نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ٤

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار16%

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 347

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 347 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 286627 / تحميل: 6654
الحجم الحجم الحجم
نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ٤

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

لا شك أنّ هذا الاختلاف لا يرتبط بذات الكون وذات الحوادث والظواهر، بل هو مرتبط بسعة رؤية الناظر إن كان محيطاً، تلك السعة التي تمكّنه من مشاهدة كل نقوش البساط وألوانه، وكل تموّجات النهر وتعرّجاته، وكل عربات القطار دفعة واحدة كما في الأمثلة السابقة.

في حين أنّ فقدان هذه السعة في رؤية الشخص الآخر يجعله لا يرى في كل لحظة إلّا حادثة واحدة فقط، وإلاّ تموّجاً واحداً من النهر، وإلاّ لوناً واحداً من ألوان البساط.

ومن هذا البيان يتبيّن أنّه ليس للعالم وجهان ونشأتان :

نشأة باسم الباطن.

وأُخرى باسم الظاهر.

وبعبارة أُخرى انّه ليس للظواهر والحوادث مرحلتان :

مرحلة الوجود الجمعي الدفعي.

ومرحلة الوجود التدريجي.

بل ليس للظاهرة ـ في الحقيقة ـ تحقّقان ووجودان إنّما هو وجود واحد، وتحقّق واحد، يرى تارة في صورة المجتمع، وأُخرى في صورة المتفرّق.

وأمّا الاختلاف ـ لو كان ـ فهو يرجع إلى قدرة الملاحظ وسعة نظرته وضيقها، وليس إلى ذات الحوادث والظواهر.

٢. انّ حضور الحوادث والظواهر عند الله دليل على علم الله بها جميعاً، لأنّ حقيقة العلم ليست إلّا حضور المعلوم عند العالم وحيث إنّ موجودات العالم من

١٠١

فعله سبحانه وقائمة به فهي إذن حاضرة لديه.

ونتيجة هذا الحضور ليست سوى علم الله بها ولكن لا يدل مثل هذا الحضور على علم الموجودات هي بالخالق الواحد سبحانه.

وبعبارة أُخرى لو كان هدف الآية هو بيان أنّ الله أخذ من بني آدم « الإقرار » بربوبيته والشهادة بها من جهة حضور هذه الموجودات لدى الله ـ كما تفيده هذه النظرية ـ يلزم علم الله بهذه الموجودات والحوادث لا علم هذه الحوادث والموجودات بالله تعالى، فلا يتحقّق معنى الشهادة والإقرار.

فإنّه ربّما يتصور إنّ حضور الأشياء عند الله كما يستلزم علمه بها، كذلك يستلزم علم تلك الموجودات بالله.

ولكن هذا وهم خاطئ وتصور غير سليم، لأنّ الحضور إنّما يكون موجباً للعلم إذا اقترن بقيام الشيء بالله وإحاطته سبحانه بذلك الشيء، ومثل هذا الملاك موجود في جانب الله حيث إنّه قيوم [ تقوم به الأشياء ]محيط بالكون في حين أنّه لا يوجد هذا الملاك في جانب الموجودات، لأنّها محاطة وقائمة بالله ( أي ليست محيطة بالله ولا أنّ الله سبحانه قائم بها حتى تعلم هي به تعالى ).

٣. انّ هذا التوجيه والتفسير لآية الميثاق بعيد عن الأذهان العامة، ولا يمكن إطلاق اسم التفسير عليه، بل هو للتأويل أقرب منه إلى التفسير.

نعم غاية ما يمكن قوله هو أنّ هذه النظرية تكشف عن أحد أبعاد هذه الآية، لكنَّه ليس البعد المنحصر والوحيد.

هذا مضافاً إلى أنّ ألفاظ هذه الآية مثل قوله:( وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ ) ونظائره الذي هو بمعنى أخذ الشهادة والاعتراف والإقرار لا يتلاءم ولا ينسجم

١٠٢

مع هذا التفسير.

النظرية الرابعة

وتظهر هذه النظرية من الشريف المرتضى في أماليه، وإليك نص ما قاله الشريف بلفظه:(١)

إنّ الله تعالى إنّما عنى جماعة من ذرية بني آدم خلقهم وبلّغهم وأكمل عقولهم وقرّرهم على ألسن رسله: بمعرفته وما يجب من طاعته، فأقرّوا بذلك، وأشهدهم على أنفسهم به لئلاّ يقولوا يوم القيامة:( إِنَّا كُنَّا عَنْ هٰذَا غَافِلِينَ ) أو يعتذروا بشرك آبائهم.

وحاصل هذا الكلام وتوضيحه أنّ الله تعالى أخذ الاعتراف من جماعة خاصة، من البشر، وهم العقلاء الكاملون، لا من جميع البشر.

وقد أخذ هذا الاعتراف والميثاق حيث أخذ بواسطة الرسل والأنبياء الذين ابتعثهم الله إلى البشرية في هذه الدنيا.

وهذه النظرية مبنية على كون « من » في قوله سبحانه:( مِن بَنِي آدَمَ ) تبعيضية لا بيانية، ولأجل ذلك يختص بالمقتدين بالأنبياء.

ويمكن تأييد هذه النظرية بأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قد أخذ منهم الاعتراف في بعض المواضع على اختصاصه تعالى بالربوبية، كما يحدّثنا القرآن الكريم إذ يقول:( قُلْ مَنْ رَبُّ السَّماواتِ السَّبْعِ وَرَبُّ العَرْشِ العَظِيمِ *سَيَقُولُونَ لله قُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ ) (٢) ، وما يشابههما من الآيات التي أخذ فيها الاعتراف من الأشخاص ،

__________________

(١) الأمالي: ١ / ٢٩.

(٢) المؤمنون: ٨٦ ـ ٨٧.

١٠٣

وسيوافيك بعض هذه الآيات عند البحث في التوحيد الخالقي والربوبي.

ولكن ضعف هذه النظرية ظاهر، إذ مآلها انّ المؤمنين بكل نبي هم الذين اعترفوا ـ دون سواهم ـ بتوحيده سبحانه.

ولو كان مقصود الآية هو هذا، لكان ينبغي أن يكون التعبير عنه بغير ما ورد في الآية.

ثم إنّه يجب أن يكون تعبير القرآن عن المعاني الدقيقة بأوضح العبارات وأحسنها وأبلغها.

فلو كان مقصوده تعالى هو اعتراف جماعة خاصة ممَّن اقتدوا بالرسل، بتوحيده سبحانه، لوجب أن يبين ذلك بغير ما ورد في الآية من بيان.

هذه هي الآراء والنظريات التي أبداها المفسرون الكبار حول مفاد آية الميثاق والذر ونحن نأمل أن يستطيع المحقّقون ـ في المستقبل ـ من إيقافنا على معنى أوضح وأكثر انسجاماً مع ألفاظ هذه الآية الشريفة، وأن يوفقوا إلى توضيح حقيقتها ومغزاها.

* * *

ذكرنا فيما سبق أنّ النظرية الأُولى تستند إلى طائفة من الأحاديث الواردة في المجاميع الحديثية ولابد من دراستها والتوصل إلى حل مناسب لها.

فالعلاّمة المرحوم السيد هاشم البحراني نقل في تفسيره المسمّى ب‍ « البرهان » في ذيل تفسير آية الميثاق (٣٧) حديثاً(١) .

__________________

(١) البرهان: ٢ / ٤٦ ـ ٥١.

١٠٤

وكذا نقل نور الثقلين ـ وهو تفسير للقرآن على أساس الأحاديث على غرار تفسير البرهان ـ أيضاً (٢٧) حديثاً في ذيل تفسير هذه الآية(١) .

ولابد من الالتفات إلى أنّ هذه الأحاديث والأخبار تختلف في مفاداتها عن بعض، فليست بأجمعها ناظرة إلى النظرية الأُولى، فلا يمكن الاستدلال بها ـ جميعاً ـ على ذلك لوجوه :

أوّلاً: أنّ بعض هذه الأحاديث صريحة في القول الثاني، أو أنّها قابلة للانطباق على القول الثاني، مثل الأحاديث: ٦ و ٧ و ٢٠ و ٢٢ و ٣٥.

وإليك نص هذه الأحاديث :

أمّا الأحاديث ٦ و ٢٢ و ٣٥ وجميعها واحد راوياً ومروياً عنه وان اختلفت في المصدر، فهي :

عن أبي بصير، قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : كيف أجابوا وهم ذر ؟ فقالعليه‌السلام :

« جعل فيهم ما إذا سألهم أجابوه ».

ففي هذه الأحاديث ـ كما نلاحظ ـ ليس هناك أي كلام عن الاستشهاد والشهادة اللفظيين بل قال الإمام: « جعل فيهم » وهي كناية عن وجود الإقرار التكويني في تكوينهم.

أما الحديث ٧ فقد روي عن عبد الله بن سنان قال: سألت أبا عبد الله ( الصادق )عليه‌السلام عن قول الله( فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ) ما تلك الفطرة ؟

__________________

(١) نور الثقلين: ٢ / ٩٢ ـ ١٠٢.

١٠٥

قال :

« هي الإسلام فطرهم الله حين أخذ ميثاقهم على التوحيد، قال: ألست بربكم، وفيه المؤمن والكافر ».

وهذا الحديث كما هو واضح يفسّر الميثاق المذكور في آية الذر بالفطرة ممّا يكون تصريحاً بأنّ الاستيثاق وأخذ الميثاق والإقرار أمر فطري جبلي تكويني.

وفي الحديث ٢٠ جاء عن المفضل بن عمر، عن الصادق جعفر بن محمدعليهما‌السلام في حديث طويل قال فيه :

« قال الله عزّ وجلّ لجميع أرواح بني آدم ألست بربكم ؟ قالوا: بلى، كان أوّل من قال بلى محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله فصار بسبقه إلى بلى سيد الأوّلين والآخرين وأفضل الأنبياء والمرسلين ».

وليس في هذا الحديث أي كلام عن اعتراف الذر وإقرار بني آدم وهم على هيئة ذرات صغيرة، ولذلك فهو وإن لم يكن صريحاً في النظرية الثانية « القائلة بالإقرار التكويني لا اللفظي من جانب الذرية » ولكنّه قابل للانطباق عليها.

ثانياً: أنّ بعض هذه الأحاديث صريحة في أنّ الإقرار والاعتراف بالربوبية جاء من جانب الأرواح كما لاحظنا في الحديث ٢٠.

أمّا ما يدل من تلك الأحاديث ( المنقولة في تفسير البرهان ) على النظرية الأُولى فهي ٣، ٤، ٨، ١١، ١٤، ١٧، ١٨، ٢٧، ٢٩.

وعددها كما هو الظاهر (٩) أحاديث، ولكنّنا لو أمعنا النظر فيها لوجدنا أنّ عددها الحقيقي لا يتجاوز ٥ أحاديث لا أكثر، لأنّ خمسة من هذه الأحاديث رواها « زرارة بن أعين » بمعنى أنّ آخر راو في هذه الأحاديث من الإمام هو زرارة ،

١٠٦

ومن المسلم أنّ راوياً واحداً لا يسأل عن شيء من الإمام خمس مرات، وأمّا نقل رواية زرارة ( التي هي ـ في الحقيقة ـ رواية واحدة ) في خمس صور، فلتعدد من روى هذا الحديث عن « زرارة »، ولذلك اتّخذ الحديث الواحد طابع التعدّد والكثرة، وهذا لا يوجب أن يعد الحديث الواحد خمسة أحاديث.

وعلى هذا فإنّ الأحاديث ٣ و ٤ و ١١ و ٢٧ و ٢٩ التي تنتهي إلى راو واحد هو « زرارة » لا يمكن عدّها خمسة أحاديث، بل يجب اعتبارها حديثاً واحداً لا غير.

وفي هذه الحالة ينخفض عدد الأحاديث المؤيدة للنظرية الأُولى من ٩ إلى ٥.

يبقى أنّ الأحاديث الأربعة الأُخرى ( أعني: ٨ و ١٤ و ١٧ و ١٨ ) فهي مبهمة نوعاً ما، وليست صريحة في المقصود.

وبعض تلك الأحاديث تعتبر هذا الميثاق والميثاق الذي أخذه الله من خصوص النبيين وتحدّث عنه القرآن في الآية ٨١ ـ آل عمران:( وإذ أخَذَ الله ميثاقَ النّبِيِّينَ لَما آتَيْتكُمْ مِنْ كِتابٍ وحِكْمَةٍ ) تعتبر هذين الميثاقين واحداً مثل الحديث رقم ١٢.

وها نحن ننقل لك أيها القارئ نص حديث زرارة أوّلاً، وهذا الحديث هو ما جاء تحت رقم ٣ و ٤ و ١١ و ٢٧ و ٢٩.

وإليك نصها بالترتيب :

عن ابن أبي عمير، عن زرارة أنّ رجلاً سأل أبا جعفر الباقرعليه‌السلام عن قول الله عزّ وجل:( وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ) فقال، وأبوه

١٠٧

يسمع :

« حدثني أبي أنّ الله عزّ وجل قبض قبضة من تراب التربة التي خلق منها آدم فصب عليها الماء العذب الفرات، فخرجوا كالذر من يمينه وشماله، وأمرهم جميعاً أن يقعوا في النار، فدخل أصحاب اليمين فصارت عليهم برداً وسلاماً » إلى آخر الحديث.

وعن ابن أُذينة، عن زرارة، عن أبي جعفر الباقرعليه‌السلام قال: سألته عن قول الله عز وجل:( وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ ) قال :

« أخرج من ظهر آدم ذريته إلى يوم القيامة، فخرجوا كالذر، فعرفهم وأراهم نفسه ولولا ذلك لم يعرف أحد ربه ».

ومثل هاتين الصورتين بقية الصور لحديث زرارة حرفاً بحرف.

أمّا الروايات الأربع الأُخرى ( أعني: ٨ و ١٤ و ١٧ و ١٨ ) فهي بالترتيب :

عن حمران عن أبي جعفر الباقرعليه‌السلام قال :

« فقال الله لأصحاب اليمين وهم كالذر يدبون: إلى الجنة ولا أبالي، وقال لأصحاب الشمال: إلى النار ولا أبالي، ثم ؟ قال: ألست بربكم قالوا: بلى شهدنا أن تقولوا » الخ.

وعن ابن مسكان، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قوله( وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ ) قلت: معاينة كان هذا ؟ قال :

« نعم، فثبتت المعرفة ونسوا الموقف وسيذكرونه، ولولا ذلك لم يدر أحد من خالقه ورازقه، فمنهم من أقرّ بلسانه في الذر ولم يؤمن بقلبه ».

١٠٨

وعن عبد الرحمن بن كثير، عن أبي عبد الله الصادقعليه‌السلام في قوله عزّ وجلّ:( وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ ) قال :

« أخذ الله من ظهر آدم ذريته إلى يوم القيامة وهم كالذر، فعرفهم نفسه، ولولا ذلك لم يعرف أحد ربه، وقال: ألست بربكم، قالوا: بلى ».

وفي حديث طويل عن الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام قال :

« قول الله عزّ وجلّ( وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ ) أخبرك أنّ الله سبحانه لـمّا خلق آدم مسح ظهره فاستخرج ذرية من صلبه سيما في هيئة الذر فألزمهم العقل، وقرر بهم أنّه الرب وأنّهم العبد فأقروا له بالربوبية ».

هذه هي عمدة الأحاديث التي نقلها تفسير البرهان في ذيل الآية المبحوثة تؤيد النظرية الأُولى.

وكذا نقل صاحب تفسير الدر المنثور أحاديث تؤيد هذه النظرية نذكر بعضها :

فمنها ما أخرجه عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله:( وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ ) قال: خلق الله آدم وأخذ ميثاقه أنّه ربّه، وكتب أجله ورزقه ومصيبته، ثم أخرج ولده من ظهره كهيئة الذر فأخذ مواثيقهم أنّه ربهم وكتب آجالهم وأرزاقهم ومصائبهم ».

وغير ذلك كثير(١) .

__________________

(١) راجع الدر المنثور: ٣ / ١٤١ ـ ١٤٢.

١٠٩

ثالثاً: لقد بين أئمّة الشيعة المعصومون: معياراً خاصاً لمعرفة الصحيح من الأحاديث وتمييزه عن غير الصحيح، وأمرونا بأن نميز صحاح الأحاديث على ضوء هذه المعايير هذا المعيار هو اعتماد ما يوافق الحديث للقرآن وطرح ما يخالفه.

وقد ذكرنا فيما سبق أنّ هذا القسم من الأحاديث ( التي نقلناها عن البرهان ) يخالف ظاهر القرآن، ولذلك ينبغي التسليم أمامها، ورد علمها إلى الأئمّة أنفسهم على فرض صدورها منهم.

١١٠

الفصل الثالث

الله وبراهين وجوده في القرآن

١١١

الله وبراهين وجوده في القرآن

١. كثرة البراهين على وجود الله تعالى.

٢. دليل الفطرة.

٣. برهان الحدوث.

٤. برهان الإمكان.

٥. برهان الحركة.

٦. برهان النظم.

٧. برهان محاسبة الاحتمالات.

٨. برهان التوازن والضبط.

٩. الهداية الإلهية في عالم الحيوان.

١٠. برهان الصدّيقين.

١١. براهين أُخرى.

١١٢

كثرة البراهين على وجود الله تعالى

من الأقوال المشهورة في أوساط العلماء تلك الجملة التي تقول :

« الطرق إلى الله بعدد أنفاس الخلائق ».

فهذه الجملة المقتضبة تشير إلى أنّ الأدلة على وجود الله جل شأنه ليست واحداً ولا اثنين ولا عشر ولا مائة، بل هي بعدد أنفاس المخلوقات.

وهذا الكلام وإن كان مثار عجب ودهشة عند من ليس لديه دراسة مفصلة وتعمّق في العلوم الإلهية إذ كيف يمكن ـ في نظر هؤلاء غير المتعمّقين في الإلهيات وغير الملمّين بعلوم التوحيد ـ.

كيف يمكن أن تكون أدلّة وجود الله بعدد أنفاس الخلائق التي لا يحصيها عدد ولا يحصرها عد ؟!!

ولكن لو أُتيح لنا أن نطّلع على ما ورد في كتب العقائد والفلسفة من الأدلّة على وجود الله، لأدركنا أنّ هذا الكلام لم يكن مبالغاً فيه، بل هو عين الحقيقة.

لأنّ بعض هذه الأدلّة التي سنشير إلى « أُصولها » وأُمّهاتها ـ هنا ـ من السعة والشمولية بحيث يتّخذ من نظام كل ذرة في عالمنا دليلاً على وجود الله، وطريقاً إلى إثباته.

ومن المعلوم أنّه لا يعلم عدد ذرات هذا العالم إلّا الله تعالى.

وفيما يأتي نذكر أُصول وأُمهات هذه البراهين الرائجة :

١١٣

١. دليل الفطرة

دليل الفطرة ـ كما تحدّثنا عنه في الفصل الأوّل ـ طريق القلب ودليل الفؤاد لا العقل والاستدلال.

فكل فرد ينجذب إلى الله ويميل إليه قلبياً وبصورة لا إرادية، سواء في فترة من حياته، أم في كل فترات حياته دون انقطاع.

وهذا التوجّه القلبي العفوي الذي يكمن في وجود كل فرد فرد من أبناء البشر لهو إحدى الأدلّة القاطعة على وجود الله، وهذا هو ما يسمّى بدليل « الفطرة ».

٢. برهان الحدوث

برهان الحدوث هو البرهان الذي يعتمد على « حدوث » الكون وما فيه.

وملخّصه: أنّ لهذا الكون بداية، وأنّه لذلك فهو مسبوق بالعدم، ومن البديهي أنّ ما يكون مسبوقاً بالعدم ( أي كان حادثاً )، فإنّ له محدثاً بالضرورة، لامتناع وجود الحادث دون محدث.

ويعتمد المتكلّمون الإسلاميون ـ في الأغلب ـ على حدوث العالم لإثبات الصانع، ربما باعتباره أقرب الأدلة إلى متناول العقول، والأفهام.

٣. برهان الإمكان

يتوسّل الفلاسفة المسلمون ـ في الغالب ـ لإثبات وجود الله بتقسيم الأشياء إلى :

واجب

١١٤

وممكن

وممتنع

وذلك لأنّ أيّة ظاهرة وأي شيء نتصوّره في عالم الذهن لا يخرج عن إحدى حالتين عندما ننسب إليه الوجود الخارجي فهو :

إمّا أن يقتضي الوجود لذاته، أي ينبع الوجود من ذاته، فهو « واجب الوجود ».

وإمّا يقتضي العدم لذاته، بمعنى أنّ العقل يمنع الوجود عنه، فهو « ممتنع الوجود ».

وأمّا لو كان الوجود والعدم بالنسبة إليه على حد سواء ( أي لا يقتضي لا الوجود ولا العدم بذاته ) فحينئذ يحتاج اتصافه بأحد الأمرين، أعني: العدم والوجود إلى عامل خارجي حتماً، لكي يخرجه من حالة التوسط والتساوي ويضفي عليه طابع الوجود أو العدم، وهذا النوع هو ما اصطلح على تسميته ب‍ « ممكن الوجود ».

وعندما نتصور الأشياء والظواهر الكونية نجد أنّ العدم أو الوجود لم يكن جزءاً من ماهيتها ولا عينها ولا مزروعاً فيها في الأصل، فإذا وجدناها تلبس ثوب الوجود، فلابد أن يكون هناك عامل خارجي عن ذاتها هو الذي أسبغ عليها ذلك وهو الذي أخرجها من عالم المعدومات إلى حيز الموجودات، أو بالعكس.

وهذا العامل الخارجي إن كان هو أيضاً على غرار تلك الأشياء في كونها ممكنة الوجود إذن لاحتاج إلى عامل خارجي آخر يضفي عليه حلة الوجود ويطرد عن ساحته صفة العدم.

١١٥

وإن كان هذا العامل الثاني نظير العامل الأوّل « في صفة الإمكان » لاحتاج إلى عامل آخر، وهكذا دواليك بحيث يلزم « التسلسل ».

وأمّا لو كان العامل الخارجي الأوّل ـ في حين كونه موجداً وعلّة للأشياء ـ معلولاً وموجداً من قبل نفس تلك الأشياء لزم « الدور » المستحيل في منطق العقول.

ولما كان التسلسل والدور باطلين عقلاً(١) لزم أن نذعن بأنّ كل الحادثات الممكنات تنتهي إلى موجد « غني بالذات » « قائم بنفسه » غير قائم بغيره، وغير مفتقر في وجوده إلى أحد أو شيء على الإطلاق.

وذلك الغني بالذات هو « الواجب الوجود » هو الله العالم، القادر، القيوم القائم بذاته القائم به ما سواه.

وهذا هو دليل الإمكان.

٤. برهان الحركة

كان روّاد العلوم الطبيعية ـ في السابق ـ كأرسطوا وأتباعه، يستدلّون ب‍ « حركة الأجسام والأجرام الفلكية » على وجود المحرّك، وبذلك يثبتون وجود الله.

فكانوا يقولون ما خلاصته: إنّه لا بد لهذه الأجرام المتحرّكة من محرّك منزّه عن الحركة، وذلك استناداً إلى القاعدة العقلية المسلمة القائلة: « لابد لكل متحرّك من محرّك غير متحرّك ».

__________________

(١) سيوافيك بيان جهة بطلان التسلسل والدور في الأبحاث القادمة.

١١٦

٥. برهان النظم

لقد ظل النظام البديع العجيب الذي يسود كل أجزاء الكون من الذرة إلى المجرّة، أحد العوامل المهمة التي هدت ذوي الألباب والفكر والمتذكرين(١) من البشر إلى الله، إذ لم يكن من المعقول ـ أبداً ـ أن لا يخضع مثل هذا النظام البديع والمعقد لتدبير قوة عاقلة عليا، وتدبير مدبّر حكيم.

والآيات القرآنية المتعرضة لبيان آثار الله تعالى في عالم الخلق إن كانت تهدف إلى إثبات الصانع، فهي في الحقيقة إنّما تعتمد على « برهان النظم ».

فإذا كانت ورقة من أوراق الشجرة، أو ذرة من ذرات العالم، دليلاً على حكمة الله تعالى وبرهاناً على إرادته، فهي بطريق أولى دليل على « أصل وجوده ».

إذ الوجود مقدّم على الصفات، فما دلّ على الصفات فهو بالأحرى دال على الوجود.

وسيأتي الحديث المفصّل عن هذا القسم في المستقبل.

٦. برهان محاسبة الاحتمالات

وهو برهان ابتكره علماء الغرب وزاده نضجاً وتوضيحاً العالم المعروف « كريسي موريسون » صاحب كتاب « العلم يدعو للإيمان » الذي لم يهدف من كتابته إلّا بلورة وإيضاح هذا البرهان ـ أساساً ـ.

__________________

(١) هذه الأوصاف الثلاثة مقتبسة من القرآن الكريم، فهو عندما يذكر آثار قدرة الله وحكمته وعلمه تعالى يعقب كلامه بهذه العبارات:( أُولُو الأَلْبَابِ ) و( لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ) و( لقوم يتذكّرون ) .

١١٧

وإليك ملخّص هذا البرهان :

يقول: لا شك أنّ ظهور الحياة بشكلها الحاضر على وجه الأرض ليس إلّا نتيجة تضافر شرائط وتوفر علل وعوامل كثيرة بحيث لو فقد واحد منها لامتنع ظهور الحياة على الأرض ولاستحالت حياة الأحياء عليها.

فلو أنّ ظهور الحياة كان نتيجة انفجار أو انفجارات في المادة الأُولى عن طريق المصادفة، لكان من الممكن أن تتحقّق ملياردات الصور والكيفيات ويكون احتمال ظهور هذه الصورة واحداً من مليارات الصور، وحيث إنّ صورة واحدة فقط هي التي تحققت دون بقية الصور ينطرح هذا السؤال :

كيف تحقّقت هذه الصورة الحاضرة دون بقية الصور عقيب الانفجار ؟

وكيف وقع الاختيار على هذه الصورة بالذات من بيان سائر الصور والحال كان المفروض أنّ جميعها متساوية في منطق المصادفة.

إنّنا لا نجد جواباً معقولاً في هذا المجال إلّا أن نعزي الأمر إلى غير المصادفة.

وبعبارة أُخرى: انّ كثرة الشروط اللازمة لظهور الحياة على الكرة الأرضية تكون بحيث إنّ احتمال اجتماع هذه الشرائط بمحض المصادفة مرة في بليون مرة، ولا يمكن لعاقل أن يفسّر ظاهرة من الظواهر بمثل هذا الاحتمال غير العقلائي وغير المنطقي جداً.

وننقل هنا نص ما قاله العالم المعروف تحت عنوان « المصادفة » :

« إنّ حجم الكرة الأرضية وبعدها عن الشمس، ودرجة حرارة الشمس وأشعتها الباعثة للحياة، وسمك قشرة الأرض وكمية الماء، ومقدار ثاني أوكسيد

١١٨

الكربون وحجم النتروجين وظهور الإنسان وبقاءه على قيد الحياة، كل أولاء تدلّ على خروج النظام من الفوضى، وعلى التصميم والقصد، كما تدلّ على أنّه طبقاً للقوانين الحسابية الصارمة ما كان يمكن حدوث كل ذلك مصادفة في وقت واحد على كوكب واحد مرة في بليون مرة، « كان يمكن أن يحدث هكذا » ولكن لم يحدث هكذا بالتأكيد !!

وحين تكون الحقائق هكذا قاطعة وحين نعترف ـ كما ينبغي لنا ـ بخواص عقولنا التي ليست مادية فهل في الإمكان أن نغفل البرهان، ونؤمن بمصادفة واحدة في بليون ونزعم أنّنا وكل ما عدانا، نتائج المصادفة.

لقد رأينا أنّ هناك ٩٩٩/٩٩٩/٩٩٩ فرصة ضد واحد، ضد الاعتقاد بأنّ جميع الأُمور تحدث مصادفة »(١) .

٧. برهان التوازن والضبط

وهذا البرهان من فروع برهان النظم، والمقصود منه هو ذلك « التعادل والتوازن والضبط » الذي يسود عالم الأحياء كلها من حيوانات ونباتات.

ونذكر نموذجاً لذلك من باب المثال فنقول :

يتبيّن لنا من دراسة عالم الحيوان والنبات أنّ كلاً منهما مكمّل للآخر، بحيث لو لم يكن في عالم الطبيعة إلّا الحيوانات فحسب لفنيت الحيوانات وزالت من صفحة الوجود، وهكذا لو لم يكن إلّا النباتات فحسب لفنيت النباتات وزالت هي أيضاً.

__________________

(١) العلم يدعو للإيمان: ١٩٥ ـ ١٩٦.

١١٩

وذلك لأنّ النباتات ـ على وجه العموم ـ تتنفس « ثاني أُكسيد الكاربون » فيما تطلق الأوكسجين في الفضاء.

فأوراق الشجر بمنزلة رئة الإنسان مهمّتها التنفس، في حين أنّ الحيوانات تستهلك الأوكسجين وتدفع الكربون.

وبهذا يبدو ـ جلياً ـ أنّ عمل كل واحد من هذين الصنفين من الأحياء مكمل لعمل الآخر ومتمم لوجوده، وأنّ حياة كل منهما قائمة على الأُخرى.

فلو كانت في الأرض: « النباتات » فقط لنفذ الكربون ولم يكن لها ما تتنفسه.

ولو لم يكن في الأرض إلّا « الحيوانات » فقط لفني الأوكسجين ولم يكن لها ما تتنفسه.

ولكان معنى كل ذلك فناء النوعين بالمرة وزوالهما من وجه الأرض بسرعة.

٨. الهداية الإلهية في عالم الحيوانات

يعتبر « اهتداء » الحيوانات والحشرات إلى ما يضمن بقاءها، واستمرار حياتها، دليلاً آخر على وجود « هاد » لها فيما وراء الطبيعة هو الذي يقوم بهدايتها في مسيرة الحياة، ويلهمها كل ما يفيدها ويساعدها على العيش والبقاء إلهاماً أسماه القرآن ب « الوحي ».

ولهذا البرهان جذور وأُصول قرآنية، ولذلك سنتعرض له بالبحث ونتاوله بالتحقيق بنحو مبسوط في المستقبل، كما سنبرهن على أنّه غير البرهان المعروف ببرهان « النظم في عالم الوجود ».

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

الأنصاري وغيرهما.

ولد في شعبان سنة ٣٦٣ وتوفي في ذي القعدة سنة ٤٥٤ »(١) .

وقالالخطيب بعد أن ذكر شيوخه: « كتبنا عنه وكان ثقة أميناً كثير السماع، وهو شيرازي الأصل »(٢) .

وقالابن الجوزي: « وكان ثقة أميناً »(٣) .

وقالالذهبي: « وأبو محمد الجوهري الحسن بن علي الشيرازي ثم البغدادي المقنعي - لأنه كان يتطيلس ويلفّها من تحت حنكه -: إنتهت إليه علوّ الرواية في الحديث، وأملى مجالس كثيرة، وكان صاحب حديث »(٤) .

(٢٩)

رواية القضاعي

رواه بقوله: « أخبرنا عبد الرحمن بن أبي العبّاس المالكي، أنبأ أحمد بن إبراهيم بن جامع، ثنا علي بن عبد العزيز، ثنا مسلم بن إبراهيم، ثنا الحسن بن أبي جعفر عن أبي الصهباء، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركب فيها نجا ومن تخلّف عنها غرق.

وبهذا الإِسناد عن الحسن بن أبي جعفر عن علي بن زيد عن سعيد بن المسيب عن أبي ذر قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركب فيها نجا ومن تخلّف عنها غرق، ومن قاتلنا في آخر الزمان

___________________

(١). اللباب ١ / ٣١٣.

(٢). التاريخ ٧ / ٣٩٣.

(٣). المنتظم ٨ / ١٢٧.

(٤). العبر ٣ / ٢٣١.

١٦١

فكأنما قاتل مع الدجال.

وأناه أبو علي الحسن بن خلف الواسطي، نا أبو حفص عمر بن إبراهيم الكناني المقري، نا أبو محمد عبد الله بن سليمان القاضي، نا محمد بن علي الوراق نا مسلم - هو ابن ابراهيم - بإسناده مثله.

أنا محمد بن الحسين النيسابوري، أنا القاضي أبو طاهر، نا محمد بن عثمان - هو ابن أبي سويد - نا مسلم بن إبراهيم، نا الحسن بن أبي جعفر، عن علي بن زيد عن سعيد بن المسيب عن أبي ذر قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إن مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركب فيها نجا ومن تخلّف عنها غرق »(١) .

ترجمته:

هو: القاضي أبو عبد الله محمد بن سلامة بن جعفر القضاعي، الفقيه قاضي مصر، المتوفى سنة ٤٥٤.

وثّقه السلفي وغيره. وأثنى عليه مترجموه. أنظر:

١ - طبقات السبكي ٤ / ١٥٠.

٢ - حسن المحاضرة ١ / ٢٢٧.

٣ - العبر ٣ / ٢٣٣.

٤ - وفيات الأعيان ٣ / ٣٤٩.

(٣٠)

رواية أبي غالب النحوي

علم روايته من عبارة ابن المغازلي المتقدمة في محلّها.

___________________

(١). مسند الشهاب ٢ / ٢٧٣ - ٢٧٥.

١٦٢

ترجمته:

هو: أبو غالب محمد بن أحمد بن سهل النحوي المتوفى سنة ٤٦٢:

قالاليافعي: « وفيها توفي الامام اللغوي أبو غالب بن بشران الواسطي الحنفي، ويعرف بابن الخالة »(١) .

وقالالذهبي: « وأبو غالب بن بشران الواسطي صاحب اللغة محمد بن أحمد بن سهل المعدل الحنفي، ويعرف بابن الخالة، وله اثنتان وثمانون سنة، ولم يكن بالعراق أعلم منه باللغة، روى عن أحمد بن عبيد بن بيري وطبقته »(٢) .

وقالابن الجوزي: « وكان عالماً بالأدب وانتهت إليه الرحلة في اللغة »(٣) .

وقالالسيوطي: « قال ياقوت: أحد الأئمة المعروفين، جامع أشتات العلوم، قرن بين الدراية والفهم والرواية وشدّة العناية، صاحب نحو ولغة وحديث وأخبار ودين وصلاح، وإليه كانت الرحلة في زمانه وهو عين وقته وأوانه، وكان مع ذلك ثقة ضابطاً محرّراً حافظاً وكان مكثراً حسن المحاضرة إلّا أنّه لا ينتفع به أحد، وكان معتزلياً »(٤) .

(٣١)

رواية أبي الوليد الباجي

تعلم روايته من رواية الحافظ ابن الأبار.

___________________

(١). مرآة الجنان ٣ / ٨٦.

(٢). العبر ٣ / ٢٥٠.

(٣). المنتظم ٨ / ٢٥٩.

(٤). بغية الوعاة ١ / ٢٦.

١٦٣

ترجمته:

هو: أبو الوليد سليمان بن خلف بن سعيد القرطبي المتوفى سنة ٤٧٤:

قالالذهبي: « الباجي الحافظ العلامة ذو الفنون، أبو الوليد سليمان بن خلف روى عنه الحافظان أبوبكر الخطيب وأبو عمرو بن عبد البر - وهما أكبر منه - وأبو عبد الله الحميدي وقال أبو علي بن سكرة: ما رأيت مثل أبي الوليد الباجي »(١) .

وقالابن خلكان: « كان من علماء الأندلس وحفّاظها وهو أحد أئمة المسلمين »(٢) .

وقالالقاضي عياض: « كان أبو الوليدرحمه‌الله فقيهاً نظاراً محققاً روايةً محدّثاً يفهم صيغة الحديث ورجاله، متكلماً أصولياً فصيحاً شاعراً مطبوعاً حسن التأليف متقن المعارف سألت عنه شيخنا قاضي قضاة الشرق أبا علي الصدفي الحافظ صاحبه فقال لي: هو أحمد أئمة المسلمين لا يسئل عن مثله، ما رأيت مثله »(٣) .

(٣٢)

رواية أبي العباس العذري

تعلم روايته من رواية الحافظ ابن الأبار.

___________________

(١). تذكرة الحفاظ ٣ / ١١٧٨.

(٢). وفيات الأعيان ٢ / ٤٠٨.

(٣). ترتيب المدارك ٤ / ٨٠٢.

١٦٤

ترجمته:

هو: أبو العباس أحمد بن عمر بن أنس العذري المعروف بالدلائي المتوفى سنة ٤٧٨:

قالابن العماد: « كان حافظاً محدثاً متقناً، مات في شعبان وله خمس وثمانون سنة، حج سنة ثمان وأربعمائة مع أبويه فجاوروا ثمانية أعوام وصحب هو أباذر فتخرج به، وروى عن أبي الحسن بن جهضم وطائفة. ومن جلالته أن إمامي الاندلس ابن عبد البر وابن حزم رويا عنه، وله كتاب دلائل النبوة »(١) .

وقالاليافعي: « وفيها: توفي الحافظ المتقن أبو العباس أحمد بن عمر الاندلسي »(٢) .

وقالالذهبي: « كان حافظاً محدّثاً متقناً »(٣) .

وقالمحمد بن محمد مخلوف: « الامام الفقيه المحدث الرواية العالم الجليل القدر الشهير الذكر، سمع من أبي ذر الهروي البخاري مرّات وعنه من لا يعدّ كثرة، منهم ابن عبد البر وروى عنه أبو علي الصدفي صحيح مسلم »(٤) .

(٣٣)

رواية شيرويه الديلمي

رواه في ( الفردوس ) باللفظ الآتي:

___________________

(١). شذرات الذهب ٣ / ٣٥٧.

(٢). مرآة الجنان ٣ / ١٢٢.

(٣). العبر ٣ / ٢٩٠.

(٤). شجرة النور الزكية في طبقات المالكية / ١٢١.

١٦٥

« مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق، ومثل باب حطة في بني إسرائيل »(١) .

ترجمته:

هو: أبو شجاع شيرويه بن شهردار الديلمي الهمداني المتوفى سنة ٥٠٩:

قالاليافعي في حوادث ٥٠٩: « وفيها توفي أبو شجاع الديلمي الهمداني الحافظ صاحب كتاب الفردوس وتاريخ همدان »(٢) .

وقالالسبكي: « شيرويه بن شهردار بن شيرويه بن فنا خسرو، الحافظ أبو شجاع الديلمي مؤرخ همدان ومصنف كتاب الفردوس، ولد سنة خمس وأربعين وأربعمائة مات في تاسع شهر رجب سنة تسع وخمسمائة »(٣) .

وقالالذهبي: « المحدّث الحافظ، مفيد همدان ومصنف تاريخها، ومصنف كتاب الفردوس ...»(٤) .

وقال أيضاً: « وأبو شجاع شيرويه بن شهردار بن شيرويه الديلمي الهمداني الحافظ، صاحب كتاب الفردوس وتاريخ همدان وغير ذلك وكان صلباً في السنّة »(٥) .

وقالابن العماد: « الهمداني الحافظ ذكره ابن الصلاح فقال: كان محدّثاً واسع الرحلة حسن الخلق والخلق، ذكياً صلباً في السنة قليل الكلام صنّف تصانيف اشتهرت عنه، منها كتاب الفردوس »(٦) .

___________________

(١). فردوس الأخبار ٤ / ٤٢٣.

(٢). مرآة الجنان ٣ / ١٩٨.

(٣). طبقات الشافعية ٧ / ١١١ - ١١٢.

(٤). تذكرة الحفاظ ٤ / ٥٣.

(٥).. العبر ٤ / ١٨ - ١٩.

(٦). شذرات الذهب ٤ / ٢٤.

١٦٦

(٣٤)

رواية أبي علي بن سكرة الصدفي

تعلم روايته من رواية الحافظ ابن الأبار.

ترجمته:

هو: أبو علي حسين بن محمد بن خيرة بن حيون القاضي، المعروف بابن سكرة الصدفي المتوفى سنة ٥١٤:

قالاليافعي: « والحافظ الكبير أبو علي بن سكرة برع في الحديث وفنونه وصنف التصانيف »(١) .

وقالابن فرحون: « إمام عصره في علم الحديث وآخر أئمته في الأندلس، كان حافظا للحديث وأسماء رجاله وعلله، وكان إماماً في الفقه وسمع من خلائق من الأئمة يطول ذكرهم وكان موصوفاً بالعلم والدين والعفّة والصّدق »(٢) .

وقالالذهبي: « وأبو علي بن سكرة الحافظ الكبير برع في الحديث وفنونه وصنف التصانيف »(٣) .

___________________

(١). مرآة الجنان ٣ / ٢١٠.

(٢). الديباج المذهب ١ / ٣٣٠.

(٣). العبر ٤ / ٣٢.

١٦٧

(٣٥)

رواية أحمد بن أبي جمرة

تعلم روايته من سند رواية الحافظ ابن الأبار.

ترجمته:

هو: أبو العباس أحمد بن عبد الملك بن أبي جمرة المرسي، المتوفى سنة ٥٣٣:

قالالذهبي: « أبو العباس أحمد بن عبد الملك بن أبي جمرة المرسي.

روى عن جماعة وانفرد بالإِجازة عن أبي عمرو الداني »(١) .

وانظر:

شذرات الذهب ٤ / ١٠٢.

ومرآة الجنان ٣ / ٢٦١ وغيرهما.

(٣٦)

رواية زاهر بن طاهر

علم روايته من عبارة صدر الدين الحموئي المتقدمة.

ترجمته:

هو: زاهر بن طاهر بن محمد أبو القاسم الشحامي المستملي المتوفى سنة ٥٣٣:

___________________

(١). العبر ٤ / ٩١.

١٦٨

قالابن الجوزي: « رجل في طلب الحديث وعمّر، وكان مكثراً متيقظاً صحيح السماع، وكان يستملي على شيوخ نيسابور، وسمع منه الكثير بإصبهان والري وهمدان والحجاز وبغداد وغيرها، وأجاز لي جميع مسموعاته، وأملى في جامع نيسابور قريباً من ألف مجلس، وكان صبوراً على القراءة عليه، وكان يكرم الغرباء الواردين عليه ويمرضهم ويداويهم ويعيرهم الكتب »(١) .

وقالابن الجزري: « ثقة صحيح السماع، كان مسند نيسابور »(٢) .

وقالالذهبي: « وزاهر بن طاهر أبو القاسم الشحامي النيسابوري المحدّث المستملي الشروطي، مسند خراسان »(٣) .

(٣٧)

رواية القاضي الأنصاري

رواه في ( مشيخته ) حيث قال: « حدثنا الجوهري قال: أخبرنا أبوبكر أحمد ابن جعفر بن حمدان بن مالك القطيعي قال: حدثنا العباس بن إبراهيم القراطيسي قال: حدثنا محمد بن إسماعيل الأحمسي، قال: حدثنا المفضل بن صالح عن أبي إسحاق عن حنش الكناني قال: سمعت أباذررضي‌الله‌عنه يقول - وقد أخذ بباب الكعبة -: من عرفني فأنا من قد عرفني ومن أنكرني فأنا أبوذر سمعت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: ألا إنّ مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها هلك »(٤) .

___________________

(١). المنتظم ١٠ / ٧٩.

(٢). طبقات القراء ١ / ٢٨٨.

(٣). العبر ٤ / ٩١.

(٤). مشيخة القاضي الأنصاري - عن نسخته المخطوطة.

١٦٩

ترجمته:

هو: محمد بن عبد الباقي الأنصاري المتوفى سنة ٥٣٥:

قالالذهبي: « محمد بن عبد الباقي بن محمد القاضي أبوبكر الأنصاري البغدادي الحنبلي البزاز، مسند العراق، ويعرف بقاضي المارستان، حضر أبا إسحاق البرمكي، وسمع من علي بن عيسى الباقلاني وأبي محمد الجوهري وأبي الطيب الطبري وطائفة وتفقه على القاضي أبي يعلى، وبرع في الحساب والهندسة، وشارك في علوم كثيرة، وانتهى إليه علوم الإِسناد في زمانه، توفي في رجب وله ثلاث وتسعون سنة وخمسون أشهر.

قالابن السمعاني: ما رأيت أجمع للفنون منه، نظر في كلّ علم، وسمعته يقول: تبت من كل علم تعلّمته إلّا الحديث وعلمه »(١) .

وقالابن العماد بترجمته: « قال ابن الخشاب: كان مع تفرده بعلم الحساب والفرائض وافتتانه في علوم عديدة، صدوقا ثبتا في الرواية متحريا فيها، وقال ابن ناصر: لم يخلف بعده أن يقوم مقامه في علمه، وقال ابن شافع: ما رأيت ابن الخشاب يعظم أحداً من مشايخه تعظيمه له »(٢) .

وقالابن الجوزي بترجمته: « كان فهماً ثبتاً حجة متقناً في علوم كثيرة، منفرداً في علم الفرائض»(٣) .

___________________

(١). العبر ٤ / ٩٦.

(٢). شذرات الذهب ٤ / ١٠٨.

(٣). المنتظم ١٠ / ٩٢.

١٧٠

(٣٨)

رواية ابن القزاز

تعلم روايته من رواية الحافظ ابن الأبار.

ترجمته:

هو: أبو عمرو الخضر بن عبد الرحمن القيسي المعروف بابن القزاز المتوفى سنة ٥٤٠:

قالابن الأبار: « الخضر بن عبد الرحمن بن سعيد بن علي بن بقي بن غاز ابن إبراهيم القيسي، أبو عمرو المعروف بابن القزاز من أهل المرية، أحد المكثرين عن أبي علي والمتقدمين في أصحابه، وأكثر أيضاً عن أبي علي الغساني، وكان يكتب الشروط، حدّث وأخذ عنه، وكان أهلاً لذلك لعدالته وضبطه وكتب بخطه علماً كثيراً، وتوفي سنة أربعين وخمسمائة »(١) .

(٣٩)

رواية الخوارزمي

رواه: « عن الامام الحافظ الصدر أبي العلاء الحسن بن أحمد الهمداني باسناده عن الطبراني، حدّثنا علي بن عبد العزيز، حدّثنا مسلم بن إبراهيم، حدثنا الحسن بن أبي جعفر، حدثنا علي بن زيد بن جدعان، عن سعيد بن

___________________

(١). المعجم في أصحاب أبي علي الصدفي / ٨٧.

١٧١

المسيب عن أبي ذر قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركب فيها نجا ومن تخلّف عنها غرق، ومن قاتلنا في آخر الزمان فكأنما قالت مع(١) الدجال »(٢) .

ترجمته:

هو: الموفق بن أحمد بن محمد الملكي، أبو المؤيد الخوارزمي، المتوفى سنة ٥٦٨:

قالالتقي الفاسي: « الموفق بن أحمد بن محمد المكي أبو مؤيد، العلامة خطيب خوارزم، كان أديباً فصيحاً مفوهاً، خطب بخوارزم دهراً، وأنشأ الخطب، وأقرأ الناس، وتخرّج به جماعة، وتوفي بخوارزم في سنة ٥٧٨. ذكره هكذا الذهبي في تاريخ الاسلام.

... وذكره محيي الدين عبد الباقي الحنفي في طبقات الحنفية وقال: ذكره القفطي في أخبار النحاة »(٣) .

وقالالسيوطي: « الموفق بن أحمد بن سعيد بن إسحاق أبو المؤيد المعروف بأخطب خوارزم، قال الصفدي: كان متمكناً من العربية، غزير العلم، فقيهاً، فاضلاً، أديباً، شاعراً قرأ على الزمخشري، وله خطب وشعر، قال القفطي: وقرأ عليه ناصر المطرزي »(٤) .

___________________

(١). كذا.

(٢). مقتل الحسين ١ / ١٠٤.

(٣). العقد الثمين ٧ / ٣١٠.

(٤). بغية الوعاة ٢ / ٣٠٨.

١٧٢

(٤٠)

رواية أبي العلاء الهمداني

علم روايته لحديث السفينة من عبارة الخوارزمي.

ترجمته:

هو: الحسن بن أحمد أبو العلاء الهمداني المتوفى سنة ٥٦٩:

قالالذهبي: « أبو العلاء الهمداني الحافظ العلامة المقرئ شيخ الإسلام، الحسن بن أحمد بن الحسن بن أحمد بن محمد بن سهل العطار شيخ همدان، قال أبو سعد السمعاني: حافظ متقن ومقرئ فاضل، حسن السيرة، مرضي الطريقة عزيز النفس، سخي بما يملكه مكرم للغرباء، يعرف القراءات والحديث والأدب معرفة حسنة، سمعت منه.

وقال عبدالقادر الحافظ: شيخنا أبو العلاء أشهر من أن يعرف، بل تعذّر وجود مثله في أعصار كثيرة على ما بلغنا من السّير، أربى على أهل زمانه في كثرة السماعات مع تحصيل أصول ما سمع، وجودة النسخ وإتقان ما كتبه بخطه »(١) .

وقالابن العماد: « الحافظ أبو العلاء العطار الحسن بن أحمد الهمداني المقري الحنبلي الاستاذ، شيخ همدان وقارئها وحافظها، رحل وحمل القراءات والحديث »(٢) .

وقالاليافعي: « الحافظ أبو العلاء العطار الحسن بن أحمد الهمداني المقري، شيخ همدان وقاريها وحافظها برع على حفاظ زمانه في حفظ ما يتعلّق بالحديث من الأنساب والتواريخ والأسماء والكنى والقصص والسّير، وله

___________________

(١). تذكرة الحفاظ ٤ / ١٣٢٤.

(٢). شذرات الذهب ٤ / ٢٣١.

١٧٣

تصانيف في القراءات والحديث والرقائق في مجلدات كبيرة منها: كتاب زاد المسافر خمسون مجلداً، وكان إماماً في العربية وحفظ في اللغة كتاب الجمهرة قال ابن النجار: هو إمام في علوم القرآن والحديث والأدب والزهد والتمسك بالأثر »(١) .

(٤١)

رواية أبي بكر ابن خير

تعلم روايته من رواية الحافظ ابن الأبار.

ترجمته:

وهو: أبوبكر محمد بن خير بن عمر بن خليفة اللمتوني الإشبيلي المتوفى سنة ٥٧٥.

قالالذهبي: « ابن خير الامام الحافظ شيخ القراء قال الأبار: كان مكثراً إلى الغاية وتصّدر بأشبيلية للإِقراء والإِسماع وحمل الناس عنه كثيراً، وكان مقرئاً مجوداً ومحدّثاً متقناً أديباً نحوياً لغوياً واسع المعرفة رضياً مأموناً »(٢) .

وقالابن العماد: « الحافظ صاحب شريح فاق الأقران في ضبط القراءات وبرع أيضاً في الحديث واشتهر بالاتقان وسعة المعرفة بالعربية، توفي في ربيع الأول عن ثلاث وسبعين سنة، قال ابن ناصر الدين: لم يكن له نظير في الاتقان »(٣) .

وقالابن الجزري: « الحافظ إمام مقرئ كامل بارع »(٤) .

___________________

(١). مرآة الجنان ٣ / ٣٨٩.

(٢). تذكرة الحفاظ ٤ / ١٣٦٦.

(٣). شذرات الذهب ٤ / ٢٥٣.

(٤). طبقات القراء ٢ / ١٣٩.

١٧٤

(٤٢)

رواية محمد بن أبي جمرة

تعلم روايته من رواية الحافظ ابن الأبار.

ترجمته:

هو: محمد بن أحمد بن عبد الملك بن موسى بن أبي جمرة المتوفى سنة ٥٩٩:

قالابن الجزري: « محمد بن أحمد بن عبد الملك بن موسى بن أبي جمرة بالجيم والراء، أبوبكر المرسي الأموي مولاهم، إمام كبير فقيه شهير وروى الكثير مع الثقة والعدالة »(١) .

وقالابن العماد: « وفيها - أبوبكر بن أبي جمرة القاضي أحد أئمة المذهب، عرض المدونة على والده وله منه إجازة كما لأبيه إجازة من أبي عمرو الداني، وأجاز له أبو بحر بن العاص وأفتى ستين سنة، وولي قضاء مرسية وشاطبة دفعات، وصنف التصانيف، وكان أسند من بقي بالأندلس، توفي في المحرم »(٢) .

وقالاليافعي: « وفيها توفي القاضي محمد بن أحمد الأموي المرسي المالكي، أحد أئمة المذهب، عرض المدونة على والده، وأجاز له الكبار، وأفتى ستين سنة، وولي قضاء مرسية وشاطبة، وصنف التصانيف »(٣) .

___________________

(١). طبقات القراء ٢ / ٦٩.

(٢). شذرات الذهب ٤ / ٣٤٢.

(٣). مرآة الجنان ٣ / ٤٩٦.

١٧٥

(٤٣)

رواية ابن اليتيم الأندلسي

تعلم روايته من رواية الحافظ ابن الأبار.

ترجمته:

هو: أبو عبد الله محمد بن أحمد الحاكم، ويعرف بابن اليتيم المتوفى سنة ٦٢١:

قالالذهبي: « وابن اليتيم أبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد الأنصاري الأندرشي خطيب المريّة، رحل في الحديث وسمع من أبي الحسن ابن النعمة وابن هذيل والكبار، وبالاسكندرية من السلفي، وببغداد من شهدة، وبدمشق من الحافظ ابن عساكر، ولد سنة ٥٤٤ وتوفي في ربيع الأول »(١) .

وقالابن حجر: « يعرف بالأندلسي، المسند صدوق إنْ شاء الله، ليس بمتقن ولا يعتمد إلّا على ما رواه من أصل قال أبو عبد الله بن الأبار: كان مكثراً رحّالاً، نسبه بعض شيوخنا إلى الاضطراب، ومع ذلك إستند به الناس وأخذوا عنه »(٢) .

وقالابن الصابوني: « وحدّث عن الحافظين أبي طاهر السلفي وأبي القاسم ابن عساكر الدمشقي »(٣) .

___________________

(١). العبر ٥ / ٨٤ حوادث سنة ٦٢١.

(٢). لسان الميزان ٥ / ٥٠.

(٣). تكملة إكمال الاكمال ٣٣٤.

١٧٦

(٤٤)

رواية ابن خليل الدمشقي

علم روايته لحديث السفينة من عبارة الكنجي السابقة الذكر.

ترجمته:

هو: يوسف بن خليل بن عبد الله أبو الحجاج الدمشقي، المتوفى سنة ٦٤٨:

قالالذهبي: « ابن خليل: الحافظ المفيد الإِمام الرّحال مسند الشام شمس الدين، أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله الدمشقي الآدمي، محدّث حلب، سئل أبو إسحاق الصريفيني عنه فقال: حافظ ثقة عالم بما يقرأ عليه، لا يكاد يفوته اسم الرجل، وسئل الحافظ الضياء عنه فقال: حافظ سمع وحصل الكثير وهو صاحب رحلة وتطواف. قال عمر بن الحاجب الحافظ: هو أحد الرحالين بل أوحدهم فضلاً وأوسعهم رحلة، نقل بخطه المليح ما لا يدخل تحت الحصر، وهو طيّب الأخلاق مرضيّ الطريقة، متقن ثقة حافظ »(١) .

وقالابن العماد: « كان إماماً حافظاً ثقة نبيلاً متقناً واسع الرواية جميل السيرة متسع الرحلة، قال ابن ناصر الدين: كان من الأئمة الحافظ المكثرين الرحالين، بل كان أوحدهم فضلاً وأوسعهم رحلة وكتابة ونقلاً »(٢) .

وقالابن رجب: « استوطن في آخر عمره حلب وتصدّر بجامعها، وصار حافظاً والمشار إليه بعلم الحديث فيها »(٣) .

___________________

(١). تذكرة الحافظ ٤ / ١٤١٠.

(٢). شذرات الذهب ٥ / ٢٤٣.

(٣). ذيل طبقات الحنابلة ٢ / ٢٤٥.

١٧٧

(٤٥)

رواية ابن الأبار

روى حديث الثقلين وحديث السفينة في سياق واحد، بسندٍ له عن سيدنا أبي ذر الغفاري حيث قال: « حدثنا أبو عبد الله محمد بن أحمد الحاكم - ويعرف بابن اليتيم - في آخرين عن أبي بكر بن خير، أنا أبو عمرو الخضر بن عبد الرحمن، أنا أبو علي الصدفي قراءة عليه وأنا أسمع - في المسجد الجامع عمّره الله بحضرة المرية ذي الحجة سنة خمس وخمسمائة - أنا أبو الوليد الباجي وأبو العباس العذري.

وأنبأنا ابن أبي جمرة عن أبيه قالا: أنا أبوذر، أنا الدارقطني، نا أبو القاسم الحسن بن محمد بن بشر الكوفي الخزاز، في سنة إحدى وعشرين - يعني وثلاثمائة، نا الحسين بن الحبري، نا الحسن بن الحسين العرني، نا علي بن الحسن العبدري، عن محمد بن رستم أبي الصامت الضبي عن زاذان أبي عمر عن أبي ذر:

إنه تعلق بأستار الكعبة وقال: يا أيها الناس من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا جندب الغفاري، ومن لم يعرفني فأنا أبوذر، أقسمت عليكم بحمد الله وبحق رسوله هل فيكم أحد سمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: ما أقلّت الغبراء ولا أظلّت الخضراء ذا لهجة أصدق من أبي ذر؟ فقامت طوائف من الناس فقالوا: أللهم إنّا قد سمعناه وهو يذكر ذلك. فقال: والله ما كذبت منذ عرفت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولا أكذب حتى ألقى الله تعالى.

وقد سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: إنّي تارك فيكم خليفتين أحدهما أكبر من الآخر، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض، سبب بيد الله تعالى وسبب بأيديكم، وعترتي أهل بيتي فانظروا كيف تخلفوني فيهم، فإن إلهي عز وجل قد وعدني أنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض.

١٧٨

وسمعتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: إن مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها هلك»(١) .

ترجمته:

هو: أبو عبد الله محمد بن عبد الله القضاعي الأندلسي المتوفى سنة ٦٥٨:

قالابن العماد: « وفيها - ابن الأبار الحافظ العلامة أبو عبد الله محمد بن عبد الله القضاعي الأندلسي البلنسي الكاتب الأديب، أحد أئمة الحديث، قرأ القراءات وعني بالأثر، وبرع في البلاغة والنظم والنثر، وكان ذا جلالة ورياسة. قتله صاحب تونس ظلماً في العشرين من المحرّم وله ثلاث وستون سنة »(٢) .

وقالابن شاكر الكتبي: « الحافظ العلامة أبو عبد الله القضاعي البلنسي الكاتب الأديب المعروف بابن الأبّار، ولد سنة خمس وتسعين وخمسمائة، عني بالحديث، وحال في الأندلسي وكتب العالي والنازل، وكان بصيراً بالرجال، عالماً بالتاريخ، إماماً في العربية، فقيهاً مفنناً أخبارياً فصيحاً »(٣) .

وقالالصفدي: « ابن الأبّار الحافظ العلامة سمع من أبيه وأبي عبد الله محمد بن نوح الغافقي وأبي الربيع سليمان بن موسى بن سالم الكلاعي الحافظ، وبه تخرج »(٤) .

(٤٦)

رواية الذهبي

روى حديث السفينة حيث نقل في ترجمة الحسن بن أبي جعفر تعديل ابن

___________________

(١). المعجم في أصحاب القاضي الامام أبي علي الصدفي ٨٧ - ٨٩.

(٢). شذرات الذهب ٥ / ٢٩٥.

(٣). فوات الوفيات ٢ / ٤٥٠.

(٤). الوافي بالوفيات ٣ / ٣٥٥.

١٧٩

عدي إيّاه وروايته للحديث عنه، وقد تقدم نص عبارته في ( ابن عدي ).

ترجمته:

هو: محمد بن أحمد بن عثمان شمس الدين الذهبي المتوفى سنة ٧٤٨:

قالابن تغري بردي: « الشيخ الامام الحافظ المؤرخ، صاحب التصانيف المفيدة، شمس الدين أبو عبد الله، الذهبي الشافعيرحمه‌الله تعالى، أحد الحفاظ المشهورة، سمع الكثير ورحل البلاد وكتب وألّف وصنّف وأرخ وصحح وبرع في الحديث وعلومه، وحصّل الأصول وانتقى، وقرأ القراءات السبع على جماعة من مشايخ القراءات »(١) .

وقالالشوكاني: « الحافظ الكبير المؤرخ، صاحب التصانيف السائرة في الأقطار. قال ابن حجر: كان أكثر أهل عصره تصنيفاً قال البدر النابلسي في مشيخته: كان علامة زمانه في الرجال وأحوالهم، حديد الفهم، ثاقب الذهن، وشهرته تغني عن الإِطناب فيه »(٢) .

وقالالجزري: « الذهبي الحافظ، أُستاذ ثقة كبير، ولد سنة ٦٧٣ وعني بالقراءات من صغره وكتب كثيرة وألّف وجمع وأحسن في تأليف طبقات القراء، وأخّر بأخرى، وكان قد ترك القراءات واشتغل بالحديث وأسماء الرجال فبلغت شيوخه في الحديث وغيره ألفاً. توفي في ذي القعدة سنة ٧٤٨ بدمشق »(٣) .

وقالالصفدي: « الشيخ الامام العلامة الحافظ شمس الدين أبو عبد الله الذهبي، حافظ لا يجارى ولا فظ لا يبارى، أتقن الحديث ورجاله ونظر علله وأحواله وعرف تراجم الناس وأزال الإِبهام في تواريخهم والإلباس »(٤) .

وقالابن حجر: « الحافظ أبو عبد الله شمس الدين الذهبي مهر في فنّ الحديث وجمع فيه المجاميع المفيدة الكثيرة، حتى كان أكثر أهل عصره

___________________

(١). النجوم الزاهرة ١٠ / ١٨٢.

(٢). البدر الطالع ٢ / ١١٠.

(٣). غاية النهاية في طبقات القراء ٢ / ٧١.

(٤). الوافي بالوفيات ٢ / ١٦٣ - ١٦٨.

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347