نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ٤

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار16%

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 347

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 347 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 286587 / تحميل: 6654
الحجم الحجم الحجم
نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ٤

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

والشافعي في أحد أقواله(١) - لأنّ سفره لأجل المال ، فكانت نفقته منه ، كأجر الحمّال ، ولأنّه في السفر قد سلّم نفسه وجرّدها لهذا الشغل ، فأشبه الزوجة تستحقّ النفقة إذا سلّمت نفسها ، ولا تستحقّ إذا لم تُسلّمْ.

ولما رواه عليّ بن جعفر عن أخيه موسى الكاظمعليه‌السلام قال في المضاربة : « ما أنفق في سفره فهو من جميع المال ، وإذا قدم بلده فما أنفق فمن نصيبه »(٢) .

وظاهر مذهب الشافعي أنّه لا نفقة للعامل بحالٍ - وبه قال ابن سيرين وحمّاد بن أبي سليمان وأحمد - كما في الحضر ؛ لأنّ نفقته تخصّه ، فكانت عليه ، كما في الحضر وأجر الطبيب وثمن الطيب ، ولأنّه دخل على أنّه يستحقّ من الربح الجزء المسمّى ، فلا يكون له غيره ، ولأنّه لو استحقّ النفقة أفضى إلى أن يختصّ بالربح إذا لم يربح سوى ما أنفقه ، فيخلّ بمقصود العقد(٣) .

____________________

(١) الإشراف على مذاهب أهل العلم ٢ : ٤٧ ، المغني ٥ : ١٥٢ ، الشرح الكبير ٥ : ١٦٤ ، المدوّنة الكبرى ٥ : ٩٧ ، الاستذكار ٢١ : ١٧٠ / ٣٠٩٢٤ ، الإشراف على نكت مسائل الخلاف ٢ : ٦٤٦ / ١١٢٦ ، بداية المجتهد ٢ : ٢٤٠ ، التفريع ٢ : ١٩٤ ، التلقين : ٤٠٨ ، الذخيرة ٦ : ٥٩ ، عيون المجالس ٤ : ١٧٨٦ / ١٢٥١ ، المعونة ٢ : ١١٢٣ ، تحفة الفقهاء ٣ : ٢٣ ، الاختيار لتعليل المختار ٣ : ٣٤ ، المبسوط - للسرخسي - ٢٢ : ٦٢ - ٦٣ ، مختصر اختلاف العلماء ٤ : ٤٣ / ١٧١٢ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٢١١ ، الحاوي الكبير ٧ : ٣١٨ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٩٤ ، بحر المذهب ٩ : ١٩٩ و ٢٠٠ ، الوجيز ١ : ٢٢٤ ، الوسيط ٤ : ١٢٠ ، حلية العلماء ٥ : ٣٣٩ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٨٦ ، البيان ٧ : ١٨٤ و ١٨٥ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٢ ، روضة الطالبين ٤ : ٢١٤ ، الإفصاح عن معاني الصحاح ٢ : ٦.

(٢) الكافي ٥ : ٢٤١ / ٥ ، التهذيب ٧ : ١٩١ / ٨٤٧.

(٣) الإشراف على مذاهب أهل العلم ٢ : ٤٧ ، المغني ٥ : ١٥٢ ، الشرح الكبير ٥ : =

١٠١

والقول الثالث للشافعي : إنّه يُنفق في السفر من ماله قدر نفقة الحضر ، والزائد من مال القراض ؛ لأنّ الزيادة إنّما حصلت بواسطته ، وهو الأصحّ عندهم ، وهو منقول عن مالك أيضاً(١) .

مسألة ٢٥٩ : ولو شرط له النفقة في الحضر ، لزم الشرط ، ووجب له ما يحتاج فيه إليه من المأكول والمشروب والمركوب والملبوس.

وكذا لو شرطها في السفر على قول مَنْ لا يوجبها على المال إجماعاً ؛ عملاً بالشرط.

وينبغي أن يعيّن قدر النفقة وجنسها ، فلا يجوز له التخطّي.

ولو أطلق ، رجع إلى العادة ، وكان صحيحاً.

وبعض الشافعيّة اشترط تعيين النفقة(٢) .

وليس شيئاً ؛ لأنّ الأسعار قد تختلف وتقلّ وتكثر.

وقال أحمد : لا كسوة له مع الإطلاق إذا شرط له النفقة(٣) .

إذا عرفت هذا ، فإنّ الكسوة يستحقّها للاستمتاع بها على جهة الملك‌

____________________

= ١٦٤ ، الحاوي الكبير ٧ : ٣١٨ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٩٤ ، بحر المذهب ٩ : ١٩٩ و ٢٠٠ ، الوسيط ٤ : ١٢١ ، حلية العلماء ٥ : ٣٣٩ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٨٦ ، البيان ٧ : ١٨٤ - ١٨٥ ، الإفصاح عن معاني الصحاح ٢ : ٦ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٢ ، روضة الطالبين ٤ : ٢١٤ ، مختصر اختلاف العلماء ٤ : ٤٤ / ١٧١٢ ، الاستذكار ٢١ : ١٧٠ / ٣٠٩٢٧ و ٣٠٩٣٠ ، بداية المجتهد ٢ : ٢٤٠ ، عيون المجالس ٤ : ١٧٨٦ / ١٢٥١.

(١) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٩٤ ، بحر المذهب ٩ : ٢٠٠ ، الوسيط ٤ : ١٢١ ، حلية العلماء ٥ : ٣٤٠ ، البيان ٧ : ١٨٥ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٢ ، روضة الطالبين ٤ : ٢١٤.

(٢) الحاوي الكبير ٧ : ٣١٩ ، بحر المذهب ٩ : ٢٠٠ ، البيان ٧ : ١٨٥ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٣ ، روضة الطالبين ٤ : ٢١٥.

(٣) المغني ٥ : ١٥٢ ، الشرح الكبير ٥ : ١٦٤.

١٠٢

الصريح ، فلو رجع إلى البلد من سفره وعليه كسوة أو دابّة ركوبٍ كانت مردودةً إلى القراض.

وإذا قلنا : له النفقة في السفر ولم يعيّن المالك واختلفا في قدرها ، رجع إلى الإطعام في الكفّارة ، وفي الكسوة إلى أقلّ ملبوسٍ مثله.

وهذا كلّه في السفر المباح ، أمّا لو خالف المالك فسافر إلى غير البلد الذي أمره بالسفر إليه ، فإنّه لا يستحقّ النفقة ، سواء قلّ الربح أو كثر عن البلد المأمور به.

ولو احتاج في السفر إلى خُفٍّ وإداوة وقِرْبة وشبهها ، أخرج من أصل المال ؛ لأنّه من جملة المؤونة ، ثمّ يردّه بعد رجوعه إلى مال القراض.

مسألة ٢٦٠ : لو استردّ المالك ماله وقد نضّ إمّا في الطريق أو في البلد الذي سافر إليه ، فأراد العامل أن يرجع إلى بلده ، لم يستحق نفقة الرجوع ، كما لو مات العامل لم يكن على المالك تكفينه ، وهو أظهر وجهي الشافعيّة ، كما لو خالع زوجته في السفر ، والثاني : إنّ له ذلك ، قاله الشافعي ، ثمّ تردّد فقال : قولان(١) .

ولا فرق بين الذهاب والعود.

وعن أحمد رواية كالثاني ؛ لأنّه بإطلاقه كأنّه قد شرط له نفقة ذهابه وعوده ، وغرّه بتنفيذه إلى الموضع الذي أذن له فيه ، معتقداً أنّه يستحقّ النفقة ذاهباً وراجعاً ، فإذا قطع عنه النفقة تضرّر بذلك(٢) .

والصحيح ما قلناه.

____________________

(١) بحر المذهب ٩ : ٢٠٢ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٨٧ ، البيان ٧ : ١٨٦ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٣ ، روضة الطالبين ٤ : ٢١٤.

(٢) المغني ٥ : ١٥٣ ، الشرح الكبير ٥ : ١٦٥.

١٠٣

وإذا رجع العامل وبقي معه فضل زاد وآلات أعدّها للسفر كالمطهرة والقِرْبة وغير ذلك ، ردّها إلى مال القراض ؛ لأنّها من عينه ، وإنّما ساغ له التصرّف فيها للحاجة ؛ قضاءً للعادة ، وقد زالت الحاجة ، وهو أحد قولَي الشافعيّة.

والثاني : إنّها تكون للعامل(١) .

وليس شيئاً.

مسألة ٢٦١ : لو كان مع العامل مال(٢) لنفسه للتجارة واستصحبه معه في السفر ليعمل فيه وفي مال القراض ، قُسّطت النفقة على قدر المالين ؛ لأنّ السفر إنّما كان لماله ومال القراض ، فالنفقة اللازمة بالسفر تكون مقسومةً على قدر المال(٣) ، وهو قول بعض الشافعيّة(٤) .

ويحتمل النظر إلى مقدار العمل على المالين وتوزيع النفقة على أُجرة مثلهما ، وهو قول بعض الشافعيّة(٥) .

وقال بعضهم : إنّما تُوزّع إذا كان ماله قدراً يقصد السفر له ، فإن كان لا يقصد ، فهو كما لو لم يكن معه مال سوى مال القراض(٦) .

أمّا لو كان معه قراض لغير صاحب الأوّل ، فإنّ النفقة تُقسّط عليهما على قدر رأس المالين ، أو قدر العمل فيهما ، والأخير أقرب.

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٣ ، روضة الطالبين ٤ : ٢١٤.

(٢) في النُّسَخ الخطّيّة والحجريّة : « مالاً ». وهو خطأ.

(٣) الظاهر : « المالين ».

(٤) الحاوي الكبير ٧ : ٣٢٠ ، الوسيط ٤ : ١٢١ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٨٧ ، البيان ٧ : ١٨٥ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٢ ، روضة الطالبين ٤ : ٢١٤.

(٥) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٣ ، روضة الطالبين ٤ : ٢١٤.

(٦) البيان ٧ : ١٨٥ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٣ ، روضة الطالبين ٤ : ٢١٤.

١٠٤

مسألة ٢٦٢ : كلّ موضعٍ يثبت له النفقة فإنّ المالك إن عيّن له قدراً ، لم يجز له التجاوز ولو احتاج إلى أزيد منه ، ولو نهاه عن الإنفاق من مال القراض في السفر ، لم يجز له الإنفاق ، سواء احتاج أو لا ، بل يُنفق من خاصّ ماله.

وإذا أطلق القراض ، كان له الإنفاق في السفر بالمعروف من غير إسرافٍ ولا تقتير ، والقدر المأخوذ في النفقة يُحسب من الربح ، فإن لم يكن هناك ربح فهو خسران لحق المال.

ولو أقام في طريقه فوق مدّة المسافرين في بلدٍ للحاجة ، كجباية المال أو انتظار الرفقة ، أو لغير ذلك من المصالح لمال القراض ، كانت النفقة على مال القراض أيضاً ؛ لأنّه في مصلحة القراض(١) ، أمّا لو أقام للاستراحة أو للتفرّج أو لتحصيل مالٍ له أو لغير مال القراض فإنّه لا يستحقّ عن تلك المدّة شيئاً من مال القراض في النفقة.

مسألة ٢٦٣ : قد بيّنّا أنّ العامل يستحقّ النفقة بالمعروف في السفر وإن لم يشترط ، فلو شرطها في عقد القراض فهو تأكيد وزيادة توثّقٍ ، وبه قال الشافعي على تقدير الوجوب(٢) .

أمّا على تقدير عدم استحقاقه للنفقة فله وجهان :

أحدهما : إنّ القراض يفسد ، كما لو شرط نفقة الحضر.

والثاني : لا يفسد ؛ لأنّه من مصالح العقد من حيث إنّه يدعوه إلى السفر ، وهو مظنّة الربح غالباً(٣) .

____________________

(١) في « ج » : « مال القراض ».

(٢) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٣ ، روضة الطالبين ٤ : ٢١٤.

(٣) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٨٧ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٣ ، روضة الطالبين ٤ : ٢١٤ - ٢١٥.

١٠٥

وعلى هذا فهل يشترط تقديره؟ فيه للشافعيّة وجهان(١) .

وهذا القول يشعر بأنّه ليس له أن يشترط النفقة في الحضر.

وليس بجيّدٍ ؛ لأنّه سائغ تدعو الحاجة إليه ، فجاز اشتراطه ولزم ؛ لقولهعليه‌السلام : « المسلمون عند شروطهم »(٢) .

مسألة ٢٦٤ : لو كان معه مال قراضٍ لغير المالك الأوّل ، فقد قلنا : إنّ النفقة تُقسّط إمّا على المالين أو على العملين.

فإن شرط صاحب المال الأوّل النفقةَ من مال القراض مع علمه بالقراض الثاني ، جاز ، وكانت نفقته على الأوّل.

ولو لم يعلم بالقراض الثاني ، بُسطت النفقة وإن كان قد شرطها الأوّل ؛ لأنّه إنّما أطلق له النفقة بناءً على اختصاص عمله به ؛ لأنّه الظاهر.

ولو كان معه مالٌ لنفسه يعمل به أو بضاعة لغيره ، فالحكم كما تقدّم.

ولو شرط الأوّل له النفقةَ ، وشرطها الثاني أيضاً ، لم يحصل له بذلك زيادة الترخّص في الإسراف في النفقة ولا تعدّدها ، بل له نفقة واحدة عليهما على قدر المالين أو العملين.

مسألة ٢٦٥ : لو احتاج في السفر إلى زيادة نفقةٍ ، فهي من مال القراض أيضاً.

ولو مرض فافتقر إلى الدواء ، فإنّه محسوب عليه.

وكذا لو مات كُفّن من ماله خاصّةً ؛ لأنّ النفقة وجبت للقراض ، وقد بطل بموته ، فلا يُكفَّن من مال القراض.

وكذا لو أبطل القراض وفسخه هو أو المالك ، فلا نفقة ، كما لو أخذ‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٣ ، روضة الطالبين ٤ : ٢١٥.

(٢) تقدّم تخريجه في ص ٣٥ ، الهامش (٣)

١٠٦

المالك ماله ؛ لأنّه إنّما استحقّ النفقة ما داما في القراض ، وقد زال فزالت النفقة.

ولو قتّر على نفسه في الإنفاق ، لم يكن له أخذ الفاضل ممّا لا يزيد على المعروف ؛ لأنّ هذه النفقة مواساة.

وكذا لو أسرف في النفقة ، حُسب عليه الزائد على قدر المعروف.

البحث الرابع : في وقت ملك الربح.

مسألة ٢٦٦ : العامل يملك حصّته المشروطة له من الربح بظهور الربح قبل القسمة - وبه قال أبو حنيفة والشافعي في أحد القولين ، وأحمد في إحدى الروايتين(١) - لأنّ الشرط صحيح ، فيثبت مقتضاه ، وهو أن يكون له جزء من الربح ، فإذا حصل وجب أن يملكه بحكم الشرط ، كما يملك عامل المساقاة حصّته من الثمرة بظهورها ، وقياساً على كلّ شرطٍ صحيحٍ في عقدٍ.

ولأنّ هذا الربح مملوك ، فلا بدّ له من مالكٍ ، وربّ المال لا يملكه اتّفاقاً ، ولا تثبت أحكام الملك في حقّه ، فيلزم أن يكون للعامل ؛ إذ لا مالك غيرهما إجماعاً.

ولأنّ العامل يملك المطالبة بالقسمة ، فكان مالكاً ، كأحد شريكي العنان ، ولو لم يكن مالكاً لم يكن له مطالبة ربّ المال بالقسمة.

____________________

(١) الوسيط ٤ : ١٢١ - ١٢٢ ، الوجيز ١ : ٢٢٤ ، حلية العلماء ٥ : ٣٤١ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٨٩ ، البيان ٧ : ١٨٦ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٤ ، روضة الطالبين ٤ : ٣١٥ ، المغني ٥ : ١٦٩ ، الشرح الكبير ٥ : ١٦٦ ، الإشراف على نكت مسائل الخلاف ٢ : ٦٤٥ / ١١٢٥.

١٠٧

ولأنّه لو لم يملك بالظهور ، لم يعتق عليه نصيبه من أبيه لو اشتراه ، والتالي باطل ؛ لحديث محمّد بن قيس عن الصادقعليه‌السلام ، قال : قلت له : رجل دفع إلى رجلٍ ألف درهم مضاربةً فاشترى أباه وهو لا يعلم ، قال : « يُقوّم فإن زاد درهماً واحداً أُعتق واستسعى في مال الرجل »(١) والشرطيّة ظاهرة ؛ إذ المقتضي للإعتاق دخوله في ملكه.

وقال مالك : إنّما يملك العامل حصّته من الربح بالقسمة - وهو القول الثاني للشافعي ، والرواية الثانية عن أحمد - لأنّه لو مَلَك بالظهور لكان شريكاً في المال ، ولو كان شريكاً لكان النقصان الحادث بعد ذلك شائعاً في المال ، فلـمّا انحصر في الربح دلّ على عدم الملك.

ولأنّه لو مَلَكه لاختصّ بربحه.

ولأنّه لم يسلّم إلى ربّ المال رأس ماله ، فلا يملك العامل شيئاً من الربح ، كما لو كان رأس المال ألفاً فاشترى به عبدين كلّ عبدٍ يساوي ألفاً ، فإنّ أبا حنيفة قال : لا يملك العامل شيئاً منهما(٢) ، وإذا أعتقهما ربّ المال ، عُتقا ، ولا يضمن للعامل شيئاً ، قال المزني : لو مَلَك العامل حصّته بالظهور ، لكانا شريكين في المال ، وإذا تلف منه شي‌ء ، كان بينهما كالشريكين شركة العنان ، ولأنّ القراض معاملة جائزة ، والعمل فيها غير مضبوطٍ ، فوجب أن لا يستحقّ العوض فيها إلّا بتمام العمل ، كما في الجعالة(٣) .

____________________

(١) الفقيه ٣ : ١٤٤ / ٦٣٣ ، التهذيب ٧ : ١٩٠ / ٨٤١.

(٢) بدائع الصنائع ٦ : ٩٣.

(٣) الإشراف على نكت مسائل الخلاف ٢ : ٦٤٥ / ١١٢٥ ، المغني ٥ : ١٦٩ ، الشرح الكبير ٥ : ١٦٦ ، الوسيط ٤ : ١٢٢ ، الوجيز ١ : ٢٢٤ ، حلية العلماء ٥ : ٣٤١ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٨٩ ، البيان ٧ : ١٨٦ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٤ ، روضة الطالبين ٤ : ٢١٥.

١٠٨

والجواب : لا امتناع في أن يملك العامل ، ويكون ما يملكه وقايةً لرأس المال ، كما أنّ المالك يملك حصّته من الربح ، ومع ذلك فإنّها وقاية لرأس المال أيضاً ، ومن هنا امتنع اختصاصه بربحه ، ولأنّه لو اختصّ بربح نصيبه لاستحقّ من الربح أكثر ممّا شرط له ، ولا يثبت بالشرط ما يخالف مقتضاه ، ومع ظهور الربح يحصل تمام العمل.

وكذا لو أوصى لرجلٍ بألفٍ من ثلث ماله ، ولآخَر بما يبقى من الثلث ومات وله أربعة آلاف ، فقد مَلَك كلّ واحدٍ منهما حصّته ، وإذا تلف من ذلك شي‌ء كان من نصيب الموصى له بالباقي.

مسألة ٢٦٧ : ليس لأحدٍ من العامل ولا المالك استحقاق شي‌ءٍ من الربح استحقاقاً تامّاً حتى يستوفي المالك جميع رأس ماله.

وإن كان في المال خسران وربح ، جُبرت الوضيعة من الربح ، سواء كان الخسران والربح في مرّةٍ واحدة ، أو الخسران في صفقةٍ والربح في أُخرى ، أو الخسران في سفرةٍ والربح في سفرةٍ أُخرى ؛ لأنّ معنى الربح هو الفاضل عن رأس المال ، وإذا لم يفضل شي‌ء فلا ربح ، ولا نعلم في هذا خلافاً.

مسألة ٢٦٨ : ملكُ كلّ واحدٍ من العامل والمالك حصّتَه من الربح بالظهور غير مستقرٍّ ، فليس للعامل أن يتسلّط عليه ، ولا يتصرّف فيه ؛ لأنّ الربح وقاية لرأس المال عن الخسران ما دامت المعاملة باقية ، حتى لو اتّفق خسران كان محسوباً من الربح دون رأس المال ما أمكن ، ولهذا نقول : ليس لأحد المتعاملين قسمة الربح قبل فسخ القراض قسمة إجبارٍ ، بل يتوقّف على رضاهما معاً ، فلا يُجبر أحدهما لو امتنع.

أمّا العامل : فإنّه لا يُجبر لو طلب المالك القسمة ؛ لأنّه لا يأمن أن‌

١٠٩

يخسر المال بعد ذلك ، ويكون قد أخرجه ، فيحتاج إلى غُرْم ما حصل له بالقسمة ، وفي ذلك ضرر عليه ، فلا تلزمه الإجابة إلى ما فيه ضرر عليه.

وأمّا المالك : فلا يُجبر على القسمة لو طلبها العامل ؛ لأنّ الربح وقاية لرأس ماله ، فله أن يقول : لا أدفع إليك شيئاً من الربح حتى تسلّم إلَيَّ رأس المال.

أمّا إذا ارتفع القراض والمال ناضّ واقتسماه ، حصل الاستقرار ، ومَلَك كلّ واحدٍ منهما ما حصل له بالقسمة ملكاً مستقرّاً عليه.

وكذا لو كان قدر رأس المال ناضّاً فأخذه المالك واقتسما الباقي.

وهل يحصل الاستقرار بارتفاع العقد وإنضاض المال من غير قسمةٍ؟

الأقرب عندي ذلك ؛ لأنّ العقد قد ارتفع ، والوثوق بحصول رأس المال قد حصل ، وهو أصحّ وجهي الشافعيّة.

وفي الثاني : لا يستقرّ إلّا بالقسمة ؛ لأنّ القسمة الباقية من تتمّة عمل العامل(١) .

وليس شيئاً.

ولو كان بالمال عروض ، فإن قلنا : إنّ العامل يُجبر على البيع والإنضاض ، فلا استقرار ؛ لأنّ العمل لم يتم ، وهو أظهر وجهي الشافعيّة.

وإن قلنا بعدم الإجبار ، فلهم وجهان ، كما لو كان المال ناضّاً(٢) .

مسألة ٢٦٩ : لو اقتسما الربح بالتراضي قبل فسخ العقد ، لم يحصل الاستقرار ، بل لو حصل خسران بعده ، كان على العامل جَبْره بما أخذ.

ولو قلنا : إنّه لا يملك إلّا بالقسمة ، فإنّ له فيه حقّاً مؤكّداً ، حتى لو‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٤ ، روضة الطالبين ٤ : ٢١٥.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٤ - ٣٥ ، روضة الطالبين ٤ : ٢١٥.

١١٠

مات وهناك ربح ظاهر ، انتقل إلى ورثته ؛ لأنّه وإن لم يثبت له الملك لكن قد ثبت له حقّ التملّك ، ويتقدّم على الغرماء ؛ لتعلّق حقّه بالعين.

وله أن يمتنع عن العمل بعد ظهور الربح ، ويسعى في إنضاض المال ليأخذ حقّه منه.

ولو أتلف المالك المالَ ، غرم حصّة العامل ، وكان الإتلاف بمنزلة ما لو استردّ جميع المال ، فإنّه يغرم حصّة العامل ، فكذا إذا أتلفه.

ولو أتلف الأجنبيّ مالَ القراض ، ضمن بدله ، وبقي القراض في بدله كما كان.

مسألة ٢٧٠ : إذا اشترى العامل جاريةً للقراض ، لم يجز له وطؤها ؛ لأنّها ملكٌ لربّ المال إن لم يكن هناك ربح ، وإن كان هناك ربح فهي مشتركة على أحد القولين ؛ إذ له حقٌّ فيه.

وليس لأحد الشريكين وطؤ الجارية المشتركة.

فإن وطئها العامل ولا ربح فيها وكان عالماً ، حُدّ ، ويؤخذ منه المهر بأسره ، ويجعل في مال القراض ؛ لأنّه ربما وقع خسران فيحتاج إلى الجبر.

ولو كان هناك ربح ( يُحطّ منه بقدر حقّه ، ويؤخذ )(١) بقدر نصيب المالك مع يساره ، وقُوّمت عليه إن حملت منه ، وثبت لها حكم الاستيلاد ، ودفع إلى المالك نصيبه منها ومن الولد.

ولو كان جاهلاً ، فلا حدّ عليه.

هذا إن قلنا : يملك بالظهور ، وإن قلنا : لا يملك إلّا بالقسمة ، لم تصر أُمَّ ولدٍ لو استولدها ، فإن أذن له المالك في وطئها جاز.

____________________

(١) بدل ما بين القوسين في النُّسَخ الخطّيّة : « حُدّ ».

١١١

ولا يجوز للمالك أن يطأها أيضاً ، سواء كان هناك ربح أو لا ؛ لأنّ حقّ العامل قد تعلّق بها ، والوطؤ يُنقّصها إن كانت بكراً ، أو يُعرّضها للخروج من المضاربة والتلف ؛ لأنّه ربما يؤدّي إلى إحبالها.

ولو ظهر فيها ربح ، كانت مشتركةً على أحد القولين ، فليس لأحدهما الوطؤ.

ولو لم يكن فيها ربح ، لم يكن أيضاً للمالك وطؤها ؛ لأنّ انتفاء الربح في المتقوّمات غير معلومٍ ، وإنّما يتيقّن الحال بالتنضيض للمال ، أمّا لو تيقّن عدم الربح ، فالأقرب : إنّه يجوز له الوطؤ.

قال بعض الشافعيّة : إذا تيقّن عدم الربح ، أمكن تخريجه على أنّ العامل لو طلب بيعها وأباه المالك ، فهل له ذلك؟ وفيه خلاف بينهم يأتي ، فإن أجبناه فقد ثبت له علقة فيها ، فيحرم الوطؤ بها(١) .

وإذا قلنا بالتحريم ووطئ ، فالأقرب : إنّه لا يكون فسخاً للقراض ، وهو أظهر وجهي الشافعيّة(٢) .

وعلى كلّ تقديرٍ لا يلزمه الحدّ ، سواء ظهر ربح أو لا.

أمّا مع عدم ظهور الربح : فلأنّها ملك له خاصّةً.

وأمّا مع ظهوره : فلأنّ الشبهة حاصلة ؛ إذ جماعة يقولون بأنّه ليس للعامل فيها شي‌ء إلّا بعد البيع وظهور الربح والقسمة.

ولو وطئها وحملت ، صارت أُمَّ ولدٍ ؛ لأنّه وطئ جاريةً في ملكه فصارت أُمَّ ولده ، والولد حُرٌّ ، وتخرج من المضاربة ، وتُحتسب قيمتها ، ويضاف إليه بقيّة المال ، فإن كان فيه ربح فللعامل أخذ نصيبه منه.

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٥.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٦ ، روضة الطالبين ٤ : ٢١٥.

١١٢

تذنيب : ليس للمالك ولا للعامل تزويج جارية القراض مستقلّاً عن صاحبه ؛ لأنّ القراض لا يرتفع بالتزويج ، وهو ينقّص قيمتها ، فيتضرّر به كلّ واحدٍ منهما ، فإن اتّفقا عليه جاز ؛ لأنّ الحقّ لهما لا يعدوهما ، وذلك بخلاف أمة المأذون له في التجارة إذا أراد السيّد تزويجها ، فإنّه إن لم يكن عليه دَيْنٌ جاز ؛ لأنّ العبد لا حقّ له مع سيّده ، فإن كان عليه دَيْنٌ لم يجز وإن وافقه العبد ؛ لأنّ حقوق الغرماء تعلّقت بما في يده ، والمضاربة لا حقّ فيها لغيرهما.

ولو أراد السيّد أن يكاتب عبده للقراض ، لم يكن له إلّا برضا العامل.

البحث الخامس : في الزيادة والنقصان.

مسألة ٢٧١ : إذا دفع إلى غيره مالَ قراضٍ ثمّ حصل فيه زيادة متّصلة ، كما لو سمنت دابّة القراض ، فإنّ الزيادة تُعدّ من مال القراض قطعاً.

وأمّا إن كانت منفصلةً ، كثمرة الشجرة المشتراة للقراض ، ونتاج البهيمة ، وكسب العبد والجارية ، وولد الأمة ومهرها إذا وُطئت للشبهة ، فإنّها مال القراض أيضاً ؛ لأنّها من فوائده.

وكذا بدل منافع الدوابّ والأراضي ، سواء وجبت بتعدّي المتعدّي باستعمالها ، أو وجبت بإجارةٍ تصدر من العامل ، فإنّ للعامل الإجارة إذا رأى فيها المصلحة ، وهو المشهور عند الشافعيّة(١) .

وقال بعضهم بالتفصيل ، فإن كان في المال ربح وملّكنا العامل حصّتَه بالظهور ، كان الأمر كما سبق من أنّها من مال القراض ، وإن لم يكن فيها‌

____________________

(١) الوسيط ٤ : ١٢٣ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٦ ، روضة الطالبين ٤ : ٢١٦.

١١٣

ربح أو لم نملّكه ، فقد اختلفوا.

فقال بعضهم : إنّها تُعدّ من مال القراض ، كالزيادات المتّصلة.

وأكثرهم قال : إنّها للمالك خاصّةً ؛ لأنّها ليست من فوائد التجارة(١) .

ولا بأس به.

ثمّ اختلفوا ، فقال بعضهم : إنّها محسوبة من الربح(٢) .

وقال بعضهم : إنّها لا تُعدّ من الربح خاصّةً ولا من رأس المال ، بل هي شائعة(٣) .

ولو وطئ المالكُ السيّدُ ، كان مستردّاً مقدار العُقْر حتى يستقرّ نصيب العامل فيه.

ولهم وجهٌ آخَر : إنّه إن كان في المال ربح وقلنا : إنّ العامل يملك نصيبه بالظهور ، وجب نصيب العامل من الربح ، وإلّا لم يجب(٤) .

واستيلاد المالك جارية القراض كإعتاقها.

وإذا أوجبنا المهر بالوطي الخالي عن الإحبال ، فالظاهر الجمع بينه وبين القيمة.

مسألة ٢٧٢ : لو حصل في المال نقصٌ بانخفاض السوق ، فهو خسران مجبور بالربح.

وكذا إن نقص المال بمرضٍ حادث أو بعيبٍ متجدّد.

وأمّا إن حصل نقصٌ في العين بأن يتلف بعضه ، فإن حصل بعد‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٦ - ٣٧ ، روضة الطالبين ٤ : ٢١٦.

(٢) الوسيط ٤ : ١٢٣ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٧ ، روضة الطالبين ٤ : ٢١٦.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٧ ، روضة الطالبين ٤ : ٢١٦.

(٤) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٩٠ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٧ ، روضة الطالبين ٤ : ٢١٦.

١١٤

التصرّف في المال بالبيع والشراء ، فالأقرب : إنّه كذلك.

وأكثر الشافعيّة [ ذكروا ](١) أنّ الاحتراق وغيره من الآفات السماويّة خسران مجبور بالربح أيضاً(٢) ، وأمّا التلف بالسرقة والغصب ففيه لهم وجهان(٣) .

وفرّقوا بينهما بأنّ في الغصب والسرقة يحصل الضمان على الغاصب والسارق ، وهو يجبر النقص ، فلا حاجة إلى جبره بمال القراض(٤) .

وأكثرهم لم يفرّقوا بينهما ، وسوّوا بين التلف بالآفة السماويّة وغيرها ، فجعلوا الوجهين في النوعين ، أحدهما : المنع ؛ لأنّه نقصان لا تعلّق له بتصرّف العامل وتجارته ، بخلاف النقصان الحاصل بانخفاض السوق ، وليس هو بناشئ من نفس المال الذي اشتراه العامل ، بخلاف المرض والعيب ، فلا يجب على العامل جَبْره(٥) .

وكيفما كان فالأصحّ عندهم : إنّه مجبور بالربح(٦) .

وإن حصل نقص العين بتلف بعضه قبل التصرّف فيه بالبيع والشراء ، كما لو دفع إليه مائةً قراضاً فتلف منها قبل الاشتغال خمسون ، فالأقرب : إنّه من الربح أيضاً يُجبر به التالف ؛ لأنّه تعيّن للقراض بالدفع وقبض العامل له ، فحينئذٍ يكون رأس المال مائةً كما كان ، وهو أحد قولَي الشافعي ، وبه قال المزني(٧) .

____________________

(١) ما بين المعقوفين أثبتناه من « العزيز شرح الوجيز ».

(٢) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٧ ، روضة الطالبين ٤ : ٢١٦.

(٣ و ٤) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٩٤ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٧ ، روضة الطالبين ٤ : ٢١٦.

(٥) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٧.

(٦) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٧ ، روضة الطالبين ٤ : ٢١٦.

(٧) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٧ ، روضة الطالبين ٤ : ٢١٧.

١١٥

والأظهر عندهم : إنّه يتلف من رأس المال ، ويكون رأس المال الخمسين الباقية ؛ لأنّ العقد لم يتأكّد بالعمل(١) .

وليس بجيّدٍ ؛ إذ العمل فرع كون المال مالَ القراض.

مسألة ٢٧٣ : لو تلف المال بأسره في يد العامل قبل دورانه في التجارة إمّا بآفةٍ سماويّة أو بإتلاف المالك له ، انفسخت المضاربة ؛ لزوال المال الذي تعلّق العقد به.

فإن اشترى بعد ذلك للمضاربة ، كان لازماً له ، والثمن عليه ، سواء علم بتلف المال قبل نقد الثمن أو جهل ذلك ، إلّا أن يجيز المالك الشراءَ ، فإن أجاز احتُمل أن يكون قراضاً ، كما لو لم يتلف المال ، وعدمه ، كما لو لم يأخذ شيئاً من المال.

أمّا لو أتلفه أجنبيٌّ قبل دورانه في التجارة وقبل تصرّف العامل فيه ، فإنّ العامل يأخذ بدله ، ويكون القراض باقياً فيه ؛ لأنّ القراض كما يتناول عين المال الذي دفعه المالك ، كذا يتناول بدله ، كأثمان السِّلَع التي يبيعها العامل ، والمأخوذ من الأجنبيّ عوضاً بدله.

وكذا لو أتلف بعضه.

ولو تعذّر أخذ البدل من الأجنبيّ ، فالأقرب : إنّه يُجبر بالربح ، وهو أحد قولَي الشافعيّة(٢) .

إذا عرفت هذا ، فإنّ للعامل النزاعَ مع الأجنبيّ والمخاصمة له والمطالبة بالبدل والمحاكمة عليه - وهو أحد وجهي الشافعيّة(٣) - لأنّ حفظ‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٧ ، روضة الطالبين ٤ : ٢١٧.

(٢ و ٣) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٨ ، روضة الطالبين ٤ : ٢١٧.

١١٦

المال يقتضي ذلك ، ولا يتمّ إلّا بالخصومة والمطالبة خصوصاً مع غيبة ربّ المال ، فإنّه لو لم يطالبه العامل ، ضاع المال ، وتلف على المالك.

وفي الوجه الثاني : ليس له ذلك ؛ لأنّ المضاربة عقد على التجارة ، فلا يندرج تحته الحكومة(١) .

وليس بجيّدٍ ؛ لأنّه من توابعها.

فعلى هذا لو ترك الخصومة والطلب مع غيبة المالك ضمن ؛ لأنّه فرّط في تحصيله ، وإن كان حاضراً وعلم الحال لم يلزم العامل طلبه ولا يضمنه إذا تركه ؛ لأنّ ربّ المال أولى بذلك من وكيله.

وفصّل بعضهم ، فقال : الخصمُ المالكُ إن لم يكن في المال ربح ، وهُما جميعاً إن كان فيه ربح(٢) .

مسألة ٢٧٤ : لو أتلف العاملُ مالَ القراض قبل التصرّف فيه للتجارة ، احتُمل ارتفاعُ القراض ؛ لأنّه وإن وجب بدله عليه فإنّه لا يدخل في ملك المالك إلّا بقبضٍ منه ، فحينئذٍ يحتاج إلى استئناف القراض ، وبه قال الجويني(٣) ، وبقاءُ القراض في البدل ، كبقائه في أثمان المبيعات ، وفي بدله لو أتلفه الأجنبيّ ، وعلى هذا التقدير يكون حكم البدل في كونه قراضاً حكم البدل المأخوذ من الأجنبيّ الـمُتلف.

ولو كان مال القراض مائتين فاشترى بهما عبدين أو ثوبين بكلّ مائةٍ منهما عبداً أو ثوباً فتلف أحدهما ، فإنّه يُجبر التالف بالربح ، فيحسب المغروم من الربح ؛ لأنّ العامل تصرّف في رأس المال ، وليس له أن يأخذ شيئاً من جهة الربح حتى يردّ ما تصرّف فيه إلى المالك ، وهو أظهر وجهي الشافعيّة.

____________________

(١ - ٣) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٨ ، روضة الطالبين ٤ : ٢١٧.

١١٧

والثاني : البناء على تلف بعض العين قبل التصرّف بأن نقول : لو تلفت إحدى المائتين قبل التصرّف جبرناها بالربح ، فهنا أولى ، وإن قلنا بتلف رأس المال فهنا كذلك ؛ لأنّ العبدين بدل المائتين ، ولا عبرة بمجرّد الشراء ، فإنّه تهيئة محلّ التصرّف ، والركن الأعظم في التجارة البيع ؛ لأنّ ظهور الربح منه يحصل(١) .

والمعتمد ما قلناه.

مسألة ٢٧٥ : لو اشترى عبداً للقراض فقتله قاتلٌ ، فإن كان هناك ربح فالمالك والعامل غريمان مشتركان في طلب القصاص أو الدية ، وليس لأحدهما التفرّد بالجميع ، بل الحقّ لهما ، فإن تراضيا على العفو على مالٍ أو على القصاص جاز ، وإن عفا أحدهما على غير شي‌ءٍ سقط حقّه خاصّةً من القصاص والدية ، وكان للآخَر المطالبة بحقّه منهما معاً ، فإن أخذ الدية فذاك ، وإن طلب القصاص دفع الفاضل من المقتصّ منه واقتصّ.

وعند الشافعي يسقط حقّ القصاص بعفو البعض دون الدية(٢) .

وليس بشي‌ءٍ ، وسيأتي.

وهذا بناءً على ما اخترناه من أنّ العامل يملك بالظهور ، وإن لم يكن هناك ربح ، فللمالك القصاص والعفو على غير مالٍ.

وكذا لو أوجبت الجناية المالَ ولا ربح ، كان له العفو عنه مجّاناً ، ويرتفع القراض.

ولو أخذ المال أو صالح عن القصاص على مالٍ ، بقي القراض فيه ؛

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٧ - ٣٨ ، روضة الطالبين ٤ : ٢١٧.

(٢) الحاوي الكبير ٧ : ٣٥١ ، بحر المذهب ٩ : ٢٣٣ ، البيان ٧ : ١٩٤ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٨ ، روضة الطالبين ٤ : ٢١٧.

١١٨

لأنّه بدل مال القراض ، فإن كان بقدر رأس المال أو دونه كان لربّ المال ، وإن كان أكثر كان الفضل بينهما.

ولو كان هناك ربح وقلنا : إنّ العامل لا يملك إلّا بالقسمة ، لم يكن للسيّد القصاص بغير رضا العامل ؛ لأنّه وإن لم يكن مالكاً للربح فإنّ حقّه قد تعلّق به ، فإن اتّفقا على القصاص كان لهما.

مسألة ٢٧٦ : إذا اشترى العامل شيئاً للقراض فتلف الثمن قبل دفعه إلى البائع ، فإن كان بتفريطٍ من العامل إمّا في عدم الحفظ أو في التأخير للدفع ، كان ضامناً ، ويكون القراض باقياً ، ويجب عليه الدفع إلى البائع ، فإن تعذّر كان حكمه بالنسبة إلى صاحب المال ما سيأتي في عدم التفريط.

فنقول : إذا تلف المال بغير تفريطٍ من العامل ، فلا يخلو إمّا أن يكون الشراء بالعين أو في الذمّة ، فإن كان قد اشترى بالعين بطل البيع ، ووجب دفع المبيع إلى بائعه ، وارتفع القراض.

وإن كان الشراء في الذمّة للقراض ، فإن كان بغير إذن المالك بطل الشراء إن أضاف إلى المالك أو إلى القراض ؛ لأنّه تصرّفٌ غير مأذونٍ فيه ، ولا يلزم الثمن أحدهما ، بل يردّ المبيع إلى بائعه ، وإن لم يُضف الشراء إلى المالك ولا إلى القراض ، بل أطلق ظاهراً ، حُكم بالشراء للعامل ، وكان الثمن لازماً له.

وإن كان بإذن المالك ، وقع الشراء للقراض ، ووجب على المالك دفع عوض الثمن التالف ، ويكون العقد باقياً.

وهل يكون رأس المال مجموع التالف والمدفوع ثانياً ، أم الثاني خاصّةً؟ الأقوى : إنّ المجموع رأس المال ، وبه قال أبو حنيفة ومحمّد ، وهو أحد قولَي الشافعيّة ، والثاني : إنّ رأس المال هو الثاني خاصّةً ؛ لأنّ‌

١١٩

التالف قد تلف قبل التصرّف فيه ، فلم يكن من رأس المال ، كما لو تلف قبل الشراء(١) .

وقال مالك : إنّ المالك يتخيّر بين أن يدفع ألفاً أُخرى ، ويكون هو رأس المال ، دون الأوّل ، وبين أن لا يدفع ، فيكون الشراء للعامل(٢) .

ويتخرّج هذا القول وجهاً للشافعيّة على ما قالوه في مداينة العبد فيما إذا سلّم إلى عبده ألفاً ليتّجر فيه فاشترى في الذمّة شيئاً ليصرفه إلى الثمن فتلف : إنّه يتخيّر السيّد بين أن يدفع إليه ألفاً أُخرى فيمضي العقد ، أو لا يدفع فيفسخ البائع العقد ، إلّا أنّ الفرق أنّ هنا يمكن صَرف العقد إلى المباشر إذا لم يخرج المعقود له ألفاً أُخرى ، وهناك لا يمكن فيصار إلى الفسخ(٣) .

واعلم أنّ الشافعي قال : لو قارض رجلاً ، فاشترى ثوباً وقبض الثوب ثمّ جاء ليدفع المال فوجد المال قد سُرق ، فليس على صاحب المال شي‌ء ، والسلعة للعامل ، وعليه ثمنها.

واختلف أصحابه هنا على طريقين :

منهم مَنْ قال : إنّما أراد الشافعي إذا كانت الألف تلفت قبل الشراء ، فأمّا إذا تلفت بعد الشراء ، كانت السلعة لربّ المال ، ووجب عليه ثمنها.

والفرق بينهما : إنّها إذا تلفت قبل الشراء فقد انفسخ القراض ، فإذا‌

____________________

(١) بحر المذهب ٩ : ٢٣٠ ، الوسيط ٤ : ١٢٤ - ١٢٥ ، حلية العلماء ٥ : ٣٤٢ - ٣٤٣ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٩٤ ، البيان ٧ : ١٩٣ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٩ ، روضة الطالبين ٤ : ٢١٨ ، تحفة الفقهاء ٣ : ٢٤ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٢١٤ ، مختصر اختلاف العلماء ٤ : ٦٣ / ١٧٣٦ ، المغني ٥ : ١٨٣ ، الشرح الكبير ٥ : ١٦٩.

(٢) بحر المذهب ٩ : ٢٣٠ ، حلية العلماء ٥ : ٣٤٣ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٩.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٩.

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

تصنيفاً قرأت بخط البدر النابلسي في مشيخته: كان علّامة زمانه في الرجال وأحوالهم حديد الفهم، ثاقب الذهن، وشهرته تغني عن الإِطناب فيه »(١) .

(٤٧)

رواية البوصيري

رواه في كتابه ( إتحاف السادة ) حيث قال:

« وعن أبي الطفيل: أنه رأى أباذررضي‌الله‌عنه قائماً على الباب وهو ينادي: يا أيها الناس تعرفوني؟ من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا جندب صاحب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأنا أبوذر الغفاري، سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: إن مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركب فيها نجا ومن تخلّف عنها غرق. وإن مثل أهل بيتي فيكم باب حطة. رواه أبو يعلى والبزار »(٢) .

ترجمته:

هو: أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل أبو العباس الكتاني البوصيري القاهري الشافعي المتوفى سنة ٨٤٠:

قالابن حجر: « ولد في المحرم سنة ٧٦٢ واشتغل قليلاً وسكن القاهرة ولازم شيخنا العراقي على كبر فسمع منه الكثير، ثم لازمني في حياة شيخنا، فكتب عني لسان الميزان والنكت على الكاشف، وسمع عليّ الكثير من التصانيف وغيرها وكان كثير السكون والصلاة والتلاوة مع حدّة الخلق، وجمع أشياء منها: زوائد سنن ابن ماجة على الكتب السنة، وعمل زوائد المسانيد

___________________

(١). الدرر الكامنة ٣ / ٤٢٦.

(٢). إتحاف السادة المهرة بزوائد المسانيد العشرة، عن نسخته المحفوظة بمكتبة طوبقبو سراي أحمد الثالث

١٨١

العشرة »(١) .

وقالالسيوطي في ذكر من كان بمصر من حفاظ الحديث:

« سمع الكثير وعني بالفن وألّف وخرّج »(٢) .

وهكذا ترجم له السخاوي(٣) وابن العماد(٤) .

(٤٨)

رواية ابن حجر العسقلاني

رواه عن سيدنا أبي ذررضي‌الله‌عنه في ( المطالب العالية ) وهذا لفظه: « ٤٠٠٣ حسن(٥) : سمعت أباذر - وهو آخذ بحلقة الباب - وهو يقول: يا أيها الناس من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا أبوذر الغفاري، سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: إنما مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من دخلها نجا ومن تخلّف عنها هلك.

٤٠٠٤ أبو الطفيل: إنه رأى أباذر قائماً على الباب وهو ينادي: يا أيها الناس تعرفوني؟ من عرفني فقد عرفني، من لم يعرفني فأنا جندب صاحب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأنا أبوذر الغفاري، سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: إن مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركب فيها نجا ومن تخلّف عنها غرق، وإن مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطة »(٦) .

___________________

(١). أنباء الغمر بأبناء العمر ٨ / ٤٣١.

(٢). حسن المحاضرة ١ / ٤٦٣.

(٣). الضوء اللامع ١ / ٢٥١.

(٤). شذرات الذهب ٧ / ٢٣٣.

(٥).. كذا والظاهر أنه: حنش.

(٦). المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية ٤ / ٧٥. المسانيد الثمانية هي: مسانيد أبي داود الطيالسي =

١٨٢

ترجمته:

هو: أحمد بن علي شهاب الدين أبو الفضل العسقلاني، المعروف بابن حجر المتوفى سنة ٨٥٢:

قالالسخاوي: « شيخي الأستاذ إمام الأئمة الشهاب أبو الفضل الكناني العسقلاني المصري ثم القاهري الشافعي أملى ما ينيف على ألف مجلس على حفظه، واشتهر ذكره، وبعد صيته وارتحل الأئمة إليه وتبحج الأعيان بالوفود عليه، وكثرت طلبته، حتى كان رؤوس العلماء من كل مذهب من تلامذته، وأخذ الناس عنه طبقة بعد أخرى، وألحق الأبناء بالآباء والأحفاد بل وأبناءهم بالأجداد ولم يجتمع عند أحد مجموعهم، وقهرهم بذكائه وتوفّق تصوّره وسرعة إدراكه واتساع نظره ووفور آدابه، وامتدحه الكبار وقد شهد له القدماء بالحفظ والثقة والأمانة والمعرفة التامة ...»(١) .

وقالالسيوطي: « إمام الحفّاظ في زمانه، قاضي القضاة، انتهت إليه الرحلة والرياسة في الحديث في الدنيا بأسرها، فلم يكن في عصره حافظ سواه، وألف كتباً كثيرة »(٢) .

وقالابن العماد: « شيخ الاسلام على الأعلام، أمير المؤمنين في الحديث، حافظ العصر، شهاب الدين أبو الفضل، أقبل على الاشتغال والاشتغال والتصنيف، وبرع في الفقه والعربية، وصار حافظ الإِسلام، قال بعضهم: كان شاعراً طبعاً محدّثاً صناعةً فقيهاً تكلفاً، إنتهى إليه معرفة الرجال واستحضارهم، ومعرفة العالي والنازل وعلل الحديث وغير ذلك ؛ وصار هو المعول عليه في هذا

___________________

= والحميدي وابن أبي عمر ومسدد وابن منيع البغوي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد الكسي والحارث ابن أبي أسامة، وقد أضاف إليها من مسندي أبي يعلى وابن راهويه.

(١). الضوء اللامع ٢ / ٣٦ - ٤٠.

(٢). حسن المحاضرة ١ / ٣٦٣.

١٨٣

الشأن في سائر الأقطار وقدوة الأمة وعلامة العلماء وحجة الأعلام ومحيي السنة، وانتفع به الطلبة وحضر دروسه وقرأ عليه غالب علماء مصر، ورحل الناس إليه من الأقطار »(١) .

(٤٩)

رواية ابن كمال باشا

رواه في باب فضائل أمير المؤمنينعليه‌السلام بلفظ:

« مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق. عن ابن عباس وابن الزبير وأبي ذر »(٢) .

ترجمته:

هو: أحمد بن سليمان الحنفي الشهير بابن كمال باشا المتوفى سنة ٩٤٠:

قال صاحب الشقائق النعمانية: « ومن العلماء في عصره: العالم العامل والفاضل الكامل المولى شمس الدين أحمد بن سليمان بن كمال باشا كان رحمه ‌الله تعالى من العلماء الذين صرفوا جميع أوقاتهم إلى العلم، وكان يشتغل بالعلم ليلاً ونهاراً، ويكتب جميع ما لاح بباله الشريف، وقد فتر الليل والنهار ولم يفتر قلمه، وصنف رسائل كثيرة في المباحث المهمة الغامضة، وكان عدد رسائله قريباً من مائة رسالة وكلّ تصانيفه مقبولة بين الناس، وكان صاحب أخلاق حميدة حسنة وأدب تام وعقل وافر وتقرير حسن ملخص، وله تحرير مقبول جداً

___________________

(١). شذرات الذهب ٧ / ٢٧٠.

(٢). فضائل الخلفاء الأربعة. مخطوط.

١٨٤

لإِيجازه مع وضوح دلالته على المراد.

وبالجملة، أنسى رحمه ‌الله تعالى ذكر السلف بين الناس، وأحيى رباع العلم بعد الاندراس، وكان في العلم جبلاً راسخاً وطوداً شامخاً، وكان من مفردات الدنيا ومنبعاً للمعارف العليا، روح الله تعالى روحه وزاد في غرف الجنان فتوحه »(١) .

وقالابن العماد في حوادث سنة ٩٤٠: « وفيها شمس الدين أحمد بن سليمان الحنفي الشهير بابن كمال باشا، العلم العلامة الأوحد المحقّق الفهامة صاحب التفسير »(٢) .

(٥٠)

رواية القدوسي الحنفي

ورواه الشيخ عبد النبي القدوسي الحنفي عن أبي ذر باللفظ الآتي:

« إن مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها هلك »(٣)

ترجمته:

هو: الشيخ عبد النبي بن أحمد القدوسي الحنفي المتوفي سنة ٩٩٠:

قالعمر رضا كحالة: « عبد النبي بن أحمد بن عبد القدوس الحنفي النعماني، فقيه باحث من أهل الهند، توفي خنقاً في السجن، من تصانيفه: سنن

___________________

(١). الشقائق النعمانية ص ٢٢٦.

(٢). شذرات الذهب ٨ / ٢٣٨.

(٣). سنن الهندي في متابعة المصطفى. مخطوط.

١٨٥

الهدى في متابعة المصطفى، ووظائف اليوم والليلة النبوية »(١) .

(٥١)

رواية الخفاجي

رواه في ( شفاء الغليل ) حيث قال: « ومثل قولي في آل البيت رضي الله عنهم، عقداً لما ورد في الحديث النبوي من قوله: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنما مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجا:

إن آل البيت حبي

لهم مائي وزادي

وهم سفن نجاتي

في معاشي ومعادي

وللنواجي:

قد تدانى الرحيل والسير صعب

فعلام القدوم من غير زاد

وببحر الهوى غرقت ولكن

بك أرجو النجاة يوم المعاد »(٢)

ترجمته:

هو: أحمد بن محمد شهاب الدين الخفاجي المصري المتوفى سنة ١٠٦٩:

قالالمحبي: « الشيخ أحمد بن محمد بن عمر قاضي القضاة الملقّب بشهاب الدين الخفاجي المصري الحنفي، صاحب التصانيف السائرة، وأحد أفراد الدنيا المجمع على تفوّقه وبراعته، وكان في عصره بدر سماء العلم ونير أفق النثر والنظم، رأس المؤلفين ورئيس المصنفين، سار ذكره سير المثل، وطلعت أخباره

___________________

(١). معجم المؤلفين ٦ / ٢٠١. وانظر الأعلام للزركلي ٤ / ٣٢٠.

(٢). شفاء الغليل ص ٢٢٠، ٢٥٣.

١٨٦

طلوع الشهب في الفلك، وكلّ من رأيناه أو سمعنا به ممن أدرك وقته معترفون له بالتفرد في التقرير والتحرير وحسن الإِنشاء، وليس فيهم من يلحق شأوه ولا يدعي ذلك، مع أن في الخلق من يدعي ما ليس فيه، وتآليفه كثيرة، ممتعة مقبولة، إنتشرت في البلاد ورزق فيها سعادة عظيمة، فإن الناس اشتغلوا بها، وأشعاره ومنشآته مسلمة لا مجال للخدش فيها.

والحاصل: إنه فاق كلّ من تقدّمه في كلّ فضيلة، وأتعب من يجيء بعده، مع ما خوّله الله تعالى من السعة وكثرة الكتب ولطف الطبع والنكتة والنادرة.

وقد ترجم نفسه في آخر ريحانته من حين مبدئه »(١) .

وقال الصديق حسن خانالقنوجي: « الشيخ الفاضل والأديب الكامل حامل علم العلم وناشره، وجالب متاع الفضل وتاجره، كان ممن شرف إليه مسائلة الكمال رحالها، إذْ ورث من سماء المعالي بدرها وهلالها، وحوى طارفها وتليدها وأرضع من در الفنون كهلها ووليدها، وسفرت له فرائد العلوم رافعة النقب وتزينت بمنظومه ومنثوره صدور المجالس والكتب، حرر لنفسه ترجمة في كتابه الريحانة وكانرحمه‌الله علّامة في العربية ولسان العرب، وحاشيته على تفسير البيضاوي تدل على علو علومه وسعة فضله وكمال ذكائه وغاية اطلاعه ونهاية تحقيقه، لم يقم في الحنفية مثله في الزمان، ولم يساوه في فضائله ومناقبه إنسان »(٢) .

(٥٢)

رواية الأنصاري الشيرواني

أثبت حديث السفينة في خطبة كتابه ( المناقب الحيدرية ) الذي ألّفه في

___________________

(١). خلاصة الأثر ١ / ٣٣١.

(٢). التاج المكلل: ٦٤.

١٨٧

مناقب السلطان حيدر الغازي إذ قال:

« الحمد لله الذي جلّ شأنه وعظم سلطانه وشمل الخواص والعوام جوده وإحسانه، الملك الديّان الكريم المنّان، والصلاة والسلام على سيد الأنام البشير النذير السراج المنير الهادي إلى منهج الاسلام، الذي سبّح الحصى في كفّه ونبع الماء من بين أصابعه وحنّ الجذع إليه ونزل القرآن العظيم لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه عليه، نبينا الطاهر الأمين، أكرم الأولين والآخرين، صاحبا الفضائل الفاخرة والمعجزات الباهرة، أبي القاسم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب ابن هاشم.

وأهل بيته الكرام الأبرار الذين هم كسفينة نوح، من تعلّق بها فاز ومن تأخر عنها زج في النار، المطهرين من الرجس والمآثم، وأصحابه الرّاشدين المتمسكين بالحبل المتين »(١) .

ترجمته:

هو: أحمد بن محمد علي الأنصاري اليمني الشهير بالشرواني المتوفى سنة ١٢٥٣(٢) :

قالعمر رضا كحالة: « أحمد بن محمد بن علي بن إبراهيم الهمداني الأنصاري اليمني المعروف بالشرواني، أديب، مؤرخ، شاعر، توفي ببلدة بونة. من مصنفاته:

حديقة الأفراح لإِزالة الأتراح في الأدب والنوادر، وتراجم الأدباء، نفحة اليمن فيما يزول بذكره الشجن، الجوهر الوقاد في شرح بانت سعاد، العجب العجاب في ما يفيد الكتاب في الأدب والإِنشاء، والمناقب الحيدرية »(٣) .

___________________

(١). المناقب الحيدرية. وقد كتب جماعة من الأعلام تقاريظ على هذا الكتاب، منهم محمد رشيد الدين خان الدهلوي والشيخ المولوي حسن علي المحدّث.

(٢). كذا في إيضاح المكنون ١ / ٣٨٥.

(٣). معجم المؤلفين ٢ / ١٢٩.

١٨٨

(٥٣)

رواية الآلوسي

وأورد شهاب الدين الآلوسي عن الامام الفخر الرازي عن بعض المذكورين: إنه عليه الصلاة والسلام قال: « مثل أهل بيتي كسفينة نوح من ركب فيها نجا ومن تخلّف عنها هلك »(١) .

ترجمته:

هو: شهاب الدين محمود الآلوسي البغدادي المتوفى سنة ١٢٧٠:

قالعمر رضا كحالة: « محمود بن عبد الله الحسيني الآلوسي شهاب الدين أبو الثناء، مفسّر، محدّث، فقيه، لغوي، نحوي، مشارك في بعض العلوم.

ولد ببغداد في ١٤ شعبان وتقلّد القضاء فيها وعزل، وسافر إلى الموصل فالقسطنطنية، ومرّ بماردين وسيواس، وأكرمه السلطان عبد المجيد، وعاد إلى بغداد وتوفي بها في ٢٥ ذي القعدة. من تصانيفه الكثيرة:

روح المعاني في تفسير القرآن والسبع والمثاني، في تسعة مجلّدات »(٢) .

___________________

(١). روح المعاني ٢٥ / ٣٠.

(٢). معجم المؤلفين ١٢ / ١٧٥.

١٨٩

(٥٤)

رواية الكمشخانوي

روى حديث السفينة حيث قال:

« ومثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق.

بر. طب عن ابن عباس. ك‍ خط عن أبي ذر »(١)

ترجمته:

هو: أحمد بن مصطفى الكمشخانوي الخالدي الحنفي المتوفى سنة ١٣١١:

قالعمر رضا كحالة: « أحمد بن مصطفى بن عبد الرحمن الكمشخانوي النقشبندي الخالدي الحنفي ضياء الدين، صوفي، محدّث، واعظ، ولد في كمشخانه بولاية طربزون، ورحل إلى القسطنطينية وبقي بها يحدّث ويؤلّف ويعظ إلى أنْ توفي في ٧ ذي القعدة.

من تآليفه: جامع المتون في ألفاظ الكفر وتصحيح الاعتقاد والأعمال، روح العارفين ورشاد الطالبين في التصوف، راموز الأحاديث على ترتيب حروف الهجاء جامع الأصول في الأولياء وأنواعهم وأصنافهم وأصول كل طريق، ودواء المسلمين في الوعظ »(٢) .

___________________

(١). راموز الأحاديث ص ٣٩١.

(٢). معجم المؤلفين ٢ / ١٧٨.

١٩٠

(٥٥)

رواية العلوي الحضرمي

ورواه السيد أبوبكر العلوي الحضرمي من طريق الطبراني في المعجم الصغير كما تقدم(١) .

ورواه أيضاً من طريق الحاكم في المستدرك(٢) .

ترجمته:

هو: أبوبكر بن عبد الرحمن العلوي الحضرمي الشافعي المتوفى سنة ١٣٤١:

قالعمر رضا كحالة: « أبوبكر بن عبد الرحمن بن محمد بن علي بن عبد الله بن عبدروس بن علي بن محمد بن شهاب الدين، العلوي الحسيني الحضرمي الشافعي، عالم شاعر، مشارك في أنواع من العلوم، ولد بقرية حصن آل فلوقه من حضر موت، وبها نشأ، وتوفي في حيدرآباد دكن بالهند.

من آثاره: رشفة الصادي من بحر فضائل النبي الهادي، الترياق النافع بايضاح جمع الجوامع في جزأين، منظومة حدائق ذريعة الناهض إلى تعلّم أحكام الفرائض، إسعاف الطلاب ببيان مساحة السطوح وما تتوقف عليه من الحساب، وديوان شعر »(٣) .

___________________

(١). رشفة الصادي ٧٩.

(٢). المصدر نفسه.

(٣). معجم المؤلفين ٣ / ٦٤.

١٩١

(٥٦)

رواية النبهاني

رواه حيث قال: « إن مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها هلك. ك‍ عن أبي ذر »(١) .

ترجمته:

هو: يوسف بن إسماعيل النبهاني الشافعي المتوفى سنة ١٣٥٠:

قالعمر رضا كحالة: « يوسف بن إسماعيل بن يوسف بن إسماعيل بن حسن بن محمد النبهاني الشافعي أبو المحاسن، أديب، شاعر، صوفي، من القضاة »(٢) .

وله ترجمة مفصلة في مقدمة ( شواهد الحق في الاستغاثة بسيّد الخلق )(٣) .

وخلاصتها: أنه ولد سنة ١٢٦٥ تقريباً وقرأ القرآن على الحافظ الشيخ إسماعيل النبهاني، ورحل إلى مصر لطلب العلم، ودخل الأزهر سنة ١٢٧٣، ودرس على مشايخه: أحدهم: شيخ المشايخ الشيخ إبراهيم السقّاء الشافعي المتوفى سنة ١٢٨٩ وقد أجازه بإجازة فائقة، والعلامة السيد محمد الدمنهوري الشافعي المتوفى سنة ١٢٨٧، والعلامة الشيخ أحمد الأجهوري الضرير الشافعي المتوفى سنة ١٢٩٣، والعلامة الشيخ حسن العدوي المالكي المتوفى سنة ١٢٨٩ وغيرهم من كبار علماء المذاهب المختلفة.

___________________

(١). الفتح الكبير في ضم الزيادة إلى الجامع الصغير ١ / ٤١٤.

(٢). معجم المؤلفين ١٣ / ٢٧٥.

(٣). طبع مصر سنة ١٣٧٤.

١٩٢

وتولى القضاء في الولايات المختلفة، حتى صار رئيساً لمحكمة الحقوق العليا في بيروت.

أما مصنفاته فهي كثيرة جداً.

ولقد أثنى عليه كبار علماء عصره، وأشادوا بفضله في تقاريظهم لكتابه المذكور.

(٥٧)

رواية الكافي

رواه حيث قال: « وروى البزار عن ابن عباس وأبو داود عن ابن الزبير والحاكم عن أبي ذر بسند حسن: مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح، من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق »(١) .

وقد صرّح بصحة هذا الحديث وأكّد على ذلك حيث قال بعد كلام له:

« ويدلّ على ذلك: الحديث المشهور المتفق على نقله: مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق.

وهو حديث نقله الفريقان وصححه القبيلان، لا يمكن لطاعن أن يطعن عليه وأمثاله في الأحاديث كثيرة ».

ترجمته:

هو: محمد بن يوسف التونسي المالكي المعروف بالكافي المتوفى سنة ١٣٧٩:

___________________

(١). السيف اليماني المسلول في عنق من يطعن في أصحاب الرسول ص ٩ فرغ من تأليفه سنة ١٣٥٤ ط امية دمشق ١٣٥٥.

١٩٣

قالعمر رضا كحالة: « محمد بن يوسف بن محمد بن سعد الحيدري التونسي الأزهري الأشعري المالكي الخلوتي المعروف بالكافي، فقيه، متكلم، صوفي، إنتسب إلى الأزهر ودرّس فيه ما يقرب من عشرين عاماً، وأخذ عن أحمد الرفاعي الفيومي وسليم البشري وأبي الفضل الجيزاوي وبخيت المطيعي وغيرهم، ثم توجه إلىّ صفاقس فدرّس بها وتحوّل في أنحاء القطر التونسي، ثم سافر إلى طرابلس الغرب فبني غازي، ومنها أبحر إلى القسطنطينية فإزمير فالإِسكندرية، ثم غادرها إلى القاهرة فالسويس فجدة فمكة فالمدينة، وبها درّس في الحرم النبوي، ثم استوطن دمشق وتوفي بها في ٢٩ ربيع الأول، ودفن بمقبرة الدحداح.

من مؤلفاته الكثيرة السيف اليماني المسلول في عنق من طعن في أصحاب الرسول ...»(١) .

(٥٨)

رواية الأمر تسري

رواه بألفاظ مختلفة عن جماعة من الأعلام عن عدّةٍ من الأصحاب حيث قال:

« عن حنش بن المعتمر قال: رأيت أباذر آخذاً بعضادتي باب الكعبة وهو يقول: من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا أبوذر الغفاري، سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح في قومه من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق.

___________________

(١). معجم المؤلفين ١٢ / ١٣٦.

١٩٤

أخرجه الحاكم في تاريخه، وأبو يعلى في مسنده، والطبراني في الكبير والأوسط، وسماك بن حرب، والبزار، وأبو الحسن المغازلي.

عن أبي ذر أنه قال أخرجه أحمد في مسنده وابن جرير في مسنده وابن جرير في تاريخه.

عن ابن عباس أخرجه الطبراني في الكبير وأبو نعيم في الحلية والبزار في المسند.

عن سلمة بن الأكوع أخرج ابن المغازلي في المناقب.

عن عبد الله بن الزبير أخرجه البزار في مسنده.

عن أبي سعيد الخدري أخرجه الطبراني في الصغير والأوسط »(١) .

(٥٩)

رواية حسين المصري

وهو: الاستاذ حسين محمد يوسف المصري. من المعاصرين. روى حديث السفينة في كتابه ( سيد شباب أهل الجنة ) حيث قال: « مثل أهل البيت مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تركها غرق.

البزار من حديث عبد الله بن الزبير وابن عباس، والطبراني من حديث أبي ذر وأبي سعيد »(٢) .

___________________

(١). أرجح المطالب ٣٢٩ - ٣٣٠.

(٢). سيد شباب أهل الجنة ص ٤٤ ط مصر ١٩٧٣ وقد قدم له: عبد الحليم محمود شيخ الأزهر.

١٩٥

(٦٠)

رواية أحمد محمد داود

وهو من المعاصرين، رواه في كتابه في مناقب سيدنا أمير المؤمنينعليه‌السلام حيث قال: « وأخرج البزار عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما: أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: أهل بيتي فيكم كسفينة نوح من ركبها نجا ومن تركها غرق »(١) .

___________________

(١). مناقب علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ص ٥٤ ط سنة ١٣٨٩ وقدم له العارف بالله: الشيخ محمد أحمد رضوان.

١٩٦

شواهد حديث السفينة

١٩٧

١٩٨

ثم إنه يشهد لكون مثل أهل البيتعليهم‌السلام مثل سفينة نوح أمور:

الأول: كلام لأمير المؤمنين عليه‌السلام

قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : « إنما مثلنا في هذه الأمة كسفينة نوح وكباب حطة في بني إسرائيل ».

رواه جلال الدين السيوطي بتفسير قوله تعالى( وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا ) قائلاً ما نصه: « وأخرج ابن أبي شيبة عن علي بن أبي طالب قال: إنما مثلنا في هذه الْأُمّة كسفينة نوح وكباب حطة في بني إسرائيل »(١) .

وروى المتقي: « عن عباد بن عبد الله الأسدي قال: بينما أنا عند علي بن أبي طالبرضي‌الله‌عنه في الرحبة، إذ أتاه رجل فسأله عن هذه الآية:( أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ ) قال: ما من رجل من قريش جرت عليه المواسي إلّا قد نزلت فيه طائفة من القرآن، والله [ والله ] لأن يكونوا يعملوا ما سبق لنا أهل البيت على لسان النبي الأميصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أحب إليّ من أن يكون لي ملء هذه الرحبة ذهباً وفضة، والله إن مثلنا في هذه الأُمة كمثل سفينة نوح في قوم نوح. وإن مثلنا في هذه الأُمة كمثل باب حطة في بني إسرائيل. أبو سهل

___________________

(١). الدر المنثور ١ / ٧١ - ٧٢.

١٩٩

القطان في أماليه. وابن مردويه »(١) .

الثاني: كلام آخر له عليه‌السلام

وقالعليه‌السلام : « أنا من سنخ أصلاب أصحاب السفينة، وكما نجا في هاتيك من نجا ينجو في هذه من ينجو ».

رواه اليعقوبي من كلام لهعليه‌السلام قال:

« فأين يتاه بكم؟ بل أين تذهبون عن أهل بيت نبيكم؟ أنا من سنخ أصلاب أصحاب السفينة، وكما نجا في هاتيك من نجا ينجو في هذه من ينجو ويل وهين لمن تخلف عنهم، إني فيكم كالكهف لأهل الكهف، وإني فيكم باب حطة من دخل فيه نجا ومن تخلّف عنه هلك، حجة من ذي الحجة في حجة الوداع: إني قد تركت بين أظهركم ما إنْ تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبداً: كتاب الله وعترتي أهل بيتي »(٢) .

الثالث: كلام آخر له عليه‌السلام

وقالعليه‌السلام . « فنحن نور السموات والأرض وسفن النجاة » و قد قال ذلك في خطبة خطبها في مدح النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رواها سبط ابن الجوزي بسنده إلى الحسين بن عليعليهما‌السلام قال: « خطب أبي أمير المؤمنين يوماً بجامع الكوفة خطبة بليغة في مدح رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال بعد حمد الله: لمـّا أراد الله أن ينشئ المخلوقات ويبتدع الموجودات أقام الخلائق في صورة قبل دحو الأرض ورفع السماوات، ثم أفاض نوراً من نور عزه فلمع قبساً من ضيائه وسطع.

___________________

(١). كنز العمال ٢ / ٢٧٧ - ٢٧٨.

(٢). تاريخ اليعقوبي ٢ / ٢٠١.

٢٠٠

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347