص ٢٨٥. والمسعودى في اثبات الوصية ص ١٦٩ ط طهران ١٣٢٠ - وط النجف وط النجف ص ١٨٣ عن على بن ابراهيم عن ابيه عن ريان ابن شبيب خال المأمون.

١٠٣

المكاره، قال: فسألت علي بن محمد العسكريعليه‌السلام متى ينتظرون الفرج؟ قال: إذا ظهر الماء على وجه الارض(١) .

حديث محمد بن على بن موسى الرضاعليهم‌السلام وعمه عبدالله بن موسى علي بن إبراهيم بن هاشم قال: حدثني أبي قال: لما مات أبوالحسن الرضاعليه‌السلام حججنا فدخلنا على أبي جعفرعليه‌السلام وقد حضر خلق من الشيعة من كل بلد لينظروا إلى أبي جعفرعليه‌السلام فدخل عمه عبدالله بن موسى وكان شيخا كبيرا نبيلا عليه ثياب خشنة وبين عينيه سجادة فجلس، وخرج أبوجعفرعليه‌السلام من الحجرة وعليه قميص قصب ورداء قصب ونعل جدد بيضاء فقام عبدالله فاستقبله وقبل بين عينيه وقام الشيعة وقعد أبوجعفرعليه‌السلام على كرسي ونظر الناس بعضهم إلى بعض وقد تحيروا لصغر سنه فابتدر رجل من القوم فقال لعمه: أصلحك الله ما تقول في رجل أتى بهيمة؟ فقال: تقطع يمينه ويضرب الحد فغضب أبوجعفرعليه‌السلام ثم نظر إليه فقال: يا عم اتق الله اتق الله إنه لعظيم أن تقف يوم القيامة بين يدي الله عزوجل فيقول لك: لم أفتيت الناس بما لا تعلم، فقال له عمه: أستغفر الله يا سيدي أليس قال هذا أبوك صلوات الله عليه؟ فقال أبوجعفرعليه‌السلام : إنما سئل أبي عن رجل نبش قبر امرأة فنكحها، فقال أبي: تقطع يمينه للنبش ويضرب حد الزنا فإن حرمة الميتة كحرمة الحية، فقال: صدقت يا سيدي وأنا أستغفر الله، فتعجب الناس وقالوا: يا سيدنا أتأذن لنا ان نسألك؟ قال: نعم فسألوه في مجلس عن ثلاثين ألف مسألة(٢) فأجابهم فيها وله تسع سنين(٣) .

محمد بن الحسن، عن علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن عمرو بن عثمان الخزاز

__________________

(١) رواه الحسن بن محمد بن الحسن القمى المتوفى سنة ٣٧٨ في تاريخ قم ص ٩٦ [ من ترجمته المطبوع ] عن أبى مقاتل سبل الديلمى نقيب الرى عن أبى الحسن على بن محمدعليهما‌السلام .ونقله المجلسى من الاختصاص في المجلد الرابع عشر من البحار ص ٣٣٧.

(٢) يستبعد أن يكون في وسع السائلين أن يسألوا عن ثلاثين ألف مسألة في مجلس واحد و إن كان الامامعليه‌السلام يقدر على جواب أزيد منها ومن المحتمل أن يكون لفظه " ألف " من زيادة النساخ.

(٣) رواه السيد المرتضى في عيون المعجزات والسروى في المناقب على ما في التنقيح.

ونقله المجلسى في البحار ج ١٢ ص ١٢٠.

١٠٤

عن الحسين بن خالد قال: سألت أبا الحسن موسى بن جعفرعليه‌السلام عن مهر السنة كيف صار خمسمائة درهم؟ فقال: إن الله تبارك وتعالى أوجب على نفسه أن لا يكبره مؤمن مائة تكبيرة ويسبحه مائة تسبيحة ويحمده مائة تحميدة ويهلله مائة تهليلة ويصلي على محمد وآل محمد مائة مرة ثم يقول: اللهم زوجني من حور العين إلا زوجه حوراء وجعل ذلك مهرها فمن ثم أوحى الله إلى نبيه أن سن مهر المؤمنات خمسمائة ففعل ذلك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .(١) محمد بن عبدالله عن بعض أصحابه قال: قلت لابي عبداللهعليه‌السلام : لم حرم الله الخمر والميتة والدم ولحم الخنزير؟ فقال: إن الله تبارك وتعالى لم يحرم ذلك على عباده وأحل لهم ما سواه من رغبة فيما حرم عليهم ولا رهبة فيما أحل لهم ولكنه خلق الخلق وعلم ما تقوم به أبدانهم وما يصلحهم فأحله لهم وأباحه لهم تفضلا منه عليهم لمصلحتهم وعلم ما يضرهم فنهاهم عنه و حرمه عليهم ثم أباحه للمضطر وأحله له في الوقت الذي لا يقوم بدنه إلا به فأمر أن ينال منه بقدر البلغة لا غير ذلك(٢) .

ثم قال: أما الميتة فإنها لا يدنوا منها أحد ولا يأكل إلا ضعف بدنه ونحل جسمه وذهبت قوته(٣) وانقطع نسله ولا يموت إلا فجأة، وأما الدم فإنه يورث أكله الاصفر(٤) ويبخر الفم وينتن الريح ويسيئ الخلق ويورث الكلب(٥) والقسوة للقلب وقلة الرأفة والرحمة حتى لا يؤمن أن يقتل ولده ووالديه ولا يؤمن على حميمه وعلى من صحبه.

وأما لحم الخنزير فإن الله مسخ قوما في صورة شئ شبه الخنزير والقرد والدب وكان من الامساخ ثم نهى عن أكل مثله لكي لا ينتفع بها ولا يستخف بعقوبته.

__________________

(١) رواه الكلينى في الكافى المجلد الخامس ص ٣٧٦.وفيه عن عمرو بن عثمان الخزاز عن رجل عن الحسين بن خالد.ورواه الصدوق في العلل ص ١٧٠ وفيه على ابراهيم عن ابيه عن على بن معبد عن الحسين بن خالد ورواه ايضا في العيون في باب علل الاشياء.

(٢) البلغة - بالضم -: ما تبلغ به من العيش. (النهاية)

(٣) في بعض النسخ [ وأوهنت قوته ].

(٤) ولعل المراد بالماء الاصفر الاستسقاء.

(٥) الكلب - بالتحريك -: داء يعرض الانسان شبه الجنون. (النهاية)

١٠٥

وأما الخمر فإنه حرمها لفعلها وفسادها وقال: إن مدمن الخمر كعابد وثن ويورثه الارتعاش ويذهب بقوته ويهدم مروء‌ته ويحمله على أن يجسر على المحارم من سفك الدماء و ركوب الزنا ولا يؤمن إذا سكر ان يثب على حرمه(١) .

محمد بن الحسين أحمد بن الوليد، عن الحسن بن متيل، عن إبراهيم بن إسحاق النهاوندي، عن محمد بن سليمان الديلمي، عن أبي سليم الديلمي، عن أبي بصير(٢) قال: أتيت أبا عبداللهعليه‌السلام بعد أن كبرت سني وقد أجهدني النفس فقال: يا أبا محمد ما هذا النفس؟ فقلت له: جعلت فداك كبر سني ورق عظمي واقترب أجلي مع أني لست أدري ما أصير إليه في آخرتي، فقال: يا أبا محمد إنك لتقول هذا القول؟ فقلت: جعلت فداك كيف لا أقوله؟ فقال: أما علمت أن الله تبارك وتعالى يكرم الشباب منكم ويستحيي من الكهول؟ قلت: جعلت فداك كيف يكرم الشباب منا ويستحيى من الكهول؟ قال: يكرم الشباب منكم أن يعذبهم ويستحيي من الكهول أن يحاسبهم، فهل سررتك؟ قال قلت: جعلت فداك زدني فإنا قد نبزنا نبزا(٣) انكسرت له ظهورنا وماتت له أفئدتنا واستحلت به الولاة دماء‌نا في حديث رواه فقهاؤهم هؤلاء، قال: فقال: الرافضة؟ قلت: نعم، قال: لا والله ما هم سموكم بل الله سماكم، أما علمت أنه كان مع فرعون سبعون رجلا من بني إسرائيل يدينون بدينه فلما استبان لهم ضلال فرعون وهدى موسى رفضوا فرعون ولحقوا بموسى فكانوا في عسكر موسى أشد أهل ذلك العسكر عبادة وأشدهم اجتهادا إلا أنهم رفضوا فرعون فأوحى الله إلى موسى أن أثبت لهم هذا الاسم في التوراة فإني قد نحلتهم ثم ذخر الله هذا الاسم حتى

__________________

(١) رواه الكلينى في الكافى كتاب الاطعمة الحديث الاول.ورواه الصدوق في العلل ص ١٦٥. وفى الامالى في المجلس الخامس والتسعين.ورواه العياشى في تفسيره على ما في ج ١ ص ٤٣٤ من تفسير البرهان ج ١٤ ص ٧٧٢ من البحار.وقوله " يثب على حرمه " الوثوب كناية عن الجماع. وزاد في جميع نسخ الحديث بعد قوله: " على حرمه " " وهو لا يعقل ذلك والخمر لا يزداد صاحبها الا كل شر ".

(٢) هو أبومحمد يحيى بن القاسم الاسدى الكوفى من أصحاب الصادق والكاظمعليهما‌السلام تابعى مات سنة خمسين ومائة بعد أبى عبداللهعليه‌السلام . وقد يطلق على ليث بن البخترى والظاهر المراد ههنا الاول.

(٣) النبز: اللمز بما يقبح ومنه قوله تعالى: " لا تنابزو بالالقاب ". - وبالتحريك -: اللقب

١٠٦

سماكم به إذ رفضتم فرعون وهامان وجنودهما واتبعتم محمدا وآل محمد يا أبا محمد فهل سررتك؟ قال: قلت جعلت فداك زدني، قال: افترق الناس كل فرقة واستشيعوا كل شيعة فاستشيعتم مع أهل بيت نبيكم فذهبتم حيث ذهب الله واخترتم ما اختار الله وأحببتم من أحب الله وأردتم من أراد الله فأبشروا ثم ابشروا فأنتم والله المرحومون المتقبل من محسنكم و المتجاوز عن مسيئكم من لم يلق الله بمثل ما أنتم عليه لم يتقبل [ الله ] منه حسنة ولم يتجاوز عنه سيئة، فهل سررتك يا أبا محمد؟ قال؟ قلت: جعلت فداك زدني، فقال: إن الله وملائكته يسقطون الذنوب عن ظهور شيعتنا كما يسقط الريح الورق عن الشجر في أوان سقوطه وذلك قول الله تعالى:( والملائكة يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون لمن في الارض (١) ) فاستغفارهم والله لكم دون هذا العالم، فهل سررتك يا أبا محمد؟ قال: قلت: جعلت فداك زدني، فقال: لقد ذكركم الله في كتابه فقال:( من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا (٢) ) والله ما عنى غيركم إذ وفيتم فيما أخذ عليكم ميثاقكم من ولايتنا وإذ لم تبدلوا بنا غيرنا ولو فعلتم لعيركم الله كما عير غيركم في كتابه إذ يقول:( وما وجدنا لاكثرهم من عهد وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين (٣) ) ، فهل سررتك يا أبا محمد؟ قال: قلت: جعلت فداك زدني، قال: لقد ذكركم الله في كتابه فقال:( الاخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين (٤) ) فالخلق والله غدا أعداء غيرنا وشيعتنا، وما عنى بالمتقين غيرنا وغير شيعتنا، فهل سررتك يا أبا محمد؟.

__________________

(١) الشورى: ٣ أى ينزهونه تعالى عما لا يجوز عليه من الصفات متلبسا بحمد ربهم.

(٢) الاحزاب: ٢٣. والنحب: الموت والنذر. و " قضى نحبه " أى أدرك ما تمنى من الموت أو القتل فذلك قضاء النحب.

(٣) الاعراف: ١٠٢. " ان وجدتا " " إن " مخففة من المثقلة واللام للفارقة أى علمنا وعند الكوفيين " ان " للنفى واللام بمعنى الا.

(٤) الزخرف: ٦٧.

١٠٧

قال: قلت: جعلت فداك زدني، فقال: لقد ذكركم الله في كتابه فقال:( ومن يطع الله والرسول فاولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا ) (١) فمحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم النبيين ونحن الصديقون والشهداء وأنتم الصالحون، فتسموا بالصلاح كما سماكم الله فوالله ما عنى غيركم، فهل سررتك يا أبا محمد؟ قال: قلت: جعلت فداك زدني، فقال: لقد جمعنا الله وولينا وعدونا في آية من كتابه فقال: قل يا محمد:( هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر اولوا الالباب (٢) ) فهل سررتك يا أبا محمد؟ قال: قلت: جعلت فداك زدني، قال: فقال: لقد ذكركم الله في كتابه فقال:( وقالوا ما لنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الاشرار (٣) ) فأنتم في النار تطلبون وفي الجنة والله تحبرون(٤) فهل سررتك يا أبا محمد؟.

قال: قلت: جعلت فداك زدني، قال: فقال: لقد ذكركم الله في كتابه فأعاذكم من الشيطان فقال:( إن عبادي ليس لك عليهم سلطان ) (٥) والله ما عنى غيرنا وغير شيعتنا فهل سررتك يا أبا محمد؟ قال: قلت: جعلت فداك زدني، قال: والله لقد ذكركم الله في كتابه فأوجب لكم المغفرة فقال:( يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا (٦) ) قال: قلت: جعلت فداك ليس هكذا نقرؤه إنما نقرء " يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا(٧) " قال: يا أبا محمد فإذا

__________________

(١) النساء: ٧١، وقوله تعالى " رفيقا " تميز ولذلك لم يجمع.قوله " فمحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم النبيين " كذا في نسخة من النسختين وفى الاخرى " فمحمد وأهل بيتهعليهم‌السلام في هذا الموضع النبيين " وعلى كلتا النسختين " النبيين " كان على سبيل الحكاية.

(٢) الزمر: ٩. وروى البرقى في المحاسن في حديث قالعليه‌السلام : " نحن الذين يعلمون وعدونا الذين لا يعلمون وشيعتنا اولوا الالباب ".

(٣) ص: ٦٢.

(٤) أى تكرمون وتتنعمون وتسرون.

(٥) الحجر: ٤٢. والاسراء ٦٥.

(٦) الزمر: ٥٣.

(٧) هكذا في النسختين وليست هذه الزيادة في منقوله في البحار ولا في روضة الكافى وعلى فرضه لعل المراد انا فهمنا من الاية أن الله يغفر ذنوب الجميع فاجابعليه‌السلام أنه اذا غفر الله ذنوب جميع الخلق فمن يعذب بعدئذ. والعلم عند الله

١٠٨

غفر الله الذنوب جميعا فمن يعذب، والله ما عنى غيرنا وغير شيعتنا، وإنها لخاصة لنا ولكم فهل سررتك يا أبا محمد؟ قال: قلت: جعلت فداك زدني، قال: والله ما استثنى الله أحدامن الاوصياء ولا أتباعهم ما خلا أمير المؤمنينعليه‌السلام وشيعته إذ يقول:( يوم لا يغني مولى عن مولى شيئا ولا هم ينصرون * إلا من رحم الله إنه هو العزيز الرحيم (١) ) والله ما عنى بالرحمة غير أمير المؤمنينعليه‌السلام وشيعته، فهل سررتك يا أبا محمد؟ قال: قلت: جعلت فداك زدني، قال: قال علي بن الحسينعليهما‌السلام ليس على فطرة الاسلام غيرنا وغير شيعتنا وسائر الناس من ذلك براء فهل شفيتك يا أبا محمد(٢) .

أبوأحمد، عن رجل، عن أبي عبدالله أو أبي جعفرعليهما‌السلام قال: اجتمع رجلان يتغديان مع أحد ثلاثة أرغفة ومع واحد خمسة أرغفة قال: فمر بهما رجل فقال: السلام عليكما فقالا: وعليك السلام الغداء رحمك الله، فقال: فقعد وأكل معهما فلما فرغ قام فطرح إليهما ثمانية دراهم، فقال: هذه عوض لكما بما أكلت من طعامكما قال: فتنازعا بها فقال صاحب الثلاثة: النصف لي والنصف لك وقال صاحب الخمسة: لي خمسة بقدر خمستي ولك ثلاثة بقدر ثلاثتك، فأبيا وتنازعا حتى ارتفعا إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام فاقتصا عليه القصة فقال: إن هذا الامر الذي أنتما فيه دني ولا ينبغي أن ترفعا فيه إلى حكم، ثم أقبل عليعليه‌السلام إلى صاحب الثلاثة فقال: أرى أن صاحبك قد عرض عليك أن يعطيك ثلاثة وخبزه أكثر من خبزك فارض به، فقال: لا والله يا أمير المؤمنين لا أرضي إلا بمر الحق، قال: فإنما لك في مر الحق درهم فخذ درهما وأعطه سبعة، فقال: سبحان الله يا أمير المؤمنين عرض علي ثلاثة فأبيت وآخذ واحدا؟ ! قال: عرض ثلاثة للصلح فحلفت أن لا ترضى إلا بمر الحق وإنما لك بمر الحق درهم، قال: فأوقفني على هذا، قال: أليس تعلم أن ثلاثتك تسعة أثلاث؟ قال: بلى، قال: أوليس تعلم أن خمسته خمسة عشر ثلثا؟ قال: بلى

__________________

(١) الدخان: ٤٢ و ٤٣.

(٢) رواه الكلينى في روضة الكافى ص ٣٣. ونقله المجلسى من الاختصاص في المجلد الحاديعشر ص ٢٢٣. وقوله: " براء " - ككرام - وفى بعض النسخ [ برآء ] - كفقهاء - وكلاهما جمع برئ.

١٠٩

قال: فذلك أربعة وعشرون ثلثا، أكلت أنت ثمانية وأكل الضيف ثمانية وأكل هو ثمانية فبقي من تسعتك واحد أكله الضيف وبقي من خمسة عشره سبعة أكلها الضيف فله بسبعته سبعة ولك بواحدك الذي أكله الضيف واحد(١) .

حديث أمير المؤمنينعليه‌السلام مع ابليس

القاسم بن محمد الهمداني قال: حدثني أبوإسحاق إبراهيم بن محمد بن [ أحمد بن ] إبراهيم الكوفي قال: حدثنا أبوالحسين يحيى بن محمد الفارسي، عن أبيه، عن أبي عبدالله، عن أبيهعليهما‌السلام عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه قال: خرجت ذات يوم إلى ظهر الكوفة وبين يدي قنبر فقلت له: يا قنبر ترى ما أرى؟ فقال ضوء الله عزوجل لك يا أمير المؤمنين عما عمى عنه بصري، فقلت: يا أصحابنا ترون ما أرى؟ فقالوا: لا قد ضوء الله لك يا أمير المؤمنين عما عمى عنه أبصارنا، فقلت: والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لترونه كما أراه و لتسمعن كلامه كما أسمع فما لبثنا أن طلع شيخ عظيم الهامة، مديد القامة، له عينان بالطول فقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته فقلت: من أين أقبلت يا لعين؟ قال: من الانام فقلت: وأين تريد؟ قال: الانام، فقلت: بئس الشيخ أنت، فقال: لم تقول هذا يا أمير المؤمنين؟ فوالله لاحدثنك بحديث عني عن الله عزوجل ما بيننا ثالث، فقلت: يا لعين عنك عن الله عزوجل ما بينكما ثالث؟ قال: نعم إنه لما هبطت بخطيئتي إلى السماء الرابعة ناديت إلهي وسيدي ما أحسبك خلقت خلقا هو أشقى مني؟ فأوحى الله تبارك وتعالى: بلى قد خلقت من هو أشقى منك فانطلق إلى مالك يريكه، فانطلقت إلى مالك فقلت: السلام يقرء عليك السلام ويقول: أرني من هو أشقى مني فانطلق بي مالك إلى النار فرفع الطبق الاعلى فخرجت نار سوداء ظننت أنها قد أكلتني وأكلت مالكا فقال لها: اهدئي فهدأت ثم انطلق بي إلى الطبق الثاني فخرجت نار هي أشد من تلك سوادا وأشد حمى فقال لها: أخمدي فخمدت إلى أن انطلق بي إلى

__________________

(١) رواه الكلينى في باب النوادر من كتاب القضايا من الكافى الحديث العاشر. ورواه المؤلف أيضا في الارشاد فصل قضايا علىعليه‌السلام . ونقله المجلسى في البحار ج ٢٤ ص ١٥ من الاختصاص.

١١٠

الطبق السابع وكل نار تخرج من طبق هي أشد من الاولى فخرجت نار ظننت أنها قد أكلتني وأكلت مالكا وجميع ما خلقه الله عزوجل فوضعت يدي على عيني وقلت: مرها يا مالك أن تخمد وإلا خمدت، فقال: إنك لن تخمد إلى الوقت المعلوم فأمرها فخمدت فرأيت رجلين في أعناقهما سلاسل النيران معلقين بها إلى فوق وعلى رؤوسهما قوم معهم مقامع النيران يقمعونهما بها، فقلت: يا مالك من هذان؟ فقال: أوما قرأت على ساق العرش و كنت قبل قد قرأته قبل أن يخلق الله الدنيا بألفي عام لا إله إلا الله محمد رسول الله أيدته ونصرته بعلي، فقال: هذان من أعداء اولئك أو ظالميهم - الوهم من صاحب الحديث.(١)

باب القياس

المعلى بن محمد [ بن جعفر ]، عن بعض أصحابنا يرفعه إلى أبي عبداللهعليه‌السلام قال: إن أول من قاس إبليس فقال: خلقتني من نار وخلقته من طين ولو علم إبليس ما جعل الله في آدم لم يفتخر عليه.

ثم قال: إن الله عزوجل خلق الملائكة من النور وخلق الجان من النار وخلق الجن - صنفا من الجان - من الريح وخلق صنفا من الجن من الماء وخلق آدم من صفحة الطين ثم أجرى في آدم النور والنار والريح والماء فبالنور أبصر وعقل وفهم وبالنار أكل وشرب ولولا أن النار في المعدة لم تطحن المعدة الطعام ولولا أن الريح في جوف ابن آدم يلهب نار المعدة لم يلتهب، ولولا أن الماء في جوف ابن آدم يطفئ حر نار المعدة لاحرقت النار جوف ابن آدم، فجمع الله ذلك في آدم الخمس الخصال و كانت في إبليس خصلة فافتخر بها على آدمعليه‌السلام (٢) .

مناظرة مؤمن الطاق مع أبى حنيفة في الطلاق

يعقوب بن يزيد البغدادي، عن محمد بن أبي عمير قال: قال أبوحنيفة لابي جعفر مؤمن الطاق: ما تقول في الطلاق الثلاث؟ قال: أعلى خلاف الكتاب والسنة؟ قال: نعم، قال أبوجعفر: لا يجوز ذلك، قال أبوحنيفة: ولم لا يجوز ذلك؟ قال: لان التزويج عقد بالطاعة ولا يحل بالمعصية، وإذا لم يجز

__________________

(١) نقله المجلسى من الكتاب في البحار ص ٣٨٨ من المجلد التاسع.

(٢) نقله المجلسى في البحار ج ١٤ ص ٤٧٧ من الاختصاص.

١١١

التزويج بجهة المعصية لم يجز الطلاق بجهة المعصية وفى إجازة ذلك طعن على الله عزوجل فيما أمر به وعلى رسوله فيما سن، لانه إذا كان العمل بخلافهما فلا معنى لهما وفي قولنا من شذ عنهما رد إليهما وهو صاغر.

قال أبوحنيفة: قد جوز العلماء ذلك، قال أبوجعفر: بئس العلماء الذين جوزوا للعبد العمل بالمعصية و استعمال سنة الشيطان في دين الله ولا عالم أكبر من الكتاب والسنة، فلم تجوزون للعبد الجمع بين ما فرق الله من الطلاق الثلاث في وقت واحد ولا تجوزون له الجمع بين ما فرق الله من الصلوات الخمس؟ وفي تجويز ذلك تعطيل الكتاب وهدم السنة، وقد قال الله عز وجل:( ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه ) (١) المتعدي لحدود الله بإفراقه.

ما تقول يا أبا حنيفة في رجل طلق امرأته على سنة الشيطان، أيجوز له ذلك الطلاق؟ قال أبوحنيفة: خالف السنة وبانت منه امرأته وعصى ربه، قال أبوجعفر: فهو كما قلنا إذا خالف سنة الله عمل بسنة الشيطان ومن أمضى سنته فهو على ملته ليس له في دين الله نصيب، قال أبوحنيفة: هذا عمر بن الخطاب وهو من أفضل أئمة المسلمين، قال: إن الله جل ثناؤه جعل لكم في الطلاق أناة فاستعجلتموه وأجزنا لكم ما استعجلتموه.(٢) قال أبوجعفر: إن عمر كان لا يعرف أحكام الدين، قال أبوحنيفة: وكيف ذلك؟ قال أبوجعفر: ما أقول فيه ما تنكره، أما أول ذلك فإنه قال: لا يصلي الجنب حتى يجد الماء ولو سنة والامة على خلاف ذلك.

وأتاه أبوكيف العائذي(٣) فقال: يا أمير المؤمنين إني غبت فقدمت وقد تزوجت امرأتي؟ فقال: إن كان قد دخل بها فهو أحق بها وإن لم يكن دخل بها فأنت أولى بها وهذا حكم لا يعرف، والامة على خلافه.

وقضى في رجل غاب عن أهله أربع سنين أنها تتزوج إن شاء‌ت والامة على خلاف ذلك، إنها لا تتزوج أبدا حتى تقوم البينة أنه مات أو كفر أو طلقها.

__________________

(١) الطلاق: ٢.

(٢) نقله الحجة الامينى في الغدير المجلد السادس ص ١٧٨ الطبع الثانى من مسند أحمد ج ١ ص ٣١٤ وصحيح مسلم ج ١ ص ٥٧٤ وسنن البيهقي ج ٧ ص ٣٣٦ ومستدرك الحاكم ج ٢ ص ١٩٦.وتفسير القرطبى ج ٣ ص ١٣٠.

(٣) في بعض النسخ [ ابوكيف العابدى ].

١١٢

وإنه قتل سبعة نفر من أهل اليمن برجل واحد، وقال: لولا ما عليه أهل صنعاء لقتلتهم به.

والامة على خلافه.

واتي بامرأة حبلى شهدوا عليها بالفاحشة فأمر برجمها، فقال له عليعليه‌السلام : إن كان لك السبيل عليها فما سبيلك على ما في بطنها، فقال: لولا علي لهلك عمر.

واتي بمجنونة وقد زنت فأمر برجمها، فقال له عليعليه‌السلام : أما علمت أن القلم قد رفع عنها حتى تصح، فقال: لولا علي لهلك عمر.

وإنه لم يدر الكلالة فسأل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأخبره بها فلم يفهم عنه فسأله ابنته حفصة أن تسأل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن الكلالة فسألته، فقال لها: أبوك أمرك بهذا؟ قالت: نعم، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لها: إن أباك لا يفهمها حتى يموت، فمن لم يعرف الكلالة كيف يعرف أحكام الدين(١) .

جزء فيه اخبار من روايات اصحابنا وغيرهم

روي عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ما من أهل بيت يدخل واحد منهم الجنة إلا دخلوا أجمعين الجنة قيل: وكيف ذلك؟ قال: يشفع فيهم فيشفع حتى يبقى الخادم فيقول يا رب خويدمتي قد كانت تقيني الحر والقر فيشفع فيها.(٢) وروي(٣) ما من أهل بيت إلا وفيهم نجيب وأنجب النجباء من أهل بيت النبوة.

وروي أن للمنافق أربع علامات: قساوة القلب، وجمود العين، والاصرار على الذنب، والحرص على الدنيا.(٤) حدثني سهل بن زياد الادمي قال: حدثني عروة بن يحيى، عن أبي سعيد المدائني قال: قلت لابي عبداللهعليه‌السلام : ما معنى قول الله عزوجل في محكم كتابه:( وما كنت بجانب

__________________

(١) نقله المجلسى من الكتاب في البحار المجلد الرابع ص ١٤٤.

(٢) رواه العياشى في تفسيره ونقل منه المجلسى في المجلد الثالث من البحار ص ٣٠٧. و أيضا في ص ٣٠٥ من الاختصاص. والقر: البرد.

(٣) أى عن الصادقعليه‌السلام .

(٤) نقله المجلسى في البحار الجزء الثالث من المجلد الخامس عشر ص ٢٣. وروى الصدوق في الخصال أبواب الاربعة من علامات الشقاء جمود العين. الحديث.

١١٣

الطور إذ نادينا ) (١) فقال:عليه‌السلام كتابا لنا كتبه الله يا أبا سعيد في ورق قبل أن يخلق الخلائق بألفي عام صيره معه في عرشه أو تحت عرشه فيه يا شيعة آل محمد أعطيتكم قبل أن تسألوني، وغفرت لكم قبل أن تستغفروني، من أتاني منكم بولاية آل محمد أسكنته جنتي برحمتي.(٢) حدثني محمد بن جعفر بن أبي شاكر، عمن حدثه، عن بعض الرجال، عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: جزى الله المعروف إذا لم يكن يبدأ عن مسألة فأما إذا أتاك أخوك في حاجة كاد يرى دمه في وجهه مخاطرا لا يدري أتعطيه أم تمنعه، فوالله ثم والله لو خرجت له من جميع ما تملكته ما كافيته.(٣) بسم الله الرحمن الرحيم حدثني أبوبكر محمد بن إبراهيم العلاف الهمداني بهمدان قال: حدثنا عبدالله بن محمد بن جعفر بن موسى بن شاذان البزاز قال: حدثنا أبوعبدالله الحسين بن محمد بن سعيد البزاز المعروف بابن المطبقي، وجعفر الدقاق قالا: حدثنا أبوالحسن محمد بن الفيض بن فياض الدمشقي بدمشق قال: حدثنا إبراهيم بن عبدالله ابن أخي عبد الرزاق قال: حدثنا عبدالرزاق بن همام الصنعاني قال: حدثنا معمر بن راشد قال: حدثنا محمد بن المنكدر، عن أبيه، عن جده قال: لما قدم السيد والعاقب اسقفا نجران في سبعين راكبا وافدا على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كنت معهم فبينا كرز يسير - وكرز صاحب نفقاتهم - إذ عثرت بغلته فقال: تعس من نأتيه الابعد يعني النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٤) فقال له صاحبه وهو العاقب: بل تعست وانتكست(٥)

__________________

(١) القصص: ٤٦.

(٢) نقله المجلسى من الكتاب في البحار الجزء الاول ص ١١٩ من المجلد الخامس عشر.

(٣) روى نحوه الكلينى في الكافى ج ٤ ص ٢٣.

(٤) التعس: الهلاك والعثار والسقوط والشر والانحطاط. والفعل كمنع وسمع. فاذا خاطبت قلت: تعست - كمنعت - واذا حكيت قلت: تعس - كسمع -. وفى بعض نسخ الحديث [ فقال كرز: تعس الابعد يعنى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ] والابعد: الخائن والمتباعد من الخير.

(٥) انتكس فلان أى وقع على رأسه.

١١٤

فقال: ولم ذلك؟ قال: لانك أتعست النبي الامي أحمد، قال: وما علمك بذلك؟ قال: أما تقرأ من المفتاح الرابع(١) من الوحي إلى المسيح أن قل لبني إسرائيل: ما أجهلكم تتطيبون بالطيب لتطيبوا به في الدنيا عند أهلها وأهلكم وأجوافكم عندي كالجيفة المنتنة يا بني إسرائيل آمنوا برسولي النبي الامي الذي يكون في آخر الزمان صاحب الوجه الاقمر والجمل الاحمر المشرب بالنور، ذي الجناب الحسن والثياب الخشن، سيد الماضين عندي وأكرم الباقين علي، المستن بسنتي، والصائر في دارجتي، والمجاهد بيده المشركين من أجلي، فبشر به بني إسرائيل ومر بني إسرائيل أن يعزروه وأن ينصروه، قال عيسى صلى الله عليه: قدوس قدوس، من هذا العبد الصالح الذي قد أحبه قلبي ولم تره عيني؟ قال: هو منك وأنت منه وهو صهرك على امك، قليل الاولاد، كثير الازواج، يسكن مكة من موضع أساس وطى إبراهيم، نسله من مباركة وهي ضرة امك في الجنة، له شأن من الشأن، تنام عيناه ولا ينام قلبه، يأكل الهدية ولا يقبل الصدقة، له حوض من شفير زمزم إلى مغيب الشمس(٢) حيث يغرب، فيه شرابان من الرحيق والتسنيم،(٣) فيه أكاويب عدد نجوم السماء، من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبدا وذلك بتفضيلي إياه على سائر المرسلين، يوافق قوله فعله وسريرته علانيته، فطوبى له وطوبى لامته، الذين على ملته يحيون وعلى سنته يموتون ومع أهل بيته يميلون، آمنين مؤمنين مطمئنين مباركين ويظهر في زمن قحط وجدب فيدعوني، فترخى السماء عزاليها(٤) حتى يرى أثر بركاتها في أكنافها، وابارك فيما يضع فيه يده، قال: إلهي سمه، قال: نعم هو أحمد وهو محمد رسولي إلى الخلق كافة، وأقربهم مني منزلة وأحضرهم عندي شفاعة، لا يأمر إلا بما احب وينهى لما أكره.

__________________

(١) في بعض النسخ [ من المصباح الرابع ].

(٢) في بعض النسخ [ مغرب الشمس ].

(٣) التسنيم هو عين في الجنة وهو اشرف شراب في الجنة.

(٤) الجدب - كالقتل - مصدر: ضد الخصب. وأصابهم الجدب أى الفقر والقحط. " فترخى السماء عزاليها " اشارة إلى شدة وقع المطر. والعزالى جمع عزلاء وهى مصب الماء من القربة ونحوها.

١١٥

قال له صاحبه: فأنى تقدم بنا على من هذه صفته(١) ؟ قال: نشهد أحواله وننظر آياته فإن يكن هو هو ساعدناه بالمسالمة ونكفه بأموالنا عن أهل ديننا من حيث لا يشعر بنا وإن يكن كاذبا كفيناه بكذبه على الله عزوجل، قال: ولم إذا رأيت العلامة لا تتبعه؟ قال: أما رأيت ما فعل بنا هؤلآء القوم أكرمونا، ومولونا ونصبوا لنا الكنائس وأعلوا فيه ذكرنا، فكيف تطيب النفس بالدخول في دين يستوي فيه الشريف والوصيع، فلما قدموا المدينة قال من رآهم من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ما رأينا وفدا من وفود العرب كانوا أجمل منهم، لهم شعور وعليهم ثياب الحبر، وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم متناء عن المسجد فحضرت صلاتهم فقاموا فصلوا في مسجد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تلقاء المشرق فهم بهم رجال من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بمنعهم، فأقبل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال: دعوهم فلما قضوا صلاتهم جلسوا إليه وناظروه، فقالوا: يا أبا القاسم حاجنا في عيسى، قال: هو عبدالله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، فقال أحدهما: بل هو ولده وثاني اثنين وقال آخر: بل هو ثالث ثلاثة: أب وابن وروح القدس وقد سمعناه في قرآن نزل عليك يقول: فعلنا وجعلنا وخلقنا ولو كان واحدا لقال: خلقت وجعلت وفعلت فتغشى النبىصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الوحي فنزل عليه صدر سورة آل عمران إلى قوله رأس الستين منها " فمن حاجك فيه من بعد ما جاء‌ك من العلم فقل تعالوا ندع أبناء‌نا وأبناء‌كم ونساء‌نا ونساء‌كم وأنفسنا وأنفسكم - إلى آخر الآية - " فقص عليهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم القصة وتلا عليهم القرآن فقال بعضهم لبعض: قد والله أتاكم بالفصل من خبر صاحبكم.

فقال لهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إن الله عزوجل قد أمرني بمباهلتكم، فقالوا: إذا كان غدا باهلناك فقال القوم بعضهم لبعض: حتى ننظر بما يباهلنا غدا بكثرة أتباعه من أوباش الناس أم بأهله من أهل الصفوة والطهارة(٢) ؟ فإنهم وشيج الانبياء وموضع نهلهم(٣) فلما كان

__________________

(١) في بعض النسخ [ فأين تعدينا على من هذه صفته ].

(٢) في بعض النسخ [ أم بالقلة من أهل الصفوة والطهارة ].

(٣) الوشيج هو ما التف من الشجر والوشيجة: عرق الشجرة وليف يفتل ثم يشد به ما يحمل والوشيج جمع وشيجة ووشجت العروق والاغصان: اشتبكت وفى القاموس الوشيج: اشتباك القرابة والواشجة: الرحم المشتبكة.

١١٦

من غد غدا النبىصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بيمينه علي وبيساره الحسن والحسينعليهما‌السلام ومن ورائهم فاطمة صلى الله عليها، عليهم النمار النجرانية(١) وعلى كتف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كساء قطواني رقيق خشن ليس بكثيف ولا لين،(٢) فأمر بشجرتين فكسح ما بينهما(٣) ونشر الكساء عليهما وأدخلهم تحت الكساء وأدخل منكبه الايسر معهم تحت الكساء، معتمدا على قوسه النبع(٤) ورفع يده اليمنى إلى السماء للمباهلة واشرأب الناس ينظرون واصفر لون السيد والعاقب وكرا حتى كاد أن يطيش عقولهما، فقال أحدهما لصاحبه: أنباهله؟ قال: أوما علمت أنه ما باهل قوم قط نبيا فنشأ صغيرهم [ أ ] وبقي كبيرهم ولكن أره أنك غير مكترث وأعطه من المال والسلاح ما أراد، فإن الرجل محارب وقل له: أبهؤلاء تباهلنا لئلا يرى أنه قد تقدمت معرفتنا بفضله وفضل أهل بيته، فلما رفع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يده إلى السماء للمباهلة قال: أحدهما لصاحبه: وأي رهبانية؟ ! دارك الرجل، فإنه إن فاه ببهلة لم نرجع إلى أهل ولا مال، فقالا: يا أبا القاسم أبهؤلاء تباهلنا؟ قال: نعم، هؤلاء أوجه من على وجه الارض بعدي إلى الله عزوجل وجهة وأقربهم إليه وسيلة، قال: فبصبصا(٥) يعني ارتعدوا وكرا وقالا له: يا أبا القاسم نعطيك ألف سيف وألف درع وألف حجفة وألف دينار كل عام على أن الدرع والسيف والحجفة عندك إعارة حتى يأتي من وراء‌نا من قومنا فنعلمهم بالذي رأينا و شاهدنا فيكون الامر على ملاء منهم فإما الاسلام وإما الجزية وإما المقاطعة في كل عام، فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : قد قبلت ذلك منكما أما والذي بعثني بالكرامة لو باهلتموني بمن تحت الكساء لاضرم الله عزوجل عليكم الوادي نارا تأجج حتى يساقها إلى من وراء‌كم في أسرع من طرفة العين فأحرقتم تأججا، فهبط عليه جبرئيل الروح الامينعليه‌السلام فقال:

يا محمد الله يقرئك السلام ويقول لك: وعزتي وجلالي وارتفاع مكاني لو باهلت بمن تحت الكساء أهل السماوات وأهل الارض لساقطت السماء كسفا متهافتة ولتقطعت الارضون زبرا سائحة فلم

__________________

(١) النمرة - كفرحة -: الحبرة، وشملة فيها خطوط بيض وسود. (القاموس).

(٢) القطوان - بالتحريك وآخره نون موضع بالكوفة منه الاكسية. وفى بعض النسخ [ قرطف ] وفى القاموس القرطف - كجعفر -: القطيفة. وفى بعضها [ قرطق ] بالقافين وفى القاموس: القرطق - كجندب -: ليس معروف، معرب كرته.

(٣) كسح البيت: كنسه والشئ قطعه وأذهبه.

(٤) النبع - بتقديم النون على الباء الموحدة -: شجر للقسى وللسهام. (القاموس)

(٥) في اللغة: بصبص الكلب أى أدخل ذنبه بين رجليه، وبصبص فلان: تملق.

١١٧

تستقر عليها بعد ذلك، فرفع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يديه حتى رئي بياض إبطيه، ثم قال: وعلى من ظلمكم حقكم وبخسني الاجر الذي افترضه الله فيكم عليهم بهلة الله تتابع إلى يوم القيامة(١) .

حدثني محمد بن علي بن شاذان وقال: حدثنا أحمد بن يحيى النحوي أبوالعباس ثعلب قال: حدثنا أحمد بن سهل أبوعبدالرحمن قال: حدثنا يحيى بن محمد بن إسحاق بن موسى قال: حدثنا أحمد بن قتيبة أبوبكر، عن عبدالحكم القتيبي، عن أبي كيسة ويزيد بن رومان قالا: لما اجتمعت عائشة على الخروج إلى البصرة أتت ام سلمة رضي الله عنها وكانت بمكة فقالت: يا بنت أبي امية كنت كبيرة امهات المؤمنين وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقمؤ(٢) في بيتك، وكان يقسم لنا في بيتك، وكان ينزل الوحي في بيتك، قالت لها: يا بنت أبي بكر لقد زرتني وما كنت زوارة ولامر ما تقولين هذه المقالة؟ قالت: إن ابني وابن أخي أخبراني أن الرجل(٣) قتل مظلوما وأن بالبصرة مائة ألف سيف يطاعون، فهل لك أن أخرج أنا وأنت لعل الله أن يصلح بين فئتين مشاجرتين؟ فقالت: يا بنت أبي بكر أبدم عثمان تطلبين؟ فلقد كنت أشد الناس عليه وأن كنت لتدعينه بالتبري أم أمر ابن أبي طالب تنقضين فقد تابعه المهاجرون والانصار، إنك سدة بين رسول اللهعليه‌السلام وبين امته وحجابة مضروبة على حرمه، وقد جمع القرآن ذيلك فلا تبذخيه(٤) ، وسكني عقيراك فلا تضحى بها،

__________________

(١) أخرجه رضى الدين احمد بن ابى القاسم بن سعد الدين سيد بن طاووس في كتابه سعد السعود ص ٩١ عن كتاب تأويل ما انزل من القرآن الكريم في النبىصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تأليف ابى عبدالله محمد ابن العباس المعروف بالحجام بهذا السند أيضا.

(٢) في النهاية فيه أنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يقمؤ إلى منزل عائشة كثيرا. أى يدخل.

(٣) اريد به عثمان بن عفان.

(٤) البذخ - من باب تعب -: التكبر والفخر والعلو وباذخه فاخره وما يأتى من المؤلف من أنه بمعنى النفخ ليس في كتب اللغة ولعله استعمل في الاصل بهذا المعنى ثم استعمل في الكبر تجوزا ثم صار حقيقة فيه كما أشار اليه المجلسى. وفى رواية ابن أبى الحديد في شرح النهج " فلا تندحيه "وقال في شرحه: اى لا تفتحيه ولا توسيعه بالحركة والخروج، يقال: ندحت الشئ اذا وسعته، ومنه يقال: فلان في مندوحة عن كذا أى في وسعة. تريد قول الله تعالى: " وقرن في بيوتكن " في سورة الاحزاب: ٣٣. وفى بعض النسخ [ تبدحيه ] بالباء فأنه من البداح وهو المتسع من الارض. و عقيراك من عقر الدار وهو أصلها. وقولها: " وسكنى عقيراك فلا تضحى بها " في شرح النهج ومعانى الاخبار واحتجاج الطبرسى " وسكن عقيراك فلا تصحريها " أى لا تبرزيها، أو لا تجعليها بالصحراء وهو الاظهر.

١١٨

الله من وراء هذه الامة، قد علم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مكانك ولو أراد أن يعهد إليك فعل، قد نهاك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن الفراطة في البلاد(١) ، إن عمود الاسلام لا ترأبه النساء إن انثلم، ولا يشعب بهن إن انصدع(٢) حماديات النساء غض بالاطراف، وقصر الوهادة(٣) وما كنت قائله لو أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عرض لك ببعض الفلوات وأنت ناصة قلوصا من منهل إلى آخر، إن بعين الله مهواك وعلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تردين قد وجهت سدافته وتركت عهيداه،(٤)

__________________

(١) الفراطة في البلاد، السعى والذهاب كما يأتى معناه من المؤلف وفى شرح النهج والمعانى والاحتجاج " الفرطة " وقال ابن أبى الحديد: الفرطة في البلاد: اى عن السفر والشخوص من الفرط وهو السبق والتقدم، ورجل فارط أتى الماء أى سابق.

(٢) قولها: " عمود الاسلام لا ترأبه النساء ان انثلم " يعنى لا تصلحه اذا انشق وانصدع. و في شرح النهج " عمود الاسلام لا يثأب بالنساء ان مال ولا يرأب بهن ان صدع ".

وفى رواية المؤلف في كتاب الجمل " عمود الاسلام لا يقام بالنساء ان انثلم ولا يشعب بهن ان انصدع ".

(٣) كذا لكن الصحيح كما في شرح النهج " وحماديات النساء غض الاطراف وخفر الاعراض وقصر الوهازة " وفى معانى الاخبار " حماديات النساء غض الابصار وخفر الاعراض وقصر الوهازة ".وفى كتاب الجمل " غض الاطراف وخفر الاعطاف وقصر الوهادة وضم الذيول " وفى الاحتجاج " غض الاطراف وضم الذيول والاعطاف " وقال ابن أبي الحديد: غض الاطراف: جمعها.وقولها " خفر الاعراض " الخفر: الحياء والاعراض جمع عرض وهو الجسد، يقال: فلان طيب العرض أى طيب ريح البدن. وقال: ومن رواه الاعراض - بكسر الهمزة - جعله مصدرا من أعراض عن كذا.وقولها: " قصر الوهازة " قال ابن قتيبة: سألت عن هذا فقال لى من سألته: سألت عنه أعرابيا فصيحا فقال: الوهازة الخطوة. والوهادة يأتى معناها من المؤلف لكن لا مناسبة لها بسياق الكلام وإن كان في لسان العرب.

(٤) قال ابن ابى الحديد: ناصة قلوصا أى رافعة لها في السير. والنص: الرفع ومنه يقال: حديث منصوص أى مرفوع. والقلوص من النوق: الشابة وهى بمنزلة الفتاة من النساء.والمنهل: الماء ترده الابل.قولها: " إن بعين الله مهواك " أى ان الله يرى سيرك وحركتك.والهوى: الانحدار في السير من النجد إلى الغور.قولها: " وعلى رسوله تردين " أى تقدمين في القيامة.قولها: " وجهت سدافته " السدافة: الحجاب والستر، هى من أسدف الليل اذا ستر بظلمته كانها أرخى ستورا من الظلام، ويروى بفتح السين. و "وجهت " أى نظمتها بالخرز والوجيهة: خرزة معروفة وعادت العرب ان تنضم على المحمل خرزات اذا كان للنساء. قولها: " وتركت عهيداه " لفظة مصغرة مأخوذة من العهد مشابهة لما سلف من قولها: عقيراك. انتهى.وفى النهاية في حديث ام سلمة لعائشة " وتركت عهيداه " العهيدى - بالتشديد والقصر - فعيلى من العهد كالجهيدى من الجهد والعجيلى من العجلة.

١١٩

اقسم بالله لو سرت مسيرك هذا ثم قيل لي: ادخلي الفردوس لاستحييت أن ألقى محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هاتكة حجابا قد ضربه علي، اجعلي حصنك بيتك وقاعة الستر(١) قبرك حتى تلقيه وأنت على ذلك أطوع، ثم قالت: لو ذكرتك من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خمسا في علي صلوات الله عليه لنهشتني نهش الحية الرقشاء المطرقة ذات الحبب(٢) أتذكرين إذ كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقرع بين نسائه إذا أراد سفرا فأقرع بينهن فخرج سهمى وسهمك فبينا نحن معه وهو هابط من قديد(٣) ومعه عليعليه‌السلام ويحدثه فذهبت لتهجمي عليه فقلت لك: رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم معه ابن عمه ولعل له إليه حاجة فعصيتني ورجعت باكية فسألتك، فقلت: بأنك هجمت عليها فقلت له: يا علي إنما لي من رسول الله يوم من تسعة أيام وقد شغلته عني فأخبرتني أنه قال لك: أتبغضيه فما يبغضه أحد من أهلي ولا من امتي إلا خرج من الايمان أتذكرين هذا يا عائشة؟ قالت: نعم.

ويوم أراد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سفرا وأنا أجش له جشيشا(٤) فقال: ليت شعري أيتكن

__________________

(١) " قاعة الستر " يأتي معناها من المؤلف.

(٢) الحية الرقشاء: الافعى التى في ظهرها خطوط ونقط وتوصف بالاطراق كما يوصف به الاسد والنمر والرجل الشجاع.وذلك لان الحية تقع على الذكر والانثى كما قاله الجزرى ولعله كناية عن سمها او استغفالها وأخذها دفعة كما قاله المجلسىرحمه‌الله .والحبب تنضد الاسنان وفى بعض النسخ [ ذات الخبب ] ولعله تصحيف.

(٣) القديد - كزبير - اسم موضع قرب مكة. (مراصد الاطلاع).

(٤) جشه: دقه وكسره كأجشه. وبالعصا: ضربه بها، والجشيش: السويق وحنطة تطحن جليلا فتجعل في قدر ويلقى فيه لحم أو تمر فيطبخ. (القاموس)

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372