نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ٤

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار16%

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 347

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 347 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 286648 / تحميل: 6654
الحجم الحجم الحجم
نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ٤

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

الأمّة تجربة ، وأكبر منك سنا ، فأنت أحق أن تجيبني الى هذه المنزلة التي سألتني ، فادخل في طاعتي ، ولك الأمر من بعدي ، ولك ما في بيت مال العراق من مال بالغا ما بلغ ، تحمله الى حيث أحببت ، ولك خراج أي كور العراق شئت معونة لك على نفقتك يجبيها أمينك ويحملها لك في كل سنة ، ولك أن لا يستولى عليك بالإساءة ، ولا تقضى دونك الأمور ، ولا تعصى في أمر أردت به طاعة الله ، أعاننا الله وإياك على طاعته إنه سميع مجيب الدعاء والسلام »(1) .

واشتملت هذه الرسالة ـ بكلتا الروايتين ـ على دجل معاوية ومراوغته ، وأغاليطه كما يقول الدكتور « أحمد رفاعي »(2) ولا بد لنا من وقفة قصيرة للنظر فى محتوياتها وهي :

1 ـ جاء فيها « أن هذه الأمّة لما اختلفت بينها لم تجهل فضلكم ، ولا سابقتكم للإسلام ، ولا قرابتكم من نبيكم. الخ » إن من تتبع الأحداث التي وقعت بعد وفاة النبي (ص) عرف زيف هذا الكلام ومجافته للواقع ، فان العترة الطاهرة واجهت بعد النبي (ص) أشق المحن والخطوب ، فان الجرح لما يندمل والرسول لما يقبر استبد القوم بالأمر ، وعقدوا سقيفتهم متهالكين على الحكم ، وتغافلوا عترة نبيهم فلم يأخذوا رأيهم ولم يعتنوا بهم ولما تم انتخاب أبي بكر خفوا مسرعين الى بيت بضعته وريحانته وهم يحملون مشاعل النار لإحراقه ، وسحبوا أخا النبي ووصيه أمير المؤمنين مقادا بحمائل سيفه ليبايع قسرا ، وهو يستجير فلا يجار ، وخلد بعد ذلك الى العزلة يسامر همومه وشجونه ، وتتابعت عليهم منذ ذلك اليوم المصائب والخطوب فلم يمض على انتقال النبي (ص) الى دار الخلد خمسون عاما وإذا بالمسلمين

__________________

(1) شرح ابن أبي الحديد 4 / 13.

(2) عصر المأمون 1 / 17.

٦١

في موكب جهير يجوب البيداء من بلد الى بلد وهم يحملون رءوس أبنائه على أطراف الرماح ، وبناته سبايا « يتصفح وجوههن القريب والبعيد ، ويستشرفهن أهل المناهل والمناقل ». وبعد هذه المحن التي ألمّت بهم هل أدت الأمّة حقهم وعرفت مكانتهم ولم تجهل فضلهم.

2 ـ ومن محتوياتها : « ورأى صالحاء الناس من قريش والأنصار وغيرهم أن يولوا الأمر من قريش الخ ». إن صالحاء المسلمين وخيارهم كانوا مع أمير المؤمنين ولم يرتضوا بيعة أبي بكر ، وأقاموا على ذلك سيلا من الاحتجاج والإنكار ذكرناه بالتفصيل فى الجزء الأول من هذا الكتاب.

لقد كانت مغبة اختيار قريش أن يحكم رقاب المسلمين معاوية ويزيد ومروان والوليد وأمثالهم من أئمة الظلم والجور الذين أغرقوا البلاد في الماسي والشجون وأمعنوا فى إذلال المسلمين وإرهاقهم حتى بايعوا في عهد يزيد انهم خول وعبيد له هذا ما رآه صالحاء الناس من قريش في صرف الأمر عن عترة نبيهم كما قال معاوية وقد وفقت فى اختيارها ـ كما يقولون ـ فانا لله وإنا إليه راجعون.

3 ـ ومن غريب هذه الرسالة قوله : « فلو علمت أنك أضبط للرعية مني وأحوط على هذه الأمّة ، وأحسن سياسة. الخ » نعم تجلت حيطته على الإسلام وحسن سياسته حينما تم له الأمر ، وصفا له الملك ، فانه أخذ يتتبع صالحاء المسلمين وأبرارهم فيمعن في قتلهم ومطاردتهم وزجهم في السجون. ومن حيطته على الإسلام استلحاقه لزياد بن أبيه ، وسبه لأمير المؤمنين على المنابر ، وفي قنوت الصلاة ، ونصبه ليزيد حاكما على المسلمين وأمثال هذه الموبقات والجرائم التي سودت وجه التاريخ.

٦٢

مذكرة معاوية :

وأرسل معاوية الى الإمام مذكرة يحذره فيها من الخلاف عليه ، ويمنيه بالخلافة من بعده إن تنازل له عن الأمر وهذا نصها :

« أما بعد : فان الله يفعل في عباده ما يشاء لا معقب لحكمه ، وهو سريع الحساب ، فاحذر أن تكون منيتك على أيدي رعاع من الناس وأيس من أن تجد فينا غميزة ، وإن أنت أعرضت عما أنت فيه ، وبايعتني وفيت لك بما وعدت ، وأجريت لك ما شرطت وأكون في ذلك كما قال أعشى بني قيس بن ثعلبة :

وإن أحد أسدى إليك أمانة

فأوف بها تدعى إذا مت وافيا

ولا تحسد المولى إذا كان ذا غنى

ولا تجفه إن كان في المال فانيا

ثم الخلافة لك من بعدي ، فأنت أولى الناس بها والسلام ».

وأكبر الظن ان هذه الرسالة المشتملة على مثل هذا اللون من التهديد والتوعيد إنما بعثها معاوية الى الإمام بعد ما اتصل اتصالا وثيقا بزعماء الجيش العراقي وقادته فضمنوا له تنفيذ مخططاته ، فانه لم يكتب ذلك إلا بعد الاتصال بزعماء العراق وانقطاع أمله من إجابة الحسن له.

جواب الامام :

ولم يعتن الإمام بتهديد معاوية ، وأجابه بجواب يلمس فيه الحزم والإصرار منه على الحرب وهذا نصه :

« أما بعد : فقد وصل إليّ كتابك ، تذكر فيه ما ذكرت ، وتركت جوابك خشية البغي عليك ، وبالله أعوذ من ذلك ، فاتبع الحق تعلم أني

٦٣

من أهله ، وعليّ أثم أن أقول فأكذب والسلام ».

وكانت هذه الرسالة هي آخر الرسائل التي دارت بين الإمام ومعاوية وعلى أثرها علم معاوية أنه لا يجديه خداعه وأباطيله ، ولا تنفع مغالطاته السياسية ، وعرف أن الإمام مصمم على حربه فاتجه بعد ذلك الى الحرب وتهيئة أسبابه ومقتضياته.

٦٤

اعلان الحرب

٦٥
٦٦

وبعد ما فشلت أغاليط معاوية ومخططاته السياسية رأى أن خير وسيلة له للتغلب على الأحداث أن يبادر الى اعلان الحرب لئلا يتبلور الموقف ، وتفوت الفرصة وأكبر الظن ـ انه بالإضافة الى ذلك ـ إنما استعجل الحرب لأمور وهي :

1 ـ إنه اتصل اتصالا وثيقا بزعماء العراق ، وقادة الجيش ، ورؤساء القبائل فاشترى ضمائرهم الرخيصة بالأموال ومنّاهم بالوظائف ، فأجابوه سرا الى خيانة الإمام وتنفيذ أغراضه ، ويدل على ذلك مذكرته التي بعثها الى عماله وولاته يطلب منهم النجدة والالتحاق به فانه أعرب فيها عن اتصالهم به.

2 ـ علمه بتفكك الجيش العراقي وتفلله وعدم طاعته للإمام وذلك مسبب عن أمور نذكرها مشفوعة بالتفصيل عند عرض علل الصلح وأسبابه

3 ـ علمه بوجود الخطر الداخلي الذي مني به العراق ، وسلمت منه الشام ، وهي فكرة الخوارج التي انتشرت مبادئها بين الأوساط العراقية ومن أوليات مبادئهم اعلان التمرد والعصيان على الحكم القائم ، ونشر الفوضى في البلاد ليتسنى لهم الإطاحة به واستلام قيادة الأمّة.

4 ـ مقتل الإمام أمير المؤمنين (ع) الذي فقد به العراق قائدا وموجها وخطيبا ، يحملهم على الحق ويثيبهم الى الصواب ، وقد أصبح العراقيون بعد فقده يسيرون فى ظلام قاتم ، ويتخبطون خبط عشواء قد فقدوا الرائد والدليل.

هذه الأمور ـ فيما نعلم ـ هي التي حفزت معاوية الى اعلان الحرب واستعجاله ، فان العراق لو لم يمن بمثل هذه الكوارث والفتن لما وجد معاوية الى الحرب سبيلا ، ولبذل جميع طاقاته في تأخير الحرب ، وعقد

٦٧

الهدنة المؤقتة ـ كما فعل ذلك مع ملك الروم ـ حتى يتبين له الأمر فانا لا ننسى كلماته التي تنم عن خوفه وفزعه من العراقيين حينما كانوا صفا واحدا غير مبتلين بالتفكك والانحلال فقد قال : « ما ذكرت عيونهم تحت المغافر(1) بصفين إلا لبس على عقلي » ووصف اتحادهم بقوله : « إن قلوبهم كقلب رجل واحد » فلولا اختلافهم وتشتتهم لما بادر معاوية الى اعلان الحرب واستعجاله.

مذكرة معاوية لعماله :

ورفع معاوية مذكرة ذات مضمون واحد الى جميع عماله وولاته ، يحثهم فيها على الخروج الى حرب الإمام ويأمرهم بالالتحاق به سريعا بأحسن هيئة ، وأتم استعداد وهذا نصها :

« من عبد الله معاوية أمير المؤمنين ، الى فلان ابن فلان ، ومن قبله من المسلمين ، سلام عليكم ، فاني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو. أما بعد : فالحمد لله الذي كفاكم مئونة عدوكم ، وقتلة خليفتكم ، إن الله بلطفه أتاح لعلي بن أبي طالب رجلا من عباده فاغتاله فقتله فترك أصحابه متفرقين مختلفين ، وقد جاءتنا كتب أشرافهم وقادتهم يلتمسون الأمان لأنفسهم وعشائرهم ، فأقبلوا الي حين يأتيكم كتابي هذا بجاهدكم وجندكم ، وحسن عدتكم ، فقد أصبتم بحمد الله الثأر ، وبلغتم الأمل ، وأهلك الله أهل البغي والعدوان ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته »(2) .

__________________

(1) المغافر : جمع ، مفرده : مغفر ومغفرة ، وهو زرد يلبسه المحارب تحت القلنسوة.

(2) شرح ابن أبي الحديد 4 / 13.

٦٨

ولما وصلت هذه الرسالة الى عماله وولاته قاموا بتحريض الناس وحثهم على الخروج والاستعداد لحرب ريحانة رسول الله وسبطه وفي أقرب وقت التحقت به قوى هائلة منظمة لا ينقصها شيء من حيث الكراع والسلاح ، والعدد والعدة.

ولما توفرت له القوة الهائلة من الجند والعسكر وأصحاب المطامع الذين لا يقدسون سوى المادة زحف بهم نحو العراق وتولى بنفسه القيادة العامة للجيش ، وأناب عنه في عاصمته الضحاك بن قيس الفهري ، وقد كان عدد الجيش الذي نزح معه ستين ألفا ، وقيل أكثر من ذلك ، ومهما كان عدده فقد كان مطيعا لقوله ، ممتثلا لأمره ، منفذا لرغباته ، مذعنا له لا يخالفه ولا يعصيه.

وطوى معاوية البيداء بجيشه الجرار فلما انتهى الى جسر منبج(1) .

__________________

(1) جسر منبج : بفتح الميم وسكون النون وكسر الباء بلد قديم ، المسافة بينه وبين حلب يومان ، أول من بناه كسرى ، وقد أنجب جماعة من الشعراء يعد فى طليعتهم البحتري ، وقد عناها المتنبي بقوله :

قيل بمنبج مثواه ونائله

فى الأفق يسأل عمن غيره سألا

ولها يتشوق ابراهيم بن المدبر ، وكان يهوى جارية بها في قوله :

وليلة عين المرج زار خياله

فهيّج لي شوقا وجدد أحزاني

فأشرقت أعلى الدير أنظر طامحا

بألمح آماقي وأنظر انساني

لعلي أرى أبيات منبج رؤية

تسكن من وجدي وتكشف أشجاني

جاء ذلك في معجم البلدان 8 / 169.

٦٩

فزع العراقيين :

وحينما أذيع خبر توجهه وبلوغه الى هذا المحل عم العراقيين الذعر والخوف ، ولما علم الإمام بتوجهه أمر بعض أصحابه أن ينادى فى العاصمة « الصلاة جامعة » ويقصد بذلك جمع الناس فى جامع البلد ، فنودي بذلك وما هي إلا فترة يسيرة من الزمن حتى اكتظ الجامع بالجماهير الحاشدة فخرج (ع) فاعتلى المنبر ، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال :

« أما بعد : فان الله كتب الجهاد على خلقه وسماه كرها ، ثم قال لأهل الجهاد : اصبروا إن الله مع الصابرين ، فلستم أيها الناس نائلين ما تحبون إلا بالصبر على ما تكرهون ، انه بلغنى أن معاوية بلغه أنا كنا أزمعنا على المسير إليه فتحرك لذلك ، اخرجوا رحمكم الله الى معسكركم في النخيلة(1) حتى ننظر وتنظرون ، ونرى وترون »(2) .

ولما أنهى (ع) خطابه وجم الحاضرون ، وأخرست ألسنتهم ، واصفرّت ألوانهم كأنهم قد سيقوا الى الموت ، فلم يجب الإمام أحد منهم كل ذلك لخوفهم من أهل الشام ، وحبهم للسلم ، وإيثارهم للعافية ، وكان هذا التخاذل في بداية الدعوة الى جهاد العدو ينذر بالخطر ويدعو الى التشاؤم واليأس من صلاحهم.

__________________

(1) النخيلة : تصغير نخلة موضع قريب من الكوفة على سمت الشام وبه قتل معاوية الخوارج لما ورد الى الكوفة وفيهم يقول ابن الأصم راثيا :

إني أدين بما دان الشراة به

يوم النخيلة عند الجوسق الحرب

جاء ذلك فى معجم البلدان 8 / 276.

(2) شرح النهج ابن أبي الحديد 4 / 13.

٧٠

ولما رأى الصحابي العظيم والحازم اليقظ عدي بن حاتم(1) سكوت الجماهير وعدم اجابتهم للإمام غاظه ذلك والتاع أشد اللوعة ، فانبرى إليهم

__________________

(1) عدي بن حاتم الطائي كان أبوه حاتم مضرب المثل في الجود والسخاء ، يكنى عدي بأبي طريف ، وفد على النبي (ص) فى السنة التاسعة من الهجرة وكان نصرانيا فاسلم ، ولإسلامه حديث طريف طويل ، ذكره ابن الأثير في أسد الغابة ، روى عن النبي (ص) أحاديث كثيرة ، كان جوادا شريفا في قومه عظيما عندهم ، وعند غيرهم ، وكان حاظر الجواب ، ومن أهل الدين والتقى ، وهو القائل : ما دخل عليّ وقت الصلاة إلا وأنا مشتاق إليها ، ودخل يوما على عمر بن الخطاب فرأى منه تكبرا واستخفافا بحقه ، فالتفت إليه قائلا : أتعرفني؟ فأجابه عمر ، بلى والله أعرفك ، أكرمك الله بأحسن المعرفة ، أعرفك والله أسلمت إذ كفروا ، وعرفت إذ أنكروا ، ووفيت إذ غدروا ، وأقبلت إذ أدبروا فقال عدي : حسبي حسبي. شهد فتوح العراق ، ووقعة القادسية ، ووقعة النهروان ، ويوم الجسر مع أبي عبيدة وغير ذلك ، ومن كرمه ونبله أن الأشعث ابن قيس أرسل إليه شخصا يستعير منه قدور حاتم ، فملأها عدي طعاما وحملها إليه فأرسل إليه الأشعث إنما أردناها فارغة ، فأجابه عدي ، إنا لا نعيرها فارغة ، وكان يفت الخبز للنمل ويقول : إنهن جارات ولهن حق ، كان من المنحرفين عن عثمان ، وشهد مع الامام وقعة الجمل ففقئت عينه بها ، وله ولدان ، قتل أحدهما مع الامام علي ، والآخر مع الخوارج ، وشهد صفين أيضا وكان له بها مواقف مشهورة توفي سنة سبع وستين من الهجرة ، وقيل غير ذلك ، كان له من العمر مائة وعشرون سنة ، قيل توفى بالكوفة ، وقيل بقرقيسيا والأول أصح ، جاء ذلك فى أسد الغابة 3 / 392 ، وقريب منه جاء فى كل من الاصابة والاستيعاب وتهذيب التهذيب.

٧١

منكرا سكوتهم وتخاذلهم المفضوح قائلا بنبرات تقطر حماسا وعزما :

« أنا عدي بن حاتم ، سبحان الله ما أقبح هذا المقام!!! ألا تجيبون إمامكم ، وابن بنت نبيكم؟ أين خطباء المصر الذين ألسنتهم كالمخاريق في الدعة ، فاذا جد الجد راوغوا كالثعالب ، أما تخافون مقت الله ، ولا عيبها وعارها ».

ثم التفت الى الإمام مظهرا له الطاعة والامتثال قائلا :

« أصاب الله بك المراشد ، وجنبك المكاره ، ووفقك لما يحمد ورده وصدره ، قد سمعنا مقالتك ، وانتهينا الى أمرك ، وسمعنا لك ، وأطعنا فيما قلت ورأيت ».

ثم أظهر الى المجتمع عزمه على الخروج لحرب معاوية فورا قائلا :

« وهذا وجهي الى معسكرنا ، فمن أحب أن يوافي فليواف ».

ثم خرج من المسجد وكانت دابته بالباب فركبها وخرج وحده من دون أن يلتحق به أحد وأمر غلامه أن يلحقه بما يصلحه ، فانتهى الى النخيلة فعسكر بها وحده(1) .

وهكذا اضطرب غيظا وموجدة كل من الزعيم قيس بن سعد بن عبادة ، ومعقل بن قيس الرياحي(2) ، وزياد بن صعصعة التميمي لما رأوا

__________________

(1) شرح النهج ابن أبي الحديد 4 / 14.

(2) معقل بن قيس الرياحي : أدرك النبي (ص) ، قال ابن عساكر : أوفد عمار معقلا على عمر يخبره بفتح تستر ، كما وجهه الى بني ناجية حين ارتدوا وكان من امراء الإمام علي (ع) يوم الجمل ومدير شرطته ، وذكر خليفة بن الخياط أن المستورد بن علقمة اليربوعي الخارجي بارزه لما خرج بعد علي فقتل كل منهما الآخر وكان ذلك سنة 42 هجرية في خلافة معاوية وقيل سنة 39 في خلافة علي جاء ذلك في الاصابة 3 / 475 ،

٧٢

سكوت الجماهير وعدم إجابتهم بشيء ، فلاموهم على هذا التخاذل وبعثوا فيهم روح النشاط الى حرب عدوهم ومناجزته ثم التفتوا الى الامام وكلموه بمثل كلام عدي فى الانقياد والطاعة والامتثال لأمره فشكرهم الامام على موقفهم المشرف ، وأثنى على شعورهم الطيب قائلا :

« ما زلت أعرفكم بصدق النية والوفاء والنصيحة فجزاكم الله خيرا ».

وخرج الامام (ع) من فوره لرد العدوان الأموي ، واستخلف فى عاصمته المغيرة بن نوفل بن الحرث(1) وأمره بحثّ الناس الى الجهاد واشخاصهم إليه فى النخيلة ، وطوى (ع) البيداء بجيشه الجرار المتخاذل ـ وسيأتي وصفه بعد قليل ـ حتى انتهى الى النخيلة فاستقام فيها فنظم جيشه(2) ثم ارتحل عنها وسار حتى انتهى الى ( دير عبد الرحمن ) فأقام

__________________

(1) المغيرة بن نوفل بن الحرث بن عبد المطلب الهاشمي ولد على عهد الرسول (ص) بمكة قبل الهجرة ، وقيل لم يدرك من حياة رسول الله (ص) إلا ست سنين يكنى بأبي يحيى تزوج بامامة بنت أبي العاص بن الربيع ، وكانت امامة زوجا للإمام علي ، فلما قتل أوصى (ع) أن يتزوجها المغيرة من بعده ، فلما مات (ع) تزوج بها المغيرة. وهو ممن شهد مع الامام صفين ، وكان في أيام عثمان قاضيا ، وقد روى عن النبي (ص) حديثا واحدا وهو قوله (ص) : « من لم يحمد عدلا ولم يذم جورا ، فقد بات لله بالمحاربة » جاء ذلك في أسد الغابة 4 / 407.

(2) جاء في الخرائج والجرائح ص 228 أنه نزح مع الامام من أراد الخروج وتخلف عنه خلق كثير لم يفوا بما قالوا وبما وعدوا ، وغرّوه كما غرّوا الامام عليا من قبل وعسكر (ع) في النخيلة عشرة أيام فلم يحضر معه إلا أربعة آلاف فرجع الى الكوفة ليستنفر الناس وخطب خطبته التي يقول فيها : « قد غررتموني كما غررتم من كان قبلي ».

٧٣

به ثلاثة أيام ليلتحق به المتخلفون من جنده ، وعنّ له أن يرسل مقدمة جيشه للاستطلاع على حال العدو وإيقافه فى محله لا يتجاوزه الى آخر ، واختار الى مقدمته خلّص أصحابه من الباسلين والماهرين ، وكان عددهم اثنى عشر الفا ، واعطى القيادة العامة الى ابن عمه عبيد الله بن العباس ، وقبل أن تتحرك هذه الفصيلة من الجيش دعا الامام قائدها العام عبيد الله فزوده بهذه الوصية القيّمة وهي :

« يا ابن العم! إني باعث معك اثنى عشر ألفا من فرسان العرب وقراء المصر ، الرجل منهم يزيد الكتيبة ، فسر بهم ، وألن لهم جانبك ، وابسط لهم وجهك ، وافرش لهم جناحك ، وادنهم من مجلسك ، فانهم بقية ثقات أمير المؤمنين ، وسر بهم على شط الفرات ، ثم امضي حتى تستقبل بهم معاوية ، فان أنت لقيته فاحتبسه حتى آتيك ، فاني على أثرك وشيكا ، وليكن خبرك عندي كل يوم ، وشاور هذين ـ قيس بن سعد وسعيد بن قيس ـ وإذا لقيت معاوية فلا تقاتله حتى يقاتلك فان فعل فقاتله ، وإن أصبت ، فقيس بن سعد على الناس ، فان اصيب ، فسعيد بن قيس على الناس ». وحفلت هذه الوصية بما يلي :

1 ـ إنها دلت على اطلاعه الوافر في تدبير شئون الدولة ، فان التوصية بالجيش بهذا اللون المشتمل على العطف والحنان ، والاطراء عليه بمثل هذا الثناء ، من أنهم بقية ثقات أمير المؤمنين ، والزام القيادة العامة باللين والبسط مما يزيد الجيش اخلاصا وإيمانا بدولته ، ومن الطبيعى ان الجيش إذا أخلص لحكومته ، وآمن بسياستها ثبتت قواعدها ، وظفرت بسياج حصين يمنع عنها العدوان الخارجي ، ويقيها من الشر والفتن الداخلية ، ويوجب لها المزيد من الهدوء والاستقرار.

٧٤

2 ـ وأما أمره أن لا يعتدي عبيد الله على معاوية ، ولا يناجزه الحرب حتى يكون هو المبتدي فليس ذلك لأن معاوية من مصاديق قوله تعالى : « وقاتلوا فى سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين »(1) فان معاوية لم يبق وليجة للاعتداء إلا سلكها ، فقد اعتدى في تخلفه عن بيعة أمير المؤمنين ، ومحاربته له في صفين ، وفي بعثه السفاح بسر بن أبي أرطاة وفعله بأمره ما فعل من المنكرات ، ولم يزل معتديا وخارجا على الاسلام الى حين وفاة أمير المؤمنين ، ولكن إنما أمر الحسن (ع) أن لا يبتدي عبيد الله بحربه لسد مراوغاته حتى لا يستطيع أن يدعي أنه ما جاء للحرب وإنما جاء للتداول في اصلاح أمر المسلمين.

3 ـ ونصت وصية الامام على الزام عبيد الله بمشاورة قيس بن سعد وسعيد بن قيس وترشيحهما للقيادة من بعده ، وفي ذلك الفات منه الى الجيش ان أمره المتبع هو المقرون بمشاورة الرجلين ، كما فيه توثيق لهما ، والحق انه لم يكن في جيش الامام من يضارعهما في نزعاتهما الخيرة وفي ولائهما لأهل البيت (ع) ، وأعظم بهما شأنا أنهما نالا ثقة الامام واهتمامه.

وقبل أن نطوي الحديث على هذا الموضوع نعرض بعض الجهات التي ترتبط فيه وهي :

1 ـ اختيار عبيد الله :

ويتساءل الكثير عن الحكمة التي رشح الامام من أجلها عبيد الله لقيادة مقدمة جيشه مع أنه كان في ذلك الجيش من هو أصلب منه إيمانا وأقوى عقيدة ، وأعظم اخلاصا كالزعيم قيس بن سعد ، وسعيد بن قيس

__________________

(1) سورة البقرة آية 189.

٧٥

واضرابهما من الثقات والمؤمنين. « والجواب عن ذلك » ـ أولا ـ ان الامام (ع) أراد بذلك تشجيعه واخلاصه باسناد القيادة العامة إليه ـ وثانيا ـ ان له من الكفاءة والقدرة والحزم ما يجعله أهلا لهذا المنصب الرفيع ، فهو قد تربى فى مدرسة الامام أمير المؤمنين (ع) ولكفاءته وقدرته نصبه الامام (ع) واليا على اليمن. ـ وثالثا ـ إنه حري بأن يخلص ويبذل قصارى جهوده في المعركة لأنه موتور من قبل معاوية ، فلقد قتل ولديه بسر بن ارطاة. ـ ورابعا ـ ان الامام (ع) لم يجعل القيادة العامة بيده بل جعلها ثلاثية بينه وبين قيس بن سعد ، وسعيد بن قيس ، وقد أوفى المسألة حقها من جميع الوجوه سماحة المغفور له آل ياسين(1) .

2 ـ عدد الجيش :

واضطربت كلمة المؤرخين في تحديد الجيش الذي نزح مع الامام الى مظلم ساباط ، فابن أبي الحديد ذكر أنه نزح مع الامام جيش عظيم ولم يحدده إلا أنه حدد المقدمة التي تولى قيادتها عبيد الله فقال : « إن عددها كان اثنى عشر ألفا من فرسان العرب وقراء المصر(2) . وذكر الطبري وغيره انه كان اربعين ألفا(3) ، ويستفاد من مطاوي بعض الأحاديث التي دارت بين الامام وبعض أصحابه في أمر الصلح أن عدد الجيش كان مائة ألف كقول سليمان بن صرد للامام (ع) وهو في مقام التقريع له

__________________

(1) صلح الحسن ص 96.

(2) شرح ابن أبي الحديد 4 / 14.

(3) تأريخ الطبري 6 / 94.

٧٦

على امضائه وقبوله الصلح « أما بعد : فان تعجبنا لا ينقضي من بيعتك معاوية ومعك مائة ألف مقاتل من أهل العراق »(1) ، كما يستفاد أيضا أنه كان تسعين ألفا(2) ، وقيل أنه سبعون ألفا(3) الى غير ذلك ، والذي نذهب إليه أن عدد الجيش كان يربو على أربعين ألفا ، ويدل على ذلك ما حدث به نوف البكالي(4) قال : لما عزم الامام على العودة الى حرب معاوية قبيل وفاته باسبوع عقد للحسين على عشرة آلاف ، ولأبي أيوب على عشرة آلاف ، ولقيس بن سعد على عشرة آلاف ، ولغيرهم على أعداد أخر

__________________

(1) الإمامة والسياسة 1 / 151.

(2) تاريخ اليعقوبي 2 / 194 ذكر ذلك في جواب زياد الى معاوية حينما هدده وذلك قبل أن يستلحقه به ، فقال زياد : إن ابن آكلة الأكباد ، وكهف النفاق ، وبقية الأحزاب ، كتب يتوعدني ويتهددني وبيني وبينه ابنا رسول الله فى تسعين ألفا.

(3) البداية والنهاية 8 / 42 وجاء فيه أن رجلا دخل على الحسن بن علي وبيده صحيفة فقال له الرجل : ما هذه؟ فأجابه الامام ان معاوية يعدنيها ويتوعد ، فقال الرجل : قد كنت على النصف منه ، فأجابه الامام : إني خشيت أن يجيء يوم القيامة سبعون ألفا أو ثمانون أو أكثر أو أقل تنضح أوداجهم دما كلهم يستعدي الله فيم اهريق دمه ، وقريب من هذا ذكره ابن أبي الحديد فى شرح النهج 4 / 7.

(4) نوف البكالي : بفتح الباء وتخفيف الكاف ، كان من أصحاب أمير المؤمنين (ع) ، ونقل عن تغلب انه منسوب الى بكال قبيلة من همدان ، ويقال : بكيل وهو أكثر ، وقال ابن أبي الحديد : انه بكال بكسر الباء وهي قبيلة من حمير منهم هذا الشخص وهو نوف بن فضالة صاحب الامام علي (ع) جاء ذلك في التعليقات ص 354.

٧٧

وهو يريد الرجعة الى صفين ، فما دارت عليه الجمعة حتى ضربه ابن ملجم بالسيف(1) ، فهذا القول يروي لنا جيشا مسلحا كان متهيئا للحرب قد عدّ اسماء جماعة من قادته لهم السلطة على ثلاثين ألف جندي مسلح ولم يذكر لنا أسماء القادة الآخر الذين نصبهم الإمام على كتائب جيشه ولا كمية عدد الجيش الآخر ولا شك بأنهم كانوا يربون على عشرة آلاف ، هؤلاء جميعا قد بايعوا الحسن ونفروا معه الى حرب عدوه ، ويدل على ذلك ما رواه ( أبو الفداء ) ان الحسن تجهز الى حرب معاوية بالجيش الذي بايع أباه(2) ويؤيده أيضا ما ذكره ( ابن الأثير ) قال :

« كان أمير المؤمنين علي قد بايعه أربعون ألفا من عسكره على الموت لما ظهر ما كان يخبرهم به عن أهل الشام ، فبينما هو يتجهز للمسير قتلعليه‌السلام ، وإذا أراد الله أمرا فلا مرد له ، فلما قتل وبايع الناس ولده الحسن بلغه مسير معاوية في أهل الشام إليه فتجهز هو والجيش الذين كانوا بايعوا عليا وسار عن الكوفة الى لقاء معاوية »(3) .

ويؤكد ذلك حديث المسيب بن نجبة مع الامام في أمر الصلح قال له « ما ينقضي عجبي منك صالحت معاوية ومعك أربعون ألفا »(4) .

فعدد الجيش على هذه الروايات المتوافرة كان أربعين الفا ، وهو الذي يذهب إليه ، وقد ناقش سماحة الحجة المغفور له آل ياسين الروايات

__________________

(1) شرح النهج محمد عبده 2 / 132.

(2) تاريخ أبي الفداء 1 / 193.

(3) الكامل 3 / 61.

(4) شرح ابن أبي الحديد 4 / 6.

٧٨

المتقدمة واختار بعد التصفية والمناقشة ان عدده كان عشرين ألفا أو يزيد قليلا(1) .

ومهما كان الأمر فان الاختلاف في عدده ليس بذي خطر لأن الجيش مهما كان عدده كثيرا وخطيرا إذا كان مختلف الأهواء والنزعات لا بد وأن ينخذل ولا يحرز فتحا ونصرا ، لأن الاعتبار في النصر والظفر دائما إنما هو بالإخلاص والإيمان والعقيدة ووحدة الكلمة ، لا بالكثرة وضخامة العدد فكم فئة قليلة تضامنت فيما بينها ، واتحدت وتعاونت ، قد حازت النصر وفتحت فتحا مبينا ، وسحقت القوى المقابلة لها وإن كانت أكثر منها عدة وأعظم استعدادا أوفر قوة ، والجيش العراقي مهما بلغ عدده وبولغ في كثرته فانه مصاب بالاختلاف والتفكك والانحلال ومع ذلك فكيف يظفر بالنجاح وما ذا تفيده الكثرة؟ وضخامة العدد؟.

3 ـ وصف الجيش :

لا شك أن الجيش هو العماد الذي يقوم عليه عرش الدولة ، ويبتنى عليه كيانها ، وهو السياج الواقي للحكومة والشعب من الاعتداء ، وعليه المعول فى حفظ النظام وسيادة الأمن ، لكن فيما إذا كان مخلصا فى دفاعه ومؤمنا بحكومته ، وأما إذا كان خائنا أو لا ينظر لدولته إلا بنظر العداء والانتقام ويترقب الفرص للفتك بها وتمكين العدو منها ، فانها حتما لا تنجح في أي ميدان من ميادين الصراع الداخلي والخارجي ولا تفوز بالنجاح حينما يتلبد جوّها السياسى بالغيوم القاتمة والأخطار الفاتكة ، وكان الجيش العراقي الذي زحف مع الإمام لمحاربة معاوية قد ركس فى الفتنة وماج في الشقاء

__________________

(1) صلح الحسن ص 106.

٧٩

فكان خطره على الدولة أعظم من خطر معاوية ، وقد وصفه الشيخ المفيدرحمه‌الله وقسمه الى عناصر وقد أجاد فى وصفه وأبدع في تقسيمه ، قال طيب الله مثواه :

« واستنفر الناس للجهاد فتثاقلوا عنه ، ثم خفوا وخف معه أخلاط من الناس بعضهم شيعة له ولأبيه ، وبعضهم محكمة يؤثرون قتال معاوية بكل حيلة ، وبعضهم أصحاب فتن وطمع بالغنائم ، وبعضهم شكاك ، وبعضهم أصحاب عصبية اتبعوا رؤساء قبائلهم لا يرجعون الى دين »(1) .

وأعرب الشيخ المفيد نضّر الله مثواه في كلامه ـ أولا ـ عن كراهة الجيش للحرب ، وإيثاره للعافية ، ورغبته في السلم ، وأفاد ـ ثانيا ـ في تقسيمه ان الجيش ينقسم الى عناصر متباينة فى أفكارها ، مختلفة في عقائدها وهي كما يلي :

1 ـ الشيعة :

وهؤلاء فيما يظهر عدد قليل في الجيش العراقي ولو كانوا عددا كثيرا فيه ، لما أجبر أمير المؤمنين (ع) على التحكيم في صفين ولما صالح الحسن معاوية وهذا العنصر يخالف بقية العناصر في تفكيره وشعوره وإيمانه فهو يرى أن الخلافة من حقوق أهل البيت وانهم أوصياء النبي وحضنة الإسلام وحماته ، وطاعتهم مفروضة على جميع المسلمين.

__________________

(1) الارشاد ص 169 ، وذكر هذا المعنى بعينه علي بن محمد الشهير بابن الصباغ في الفصول المهمة ص 143 ، والأربلي فى كشف الغمة ص 161 ، والمجلسي في البحار 10 / 110.

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

تصنيفاً قرأت بخط البدر النابلسي في مشيخته: كان علّامة زمانه في الرجال وأحوالهم حديد الفهم، ثاقب الذهن، وشهرته تغني عن الإِطناب فيه »(١) .

(٤٧)

رواية البوصيري

رواه في كتابه ( إتحاف السادة ) حيث قال:

« وعن أبي الطفيل: أنه رأى أباذررضي‌الله‌عنه قائماً على الباب وهو ينادي: يا أيها الناس تعرفوني؟ من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا جندب صاحب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأنا أبوذر الغفاري، سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: إن مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركب فيها نجا ومن تخلّف عنها غرق. وإن مثل أهل بيتي فيكم باب حطة. رواه أبو يعلى والبزار »(٢) .

ترجمته:

هو: أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل أبو العباس الكتاني البوصيري القاهري الشافعي المتوفى سنة ٨٤٠:

قالابن حجر: « ولد في المحرم سنة ٧٦٢ واشتغل قليلاً وسكن القاهرة ولازم شيخنا العراقي على كبر فسمع منه الكثير، ثم لازمني في حياة شيخنا، فكتب عني لسان الميزان والنكت على الكاشف، وسمع عليّ الكثير من التصانيف وغيرها وكان كثير السكون والصلاة والتلاوة مع حدّة الخلق، وجمع أشياء منها: زوائد سنن ابن ماجة على الكتب السنة، وعمل زوائد المسانيد

___________________

(١). الدرر الكامنة ٣ / ٤٢٦.

(٢). إتحاف السادة المهرة بزوائد المسانيد العشرة، عن نسخته المحفوظة بمكتبة طوبقبو سراي أحمد الثالث

١٨١

العشرة »(١) .

وقالالسيوطي في ذكر من كان بمصر من حفاظ الحديث:

« سمع الكثير وعني بالفن وألّف وخرّج »(٢) .

وهكذا ترجم له السخاوي(٣) وابن العماد(٤) .

(٤٨)

رواية ابن حجر العسقلاني

رواه عن سيدنا أبي ذررضي‌الله‌عنه في ( المطالب العالية ) وهذا لفظه: « ٤٠٠٣ حسن(٥) : سمعت أباذر - وهو آخذ بحلقة الباب - وهو يقول: يا أيها الناس من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا أبوذر الغفاري، سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: إنما مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من دخلها نجا ومن تخلّف عنها هلك.

٤٠٠٤ أبو الطفيل: إنه رأى أباذر قائماً على الباب وهو ينادي: يا أيها الناس تعرفوني؟ من عرفني فقد عرفني، من لم يعرفني فأنا جندب صاحب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأنا أبوذر الغفاري، سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: إن مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركب فيها نجا ومن تخلّف عنها غرق، وإن مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطة »(٦) .

___________________

(١). أنباء الغمر بأبناء العمر ٨ / ٤٣١.

(٢). حسن المحاضرة ١ / ٤٦٣.

(٣). الضوء اللامع ١ / ٢٥١.

(٤). شذرات الذهب ٧ / ٢٣٣.

(٥).. كذا والظاهر أنه: حنش.

(٦). المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية ٤ / ٧٥. المسانيد الثمانية هي: مسانيد أبي داود الطيالسي =

١٨٢

ترجمته:

هو: أحمد بن علي شهاب الدين أبو الفضل العسقلاني، المعروف بابن حجر المتوفى سنة ٨٥٢:

قالالسخاوي: « شيخي الأستاذ إمام الأئمة الشهاب أبو الفضل الكناني العسقلاني المصري ثم القاهري الشافعي أملى ما ينيف على ألف مجلس على حفظه، واشتهر ذكره، وبعد صيته وارتحل الأئمة إليه وتبحج الأعيان بالوفود عليه، وكثرت طلبته، حتى كان رؤوس العلماء من كل مذهب من تلامذته، وأخذ الناس عنه طبقة بعد أخرى، وألحق الأبناء بالآباء والأحفاد بل وأبناءهم بالأجداد ولم يجتمع عند أحد مجموعهم، وقهرهم بذكائه وتوفّق تصوّره وسرعة إدراكه واتساع نظره ووفور آدابه، وامتدحه الكبار وقد شهد له القدماء بالحفظ والثقة والأمانة والمعرفة التامة ...»(١) .

وقالالسيوطي: « إمام الحفّاظ في زمانه، قاضي القضاة، انتهت إليه الرحلة والرياسة في الحديث في الدنيا بأسرها، فلم يكن في عصره حافظ سواه، وألف كتباً كثيرة »(٢) .

وقالابن العماد: « شيخ الاسلام على الأعلام، أمير المؤمنين في الحديث، حافظ العصر، شهاب الدين أبو الفضل، أقبل على الاشتغال والاشتغال والتصنيف، وبرع في الفقه والعربية، وصار حافظ الإِسلام، قال بعضهم: كان شاعراً طبعاً محدّثاً صناعةً فقيهاً تكلفاً، إنتهى إليه معرفة الرجال واستحضارهم، ومعرفة العالي والنازل وعلل الحديث وغير ذلك ؛ وصار هو المعول عليه في هذا

___________________

= والحميدي وابن أبي عمر ومسدد وابن منيع البغوي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد الكسي والحارث ابن أبي أسامة، وقد أضاف إليها من مسندي أبي يعلى وابن راهويه.

(١). الضوء اللامع ٢ / ٣٦ - ٤٠.

(٢). حسن المحاضرة ١ / ٣٦٣.

١٨٣

الشأن في سائر الأقطار وقدوة الأمة وعلامة العلماء وحجة الأعلام ومحيي السنة، وانتفع به الطلبة وحضر دروسه وقرأ عليه غالب علماء مصر، ورحل الناس إليه من الأقطار »(١) .

(٤٩)

رواية ابن كمال باشا

رواه في باب فضائل أمير المؤمنينعليه‌السلام بلفظ:

« مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق. عن ابن عباس وابن الزبير وأبي ذر »(٢) .

ترجمته:

هو: أحمد بن سليمان الحنفي الشهير بابن كمال باشا المتوفى سنة ٩٤٠:

قال صاحب الشقائق النعمانية: « ومن العلماء في عصره: العالم العامل والفاضل الكامل المولى شمس الدين أحمد بن سليمان بن كمال باشا كان رحمه ‌الله تعالى من العلماء الذين صرفوا جميع أوقاتهم إلى العلم، وكان يشتغل بالعلم ليلاً ونهاراً، ويكتب جميع ما لاح بباله الشريف، وقد فتر الليل والنهار ولم يفتر قلمه، وصنف رسائل كثيرة في المباحث المهمة الغامضة، وكان عدد رسائله قريباً من مائة رسالة وكلّ تصانيفه مقبولة بين الناس، وكان صاحب أخلاق حميدة حسنة وأدب تام وعقل وافر وتقرير حسن ملخص، وله تحرير مقبول جداً

___________________

(١). شذرات الذهب ٧ / ٢٧٠.

(٢). فضائل الخلفاء الأربعة. مخطوط.

١٨٤

لإِيجازه مع وضوح دلالته على المراد.

وبالجملة، أنسى رحمه ‌الله تعالى ذكر السلف بين الناس، وأحيى رباع العلم بعد الاندراس، وكان في العلم جبلاً راسخاً وطوداً شامخاً، وكان من مفردات الدنيا ومنبعاً للمعارف العليا، روح الله تعالى روحه وزاد في غرف الجنان فتوحه »(١) .

وقالابن العماد في حوادث سنة ٩٤٠: « وفيها شمس الدين أحمد بن سليمان الحنفي الشهير بابن كمال باشا، العلم العلامة الأوحد المحقّق الفهامة صاحب التفسير »(٢) .

(٥٠)

رواية القدوسي الحنفي

ورواه الشيخ عبد النبي القدوسي الحنفي عن أبي ذر باللفظ الآتي:

« إن مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها هلك »(٣)

ترجمته:

هو: الشيخ عبد النبي بن أحمد القدوسي الحنفي المتوفي سنة ٩٩٠:

قالعمر رضا كحالة: « عبد النبي بن أحمد بن عبد القدوس الحنفي النعماني، فقيه باحث من أهل الهند، توفي خنقاً في السجن، من تصانيفه: سنن

___________________

(١). الشقائق النعمانية ص ٢٢٦.

(٢). شذرات الذهب ٨ / ٢٣٨.

(٣). سنن الهندي في متابعة المصطفى. مخطوط.

١٨٥

الهدى في متابعة المصطفى، ووظائف اليوم والليلة النبوية »(١) .

(٥١)

رواية الخفاجي

رواه في ( شفاء الغليل ) حيث قال: « ومثل قولي في آل البيت رضي الله عنهم، عقداً لما ورد في الحديث النبوي من قوله: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنما مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجا:

إن آل البيت حبي

لهم مائي وزادي

وهم سفن نجاتي

في معاشي ومعادي

وللنواجي:

قد تدانى الرحيل والسير صعب

فعلام القدوم من غير زاد

وببحر الهوى غرقت ولكن

بك أرجو النجاة يوم المعاد »(٢)

ترجمته:

هو: أحمد بن محمد شهاب الدين الخفاجي المصري المتوفى سنة ١٠٦٩:

قالالمحبي: « الشيخ أحمد بن محمد بن عمر قاضي القضاة الملقّب بشهاب الدين الخفاجي المصري الحنفي، صاحب التصانيف السائرة، وأحد أفراد الدنيا المجمع على تفوّقه وبراعته، وكان في عصره بدر سماء العلم ونير أفق النثر والنظم، رأس المؤلفين ورئيس المصنفين، سار ذكره سير المثل، وطلعت أخباره

___________________

(١). معجم المؤلفين ٦ / ٢٠١. وانظر الأعلام للزركلي ٤ / ٣٢٠.

(٢). شفاء الغليل ص ٢٢٠، ٢٥٣.

١٨٦

طلوع الشهب في الفلك، وكلّ من رأيناه أو سمعنا به ممن أدرك وقته معترفون له بالتفرد في التقرير والتحرير وحسن الإِنشاء، وليس فيهم من يلحق شأوه ولا يدعي ذلك، مع أن في الخلق من يدعي ما ليس فيه، وتآليفه كثيرة، ممتعة مقبولة، إنتشرت في البلاد ورزق فيها سعادة عظيمة، فإن الناس اشتغلوا بها، وأشعاره ومنشآته مسلمة لا مجال للخدش فيها.

والحاصل: إنه فاق كلّ من تقدّمه في كلّ فضيلة، وأتعب من يجيء بعده، مع ما خوّله الله تعالى من السعة وكثرة الكتب ولطف الطبع والنكتة والنادرة.

وقد ترجم نفسه في آخر ريحانته من حين مبدئه »(١) .

وقال الصديق حسن خانالقنوجي: « الشيخ الفاضل والأديب الكامل حامل علم العلم وناشره، وجالب متاع الفضل وتاجره، كان ممن شرف إليه مسائلة الكمال رحالها، إذْ ورث من سماء المعالي بدرها وهلالها، وحوى طارفها وتليدها وأرضع من در الفنون كهلها ووليدها، وسفرت له فرائد العلوم رافعة النقب وتزينت بمنظومه ومنثوره صدور المجالس والكتب، حرر لنفسه ترجمة في كتابه الريحانة وكانرحمه‌الله علّامة في العربية ولسان العرب، وحاشيته على تفسير البيضاوي تدل على علو علومه وسعة فضله وكمال ذكائه وغاية اطلاعه ونهاية تحقيقه، لم يقم في الحنفية مثله في الزمان، ولم يساوه في فضائله ومناقبه إنسان »(٢) .

(٥٢)

رواية الأنصاري الشيرواني

أثبت حديث السفينة في خطبة كتابه ( المناقب الحيدرية ) الذي ألّفه في

___________________

(١). خلاصة الأثر ١ / ٣٣١.

(٢). التاج المكلل: ٦٤.

١٨٧

مناقب السلطان حيدر الغازي إذ قال:

« الحمد لله الذي جلّ شأنه وعظم سلطانه وشمل الخواص والعوام جوده وإحسانه، الملك الديّان الكريم المنّان، والصلاة والسلام على سيد الأنام البشير النذير السراج المنير الهادي إلى منهج الاسلام، الذي سبّح الحصى في كفّه ونبع الماء من بين أصابعه وحنّ الجذع إليه ونزل القرآن العظيم لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه عليه، نبينا الطاهر الأمين، أكرم الأولين والآخرين، صاحبا الفضائل الفاخرة والمعجزات الباهرة، أبي القاسم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب ابن هاشم.

وأهل بيته الكرام الأبرار الذين هم كسفينة نوح، من تعلّق بها فاز ومن تأخر عنها زج في النار، المطهرين من الرجس والمآثم، وأصحابه الرّاشدين المتمسكين بالحبل المتين »(١) .

ترجمته:

هو: أحمد بن محمد علي الأنصاري اليمني الشهير بالشرواني المتوفى سنة ١٢٥٣(٢) :

قالعمر رضا كحالة: « أحمد بن محمد بن علي بن إبراهيم الهمداني الأنصاري اليمني المعروف بالشرواني، أديب، مؤرخ، شاعر، توفي ببلدة بونة. من مصنفاته:

حديقة الأفراح لإِزالة الأتراح في الأدب والنوادر، وتراجم الأدباء، نفحة اليمن فيما يزول بذكره الشجن، الجوهر الوقاد في شرح بانت سعاد، العجب العجاب في ما يفيد الكتاب في الأدب والإِنشاء، والمناقب الحيدرية »(٣) .

___________________

(١). المناقب الحيدرية. وقد كتب جماعة من الأعلام تقاريظ على هذا الكتاب، منهم محمد رشيد الدين خان الدهلوي والشيخ المولوي حسن علي المحدّث.

(٢). كذا في إيضاح المكنون ١ / ٣٨٥.

(٣). معجم المؤلفين ٢ / ١٢٩.

١٨٨

(٥٣)

رواية الآلوسي

وأورد شهاب الدين الآلوسي عن الامام الفخر الرازي عن بعض المذكورين: إنه عليه الصلاة والسلام قال: « مثل أهل بيتي كسفينة نوح من ركب فيها نجا ومن تخلّف عنها هلك »(١) .

ترجمته:

هو: شهاب الدين محمود الآلوسي البغدادي المتوفى سنة ١٢٧٠:

قالعمر رضا كحالة: « محمود بن عبد الله الحسيني الآلوسي شهاب الدين أبو الثناء، مفسّر، محدّث، فقيه، لغوي، نحوي، مشارك في بعض العلوم.

ولد ببغداد في ١٤ شعبان وتقلّد القضاء فيها وعزل، وسافر إلى الموصل فالقسطنطنية، ومرّ بماردين وسيواس، وأكرمه السلطان عبد المجيد، وعاد إلى بغداد وتوفي بها في ٢٥ ذي القعدة. من تصانيفه الكثيرة:

روح المعاني في تفسير القرآن والسبع والمثاني، في تسعة مجلّدات »(٢) .

___________________

(١). روح المعاني ٢٥ / ٣٠.

(٢). معجم المؤلفين ١٢ / ١٧٥.

١٨٩

(٥٤)

رواية الكمشخانوي

روى حديث السفينة حيث قال:

« ومثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق.

بر. طب عن ابن عباس. ك‍ خط عن أبي ذر »(١)

ترجمته:

هو: أحمد بن مصطفى الكمشخانوي الخالدي الحنفي المتوفى سنة ١٣١١:

قالعمر رضا كحالة: « أحمد بن مصطفى بن عبد الرحمن الكمشخانوي النقشبندي الخالدي الحنفي ضياء الدين، صوفي، محدّث، واعظ، ولد في كمشخانه بولاية طربزون، ورحل إلى القسطنطينية وبقي بها يحدّث ويؤلّف ويعظ إلى أنْ توفي في ٧ ذي القعدة.

من تآليفه: جامع المتون في ألفاظ الكفر وتصحيح الاعتقاد والأعمال، روح العارفين ورشاد الطالبين في التصوف، راموز الأحاديث على ترتيب حروف الهجاء جامع الأصول في الأولياء وأنواعهم وأصنافهم وأصول كل طريق، ودواء المسلمين في الوعظ »(٢) .

___________________

(١). راموز الأحاديث ص ٣٩١.

(٢). معجم المؤلفين ٢ / ١٧٨.

١٩٠

(٥٥)

رواية العلوي الحضرمي

ورواه السيد أبوبكر العلوي الحضرمي من طريق الطبراني في المعجم الصغير كما تقدم(١) .

ورواه أيضاً من طريق الحاكم في المستدرك(٢) .

ترجمته:

هو: أبوبكر بن عبد الرحمن العلوي الحضرمي الشافعي المتوفى سنة ١٣٤١:

قالعمر رضا كحالة: « أبوبكر بن عبد الرحمن بن محمد بن علي بن عبد الله بن عبدروس بن علي بن محمد بن شهاب الدين، العلوي الحسيني الحضرمي الشافعي، عالم شاعر، مشارك في أنواع من العلوم، ولد بقرية حصن آل فلوقه من حضر موت، وبها نشأ، وتوفي في حيدرآباد دكن بالهند.

من آثاره: رشفة الصادي من بحر فضائل النبي الهادي، الترياق النافع بايضاح جمع الجوامع في جزأين، منظومة حدائق ذريعة الناهض إلى تعلّم أحكام الفرائض، إسعاف الطلاب ببيان مساحة السطوح وما تتوقف عليه من الحساب، وديوان شعر »(٣) .

___________________

(١). رشفة الصادي ٧٩.

(٢). المصدر نفسه.

(٣). معجم المؤلفين ٣ / ٦٤.

١٩١

(٥٦)

رواية النبهاني

رواه حيث قال: « إن مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها هلك. ك‍ عن أبي ذر »(١) .

ترجمته:

هو: يوسف بن إسماعيل النبهاني الشافعي المتوفى سنة ١٣٥٠:

قالعمر رضا كحالة: « يوسف بن إسماعيل بن يوسف بن إسماعيل بن حسن بن محمد النبهاني الشافعي أبو المحاسن، أديب، شاعر، صوفي، من القضاة »(٢) .

وله ترجمة مفصلة في مقدمة ( شواهد الحق في الاستغاثة بسيّد الخلق )(٣) .

وخلاصتها: أنه ولد سنة ١٢٦٥ تقريباً وقرأ القرآن على الحافظ الشيخ إسماعيل النبهاني، ورحل إلى مصر لطلب العلم، ودخل الأزهر سنة ١٢٧٣، ودرس على مشايخه: أحدهم: شيخ المشايخ الشيخ إبراهيم السقّاء الشافعي المتوفى سنة ١٢٨٩ وقد أجازه بإجازة فائقة، والعلامة السيد محمد الدمنهوري الشافعي المتوفى سنة ١٢٨٧، والعلامة الشيخ أحمد الأجهوري الضرير الشافعي المتوفى سنة ١٢٩٣، والعلامة الشيخ حسن العدوي المالكي المتوفى سنة ١٢٨٩ وغيرهم من كبار علماء المذاهب المختلفة.

___________________

(١). الفتح الكبير في ضم الزيادة إلى الجامع الصغير ١ / ٤١٤.

(٢). معجم المؤلفين ١٣ / ٢٧٥.

(٣). طبع مصر سنة ١٣٧٤.

١٩٢

وتولى القضاء في الولايات المختلفة، حتى صار رئيساً لمحكمة الحقوق العليا في بيروت.

أما مصنفاته فهي كثيرة جداً.

ولقد أثنى عليه كبار علماء عصره، وأشادوا بفضله في تقاريظهم لكتابه المذكور.

(٥٧)

رواية الكافي

رواه حيث قال: « وروى البزار عن ابن عباس وأبو داود عن ابن الزبير والحاكم عن أبي ذر بسند حسن: مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح، من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق »(١) .

وقد صرّح بصحة هذا الحديث وأكّد على ذلك حيث قال بعد كلام له:

« ويدلّ على ذلك: الحديث المشهور المتفق على نقله: مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق.

وهو حديث نقله الفريقان وصححه القبيلان، لا يمكن لطاعن أن يطعن عليه وأمثاله في الأحاديث كثيرة ».

ترجمته:

هو: محمد بن يوسف التونسي المالكي المعروف بالكافي المتوفى سنة ١٣٧٩:

___________________

(١). السيف اليماني المسلول في عنق من يطعن في أصحاب الرسول ص ٩ فرغ من تأليفه سنة ١٣٥٤ ط امية دمشق ١٣٥٥.

١٩٣

قالعمر رضا كحالة: « محمد بن يوسف بن محمد بن سعد الحيدري التونسي الأزهري الأشعري المالكي الخلوتي المعروف بالكافي، فقيه، متكلم، صوفي، إنتسب إلى الأزهر ودرّس فيه ما يقرب من عشرين عاماً، وأخذ عن أحمد الرفاعي الفيومي وسليم البشري وأبي الفضل الجيزاوي وبخيت المطيعي وغيرهم، ثم توجه إلىّ صفاقس فدرّس بها وتحوّل في أنحاء القطر التونسي، ثم سافر إلى طرابلس الغرب فبني غازي، ومنها أبحر إلى القسطنطينية فإزمير فالإِسكندرية، ثم غادرها إلى القاهرة فالسويس فجدة فمكة فالمدينة، وبها درّس في الحرم النبوي، ثم استوطن دمشق وتوفي بها في ٢٩ ربيع الأول، ودفن بمقبرة الدحداح.

من مؤلفاته الكثيرة السيف اليماني المسلول في عنق من طعن في أصحاب الرسول ...»(١) .

(٥٨)

رواية الأمر تسري

رواه بألفاظ مختلفة عن جماعة من الأعلام عن عدّةٍ من الأصحاب حيث قال:

« عن حنش بن المعتمر قال: رأيت أباذر آخذاً بعضادتي باب الكعبة وهو يقول: من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا أبوذر الغفاري، سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح في قومه من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق.

___________________

(١). معجم المؤلفين ١٢ / ١٣٦.

١٩٤

أخرجه الحاكم في تاريخه، وأبو يعلى في مسنده، والطبراني في الكبير والأوسط، وسماك بن حرب، والبزار، وأبو الحسن المغازلي.

عن أبي ذر أنه قال أخرجه أحمد في مسنده وابن جرير في مسنده وابن جرير في تاريخه.

عن ابن عباس أخرجه الطبراني في الكبير وأبو نعيم في الحلية والبزار في المسند.

عن سلمة بن الأكوع أخرج ابن المغازلي في المناقب.

عن عبد الله بن الزبير أخرجه البزار في مسنده.

عن أبي سعيد الخدري أخرجه الطبراني في الصغير والأوسط »(١) .

(٥٩)

رواية حسين المصري

وهو: الاستاذ حسين محمد يوسف المصري. من المعاصرين. روى حديث السفينة في كتابه ( سيد شباب أهل الجنة ) حيث قال: « مثل أهل البيت مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تركها غرق.

البزار من حديث عبد الله بن الزبير وابن عباس، والطبراني من حديث أبي ذر وأبي سعيد »(٢) .

___________________

(١). أرجح المطالب ٣٢٩ - ٣٣٠.

(٢). سيد شباب أهل الجنة ص ٤٤ ط مصر ١٩٧٣ وقد قدم له: عبد الحليم محمود شيخ الأزهر.

١٩٥

(٦٠)

رواية أحمد محمد داود

وهو من المعاصرين، رواه في كتابه في مناقب سيدنا أمير المؤمنينعليه‌السلام حيث قال: « وأخرج البزار عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما: أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: أهل بيتي فيكم كسفينة نوح من ركبها نجا ومن تركها غرق »(١) .

___________________

(١). مناقب علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ص ٥٤ ط سنة ١٣٨٩ وقدم له العارف بالله: الشيخ محمد أحمد رضوان.

١٩٦

شواهد حديث السفينة

١٩٧

١٩٨

ثم إنه يشهد لكون مثل أهل البيتعليهم‌السلام مثل سفينة نوح أمور:

الأول: كلام لأمير المؤمنين عليه‌السلام

قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : « إنما مثلنا في هذه الأمة كسفينة نوح وكباب حطة في بني إسرائيل ».

رواه جلال الدين السيوطي بتفسير قوله تعالى( وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا ) قائلاً ما نصه: « وأخرج ابن أبي شيبة عن علي بن أبي طالب قال: إنما مثلنا في هذه الْأُمّة كسفينة نوح وكباب حطة في بني إسرائيل »(١) .

وروى المتقي: « عن عباد بن عبد الله الأسدي قال: بينما أنا عند علي بن أبي طالبرضي‌الله‌عنه في الرحبة، إذ أتاه رجل فسأله عن هذه الآية:( أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ ) قال: ما من رجل من قريش جرت عليه المواسي إلّا قد نزلت فيه طائفة من القرآن، والله [ والله ] لأن يكونوا يعملوا ما سبق لنا أهل البيت على لسان النبي الأميصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أحب إليّ من أن يكون لي ملء هذه الرحبة ذهباً وفضة، والله إن مثلنا في هذه الأُمة كمثل سفينة نوح في قوم نوح. وإن مثلنا في هذه الأُمة كمثل باب حطة في بني إسرائيل. أبو سهل

___________________

(١). الدر المنثور ١ / ٧١ - ٧٢.

١٩٩

القطان في أماليه. وابن مردويه »(١) .

الثاني: كلام آخر له عليه‌السلام

وقالعليه‌السلام : « أنا من سنخ أصلاب أصحاب السفينة، وكما نجا في هاتيك من نجا ينجو في هذه من ينجو ».

رواه اليعقوبي من كلام لهعليه‌السلام قال:

« فأين يتاه بكم؟ بل أين تذهبون عن أهل بيت نبيكم؟ أنا من سنخ أصلاب أصحاب السفينة، وكما نجا في هاتيك من نجا ينجو في هذه من ينجو ويل وهين لمن تخلف عنهم، إني فيكم كالكهف لأهل الكهف، وإني فيكم باب حطة من دخل فيه نجا ومن تخلّف عنه هلك، حجة من ذي الحجة في حجة الوداع: إني قد تركت بين أظهركم ما إنْ تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبداً: كتاب الله وعترتي أهل بيتي »(٢) .

الثالث: كلام آخر له عليه‌السلام

وقالعليه‌السلام . « فنحن نور السموات والأرض وسفن النجاة » و قد قال ذلك في خطبة خطبها في مدح النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رواها سبط ابن الجوزي بسنده إلى الحسين بن عليعليهما‌السلام قال: « خطب أبي أمير المؤمنين يوماً بجامع الكوفة خطبة بليغة في مدح رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال بعد حمد الله: لمـّا أراد الله أن ينشئ المخلوقات ويبتدع الموجودات أقام الخلائق في صورة قبل دحو الأرض ورفع السماوات، ثم أفاض نوراً من نور عزه فلمع قبساً من ضيائه وسطع.

___________________

(١). كنز العمال ٢ / ٢٧٧ - ٢٧٨.

(٢). تاريخ اليعقوبي ٢ / ٢٠١.

٢٠٠

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347