تاريخ الشيعة بين المورخ والحقيقة

تاريخ الشيعة بين المورخ والحقيقة0%

تاريخ الشيعة بين المورخ والحقيقة مؤلف:
تصنيف: تاريخ التشيع
الصفحات: 276

تاريخ الشيعة بين المورخ والحقيقة

مؤلف: الدكتور نورالدين الهاشمي
تصنيف:

الصفحات: 276
المشاهدات: 35038
تحميل: 3882

توضيحات:

بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 276 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 35038 / تحميل: 3882
الحجم الحجم الحجم
تاريخ الشيعة بين المورخ والحقيقة

تاريخ الشيعة بين المورخ والحقيقة

مؤلف:
العربية

ولكن طول العمر كحقيقة علمية هل يصح وقوعه أم لا؟.

إن العالم بأسره يعيش الآن هاجس طول العمر ، كما يحاول العلماء اكتشاف سرّ الحياة وأبديتها ، فترى الآن في العالم مختبرات متعددة تحاول الوصول إلى حقيقة السرّ ، وتعمل جاهدة لإيجاد حلّ لاطالة عمر الانسان ، فتراهم كل مرة يطلعون بدواء أو حمية غذائية تزيد من طول العمر.

إذن نصل إلى نتيجة مفادها أن طول العمر حقيقة علمية ، ولولا ذلك ما أجهد العلماء أنفسهم في تتبع هذا الأمر ، ولو سألنا أي عالم هل من المستحيل أن يعيش الإنسان مدة أطول؟ فإن جوابه يكون حتماً بالنفي القاطع ، إذ لا استحالة تمنع من بقاء الإنسان على قيد الحياة بشرط أن توفر له كل الظروف الحياتية الملائمة.

فالعلم الحالي توصل إلى حفظ الخلايا لمدة زمنية طويلة ، وذلك بحفظها داخل الأزوت المائع لشهور وسنوات ، ثم يمكن إخراجها كي تمارس نشاطها الطبيعي بشكل عادي.

كما أن العلم الحالي توصل إلى التلقيح الاصطناعي ، حيث يمكن حفظ نسل جيل وإعادة زرعه في جيل آخر ، يعني أن الإنسان استطاع أن يجعل من بعض الأشياء التي كانت مستحيلة حقيقة واقعية.

إذا كان الإنسان نفسه وفي احتكاكه مع ذاته توصل إلى هذه المعطيات ، فكيف بشي خارق باحتكاكه مع شي لا يساوي عنده جناح

٢٦١

بعوضة ، أي أن قدرة الله تفوق قدرة الإنسان بما لا يترك مجالاً للمقايسة.

فإذا كان هذا الانسان قد استطاع أن يحفظ ويطيل عمر خلية لسنوات ، فهل لا يستطيع الله أن يفعل بمن هو مكون من هذه الخلايا ـ أي الإنسان ـ بحفظه كاملا ولمدة طويلة؟!

قد تكون المسألة إعجازاً في اللحظة التي لم نصل فيها إلى الحقيقة العلمية ، ولكن تصير أمراً طبيعياً إذا تم الكشف عن سرها وكنهها.

فحفظ الخلايا قبل مدة ليست بالطويلة كانت أمراً إعجازياً لأناس ذلك الوقت ، لأنها فوق قدرتهم التصورية ، لكن بالنسبة للانسان الحالي صارت عادية ، وذلك لارتقاء قدرته العقلية.

أشياء كثيرة موجودة في القرآن الكريم ، ورغم تقدم العلم وتطوره لم يستطع الكشف عن حقائقها ، ومثال على ذلك مفهوم السماء ، فلقد تعارف عند الناس أن السماء هو هذا المجسم الذي يظهر بالنهار أزرقاً وبالليل أسوداً ، ومن ثم يمكن تطبيق مفهوم الطبقات بشكل ظاهري على السماء ، وهذا السائد في الفكر الشعبي وكذلك غير المطلعين على علم الفلك ، أي أن السماء الظاهرة ، أي الأولى ، وتتبعها بعد ست طبقات أخر.

لكن الحقيقة العلمية أثبتت أن الشيء الازرق الظاهر في الصباح ( السماء ) ماهو إلاّ انعكاس لأشعة الشمس على خط الاوزون مما يكسب الفضاء ذلك اللون ، كما أن صعودك لما فوق 150 كلم ، أي

٢٦٢

اجتياز الحجاب المحيط بالكرة الأرضية ( الاوزون ) يدخلك في فراغ فضائي غير محدود.

إذن هل عدم وجود السماء كحقيقة مادية مدعاة لانكارها وبالتالي انكار أشياء كثيرة داخل دائرة الفكر الإسلامي.

وكخلاصة ، فإنّ العقل البشري محدود بمحدودية محيطه البيئي ، وأي شيء خارج عن هذا المحيط يصبح عرضة للانكار.

أما قضية الامام المهدي عجل الله فرجه وطول العمر فقد لامست الجانب الواقعي بكون أن التاريخ أثبت حالات طول عمر كثيرة ، كما أننا نسمع في وقتنا الراهن عن معمرين يتجاوزون القرن والنصف القرن ، وكذلك نظرية المهديعليه‌السلام لامست الحقيقة العلمية ، إذ أن العلم لا ينفي بتاتاً كون الإنسان يمكن أن يعيش مدة طويلة ، فالذي يعيش قرنين يمكن أن يعيش أكثر ، وذلك في ظل توفر الظروف الحياتية الملائمة.

إذن فنظرية المهدي اجتمعت في تأييدها كل الحقائق :

الدينية : عدم نفي الدين لهذه الحقية وذكرت نوح وعيسىعليهما‌السلام .

الطبيعية : ثبوت أشخاص طويلي العمر على طول التاريخ.

العلمية : عدم تعارض العلم وطول العمر.

وكلفتة أخيرة نورد كلاماً لالبرت اشفيتسر ، يبيّن حقيقة الوضع الحالي وحاجته الماسة للخروج من هذه الأزمة قائلاً :

( وكما أن تحول التجمع الديني ينبغي أن يكون أولا نتيجة لتحول

٢٦٣

في القلوب ، فكذلك يجب أن يكون تحول الجماعة السياسية والهيئة الاجتماعية.

حق أنّ الإيمان بإمكانه تحويل الدولة الحديثة إلى دولة متحضرة أمر ينطوي على بطولة ، فإن الدولة الحديثة تجد نفسها اليوم في حالة من الفقر المادي والروحي لم يسبق لها مثيل ، إنّها تتداعى تحت وطأة الديون وتمزقها المنازعات السياسية والاقتصادية ، وانتزعت منها كل سلطة معنوية ، وبكلّ ما تستطيع أن تحافظ على هيبتها في الأمور العلمية ، وعليها أن تكافح في سبيل وجودها وسط سلسلة متصلة من الاضطرابات المتجددة ، فمن أين لها القوة أن تتطور إلى دولة متحضرة وهي تواجه كل هذه الكوارث؟ )(1) .

ويبقى هذا سؤالا جوهرياً تجب الإجابة عليه ، هل في غياب المخلص النهائي يمكن إخراج العالم من مأزقه الحالي وهو على مشارف حرب نووية؟!.

__________________

1 ـ البرت شفيتسر : فلسفة الحضارة ص 416 ، ترجمة د. عبد الرحمن بدوي ، دار الاندلس 1997.

٢٦٤

الخاتمة

٢٦٥

٢٦٦

خاتمة

لقد تتبعنا في هذه الدراسة منهجية تعتمد على تفكيك الأحداث التاريخية من خلال دراسة الدائرة التي تتحرك فيها ، وانطلاقاً من نقد ما قد تمّ تدوينه في بعض الموسوعات التاريخية ، وبالأخص البداية والنهاية وموسوعة التاريخ الإسلامي.

إن الشيء الذي يجب علينا الانطلاق منه في نقد وقراءة ما كتب في التاريخ ، ينطلق من فهمنا لهذا العلم ، وهو التدوين المتسلسل للأحداث والوقائع ، وكذلك طبيعة ما دوّن وتصنيفه التاريخي بمعنى أوضح ، وهو في أي إطار نضع التاريخ المدون؟ لقد تطرق الشهيد مطهري في كتابه المجتمع والتاريخ إلى تحديد تقسيم للتاريخ بما هو ثلاثة أقسام : تاريخ نقلي ، تاريخ تحليلي ، وتاريخ فلسفي.

قد يكون الأمر لا يحتاج إلى نقد ، إذا كان نوع التاريخ المدوّن نقلي ، باعتباره يعتمد فقط على نقل الأحداث بما هي أحداث رائجة في الأوساط ، وصحة وقوعها على عهدة الأشخاص الراوين ، ولا يكلف المؤرخ في هذه الحالة نفسه عناء التحقيق ، وبهذا يكون مادوّن لا يعبّر إلاّ عن أشياء رائجة في المجتمع ، لا علاقة لها بالوضع السياسي القائم.

٢٦٧

أما ما يجب النظر فيه ، وهو ما أخذ الكاتب العهدة على نفسه بتتبع الأحداث وإعطائها الأبعاد التي يراها حقيقية ، الشيء الذي يجعله يفضّل حادثة على أخرى ، بتوهين بعضها وتقوية الأخرى.

وتدخل البداية والنهاية وموسوعة التاريخ الإسلامي في هذا النوع من التاريخ ، لأنهما لم يكتفيا بإيراد الأحداث ، بل علّقا عليها رغبة في إخراج موسوعة جاهزة للمجتمع تعبّر عن وجهة نظر معينة.

إن عملية النقد التي ندعوا إليها هي نوع من الثورة على المقدس الذي خلقه التاريخ ، والتخلص من كل رواسب التبعية الايدلوجية. لأن البحث الحضاري ينطلق من قراءة موضوعية للأحداث التي عرضها التاريخ الإسلامي وتمحيصها بالشكل الذي نستطيع من خلاله الإجابة على أسئلة الحاضر ، واستشراف المستقبل برؤية نهضوية مبنية على الاستعداد المعرفي والعلمي لاحتضان الموعود الإلهي المنتظر.

قد يكون الكلام إيدلوجيا ، لكن الحقيقة التي يجب أن ننطلق منها هي أن عالمنا عالم الايدلوجيات ، حيث لا يمكن قراءة العالم الإسلامي في غياب إيدلوجية واضحة تحدد مصيره المستقبلي ، خصوصاً أن الرهانات المستقبلية ليست رهانات لحظية أو تكتيكية ، بل هي رهانات ذات أبعاد استراتيجية تعتمد على الإنسان كفاعل تاريخي ، الإنسان المكلف بالاستخلاف( إِنِّي جاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً ) والذي أنيط به تحقيق هذه الخلافة على وجه الأرض وذلك بوعد إلهي :( وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصّالِحُونَ ) .

٢٦٨

وكما أسلفنا سابقاً على أن الخطاب في الحقل الإسلامي هو خطاب إيدلوجي ينبني على معطيات مقتبسة من الكتاب والسنة ، أو بمعنى آخر بالموروث التاريخي ، وهنا يطرح الإشكال وتظهر ضرورة الإجابة النقدية ، لأن الموروث التاريخي قد تداخلت فيه العوامل الزمانية ومحورته بالشكل الذي يستجيب فيه للّحظة التي يعيشها ، وهذا بالطبع في غياب الحاضن الفعلي لهذا الموروث مما يجعل رسالة الإنسان غير مكتملة في تحديد معاني هذه الرسالة كي تعطي إجابة كافية توصل الإنسان إلى هدف خلقته.

إن الإنطلاقة الفعلية للفكر الإسلامي باعتباره الأرضية التي تتفاعل حوله الرسالة يبتدأ بالبناء المنهجي لآلياته ، وذلك بتحديد الإطار المرجعي الذي يمكن أن يعطي نقطة البدء ويحدد المفهوم الحقيقي لها ولحقيقة هذا الفكر ، لاعتبار هذا الأخير حالة نسبية تدور في فلك البشر مما لا يعطيه فاعلية في الساحة العملية ، وتبقى الحالة الوحيدة هي إيصالها إلى حالة الإطلاقية حيث يعطي الوجه الثاني لحقيقة الرسالة ، وقد تجسد بالتطور التاريخي لحركة الرسالة وملازمتها للعترة الطاهرةعليهم‌السلام ، حيث قال الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبداً كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي ».

إن حركة الفكر الإسلامي والذي نريد إيجاده هو المتحرك في دائرة القرآن ، ولكن هذا لن يتأتى إلاّ بإعادة النظر التاريخي ، فقد فَقَد آل

٢٦٩

البيت مكانتهم من خلال التزوير التاريخي ، فأحدث في الدائرة الإسلامية تفرعات فكرية خالفت في أصولها القاعدة العامة والهدف العام للرسالة ، ويبقى الحل الوحيد هو عملية الهدم وإعادة البناء من جديد ، إعادة هدم الموروث المعرفي القديم ذا الطبيعة التاريخية وإعادة إنتاجه على أرضية صلبة ، حتى يخرج من الأزمة التي يتخبط فيها في الوقت الراهن.

إن الأزمة المعرفية التي يتخبط فيها الفكر الإسلامي تتلخص في عدم المزاوجة بين معطيات النص المقدس ـ القرآن ـ والحقيقة الزمانية والمكانية ، أي غياب قراءة صريحة له.

وقد تتجلى هذه القراءة ليس فقط على مستوى التاريخ ، بل تتفرع إلى كل المعارف الإسلامية الأُخرى والتي تحدد دائرة الحقل الإسلامي ، من علم كلام ، وفلسفة ، فقه وأصول وقد كان الامام عليعليه‌السلام يعبر عن قدرته بقوله : « اسئلوني قبل أن تفقدوني ».

إذن الإجابة الكاملة على كل الإشكالات تتمثل في إيجاد التوأمة التي فُقدت خلال الأزمنة الغابرة ، وهي علاقة الكتاب وآل البيت ، حتى يتم استيعاب المفاهيم العامة والخاصة التي تتحرك في دائرة الفكر الإسلامي.

يبدو الأمر واضحاً على أن الحاجة الماسة للمجتمع البشري الحالي هي إعادة الإرتباط الحقيقي مع الروح البشرية ، حتى تفر من ذلك الانفصام الذي ظلت تعيشه خلال مدة زمنية طويلة ، لتصل إلى الهدف

٢٧٠

الغائي الذي رسم منذ أول الخلقة بتحقق العبادة الكاملة لله سبحانه وتعالى بالشكل الذي هو مسطر منذ الأزل وتحقق حالة التذكر والرجوع إلى الحالة الأولى والتي كانت في عالم الذر والتي عبر الله تعالى عنها بقوله :( وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى ) (1) ، والعودة الحقيقية لا تكون إلاّ بوجود ذلك الموجه والهادي الذي يحدد الخطوط العامة لحركة الأمة في طريقها إلى الله تعالى.

يبقى إذن الهدف الأساسي لإعادة النظر في التراث القديم ليس إثارة الفتن وإحلال الفوضى في المجتمع أو التفرقة ، بل هو إعادة المصالحة مع الذات التي فقدت هويتها تحت تأثير عدة عوامل قد ذكرناها خلال مسارنا في البحث ، والتي يعتبر العامل السياسي المحرك الأساسي لها ، يليه بعد ذلك العامل الايدلوجي ، مما أعطانا تاريخاً مبتذلا ، امتزجت فيه الحقيقة والخرافة ، المتحول والثابت ، مما يستدعي التعجيل بثورة معرفية علمية ، حتى يستقيم أمر هذه الأمة وترجع إلى رشدها الذي سلب منها.

كما أن عملية النقد يجب أن تطال كل الجوانب ، والتي أغفل المؤرخون ذكرها أو حاولوا إعطاءها نوعاً من الشرعية بتطبيق بعض مناهج الحديث ، مما جعل تاريخنا ذا صبغة حديثية أكسبته القدسية

__________________

1 ـ الأعراف : 172.

٢٧١

وتوقف العقل المسلم عن النظر فيه وتتبع عثراته ، إذن يبقى المخرج الوحيد هو تحديد هويتنا من خلال سؤال مَن نحن؟ في ظل تاريخ غامض ، هذا التاريخ الذي لا يمكن أن يعبر عن نفسه إلاّ إذا انسجم مع الوعي العام للمجتمع الإسلامي ، ويكون هذا الأخير هو المحرك الحقيقي الذي تتبلور فيه المعارف ، والأرضية المقبلة على التحول ، قد تكون الدعوات التاريخية دعوات من أجل إخراج المجتمع من حالة الركود التي يعيش فيها ، ولكن قد تصاب بخيبة أمل إذا ما انفصلت عن المحدد والمحرك الحقيقي والذي عبرنا عنه بالوعي ، إذ تبقى المراجعات التاريخية مجرد إعادة المستهلك من القديم ومحاولة إحيائه بشكل يفقده خصائصه الثورية ، لذا لا يتميز مفهوم التاريخ إلاّ إذا انحاز إلى الوعي وحل كله فيه.

بعبارة أخرى واضحة في ضوء التحليلات السابقة : لا يكتسب المجتمع التقليدي فكرة التاريخ إلاّ في إطار الدعوة التاريخانية ، ولا يكفي أن يقلد المجتمع التقليدي منهج توقديد أو ابن خلدون أو ماركس أو فرويد ، لأن في ذلك مجرد إبدال تقليد بآخر ، بل يجب أن يمر هو نفسه بتجربة هؤلاء جميعاً ويكتشف بدوره كشفهم الأساسي إبداعية الإنسان وإنسانية الأخبار.

إن عملية البحث التاريخي لا يعني بها معاودة التحقيق وإنتاج التحقيق على التحقيق ، وإنما استخراج العيوب مع استخلاص العبر ، بالشكل الذي يعطي دفعة للمجتمع نحو الرقي والتقدم.

٢٧٢

قد نعطي مثالا بسيطاً بالتاريخ الإسلامي حينما تجمد العقل عند التقليد ، وخصوصاً في المدرسة السنية ، ظل التفكير في المحيط الذي رسم خلال إنتاج تلك الفكرة ، سواءاً على مستوى الفقه أو الفلسفة والتاريخ ، ووصل بالأخير إلى حالة الأزمة والتخلف مما أدى في نهاية المطاف إلى الاندحار على كل الأصعدة والمجالات ، فتوقف الفقه عند الأربعة والفلسفة عند ابن رشد والتاريخ عند الطبري ، ولم تصبح دائرة العقل الإسلامي السني تستحمل أكثر مما طرح في تلك الفترات التاريخية ، وقد كان الفكر الشيعي أوشك على الوقوع في نفس الخطأ بعد وفاة الخواجة نصير الدين الطوسي ، حتى سمي القرن الذي يليه بقرن المقلدة ، لكن الأبعاد المعرفية التي تحويها مدرسة آل البيت جعلتهم يخرجون من هذا المأزق ، وأثمرت بذلك حركة الإبداع والتجديد.

إن الاعتبار من التاريخ كان جزءاً مهمّاً في الطرح القرآني ، بحيث تناول أغلب الموضوعات من خلق البشرية إلى مابعد وأعطى للأمة استشراف المستقبل وحدد مفهوم لتطور الأحداث والتواريخ وسماه بالقصص ، حيث قال تعالى :( نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ ) (1) ، مما يعطي للحدث التاريخي مفهوم من خلال معنى القصة والتي يُتوخى منها العبرة ، وكذلك الدعوة الإلهية إلى ذلك في قوله تعالى :( قُلْ سِيرُوا

__________________

1 ـ يوسف : 3.

٢٧٣

فِي الأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ ) (1) مما يعطي للقرآن بُعداً تاريخياً في تتبع الوقائع وإعطاء الأسباب واستخلاص النتائج ، مما يلزمنا باتباع منهج القرآن ، وهو تقفي الآثار وطرح التساؤلات والإجابة عن الإشكالات كي ترجع للأمة هويتها المفقودة في ظل فكر إسلامي منسجم من أجل البناء المستقبلي لدولة العدل الإلهي( أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصّالِحُونَ ) (2) .

__________________

1 ـ الأنعام : 11.

2 ـ الأنبياء : 105.

٢٧٤

دليل كتاب :

تاريخ الشيعة بين المورخ والحقيقة 1

مقدّمة المركز 6

الفصل الأوّل الخطاب التاريخي من أين؟ 20

التورخة! 22

التاريخ والحداثة 28

التاريخ المقدس. 32

التاريخ الإسلامي الثابت والمتحول. 36

وقفة قصيرة 44

التغيير التاريخي* 50

الفصل الثاني ابن كثير والتاريخ. 56

ابن كثير المحدث المؤرخ. 58

ابن كثير وابن تيمية وجهان لعملة واحدة 67

شطحات ابن تيمية التاريخية 70

وقفة أخيرة 78

الفصل الثالث ابن كثير الوهم والحقيقة 88

ابن كثير والإمام علي عليه‌السلام.... 102

خصائص الإمام علي عليه‌السلام.... 124

الفصل الرابع قراءة نقدية نموذج أحمد شلبي. 130

التشيّع والفرس. 136

شخصية عبد الله بن سبأ 140

شلبي والتاريخ. 144

الفصل الخامس التشيّع تاريخ مذهب.. 167

التشيّع والآخر 168

٢٧٥

الشيعة والتاريخ. 181

مذهب وعلماء 191

الفصل السادس النظام السياسي نظرية الولاية في الفكر السياسي الاسلامي. 207

الفكر السياسي الاوروبي. 209

الفكر السياسي الإسلامي والآخر 217

الإمامة المجتمع والحقيقة 229

المهدي حقيقة 253

الخاتمة 265

خاتمة 267

دليل كتاب : 275

٢٧٦