بعد أحد ـ تسوق بعيراً لها ، عليه جثة زوجها عمرو وجثة أخيها عبد الله ، وجثة إبنها خلاد.
فقالت لها عائشة : فأين تذهبين بهم؟ قالت : إلى المدينة أقبرهم فيها
ثم أقبلت هند إلى رسول الله فقالت له : أدع الله عسى أن يجعلني معهم.
فعمرو بن الجموح خرج إلى الجهاد رغم إعفائه عن المساهمة في ذلك من الناحية الشرعية. وأراد أن يطأ بعرجته الجنة. فأخذ يتسابق ـ على ذلك ـ مع أحد بنيه حتى صرعا معاً.
وقد اصبح بذلك من التضحية في ذؤابتها.
أما زوجة هند فهي الأخرى قد سارت في طريق الخلود. فلم تكتفي باستشهاد زوجها وابنها وأخيها ـ وهو أمر لا تقوى على تحمله النساء ـ « حملهم على جملها من أحد إلى المدينة لدفنهم ، وهي جذلة متعالية » بل أرادت من الرسول أن يدعو لها باللحاق بهم.
كل ذلك طمسه الأمويون بالإضافة إلى طمسهم معالم الدين الأخرى كما سنرى.
ذلك ما يتصل بموقف العرب المسلمين من الأمم الاخرى في ضوء الدين الجديد.
أما ما يتصل بموقفهم من جاهليتهم فيمكننا أن نقول :
إن الدين الجديد قد استلزم ـ من الناحية النظرية على كل حال ـ إحداث تغييرات واسعة المدى وعميقة الغور في نظرة العربي لنفسه من حيث صلتها بالمجتمع الذي ينتمي إليه وبالكون الذي يعيش فيه.
كما إنه قد استلزم كذلك ـ من الناحية النظرية أيضا ـ إجراء تبدلات واسعة وعميقة في تصرفات العربي في المجالين الآنفي الذكر.
وبما أن دراستنا هذه منصبة ـ في جوهرها ـ على الجانب الأخلاقي للدين