الحكايات

الحكايات0%

الحكايات مؤلف:
المحقق: السيد محمد رضا الحسيني الجلالي
الناشر: كنگره شيخ مفيد
تصنيف: مفاهيم عقائدية
الصفحات: 136

الحكايات

مؤلف: أبي عبد الله محمد بن محمد بن النعمان العكبرى البغدادى (الشيخ المفيد)
المحقق: السيد محمد رضا الحسيني الجلالي
الناشر: كنگره شيخ مفيد
تصنيف:

الصفحات: 136
المشاهدات: 35302
تحميل: 4613

توضيحات:

الحكايات
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 136 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 35302 / تحميل: 4613
الحجم الحجم الحجم
الحكايات

الحكايات

مؤلف:
الناشر: كنگره شيخ مفيد
العربية

ما ورد عن أئمة أهل البيت عليهم السلام من الاستدلالات، وفيها الكثير مما لم ينله السلفية من العامة لبعدهم عن الائمة عليهم السلام.

لكن المقلدة والسلفية يشتركون في أنهم لا يحاولون الاستدلال على شئ خارج عن النص، ولا يجتهدون في المزيد من البحث و الفكر فيما يرتبط بالعقائد.

والفرقة الثانية:

فأهل الحديث من العامة، هم " الاشاعرة " يلتزمون بالعقائد التي تدل عليها النصوص، ويفسرونها حسب ما تدل عليها العبارات من الظواهر المفهومة لهم، وبما يدركونه من المحسوسات، حتى ما ورد فيها من أسماء الاعضاء المضافة إلى اسم الله، كاليد، والرجل، والعين، والوجه، ولم يلجؤوا إلى تأويل ذلك عن ظاهره(١٤) ولذلك يسمون ب‍ " المشبهة ".

ويختلف الاشاعرة عن السلفية في تجويز هؤلاء البحث في الكلام، وقد كان أبو الحسن الاشعري - وهو زعيم الاشاعرة ومؤسس مذهبهم - من أوائل الرادين على دعوة ابن حنبل رئيس السلفية في النهي عن الكلام، إذ تصدى له في كتاب بعنوان " رسالة في استحسان الخوض في علم الكلام " قال فيه: " إن طائفة من الناس جعلوا الجهل رأس مالهم، وثقل عليهم النظر والبحث عن الدين، ومالوا إلى التخفيف والتقليد، وطعنوا على من فتش عن اصول الدين، ونسبوه إلى الضلال

____________________

(١٤) تأريخ الفرق الاسلامية - للغرابي -: ٢٩٧، و تاريخ المذاهب الاسلامية - لابي زهرة -: ١٨٦.

٢١

وزعموا أن الكلام... بدعة وضلالة " ثم تصدى لردهم بقوة(١٥)

أما أهل الحديث من الشيعة، و هم " الاخبارية " فيعتقدون بلزوم متابعة ما ورد في النصوص والاعتماد عليها، لكنهم يعتمدون على ما ورد في حديث أئمة أهل البيت عليهم السلام من تأويل و تفسير لتلك النصوص، كما يتبعون ما ورد عنهم من الاستدلالات العقلية، ولذلك فإنهم يؤولون النصوص التي ظاهرها إثبات اليد والوجه والعين لله تعالى، و ينفون التشبيه، تبعا لاهل البيت عليهم السلام(١٦) .

قال الشيخ الكركي (ت ١٠٧٦) - وهو من الاخبارية المتأخرين - عند البحث عن التقليد في اصول الدين: " والحق أنه لا مخلص من الحيرة إلا التمسك بكلام أئمة الهدى عليهم السلام، إما من باب التسليم، لمن قلبه مطمئن بالايمان، أو بجعل كلامهم أصلا تبنى عليه الافكار الموصلة إلى الحق، ومن تأمل نهج البلاغة، والصحيفة الكاملة، واصول الكافي، وتوحيد الصدوق، بعين البصيرة، ظهر له من أسرار التوحيد والمعارف الالهية ما لا يحتاج معه إلى دليل، وأشرق قلبه من نور الهداية ما يستغني به عن تكلف القال والقيل "(١٧) .

ويشترك الاشاعرة من العامة والاخبارية من الشيعة، في رفض المحاولات العقلية، والاحتجاجات الخارجة عن النص.

____________________

(١٥) وردت الرسالة كاملة في: مذاهب الاسلاميين - للبدوي - ١ / ١٥ - ٢٦.

(١٦) انظر: مقدمة " التوحيد " للصدوق: ص ١٧، طبعة طهران.

(١٧) هداية الابرار إلى طريق الائمة الاطهار: ١ - ٣٠٢.

٢٢

والفرقة الثالثة:

فالمعتمدون على العقل من العامة، وهم " المعتزلة " يفترقون عن " الفقهاء " من الشيعة، في جهات عديدة كما سيأتي، وإن اشتركوا في اعتمادهم على العقل كمصدر للعقائد.

٢٣

٤ - الخلط بين المذاهب

والتشابه الكبير بين الشيعة من كل فرقة والعامة منها، أصبح منشأ لاتهام كل منهما بالاخذ من الآخر، أو للخلط بين كل من المذهبين، أو نسبة اراء كل منهما إلى الاخر، باعتبار أن منهجهما الكلامي واحد، ويلتزمان في الفكر بمصدر واحد(١٨) .

وعلى أساس من هذا الخلط، قد يسوي البعض بين أهل الحديث من العامة، وبين أهل الحديمث من الشيعة، باعتبار اعتمادهم على الحديث مصدرا للمعتقدات الكلامية، غفلة عن الفوارق المهمة الاخرى التي ذكرناها.

فإن أهل الحديث من العامة، يرفضون التأويل في النصوص، بينما أهل الحديث من الشيعة يلتزمون بالتأويل بالمقدار الموجود في أحاديث أهل البيت عليهم السلام.

والتزامهم بالتأويل - ولو بهذا المقدار منه - سبب اتهامهم بأنهم من المعتزلة، لان هؤلاء أيضا يلتزمون بتأويل الظواهر، غفلة عن أن المعتزلة يختلفون عن أهل الحديث من الشيعة في جهات عديدة - بعد الامامة - أهمها اختلاف المنهج الفكري، حيث يعتمد أهل الحديث من

____________________

(١٨) انظر: مقدمة " أوائل المقالات " - بقلم الزنجاني - ١٢ طبعة النجف.

٢٤

الشيعة على النصوص، بينما المعتزلة يلتزمون بالعقل مصدرا للفكر والعقيدة، كما ذكرنا.

وقد تكال هذه التهم عن علم بالواقع، وعمد للامر، لغرض تشويه سمعة الفرقة المتهمة، أو إثارة الفتن والاحن بين المذاهب المختلفة.

ومن ذلك الخلط بين المعتزلة وهم العامة من الفرقة الثالثة، وبين الفقهاء وهم الشيعة.

فمن لم يحدد المناهج الفكرية، ولم يقف على اصول الانقسامات المذهبية، قد يتهم جمعا من المعتزلة بالتشيع، لما يجد من وحدة المنهج والفكر الكلامي بينهما، واعتمادهما على العقل كمصدر للعقيدة(١٩) .

وقد يتهم التشيع بالاعتزال، على ذلك الاساس نفسه.

والمعترضون المغرضون، لا يفرقون بين التهمتين، تهمة الاعتزال بالتشيع، أو تهمة التشيع بالاعتزال، فأيتهما حصلت تحقق غرضهم، من ضرب الفريقين، لانهم يجدونهما - معا - معارضين لمنهجهم الكلامي، وملتزماتهم الفكرية.

وهذا ما وقع - مع الاسف - في تأريخ الفكر الاسلامي، حيث عمد بعض الاشاعرة، إلى إلقاء تلك التهم، بغرض التشويش على سمعة المعتزلة تارة، وعلى سمعة الشيعة اخرى.

____________________

(١٩) انظر: الملل والنحل - للشهرستاني - ١ / ٨٥، ومنهاج السنة - لابن تيمية الحنبلي - ا / ٣١ طبعة بولاق.

٢٥

مع أن الاشاعرة هم الذين يشتركون مع المعتزلة في أصل المذهب، وهو الالتزام بمنهج الخلافة على طريقة العامة، وبذلك يبتعدون عن التشيع في أصل المعتقد.

وكذلك يتهم بعض الشميعة من الاخباريين، الفقهاء من الشيعة بالاعتزال، باعتبار اتخاذهم كلهم العقل مصدرا للفكر.

ناسين أن التشيع يفترق عن الاعتزال في أصل الامامة - قبل كل لقاء - كما يفترق عنه في كثير من المسائل الفكرية المهمة.

وأن مجرد التقاء التشيع مع الاعتزال في بعض المواضع والنقاط، كالتوحيد، والعدل، ليس معناه اتحادهما في كل شئ، فضلا عن أن يكون التشيع مأخوذا من الاعتزال، أو أن يكون الاعتزال مأخوذا من التشيع !

والغريب أن أشخاصا كبارا من متكلمي الشيعة نسبوا إلى الاعتزال مثل الحسن بن موسى النوبختي (ت ٣٠٠)(٢٠) !

مع أنه قد ألف كتابا باسم " النقض على المنزلة بين المنزلتين "(٢١) .

والمنزلة بين المنزلتين من أهم عنامر الفكر المعتزلي، وهو رابع الاصول الخمسة التي يبتني عليها الاعتزال(٢٢) .

قال الشيخ المفيد: " المعتزلة لقب حدث لها عند القول بالمنزلة

____________________

(٢٠) لاحظ: طبقات المعتزلة - المنية والامل - لابن المرتضى.

(٢١) رجال النجاشي: ٥٠، خاندان نوبختي: ١٣١.

(٢٢) أنظر: مذاهب الاسلاميين - للبدوي - ١ / ٦٤ - ٦٩، والشيعة بين الاشاعرة والمعتزلة: ١٢٦ وبعد ها.

٢٦

بين المنزلتين(٢٣) فمن وافق المعتزلة فيما تذهب إليه من المنزلة بين المنزلتين كان معتزليا على الحقيقة، وإن ضم إلى ذلك وفاقا لغيرهم من أهل الاراء(٢٤) .

وقد تصدى جمع من متكلمي الشيعة لرد هذا الاتهام ودفع تهمة أخذ مذهب الشيعة من المعتزلة، وبينوا الفرق بين المذهبين، وفي مقدمتهم الامام الشيخ المفيد (ت ٤١٣) فقد أورد في كتبه المختلفة أبوابا ذكر فيها الفرق بين الشيعة والمعتزلة، ومن ذلك ما ورد في كتابه " أوائل المقالات " بعنوان:

باب القول في الفرق بين الشيعة والمعتزلة فيما استحقت به اسم الاعتزال(٢٥) .

وباب في ما اتفقت الامامية فيه على خلاف المعتزلة مما أجمعوا عليه من القول في الامامة(٢٦) .

وقد رد الشيخ المفيد في كتب خاصة على آراء المعتزلة وكبار أهل الاعتزال مثل كتاب " نفض فضيلة المعتزلة "(٢٧) .

ونقوضه على معتزلة البصرة:

كأبي بكر الاصئم (ت ٢٣٦) وأبي علي الجبائي (ت ٣٠٣) وأبي

____________________

(٢٣) أوائل المقالات: ٤٠ طبعة النجف.

(٢٤) أوائل المقالات: ٤٢.

(٢٥) أوائل المقالات: ٣٨.

(٢٦) أوائل المقالات: ٤٨.

(٢٧) انظر عن هذا الكتاب، وما يلي من النقوض على المعتزلة، الفصل الخاص بمؤلفات الشيخ المفيد من كتاب " أنديشه هاي كلامي شيخ مفيد ": ٣٤ - ٦٦.

٢٧

هاشم ابن الجبائي (ت ٣٢١) وأبي عبد الله البصري (ت ٣٦٧).

وردوده على معتزلة بغداد:

كجعفر بن حرب أبي الفضل الهمداني (ت ٢٣٦) وأبي القاسم البلخي الكعبي (ت ٣١٩) وعلي بن محمد بن إبراهيم الخالدي أبي الطيب (ت بعد ٣٥١).

وكتابنا هذا " الحكايات " - الذي نقدم له - خاص لعرض عدد كبير من مخالفات المعتزلة، والرد عليها، وبيان آراء الشيعة فيها.

كما رد عليهم في أثناء كتبه الاخرى، فانظر " الافصاح " في " عدة رسائل "، ص ٦٨ و ٧٠ و ٧٣ و ٧٧.

والرسالة الساروية، عدة رسائل، ص ٢٣٠، المسألة (١١).

والمسائل الصاغانية، عدة رسائل، ص ٢٣٩.

وقد كتب من أئمة الزيدية عبد الله بن حمزة المنصور بالله (ت ٦١٤) كتاب " الكاشفة للاشكال في الفرق بين التشيع والاعتزال " كما أورد ذلك السيد مجد الدين المؤيدي، في مقدمة كتاب الشافي، ص ٩.

و " حكاية الاقوال العاصمة عن الاعتزال في بيان الفرق بين الشيعة والمعتزلة " في أربعة فصول، لابي عبد الله حميدان بن يحيى القاسمي الحسني الزيدي، يوجد في دار الكتب المصرية، ضمن المجموعة ٣٤، قسم النحل، [ الذريعة ٧ / ٥٢ ].

وهناك محاولات حديثة قيمة للرد على هذه التهمة، قام بها مؤلفون معاصرون.

٢٨

مثل ما جاد به العلامة المحقق المرحوم السيد هاشم معروف الحسني العاملي الصوري في كتاب " الشيعة بين الاشاعرة والمعتزلة " المطبوع(٢٨) .

وجعل مارتين مكدرموت من جامعة شيكاغو الامريكية هدفه من كتابه " الاراء الكامية للشيخ المفيد " التحقيق في أوجه الشبه والاختلاف بين آراء الشيخ المفيد، وبين آراء المعتزلة(٢٩) .

____________________

(٢٨) انظر: خاصة ص ٢٧٩ - ٢٥١ وهي خلاصة الكتاب.

(٢٩) أنديشه هاي كلامي شيخ مفيد: ٥.

٢٩

٥ - موضوع الكتاب:

يتركز البحث في الكتاب في الرد على المعتزلة وتسفيه آرائهم الشاذة عن جماعة المسلمين، والتي ينفردون بها عن جميع الامة، ويتصدى للذين يتهمون الشيعة بالاخذ من المعتزلة، مع وجود البون الشاسع بين التشيع والاعتزال في أصول المنهج الكلامي الذي يتبعه كل من المذهبين.

ومع أن المتعمدين لالقاء هذه التهم - وهم الاشاعرة - هم الذين يشتركون مع المعتزلة في أصول المذهب الواحد، كالالتزام بمنهج الخلافة على طريقة العامة، دون الامامة بالنص.

ولو كان مجرد الالتقاء بين المذهبين في شئ من الاراء والافكار والنظريات دليلا على أخذ أحدهما من الاخر، أو اتحادهما في الفكر والنظر، لكان الاشاعرة هم الاخذون من المعتزلة، لاتفاقهم في مسألة الخلافة، وأنها من واجبات الامة، بينما هذا من أهم ما افترقت به العامة عن المسلمين الشيعة.

وقد ركز الشيخ المفيد في هذه (الحكايات) على أن المعتزلة بعيدون عن الشعيعة في كثير من أصول معتقداتهم وفروع ملتزماتهم، وأن نسبة التشيع إلى الاعتزال منشؤها الخطأ، وعدم المعرفة، أو قلة الدين، والغرض الحاقد.

٣٠

وعرض كثيرا مما أجمعت عليه المعتزلة، مما لا تقره الشيعة.

ثم ذكر الجواب عن بعض التهم التي اشترك العامة - معتزلة وأشاعرة - في توجيهها إلى التشيع والشيعة. وأثبت بالنصوص عراقة القدم الشيعية في الالتزام بالبحث العلمي المعتمد على الفكر والنظر، في ظل التوجيهات الاسلامية المستلهمة من تعاليم النبي والائمة عليهم السلام، والتي جاءت بها النصوص الحديثية المعتمدة، بعد القرآن الكريم الآمر بالتدبر والتفكر، والنظر والبصر.

٣١

٦ - نسبة الكتاب إلى المفيد:

اتفقت القرائن الخارجية والداخلية على نسبة هذا الكتاب إلى الشيخ المفيد رحمه الله:

فمن الاولى:

- عدم نسبته، أو شئ مما فيه إلى شخص آخر ولو السيد المرتضى الذي ورد اسمه في صدر الكتاب، وهو الذي رواه، فلم ينسب - ولو احتمالا - إلا إلى الشيخ.

- وضعه مع كتب الشيخ وآثاره في أكثر نسخه المتوفرة، فتارة مع أوائل المقالات، وأخرى مع الفصول المختارة بعنوان (فصل من حكايات الشيخ المفيد) وأما النسخ المستقلة فهي معنونة باسمه كلها.

ومن الثانية:

- وجود اسم الشيخ أو كنيته في بداية الكتاب ونهايته بعنوان صاحب الحكايات، وأنها مسموعة منه ومروية بطريقه، وفي أثناء الكتاب يكرر السيد المرتضى - الراوي لها - قوله: سمعت الشيخ، و: قلت له، وقال أبو عبد الله، مما لا ريب في إرادة المفيد منه.

- ثم إن جميع ما في الكتاب من آراء ونظريات علمية هومن آراء

٣٢

الشيخ المعروفة، ولم تنقل عن غيره.

- وقد جاء في المتن ذكر كتابين للمؤلف هما " الاركان في دعائم الدين " و " الكامل في علوم الدين " وهما مذكوران في فهرست كتب المفيد دون غيره.

- ابتداء الاحاديث الواردة في الكتاب بمشايخ المفيد المعروفين، والروايات المذكورة منها ما لم ينقل إلا بواسطة الشيخ المفيد.

- وأخيرا: فإن نفس هذا الكتاب وأسلوبه، ليس إلا نفس المفيد وأسلوبه، وهو معروف لدى المتداولين لتراثه، والمأنوسين بأعماله.

ولكن يبدو وجود ما يعارض هذا الفرض:.

مثل: ابتداء الكتاب بذكر السيد الشريف المرتضى وقوله: سمعت الشيخ، وهو في مواضع عديدة يقول: قلت للشيخ، أو: قال الشيخ، ويطرح الاسئلة، وينقل الاعتراضات، ويستدعي الاجابة عليها من الشيخ.

وكل هذا يقتضي أن يكون العمل للسيد، وإن كانت الاجابة للشيخ ومن أقواله، وأفكاره ورواياته.

ومثل: وجود هذه الحكايات، وبعنوان (فصل من حكايات الشيخ المفيد) وبرواية السيد المرتضى، ملحقا بكتاب " الفصول المختارة اللسيد.

وهذا يقتضي أن يكون فصل الحكايات، واحدأ من الفصول الكثيرة التي اختارها السيد الشريف وجمعها في ذلك الكتاب. - ومثل: أن عنوان (الحكايات) لم يرد في قائمة مؤلفات

٣٣

الشيخ المفيد، لا عند القدماء، ولا عند المتأخرين، سوى ما ذكره الشيخ الطهراني في الذريعة (٧ / ٥١ رقم ٢٦٩) والظاهر أنه اعتمد على ما وجده في بعض النسخ المتأخرة.

أقول: ولدفع هذه المعارضات، لا بد من التأمل في أمور:

فأولا: إن المادة العلمية التي تشكل قوام الكتاب، إنما هي من عبارة الشيخ المفيد وإنشائه.

فلا يمكن أن ينسب الكتاب إلى غيره، بينما جميع محتواه من كلامه وفكره.

وثانيا: إن الكتاب وإن ألحق بالفصول المختارة، في بعض نسخه، إلا أنه ملحق كذلك بكتاب أوائل المقالات، الذي يشبهه في موضوعه في نسخ أخرى، وهو موجود - مستقلا - في بعض النسخ أيضا.

وثالثا: إن الشيخ ابن إدريس الحلي، إنما نقل من هذا الكتاب، روايات، في ما استطرفه في آخر السرائر، وعنون لمصدرها ب‍ (العيون والمحاسن، للمفيد) وهذا يدل على كون (الحكايات) من (العيون والمحاسن) المعلوم النسبة إلى المفيد.

وربما يكون المرتضى هو الذي جمع فوائد الشيخ المفيد بعنوان (الفصول المختارة) وألحق بها (الحكايات) كفصل منها، وإن كتاب (العيون والمحاسن) ليس إلا هذه (الفصول...) التي جمعها السيد.

وبهذا يفسر وجود آثار السيد المرتضى بوضوح ووفرة في هذه

٣٤

الفصول وهذه الحكايات، فهو الذي رواها ونقلها عن الشيخ، وهو الذي عرض عليه الاسئلة المختلفة، ودفع الشيخ إلى الاجابة عنها، وهو الذي طلب منه أن يثيت الروايات، وأخيرا فهو الذي جمع بين شتات هذه الاجوبة والمقالات والحكايات والروايات.

ومن مجموع ما أوردنا ظهر لنا أن الانسب في حل أمر نسبة الكتاب هو:

١ - أن الكتاب ليس للمرتضى، قطعا، بل هو راويه.

٢ - أن الكتاب لم يكتبه الشيخ المفيد بيده وقلمه، وإنما هو منقول عنه شفهيا، ومروي عنه سماعا.

٣ - إذن: فالكتاب هو من إملاء الشيخ المفيد، وبيانه، أجاب فيه عن أسئلة عرضها عليه تلميذه السيد المرتضى.

ومن شأن الامالي والاجوبة، أن ينسب الكتاب الحاوي لها إلى الشيوخ المملين، أو العلماء المجيبين، لا إلى غيرهم من المستملين أو الكاتبين للامالي، أو السائلين، أو الجامعين للاجوبة، إلا باعتبارات أخر غير معتمدة علميا في فن الفهرسة المنهجية.

٣٥

٧ - نسخ الكتاب:

إن هذا الكتاب عني به النساخ، فمنهم من ألحقه بكتاب " الفصول المختارة " باعتباره فصلا منه، وعلى منهجه في التأليف، والبحث، ولعل المرتضى نفسه هو الذي وضعه هناك.

ومنهم من ألحقه بكتاب " أوائل المقالات " لاتحادهما موضوعا، ومحتوى، فكلاهما يتصديان للمعتزلة، ويحتويان على بيان الفرق بين التشيع والاعتزال فكريا وعقائديا.

ومنهم من جعله مستقلا، باعتبار اشتماله على حكايات تشكل في نفسها وحدة متكاملة، فأفردها بالاستنساخ.

وهذا الهدف الاخير هو الذي بعثنا على إفراد الكتاب بالعناية والتحقيق والتوثيق، لكونه فريدا في بابه، وجديرا بكل رعاية وعناية.

وقد توفرت لدي نسخ كثيرة منه، إلا أتي اعتمدت بعضها، للاكتفاء بها في الوصول إلى الهدف، وتيسر الوقوف عليها في مثل الظروف الراهنة، وهي:

١ - النسخة المطبوعة (مط):

طبعت ملحقة بكتاب " الفصول المختارة من العيون

٣٦

والمحاسن " المطبوع. في النجف الاشرف، بالمطبعة الحيدرية، سنة ١٣٧٠ ه‍، وقد أعادته بالافست مكتبة الداوري في قم سنة ١٣٩٦ ه‍.

ويقع كتاب " الحكايات " في الصفحات (٢٧٩ - ٢٨٩) منه، بعنوان " فصل من الحكايات ".

وهي من أجود النسخ، ورمزنا إليها برمز " مط ".

٢ - مخطوطة مجلس الشورى الاسلامي (مج):

نسخة منضمة إلى " الفصول المختارة " وتليها رسالة الشيخ المفيد حول حديث " نحن معاشر الانبياء لا نورث ".

وهي محفوظة في مكتبة مجلس الشورى الاسلامي - في طهران، بر قم (٥٣٩٢) وفي هامش آخر صفحة منها: " بلغت المقابلة بعون الله).

وجاء في آخر الرسالة المذكورة:

اتفق فراغه عصر يوم الخميس الحادي والعشرين من شهر جمادى... سنة السادسة والعشرين بعد الالف على يد أقل عباد الله وأحوجهم إلى رحمة ربه عيسى بن إبراهبم بن عبد الله لحسا منشأ ومولدا...

وقد رمزنا إليها ب‍ " مج ".

٣٧

٣ - مخطوطة السيد النجومي (ن):

ملحقة بكتاب " أوائل المقالات " للشيخ المفيد.

وهو ضمن مجموعة في مكتبة السيد الحجة النجومي، في مدينة كرمانشاه (باختران) من محافظات الجمهورية الاسلامية.

وقد سماه مفهرسها باسم " الفرق بين الشيعة والمعتزلة، والفصل بين العدلية منهما "(١) كما ذكر بهذا الاسم كتاب في قائمة مؤلفات المفيد(٢) .

ولكنه ليس إلا كتاب أوائل المقالات.

وقد رمزنا إليها ب‍ (ن).

٤ - مخطوطة مكتبة الامام الرضا عليه السلام (ضا):

ملحقة بكتاب (أوائل المقالات) أيضا، ضمن مجموع برقم (٧٤٥٤).

وفي آخرها:

" تمت الحكايات عن الشيخ أبي عبد الله المفيد قدس الله روحه، كتبه العبد الفقير عبد العزيز نجل المرحوم سعيد النجار، في سنة الالف والمائتين وثمانين

____________________

(١) دليل المخطوطات، للسيد أحمد الحسيني (ج ١ ص ٢٦١).

(٢) أمالي المفيد: المقدمة (ص ٢٢).

٣٨

من هجرة سيد الاولين والاخرين، وصلى الله عليه وعلى أولاده الطاهرين.

ولقد فرغت من تنسيخ هذه النسخة الشريفة في خمس ليال بقين من شعبان سنة ألف وثلاثمائة واثنين وخمسين من الهجرة في مشهد مولاي أمير المؤمنين عليه السلام، وأنا العبد محمد حسين بن زين العابدين الا رومية ي عفا الله عن جرائمهما.

وقد رمزنا إليها ب‍ " ضا ".

٥ - مخطوطة السيد الروضاتي (تي):

في مكتبة العلامة الحجة السيد محمد علي الروضاتي الاصفهاني دام علاه مجموعة قيمة، بخظ جده السيد محمد الاصفهاني الجهار سوقي، جاء في آخرها:

" تمت الحكايات عن الشيخ أبي عبد الله المفيد قدس الله سره، نقلا عن خظ أحمد بن عبد العالي الميسي العاملي، وكتب العبد محمد الموسوي حامدا مصليا مسلما مستغفرا.

وقد رمزنا إليها ب‍ " تي ".

والنسختان " مط " و " مج " متفقتان في الاكثر، كما أن النسخ البواقي: " ن " و " ضا " و " تي " متفقات كذلك، في إيراد النص.

٣٩

٨ - العمل في الكتاب:

تحدد عملنا في الكتاب بما يلي:

١ - التحقيق:

اعتمادا على النسخ المذكورة، قمنا باستخلاص النص الموثوق به، على أساس التلفيق بينها.

ولم نهمل ما جاء في النسخ، إذا خالف ما اخترناه للمتن، لدقة البحث، واحتمال احتوائها على معنى يختل النص بإهماله، أو ربما يستفاد منها أمر، أو تصلح للقرينتة على آخر.

وقد أضفت على النص ما وجدته ضروريا واضعا له بين المعقوفين للتمييز.

٢ - التقطيع:

عمدنا إلى النص، فقسمناه إلى عشر فقرات، تضم كل فقرة معلومات مترابطة، وحكاية لمطالب متكاملة.

والهدف من ذلك تحديد ما عرض في الكتاب، كما أن فيه تسهيلا لضبط المعلومات ويسر المراجعة والفهرسة.

٤٠