نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ٢

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار21%

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 373

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 373 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 292885 / تحميل: 6536
الحجم الحجم الحجم
نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ٢

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

النقي »(١) .

٢ - الحسيني في ( ذيل تذكرة الحافظ / ١٢٥ ) وأرخ وفاته سنة ٧٤٩ وسمى كتابه هذا بالدر النقي.

*(١٠٢)*

رواية شمس الدين الواسطي

رواه في مجمع الأحباب(٢) قال: « وفي حديث صحيح مسلم أيضاً عن زيد ابن أرقم في جملة حديث طويل قال: فقام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بماء يدعى خماً بين مكة والمدينة فحمد الله وأثنى عليه ووعظ وذكر، ثم قال بعد: ألا أيها الناس! فإنما أنا بشر يوشك أن يأتيني رسول الله فأجيب وانّي تارك فيكم ثقلين، أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به. فحث على كتاب الله ورغب فيه، ثم قال: وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي ».

ترجم له:

١ - ابن حجر في وفيات سنة ٧٧٦ فقال: « محمد بن الحسن بن عبد الله الحسيني الواسطي نزيل القاهرة ولد سنة ٧١٧ واشتغل ببلاده ثم قدم الشام وتميز وأفاد ودرس وكان بارعاً في الفقه والأصول وجمع شيئاً في الرد

__________________

(١). الدرر الكامنة ٣ / ١٥٦.

(٢). ذكره في كشف الظنون ٢ / ١٥٩٦ باسم مجمع الاخبار في مناقب الأخيار وقال: المشهور انه يقال له مجمع الأحباب وتذكرة اولى الألباب، وقال: واقتفى في ترتيبه أثر الحلية انتهى.

والظاهر انه لخص الحلية حلية الاولياء لابي نعيم فحذف أشياء وأضاف أشياء كما ذكر ابن حجر: واختصر الحلية. ورأيت منه نسخاً في مكتبات تركيا منها نسخة من القرن العاشر في مكتبة لاله لي رقم ٢٠٩٦ بالمكتبة السليمانية باسلامبول ذكر حديث الثقلين فيه في ترجمة أمير المؤمنين عليه‌السلام في الورقة ٧٨ ب.

٢٠١

على التناقض للاسنوي واختصر الحلية، وكان منجمعاً عن الناس، وله تفسير كبير، وخطه مليح من ستين سنة الى الآن »(١) .

٢ - ( الدرر الكامنة ٤ / ٤١٠ ) رقم ٣٦٤٠.

٣ - ابن العماد في ( شذرات الذهب ٦ / ٢٠٥ ).

*(١٠٣)*

رواية تقى الدين المقريزى

أخرج حديث الثقلين في كتابه: معرفة ما يجب لال البيت النبوي(٢) من الحق على من عداهم ص ٣٨ عن سنن الترمذي.

والمقريزي هو أبو العباس أحمد بن علي بن عبد القادر المصري الحسيني العبيدي.

ترجم له:

١ - ابن تغرى بردي ووصفه بالشيخ الامام العالم البارع عمدة المؤرخين وعين المحدثين تقي الدين المقريزي البعلبكي الأصل المصري المولد والدار والوفاة وتفقه وبرع وصنف التصانيف المفيدة النافعة الجامعة لكل علم، وكان ضابطاً مؤرخاً مفنناً محدثاً معظماً في الدول وكان اماماً مفنناً كتب الكثير بخطه وانتقى أشياء وحصل الفوائد واشتهر ذكره في حياته وبعد موته في التاريخ وغيره حتى صار به يضرب المثل، وكان له محاسن شتى ومحاضرة جيدة الى الغاية ولا سيما في ذكر السلف من العلماء والملوك وغير ذلك. وكان منقطعاً في داره ملازماً للعبادة والخلوة قل ان يتردد الى أحد الا

__________________

(١). أنباء الغمر ١ / ١٢٨.

(٢). طبعة مصر مطبوعات دار الاعتصام بالقاهرة بتحقيق محمد أحمد عاشور سنة ١٣٩٢.

٢٠٢

لضرورة الا انه كان كثير التعصب على السادة الحنيفة وغيرهم لميله الى مذهب الظاهر.

وقرأت عليه كثيراً من مصنفاته الى ان عدد تصانيفه وذكر منها التنازع والتخاصم وكتاب في معرفة ما يجب لال البيت النبوي من الحق على من عداهم ولم يزل ضابطا حافظا للوقائع والتاريخ مع حسن الخلق وكرم العهد وكثرة التواضع وعلو الهمة لمن يقصد والعبادة والتقوى، الى ان توفى يوم الخميس سادس عشر شهر رمضان سنة ٨٤٥ ودفن من الغد في مقبرة الصوفية خارج باب النصر من القاهرة رحمه الله تعالى(١) .

٢ - معاصرهالحافظ ابن حجر وقال: « وكان اماماً بارعاً مفنناً متقناً ضابطاً ديناً خيراً ...»(٢) .

٣ - السخاوي ترجمة مطولة(٣) .

٤ - ابن المعاد في ( شذرات الذهب ٧ / ٢٥٤ ).

٥ - السيوطي في ( حسن المحاضرة ١ / ٥٥٧ ).

*(١٠٤)*

رواية عثمان بن حاجي بن محمد الهروي

روى حديث الثقلين في شرحه على مصابيح السنة في الورقة ١٧٨ / أ من نسخة من القرن العاشر في المكتبة السليمانية رقم ٢٨٨(٤) .

__________________

(١). المنهل الصافي ١ / ٣٩٤ - ٣٩٩.

(٢). أنباء الغمر ٩ / ١٧٠.

(٣). الضوء اللامع ٢ / ٢١ - ٢٥.

(٤). منه نسخة في الخزانة التيمورية رقم ٢٥٤ حديث كما في فهرسها ج ١ ص ٢١٧ ولم يورخ وفاته.

٢٠٣

*(١٠٥)*

رواية الحافظ ابن حجر العسقلاني

أخرجه في كتاب ( المطالب العالية(١) بزوائد المسانيد الثمانية(٢) ٤ / ٦٥ ) في باب فضائل علي برقم ٣٩٧٢ عن عليعليه‌السلام :

« ان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حضر الشجرة بخم ثم خرج آخذاً بيد علي فقال: ألستم تشهدون ان الله بكم؟ قالوا: بلى. قال: ألستم تشهدون ان الله ورسوله مولاكم؟ فقالوا: بلى. قال: فمن كان الله ورسوله مولاه فان هذا مولاه، وقد تركت فيكم ما ان أخذتم به لن تضلوا: كتاب الله سببه بيده وسببه بأيديكم، وأهل بيتي.

هذا اسناد صحيح ».

ثم أورد بعده حديث الغدير ثم قال: هما لاسحاق.

ورواه الحافظ ابن حجر في زوائد مسند البزار في الورقة ٢٧٧ / أ:

« حدثنا أحمد بن منصور ثنا داود بن عمرو ثنا صالح بن موسى بن عبد الله حدثني عبد العزيز بن رفيع عن أبي صالح عن أبي هريرة قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : انّي قد خلفت فيكم اثنين لن تضلوا بعدهما أبداً: كتاب الله وعترتي، لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض.

حدثنا الحسين بن علي بن جعفر ثنا علي بن ثابت ثنا سفيان بن سليمان عن أبي اسحاق عن علي قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : انّي مقبوض وانّي قد تركت فيكم الثقلين: كتاب الله وأهل بيتي وانكم لن تضلوا بعدهما ».

__________________

(١). طبعة المطبعة العصرية بالكويت نشر التراث الاسلامي ادارة الشئون الاسلامية بوزارة الاوقاف الكويتية بتحقيق الاستاذ المحقق حبيب الرحمن الاعظمى سنة ١٣٩٣.

(٢). وهي مسانيد أبى داود الطيالسي والحميدي وابن أبى عمر ومسدد وابن منيع البغوي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد الكشي والحارث بن أبى أسامة وأضاف إليها من مسندي أبى يعلى وابن راهويه.

٢٠٤

ترجم له:

١ - السخاوي ترجمة مطولة فقال: « أحمد بن علي بن محمد بن محمد ابن علي بن أحمد، شيخي الاستاذ امام الائمة الشهاب أبو الفضل الكناني العسقلاني المصري ثم القاهري الشافعي ويعرف بابن حجر وهو لقب لبعض آبائه وأملى ما ينيف على ألف مجلس من حفظه واشتهر ذكره وبعد صيته وارتحل الائمة اليه، وتبجح الاعيان بالوفود عليه، وكثرت طلبته حتى كان رؤوس العلماء من كل مذهب من تلامذته، وأخذ الناس عنه طبقة بعد اخرى والحق الابناء بالاباء والاحفاد بل وأبناءهم بالاجداد، ولم يجتمع عند أحد مجموعهم وقهرهم بذكائه وتفوق تصوره وسرعة ادراكه واتساع نظره ووفور آدابه، وامتدحه الكبار وتبجح فحول الشعراء بمطارحته وطارت فتواه التي لا يمكن دخولها تحت الحصر في الافاق وحدث بأكثر مروياته خصوصاً المطولات منها، كل ذلك مع شدة تواضعه وحلمه وبهائه وتحريه في مأكله ومشربه وملبسه وصيامه وقيامه وبذله وحسن عشرته ومزيد مداراته ولذيذ محاضراته ورضي أخلاقه وميله لاهل الفضائل، وانصافه في البحث ورجوعه الى الحق وخصاله التي لم تجتمع لاحد من أهل عصره وقد شهد له القدماء بالحفظ والثقة والامانة والمعرفة التامة والذهن الوقاد، والذكاء المفرط وسعة العلم في فنون شتى، وشهد له شيخه العراقي بأنه اعلم أصحابه بالحديث وقال كل من التقي الفاسي والبرهان الحلبي: ما رأينا مثله وأفردت له ترجمة حافلة لا تفي ببعض أحواله في مجلد ضخم أو مجلدين كتبها الائمة عنى وانتشرت نسخها وحدث بها الاكابر غير مرة بكل من مكة والقاهرة وأرجو كما شهد غير واحد ان تكون غاية في بابها سميتها الجواهر والدرر.

وقد قرأت عليه الكثير جداً من تصانيفه ومروياته ولم يزل على جلالته وعظمته في النفوس ومداومته على أنواع الخيرات الى ان توفى في أواخر ذي الحجة سنة اثنتين وخمسين [ وثمانمائة]...»(١) .

__________________

(١). الضوء اللامع ٢ / ٣٦ - ٤٠.

٢٠٥

٢ - وفي ( ذيل رفع الاصر ٨٩ - ٧٥ ) وسماه هناك: أحمد بن عبد الله.

٣ - تقى الدين الفاسى في ( ذيل تذكرة الحفاظ / ٣٨٠ ).

٤ - السيوطي في ( حسن المحاضرة ١ / ٣٦٣ ).

٥ - ابن العماد في ( شذرات الذهب ٧ / ٢٧٠ ).

*(١٠٦)*

رواية ابن الديبع الشيباني

رواه حيث قال: « وعن يزيد بن حيان عن زيد بن أرقمرضي‌الله‌عنه قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ألا وأني تارك فيكم ثقلين أحدهما كتاب الله تعالى وهو حبل الله الذي من اتبعه كان على الهدى ومن تركه كان على الضلالة وعترتي أهل بيتي.

فقلنا: من أهل بيته نساؤه؟ قال ايم الله ان المرأة تكون مع الرجل العصر من الدهر فيطلقها فترجع الى أبيها وقومها، أهل بيته أصله وعصبته الذين حرموا الصدقة بعده. أخرجه مسلم. سمى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم القرآن العزيز وأهل بيته ثقلين لان الاخذ بهما والعمل بما يجب لهما ثقيل. وقيل: العرب تقول لكل نفيس خطير: ثقل فجعلهما ثقلين اعظاماً لقدرهما وتفخيماً لشأنهما »(١) .

ترجم له:

١ - الغزي فقال: « عبد الرحمن بن علي بن محمد بن علي بن يوسف الشيخ الامام العلامة الاوحد المحقق الفهامة، محدث اليمن ومؤرخها ومحيي علوم الاثر بها، وحيد الدين أبو الفرج الشيباني الزبيدي الشافعي المعروف

__________________

(١). تيسير الوصول الى جامع الاصول ٣ / ٢٩٧.

٢٠٦

بابن الديبع بكسر الدال المهملة »(١) .

٢ - ابن العيدروس ترجمة ترجمة مطولة وبالغ في الثناء عليه ووصفه بالامام الحافظ الحجة المتقن شيخ الاسلام علامة الانام الجهبذ الامام مسند الدنيا، أمير المؤمنين في حديث سيد المرسلين، خاتمة المحققين شيخ مشايخنا المبرزين.(٢)

٣ - الشوكانى في ( البدر الطالع ١ / ٣٣٥ ).

٤ - ابن العماد في ( شذرات الذهب ٨ / ٢٥٥ ) في المتوفين سنة ٩٤٣.

*(١٠٧)*

رواية شمس الدين ابن طولون

قال في ( الشذرات الذهبية ٦٦ )(٣) : « وفي صحيح مسلم عن زيد بن أرقم قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : وتارك فيكم ثقلين أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به - فحث على كتاب الله ورغب فيه - ثم قال: وأهل بيتي، اذكركم الله في أهل بيتي ».

ترجم له:

١ - الغزي فقال: « محمد بن علي بن طولون. محمد بن علي بن محمد الشيخ الامام العلامة المسند المفنن الفهامة شمس الدين أبو عبد الله ابن الشيخ علاء الدين ابن الخواجة شمس الدين الشهير بابن طولون الدمشقي الصالحي الحنفي المحدث النحوي

وكان ماهراً في النحو علّامة في الفقه مشهوراً بالحديث وولي تدريس

__________________

(١). الكواكب السائرة ٢ / ١٥٨.

(٢). النور المسافر ٢١٢ - ٢٢١.

(٣). طبعة بيروت باسم الائمة الاثنا عشر حققه ونشره الدكتور صلاح الدين المنجد سنة ١٣٧٧.

٢٠٧

الحنفية بمدرسة شيخ الاسلام أبى عمر وامامة السليمية بالصالحية، وقصده الطلبة في النحو ورغب الناس في السماع منه وكانت أوقاته معمورة بالتدريس والافادة والتأليف، كتب بخطه كثيراً من الكتب وعلق ستين جزء وسماها بالتعليقات كل جزء منها مشتمل على مؤلفات كثيرة أكثرها من جمعه وبعضها لغيره، منها كثير من تأليفات شيخه السيوطي. وكانت أوقاته معمورة كلها بالعلم والعبادة وله مشاركة في سائر العلوم حتى في التعبير والطب.

توفى رحمه الله تعالى يوم الاحد حادي عشر أو ثاني عشر جمادى الاولى سنة ٩٥٣ »(١) .

٢ - ( شذرات الذهب ٨ / ٢٩٨ ).

*(١٠٨)*

رواية السوسي المغربي

أورد حديث الثقلين في كتابه ( جمع الفوائد من جامع الاصول ومجمع الزوائد(٢) ١ / ١٦ ).

« عن زيد بن أرقم قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : انّي تارك فيكم ما ان تمسكتم به لن تضلوا بعدي أحدهما أعظم من الاخر وهو كتاب الله حبل ممدود من السماء الى الارض وعترتي أهل بيتي لن يفترقا حتى يردا علي الحوض فانظروا كيف تخلفوني فيهما. للترمذي ».

وفي ج ٢ ص ٢٣٦ باب مناقب أهل البيتعليهم‌السلام أيضاً عن زيد بن أرقم بلفظ مسلم. ثم قال: لمسلم.

__________________

(١). الكواكب السائرة ٢ / ٥٢.

(٢). طبعة الهند عام ١٣٤٦ في المطبعة الخيرية ببلدة ميرته.

٢٠٨

ترجم له:

المحبى فقال: « محمد بن محمد بن سليمان بن الفاسي - وهو اسم لا نسبة الى فاس - ابن طاهر السوسي الروداني المغربي المالكي نزيل الحرمين: الامام الجليل المحدث المفنن فرد الدنيا في العلوم كلها الجامع بين منطوقها ومفهومها والمالك لمجهولها ومعلومها ولد سنة ١٠٣٧. والظاهر من شأنه كما نقلت عن شيخنا المرحوم عبد القادر بن عبد الهادي وهو ممن أخذ عنه وسافر الى الروم في صحبته وانتفع به وكان يصفه بأوصاف بالغة حد الغلو فانه كان يقول انه يعرف الحديث والاصول معرفة ما رأينا من يعرفها ممن أدركناه، وأما علوم الادب فاليه النهاية وكان في الحكمة والمنطق والطبيعي والالهي الاستاذ الذي لا تنال مرتبته وقد أخذ عنه بمكة والمدينة والروم خلق ومدحه جماعة وأثنوا عليه، وكانت وفاته بدمشق يوم الاحد عاشر ذي القعدة سنة ١٠٩٤ »(١) .

*(١٠٩)*

رواية العصامي المكي

قال في الحديث السادس والثلاثون ومائة: « أخرج ابن أبي شيبة أنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال في مرض موته: أيها الناس يوشك ان اقبض قبضاً سريعاً فينطلق بي وقد قدمت اليكم القول معذرة اليكم.

ألا اني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله عز وجل وعترتي أهل بيتي.

ثم أخذ بيد علي فرفعها فقال: هذا علي مع القرآن والقرآن مع علي لا يفترقان حتى يردا علي الحوض فأسألهما ما خلفت فيهما؟ »(٢) .

__________________

(١). خلاصة الاثر ٤ / ٢٠٤.

(٢). سمط النجوم العوالي ٢ / ٥٠٢.

٢٠٩

ترجم له:

١ - الشوكانى : « عبد الملك بن حسين بن عبد الملك العصامي المكي المتوفى سنة ١١١١»(١) .

٢ - المرادي في ( سلك الدرر ٣ / ١٣٩ ).

*(١١٠)*

رواية محمد بن امين المحبى

أورده في كتابه ( جنى الجنتين في تمييز نوعي المثنيين / ٣١ ).

ترجم له:

١ - تلميذه السؤالاتى في ( ذيل نفحة الريحانة ٦ / ٤٠٠ - ٤٤٤ ).

٢ - المرادي في ( سلك الدرر ٤ / ٨٦ ).

٣ - عبد الفتاح الحلو في مقدمة ( نفحة الريحانة ١ / ٤ - ٣٤ ).

*(١١١)*

رواية كمال الدين ابن حمزة الحسيني

أورده في كتاب ( البيان والتعريف ) وفي حرف الالف:

« أما بعد ألا أيها الناس! انما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب وانّي تارك فيكم ثقلين أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور من استمسك به وأخذ به كان على الهدى ومن أخطأه ضل. فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به وأهل بيتي، اذكركم الله في أهل بيتي، اذكركم الله في أهل بيتي.

أخرجه الامام أحمد ومسلم وعبد بن حميد عن زيد بن أرقمرضي‌الله‌عنه

__________________

(١). البدر الطالع ١ / ٤٠٢.

٢١٠

ثم أورده ص ١٦٥ عن صحيح مسلم »(١) .

وأورده في حرف الكاف:

« كأني قد دعيت فأجبت، انّي تارك فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الاخر كتاب الله وعترتي أهل بيتي فانظروا كيف تخلفوني فيهما فانهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض.

ان الله مولاي وأنا مولى كل مؤمن، من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه.

أخرجه الطبراني في الكبير والحاكم عن أبي الطفيل عن زيد بن أرقم »(٢) .

ترجم له:

١ -المرادي وقال: « العالم الامام المشهور، المحدث النحوي العلامة، كان وافر الحرمة مشهوراً بالفضل الوافر، أحد الاعلام المحدثين والعلماء الجهابذة فذكر تآليفه وأرّخ وفاته بسنة ١١٢٠»(٣) .

٢ -المحبى في ( نفحة الريحانة ٢ / ٨٦ ) رقم ٦٦.

*(١١٢)*

رواية عبد الغنى النابلسى

رواه في كتابه ( ذخائر المواريث ١ / ٢١٥ ) برقم ١٩٣: « انطلقت أنا وحصين ابن سبرة وعمر بن مسلم الى زيد بن أرقم انّي تارك فيكم ثقلين ( م ) في الفضائل عن زهير بن حرب وشجاع بن مخلد، ( ت ) في المناقب عن علي بن المنذر وعطية ( ه‍ ) في السنة عن أبي بكر بن أبي شيبة ».

__________________

(١). البيان والتعريف ١ / ١٦٤.

(٢). البيان والتعريف ٢ / ١٣٦.

(٣). سلك الدرر ١ / ٢٢.

٢١١

ترجم له:

وهو عبد الغني بن اسماعيل النابلسي الدمشقي الحنفي النقشبندي القادري المتوفى سنة ١١٤٣.

١ - المحبى فقال: « بحر علم لا يدرك غوره وفلك فضل على قطب الرحى دوره ولديه من المعلومات ما يشق على القلم حشره ويتعسر على الكلم نشره وتآليفه تكاثر السحب المواطر »(١) .

٢ - المرادي وعدد تآليفه الكثيرة(٢) .

*(١١٣)*

رواية الشبراوي شيخ الازهر

أورد في كتابه حديث الثقلين عن زيد بن أرقم نقلا عن مسلم في صحيحه والترمذي في سننه(٣) .

ترجم له:

المرادي في ( سلك الدرر ٣ / ١٠٧ ).

*(١١٤)*

رواية مير غنى الحسيني

رواه في كتابه ( الدرة اليتيمة في بعض فضائل السيدة العظيمة ) فاطمة الزهراء سيدة النساء سلام الله عليها قال في الورقة(٤) ٨ ب:

__________________

(١). نفحة الريحانة ٢ / ١٣٧.

(٢). سلك الدرر ٣ / ٣٠.

(٣). الاتحاف بحب الاشراف: ٦.

(٤). نسخة المكتبة الظاهرية ضمن مجموعة رقم ٣٦٧١ من الورقة ٧١ - الى الورقة ٧٧ كتب سنة ١٢١٤ فهرس التاريخ للريان ص ٦٠٥.

٢١٢

« وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : انّي تارك فيكم ما ان أخذتم به لن تضلوا كتاب الله وعترتي أهل بيتي فانظروا كيف تخلفوني فيهما ».

ترجم له:

وهو عفيف الدين أبو السيادة عبد الله بن ابراهيم بن حسن مير غني الحسيني المتقي المكي الطائفي الحنفي الملقب بالمحبوب المتوفى ١٢٠٧(١) .

البيطار وساق نسبه الى الامام الجوادعليه‌السلام ، وحكى ترجمته عن الجبرتي الى أن قال: « ومآثره شهيرة ومفاخره كثيرة، وكراماته كالشمس في كبد السماء وكالبدر في غيهب الظلماء، وأحواله في احتجابه عن الناس مشهورة وأخباره في زهده عن الدنيا على ألسنة الناس مذكورة ».

ثم عدد تآليفه ومنها السهم الداحض في نحر الروافض!! ومنها الفروع الجوهرية في الائمة الاثني عشرية. ومنها الدرة اليتيمة في فضائل السيدة العظيمة ألفها سنة ١١٦٤(٢) .

*(١١٥)*

رواية أحمد زيني دحلان

روى حديث الثقلين حيث قال: « ومن علامات محبتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم محبة أصحابه وأهل بيته وذريته وقرابته وروى مسلم عن زيد بن أرقمرضي‌الله‌عنه قال: قام فينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خطيباً فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد أيها الناس

والثقلان تثنية ثقل بالتحريك كما في القاموس وهو كل شيء نفيس مصون.

__________________

(١). وأرخ وفاته في فهرس الخزانة التيمورية ١ / ٢٣٩ سنة ١١٩٣ أو ٩٤.

(٢). حلية البشر ٢ / ١٠١١.

٢١٣

و روى الامام أحمد أيضاً عن أبي سعيد الخدريرضي‌الله‌عنه عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اني أوشك أن أدعى فأجيب وانّي تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي، كتاب الله حبل ممدود من السماء الى الارض، وعترتي أهل بيتي، وان اللطيف الخبير أخبرني أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض فانظروا بما تخلفوني فيهما.

وعترة الرجل أهله ورهطه، أي أقاربه »(١) .

*(١١٦)*

رواية الكمشخانوى

رواه في كتاب ( راموز الاحاديث ) وهذا لفظه: « انّي تارك فيكم الثقلين كتاب الله عز وجل من اتبعه كان على الهدى ومن تركه كان على الضلالة. ش حم حب عن زيد بن أرقم.

اني اوشك أن أدعى فأجيب وانّي تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي، كتاب الله حبل ممدود من السماء الى الارض وعترتي أهل بيتي، وان اللطيف الخبير خبرني أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض فانظروا كيف تخلفوني فيهما. ش وابن سعد حم ع عن أبي سعيد »(٢) .

*(١١٧)*

رواية بهجت افندى

رواه في ( تاريخ آل محمد ٤٥ ) حيث قال: « حديث الثقلين رواه جميع المحدثين وخصوصاً البخاري ومسلم وأحمد بن حنبل ومالك بن أنس، وقد حكموا بصحته »

__________________

(١). السيرة النبوية ٢ / ٣٠٠.

(٢). راموز الاحاديث ١٤٤.

٢١٤

ثم ذكر متن الحديث بأحد ألفاظه وأوضح مداليله ومعانيه

*(١١٨)*

رواية منصور على ناصف

رواه « عن يزيد بن حيانرضي‌الله‌عنه قال: انطلقت أنا وحصين بن سبرة وعمر بن مسلم الى زيد بن أرقم. رواه مسلم في فضائل علي، والترمذي ولفظه:

انّي تارك فيكم ما ان تمسكتم به لن تضلوا بعدي أحدهما أعظم من الاخر كتاب الله حبل ممدود من السماء الى الأرض وعترتي أهل بيتي ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض فانظروا كيف تخلفوني فيهما »(١) .

*(١١٩)*

رواية النبهاني

رواه في ( الفتح الكبير ١ / ٤٥١ ) حيث قال:

« انّي تارك فيكم خليفتين كتاب الله حبل ممدود ما بين السماء والارض وعترتي أهل بيتي وانهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض. حم طب عن زيد ابن ثابت.

ز - انّي تارك فيكم ما ان تمسكتم به لن تضلوا بعدي أحدهما أعظم من الاخر كتاب الله حبل ممدود من السماء الى الارض وعترتي أهل بيتي ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما. ت عن زيد ابن أرقم ».

ورواه في كتاب ( الشرف المؤبد ١٨، ٢٤ ) أيضاً.

__________________

(١). التاج الجامع للاصول ٣ / ٣٠٨ - ٣٠٩.

٢١٥

*(١٢٠)*

رواية العباس اليمنى

ورواه العباس بن أحمد اليميني في كتابه ( الروض النضير ٥ / ٣٤٣، ٤٦٦ ) فليراجع.

*(١٢١)*

رواية المباركفورى

ورواه الامام الحافظ أبو العلى محمد بن عبد الرحمن بن عبد الرحيم المباركفوري في ( تحفة الاحوذي بشرح جامع الترمذي ١٠ / ٢٨٧ - ٢٩١ ) وقد شرح الحديث وأوضح معانيه بما لا مزيد عليه.

*(١٢٢)*

رواية أحمد البنا

قال في ( الفتح الرباني بترتيب مسند أحمد بن حنبل الشيباني ١ / ١٨٦ ): « كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب في الاعتصام بكتاب الله عز وجل »:

١ - عن يزيد بن حيان التيمي قال: انطلقت أنا وحصين بن سبرة وعمر ابن مسلم الى زيد بن أرقمرضي‌الله‌عنه ، فلما جلسنا اليه قال له حصين

٢ - عن أبي سعيد الخدريرضي‌الله‌عنه قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « انّي تارك فيكم الثقلين ...».

وقد ذكر شرح كل ذلك وتخريجه في ( بلوغ الاماني من أسرار الفتح الرباني ) المطبوع معه.

وقال في ( بلوغ الاماني المطبوع في ذيل الفتح الرباني ٤ / ٢٦ ) بعد

٢١٦

كلام له: « ولكن هاهنا مانع من حمل الال على جميع الامة، وهو حديث: انّي تارك فيكم ما ان تمسكتم به لن تضلوا: كتاب الله وعترتي. الحديث وهو في صحيح مسلم وغيره ».

*(١٢٣)*

رواية عبد الله الشافعي

رواه في ( ارجح المطالب ٣٣٥ - ٣٤١ ) عن كبار الائمة الحفاظ من حديث زيد بن ثابت، زيد بن ارقم، وأبي سعيد الخدري، وجابر بن عبد الله، وزيد بن أسلم، وعليعليه‌السلام ، وابى ذر، وأبي رافع، وأبى هريرة، وأمهاني ، وأم سلمة.

ومن حديث عامر بن أبى ليلى وحذيفة بن اسيد وزيد بن ارقم جميعاً عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

ومن حديث ابى الطفيل حديث مناشدة عليعليه‌السلام ، قال:فقام سبعة عشر رجل

قال: وعن محمد بن عبد الرحمن بن خلاد - وكان من رهط جابر بن عبد الله - حيث اخذ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بيد علي والفضل بن عباس في مرض وفاته قال: فخرج يعتمد عليهما حتى جلس على المنبر وعليه عصابة فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: اما بعد أيها الناس فماذا تستنكرون من موت نبيكم ألم ينع اليكم نفسه وتنع اليه أنفسكم؟ ام هل خلد احد ممن بعث قبلي فابعثوا اليه فأخذ بكم، فانى لا حق بربي وقد تركت فيكم ما ان تمسكتم به لن تضلوا بعدي: كتاب الله بين ايديكم تقرءونه صباحاً ومساءاً، فيه ما تلقون، واهل بيتي.

اخرج السيد ابو الحسن يحيى بن الحسن في كتابه اخبار المدينة.

٢١٧

*(١٢٤)*

رواية أبى رية

رواه في كتابه ( أضواء على السنة المحمدية ٤٠٤ ) حيث قال:

« وفي رواية: انّي تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي اهل بيتي.

وقد جاء هذا الحديث بروايات مختلفة - والمعنى واحد - في كثير من كتب السنة، واذا أردت الوقوف على هذه الروايات فارجع الى كتاب ( المراجعات ) التي جرت بين العلامة شرف الدين الموسويرحمه‌الله وبين الاستاذ الكبير الشيخ سليم البشري شيخ الازهر سابقاً في الصفحات من ٢٠ ما بعدها من الطبعة الرابعة ».

*(١٢٥)*

رواية توفيق ابى علم

رواه في كتاب ( اهل البيت ٧٧ - ٨٠ ) ثم علق عليه وبحث حوله بكلام طويل ننقله هنا لفوائده الجمة قال:

« حديث الثقلين(١) : وعن زيد بن أرقم عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : انا تارك فيكم الثقلين

__________________

(١). في الهامش: أحاديث الثقلين من الاحاديث التي رواها أجلاء علماء أهل السنة وأكابر محدثيهم في صحاحهم بأسانيدهم المتعددة واتفق على روايتها الفريقان، فرواها مسلم والترمذي في صحيحهما والامام أحمد بن حنبل في مسنده والثعلبي في تفسيره وابن المغازلي الشافعي في المناقب وصاحب الجمع بين الصحاح الستة والحميدي في افراد مسلم والسمعاني في فضائل الصحابة وموفق بن أحمد والطبرانيّ وابن حجر في صواعقه وغيرهم - ورويت من طريق أهل البيت باثنين وثمانين طريقاً - والعقد الفريد لابن عبد ربه القرطبي وذخائر العقبى لاحمد بن عبد الله الطبري وتفسير الخازن في تفسير آية الاعتصام وتفسير ابن كثير في آية المودة وفي تفسير آية التطهير وشرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد وفي الحلية لابي نعيم الاصبهانى وأسد الغابة لابن الاثير والدر النثير للسيوطي ولسان العرب لجمال الدين الافريقي.

٢١٨

و عن ابي سعيد الخدري عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : انّي تارك فيكم الثقلين وفي رواية خليفتين و في رواية اخرى: انّي قد تركت فيكم ما ان أخذتم به لن تضلوا وفي رواية اخرى: انّي تارك فيكم امر بن لن تضلواان اتبعتموهما وهما: كتاب الله وعترتي اهل بيتي فلا تتقدموهما فتهلكوا ولا تقصروا عنهما فتهلكوا ولا تعلموهم فانهم أعلى منكم.

وقد يكون هذا صريحاً في خروج النساء من اهل البيت واختصاصهم بعشيرته وعصبته، وهو رأينا الذي انتهينا اليه في ختام هذا البحث والله اعلم.

وحديث الثقلين من اوثق الاحاديث النبوية واكثرها ذيوعاً، وقد اهتم العلماء به اهتماماً بالغاً لانه يحمل جانباً مهماً من جوانب العقيدة الاسلامية، كما انه من اظهر الادلة التي تستند اليها الشيعة في حصر الامامة في اهل البيت وفي عصمتهم من الاخطاء والاهواء، لان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قرنهم بكتاب الله العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، فلا يفترق احدهما عن الاخر، ومن الطبيعي أن صدور اية مخالفة لاحكام الدين تعتبر افتراقاً عن الكتاب العزيز، وقد صرح النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعدم افتراقهما حتى يردا على الحوض، فدلالته على العصمة ظاهرة جلية.

وقد كرر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هذا الحديث في مواقف كثيرة، لانه يهدف الى صيانة الامة والمحافظة على استقامتها وعدم انحرافها في المجالات العقائدية وغيرهما، ان تمسكت بأهل البيت ولم تتقدم عليهم ولم تتأخر عنهم.

ولو كان الخطأ يقع منهم لما صح الامر بالتمسك بهم، الذي هو عبارة عن جعل أقوالهم وأفعالهم حجة، وفي ان المتمسك بهم لا يضل كما لا يضل، المتمسك بالقرآن، ولو وقع منهم الذنب أو الخطأ لكان المتمسك بهم يضل، وان في اتباعهم الهدى والنور كما في القرآن، ولو لم يكونوا معصومين لكان في اتباعهم الضلال، وفي انهم حبل ممدود من السماء الى الارض كالقرآن، وهو كناية عن أنهم واسطة بين الله تعالى وبين خلقه وان اقوالهم عن الله تعالى،

٢١٩

ولو لم يكونوا معصومين لم يكونوا كذلك، وفي انهم لن يفارقوا القرآن ولن يفارقهم مدة عمر الدنيا، ولو اخطأوا أو أذنبوا لفارقوا القرآن وفارقهم، وفي عدم جواز مفارقتهم بتقدم عليهم بجعل نفسه اماماً لهم أو تقصير عنهم وائتمام بغيرهم، كما لا يجوز التقدم على القرآن بالافتاء بغير ما فيه او التقصير عنه باتباع اقوال مخالفيه، وفي عدم جواز تعليمهم ورد اقوالهم، ولو كانوا يجهلون شيئاً لوجب تعليمهم ولم ينه عن رد قولهم.

وقد دلت هذه الاحاديث ايضاً على ان منهم من هذه صفته في كل عصر وزمان بدليل قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : انهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض وان اللطيف الخبير أخبره بذلك، وورود الحوض كناية عن انقضاء عمر الدنيا فلو خلا زمان من أحدهما لم يصدق انهما لن يفترقا حتى يردا على الحوض.

ويتخذ أنصار أن اهل البيت هم الائمة الاثنا عشر وأمهم الزهراء هذا الحديث ليرجحوا رأيهم قائلين انه لا يمكن ان يراد بأهل البيت جميع بنى هاشم، بل هو عن العام المخصوص بمن ثبت اختصاصهم بالفضل والعلم والزهد والعفة والنزاهة من ائمة أهل البيت الطاهرين وهم الائمة الاثنا عشر وأمهم الزهراء البتول.

يدللون على ذلك بالاجماع على عدم عصمة من عداهم، والوجدان ايضاً على خلاف ذلك، لان من عداهم من بنى هاشم تصدر منهم الذنوب ويجهلون كثيراً من الاحكام ولا يمتازون عن غيرهم من الخلق، فلا يمكن ان يكونوا هم المجعولين شركاء كالقرآن في الامور المذكورة، بل يتعين ان يكونوا بعضهم لا كلهم وليس الا من ذكرنا.

*(١٢٦)*

رواية الاعظمى

وأثبته الشيخ المحدث حبيب الرحمن الاعظمى في حواشيه وتعاليقه

٢٢٠

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

وإن أراد البيع ولا حاكم هناك ، استقلّ به ، فإن كان فوجهان لهم ، أحدهما : جواز الاستقلال ؛ لأنّه نائب عن المالك في الحفظ ، فكذا في البيع(١) .

مسألة ٣٩٤ : لو وجد بعيراً في أيّام منى في الصحراء مقلَّداً كما يُقلَّد الهدي ، لم يجز أخذه ؛ لأنّه لا يجوز مع عدم التقليد فمعه أولى.

وقال الشافعي : يأخذه ويُعرّفه أيّام منى ، فإن خاف أن يفوته وقت النحر نحره ، والأولى عنده أن يرفع إلى الحاكم حتى يأمره بنحره(٢) .

ونقل بعضهم قولاً آخَر : إنّه لا يجوز أخذه(٣) ، كما ذهبنا إليه.

ثمّ بنوا القولين على القولين فيما إذا وجد بدنة منحورة غمس ما قُلّدت به في دمها وضرب صفحة سنامها ، هل يجوز الأكل منها؟ فإن منعنا الأكل ، منعنا الأخذ هنا ، وإن جوّزنا الأكل اعتماداً على العلامة ، فكذا التقليد علامة كون البعير هدياً ، والظاهر أنّ تخلّفه كان لضعفه عن المسير ، والأُضحية المعيّنة إذا ذُبحت في وقت النحر وقع في موقعه وإن لم يأذن صاحبها(٤) .

قال الجويني : لكن ذبح الضحيّة وإن وقع في موقعه لا يجوز الإقدام عليه من غير إذنٍ(٥) .

وجوّز بعض الشافعيّة الأخذ والنحر(٦) .

ولهذا الإشكال ذهب القفّال تفريعاً على هذا القول أنّه يجب رفع

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٥٦ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٦٦.

(٢) البيان ٧ : ٤٦٥ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٧٦ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٨١.

(٣ - ٥) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٧٦ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٨١.

(٦) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٧٦.

٣٠١

الأمر إلى الحاكم لينحره(١) .

وهذا ليس بشي‌ءٍ ؛ لأنّ الأخذ الممنوع منه إنّما هو الأخذ للتملّك ، ولا شكّ أنّ هذا البعير لا يؤخذ للتملّك.

المطلب الثاني : في الملتقط.

مسألة ٣٩٥ : يصحّ أخذ الضالّة في موضع الجواز لكلّ بالغٍ عاقلٍ.

ولو أخذه في موضع المنع ، لم يجز ، وضمنه ، إماماً كان أو غيره ؛ لأنّه أخذ ملك غيره بغير إذنه ، ولا أذن الشارع له ، فهو كالغاصب.

وهذا الفرض في الإمام عندنا باطل ؛ لأنّه معصوم.

أمّا عند العامّة الذين لم يوجبوا عصمة إمامهم فإنّه قد يُفرض.

وكذا يُفرض عندنا في نائب الإمام.

وكذا يجوز للصبي والمجنون أخذ الضوالّ ؛ لأنّه اكتساب ، وينتزع الوليّ ذلك من يدهما ، ويتولّى التعريف عنهما سنةً ، فإن لم يأت له مالك تملّكاه وضمناه بتمليك الوليّ لهما وتضمينهما إيّاه إن رأى الغبطة في ذلك ، وإن لم يكن في تمليكهما غبطة ، أبقاها أمانةً.

مسألة ٣٩٦ : الأقرب : عدم اشتراط الحُرّيّة ، فيجوز للعبد القِنّ والمدبَّر والمكاتَب وأُمّ الولد والمعتق بعضه التقاطُ الضوالّ في موضع الجواز ؛ لأنّه اكتساب وهؤلاء من أهله وهُمْ أهلٌ للحفظ.

والأقرب : إنّه لا يشترط الإسلام ولا العدالة ، فيجوز للكافر أخذ الضالّة ، وكذا للفاسق ؛ لأنّه اكتساب وهُما من أهله.

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٧٦ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٨١.

٣٠٢

وقال الشافعي : لا يجوز لغير الإمام وغير نائبه أخذ الضوالّ للحفظ لصاحبها ، فإن أخذها غير الامام أو نائبه ليحفظها لصاحبها لزمه الضمان ؛ لأنّه لا ولاية له على صاحبها(١) .

ولأصحابه وجهٌ آخَر : إنّه يجوز أخذها لحفظها قياساً على الإمام(٢) .

واحتجّ بأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله مَنَع من أخذها من غير أن يفرّق بين قاصد الحفظ وقاصد الالتقاط ، والقياس على الإمام باطل ؛ لأنّ له ولايةً ، وهذا لا ولاية له(٣) .

ونحن نقول بموجبه في موضع المنع من أخذها.

أمّا لو وجدها في موضعٍ يخاف عليها فيه ، مثل أن يجدها في أرض مسبعة يغلب على الظنّ افتراس الأسد لها إن تركها فيه ، أو وجدها قريبةً من دار الحرب يخاف عليها من أهلها ، أو في موضعٍ يستحلّ أهله أخذ أموال المسلمين ، أو في برّيّة لا ماء بها ولا مرعى ، فالأولى جواز الأخذ للحفظ ، ولا ضمان على آخذها ؛ لما فيه من إنقاذها من الهلاك ، فأشبه تخليصها من غرقٍ أو حرقٍ ، وإذا حصلت في يده سلّمها إلى بيت المال ، وبرئ من ضمانها ، وله التملّك مع الضمان ؛ لأنّ الشارع نبّه على علّة عدم التملّك لها بأنّها محفوظة ، فإذا كانت في المهلكة انتفت‌

____________________

(١) الحاوي الكبير ٨ : ٦ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٤٣٨ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٥٥٥ - ٥٥٦ ، البيان ٧ : ٤٦٠ - ٤٦١ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٥٣ و ٣٥٤ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٦٥ ، المغني ٦ : ٣٩٩ ، الشرح الكبير ٦ : ٣٥٣.

(٢) الحاوي الكبير ٨ : ٦ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٤٣٨ ، حلية العلماء ٥ : ٥٣٢ - ٥٣٣ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٥٥٦ ، البيان ٧ : ٤٦١ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٥٤ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٦٥ ، المغني ٦ : ٣٩٩ ، الشرح الكبير ٦ : ٣٥٣.

(٣) راجع : المغني ٦ : ٣٩٩ ، والشرح الكبير ٦ : ٣٥٣.

٣٠٣

العلّة.

مسألة ٣٩٧ : لو ترك دابّة بمهلكةٍ فأخذها إنسان فأطعمها وسقاها وخلّصها ، تملّكها - وبه قال الليث والحسن بن صالح وأحمد وإسحاق(١) - إلّا أن يكون تركها بنيّة العود إليها فأخذها ، أو كانت قد ضلّت منه ؛ لما رواه العامّة عن الشعبي أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : « مَنْ وجد دابّةً قد عجز عنها أهلها فسيّبوها فأخذها فأحياها فهي له »(٢) .

وفي لفظٍ آخَر عن الشعبي عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال : « مَنْ ترك دابّةً بمهلكةٍ فأحياها رجل فهي لمَنْ أحياها »(٣) .

ومن طريق الخاصّة : ما رواه عبد الله بن سنان - في الصحيح - عن الصادقعليه‌السلام قال : « مَنْ أصاب مالاً أو بعيراً في فلاةٍ من الأرض قد كلّت وقامت وسيّبها صاحبها لـمّا لم تتبعه فأخذها غيره فأقام عليها وأنفق نفقةً حتى أحياها من الكلال ومن الموت فهي له ، ولا سبيل له عليها ، وإنّما هي مثل الشي‌ء المباح »(٤) .

ولأنّ القول بملكها يتضمّن إحياءها وإنقاذها من الهلاك ، وحفظاً للمال عن الضياع ، ومحافظةً على حرمة الحيوان ، وفي القول بعدم الملك‌

____________________

(١) الإشراف على مذاهب أهل العلم ٢ : ١٦٠ - ١٦١ ، الحاوي الكبير ٨ : ٢٧ ، حلية العلماء ٥ : ٥٣٩ ، المغني ٦ : ٤٠٠ ، الشرح الكبير ٦ : ٣٥٤.

(٢) سنن أبي داوُد ٣ : ٢٨٧ / ٣٥٢٤ ، سنن الدارقطني ٣ : ٦٨ / ٢٥٩ ، سنن البيهقي ٦ : ١٩٨ ، المغني ٦ : ٤٠٠ ، الشرح الكبير ٦ : ٣٥٤ - ٣٥٥.

(٣) سنن أبي داوُد ٣ : ٢٨٨ / ٣٥٢٥ ، سنن البيهقي ٦ : ١٩٨ ، المغني ٦ : ٤٠٠ ، الشرح الكبير ٦ : ٣٥٥.

(٤) تقدّم تخريجه في ص ٢٨٦ ، الهامش (٤)

٣٠٤

تضييع ذلك كلّه من غير مصلحةٍ تحصل ، ولأنّ مالكه نبذه رغبةً عنه وعجزاً عن أخذه ، فمَلَكه آخذه ، كالمتساقط من السنبل وسائر ما ينبذه الناس رغبةً عنه وزهداً فيه.

المطلب الثالث : في الأحكام.

مسألة ٣٩٨ : يجوز للإمام ونائبه أخذ الضالّة على وجه الحفظ لصاحبه ، ثمّ يرسله في الحمى الذي حماه الإمام لخيل المجاهدين والضوالّ ؛ لأنّ للإمام نظراً في حفظ مال الغائب ، وفي أخذ هذه حفظ لها عن الهلاك ، ثمّ يُعرّفها حولاً ، فإن جاء صاحبها ، وإلّا بقيت في الحمى.

وقال أحمد : لا يلزمه تعريفها ؛ لأنّ عمر لم يكن يُعرّف الضوالّ(١) .

وفعل عمر ليس حجّةً.

وإذا عرف إنسان دابّته ، أقام البيّنة عليها وأخذها ، ولا يكفي وصفها ؛ لأنّها ظاهرة بين الناس يعرف صفاتها غير أهلها ، فلا تكون الصفة(٢) لها دليلاً على ملكه لها ، ولأنّ الضالّة قد كانت ظاهرةً للناس حين كانت في يد مالكها ، فلا يختصّ هو بمعرفة صفاتها دون غيره ، ويمكنه إقامة البيّنة عليها ؛ لظهورها للناس ومعرفة خلطائه وجيرانه بملكه إيّاها.

مسألة ٣٩٩ : الأقرب عندي : إنّه يجوز لكلّ أحدٍ أخذ الضالّة ، صغيرةً كانت أو كبيرةً ، ممتنعةً عن السباع أو غير ممتنعةٍ ، بقصد الحفظ لمالكها ، والأحاديث(٣) الواردة في النهي عن ذلك محمولة على ما إذا نوى بالالتقاط‌

____________________

(١) المغني ٦ : ٣٩٨ ، الشرح الكبير ٦ : ٣٥٣.

(٢) في « ث ، خ ، ر » : « الصفات ».

(٣) منها : ما تقدّم تخريجه في الهامش (١) من ص ١٦٦.

٣٠٥

التملّك إمّا قبل التعريف أو بعده ، أمّا مع نيّة الاحتفاظ فالأولى الجواز ، كما أنّه لا يجوز للإمام ولا لنائبه أخذ ما لا يجوز أخذه على وجه التملّك.

مسألة ٤٠٠ : ما يحصل عند الإمام من الضوالّ فإنّه يُشهد عليها ويَسِمها بوَسْم أنّها ضالّة.

ثمّ إن كان له حمى ، تركها فيه إن رأى المصلحة في ذلك ، وإن رأى المصلحة في بيعها أو لم يكن له حمى ، باعها بعد أن يصفها ويحفظ صفاتها ، ويحفظ ثمنها لصاحبها ، فإنّ ذلك أحفظ لها ؛ لأنّ في تركها ضرراً على مالكها ؛ لإفضائه إلى أن تأكل جميع ثمنها.

وأمّا غير الإمام ونائبه إذا التقط الضالّة ولم يجد سلطاناً يُنفق عليها ، أنفق من نفسه ، ويرجع مع نيّة الرجوع.

وقيل : لا يرجع ؛ لأنّ عليه الحفظَ ، ولا يتمّ إلّا بالإنفاق(١) .

والأوّل أقرب ؛ دفعاً لتوجّه الضرر بالالتقاط.

ولا يبعد من الصواب التفصيلُ ، فإن كان قد نوى التملّك قبل التعريف أو بعده ، أنفق من ماله ، ولا رجوع ؛ لأنّه فَعَل ذلك لنفعه ، وإن نوى الحفظ دائماً ، رجع مع الإشهاد إن تمكّن ، وإلّا فمع نيّته.

ولو كان للّقطة نفعٌ كالظهر للركوب ، أو الحمل أو اللبن أو الخدمة ، قال الشيخرحمه‌الله : يكون ذلك بإزاء ما أنفق(٢) .

والأقرب : أن ينظر في قدر النفقة وقيمة المنفعة ، ويتقاصّان.

مسألة ٤٠١ : لا يضمن الضالّة بعد الحول إلّا مع قصد التملّك.

ولو قصد حفظها دائماً ، لم يضمن ، كما في لقطة الأموال ، إلّا مع‌

____________________

(١) كما في شرائع الإسلام ٣ : ٢٩٠.

(٢) النهاية : ٣٢٤.

٣٠٦

التفريط أو التعدّي.

ولو قصد التملّك ، ضمن ، فإن نوى الحفظ بعد ذلك ، لم يبرأ من الضمان ؛ لأنّه قد تعلّق الضمان بذمّته ، كما لو تعدّى في الوديعة ثمّ نوى الحفظ.

ولو قصد الحفظ ثمّ نوى التملّك ، لزمه الضمان من حين نيّة التملّك.

مسألة ٤٠٢ : لو وجد مملوكاً بالغاً أو مراهقاً ، لم يجز له أخذه ؛ لأنّه كالضالّة الممتنعة يتمكّن من دفع المؤذيات عنه.

ولو كان صغيراً ، كان له أخذه ؛ لأنّه في معرض التلف ، والمال إذا كان بهذه الحال جاز أخذه ، وهو نوع منه.

وإذا أخذ عبداً صغيراً للحفظ ، لم يدفع إلى مدّعيه إلّا بالبيّنة ، ولا تكفي الشهادة على شهود الأصل بالوصف ؛ لاحتمال الشركة في الأوصاف ، بل يجب إحضار شهود الأصل ليشهدوا بالعين ، فإن تعذّر إحضارهم لم يجب نقل العبد إلى بلدهم ولا بيعه على مَنْ يحمله ، ولو رأى الحاكم ذلك صلاحاً جاز ، ولو تلف قبل الوصول أو بعده ولم يثبت دعواه ، ضمن المدّعي قيمة العبد وأجره.

مسألة ٤٠٣ : لو ترك متاعاً في مهلكةٍ فخلّصه إنسان ، لم يملكه ؛ لأنّه لا حرمة له في نفسه ولا يخشى عليه التلف كالخشية على الحيوان ، فإنّ الحيوان يموت إذا لم يطعم ويسقى وتأكله السباع ، والمتاع يبقى إلى أن يعود مالكه إليه.

ولو كان المتروك عبداً ، لم يملكه آخذه ؛ لأنّ العبد في العادة يمكنه التخلّص إلى الأماكن التي يعيش فيها ، بخلاف البهيمة.

وله أخذ العبد والمتاع ليخلّصه لصاحبه.

وهل يستحقّ الأُجرة عن تخليص العبد أو المتاع؟ الوجه : إنّه لا يستحقّ إلّا مع الجُعْل ؛ لأنّه عمل في مال غيره بغير جُعْلٍ ، فلم يستحق شيئاً ، كالملتقط.

٣٠٧

وقال أحمد : يستحقّ الجُعْل(١) . وليس بجيّدٍ.

مسألة ٤٠٤ : ما يلقيه رُكْبان البحر فيه من السفينة خوفاً من الغرق إذا أخرجه غير مالكه ، فالأقرب : إنّه للمُخرج ، وبه قال الليث بن سعد والحسن البصري [ قال : ](٢) وما نضب عنه الماء فهو لأهله(٣) .

وقال ابن المنذر : يردّه على أربابه ، ولا جُعْل له(٤) ، وهو مقتضى قول الشافعي(٥) .

ويتخرّج على قول أحمد : إنّ لمن أنقذه أُجرة مثله(٦) .

والأقرب : ما قدّمناه ؛ لأنّه مال ألقاه أربابه فيما يتلف بتركه فيه اختياراً منهم ، فمَلَكه مَنْ أخرجه ، كالمنبوذ بنيّة الإعراض عن تملّكه.

ولو انكسرت السفينة في البحر فأُخرج بعض المتاع الذي فيها بالغوص وأخرج البحر بعض ما غرق فيها ، روى الشعيري فيه أنّ الصادقعليه‌السلام سئل عن ذلك ، فقال : « أمّا ما أخرجه البحر فهو لأهله ، الله أخرجه ، وأمّا ما أُخرج بالغوص فهو لهم وهُمْ أحقّ به »(٧) .

____________________

(١) المغني ٦ : ٤٠٠ ، الشرح الكبير ٦ : ٣٥٥.

(٢) ما بين المعقوفين أثبتناه من المغني والشرح الكبير ، وهو مقتضى ما في الإشراف على مذاهب أهل العلم.

(٣ و ٤) الإشراف على مذاهب أهل العلم ٢ : ١٦١ ، المغني ٦ : ٤٠١ ، الشرح الكبير ٦ : ٣٥٦.

(٥) كما في المغني ٦ : ٤٠١ ، والشرح الكبير ٦ : ٣٥٦.

(٦) المغني ٦ : ٤٠١ ، الشرح الكبير ٦ : ٣٥٦.

(٧) تقدّم تخريجه في ص ٢٧٧ ، الهامش (٣)

٣٠٨

وقال الشافعي وابن المنذر : إذا انكسرت السفينة فأخرجه قوم ، يأخذ أصحاب المتاع متاعهم ، ولا شي‌ء للّذين أصابوه(١) .

وعلى قياس قول أحمد يكون لمستخرجه أُجرة المثل ؛ لأنّ ذلك وسيلة إلى تحصيله(٢) وحفظه لصاحبه وصيانته عن الغرق ، فإنّ الغوّاص إذا علم أنّه يُدفع إليه الأجر بادر إلى التخليص ، وإن علم أنّه يؤخذ منه بغير شي‌ءٍ لم يخاطر بنفسه في استخراجه(٣) .

مسألة ٤٠٥ : قد بيّنّا أنّه يجوز للإنسان أن يلتقط العبد الصغير وكذا الجارية الصغيرة ، ويُملك كلٌّ منهما بعد التعريف.

وقياس مذهب أحمد : إنّه لا يُملكان بالتعريف(٤) .

وقال الشافعي : يملك العبد دون الجارية ؛ لأنّ التملّك بالتعريف - عنده - كالقرض ، والجارية - عنده - لا تُملك بالقرض(٥) .

واستشكل بعض العامّة ذلك ؛ فإنّ الملقوط محكوم بحُرّيّته ، وإن كان ممّن يعبّر عن نفسه فأقرّ بأنّه مملوك لم يُقبل إقراره ؛ لأنّ الطفل لا قول له ، ولو اعتبر قوله في ذلك لاعتبر في تعريف سيّده(٦) .

____________________

(١) المغني ٦ : ٤٠١ ، الشرح الكبير ٦ : ٣٥٦ - ٣٥٧.

(٢) الظاهر : « تخليصه ».

(٣) كما في المغني ٦ : ٤٠١ ، والشرح الكبير ٦ : ٣٥٧.

(٤) كما في المغني ٦ : ٤٠٢ ، والشرح الكبير ٦ : ٣٥٧.

(٥) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٤٣٩ ، حلية العلماء ٥ : ٥٣٩ ، البيان ٧ : ٤٦٦ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٥٦ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٦٧ ، المغني ٦ : ٤٠٢ ، الشرح الكبير ٦ : ٣٥٧.

(٦) المغني ٦ : ٤٠٢ ، الشرح الكبير ٦ : ٣٥٧.

٣٠٩

الفصل الثالث : في اللقيط‌

وفيه مطالب :

الأوّل : الأركان.

اللقيط كلّ صبي ضائع لا كافل له ، ويُسمّى منبوذاً باعتبار أنّه يُنبذ ، أي يرمى ، ويُسمّى لقيطاً ، أي ملقوطاً ، واللقيط فعيل بمعنى مفعول ، كما يقال : دهين وخضيب وجريح وطريح ، وإنّما هو مدهون ومخضوب ومجروح ومطروح ، ويُسمّى ملقوطاً باعتبار أنّه يُلقط.

إذا عرفت هذا ، فالأركان ثلاثة :

الأوّل : الالتقاط.

وهو واجب على الكفاية ؛ لاشتماله على صيانة النفس عن الهلاك ، وفي تركه إتلاف النفس المحترمة ، وقد قال الله تعالى :( وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ ) (١) .

ولأنّ فيه إحياء النفس فكان واجباً ، كإطعام المضطرّ وإنجائه من الغرق ، وقد قال الله تعالى :( وَمَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النّاسَ جَمِيعاً ) (٢) وقال تعالى :( وَافْعَلُوا الْخَيْرَ ) (٣) .

ووجد سُنَين أبو جميلة منبوذاً فجاء به إلى عمر بن الخطّاب ، فقال :

____________________

(١) سورة المائدة : ٢.

(٢) سورة المائدة : ٣٢.

(٣) سورة الحجّ : ٧٧.

٣١٠

ما حملك على أخذ هذه النسمة؟ فقال : وجدتُها ضائعةً فأخذتُها ، فقال عريفه : إنّه رجل صالح ، فقال : كذلك؟ قال : نعم ، قال : اذهب فهو حُرٌّ ، ولك ولاؤه ، وعلينا نفقته(١) .

وهذا الخبر عندنا لا يُعوّل عليه ، والولاء عندنا لمن يتولّاه الملتقط ، فإن لم يتوال أحداً ، كان ميراثه للإمام.

وليس أخذ اللقيط واجباً على الأعيان بالإجماع وأصالة البراءة ، ولئلّا تتضادّ الأحكام ، ولأنّ الغرض الحفظ والتربية ، وذلك يحصل بأيّ واحدٍ اتّفق ، بل هو من فروض الكفايات إذا قام به البعض سقط عن الباقين ، ولو تركه الجماعة بأسرهم أثموا بأجمعهم إذا علموا به وتركوه مع إمكان أخذه.

مسألة ٤٠٦ : ويستحبّ الإشهاد على أخذه ؛ لأنّه أصون وأحفظ ، لأنّه يحتاج إلى حفظ الحُرّيّة والنسب ، ولأنّ اللّقطة يشيع أمرها بالتعريف ، ولا تعريف في اللقيط.

وللشافعيّة طريقان ، أحدهما : إنّه على وجهين أو قولين كما قدّمنا في اللّقطة ، والأصح : القطع بالوجوب ، بخلاف اللّقطة ، فإنّ الأصحّ فيها الاستحباب ؛ لأنّ اللقيط يحتاج إلى حفظ الحُرّيّة والنسب ، فجاز أن يجب الإشهاد عليه كما في النكاح(٢) .

والأصل عندنا ممنوع.

وحكى الجويني وجهاً ثالثاً هو : الفرق ، فإن كان الملتقط على ظاهر العدالة لم يكلّف الإشهاد ، وإن كان مستور العدالة كُلّف ليصير الإشهاد قرينةً‌

____________________

(١) الموطّأ ٢ : ٧٣٨ / ١٩ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٧٧.

(٢) الحاوي الكبير ٨ : ٣٧ ، الوجيز ١ : ٢٥٤ ، البيان ٨ : ٩ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٧٨ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٨٣.

٣١١

تغلب على الظنّ الثقة(١) .

وإذا أوجبنا الإشهاد فلو تركه لم تسقط ولاية الحضانة.

وقال الشافعي : تسقط ولاية الحضانة ، ويجوز الانتزاع(٢) .

وإذا أشهد فليشهد على الملتقط وما معه من ثيابٍ وغيرها إن كان معه شي‌ء.

الركن الثاني : اللقيط.

وقد ذكرنا أنّه كلّ صبي ضائع لا كافل له ، والتقاطه من فروض الكفايات ، فيخرج بقيد الصبي البالغ ، فإنّه مستغنٍ عن الحضانة والتعهّد ، فلا معنى لالتقاطه.

نعم ، لو وقع في معرض هلاكٍ ، أُعين ليتخلّص.

أمّا الصبي الذي بلغ سنّ التمييز فالأقرب : جواز التقاطه ؛ لحاجته إلى التعهّد والتربية ، وهو أحد قولَي الشافعيّة ، والثاني : إنّه لا يلتقط ؛ لأنّه مستقلٌّ ممتنع ، كضالّة الإبل ، فلا يتولّى أمره إلّا الحاكم(٣) .

وقولنا : « ضائع » نريد به المنبوذ ؛ لأنّ غير المنبوذ يحفظه أبوه أو جدّه لأبيه أو الوصي لأحدهما ، فإن لم يكن أحد هؤلاء ، نصب القاضي له مَنْ يراعيه ويحفظه ويتسلّمه ؛ لأنّه كان له كافل معلوم ، وهو أبوه أو جدّه أو وصيّهما ، فإذا فقد قام القاضي مقامه ، كما أنّه يقوم لحفظ مال الغائبين والمفقودين ، أمّا المنبوذ فإنّه يشبه اللّقطة ولهذا يُسمّى لقيطاً فلم يختصّ‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٧٩.

(٢) الوسيط ٤ : ٣٠٣ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٧٩ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٨٣.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٧٩ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٨٤.

٣١٢

حفظه بالقاضي.

وقولنا : « لا كافل له » نريد به مَنْ لا أب له ولا جدّ للأب ومَنْ يقوم مقامهما ، والملتَقَط ممّن هو في حضانة أحد هؤلاء لا معنى لالتقاطه.

نعم ، لو وُجد في مضيعةٍ أُخذ ليُردّ إلى حاضنه.

الركن الثالث : الملتقِط.

مسألة ٤٠٧ : يعتبر في الملتقِط التكليف والحُرّيّة والإسلام والعدالة ، فلا يصحّ التقاط الصبي ولا المجنون.

ولو كان الجنون يعتوره أدواراً ، أخذه الحاكم من عنده ، كما يأخذه لو التقطه المجنون المطبق أو الصبي.

وأمّا العبد فليس له الالتقاط ؛ لأنّ منافعه ملك سيّده ، فليس له صَرفها إلى غيره إلّا بإذنه ، ولأنّ الالتقاط تبرّعٌ والعبد ليس من أهله ؛ إذ أوقاته مشغولة بخدمة مولاه.

ولو أذن له السيّد أو علم به فأقرّه في يده ، جاز ، وكان السيّد في الحقيقة هو الملتقِط ، والعبد نائبه قد استعان به عليه في الأخذ والتربية والحضانة ، فصار كما لو التقطه سيّده وسلّمه إليه.

وإذا أذن له السيّد ، لم يكن له الرجوع في ذلك.

أمّا لو كان الطفل في موضعٍ لا ملتِقط له سوى العبد ، فإنّه يجوز له التقاطه ؛ لأنّه تخليصٌ له من الهلاك ، فجاز ، كما لو أراد التخليص من الغرق.

ولو التقط العبد مع وجود ملتقطٍ غيره ، لم يُقر في يده ، وينتزعه الحاكم ؛ لأنّه المنصوب للمصالح ، إلّا أن يرضى مولاه ويأذن بتقريره في‌

٣١٣

يده ، فيقدَّم على الحاكم.

ولا فرق بين القِنّ والمدبَّر وأُمّ الولد والمكاتَب والمحرَّر بعضه في ذلك كلّه ؛ لأنّه ليس لأحد هؤلاء التبرّعُ بماله ولا بمنافعه إلّا بإذن السيّد.

وقال الشافعي : المكاتَب إذا التقط بغير إذن السيّد انتُزع من يده ، كالقِنّ ، وإن التقط بإذن السيّد جاء فيه الخلاف في تبرّعاته بالإذن ، لكنّ الظاهر عندهم المنع ؛ لأنّ حقّ الحضانة ولاية ، وليس المكاتَب أهلاً لها(١) .

وليس بجيّدٍ ؛ لأنّ الحقّ لا يعدوهما.

وللشافعيّة وجهان في الـمُعتَق نصفه إذا التقط في يوم نفسه هل يستحقّ الكفالة؟(٢) .

مسألة ٤٠٨ : لا يجوز للكافر أن يلتقط الصبي المسلم ، سواء كان الكافر ذمّيّاً أو معاهداً أو حربيّاً ؛ لأنّه لا ولاية للكافر على المسلم ، قال الله تعالى :( وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً ) (٣) ولأنّه لا يؤمن أن يفتنه عن دينه ويُعلّمه الكفر ، بل الظاهر أنّه يُربّيه على دينه وينشأ على ذلك كولده ، فإن التقطه لم يُقرّ في يده.

أمّا لو كان الطفل محكوماً بكفره ، فإنّه يجوز للكافر التقاطه ؛ لقوله تعالى :( وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ ) (٤) .

وللمسلم التقاط الطفل الكافر.

مسألة ٤٠٩ : الأقرب : اعتبار العدالة في الملتقِط ، فلو التقطه الفاسق‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٨١ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٨٥.

(٢) حلية العلماء ٥ : ٥٥٥ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٨١ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٨٥.

(٣) سورة النساء : ١٤١.

(٤) سورة الأنفال : ٧٣.

٣١٤

لم يُقر في يده ، وينتزعه الحاكم ؛ لأنّ الفاسق غير مؤتمنٍ شرعاً ، وهو ظالم ، فلا يجوز الركون إليه ؛ لقوله تعالى :( وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النّارُ ) (١) ولا يؤمن أن يبيع الطفل أو يسترقّه ويدّعيه مملوكاً له بعد مدّةٍ ، ولا يؤمن سوء تربيته له ولا يوثق عليه ويخشى الفساد به ، وهو قول الشافعي(٢) أيضاً.

ويفارق اللّقطة - حيث أُقرّت في يد الفاسق عندنا وفي أحد قولَي الشافعي(٣) - من ثلاثة أوجُه :

الأوّل : إنّ في اللّقطة معنى التكسّب ، والفاسق من أهل التكسّب ، وهاهنا لا كسب ، بل هو مجرّد الولاية.

الثاني : إنّ في اللّقطة وجوب ردّها إليه لو انتزعناها منه بعد التعريف حولاً ونيّة التملّك ليتملّكها ، فلم ننتزعها منه واستظهرنا عليه في حفظها وإن كان الانتزاع أحوط ، وهنا لا يردّ اللقيط إليه ، فكان الانتزاع أحوط وأسهل.

الثالث : المقصود في اللّقطة حفظ المال ، ويمكن الاحتياط عليه بالاستظهار في التعريف ، أو بنصب الحاكم مَنْ يُعرّفها ، فيزول خوف الخيانة ، ولا يحتاج إلى أن ينتزعها الحاكم ، وهنا المقصود حفظ الحُرّيّة والنسب ، ولا سبيل إلى الاستظهار عليه ؛ لأنّه قد يدّعي رقّه في بعض البلدان وبعض الأحوال.

____________________

(١) سورة هود : ١١٣.

(٢) الحاوي الكبير ٨ : ٣٦ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٤٤٢ ، الوجيز ١ : ٢٥٤ ، الوسيط ٤ : ٣٠٤ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٥٧٠ ، البيان ٨ : ١٤ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٨١ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٨٥ ، المغني ٦ : ٤١٣ ، الشرح الكبير ٦ : ٤٠٩.

(٣) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٥٦٣ ، البيان ٧ : ٤٧٧ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٤٢ و ٣٨١ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٥٥.

٣١٥

وقيل : لا يشترط العدالة ، ولا ينتزع اللقيط من يد الفاسق ؛ لإمكان حفظه في يده بالإشهاد عليه ، ويأمر الحاكم أميناً يشارفه عليه كلّ وقتٍ ويتعهّده في كلّ زمانٍ ، ويشيع أمره فيعرف أنّه [ لقيط ](١) فينحفظ بذلك من غير زوال ولايته ؛ جمعاً بين الحقّين ، كما في اللّقطة(٢) .

مسألة ٤١٠ : مَنْ ظاهر حاله الأمانة إلّا أنّه لم يختبر حاله ، لا ينتزع من يده ؛ لأنّ ظاهر المسلم العدالة ، ولم يوجد ما يعارض هذا الظاهر ، ولأنّ حكمه حكم العَدْل في لقطة المال والولاية في النكاح وأكثر الأحكام ، لكن يوكل الإمام مَنْ يراقبه من حيث لا يدري لئلّا يتأذّى ، فإذا حصلت للحاكم الثقة به صار كمعلوم العدالة.

وقبل ذلك لو أراد السفر به ، مُنع وانتُزع منه ؛ لأنّه لا يؤمن أن يسترقّه وأن يكون إظهاره العدالة لمثل هذا الغرض الفاسد ، وهو أحد قولَي الشافعي ، والثاني له : إنّه يُقرّ في يده ويسافر به ؛ لأنّه يُقرّ في يده في الحضر من غير مشرفٍ يُضمّ إليه ، فكذا في السفر ، كالعَدْل ، ولأنّ الظاهر الستر والصيانة(٣) .

فأمّا مَنْ عُرفت عدالته وظهرت أمانته فيُقرّ اللقيط في يده في سفرٍ وحضرٍ ؛ لأنّه مأمون عليه إذا كان سفره لغير النقلة ، ولها وجهان.

مسألة ٤١١ : يعتبر في الملتقِط الرشد ، فلا يصحّ التقاط المبذِّر‌

____________________

(١) بدل ما بين المعقوفين في النُّسَخ الخطّيّة والحجريّة : « لقطة ». والمثبت كما في المصدر.

(٢) المغني ٦ : ٤١٣ - ٤١٤ ، الشرح الكبير ٦ : ٤٠٩ - ٤١٠.

(٣) الوسيط ٤ : ٣٠٤ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٥٧٠ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٨١ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٨٦ ، المغني ٦ : ٤١٤ ، الشرح الكبير ٦ : ٤١١ ، وفيها القول الأوّل فقط.

٣١٦

المحجور عليه ، فلو التقط لم يُقر في يده وانتُزع منه ؛ لأنّه ليس مؤتمناً عليه شرعاً وإن كان عَدْلاً.

ولا يشترط في الملتقِط الذكورة ، فإنّ الحضانة أليق بالإناث.

ولا يشترط كونه غنيّاً ؛ إذ ليست النفقة على الملتقط.

والفقير يساوي الغني في الحضانة.

وللشافعيّة وجهٌ آخَر ، وهو : إنّه لا يُقرّ في يد الفقير ؛ لأنّه لا يتفرّغ للحضانة ؛ لاشتغاله بطلب القوت(١) .

مسألة ٤١٢ : لو ازدحم على لقيطٍ اثنان ، فإن كان ازدحامهما عليه قبل أخذه وقال كلّ واحدٍ منهما : أنا آخذه وأحضنه ، جعله الحاكم في يد مَنْ رآه منهما أو من غيرهما ؛ لأنّه لا حقّ لهما قبل الأخذ.

وإن ازدحما بعد الأخذ بأن تناولاه تناولاً واحداً دفعةً واحدة ، فإن لم يكن أحدهما أهلاً للالتقاط مُنع منه ، وسلّم اللقيط إلى الآخَر ، كما لو كان أحدهما مسلماً حُرّاً عَدْلاً والآخَر يكون كافراً أو فاسقاً أو عبداً لم يأذن له مولاه ، أو مكاتَباً كذلك ، فإنّ المسلم العَدْل الحُرّ يُقرّ في يده ، ولا يشاركه الآخَر ، ولا اعتبار بمشاركته إيّاه في الالتقاط ؛ لأنّه لو التقطه وحده لم يُقرّ في يده ، فإذا شاركه مَنْ هو من أهل الالتقاط كان أولى.

وأمّا إن كان كلّ واحدٍ منهما أهلاً للالتقاط ، فإن سبق أحدهما إلى الالتقاط ، مُنع الآخَر من مزاحمته.

ولا يثبت السبق بالوقوف على رأسه من غير أخذٍ ، وهو أظهر وجهي‌

____________________

(١) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٤٤٣ ، الوسيط ٤ : ٣٠٤ ، البيان ٨ : ١٤ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٨٢ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٨٦.

٣١٧

الشافعيّة ، والثاني : إنّه يثبت(١) .

وإن لم يسبق أحدهما ، فإن اختصّ أحدهما بوصفٍ يوجب تقدّمه قُدّم ، وكان أولى من الآخَر.

وإن تساويا من كلّ وجهٍ ، فإن سلّم أحدهما لصاحبه ورضي بإسقاط حقّه جاز ؛ لأنّ الحقّ له ، فلا يُمنع من الإيثار به ، وإن تشاحّا أُقرع بينهما - وبه قال الشافعي(٢) - لقوله تعالى :( وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ ) (٣) .

ولأنّه أمر مشكل ؛ لعدم إمكان الجمع بينهما ، وعدم أولويّة أحدهما ، وكلّ مشكلٍ ففيه القرعة بالنصّ عن أهل البيتعليهم‌السلام (٤) .

ولأنّه لا يمكن أن يُخرج عن أيديهما ؛ لاشتماله على إبطال حقّهما الثابت لهما بالالتقاط ، أو يُترك في أيديهما إمّا جمعاً ، والاجتماع على الحضانة مشقٌّ أو متعذّر ، ولا يمكن أن يكون عندهما في حالةٍ واحدة ، وإمّا بالمهايأة ، وهو يشتمل على الإضرار باللقيط ؛ لما في تبدّل الأيدي من قطع الأُلفة واختلاف الأغذية والأخلاق ، أو يختصّ به أحدهما لا بالقرعة ، ولا سبيل إليه ؛ لتساويهما ، فلم يبق مخلص إلّا القرعة ، كالزوج يسافر بإحدى زوجاته بالقرعة.

____________________

(١) الوسيط ٤ : ٣٠٥ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٨٢ - ٣٨٣ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٨٦.

(٢) الحاوي الكبير ٨ : ٣٩ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٤٤٣ ، الوجيز ١ : ٢٥٤ ، الوسيط ٤ : ٣٠٥ ، حلية العلماء ٥ : ٥٥٥ ، البيان ٨ : ١٦ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٨٤ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٨٧.

(٣) سورة آل عمران : ٤٤.

(٤) الفقيه ٣ : ٥٢ / ١٧٤ ، التهذيب ٦ : ٢٤٠ / ٥٩٣.

٣١٨

وقال بعض الشافعيّة : يرجّح أحدهما باجتهاد القاضي ، فمَن رآه خيراً للّقيط أقرّه في يده(١) .

وهو غلط ؛ لأنّه قد يستوي الشخصان في اجتهاد القاضي ولا سبيل إلى التوقّف ، فلا بدّ من مرجوعٍ إليه ، وليس سوى القرعة.

وقال بعض الشافعيّة : يخيّر الصبي في الانضمام إلى مَنْ شاء منهما(٢) .

وهو غلط ؛ لأنّه قد لا يكون مميّزاً بحيث يفوّض إليه التخيير ، ولو كان مميّزاً فإنّه لا يخيّر ، كما يخيّر الصبي بين الأبوين عند بلوغه سنّ التمييز - عندهم(٣) - لأنّه هناك يعوّل على الميل الناشئ من الولادة ، وهذا المعنى معدوم في اللقيط.

مسألة ٤١٣ : هذا إذا تساويا في الصفات ، فإن ترجّح أحد الملتقطين بوصفٍ يوجب تخصيصه به دون الآخَر وكانا معاً ممّن يثبت لهما جواز الالتقاط ، أُقرّ في يده ، وانتُزع من يد الآخَر.

والصفات المرجّحة أربعة :

أ : الغنى ، فلو كان أحدهما غنيّاً والآخَر فقيراً ، فللشافعيّة وجهان :

أحدهما : إنّهما يتساويان - وهو قول بعض علمائنا(٤) - لأنّ الفقير أهل للالتقاط ، كالغني.

وأظهرهما عند الشافعيّة : أولويّة الغني ؛ لأنّه ربما يواسيه بمالٍ وينفعه في كثيرٍ من الأوقات ويؤاكله أحياناً ، ولأنّ الفقير قد يشتغل بطلب القوت‌

____________________

(١) الحاوي الكبير ٨ : ٤٠ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٤٤٣ ، حلية العلماء ٥ : ٥٥٦ ، البيان ٨ : ١٦ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٨٤ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٨٧.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٨٤ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٨٧.

(٣) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٥٧٢ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٨٤.

(٤) لم نتحقّقه.

٣١٩

عن الحضانة(١) .

فإن رجّحنا الغني على الفقير وكانا معاً غنيّين إلّا أنّ أحدهما أكثر غنىً من الآخَر ، فللشافعيّة وجهان في تقديم أكثرهما مالاً(٢) .

ب : أن يكون أحدهما بلديّاً والآخَر قرويّاً ، أو كان أحدهما بلديّاً أو قرويّاً والآخَر بدويّاً ، تساويا عند بعض علمائنا(٣) ، ورجّح البلديّ على القرويّ ، والقرويّ على البدويّ ؛ لما فيه من حفظ نسبه وإمكان وصول قريبه إليه.

وللشافعيّة وجهان(٤) .

ج : مَنْ ظهرت عدالته بالاختبار يُقدّم على المستور على خلافٍ بين علمائنا.

وللشافعيّة وجهان :

أحسنهما : إنّه يقدّم احتياطاً للصبي.

والثاني : يستويان ؛ لأنّ المستور لا يسلّم ثبوت المزيّة للآخَر ويقول : لا أترك حقّي بجهلكم بحالي(٥) .

د : الحُرّ أولى من العبد والمكاتَب وإن كان التقاطه بإذن السيّد ؛ لأنّه في نفسه ناقص ، وليست يدُ المكاتَب يدَ السيّد.

مسألة ٤١٤ : لا تُقدّم المرأة على الرجل ؛ لأنّ المرأة وإن كانت

____________________

(١) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٥٧٢ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٨٣ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٨٦.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٨٣ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٨٦.

(٣) لم نتحقّقه.

(٤) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٥٧٢ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٨٧ - ٣٨٨ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٨٧ - ٤٨٨.

(٥) الوسيط ٤ : ٣٠٥ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٨٣ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٨٦.

٣٢٠

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373