نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ٣

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار0%

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 332

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: السيد علي الحسيني الميلاني
تصنيف: الصفحات: 332
المشاهدات: 128322
تحميل: 4332


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17 الجزء 18 الجزء 19 الجزء 20
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 332 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 128322 / تحميل: 4332
الحجم الحجم الحجم
نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء 3

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

الى الخمسين ومائة »(١) .

و أما الضحاك بن مزاحم

فقد قال ابن الجوزي في ( الموضوعات ): « أما الضحاك فقال شعبة: لا يحدث عنه، وينكر أن يكون لقي ابن عباس، وقال يحيى بن سعيد: هو عندنا ضعيف ».

وقد ذكرنا انكار شعبة هذا: الذهبي في ( ميزان الاعتدال ٢ / ٣٢٦ ) وابن التركماني بعد أن قال: « لم يلق ابن عباس ». وكذا بمعناه في ( تهذيب التهذيب ٤ / ٤٥٣ - ٤٥٤ ) عنه وعن مشاش وعبد الملك.

وفي ( الميزان ): « قال ابن عدي: الضحاك بن مزاحم انما عرف بالتفسير، فأما رواياته عن ابن عباس وأبي هريرة وجميع من روى عنه ففي ذلك كله نظر »(٢) .

وفي ( المغني ): « ضعفه يحيى القطان وشعبة أيضاً »(٣) .

وقال محمد بن طاهر: « ضعيف مجروح ولم يسمع عن ابن عباس ».

وكذا في ( اللالي المصنوعة ) عن ابن الجوزي.

حول حديث اختلاف أصحابى لكم رحمة

ولا يخفى أن سياق حديث النجوم في كتاب ( المدخل ) للبيهقي - الذي استدل به ( الدهلوي ) - يشتمل على حديث « اختلاف أصحابي لامتي - او لكم - رحمة » وقد نص الحفاظ على ضعفه، فثبت ضعف الحديثين كليهما لضعف الاسناد المشتمل عليهما

ومن هنا كان على ( الدهلوي ) الاعراض عن هذا السياق بجملته، لا

__________________

(١). تهذيب التهذيب ٢ / ١٢٣.

(٢). ميزان الاعتدال ٢ / ٣٢٦.

(٣). المغني في الضعفاء ١ / ٣١٢.

١٤١

الاستناد اليه في مقابلة حديث الثقلين، ولكن « إذا لم تستح فاصنع ما شئت ».

واليك كلمات بعضهم في تضعيف هذا الحديث:

قال الحافظ العراقي: « حديث اختلاف أمتي رحمة. البيهقي في المدخل من حديث ابن عباس: بلفظ أصحابي، ورواه آدم بن أبي أياس في كتاب العلم والحلم بلفظ اختلاف أصحابي لامتي رحمة.

وهو مرسل ضعيف، ذكره البيهقي في رسالته الاشعرية بهذا اللفظ بغير اسناد »(١) .

وقال في ( المغني ): « حديث اختلاف أمتي رحمة، ذكره البيهقي في رسالته الاشعرية تعليقاً، واسنده في المدخل من حديث ابن عباس بلفظ: اختلاف أصحابي لكم رحمة. واسناده ضعيف»(٢) .

وقال ابن امام الكاملية: « الوجه [ الخامس ] لهم [ انه ] أي العمل بالقياس [ يؤدي الى الخلاف والمنازعة ] بين المجتهدين للاستقراء لانه تابع للأمارات وهي مختلفة، فكيف يجوز العمل به [ وقد قال الله تعالى: ولا تنازعوا فتفشلوا ] فوجب أن يكون ممنوعاً [ قلنا: الاية ] انما وردت [ في الآراء والحروب ] لقرينة قوله: فتفشلوا وتذهب ريحكم، فأما التنازع في الاحكام فجائز [ لقوله عليه الصلاة والسلام: اختلاف أمتي رحمة ] قال الخطابي والبيهقي: روى عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وهو يدل على أنه له أصلا، قال الشيخ زين الدين العراقي: وأسنده في المدخل من حديث ابن عباس بلفظ اختلاف أصحابي لكم رحمة واسناده ضعيف »(٣) .

و قال محمد بن طاهر: « في المقاصد اختلاف أمتي رحمة للبيهقي عن الضحاك عن ابن عباس رفعه في حديث طويل بلفظ: واختلاف أصحابي

__________________

(١). تخريج احاديث المنهاج - مخطوط.

(٢). المغني عن حمل الاسفار. هامش احياء العلوم ١ / ٣٤.

(٣). شرح المنهاج - مخطوط.

١٤٢

لكم رحمة، وكذا الطبراني والديلمي، والضحاك عن ابن عباس منقطع، وقال العراقي: مرسل ضعيف »(١) .

و قال المناوي: « وأسنده البيهقي ( في المدخل ) وكذا الديلمي في مسند الفردوس كلاهما من حديث ابن عباس مرفوعاً بلفظ اختلاف أصحابي رحمة، واختلاف الصحابة في حكم اختلاف الامة كما مر.

لكن هذا الحديث قال الحافظ العراقي: سنده ضعيف »(٢) .

وقال العزيزي: « أسنده البيهقي في المدخل وكذا الديلمي في الفردوس من حديث ابن عباس، لكن بلفظ اختلاف أصحابي رحمة. قال الشيخ: حديث ضعيف »(٣) .

ومن هنا تعرف: أنه ليس اسناده في المدخل ضعيفاً عند البيهقي فحسب، بل قد نصّ على ضعفه جمع من نقّاد الاخبار وصيارفة الحديث كالعراقي والسخاوي ومحمد بن طاهر والمناوي والحجازي - وهو المراد من الشيخ » في كلام العزيزي كما صرح في صدر كتابه - والعزيزي.

٢٢ - ابن ابى شريف

لقد طعن ابن أبي شريف في حديث النجوم تبعاً لشيخه الحافظ ابن حجر كما ستعرف ذلك من عبارة المناوى في ( فيض القدير ) إن شاء الله.

ترجمة ابن ابى شريف

وقد ترجم السخاوي لابن أبي شريف ترجمة مطولة، هذا ملخصها: « ارتحل الى القاهرة غير مرة، منها في سنة تسع وثلاثين، وأخذ في بعضها عن ابن الهمام والعز عبد السلام البغدادي والعلاء القلقشندي والقاياني وشيخنا

__________________

(١). تذكرة الموضوعات ٩٠ - ٩١.

(٢). فيض القدير ١ / ٢١٢.

(٣). السراج المنير ١ / ٦٦.

١٤٣

- ولازمه ( يعني شيخه وهو ابن حجر ) في أشياء رواية ودراية وسماعاً وقراءة - في آخرين بالقاهرة وببلده ممن أخذ عنهم العلم حتى تميز، واذن له كلهم أو جلهم في الاقراء وعظمه جداً، منهم ابن الهمام وعبد السلام وشيخنا حيث قال: انه شارك في المباحث الدالة على الاستعداد، وتأهل أن يفتي بما يعلمه ويتحققه من مذهب الامام الشافعي من أراد، ويفيد في العلوم الحديثية من المتن والاسناد علماً بأهليته لذلك وتولجه في مضائق تلك المسالك.

وترجم له البقاعي و وصفه بالذهن الثاقب والحافظة الضابطة والقريحة الوقادة والفكر القويم والنظر المستقيم، وسرعة الفهم وبديع الانتقال وكمال المروة، مع عقل وافر وأدب ظاهر وخفة روح ومجد على سمته يلوح، وانه شديد الانقباض عن الناس غير أصحابه، قال: وهو الآن صديقي، وبيننا من المودة ما يقصر الوصف فيه.

ودرس وأفتى وحدث ونظم ونثر وصنف، وبالجملة فهو علامة متين التحقيق حسن الفكر والتأمل فيما ينظره ويقرب عهده، وكتابه أمتن من تقريره ورويته أحسن من بديهته، مع وضاءته وتأنيه وضبطه وقلة كلامه وعدم ذكره للناس »(١) .

وقال القاضي مجير الدين العليمي الحنبلي - وهو من تلامذته - بترجمته: « هو شيخ الإسلام، ملك العلماء الاعلام، حافظ العصر والزمان، بركة الامة، علامة الأئمة، شيخنا الامام الحبر الهمام العالم العلامة الرحالة، القدوة المجتهد العمدة، مولده في ليلة يسفر صباحها عن يوم السبت خامس شهر ذي الحجة سنة اثنتين وعشرين وثمانمائة بمدينة القدس ونشأ بها في عفة وصيانة وتقوى وديانة، لم يعلم له صبوة ولا ارتكاب محظور وجد ودأب ولازم الاشتغال والاشغال الى أن برع وتميز وأشير اليه في حياة شيخه الزين

__________________

(١). الضوء اللامع ٩ / ٦٤ - ٦٧.

١٤٤

ماهر، وكان يرشد الطلبة للقراءة عليه حين ترك هو الاقراء وكذلك المستفتين، ودرس وأفتى من سنة ست وأربعين وثمانمائة

ولم يزل حاله في ازدياد وعلمه في اجتهاد، فصار نادرة وقته وأعجوبة زمانه اماماً في العلوم، محققاً لما ينقله وصار قدوة بيت المقدس ومفتيه وعين أعيان المعيدين بالمدرسة الصلاحية ووقع له ما لم يقع لغيره ممن تقدمه من العلماء والأكابر، وبقي صدر المجالس وطراز المحافل، المرجع في القول اليه والتعويل في الأمور كلها عليه، وقلده أهل المذاهب كلها، وقبلت فتواه على مذهبه ومذهب غيره، ووردت الفتاوى اليه من مصر والشام وحلب وغيرها، وبعد صيته وانتشرت مصنفاته في سائر الأقطار، وصار حجة بين الأنام في سائر ممالك الإسلام

وأما سمته وهيبته فمن العجائب في الابهة والنورانية، رؤيته تذكر السلف الصالح، ومن رآه علم أنه من العلماء العاملين برؤية شكله وان لم يكن يعرفه، وأما خطه وعبارته في الفتوى فنهاية في الحسن.

وبالجملة فمحاسنه أكثر من أن تحصر وأشهر من أن تذكر، وهو أعظم من أن ينبه مثلي على فضله، ولو ذكرت حقه في الترجمة لطال الفصل، فان مناقبه وذكر مشايخه يحتمل الافراد بالتأليف، والمراد هنا الاختصار »(١) . وكذا ترجم له الشوكاني(٢) .

٢٣ - السيوطي

قال الحافظ جلال الدين السيوطي في ( إتمام الدراية ): « وليس قول صحابي حجة على غيره نعم لحديث: أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم. وأجيب بضعفه ».

__________________

(١). الانس الجليل بتاريخ القدس والخليل ٢ / ٢٨٨.

(٢). البدر الطالع ٢ / ٢٤٣ - ٢٤٤.

١٤٥

ووضع عليه « ض ». وهي علامة الضعف في ( الجامع الصغير )(١) .

و قال في ( جمع الجوامع ) ما نصه: « مهما أوتيتم من كتاب الله فالعمل به لا عذر لاحد في تركه، فان لم يكن في كتاب الله فبسنة مني ماضية، فان لم تكن سنة مني فبما قال أصحابي، أن أصحابي بمنزلة النجوم في السماء فبأيها أخذتم اهتديتم، واختلاف أصحابي لكم رحمة. ق في المدخل وأبو نصر السجزى في الابانة وقال: غريب، والخطيب وابن عساكر والديلمي عن سليمان بن أبي كريمة عن جويبر عن الضحاك عن ابن عباس، وسليمان ضعيف وكذا جويبر ».

٢٤ - المتقى

لقد تبع المتقى شيخه السيوطي في الطعن في حديث النجوم حيث نقل عبارته السالفة بعين ألفاظها(٢) .

٢٥ - القاري

وقال القاري ما نصه: « قال ابن الديبع: اعلم ان حديث أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم أخرجه ابن ماجة. كذا ذكره الجلال السيوطي في تخريج أحاديث الشفاء، ولم أجده في سنن ابن ماجة بعد البحث عنه، وقد ذكره ابن حجر العسقلاني في تخريج أحاديث الرافعي في باب ادب القضاء ، وأطال الكلام عليه وذكر أنه ضعيف واه، بل ذكر عن ابن حزم: انه موضوع باطل، لكن ذكر عن البيهقي انه قال: ان حديث مسلم يؤدي بعضه معناه، يعنى قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم النجوم أمنة للسماء الحديث. قال ابن حجر: صدق البيهقي هو يؤدي صحة التشبيه للصاحبة بالنجوم، أما

__________________

(١). بشرح المناوى ٤ / ٧٦.

(٢). كنز العمال ٦ / ١٣٣.

١٤٦

في الاقتداء فلا يظهر، نعم يمكن ان يتلمح ذلك من معنى الاهتداء بالنجوم.

قلت: الظاهر ان الاهتداء فرع الاقتداء.

قال: وظاهر الحديث انما هو اشارة الى الفتن الحادثة بعد انقراض الصحابة من طمس السنن وظهور البدع وفشور الجور في أقطار الارض انتهى.

وتكلم على هذا الحديث ابن السبكى في شرح ابن الحاجب الاصلي في الكلام على عدالة الصحابة ولم بعزه لابن ماجة، و ذكره في جامع الأصول ولفظه عن ابن المسيب عن عمر بن الخطاب مرفوعاً: سألت ربي. الحديث الى قوله: اهتديتم. وكتب بعده: أخرجه. فهو من الأحاديث التي ذكرها رزين في تجريد الأصول ولم يقف عليها ابن الأثير في الأصول المذكورة، وذكره صاحب المشكاة وقال: أخرجه رزين »(١) .

أقول: وفي هذا الكلام فوائد لا تخفى.

و قال القاري في ( شرح الشفاء ) بشرح قول القاضي: « وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم » قال: « ثم اعلم ان قوله وقال: أصحابي حديث آخر، وقد أخرجه الدار قطني في الفضائل وابن عبد البر من طريقه من حديث جابر وقال: هذا اسناد لا تقوم به حجة، ورواه عبد بن حميد في مسنده عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال البزار: منكر لا يصح ورواه ابن عدي في الكامل بإسناده عن نافع عن ابن عمر بلفظ: فأيهم أخذتم بقوله بدل اقتديتم واسناده ضعيف، ورواه البيهقي في المدخل من حديث عمر ومن حديث ابن عباس بنحوه، ومن وجه آخر مرسلا وقال: متنه مشهور وأسانيده ضعيفة.

قال الحلبي: وكان ينبغي للقاضي أن لا يذكره بصيغة جزم لما عرف عند أهل الصناعة، وقد سبق له مثله مراراً.

أقول : يحتمل انه ثبت باسناده عنده أو حمل كثرة الطرق على ترقيه من

__________________

(١). المرقاة ٥ / ٥٢٣.

١٤٧

الضعيف الى الحسن بناءاً على حسن ظنه، مع أن الحديث الضعيف يعمل به في فضائل الاعمال، والله أعلم بحقيقة الاحوال ».

تنبيه

ان ما احتمله القاري في هذا المقام سخيف، وذلك:

أولا : ان احتمال ثبوت الحديث بإسناد عند القاضي. - من دون أكابر الحفاظ - بعيد جداً، ومجرد الاحتمال لا يصغى اليه في مثل هذا الموضوع، إذ لو ثبت ذلك لا ورده فلم يتعرض للطعن من أبى ذر الحلبي وغيره.

ثانياً : لقد علم من الوجوه السابقة سقوط حديث النجوم لدى أحمد والمزني والبزار وابن عدي والدارقطني وابن حزم والبيهقي وابن عبد البر وكل هؤلاء متقدمون على القاضي، فلو كان عثر على اسناد مثبت له لذكره حتى يدفع كلماتهم فيه، ولا يجوز - والحالة هذه - أن يعرض عن ذكر السند رأساً، ويورده بصيغة الجزم حائداً عن طريق الاحتياط والحزم.

ثالثاً : انه لو كان لهذا الحديث سند مثبت - لم يذكره القاضي لسبب من الأسباب - لذكره شراح كتابه ( الشفاء ) ومخرجو أحاديثه وهم علماء أعلام عاشوا قبل القاري بكثير، ولكان لهم بذلك منة على القاضي، وقد رأيناهم يعترضون عليه ذكره بصيغة الجزم.

ولقد علم آنفا من عبارة ( المرقاة ) عزو السيوطي حديث النجوم الى ابن ماجة، ولا أثر له في سننه، وهذا أدل دليل على خيبة الامل وضلال السعي في هذا الباب.

رابعاً : ان دعوى كثرة طرقه مردودة لتنصيص كبار الحفاظ على خلافها، وأما طرقه المعدودة فمقدوحة كما تقدم.

هذا، ولم يدع أحد منهم ترقي هذا الحديث الى الحسن، فكيف جاز للقاضي ان يحسن الظن به؟

خامساً : ان دعوى العمل بالحديث الضعيف في فضائل الاعمال

١٤٨

- على فرض التسليم بها - لا تجدي في المقام لوجوه:

١ - ان هذا الحديث موضوع وليس بضعيف، فلا يجوز العمل به مطلقاً.

٢ - انه ليس في فضل عمل من الاعمال، بل مفاده من أهم الأمور الدينية.

٣ - انه لو سلمنا ذلك كله فان أصل الاعتراض على ذكر القاضي إياه بصيغة الجزم باق على حاله.

وسيأتي مزيد كلام في بطلان تضليل القاري من كلام الخفاجي والشوكاني فانتظر.

٢٦ - المناوى

قال المناوي: « [ سألت ربي فيما تختلف فيه أصحابي ] أى: ما حكمه [ من بعدي ] أي: بعد موتي [ فأوحى الي يا محمد ان اصحابك عندي بمنزلة النجوم في السماء بعضها أضوء من بعض، فمن أخذ بشيء مما هم عليه من اختلافهم فهو عندي على هدى ] لأنهم كنفس واحدة في التوحيد ونصرة الدين واختلافهم انما نشأ عن اجتهاد ولهم محامل، ولذلك كان اختلافهم رحمة كما في حديث [ السجزي في الابانة ] عن أصول الديانة و [ ابن عساكر عن عمر ] قال ابن الجوزي: لا يصح والذهبي: باطل »(١) .

وقال بشرحه: « قال ابن الجوزي في العلل: هذا لا يصح، نعيم مجروح، وعبد الرحيم قال ابن معين كذاب، وفي الميزان هذا الحديث باطل، وقال ابن حجر في تخريج المختصر: حديث غريب سئل عنه البزار فقال: لا يصح هذا الكلام عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وقال الكمال ابن أبي شريف، كلام شيخنا - يعنى ابن حجر - يقتضى انه مضطرب، قال ابن عساكر: رواه عن

__________________

(١). التيسير في شرح الجامع الصغير ٢ / ٤٨.

١٤٩

سعيد زيد العمى أبو الحوارى وكان ضعيفاً في الحديث، وقال ابن عدي: عامة ما يرويه ومن يروي عنه ضعفاء »(١) .

٢٧ - الخفاجي

وقال شهاب الدين الخفاجي: « وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حديث آخر رواه الدارقطني وابن عبد البر في العلم من طريق أسانيد كلها ضعيفة حتى جزم ابن حزم بأنه موضوع، وقال الحافظ العراقي: كان ينبغي للمصنفرحمه‌الله أن لا يورده بصيغة الجزم.

وما قيل: من انه ليس بوارد لان المصنفرحمه‌الله ساقه في فضل الصحابة وقد استقروا على جواز العمل بالحديث الضعيف في فضائل الاعمال فضلا عن فضائل الرجال، لا وجه له، لان قول أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم فيه العمل بما فعلوه وقالوه من الاحكام، وليس هذا من قبيل الفضائل التي يجوز العمل فيها بالضعيف »(٢) .

اقول:

هذا كلام الخفاجي، ثم جعل يدافع عن القاضي بوجه آخر فقال: فلو قال انه بمعنى الحديث الذي قبله - وهو حديث صحيح يعمل به - ولذا ساقه بعده كالمتابعة له، ولذا جزم به كان أقوى وأحسن.

الا أنه واه بل أوهن من بيت العنكبوت لوجوه:

الاول : ان حديث الاقتداء موضوع لغرض لم يوضع لأجله حديث النجوم، فان الاول وضع للشيخين والثاني لجميع الصحابة، ولذا ذهب جماعة من الأصوليين الى انهما متعارضان، كما لا يخفى على من راجع ( احكام

__________________

(١). فيض القدير - شرح الجامع الصغير ٤ / ٧٦.

(٢). نسيم الرياض - شرح الشفاء ٤ / ٤٢٣ - ٤٢٤.

١٥٠

الاحكام ) و ( مختصر الاصول ) و ( شرح المختصر ) و ( حاشية التفتازاني على شرح المختصر ) و ( شرح المنهاج للعبري ) و ( معراج الأصول للايكي ) و ( التحرير ) و ( شروح التحرير ) و ( مسلم الثبوت ) و ( شروح مسلم الثبوت ) وغيرها.

فجعل الثاني بمعنى الاول غير صحيح.

الثاني : دعوى صحة حديث الاقتداء وانه معمول به باطلة، لأنه حديث موضوع قطعاً، كما ذكرنا في هذا الكتاب وفي مجلد ( حديث الطير ).

الثالث : قوله « ولذا ساقه بعده كالمتابعة له » باطل، لان « المتابعة » تكون في الحديث الواحد بتعدد رواته، و « الشاهد » هو الحديث الذي يؤدي معنى حديث آخر. ( راجع كلمات: ابن الصلاح والنووي والعراقي وغيرهم في هذا الموضوع ).

ومن المعلوم: ان حديثي الاقتداء والنجوم متغايران، وليس معناهما واحداً - بل هما متعارضان كما أشرنا آنفاً - فلا يتحقق في المقام معنى « المتابعة » ولا « الشاهد ».

الرابع : ان دعوى « المتابعة » في هذا المقام ممنوعة من جهة أخرى: لان روايات الوضاعين والكذابين لا شأن لها حتى في المتابعات والشواهد. وقد نص على ذلك علماء الفن كما لا يخفى على من راجع كلماتهم. نعم قد تذكر روايات شر ذمة معينة من الضعفاء لغرض المتابعة والاستشهاد

ولقد ثبت وضع حديث النجوم، وان رواته وضاعون كذابون في جميع أسانيده، فلا يليق لان يساق متابعة أيضاً.

الخامس : لو سلم ذلك كله فانه لا يصح جزم القاضي بحديث النجوم.

وهنا نكتة يجب ذكرها: وهي انه لو كان القاضي يقصد المتابعة لذكر حديث الاقتداء بصيغة الجزم، ثم ذكر حديث النجوم مع الاعتراف بالضعف لتتم المتابعة، ولكنه فعل العكس فذكر حديث الاقتداء الصحيح

١٥١

- بزعم الخفاجي - غير جازم به، وحديث النجوم - الذي اعترف الخفاجي بضعفه - بصيغة الجزم.

ولقد حاول الخفاجي الدفاع عن القاضي بوجه - زعم أنه أقوى وأحسن - وغفل عما يترتب عليه ويتوجه اليه - وعلى القاضي - من وجوه النقد والاشكال.

وبما ذكرنا ظهر: سقوط دفاع القاري والخفاجي عن القاضي، وبقاء اعتراض العراقي وغيره على حاله.

٢٨ - السندي

قال السندي بعد أن ذكر حديث الثقلين ودلالته: « فان قلت:

قد ورد أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم، و ورد: اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما - و ورد: عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين الحديث.

فقد ثبت الحث باقتداء غيرهم واهتداء من اقتدى بهم. قلت [ فلنا ]: الحديث الاول موضوع، والا لكان قوله « اهتديتم » فيه خاصة مما يدل على عدم خطئهم »(١) .

٢٩ - البهارى

وقال القاضي محب الله البهاري عند نفي حجية اجماع الشيخين او الخلفاء الأربعة: « قالوا: اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر، وعليكم بسنتي الحديث.

قلنا: خطاب للمقلدين وبيان لاهلية الاتباع، لان المجتهدين كانوا يخالفونهم والمقلدين قد يقلدون غيرهم، وأما المعارضة بأصحابي كالنجوم، وخذوا شطر دينكم عن الحميراء كما في المختصر فتدفع بأنهما ضعيفان »(٢) .

__________________

(١). دراسات اللبيب في الاسوة الحسنة بالحبيب ٢٤٠.

(٢). مسلم الثبوت بشرح عبد العلى ٢ / ٥١٠.

١٥٢

ترجمة البهارى

وقد ترجم غلام على آزاد القاضي البهاري بقوله: « هو بحر من العلوم وبدر بين النجوم، جاب ديار الفورب في عنفوان الشباب، وقرع في طلب العلم كثيراً من الابواب، وأخذ أوائل الكتب الدرسية من مواضع شتى، ثم انقطع برمته الى حوزة درس المولوي قطب الدين الشمس آبادي، وبدلالة هذا القطب قطع مسافة الاغتراب وانتهى الى أقصى حدود الاكتساب، وبعد ما تحلى بالفضائل، وبرع في الأماثل، قصد الديار الجنوبية من الهند المعبر عنها بالدكن، ولازم السلطان عالم گير، فولاه قضاء لكهنو من بلاد الفورب ومن مصنفاته سلم العلوم في المنطق، ومسلم الثبوت في اصول الفقه - وتاريخ تأليفه هذا الاسم - والجوهر الفرد، وهي رسالة في مسألة الجزء الذي لا يتجزأ والتصانيف الثلاثة مقبولة متداولة في مدارس العلماء »(١) .

٣٠ - السهالوي

وقال نظام الدين السهالوي في مبحث الإجماع، في الكلام على الاحتجاج بحديث الاقتداء وحديث عليكم بسنتي:

« وأجيب أيضاً بأنهما معارضان بقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم، و قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : خذوا شطر دينكم عن هذه الحميراء. فتقاعد الاحتجاج.

وأجيب بأن الحديث الاول - وان روي عن المعتبرات - لم يعرف. قال ابن حزم في رسالته الكبرى: مكذوب موضوع باطل، وبه قال احمد والبزار »(٢) .

__________________

(١). سبحة المرجان بذكر آثار هندوستان ٧٧.

(٢). الصبح الصادق - شرح المنار.

١٥٣

٣١ - المولوى عبد العلى

وقال المولوى عبد العلي - بحر العلوم - في المبحث المذكور: « وأما المعارضة بأصحابي كالنجوم فبأيهم اقتديتم اهتديتم، رواه ابن عدي وابن عبد البر وخذوا شطر دينكم عن الحميراء ، أي أم المؤمنين عائشة الصديقة، كما في المختصر، فتدفع بأنهما ضعيفان لا يصلحان للعمل فضلا عن معارضة الصحاح.

أما الحديث الاول فلم يعرف، قال ابن حزم في رسالته الكبرى: مكذوب موضوع باطل وبه قال أحمد والبزار »(١) .

٣٢ - الشوكانى

وقال الشوكانى في مبحث الاجماع: « وهكذا حديث اصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهديتم، يفيد حجية قول كل واحد منهم وفيه مقال معروف، لان في رجاله عبد الرحيم العمي عن أبيه، وهما ضعيفان جداً بل قال ابن معين: ان عبد الرحيم كذاب، وقال البخاري: متروك، وكذا قال أبوحاتم، وله طريق أخرى فيها حمزة النصيبي وهو ضعيف جداً قال البخاري منكر الحديث، وقال ابن معين: لا يساوي فلساً، وقال ابن عدي: عامة مروياته موضوعة، وروى أيضاً من طريق جميل بن زيد وهو مجهول »(٢) .

وقال في مسألة عدم حجية قول الصحابي: « وأما تمسك بعض القائلين بحجية قول الصحابي بما روي عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال: أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم، فهذا مما لم يثبت قط، والكلام فيه معروف عند أهل الشأن بحيث لا يصح العمل بمثله في أدنى حكم من أحكام الشرع، فكيف مثل هذا الأمر العظيم والخطب الجليل ».

__________________

(١). فواتح الرحموت - شرح مسلم الثبوت ٢ / ٥١٠.

(٢). ارشاد الفحول ٨٣.

١٥٤

وقال الشوكاني في ( القول المفيد في أدلة الاجتهاد والتقليد ): « ومما استدلوا به حديث: أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم، والجواب: ان هذا الحديث قد روى من طرق عن جابر وابن عمر رضي الله عنهما، وصرح أئمة الجرح والتعديل بأنه لم يصح منها شيء، وان هذا الحديث لم يثبت عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقد تكلم عليه الحفاظ بما يشفي ويكفي، فمن رام البحث عن طرقه وعن تضعيفها فهو ممكن بالنظر في كتاب من كتب هذا الشأن وبالجملة: فالحديث لا تقوم به حجة ».

٣٣ - ولى الله اللكهنوى

قال ولي الله بن حبيب الله اللكهنوى في ( شرح مسلم الثبوت ) بعد كلام له: « وأما المعارضة للحديثين المذكورين بقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم رواه ابن عدي وابن عبد البر ، و بقوله خذوا شطر دينكم عن الحميراء ، أي عائشة رضي الله عنها، فإنهما يدلان على جواز الأخذ بقول كل صحابي وقول عائشة وان خالف قول الشيخين أو الأربعة، فتقاعد احتجاجكم كما في المختصر لابن الحاجب.

فتدفع بأنهما ضعيفان. في الحاشية على أن الثاني يتبادر منه الرواية، أما ضعف الاول فلما قال أحمد لم يصح، والبزار: لا يصح مثل هذا الكلام عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ....

اعلم أن الحديث الاول وان روي في المعتبرات ولكن لم يصح منها شيء قاله احمد والبزار، قال ابن حزم في رسالته الكبرى: مكذوب موضوع باطل. نعم الحديث يؤدي بعض معناه، وهو حديث أبو موسى المرفوع ».

ترجمة ولى الله اللكهنوى

وقد ترجم ولي الله لنفسه في كتابه ( الاغصان الاربعة ) واستدرك عليه

١٥٥

ولده محمد انعام الله في ( ضميمة الاغصان الأربعة ) فليراجع.

٣٤ - صديق حسن خان

قال صديق حسن القنوجي في مسألة عدالة الصحابة، « والبحث عن عدالة الراوي انما هو في غير الصحابة وأما فيهم فلا، لان الأصل فيهم العدالة قال القاضي: هو قول السلف وجمهور الخلف، وقال الجويني: بالإجماع.

و وجه هذا القول ما ورد من العمومات المقتضية لتعديلهم كتاباً وسنة، كقوله سبحانه:( كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ ) ، وقوله:( جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً ) ، أى: عدلا، وقوله:( لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ ) ، وقوله:( وَالسَّابِقُونَ ) ، وقوله:( وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ ) .

و قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : خير القرون قرني، و قوله في حقهم: لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه وهما في الصحيح، وقوله: أصحابي كالنجوم على مقال فيه معروف »(١) .

حول ما زعموا أنه يفيد بعض معنى حديث النجوم

لقد أشير في بعض الكلمات الى حديث مسلم، والصحيح أنه ليس بمعنى حديث النجوم، وهذا لفظه: « حدثنا أبوبكر بن أبي شيبة وإسحاق بن ابراهيم وعبد الله بن عمرو بن أبان كلهم عن حسين، قال أبوبكر: ثنا حسين بن علي الجعفي عن مجمع بن يحيى عن سعيد بن أبي بردة عن أبيه قال: صلينا المغرب مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثم قلنا: لو جلسنا حتى نصلى معه العشاء، قال: فجلسنا، فخرج علينا فقال: ما زلتم هاهنا؟ قلنا: يا رسول الله صلينا معك المغرب ثم قلنا نجلس حتى نصلى معك العشاء، قال: أحسنتم - أو اصبتم - قال: فرفع رأسه الى السماء - وكان كثيراً ما يرفع رأسه الى

__________________

(١). حصول المأمول ٥٦.

١٥٦

السماء - فقال: النجوم أمنة للسماء، فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد، وأنا أمنة لاصحابي فاذا ذهبت أتى أصحابى ما يوعدون، وأصحابي أمنة لامتي فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون »(١) .

أقول : ومع ذلك نتكلم عليه سنداً ودلالة.

١ - في سنده ابوموسى وهو متهم في الحديث

أما سنداً فان مداره على « أبي موسى الأشعري » وقد كان أبوموسى متهماً بالاضافة الى مخازيه ومساويه التي لا تحصى، وقد ورد بعضها في كتاب ( استقصاء الافحام في رد منتهى الكلام ).

أما حديث اتهامه في الرواية فقد أخرجه الشيخان - في أكثر من موضع - وأحمد بن حنبل كذلك وأبو داود والدارمي والطحاوي والبغوي وغيرهم، وإليك نصوص رواياتهم في ذلك:

قال أبوداود سليمان بن داود الطيالسي في ( مسنده ): « حدثنا وهب ابن خالد عن داود عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري أن الاشعري استأذن على عمر ثلاثا ولم يؤذن له فرجع فأرسل اليه فقال: اني استأذنت ثلاثاً فلم يؤذن لي، سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: إذا استأذن المستأذن فلم يؤذن له فليرجع. فقال: لتأتينّي بمن يعلم هنا ( هذا. ظ ) أو لافلعنّ بك ولا فعلن!. قال أبو سعيد: جاءني الاشعري يرعد قد اصفر لون وجهه فقام على حلقة من أصحاب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال: أنشد الله رجلا علم من هذا علماً الا قام به، فاني قد خفت هذا الرجل على نفسي! فقلت أنا معك فقال آخر: وأنا معك، فسرى عنه ».

و قال أحمد في ( مسنده ): « ثنا سفيان، ثنا يزيد بن خصيفة عن بسر ابن سعيد عن أبي سعيد الخدري، قال: كنت في حلقة من حلق الأنصار

__________________

(١). صحيح مسلم ٢ / ٢٧٠.

١٥٧

فجاءنا أبوموسى كأنه مذعور فقال: ان عمر أمرني أن آتيه فأتيته فاستأذنت ثلاثاً فلم يؤذن فرجعت، وقد قال ذلك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من استأذن ثلاثاً ولم يؤذن له فليرجع. فقال: لتجيئن ببيّنة على الذي تقول والا أوجعتك. قال أبو سعيد: فأتانا أبو موسى مذعورا - أو قال: فزعا - فقال: أستشهدكم، فقال ابيّ بن كعب: لا يقوم معك الا أصغر القوم. قال أبوسعيد: وكنت أصغرهم فقمت معه وشهدت أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: من استأذن ثلاثاً وفلم يؤذن له فليرجع»(١) .

و قال أيضاً: « ثنا يزيد: أنبأنا داود عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري، قال: استأذن أبو موسى على عمر ثلاثاً فلم يؤذن له فرجع فلقيه عمر فقال: ما شأنك رجعت؟ قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: من استأذن ثلاثا فلم يؤذن له فليرجع، قال: لتأتين على هذا ببيّنة أو لافعلنّ. ولأفعلن فأتى مجلس قومه فناشدهم الله عز وجل، فقلت: أنا معك فشهدا له بذلك فخلّى سبيلهم».

و قال أيضاً: « ثنا زيد بن هارون قال: أنا داود عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري قال: استأذن أبو موسى على عمر (رض) ثلاثاً فلم يؤذن له فرجع فلقيه عمر (رض) فقال: ما شأنك رجعت؟ قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: من استأذن ثلاثاً ولم يؤذن له فليرجع. فقال: لتأتينّ على هذه ببيّنة أو لافعلنّ ولافعلنّ فأتى مجلس قومه فناشدهم الله تعالى، فقلت: أنا معك، فشهدوا له فخلّى سبيله ».

و قال أبومحمد عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي السمرقندي في ( مسنده ): « أخبرنا أبو النعمان ثنا يزيد بن زريع ثنا داود عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري أن أباموسى الاشعري استأذن على عمر ثلث مرات فلم يؤذن له فرجع فقال: ما رجعك؟ قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

__________________

(١). مسند أحمد بن حنبل ٣ / ٦.

١٥٨

يقول: اذا استأذن المستأذن ثلث مرات فان أذن له والا فيرجع، فقال: لتأتينّ بمن يشهد معك أو لافعلنّ ولافعلنّ. قال أبوسعيد: وأتانا وأنا في قوم من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في المسجد وهو فزع من وعيد عمر إياه فقام علينا فقال: أنشد الله منكم رجلا سمع ذلك من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الا شهد لي به، قال: فرفعت رأسي فقلت: أخبره أني معك على هذا، وقال ذاك آخرون فسرى عن أبي موسى ».

وقال البخاري في ( الصحيح ): « حدثنا محمد بن سلام: أخبرنا مخلد بن يزيد أخبرنا ابن جريح قال: أخبرني عطاء عن عبيد بن عمير أنّ أبا موسى الاشعري استأذن على عمر بن الخطاب فلم يؤذن وكأنه كان مشغولا فرجع أبو موسى ففرغ عمر فقال: ألم أسمع صوت عبد الله بن قيس، ائذنوا له، قيل: قد رجع فدعاه فقال: كنا نؤمر بذلك فقال تأتيني على ذلك بالبينة فانطلق الى مجلس الأنصار فسألهم فقالوا: لا يشهد لك على هذا الا أصغرنا أبو سعيد الخدري فذهب بأبي سعيد الخدري فقال عمر: أخفى هذا عليّ من أمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ألهاني الصفق بالأسواق. يعني الخروج الى التجارة ».

و قال أيضاً: « حدثنا علي بن عبد الله حدثنا سفيان حدثنا يزيد بن خصيفة عن بسر بن سعيد عن أبي سعيد الخدري قال: كنت في مجلس من مجالس الأنصار إذ جاء أبوموسى كأنه مذعور فقال: استأذنت على عمر ثلاثاً فلم يؤذن لي فرجعت فقال: ما منعك؟ قلت استأذنت ثلاثاً فلم يؤذن لي فرجعت وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إذا استأذن أحدكم ثلاثاً فلم يؤذن له فليرجع فقال: لتقيمنّ عليه بيّنة، أمنكم أحد سمعه من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟ فقال ابيّ بن كعب والله لا يقوم معك الا أصغر القوم، فكنت أصغر القوم فقمت معه، فأخبرت عمر أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال ذلك. وقال ابن المبارك: أخبرني ابن عيينة حدثني يزيد عن بسر بن سعيد قال: سمعت أبا سعيد بهذا. قال أبو عبد الله: أراد عمر التثبت لا أن لا يجيز خبر

١٥٩

الواحد ».

وقال: « حدثنا مسدّد حدثنا يحيى عن ابن جريح حدثني عطاء عن عبيد بن عمير قال: استأذن أبو موسى على عمر فكأنه وجده مشغولا فرجع فقال عمر: ألم أسمع صوت عبد الله بن قيس ائذنوا له، فدعى له فقال: ما حملك على ما صنعت؟ فقال: انا كنا نؤمر بهذا قال: فأتني على هذا ببينة أو لأفعلن بك. فانطلق الى مجلس من الأنصار فقالوا: لا يشهد الا أصاغرنا ( أصغرنا. ظ ) فقام أبوسعيد الخدري فقال: قد كنا نؤمر بهذا، فقال عمر: خفي عليّ هذا من أمر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . ألهاني الصفق بالأسواق ».

و قال مسلم في ( الصحيح ): « حدّثني أبو الطاهر أخبرني عبد الله بن وهب، ثني عمرو بن الحرث عن بكير بن الأشجع أن بسر بن سعيد حدّثه أنّه سمع أبا سعيد الخدري يقول: كنّا في مجلس عند أبي بن كعب فأتى أبو موسى الاشعري مغضبا حتى وقف فقال: أنشدكم الله هل سمع أحد منكم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: الاستيذان ثلاث فان أذن لك والا فارجع، قال أبي: وما ذاك؟ قال: استأذنت على عمر بن الخطاب أمس ثلاث مرّات فلم يؤذن لي فرجعت ثم جئته اليوم فدخلت عليه فأخبرته أني جئت أمس فسلمت ثلاثاً ثم انصرفت. قال: قد سمعناك ونحن حينئذ على شغل فلو ما استأذنت حتى يؤذن لك؟ قال: استأذنت كما سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قال: فو الله لاوجعن ظهرك وبطنك أو لتأتين بمن يشهد لك على هذا، فقال أبي بن كعب: فو الله لا يقوم معك الا أحدثنا سناً، قم يا أبا سعيد! فقمت حتى أتيت عمر فقلت: قد سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول هذا ».

و قال: « حدّثنا حسين بن حريث أبوعمار ثنا الفضل بن موسى أخبرنا طلحة بن يحيى عن أبي بردة عن أبي موسى الاشعري قال: جاء أبوموسى الى عمر بن الخطاب فقال: السلام عليكم، هذا عبد الله بن قيس، فلم يأذن له، فقال: السلام عليكم، هذا أبوموسى، السلام عليكم هذا

١٦٠