نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ٤

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار16%

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 347

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 347 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 286598 / تحميل: 6654
الحجم الحجم الحجم
نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ٤

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

(٧٤)

رواية البدخشاني

رواه في عدةٍ من مؤلفاته:

ففي ( نزل الأبرار بما صحّ في مناقب أهل البيت الأطهار ) الذي التزم فيه بإيراد الأحاديث الصحيحة فقط:

« وأخرج أحمد وابن جرير والحاكم عن أبي ذررضي‌الله‌عنه أنه قال - وهو آخذ بباب الكعبة: سمعت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: ألا! إن مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها هلك. وفي رواية أُخرى عند الحاكم: غرق، بدل هلك، وهو عند البزار عن عبد الله بن عباس وعبد الله بن الزبير رضي الله عنهما »(١) .

وفي ( مفتاح النجا في مناقب آل العبا ) رواه بطرقٍ عديدة، فقد جاء في الفصل الثاني من الباب الأول: « وأخرج الامام أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني المروزي البغدادي في مسنده، والامام أبو جعفر محمد بن جرير الطبري في تهذيب الآثار والحاكم في المستدرك عن أبي ذر -رضي‌الله‌عنه - أنه قال وهو آخذ بباب الكعبة: سمعت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: ألا إنّ مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجى ومن تخلّف عنها هلك. وعند الطبراني في الكبير عنه: مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح في قوم نوح من ركب فيها نجا ومن تخلّف عنها هلك ومثل باب حطة في بني إسرائيل.

وأخرج الحافظ أبوبكر أحمد بن عمرو بن عبد الخالق البزار البصري عن

___________________

(١). نزل الأبرار: ٦.

١٠١

عبد الله بن عباس وعبد الله بن الزبير والحاكم عن أبي ذر، قالوا: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجى ومن تخلّف عنها غرق ».

وأرسله إرسال المسلّم في صدر كتابه المذكور حيث قال: « أمّا بعد، فلا يخفى أنه ليس لنجاة العقبى ذريعة أقوى من محبة آل المصطفى - عليه من الصلوات ما هو الأزكى ومن التحيات ما هو الأصفى - لأن الله عز وجلّ أوجب محبتهم على كل مؤمن مخلص وموقن خالص حيث قال:( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) و أوصى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيهم كلّ مؤمن من جن وإنس وملك. وقال: مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها هلك»(١) .

وكذا في صدر كتابه الآخر ( تحفة المحبين ) حيث قال: « أمّا بعد، فلا يخفى على أولي النهي أن محبة آل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأصحابه جزء للإِيمان وتعظيم هؤلاء الكرام ركن عظيم للإِيقان، لأنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حثّ على ولائهم ودعا بالخيبة والخسار لأعدائهم، حيث قال: مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها هلك »(٢) .

ترجمته:

وهو: محمد بن رستم ( معتمد خان ) البدخشاني، العالم المحدّث الرجّالي، صاحب المؤلّفات المفيدة، ترجم له في نزهة الخواطر بقوله: الشيخ العالم المحدّث محمد بن رستم بن قباد الحارثي البدخشي، أحد الرجال المشهورين في الحديث والرجال. ثم ذكر كتبه: تراجم الحافظ، مفتاح النجا، نزل الأبرار، تحفة

___________________

(١). مفتاح النجا - مخطوط.

(٢). تحفة المحبين لآل طه وياسين - مخطوط.

١٠٢

المحبين(١) .

كما ترجمنا له في قسم ( حديث الغدير ) من كتابنا.

(٧٥)

رواية محمد صدر العالم

روى حديث السفينة عن أبي ذر وابن عباس وابن الزبير في كتابه ( معارج العلى في مناقب المرتضى ) تحت الآية الرابعة من الآيات النازلة في فضل أهل البيتعليهم‌السلام .

قال: « وأخرج أحمد والحاكم عن أبي ذر، والبزار عن ابن عباس وابن الزبير: أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: إن مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها هلك »(٢) .

ترجمته:

ومحمد صدر العالم من كبار محدّثي أهل السنة في بلاد الهند، أثنى عليه شاه ولي الله الدهلوي في كتابه ( التفهيمات الإِلهية ). وترجم له صاحب نزهة الخواطر قائلاً: « الشيخ الفاضل، أحد العلماء العاملين وعباد الله الصالحين » ثم ذكر مصنّفاته ومنها: ( معارج العلى ). وذكر كلمة الشيخ ولي الله الدهلوي وقصيدته التي أنشأها في تقريظ كتابه المذكور(٣) .

___________________

(١). نزهة الخواطر ٦ / ٢٥٩.

(٢). معارج العلى - مخطوط.

(٣). نزهة الخواطر ٦ / ١١٣.

١٠٣

(٧٦)

رواية ولي الله الدهلوي

رواه في كتابه ( المقدمة السنية ) بقوله: « وعن أبي ذر قال وهو آخذ بباب الكعبة: سمعت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: ألا إن مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها هلك ».

وفي كتابه ( قرة العينين ) في أحاديث في فضل مولانا أمير المؤمنين بقوله: « وقال: مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق. ومثل حطة لبني إسرائيل. أخرج الحاكم هذه الأحاديث كلّها في المستدرك »(١)

ترجمته:

وهو: ولي الله أحمد بن عبد الرحيم العمري الدهلوي المتوفى سنة ١١٧٦، من كبار أئمة أهل السنة في الفقه والحديث في الديار الهندية، وعلى كتبه المدار في تلك الديار، أثنى عليه المترجمون له غاية الثناء ووصفوه بما يفوق الحد والحصر، خلّف أولاداً وأحفاداً مشهورين توجد ترجمته في:

١ - أبجد العلوم ٩١٢.

٢ - اليانع الجني ٧٩.

٣ - نزهة الخواطر ٦ / ٣٩٨ - ٤١٥ وهي ترجمة مطوّلة جداً.

وقد ذكرنا نحن ترجمته في ( دراسات في كتاب العبقات ).

___________________

(١). قرة العينين: ١٢٠.

١٠٤

(٧٧)

رواية الحفني

رواه في حاشية الجامع الصغير. قال: « قوله: من ركبها نجا أي: من ركب سفينة نوح نجا، فكذلك من تمسّك بأهل بيتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نجا، بمعنى الاقتداء بهم إن كانوا علماء، وإلّا فبمعنى اعتقادهم واحترامهم ومحبّتهم »(١) .

ترجمته:

وهو: محمد بن سالم بن أحمد الحفني المتوفى سنة ١١٨١، من الفقهاء الشافعية، والمحدثين الفضلاء، ومن علماء العربية، له مؤلفات في الفقه والحديث وعلوم العربية والرجال وغيرها من العلوم. توجد ترجمته في سلك الدرر ٤ / ٤٩ وغيره.

(٧٨)

رواية محمد الأمير

روى حديث السفينة في كتابه ( الروضة الندية ) عن عدةٍ من الأعلام، وذلك حيث قال بشرح هذا البيت:

___________________

(١). حاشية الجامع الصغير ٢ / ١٩.

١٠٥

« فغدت عترته من أجلها

عترة المختار نصاً نبوياً »

قال: « وأهل بيتهعليهم‌السلام هم السفينة المشار إليها، فيما أخرجه الحاكم في مستدركه من حديث أبي ذر الغفاري -رضي‌الله‌عنه - عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجى ومن تخلّف عنها هلك. و أخرج الملّا في سيرته من حديث ابن عباس: مثل أهل بيتي كسفينة نوح من ركبها نجى ومن تخلّف عنها غرق. و أخرج ابن السري من حديث عليعليه‌السلام قال: قال رسول الله -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم -: مثل أهل بيتي كسفينة نوح من ركبها نجى ومن تعلّق بها فاز ومن تخلّف عنها زج به في النار. أفاده المحب في الذخائر ».

ترجمته:

وهو: محمد بن إسماعيل بن صلاح بن محمد الحسني الصنعاني، المعروف كأسلافه بالأمير، المتوفى سنة ١١٨٢، كان عالماً مجتهداً متفنناً، له مؤلفات مفيدة تبلغ المائة كتاب توجد ترجمته في:

١ - البدر الطالع ٢ / ١٣٣.

٢ - التاج المكلل ٤١٤.

٣ - أبجد العلوم ٨٦٨.

(٧٩)

رواية محمد الصبّان

رواه في كتابه ( إسعاف الراغبين في سيرة المصطفى وفضائل أهل بيته

١٠٦

الطاهرين ) حيث قال:

« وروى جماعة من أصحاب السنن عن عدّة من الصحابة: أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: مثل أهل بيتي فيكم كسفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها هلك. وفي رواية غرق، وفي أخرى: زجّ في لنار و في أُخرى عن أبي ذر زيادة: وسمعته يقول: إجعلوا أهل بيتي منكم مكان الرأس من الجسد ومكان العينين من الرأس [ فإن الجسد لا يهتدي إلّا بالرأس. صح. ظ ] ولا يهتدي الرأس إلّا بالعينين »(١) .

ترجمته:

وهو: أبو العرفان محمد بن علي الصبان، المتوفى سنة ١٢٠٦، من علماء مصر في العربية والأدب، له فيهما وفي غيرهما من العلوم مؤلَّفات كثيرة. ترجم له في الأعلام ٦ / ٢٩٧ عن عدّة من المصادر.

(٨٠)

رواية الزبيدي

وأورده الزبيدي صاحب ( تاج العروس ) حيث قال: « وفي حديث: مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من تخلّف عنها زخ به في النار. أي دفع ورمي »(٢) .

ترجمته:

وهو: محمد المرتضى بن محمد الحسيني الزبيدي أبو الفيض، المتوفى سنة

___________________

(١). إسعاف الراعبين - هامش نور الأبصار ١٢٣.

(٢). تاج العروس: زخ.

١٠٧

١٢٠٥(١) من كبار المصنفين في الحديث والرجال واللغة، له فيها مؤلفات، من أشهرها: شرحه على القاموس المسمى بتاج العروس، وشرحه على إحياء العلوم المسمى بإتحاف السادة المتقين. له ترجمة حسنة في ( أبجد العلوم ) ذكرنا خلاصتها في قسم ( حديث الثقلين ).

(٨١)

رواية العجيلي الحفظي

رواه في مواضع عديدة من كتابه ( ذخيرة المآل ) مرسلاً إيّاه إرسال المسلَّم، فمنها قوله في خطبة الكتاب: « بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله الذي جعل أهل البيت كسفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها أهلكه الغرق ».

ومنها: « وهم سفينة النجاة وحبل الاعتصام وقرناء كتاب الله الى ورود الحوض، وقد حثّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على التمسك بهم وركوب سفينتهم والأخذ بهديهم وتقديمهم والتعلّم منهم، وحاشاه أن يأمر بالتمسك بحبل مقطوع، أو ركوب سفينة مخروقة، أو بأخذ هوى مبتدع، أو تقديم ضال، أو تعلم من مخالف لسنته ».

ومنها قوله في ذكر أهل البيتعليهم‌السلام : « وقد عهد إلينا مشرّفهمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن نحبّهم ونحترمهم ونعتقد طهارتهم وفضلهم، وأن لهم عند الله عهداً أن لا يدخل واحداً منهم النار، فهل ترى الحكم عليهم بالهلاك وهم السفينة؟! وتأخيرهم وهم المتقدمون، وتسمية حبهم رفضاً وهو واجب، وترك التمسك بهم وهم حبل الله وقرناه كتابه من الوفاء بالعهود؟! أم خفر ذمة صاحب

___________________

(١). كذا في الأعلام ٧ / ٧٠.

١٠٨

الحوض المورود؟! ».

ومنها قوله: « والمقرّر أن مودة القربى وموالاتهم من العقائد اللازمة، وأن الإعتزاء إليهم والاقتداء بهم هو مذهب إمامي(١) الذي قلّدته في شرائع دينه وبدائع فنونه، فاندراجي في حلّة الاتباع هو الشاهد لصدق التقليد عند النزاع، وكيف وأنا أصلّي عليهم في كلّ صلاة فرضا لازما، وأسأل الهداية إلى صراطهم المستقيم في كل يوم خمس مرّات، وهم حبل الاعتصام وسفينة النجاة، فهل يحسن أن أوثر بهم أحداً أو أستبدل بهم ملتحداً؟! كلّا! والله، بل المزاحمة على - هذا المورد العذب سبيلي، والعضّ بالنواجذ على تلك السنن اعتقادي وقيلي ».

ومنها قوله:

« سفينة تجري وترسي باسمه

ركبت فيها طالباً لرسمه

فاركبوا فيها باسم الله مجراها ومرساها إن ربي لغفور رحيم، وهي تجري بهم في موج كالجبال ونادى نوح ابنه وكان في معزل يا بني! ولم يكن أحد من أبناء الحسنين في معزل لأنهم السفينة نفسها، وهم الألواح والدسر، فهي ناجية منجية، فإنْ يكفر بها هؤلاء فقد وكّلنا بها قوماً ليسوا بها بكافرين! ومن تأمل قوله( إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ) ظهر كمال المغفرة والمرحمة لمن ركب السفينة، فكيف يقول بالهلاك من ليس له إدراك؟! »

ومنها قوله في كلام له: « ومنها: حديث أهل بيتي كسفينة نوح، إلخ. فإذا كان السفينة منجية لمن ركبها من الغرق لزم أن تكون هي ناجية من باب أولى، وإذا حكمنا - والعياذ بالله - بالهلاك لزم أن يكون الصادق الأمين قد غشّ أُمته حيث أمرهم بركوب سفينة مخروقة هالكة! حاشا لله من ذلك! فقد قال: من غشنا ليس منا، والدين النصيحة، فقد نصح وأنصح وأوضحصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ».

___________________

(١). يعني الشافعي.

١٠٩

ومنها:

« وهم السفينة للنجاة وحبّهم

فرض وحبل تمسك وأمان

حاشاه يأمرنا بركب سفينة

مخروقة أم زاغت البصران ».

ومنها قوله:

« سمّاهم فلك النجاة وقلت في

دعواك: قد غرقوا من الطوفان »

ومنها قوله نقلاً عن كتاب ( الأثمار ): « وأهل الحل والعقد من أهل البيتعليهم‌السلام هم الجماعة المطهّرة المعصومة، والسفينة الناجية المرحومة، بالأدلة التفصيلية والإِجمالية النقلية والعقلية، فيجب أن يكون لهم في الفروع الاقتداء وإليهم في الأصول الاعتزاء ».

ومنها قوله:

« فاركب على اسم الله لا تخلَّف

تنجو من الطوفان يوم التلف

ووجه تشبيههم بالسفينة أن من أحبّهم وعظّمهم - شكراً لنعمة مشرفيهم وأخذاً بهدي علمائهم - نجا من ظلمات المخالفات، ومن تخلّف عن ذلك غرق في بحر كفر النعم وهلك في مفاوز الطغيان ».

ومنها قوله: « ومحصّل حديث السفينة وإني تارك فيكم: الحثُّ على التعلّق بحبلهم وحبّهم وعلمهم، والأخذ بهدى علمائهم ومحاسن أخلاقهم وشيمهم، فمن أخذ بذلك نجا من ظلمات المخالفات وأدى شكر النعمة، ومن تخلّف عنهم غرق في بحار الكفر وتيار الطغيان فاستوجب النيران ؛ فقد ورد أن بغضهم يوجب دخول النار، وكلّ عمل بدون ولائهم غير مقبول، وكلّ مسلم عن حبهم مسؤول، وأذاهم على كاهل الصبر محمول ».

ومنها قوله: « ولما أمرنا بتقديمهم فتأخيرهم عن مقاماتهم الشريفة مخالفة للمشروع، ومن مقاماتهم مقارنة القرآن ودوام التطهير من المعاصي والبدع إمّا

١١٠

ابتداءاً وإمّا انتهاء، وجوب التمسك بهم واعتقاد أنهم سفينة ناجية منجية، ومن قال خلاف ذلك فقد أخر من قدّم الله ورسوله »(١) .

ترجمته:

وهو: أحمد بن القادر بن بكري العجيلي الحفظي الشافعي المتوفى سنة ١٢٣٣.

وصفه القنوجي « بالشيخ العلامة المشهور، عالم الحجاز على الحقيقة لا المجاز »(٢) وله ترجمة في:

١ - حلية البشر ١ / ١٨٩.

٢ - الأعلام ١ / ١٥٤.

(٨٢)

رواية محمد مبين اللكهنوي

رواه في كتابه ( وسيلة النجاة ) حيث قال: « وأخرج أحمد في مسنده وابن جرير والحاكم في مستدركه عن أبي ذر الغفاري أنه قال - وهو آخذ بباب الكعبة -: سمعت النبي يقول: ألا إنّ مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجى ومن تخلّف عنها هلك. وهذا أيضاً في المشكاة » ثم ترجمه إلى الفارسية(٣) .

___________________

(١). ذخيرة المآل - مخطوط.

(٢). التاج المكلل ٥٠٩.

(٣). وسيلة النجاة في مناقب السادات ٤٥.

١١١

ترجمته:

وهو: محمد مبين بن محب اللكهنوي الهندي المتوفى سنة ١٢٢٠. ترجم له صاحب نزهة الخواطر بقوله: « الشيخ الفاضل الكبيرمبين بن محب اللكهنوي أحد الفقهاء الحنفية » ثم ذكر كتابه وأرخ وفاته بسنة ١٢٢٥(١) .

(٨٣)

رواية محمد ثناء الله

رواه في كتابه ( سيف مسلول ) وقال مجيباً عن دلالته بما ملخّصه: « إنه وحديث الثقلين لا يدلّان على إمامة أهل البيت، وإنما يدلاّن على وجوب محبتهم والإِهتداء بهديهم ».

ترجمته:

وهو: محمد ثناء الله الهندي، كان عالماً فاضلاً من الحنفية، ومن متكلّمي أهل السنة في بلاد الهند، توفي سنة ١٢١٦، قال في نزهة الخواطر: « الشيخ الامام العالم الكبير العلّامة المحدّث ثناء الله العثماني البني بتي، أحد العلماء الراسخين في العلم، لقّبه الشيخ عبد العزيز بن ولي الله الدهلوي بيهقي الوقت نظراً إلى تبحّره في الفقه والحديث »(٢) .

___________________

(١). نزهة الخواطر ٧ / ٤٠٣.

(٢). نزهة الخواطر ٧ / ١١٢.

١١٢

(٨٤)

رواية محمد سالم الدهلوي

رواه في كتابه ( أصول الإِيمان ) حيث قال: « وفي الحديث: إن مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها هلك ».

ترجمته:

وهو: محمد سالم الدهلوي، قال في نزهة الخواطر: « الشيخ الفاضل أبو الخير محمد سالم بن سلام الله بن شيخ الاسلام الحنفي البخاري الدهلوي، كان من ذرّية الشيخ المحدّث عبد الحق بن سيف الدين البخاري له مصنفات عديدة أشهرها: أصول الإِيمان في حبّ النبي وآله من أهل السعادة والإِيقان »(١) .

(٨٥)

رواية جمال الدين القرشي

رواه في كتابه ( تفريح الأحباب ): « عن أبي ذر: أنه قال - وهو آخذ بباب الكعبة -: سمعت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: ألا إنّ مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجى ومن تخلّف عنها هلك. رواه أحمد ».

___________________

(١). نزهة الخواطر ٧ / ٤٤٠ - ٤٤١.

١١٣

(٨٦)

رواية ولي الله اللكهنوي

رواه في بيان بعض الآيات النازلة في حقّ أهل البيتعليهم‌السلام حيث قال: « وجاء بطرقٍ عديدةٍ يقوّي بعضها بعضاً: إنما مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا، وفي رواية مسلم: ومن تخلّف عنها غرق، وفي رواية هلك و قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنما مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطّة في بني إسرائيل، من دخله غفر له الذنوب. ووجه تشبيههصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أهل بيته بالسفينة: أنّ من أحبهم وعظمهم شكراً لنعمة مشرّفهمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأخذ بهذا نجا من ظلمة المخالفات، ومن تخلّف عن ذلك غرق في بحر كفر النعم وهلك في مفاوز الطغيان »(١) .

ترجمته:

وهو: ولي الله بن حبيب اللكهنوي الهندي المتوفى سنة ١٢٧٠. قال في نزهة الخواطر: « الشيخ الفاضل العلّامة، أحد الاساتذة المشهورين » ثم ذكر مصنفاته وعدّ منها كتابه ( مرآة المؤمنين )(٢) .

___________________

(١). مرآة المؤمنين في مناقب آل سيد المرسلين - مخطوط.

(٢). نزهة الخواطر ٧ / ٥٢٧.

١١٤

(٨٧)

رواية رشيد الدين الدهلوي

رواه في كتابيه ( الحق المبين في فضائل أهل بيت سيد المرسلين ) و ( إيضاح لطافة المقال ) عن عدّةٍ من المصادر، وأجاب عن دلالته على الامامة بزعمه، تبعاً لشيخه عبد العزيز الدهلوي.

ترجمته:

وهو: محمد رشيد الدين خان الدهلوي المتوفى سنة ١٢٤٣، من مشاهير علماء أهل السنة في الكلام والحديث، إشتهر بردوده على الشيعة تبعاً لشيخه المذكور، ترجم له صاحب نزهة الخواطر، وأثنى عليه الثناء الكثير، وذكر تتلمذه على صاحب التحفة وأخويه، حتى صار علماً مفرداً في العلم منقولاً ومعقولاً، ونقل عن صاحب اليانع الجني الثناء عليه وقوله: دأبه الذب عن حمى السنة والجماعة والنكاية في الرافضة المشائيم!! إلى آخر ما قال(١) .

(٨٨)

رواية الحمزاوي

رواه في كتابه ( مشارق الأنوار ) حيث قال: « وأما بيان ما ورد في أهل بيته

___________________

(١). نزهة الخواطر ٧ / ١٧٧.

١١٥

على العمومصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وذريتهم، وبيان أن صلتهم تكون صلة لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فاعلم - وفقنا الله وإياك لخدمة أهل بيتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم -: أن الله قد أمرنا على لسان نبيه بالمودة لأهل بيته بقوله( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) ومن أفراد المودة والصلة زيارتهم مقدماً لهم على غيرهم، متوسلاً بهم إلى شفاعة جدّهم.

قال المحقق ابن حجر: أخرج الديلمي مرفوعاً: من أراد التوسل وأن يكون له عندي يد أشفع له بها يوم القيمة فليصل أهل بيتي ويدخل السرور عليهم. قال: وأخرج الامام أحمد في مسنده عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إني أوشك أن أُدّعى فأجيب وإني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله عزّ وجل حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي، وإن اللطيف الخبير أخبرني أنهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض فانظروا بما ذا خلفتموني فيهما.

وفي رواية: إنما أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركب فيها نجا ومن تخلّف عنها غرق. قال: وفي رواية صححها الحاكم على شرط الشيخين: النجوم أمان لأهل الأرض من الغرق وأهل بيتي أمان لأمتي من الإِختلاف، فإذا خالفتها قبيلة من العرب اختلفوا فصاروا حزب إبليس.

ولعلّ المراد من الغرق ما يلحقهم من العذاب لولا وجودهم كما يدل عليه ما في بعض الروايات: فإذا ذهب أهل بيتي جاء أهل الأرض من العذاب ما كانوا يوعدون. ويحتمل أن المعنى: أن من أحبهم وعمل بمقتضى سنة جدّهم نجا من ظلمة العثار والطغيان، ومن تخلّف عنها غرق في بحر كفر النعمة والبهتان »(١) .

ترجمته:

وهو: حسن العدوي الحمزاوي المتوفى سنة ١٣٠٣ من الفقهاء المالكية،

___________________

(١). مشارق الأنوار في فوز أهل الإعتبار: ٨٦.

١١٦

ومن أساتذة الأزهر بالقاهرة، له: النور الساري من فيض صحيح البخاري، وشرح على الشفا، وغير ذلك. له ترجمة في شجرة النور الزكيّة ٤٠٧.

(٨٩)

رواية زيني دحلان

رواه في كتابه ( الفتح المبين ) معترفاً بصحته على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من طرق كثيرة. وهذا نص عبارته التي جاءت في ذكر فضائل أهل البيت: « وصحّ عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من طرق كثيرة أنه قال: إنما مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجى ومن تخلّف عنها غرق. وفي رواية: هلك. ومثل أهل بيتي فيكم كمثل باب حطة في بني إسرائيل من دخله غفر له ».

ترجمته:

وهو: أحمد زيني دحلان المتوفى سنة ١٣٠٤ فقيه مؤرخ، ولد بمكة وتولى فيها الإفتاء والتدريس، وله تصانيف منها ( الفتح المبين في فضائل الخلفاء الراشدين وأهل البيت الطاهرين ) طبع بهامش سيرته المعروفة بالسيرة الدحلانية. وله رسالة في الرد على الوهابية ترجم له في الأعلام ١ / ١٣٠ ومعجم المؤلفين ٢ / ٢٢٩.

١١٧

(٩٠)

رواية الشبلنجي

رواه في كتابه ( نور الأبصار ) حيث قال: « وروى جماعة من أصحاب السنن عن عدّة من الصحابة: أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجى ومن تخلّف عنها هلك. وفي رواية: غرق وفي أخرى: زج في النار »(١) .

ترجمته:

وهو: مؤمن بن حسن مؤمن الشبلنجي، المتوفى بعد سنة ١٣٠٨. من العلماء الفضلاء، له مؤلفات. منها: ( نور الأبصار في مناقب آل بيت النبي المختار ). له ترجمة في الأعلام ٧ / ٣٣٤ ومعجم المؤلفين ١٣ / ٥٣.

(٩١)

رواية البلخي

رواه في أبواب من كتابه ( ينابيع المودة ) من عدّة من كبار الأئمة والحفّاظ قال: « الباب الرابع - في حديث سفينة نوح، وباب حطة بني إسرائيل، وحديث الثقلين، وحديث يوم الغدير:

___________________

(١). نور الأبصار ١٠٥.

١١٨

في مشكاة المصابيح عن أبي ذررضي‌الله‌عنه أنه قال - وهو آخذ بباب الكعبة -: سمعت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: إن مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها هلك. رواه أحمد.

وفي جمع الفوائد: إبن الزبير رفعه: مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تركها غرق. للبزار ، و زاد في الأوسط: وإنما مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطّة من دخله غفر له. أبو الطفيل عن أبي ذر وهو آخذ بباب الكعبة رفعه: إن مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها هلك، وإن مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطة في بني إسرائيل من دخله غفر له. أخرجه الطبراني في الأوسط والصغير وأبو يعلى وأحمد بن حنبل عن أبي ذر. انتهى جمع الفوائد.

أيضاً: أخرج البزار وابن المغازلي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس. وعن سلمة بن الأكوع، وعن ابن المعتمر عن أبي ذر، وعن سعيد بن المسيب عن أبي ذر. وأيضا: أخرجه الحمويني عن أبي سعيد الخدري بزيادة: وإنما مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطة في بني إسرائيل من دخله غفر له.

أيضاً: أخرجه أبو يعلى والبزار والطبراني في الأوسط والصغير عن أبي سعيد الخدري حديث السفينة وباب حطة.

أيضاً: ابن المغازلي أخرجه عن أبي ذر حديث السفينة والحطة.

أيضاً: الحمويني أخرجه عن حنش بن المعتمر عن أبي ذر. وأخرجه المالكي في الفصول المهمة عن رافع مولى أبي ذر.

وأخرج أيضاً حديث السفينة الثعلبي والسمعاني أيضاً عن سليم بن قيس الهلالي قال: بينما أنا وحنش بن معتمر بمكة، إذ قام أبوذر وأخذ بحلقة باب الكعبة فقال: من عرفني فقد عرفني فمن لم يعرفني فأنا جندب بن جنادة أبوذر فقال: أيها الناس إني سمعت نبيكمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: مثل أهل بيتي

١١٩

فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تركها هلك ويقول: مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطة في بني إسرائيل من دخله غفر له. ويقول: إني تارك فيكم ما إنْ تمسكتم به لن تضلّوا كتاب الله وعترتي ولن يفترقا حتى يردا على الحوض.

الحمويني في فرائد السمطين بسنده عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا علي أنا مدينة العلم وأنت بابها ولن تؤتى المدينة إلّا من قبل الباب، وكذب من زعم أنه يحبني ويبغضك لأنك مني وأنا منك، لحمك لحمي ودمك دمي وروحك من روحي وسريرتك من سريرتي وعلانيتك من علانيتي، سعد من أطاعك وشقي من عصاك، وربح من تولاك وخسر من عاداك، فاز من لزمك وهلك من فارقك، مثلك ومثل الأئمة من ولدك بعدي مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق، ومثلكم كمثل النجوم كلّما غاب نجم طلع نجم إلى يوم القيامة ».

وقال في الباب السادس والخمسين نقلاً عن كنوز الحقائق للمناوي: « مثل عترتي كسفينة نوح من ركبها نجا. للثعلبي ».

وفيه عن الجامع الصغير: « إن مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها هلك. للحاكم عن أبي ذر ».

وفيه نقلاً عن الكتاب المذكور: « مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق. للبزار عن ابن عباس وعن ابن الزبير وللحاكم عن أبي ذر.

وفيه عن ذخائر العقبى: « وعن علي مرفوعاً: مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تعلّق بها فاز ومن تخلّف عنها زج في النار. أخرجه ابن السري. و عن ابن عباس مرفوعا: مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق. أخرجه الملّا في سيرته ».

وفيه عن مودة القربى: « عليعليه‌السلام رفعه: مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح من تعلّق بها نجا ومن تخلّف عنها أولج في النار ».

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

فالآيات تشرح حالهم بإمعان وتخبر بأنّهم « لا يقاتلونكم » معاشر المؤمنين جميعاً إلاّ في قرى محصنة ، أي لا يبرزون لحربكم خوفاً منكم ، وإنّما يقاتلونكم متدرّعين بحصونهم ، أو « من وراء جدر » ، أي يرمونكم من وراء الجدر بالنبل والحجر.

( بأسهم بينهم شديد ) ، والمراد من البأس هو العداء ، أي عداوة بعضهم لبعض شديدة ، فليسوا متّفقي القلوب ، ولذلك يعقبه بقوله :( وقلوبهم شتى ) ، ثمّ يعلل ذلك بقوله :( ذلك بأنّهم لا يعقلون ) .

ثمّ يمثّل لهم مثلاً ، فيقول : إنّ مثلهم في اغترارهم بعددهم وعدّتهم وقوتهم( كمثل الذين من قبلهم ) ، والمراد مشركو قريش الذين قتلوا ببدر قبل جلاء بني النضير بستة أشهر ، ويحتمل أن يكون المراد قبيلة بني قينقاع حيث نقضوا العهد فأجلاهم رسول الله بعد رجوعه من بدر.

فهؤلاء( ذاقوا وبال أمرهم ) ، أي عقوبة كفرهم ولهم عذاب أليم.

٢٦١

الحشر

٥٢

التمثيل الثاني والخمسون

( كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إذْ قَالَ للاِنْسانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنّي بَرِيءٌ مِنكَ إِنّي أَخَافُ اللهَ رَبَّ العَالَمِينَ ) .(١)

تفسير الآية هذه الآية أيضاً ناظرة إلى قصة بني النضير ، فلمّا تآمروا على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أمرهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بالجلاء ، ولكنّ المنافقين وعدوهم بالنصر ، فقالوا لهم :( لئن أخرجتم لنخرجنّ معكم ولا نطيع فيكم أحداً أبداً وإن قوتلتم لننصرنكم ) .

ولكن كان ذلك الوعد كاذباً ، ولذلك يقول سبحانه :( والله يشهد انّهم لكاذبون ) وآية كذبهم :( لَئِنْ أُخْرِجُوا لاَ يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لاَ يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الأدْبارَ ثُمَّ لاَ يُنْصَرُون ) .(٢)

ولقد صدق الخبر الخبر ، فأجلاهم الرسول بقوة وشدة ، فما ظهر منهم أي نصر ومؤازرة ودعم ، فكان وعدهم كوعد الشيطان ، إذ قال للإنسان أكفر فلمّا كفر قال إنّي بريء منك إنّي أخاف الله ربّ العالمين ، بمعنى انّه أمره بالكفر ولكنّه تبرّأ منه في النهاية.

وهل المخاطب في قوله : « اكفر » مطلق الإنسان الذي ينخدع بأحابيل

__________________

١ ـ الحشر : ١٦.

٢ ـ الحشر : ١٢.

٢٦٢

الشيطان ووعوده الكاذبة ثمّ يتركه ويتبرّأ منه ، أو المراد شخص معين ؟ وجهان.

فلو قلنا بالثاني ، فقد وعد الشيطان قريشاً بالنصر في غزوة بدر ، كما يحكي عنه سبحانه ، ويقول( وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ وَقالَ لاَ غالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النّاسِ وَإِنّي جارٌ لَكُمْ فَلَمّا تَراءَتِ الْفِئَتانِ نَكَصَ عَلى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنّي بَرِىءٌ مِنْكُمْ إِنّي أَرى ما لاَ تَرَوْنَ إِنّي أَخافُ اللهَ وَاللهُ شَدِيدُ العِقابِ ) .(١)

وهناك قول ثالث ، وهو انّ الشيطان وعد عابداً من بني إسرائيل اسمه برصيصا حيث انخدع بالشيطان وكفر ، وفي اللحظات الحاسمة تبرّأ الشيطان منه. ذكر المفسرون انّ برصيصا عبد الله زماناً من الدهر حتى كان يؤتى بالمجانين يداويهم ويعوّذهم فيبرأون على يده ، وانّه أُتِي بامرأة في شرف قد جنّت وكان لها إخوة فأتوه بها ، فكانت عنده ، فلم يزل به الشيطان يزيّن له حتى وقع عليها ، فحملت ، فلمّا استبان حملها قتلها ودفنها ، فلمّا فعل ذلك ذهب الشيطان حتى لقي أحد إخوتها ، فأخبره بالذي فعل الراهب وانّه دفنها في مكان كذا ، ثمّ أتى بقية إخوتها رجلاً رجلاً فذكر ذلك له ، فجعل الرجل يلقى أخاه ، فيقول : والله لقد أتاني آت فذكر لي شيئاً يكبر عليّ ذكره ، فذكر بعضهم لبعض حتى بلغ ذلك ملكهم ، فسار الملك والناس فاستنزلوه فأقرّ لهم بالذي فعل ، فأمر به فصلب ، فلمّا رفع على خشبته تمثّل له الشيطان ، فقال : أنا الذي ألقيتك في هذا ، فهل أنت مطيعي فيما أقول لك ، أخلصك مما أنت فيه ؟ قال : نعم ، قال : اسجد لي سجدة واحدة ، فقال : كيف أسجد لك وأنا على هذه الحالة ، فقال : اكتفي منك بالإيماء فأوحى له بالسجود ، فكفر بالله ، وقتل الرجل.(٢)

__________________

١ ـ الأنفال : ٤٨.

٢ ـ مجمع البيان : ٥ / ٢٦٥.

٢٦٣

الحشر

٥٣

التمثيل الثالث والخمسون

( لَوْ أَنْزَلْنا هذَا القُرآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأيْتَهُ خَاشِعاً مُتَصَدّعاً مِنْ خَشْيَةِ الله وَتِلْكَ الأمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ) .(١)

تفسير الآية

« الخشوع » : الضراعة ، وأكثر ما يستعمل الخشوع فيما يوجد على الجوارح على عكس الضراعة ، فانّ أكثر ما تستعمل فيما يوجد في القلب ، وقد روي إذا ضرع القلب خشعت الجوارح.

ويؤيد ما ذكره انّه سبحانه ينسب الخشوع إلى الأصوات والأبصار ، ويقول :( وخشعت الأصوات ) ،( خاشعة أبصارهم ) ، (أبصارهم خاشعة ) .

ولو أردنا أن نُعرّفه ، فنقول : هو عبارة عن السكينة الحاكمة على الجوارح مستشعراً بعظمة الخالق.

و « التصدع » : التفرق بعد التلاؤم.

إنّ للمفسرين في تفسير الآية رأيين :

أحدهما : انّه لو أنزلنا هذا القرآن على جبل ، مع ما له من الغلظة والقسوة

__________________

١ ـ الحشر : ٢١.

٢٦٤

وكبر الجسم وقوة المقاومة قبال النوازل ، لتأثّر وتصدّع من خشية الله ، فإذا كان هذا حال الجبل ، فالإنسان أحقّ بأن يخشع لله إذا تلا آياته.

فما أقسى قلوب هؤلاء الكفّار وأغلظ طباعهم حيث لا يتأثرون بسماع القرآن واستماعه وتلاوته.

ثانيهما : انّ كلّ من له حظّ في الوجود فله حظ من العلم والشعور ، ومن جملتها الجبال فلها نوع من الإدراك والشعور ، كما قال سبحانه :( وَإِنَّ مِنَ الحِجارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ المَاءُ وَإِنَّ مِنْها لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ ) .(١)

فعلى هذا ، فمعنى الآية انّ هذا القرآن لو نزل على جبل لتلاشى وتصدّع من خشية الله ، غير انّه لم ينزل عليه.

وعلى كلا المعنيين ، فليست الآية من قبيل التمثيل أي تشبيه شيء بشيء ، بل من قبيل وصف القرآن وبيان عظمته بما يحتوى من الحقائق والأصول ، وإنّها على الوصف التالي : « لو أنزلناه على جبل لصار كذا وكذا ».

نعم يمكن أن يعد لازم معنى الآية من قبيل التشبيه ، وهو انّه سبحانه يشبّه قلوب الكفّار والعصاة الذين لا يتأثرون بالقرآن بالجبل والحجارة ، وانّ قلوبهم كالحجارة لو لم تكن أكثر صلابة ، بشهادة انّ الحجارة يتفجر منها الأنهار أو تهبط من خشية الله ، فلأجل ذلك جعلنا الآية من قبيل التمثيل وإن كان بلحاظ المعنى الالتزامي لها.

__________________

١ ـ البقرة : ٧٤.

٢٦٥

الجمعة

٥٤

التمثيل الرابع والخمسون

( مَثَلُ الّذينَ حُمّلُوا التُّوراةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوها كَمَثَلِ الحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً بِئْسَ مَثَلُ القَوْمِ الّذينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللهِ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَومَ الظّالِمِين ) .(١)

تفسير الآية

« الأسفار » : السَّفر : كشف الغطاء ، ويختص ذلك بالاَعيان نحو سَفَرَ العمامة عن الرأس ، والخمار عن الوجه ، إلى أن قال : والسّفْر الكتاب الذي يسفر عن الحقائق وجمعه أسفار.(٢)

ذكر المفسرون انّه سبحانه لما قال : إنّه بعثه إلى الاَُميّين أخذت اليهود الآية ذريعة لاِنكار سعة رسالته ، وقالوا : إنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله بعث إلى العرب خاصة ولم يبعث إليهم ، فعند ذلك نزلت الآية وشبّهتهم بالحمار الذي يحمل أسفاراً لا ينتفع منها ، إذ جاء في التوراة نعت الرسول والبشارة بمقدمه والدخول في دينه.

مضافاً إلى أنّه يمثل حال من يفهم معاني القرآن ولا يعمل به ويعرض عنه إعراض من لا يحتاج إليه ، والمراد من قوله( حُمّلُوا ) أي كلّفوا بالقيام بها ، وقيل :

__________________

١ ـ الجمعة : ٥.

٢ ـ مفردات الراغب : مادة «سفر ».

٢٦٦

ليس هو من الحمل على الظهر ، وإنّما هو من الحمالة بمعنى الكفالة والضمان ، ولذا قيل للكفيل : الحميل ، والمراد والذين ضمنوا أحكام التوراة ، ثمّ لم يحملوها ، أي لم يأدّوا حقها ولم يحملوها حق حملها ، فهؤلاء أشبه بالحمار ، كما قال :( كَمَثَلِ الحِمار يَحْمِلُ أَسْفاراً ) .

وانتخب الحمار من بين سائر الحيوانات لما فيه من الذل والحقارة ما ليس في غيره بل والجهل والبلادة ، مضافاً إلى المناسبة اللفظية الموجودة بين لفظ الأسفار والحمار.

فعلى كلّ تقدير فالآية تندّد باليهود ، وفي الوقت نفسه تحذر عامة المسلمين في أن لا يكون حالهم حال اليهود ، في عدم الانتفاع بالكتاب المنزل الذي فيه دواء كلّ داء وشفاء لما في الصدور.

وللأسف الشديد أصبح القرآن بين المسلمين مهجوراً ، إذ يتبرك به في العرائس ، أو يجعل تعاويذ للأطفال ، أو زينة الرفوف ، أو يقرأ في القبور إلى غير ذلك ممّا أبعد المسلمين عن النظر في القرآن بتدبّر.

ثمّ إنّه سبحانه يصف اليهود المكذبة للقرآن وآياته ، بقوله :( بِئْسَ مَثَلُ القَومِ الّذينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللهِ وَاللهُ لا يَهْدِي القَوم الظالِمين ) .

٢٦٧

التحريم

٥٥

التمثيل الخامس والخمسون

( ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِلّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوط كانَتا تَحْتَ عَبْدَينِ مِنْ عِبادِنا صالِحَينِ فَخانَتاهُما فَلَمْ يُغْنِيا عَنْهُما مِنَ اللهِ شَيئاً وَقيلَ ادْخُلا النّارَ مَعَ الدّاخِلين ) .(١)

تفسير الآية

إنّ إحدى الأساليب التربوية هي عرض نماذج واقعية لمن بلغ القمة في مكارم الأخلاق وجلائلها أو سقط في حضيض مساوئ الأخلاق ، والقرآن في هذه الآية يعرض زوجتين من زوجات الأنبياء ابتليتا بالنفاق والخيانة ولم ينفعهما قربهما من أنبياء الله.

ثمّ إنّ الحافز لهذا التمثيل هو التنديد بزوجتي الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله اللّتين اشتركتا في إفشاء سره ، والغرض هو إيقافهما على أنّهما لا تنجوان من العذاب لمجرد مكانتهما من الرسول كما لم ينفع زوجة نوح ولوط ، فواجهتا العذاب الأليم.

يذكر سبحانه في هذه الصورة قصة إفشاء سرّ النبي بواسطة بعض أزواجه يقول :( وَإِذْ أَسَـرَّ النَّبِيُّ إِلى بَعْضِ أَزْواجِهِ حَديثاً فَلَمّـا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللهُ عَلَيْهِ

__________________

١ ـ التحريم : ١٠.

٢٦٨

عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمّا نَبَّأَها بِهِ قالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هذا قالَ نَبَّأَنِي الْعَلِيمُ الخَبير ) .(١)

وهذه الآية على اختصارها تشتمل على مطالب :

١. انّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أسرّ إلى بعض أزواجه حديثاً ، كما يقول سبحانه :( وإذ أسرّ النبي إلى بعض أزواجه حديثاً ) ، وأمّا ما هو السر الذي أسرّه إليها فغير واضح ، ولا يمكن الاعتماد بما ورد في التفاسير من تحريم العسل على نفسه وغيره.

٢. انّ هذه المرأة التي أسرّ إليها النبي لم تحتفظ بسره وأفشته ، فحدّثت به زوجة أخرى ، كما يقول سبحانه :( فلمّا نبّأت به ) ، والمفسرون اتفقوا على أنّ الأولى منهما هي حفصة والثانية هي عائشة.

وبذلك أساءت الصحبة وأفشت سر الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، مع أنّ واجبها كان كتم هذا السر.

٣. انّه سبحانه أخبر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله به ، كما يقول سبحانه :( وأظهره الله عليه ) أي أطلعه الله عليه.

٤. انّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله عرّف حفصة ببعض ما ذكرت وأعرض عن ذكر كلّ ما أفشت ، وكانصلى‌الله‌عليه‌وآله قد علم جميع ذلك ولكنّه أخذ بمكارم الأخلاق ، فلم يذكر لها جميع ما صدر منها ، والتغافل من خلق الكرام ، وقد ورد في المثل : « مااستقصى كريم قط ».

٥. لما أخبر رسول الله حفصة بما أظهره الله عليه سألت ، وقالت : من أخبرك بهذا؟ فأجاب الرسول : نبّأني العليم الخبير ، كما يقول سبحانه :( فلمّا نبّأها به

__________________

١ ـ التحريم : ٣.

٢٦٩

قالت من أنبأك هذا قال نبّأني العليم الخبير ) .

وبما انّ مستمع السر كمفشيه عاص ، يعود سبحانه يندّد بهما ويأمرهما بالتوبة ، لأجل ما كسبت قلوبهما من الآثام ، وانّه لو لم تكُفَّا عن إيذاء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فاعلما انّ الله يتولّـى حفظه ونصرته ، وأمين الوحي معين له وناصر يحفظه ، وصالح المؤمنين وخيارهم يؤيدونه ، وبعدهم ملائكة الله من أعوانه. كما يقول سبحانه :( ان تتوبا فقد صغت قلوبكما ) أي مالت إلى الإثم ، وإن تظاهرا عليه أي تعاونا على إيذاء النبي ، فانّ الله مولاه وجبرئيل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير.

هاتان الآيتان توقفنا على مكانة الزوجتين من القيام بوظائف الزوجية ، حيث إنّ حفظ الاَمانة من واجب الزوجة حيال زوجها ، كما أنّ الآية الثانية تعرب عن مكانتهما عند الله سبحانه حيث تجعلهما على مفترق الطرق : إمّا التوبة لأجل الإثم ، وإمّا التمادي في غيّهما وإحباط كلّ ما تهدفان إليه ، لأنّ له أعواناً مثل ربه والملائكة وصالح المؤمنين.

وبما انّ السورة تكفّلت بيان تلك القصة ناسب أن يمثل سبحانه حالهما بزوجتين لرسولين أذاعتا سرهما وخانتاهما.إذ لم تكن خيانتهما خيانة فجور لما ورد : ما بغت امرأة نبي قط ، وإنّما كانت خيانتهما في الدين.

قال ابن عباس : كانت امرأة نوح كافرة تقول للناس : إنّه مجنون ، وإذا آمن بنوح أحد أخبرت الجبابرة من قوم نوح ، كما أنّ امرأة لوط دلّت على أضيافه.

وعلى كلّ حال فقد شاركت هذه الزوجات الأربع في إذاعة أسرار أزواجهنّ ، وبذلك صرن نموذجاً بارزاً للخيانة.

وقد كنَّ يتصورنّ انّ صلتهن بالرسل تحول دون عذاب الله ، ولم يقفن على أنّ

٢٧٠

مجرد الصلة لا تنفع مالم يكن هناك إيمان وعمل صالح ، قال سبحانه :( فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَومَئِذٍ ) (١) وقال سبحانه مخاطباً بني آدم :( يا بَنِى آدَمَ إمّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آياتِي فَمَنِ اتَّقى وَأَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ) .(٢)

ومن هنا تقف على أنّ صحبة الرسول لا تنفع مالم يضم إليه إيمان خالص وعمل صالح ، فلا تكون مجالسة الرسول دليلاً على العدالة ولا على النجاة ، وأصحاب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أمام الله سبحانه كالتابعين يحكم عليهم بما يحكم على التابعين ، فكما أنّ الصنف الثاني بين صالح وطالح ، فهكذا الصحابة بين صالح وطالح.

__________________

١ ـ المؤمنون : ١٠١.

٢ ـ الأعراف : ٣٥.

٢٧١

التحريم

٥٦

التمثيل السادس والخمسون

( وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِلّذِينَ آمَنُوا امرأتَ فِرْعَون إذْ قالَتْ رَبّ ابنِ لي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الجَنّةِ وَنَجّني مِنْ فِرْعَونَ وَعَمَلِهِ وَنَجّني مِنَ الْقَومِ الظّالِمين * وَمَرْيم ابْنَتَ عِمْرانَ الّتي أحصَنَت فَرْجَها فَنَفَخْنا فِيهِ مِنْ رُوحِنا وَصَدَّقت بِكَلِماتِ رَبّها وَكُتُبهِ وَكانَتْ مِنَ الْقانِتين ) .(١)

تفسير الآيات

« الحصن » : جمعه حصون وهي القلاع ، ويطلق على المرأة العفيفة ، لأنّها تحصّن نفسها بالعفاف تارة وبالتزويج أخرى.

القنوت : لزوم الطاعة مع الخضوع ، قوله :( كُلّ لَهُ قانِتُون ) أي خاضعون.

لما مثّل القرآن بنماذج بارزة للفجور من النساء أردفه بذكر نماذج أخرى للتقوى والعفاف من النساء بلغن من التقوى والإيمان منزلة عظيمة حتى تركن الحياة الدنيوية ولذائذها وعزفن عن كل ذلك بغية الحفاظ على إيمانهنّ ، وقد مثل القرآن بآسية بنت مزاحم امرأة فرعون ، فقد بلغت من الإيمان والتقوى بمكان انّها طلبت من الله سبحانه أن يبني لها بيتاً في الجنة ، فقد آمنت بموسى لمّا رأت معاجزه

__________________

١ ـ التحريم : ١١ ـ ١٢.

٢٧٢

الباهرة ودلائله الساطعة ، فأظهرت إيمانها غير خائفة من بطش فرعون وقد نقل انّه وتدها بأربعة أوتاد واستقبل بها الشمس.

هذه هي المرأة الكاملة التي ضحّت في سبيل عقيدتها واستقبلت الشهادة بصدر رحب ولم تعر للدنيا وزخارفها أيّة أهمية ، وكان هتافها حينما واجهت الموت قولها :( ربّ ابن لي عندك بيتاً في الجنة ونجّني من فرعون وعمله ونجّني من القوم الظالمين ) .

فقولها : « عندك » ، يهدف إلى القرب من رحمة الله ، وقولها : « في الجنة » يبين مكان القرب.

فقد اختارت جوار ربها والقرب منه وآثرت بيتاً يبنيه لها ربها على قصر فرعون الذي كان يبهر العقول ، ولكن زينة الحياة الدنيا عندها نعمة زائلة لا تقاس بالنعمة الدائمة.

ثمّ إنّه سبحانه يضرب مثلاً آخر للمؤمن ات مريم ابنة عمران ، ويصفها بقوله :( ومريم ابنة عمران التي أحصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا وصدّقت بكلمات ربّها وكتبه وكانت من القانتين ) .

ترى أنّه سبحانه يصفها بالصفات التالية :

١.( أحصنت فرجها ) فصارت عفيفة كريمة وهذا بإزاء ما افتعله اليهود من البهتان عليها ، كما يعرب عنه قوله سبحانه :( وَقَوْلِهِمْ عَلى مَرْيَمَ بُهْتاناً عَظِيماً ) (١) وفي سورة الأنبياء قوله :( وَالّتي أَحْصَنَتْ فَرْجَها فَنَفَخْنَا فِيها مِنْ رُوحِنا ) .(٢)

__________________

١ ـ النساء : ١٥٦.

٢ ـ الأنبياء : ٩١.

٢٧٣

٢.( فنفخنا فيه من روحنا ) : أي كونها عفيفة محصّنة صارت مستحقة للثناء والجزاء ، فأجرى سبحانه روح المسيح فيها ، وإضافة الروح إليه إضافة تشريفية ، فهي امرأة لا زوج لها انجبت ولداً صار نبياً من أنبياء الله العظام.

وقد أُشير إلى هذين الوصفين في سورة الأنبياء ، قال سبحانه :( وَالّتي أَحْصَنَتْ فَرْجَها فَنَفَخْنَا فِيها مِنْ رُوحِنا وَجَعَلْناها وَابْنَها آيَةً لِلْعالَمِين ) .

وهناك اختلاف بين الآيتين ، فقد جاء الضمير في سورة الأنبياء مؤنثاً فقال :( فنَفخنا فيها من روحنا ) وفي الوقت نفسه جاء في سورة التحريم مذكراً( فنفخنا فيه من روحنا ) .

وقد ذكر هنا وجه وهو :

إنّ الضمير في سورة الأنبياء يرجع إلى مريم ، وأمّا المقام فإنّما يرجع إلى عيسى ، أي فنفخنا فيه حتى أنّ من قرأه « فيها » أرجع الضمير إلى نفس عيسى والنفس مؤنثة.

أقول : هذا لا يلائم ظاهر الآية ، لأنّه سبحانه بصدد بيان الجزاء لمريم لأجل صيانة فرجها ، فيجب أن يعود الجزاء إليها ، فالنفخ في عيسى يكون تكريماً لعيسى ولا يعد جزاءً لمريم.

٣.( صدَّقت بكلمات ربّها وكتبه ) : ولعل المراد من الكلمات الشرائع المتقدمة ، والكتب : الكتب النازلة ، كما يحتمل أن يكون المراد الوحي الذي لم يكن على شكل كتاب.

٤.( وكانت من القانتين ) : أي كانت مطيعة لله سبحانه ، ومن القوم المطيعين لله الخاضعين له الدائمين عليه ، وقد جيء بصيغة المذكر تغليباً ، يقول

٢٧٤

سبحانه :( يا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرّاكِعين ) .(١)

ونختم البحث بذكر ثلاث روايات :

١. روى الطبري ، عن أبي موسى ، عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : « كمل من الرجال كثير ، ولم يكمل من النساء إلاّ أربع : آسية بنت مزاحم امرأة فرعون ، ومريم بنت عمران ، وخديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ».(٢)

٢. أخرج الحاكم ، عن ابن عباس قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « أفضل نساء أهل الجنة : خديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ومريم بنت عمران ، وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون مع ما قص الله علينا من خبرهما في القرآن( قالت ربّ ابن لي عندك بيتاً في الجنّة ) ».(٣)

٣. أخرج الطبراني ، عن سعد بن جنادة ، قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « إنّ الله زوجني في الجنة : مريم بنت عمران ، وامرأة فرعون ، وأُخت موسى ».

__________________

١ ـ آل عمران : ٤٣.

٢ ـ مجمع البيان : ٥ / ٣٢٠.

٣ ـ و ٤. الدر المنثور : ٨ / ٢٢٩.

٢٧٥

الملك

٥٧

التمثيل السابع والخمسون

( أَمَّنْ هذا الّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَه بَل لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ * أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبّاً على وَجْههِ أَهْدى أَمَّن يَمْشِي سَوِيّاً عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيم ) .(١)

تفسير الآيات

« لجّ » : من اللجاج : التمادي والعناد في تعاطي الفعل المزجور عنه.

« عُتُوّ » : التمرّد.

« النفور » : التباعد عن الحقّ.

« مكب » : من الكبو ، وهو إسقاط الشيء على وجهه ، قال سبحانه :( فَكُبَّتْ وُجُوهُهُم فِي النّار ) . ومنه قوله : « إنّ الجواد قد يكبو » أي قد يسقط ، والمراد هنا بقرينة مقابله :( يمشي سوياً ) ، أي من يمشي ووجهه إلى الأرض لا الساقط. وقال الطبرسي : أي منكساً رأسه إلى الأرض ، فهو لا يبصر الطريق ولا من يستقبله.

وأمّا الآيات فقد جاءت بصيغة السؤال بين الضالين الذين لجّوا في عتو ونفور وظلّوا متمسّكين بالأوثان والأصنام ، وبين المهتدين الذين يمشون في جادة

__________________

١ ـ الملك : ٢١ ـ ٢٢.

٢٧٦

 التوحيد ولا يعبدون إلاّ الله القادر على كلّ شيء.

فمثل هؤلاء مثل من يمشي على أرض متعرجة غير مستوية يكثر فيها العثار ، وبالتالى يسقط الماشي مكباً على وجهه ، ومن يمشي على جادة مستوية مستقيمة ليس فيها عثرات ، فيصل إلى هدفه بسهولة.

فالاختلاف بين هاتين الطائفتين ليس في كيفية المشي ، وإنّما الاختلاف في طريقهم حيث إنّ طرق الكفّار ملتوية متعرجة فيها عقبات كثيرة ، وطريق المهتدين مستقيمة لا اعوجاج فيها ، فعاقبة المشي في الطريق الأوّل هو الانكباب على الأرض ، وعاقبة المشي في الطريق الثاني هو الوصول إلى الهدف ، فتأويل الآية : أفمن يمشي على طريق غير مستقيم بل متعرج ملتوٍ مكبّاً على وجهه أهدى أم من يمشي على صراط مستقيم بقامة مستقيمة.

قال العلاّمة الطباطبائي : والمراد أنّهم بلجاجهم في عتوّ عجيب ونفور من الحقّ ، كمن يسلك سبيلاً وهو مكب على وجه لا يرى ما في الطريق من ارتفاع وانخفاض ومزالق ومعاثر ، فليس هذا السائر كمن يمشي سوياً على صراط مستقيم ، فيرى موضع قدمه وما يواجهه من الطريق على استقامة ، وما يقصده من الغاية ، وهؤلاء الكفّار سائرون سبيل الحياة وهم يعاندون الحقّ على علم به ، فيغمضون عن معرفة ما عليهم أن يعرفوه والعمل بما عليهم أن يعملوا به ، ولا يخضعون للحق حتى يكونوا على بصيرة من الأمر ويسلكوا سبيل الحياة وهم مستوون على صراط مستقيم فيأمنوا الهلاك.(١)

__________________

١ ـ الميزان : ١٩ / ٣٦٠ ـ ٣٦١.

٢٧٧

خاتمة المطاف

ربما عدّ غير واحد ممّن كتب في أمثال القرآن ، الآية التالية منها :

( وَما جَعَلْنا أَصحابَ النّارِ إلاّ مَلائكةً وَما جَعَلْنا عِدَّتَهُم إلاّ فِتْنةً لِلّذينَ كَفَرُوا ليَستَيْقِنَ الّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ وَيَزدادَ الّذِينَ آمَنُوا إِيماناً وَلا يَرتابَ الّذينَ أُوتُوا الكِتابَ وَالمُوَْمِنُونَ وَلِيَقُول الّذينَ في قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالكافِرُون ماذا أَرادَ اللهُ بِهذا مَثَلاً كَذلِكَ يُضِلّ اللهُ مَن يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَما يَعْلمُ جنودَ رَبّكَ إلاّ هُوَ وَما هِيَ إلاّ ذِكرى لِلبَشر ) .(١)

تفسير الآية

لمّا نزل قوله سبحانه( سَأُصْلِيهِ سَقَرَ * وما أدراكَ ما سَقَرُ * لا تُبْقِي ولا تَذَرُ * لواحَةٌ للبشرِ * عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ ) .(٢)

قال أبو جهل لقريش : ثكلتكم أُمّهاتكم أتسمعون ابن أبي كبيشة يخبركم انّ خزنة النار تسعة عشر ، وأنتم الدهم(٣) الشجعان ، أفيعجز كلّ عشرة منكم أن يبطشوا برجل من خزنة جهنم.

__________________

١ ـ المدثر : ٣١.

٢ ـ المدثر : ٢٦ ـ ٣٠.

٣ ـ الدهم : الجماعة الكثيرة.

٢٧٨

فقال أبو أسد الجمحي : أنا أكفيكم سبعة عشر ، عشرة على ظهري ، وسبعة على بطني ، فأكفوني أنتم اثنين ، فنزلت هذه الآية :( وَما جعلنا أصحاب النّار إلاّ ملائكة ) ، أي جعلنا أصحاب النار ملائكة أقوياء مقتدرون وهم غلاظ شداد ، يقابلون المذنبين بقوة ، وهم أمامهم ضعفاء عاجزون ، ويكفي في قوتهم انّه سبحانه يصف واحداً منهم بقوله :( عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوى * ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوى ) .(١)

فالكفّار ما قدروا الله حقّ قدره وما قدروا جنود ربّهم ، وظنوا انّ كلّ جندي من جنوده سبحانه يعادل قوة فرد منهم.

ثمّ إنّه سبحانه يذكر الوجوه التالية سبباً لجعل عدتهم تسعة عشر :

١.( فتنة للذين كفروا ) .

٢.( ليستيقن الذين أُوتوا الكتاب ) .

٣.( يزداد الّذين آمنوا إيماناً ) .

٤.( لا يرتاب الّذين أُوتوا الكتاب والمؤمنون ) .

٥.( وَليقول الّذين في قلوبهم مرض والكافرون ماذا أراد الله بهذا مثلاً ) .

وإليك تفسير هذه الفقرات :

أمّا الأولى : فيريد انّه سبحانه لم يجعل عدتهم تسعة عشر إلاّ للإفتتان والاختبار ، قال سبحانه :( واعلموا انّما أموالكم وأولادكم فتنة ) أي يختبر بهم الإنسان ، فجعل عدتهم تسعة عشر يختبر بها الكافر والمؤمن ، فيزداد الكافر حيرة واستهزاءً ويزداد المؤمن إيماناً وتصديقاً ، كما هو حال كلّ ظاهرة تتعلق بعالم الغيب. يقول سبحانه :( وَإذا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زادَتْهُ هذِهِ

__________________

١ ـ النجم : ٥ ـ ٦.

٢٧٩

إيماناً فَأَمّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزادَتْهُمْ إِيماناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ * وَأَمَّا الّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلى رِجْسِهِمْ وَماتُوا وَهُمْ كافِرُون ) .(١)

ولا تظن انّ عمله سبحانه هذا يوجب تعزيز داعية الكفر ، وهو أشبه بالجبر وإضلال الناس ووجه ذلك انّ الاستهزاء والابتعاد عن الحقّ أثر الكفر الذي اختاره على الإيمان ، فهذا هو السبب في أن تكون الآيات الإلهية موجبة لزيادة الكفر والابتعاد عن الحقّ ، والدليل على ذلك انّ هذه الآيات في جانب آخر نور وهدى وموجباً لزيادة الإيمان والتصديق.

وأمّا الثانية : أي استيقان أهل الكتاب من اليهود والنصارى انّه حقّ وانّ محمّداً رسول صادق حيث أخبر بما في كتبهم من غير قراءة ولا تعلم.

وأمّا الثالثة : وهي ازدياد إيمان المؤمنين ، وذلك بتصديق أهل الكتاب ، فإذا رأوا تسليم أهل الكتاب وتصديقهم يترسخ الإيمان في قلوبهم.

وأمّا الرابعة : أعني قوله :( ولا يرتاب الّذين أُوتوا الكتاب والمؤمنون ) ، فهو أشبه بالتأكيد للوجه الثاني والثالث.

وفسره الطبرسي بقوله : وليستيقن من لم يؤمن بمحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ومن آمن به صحة نبوته إذا تدبّروا وتفكّروا.

وأمّا الخامسة : وهي تقوّل الكافرين ومن في قلوبهم مرض بالاعتراض ، بقولهم : ماذا أراد الله بهذا الوصف والعدد ، وهذه الفقرة ليست من غايات جعل عدتهم تسعة عشر ، وإنّما هي نتيجة تعود إليهم قهراً ، ويسمّى ذلك لام العاقبة ، كما في قوله سبحانه :( فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَونَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً وَحَزَناً ) (٢) ومن المعلوم

__________________

١ ـ التوبة : ١٢٤ ـ ١٢٥. ٢ ـ القصص : ٨.

٢٨٠

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347