تذكرة الفقهاء الجزء ٦

تذكرة الفقهاء17%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-5503-46-9
الصفحات: 333

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧
  • البداية
  • السابق
  • 333 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 228544 / تحميل: 5433
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء ٦

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٥٥٠٣-٤٦-٩
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

*(٣٧)*

رواية بشر بن الوليد الكندي

روى حديث الثقلين عن محمد بن طلحة بن مصرف اليامي الهمداني، ورواه عنه محمد بن الموصلي. أخرج حديثه الخطيب الخوارزمي(١) .

ورواه عنه الحافظ البغوي ورواه عن البغوي أبو طاهر المخلص الذهبي أخرجه الحموئي في فرائد السمطين باسناده عن أبي طاهر عن البغوي عنه بالاسناد واللفظ في الباب ٥٤ من السمط الثاني.

ترجم له:

١ - ابن سعد وقال: « روى عن أبى يوسف القاضي كتبه واملاءه، وروى عن شريك وحماد بن زيد ومالك بن أنس وصالح المري وغيرهم وروى عن محمد ابن طلحة وولى القضاء ببغداد في الجانبين جميعاً »(٢) .

٢ - الخطيب البغدادي ترجمة مطوّلة وأثنى عليه بقوله: « وكان جميل المذهب حسن الطريقة وكان بشر علماً من أعلام المسلمين وكان عالماً ديّناً خشناً في باب الحكم واسع الفقه وهو صاحب أبي يوسف ومن المقدمين عنده، وحمل الناس عنه من الفقه والمسائل ما لا يمكن جمعه

ثم حكى توثيقه عن أبي داود والدارقطني، وأرّخ وفاته سنة ٢٣٨(٣) .

*(٣٨)*

رواية جعفر بن حميد

روى حديث الثقلين عن عبد الله بن بكير الغنوي، ورواه عنه الحافظ

__________________

(١). مقتل الحسين ١ / ١٠٤.

(٢). طبقات ابن سعد ٧ / ٣٥٥.

(٣). تاريخ بغداد ٧ / ٨٠ - ٨٤.

١٤١

أبو جعفر محمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي المعروف بمطين. أخرج حديثه الحافظ الطبراني في المعجم الكبير(١) عن مطين عنه، تقدم في حكيم بن جبير باسناده ومتنه.

ترجم له:

١ - ابن حجر ورمز له م أي هو من رجال مسلم وقال: « جعفر بن حميد القرشي وقيل العبسي أبو محمد الكوفي وعنه مسلم حديثاً واحداً في التوبة وبقي بن مخلد وأبو يعلى والحسن وأبو زرعة والصغاني والحضرمي [ مطين ] وموسى بن اسحاق وجماعة. ذكره ابن حبان في الثقات وقال ابن منجويه مات بعد الثلاثين ومائتين وبلغ تسعين سنة وقال مطين: مات يوم الجمعة لاحدى عشرة بقيت من جمادى الاخرة سنة ٢٤٠ ثقة لا يخضب »(٢) .

٢ - الذهبي وقال: « وعنه وأبو يعلى والحسن بن سفيان، ثقة توفى سنة ٢٤٠ »(٣) .

٣ - الخزرجي وقال: « وثقه البستي [ ابن حبان ] قال مطين توفى سنة ٢٤٠ »(٤) .

*(٣٩)*

رواية ابن بنت السدى

رواه عن تليد بن سليمان المحاربي، وأخرجه عنه عبد الله بن أحمد بن حنبل في فضائل علي لابيه أحمد، وهو من زياداته، تقدم باسناده ومتنه في

__________________

(١). المعجم الكبير ج ٣ الرقم ٢٦٨١.

(٢). تهذيب التهذيب ٢ / ٨٧.

(٣). الكاشف ١ / ١٨٤.

(٤). الخلاصة ١ / ١٦٦.

١٤٢

أبي الجحاف.

ترجم له:

ابن حجر وقال: « اسماعيل بن موسى الفزاري أبو محمد ويقال أبو اسحاق الكوفي نسيب السدى روى عن مالك وعنه البخاري في خلق أفعال العباد وأبو داود والترمذي وابن ماجة وابن خزيمة والساجي وأبو يعلى

وقال ابن أبى حاتم: سألت أبي عنه فقال: صدوق، وقال مطين كان صدوقاً وقال النسائي ليس به بأس وقال ابن حبان في الثقات: يخطئ قال البخاري وغيره: مات ٢٤٥. قلت: لم أر في النسخة التي بخط الحافظ أبي علي البكري من ثقات ابن حبان قوله يخطئ. وقال الاجري عن أبي داود: صدوق في الحديث وكان يتشيّع، وجزم البخاري ومسلم في الكنى وابن سعد والنسائي وغيرهم بأنه ابن بنت السدى »(١) .

*(٤٠)*

رواية سفيان بن وكيع بن الجراح

رواه عن محمد بن فضيل، أخرج حديثه الحافظ أبو يعلى في مسنده(٢) قال: « حدثنا سفيان بن وكيع حدثنا محمد بن فضيل عن عبد الملك بن أبي سليمان عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري قال: سمعت رسول الله

__________________

(١). تهذيب التهذيب ١ / ٣٣٥.

(٢). في الورقة ٦٨ / أ من نسخة قيمة مكتوبة على نسخة كانت في دار الحديث النورية بدمشق وكان عليها خطوط الحفاظ وأئمة الحديث كزاهر بن طاهر الشحامي وأبى سعد الجنزرودى وأبى العلاء الهمداني وأبى الفضل بن ناصر وغيرهم. وعلى هذه النسخة سماعات كثيرة تاريخ بعضها سنة ٦١١ وبعضها سنة ٧٧٣ وهذه النسخة رأيتها في المكتبة السليمانية باسلامبول مكتبة شهيد على پاشا رقم ٥٦٤. وهو في المطبوعة ٢ / ٣٧٦.

١٤٣

صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول:

يا أيها الناس! انّي كنت قد تركت فيكم ما ان أخذتم به لم تضلوا بعدي: الثقلين، أحدهما أكبر من الاخر: كتاب الله، حبل ممدود من السماء الى الارض وعترتي أهل بيتي، وانهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض ».

ترجم له:

ابن حجر وعدد شيوخه ثم قال: « وعنه الترمذي وابن ماجة قال ابن حبان: كان شيخاً فاضلا صدوقاً الا انه ابتلى بوراقه فحكى فصته ثم قال: وكان ابن خزيمة يروي عنه وسمعته يقول: ثنا بعض من أمسكنا عن ذكره وما كان يحدث عنه الا بالحرف بعد الحرف. وهو من الضرب الذين لان يخروا من السماء أحب اليهم من أن يكذبوا على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم »(١) .

*(٤١)*

رواية اخي كرخويه الواسطي

رواه عن يزيد بن هارون، و رواه عنه الحافظ أبو عبد الله الحسين بن اسماعيل المحاملي، فقد أخرج عنه حديث الثقلين في الجزء الثالث من اماليه الورقة ٣٨ ب. تقدم بإسناده ومتنه في يزيد بن هارون وزكريا بن أبي زائدة.

ترجم له:

الخطيب و أرّخ وفاته سنة ٢٤٦ فقال: « محمد بن يزيد أبو بكر الواسطي ويعرف بأخى كرخويه، نزل بغداد وحدث بها عن أبي خالد الأحمر ويحيى ابن سعيد القطان ويزيد بن هارون ووهب بن جرير وأبي عامر

__________________

(١). تهذيب التهذيب ٤ / ١٣٢.

١٤٤

العقدي، روى عنه محمد بن الليث الجوهري ويحيى بن محمد بن صاعد والقاضي المحاملي وغيرهم. وكان ثقة »(١) .

*(٤٢)*

رواية يوسف بن موسى القطان

روى حديث الثقلين عن جرير بن عبد الحميد ومحمد بن فضيل عن أبي حيان التيمي، و رواه عنه امام الائمة محمد بن إسحاق بن خزيمة(٢) المتوفى ٣١١ في صحيحه(٣) قال:

« حدثنا يوسف بن موسى نا جرير ومحمد بن فضيل عن أبي حيان التيمي - وهو يحيى بن سعيد التيمي تيم الرباب - عن يزيد بن حيان قال انطلقت انا وحصين بن سبرة وعمرو بن مسلم الى زيد بن أرقم فجلسنا اليه فقال له حصين: يا زيد رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وصليت خلفه وسمعت حديثه وغزوت معه، لقد أصبت يا زيد خيراً كثيراً حدثنا يا زيد حديثاً سمعت من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وما شهدت معه. قال: بلى ابن أخي لقد قدم عهدي وكبرت سني ونسيت بعض الذي كنت أعي من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فما حدثتكم فاقبلوا وما لم احدثكموه فلا تكلفوني. قال: قام فينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوماً خطيباً بماء يدعى خم فحمد الله وأثنى عليه ووعظ وذكر، ثم قال:

أما بعد يا أيها الناس فانما أنا بشر يوشك أن يأتيني رسول ربي فأجيبه واني تارك فيكم الثقلين أولاهما كتاب الله فيه الهدى والنور من استمسك به وأخذ به كان على الهدى، ومن تركه وأخطأه كان على الضلالة وأهل

__________________

(١). تاريخ بغداد ٣ / ٣٧٤.

(٢). المتقدم في ص ١٤١ ج ١.

(٣). رأيت قطعة قديمة منه من القرن السادس في مكتبة السلطان أحمد الثالث في طوب قبوسراى باسلامبول رقم ٣٤٨ وأورد هذا الحديث في الورقة ٢٤٠ في أبواب الصدقات.

١٤٥

بيتي، اذكركم الله في أهل بيتي - ثلاث مرات(١) ».

ترجم له:

١ - الخطيب وذكر روايته عن جرير بن عبد الحميد ومحمد بن فضيل في آخرين وقال: « روى عنه البخاري وابراهيم الحربي والنسائي والبغوي وجماعة، وقال: وقد وصف غير واحد من الأئمة يوسف بن موسى بالثقة واحتج به البخاري في صحيحه مات سنة ٢٥٣(٢) ».

٢ - الحافظ ابن حجر وجعل عليه رموز البخاري وأبي داود والترمذي وابن ماجة فهو من رجالهم وأورد كلام الخطيب قال: وذكره ابن حبان في الثقات ثم قال: قلت: وروى [ عنه ] أيضاً ابن خزيمة في صحيحه وقال مسلمة كان ثقة(٣) .

*(٤٣)*

رواية احمد بن منصور الرمادي

رواه عنه الحافظ أبوبكر البزار في مسنده(٤) قال:

« حدثنا أحمد بن منصور ثنا داود بن عمر ثنا صالح بن موسى بن عبد الله حدثنا عبد العزيز بن رفيع عن أبي صالح.

__________________

(١). قال الحافظ أبوحاتم ابن حبان البستي المتوفى سنة ٣٥٤ تلميذ الحافظ ابن خزيمة في كتاب المجروحين في المقدمات ١ / ٩٣ طبعة دار الوعى بحلب: وما رأيت على أديم الأرض من كان يحسن صناعة السنن ويحفظ الصحاح بألفاظها ويقوم بزيادة كل لفظة تزاد في الخبر ثقة ؛ حتى كأن السنن كلها نصب عينيه الا محمد بن إسحاق بن خزيمة رحمة الله عليه فقط .

(٢). تاريخ بغداد ١٤ / ٣٠٤.

(٣). تهذيب التهذيب ١١ / ٤٢٥.

(٤). نسخة من المجلد الاول رأيتها في مكتبة مراد ملا باسلامبول رقم ٥٧٨.

١٤٦

عن أبي هريرة قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : انّي خلفت فيكم اثنتين لن تضلوا بعدهما ابداً: كتاب الله وعترتي، لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض ».

أورده الحافظ ابن حجر العسقلاني في زوائد مسند البزار نسخة المكتبة الآصفية في حيدرآباد الهند رقم ٧٢٩٥، الورقة ٢٧٧ / أ.

ترجم له:

١ - ابن حجر وقال: « قال ابن ابي حاتم كتبت عنه مع أبي وكان أبي يوثقه وقال الدارقطني: ثقة وكان عباس الدوري يجلّه وقال ربما سمعت يحيى ابن معين يقول قال أبوبكر الرمادي، وقرنه ابراهيم الاصبهاني بأبي بكر بن أبي شيبة في الحفظ وقيل لابي داود لم لم تحدث عن الرمادي؟! قال: رأيته يصحب الواقفة(١) فلم أحدث عنه! »(٢) .

٢ - الخطيب وعدد شيوخه الى أن قال: « وغيرهم من أهل العراق والحجاز واليمن والشام ومصر، وكان قد رحل وأكثر السماع والكتابة وصنف المسند حدثني عبيد الله بن ابى الفتح عن أبي الحسن الدارقطني قال: احمد بن منصور الرمادي ثقة »(٣) .

*(٤٤)*

رواية احمد بن يونس الضبي

روى حديث الثقلين عن عمار بن نصر، و رواه عنه عبد الله بن جعفر شيخ الحافظ ابي نعيم، اخرج حديثه ابو نعيم(٤) كما مر باسناده ولفظه في عمار

__________________

(١). أى الذين وقفوا عن القول بأن القرآن مخلوق أو قديم!!.

(٢). تهذيب التهذيب ١ / ٨٣.

(٣). تاريخ بغداد ٥ / ١٥١.

(٤). حلية الاولياء ٩ / ٦٤.

١٤٧

بن نصر.

ترجم له:

١ - الحافظ ابو نعيم وساق نسبه وقال: « ضبى كوفى قدم اصبهان توفى سنة ثمان وستين ومائتين كتب اهل بغداد بعدالته وأمانته »(١) .

٢ - الخطيب فقال: « احمد بن يونس بن المسيب ابو العباس الضبي كوفي الأصل بغدادي المنشأ. نزل اصبهان وحدث بها

روى عنه ابو العباس محمد بن يعقوب الأصم النيسابوري ومحمد بن عبد الله الصفار وعبد الله بن جعفر بن احمد بن فارس الاصبهانيان وعبد الرحمن ابن أبي حاتم الرازي وقال ابن أبي حاتم: هو بغدادي نزل اصبهان وكان محله عندنا الصدق

اخبرنا عبد الكريم بن محمد بن احمد المحاملي أخبرنا على بن عمر الحافظ(٢) قال: احمد بن يونس بن المسيب الضبي ابو العباس. كوفي سكن أصبهان كثير الحديث. من الثقات »(٣) .

*(٤٥)*

رواية ابراهيم بن مرزوق

روى حديث الثقلين عن ابي عامر العقدي، ورواه عنه ابو بشر الدولابي في كتاب الذرية الطاهرة وابو جعفر الطحاوي ( في مشكل الآثار ٢ / ٣٠٧ )، تقدم بإسناده ولفظه في ترجمة كثير بن زيد المتوفي ١٥٨ فراجع.

__________________

(١). أخبار اصبهان ١ / ٨١.

(٢). هو الدارقطني.

(٣). تاريخ بغداد ٥ / ٢٢٣.

١٤٨

ترجم له:

١ - الحافظ ابن حجر قال: « ابراهيم بن مرزوق بن دينار الأموي ابو إسحاق البصري نزيل مصر، روى عن أبي عامر العقدي وأبي داود الطيالسي ووهب بن جرير وروح بن عبادة وغيرهم، وعنه النسائي قال الدارقطني: ثقة الا انه كان يخطئ فيقال له فلا يرجع. قال ابن يونس مات لأربع عشرة ليلة خلت من جمادي الآخرة سنة ٢٧٠ قلت: وقال ابن يونس في تاريخ الغرباء: توفي بمصر وكان ثقة ثبتا وكان قد عمى قبل موته. وقال ابن أبي حاتم كتبت عنه وهو ثقة صدوق. وذكره ابن حبان في الثقات وقال الصدفي قال لي سعيد ابن عثمان: ابراهيم بن مرزوق ثقة روى عنه ابن عبد للحكم وشهر اسمه »(١) .

*(٤٦)*

رواية الحسين بن على بن جعفر

روى حديث الثقلين عن علي بن ثابت ورواه عنه الحافظ ابو بكر البزار في مسنده(٢) قال:

« حدثنا الحسين بن علي بن جعفر ثنا على بن ثابت ثنا سفيان بن سليمان عن أبي إسحاق عن الحارث.

عن علي قال قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اني مقبوض وانّي قد تركت فيكم الثقلين: كتاب الله واهل بيتي، وانكم لن تضلوا بعدهما ».

__________________

(١). تهذيب التهذيب ١ / ١٦٣.

(٢). مسند البزار نسخة من المجلد الاول رأيتها وعلقت منها في مكتبة مراد ملا في اسلامبول رقم ٥٧٨ نسخة القرن السابع وهذا الحديث في الورقة ٧٥ ب منه واورده الحافظ ابن حجر في زوائد مسند البزار في الورقة ٢٧٧ / أ من نسخة المكتبة الاصفية بحيدرآباد رقم ٧٢٩٥.

١٤٩

ترجم له:

١ - الحافظ ابن حجروذكره فيمن روى عنه ابو داود والنسائي والبزار وقال قال النسائي: صالح (١) .

٢ - الذهبي :« وعنه احمد بن عمر والبزار وجماعة » (٢) .

*(٤٧)*

رواية ابى احمد الفراء

رواه عن جعفر بن عون المخزومي، ورواه عنه ابو الفضل الحسن بن يعقوب المعدل. تقدم لفظه في جعفر بن عون.

اخرجه البيهقي من طريق الحاكم النيسابوري عن الحسن بن يعقوب عنه(٣) .

ورواه عنه ايضاً ابو عبد الله محمد بن يعقوب بن يوسف بن الاخرم الشيباني. أخرجه الحافظ البيهقي باب آل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . قال:

اخبرنا ابو زكريا يحيى بن ابراهيم بن محمد بن يحيى أنبا ابو عبد الله محمد بن يعقوب ثنا محمد بن عبد الوهاب انبا جعفر بن عون ثنا ابو حيان - وهو يحيى بن سعيد - عن يزيد بن حيان قال: سمعت زيد بن ارقم

اورده بلفظ مسلم ثم قال: اخرجه مسلم في الصحيح من حديث ابي حيان(٤) .

واخرجه الحافظ ابن عساكر في معجم شيوخه الورقة ١١ عن احمد بن علي، ابن العراقي عن احمد بن علي أبي بكر ابن خلف الشيرازي عن الحاكم النيسابوري بالاسناد واللفظ.

__________________

(١). تهذيب التهذيب ٢ / ٣٤٤.

(٢). ميزان الاعتدال ١ / ٥٤٤.

(٣). سنن البيهقي ٢ / ١٤٨.

(٤). سنن البيهقي ٧ / ٣٠.

١٥٠

ترجم له:

ابن حجر فقال: « محمد بن عبد الوهاب بن حبيب بن مهران العبدي ابو احمد الفراء الحافظ النيسابوري روى عن ابيه وابن عمه.

روى عنه النسائي وابن خزيمة وابو عوانة ومحمد بن يعقوب بن الاخرم وغيرهم. اثنى عليه مسلم بن الحجاج وروى البخاري في صحيحه حديثاً عن ابى احمد عن ابي غسان فقيل هو هذا وقيل غيره، قال النسائي: ثقة، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال الحاكم كان من اعقل مشايخنا روى عنه البخاري ومسلم وابراهيم بن أبي طالب وابن خزيمة فمن بعدهم من المشايخ. قرأت بخط ابى عمرو المستملي سمعت علي بن الحسن الدرابجردي يقول: ابو احمد عندي ثقة، مأمون، قال وسمعت الحسن بن يعقوب المعدل يقول مات سنة ٢٧٢ »(١) .

*(٤٨)*

رواية يعقوب بن سفيان الفسوي

روى حديث الثقلين بثمان طرق عن اربعة من الصحابة وهم: زيد ابن ارقم وابو سعيد الخدري وزيد بن ثابت وأبو ذر الغفاري.

اما حديث زيد بن ارقم فقد رواه عنه بأربعة اسانيد فقال:

١ - حدثنا ابوبكر ابن ابي شيبة وعلي بن المنذر قالا حدثنا ابن فضيل عن ابي حيان(٢) .

عن يزيد بن حيان قال: انطلقت انا وحصين بن عقبة الى زيد بن ارقم فقال زيد: قام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فحمد الله واثنى عليه ووعظ، ثم قال: اما بعد يا ايها الناس! اني انتظر ان يأتينى رسول ربى فأجيب، وانّي

__________________

(١). تهذيب التهذيب ٩ / ٣١٩.

(٢). يحيى بن سعيد بن حيان التيمي.

١٥١

تارك فيكم الثقلين احدهما كتاب الله عز وجل فيه النور والهدى، فاستمسكوا بكتاب الله عز وجل، فحث عليه.

ثم قال: واهل بيتي، اذكركم الله عز وجل في اهل بيتي، ثلاث مرات.

٢ - حدثنا يحيى(١) قال حدثنا جرير عن الحسن بن عبيد الله عن ابى الضحى عن زيد بن أرقم قال قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : انّي تارك فيكم ما ان تمسكتم به لن تضلوا كتاب الله عز وجل وعترتي اهل بيتي وانهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض.

٣ - حدثني احمد بن يحيى قال حدثنا عبد الرحمن بن شريك قال ثنا ابى عن الأعمش عن حبيب بن ثابت عن ابى الطفيل عن زيد بن أرقم عن نبي اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: انّي تركت فيكم الثقلين كتاب الله عز وجل حبل ممدود من السماء الأرض، وعترتي اهل بيتي، فانظروا كيف تخلفوني فيهما، فإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض.

٤ - حدثنا عبيد الله بن موسى قال اخبرنا(٢) اسرائيل عن عثمان بن المغيرة عن علي بن ربيعة قال: لقيت زيد بن أرقم وهو يريد الدخول على المختار فقلت له بلغني عنك حديث. قال: ما هو؟ قلت: أسمعت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: انّي تارك فيكم الثقلين كتاب الله عز وجل وعترتي؟ قال: نعم.

واما حديث ابى سعيد الخدري فرواه عنه بسندين قال:

٥ - حدثنا عبيد الله قال أنبأنا فضيل بن مرزوق عن عطية عن ابى سعيد الخدري قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : انّي تارك فيكم الثقلين أحدهما اكبر من الآخر كتاب الله عز وجل حبل ممدود من السماء الى الأرض، طرف في يد الله عز وجل وطرف في أيديكم فاستمسكوا به، ألا

__________________

(١). يحيى بن يحيى بن بكير التميمي.

(٢). وأخرجه أحمد في فضائل على رقم ٩٠ وفي المسند ٤ / ٣٧١ عن اسود بن عامر عن إسرائيل بالاسناد واللفظ.

١٥٢

وعترتي.

قال فضيل: سألت عطية عن عترته؟ قال اهل بيته.

٦ - حدثنا عبيد الله قال حدثنا ابواسرائيل عن عطية عن ابى سعيد الخدري قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : انّي تارك فيكم الثقلين أحدهما اكبر من الآخر كتاب الله عز وجل حبل سبب موصول من السماء الى الأرض وعترتي اهل بيتي وانهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض.

واما حديث زيد بن ثابت، قال:

حدثنا عبيد الله قال اخبرنا شريك عن الركين عن قاسم بن حسان عن زيد ابن ثابت قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : انّي تارك فيكم خليفتين: كتاب الله عز وجل وعترتي اهل بيتي، وانهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض.

واما حديث ابى ذر الغفاري، فقال:

حدثنا عبيد الله عن إسرائيل عن ابى إسحاق عن رجل حدثه عن حنش قال: رأيت اباذر آخذاً بحلقة باب الكعبة وهو يقول: يا ايها الناس! انا أبو ذر فمن عرفني الا وانا أبو ذر الغفاري لا أحدثكم الا ما سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول سمعته وهو يقول:

ايها الناس! انّي قد تركت فيكم الثقلين كتاب الله عز وجل وعترتي اهل بيتي، وأحدهما افضل من الآخر كتاب الله عز وجل، ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض، وان مثلهما كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تركها غرق »(١) .

ترجم له:

١ - تلميذه ابن أبى حاتم فقال: « يعقوب بن سفيان بن جوان

__________________

(١). المعرفة والتاريخ ١ / ٥٣٦ - ٥٣٨.

١٥٣

الفارسي مات سنة ٢٧٧ ثم عدد شيوخه »(١) .

٢ - ابن حجر : « يعقوب بن سفيان بن جوان الفارسي أبو يوسف بن أبي معاوية الفسوي الحافظ روى عن وخلق كثير جداً. روى عنه الترمذي والنسائي وابن خزيمة وأبو عوانة الأسفرايني وابن أبي داود وذكره ابن حبان في الثقات وقال: كان ممن جمع وصنف مع الورع والنسك والصلابة في السنة، وقال النسائي لا بأس به وقال الحاكم: امام أهل الحديث بفارس وقال أبو زرعة الدمشقي: قدم علينا رجلان من نبلاء الناس أحدهما وأرحلهما يعقوب بن سفيان، يعجز أهل العراق أن يروا مثله رجلا، وكان يحيى [ بن معين ] في التاريخ ينتخب منه وكان نبيلا جليل القدر. وقال أبو الشيخ حكى عن أبي محمد بن أبي حاتم قال قال لي أبي ما فاتك من المشايخ فاجعل بينك وبينهم يعقوب بن سفيان فإنك لا تجد مثله، وقال أبو عبد الرحمن النهاوندي: سمعت يعقوب بن سفيان يقول: كتبت عن ألف شيخ وكسر كلهم ثقات »(٢) .

٣ - الذهبي في ( تذكرة الحفاظ ١ / ٥٨٢ ) و ( العبر ٢ / ٥٨ ) ووصفه: بالإمام يعقوب بن سفيان الفسوي الحافظ أحد أركان الحديث.

٤ - السمعاني في ( الانساب الورقة ٤٢٨ ب ).

٥ - ابن الاثير في ( اللباب ٢ / ٤٣٢ ).

٦ - ياقوت في ( معجم البلدان ٢ / ٨٩٢ ) طبعة لايبزيك.

٧ - ابن الاثير في ( الكامل ٧ / ٤٤٠ ).

٨ - ابن كثير في ( البداية والنهاية ١١ / ٦٠ ).

٩ - ابن العماد في ( الشذرات ٢ / ١٧١ ).

__________________

(١). الجرح والتعديل ٩ / ٢٠٨.

(٢). تهذيب التهذيب ١١ / ٣٨٥.

١٥٤

*(٤٩)*

رواية القاضي أبى اسحاق الزهري

روى حديث الثقلين عن جعفر بن عون ويعلى بن عبيد، ورواه عنه أبو جعفر محمد بن علي بن دحيم الشيباني الكوفي مسند الكوفة في زمانه.

أخرجه الحافظ البيهقي(١) وقد تقدم حرفياً في يعلي بن عبيد وجعفر بن عون.

ترجم له:

الخطيب: « ابراهيم بن اسحاق بن أبي العنبس أبو إسحاق الزهري القاضي الكوفي، سمع جعفر بن عون العمري وإسحاق بن منصور السلولي ويعلى بن عبيد الطنافسي وكان ثقة خيراً فاضلا ديناً صالحاً ومات ابراهيم ابن أبي العنبس قاضي الكوفة سنة سبع وسبعين يعني ومائتين »(٢) .

*(٥٠)*

رواية محمد بن الفضل السقطي

من شيوخ الحافظ الطبراني، روى عنه في الكبير(٣) حديث الثقلين وهو رواه عن سعيد بن سليمان عن زيد بن الحسن الانماطي، كما تقدم في زيد ابن الحسن بإسناده ومتنه.

ترجم له:

١ - الخطيب : « محمد بن الفضل بن جابر أبو جعفر السقطي، سمع

__________________

(١). سنن البيهقي ١٠ / ١١٣.

(٢). تاريخ بغداد ٦ / ٢٥.

(٣). المعجم الكبير ج ٣ رقم ٢٦٨٠.

١٥٥

سعيد ابن سليمان الواسطي وعبد الاعلى بن حماد النرسي وفضيل بن عبد الوهاب وابراهيم بن محمد بن عرعرة وحامد بن يحيى البلخي.

روى عنه ابنه اسحاق ومحمد بن مخلد وأبوسهل بن زياد القطان ومحمد ابن الحسن بن زياد النقاش وأحمد بن يوسف بن خلاد، كان ثقة. وذكره الدارقطني فقال: صدوق حدثنا محمد بن عبد الواحد حدثنا محمد ابن العباس قريء على ابن المنادي وأنا أسمع قال: وجاءنا الخبر بموت أبي جعفر محمد بن الفضل بن جابر السقطي في شهر رمضان سنة ٢٨٨ »(١) .

٢ - السمعاني في ( الانساب ٢٩٩ - السقطي ) وذكر بعض ما مر.

٣ - ابن ماكولا في ( الاكمال ٤ / ٤٩١ ).

*(٥١)*

رواية فهد بن سليمان

رواه عن أبي غسان مالك بن اسماعيل الهندي ورواه عنه الحافظ أبوجعفر الطحاوي المتوفى ٣٢١، أخرجه في كتابه(٢) يأتي سنداً ومتناً في الطحاوي.

ترجم له:

ابن أبى حاتم فقال: « فهد بن سليمان النحاس المصري روى عن موسى ابن داود ومحمد بن كثير المصيصي ويحيى بن صالح وأبوتوبة، كتبت فوائده ولم يقض لنا السماع منه »(٣) .

__________________

(١). تاريخ بغداد ٣ / ١٥٣.

(٢). مشكل الاثار ٤ / ٣٦٨.

(٣). الجرح والتعديل ٧ / ٨٩.

١٥٦

*(٥٢)*

رواية أحمد بن القاسم الجوهري

روى عنه الحافظ الطبراني حديث الثقلين بلفظ مبسوط تقدم في زيد ابن الحسن الانماطي.

ترجم له:

الخطيب فقال: « أحمد بن القاسم بن مساور أبو جعفر الجوهري، سمع عفان بن مسلم وعلي بن الجعد وأبا بلال الاشعري والهيثم بن خارجة ومحمد ابن يوسف الغضيضي. روى عنه القاضي المحاملي وأحمد بن كامل وعبد الباقي ابن قانع القاضيان وأحمد بن محمد بن الصباح الكبشي ومحمد بن علي بن حبيش الناقد. وكان ثقة

أخبرنا محمد بن عبد الواحد أخبرنا محمد بن العباس قال قريء على ابن المنادي وأنا أسمع قال: أبوجعفر أحمد بن القاسم بن مساور الجوهري أكثر عن علي بن الجعد، قال لي انه كتب عنه خمسة عشر ألف حديث ومات سنة ثلاث وتسعين يعني ومائتين »(١) .

*(٥٣)*

رواية الحافظ صالح جزرة

رواه عن خلف بن سالم المخرمي البغدادي عن يحيى بن حماد ورواه عنه أبو نصر أحمد بن سهل الفقيه القباني البخاري، شيخ الحاكم النيسابوري أخرجه عنه الحاكم(٢) بإ سناد ومتن تقدم ص ١٦٦ ج ١.

__________________

(١). تاريخ بغداد ٤ / ٣٤٩.

(٢). المستدرك ٣ / ١٠٩.

١٥٧

ترجم له:

الخطيب البغدادي ترجمة موسعة وأثنى عليه ثناءاً بالغاً فقال: « صالح ابن محمد بن عمرو بن حبيب بن حسان بن المنذر بن عمار أبي الاشرس الاسدي - مولى أسد بن خزيمة - يكنى أبا علي ويلقب جزرة، وكان حافظاً عارفاً من أئمة الحديث وممن يرجع اليه في علم الآثار ومعرفة نقلة الاخبار رحل كثير ( كذا ) ولقى المشايخ بالشام ومصر وخراسان وانتقل عن بغداد الى بخارى فسكنها فحصل حديثه عند أهلها وحدث دهراً طويلا وكان صدوقاً ثبتا أميناً مات ببخارى سنة ٢٩٤ »(١) .

*(٥٤)*

رواية أحمد بن يحيى الحلواني

رواه عن عبد الله بن داهر ورواه عنه أبو جعفر العقيلي المتوفى ٣٢٢ في كتاب الضعفاء يأتي في العقيلي.

ترجم له:

الذهبي في المتوفين سنة ٢٩٦ وقال « وفيها أحمد بن يحيى الحلواني أبو جعفر، الرجل الصالح ببغداد، سمع أحمد بن يونس وسعدويه وكان من الثقات »(٢) .

*(٥٥)*

رواية أبى جعفر مطين

روى الحافظ الطبراني حديث الثقلين في المعجم الكبير بطرق عديدة

__________________

(١). تاريخ بغداد ٩ / ٣٢٢ - ٣٢٨.

(٢). العبر ٢ / ١٠٦.

١٥٨

فروى في ستة منها عن شيخه مطين هذا. منها: برقم ٢٦٨٠ و ٢٦٨٣ و ٣٠٥٢ تقدم بعضها في ترجمة زيد بن الحسن الانماطي.

وأخرج الخطيب البغدادي حديث الثقلين من طريق مطين. تقدم في الانماطي أيضاً.

ترجم له:

١ - الذهبي فقال: « الحافظ الكبير أبو جعفر محمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي الكوفي رأى أبا نعيم وسمع أحمد بن يونس ويحيى الحماني ويحيى بن بشر الحريري وسعيد بن عمرو الاشعثي. وكان من أوعية العلم حدث عنه أبو بكر النجار وأبو القاسم الطبراني وأبو بكر الاسماعيلي وعلي بن حسان الدممي وعلي بن عبد الرحمن البكائي وعدة. وقد صنف المسند وغير ذلك وله تاريخ صغير.

قال أبوبكر بن أبي دارم الحافظ: كتبت عن مطين مائة ألف. وسئل عنه الدارقطني فقال ثقة جبل، قلت: ولد سنة ٢٠٢ ومات في شهر ربيع الآخر سنة ٢٩٧ »(١) .

٢ - الامير ابن ماكولا وقال: « وأما مطين بضم الميم وتشديد الياء وآخره نون فهو أبو جعفر محمد بن عبد الله بن سليمان الكوفي أحد الأئمة الحفاظ لقبه مطين سمعت الصوري يقول لقبه به أبو نعيم [ الفضل ] بن دكين »(٢) .

٣ - الصفدي وحكى عنه أنه قال: كنت صبياً ألعب مع الصبيان وكنت أطولهم فندخل الماء ونخوض فيطينون ظهري، فبصر بي يوماً أبونعيم فلما رآني قال: يا مطين لا تحضر مجلس العلم. فاشتهر بذلك(٣) .

__________________

(١). تذكرة الحفاظ ٦٦٢.

(٢). الاكمال ٧ / ٢٦١.

(٣). الوافي بالوفيات ٣ / ٣٤٥.

١٥٩

*(٥٦)*

رواية الحسن بن سفيان النسوى

روى حديث الثقلين عن أبي سليمان نصر بن عبد الرحمن الوشاء ورواه عنه أبو عمرو الحيري محمد بن أحمد بن حمدان النيسابوري.

أخرجه عنه الحافظ أبو نعيم(١) قدم باسناده ومتنه في ترجمة زيد بن الحسن الانماطي.

ترجم له:

١ - الذهبي في وفيات سنة ٣٠٣ فقال: « وفيها الحافظ الكبير أبوالعباس الحسن بن سفيان الشيباني النسوي صاحب المسند تفقه على أبي ثور وكان يفتي بمذهبه وسمع من أحمد بن حنبل ويحيى بن معين والكبار وكان ثقة حجة واسع الرحلة، قال الحاكم: كان محدث خراسان في عصره مقدماً في التثبت والكثرة والفهم والأدب والفقه »(٢) .

٢ - السمعاني قال: « هذه النسبة الى بالوز وهي قرية من قرى نسا على ثلاثة أو أربعة فراسخ منها خرجت إليها لزيارة قبر أبي العباس الحسن ابن سفيان ابن عامر بن عبد العزيز بن عطاء الشيباني البالوزي النسوي من قرية بالوز.

كان محدث خراسان في عصره وكان مقدماً في الفقه والعلم والأدب وله الرحلة الى العراق والشام ومصر والكثرة والجمع وصنف المسند الكبير والجامع والمعجم وهو الراوية بخراسان لمصنفات الأئمة وكتب الأمهات بالكوفة عن آخرها من أبي بكر بن [ أبي ] شيبة وكانت اليه الرحلة بخراسان من أقطار الارض ومات في سنة ٣٠٣ وقبره ببالوز يزار،

__________________

(١). حلية الاولياء ١ / ٣٥٥.

(٢). العبر ٢ / ١٢٤.

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

ومن طريق الخاصة : قول الصادقعليه‌السلام : « كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، إذا كان العشر الأواخر اعتكف في المسجد ، وضُربت له قبّة من شعر ، وشمّر المئزر وطوى فراشه »(١) .

مسألة ١٦٩ : وقد أجمع أهل العلم كافة على أنّه ليس بفرض‌ في ابتداء الشرع ، وإنّما يجب بالنذر وشبهه.

روى العامة أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال : ( مَنْ أراد أن يعتكف فليعتكف العشر الأواخر )(٢) علّقه بالإِرادة ، ولو كان واجباً لما كان كذلك.

ومن طريق الخاصة : قول الصادقعليه‌السلام : « إذا اعتكف يوماً ولم يك اشترط فله أن يخرج ويفسخ اعتكافه ، وإن أقام يومين ولم يك اشترط فليس له أن يخرج ويفسخ اعتكافه حتى تمضي ثلاثة أيام »(٣) .

وقد أجمع المسلمون على استحبابه ؛ لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، كان يعتكف في كلّ سنة ويُداوم عليه.

وأفضل أوقاته العشر الأواخر من شهر رمضان.

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( اعتكاف عشر في شهر رمضان يعدل حجّتين وعُمرتين )(٤) وداوَمَ على اعتكافها حتى قبضه الله تعالى.

فمَنْ رغب إلى المحافظة على هذه السنّة فينبغي أن يدخل المسجد قبل غروب الشمس يوم العشرين حتى لا يفوته شي‌ء من ليلة الحادي والعشرين ،

____________________

(١) الكافي ٤ : ١٧٥ / ١ ، الفقيه ٢ : ١٢٠ / ٥١٧ ، التهذيب ٤ : ٢٨٧ / ٨٦٩ ، الاستبصار ٢ : ١٣٠ - ١٣١ / ٤٢٦.

(٢) أوردها ابنا قدامة في المغني والشرح الكبير ٣ : ١٢٣ ، وبتفاوت في صحيح مسلم ٢ : ٨٢٥ / ٢١٥ ، وسنن البيهقي ٤ : ٣١٥.

(٣) الكافي ٤ : ١٧٧ / ٣ ، الفقيه ٢ : ١٢١ / ٥٢٦ ، التهذيب ٤ : ٢٨٩ - ٢٩٠ / ٨٧٩ ، الاستبصار ٢ : ١٢٩ / ٤٢١ ، وفي المصادر عن الإِمام الباقرعليه‌السلام .

(٤) الفقيه ٢ : ١٢٢ / ٥٣١.

٢٤١

ويخرج بعد غروب الشمس ليلة العيد ، وإن بات ليلة العيد فيه إلى أن يصلّي فيه العيد أو يخرج منه إلى المصلّى كان أولى.

المطلب الثاني : في شرائطه‌

مسألة ١٧٠ : إنّما يصح الاعتكاف من مكلّف مسلم‌ ؛ لأنّه عبادة وشرطه الصوم على ما يأتي(١) ، وإنّما يصحّ الصوم بالشرطين.

ويصحّ اعتكاف الصبي المميّز ، كما يصحّ صومه.

وهل هو مشروع أو تأديب؟ إشكال.

ولا يصحّ من المجنون المـُطبق ولا مَنْ يعتوره وقت جنونه ؛ لانتفاء التكليف عنه.

ولا ينعقد من الكافر الأصلي ؛ لفقدان الشرط ، وهو : النيّة المشروطة بالتقرّب.

مسألة ١٧١ : يشترط في الاعتكاف النية‌ ، فلو اعتكف من غير نية ، لم يعتدّ به ؛ لأنّه فعل يقع على وجوه مختلفة ، فلا يختص بأحدها إلّا بواسطة النية التي تخلص بعض الأفعال أو الوجوه والاعتبارات عن بعض.

ولأنّ الاعتكاف عبادة ، فلا يصحّ من دون النية ، لقوله تعالى :( وَما أُمِرُوا إِلاّ لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ) (٢) ولا معنى للإِخلاص إلّا النية.

ولأنّه عمل وقد قالعليه‌السلام : ( إنّما الأعمال بالنيّات )(٣) .

وتشترط نية الفعل ، والوجه من الوجوب أو الندب ، والتقرّب إلى الله تعالى ، لأنّ الفعل صالح للوجوب والندب والتقرّب واليمين أو منع النفس أو‌

____________________

(١) يأتي في المسألة ١٧٥.

(٢) البيّنة : ٥.

(٣) صحيح البخاري ١ : ٢ ، سنن أبي داود ٢ : ٢٦٢ / ٢٢٠١ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١٤١٣ / ٤٢٢٧ ، سنن البيهقي ١ : ٢١٥ و ٧ : ٣٤١.

٢٤٢

الغضب ، فلا بدّ من التقرّب والوجه.

وإذا نوى الاعتكاف مدّةً لم تلزمه إجماعاً.

نعم يشترط استمرار النية حكماً ، فلو خرج لقضاء حاجة أو لغيره ، استأنف النية عند الرجوع إن بطل الاعتكاف بالخروج ، وإلّا فلا.

مسألة ١٧٢ : يشترط في الاعتكاف اللبث‌ عند علمائنا أجمع ، وهو قول أهل العلم ؛ لأنّ الاعتكاف في اللغة عبارة عن المقام ، يقال : عكف واعتكف ، أي : أقام.

وللشافعي وجهان : هذا أحدهما ، والثاني : أنّه لا يشترط اللبث ، بل يكفي مجرّد الحضور ، كما يكفي الحضور بعرفة في تحقيق ركن الحج.

ثم فرّع على الوجهين ، فقال : إن اكتفينا بالحضور حصل الاعتكاف بالعبور حتى لو دخل من باب وخرج من باب ونوى ، فقد اعتكف ، وإن اعتبرنا اللبث ، لم يكف ما يكفي في الطمأنينة في أركان الصلاة ، بل لا بدّ وأن يزيد عليه بما يسمّى إقامة وعكوفاً ، ولا يعتبر السكون ، بل يصح اعتكافه قائماً وقاعداً ومتردّداً في أرجاء المسجد(١) .

وهذا القول لا عبرة به عند المحصّلين.

مسألة ١٧٣ : لا يجوز الاعتكاف عند علمائنا أقلّ من ثلاثة أيام بليلتين متواليات‌ ، خلافاً للعامة كافة ؛ فإنّ الشافعي لم يقدّره بحدّ ، بل جوّز اعتكاف ساعة واحدة فأقلّ ، وهو رواية عن أحمد وأبي حنيفة(٢) .

ورواية اُخرى عن أبي حنيفة أنّه لا يجوز أقلّ من يوم واحد ، وهو رواية عن مالك(٣) .

____________________

(١) فتح العزيز ٦ : ٤٨٠.

(٢) المهذب للشيرازي ١ : ١٩٨ ، المجموع ٦ : ٤٩١ ، الوجيز ١ : ١٠٦ ، فتح العزيز ٦ : ٤٨٠ ، حلية العلماء ٣ : ٢٢٠ ، بدائع الصنائع ٢ : ١١٠ ، بداية المجتهد ١ : ٣١٤.

(٣) المبسوط للسرخسي ٣ : ١١٧ ، بدائع الصنائع ٢ : ١١٠ ، الهداية للمرغيناني ١ : ١٣٢. =

٢٤٣

وعن مالك رواية اُخرى أنّه لا يكون أقلّ من عشرة أيام(١) .

لنا : ما رواه العامة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال : ( لا اعتكاف إلّا بصوم )(٢) والصوم لا يقع في أقلّ من يوم ، فبطل قول الشافعي ومَنْ وافقه.

وأمّا التقدير بالثلاثة : فلأنّ الاعتكاف في اللغة هو اللبث المتطاول وفي الشرع قيّد بالعبادة ، ولا يصدق ذلك بيوم واحد ؛ لأنّ التقدير بيوم لا مُماثل له في الشرع ، والتقدير بعشرة سيأتي إبطاله ، فتتعيّن الثلاثة ، كصوم كفّارة اليمين وكفّارة بدل الهدي وغير ذلك من النظائر.

ولقول الصادقعليه‌السلام : « لا يكون الاعتكاف أقلّ من ثلاثة أيام ومن اعتكف صام »(٣) .

واحتجاج الشافعي : بأنّ الاعتكاف لبث ، وهو يصدق في القليل والكثير(٤) . وأبو حنيفة : بأنّ من شرطه الصوم ، وأقلّه يوم(٥) . ومالك : بأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، كان يعتكف العشر الأواخر(٦) ، باطل : بأنّ الاعتكاف في اللغة هو اللبث الطويل ، والأصل بقاء الوضع ، وقد بيّنّا أنّه لا‌

____________________

= الكافي في فقه أهل المدينة : ١٣١ ، حلية العلماء ٣ : ٢٢٠ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٩٨ ، المجموع ٦ : ٤٩١ ، فتح العزيز ٦ : ٤٨١.

(١) بداية المجتهد ١ : ٣١٤ ، التفريع ١ : ٣١٢ - ٣١٣ ، الكافي في فقه أهل المدينة : ١٣١.

(٢) أوردها ابنا قدامة في المغني والشرح الكبير ٣ : ١٢٥ ، وفي سنن الدارقطني ٢ : ١٩٩ - ٢٠٠ / ٤ وسنن البيهقي ٤ : ٣١٧ ( بصيام ) بدل ( بصوم ).

(٣) الكافي ٤ : ١٧٧ / ٢ ، الفقيه ٢ : ١٢١ / ٥٢٥ ، التهذيب ٤ : ٢٨٩ / ٨٧٦ ، الاستبصار ٢ : ١٢٨ - ١٢٩ / ٤١٨.

(٤) المهذب للشيرازي ١ : ١٩٨ ، المجموع ٦ : ٤٨٩ ، فتح العزيز ٦ : ٤٨٠.

(٥) المبسوط للسرخسي ٣ : ١١٧ ، بدائع الصنائع ٢ : ١١٠ ، الهداية للمرغيناني ١ : ١٣٢.

(٦) كما في المعتبر للمحقق الحلي : ٣٢٢ ، كما أنّ فيه أيضا التعرض لاحتجاج الشافعي وأبي حنيفة.

٢٤٤

يكون أقلّ من ثلاثة أيام عن أهل البيتعليهم‌السلام . وفعل الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، لا يدلّ على تحديد الأقلّ.

مسألة ١٧٤ : ويشترط في الاعتكاف أن يكون في مكان خاص‌ ، وقد أجمع علماء الأمصار على اشتراط المسجد في الجملة ، لقوله تعالى :( وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عاكِفُونَ فِي الْمَساجِدِ ) (١) ولو صحّ الاعتكاف في غير المسجد ، لم يكن للتقييد فائدة ؛ لأنّ الجماع في الاعتكاف مطلقاً حرام.

ولأنّ الاعتكاف لبث هو قربة ، فاختصّ بمكان كالوقوف.

ثم اختلف العلماء بعد ذلك في أنّه هل يشترط مسجد معيّن أم لا؟ فالذي عليه أكثر علمائنا(٢) أنّه يشترط أن يكون في مسجد جمّع فيه نبي أو وصي نبي ، وهي أربعة مساجد : المسجد الحرام ومسجد النبيعليه‌السلام ، جمّع فيهما رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ومسجد الكوفة ومسجد البصرة جمّع فيهما عليعليه‌السلام .

وقد روي في بعض الأخبار بدل « مسجد البصرة » : « مسجد المدائن » رواه الصدوق(٣) .

وقال ابن أبي عقيل منّا : إنّه يصح الاعتكاف في كلّ مسجد.

قال : وأفضل الاعتكاف في المسجد الحرام ومسجد الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ومسجد الكوفة ، وسائر الأمصار مساجد الجماعات(٤) . وبه قال الشافعي ومالك(٥) .

____________________

(١) البقرة : ١٨٧.

(٢) منهم : الشيخ الطوسي في المبسوط ١ : ٢٨٩ ، والقاضي ابن البراج في المهذب ١ : ٢٠٤ ، وأبو الصلاح الحلبي في الكافي في الفقه : ١٨٦ ، وسلّار في المراسم : ٩٩.

(٣) الفقيه ٢ : ١٢٠ / ٥٢٠.

(٤) حكاه عنه المحقق في المعتبر : ٣٢٣.

(٥) المهذب للشيرازي ١ : ١٩٧ ، المجموع ٦ : ٤٨٠ و ٤٨٣ ، فتح العزيز ٦ : ٥٠١ ، بداية =

٢٤٥

وللشافعي قول قديم - كقول الزهري - إنّه يصحّ في كلّ جامع وغير جامع(١) .

وقال المفيدرحمه‌الله : لا يكون الاعتكاف إلّا في المسجد الأعظم ، وقد روي : أنّه لا يكون إلّا في مسجد جمّع فيه نبي أو وصي ، والمساجد التي جمّع فيها نبي أو وصي هي أربعة مساجد(٢) . وعدَّ ما اخترناه.

وقال أبو حنيفة وأحمد : لا يجوز إلّا في مسجد يجمّع فيه(٣) .

وعن حذيفة : أنّه لا يصحّ الاعتكاف إلّا في أحد المساجد الثلاثة : المسجد الحرام والمسجد الأقصى ومسجد الرسولعليه‌السلام (٤) .

لنا : أنّ الاعتكاف عبادة شرعية ، فيقف على مورد النصّ ، والذي وقع عليه الاتّفاق ما قلناه.

ولأنّ عمر بن يزيد سأل الصادقعليه‌السلام : ما تقول في الاعتكاف ببغداد في بعض مساجدها؟ فقال : « لا اعتكاف إلّا في مسجد جماعة قد صلّى فيه إمام عدل صلاة جماعة ، ولا بأس أن يعتكف في مسجد الكوفة‌

____________________

= المجتهد ١ : ٣١٣ ، مقدمات ابن رشد : ١٩٠ ، المغني ٣ : ١٢٨ ، الشرح الكبير ٣ : ١٣٠.

(١) كذا ، ولكن المنسوب إلى الشافعي في القديم ، والزهري ، هو : اختصاص الاعتكاف بالمسجد الجامع. راجع المهذب للشيرازي ١ : ١٩٧ ، والمجموع ٦ : ٤٨٠ ، وفتح العزيز ٦ : ٥٠١ - ٥٠٢ ، وحلية العلماء ٣ : ٢١٧ ، والمغني ٣ : ١٢٨ ، والشرح الكبير ٣ : ١٣٠.

(٢) المقنعة : ٥٨.

(٣) بدائع الصنائع ٢ : ١١٣ ، الحجة على أهل المدينة ١ : ٤١٥ ، تحفة الفقهاء ١ : ٣٧٢ ، المغني ٣ : ١٢٧ ، الشرح الكبير ٣ : ١٢٩ ، حلية العلماء ٣ : ٢١٧ ، المجموع ٦ : ٤٨٣.

(٤) حلية العلماء ٣ : ٢١٧ ، المجموع ٦ : ٤٨٣ ، المغني ٣ : ١٢٨ ، الشرح الكبير ٣ : ١٣٠.

٢٤٦

ومسجد المدينة ومسجد مكّة ومسجد البصرة »(١) .

ولأنّ الاعتكاف يتعلّق به أحكام شرعية من أفعال وتروك ، والأصل عدم تعلّقها بالمكلّف إلّا مع ثبوت المقتضي ولم يُوجد.

احتجّ المفيد : بقول أمير المؤمنينعليه‌السلام : « لا أرى الاعتكاف إلّا في المسجد الحرام أو مسجد الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أو في مسجد جامع »(٢) .

واحتجّ ابن أبي عقيل : بقوله تعالى( وَأَنْتُمْ عاكِفُونَ فِي الْمَساجِدِ ) (٣) .

ولقول الصادقعليه‌السلام : « لا اعتكاف إلّا بصوم وفي المصر(٤) الذي أنت فيه »(٥) .

واحتجّ أبو حنيفة : بقولهعليه‌السلام : ( كلّ مسجد له إمام ومؤذّن يعتكف فيه )(٦) .

ولأنّه قد يأتي عليه الجمعة ، فإن خرج ، أبطل اعتكافه ، وربما كان واجباً ، وإن لم يخرج ، أبطل جمعته ، فحينئذٍ يجب المسجد الذي يصلّي فيه جمعة.

والجواب : أنّ قول أمير المؤمنينعليه‌السلام : « أو في مسجد جامع » مطلق ، وما قلناه مقيّد ، فيحمل عليه ؛ جمعاً بين الأدلّة.

____________________

(١) التهذيب ٤ : ٢٩٠ / ٨٨٢ و ٨٨٣ ، الاستبصار ٢ : ١٢٦ / ٤٠٩ و ٤١٠ ، الكافي ٤ : ١٧٦ ( باب المساجد التي يصلح الاعتكاف فيها ) الحديث ١ ، والفقيه ٢ : ١٢٠ / ٥١٩.

(٢) التهذيب ٤ : ٢٩١ / ٨٨٥ ، الاستبصار ٢ : ١٢٧ / ٤١٢ ، وراجع المعتبر : ٣٢٣.

(٣) البقرة : ١٨٧.

(٤) في المصدر : وفي مسجد المصر.

(٥) أورده المحقق في المعتبر : ٣٢٣ نقلاً عن جامع البزنطي.

(٦) أورده المحقق في المعتبر : ٣٢٣. وفي سنن الدار قطني ٢ : ٢٠٠ / ٥ بتفاوت. وراجع : بدائع الصنائع ٢ : ١١٣.

٢٤٧

ولا دلالة في الآية ؛ لأنّ اللام قد تقع للعهد.

وقول الصادقعليه‌السلام ، محمول على المسجد الذي هو أحد الأربعة. ولا بدّ من التأويل ؛ لأنّه يقتضي تحريم الاعتكاف إلّا في مصره ، وهو خلاف الإِجماع.

وحجّة أبي حنيفة لنا.

تذنيب : ليس للمرأة الاعتكاف في مسجد بيتها‌ - وهو الذي عزلته وهيّأته للصلاة فيه - لأنّه ليس له حرمة المساجد ، وليس مسجداً حقيقةً ، ولهذا يجوز تبديله وتوسيعه وتضييقه ، فلم يكن مسجداً حقيقةً ، فأشبه سائر المواضع ، وهو الجديد للشافعي ، وبه قال مالك وأحمد(١) .

وقال في القديم : يجوز لها ذلك - وهذا التفريع على رأي مَنْ يعمَم الأماكن. وأبو حنيفة قال بالجواز(٢) أيضاً - لأنّه مكان صلاتها ، كما أنّ المسجد مكان صلاة الرجل(٣) .

وليس بجيّد ؛ لأنّ نساء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، كُنّ يعتكفن في المسجد(٤) ، ولو جاز اعتكافهنّ في البيوت ، لأشبه أن يلازمنها.

____________________

(١) المجموع ٦ : ٤٨٠ و ٤٨٤ ، الوجيز ١ : ١٠٧ ، فتح العزيز ٦ : ٥٠٢ ، حلية العلماء ٣ : ٢١٧ ، مقدمات ابن رشد : ١١٩ ، المغني ٣ : ١٢٩ ، الشرح الكبير ٣ : ١٣٢ ، المبسوط للسرخسي ٣ : ١١٩.

(٢) بدائع الصنائع ٢ : ١١٣ ، المبسوط للسرخسي ٣ : ١١٩ ، الهداية للمرغيناني ١ : ١٣٢ ، المجموع ٦ : ٤٨٤ ، فتح العزيز ٦ : ٥٠٣ ، حلية العلماء ٣ : ٢١٨ ، المغني ٣ : ١٢٩ ، الشرح الكبير ٣ : ١٣٢ ، مقدمات ابن رشد : ١٩١.

(٣) فتح العزيز ٦ : ٥٠٣ ، المجموع ٦ : ٤٨٠ ، حلية العلماء ٣ : ٢١٧.

(٤) صحيح البخاري ٣ : ٦٣ ، صحيح مسلم ٢ : ٨٣١ / ١١٧٣ ، سنن ابن ماجة ١ : ٥٦٣ / ١٧٧١.

٢٤٨

وعلى الجواز ففي جواز الاعتكاف للرجل وجهان للشافعية ؛ لأنّ(١) تنفّل الرجل في البيت أفضل ، والاعتكاف ملحق بالنوافل(٢) .

وكلّ امرأة يكره لها حضور الجماعات يكره لها الاعتكاف في المساجد.

مسألة ١٧٥ : يشترط في الاعتكاف الصوم عند علمائنا أجمع‌ - وبه قال ابن عمر ، وابن عباس وعائشة والزهري وأبو حنيفة ومالك والليث والأوزاعي والحسن بن صالح بن حي وأحمد في إحدى الروايتين(٣) - لما رواه العامة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال : ( لا اعتكاف إلّا بصوم )(٤) .

ومن طريق الخاصة : قول الصادقعليه‌السلام : « لا اعتكاف إلّا بصوم »(٥) .

ولأنّه لبث في مكان مخصوص ، فلم يكن بمجرّده قربةً ، كالوقوف بعرفة.

وقال الشافعي : لا يشترط الصوم ، بل يجوز من غير صوم - وبه قال ابن مسعود وسعيد بن المسيّب وعمر بن عبد العزيز والحسن وعطاء وطاوس وإسحاق وأحمد في الرواية الاُخرى - لأنّ عمر سأل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، إنّي نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلةً في المسجد الحرام ، فقال النبي صلّى الله‌

____________________

(١) هذا وجه الجواز.

(٢) فتح العزيز ٦ : ٥٠٣ ، المجموع ٦ : ٤٨٠.

(٣) المغني والشرح الكبير ٣ : ١٢٥ ، المجموع ٦ : ٤٨٧ ، فتح العزيز ٦ : ٤٨٤ ، حلية العلماء ٣ : ٢١٨ ، الهداية للمرغيناني ١ : ١٣٢ ، بدائع الصنائع ٢ : ١٠٩ ، بداية المجتهد ١ : ٣١٥ ، مقدّمات ابن رشد : ١٩١ ، الكافي في فقه أهل المدينة : ١٣١.

(٤) أوردها ابنا قدامة في المغني والشرح الكبير ٣ : ١٢٥ ، وفي سنن الدار قطني ٢ : ١٩٩ - ٢٠٠ / ٤ ، وسنن البيهقي ٤ : ٣١٧ : ( بصيام ) بدل ( بصوم ).

(٥) الكافي ٤ : ١٧٦ ( باب أنه لا يكون الاعتكاف إلا بصوم ) الأحاديث ١ - ٣ ، التهذيب ٤ : ٢٨٨ / ٨٧٣.

٢٤٩

عليه وآله : ( أوْف بنذرك )(١) ولو كان الصوم شرطاً لم يصح اعتكاف الليل.

ولقول ابن عباس : ( ليس على معتكف صوم )(٢) .

ولأنّه عبادة تصح في الليل ، فلا يشترط لها الصيام ، كالصلاة(٣) .

والجواب : الليلة قد تطلق مع إرادة النهار معها ، كما يقال : أقَمْنا ليلتين أو ثلاثاً ، والمراد : الليل والنهار

ونمنع صحة الاعتكاف ليلاً خاصة. والفرق بينه وبين الصلاة ظاهر ؛ لأنّه بمجرّده لا يكون عبادةً ، فاشترط فيه الصوم.

وقول ابن عباس لا يكون حجّةً.

مسألة ١٧٦ : لا يشترط صوم معيّن ، بل أيّ صوم اتّفق صحّ الاعتكاف معه ، سواء كان الصوم واجباً أو ندباً ، وسواء كان الاعتكاف واجباً أو ندباً ، فلو نذر اعتكاف ثلاثة أيام مثلاً ، وجب الصوم بالنذر ؛ لأنّ ما لا يتمّ الواجب إلّا به يكون واجباً.

فلو اعتكف في شهر رمضان ، صحّ اعتكافه ، وكان الصوم واقعاً عن رمضان ، وأجزأ عن صوم اعتكافه الواجب.

وكذا لو نذر صوم شهر ونذر اعتكاف شهر ، وأطلق النذرين ، أو جعل زمانهما واحداً ، صحّ أن يعتكف في شهر صومه المنذور ، وتقع نية الصوم عن النذر المعيّن أو غير المعيّن.

وكذا لو نذر اعتكافاً وأطلق ، فاعتكف في أيّام أراد صومها مستحبّاً ،

____________________

(١) صحيح البخاري ٣ : ٦٣ ، سنن الدارقطني ٢ : ١٩٨ - ١٩٩ / ١ و ٢ ، سنن البيهقي ٤ : ٣١٨.

(٢) المستدرك للحاكم ١ : ٤٣٩ بتفاوت يسير عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله .

(٣) المهذب للشيرازي ١ : ١٩٨ ، المجموع ٦ : ٤٨٥ و ٤٨٧ - ٤٨٨ ، الوجيز ١ : ١٠٦ ، فتح العزيز ٦ : ٤٨٤ - ٤٨٥ ، حلية العلماء ٣ : ٢١٨ ، المغني والشرح الكبير ٣ : ١٢٥ - ١٢٦ ، بدائع الصنائع ٢ : ١٠٩ ، مقدمات ابن رشد : ١٩١ - ١٩٢.

٢٥٠

جاز.

والقائلون بعدم اشتراط الصوم من العامة حكموا باستحبابه ؛ لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، كان يعتكف وهو صائم(١) . ولا خلاف فيه ، وجوّزوا اعتكاف بعض يوم أو بعض ليلة(٢) .

ومن اشترطه منهم لم يسوّغوا اعتكاف بعض يوم ولا اعتكاف ليلة منفردة ولا بعضها ؛ لأنّ الصوم المشترط لا يصح في أقلّ من يوم(٣) .

ويحتمل عندهم صحة اعتكاف بعض يوم إذا صام اليوم بأسره ؛ لأنّ الصوم المشروط وُجد في زمن الاعتكاف ، ولا يعتبر وجود المشروط في زمن كلّ زمان الشرط(٤) .

وعلى مذهبنا من اشتراط الصوم لا يصح اعتكاف زمان لا يصح فيه الصوم ، كيومي العيدين وأيام التشريق والمرض المضر والسفر الذي يجب فيه القصر ، خلافاً للشافعي ؛ فإنّه جوّز الاعتكاف في يومي العيدين وأيام التشريق(٥) .

مسألة ١٧٧ : يشترط في صحة اعتكاف الزوجة المندوب : إذن زوجها‌ ، وكذا السيد في حق عبده ؛ لأنّ منافع الاستمتاع والخدمة مملوكة للزوج والسيد ، فلا يجوز صرفهما إلى غيرهما إلّا بإذنهما ، وكذا المدبَّر واُمّ الولد ومن انعتق بعضه إلّا مع المهايأة وإيقاع الاعتكاف في أيام نفسه.

____________________

(١) المهذب للشيرازي ١ : ١٩٨ ، المجموع ٦ : ٤٨٥ و ٤٨٧ ، المغني والشرح الكبير ٣ : ١٢٦.

(٢) المهذب للشيرازي ١ : ١٩٨ ، المجموع ٦ : ٤٨٩ - ٤٩١ ، حلية العلماء ٣ : ٢٢٠ ، فتح العزيز ٦ : ٤٨٠.

(٣) المغني ٣ : ١٢٧ ، الشرح الكبير ٣ : ١٢٦ ، المجموع ٦ : ٤٩١ ، فتح العزيز ٦ : ٤٨٤.

(٤) المغني ٣ : ١٢٧ ، الشرح الكبير ٣ : ١٢٦.

(٥) الاُم ٢ : ١٠٧ ، المجموع ٦ : ٤٨٥ و ٤٨٩ ، فتح العزيز ٦ : ٤٨٤ ، مختصر المزني : ٦٠.

٢٥١

أمّا المكاتب فإنّه كالعبد إذا كان مشروطاً ، لأنّه لم يخرج عن الرقّ بالكتابة ، فتوابع الرقّ لا حقة به.

وقال الشافعي : يجوز ؛ لأنّ منافعه لا حقّ للمولى فيها(١) .

وليس بجيّد ؛ لأنّ الرقّ لم يزل عنه ، وإطلاق الإِذن منصرف إلى الاكتساب دون غيره.

مسألة ١٧٨ : لو أذن لعبده في الاعتكاف أو لزوجته ، جاز له الرجوع‌ ومنعهما ما لم يجب - وبه قال الشافعي(٢) - لأنّه فعل مندوب يجوز الرجوع فيه ؛ لأنّ التقدير أنّه لم يجب ؛ لأنّ الشروع غير ملزم عندنا على ما يأتي(٣) ، كما لو اعتكف بنفسه ثم بدا له في الرجوع.

ولأنّ مَنْ مَنَع غيره من الاعتكاف إذا أذن فيه وكان تطوّعاً ، كان له إخراجه منه ، كالسيد مع عبده.

وقال أبو حنيفة : له منع العبد وليس له منع الزوجة - وقال مالك : ليس له منعهما(٤) - لأنّ المرأة تملك بالتمليك ، فإذا أذن لها ، أسقط حقّه عن منافعها ، وأذن لها في استيفائها ، فصار كما لو ملّكها عيناً ، بخلاف العبد الذي لا يملك البتة ، وإنّما يتلف منافعه على ملك السيد ، فإذا أذن له في إتلافها ، صار كالمـُعير(٥) .

____________________

(١) المجموع ٦ : ٤٧٨ ، فتح العزيز ٦ : ٤٩٣ ، حلية العلماء ٣ : ٢١٧.

(٢) المجموع ٦ : ٤٧٧ ، فتح العزيز ٦ : ٤٩٢ ، حلية العلماء ٣ : ٢١٦ ، المغني ٣ : ١٥١ ، الشرح الكبير ٣ : ١٢٧.

(٣) يأتي في المسألة ٢٠٥.

(٤) المدونة الكبرى ١ : ٢٣٠ ، المغني ٣ : ١٥١ ، الشرح الكبير ٣ : ١٢٧ ، المجموع ٦ : ٤٧٧ ، فتح العزيز ٦ : ٤٩٢ ، حلية العلماء ٣ : ٢١٦.

(٥) بدائع الصنائع ٢ : ١٠٩ ، المبسوط للسرخسي ٣ : ١٢٥ ، المغني ٣ : ١٥١ - ١٥٢ ، الشرح الكبير ٣ : ١٢٧ ، المجموع ٦ : ٤٧٧ ، فتح العزيز ٦ : ٤٩٢ ، حلية العلماء ٣ : ٢١٦.

٢٥٢

قال مالك : إنّ السيّد قد عقد على نفسه تمليك منافع كان يملكها لحقّ الله تعالى ، فلم يكن له الرجوع فيه ، كصلاة الجمعة(١) .

والجواب : أنّ منافع المرأة لزوجها ، ولهذا يجب عليها بذلها ، فإذا أذن لها في إتلافها ، جرى مجرى المـُعير.

والجمعة تجب بالدخول فيها ، بخلاف الاعتكاف.

مسألة ١٧٩ : لا ينعقد نذر المرأة للاعتكاف إلّا بإذن زوجها‌ ، وكذا العبد إلّا بإذن مولاه ، فإذا أذنا فإن كان النذر لأيّام معيّنة ، لم يجز للمولى ولا للزوج المنع ولا الرجوع ، وإن كان لأيّام غير معيّنة ، جاز المنع ما لم يجب بأن يمضي يومان ؛ لأنّه ليس على الفور.

ولو دخلا في المندوب بإذنه ، جاز الرجوع أيضاً.

وقال الشيخرحمه‌الله : يجب عليه الصبر ثلاثة أيّام هي أقلّ الاعتكاف(٢) .

وليس بجيّد ؛ لأنّا لا نوجب المندوب بالشروع.

ولو نذرا نذراً غير معيّن بإذن الزوج والمولى ، لم يجز لهما الدخول فيه إلّا بإذنهما ؛ لأنّ منافعهما حقّ مضيّق يفوت بالتأخير ، بخلاف الاعتكاف.

وإذا أذن لعبده في الاعتكاف فاعتكف ثم أعتق ، وجب عليه إتمام الواجب ، واستحبّ إتمام المندوب.

ولو دخل في الاعتكاف بغير نذر(٣) فاُعتق في الحال ، قال الشيخ رحمه‌

____________________

(١) راجع : المغني ٣ : ١٥٢ ، والشرح الكبير ٣ : ١٢٧.

(٢) المبسوط للطوسي ١ : ٢٩٠ ، وحكاه عنه أيضاً المحقق في المعتبر : ٣٢٢.

(٣) كذا في النسخ الخطية المعتمدة في التحقيق وفي الطبعة الحجرية ، إلّا أنّ سياق العبارة يدلّ على أنّ المراد : الإِذن لا النذر. ويؤكّد ذلك ما أثبتته المصادر المذكورة في الهامش التالي ، فراجع.

٢٥٣

الله : يلزمه(١) .

وليس بجيّد ؛ لأنّ الدخول منهي عنه ، فلا ينعقد به الاعتكاف ، فلا يجب إتمامه.

تذنيب : لا يجوز للأجير أن يعتكف زمان إجارته إلّا بإذن المستأجر‌ ؛ لأنّ منافعه مملوكة له. وكذا ينبغي في الضيف ؛ لافتقار صومه تطوّعاً إلى الإِذن.

المطلب الثالث : في تروك الاعتكاف‌

مسألة ١٨٠ : يحرم على المعتكف الجماع بالنصّ والإِجماع‌.

قال الله تعالى : (وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عاكِفُونَ فِي الْمَساجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللهِ فَلا تَقْرَبُوها ) (٢) .

وأجمع العلماء كافّة على تحريم الوطء للمعتكف ، فإن اعتكف وجامع فيه متعمّداً ، فسد اعتكافه إجماعاً ؛ لأنّ الوطء إذا حرم في العبادة أفسدها ، كالحجّ والصوم.

وإن كان ناسياً ، لم يبطل - وبه قال الشافعي(٣) - لقولهعليه‌السلام : ( رُفع عن اُمّتي الخطأ والنسيان )(٤) .

ولأنّها مباشرة لا تُفسد الصوم فلا تُفسد الاعتكاف ، كالمباشرة فيما دون‌

____________________

(١) المبسوط للطوسي ١ : ٢٩٠ ، وراجع : أيضاً المعتبر للمحقّق الحلّي : ٣٢٢ ، والمختلف - للمصنّف - : ٢٥٢.

(٢) البقرة : ١٨٧.

(٣) المهذب للشيرازي ١ : ٢٠١ ، المجموع ٦ : ٥٢٤ و ٥٢٧ ، فتح العزيز ٦ : ٤٨١ ، حلية العلماء ٣ : ٢٢٥ ، المغني ٣ : ١٣٩ ، الشرح الكبير ٣ : ١٥٥.

(٤) الفتح الكبير ٢ : ١٣٥ ، كنز العُمّال ٤ : ٢٣٣ / ١٠٣٠٧ نقلاً عن الطبراني في المعجم الكبير.

٢٥٤

الفرج.

وقال أبو حنيفة ومالك وأحمد : يبطل الاعتكاف ، لأنّ ما حرم في الاعتكاف استوى عمده وسهوه ، كالخروج من المسجد(١) .

ونمنع الأصل. والفرق : أنّ الخروج ترك المأمور به ، وهو مخالف لفعل المحظور فيه ؛ فإنّ مَنْ ترك النية في الصوم لا يصح صومه وإن كان ناسياً ، بخلاف ما لو جامع سهواً.

ولا فرق في التحريم بين الوطء في القُبُل والدُّبُر ، ولا بين الإِنزال وعدمه ، وكما يحرم الوطء نهاراً يحرم ليلاً ؛ لأنّ المقتضي للتحريم الاعتكاف فيهما ، ولا نعلم فيه خلافاً.

ويجوز أن يلامس بغير شهوة بالإِجماع ؛ لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، كان يلامس بعض نسائه في الاعتكاف(٢) .

مسألة ١٨١ : القُبْلة حرام يبطل بها الاعتكاف‌ ، وكذا اللمس بشهوة والجماع في غير الفرجين ؛ لقوله تعالى( وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ ) (٣) وهو عام في كلّ مباشرة ، وبه قال مالك(٤) .

وقال أبو حنيفة : إن أنزل ، أفسد اعتكافه ، وإن لم ينزل ، لم يفسد‌

____________________

(١) المبسوط للسرخسي ٣ : ١٢٣ ، الهداية للمرغيناني ١ : ١٣٣ ، المدوّنة الكبرى ١ : ٢٢٦ ، بداية المجتهد ١ : ٣١٦ ، المغني ٣ : ١٣٩ ، الشرح الكبير ٣ : ١٥٥ ، المجموع ٦ : ٥٢٧ ، فتح العزيز ٦ : ٤٨١ ، حلية العلماء ٣ : ٢٢٥.

(٢) كما في المعتبر للمحقّق الحلّي : ٣٢٥ ، وراجع : صحيح البخاري ٣ : ٦٢ ، سنن أبي داود ٢ : ٣٣٢ - ٣٣٣ / ٢٤٦٧ - ٢٤٦٩ ، سنن ابن ماجة ١ : ٥٦٥ / ١٧٧٨ ، سنن الترمذي ٣ : ١٦٧ / ٨٠٤.

(٣) البقرة : ١٨٧.

(٤) بداية المجتهد ١ : ٣١٦ ، حلية العلماء ٣ : ٢٢٦ ، المجموع ٦ : ٥٢٧ ، فتح العزيز ٦ : ٤٨٢ ، المغني ٣ : ١٤٢ ، الشرح الكبير ٣ : ١٥٧.

٢٥٥

- وللشافعي كالقولين(١) - لأنّه لا يفسد الصوم فلا يفسد الاعتكاف ، كما لو كان بغير شهوة(٢) .

والفرق : أنّ هذه المباشرة لم تحرم في الصوم لعينها ، بل إذا خاف الإِنزال ، وأمّا في الاعتكاف فإنّها محرّمة لعينها - كما ذهب إليه أبو حنيفة في وطء الساهي(٣) - فلا يفسد الصوم ويفسد الاعتكاف.

فروع :

أ - لا فرق في تحريم الجماع بين أن يجامع في المسجد أو خارجه ؛ لعموم الآية(٤) .

والتقييد بالفيئية(٥) في المساجد راجع إلى الاعتكاف لا المباشرة.

ب - لا فرق بين جماع وجماع.

وروى المزني عن الشافعي أنّه لا يفسد الاعتكاف من الوطء إلّا ما يوجب الحدّ(٦) .

قال الجويني : قضية هذا أنّه لا يفسد بإتيان البهيمة إذا لم يوجب به الحدّ(٧) .

____________________

(١) المهذب للشيرازي ١ : ٢٠١ ، المجموع ٦ : ٥٢٥ ، فتح العزيز ٦ : ٤٨٢ ، حلية العلماء ٣ : ٢٢٦ ، المغني ٣ : ١٤٢ ، الشرح الكبير ٣ : ١٥٧.

(٢ و ٣ ) المبسوط للسرخسي ٣ : ١٢٣ ، الهداية للمرغيناني ١ : ١٣٣ ، المغني ٣ : ١٤١ - ١٤٢ ، الشرح الكبير ٣ : ١٥٧ ، المجموع ٦ : ٥٢٧ ، فتح العزيز ٦ : ٤٨٢ ، بداية المجتهد ١ : ٣١٦.

(٤) البقرة : ١٨٧.

(٥) ورد في هامش نسخة « ن » هكذا : أي تقييده تعالى في الآية بقوله :( فِي الْمَساجِدِ ) فالياء في « بالفيئية » ياء النسبة كالياء في « زيدي ».

(٦) مختصر المزني : ٦١ ، المجموع ٦ : ٥٢٤ ، فتح العزيز ٦ : ٤٨٢.

(٧) فتح العزيز ٦ : ٤٨٢ ، المجموع ٦ : ٥٢٤ - ٥٢٥.

٢٥٦

ج - قد بيّنّا(١) أنّ القُبْلة بشهوة واللمس كذلك متعمّداً مُفْسدان للاعتكاف‌ - خلافاً(٢) لأحد قولي الشافعي(٣) - لأنّها مباشرة محرّمة في الاعتكاف ، فأشبهت الجماع.

والثاني(٤) : لأنّها مباشرة لا تبطل الحج فلا تبطل الاعتكاف ، كالقبلة بغير شهوة(٥) .

وما موضع القولين؟ للشافعية ثلاث طرق :

أحدها : أنّ القولين فيما إذا أنزل ، فأمّا إذا لم ينزل لم يبطل الاعتكاف بلا خلاف ، كالصوم.

وثانيها : أنّ القولين فيما إذا لم ينزل ، أمّا إذا أنزل بطل اعتكافه بلا خلاف ؛ لخروجه عن أهلية الاعتكاف بالجنابة.

وثالثها - وهو الأظهر عندهم - : طرد القولين في الحالين.

والفرق على أحد القولين فيما إذا لم ينزل بين الاعتكاف والصوم : أنّ هذه الاستمتاعات في الاعتكاف محرّمة لعينها ، وفي الصوم ليست محرّمةً لعينها ، بل لخوف الإِنزال ، ولهذا يترخّص فيها إذا أمن أن لا تُحرّك القُبْلة شهوَته.

فحصل من هذا للشافعي ثلاثة أقوال :

أحدها : أنّها لا تفسد الاعتكاف ، أنزل أو لم ينزل.

____________________

(١) في « ط ، ف » : ثبت. بدل بيّنّا.

(٢) كذا في النسخ المعتمدة في التحقيق وفي الطبعة الحجرية. والصحيح : وفاقاً ؛ لتستقيم العبارة.

(٣) فتح العزيز ٦ : ٤٨٢ ، المجموع ٦ : ٥٢٥.

(٤) أي : القول الثاني للشافعي ، وهو : عدم الإِفساد.

(٥) فتح العزيز ٦ : ٤٨٢ ، المجموع ٦ : ٥٢٥.

٢٥٧

والثاني : تفسده ، أنزل أو لم ينزل ، وبه قال مالك(١) .

والثالث - وبه قال أبو حنيفة(٢) - أنّ ما أنزل منها أفسد الاعتكاف ، وما لا فلا(٣) .

د - الاستمناء باليد حرام مُبْطل للاعتكاف إذا وقع نهاراً قطعاً ؛ لإِفساده الصوم.

وبالجملة استدعاء المني مطلقاً نهاراً وليلاً حرام.

وعند أكثر(٤) الشافعية أنّ الاستمناء باليد مرتّب على ما إذا لمس فأنزل ، إن قلنا : إنّه لا يبطل الاعتكاف فهذا أولى ، وإن قلنا : إنّه يبطله فوجهان.

والفرق : كمال الاستمتاع والالتذاذ ثَمَّ باصطكاك السوأتين(٥) .

ه- يجوز للمعتكف أن يُقبِّل على سبيل الشفقة والإِكرام ، ولا بأس أن يلمس بغير شهوة.

مسألة ١٨٢ : يحرم على المعتكف البيع والشراء‌ - وبه قال مالك وأحمد(٦) - لما رواه العامة : أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، نهى عن البيع والشراء في المسجد(٧) .

ومن طريق الخاصة : قول الباقرعليه‌السلام : « المعتكف لا يشمّ‌

____________________

(١) بداية المجتهد ١ : ٣١٦ ، المغني ٣ : ١٤٢ ، الشرح الكبير ٣ : ١٥٧ ، فتح العزيز ٦ : ٤٨٢ ، حلية العلماء ٣ : ٢٢٦.

(٢) الهداية للمرغيناني ١ : ١٣٣ ، المبسوط للسرخسي ٣ : ١٢٣ ، بداية المجتهد ١ : ٣١٦ ، المغني ٣ : ١٤١ - ١٤٢ ، الشرح الكبير ٣ : ١٥٧ ، فتح العزيز ٦ : ٤٨٢ ، حلية العلماء ٣ : ٢٢٦.

(٣) فتح العزيز ٦ : ٤٨٢ ، المجموع ٦ : ٥٢٥ - ٥٢٦.

(٤) وفي المصادر : عند البغوي والرافعي.

(٥) فتح العزيز ٦ : ٤٨٢ - ٤٨٣ ، المجموع ٦ : ٥٢٦.

(٦) التفريع ١ : ٣١٤ ، المغني ٣ : ١٤٥ ، الشرح الكبير ٣ : ١٥٩.

(٧) سنن الترمذي ٢ : ١٣٩ / ٣٢٣ ، سنن ابن ماجة ١ : ٢٤٧ / ٧٤٩ ، سنن النسائي ٢ : ٤٧ - ٤٨.

٢٥٨

الطيب ، ولا يتلذّذ بالريحان ، ولا يماري ، ولا يشتري ، ولا يبيع »(١) .

ولأنّ الاعتكاف لبث للعبادة ، فينافي ما غايرها.

وللشافعي قولان : أحدهما : الجواز - وبه قال أبو حنيفة(٢) - للأصل ، والثاني: الكراهة(٣) .

والأصل يُعْدَلً عنه ، للدليل ، وقد بيّنّاه.

إذا عرفت هذا ، فلو باع أو اشترى فَعَل مُحرَّماً ، ولم يبطل البيع ؛ للأصل.

وقال الشيخ : يبطل ؛ للنهي(٤) .

وليس بجيّد ؛ لأنّه في المعاملات لا يدلّ على الفساد.

وينبغي المنع من كلّ ما يساوي البيع ممّا يقتضي الاشتغال ، كالإِجارة وشبهها.

قال السيد المرتضىرحمه‌الله : تحرم التجارة والبيع والشراء(٥) . والتجارة أعمّ.

ولا بأس بشراء ما يحتاج إليه ، كشراء غذائه ومائه وقميصه الذي يستتر به ويبيع شيئاً يشتري به قوته ؛ للضرورة.

وكذا الأقرب : تحريم الصنائع المـُشْغلة عن العبادة ، كالحياكة والخياطة وأشباهها ، إلّا ما لا بدّ له منه ؛ لأنّه يجري مجرى الاشتغال بلبس‌

____________________

(١) الكافي ٤ : ١٧٧ - ١٧٨ / ٤ ، التهذيب ٤ : ٢٨٨ / ٨٧٢ ، الاستبصار ٢ : ١٢٩ / ٤٢٠ ، والفقيه ٢ : ١٢١ / ٥٢٧.

(٢) الهداية للمرغيناني ١ : ١٣٣ ، بدائع الصنائع ٢ : ١١٦ ، المجموع ٦ : ٥٣٥.

(٣) المجموع ٦ : ٥٢٩ و ٥٣٠ و ٥٣٥ ، فتح العزيز ٦ : ٤٨٣ ، المغني ٣ : ١٤٥ ، الشرح الكبير ٣ : ١٥٩.

(٤) المبسوط للطوسي ١ : ٢٩٥.

(٥) الانتصار : ٧٤.

٢٥٩

قميصه وعمامته.

نعم يجوز له النظر في أمر معاشه وصنعته ، ويتحدّث ما شاء من المباح ، ويأكل الطيّبات.

مسألة ١٨٣ : يحرم على المعتكف المماراة‌ ؛ لقول الباقرعليه‌السلام : « ولا يماري »(١) .

وكذا يحرم عليه الكلام الفحش. ولا بأس بالحديث حالة الاعتكاف بإجماع العلماء ، لما في منعه من الضرر.

ويحرم الصمت ؛ لما تقدّم(٢) من أنّ صوم الصمت حرام في شرعنا.

وقد روى العامّة عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنّه قال : « حفظت عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال : لا صُمات يومٍ إلى الليل »(٣) .

ونهى [ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ](٤) عن صوم الصمت(٥) .

فإن نذر الصمت في اعتكافه ، لم ينعقد بالإِجماع.

قال ابن عباس : بينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، يخطب إذا هو برجل قائم ، فسأل عنه ، فقالوا : أبو إسرائيل نذر أن يقوم في الشمس ولا يقعد ولا يستظلّ ولا يتكلّم ويصوم ، فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( مره فليتكلّم وليستظلّ ويقعد وليتمّ صومه )(٦) .

ولأنّه نذر في معصية فلا ينعقد. وانضمامه إلى الاعتكاف لا يخرج به عن كونه بدعةً.

____________________

(١) تقدّمت الإِشارة إلى مصادره في الهامش (١) من الصفحة السابقة.

(٢) تقدّم في المسألة ١٤٧.

(٣) سنن أبي داود ٣ : ١١٥ / ٢٨٧٣.

(٤) زيادة من المصدر.

(٥) أورده ابنا قدامة في المغني ٣ : ١٤٨ ، الشرح الكبير ٣ : ١٦٠.

(٦) صحيح البخاري ٨ : ١٧٨.

٢٦٠

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333