نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ٤

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار16%

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 347

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 347 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 286578 / تحميل: 6654
الحجم الحجم الحجم
نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ٤

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

وفيه عنه « أبوذر وهو آخذ باب الكعبة ويقول: أيها الناس من عرفني عرفني ومن لم يعرفني فأنا أعرفهم، أنا أبوذر سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن رغب عنها غرق ».

وفيه نقلاً عن الصواعق: « وجاء من طرق عديدة يقوّي بعضها بعضاً: إنما مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق. و في رواية: وإنما مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطة في بني إسرائيل من دخله غفر له ».

وفيه عنه أيضاً: ووجه تشبيههم بالسفينة أن من أحبّهم وعظّمهم وأخذ بهدي علمائهم نجا من ظلمة المخالفات، ومن تخلّف عن ذلك غرق في بحر كفران النعم وهلك في مفاوز الطغيان ».

وفيه عنه: « الثاني: أخرج أحمد والحاكم عن أبي ذر أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: إن مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها هلك. و في روايةٍ للبزار عن ابن عباس وعن ابن الزبير، وللحاكم عن أبي ذر أيضاً: مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق ».

ترجمته:

وهو: الشيخ سليمان بن إبراهيم المعروف بخواجه كلان الحسيني القندوزي البلخي، ولد سنة ١٢٢٠ وسافر إلى البلاد في طلب العلم، فكان من أعلام الفقهاء الحنفية ومن أساطين الطريقة النقشبندية، له مؤلفات، وتوفي سنة ١٢٩٤ كما في معجم المؤلفين أو ١٢٩٣ كما في الغدير أو ١٢٧٠ كما في الأعلام.

١٢١

(٩٢)

رواية حسن زمان

رواه في كتاب ( القول المستحسن ) حيث قال بعد كلام:

« وإليه الاشارة في الآية الكريمة:( إِنَّا لَمَّا طَغَى الْماءُ حَمَلْناكُمْ فِي الْجارِيَةِ لِنَجْعَلَها لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ ) مع حديث: ألا أن مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها هلك، وفي لفظ: غرق. رواه أحمد وابن جرير والحاكم عن أبي ذر الغفاري، والصّولي من جهة الرشيد عن آبائه عن ابن عباس، والبزار عنه وعن ابن الزبير والدولابي في الكنى عن أبي الطفيل قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول فذكره. و لا بن أبي شيبة بسند صحيح عن علي قال: إنما مثلنا في هذه الأُمة كسفينة نوح وكباب حطة في بني إسرائيل. و لأبي سهل القطّان في أماليه وابن مردويه في تفسيره عن عباد بن عبد الله الأسدي عن علي: والله إن مثلنا في هذه الأمة كمثل سفينة نوح في قوم نوح وإن مثلنا في هذه الأُمة كمثل باب حطة في بني إسرائيل. و حديث: سألت الله أن يجعلها أُذنك يا علي، فقال علي: ما سمعت من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم شيئاً فنسيته. و حديث: يا علي إن الله أمرني أن أدنيك وأعلمك لتعي »(١) .

ترجمته:

وهذا الرجل من معاصري السيد صاحب العبقات، وقد وصفه السيد « بالجهبذ المبجل في عصره وأوانه، حسن الزمان، نادرة دهره وحسنة زمانه ».

___________________

(١). القول المستحسن في فخر الحسن ص ٣٤٢.

١٢٢

ملحق

سند حديث السفينة

١٢٣

١٢٤

بسم الله الرحمن الرحيم

لم يكن السيد صاحب العبقات بصدد استقراء رواة الأحاديث التي بحث عنها واستيعابهم في مجلّدات ( عبقات الأنوار في إمامة الأئمة الأطهار ) وإنما اكتفى بذكر طائفةٍ من رواة كلّ حديث بقدر الضرورة

وأما ( حديث السفينة ) فحيث أن صاحب ( التحفة ) لم يناقش في سنده، فقد تعرّض للبحث عن ذلك قبل الخوض في الرد على مناقشات ( الدهلوي ) باختصار، فأورد نصوص روايات ثلّة من الأئمة وكبار علماء أهل السنة، ليردّ على ابن تيمية الطاعن في سند هذا الحديث الشريف، ومن هنا لم يترجم لأولئك الرواة حسب عادته لكني أضفت إلى الكتاب في متنه تراجم الرواة، إتماماً للفائدة ولأن يكون البحث في جميع أجزاء الكتاب على نمط واحد.

ثم أضفت إلى هؤلاء الرواة ما تيسّر لي من الوقوف عليه من خلال مراجعة مصادر الكتاب وغيرها، إكمالاً للبحث ومزيداً للفائدة، وترجمت لهم باختصار كذلك تنويهاً بجلالتهم - وإنْ لزم التكرار في بعض الأحيان - لاستقلال كل مجلّد من مجلدات الكتاب عن غيره كما هو دأب السيد صاحب العقبات، والله الموفق.

علي الحسيني الميلاني

١٢٥

١٢٦

رواة حديث السفينة

رواته من الصحابة:

لقد روى حديث السفينة ثمانية من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، حسب الأحاديث الواردة في الكتاب وهم:

١ - أمير المؤمنين عليعليه‌السلام .

٢ - أبوذر الغفاري.

٣ - عبد الله بن عباس.

٤ - أبو سعيد الخدري.

٥ - أبو الطفيل عامر بن واثلة.

٦ - سلمة بن الأكوع.

٧ - أنس بن مالك.

٨ - عبد الله بن الزبير.

رواته من التابعين

وأمّا رواته من التابعين فكثيرون، يمكن الوقوف على أسمائهم بمراجعة أسانيد الحديث، ومن أشهرهم:

١٢٧

١ - زين العابدين علي بن الحسينعليه‌السلام .

٢ - سعيد بن جبير.

٣ - حنش بن المعتمر.

٤ - سعيد بن المسيب.

٥ - عطية بن سعيد العوفي.

٦ - عامر بن عبد الله بن الزبير.

٧ - أياس بن سلمة بن الأكوع.

٨ - رافع مولى أبي ذر.

رواته من الحفاظ والعلماء

وأما رواته الحديث من أعلام القوم وكبار حفاظهم وعلمائهم - عدا من ذكر في الأصل - فإليك أسماء من وقفنا عليهم على هذه العجالة حسب سنّي وفياتهم:

القرن الثاني

١ - أبو إسحاق السبيعي ١٢٧.

٢ - سليمان بن مهران الأعمش ١٤٨.

٣ - إسرائيل بن يونس السبيعي ١٦٢.

القرن الثالث

٤ - الجراح بن مخلد العجلي ٢٠٥.

٥ - يحيى بن سليمان أبو سعيد الكوفي ٢٣٨.

٦ - سويد بن سعيد الهروي الحدثاني ٢٤٠.

١٢٨

٧ - عمرو بن علي أبو حفص الفلّاس ٢٤٩.

٨ - محمد بن معمر القيسي المتوفى بعد سنة ٢٥٠.

٩ - أبو داود سليمان بن الأشعث السجستاني ٢٧٥.

١٠ - يعقوب بن سفيان الفسوي ٢٧٧.

١١ - روح بن الفرج القطان ٢٨٢.

القرن الرابع

١٢ - أبو أحمد داود بن سليمان الغازي القزويني.

١٣ - أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي ٣٠٣.

١٤ - أبوبكر محمد بن محمد الباغندي ٣١٢، ٣١٣.

١٥ - أبو بشر محمد بن أحمد الدولابي ٣٢٠.

١٦ - أبو القاسم الحسن بن محمد بن بشر الكوفي البجلي.

١٧ - أبو الحسن علي بن محمد بن مهرويه القزويني ٣٣٥.

١٨ - أبو محمد ميمون بن إسحاق الصواف ٣٥١.

١٩ - مطهر بن طاهر المقدسي ٣٥٥.

٢٠ - أبو أحمد عبد الله بن عدي القطان الجرجاني ٣٦٥.

٢١ - أحمد بن جعفر بن حمدان القطيعي ٣٦٨.

٢٢ - عبد الله بن محمد بن السقا الواسطي ٣٧٣.

٢٣ - أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني ٣٨٥.

٢٤ - أبو الحسين محمد بن المظفر البغدادي ٣٩٧.

٢٥ - أبو مليل محمد بن عبد العزيز الكلابي شيخ الطبراني.

٢٦ - الحسين بن أحمد سجادة البغدادي شيخ الطبراني.

١٢٩

القرن الخامس

٢٧ - أبوذر عبد الله بن أحمد بن محمد الأنصاري الهروي ٤٣٤.

٢٨ - أبو محمد الحسن بن علي الجوهري ٤٥٤.

٢٩ - أبو عبد الله محمد بن سلامة القضاعي المتوفى سنة ٤٥٤.

٣٠ - أبو غالب محمد بن أحمد النحوي ٤٦٢.

٣١ - أبو الوليد سليمان بن خلف الباجي القرطبي ٤٧٤.

٣٢ - أبو العباس أحمد بن عمر بن أنس العذري المعروف بالدلائي ٤٧٨.

القرن السادس

٣٣ - أبو شجاع شيرويه بن شهردار الديلمي ٥٠٩.

٣٤ - أبو علي حسين بن محمد المعروف بابن سكرة الصدفي ٥١٤.

٣٥ - زاهر بن طاهر الشحامي ٥٣٣.

٣٦ - أبو العباس أحمد بن عبد الملك بن أبي جمرة المرسي ٥٣٣.

٣٧ - محمد بن عبد الباقي القاضي الأنصاري ٥٣٥.

٣٨ - أبو عمرو الخضر بن عبد الرحمن المعروف بابن القزاز ٥٤٠.

٣٩ - الموفق بن أحمد المكي الخوارزمي ٥٦٨.

٤٠ - أبو العلاء الحسن بن أحمد الهمداني ٥٦٩.

٤١ - أبوبكر محمد بن خير اللمتوني الإِشبيلي ٥٧٥.

٤٢ - محمد بن أحمد بن عبد الملك بن أبي جمرة ٥٩٩.

١٣٠

القرن السابع

٤٣ - أبو عبد الله محمد بن أحمد الحاكم المعروف بابن اليتيم ٦٢١.

٤٤ - أبو الحجاج يوسف بن خليل الدمشقي ٦٤٨.

٤٥ - أبو عبد الله محمد بن عبد الله المعروف بابن الأبار ٦٥٨.

القرن الثامن

٤٦ - محمد بن أحمد شمس الدين الذهبي ٧٤٨.

القرن التاسع

٤٧ - أحمد بن أبي بكر البوصيري ٨٤٠.

٤٨ - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني ٨٥٢.

القرن العاشر

٤٩ - أحمد بن سليمان بن كمال باشا ٩٤٠.

٥٠ - عبد النبي القدوسي الحنفي ٩٩٠.

القرن الحادي عشر

٥١ - شهاب الدين أحمد بن محمد الخفاجي ١٠٦٩.

١٣١

القرن الثالث عشر

٥٢ - أحمد بن محمد بن علي الشرواني ١٢٥٣.

٥٣ - شهاب الدين محمود الآلوسي ١٢٧٠.

القرن الرابع عشر

٥٤ - أحمد بن مصطفى الكمشخانوي ١٣١١.

٥٥ - أبوبكر بن عبد الرحمن الحضرمي ١٣٤١.

٥٦ - يوسف بن إسماعيل النبهاني ١٣٥٠.

٥٧ - محمد بن يوسف التونسي الكافي ١٣٧٩.

٥٨ - عبيد الله الأمرتسري الشافعي صاحب أرجح المطالب - معاصر.

٥٩ - حسين المصري - معاصر.

٦٠ - أحمد بن محمد بن داود - معاصر.

(١)

رواية أبي إسحاق

هو من رواة حديث السفينة كما ورد اسمه في كثير من طرق لدى مشاهير أئمة الحديث، كما لا يخفى على من نظر فيها.

١٣٢

ترجمته:

هو: أبو إسحاق عمرو بن عبد الله الكوفي الهمداني المتوفى سنة ١٢٧(١) : قال الذهبي « ع - عمرو بن عبد الله أبو إسحاق الهمداني السبيعي أحد الأعلام - وهو كالزهري في الكثرة، غزا مرّات، وكان صوّاماً قوّاماً، عاش خمساً وتسعين سنة، مات سنة ١٢٧ »(٢) .

وقال ابن حجر: « قال عبد الله بن أحمد: قلت لأبي: أيّما أحب إليك أبو إسحاق أو السدي؟ فقال: أبو اسحاق ثقة وقال ابن معين والنسائي: ثقة وقال العجلي: كوي تابعي ثقة. وقال أبو حاتم: ثقة »(٣) .

وقال أيضاً: « مكثر، عابد، من الثالثة، إختلط بآخره »(٤) .

(٢)

رواية الأعمش

علم روايته لحديث السفينة من بعض أسانيد الحديث.

ترجمته:

هو: سليمان بن مهران المعروف بالأعمش المتوفى سنة ١٤٨:

قال ابن خلكان: « أبو محمد سليمان بن مهران الأعمش مولى بني كاهل من

___________________

(١). وقيل غير ذلك.

(٢). الكاشف ٢ / ٣٣٤.

(٣). تهذيب التهذيب ٨ / ٦٣ - ٦٧.

(٤). تقريب التهذيب ٢ / ٧٣.

١٣٣

ولد أسد، المعروف بالأعمش الكوفي الإِمام المشهور كان ثقة عالماً فاضلاً روى عنه سفيان الثوري، وشعبة بن الحجاج، وحفص بن غياث، وخلق كثير من جلة العلماء »(١) .

وقال الذهبي: « الأعمش الحافظ الثقة شيخ الاسلام قال ابن المديني: له نحو من ألف وثلاثمائة حديث، وقال ابن عيينة: كان الأعمش أقرأهم الكتاب الله وأحفظهم للحديث وأعلمهم بالفرائض. وقال الفلاس: كان الأعمش يسمّى المصحف من صدقه. وقال يحيى القطان: الأعمش علّامة الاسلام. وقال الحربي: ما خلّف الأعمش أعبد لله منه »(٢) .

وقال الذهبي أيضاً: « سليمان بن مهران أبو محمد الكاهلي الأعمش، أحد الأعلام »(٣) .

وقال ابن حجر: « قال شعبة: ما شفاني أحد في الحديث ما شفاني الأعمش وقال العجلي: كان ثقة ثبتاً في الحديث وكان محدّث أهل الكوفة في زمانه ولم يكن له كتاب وقال ابن معين: ثقة، وقال النسائي: ثقة ثبت »(٤) .

وقال اليافعي: « الامام المحدث الكوفة وعالمها أبو محمد سليمان بن مهران الأسدي الكاهلي مولاهم الأعمش كان ثقة عالماً فاضلاً، وقال السمعاني: كان يقارن بالزهري في الحجاز ...»(٥) .

وذكره ابن حبان في الثقات(٦) .

والمقدسي ابن القيسراني في رجال الصحيحين(٧) .

___________________

(١). وفيات الأعيان ٢ / ١٣٦.

(٢). تذكرة الحفاظ ١ / ١٥٤.

(٣). الكاشف ١ / ٤٠١.

(٤). تهذيب التهذيب ٤ / ٢٢٢.

(٥).. مرآة الجنان ١ / ٣٠٥.

(٦). الثقات ٤ / ٣٠٢.

(٧). الجمع بين رجال الصحيحين ١ / ١٧٩.

١٣٤

(٣)

رواية إسرائيل السبيعي

تعلم روايته لحديث السفينة من ملاحظة بعض طرقه الواردة في الكتاب

ترجمته:

هو: إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي المتوفى سنة ١٦٢، ١٦١:

قال الذهبي: « كان حافظاً صالحاً خاشعاً من أوعية العلم، ولا عبرة بقول من ليّنه فقد احتج به الشيخان قال يحيى بن معين: إسرائيل ثقة »(١) .

وترجم له ابن حجر فأورد توثيقه عن: أحمد بن حنبل وأبي حاتم والعجلي وابن حبان وغيرهم(٢) .

وقال ابن حجر: « ثقة تكلّم فيه بلا حجة »(٣) .

وذكره ابن القيسراني في رجال الصحيحين(٤) .

(٤)

رواية الجرّاح بن مخلّد

علم روايته لحديث السفينة من عبارة مسند البزار المتقدمة في الكتاب في

___________________

(١). تذكرة الحفاظ ١ / ٢١٤.

(٢). تهذيب التهذيب ١ / ٢٦١.

(٣). تقريب التهذيب ١ / ٦٤.

(٤). الجمع بين رجال الصحيحين ١ / ٤٢.

١٣٥

محلّها.

ترجمته:

هو: الجراح بن مخلد العجلي البصري المتوفى نحو سنة ٢٠٥:

قال ابن حجر العسقلاني: « ثقة من العاشرة »(١) .

وقال أيضاً: « روى عن: ابن عيينة، وروح بن عبادة، وأبي داود الطيالسي، ومعاذ بن هشام، وسليمان بن حرب، وأبي عاصم النبيل، ومحمد بن عمرو الرومي وخلق.

وعنه: أبو داود في كتاب القدر، والترمذي، وابن أبي عاصم، وأبو عروبة، وعبدان وأبوبكر بن أبي داود، وابن صاعد وجماعة. ذكره ابن حبان في الثقات، مات قريباً من سنة ٢٥٠.

قلت: حدّث عنه أبو داود أيضاً في بدء الوحي له، وقال البزار في مسنده:

حدثنا الجراح بن مخلد وكان من خيار الناس، وأخرج ابن حبان والحاكم حديثه في صحيحهما»(٢) .

وقال الذهبي: « الجراح بن مخلد العجلي القزاز، عن معاذ بن هشام وروح.

وعنه: ت وأبو عروبة وابن أبي داود، ثقة »(٣) .

(٥)

رواية يحيى بن سليمان

ستعلم روايته من حديث أبي بشر الدولابي الآتي.

___________________

(١). تقريب التهذيب ١ / ١٢٦.

(٢). تهذيب التهذيب ٢ / ٦٦.

(٣). الكاشف ١ / ١٨١.

١٣٦

ترجمته:

هو: يحيى بن سليمان بن يحيى الجعفي أبو سعيد الكوفي المقري، المتوفى سنة ٢٣٧، أو ٢٣٨:

قال ابن حجر العسقلاني: « روى عنه: البخاري والترمذي وأبو زرعة وابو حاتم وغيرهم »(١) .

وقال الذهبي: « خ ت - يحيى بن سليمان الجعفي الكوفي أبو سعيد بمصر، عن الدراوردي والمحاربي، وعنه خ والحسن بن سفيان، صويلح، مات سنة ٣٢٧. قال س: ليس بثقة، وقال أبو حاتم: شيخ »(٢) .

وقال الخزرجي: « يحيى بن سليمان بن يحيى بن سعيد الجعفي أبو سعيد الكوفي المقرئ، عن الدراوردي والمحاربي وابن وهب، وعنه خ وأحمد ابن الحسن الترمذي، وثقة ابن حبان وقال. ربما أغرب. قال ابن يونس: مات سنة ٢٣٧ »(٣) .

(٦)

رواية سويد بن سعيد

تعلم روايته لهذا الحديث الشريف بملاحظة بعض طرقه الواردة في الكتاب

___________________

(١). تهذيب التهذيب ١١ / ٢٢٧.

(٢). الكاشف ٣ / ٢٥٧.

(٣). خلاصة التهذيب ص ٤٢٤.

١٣٧

ترجمته:

هو: سويد بن سعيد أبو محمد الهروي الحدثاني المتوفى سنة ٢٤٠، روى عنه من أصحاب الصحاح مسلم بن الحجاج وابن ماجة القزويني:

قال الذهبي: « الحافظ الرّحال المعمّر حدّث عن مالك بالموطأ وعنه: م ق ومطين وابن ناجية وعبد الله بن أحمد والباغندي والبغوي وخلق كثير، وقال البغوي، كان من الحفاظ، كان أحمد بن حنبل ينتفي عليه لولديه. وقال أبو حاتم: صدوق كثير التدليس، وقال أبو زرعه: أما كتبه فصحاح وأما إذا حدّث من حفظه فلا »(١) .

وقال ابن حجر -: « صدوق في نفسه، إلّا أنّه عمي فصار يتلقّن ما ليس من حديثه، وأفحش فيه ابن معين القول(٢) . من قدماء العاشرة، مات سنة أربعين وله مائة سنة. م ق »(٣) .

وذكر ابن حجر في تهذيب التهذيب الأقوال فيه ونقل توثيقه عن العجلي أيضاً، ثم قال في آخر ترجمته: « وقال سلمة في تاريخه: سويد ثقة ثقة، روى عنه أبو داود.

وقال إبراهيم بن أبي طالب: قلت: لمسلم: كيف استجزت الرواية عن سويد في الصحيح؟ فقال: ومن أين كنت آتي بنسخة حفص بن ميسرة! »(٤) .

___________________

(١). تذكرة الحفاظ ٢ / ٤٥٤.

(٢). أي: فكذبه. انظر خلاصة التهذيب.

(٣). تقريب التهذيب ١ / ٣٤٠.

(٤). تهذيب التهذيب ٤ / ٢٧٢ - ٢٧٥.

١٣٨

(٧)

رواية عمرو بن علي

علم روايته من عبارة مسند البزار التي ذكرناها في الكتاب سابقاً.

ترجمته:

هو: عمرو بن علي أبو حفص البصري الصير في الفلّاس المتوفى سنة ٢٤٩:

قال ابن حجر العسقلاني: « روى عنه الجماعة، وروى النسائي عن زكريا السجزي عنه، أبو زرعة، وأبو حاتم، وعبد الله بن أحمد، وابن أبي الدنيا، ومحمد ابن يحيى بن مندة، وجعفر الفريابي، وإسحاق بن إبراهيم البستي

قال أبو حاتم: كان أرشق من علي بن المديني وهو بصري صدوق. وقال النسائي: ثقة صاحب حديث حافظ. وقال أبو زرعة: كان من فرسان الحديث. وقال الدار قطني: كان من الحفاظ وبعض أصحاب الحديث يفضلونه على ابن المديني ويتعصّبون له، وقد صنف المسند والعلل والتاريخ وهو إمام متقن. وذكره ابن حبان في الثقات

وفي الزهرة: روى عنه خ سبعة وأربعين حديثاً ومسلم حديثين »(١) .

وقالالخطيب بعد أن ذكر شيوخه ومن روى عنه وغير ذلك:

« قال أبو زرعة، لم نر بالبصرة أحفظ من هؤلاء الثلاثة: علي بن المديني وابن الشاذكوني وعمرو بن علي أخبرني القاضي أبو العلاء الواسطي، أخبرنا أبو

___________________

(١). تهذيب التهذيب ٨ / ٨٠ - ٨٢ باختصار.

١٣٩

مسلم بن مهران، أخبرنا عبد المؤمن بن خلف النسفي قال: سألت أبا علي صالح ابن محمد عن خليفة بن خياط: فقال: ما رأيت أحداً بالبصرة أكيس منه ومن أبي حفص الفلّاس، وجميعاً كانوا متهمين، وما رأيت بالبصرة مثل علي وابن عرعرة، وأبو حفص كان عندي أرجح منهما.

... سمعت يحيى بن معين يقول: أبو حفص الصير في صدوق »(١) .

وقال الخزرجي: « أبو حفص الصيرفي الفلّاس الحافظ أحد الاعلام، عن معتمر بن سليمان وابن عيينة ويحيى القطان وخلق. وعنه ع. قال عباس العنبري: ما تعلّمت الحديث إلّا من عمرو بن علي، وقال النسائي: ثقة حافظ. مات بالعسكر سنة ٢٤٩ »(٢) .

وقال الذهبي: « ع - عمرو بن علي أبو حفص الفلّاس الصيرفي، أحد الأعلام »(٣) .

(٨)

رواية محمد بن معمر

علم روايته للحديث من عبارة مسند البزار المذكورة سابقاً.

ترجمته:

هو: محمد بن معمر بن ربعي القيس أبو عبد الله البصري، المعروف بالبحراني، المتوفى بعد سنة ٢٥٠:

___________________

(١). تاريخ بغداد ١٢ / ٢٠٧.

(٢). خلاصة تذهيب الكمال ص ٢٩١.

(٣). الكاشف عمن له رواية في الكتب السنة ٢ / ٣٣٧.

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

وقوله تعالى:( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيُشْهِدُ اللهَ عَلى ما فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصامِ ) (١) .

وقوله تعالى:( قُلْ إِنْ تُخْفُوا ما فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللهُ ) (٢) .

وقوله تعالى:( وَيَقُولُونَ طاعَةٌ فَإِذا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللهُ يَكْتُبُ ما يُبَيِّتُونَ ) (٣) .

وقوله تعالى:( يا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قالُوا آمَنَّا بِأَفْواهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ ) (٤) .

وقوله تعالى:( يَحْلِفُونَ بِاللهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَما هُمْ مِنْكُمْ وَلكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ ) (٥) .

وقوله تعالى:( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ ما هُمْ مِنْكُمْ وَلا مِنْهُمْ وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) (٦) .

وقوله تعالى:( يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَما يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلى شَيْءٍ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْكاذِبُونَ ) (٧) .

وقوله تعالى:( لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ ) (٨) .

وقوله تعالى:( قَدْ بَدَتِ الْبَغْضاءُ مِنْ أَفْواهِهِمْ وَما تُخْفِي صُدُورُهُمْ ) (٩) .

___________________

(١). سورة البقرة - ٢٠٤.

(٢). سورة آل عمران - ٢٩.

(٣). سورة النساء - ٨١.

(٤). سورة المائدة - ٤١.

(٥).. سورة التوبة - ٥٦.

(٦). سورة المجادلة - ١٤.

(٧). سورة المجادلة - ١٨.

(٨). سورة المجادلة - ٢٢.

(٩) سورة آل عمران - ١١٨.

٢٢١

وقوله تعالى:( يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللهُ أَعْلَمُ بِما يَكْتُمُونَ ) (١) .

ولنعم ما قال بعض علمائنا الأعلام في جواب مخاطبنا في هذا المقام: إنّ دعوى التمسك بحبل وداد العترة من دون التبرؤ من أعاديهم غير مسموعة كما قيل:

تودّ عدوّي ثمّ تزعم أنني

صديقك، إن الرأي عنك لعازب

إذ ليس التمسك بمجرّد إظهار الود باللسان، كما أن قوله « حسبنا كتاب الله » من غير عمل به غير مفيد، وحال الثقلين - أعني أهل البيت مع القرآن - في التمسك سواء لِقران العترة بالقرآن.

وبالجملة: فلو جاز لأهل السنة أن يدّعوا موالاة أهل البيتعليهم‌السلام - مع اتّباعهم لأعدائهم أمثال عائشة وطلحة والزبير ونظرائهم - جاز القول بموالاة الشيعة للشيخين وأنصارهما - مع لعنهم إياهم وطعنهم فيهم على ضوء ما جاء في كتب أهل السنة!! انتهى كلامه، رفع في الخلد مقامه.

نماذج من تقوّلاتهم على أهل البيت

أضف إلى ذلك: ما في كتب أهل السنة من الكلمات والأقاويل الشنيعة في حق أهل البيتعليهم‌السلام ، وهي كثيرة جداً، يجدها المتتبع الخبير، وذلك من أقوى البراهين على عدائهم للعترة الطاهرة، ومن أوضح الشواهد على بطلان دعوى الموالاة وكذبها، ونحن نكتفي هنا بذكر بعض كلمات والد ( الدهلوي ) والإِشارة إلى بعضها الآخر، وذلك من باب الإِضطرار « والضرورات تبيح المحظورات»:

قال ولي الله الدهلوي:

___________________

(١). سورة آل عمران - ١٦٧.

٢٢٢

« وليعلم أنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أخبر - في أحاديث متواترة معنى - بمقتل عثمان وأنه ستقع فتنة عظيمة قبيل مقتله بحيث تتغير أحوال الناس وينتشر بلاؤها، فمدح الزمان السابق عليها وذم التالي لها، وأطال في بيان تلك الفتنة بحيث لم يخف على أحد مطابقة ما ذكر لما وقع.

ولقد أوضح بأبلغ بيان: بأنه سينقطع الخلافة الخاصة بسبب تلك الفتنة وتنتهي بها بقية بركات أيام النبوة وقد تحقّق ما ذكر ووقعت الفتنة على وجه لم يتمكن المرتضى من الخلافة، برغم رسوخ قدمه في السوابق الإسلامية وكثرة تحليه بأوصاف الخلافة الخاصة، ورغم انعقاد البيعة ووجوب انقياد الرعية، فلم ينفذ حكمه في أقطار الأرض ولم يسلّم لحكمه المسلمون، وانقطع الجهاد في عهده وتفرقت كلمة المسلمين، وقد حاربه الناس في وقائع عظيمة، فرفعوا يده عن التصرف في البلاد وتضيقت دائرة سيطرته يوما فيوما، لا سيّما بعد التحكيم، إلى أن لم يصف له منها سوى الكوفة وما والاها، وهذه الأمور وإن لم تؤثر على صفاته الكاملة النفسانية، إلاّ أن مقاصد الخلافة لم تتحقق على وجهها.

ولما تمكن معاوية بن أبي سفيان اتفق الناس عليه وزالت الفتنة من بين الأمة الإِسلامية »(١) .

وفيه أيضاً ما ملخّصه: أنه قد ضعفت أركان الدين الاسلامي منذ خلافة أمير المؤمنينعليه‌السلام فما بعد، واستشهد لذلك بأن الامامعليه‌السلام لم يحج بنفسه في زمن خلافته بل لم يتمكن - في بعض الأعوام - من إرسال نائب عن قبله لإِمارة الحج

وكرّر في موضع آخر من كتابه المذكور القول بأن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد أشار إلى الفتنة التي تنتهي بمقتل عثمان، وزعم:

« أنه -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - جعل تلك الفتنة الحد الفاصل بين زمان الخير وزمان الشر، وأخبر بتحوّل الخلافة على منهاج النبوة من ذلك الحين إلى ملك

___________________

(١). إزالة الخفا عن تاريخ الخلفا، الفصل الخامس من الجزء الأول.

٢٢٣

عضوض، وتدل كلمة ( عضوض ) على وقوع الحروب والفتن وقيام الواحد في وجه الآخر والنزاع على الملك ».

وقال في آخر المقصد الأول ما ملخّصه:

« إن الغاية من الخلافة هي إصلاح الناس وهدايتهم، ولم تحقّق خلافة المرتضى هذه الغاية، ولم يكن من واجب الأمة النضال تحت رايته كما كانت مأمورة بذلك تحت راية المشايخ الثلاثة، ولقد وجدنا - كما دلت على ذلك الأحاديث - انقطاع العناية الربانية في عصره بالرغم من نزولها على الامة في عصور اولئك باستمرار، وأن الخير - وهو عبارة عن ائتلاف المسلمين واتحادهم - مفقود في عصره، ولم يتحقق فيه قوله تعالى:( وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ ) إذ لم تحصل له السيطرة والقوة لدفع الكفار وإعلاء كلمة الإسلام، ولم يتحقق قوله تعالى:( وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصِيراً ) إذ لم ينفذ حكمه في جميع الأمة.

مع أن ذلك قد حصل وتحقق للمشايخ الثلاثة، وهذا من أقوى وجوه أفضليتهم »(١) .

هذا، ولشاه ولي الله الدهلوي كتاب سماه بـ ( قرة العينين في تفضيل الشيخين ) حاول فيه تفضيلهما على أمير المؤمنينعليه‌السلام بأكاذيب وأباطيل مفضوحة، وباستدلالات باردة ووجوه سخيفة لا تبعث إلّا من العناد والبغض، ومن ذلك قوله:

« والذين خالفوا المرتضى وقاتلوه مجتهدون لكنهم مخطئون » وقد ذكر فيه تفضيل الشيخين على الامامعليه‌السلام ، وأن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد بشرّهما بالخلافة، وأنه ستطبق الأحكام الدينية على عهدهما وتقع الفتوح على أيديهما بخلاف المرتضى.

وقال أيضاً: والدين عبارة عما اجتمع الناس عليه ونقل عن الامام، ولقد

___________________

(١). ازالة الخفا ٢ / ٥٧٢ - ٥٧٣.

٢٢٤

اختلف أصحاب المرتضى في فهم كلماته على مذاهب شتى، فمنهم من روى عنه - مثلاً - براءته من دم عثمانرضي‌الله‌عنه ، ومنهم من فهم من قوله: قتله الله وأنا معه - قال ابن سيرين: رواه ابن أبي شيبة - رضاه بقتله، وهكذا في كلّ قضية مشكلة من فقه وغيره كمسألة تحريم المتعة وغسل الرجلين، فقد وقعوا في حيرة في تطبيق كلماته وبذلك فتح باب الاختلاف ».

وقال: « كان أصحاب الشيخين متأدبين بآداب الشرع وراغبين في الخير ولم يظهر من أحد منهم فعل شنيع أبدا، وأما أصحاب المرتضى فكان أكثرهم أصحاب طمع وحرص وحقد وحسد ».

وقال: إن المرتضى أغلق في عصره باب الجهاد، فالشيخان أفضل وأرجح منه بهذا الإِعتبار.

كما فضّلهما عليه -عليه‌السلام - باعتبار الصفات القلبية، فذكر أن المرتضى سعى وراء الخلافة وحارب من أجل الحصول على الجاه وهذا ينافي الزهد، قال: إن أعظم أنواع الورع ترك المقاتلات بين المسلمين كما كان من الشيخين، بخلاف المرتضى.

وهكذا فضّلهما عليه في التواضع والزهد والعبادة وحسن الخلق كما انتقص علم الامام فقال: « بل وقع الغلط من المرتضى في مسألة فقهية: عن عكرمة: إن علياً حرّق قوماً ارتدّوا عن الاسلام، فبلغ ذلك ابن عباس فقال:

لو كنت أنا لقتلتهم بقول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من بدّل دينه فاقتلوه، ولم أكن لأحرقهم، لأن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: لا تعذّبوا بعذاب الله. فبلغ ذلك علياً فقال: صدق ابن عباس. أخرجه الترمذي »(١) .

كما انتقص فصاحة الامامعليه‌السلام وسياسته، وأنكر إنتفاع الاسلام

___________________

(١). قرة العينين ١٤٩.

٢٢٥

والمسلمين به، وقال بالنسبة إلى قضية مؤاخاة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مع الامامعليه‌السلام :

« إن قضية المؤاخاة توحي بأن الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يؤاخ أحداً لحاجة منه إليه، لكثرة أصحابه وخدّامه من المهاجرين والأنصار، وإنما شرّف المرتضى بالأخوة لحزنه وبكائه »(١) .

أقول: والأفظع الأشنع من ذلك كله ما ذكره من أباطيل وسطره من أكاذيب تحت عنوان « مطاعن الامامعليه‌السلام »، ومن شاء فليراجع كتابه ( قرة العينين ) ولا حول ولا قوة إلّا بالله العلي العظيم.

قوله:

بخلاف الشيعة، إذ لا يوجد من بينهم فرقة تحب أهل البيت، جميعاً، فبعضهم يوادون طائفة ويكرهون الباقين، والبعض الآخر على العكس.

المراد من « اهل البيت » الأئمة المعصومون

أقول:

لقد ظهر مما سبق بالتفصيل أنْ ليس المراد من « أهل البيت » في حديث الثقلين وحديث السفينة إلّا الأئمة من عترة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، الذين ثبتت عصمتهم وطهارتهم، ولا ريب في أن الامامية الاثني عشرية يوالون جميعهم وينقادون إليهم في الاعتقادات والعبادات مطلقاً، وأما سائر الفرق - كالزيدية والإِسماعيلية وغيرهم - فليسوا بشيعة على الحقيقة وإنْ تسمّوا بهذا الاسم، لأنهم يعرضون عن بعض الأئمة الاثني عشر ويبغضونهم، فهم كالنواصب والخوارج عندنا في الحكم.

___________________

(١). نفس المصدر ١٦٣.

٢٢٦

قوله:

وأما أهل السنة فليسوا كذلك، بل يروون أحاديث جميعهم ويستندون إليها، كما تشهد بذلك كتبهم في التفسير والحديث والفقه.

أقول:

لا يخفى على أهل العلم والبصيرة، أن اتباع أهل السنة للعترة يشبه اتّباع المنافقين لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، بل كانت دعوى اولئك أصدق من دعوى هؤلاء، لأن السنة يدّعون ذلك في الوقت الذي يأخذون أصولهم من الأشعري والماتريدي وأمثالهما، ويقلّدون في الفروع مالكاً وأبا حنيفة وأحمد والشافعي، وأما المنافقون فإنهم - وإنْ شاقّوا الرسول وعائدوه - لم ينتموا - في الظاهر - إلى الكفار واليهود والنصارى

وامّا ما ذكره من روايتهم لأحاديث أهل البيتعليهم‌السلام ، فالجواب أن الرواية أعم من الاتباع، ولنعم ما قال بعض الأعلام في هذا المقام: « لو كان مجرد نقل الرواية عن أحد دليلاً للولاء والاتباع، لكان البخاري الراوي عن الخوارج تابعاً لهم وراكباً سفينتهم، فلا يكون من ركّاب سفينة أهل البيتعليهم‌السلام ، وإلّا لزم اجتماع النقيضين ».

طعن القوم في روايات أئمة أهل البيت ومقاماتهم.

بل إنا لا نسلم نقل أهل السنة عن أهل البيتعليهم‌السلام جميعاً رواياتهم واستنادهم إليها، وتلك كلمات أكابرهم القبيحة وعباراتهم البذيئة في شأن روايات الأئمة الطاهرين، بل في ذواتهم المقدسة من حيث النقل والرواية والعلم والمذهب موجودة في كتبهم، أمثال ( منهاج السنة ) و ( كتب والد الدهلوي ) بل ( التحفة ) ولننقل في هذا المقام طرفاً في كلّ واحد من الأئمة الاثني عشرعليهم‌السلام باختصار:

٢٢٧

١ - امير المؤمنينعليه‌السلام

قال ابن تيمية: « وأما الكتاب المنقول عن علي ففيه أشياء لم يأخذ بها أحد من العلماء ...»(١) .

وفيه: « وقد جمع الشافعي ومحمد بن نصر المروزي كتاباً كبيراً في ما لم يأخذ به المسلمون من قول علي، لكون قول غيره من الصحابة أتبع للكتاب والسنة »(٢) .

وفيه: « ولم يعرف لأبي بكر فتياً ولا حكم خالف نصاً، وقد عرف لعمر وعثمان وعلي من ذلك أشياء، والذي عرف لعلي أكثر مما عرف لهما »(٣) .

ونقل السبكي بترجمة المروزي عن أبي إسحاق الشيرازي: أن المروزي « صنّف كتابا في ما خالف فيه أبو حنيفة علياً وعبد الله رضي الله عنهما »(٤) .

وقال والد الدهلوي ما ملخصه: أن الشيخين أفضل من الامامعليه‌السلام باعتبار نشر العلوم الاسلامية أيضاً، فالقرّاء لم يأخذوا بقراءته إلّا أصحاب عبد الله بن مسعود من أهل الكوفة، وأمّا الحديث فإنهما نصبا المحدّثين في مختلف البلاد، وأما الإمامعليه‌السلام فلم ينصب أحداً لذلك، والمرتضى في الحديث في رتبة ابن مسعود لكن أصحاب ابن مسعود فقهاء ثقات، ورواة حديث علي مجهولون فلم يصح من حديثه إلّا ما رواه ابن مسعود عنه، وأما أهل المدينة والشام فلم يرووا عنه إلّا القليل.

وأما الفقه فإن أمهات المسائل الفقهية هي المسائل الاجماعية لعمر، وليس في ( موطأ مالك ) و ( مسند أبي حنيفة ) و ( آثار الامام محمد ) و ( مسند الشافعي ) التي عليها العمل عند أكثر المسلمين عن المرتضى إلّا أحاديث معدودة مرفوعة وآثار

___________________

(١). منهاج السنة ٤ / ٢١٧.

(٢). المصدر نفسه ٤ / ٢١٧.

(٣). المصدر نفسه.

(٤). طبقات السبكي ٢ / ٢٤٧.

٢٢٨

موقوفة »(١) .

٢ - الحسنانعليهما‌السلام

قال ابن تيمية: « وأما الحسن والحسين فمات النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهما صغيران في سن التمييز، فروايتهما عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قليلة »(٢) .

وقال: « وأما كونهما أزهد الناس وأعلمهم في زمانهم فهذا قول بلا دليل، وأما قوله: « وجاهدا في الله حق جهاده حتى قتلا، فهذا كذب عليهما »(٣) .

وقال السبكي: « لكن الحسنرضي‌الله‌عنه فلم تتسع مهلته، ولم تبرز أوامره ولا عرفت طريقته، لقلة المدة »(٤) .

أقول: وإذا لم تعرف طريقته فكيف يقال: إن أهل السنة يتبعون أهل البيت وهو من أئمتهم؟! بل نفى ابن حجر المكي أن يكون الامام الحسنعليه‌السلام خامس الخلفاء الراشدين فقد قال في ( المنح المكية بشرح الهمزية ) ما نصه: « ومما يبطل توجيه تلك الكلمة ما ذكرته في مختصري ( تاريخ الخلفاء ) للحافظ السيوطي: أن رجلاً سمّى يزيد أمير المؤمنين، فأمر عمر بن عبد العزيز - خامس أو سادس الخلفاء الراشدين، ولا يرد الحسنرضي‌الله‌عنه على الذين عبّروا بالأول فإنه وإن كان منهم بنص الحديث الصحيح على أن الخلافة بعدهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثلاثون سنة، ومدة خلافته سنة أشهر تكملة هذه الثلاثين، لأنها لم تطل ولم بدن له ما دان للأربعة من جميع بلاد الإسلام، فكأنه اندرج في خلافة أبيه فهما كرجل واحد، فهو من الأربعة، وحينئذ تعيّن أن خامسهم عمررضي‌الله‌عنه -

___________________

(١). قرة العينين ١٥٠ - ١٥٢.

(٢). منهاج السنة

(٣). منهاج السنة ٢ / ١٥١.

(٤). الابهاج في شرح المنهاج ٢ / ٣٦٧.

٢٢٩

بضربه عشرين سوطاً » الخ.

تحقيق في ما نسب إلى الإِمام الحسن من كثرة التزويج والطلاق

وقال ابن الهمام(١) في كتابه ( فتح القدير ) في كتاب الطلاق: « وأما وصفه فهو أبغض المباحات إلى الله تعالى، على ما رواه أبو داود وابن ماجة عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال: إن أبغض المباحات عند الله الطلاق، فنص على إباحته وكونه مبغوضا، وهو لا يستلزم ترتب لازم المكروه الشرعي إلّا لو كان مكروهاً بالمعنى الاصطلاحي، ولا يلزم ذلك من وصفه بالبغض إلّا لو لم يصفه بالإِباحة، لكنه وصفه بها لأن أفعل التفضيل بعض ما أضيف إليه، وغاية ما فيه أنه مبغوض إليه سبحانه وتعالى ولم يترتب عليه ما رتب على المكروه.

ودليل نفي الكراهة قوله تعالى:( لا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّساءَ ما لَمْ تَمَسُّوهُنَ ) وطلاقهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حفصة، ثم أمر سبحانه وتعالى أن يراجعها فانها صوامة قوامة. وبه يبطل قول القائلين: لا يباح إلا لكبر، لطلاق سودة، أو ريبة، فإن طلاقه حفصة لم يقرن بواحد منهما.

وأما ما روي: لعن الله كلّ ذوّاق مطلاق، فمحمله الطلاق بغير حاجة، بدليل ما روي من قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أيّما امرأة اختلعت من زوجها بغير نشوز فعليها لعنة الله والملائكة والناس أجمعين. ولا يخفى أن كلامهم فيما سيأتي من التعاليل يصرح بأنه محظور، لما فيه من كفران نعمة النكاح وللحديثين المذكورين وغيرهما، وإنما أبيح للحاجة والحاجة ما ذكرنا في بيان سببه، فبين الحكمين منهم تدافع.

___________________

(١). وهو: محمد بن عبد الواحد السيوطي المعروف بابن الهمام، من أئمة الحنفية في الفقه والأصول وغيرهما. له: فتح القدير في شرح الهداية في الفقه، والتحرير في أصول الفقه، وغيرهما من المصنفات، توفى سنة ٨٦١ توجد ترجمته في: الضوء اللامع ٨ / ١٢٧، الفوائد البهية في تراجم الحنفية ١٨٠، شذرات الذهب ٧ / ٢٨٩.

٢٣٠

والأصح حظره إلّا لحاجة للأدلة المذكورة، ويحمل لفظ المباح على ما أبيح في بعض الأوقات، أعني أوقات تحقق الحاجة المبيحة وهو ظاهر في رواية لأبي داود: ما أحل الله شيئاً أبغض إليه من الطلاق، وأن الفعل لا عموم له في الزمان غير أن الحاجة لا تقتصر على الكبر والريبة، فمن الحاجة المبيحة أن يلقى إليه عدم اشتهائها بحيث يعجز أو يتضرر باكراهه نفسه على جماعها، فهذا إذا وقع فإنْ كان قادراً على طول غيرها مع استبقائها ورضيت بإقامتها في عصمته بلا وطء أو بلا قسم فيكره طلاقه، كما كان بين رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وسودة، وإن لم يكن قادرا على طولها أو لم ترض هي بترك حقها فهو مباح، لأن مقلّب القلوب رب العالمين.

وأما ما روي عن الحسن، وكان قيل له في كثرة تزوّجه وطلاقه، فقال: أحب الغنى، قال الله تعالى:( وَإِنْ يَتَفَرَّقا يُغْنِ اللهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ ) فهو رأي منه إن كان على ظاهره! وكل ما نقل عن طلاق الصحابة رضي الله عنهم كطلاق عمررضي‌الله‌عنه أم عاصم، وعبد الرحمن بن عوف تماضر، والمغيرة بن شعبة الزوجات الأربع دفعة واحدة فقال لهن: أنتن حسنات الأخلاق ناعمات الاطواق طويلات الأعناق، اذهبن فأنتن طلاق! فمحمله وجود الحاجة مما ذكرنا. وأما إذا لم تكن حاجة فمحض كفران نعمة وسوء أدب فيكره، والله سبحانه وتعالى أعلم ».

قلت: وقد ردّ عليه العلامة المحقق محمد معين السندي(١) بما لا مزيد عليه، ولننقل كلامه بطوله، فإنه قال بعد ذكر حجية عمل أهل البيتعليهم‌السلام :

« وعلى هذا الذي اعتقد في أهل بيت النبوة أنتقد على إمام الحنفية كمال الدين ابن الهمام في موضعين من كتابه ( فتح القدير )، فقد أحرق قلبي بما أفرط

___________________

(١). في نزهة الخواطر ٦ / ٣٤٧: « مولانا محمد معين السندي: الشيخ الفاضل العلامة محمد معين بن محمد أمين السندي، أحد العلماء المبرزين في الحديث والكلام والعربية ».

٢٣١

فيهم مع وفور علمه وحسن سيرته وشمائله، فسّرنا الله وإياه بجميل عفوه ورحمته بعزهم وجاههم، على جدّهم وعليهم أفضل الصلاة والتسليمات:

أحدهما: في مباحث الطلاق، حيث ذكر قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لعن الله كلّ ذوّاق مطلاق، وحرم بذلك فعله، ثم قال: وأما ما فعله الحسنرضي‌الله‌عنه فرأي منه! يعني ما فعله رضي الله تعالى عنه من كثرة الطلاق فرأي منه في مقابلة النص من غير تمسك بنص آخر، ولا جواب عن هذا فلا يقبل، فإن ما يكون بتمسك من نص أو جواب عما يرد عليه ليس هذا عنوان ذكره، فيفيد عدم قبوله قولهرضي‌الله‌عنه ، مع أن الحنفية يقبلون ألف رأي كذلك عن علمائهم، ويرتكبون لأقوالهم تأويل النصوص، بل يدّعون نسخها حماية لهم، ولا يأتون في آرائهم بمثل هذا القول الذي جاء به إمام من أئمتهم في رأي الحسن رضي الله تعالى عنه غير مبال لإصلاحه وطرحه محجوباً بالحديث!

وثانيهما: في باب الغنائم حيث تكلّم على قول أبي جعفر محمد بن علي الباقر رضي الله تعالى عنهما، فيما أخبر به عن جدّه علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه أنه كان يرى سهم ذوى القربى، لكن لم يعطيهم مخافة أن يدعى عليه بخلاف سيرة أبي بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما، بكلام محصوله كون خبره ذلك خلاف الواقع، فيكون ذلك إما من جهله بمذهب علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه أو سهوه أو نسيانه أو كذبه عليه لترويج مذهبه ومذهب الأئمة من ولده! وكلّ ذلك تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم، ولو كان رأياً من أبي جعفر رضي الله تعالى عنه فرده بما بدا له من الدليل لكان أهون من رد ما روى وأخبر به.

فالفجيعة كلّ الفجيعة على الأمة أن خلت كتب المذاهب الأربعة عن مذهب أئمة أهل البيت رضي الله تعالى عنهم أجمعين، ثم إذا وجد شيء من ذلك يعارض بمثل هذا!! ولقد سبقت منا رسالة مفردة في انتقاد الموضعين تكلمنا فيها على الثاني، واستوفينا الكلام في الجواب عن الامام الحق رضي الله تعالى عنه، فلنكتف به ولنتكلم على الأول:

٢٣٢

فاعلم أن الأئمة الطاهرين رضي الله تعالى عنهم يحرّمون الرأي والقياس، ولهذا لما دخل أبو حنيفة على جعفر بن محمد رضي الله تعالى عنه - على ما حكاه الشعراني في اللواقح - قال له: بلغني أنك تقيس، لا تقس، فإن أوّل من قاس إبليس، فإسناد ذلك إلى الامام الحسن باطل، وإنما عملهم على النصوص والإلهام والكشف والفهم من الله سبحانه في معانيها.

ثم إن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعن في هذا الحديث كلّ ذوّاق مطلاق، فخص ما عم، فأفاد النهي عن كثرة الطلاق المسبب بكثرة التلذذ من صاحبه بالنساء لرداءة حاله في شره شهوته المفضي إلى ارتكاب أبغض المباحات إلى الله تعالى، فالمطلاق لا للذوق بل لأمر صحيح في نفسه لا يتوجه إليه هذا اللعن، كالذي اتفق له في كل زوجة ما لم يضيّق الشرع في دفعه عن نفسه، كالمرض الساري أو العقم ولم يكن قادراً إلّا على نفقة الواحدة أو النشوز أو الفسق أو غيرها، أو يكون طبيباً يريد الاطلاع على ما يختص بطبائعهنّ مما يتيسر من غير محرميته نكاح بجماعة منهن، وهذا مما أخبر به بعض المتبصرين بالطبائع المختصة بهن عن نفسه وعمله، أو يكون فقيهاً يريد الاطلاع على دقائق مسائل الحيض مما يتوقف على المحرمية، وكل ذلك مقاصد صحيحة لكثرة الطلاق، ولا يصدق على أحد ممن يطلق لما ذكر « ذواق » فإنه ظاهر فيمن حمله كثرة الذوق بعسيلة الجماع على كثرة الطلاق، فإذا كان اللفظ ظاهراً في مثل هذا المحمل، ولم يكن نصاً في معارضة العمل من مثله رضي الله تعالى عنه، يجب أن يحمل على أحسن المحامل ولو على الإرسال وعدم التعين لها، فيقال: النهي مخصوص بكلّ حريص شره لا يحمله على الطلاق إلا الشهوة واللذة، وأدنى المقبلين على الآخرة فضلاً عن المتوجهين إلى الله تعالى يستنكف أن يرتكب ذلك لذلك، كما لا يخفى هذا على من شاهد بعده عن بعض المشتغلين بالخير في زماننا، فما ظنّك بالامام الحق سيد أقطاب الله في أرضه.

فكان الواجب أن يقول: وأما ما فعله الامام الحسن رضي الله تعالى عنه

٢٣٣

فله في ذلك مقاصد حسنة لا ترد بها الحديث حجة، فما أحوجه إلى ذلك وترك ما قال، لما عرفت أن الحديث ليس متعيناً في معارضة فعله رضي الله تعالى عنه، بل عندنا معارضة الأحاديث الصحيحة بعمل هؤلاء الأئمة رضي الله تعالى عنهم والثابت عنهم ثبوت الحديث المعارض عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على فرض وجودها لها حكم معارضة النصوص بعضها ببعض، فإن فهم الجمع فيها وإلّا يتوقف، مع الجزم بأنْ لا تعارض بينها في نفس الأمر.

ثم إن الإِرسال في محمل حسن لعمله رضي الله تعالى عنه يكفينا في الجواب، بعد ما اتضح عليك أن النص لا يقوم معارضا بعمله رضي الله تعالى عنه إلّا بالتزام فعله لما يستنزه منه أصبياء الطريقة والجزم بتعينه فيه مما يعد جحودا بأهل هذا البيت المقدس رضي الله تعالى عنهم، أعاذ الله سبحانه كلّ مسلم عن ذلك، فقد بدا لي بحمد الله سبحانه وجهان لفعله رضي الله تعالى عنه اللائق بحاله على المعنى من ذلك.

أحدهما: أن للعارفين في مجالي النساء تجلي إلهي خاص، أشار أعرف خلق اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى ذلك بقوله: حبّب إليَّ من دنياكم ثلاث، وذكر النساء، وسرّ ذلك يطلب من الحكمة الفردية في الفص المختتم به كتاب ( فصوص الحكم ) وفي غيره من كلام الشيخ الأكبررحمه‌الله تعالى، وتلون العارف بالتجليّات الإِلهية خير عنده من التمكن، وكلّ شيء من الدنيا فيه سر إلهي يختص بذلك الشيء، فمباشرة كثرة النساء تعرض للنفحات الالهية المتجددة ولا يتيسر تلك الكثرة إلّا بكثرة الطلاق والأنكحة.

وفي حلّ النكاح سرّ ليس في ملك اليمين، فإنه وهب وقبول لسر متحرك وبين الزوجين صلة بين المتفرقين، ولا يوجد ذلك في ملك اليمين، فإنّ حل المباشرة فيه عرض طرأ على الملك وليس العقد عقد الوصلة وجمع التفرقة، والنكاح والتزويج ينبئان لغة عن ذلك، إذ النكاح بمعنى الضم والتزويج بمعنى التلفيق، وهو ليس سر الملك ومعناه من حيث انه ملك كما هو معنى النكاح والتزويج

٢٣٤

وسرهما من حيث الحقيقة، هذا يؤيد مذهب الشافعي من أن النكاح لا ينعقد بلفظ التمليك للمباينة بينهما معنى، لأن لوازم المعاني غير داخلة في أصلابها، فلزوم التلفيق والضم شرعاً بملك اليمين لا يؤثر في زوال المباينة المذكورة كما لا يخفى.

فكثرة طلاقه ونكاحه رضي الله تعالى عنه كان صورة لتلونه رضي الله تعالى عنه بالتجليات الإِلهية المتلونة الغير المتكررة، ويرزق الله عباده الكمّل من نفسه بما شاء من مجاليه المعنوية والروحية والمثالية والحسية، وليس الحس دون العوالم إلّا بالنسبة إلى المترقي منه إلى العوالم العلوية.

وأما بالنسبة إلى العارف الصاعد الراجع فالأمر على عكس ذلك، وهو معنى قولهم: مقام النزول أتم من مقامات العروج، وإليه الاشارة بقوله تعالى:( وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ ) وبقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أعطيت مفاتيح خزائن الأرض ( وجعل الأرض. صح. ظ ) كله مسجداً وطهوراً، وبيان هذه الأسرار محلها كتابنا ( أنوار الوجد ) وهذا القدر يكفي منه هاهنا، وهذا الوجه في فعله رضي الله تعالى عنه تحفة مهداة إلى أهل الطريق من الفقراء الصادقين، فقد علم كلّ أناس مشربهم وإن الله يأمركم أن تؤدّوا الأمانات إلى أهلها.

وثانيهما: أنه قد ثبت في الحديث ما دل على أن أهل بيتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا يتزوجون إلّا من أهل الجنّة، فأراد رضي الله تعالى عنه دخول صهره في هذه البشارة، وشقاوة جده لا ينافي سعادة أهله الذين وصلوا بالإمام الحق، وكأنه بإرادته هذه تنبّه رجل من همدان بحيث قال ما قال، وقصة ذلك ما أورده ابن سعد: أن علياً رضي الله تعالى عنه لما دخل الكوفة قال: يا أهل الكوفة إن الحسن رجل مطلاق فلا تزوّجوه، فقام رجل من همدان فقال: لنزوجنه فما شاء أمسك وما شاء طلّق. انتهى. فذهب بخير الدنيا والآخرة، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء

٢٣٥

والله ذو الفضل العظيم »(١) .

افتعالهم اعتراض الحسن على أبيه

وذكر الدهلوي أن الامام الحسنعليه‌السلام اعترض على أبيه أمير المؤمنينعليه‌السلام في قصة مقتل عثمان قائلاً له: « أمرتك حين حضر الناس هذا الرجل أن تأتي مكة فتقيم بها فعصيتني، ثم أمرتك حين قتل أن تلزم بيتك حتى ترجع إلى العرب عوازب أحلامها، فلو كنت في حجر ضب لضربوا إليك آباط الإبل حتى يستخرجوك من جحرك فعصيتني، وأنا أنشدك بالله أن لا تأتي العراق فتقتل بحال مضيعة.

قال فقال علي: أما قولك آتي مكة فلم أكن بالرجل الذي تستحل به مكة، وأما قولك قتل الناس عثمان فما ذنبي إنْ كان الناس قتلوه؟ الحديث، أخرجه ابن أبي شيبة »(٢) .

قول بعضهم: قتل الحسين بسيف جده!!

ومن أجلى آيات بغضهم لأهل البيتعليهم‌السلام قول بعضهم: إن يزيد قتل الحسين بسيف جدّه الآمر بسله على البغاة وقتالهم، وهذا كفر صريح نعوذ بالله منه ومن أولئك البعض: القاضي أبوبكر بن العربي المالكي(٣) صاحب ( العواصم والقواصم ) فقد قال ابن حجر المكي في ( المنح المكية ) في ذكر

___________________

(١). دراسات اللبيب في الاسوة الحسنة بالحبيب: ٤٣٧.

أقول: هذا كله بناء على ثبوت أصل الموضوع تاريخياً وصحة الروايات الحاكية لذلك سنداً، لكن الظاهر أنه من القضايا المفتعلة ضد أهل البيت عليهم‌السلام ، فراجع.

(٢). قرة العينين / ١٨٩.

(٣). هو: محمد بن عبد الله المتوفى سنة ٥٤٣، له ترجمة في: وفيات الأعيان ١ / ٤٨٩ الديباج المذهب ٢٨١، نفح الطيب ١ / ٣٤٠، له مؤلفات منها: ( العواصم من القواصم ) الذي نشره بعض أعداء الدين مع إضافة أباطيل كثيرة إليه.

٢٣٦

يزيد بن معاوية: « قال أحمد بن حنبل بكفره، وناهيك به ورعاً وعلماً يقضيان بأنه لم يقل ذلك إلّا لقضايا وقعت منه صريحة في ذلك ثبتت عنده وإن لم تثبت عند غيره كالغزالي فإنه أطال في ردّ كثير ممّا نسب إليه كقتل الحسين، فقال: لم يثبت من طريق صحيح أنه قتله ولا أمر بقتله، ثم بالغ في تحريم سبّه ولعنه.

وكابن العربي المالكي فإنه نقل عنه ما يقشعر منه الجلد، إنه قال: لم يقتل يزيد الحسين إلّا بسيف جدّه، أي: بحسب اعتقاده الباطل أنه الخليفة والحسين باغ عليه والبيعة سبقت ليزيد، ويكفي فيها بعض أهل الحل والعقد وبيعته كذلك، لأن كثيرين أقدموا عليها مختارين لها، هذا مع عدم النظر إلى استخلاف أبيه له، أما مع النظر لذلك فلا يشترط موافقة أحد من أهل الحل والعقد على ذلك ».

وفيه أيضاً « وقول بعضهم - لا ملام على قتلة الحسين، لأنهم إنما قتلوه بسيف جدّه الآمر بسلّه على البغاة وقتالهم - لا يعوّل عليه ».

وقال المناوي: « قيل لابن الجوزي(١) - وهو على الكرسي [ على كرسي الوعظ ] - كيف يقال يزيد قتل لحسين وهو بدمشق والحسين بالعراق؟ فقال:

سهم أصاب وراميه بذي سلم

من بالعراق، لقد أبعدت مرماكا

___________________

(١). وهو: الحافظ أبو الفرج عبد الرحمن بن علي البغدادي المتوفى سنة ٥٩٧، من كبار علماء القوم في الحديث والفقه والتفسير والتاريخ وله في هذه العلوم وغيرها مصنفات. منها: كتاب ( الرد على المتعصب العنيد المانع من لعن يزيد ) قال في أوله: « سألني سائل في بعض مجالس الوعظ عن يزيد ابن معاوية، وما فعل في حق الحسين، وما أمر به من نهب المدينة. فقال لي: أيجوز أن يلعن؟ فقلت: يكفيه ما فيه والسكوت أصلح. فقال: قد علمت أن السكوت أصلح، ولكن هل تجوز لعنه؟ فقلت: قد أجازها العلماء الورعون منهم الامام أحمد بن حنبل.

فبلغ كلامي هذا الى شيخ قد قرأ أحاديث مروية، ولم يخرج من العصبية العامية، فأنكر ذلك وصنف جزء لينتصر فيه ليزيد. فحمله الى بعض أصحابي وسألني الرد ».

قلت: وهذا الشيخ هو عبد المغيث بن زهير الحنبلي، وهو الذي رد عليه ابن الجوزي بكتاب آخر سماه ( آفة اصحاب الحديث في الرد على عبد المغيث ) في مسألة صلاة أبي بكر بالناس في مرض رسول الله ٦. وقد نشرنا هذا الكتاب لأول مرة مع مقدمة وتعاليق كثيرة.

٢٣٧

وقد غلب على ابن العربي الغض من أهل البيت حتى قال: قتله بسيف جدّه »(١) .

ابن خلدون ومخاريقه

ومن أولئك المبغضين أيضاً ابن خلدون، فإنه قد تفوّه بذلك كذلك، ولأجله لعنه وسبّه بعض حفاظ أهل السنة، فقد ذكر السخاوي بترجمته عن ابن حجر العسقلاني ما نصه: « وقد كان شيخنا أبو الحسن - يعني الهيثمي(٢) - يبالغ في الغض منه، فلما سألته عن سبب ذلك ذكر أنه بلغه أنه ذكر الحسين بن علي رضي الله عنهما في تاريخه فقال: قتل بسيف جدّه، ولما نطق شيخنا بهذه اللفظة، أردفها بلعن ابن خلدون وسبّه وهو يبكي.

قال شيخنا(٣) في - رفع الأصر - ولم توجد هذه الكلمة في التاريخ الموجود الآن، وكأنه ذكرها في النسخة التي رجع عنها »(٤) .

أقول: ومع ذلك توجد في ( مقدمة ابن خلدون ) كلمات حول يزيد والامام الحسين الشهيدعليه‌السلام ، تنبئ عن سوء سريرة ابن خلدون وخبث باطنه، يستحق بها اللعن والسب، كما فعل الحافظ نور الدين الهيثمي فقد قال في فصل ولاية العهد:

« وعرض هنا أمور تدعو الضرورة إلى بيان الحق فيها. فالأول منها ما حدث في يزيد من الفسق أيام خلافته، فإياك أن تظن بمعاويةرضي‌الله‌عنه أنه علم ذلك من يزيد فإنه أعدل من ذلك وأفضل، بل كان يعذله أيام حياته في سماع

___________________

(١). فيض القدير ١ / ٢٠٥.

(٢). هو: الحافظ الهيثمي صاحب مجمع الزوائد ومنبع الفوائد المتوفى سنة ٨٠٧ ترجم له في: الضوء اللامع ٥ / ٢٠٠، طبقات الحفاظ ٥٤١، البدر الطالع ١ / ٤٤.

(٣). هو: الحافظ ابن حجر العسقلاني الملقب عندهم بشيخ الإسلام صاحب فتح الباري، الاصابة، تهذيب التهذيب وغيرها من أمهات المصادر. توفي سنة ٨٥٢.

(٤). الضوء اللامع ٤ / ١٤٧.

٢٣٨

الغناء وينهاه عنه وهو أقل من ذلك، وكانت مذاهبهم فيه مختلفة، ولـمّا حدث في يزيد ما حدث من الفسق اختلف الصحابة حينئذ في شأنه، فمنهم من رأى الخروج عليه ونقض بيعته من أجل ذلك، كما فعل الحسين وعبد الله بن الزبير رضي الله عنهما ومن اتبعهما في ذلك، ومنهم من أباه لما فيه من إثارة الفتنة وكثرة القتل مع العجز عن الوفاء به، لأن شوكة يزيد يومئذٍ هي عصابة بني أمية وجمهور أهل الحل والعقد من قريش وتتبع عصبية مضر أجمع، وهي أعظم من كل شوكة ولا تطاق مقاومتهم، فأقصروا عن يزيد بسبب ذلك وأقاموا على الدعاء بهدايته والراحة منه، وهذا كان شأن جمهور المسلمين. والكل مجتهدون ولا ينكر على أحد من الفريقين، فمقاصدهم في البر وتحري الحق معروفة، وفقنا الله للاقتداء بهم ».

فتراه في هذا الكلام يدّعي حدوث فسق يزيد في ايام خلافته، ويقصد من ذلك تنزيهه في أيام ولاية العهد.

ويحذر من أن يظن. بمعاوية أنه علم ذلك من يزيد مدّعياً كونه أعدل من ذلك وأفضل.

ويقول بأن معاوية كان يعذل يزيد في سماع الغناء وينهاه عنه، وسماع الغناء أمر اقل من الفسق، ومذاهب الأصحاب والتابعين فيه مختلفة.

ويعود فيدّعي حدوث الفسق من يزيد، واختلاف الصحابة حينئذٍ في شأنه.

ويصرح بنسبة الخروج عليه ونقض البيعة إلى الامام الحسينعليه‌السلام وغيره

إلى غير ذلك من الطامات والأكاذيب المشتمل عليها هذا الكلام.

ولابن خلدون في ( المقدمة ) كلام آخر كشف فيه عن كثير من الأسرار، وهتك فيه كثيراً من الأستار إنه يقول:

« وأما الحسين فإنّه لما ظهر فسق يزيد عند الكافّة من أهل عصره بعثت شيعة أهل البيت بالكوفة للحسين أن يأتيهم فيقوموا بأمره، فرأى الحسين أن الخروج على

٢٣٩

يزيد متعين من أجل فسقه، لا سيما من له القدرة على ذلك وظنها من نفسه بأهليته وشوكته، فأما الأهلية فكانت كما ظن وزيادة، وأما الشوكة فغلط يرحمه‌الله فيها ! لأن عصبية مضر كانت في قريش، وعصبية قريش في عبد مناف، وعصبية عبد مناف إنّما كانت في بني أمية تعرف ذلك لهم قريش وسائر الناس ولا ينكرونه، وإنما نسي ذلك أول الإسلام لما شغل الناس من الذهول بالخوارق وأمر الوحي وتردد الملائكة لنصرة المسلمين، فأغفلوا أمور عوائدهم وذهبت عصبية الجاهلية ومنازعها ونسيت، ولم يبق إلّا العصبية الطبيعية في الحماية والدفاع ينتفع بها في إقامة الدين وجهاد المشركين، والدين فيها محكم والعادة معزولة، حتى إذا انقطع أمر النبوة والخوارق المهولة تراجع الحكم بعض الشيء للعوائد فعادت العصبية كما كانت ولمن كانت، وأصبحت مضر أطوع لنبي أُمية من سواهم بما كان لهم من ذلك قبل.

فتبين لك غلط الحسين! إلّا أنه في أمر دنيوي لا يضره الغلط فيه!، وأما الحكم الشرعي فلم يغلط فيه، لأنه منوط بظنه وكان ظنة القدرة على ذلك، ولقد عذله ابن العباس وابن الزبير وابن عمر وابن الحنفّية أخوه وغيره في مسيره إلى الكوفة وعلموا غلطه في ذلك! ولم يرجع عما هو بسبيله لما أراده الله.

وأما غير الحسين من الصحابة الذين كانوا بالحجاز ومع يزيد بالشام والعراق ومن التابعين لهم فرأوا أن الخروج على يزيد وإنْ كان فاسقاً لا يجوز، لما ينشأ من الهرج والدماء فأقصروا عن ذلك، ولم يتابعوا الحسين ولا أنكروا عليه ولا أثموه لأنه مجتهد وهو أسوة المجتهدين.

ولا يذهب بك الغلط أن تقول بتأثيم هؤلاء بمخالفة الحسين وقعودهم عن نصره، فإنّهم أكثر الصحابة وكانوا مع يزيد ولم يروا الخروج عليه، وكان الحسين يستشهدهم وهو يقاتل بكربلاء على فضله وحقه ويقول: سلوا جابر بن عبد الله وأبا سعيد الخدري وأنس بن مالك وسهل بن سعيد ( سعد. ظ ) وزيد بن أرقم وأمثالهم، ولم ينكر عليهم قعودهم عن نصره، ولا تعرض لذلك لعلمه أنه عن

٢٤٠

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347