نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ٢

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار21%

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 373

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 373 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 292877 / تحميل: 6536
الحجم الحجم الحجم
نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ٢

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

بحقّها ويكون تابعاً مخلصاً لها.

فعلم الفقه - إذن - هو : العلم بالدليل على تحديد الموقف العملي من الشريعة في كلِّ واقعة، والموقف العملي من الشريعة الذي يقيم علم الفقه الدليل على تحديده هو ( السلوك الذي تفرضه على الإنسان تبعيته للشريعة لكي يكون تابعاً مخلصاً لها وقائماً بحقّها )، وتحديد الموقف العملي بالدليل هو ما نعبِّر عنه ب-( عملية استنباط الحكم الشرعي ) .ولأجل هذا يمكن القول بأنّ علم الفقه هو علم استنباط الأحكام الشرعية، أو علم عملية الاستنباط بتعبيرٍ آخر.

وتحديد الموقف العملي بدليلٍ يزيل الغموض الذي يكتنف الموقف يتمّ في علم الفقه بأسلوبين:

أحدهما : الأسلوب غير المباشر، وهو تحديد الموقف العملي الذي تفرضه على الإنسان تبعيته للشريعة عن طريق اكتشاف نوع الحكم الشرعي الذي قرّرته الشريعة في الواقعة وإقامة الدليل عليه، فيزول الغموض عن الحكم الشرعي، وبالتالي يزول الغموض عن طبيعة الموقف العملي تجاه الشريعة.فنحن إذا أقمنا الدليل على أنّ الحكم الشرعي في واقعةٍ مّا هو الوجوب استطعنا أن نعرف ما هو الموقف الذي تحتِّم تبعيتنا للشريعة أن نقفه تجاهها، وهو ( أن نفعل ).

والأسلوب الآخر لتحديد الموقف العملي هو : الأسلوب المباشر الذي يقام فيه الدليل على تحديد الموقف العملي ؛ لا عن طريق اكتشاف الحكم الشرعي الثابت في الواقعة - كما في الأسلوب الأوّل - بل يقام الدليل على تحديد الموقف العملي مباشرةً، وذلك في حالة ما إذا عجزنا عن اكتشاف نوع الحكم الشرعي الثابت في الواقعة وإقامة الدليل على ذلك، فلم ندرِ ما هو نوع الحكم الذي جاءت به الشريعة ؟ أهو وجوب أو حرمة أو إباحة ؟ ففي هذه الحالة لا يمكن استعمال الأسلوب الأوّل ؛ لعدم توفّر الدليل على نوع الحكم الشرعي، بل يجب أن نلجأ إلى

٢١

أدلّةٍ تحدّد الموقف العملي بصورةٍ مباشرةٍ وتوجّهنا كيف نفعل ونتصرّف في هذه الحالة ؟ وأيّ موقفٍ عمليٍّ نتّخذ تجاه الحكم الشرعي المجهول الذي لم نتمكّن من اكتشافه ؟ وما هو السلوك الذي تحتّم تبعيتنا للشريعة أن نسلكه تجاهه لكي نقوم بحقّ التبعية ونكون تابعين مخلصين وغير مقصِّرين ؟

وفي كِلا الأسلوبين يمارس الفقيه في علم الفقه استنباط الحكم الشرعي، أي يحدّد بالدليل الموقف العملي تجاه الشريعة بصورةٍ غير مباشرةٍ أو مباشرة.

ويتّسع علم الفقه لعمليات استنباطٍ كثيرةٍ بقدر الوقائع والأحداث التي تزخر بها حياة الإنسان، فكلّ واقعةٍ لها عملية استنباطٍ لحكمها يمارس الفقيه فيها أحد ذينك الأسلوبين المتقدِّمين.

وعمليات الاستنباط تلك التي يشتمل عليها علم الفقه بالرغم من تعدّدها وتنوّعها تشترك في عناصر موحّدةٍ وقواعد عامةٍ تدخل فيها على تعدّدها وتنوّعها، ويتشكّل من مجموع تلك العناصر المشتركة الأساس العام لعملية الاستنباط.

وقد تطلّبت هذه العناصر المشتركة في عملية الاستنباط وضع علمٍ خاصٍّ بها لدراستها وتحديدها وتهيئتها لعلم الفقه، فكان علم الأصول.

تعريف علم الأصول :

وعلى هذا الأساس نرى أن يُعرَّف علم الأصول بأنّه :( العلم بالعناصر المشتركة في عملية استنباط الحكم الشرعي ) .ولكي نستوعب هذا التعريف بفهمٍ يجب أن نعرف ما هي العناصر المشتركة في عملية الاستنباط ؟

ولنذكر لأجل ذلك نماذج بدائيةً من هذه العملية في صيغٍ مختصرة ؛ لكي نصل عن طريق دراسة هذه النماذج والمقارنة بينها إلى فكرة العناصر المشتركة

٢٢

في عملية الاستنباط.

أفرضوا أنّ فقيهاً واجه هذه الأسئلة :

١ - هل يحرم على الصائم أن يرتمس في الماء ؟

٢ - هل يجب على الشخص إذا ورث مالاً من أبيه أن يؤدّي خمسه ؟

٣ - هل تبطل الصلاة بالقهقهة في أثنائها ؟

وأراد الفقيه أن يجيب على هذه الأسئلة فإنّه سوف يجيب على السؤال الأول مثلاً : ( نعم، يحرم الارتماس على الصائم ).

ويستنبط الفقيه هذا الحكم الشرعي بالطريقة التالية : قد دلّت رواية يعقوب بن شعيب عن الإمام الصادقعليه‌السلام على حرمة الارتماس على الصائم، قد جاء فيها : أنّ الصادقعليه‌السلام قال : (لا يرتمس المحرِم في الماء ولا الصائم )(١) .والجملة بهذا التركيب تدلّ في العرف العام - أي لدى أبناء اللغة بصورةٍ عامةٍ - على الحرمة، وراوي النصّ يعقوب بن شعيب ثقة، والثقة وإن كان قد يخطئ أو يشذّ أحياناً، ولكنّ الشارع أمرنا بعدم اتّهام الثقة بالخطأ والشذوذ، واعتبر روايته دليلاً وأمرنا باتّباعها، دون أن نُعِير احتمال الخطأ أو الشذوذ بالاً.

والنتيجة هي : أنّ الارتماس حرام على الصائم، والمكلَّف ملزم بتركه في حالة الصوم بحكم تبعيته للشريعة.

ويجيب الفقيه على السؤال الثاني بالنفي، أي : لا يجب على الولد أن يدفع الخمسَ من تَرِكة أبيه ؛ لأنّ رواية علي بن مهزيار التي حدّد فيها الإمام الصادقعليه‌السلام نطاق الأموال التي يجب أداء الخمس منها ذكرت : أنّ الخمس ثابت في ( الميراث الذي لا يحتسب من غير أبٍ ولا ابن )(٢) .والعرف العامّ يفهم من

____________________

(١) وسائل الشيعة ١٢ : ٥٠٩، الباب ٥٨ من أبواب تروك الإحرام، الحديث ٤.

(٢) وسائل الشيعة ٩ : ٥٠٢، الباب ٨ من أبواب ما يجب فيه الخمس، الحديث ٥.

٢٣

هذه الجملة أنّ الشارع لم يجعل خمساً على الميراث الذي ينتقل من الأب إلى ابنه، والراوي وإن كان من المحتمل وقوعه في خطأٍ أو شذوذٍ بالرغم من وثاقته، ولكنّ الشارع أمرنا باتّباع روايات الثقات والتجاوز عن احتمال الخطأ والشذوذ، فالمكلّف إذن غير ملزمٍ بحكم تبعيته للشريعة بدفع خمس المال الذي يرثه من أبيه.

ويجيب الفقيه على السؤال الثالث بالإيجاب : ( القهقهة تبطل الصلاة ) ؛ بدليل رواية زُرارة عن الإمام الصادقعليه‌السلام أنّه قال : ( القهقهة لا تنقض الوضوء وتنقض الصلاة )(١) .والعرف العام يفهم من النقض أنّ الصلاة إذا وقعت فيها القهقهة اعتبرت لغواً ووجب استئنافها، وهذا يعني بطلانها.ورواية زُرارة هي من تلك الروايات التي أمرنا الشارع باتّباعها وجعلها أدلّةً كاشفة، فيتحتّم على المصلِّي بحكم تبعيته للشريعة أن يعيد صلاته ؛ لأنّ ذلك هو الموقف العملي الذي تتطلّبه الشريعة منه.

وبملاحظة هذه المواقف الفقهية الثلاثة نجد أنّ الأحكام التي استنبطها الفقيه كانت من أبوابٍ شتّى، فالحكم الأول يرتبط بالصوم والصائم، والحكم الثاني يرتبط بالخمس والنظام المالي في الإسلام، والحكم الثالث يرتبط بالصلاة ويحدّد بعض حدودها.

كما نرى أيضاً أنّ الأدلّة التي استند إليها الفقيه مختلفة، فبالنسبة إلى الحكم الأول استند إلى رواية يعقوب بن شعيب، وبالنسبة إلى الحكم الثاني استند إلى رواية عليّ بن مهزيار، وبالنسبة إلى الحكم الثالث استند إلى رواية زُرارة.ولكلٍّ من الروايات الثلاث نصّها وتركيبها اللفظي الخاصّ الذي يجب أن يدرس بدقّةٍ

____________________

(١) وسائل الشيعة ٧ : ٢٥٠، الباب ٧ من أبواب قواطع الصلاة، الحديث الأوّل.

٢٤

ويحدّد معناه، ولكن توجد في مقابل هذا التنوّع وهذه الاختلافات بين المواقف الثلاثة عناصر مشتركة أدخلها الفقيه في عملية الاستنباط في المواقف الثلاثة جميعاً.

فمن تلك العناصر المشتركة الرجوع إلى العرف العام في فهم النصّ(١) ، فإنّ الفقيه اعتمد في فهمه للنصّ في كلّ موقفٍ على طريقة فهم العرف العام للنصّ، وذلك يعني أنّ العرف العام حجّة ومرجع في تعيين مدلول اللفظ.وهذا ما يطلق عليه في علم الأصول اسم :( حجية الظهور ) (٢) ، فحجّية الظهور إذن عنصر مشترك في عمليات الاستنباط الثلاث.

وكذلك أيضاً يوجد عنصر مشترك آخر، وهو أمر الشارع باتّباع روايات الثقات ؛ لأنّ الفقيه في كلّ عمليةٍ من عمليات الاستنباط الثلاث كان يواجه نصّاً يرويه ثقة قد يحتمل فيه الخطأ والشذوذ ؛ لعدم كونه معصوماً، ولكنّه تجاوز هذا الاحتمال وأخرجه من حسابه استناداً إلى أمر الشارع باتّباع روايات الثقات، وهو ما نطلق عليه اسم : ( حجّية الخبر ).ومعنى هذا أنّ حجّية الخبر عنصر مشترك في عمليات الاستنباط الثلاث، ولولا هذا العنصر المشترك لَما أمكن للفقيه أن يستنبط حرمة الارتماس في الموقف الأوّل، ولا عدم وجوب الخمس من رواية عليّ بن مهزيار في الموقف الثاني، ولا بطلان الصلاة بالقهقهة في الموقف الثالث.

____________________

(١) نريد بالنصّ هنا : الكلام المنقول عن المعصومعليه‌السلام ( المؤلّف قدس‌سره ).

(٢) الحجّية في مصطلح علم الأصول تعني : كون الدليل صالحاً لاحتجاج المولى به على العبد بقصد مؤاخذته إذا لم يعمل العبد به، ولاحتجاج العبد به على المولى بقصد التخلّص من العقاب إذا عمل به.فكلّ دليلٍ له هذه الصلاحية من كلتا الناحيتين يعتبر حجّةً في المصطلح الأصولي، وظهور كلام المولى من هذا القبيل، ولهذا يوصف بالحجّية( المؤلّف قدس‌سره ) .

٢٥

وهكذا نستنتج : أنّ عمليات الاستنباط للأحكام في الفقه تشتمل على عناصر خاصّة، كما تشتمل على عناصر مشتركة، ونعني بالعناصر الخاصّة : تلك العناصر التي تتغيّر من مسألةٍ إلى مسألة، فرواية يعقوب بن شعيب عنصر خاصّ في عملية استنباط حرمة الارتماس ؛ لأنّها لم تدخل في عمليات الاستنباط الأخرى، بل دخل بدلاً عنها عناصر خاصّة أخرى، كرواية عليّ بن مهزيار ورواية زُرارة.

ونعني بالعناصر المشتركة : القواعد العامة التي تدخل في عمليات استنباط أحكامٍ عديدةٍ على مواضيع مختلفة، كعنصر حجّية الظهور، وعنصر حجّية الخبر.

وفي علم الأصول تُدرس العناصر المشتركة في عملية الاستنباط التي لا يقتصر ارتباطها على مسألةٍ فقهيةٍ خاصّةٍ بالذات.وفي علم الفقه تدرس العناصر الخاصّة بكلّ عمليةٍ من عمليات الاستنباط في المسألة التى ترتبط بتلك العملية.

وهكذا يترك للفقيه في كلّ مسألةٍ أن يفحص بدقّةٍ الروايات الخاصّة التي ترتبط بتلك المسألة ويدرس قيمة تلك الروايات، ويحاول فهم نصوصها وألفاظها على ضوء العرف العام.بينما يتناول الأصولي البحث عن حجّية العرف العام بالذات والبحث عن حجّية الخبر، ويطرح أسئلة ليجيب عليها، من هذا القبيل : هل العرف العام حجّة ؟ وما هو مدى النطاق الذي يجب الرجوع فيه إلى العرف العام ؟ وبأيِّ دليلٍ نثبت حجّية الخبر ؟ وما هي الشروط العامة في الخبر الذي منحه الشارع صفة الحجّية واعتبره دليلاً ؟ إلى غير ذلك من الأسئلة التي تتّصل بالعناصر المشتركة في عملية الاستنباط.

وعلى هذا الضوء نستطيع أن نفهم التعريف الذي أعطيناه لعلم الأصول، إذ

٢٦

قلنا : إنّ علم الأصول :( هو العلم بالعناصر المشتركة في عملية الاستنباط ) ، أي أنّه علم يبحث عن العناصر التي تدخل في عمليات استنباطٍ متعدّدةٍ لأحكام مواضيع متنوعة، كحجّية الظهور العرفي وحجّية الخبر، العنصرين المشتركين اللذَين دخلا في استنباط أحكام الصوم والخمس والصلاة.

ولا يحدّد علم الأصول العناصر المشتركة فحسب، بل يحدّد أيضاً درجات استعمالها في عملية الاستنباط، والعلاقة القائمة بينها، كما سنرى في البحوث المقبلة - إن شاء الله تعالى -، وبهذا يضع للعملية الاستنباطية نظامها العامّ الكامل.

ونستخلص من ذلك : أنّ علم الأصول وعلم الفقه مرتبطان معاً باستنباط الحكم الشرعي، فعلم الفقه هو علم نفس عملية الاستنباط، وعلم الأصول علم العناصر المشتركة في عملية الاستنباط، والفقيه يمارس في علم الفقه عملية استنباط الحكم الشرعي بإضافة العناصر الخاصّة للعملية في البحث الفقهي إلى العناصر المشتركة التي يستمدّها من علم الأصول.والأصولي يدرس في علم الأصول العناصر المشتركة في عملية الاستنباط ويضعها في خدمة الفقيه.

موضوع علم الأصول :

لكلِّ علمٍ - عادةً - موضوع أساسي ترتكز جميع بحوثه عليه وتدور حوله، وتستهدف الكشف عمّا يرتبط بذلك الموضوع من خصائص وحالاتٍ وقوانين، فالفيزياء - مثلاً - موضوعها الطبيعة، وبحوث الفيزياء ترتبط كلّها بالطبيعة وتحاول الكشف عن حالتها وقوانينها العامة.والنحو موضوعه الكلمة ؛ لأنّه يبحث عن حالات إعرابها وبنائها ورفعها ونصبها، فما هو موضوع علم الأصول الذي يتوفّر هذا العلم على دراسته وتدور بحوثه حوله ؟

٢٧

ونحن إذا لاحظنا التعريف الذي قدّمناه لعلم الأُصول استطعنا أن نعرف أنّ علم الأُصول يدرس في الحقيقة نفس عملية الاستنباط التي يمارسها الفقيه في علم الفقه، وتتعلّق بحوثه كلّها بتدقيق هذه العملية وإبراز ما فيها من عناصر مشتركة، وعلى هذا الأساس تكون عملية الاستنباط هي موضوع علم الأصول باعتباره علماً يدرس العناصر المشتركة التي تدخل في تلك العملية، من قبيل حجّية الظهور العرفي وحجّية الخبر.

علم الأصول منطق الفقه :

ولا بدّ أنّ معلوماتكم عن علم المنطق تسمح لنا أن نستخدم علم المنطق كمثالٍ لعلم الأصول، فإنّ علم المنطق - كما تعلمون - يدرس في الحقيقة عملية التفكير مهما كان لونها ومجالها وحقلها العلمي، ويحدّد النظام العام الذي يجب أن تتّبعه عملية التفكير لكي يكون التفكير سليماً.مثلاً : يعلّمنا علم المنطق كيف يجب أن ننهج في الاستدلال بوصفه عملية تفكيرٍ لكي يكون الاستدلال صحيحاً ؟ كيف نستدلّ على أنّ سقراط فانٍ ؟ وكيف نستدلّ على أنّ نار الموقد الموضوع أمامي محرقة ؟ وكيف نستدلّ على أنّ مجموع زوايا المثلّث تساوي قائمتين ؟ وكيف نستدلّ على أنّ الخطّ الممتدّ بدون نهايةٍ مستحيل ؟ وكيف نستدلّ على أنّ الخسوف ينتج عن توسّط الأرض بين الشمس والقمر ؟

كلّ هذا يجيب عليه علم المنطق بوضع المناهج العامة للاستدلال، كالقياس والاستقراء التي تطبّق في مختلف هذه الحقول من المعرفة، فهو إذن علم لعملية التفكير إطلاقاً، إذ يضع المناهج والعناصر العامة فيها.

وعلم الأصول يشابه علم المنطق من هذه الناحية، غير أنّه يبحث عن نوعٍ خاصٍّ من عملية التفكير، أي عن عملية التفكير الفقهي في استنباط الأحكام ،

٢٨

ويدرس العناصر المشتركة العامة التي يجب أن تستوعبها عملية الاستنباط، وتتكيّف وفقاً لها لكي يكون الاستنباط سليماً والفقيه موفّقاً في استنتاجه.فهو يعلّمنا : كيف يجب أن ننهج في استنباط الحكم الشرعي ؟ كيف نستنبط الحكم بحرمة الارتماس على الصائم ؟ كيف نستنبط الحكم باعتصام ماء الكرّ ؟ كيف نستنبط الحكم بوجوب صلاة العيد ؟ كيف نستنبط الحكم بحرمة تنجيس المسجد ؟ كيف نستنبط الحكم ببطلان البيع الصادر عن إكراه ؟ كلّ هذا يوضّحه علم الأصول بوضع المناهج العامة لعملية الاستنباط والكشف عن عناصرها المشتركة.

وعلى هذا الأساس قد نطلق على علم الأصول اسم ( منطق علم الفقه ) ؛ لأنّه يلعب بالنسبة إلى علم الفقه دوراً إيجابياً مماثلاً للدور الإيجابي الذي يؤدّيه علم المنطق للعلوم والفكر البشري بصورةٍ عامة، فهو على هذا الأساس( منطق علم الفقه ) ، أو ( منطق عملية الاستنباط) بتعبيرٍ آخر.

ونستخلص من ذلك كلّه : أنّ علم الفقه هو العلم بعملية الاستنباط، وعلم الأصول هو منطق تلك العملية الذي يبرز عناصرها المشتركة ونظامها العام الذي يجب على علم الفقه الاعتماد عليه.

أهمّية علم الأصول في عملية الاستنباط :

ولسنا بعد ذلك بحاجةٍ إلى التأكيد على أهمّية علم الأصول وخطورة دوره في عالم الاستنباط ؛ لأنّه ما دام يقدِّم لعملية الاستنباط عناصرها المشتركة يضع لها نظامها العام، فهو عصب الحياة في عملية الاستنباط والقوة الموجّهة، وبدون علم الأصول يواجه الشخص في الفقه ركاماً متناثراً من النصوص والأدلّة دون أن يستطيع استخدامها والاستفادة منها في الاستنباط، كإنسانٍ يواجه أدوات النجارة

٢٩

ويعطى منشاراً وفأساً وما إليهما من أدوات دون أن يملك أفكاراً عامةً عن عملية النجارة وطريقة استخدام تلك الأدوات.

وكما أنّ العناصر المشتركة في الاستنباط التي يدرسها علم الأصول ضرورية لعملية الاستنباط فكذلك العناصر الخاصّة التي تختلف من مسألةٍ إلى أخرى، كمفردات الآيات والروايات المتناثرة التي تشكِّل العناصر الخاصّة والمتغيّرة في علمية الاستنباط، فإنّها الجزء الضروريّ الآخر فيها الذي لا تتمّ العملية بدونه، ولا يكفي في إنجاحها مجرّد الاطّلاع على العناصر المشتركة التي يمثّلها علم الأصول واستيعابها.

ومن يحاول الاستنباط على أساس الاطّلاع الأصولي فحسب نظير من يملك معلوماتٍ نظرية عامة عن عملية النجارة ولا يوجد لديه فأس ولا منشار وما إليهما من أدوات النجارة، فكما يعجز هذا الشخص عن صنع سريرٍ خشبيٍّ - مثلاً - فكذلك يعجز الأصولي عن الاستنباط إذا لم يفحص بدقّةٍ العناصر الخاصّة المتغيّرة.

وهكذا نعرف أنّ العناصر المشتركة والعناصر الخاصّة قطبان مندمجان في عملية الاستنباط، ولا غنى للعملية عنهما معاً، ولهذا يتحتّم على المستنبط أن يدرس العناصر المشتركة ويحدّدها في علم الأصول، ثمّ يضيف إليها في بحوث علم الفقه العناصر الخاصّة لتكتمل لدية عملية الاستنباط التي يمارسها في علم الفقه.

الأصول والفقه يمثّلان النظرية والتطبيق :

ونخشى أن نكون قد أوحينا إليكم بتصوّرٍ خاطئ حين قلنا : إنّ المستنبط يدرس في علم الأصول العناصر المشتركة ويحدّدها، ويتناول في بحوث علم

٣٠

الفقه العناصر الخاصّة ليكمل بذلك عملية الاستنباط ؛ إذ قد يَتصوّر البعض أنّا إذا درسنا في علم الأصول العناصر المشتركة في عملية الاستنباط، وعرفنا - مثلاً - حجّية الخبر وحجّية الظهور العرفي وما إليهما من العناصر الأصولية، فلا يبقى علينا بعد ذلك أيّ جهدٍ علمي، إذ لا نحتاج ما دمنا نملك تلك العناصر إلاّ إلى مجرّد استخراج الروايات والنصوص من مواضعها، نظير مَن يستخرج تأريخ غزوة خبير أو روايات الهجرة من تأريخ السيرة النبوية، وبهذا يكون عمل الفقيه في علم الفقه مقتصراً على مجرّد التفتيش عن العناصر الخاصّة من الروايات والنصوص ؛ لكي تضاف إلى العناصر المشتركة ويستنبط منها الحكم الشرعي، وهو عمل سهل يسير بطبيعته لا يشتمل على جهدٍ علمي، ونتيجة ذلك أنّ الجهد العلمي الذي يبذله المجتهد في عملية الاستنباط يتمثّل في وضع العناصر المشتركة وتنظيمها ودراستها في علم الأصول، لا في جمع العناصر الخاصّة من النصوص والروايات وغيرها في علم الفقه.

ولكنّ هذا التصوّر خاطئ إلى درجةٍ كبيرة ؛ لأنّ المجتهد إذا درس العناصر المشتركة لعملية الاستنباط وحدّدها في علم الأصول لا يكتفي بعد ذلك بتجميعٍ أعمى للعناصر الخاصّة من كتب الأحاديث والروايات مثلاً، بل يبقى عليه أن يمارس في علم الفقه تطبيق تلك العناصر المشتركة ونظرياتها العامة على العناصر الخاصّة.والتطبيق مهمّة فكرية بطبيعتها تحتاج إلى درسٍ وتمحيص، ولا يغني الجهد العلمي المبذول أصولياً في دراسة العناصر المشتركة وتحديد نظرياتها العامة عن بذل جهدٍ جديدٍ في التطبيق.

ولا نستطيع الآن أن نضرب الأمثلة المتنوّعة لتوضيح دقّة التطبيق ؛ لأنّ فهم الأمثلة يتوقّف على اطّلاعٍ مسبقٍ على النظريات الأصولية العامة.ولهذا نكتفي بمثالٍ واحدٍ بسيط، فنفرض أنّ المجتهد آمن في علم الأصول بحجّية الظهور

٣١

العرفي بوصفه عنصراً مشتركاً في عملية الاستنباط، فهل يكفيه بعد هذا أن يضع إصبعه على رواية عليّ بن مهزيار التي حدّدت مجالات الخمس - مثلاً -، ليضيفها إلى العنصر المشترك ويستنبط من ذلك عدم وجوب الخمس في ميراث الأب ؟ أَوَ ليس المجتهد بحاجةٍ إلى تدقيق مدلول النصّ في الرواية لمعرفة نوع مدلوله في العرف العام ودراسة كلّ ما يرتبط بتحديد ظهوره العرفي من قرائن وأماراتٍ داخل إطار النصّ أو خارجه ؛ لكي يتمكّن بأمانةٍ من تطبيق العنصر المشترك القائل بحجّية الظهور العرفي ؟!

فهناك إذن بعد اكتشاف العنصر المشترك والإيمان بحجّية الظهور مشكلة تعيين نوع الظهور في النصّ ودراسة جميع ملابساته، حتّى إذا تأكّد المجتهد من تعيين الظهور في النصّ ودلالته على عدم وجوب الخمس في الميراث طبّق على النصّ النظرية العامة التي يقرّرها العنصر المشترك القائل بحجّية الظهور العرفي، واستنتج من ذلك أنّ الحكم الشرعي هو عدم وجوب الخمس.

وفي هذا الضوء نعرف أنّ البحث الفقهي عن العناصر الخاصّة في عملية الاستنباط ليس مجرّد عملية تجميع، بل هو مجال التطبيق للنظريات العامة التي تقرّرها العناصر المشتركة في عملية الاستنباط، وتطبيق النظريات العامة له دائماً موهبته الخاصّة ودقّته، ومجرّد الدقّة في النظريات العامة لا يغني عن الدقة في تطبيقها.ألا ترون أنّ مَن يدرس بعمقٍ النظريات العامة في الطبّ يحتاج في مجال تطبيقها على حالةٍ مَرَضيةٍ إلى دقّةٍ وانتباهٍ كاملٍ وتفكيرٍ في تطبيق تلك النظريات على المريض الذي بين يديه ؟!

فالبحث الأصولي عن العناصر المشتركة وما تقرّره من نظرياتٍ عامة يشابه بحث العالم الطبيب عن النظريات العامة في الطبّ، ودراسة الفقيه للعناصر الخاصّة في مجال تطبيق تلك النظريات العامة من قبيل دراسة الطبيب لحالات المريض

٣٢

في مجال تطبيق النظريات العامة في الطبّ عليه، وكما قد يحتاج الطبيب إلى قدرٍ كبيرٍ من الدقّة والجهد لكي يوفَّق لتطبيق تلك النظريات العامة على مريضه تطبيقاً صحيحاً يمكِّنه من شفائه، فكذلك الفقه بعد أن يخرج من دراسة علم الأصول بالعناصر المشتركة والنظريات العامة ويواجه مسألةً في نطاق البحث الفقهي من مسائل الخمس أو الصوم أو غيرهما فهو يحتاج أيضاً إلى دقّةٍ وتفكيرٍ في طريقة تطبيق تلك العناصر المشتركة على العناصر الخاصّة بالمسألة تطبيقاً صحيحاً.

وهكذا نعرف أنّ علم الأصول الذي يمثّل العناصر المشتركة هو( علم النظريات العامة ) ، وعلم الفقه الذي يشتمل على العناصر الخاصّة هو( علم تطبيق تلك النظريات في مجال العناصر الخاصّة ) ، ولكلٍّ منهما دقّته وجهده العلمي الخاصّ.

واستنباط الحكم الشرعي هو نتيجة مزج النظرية بالتطبيق، أي العناصر المشتركة بالعناصر الخاصّة، وعملية المزج هذه هي عملية الاستنباط، والدقّة في وضع النظريات العامة لا تغني عن الدقّة في تطبيقها خلال عملية الاستنباط.

وقد أشار الشهيد الثاني إلى أهمّية التطبيق الفقهي وما يتطلّبه من دقّة، إذ كتب في قواعده يقول : ( نعم، يشترط مع ذلك - أي مع وضع النظريات العامة - أن تكون له قوة يتمكّن بها من ردِّ الفروع إلى أصولها واستنباطها منها، وهذه هي العمدة في هذا الباب...وإنّما تلك القوّة بيد الله يؤتيها من يشاء من عباده على وفق حكمته ومراده، ولكثرة المجاهدة والممارسة لأهلها مدخلٌ عظيم في تحصيلها )(١) .

____________________

(١) هذه العبارة جاءت نصّاً في الروضة البهيّة ٣ : ٦٦، ولم نعثر عليها في كتابيه فوائد القواعد وتمهيد القواعد.

٣٣

التفاعل بين الفكر الأصولي والفكر الفقهي :

عرفنا أنّ علم الأصول يقوم بدور المنطق بالنسبة إلى علم الفقه، والعلاقة بينهما علاقة النظرية بالتطبيق ؛ لأنّ علم الأصول يمارس وضع النظريات العامة عن طريق تحديد العناصر المشتركة في عملية الاستنباط، وعلم الفقه يمارس تطبيق تلك النظريات والعناصر المشتركة على العناصر الخاصّة التي تختلف من مسألةٍ إلى أخرى.

وهذا الترابط الوثيق بين علم الأصول وعلم الفقه يفسِّر لنا التفاعل المتبادل بين الذهنية الأصولية ومستوى البحث العلمي على صعيد النظريات من ناحية، وبين الذهنية الفقهية ومستوى البحث العلمي على صعيد التطبيق من ناحيةٍ أخرى ؛ لأنّ توسّع بحوث التطبيق يدفع بحوث النظرية خطوةً إلى الأمام ؛ لأنّه يثير أمامها مشاكل ويضطرّها إلى وضع النظريات العامة لحلولها.كما أنّ دقّة البحث في النظريات تنعكس على صعيد التطبيق، إذ كلّما كانت النظريات أدقَّ تطلّبت طريقة تطبيقها دقةً وعمقاً واستيعاباً أكبر.

وهذا التفاعل المتبادل بين الذهنيّتين والمستويين الفكريّين لعلم الأصول وعلم الفقه يؤكّده تأريخ العِلمين على طول الخطّ، وتكشف عنه بوضوح دراسة المراحل التي مرّ بها البحث الفقهي والبحث الأصولي في تأريخ العلم.فقد كان علم الأصول يتّسع ويُثري تدريجاً تبعاً لتوسّع البحث الفقهي ؛ لأنّ اتّساع نطاق التطبيق الفقهي كان يلفت أنظار الممارسين إلى مشاكل جديدة، فتوضع للمشاكل حلولها المناسبة، وتتّخذ الحلول صورة العناصر المشتركة في علم الأصول.

كما أنّ تدقيق العناصر المشتركة في علم الأصول وتحديد حدودها بشكلٍ صارمٍ كان ينعكس على مجال التطبيق، إذ كلّما كانت النظريات العامة موضوعةً

٣٤

في صيغٍ أكثر صرامةً وبدقّةٍ أكبر، كانت أكثر غموضاً وتطلّبت في مجال التطبيق التفاتاً أكبر وانتباهاً أكمل.

ولا نستطيع الآن - ونحن في الحلقة الأولى - أن نقدِّم النماذج من العِلمين على هذا التفاعل ؛ لأنّ الطالب لا يملك حتّى الآن خبرةً واسعةً ببحوث علم الأصول، ولكن يكفينا أن يعرف الطالب الآن أنّ التفاعل بين البحث الفقهي والبحث الأصولي هو مصداق لخطٍّ عريضٍ يعبِّر عن التفاعل المتبادل في كثيرٍ من الأحايين بين بحوث النظرية وبحوث تطبيقها.

أَوَ ليس ممارسة العالم الطبيب لتطبيق النظريات على مَرضاهُ في نطاقٍ واسعٍ يوحي إليه بمشاكل جديدةٍ باستمرار، فيتولّى بحث النظريات العامة العلمية في الطبّ حلّ تلك المشاكل، ويتعمّق تدريجاً وينعكس بالتالي على التطبيق ؟! إذ كلّما ازداد الرصيد النظري للطبيب أصبح التطبيق بالنسبة إليه عملاً واسعاً.وكلّنا نعلم أنّ طبيب الأمس كان يكتفي في مجال التطبيق بإحصاء نبض المريض فينتهي عمله في لحظات، بينما يظلّ طبيب اليوم يدرس حالة المريض في عمليةٍ معقّدةٍ واسعةِ النطاق.

ونفس ظاهرة التفاعل المتبادل بين الفكر الفقهي والفكر الأصولي - الذي يقوم بدور المنطق بالنسبة إلى الفقه - نجدها بين الفكر العلمي إطلاقاً والفكر المنطقي العام الذي يدرس النظام الأساسي للتفكير البشري، إذ كلّما اتّسع نطاق المعرفة البشرية وتنوّعت مجالاتها تجدّدت مشاكل في مناهج الاستدلال والنظام العام للفكر، فيتولّى المنطق تذليل تلك المشاكل وتطوير نظرياته وتكميلها بالشكل الذي يحتفظ لنفسه بقوة التوجيه والتنظيم العليا للفكر البشري.

وعلى أيِّ حالٍ فإنّ فكرة التفاعل هذه - سواء كانت بين علم الفقه ومنطقه الخاصّ المتمثّل في الأصول، أو بين العلوم كلّها ومنطقها العام، أو بين بحث أيِّ

٣٥

نظريةٍ وبحث تطبيقها - تحتاج إلى توضيحٍ وشرحٍ أوسع.ولا نستهدف الآن من الإشارة إلى الفكرة إلاّ أن ينفتح ذهن الطالب لها ولو على سبيل الإجمال.

نماذج من الأسئلة التي يجيب عليها علم الأصول :

ويحسن بنا أن نقدِّم قائمةً تشتمل على نماذج من الأسئلة التي يعتبر الجواب عليها من وظيفة علم الأصول ؛ لنجسِّد بذلك للطالب الذي لا يملك الآن خبرةً ببحوث هذا العلم أهمّية الدور الذي يلعبه علم الأصول في عملية الاستنباط :

١ - ما هو الدليل على حجّية خبر الثقة ؟

٢ - لماذا يجب أن نفسِّر النصّ الشرعي على ضوء العرف العام ؟

٣ - ماذا نصنع في مسألةٍ إذا لم نجد فيها دليلاً يكشف عن نوع الحكم الشرعي فيها ؟

٤ - ما هي قيمة الأكثرية في المسألة الفقهية ؟ وهل يكتسب الرأي طابعاً شرعياً ملزماً بالقبول إذا كان القائلون به أكثر عدداً ؟

٥ - كيف نتصرّف إذا واجهنا نصَّين لا يتّفق مدلول أحدهما مع مدلول الآخر ؟

٦ - ما هو الموقف إذا كنّا على يقينٍ بحكمٍ شرعيٍّ معيَّنٍ ثمّ شككنا في استمراره ؟

٧ - ما هي الألفاط التي تدلّ مباشرةً على الوجوب والإلزام ؟ وهل يعتبر منها فعل الأمر، من قبيل : ( اغتسل )، ( توضّأ )، ( صلِّ ) ؟

إلى عشراتٍ من الأسئلة التي يتولّى علم الأصول الجواب عليها، ويحدّد بذلك العناصر المشتركة في عملية الاستنباط، ويملأ كلّ الثغرات التي يمكن أن تواجه الفقيه في عملية استنباطه للحكم الشرعي.

٣٦

جواز عمليّة الاستنباط

في ضوء ما تقدّم عرفنا أنّ علم الأصول يقوم بدور المنطق بالنسبة إلى عملية الاستنباط ؛ لأنّه يشتمل على عناصرها المشتركة، ويمدّها بقواعدها العامة ونظامها الشامل، ولهذا لا يتاح للشخص أن يمارس عملية الاستنباط بدون دراسة علم الأصول.

وما دام علم الأصول مرتبطاً بعملية الاستنباط هذا الارتباط الوثيق فيجب أن نعرف قبل كلّ شئٍ موقف الشريعة من هذه العملية، فهل سمح الشارع لأحدٍ بممارستها، أوْ لا ؟ فإن كان الشارع قد سمح بها فمن المعقول أن يوضع علم باسم ( علم الأصول ) لدارسة عناصرها المشتركة، وأمّا إذا كان الشارع قد حرّمها فيلغو الاستنباط، وبالتالي يلغو علم الأصول رأساً ؛ لأنّ هذا العلم إنّما وُضِع للتمكين من الاستنباط، فحيث لا استنباط لا توجد حاجة إلى علم الأصول ؛ لأنّه يفقد بذلك مبرّرات وجوده، فلا بدّ - إذن - أن تُدرس هذه النقطة بصورةٍ أساسية.

والحقيقة : أنّ هذه النقطة - أي مسألة جواز الاستنباط - حين تطرح للبحث بالصيغة التي طرحناها لا يبدو أنّها جديرة بالتأمّل والبحث العلمي ؛ لأنّنا حين نتساءل : هل يجوز لنا ممارسة عملية الاستنباط، أوْ لا ؟ يجيء الجواب على البداهة بالإيجاب ؛ لأنّ عملية الاستنباط هي - كما عرفنا سابقاً - عبارة عن ( تحديد الموقف العملي تجاه الشريعة تحديداً

٣٧

استدلالياً )، ومن البديهي أنّ الإنسان بحكم تبعيته للشريعة ووجوب امتثال أحكامها عليه ملزم بتحديد موقفه العملي منها، ولمّا لم تكن أحكام الشريعة غالباً في البداهة والوضوح بدرجة تغني عن إقامة الدليل فليس من المعقول أن يحرم على الناس جميعاً تحديد الموقف العملي تحديداً استدلالياً، ويحجر عليهم النظر في الأدلّة التي تحدّد موقفهم تجاه الشريعة، فعلمية الاستنباط إذن ليست جائزةٍ فحسب، بل من الضروري أن تمارس.وهذه الضرورة تنبع من واقع تبعية الإنسان للشريعة، والنزاع في ذلك على مستوى النزاع في البديهيات.

ولكن لسوء الحظ اتّفق لهذه النقطة أن اكتسبت صيغةً أخرى لا تخلو عن غموضٍ وتشويش، فأصبحت مثاراً للاختلاف نتيجةً لذلك الغموض والتشويش، فقد استخدمت كلمة( الاجتهاد) للتعبير عن عملية الاستنباط، وطرح السؤال هكذا : هل يجوز الاجتهاد في الشريعة، أوْ لا ؟ وحينما دخلت كلمة( الاجتهاد ) في السؤال - وهي كلمة مرّت بمصطلحاتٍ عديدةٍ في تأريخها - أدّت إلى إلقاء ظلال تلك المصطلحات السابقة على البحث، ونتج عن ذلك أن تقدَّم جماعة من علمائنا المحدثين ليجيبوا على السؤال بالنفي، وبالتالي ليشجبوا علم الأصول كلّه ؛ لأنه إنّما يراد لأجل الاجتهاد، فإذا ألغي الاجتهاد لم تعدْ حاجة إلى علم الأصول.

وفي سبيل توضيح ذلك يجب أن نذكر التطوّر الذي مرّت به كلمة( الاجتهاد ) ؛ لكي نتبيّن كيف أنّ النزاع الذي وقع حول جواز عملية الاستنباط والضجّة التي أثيرت ضدّها لم يكن إلاّ نتيجة فهمٍ غير دقيقٍ للاصطلاح العلمي، وغفلة عن التطوّرات التي مرّت بها كلمة( الاجتهاد ) في تأريخ العلم.

الاجتهاد في اللغة مأخوذ من الجهد، وهو ( بذل الوسع للقيام بعملٍ ما )، وقد استعملت هذه الكلمة - لأوّل مرّة - على الصعيد الفقهي للتعبير بها عن قاعدة من القواعد التي قرّرتها بعض مدراس الفقه السنّي وسارت على أساسها، وهي القاعدة القائلة : ( إنّ الفقيه إذا أراد أن يستنبط حكماً شرعياً ولم يجد نصاً يدلّ

٣٨

عليه في الكتاب أو السنّة رجع إلى الاجتهاد بدلاً عن النصّ ).

والاجتهاد هنا يعني التفكير الشخصي، فالفقيه حيث لا يجد النصّ يرجع إلى تفكيره الخاص ويستلهمه ويبني على ما يرجح في فكره الشخصي من تشريع، وقد يعبّر عنه بالرأي أيضاً.

والاجتهاد بهذا المعنى يعتبر دليلاً من أدلّة الفقيه ومصدراً من مصادره، فكما أنّ الفقيه قد يستند إلى الكتاب أو السنّة ويستدل بهما، كذلك يستند في حالات عدم توفّر النصّ إلى الاجتهاد الشخصي ويستدلّ به.

وقد نادت بهذا المعنى للاجتهاد مدارس كبيرة في الفقه السنّي، وعلى رأسها مدرسة أبي حنيفة، ولقي في نفس الوقت معارضةٍ شديدةٍ منّ أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام والفقهاء الذين ينتسبون إلى مدرستهم، كما سنرى في البحث المقبل.

وتَتَبُّع كلمة( الاجتهاد ) يدلّ على أنّ الكلمة حملت هذا المعنى وكانت تستخدم للتعبير عنه منذ عصر الأئمّة إلى القرن السابع، فالروايات المأثورة عن أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام تذمّ الاجتهاد(١) ، وتريد به ذلك المبدأ الفقهي الذي يتّخذ من التفكير الشخصي مصدراً من مصادر الحكم، وقد دخلت الحملة ضدّ هذا المبدأ الفقهي دور التصنيف في عصر الأئمّة أيضاً والرواة الذين حملوا آثارهم، وكانت الحملة تستعمل كلمة( الاجتهاد ) غالباً للتعبير عن ذلك المبدأ وفقاً للمصطلح الذي جاء في الروايات، فقد صنّف عبد الله بن عبد الرحمن الزبيري كتاباً أسماه ( الاستفادة في الطعون على الأوائل والردّ على أصحاب الاجتهاد والقياس ) وصنّف هلال بن إبراهيم بن أبي الفتح المدني(٢) كتاباً في الموضوع باسم كتاب ( الردّ على من ردَّ آثار الرسول واعتمد على نتائج العقول )(٣) ، وصنّف، في عصر

____________________

(١) راجع : وسائل الشيعة ٢٧ : ٣٥، الباب ٦ من أبواب صفات القاضي.

(٢) في المصدر : ( الدُّلفي ) بدلاً عن ( المدني ).

(٣) في المصدر : ( واعتمد نتائج العقول ) بدون كلمة ( على ).

٣٩

الغيبة الصغرى أو قريباً منه، إسماعيل بن عليّ بن إسحاق بن أبي سهل النوبختي كتاباً في الردّ على عيسى بن أبان في الاجتهاد، كما نصّ على ذلك كلّه النجاشي صاحب الرجال في ترجمة كلّ واحدٍ من هؤلاء(١) .

وفي أعقاب الغيبة الصغرى نجد الصدوق في أواسط القرن الرابع يواصل تلك الحملة، ونذكر له - على سبيل المثال - تعقيبه في كتابه على قصّة موسى والخضر، إذ كتب يقول : ( إنّ موسى مع كمال عقله وفضله ومحلّه من الله تعالى لم يدرك باستنباطه واستدلاله معنى أفعال الخضر حتّى اشتبه عليه وجه الأمر به ،... فإذا لم يجز لأنبياء الله ورسله القياس والاستدلال والاستخراج كان مَن دونهم من الأُمم أولى بأن لا يجوز لهم ذلك...فإذا لم يصلح موسى للاختيار مع فضله ومحلّه فكيف تصلح الأمّة لاختيار الإمام ؟ وكيف يصلحون لاستنباط الأحكام الشرعية واستخراجها بعقولهم الناقصة وآرائهم المتفاوتة ؟ )(٢) .

وفي أواخر القرن الرابع يجيء الشيخ المفيد فيسير على نفس الخطّ ويهجم على الاجتهاد، وهو يعبّر بهذه الكلمة عن ذلك المبدأ الفقهي الآنف الذكر، ويكتب كتاباً في ذلك باسم ( النقص على ابن الجنيد في اجتهاد الرأي )(٣) .

ونجد المصطلح نفسه لدى السيد المرتضى في أوائل القرن الخامس إذ كتب في الذريعة يذمّ الاجتهاد ويقول : ( إنّ الاجتهاد باطل، وإنّ الإمامية لا يجور عندهم العمل بالظنّ ولا الرأي ولا الاجتهاد )(٤) .وكتب في كتابه الفقهي

____________________-

(١) رجال النجاشي : ٣١، الرقم ٦٨ و ٢٢٠ الرقم ٥٧٥ و ٤٤٠ الرقم ١١٨٦.

(٢) علل الشرائع : ٦٢، الباب ٥٤، ذيل الحديث ١ و ٢ مع اختلاف في بعض الألفاظ.

(٣) ذكره النجاشي في رجاله : ٤٠٢، الرقم ١٠٦٧.

(٤) الذريعة إلى أصول الشريعة ٢ : ٦٣٦ و ٦٤٦، ولم نقف على العبارة نصّاً، ونسب صدر هذه العبارة المحقّق الإصفهاني في هداية المسترشدين ( ص ٤٨٢، س ٨ ) إلى السيد المرتضىقدس‌سره .

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

النيسابوري ولفظه لفظ مسلم ثم قال: أخرجه مسلم في صحيحه من طرق. تقدم في جعفر ابن عون عن ابي حيان التيمي.

فأبوبكر احمد بن عبيد الله بن عمر بن خلف الشيرازي من أعلام القرن الخامس وممن روى عن الحاكم النيسابوري.

*(٧٩)*

رواية ابى الحسين ابن المهتدى

رواه عن الحافظ علي بن عمر السكرى، ورواه عنه أبو بكر محمد بن الحسين المزرفي، أخرج حديثه الحافظ ابن عساكر الدمشقي في ( تاريخ مدينة دمشق ٢ / ٤٥ ) في ترجمة أمير المؤمنينعليه‌السلام رقم ٥٤٥. تقدم اسناداً ومتناً في زيد بن الحسن الانماطي.

ترجم له:

١ - تلميذه الخطيب وقال: « كتب عنه وكان فاضلا نبيلا ثقة صدوقاً »(١) .

٢ - ابن الجوزي وقال: « محمد بن علي بن محمد بن عبيد الله بن عبد الصمد ابن المهتدى بالله، أبو الحسين ويعرف بابن الغريق ولد يوم الثلاثاء غرة ذي القعدة من سنة ٣٧٠ وسمع أبا الحسن الدارقطني وأبا الفتح القواس في آخرين.

وكان ثقة صالحاً كثير الصيام والتلاوة، رقيق القلب بكاءً عند الذكر حسن الصوت بالقرآن. وكان ممن اشتهر بالصلاح والتعبد حتى كان يقال له زاهد بني هاشم وكان غزير العلم والعقل، رحل الناس اليه من البلاد لعلو اسناده وكان مكثراً.

__________________

(١). تاريخ بغداد ٣ / ١٠٨.

١٨١

وكان آخر من حدث في الدنيا عن الدارقطني وابن شاهين وأبي بكر بن دوست، خطب وله ست عشرة سنة وشهد سنة سبع وأربعمائة و ولى القضاء في سنة ٤٠٩ فبقى خطيباً بجامعي المنصور والمهدي ستاً وسبعين سنة وشهد ستين سنة وتقضى ستاً وخمسين سنة وتوفى وقت المغرب من يوم الأربعاء سلخ ذي القعدة من هذه السنة (٤٦٥) »(١) .

*(٨٠)*

رواية الداودي البوشنجي

روى حديث الثقلين عن ابى محمد عبد الله بن أحمد بن حمويه السرخسي المتوفى ٣٨١. ورواه عنه أبو عبد الله محمد بن العمركي بن نصر البوشنجي المتوثي شيخ الحافظ ابن عساكر، وقد أخرج حديثه الحافظ ابن عساكر الدمشقي في معجم شيوخه، وقد تقدم بإسناده ومتنه في ترجمة ابن حمويه السرخسي المتوفى ٣٨١.

ترجم له:

١ - السمعاني : « والامام أبوالحسن عبد الرحمن بن محمد بن المظفر بن محمد بن داود بن أحمد بن معاذ بن سهل بن الحاكم بن شيرزاد الداودي الفوشنجي، وجه مشايخ خراسان - فضلا عن ناحيته - والمشهور في أصله وفضله وسيرته وورعه، له قدم راسخ في التقوى، ينسب الى جده الاعلى داود ابن أحمد، قرأ الادب على ابن علي الفنجكردي وقرأ الفقه بمرو على أبي بكر القفال وبنيسابور على ابى سهل الصعلوكي وببغداد على ابى حامد الأسفرايني وبفوشنج على ابى سعيد يحيى بن منصور الفقيه، وكان حال التفقه يحمل ما يأكله من بلاده احتياطاً وتورعاً. صحب الأستاذ ابا علي الدقاق وأبا

__________________

(١). المنتظم ٨ / ٢٨٣.

١٨٢

عبد الرحمن السلمي، سمع ببغداد ابا الحسن ابن الصلت المجبر وبنيسابور ابا عبد الله الحافظ وبهراة ابا محمد ابن ابى شريح وبفوشنج ابا محمد الحوئي وجماعة كثيرة من هذه الطبقة

ولد ابو الحسن الداودي في شهر ربيع الآخر سنة ٣٧٤ وتوفى بفوشنج في شوال ٤٦٧ وزرت قبره بظاهر فوشنج »(١) .

*(٨١)*

رواية ابى بكر المزرفى

روى حديث الثقلين عن ابى الحسين محمد بن علي بن المهتدى بالله ورواه عنه الحافظ ابن عساكر الدمشقي في ( تاريخ مدينة دمشق ٢ / ٤٥ ) في ترجمة أمير المؤمنينعليه‌السلام رقم ٥٤٥. تقدم اسناداً ومتناً في زيد بن الحسن الانماطي.

ترجم له:

١ - السمعاني وقال: « بفتح الميم وسكون الزاي في آخرها القاف هذه النسبة الى المزرفة وهي قرية كبيرة بغربي بغداد على خمسة أميال، اجتزت بها في صحرائها في توجهي الى أو انا وصريفين

وابوبكر محمد بن الحسين بن علي بن ابراهيم بن عبد الله الفرضي المزرقى الشيباني ثقة صالح عالم سمع الكثير بنفسه ومتع بما سمع، سمع ابا الحسين محمد بن علي ابن المهتدى بالله وأبا الغنائم عبد الصمد بن علي بن المأمون وطبقتهما، سمع منه جماعة من أصدقائنا، ولد في سلخ سنة ٤٣٩ وتوفى في المحرم سنة ٥١٧ »(٢) .

__________________

(١). الانساب - الداودي.

(٢). الانساب - المزرقى.

١٨٣

وضبطه ابن الاثير في ( الباب ٣ / ٢٠٣ ) بالفاء وكذا ابن حجر في ( تبصير المنتبه ٤ / ١٣٦١ ) وقال: « ابوبكر محمد بن الحسين المقرئ المشهور حدّث عنه ابو الفتح الميداني ».

٢ - ابن الجزري وقال: « محمد بن الحسين بن علي بن ابراهيم بن عبد الله ابو بكر الشيباني البغدادي المزرقي بفتح الميم ويعرف ايضاً بالحاجي عالم مقرئ فرضي قرأ عليه العشر الحافظان ابو موسى المديني وأبو الفرج ابن الجوزي حدّث عنه ابو سعد ابن أبي عصرون والحافظ ابو القاسم ابن عساكر ومحمد بن محمد بن بختيار المنداني وهو آخر من حدّث عنه. قال الذهبي كان من ثقات العلماء »(١) .

٣ - الذهبي قال: « وكان من ثقات العلماء. ومات ساجداً في اول سنة ٥٢٧. »(٢) .

*(٨٢)*

رواية ابى عبد الله المتوثى

رواه عن الداودي البوشنجي باسناده من طريق عبد بن حميد الكشي أخرج حديثه الحافظ ابن عساكر في معجم شيوخه الورقة ٢٠٥ قال:

« اخبرنا محمد بن العمركي بن نصر ابو عبد الله المتوثي البوسنجي بقراءتي عليه ببوسنج قال انبأنا ابو الحسن عبد الرحمن بن محمد بن المظفر الداودي البوسنجي قال انبأنا ابو محمد عبد الله بن احمد بن حمويه السرخسي ».

تقدم في ابن حمويه وجعفر بن عون اسناداً ومتناً.

__________________

(١). طبقات القراء ٢ / ١٣١.

(٢). معرفة القراء الكبار ١ / ٣٩١.

١٨٤

*(٨٣)*

رواية ابن حمويه الجويني

روى حديث الثقلين عن ابى محمد الحسن بن احمد السمرقندي.

ورواه صدر الدين ابو المجامع ابراهيم بن محمد الحموئي الجويني بإسناده عنه في الباب ٥٥ من السمط الثاني من كتابه ( فرائد السمطين في فضائل المرتضى والبتول والسبطين ) وقد رواه بإسناده عن زيد بن الحسن الانماطي، وقد تقدم في زيد بإسناده ولفظه.

ترجم له:

١ - السمعاني : « والامام ابو عبد الله محمد ابن حمويه الجويني أولاده يكتبون لأنفسهم ( الحموئي ) ايضاً ينسبون الى جدهم وابو عبد الله أدركته حياً وكان بجوين وكنت على عزم ان اخرج اليه فتوفى وانا بنيسابور في سنة ٥٣٠ »(١) .

٢ - الصفدي فقال: « محمد بن حمويه بن محمد بن حمويه الجويني احد المشهورين بالزهد والصلاح والعلم صاحب كرامات له مريدون بالعراق وخراسان، قرأ الفقه والاصولين على امام الحرمين ثم انجذب الى الزهد والعبادة وحج مرات وكان مجاب الدعوة وكان سنجر والملوك يزورونه ولا يغشى أبوابهم ولا يقبل صلاتهم ولا يأكل من الأوقاف توفى سنة ٥٣٠ »(٢) .

*(٨٤)*

رواية ابى نصر الطوسي ابن العراقي

اخرج حديثه الحافظ ابن عساكر الدمشقي المتوفى ٥٧١ في معجم

__________________

(١). الانساب - الحموئى.

(٢). الوافي بالوفيات ٣ / ٢٨.

١٨٥

شيوخه الورقة ١١ قال: « أخبرنا احمد بن علي بن محمد بن اسماعيل ابو نصر الطوسي المعروف بابن العراقي ببغداد قال انبأنا ابوبكر احمد بن علي بن عبيد الله ابن عمر بن خلف الشيرازي بنيسابور قال انبأنا الحاكم ابو عبد الله محمد بن عبد الله البيع ثنا ابو الفضل الحسن بن يعقوب بن يوسف العدل ثنا ابو احمد محمد بن عبد الوهاب العبدي ثنا جعفر بن عون » وقد تقدم اسناده ولفظه في جعفر بن عون.

بقية اسناده تقدم في جعفر بن عون ولفظه لفظ مسلم. ثم قال ابن عساكر أخرجه مسلم في صحيحه من طرق عن أبي حيان التيمي.

*(٨٥)*

رواية زاهر بن طاهر الشحامي

روى حديث الثقلين عن محمد بن عبد الرحمن أبي سعد الكنجرودي الحافظ.

ورواه عنه الحافظ أبوالعلاء الحسن بن أحمد العطار الهمداني، ورواه عن الحافظ أبي العلاء عنه الخطيب الخوارزمي في كتابه ( مقتل الحسين ١ / ١٠٤ ).

ترجم له:

١ - ابن الجزري : « زاهر بن طاهر بن محمد بن محمد ابو القاسم الشحامي المستملي، ثقة صحيح السماع كان مسند نيسابور توفى في ربيع الآخر سنة ٥٣٣ »(١) .

٢ - ( المنتظم ١٠ / ٧٩ ).

٣ - ( لسان الميزان ٢ / ٤٧٠ ).

__________________

(١). طبقات القراء ١ / ٢٨٨.

١٨٦

٤ - ( العبر ٤ / ٩١ ) و وصفه بمسند خراسان.

٥ - ( شذرات الذهب ٤ / ١٠٢ ) ونقل ما في العبر على عادته.

*(٨٦)*

رواية جار الله الزمخشرى

قال في ( الفائق ): « الثاء مع القاف: النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خلفت فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي:

الثقل: المتاع المحمول على الدابة، وانما قيل للجن والانس الثقلان لأنهما قطان الأرض فكأنهما اثقلاها وقد شبه بهما الكتاب والعترة في ان الدين يستصلح بهما ويعمر كما عمرت الدنيا بالثقلين. والعترة العشيرة »(١) .

ترجم له:

١ - ابن خلكان ترجمة مطوّلة وقال: « ابو القاسم محمود بن عمر بن محمد ابن عمر الخوارزمي الزمخشري الامام الكبير في التفسير والحديث والنحو واللغة وعلم البيان، كان امام عصره من غير مدافع، تشد اليد الرحال في فنونه، أخذ النحو عن أبى مضر منصور وصنّف التصانيف البديعة منها الكشاف في تفسير القرآن العزيز لم يصنّف قبله مثله، والمحاجات بالمسائل النحوية، والمفرد والمركب في العربية، والفائق في تفسير الحديث، وأساس البلاغة في اللغة، وربيع الأبرار، وفصوص الاخبار، ومتشابه أسامي الرواة الى آخر ما عدّد من تصانيفه »(٢) .

٢ - ياقوت وقال: « كان اماماً في التفسير والنحو واللغة والأدب واسع العلم كبير الفضل متفنناً في علوم شتى معتزلي المذهب متجاهراً

__________________

(١). الفائق في غريب الحديث ١ / ١٧٠.

(٢). وفيات الاعيان ٥ / ١٦٨.

١٨٧

بذلك »(١) .

٣ - الداودي فقال: « كان واسع العلم كثير الفضل غاية في الذكاء وجودة القريحة متفنناً في كل علم لقى الكبار وصنف التصانيف المفيدة ودخل خراسان عدة نوب ما دخل بلداً الا واجتمعوا عليه وتلمذوا له. وكان امام الأدب ونسابة العرب تضرب اليه أكباد الإبل »(٢) .

*(٨٧)*

رواية ابن عطية المحاربي

قال في مقدمة تفسيره: « و روى عنهعليه‌السلام انه قال في آخر خطبة خطبها وهو مريض: يا أيها الناس اني تارك فيكم الثقلين، انه لن تعمى أبصاركم ولن تضل قلوبكم ولن تزل أقدامكم ولن تقصر أيديكم: كتاب الله سبب بينكم وبينه طرفه بيده وطرفه بأيديكم فاعملوا بمحكمه وآمنوا بمتشابهه، وأحلوا حلاله وحرموا حرامه، ألا عترتي واهل بيتي هم الثقل الآخر، فلا تسبقوهم فتهلكوا»(٣) .

ترجم له:

١ - ابن فرحون قال: « عبد الحق بن غالب بن عبد الرحمن يكنى ابا محمد كان القاضي ابو محمد عبد الحق فقيهاً عالماً بالتفسير والاحكام والحديث والفقه والنحو واللغة والأدب وألف كتابه المسمى بالوجيز في التفسير واحسن فيه وأبدع وطاهر بحسن نيته كل مطار وتوفيرحمه‌الله سنة ٥٤١ »(٤) .

__________________

(١). معجم الادباء ٧ / ١٤٧.

(٢). طبقات المفسرين ٢ / ٣١٤.

(٣). المحرر الوجيز في تفسير كتاب الله العزيز ١ / ٣٤.

(٤). الديباج المذهب ٢ / ٥٧.

١٨٨

٢ - الداودي في ( طبقات المفسرين ١ / ٢٦٠ ).

٣ - كحالة في ( معجم المؤلفين ٥ / ٩٣ ).

٤ - وترجم له الاستاذ الملاح محقق تفسيره في مقدمة الجزء الاول منه من ص ٤ - ٢٣.

*(٨٨)*

رواية ابى الفضل ابن ناصر

روى حديث الثقلين من طريقه ابو المجامع صدر الدين ابراهيم بن محمد الجويني الحموئي في الباب ٥٥ من السمط الثاني من كتابه ( فرائد السمطين في فضائل المرتضى والبتول والسبطين ) بإسناده عن زيد بن الحسن الانماطي بإسناد ولفظ قد تقدما في زيد.

ترجم له:

١ - تلميذه ابن الجوزي فقال: « محمد بن ناصر بن محمد بن علي بن عمر ابو الفضل البغدادي وكان حافظاً ضابطاً متقناً ثقة لا مغمز فيه »(١) .

٢ - الذهبي و وصفه بالحافظ الامام محدث العراق وحكى توثيقه عن ابن الجوزي وارخ وفاته بسنة ٥٥٠(٢) .

*(٨٩)*

رواية الحافظ ابى العلاء العطار

روى حديث الثقلين عن الحافظ أبي القاسم زاهر بن طاهر الشحامي المستملي النيسابوري، ورواه عنه اخطب خوارزم ابو المؤيد الموفق بن احمد

__________________

(١). المنتظم ١٠ / ١٦٢.

(٢). تذكرة الحفاظ ١٢٨٩.

١٨٩

المكي الخوارزمي المتوفي ٥٦٨ في كتابه ( مقتل الحسين ١ / ١٠٤ ).

ترجم له:

١ - الذهبي ترجمة مطولة وأثنى عليه كثيراً وحكى عن عبد القادر الحافظ انه قال: « شيخنا ابو العلاء أشهر من ان يعرف بل تعذر وجود مثله في اعصار كثيرة على ما بلغنا من السير، اربى على اهل زمانه في كثرة السماعات مع تحصيل اصول ما سمع وجودة النسخ وإتقان ما كتبه بخطه »(١) .

٢ - الجزري : « شيخ همذان وامام العراقيين ومؤلف كتاب الغاية في القراءات العشر وأحد حفاظ العصر ثقة دين خير كبير القدر توفي تاسع عشر جمادى الاولى سنة ٥٦٩ ».(٢)

٣ - ابن الجوزي ووصفه بالحفظ والاتقان(٣) .

*(٩٠)*

رواية الخطيبى الدهلقى

و رواه صائن الدين ابو حفص عمر بن عيسى الخطيبى الدهلقي في كتابه لباب الألباب في فضائل الخلفاء والاصحاب(٤) .

رواه في الباب الرابع الورقة ١٤٧ / أ عن زيد بن أرقم قال لما رجع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من حجة الوداع فنزل غدير دعيت فأجبت وانّي

__________________

(١). تذكرة الحفاظ ١٣٢٤.

(٢). طبقات القراء ١ / ٢٠٤.

(٣). المنتظم ١٠ / ٢٤٨.

(٤). رأيت منه نسختين في مكتبات تركيا نسخة في مكتبة نور عثمانية رقم ٣٤١٢ وأخرى في لاله لي بالمكتبة السليمانية رقم ٣٣٤٣ بخط قاسم بن ابى بكر بن ملك احمد السليماني الملطي كتبها سنة ٩١٩ وعنها نقلت.

١٩٠

قد تركت فيكم الثقلين احدهما اكبر من الآخر كتاب الله تعالى وعترتي اهل بيتي فانظروا كيف تخلفوني فيهما فإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض.

ثم قال: ان الله عز وجل مولاي وأنا ولى كل مؤمن، ثم أخذ بيد علي فقال: من كنت وليه فهذا وليه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه

*(٩١)*

رواية محيي الدين النووي

رواه في شرحه على صحيح مسلم وقال: « قال العلماء: سميا ثقلين لعظمهما وكبر شأنهما، وقيل لثقل العمل بهما »(١) .

ترجم له:

١ - الذهبي وبالغ في الثناء عليه حيث وصفه بقوله: « الامام الحافظ الأوحد القدوة شيخ الإسلام علم الأولياء محيي الدين ابو زكريا يحيى بن شرف ابن مرى الحزامي الحوراني الشافعي »(٢)

٢ - السبكى و وصفه بالشيخ الامام العلامة محيي الدين ابو زكريا شيخ الإسلام، أستاذ المتأخرين وحجة الله على اللاحقين والداعي الى سبيل السالفين له الزهد والقناعة ومتابعة السالفين من أهل السنة والجماعة والمصابرة على انواع الخير، لا يصرف ساعة في غير طاعة. هذا مع التفنن في اصناف العلوم فقهاً ومتون أحاديث واسماء رجال ولغة وتصوفاً وغير ذلك وبالجملة كان قطب زمانه وسيد وقته وسر الله بين خلقه، والتطويل بذكر كراماته تطويل في مشهور وإسهاب في معروف وتوفي بهارحمه‌الله في رجب سنة ٦٧٦(٣)

__________________

(١). المنهاج في شرح صحيح مسلم ١٥ / ١٨٠.

(٢). تذكرة الحفاظ ١٤٧٠.

(٣). طبقات الشافعية ٨ / ٣٩٥ - ٤٠٠.

١٩١

*(٩٢)*

رواية شرف الدين عمر الموصلي

رواه في الباب الثالث من كتابه النعيم المقيم لعترة النبي العظيم(١) ففي الورقة ٦٤ ب: « وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أوشك ان ادعى فأجيب وانّي تارك فيكم الثقلين كتاب الله تعالى وعترتي أهل بيتي، فانظروا ماذا تخلفوني فيهم ».

وفي الورقة ٦٩ ب: « وفي الحديث ان علياً سلم على النبي [صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ] فرد عليه [ السلام ] وأشار اليه بإصبعه وقال: لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ».

*(٩٣)*

رواية ابى العباس القرطبي

رواه في كتابه تلخيص صحيح مسلم في الورقة ١٠٠ من المجلد الثاني منه(٢) قال: وعن يزيد بن حيان قال: انطلقت أنا وحصين بن سبرة وعمر بن مسلم الى زيد بن أرقم فرواه بعين ما تقدم عن مسلم في صحيحه.

__________________

(١). رأيت نسخة قديمة منه كتبت في سنة ٦٧٦ في مكتبة اياصوفيا رقم ٣٥٠٤ في المكتبة السليمانية باسلامبول. ونسخته هناك بخطي وهي منقولة عن نسخة قرئت على المؤلف سنة ٦٤٧ ووصف هناك بالسيد الأوحد العالم البارع الورع العارف بحر الطريقة لسان الحقيقة مقدم الطوائف نهاية كل واصف شرف الدين أبو محمد عمر ابن السعيد شجاع الدين محمد ابن الشيخ نجيب الدين عبد الواحد المعروفين بمسجد رباط المجاهد في الموصل.

وكان تأليف الكتاب برباط الاخلاطية ببغداد وفرغ منه عاشر ذى الحجة سنة ٦٤٢ ألفه لخزانة الملك الرحيم بدر الدين لؤلؤ صاحب الموصل وصدره باسمه.

(٢). رأيت النصف الثاني منه في كتب جار الله أيوب بالمكتبة السليمانية باسلامبول رقم ٢٦٤ بخط الحسين بن أحمد البهنسى فرغ منه ٤ شعبان ٦٩٤ وقوبل بأصله المنقول منه وهو مقابل بأصل مسموع على الشيخ أبى عبد الله القرطبي بحق سماعه من مؤلفه. وهذا الحديث في الورقة ١٠٠ / أ منه.

١٩٢

وهو ضياء الدين أبوالعباس أحمد بن عمر بن ابراهيم بن عمر القرطبي المالكي الانصاري المتوفى ٦٥٦.

ترجم له:

ابن فرحون وقال: « عرف بابن المزين وكان من الأئمة المشهورين والعلماء المعروفين جامعا لمعرفة علوم منها علم الحديث والفقه والعربية وغير ذلك »(١) .

*(٩٤)*

رواية عز الدين ابن ابى الحديد

قال: « وقد بين رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عترته من هي لـمّا قال: انّي تارك فيكم الثقلين، فقال: عترتي أهل بيتي.

وبيّن في مقام آخر من أهل بيته حيث طرح عليهم كساء و قال حين نزلت: « انما يريد الله ليذهب » اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب الرجس عنهم »(٢) .

ترجم له:

١ - ابن الفوطي فقال: « عز الدين أبو حامد عبد الحميد بن أبي الحسين هبة الله بن محمد بن أبي الحديد المدائني الكاتب الاصولي.

كان أديباً فاضلا حكيماً كاتباً خدم في الاعمال السلطانية. قال شيخنا تاج الدين كان كانباً في دار التشريفات ثم رتب كاتباً في المخزن سنة ٦٢٩ ثم رتب كاتباً بالديوان وعزل ورتب مشرف البلاد الحلية في صفر سنة

__________________

(١). الديباج المذهب: ٦٨.

(٢). شرح نهج البلاغة ٦ / ٣٧٥.

١٩٣

٦٤٢ ثم عزل ورتب خواجة للامير علاء الدين الطبرسي ثم رتب ناظراً في البيمارستان العضدي، ولما هرب جعفر بن الطحان الضامن رتب عوضه بالامانة من غير ضمان فلم يعمل شيئاً فعزل. وصنف للوزير كتاب شرح نهج البلاغة. وبقي بعد الدولة العباسية ولم تطل أيامه. وتوفى في جمادى الآخرة سنة ٦٥٦. وله شعر كثير سائر. ومولده بالمدائن في غرة ذي الحجة سنة ٥٨٦ »(١) .

٢ - ابن شاكر وأورد شيئاً من شعره(٢) .

٣ - ابن كثير و وصفه بالكاتب الشاعر المطبق الشيعي الغالي! له شرح نهج البلاغة في عشرين مجلداً وقد أورد له ابن الساعي أشياء كثيرة من مدائحه وأشعاره الفائقة الرائقة وكان أكثر فضيلة وأدباً من أخيه أبي المعالي موفق الدين »(٣) .

*(٩٥)*

رواية القاضي البيضاوي

أخرجه في شرحه على مصابيح السنة للبغوي وسمى شرحه تحفة الأبرار في الورقة ٢٣٦ / أ عن جابر بن عبد الله الانصاري، وقال: عترة الرجل نسله ورهطه الأدنون.

ترجم له:

١ - السبكى وقال: « عبد الله بن عمر بن محمد بن علي أبو الخير القاضي ناصر الدين البيضاوي صاحب الطوالع و كان اماماً مبرزاً نظاراً

__________________

(١). تلخيص مجمع الاداب ٤ ق ١ ص ١٩٠. رقم ٢٣٥.

(٢). فوات الوفيات ١ / ٥١٩.

(٣). تاريخ ابن كثير ١٣ / ١٩٩.

١٩٤

صالحاً متعبداً زاهداً »(١) .

٢ - السيوطي وقال: « كان اماماً علّامة عارفاً بالفقه والتفسير والأصلين والعربية والمنطق، نظاراً صالحاً متعبداً شافعياً، مات سنة خمس وثمانين وستمائة بتبريز. كذا ذكره الصفدي »(٢) .

٣ - الداودي وأثنى عليه بألفاظ السيوطي المتقدمة وعدّد مصنفاته، ثم قال:

« ولي قضاء القضاة بشيراز ودخل تبريز وناظر بها، صادف دخوله إليها مجلس درس عقد بها لبعض الفضلاء فجلس القاضي ناصر الدين في أخريات القوم بحيث لم يعلم به أحد، فذكر المدرس نكتة زعم ان أحداً من الحاضرين لا يقدر على جوابها وطلب من القوم حلها والجواب عنها فان لم يقدروا فالحل فقط، فان لم يقدروا فاعادتها. فلما انتهى من ذكرها شرع القاضي ناصر الدين في الجواب فقال لا أسمع حتى أعلم انك فهمتها، فخيره بين إعادتها بلفظها أو معناها، فبهت المدرس وقال أعدها بلفظها فأعادها ثم حلها وبين ان في تركيبه إياها خللا، ثم أجاب عنها وقابلها في الحال بمثلها ودعا المدرس الى حلها فتعذرت عليه، فأقامه الوزير من مجلسه وأدناه الى جانبه وسأله من أنت فأخبره انه البيضاوي وأنه جاء في طلب القضاء بشيراز، فأكرمه وخلع عليه في يومه ورده وقضيت حاجته »(٣) .

__________________

(١). طبقات الشافعية ٨ / ١٥٧.

(٢). بغية الوعاة ٢ / ٥٠.

(٣). طبقات المفسرين ١ / ٢٤٢.

١٩٥

*(٩٦)*

رواية ظهير الدين عبد الصمد الفارقي

روى حديث الثقلين في شرحه على مصابيح البغوي(١) وقال: « وانا سمى كتاب الله وأهل بيته بالثقلين لشرفهما وعظم قدرهما، والعرب تسمي كل شيء فيه خطر وشرف ثقيلا، وقيل لان العمل بهما وأداء حقهما ثقيل، قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « أذكركم الله في أهل بيتي » أي أذكركم أمر الله في محبة أهل بيتي ورعاية حقوقهم وتقديمهم في الامامة وغيرها، « كررها ثلاثاً » إظهاراً لمزيد اهتمامه بشأنهم وتأكيداً للتوصية بهم »

ترجم له:

١ - ( هدية العارفين ١ / ٥٧٤ ) وقال: « عبد الصمد بن محمود الفارقي ظهير الدين الفارابي المتوفى بعد ٧٠٧ من تصانيفه طوالع الانظار للبيضاوي وشرح منهاج الأصول أيضاً للبيضاوي ».

٢ - ( معجم المؤلفين ٥ /).

٣ - حاج خليفة في ( كشف الظنون / ١١١٦ ) في شراح الطوالع فقال: « وشرحه عبد الصمد بن محمود الفارقي شرحاً بسيطاً فرغ من تحريره وتبييضه في عاشر صفر ٧٠٧ ».

كما ذكر في ١٦٩٩ شرحه هذا على مصابيح السنة للبغوي ولكن هنا سماه ظهير الدين محمود بن عبد الصمد الفارقي وبيض لتاريخ وفاته.

*(٩٧)*

رواية زين العرب

روى حديث الثقلين في شرحه على مصابيح السنة

__________________

(١). في الورقة ٣٤٠ ب من نسخة من مكتبة تورهان والده رقم ٦٠ في المكتبة السليمانية في اسلامبول بخط ابن أخى المؤلف فرغ منه ٢٣ ربيع الاول سنة ٧٥٣.

١٩٦

للبغوي(١) وقال: « وقد شبه بهما [ الثقلين ] الكتاب والعترة في رزانة قدرهما وفخامة أمرهما، وفي ان الدين يستصلح بهما ويعمر ما عمرت الدنيا بالثقلين وأذكركم الله في أهل بيتي أي بالمودة والمحافظة لهم واحترامهم والانقياد لهم ».

وهو زين العرب علي بن عبد الله بن أحمد.

ذكرالحاج خليفة في ( كشف الظنون ٢ / ١٦٩٩ ) شرحه هذا على المصابيح ولم يؤرخ وفاته.

ولم أقف له على ترجمة سوى ما في ( هدية العارفين ١ / ٧٢٠ ) قال: « زين العرب: علي بن عبد الله المصري الشهير بزين العرب، صنف شرح الأنموذج للزمخشري في النحو. شرح كليات القانون لابن سينا، شرح مصابيح السنة للبغوي فرغ منها ( كذا ) سنة ٧٥١ ».

*(٩٨)*

رواية الحسن بن حبيب الحلبي

رواه في النجم الثاقب في أشرف المناصب(٢) في فصل في محبة آله وأصحابه رضي الله عنهم.

فقال من جملة ما قال في فضل أهل البيتعليهم‌السلام في الورقة ٨٦ / أ: « وعظمهم إذ قرنهم بكتاب الله أين كانوا وحيث حلوا في قوله: انّي تارك فيكم ما ان أخذتم به لن تضلوا ».

ترجم له:

١ - ابن حجر فقال: « الحسن بن عمر بن الحسن بن عمر بن حبيب

__________________

(١). في الورقة ٣٥٦ / أ من نسخة كتبت على نسخة الأصل بخط المؤلف بتاريخ المحرم سنة ٧٦٨ وهي في مكتبة تورهان والده برقم ٥٩ في المكتبة السليمانية باسلامبول.

(٢). نسخة منه ضمن مجموعة مكتوبة سنة ٨٢٤ في دار الكتب الظاهرية بدمشق رقم ٥٨٨٣.

١٩٧

ابن عمر بن شويخ بن عمر الدمشقي الاصل الحلبي أبومحمد بدر الدين واشتغل وبرع الى أن صار رأساً في الأدب والشروط ثم انتقى وخرج وأرخ وتعانى في تواليفه السجع وكتب الشروط على القضاة وناب في الحكم ووقع في الإنشاء وصنف فيها ونسخ البخاري بخطه، واشتهر بالأدب فنظم ونثر وجمع مجاميع مفيدة، ثم لزم منزله بأخرة مقبلا على التصنيف والافادة فمنها درة الاسلاك في دولة الأتراك »(١) .

٢ - وقال أيضاً: « واستعمل مقاصد الشفاء لعياض وسماه أسنى المطالب(٢) في أشرف المناقب فسبكها سجعاً، سمعه منه أبو حامد ابن ظهيرة وسمع بالقاهرة ومصر والاسكندرية، وكان فاضلا كيساً صحيح النقل، حدث الحسن ابن حبيب عنه ابن عشائر وابن ظهيرة وسبط ابن العجمي ومحب الدين ابن الشحنة وعلاء الدين ابن خطيب الناصرية وقال في ترجمته: وهو أول شيخ سمعت عليه الحديث »(٣) .

٣ - ابن العماد لخص فيه كلام ابن حجر في أنباء الغمر دون عز واليه(٤) .

٤ - الشوكانى لخص ما في الدرر الكامنة بتغيير يسير ونسبته اليه صريحة(٥) .

٥ - ( الرد الوافر / ٥٠ ).

٦ - ( النجوم الزاهرة ١١ / ١٨٩ ).

__________________

(١). أنباء الغمر ١ / ٢٤٩.

(٢). صرح المؤلف في خطبة الكتاب بقوله: وسميتها النجم الثاقب. وكذلك ذكره في كشف الظنون ٢ / ١٩٣٠ بهذا الاسم وفي تعاليق أنباء الغمر وأعلام الزركلى.

(٣). الدرر الكامنة ٢ / ١١٣.

(٤). شذرات الذهب ٦ / ٢٦٢.

(٥). البدر الطالع ٢ / ٢٠٥.

١٩٨

*(٩٩)*

رواية ابن تيمية الحراني

أورده عن صحيح مسلم، قال: « لفظ الحديث الذي في صحيح مسلم عن زيد بن أرقم...»(١) .

وفي ص ١٠٥ عن صحيح مسلم عن جابر. ثم ناقش في مدلوله مكابرة.

والجواب عنه مذكور في الكتاب.

ترجم له:

وهو تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحراني المتوفى سنة ٧٢٨.

١ - تلميذه ابن كثير ترجمة مطولة كما أورد في خلال كتابه هذا كثيراً من أخباره وقضاياه وما جرى عليه(٢) .

٢ - وكذلك ابن ناصر في الرد الوافر.

٣ - الالوسي في جلاء العينين.

٤ - وقد ألف البيطار عن حياة ابن تيمية كتاباً مستقلا طبع بدمشق.

وكذلك أبو زهرة ومحمد خليل هراس.

*(١٠٠)*

رواية اثير الدين ابى حيان الاندلسي

رواه في تفسيره قال: « وروى عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : انه قال في آخر خطبة خطبها وهو مريض:

__________________

(١). منهاج السنة ٤ / ١٠٤.

(٢). تاريخ ابن كثير ١٤ / ١٣٥.

١٩٩

أيها الناس! انّي تارك فيكم الثقلين انه لن تعمى أبصاركم ولن تضل قلوبكم »(١) مر لفظه بتمامه في ترجمة ابن عطية.

ترجم له:

تلميذه الصفدي ترجمة مطولة فقال: « محمد بن يوسف بن علي بن يوسف بن حيان، الشيخ الامام الحافظ العلامة فريد العصر والشيخ الزمان وامام النحاة أثير الدين أبو حيان الغرناطي ولم أر في أشياخي أكثر اشتغالا منه لاني لم أره الا يسمع أو يشتغل أو يكتب وهو ثبت فيما ينقله، محرر لما يقوله عارف باللغة ضابط لالفاظها، وأما النحو والتصريف فهو امام الدنيا فيهما لم يذكر معه في أقطار الأرض غيره في العربية. وله اليد الطولى في التفسير والحديث توفى رحمه الله تعالى في ثامن عشري صفر سنة ٧٤٥ »(٢) .

*(١٠١)*

رواية علاء الدين ابن التركمانى

أورده في كتابه ( الجوهر النقي على سنن البيهقي ٧ / ٣١ ) المطبوع ذيل سنن البيهقي في حيدرآباد الهند باب بيان آل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

ترجم له:

١ - ابن حجر فقال: « علي بن عثمان بن مصطفى المارديني الأصل علاء الدين ابن التركماني الحنفي ولد سنة ٦٨٣ وتفقه وتمهر وأفتى ودرس وصنف التصانيف الحافلة واستمر علاء الدين في الوظيفة الى ان مات سنة ٧٥٠، وله من التصانيف غريب القرآن ومختصر ابن الصلاح والجوهر

__________________

(١). البحر المحيط ١ / ١٢.

(٢). الوافي بالوفيات ٥ / ٢٦٧ - ٢٨٣.

٢٠٠

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373