نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ٤

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار16%

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 347

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 347 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 286534 / تحميل: 6652
الحجم الحجم الحجم
نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ٤

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

أسماء الرواة

والمخرّجين لحديث السفينة

لقد روى حديث السفينة جماعة كبيرة من أئمة أهل السنة وحفاظهم، بطرق متكاثرة عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، نذكر منهم العلماء التالية أسماؤهم:

١ - محمد بن ادريس الشافعي، صاحب المذهب المعروف، المتوفى سنة ٢٠٤.

٢ - أحمد بن حنبل الشيباني، صاحب المذهب والمسند المشهور، المتوفى سنة ٢٤١.

٣ - مسلم بن الحجاج القشيري، صاحب الصحيح، المتوفى سنة ٢٦١.

٤ - أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري، المتوفى سنة ٢٧٦.

٥ - أبوبكر أحمد بن عمرو بن عبد الخالق البصري المعروف بالبزار، صاحب المسند، المتوفى سنة ٢٩٢.

٦ - أبو يعلى أحمد بن علي التميمي الموصلي صاحب المسند، المتوفى سنة ٣٠٧.

٢١

٧ - أبو جعفر محمد بن جرير الطبري، صاحب التاريخ والتفسير، المتوفى سنة ٣١٠.

٨ - أبوبكر محمد بن يحيى الصّولي صاحب الأوراق، المتوفى سنة ٣٣٥.

٩ - أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني صاحب المعاجم المشهورة، المتوفى سنة ٣٦٠.

١٠ - أبو الليث نصر بن محمد السمرقندي، المتوفى سنة ٣٧٥.

١١ - أبو عبد الله محمد بن عبد الله المعروف بالحاكم النيسابوري، صاحب المستدرك على الصحيحين، المتوفى سنة ٤٠٥.

١٢ - أبو سعد عبد الملك بن محمد النيسابوري الخركوشي، المتوفى سنة ٤٠٧.

١٣ - أبوبكر أحمد بن موسى بن مردويه الإِصفهاني، المتوفى سنة ٤١٠.

١٤ - أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي، المتوفى سنة ٤٢٧.

١٥ - أبو منصور عبد الملك بن محمد الثعالبي، المتوفى سنة ٤٣٠.

١٦ - أبو نعيم أحمد بن عبد الله الإصفهاني، المتوفى سنة ٤٣٠.

١٧ - أبو عمرو يوسف بن عبد الله المعروف بابن عبد البر النمري القرطبي، المتوفى سنة ٤٦٣.

١٨ - أبوبكر أحمد بن علي بن ثابت، المعروف بالخطيب البغدادي، المتوفى سنة ٤٦٣.

١٩ - أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن متويه الواحدي، المتوفى سنة ٤٦٨.

٢٠ - أبو الحسن علي بن محمد بن الطيب الجلّابي، المعروف بابن المغازلي، المتوفى سنة ٤٨٣.

٢١ - أبو المظفر منصور بن محمد السمعاني، المتوفى سنة ٤٨٩.

٢٢ - أبو منصور شهردار بن شيروية الديلمي، المتوفى سنة ٥٥٨.

٢٢

٢٣ - عمر بن محمد بن خضر الموصلي، المعروف بالملّا، صاحب السيرة، المتوفى سنة ٥٧٠.

٢٤ - أبو الحسين محمد بن حامد بن السري صاحب السنّة.

٢٥ - أبو محمد أحمد بن محمد بن علي العاصمي.

٢٦ - أبو عبد الله محمد بن مسلم بن أبي الفوارس الرازي.

٢٧ - أبو الفرج يحيى بن محمود بن سعيد الاصفهاني.

٢٨ - مجد الدين أبو السّعادات المبارك بن محمد، المعروف بابن الاثير الجزري، المتوفى سنة ٦٠٦.

٢٩ - فخر الدين محمد بن عمر التيمي البكري، المعروف بالفخر الرازي، المتوفى سنة ٦٠٦.

٣٠ - أبو سالم محمد بن طلحة القرشي النصيبي الشافعي، المتوفى سنة ٦٥٢.

٣١ - شمس الدين أبو المظفر يوسف بن قزعلي، المعروف بسبط ابن الجوزي، المتوفى سنة ٦٥٤.

٣٢ - أبو عبد الله محمد بن يوسف الكنجي الشافعي، المتوفى سنة ٦٥٨.

٣٣ - محب الدين أبو العباس أحمد بن عبد الله الطبري المكي الشافعي، المتوفى سنة ٦٩٤.

٣٤ - جمال الدين أبو الفضل محمد بن مكرم الأنصاري، المتوفى سنة ٧١١.

٣٥ - صدر الدين أبو المجامع إبراهيم بن محمد بن المؤيد الحموئي، المتوفى سنة ٧٢٢.

٣٦ - شهاب الدين محمود بن سلمان بن فهد بن محمود الحلبي، المتوفى سنة ٧٢٥.

٣٧ - نظام الدين الحسن بن محمد بن الحسين النيسابوري، المعروف

٢٣

بالنظام الأعرج، كان حيّاً سنة ٧٢٨.

٣٨ - ولي الدين أبو عبد الله محمد بن عبد الله الخطيب التبريزي، صاحب المشكاة، كان حيّاً سنة ٧٤٠.

٣٩ - حسن بن محمد الطيبي، شارح المشكاة، المتوفى سنة ٧٤٣.

٤٠ - جمال الدين محمد بن يوسف بن الحسن الزرندي المدني الأنصاري، المتوفى سنة بضع وخمسين وسبعمائة.

٤١ - السيد علي بن شهاب الدين الهمداني، صاحب كتاب المودة في القربى، المتوفى سنة ٧٨٦.

٤٢ - نور الدين علي بن أبي بكر بن سليمان الهيثمي، المتوفى سنة ٨٠٧.

٤٣ - السيد الشريف علي بن محمد الجرجاني، المتوفى سنة ٨١٦.

٤٤ - أبو العباس أحمد بن علي القلقشندي، المتوفى سنة ٨٢١.

٤٥ - محمد بن محمد بن محمود الحافظي البخاري، المعروف بخواجة بارسا، المتوفى سنة ٨٢٢.

٤٦ - أبوبكر علي الحموي، المعروف بابن حجة، المتوفى سنة ٨٣٧.

٤٧ - ملك العلماء شهاب الدين بن شمس الدين الزاولي الدولت آبادي، المتوفى سنة ٨٤٩.

٤٨ - نور الدين علي بن محمد، المعروف بابن الصباغ، المالكي، المتوفى سنة ٨٥٥.

٤٩ - كمال الدين حسين بن معين الدين اليزدي الميبدي، كان حيّاً سنة ٨٩٠.

٥٠ - إختيار الدين بن غياث الدين الهروي، كان حيّاً سنة ٨٩٧.

٥١ - عبد الرحمن بن عبد السلام الصفوري.

٥٢ - محمود بن أحمد الكيلاني.

٥٣ - شمس الدين أبو الخير محمد بن عبد الرحمن السخاوي، المتوفى سنة

٢٤

٩٠٢.

٥٤ - حسين بن علي الكاشفي، المتوفى سنة ٩١٠.

٥٥ - جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي، المتوفى سنة ٩١١.

٥٦ - نور الدين علي بن عبد الله السمهودي، المتوفى سنة ٩١١.

٥٧ - أحمد بن محمد بن علي الهيتمي المكي، المعروف بابن حجر، المتوفى سنة ٩٧٣.

٥٨ - علي بن حسام الدين المتقي، المتوفى سنة ٩٧٥.

٥٩ - محمد بن طاهر الفتني الكجراتي، المتوفى سنة ٩٨٦.

٦٠ - شيخ بن عبد الله العيدروس اليمني، المتوفى سنة ٩٩٠.

٦١ - كمال الدين بن فخر الدين الجهرمي، صاحب ترجمة الصواعق المحرقة.

٦٢ - جمال الدين عطاء الله بن فضل الله الشيرازي، المعروف بالمحدّث.

٦٣ - علي بن سلطان الهروي المعروف بعلي القاري، المتوفى سنة ١٠١٣.

٦٤ - عبد الرؤف بن تاج الدين المناوي، المتوفى سنة ١٠٣١.

٦٥ - أحمد بن عبد الأحد العمري السهرندي المعروف بالمجدّد، المتوفى سنة ١٠٣٤.

٦٦ - محمد صالح الترمذي.

٦٧ - أحمد بن الفضل بن محمد بالكثير المكي، المتوفى سنة ١٠٤٧.

٦٨ - الشيخ عبد الحق بن سيف الدين الدهلوي، المتوفى سنة ١٠٥٢.

٦٩ - علي بن محمد بن إبراهيم العزيزي، المتوفى سنة ١٠٧٠.

٧٠ - محمد بن أبي بكر الشلي، المتوفى سنة ١٠٩٣.

٧١ - محمد بن محمد بن سليمان المغربي، المتوفى سنة ١٠٩٤.

٧٢ - محمود بن محمد بن علي الشيخاني القادري، كان حيّاً سنة ١٠٩٤.

٧٣ - حسام الدين بن محمد بايزيد بن بديع الدين السهارنبوري، كان حيّاً

٢٥

سنة ١١٠٦.

٧٤ - الميرزا محمد بن معتمد خان البدخشي، كان حيّاً سنة ١١٢٦.

٧٥ - محمد صدر عالم، كان حيّاً سنة ١١٤٦.

٧٦ - ولي الله أحمد بن عبد الرحيم العمري الدهلوي - والد ( الدهلوي ) - المتوفى سنة ١١٧٦.

٧٧ - محمد بن سالم الحفني المتوفى سنة ١١٨١.

٧٨ - محمد بن إسماعيل بن صلاح الأمير الصنعاني، المتوفى سنة ١١٨٢.

٧٩ - محمد بن علي الصبّان المصري، كان حيّاً سنة ١١٨٥.

٨٠ - محمد مرتضى بن محمد الواسطي البلجرامي، المتوفى سنة ١٢٠٠.

٨١ - أحمد بن عبد القادر بن بكري العجيلي، كان حيّاً سنة ١٢٠٣.

٨٢ - محمد مبين بن محب الله الأنصاري اللكهنوي، المتوفى سنة ١٢٢٠.

٨٣ - محمد بن ثناء الله العثماني النقشبندي المجددي، المتوفى سنة ١٢٢٥.

٨٤ - محمد سالم الدهلوي البخاري.

٨٥ - جمال الدين محمد بن عبد العال القرشي الهاشمي.

٨٦ - ولي الله بن حبيب الله اللكهنوي، المتوفى سنة ١٢٧٠.

٨٧ - محمد رشيد الدين خان الدهلوي، وهو تلميذ ( الدهلوي ).

٨٨ - الشيخ حسن العدوي الحمزاوي.

٨٩ - أحمد بن زيني دحلان المكي.

٩٠ - السيد مؤمن بن حسن مؤمن الشبلنجي.

٩١ - سليمان بن إبراهيم البلخي.

٩٢ - حسن الزمان التركماني.

٢٦

(١)

رواية الشافعي

روى الشافعي حديث السفينة عن أبي ذر الغفاريرضي‌الله‌عنه ، فقد قال الحمّوئي ما نصه:

« وقد أخبرني جماعة، منهم العلامة نجم الدين عثمان بن الموفق الأذكاني - فيما أجازوا لي روايته عنهم - قالوا: أنبأنا المؤيد بن محمد بن علي الطوسي عن عبد الجبار بن محمد الخواري إجازة، قال: أنبأنا أبو الحسن علي الواحدي، قال: أنبأنا الفضل بن أحمد بن محمد بن إبراهيم، أنبأنا أبو علي بن أبي بكر الفقيه، أنبأنا محمد بن إدريس الشافعي، أنبأنا المفضل بن صالح عن ابي إسحاق السبيعي، عن حنش بن المعتمر الكناني، قال: سمعت أباذر - وهو آخذ بباب الكعبة وهو يقول - أيّها الناس، من عرفني فأنا من قد عرفتم، ومن لا يعرفني فأنا أبوذر، إني سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: إنّما مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من دخلها نجا، ومن تخلّف عنها هلك »(١) .

هذا وقد ضمّن الشافعي هذا الحديث في أبياتٍ له رواها العجيلي حيث قال:

ولمـّا رأيت الناس قد ذهبت بهم

مذاهبهم في أبحر الغيّ والجهل

ركبت على اسم الله في سفن النّجا

وهم أهل بيت المصطفى خاتم الرسل

وأمسكت حبل الله وهو ولاؤهم

كما قد أمرنا بالتمسك بالحبل

إذا افترقت في الدين سبعون فرقة

ونيفاً على ما جاء في واضح النقل

___________________

(١). فرائد السمطين ٢ / ٢٤٢.

٢٧

ولم يك بناجٍ منهم غير فرقة

فقل لي بها ذا الرجاحة والعقل

أفي الفرقة الهلّاك آل محمد؟

أم الفرقة اللاتي نجت منهم؟ قل لي

فإن قلت في الناجين فالقول واحد

رضيت بهم لا زال في ظلهم ظلّي

رضيت علياً لي إماماً ونسله

وأنت من الباقين في أوسع الحل

فهذه شهادة الشافعي - كما تسمع - مصرحة بركوب تلك السفينة الناجية، وتمسكه بذلك الحبل، وأنهم في الفرقة الناجية، ومن حكم عليهم بالهلاك فقد حاف عن العدل، ورضاه بإمامة آل فاطمة ورفضه آل هند وآل مرجانة وأشباههم، فأين المقلدون؟! »(١) .

ترجمته:

والشافعي هو: محمد بن إدريس المتوفى سنة ٢٠٤ إمام الشافعية، وأحد الأئمة الأربعة عند أهل السنة، وإليك قائمةً بمصادر ترجمته عدا الكتب الخاصة بذلك:

١ - تذكرة الحفاظ ١ / ٣٢٩.

٢ - تهذيب التهذيب ٩ / ٢٥.

٣ - وفيات الأعيان ١ / ٤٤٧.

٤ - تاريخ بغداد ٢ / ٥٦.

٥ - حلية الأولياء ٩ / ٦٣.

٦ - طبقات الشافعية ١ / ١٨٥.

٧ - صفة الصفوة ٢ / ١٤٠.

___________________

(١). ذخيرة المآل - مخطوط.

٢٨

(٢)

رواية أحمد

لقد جاء في ( المشكاة ) ما نصّه: « عن أبي ذر، أنه قال - وهو آخذ بباب الكعبة -: سمعت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: ألا إنّ مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح، من ركبها نجا ومن تخلّف عنها هلك. رواه أحمد »(١) .

كما جاءت روايته في ( الصواعق ) و ( الصواقع ) وغيرهما(٢) .

ترجمته:

وأحمد بن حنبل هو إمام الحنابلة وأحد الأئمة الأربعة عند أهل السنة، توفي سنة ٢٤١ وستأتي ترجمته في قسم ( حديث التشبيه ) من كتابنا عن طائفة كبيرة من المصادر المعتبرة لدى أهل السنة.

___________________

(١). مشكاة المصابيح / ٥٢٣.

(٢). كتاريخ الخلفاء للسيوطي كما سيأتي.

قلت: وهذا نص ما جاء في ( فضائل علي لأحمد ) من زيادات القطيعي: « حدّثنا العباس بن إبراهيم ثنا محمد بن إسماعيل الأحمسي ثنا مفضل بن صالح عن أبي إسحاق عن حنش الكناني قال: سمعت أباذر يقول - وهو أخذ بباب الكعبة: من عرفني فأنا من قد عرفني ومن أنكرني فأنا أبوذر سمعت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: ألا إنّ مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها هلك ».

٢٩

(٣)

رواية مسلم

قال ابن حجر المكي ما لفظه: « وجاء من طرق عديدة يقوّي بعضها بعضاً: إنما مثل أهل بيتي كمثل سفينة النوح، من ركبها نجا ، و في رواية مسلم: ومن تخلف عنها غرق، وفي رواية: هلك.

وإنما مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطة في بني إسرائيل، من دخله غفر له الذنوب »(١) .

كما سيعلم ذلك من عبارة ( مرآة المؤمنين ) أيضاً.

ترجمته:

ومسلم بن الحجاج النيسابوري صاحب ( الصحيح ) المتوفى سنة ٢٦١، غني عن التعريف والتوثيق، وكتابه أحد الصحيحين المقبولين لدى أهل السنة كافة، بل رجحه بعض أئمتهم على صحيح البخاري.

وقد ذكرنا ترجمته والثناء على كتابه في بعض مجلّدات الكتاب، وقد تقدّم في قسم ( حديث الثقلين ) شيء من كتاب.

___________________

(١). الصواعق المحرقة: ٢٣٤.

٣٠

(٤)

رواية ابن قتيبة

روى حديث السفينة عن سيدنا أبي ذررضي‌الله‌عنه ، حيث قال بترجمته: « وحدّثني أبو الخطّاب، قال: حدّثنا أبو عتاب سهل بن حماد قال: حدّثنا عمر [ و ] ابن ثابت، عن أبي إسحاق، عن حنش بن المعتمر، قال: جئت وأبوذر آخذ بحلقة باب الكعبة وهو يقول: أنا أبوذر الغفاري، من لم يعرفني فأنا جندب صاحب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح، من ركبها نجا »(١) .

وقد رواه في ( عيون الأخبار ) عن أبي ذر أيضاً حيث قال: « حنش بن المعتمر قال: جئت وأبوذر آخذ بحلقة باب الكعبة وهو يقول: أنا أبوذر الغفاري من لم يعرفني فأنا جندب صاحب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا»(٢) .

ترجمته:

وابن قتيبة هو: أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري، المتوفى سنة ٢٧٦. له ترجمة في:

١ - وفيات الأعيان ١ / ٢٥١.

٢ - نزهة الألباء ٢٧٢.

٣ - لسان الميزان ٣ / ٣٥٧.

___________________

(١). المعارف ٨٦.

(٢). عيون الأخبار ١ / ٢١١.

٣١

وغيرها من مصادر التراجم.

(٥)

رواية البزار

ورواه الحافظ أبوبكر البزار، عن ابن عباس وابن الزبير كما ستعرف فيما بعد من كلمات أعلام القوم.

وعن ( زوائد مسند البزار ) لابن حجر: قال البزار: « حدّثنا يحيى بن منصور ثنا أبي مريم ( كذا ) ثنا ابن لهيعة عن ابن الأسود عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن أبيه: إنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تركها غرق.

حدثنا عمرو بن علي والجرّاح بن مخلّد ومحمد بن معمر - واللفظ لعمرو - قال: ثنا مسلم بن إبراهيم ثنا الحسن بن أبي جعفر عن علي بن زيد عن سعيد بن المسيب عن أبي ذر: قال: قال رسول الله مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح، من ركب فيها نجا ومن تخلف عنها غرق.

حدثنا محمد بن معمر، ثنا مسلم بن إبراهيم، ثنا الحسن بن أبي جعفر، ثنا أبو الصهباء عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح، من ركب فيها نجا ومن تخلف عنها غرق ».

ترجمته:

والبزار هو: الحافظ أبوبكر أحمد بن عمرو بن عبد الخالق، المتوفى سنة ٢٩٢، صاحب ( المسند ) المشهور، وقد ذكرنا ترجمته في بعض مجلَّدات الكتاب، ومن مصادر ترجمته:

٣٢

١ - أخبار إصفهان.

٢ - طبقات الحفاظ: ٢٨٩.

٣ - تاريخ بغداد ٤ / ٣٣٤.

٤ - تذكرة الحفاظ ٢ / ٦٥٣.

٥ - شذرات الذهب ٢ / ٢٠٩.

(٦)

رواية أبي يعلى

روى هذا الحديث بسنده عن أبي ذررحمه‌الله حيث قال ما نصه:

« حدثنا سويد بن سعيد، حدثنا مفضل بن عبد الله عن أبي إسحاق عن حنش، قال: سمعت أباذررضي‌الله‌عنه - وهو آخذ بحلقة الباب - يقول: أيها الناس من عرفني فقد عرفني، ومن أنكرني فأنا أبوذر، سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: إنما مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح عليه الصلاة والسلام، من دخلها نجا، ومن تخلّف عنها هلك »(١) .

ترجمته:

وأبو يعلى هو: أحمد بن علي التميمي الموصلي، المتوفى سنة ٣٠٧، صاحب كتاب ( المسند ). له ترجمة في:

١ - تذكرة الحفاظ ٢ / ٧٠٧.

٢ - العبر ٢ / ١٣٤.

___________________

(١). مسند أبي يعلى.

٣٣

٣ - دول الاسلام ١ / ١٤٦.

٤ - الوافي بالوفيات ٧ / ٢٤١.

٥ - مرآة الجنان ٢ / ٢٤٩.

٦ - طبقات الحفاظ ٣٠٦.

(٧)

رواية الطّبري

ورواه الطبري كتابه ( تهذيب الآثار ) الذي التزم فيه بالصحة، عن سيدنا أبي ذر الغفاري، كما ستعرف فيما بعد إنْ شاء الله تعالى.

ترجمته:

والطبري هو: أبو جعفر محمد بن جرير، صاحب التاريخ والتفسير المشهورين، المتوفى سنة ٣١٠. وقد أثنى على الطبري كلّ من ترجم له، ووصفوه بكلّ جميل، حتى أن بعض كبار علماء أهل السنة رجحوا فتاواه على فتاوى الأئمة الأربعة وقلّدوه ومن مصادر ترجمته:

١ - تذكرة الحفاظ ٢ / ٧١٠.

٢ - تاريخ بغداد ٢ / ١٦٢.

٣ - الوافي بالوفيات ٢ / ٢٨٤.

٤ - مرآة الجنان ٢ / ٢٦١.

٥ - طبقات الشافعية ٣ / ١٢٠.

٦ - تهذيب الأسماء واللغات ١ / ٧٨.

٧ - طبقات المفسرين ٢ / ١٠٦.

٣٤

٨ - النجوم الزاهرة ٣ / ٢٠٥.

(٨)

رواية الصّولي

ورواه أبوبكر الصّولي، في كتابه ( الأوراق ) كما سيأتي عن كتاب ( القول المستحسن ).

ترجمته:

والصولي هو: أبوبكر محمد بن يحيى المتوفى سنة ٣٣٥، وتوجد ترجمته في:

١ - وفيات الأعيان ١ / ٥٠٨.

٢ - تاريخ بغداد ٣ / ٤٢٧.

٣ - النجوم الزاهرة ٣ / ٢٩٦.

٤ - نزهة الألباء ٣٤٣.

٥ - لسان الميزان ٥ / ٤٢٧.

(٩)

رواية الطبراني

لقد روى هذا الحديث قال ما لفظه: « حدثنا الحسين بن أحمد بن منصور سجادة البغدادي، حدثنا عبد الله بن داهر الرازي، حدثنا عبد الله بن عبد القدوس، عن الأعمش، عن أبي إسحاق، عن حنش بن المعتمر، أنه سمع

٣٥

أباذر الغفاري يقول: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح في قوم نوح، من ركبها نجا ومن تخلّف عنها هلك، ومثل باب حطّة في بني إسرائيل. لم يروه عن الأعمش إلّا عبد الله بن عبد القدوس »(١) .

وقال ايضاً: « حدثنا محمد بن عبد العزيز بن محمد بن ربيعة الكلابي أبو مليل الكوفي، حدثنا أبي، حدثنا عبد الرحمن بن أبي حماد المقري، عن أبي سلمة الضائغ، عن عطية عن أبي سعيد الخدري، سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: إنما مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطّة في بني إسرائيل من دخله غفر له. لم يروه عن أبي سلمة إلّا ابن أبي حماد، تفرّد به عبد العزيز بن محمد »(٢) .

ترجمته:

وهو: أبو القاسم سليمان بن أحمد، صاحب المعاجم الثلاثة المشهورة، المتوفى سنة ٣٦٠، ترجم له الحافظ السيوطي بقوله: « الطبراني - الامام العلّامة الحجة، بقية الحفاظ، أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب بن مطير اللخمي الشامي. مسند الدنيا »(٣) .

وله ترجمة في: وفيات الأعيان ٢ / ٢١٥، الأنساب - الطبراني، تذكرة الحفاظ ٣ / ٩١٢ وغيرها.

___________________

(١). المعجم الصغير ١ / ١٣٩.

(٢). المصدر نفسه ٢ / ٢٢.

(٣). طبقات الحفاظ ٣٧٢.

٣٦

(١٠)

رواية أبي الليث

ورواه أبو الليث بتفسير سورة التين قائلاً: « وهو البلد الأمين » عليعليه‌السلام ، شبّهه بمكة، لأن من دخل مكة صار آمناً من عذاب الله، كذلك علي بقوله عليه الصلاة والسلام: مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح، من ركبها نجا، ومن تخلّف عنها هلك »(١) .

ترجمته:

وهو: أبو الليث نصر بن محمد السمرقندي، المتوفى سنة ٣٧٥، كان من فقهاء الحنفية، مفسراً كبيراً، وصفه عبد القادر بـ « الامام الكبير، صاحب الأقوال المفيدة والتصانيف المشهورة »(٢) . وله ترجمة في الفوائد البهيّة في تراجم الحنفية ٢٢٠.

(١١)

رواية الحاكم النيسابوري

لقد رواه باسناده عن أبي ذر يقول:

« أخبرنا ميمون بن إسحاق الهاشمي، ثنا أحمد بن عبد الجبار، ثنا يونس بن

___________________

(١). المجالس - مخطوط.

(٢). الجواهر المضيّة ٢ / ١٩٦.

٣٧

بكير، ثنا المفضل بن صالح، عن أبي إسحاق، عن حنش الكناني، قال: سمعت أباذر يقول - وهو آخذ بباب الكعبة - أيها الناس، من عرفني فأنا من عرفتم، من أنكرني فأنا أبوذر، سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح، من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق. [ و ] هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه »(١) .

وقال الحاكم « أخبرني أحمد بن جعفر بن حمدان الزاهد ببغداد، حدثنا العباس بن إبراهيم القراطيسي، ثنا محمد بن إسماعيل الأحمسي، ثنا مفضل بن صالح عن أبي إسحاق، عن حنش الكناني قال: سمعت أباذر - وهو آخذ بباب الكعبة - من عرفني فأنا من عرفني، ومن أنكرني فأنا أبوذر، سمعت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح في قومه من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق، ومثل حطة لبني إسرائيل »(٢) .

ترجمته:

والحاكم هو: أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن البيع النيسابوري، المعروف بالحاكم، صاحب ( المستدرك على الصحيحين ) والمتوفى سنة ٤٠٥، توجد ترجمته في:

١ - وفيات الأعيان ٣ / ٤٠٨.

٢ - طبقات الشّافعية ٤ / ١٥٥.

٣ - مرآة الجنان ٣ / ١٤.

٤ - العبر ٣ / ٩١.

٥ - تذكرة الحفاظ. وصفه الذهبي فيه بـ « الحاكم الحافظ الكبير إمام المحدثين ».

___________________

(١). المستدرك على الصحيحين ٢ / ٣٤٣.

(٢). المستدرك على الصحيحين ٣ / ١٥٠.

٣٨

(١٢)

رواية الخركوشي

ورواه أبو سعد الخركوشي، كما صرّح بذلك ملك العلماء الهندي، كما ستعرف(١) .

ترجمته:

وهو: أبو سعد عبد الملك بن محمد النيسابوري الخركوشي، المتوفى سنة ٤٠٧. وتوجد ترجمته في:

١ - تذكرة الحفاظ ٣ / ٢٥٣.

٢ - الأنساب - الخركوشي.

٣ - طبقات الشافعية للأسنوي ١ / ٤٧٧.

٤ - طبقات الشافعية للسبكي ٥ / ٢٢٢. وقد وصفه بقوله: « وكان فقيهاً زاهداً، من أئمة الدين وأعلام المؤمنين، يرتجى الرحمة بذكره ».

(١٣)

رواية ابن مردويه

ورواه الحفاظ ابن مردويه، عن سيدنا أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وابن

___________________

(١). في شرف المصطفى للخركوشي نسخة الظاهرية: باب فضيلة أهل البيت: « وعن ابن عباس قال: =

٣٩

عباس، كما سيأتي عن كتاب ( الأساس ) للحافظ السيوطي.

ترجمته:

وابن مردويه هو: أبوبكر أحمد بن موسى بن مردويه الإصبهاني، المتوفى سنة ٤١٠، وقد ذكرنا ترجمته في بعض مجلّدات الكتاب، وله ترجمة في:

١ - تاريخ اصبهان ١ / ١٦٨.

٢ - تذكرة الحفاظ ٣ / ٢٣٨.

٣ - طبقات الحفاظ: ٤١٢.

٤ - طبقات المفسرين ١ / ٩٣.

٥ - شذرات الذهب ٣ / ١٩٠

(١٤)

رواية الثعلبي

ورواه أبو إسحاق الثعلبي كما ستعرف ذلك من ( كنوز الحقائق )، وعنه في ( ينابيع المودة ١٨١ ).

ترجمته:

وهو: أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي، صاحب التفسير الشهير، المتوفى سنة ٤٢٧، وقد تقدمت منا ترجمته في ( حديث الثقلين ) عن عدة من المصادر(١) .

___________________

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركب فيها نجا ومن تخلف عنها غرق ».

(١). راجع ١ / ٣٤٧.

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

بن رئاب ، عن ابن أبي يعفور ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال الصبر رأس الإيمان

_________________________________________

وإن كان في نائبه مضجرة سمي رحب الصدر ويضاده الضجر ، وإن كان في إمساك الكلام سمي كتمانا ويضاده الإذاعة ، وقد سمي الله تعالى كل ذلك صبرا ونبه عليه بقوله : «وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ »(١) «وَالصَّابِرِينَ عَلى ما أَصابَهُمْ »(٢) «وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِراتِ »(٣) وسمي الصوم صبرا لكونه كالنوع له.

وقوله : «اصْبِرُوا وَصابِرُوا »(٤) أي احبسوا أنفسكم علي العبادة وجاهدوا أهواءكم ، وقوله عز وجل : «اصْطَبِرْ لِعِبادَتِهِ »(٥) أي تحمل الصبر بجهدك ، وقوله : «أُوْلئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِما صَبَرُوا »(٦) أي بما تحملوه من الصبر في الوصول إلى مرضات الله.

قوله : رأس الإيمان ، هو من قبيل تشبيه المعقول بالمحسوس ، ووجه الشبه ما سيأتي في الخبر الآتي ووجهه أن الإنسان ما دام في تلك النشأة هو مورد للمصائب والآفات ومحل للحوادث والنوائب والعاهات ، ومبتلى بتحمل الأذى من بني نوعه في المعاملات ومكلف بفعل الطاعات وترك المنهيات والمشتهيات ، وكل ذلك ثقيل على النفس لا تشتهيها بطبعها ، فلا بد من أن تكون فيه قوة ثابتة وملكة راسخة بها يقتدر على حبس النفس علي هذه الأمور الشاقة ، ورعاية ما يوافق الشرع والعقل فيها ، وترك الجزع والانتقام وسائر ما ينافي الآداب المستحسنة المرضية عقلا وشرعا ، وهي المسماة بالصبر ، ومن البين أن الإيمان الكامل بل نفس التصديق أيضا يبقى ببقائه ، ويفنى بفنائه ، فلذلك هو من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد.

__________________

(١) سورة البقرة : ١٧٧.

(٢) سورة الحجّ : ٣٥.

(٣) سورة الأحزاب : ٣٥.

(٤) سورة آل عمران : ٢٠٠.

(٥) سورة مريم : ٦٥.

(٦) سورة الفرقان : ٧٥.

١٢١

٢ ـ أبو علي الأشعري ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن سنان ، عن العلاء بن فضيل ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد فإذا ذهب الرأس ذهب الجسد كذلك إذا ذهب الصبر ذهب الإيمان.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه وعلي بن محمد القاساني جميعا ، عن القاسم بن محمد الأصبهاني ، عن سليمان بن داود المنقري ، عن حفص بن غياث قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام يا حفص إن من صبر صبر قليلا وإن من جزع جزع قليلا ثم قال عليك بالصبر في جميع أمورك فإن الله عز وجل بعث محمداصلى‌الله‌عليه‌وآله فأمره بالصبر والرفق فقال «وَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ »(١) وقال تبارك وتعالى «ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [ السَّيِّئَةَ ]

_________________________________________

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور.

الحديث الثالث : ضعيف.

« صبر قليلا » نصب قليلا إما على المصدرية أو الظرفية أي صبر صبرا قليلا أو زمانا قليلا ، وهو زمان العمر أو زمان البلية« في جميع أمورك » فإن كل ما يصدر عنه من الفعل والترك والعقد وكل ما يرد عليه من المصائب والنوائب من قبله تعالى ، أو من قبل غيره يحتاج إلى الصبر إذ لا يمكنه تحمل ذلك بدون جهاده مع النفس والشيطان وحبس النفس عليه.

«وَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ » أي من الخرافات والشتم والإيذاء «وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً » بأن تجانبهم وتداريهم ولا تكافيهم وتكل أمرهم إلى الله كما قال : «وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ » أي دعني وإياهم وكل إلى أمرهم فإني أجازيهم في الدنيا والآخرة «أُولِي النَّعْمَةِ » النعمة بالفتح لين الملمس أي المتنعمين ذوي الثروة في الدنيا ، وهم صناديد قريش وغيرهم.

«ادْفَعْ » أول الآية هكذا : «وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ » أي في الجزاء وحسن العاقبة « ولا » الثانية مزيدة لتأكيد النفي «ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ » كذا

__________________

(١) سورة المزّمّل : ١٠.

١٢٢

فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ وَما يُلَقَّاها إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَما يُلَقَّاها إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ »(١) فصبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حتى نالوه بالعظائم ورموه بها فضاق صدره فأنزل الله عز وجل عليه : «وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما يَقُولُونَ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ

_________________________________________

في أكثر نسخ الكتاب وتفسير علي بن إبراهيم ، والسيئة غير مذكورة في المصاحف وكأنهعليه‌السلام زادها تفسيرا وليست في بعض النسخ وهو أظهر ، وقيل : المعنى ادفع السيئة حيث اعترضتك بالتي هي أحسن منها وهي الحسنة ، على أن المراد بالأحسن الزائد مطلقا أو بأحسن ما يمكن دفعها به من الحسنات ، إنما أخرج مخرج الاستئناف على أنه جواب من قال كيف أصنع؟ للمبالغة ، ولذلك وضع أحسن موضع الحسنة ، كذا ذكره البيضاوي ، وقيل : اسم التفضيل مجرد عن معناه ، أو أصل الفعل معتبر في المفضل عليه على سبيل الفرض ، أو المعنى ادفع السيئة بالحسنة التي هي أحسن من العفو أو المكافاة ، وتلك الحسنة هي الإحسان في مقابل الإساءة ، ومعنى التفضيل حينئذ بحاله لأن كلا من العفو أو المكافاة أيضا حسنة إلا أن الإحسان أحسن منهما وهذا قريب مما ذكره الزمخشري من أن لا غير مزيدة ، والمعنى أن الحسنة والسيئة متفاوتان في أنفسهما فخذ بالحسنة التي هي أحسن أن تحسن إليه مكان إساءته.

«فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ » أي إذا فعلت ذلك صار عدوك المشاق مثل الولي الشفيق «وَما يُلَقَّاها » أي ما يلقي هذه السجية وهي مقابلة الإساءة بالإحسان «إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا » فإنها تحبس النفس عن الانتقام «وَما يُلَقَّاها إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ » من الخير وكمال النفس ، وقيل : الحظ العظيم الجنة ، يقال :

لقاه الشيء أي ألقاه إليه« حتى نالوه بالعظائم » يعني نسبوه إلى الكذب والجنون والسحر وغير ذلك ، وافتروا عليه.

«أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ » كناية عن الغم «بِما يَقُولُونَ » من الشرك أو الطعن فيك

__________________

(١) سورة فصّلت : ٣٥.

١٢٣

رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ »(١) ثم كذبوه ورموه فحزن لذلك فأنزل الله عز وجل «قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللهِ

_________________________________________

وفي القرآن والاستهزاء بك وبه «فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ » أي فنزه ربك عما يقولون مما لا يليق به متلبسا بحمده في توفيقك له أو فافزع إلى الله فيما نابك من الغم بالتسبيح والتحميد فإنهما يكشفان الغم عنك «وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ » للشكر في توفيقك أو رفع غمك أو كن من المصلين فإن في الصلاة قطع العلائق عن الغير «إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ » الضمير للشأن أي ما يقولون إنك شاعر أو مجنون وأشباه ذلك.

«فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ » قال الطبرسي (ره) : اختلف في معناه على وجوه : أحدها أن معناه لا يكذبونك بقلوبهم اعتقادا وإن كانوا يظهرون بأفواههم التكذيب عنادا وهو قول أكثر المفسرين ويؤيده ما روي أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لقي أبا جهل فصافحه أبو جهل فقيل له في ذلك؟ فقال : والله إني لأعلم أنه صادق ولكنا متى كنا تبعا لعبد مناف؟ فأنزل الله هذه الآية.

وثانيها : أن المعنى لا يكذبونك بحجة ولا يتمكنون من إبطال ما جئت به ببرهان ، ويدل عليه ما روي عن عليعليه‌السلام أنه كان يقرأ : لا يكذبونك ، ويقول : إن المراد بها أنهم لا يأتون بحق هو أحق من حقك.

وثالثها : أن المراد لا يصادفونك كاذبا ، تقول العرب : قاتلناكم فما أجبناكم أي ما أصبناكم جبناء ، ولا يختص هذا الوجه بالقراءة بالتخفيف لأن أفعلت وفعلت يجوزان في هذا الموضع إلا أن التخفيف أشبه بهذا الوجه.

ورابعها : أن المراد لا ينسبونك إلى الكذب فيما أتيت به لأنك كنت عندهم أمينا صادقا ، وإنما يدفعون ما أتيت به ويقصدون التكذيب بآيات الله ، ويقوي هذا الوجه قوله : ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون ، وقوله : وكذب به قومك وهو

__________________

(١) سورة الحجر : ٩٧.

١٢٤

يَجْحَدُونَ وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلى ما كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتاهُمْ نَصْرُنا »(١) فألزم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله نفسه الصبر فتعدوا فذكر الله تبارك وتعالى وكذبوه فقال قد صبرت في نفسي وأهلي وعرضي ولا صبر لي على ذكر إلهي فأنزل الله عز وجل : «وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ

_________________________________________

الحق ، ولم يقل : وكذبك قومك ، وما روي أن أبا جهل قال للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ما نتهمك ولا نكذبك ولكننا نتهم الذي جئت به ونكذبه.

وخامسها : أن المراد أنهم لا يكذبونك بل يكذبونني فإن تكذيبك راجع إلى ولست مختصا به لأنك رسول فمن رد عليك فقد رد على ، وذلك تسلية منه تعالى للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

«وَلكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللهِ » أي بالقرآن والمعجزات «يَجْحَدُونَ » بغير حجة سفها وجهلا وعنادا ، ودخلت الباء لتضمين معنى التكذيب وقال أبو علي : الباء تتعلق بالظالمين ، ثم زاد في تسلية النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بقوله : «وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلى ما كُذِّبُوا وَأُوذُوا » أي صبروا على ما نالهم منهم من التكذيب والأذى في أداء الرسالة «حَتَّى أَتاهُمْ نَصْرُنا » إياهم على المكذبين ، وهذا أمر منه تعالى لنبيه بالصبر على أذى كفار قومه إلى أن يأتيه النصر كما صبرت الأنبياء ، وبعده «وَلا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِ اللهِ » أي لا يقدر أحد على تكذيب خبر الله على الحقيقة ولا على إخلاف وعده «وَلَقَدْ جاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ » أي خبرهم في القرآن كيف أنجيناهم ونصرناهم على قومهم.

قوله عليه‌السلام : فذكروا الله ، أي نسبوا إليه ما لا يليق بجنابة «وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ » قيل : هذا إشارة إلى حسن التأني وترك التعجيل في الأمور ، وتمهيد للأمر بالصبر ، وأقول : يحتمل أن يكون توطئة للصبر على وجه آخر ، وهو بيان عظم قدرته وأنه قادر على الانتقام منهم «وَما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ » أي من تعب وإعياء ، وهو رد لما

__________________

(١) سورة الأنعام : ٣٣.

١٢٥

فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ »(١) فصبر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في جميع أحواله ثم بشر في عترته

_________________________________________

زعمت اليهود من أنه تعالى بدء خلق العالم يوم الأحد ، وفرغ منه يوم الجمعة واستراح يوم السبت واستلقى على العرش «فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ » أي ما يقول المشركون من إنكارهم البعث ، فإن من قدر على خلق العالم بلا إعياء قدر على بعثهم والانتقام منهم أو ما يقول اليهود من الكفر والتشبيه.

قوله عليه‌السلام : ثم بشر ، على بناء المجهول وقبل الآية في سورة التنزيل هكذا ، «وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَلا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقائِهِ وَجَعَلْناهُ هُدىً لِبَنِي إِسْرائِيلَ وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً » وفي أكثر نسخ الكتاب وجعلناهم وكأنه تصحيف ، وفي بعضها : جعلنا منهم ، كما في المصاحف.

ثم إنه يرد عليه أن الظاهر من سياق الآية رجوع ضمير منهم إلى بني إسرائيل فكيف تكون بشارة للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في عترته وكيف وصفوا بالصبر؟

والجواب ما عرفت أن ذكر القصص في القرآن لإنذار هذه الأمة وتبشيرهم ، مع أنه قد قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنه يقع في هذه الأمة ما وقع في بني إسرائيل حذو النعل بالنعل ، فذكر قصة موسى وإيتائه الكتاب وجعل الأئمة من بني إسرائيل أي هارون وأولاده ، ذكر نظير لبعثة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وإيتائه القرآن وجعل الأئمة من أخيه وابن عمه وأولاده كما قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنت مني بمنزلة هارون من موسى ، وقد يقال : إن قوله : «فَلا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقائِهِ » المراد به لا تكن في تعجب من سقوط الكتاب بعدك وعدم عمل الأمة به فإنا نجعل بعدك أمة يهدون بالكتاب كما جعلنا في بني إسرائيل أئمة يهدون بالتوراة.

والمفسرون ذكروا فيه وجوها : الأول أن المعنى لا تكن في شك من لقائك موسى ليلة الأسرى ، الثاني : من لقاء موسى الكتاب ، الثالث : من لقائك الكتاب ،

__________________

(١) سورة ق : ٣٨.

١٢٦

بالأئمة ووصفوا بالصبر فقال جل ثناؤه «وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا وَكانُوا بِآياتِنا يُوقِنُونَ »(١) فعند ذلك قالصلى‌الله‌عليه‌وآله الصبر من الإيمان كالرأس من الجسد فشكر الله عز وجل ذلك له فأنزل الله عز وجل : «وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنى عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ بِما صَبَرُوا وَدَمَّرْنا ما كانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَما كانُوا

_________________________________________

الرابع : من لقائك الأذى كما لقي موسى الأذى.

« وجعلناه » أي موسى أو المنزل عليه «يَهْدُونَ » أي الناس إلى ما فيه من الحكم والأحكام «بِأَمْرِنا » إياهم أو بتوفيقنا لهم «لَمَّا صَبَرُوا » أي لصبرهم على الطاعة أو على أذى القوم أو عن الدنيا وملاذها كما قيل «وَكانُوا بِآياتِنا يُوقِنُونَ » لا يشكون في شيء منها ، ويعرفونها حق المعرفة.

« فشكر الله ذلك له » إشارة إلى الصبر على جميع الأحوال وذلك القول الدال على الرضا بالصبر ، وشكر الله تعالى لعباده عبارة عن قبول العمل ومقابلته بالإحسان والجزاء في الدنيا والآخرة «وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ » صدر الآية : «وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كانُوا يُسْتَضْعَفُونَ » يعني بني إسرائيل في ظهر الآية فإن القبط كانوا يستضعفونهم فأورثهم الله بأن مكنهم وحكم لهم بالتصرف ، وأباح لهم بعد إهلاك فرعون وقومه «مَشارِقَ الْأَرْضِ وَمَغارِبَهَا » أي أرض الشام شرقها وغربها ، أو أرض الشام ومصر ، وقيل : كل الأرض لأن داود وسليمان كانا منهم وملكا الأرض التي باركنا فيها بإخراج الزرع والثمار وضروب المنافع «وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنى عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ » قال الطبرسي (ره) : معناه صح كلام ربك بإنجاز الوعد بإهلاك عدوهم واستخلافهم في الأرض ، وإنما كان الإنجاز تماما للكلام لتمام النعمة به ، وقيل : إن كلمة الحسنى قوله سبحانه : «وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ » إلى قوله : «يَحْذَرُونَ » وقال : الحسنى ، وإن كانت كلمات الله كلها حسنة لأنها وعد بما يحبون ، وقال الحسن : أراد وعد الله لهم بالجنة «بِما صَبَرُوا » على أذى فرعون وقومه «وَدَمَّرْنا ما

__________________

(١) سورة السجدة : ٢٤.

١٢٧

يَعْرِشُونَ »(١) فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله إنه بشرى وانتقام فأباح الله عز وجل له قتال المشركين فأنزل [ الله ] «فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ »(٢) «وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ »(٣) فقتلهم الله على يدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله

_________________________________________

كانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ » أي أهلكنا ما كانوا يبنون من الأبنية والقصور والديار «وَما كانُوا يَعْرِشُونَ » من الأشجار والأعناب والثمار ، وقيل : يعرشون يسقفون من القصور والبيوت«فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنه بشرى» أي لي ولا صحابي«وانتقام» من أعدائي ووجه البشارة ما مر أن ذكر هذه القصة تسلية للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأني أنصرك على أعدائك وأهلكهم وأنصر الأئمة من أهل بيتك على الفراعنة الذين غلبوا عليهم وظلموهم في زمن القائمعليه‌السلام وأملكهم جميع الأرض ، فظهر الآية لموسى وبني إسرائيل ، وبطنها لمحمد وآل محمد صلى الله وعليه وآله وسلم.

«فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ » الآية هكذا : «فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ » قيل : أي من حل وحرم «وَخُذُوهُمْ » أي وأسروهم والأخيذ الأسير «وَاحْصُرُوهُمْ » أي واحبسوهم أو حيلوا بينهم وبين المسجد الحرام «وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ » أي كل ممر لئلا ينتشروا في البلاد ، وانتصابه على الظرف ، وقال تعالى في سورة البقرة : «وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ » يقال ثقفه أي صادفه أو أخذه أو ظفر به أو أدركه.

« فقتلهم الله » أي في غزوة بدر وغيرها « وعجل له الثواب ثواب صبره » وفي بعض النسخ وجعل له ثواب صبره والأول أظهر وموافق للتفسير ، والحاصل أن هذه النصرة

__________________

(١) سورة الأعراف : ١٣٦.

(٢) سورة التوبة : ٦.

(٣) سورة البقرة : ١٩١.

١٢٨

وأحبائه وجعل له ثواب صبره مع ما ادخر له في الآخرة فمن صبر واحتسب لم يخرج من الدنيا حتى يقر الله له عينه في أعدائه مع ما يدخر له في الآخرة.

٤ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن أبي محمد عبد الله السراج رفعه إلى علي بن الحسينعليه‌السلام قال الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد ولا إيمان لمن لا صبر له.

٥ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن ربعي بن عبد الله ، عن فضيل بن يسار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد فإذا ذهب الرأس ذهب الجسد كذلك إذا ذهب الصبر ذهب الإيمان.

٦ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن أبيه ، عن علي بن النعمان ، عن عبد الله بن مسكان ، عن أبي بصير قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول إن الحر حر على جميع أحواله إن نابته نائبة صبر لها وإن تداكت عليه المصائب

_________________________________________

وقتل الأعداء كان ثوابا عاجلا على صبره منضما مع ما ادخر له في الآخرة من مزيد الزلفى والكرامة« واحتسب » أي كان غرضه القربة إلى الله ليكون محسوبا من أعماله الصالحة« حتى يقر الله عينه » أي يسره في أعدائه بنصره عليهم مع ما يدخر له في الآخرة من الأجر الجميل والثواب الجزيل.

الحديث الرابع : مجهول مرفوع.

الحديث الخامس : حسن كالصحيح وقد مر بعينه بسند آخر.

الحديث السادس : صحيح.

والحر ضد العبد والمراد هنا من نجا في الدنيا من رق الشهوات النفسانية وأعتق في الآخرة من أغلال العقوبات الربانية فهو كالأحرار عزيز غني في جميع الأحوال.

قال الراغب : الحر خلاف العبد والحرية ضربان : الأول من لم يجر عليه حكم السبي نحو «الْحُرُّ بِالْحُرِّ » والثاني من لم يتملكه قواه الذميمة من الحرص

١٢٩

لم تكسره وإن أسر وقهر واستبدل باليسر عسرا كما كان يوسف الصديق الأمينصلى‌الله‌عليه‌وآله لم يضرر حريته أن استعبد وقهر وأسر ولم تضرره ظلمة الجب ووحشته وما ناله أن من الله عليه فجعل الجبار العاتي له عبدا بعد إذ كان له مالكا

_________________________________________

والشره على المقتنيات الدنيوية ، وإلى العبودية التي تضاد ذلك ، أشار النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بقوله : تعس عبد الدرهم ، تعس عبد الدينار ، وقول الشاعر : « ورق ذوي الأطماع رق مخلد » ، وقيل : عبد الشهوة أذل من عبد الرق ، انتهى.

وفي القاموس : الحر بالضم خلاف العبد ، وخيار كل شيء والفرس العتيق ، ومن الطين والرمل الطيب.

« إن نابته نائبة صبر لها » أي إن عرض له حادثة أو نازلة أو مصيبة صبر عليها أو حمل عليه مال يؤخذ منه أداه ولا يذل نفسه بالبخل فيه ، قال في النهاية : في حديث خيبر قسمها نصفين نصفا لنوائبه ونصفا بين المسلمين ، النوائب جمع النائبة وهي ما ينوب الإنسان أي ينزل به من المهمات والحوادث ، وقد نابه ينوبه نوبا ومنه الحديث : احتاطوا لأهل الأموال في النائبة والواطية أي الأضياف الذين ينوبونهم.

« وإن تداكت عليه المصائب » أي اجتمعت وازدحمت ، قال في النهاية : وفي حديث عليعليه‌السلام : ثم تداككتم على تداكك الإبل الهيم على حياضها ، أي ازدحمتم وأصل الدك الكسر ، انتهى.

« لم تكسره » أي لم تعجزه عن الصبر ولم تحمله على الجزع وترك الرضا بقضاء الله تعالى« وإن أسر » إن وصلية« واستبدل باليسر عسرا » عطف على أسر ، وفي بعض النسخ واستبدل بالعسر يسرا فهو عطف على قوله لم تكسره فتكون غاية للصبر« إن استبعد » على بناء المجهول فاعل لم يضرر ، والمراد بحريته عزه ورفعته وصبره على تلك المصائب ورضاه بقضاء الله واختياره طاعة الله وعدم تذلله للمخوقين« وما ناله » أي من ظلم الإخوان وسائر الأحزان« أن من الله » أي في أن من الله أو هو بدل اشتمال

١٣٠

...........................................................................

_________________________________________

للضمير في لم تضرره أو بتقدير إلى فالظرف متعلق بلم تضرر في الموضعين على سبيل التنازع.

وأقول : يحتمل أن يكون ما ناله عطفا على الضمير في لم يضرره ، وأن من الله بيانا لما بتقدير من أو بدلا منه ، فيحتمل أن يكون فاعل نال يوسفعليه‌السلام وقيل : اللام فيه مقدر أي لأن من الله فيكون تعليلا لقوله : لم تضرر في الموضعين أو ما ناله مبتدأ وأن من الله خبره ، والجملة معطوفة على لم تضرره أو يكون الواو بمعنى مع ، أي لم تضرره ذلك مع ما ناله وأن من بيان لما.

والعاتي من العتو بمعنى التجبر والتكبر والتجاوز عن الحد ، والجبار بائعه في مصر أو العزيز فالمراد بصيرورته عبدا له أنه صار مطيعا له ، مع أنه قد روى الثعلبي وغيره أن ملك مصر كان ريان بن الوليد والعزيز الذي اشترى يوسفعليه‌السلام كان وزيره وكان اسمه قطفير فلما عبر يوسف رؤيا الملك عزل قطفير عما كان عليه وفوض إلى يوسف أمر مصر وألبسه التاج وأجلسه على سرير الملك وأعطاه خاتمه وهلك قطفير في تلك الليالي فزوج الملك يوسف زليخا امرأة قطفير ، وكان اسمها راعيل فولدت له ابنين أفراثيم وميشا فلما دخلت السنة الأولى من سني الجدب هلك فيها كل شيء أعدوه في السنين المخصبة فجعل أهل مصر يبتاعون من يوسف الطعام فباعهم أول سنة بالنقود حتى لم يبق بمصر دينار ولا درهم إلا قبضه ، وباعهم السنة الثانية بالحلي والجواهر حتى لم يبق في أيدي الناس منها شيء ، وباعهم السنة الثالثة بالمواشي والدواب حتى احتوى عليها أجمع وباعهم السنة الرابعة بالعبيد والإماء حتى لم يبق عبد ولا أمة في يد أحد ، وباعهم السنة الخامسة بالضياع والعقار والدور حتى احتوى عليها ، وباعهم السنة السادسة بأولادهم حتى استرقهم وباعهم السنة السابعة برقابهم حتى لم تبق بمصر حر ولا حرة إلا صار عبدا له ، ثم استأذن الملك وأعتقهم كلهم

١٣١

فأرسله ورحم به أمة وكذلك الصبر يعقب خيرا فاصبروا ووطنوا أنفسكم على الصبر توجروا.

٧ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن عبد الله بن بكير ، عن حمزة بن حمران ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال الجنة محفوفة بالمكاره

_________________________________________

ورد أموالهم إليهم ، فظهر أن الله ملكه جميع أهل مصر وأموالهم عوضا عن مملوكيته صلوات الله عليه لهم ، فهذه ثمرة الصبر والطاعة.

والمراد بإرساله إرساله إلى الخلق بالنبوة وبرحم الأمة به نجاتهم عن العقوبة الأبدية بإيمانهم به أو عن القحط والجوع أو الأعم.

« وكذلك الصبر يعقب خيرا » يعقب على بناء الأفعال قال الراغب : أعقبه كذا أورثه ذلك قال تعالى : «فَأَعْقَبَهُمْ نِفاقاً فِي قُلُوبِهِمْ »(١) وفلان لم يعقب أي لم يترك ولدا ، انتهى.

أي كما أن صبر يوسفعليه‌السلام أعقب خيرا عظيما له كذلك صبر كل أحد يعقب خيرا له ، ومن ثم قيل : اصبر تظفر ، وقيل :

إني رأيت للأيام تجربة

للصبر عاقبة محمودة الأثر

وقل من جد في أمر يطالبه

فاستصحب الصبر إلا فاز بالظفر

الحديث السابع : مجهول.

ومضمونه متفق عليه بين الخاصة والعامة ، فقد روى مسلم عن أنس قال : قال رسول اللهعليه‌السلام : حفت الجنة بالمكاره ، وحفت النار بالشهوات ، وهذا من بديع كلامه ، وقال الراوندي في ضوء الشهاب يقال :حف القوم حول زيد إذا أطافوا به ، واستداروا وحففته بشيء أي أدرته عليه ، يقال : حففت الهودج بالثياب ، ويقال : إنه مشتق من حفا في الشيء أي جانبيه ، يقولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : المكاره مطيفة محدقة بالجنة

__________________

(١) سورة التوبة : ٧٧.

١٣٢

والصبر فمن صبر على المكاره في الدنيا دخل الجنة وجهنم محفوفة باللذات والشهوات ـ فمن أعطى نفسه لذتها وشهوتها دخل النار.

٨ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن عبد الله بن مرحوم ، عن أبي سيار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إذا دخل المؤمن في قبره كانت الصلاة عن يمينه

_________________________________________

وهي الطاعات ، والشهوات محدقة مستديرة بالنار وهي المعاصي وهذا مثل يعني أنك لا يمكنك نيل الجنة إلا باحتمال مشاق ومكاره وهي فعل الطاعات والامتناع عن المقبحات ولا التفصي عن النار إلا بترك الشهوات وهي المعاصي التي تتعلق الشهوة بها فكان الجنة محفوفة بمكاره تحتاج أن تقطعها بتكلفها والنار محفوفة بملاذ وشهوات تحتاج أن تتركها.

وروي أن الله تعالى لما خلق الجنة قال لجبرئيلعليه‌السلام : انظر إليها فلما نظر إليها قال : يا رب لا يتركها أحد إلا دخلها فلما حفها بالمكاره قال : انظر إليها فلما نظر إليها قال : يا رب أخشى أن لا يدخلها أحد ولما خلق النار قال له : انظر إليها فلما نظر إليها قال : يا رب لا يدخلها أحد فلما حفها بالشهوات قال : انظر إليها فلما نظر إليها قال يا رب أخشى أن يدخلها كل أحد.

وفائدة الحديث إعلام أن الأعمال المفضية إلى الجنة مكروهة قرنا الله بها الكراهة وبالعكس منها الأعمال الموصلة إلى النار قرن بها الشهوة ليجاهد الإنسان نفسه فيحتمل تلك ويجتنب هذه.

الحديث الثامن : كالسابق.

والبر يطلق على مطلق أعمال الخير وعلى مطلق الإحسان إلى الغير وعلى الإحسان إلى الوالدين أو إليهما وإلى ذوي الأرحام ، والمراد هنا أحد المعاني سوى المعنى الأول ، قال الراغب : البر خلاف البحر وتصور منه التوسع فاشتق منه البر أي التوسع في فعل الخير وينسب ذلك إلى الله تارة نحو «إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ » و

١٣٣

والزكاة عن يساره والبر مطل عليه ويتنحى الصبر ناحية فإذا دخل عليه الملكان اللذان يليان مساءلته قال الصبر للصلاة والزكاة والبر دونكم صاحبكم فإن عجزتم عنه فأنا دونه.

٩ ـ علي ، عن أبيه ، عن جعفر بن محمد الأشعري ، عن عبد الله بن ميمون ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال دخل أمير المؤمنين صلوات الله عليه المسجد فإذا هو برجل على باب المسجد كئيب حزين فقال له أمير المؤمنينعليه‌السلام ما لك قال يا أمير المؤمنين أصبت بأبي [ وأمي ] وأخي وأخشى أن أكون قد وجلت فقال له أمير المؤمنينعليه‌السلام عليك بتقوى الله والصبر تقدم عليه غدا والصبر في الأمور بمنزلة الرأس

_________________________________________

إلى العبد تارة فيقال بر العبد ربه أي توسع في طاعته فمن الله تعالى الثواب ومن العبد الطاعة ، وبر الوالدين التوسع في الإحسان إليهما وضده العقوق« مطل » بالطاء المهملة من قولهم اطل عليهم أي أشرف ، وفي بعض النسخ بالمعجمة وهو قريب المعنى من الأول لكن التعدية بعلى بالأول أنسب« دونكم » اسم فعل بمعنى خذوا ، ويدل ظاهرا على تجسم الأعمال والأخلاق في الآخرة ومن أنكره يأوله وأمثاله بأن الله تعالى يخلق صورا مناسبة للأعمال يريه إياها لتفريحه أو تحزينه ، أو الكلام مبني على الاستعارة التمثيلية وتنحي الصبر وتمكنه في إعانته يناسب ذاته فتفطن.

الحديث التاسع : كالسابق أيضا.

« أصبت » على بناء المجهول« بأبي وأخي » أي ماتا« وأخشى أن أكون قد وجلت » الوجل : استشعار الخوف وكان المعنى أخشى أن يكون حزني بلغ حدا مذموما شرعا فعبر عنه بالوجل أو أخشى أن تنشق مرارتي من شدة الألم أو أخشى الوجل الذي يوجب الجنون« عليك » اسم فعل بمعنى الزم والباء للتقوية« بتقوى الله » أي في الشكاية والجزع وغيرهما مما يوجب نقص الإيمان ، وكأنه إشارة إلى قوله تعالى : «وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ »(١) .

« تقدم » على بناء المعلوم من باب علم بالجزم جزاء للأمر في « عليك » أو

__________________

(١) سورة آل عمران : ١٨٦.

١٣٤

من الجسد فإذا فارق الرأس الجسد فسد الجسد وإذا فارق الصبر الأمور فسدت الأمور.

١٠ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن سماعة بن مهران ، عن أبي الحسنعليه‌السلام قال قال لي ما حبسك عن الحج قال قلت جعلت فداك وقع علي دين كثير وذهب مالي وديني الذي قد لزمني هو أعظم من ذهاب مالي فلو لا أن رجلا من أصحابنا أخرجني ما قدرت أن أخرج فقال لي إن تصبر تغتبط وإلا تصبر ينفذ الله مقاديره راضيا كنت أم كارها.

١١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن سنان ، عن أبي الجارود ، عن

_________________________________________

بالرفع استئنافا بيانيا وضمير« عليه » راجع إلى الصبر بتقدير مضاف أي جزاءه ، أو إلى الله أي ثوابه ، وقيل : إلى كل من الأب والأخ ، فإن فوته جزءا خير للعلة أو إلى الأب لأنه الأصل والكل بعيد.

« غدا » أي في القيامة أو عند الموت أو سريعا.

الحديث العاشر : موثق.

والاغتباط مطاوع غبطه ، تقول : غبطه أغبطه غبطا وغبطه فاغتبط هو كمنعته فامتنع ، والغبطة إن تتمنى حال المغبوط لكونها في غاية الحسن من غير أن تريد زوالها عنه ، وهذا هو الفرق بينها وبين الحسد ، وفي القاموس : الغبطة بالكسر حسن الحال والمسرة وقد اغتبط ، وقال : الاغتباط : التبهج بالحال الحسنة ، انتهى.

والاغتباط أما في الآخرة بجزيل الأجر وحسن الجزاء ، وفي الدنيا أيضا بتبديل الضراء بالسراء ، فإن الصبر مفتاح الفرج ، وقد قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : أضيق ما يكون الحرج أقرب ما يكون الفرج ، مع أن الكاره تزداد مصيبته فإن فوات الأجر مصيبة أخرى ، والكراهة الموجبة لحزن القلب مصيبة عظيمة ، ومن ثم قيل : المصيبة للصابر واحدة وللجازع اثنتان ، بل له أربع مصيبات الثلاثة المذكورة وشماتة الأعداء ، ومن ثم قيل : الصبر عند المصيبة مصيبة على الشامت.

الحديث الحادي عشر : ضعيف.

١٣٥

الأصبغ قال قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه الصبر صبران صبر عند المصيبة حسن جميل وأحسن من ذلك الصبر عند ما حرم الله عز وجل عليك والذكر ذكران ذكر الله عز وجل عند المصيبة وأفضل من ذلك ذكر الله عند ما حرم عليك فيكون حاجزا.

١٢ ـ أبو علي الأشعري ، عن الحسن بن علي الكوفي ، عن العباس بن عامر ، عن العرزمي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله سيأتي على الناس زمان لا ينال الملك فيه إلا بالقتل والتجبر ولا الغنى إلا بالغصب والبخل ولا المحبة إلا باستخراج الدين واتباع الهوى ـ فمن أدرك ذلك الزمان فصبر على الفقر وهو يقدر

_________________________________________

« صبر » خبر مبتدإ محذوف أي أحدهما صبر ، وحسن أيضا خبر مبتدإ محذوف ، أي هو حسن ، ويحتمل أن يكون صبر مبتدأ وحسن خبره ، فتكون الجملة استئنافا بيانيا ، وقوله : ذكر الله خبر مبتدإ محذوف ليس إلا« فيكون » أي الذكر والفاء بيانية« حاجزا » أي مانعا عن فعل الحرام.

الحديث الثاني عشر : صحيح.

« لا ينال الملك فيه » أي السلطنة« إلا بالقتل » لعدم إطاعتهم أما الحق فيتسلط عليهم الملوك الجورة فيقتلونهم ويتجبرون عليهم ، وذلك من فساد الزمان وإلا لم يتسلط عليهم هؤلاء« ولا الغناء إلا بالغصب والبخل » وذلك من فساد الزمان وأهله لأنهم لسوء عقائدهم يظنون أن الغناء إنما يحصل بغصب أموال الناس والبخل في حقوق الله والخلق ، مع أنه لا يتوقف على ذلك ، بل الأمانة وأداء الحقوق ادعى إلى الغناء لأنه بيد الله ، ولأنه لفسق أهل الزمان منع الله عنهم البركات ، فلا يحصل الغناء إلا بهما« ولا المحبة » أي جلب محبة الناس« إلا باستخراج الدين » أي طلب خروج الدين من القلب أي بطلب خروجهم من الدين ،« واتباع الهوى » أي الأهواء النفسانية أو أهوائهم الباطلة ، وذلك لأن أهل تلك الأزمنة لفسادهم لا

١٣٦

على الغنى وصبر على البغضة وهو يقدر على المحبة وصبر على الذل وهو يقدر على العز آتاه الله ثواب خمسين صديقا ممن صدق بي.

١٣ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن إسماعيل بن مهران ، عن درست بن أبي منصور ، عن عيسى بن بشير ، عن أبي حمزة قال قال أبو جعفرعليه‌السلام لما حضرت أبي علي بن الحسينعليه‌السلام الوفاة ضمني إلى صدره وقال يا بني أوصيك بما أوصاني به أبي حين حضرته الوفاة وبما ذكر أن أباه أوصاه به يا بني اصبر على الحق وإن كان مرا

_________________________________________

يحبون أهل الدين والعبادة ، فمن طلب مودتهم لا بد من خروجه من الدين ومتابعتهم في الفسوق.

« وصبر على البغضة » أي بغضة الناس له لعدم اتباعه أهواءهم ، وصبر على الذل كأنه ناظر إلى نيل الملك ، فالنشر ليس على ترتيب اللف فالمراد بالعز هنا الملك والاستيلاء ، أو المراد بالملك هناك مطلق العز والرفعة ، ويحتمل أن تكون الفقرتان الأخيرتان ناظرتين إلى الفقرة الأخيرة ولم يتعرض للأولى لكون الملك عزيز المنال لا يتيسر لكل أحد ، والأول أظهر.

وفي جامع الأخبار الرواية هكذا : وقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : أنه سيكون زمان لا يستقيم لهم الملك إلا بالقتل والجور ، ولا يستقيم لهم الغناء إلا بالبخل ولا يستقيم لهم الصحبة في الناس إلا باتباع أهوائهم والاستخراج من الدين ، فمن أدرك ذلك الزمان فصبر على الفقر وهو يقدر على الغناء ، وصبر على الذل وهو يقدر على العز وصبر على بغضة الناس وهو يقدر على المحبة أعطاه الله ثواب خمسين صديقا.

الحديث الثالث عشر : ضعيف.

« اصبر على الحق » أي على فعل الحق ، من ارتكاب الطاعات وترك المنهيات« وإن كان مرا » ثقيلا على الطبع لكونه مخالفا للمشتهيات النفسانية غالبا أو على

١٣٧

١٤ ـ عنه ، عن أبيه ، عن يونس بن عبد الرحمن رفعه ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال الصبر صبران صبر على البلاء حسن جميل وأفضل الصبرين الورع عن المحارم.

١٥ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى قال أخبرني يحيى بن سليم الطائفي قال أخبرني عمرو بن شمر اليماني يرفع الحديث إلى عليعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الصبر ثلاثة صبر عند المصيبة وصبر على الطاعة وصبر عن المعصية فمن صبر على المصيبة حتى يردها بحسن عزائها كتب الله له ثلاثمائة درجة ما بين الدرجة إلى الدرجة كما بين السماء إلى الأرض ومن صبر على الطاعة كتب الله له ستمائة درجة ما بين الدرجة إلى الدرجة كما بين تخوم الأرض إلى العرش ومن صبر عن المعصية كتب الله له تسعمائة درجة ما بين الدرجة إلى الدرجة كما بين تخوم الأرض إلى منتهى العرش.

_________________________________________

قول الحق وإن كان مرا على الناس ، فالصبر على ما يترتب على هذا القول من بغض الناس وأذيتهم ، أو على سماع الحق الذي إليك وإن كان مرا عليك مكروها لك. كمن واجهك بعيب من عيوبك فتصدقه فتقبله أو اطلعك على خطإ في الاجتهاد أو الرأي فتقبله ويمكن التعميم ليشمل الجميع.

الحديث الرابع عشر : مرفوع ، وضمير عنه راجع إلى أحمد فتنسحب عليه العدةالحديث الخامس عشر : ضعيف.

« حتى يردها » أي المصيبة وشدتها« بحسن عزائها » أي بحسن الصبر اللائق لتلك المصيبة« ثلاثمائة درجة » أي من درجات الجنة أو درجات الكمال فالتشبيه من تشبيه المعقول بالمحسوس ، وفي الصحاح : التخم منتهى كل قرية أو أرض ، والجمع تخوم كفلس وفلوس ، انتهى.

ويدل على أن ارتفاع الجنة أكثر من تخوم الأرض إلى العرش ، ولا ينافي ذلك كون عرضها كعرض السماء والأرض ، مع أنه قد قيل في الآية وجوه مع بعضها رفع التنافي أظهر.

١٣٨

١٦ ـ عنه ، عن علي بن الحكم ، عن يونس بن يعقوب قال أمرني أبو عبد اللهعليه‌السلام أن آتي المفضل وأعزيه بإسماعيل وقال أقرئ المفضل السلام وقل له إنا قد أصبنا بإسماعيل فصبرنا فاصبر كما صبرنا إنا أردنا أمرا وأراد الله عز وجل أمرا فسلمنا لأمر الله عز وجل.

١٧ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن سيف بن عميرة ، عن أبي حمزة الثمالي قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام من ابتلي من المؤمنين ببلاء فصبر عليه كان له مثل أجر ألف شهيد.

١٨ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن سنان ، عن عمار

_________________________________________

الحديث السادس عشر : موثق كالصحيح.

والظاهر أنه المفضل بن عمر ويدل على مدح عظيم له ، وأنه كان من خواص أصحابه وأحبائه ، وإسماعيل ولده الأكبر الذي كان يظن الناس أنه الإمام بعدهعليه‌السلام ، فلما مات في حياته علم أنه لم يكن إماما ، وهذا هو المرادبقوله عليه‌السلام :

أردنا أمرا ، أي إمامته بظاهر الحال أو بشهوة الطبع ، أو المراد إرادة الشيعة كالمفضل وأضرابه ، وأدخلعليه‌السلام نفسه تغليبا ومماشاة ، ويدل على لزوم الرضا بقضاء الله والتسليم له ، وقيل : المعنى أردنا طول عمر إسماعيل وأراد الله موته ، وأغرب من ذلك أنه قال : عزى المفضل بابن له مات في ذلك الوقت بذكر فوت إسماعيل.

الحديث السابع عشر : حسن كالصحيح.

قوله عليه‌السلام : مثل أجر ألف شهيد ، فإن قيل : كيف يستقيم هذا مع أن الشهيد أيضا من الصابرين حيث صبر حتى استشهد؟ قلت : يحتمل أن يكون المراد بهم شهداء سائر الأمم أو المعنى مثل ما يستحق ألف شهيد وإن كان ثوابهم التفضلي أضعاف ذلك ، وقيل : المراد بهم الشهداء الذين لم تكن لهم نية خالصة فلم يستحقوا ثوابا عظيما والأوسط كأنه أظهر.

الحديث الثامن عشر : ضعيف على المشهور.

١٣٩

بن مروان ، عن سماعة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إن الله عز وجل أنعم على قوم فلم يشكروا فصارت عليهم وبالا وابتلى قوما بالمصائب فصبروا فصارت عليهم نعمة.

١٩ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان جميعا ، عن ابن أبي عمير ، عن إبراهيم بن عبد الحميد ، عن أبان بن أبي مسافر ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول الله عز وجل : «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصابِرُوا » قال اصبروا على المصائب.

وفي رواية ابن أبي يعفور ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال صابروا على المصائب.

٢٠ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن محمد بن عيسى ، عن علي بن محمد بن أبي جميلة ، عن جده أبي جميلة ، عن بعض أصحابه قال لو لا أن الصبر خلق قبل البلاء لتفطر المؤمن كما تتفطر البيضة على الصفا.

_________________________________________

والوبال الشدة والثقل والعذاب ، أي صارت النعمة مع عدم الشكر نكالا وعذابا عليهم في الدنيا والآخرة ، وصار البلاء على الصابر نعمة في الدنيا والآخرة.

الحديث التاسع عشر : مجهول وآخره مرسل.

وكأنه تتمة الخبر الثاني المتقدم في باب أداء الفرائض وقد مر تفسير الآية ولا تنافي بينها فإن للآيات معاني شتى ظهرا وبطنا.

الحديث العشرون : ضعيف.

والتفطر التشقق من الفطر وهو الشق ، والصفا جمع الصفاة وهي الحجر الصلد الضخم لا تنبت ، وفيه إيماء إلى أن الصبر من لوازم الإيمان ومن لم يصبر عند البلاء لا يستحق اسم الإيمان كما مر أنه من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد ويشعر بكثرة ورود البلاء على المؤمن.

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347