مقتل الحسين (عليه السلام) أو الحسين (عليه السلام) عبرة المؤمنين

مقتل الحسين (عليه السلام) أو الحسين (عليه السلام) عبرة المؤمنين0%

مقتل الحسين (عليه السلام) أو الحسين (عليه السلام) عبرة المؤمنين مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 119

  • البداية
  • السابق
  • 119 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 19591 / تحميل: 3591
الحجم الحجم الحجم
مقتل الحسين (عليه السلام) أو الحسين (عليه السلام) عبرة المؤمنين

مقتل الحسين (عليه السلام) أو الحسين (عليه السلام) عبرة المؤمنين

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

قال الخوارزمي: بقي الحسين مكبوباً ثلاث ساعات من النّهار متشحّطاً بدمه، رافعاً بطرفه إلى السماء وهو يقول: (( صَبْراً على قَضائِكَ، لا معبودَ سِواكَ يا غِياثَ المُستغيثين ))(1) .

وفي المنتخب(2) : فبادر إليه أربعون رجلاً كلّ منهم يريد حَزَّ رأسه، وعمر ابن سعد يصيح عجِّلوا برأسه. وكان أوّل مَنْ ابتدر إليه شبث بن ربعي، وكان بيده سيفٌ قاطعٌ، فدنا منه ليحتزَّ رأسه فرمَقَه بعينه، فرمى السّيف من يده وولّى هارباً وهو يُنادي: معاذ الله يا حسين أن ألقى الله(3) بدمك!

قال(4) : فأقبل إليه رجلٌ قَبيح الخِلْقَةِ، كَوْسَجُ اللّحية، أَبرَصُ اللّون يُقالُ له: سِنان، فنظر إليه الحُسينعليه‌السلام ، فلم يجسرْ عليه وولّى هارباً وهو يقول: ما لَك يا عمر بن سعد! غضب الله عليك، أردت أن يكون محمّدٌ خَصمي(5) !

قال بعضهم(6) : وقفتُ عليه وإنّه لَيَجود بنفسه، فوالله ما رأيتُ قَتيلاً مُضمّخاً بدمِهِ أحْسَنَ منه ولا أَنْوَر وجهاً! ولقد شغلني نور وجهه وجمال هيئته عن الفِكْرة في قتله.

____________________

(1) ينابيع المودّة / 418، أسرار الشهادة / 423.

(2) المنتخب - للطريحي / 464.

(3) في نفس المصدر:.. ألقى أباك بدمك.

(4) أي: قال الطريحي.

(5) المنتخب - للطريحي / 464.

(6) والقائل هو هلال بن نافع، اللهوف / 55، بحار الأنوار 45 / 57.

١٠١

عَفِيراً(1) مَتى عايَنَتْهُ الكُماة(2)

يَـخـتطفُ الـرُّعْبُ أَلـوانَها

فَـما أَجْـلَتِ الحَرْبُ عَن مِثْلِهِ

صَـريـعاً يُـجبِّنُ شُـجعانَها

تَـريبَ المُحيّا(3) تظنُّ السما

بـأنَّ على الأرض كيوانَها(4)

غَريباً أرى يا غريبَ الطّفوف

تَـوسُّـدَ خَـدّك كـثبانَها(5)

انتهى.

وفي رواية أنّ الحسينعليه‌السلام حمل وهو يقول:

كَـفَرَ الـقَوْمُ وَقِدْمَاً رَغَبُوا

عَـنْ ثَوابِ اللهِ رَبِّ الثَّقَلَيْن

حَـنَقاً مِـنْهُمْ وَقَـالوا إنّـنا

نَـأخُذُ الأوَّلَ قِدْماً بالحُسَين

يا لَقَوْمي مِنْ اُناس قَد بَغَوا

جَمَعُوا الجَمْعَ لأَهْلِ الحَرَمَين

لا لِـذَنْبٍ كـانَ مِنّي سَابقاً

غَيْرَ فَخْري بضِياء الفَرْقَدَيْن

بِـعَليِّ الطُّهْرِ مِنْ بَعْدِ النّبيّ

خَيْرَةٍ مِنْ هاشِم في الخافِقَين

خَـيْرَةُ اللهِ مِـنَ الخَلْقِ أَبي

بَعْدَ جَدِّي فَأنا ابْنُ الخَيْرَتَيْن

اُمّـيَّ الـزَّهراءُ حَقّاً وأَبي

وَارِثُ الـعِلْمِ ومَولى الثَّقَلَيْن

فِـضَّةٌ قَدْ خَلَصَتْ مِنْ ذَهَبٍ

فَـأَنا الـفِضَّةُ وَابْنُ الذَّهَبَيْن

ذَهَـبٌ في ذَهَبٍ في ذَهَبٍ

وَلُـجَينٌ في لُجينٍ في لُجَيْن

وَالـدِي شَـمْسٌ واُمّي قَمَرٌ

فَـأَنَا الكَوْكَبُ وابْنُ القَمَرَيْن

مَنْ لَهُ جَدٌّ كَجَدِّي في الوَرى

أو كاُمّي في جَميعِ المَشْرِقَيْن

____________________

(1) العَفير: المعفّر بالتراب.

(2) الكُماة: الأبطال.

(3) تريب المحيّا: على وجهه التراب.

(4) كيوان: اسم زُحل بالفارسيّة.

(5) القصيدة من أروع قصائد السيّد حيدر الحلّيرحمه‌الله ، رياح المدح والرثاء / 87.

١٠٢

عَـبَـدَ اللهَ غُـلامـاً يـافعاً

وقُـرَيشٌ يَـعْبُدُون الـوَثَنَيْن

يَـعْبُدُونَ الـلاّتَ والعُزّى مَعاُ

وعـليٌّ كـانَ صَلّى القِبْلَتَيْن

مَـن له جَدٌّ كجدّي في الورى

أو كـشيخي فأنا ابنُ العَلمين

خَـصَّهُ اللهُ بِـفَضْلٍ وتُـقىً

فَـأَنَا الأزْهَرُ وابنُ الأَزْهَرَيْن

نَـحْنُ أصْحابُ العَبا خَمْسَتُنا

قَـدْ مَـلَكْنا شَرْقَها والمَغْرِبَيْن

جَـدِّيَ المُرْسَلُ مِصْباحُ الدُّجا

وأَبـي الـمُوفي لَهُ بالبَيْعَتَيْن

والّــذي خَـاتَمُهُ جـادَ بِـهِ

حينَ وافى خاشِعاً في الرُّكْعَتَيْن

قَـتَلَ الأبْـطالَ لَـمّا بَرَزُوا

يَـوْمَ اُحْـدٍ وبِـبَدْرٍ وَحُـنَين

أَظْـهَرَ الإسـلامَ رَغْماً لِلْعِدا

بِحُسَامٍ صَارِمٍ ذي شَفْرَتَيْن(1)

* * *

____________________

(1) ينابيع المودّة / 416، الفتوح 5 / 132، المناقب - لابن شهر آشوب 4 / 80، كشف الغمّة 2 / 27، المنتخب - للطريحي / 452 - 453، الاحتجاج 2 / 101 - 103، دار الاُسوة - إيران، بحار الأنوار 45 / 47، ناسخ التواريخ 2 / 368، وهناك اختلاف في الألفاظ وعدد الأبيات بين المصادر المذكورة.

١٠٣

ملحمة الطفّ

للشيخ حسن الدمستاني البحراني(1) المتوفّى سنة 1281 هـ (رحمة الله عليه)

بأبي أفدي نفوساً قُتِلُوا دونَ الحسين

لـيتني بينهمُ كنْتُ قطيعَ الودَجَين

* * *

أَحْرَمَ الحُجّاجُ عَنْ لَذّاتِهِمْ بَعْضَ الشُّهورِ

وأَنـا الـمُحْرِمُ عَـن لذّاتِهِ كُلّ الدُّهورِ

كـيفَ لا اُحرِمُ دَأباً نَاحِراً هديَ السُّرورِ

وأَنا في مَشْعَرِ الحزنِ على رُزْءِ الحُسَينْ

* * *

حَقَّ للشّاربِ مِنْ زمزَمَ حُبَّ المُصطفى

أن يـرى حَـقَّ بَـنيهِ حَـرَماً مُعْتَكفا

ويـواسيهمْ وإلاّ حَـادَ عَن بَابِ الصفا

وهو من أكبرِ حَوْبٍ عِنْدَ رَبِّ الحَرَمينْ

* * *

فَمِنَ الفَرْضِ علينا لُبسُ سِربالِ الأَسى

واتِّـخاذِ الـنَّوحِ دَأباً كُلَّ صُبْح ومَسَا

واشـتعال القلب أحزاناً تُذيب الأنْفسا

وقَليلٌ تُتلفُ الأرواحُ في رُزْءِ الحُسينْ

* * *

____________________

(1) رياض المدح والرثاء / 613.

١٠٤

لَسْتُ أنساهُ طَريداً عَنْ جِوارِ المُصطفى

لائِـذاً بـالقُبَّةِ الـزَّهراءِ يـشكو أَسَفا

قائلاً يا جَدُّ رَسْمُ الصَّبْرِ عَن قلبي عَفا

بِـبَلاءٍ أنْقَضَ الظّهرَ وأوهى المنكبينْ

* * *

صَبَّتِ الدُّنيا عَلينا حاصِباً مِنْ شَرِّها

لـم نَـذُق فيها هَنيئاً بُلْغَةً من بِرِّها

ها أنا مطرودُ رِجْسٍ فاجرٍ في بَرِّها

تارِكاً بالرغم مِنّي دارَ سُكنى الوالِدَينْ

* * *

ضُـمَّني عِندك يا جدّاهُ في هذا الضَريحْ

عـلَّني يـا جَدُّ مِن بلوى زماني أستريحْ

ضاق بي ياجَدُّ مِنْ‌فَرْطِ الأسى كلُّ فَسيحْ

فـعسى طَـودُ الأسى يَندكُّ بينَ الدَّكتينْ

* * *

جَدُّ صفوُالعَيْشِ‌مِنْ بَعْدِكَ بالأكدارِ شيب

وأَشَـابَ الـهَمُّ رأسي قبل أيّامِ المَشيبْ

فَـعَلى مِـن داخِـل القَبْر بُكاءٌ ونَحيبْ

ونِـداءٌ بـافتجاعٍ يـا حَبيبي يا حُسينْ

* * *

أَنْتَ يا رَيحانَة القَلْبِ حقيقٌ بالبلا

إنّـما الـدنيا اُعِدَّتْ لِبلاءِ النُبلا

١٠٥

لـكن الـماضي قليلٌ بالذي قد أقبَلا

فاتخذ درعينِ مِن حَزْم وعَزْم سابِغَينْ

* * *

ستذوقُ الموتَ ظُلماً ضَامياً في كربلا

وسـتبقى فـي ثـراها عَافِراً منجدِلا

وكـأنّي بـلئيمِ الأصْلِ شمر قد عَلا

صَدْرَك الطاهرَ بالسيفِ يَحِزُّ الوَدَجَينْ

* * *

وكـأنّي بـالأيامى مِـن بـناتي تَستغيثْ

سُـغُباً تَـستعطِفُ القَوْمَ وقد عَزَّ المُغيث

قد برى‌أجسامَهُنَّ الضَّرْبُ والسَّيْرُ الحَثيثْ

بـينها السجّادُ في الأصفادِ مَغلولَ اليَدَيْنْ

* * *

فَـبكى قُـرّةُ عَـيْنِ الـمُصطفى والمُرتضى

رَحْـمَةً لـلآلِ لا سُـخْطاً لِـمحتوم الـقضا

إذ‌هُوَ القُطْبُ الذي‌لم يخط عن‌سَمْتِ الرِّضا

مـقتدى الاُمّـةِ والـي شَـرْقِها والـمَغْربَينْ

* * *

حـين نـبّأ آلَـهُ الـغُرَّ بما قالَ النبي

أظْـلَمَ الاُفْـقُ عـليهم بـقتامِ الـكُرَبِ

فـكأنْ لـم يَستبينوا مَشرقاً مِن مَغْرِبِ

غَشِيَتْهُمْ ظُلماتُ الحُزْنِ مِن أجْلِ الحُسَينْ

١٠٦

فسرى بالأهلِ والصحبِ بِمَلْحوبِ الطريقْ

يَـقطعُ الـبَيْدا مُجدّاً قاصِدَ البَيتَ العَتيق

فَـأتَتْهُ كُـتُبُ الـكوفَةِ بـالعَهْدِ الـوَثيقْ

نَـحْنُ أنـصارُك فـاقدِمْ سَترى قُرَّةَ عَينْ

* * *

بَـينما الـسِّبْط بـأهليه مُجدّاً بالمسيرْ

وإذا الـهاتفُ يَـنعاهم ويـدعو ويُشيرْ

إنَّ قُــدّامَ مـطاياهم مَـناياهُم تَـسيرْ

ساعةً إذْ وَقَفَ المُهْرُ الذي تَحْتَ الحُسينْ

* * *

فَـعَلا صـهوةَ ثـانٍ فـأبى أن يَـرْحلا

فَدعا في صَحْبِهِ يا صَحْبُ ما هذا الفَلا

قـالوا هـذي كربلاءُ قال كَرْبٌ وبَلا

خَـيِّموا إنَّ بِهذي الأرضِ مَلقى العَسْكَرينْ

* * *

هاهُنا تُنْتَزَعُ الأرواحُ مِن أجسادِها

بِضُبا تعتاضُ بالأجسادِ عَن أغمادها

وبهذي تُحْمَلُ الأمجادُ في أصفادها

في وَثاقِ الطُلقاء الأدعياءِ الوالدينْ

* * *

وبِهذي تُرْمَلُ الأزواجُ مِن أزواجها

وبهذي تشربُ الأطفالُ مِن أوداجها

١٠٧

وبـهذي أنـجمُ الأمـجادِ عن أَبراجها

غائباتٍ في ثرى البُوغاء مَحجوباتِ بينْ

* * *

فَـأظـلَّتْهُم جـنـودٌ كـالجَرادِ الـمُنْتَشِرْ

مِـثْلُ شِـمْرٍ وابـنِ سـعد كلّ كذّاب أَشِرْ

فاصطلى الجَمْعانِ نارَ الحَرْبِ في يَوْم عَسِرْ

واستدارَتْ في رَحى الهيجاءِأنصارُ الحسينْ

* * *

يَحْسَبونَ البِيضَ إذ تلبس بِيضَ الكُلَلِ

بـيضَ اُنـس يَـتَمايَلْنَ بِحُمْر الحُلَلِ

فـيذوقونَ الـمنايا كَـمذاقِ الـعَسَلِ

شاهدوا الجنّةَ كَشْفاً وَرَأوْها رَأيَ عَيْنْ

* * *

بِـأَبي أَنـجمُ سَـعْد فـي هُبوطِ وصُعُودْ

طَـلَعَتْ فـي فَلَكِ المَجْدِ وغابَتْ في‌اللُحودْ

سَعُدَتْ‌بالذَبح والذابِحُ عَن‌بَعْضِ‌السُعودْ(1)

كـيفَ لا تـسعد في حالِ اقترانٍ بالحُسينْ

* * *

بـأبي أقـمارُ تَمٍّ خُسِفَتْ بين الصِّفاح

وشموسٌ مِن رُؤس في بُروج مِن رِماح

____________________

(1) السعود: هي عشرة كواكب (نجوم) يُقال لكلّ واحد منها: سَعْد.

١٠٨

ونُفوسٌ مُنِعَتْ أن تَرِدَ الماءَ المُباح

جُـرِّعَتْ كأسَ أوام وحِمام قاتِلَيْنْ

* * *

عندها ظَلَّ حُسَينٌ مُفْرَداً بينَ الجُمُوعْ

يَنْظُرُ الأهْلَ ويَذري مِن أماقِيهِ الدُمُوعْ

فانتضى للذبِّ عنهم مُرْهَفَ الحَدِّ لَموعْ

عَـزْمُهُ يقربه بالحَدِّ مَاضي الشَفْرَتَيْنْ

* * *

فَـاتِحاً مِنْ مَجْلسِ التّوديعِ للأحبابِ بابْ

فاحْتَسوا مِن ذلكَ التّوديع‌للأوصابِ‌صابْ

مُوصيَ الاُخت التي‌كانت لها الآداب‌دَأبْ

زَيـنبَ الـطهرِ بـأمرٍ وبـنهي نافذَيْنْ

* * *

اُختُ يا زينبُ اُوصيكِ وصايا فاسْمَعي

إنّـني في هذه الأرضِ مُلاق مَصرعي

فاصبري فالصّبرُ مِنْ خَيْر التذاذِ المَرْتَعِ

كـلّ حَـيٍّ سَـيُحيّيه مِن الأحياءِ حَيْنْ

* * *

في جَليلِ‌الصّبْرِ‌يااُخْتُ اصبري‌الصَّبْرَ‌الجَميلْ

إنّ خـيرَ الـصّبْر ماكانَ على‌الخَطْبِ الجَليلْ

واتـركي الـلَّطْمَ عـلى الخَدّ وإعلانِ العَويلْ

ثـمّ لا أكْـرَهُ أن تَـسقي الـدّموعَ الـوَجْنَتَينْ

١٠٩

واجمعي شَمْلَ اليتامى بَعْدَ فقدي وانظمي

أشْبِعي مَنْ جاعَ منهم ثمّ أروي مَن ظمي

واذكـريني إنّ فـي حِـفظِهِمُ طُلَّ دَمي

لـيتني بـينهمُ كـالأَنْفِ بينَ الحاجِبينْ

* * *

اُخْـتُ آتـيني بـطفلي أَرَهُ قَبْلَ الفِراقْ

فَـأتَتْ بالطِفل لا يَهْدَ ولا المَدْمَعُ راقْ

يَـتلظّى ظَـمأً والقلبُ منه في احتراقْ

غائِرَ العَينينِ طاوي البَطْنِ ذاوي الشَفَتينْ

* * *

فَـبكى لـمّا رآه يـتلظّى بـالأوامْ

بِدموعٍ مِن أماق تُخْجِلُ الغَيْثَ السِّجامْ

فَـأتى الـقَوْمَ وفي كَفَّيْهِ ذَيّاكَ الغُلامْ

وهُـما فـي ظمأٍ قَلبَاهُما كالجَمْرَتينْ

* * *

فَدعا في القوم يا للهِ لِلْخَطْبِ الفَظيعْ

نَبِّؤني أَأنا المُذنبُ أم هذا الرَّضيعْ

لاحِـظوهُ فَـعَلَيْهِ شَبَهُ الهادي الشَّفيعْ

لايَكُنْ شافعُكُم خَصْماً لكم في النّشْأتَينْ

* * *

عَـجِّلُوا نحوي بماء أسقهِ هذا الغُلامْ

فَحشاهُ في اُوام في احتراق واضطرامْ

١١٠

فاكتفى القومُ مِن القَوْلِ بتَكليمِ السِّهامْ

وإذا بالـطفلِ قَد خَرَّ ذَبيحَ الوَدَجَينْ

* * *

فالتقى ممّا هَما مِنْ مَنْحَرِ الطِّفْل دَمَا

ورَماهُ صاعِداً يشكو إلى رَبِّ السَّما

ويـنادي يا حكيماً أنتَ خَيرُ الحُكَما

فَجَعَ القوم بهذا الطفل قَلْبَ الوالدينْ

* * *

وأغـارَ الـسِبْطُ لـلهيجا بمأمونِ العِثارْ

إذْ أثـار الـضُّمّرُ الـعيثَرَ بـالنقع فَثَارْ

يحسبُ الحَرْبَ عَروساً وبها الروسُ نَثَارْ

ذكَّـر الـقومَ بِـبَدْر وباُحْد وَحُـنينْ

* * *

بَطَلٌ فَرْدٌ على الجَمْعِ منَ الأبْطال صَالْ

أَسَـدٌ يَـفْتَرسُ الاُسْدَ على الآجالِ جَالْ

مـا لَهُ غَيرُ إلهِ العَرْشِ في الأهوالِ وَالْـ

مـا سَـطا في فِرْقَةٍ إلاّ تولّتْ فِرقتينْ

* * *

ما لَهُ في حَوْمَةِ الهيجاءِ في الكَرِّ شَبيهْ

غـير مولانا عليٍّ والفتى سِرُّ أَبيه

غَـيْرَ أنَّ القومَ بالكَثْرَةِ كانوا مُتعبيه

وهـو ظـامٍ شفتاه أضحتا ناشِفَتينْ

١١١

دَأْبـهُ الـذَّبُّ إلى أن شَبَّ بالقلبِ الأوامْ

وحـكى جـثمانه القنفذَ مِن رَشْقِ السِّهامْ

وتوالى الطَّعْنُ والضَّرْبُ على الليثِ الهُمامْ

وعَـراهُ مِن نَزيفِ الدَّمِ ضَعْفُ الساعِدَينْ

* * *

فَـتَدنّى الـغادِرُ الباغي سِنانٌ بالسِّنانْ

طاعِناً صَدْرَ إمامي فَهوى واهي الجِنَانْ

أشْـرَفَتْ تبكي عليه أَسَفاً حُورُ الجِنانْ

وبـكى الكُرسيُّ والعَرْشُ عليه آسِفَينْ

* * *

مـا دَرى إذْ خَـرَّ عَـنْ ظَهْرِ الجَوادِ السَّابِحِ

أَحُـسينٌ خَـرّ أَمْ بُرْجُ السَّماكِ الرّامِحِ(1)

أمْ هُــوَ الـبدرُ وقـد حَـلَّ بِـسَعْدِ الـذّابحِ

أم هُوَالشمسُ‌وأينَ‌الشمسُ عَن‌نُورِ الحُسَينْ

* * *

أيُّ عَـينين بِـقَاني الـدَّمْعِ لا تَنْهرِقان

وحَبيبُ المصطفى بالطفِّ مخضوباً بقان

دَمُـهُ والـطِّيبُ فـي مَنحَرِهِ مختلطان

وَلَـهُ قَـدْرُ الـمعالي فَوْق هَامِ الفَرْقَدَينْ

* * *

____________________

(1) السماك الرامح: كوكب نيّر يُقال له: السماك الرامح؛ لأنّ أمامه كوكباً صغيراً يُقال له: راية السماك ورمحه.

١١٢

لَهْفَ نَفسي إذْ نحا نَحْوَ الفساطيطِ الحِصان

صـاهِلاً مـنفجعاً يَـصْهَلُ مَذعورَ الجَنان

مائلَ السَّرْجِ عَثيرَ الخَطْوِ في فَضْلِ العِنان

خاضبَ المِفرقَ والخدّينِ مِن نَحْرِ الحُسينْ

* * *

أَيُّـها الـمُهْرُ تَوَقَّفْ لا تَحُمْ حَوْلَ الخِيامْ

واترُكِ الإعوالَ كيْ لا يَسْمَعُ الآلُ الكِرامْ

كـيف تـستقبلهُمْ تعثرُ في فَضْلِ اللِجامْ

وهُـمُ يـنتظرونَ الآنَ إقـبالَ الحُسينْ

* * *

بَـرَقَ الـمُهْرُ رَجيفاً عالياً منهُ الصَهِيل

يُخبرُ النسوانَ أنّ السِبْطَ في البوغا جَديل

ودَمُ الـمَنْحَرِ جارٍ خاضبِ الجسمِ يَسيل

جـارياً مِـن نـحرِهِ الدمُ كما تَنبع عينْ

* * *

خَرَجَتْ مُذ سَمِعَتْ زينبُ إعوالَ الجَوادْ

تَحسبُ السِّبط أتاها بالّذي يَهوى الفؤادْ

مـا دَرَتْ أنَّ أخاها عافِرٌ في بَطْنِ وَادْ

ودَمُ الـمَنْحَرِ جـارٍ خَـاضِباً للمنكبينْ

* * *

مُذْ وَعَتْ ما لاحَ مِن‌حَالِ الجَوادِ الصّاهِلِ

صَـرَخَتْ نـادبةَ الـجَدِّ بِـلُبٍّ ذَاهِـلِ

١١٣

وبَدَتْ مِن داخلِ الخَيماتِ آلُ الفاضِلِ

بِصُراخٍ كادَ أنْ يَهْدِمَ رُكْنَ الحَرَمَينْ

* * *

وغَـدَتْ كُـلٌّ مِـنَ الدّهشةِ تَهوي وتَقُومْ

وعـلى أوجـهها مِـن كَـثْرَةِ اللّطم كُلُومْ

وحَقيقٌ بَعْدَ‌كَسْفِ الشَّمْسِ‌أنْ‌تَهوي‌النُجومْ

يَـتساقَطْنَ إلى مَـوْضِعِ ما خَرَّ الحُسينْ

* * *

وإذا بالشِّمْرِ جَاثٍ فَوْقَ صَدْرِ الطّاهرِ

يَـهْبُرُ الأَوداجَ مِـنْهُ بالحُسامِ الباتِرِ

فَـتَـساقَطْنَ عـليهِ بـفؤادٍ طـائِرِ

صَارخاتٍ قائلاتٍ خلِّ يا شِمْرُ حُسَينْ

* * *

رَأْسُ مَنْ تَقْطَعُ يا شمرُ بهذا الصارِمِ

لَيْسَ تَفري مِن وَريديه بكبش جاثِمِ

إنَّ ذا سِـبْطُ النبيِّ القرشيِّ الهاشِمي

أبـواه خَيرةُ اللهِ وذا ابنُ الخِيرَتَينْ

* * *

ارفـع الـصّارِمَ عَن نحرِ الإمامِ الواهِبِ

عِصمةُ الخائفِ في الأرضِ ومأوى الهارِبِ

كيف تُفري نَحْرَ‌سِبْطِ المُصطفى بالقاضِبِ

وهـو دَأْبـاً يُكْثِرُ التَّقبيلَ مِن نحرِ الحُسينْ

١١٤

كان يُؤذيه بُكاهُ وهو في المَهْدِ رَضيعْ

بابنِهِ قُدماً فَداهُ وهو ذو الشَأْنِ الرَّفيعْ

ليتهُ الآنَ يَراهُ وهو في التُرْبِ صَرِيعْ

يـتلظّى بِـظَمَاهُ فـاحِصاً بـالقَدَمَينْ

* * *

كَمْ لَهُ مِنْ مَلَكٍ في الملأِ الأعلى عَتِيقْ

وبـيمناهُ يَـسارٌ لذوي العُسرِ بَريقْ

ومِنَ اللهِ على النّاسِ لَهُ العَهْدُ الوَثيقْ

إنَّهُ الحُجّةُ في الخَلْقِ ومَولى الملأينْ

* * *

ما أَفادَ الوَعظُ والتوبيخُ في الرّجْسِ الزَنيمْ

وانـحنى يفري وريدَي ذلك النَّحْرِ الكريمْ

فـبرى الـرّأسَ وعـلاّهُ على رُمْحٍ قَويمْ

زاهـراً يُـشْرِقُ نُـوراً كـاسِفاً للقَمرينْ

* * *

شَمْسُ‌اُفْقِ‌الدِّينِ‌أَضحتْ‌في‌كسوفٍ‌بالسيوفْ

وتوارتْ‌عَنْ عُيونِ النّاسِ في أرضِ الطفوفْ

وبـدا بـالشمسِ والـبدْرِ كسوفٌ وخُسوفْ

لـكِنِ الاُفْـقَ مُـضيءٌ بـسنا رَأْسِ الحُسينْ

* * *

ذَبَـحَ الشِّمْرُ حُسَيناً ليتني كُنْتُ وِقاه

وغدا الأملاكُ تَنعاهُ خصوصاً عُتَقاه

١١٥

ما دَرى المَلعونُ شمرٌ أيَّ صَدرٍ قَد رَقاه

صَدْرَ مَنْ داسَ فخاراً فَوْقَ هَامِ الفَرقدَينْ

* * *

فَـتَكَ العُصفُورُ بالصَّقْرِ فيا لَلْعَجَبِ

ذَبَحَ الشِمْرُ حُسَيناً غيرةَ اللهِ اغضبي

حَـيدرٌ آجَـرَكَ اللهُ بـعالي الرُّتَبِ

أَدْرَكَ الأعـداءُ فيه ثارَ بَدْرٍ وحُنينْ

* * *

يـا لَـهُ داه دَهى الإسلامَ خَطْبٌ أَعْظَما

حَـقَّ لـلعينينِ أنْ تَـبكي دِمـاءً عِنْدَما

فـإذا لَـمْ تَـجْرِ فـي أيّامِ عاشورا دَمَا

لأجـودَنَّ بِـماءِ الـعَيْنِ جَوْدَ الأجودينْ

* * *

كَيفَ لا تبكي بِشَجْوٍ‌لابنِ بِنْتِ المُصطفى

إنّــهُ كـان سِـراجاً لـلبرايا وانـطفا

حَقّ لَو في فَيْضِ دَمْع العَيْن إنساني انطفا

واغتدى الجاري مِنَ العَيْنِ عَقيقاً لا لُجَينْ

* * *

أيـزيدٌ فَوْقَ فَرشٍ مِن حَريرٍ وسَريرْ

ثَمِلٌ نَشوانُ مِنْ خَمرٍ له السّاقي يُديرْ

وحسينٌ في صخورٍ وسَعيرٍ مِنْ هَجِيرْ

ساغباً ظمآنُ يُسقى مِن نَجِيعِ الوَدَجينْ

١١٦

حَـطَّمَ الحُزْنُ فؤادي لِحَطيمٍ بالصفا

ولـهيفِ القلبِ صادٍ وَذَبيحٍ مِن قفا

وَلِـعارٍ فـي وِهادٍ فَوقهُ السافي سَفا

صدرُهُ والظهرُ منه أصبحا منخسفَينْ

* * *

وا ذبـيحاً مِـن قفاهُ بالحُسامِ الباتِرِ

وا طـريحاً بـعراهُ ما لهُ مِن ساتِرِ

وا كـسيراً أضـلعاهُ بصليبِ الحافرِ

وا رَضيضاً قَدَماهُ والطوى والمنكبينْ

* * *

يـا أخـي قَـد كُنْتَ تاجاً للمعالي والرُّؤوسْ

مُـقْرياً لـلضيفِ والـسيفِ نَفيساً والنفوسْ

كيفَ‌أضحى‌جسْمُكَ‌السامي‌لَهُ‌الخيلُ‌تَدوسْ

بـعدما داسـت عـلى هـامِ السُّها بالقَدَمينْ

* * *

سـادتي حُـزني كَـحُبِّي لـكمُ بـاقٍ مُقيمْ

هِـبَةٌ مِـن عِـنْدِ رَبِّي ولهُ الفَضْلُ العَميمْ

قَـد صفا الحُبُّ بقلبي فاجعلوا ذنبي حَطيمْ

واكشفوا‌في‌الحشرِ كربي‌واشفعوا‌في الوالِدينْ

* * *

حَسَنٌ ما حَسَنٌ فيه سوى حُسْنُ الودادْ

وولاه فـي بـرآء وصَفاءِ الاعتقادْ

١١٧

وهو كافٍ في أماني مِنْ مخاويف المعادْ

إنّما الخَوفُ لِمَنْ لَمْ يَعْتَقِدْ فَضْلَ الحُسينْ

والحمد لله رب العالمين والصلاة والسّلام على محمّد وآله الطاهرين

١١٨

الفهرس

المقدّمة 3

مميّزات شخصيّته 4

نسبه الشّريف.. 7

أُسرته 8

ولادته ونشأته 11

خطابته 12

تكريم السيّد للعلماء 15

تواضعه 17

الفارس في ميدان الشعر 18

نشاطاته الاُخرى. 33

مؤلّفاته 35

موقف بطولي وتأريخي. 36

قالوا في السيّد جواد شبّر. 36

تلامذته 38

الحسين عليه‌السلام عبرة المؤمنين. 40

المقدّمة 40

احتفال الأئمّة بيوم عاشوراء 40

يوم الدموع. 42

فضل الحسين عليه‌السلام.... 43

مصرعُ العبّاس بن عليّ عليهما‌السلام حامل راية الحسين عليه‌السلام.... 90

ملحمة الطفّ.. 104

١١٩