نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ٤

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار16%

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 347

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 347 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 286562 / تحميل: 6654
الحجم الحجم الحجم
نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ٤

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

في يد الـمُستعير هل يكون الولد مضموناً في يده؟ إن قلنا : إنّ العارية مضمونة ضمانَ الغاصب(١) ، كان مضموناً عليه ، وإلّا فلا. وليس له استعماله إجماعاً.

وهذا الخلاف الجاري في العارية أنّها كيف تُضمن آتٍ في المأخوذ على وجه السوم.

لكنّ الأصحّ عند بعض الشافعيّة : إنّ الاعتبار في المستام بقيمته يوم القبض ؛ لأنّ تضمين أجزائه غير ممتنعٍ(٢) .

وقال غيره : الأصحّ كهو في العارية(٣) .

وهذا كلّه فيما إذا تلفت العين بغير الاستعمال.

مسألة ١١٨ : لو تلفت العين المستعارة المضمونة بالاستعمال‌ ، مثل أن ينمحق الثوب باللُّبْس ، فالوجه : ضمان العين وقت التلف ؛ لأنّ حقّ العارية أن تُردّ ، والإذن في الانتفاع إنّما ينصرف غالباً إلى استعمالٍ غير مُتلفٍ ، فإذا تعذّر الردّ لزم الضمان ، وهو أحد قولَي الشافعيّة.

والأصحّ عندهم : إنّ العين لا تُضمن كالأجزاء ؛ لأنّه إتلاف استند إلى فعلٍ مأذونٍ فيه(٤) .

وعلى الأوّل لهم وجهان :

أحدهما : كما قلناه من أنّه تُضمن العين وقت التلف ، وهو آخر حالات التقويم.

____________________

(١) الظاهر : « ضمانَ الغصب ».

(٢ و ٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٧٧ ، روضة الطالبين ٤ : ٧٧.

(٤) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٢٨٠ ، البيان ٦ : ٤٥٦ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٧٧ ، روضة الطالبين ٤ : ٧٧.

٢٨١

والثاني : إنّه تُضمن العين بجميع أجزائها(١) .

مسألة ١١٩ : قد مضى البحث في ضمان العين‌ ، وأمّا ضمان الأجزاء فإن تلف منها شي‌ء بسبب الاستعمال المأذون فيه كانمحاق الثوب باللُّبْس المأذون فيه ، لم يلزم الـمُستعير ضمانه ؛ لحدوثه عن سببٍ مأذونٍ فيه ، وهو قول الشافعيّة(٢) .

ولهم وجهٌ آخَر ضعيف : إنّه يلزمه الضمان ؛ لأنّ العارية مؤدّاة ، فإذا تلف بعضها فقد فات ردّه ، فيضمن بدله(٣) .

والمعتمد : الأوّل.

وأمّا إن تلف من الأجزاء شي‌ء بغير الاستعمال ، فإن كانت العين مضمونةً كان الـمُستعير ضامناً للأجزاء ، وإلّا كانت أمانةً كالعين ، كما لو تلفت العين بأسرها ، وهو أصحّ قولَي الشافعي.

والثاني : إنّه لا يجب ضمانها على الـمُستعير ، كما لو تلفت بالاستعمال ، ويكتفى بردّ الباقي(٤) .

واعلم أنّ تلف الدابّة بسبب الركوب والحمل المعتاد كانمحاق الثوب ، وتعيّبها بالركوب أو الحمل وشبهه كالانسحاق.

ولو قرّح ظهرها بالحمل وتلفت منه ، قال بعض الشافعيّة : يضمن ، سواء كان متعدّياً بما حمل أو لا ؛ لأنّه إنّما أذن له في الحمل ، لا في الجراحة ، وردُّها إلى المالك لا يُخرجه عن الضمان ؛ لأنّ السراية تولّدت من مضمونٍ ، فصار كما لو قرّح دابّة الغير في يده(٥) .

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٧٧ ، روضة الطالبين ٤ : ٧٨.

(٢ و ٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٧٨ ، روضة الطالبين ٤ : ٧٨.

(٤) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٢٨٠ - ٢٨١ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٧٨ ، روضة الطالبين ٤ : ٧٨.

(٥) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٧٨ ، روضة الطالبين ٤ : ٧٨.

٢٨٢

وفيه نظر.

مسألة ١٢٠ : المستأجر يملك المنفعة ملكاً تامّاً‌ ، ولهذا جاز له أن يؤجر العين مدّة إجارته ، والمنفعة قابلة للنقل ، فجاز أن يعيرها ، فإذا استعار من المستأجر أو الموصى له بالمنفعة ، كان حكمها حكم العارية من المالك في الضمان وعدمه.

والشافعي القائل بالضمان في مطلق العارية له هنا قولان :

أحدهما : إنّه يضمن الـمُستعير هنا ، كما لو استعار من المالك.

والثاني - وهو الأصح عنده - : إنّه لا يضمن ؛ لأنّ المستأجر لا يضمن ، وهو نائب المستأجر ، ألا ترى أنّه إذا انقضت مدّة الإجارة ارتفعت العارية واستقرّت الإجارة على المستأجر بانتفاع الـمُستعير.

ومئونة الردّ في هذه الاستعارة على الـمُستعير إن ردّ على المستأجر ، وعلى المالك إن ردّ عليه ، كما لو ردّ عليه المستأجر(١) .

مسألة ١٢١ : إذا استعار من الغاصب العينَ المغصوبة وكان عالماً أو جاهلاً ثمّ قامت البيّنة بالغصب ، لم يجز له ردّها على الـمُعير‌ ؛ لأنّه ظالم ، ووجب عليه ردّها إلى مالكها ، فإن كان قد استعملها الـمُستعير مدّةً لمثلها أُجرة كان للمغصوب منه الرجوعُ بأُجرة مثلها على أيّهما شاء.

وكذا إن نقص شي‌ء من أجزائها ، فله الرجوع بقيمة ذلك ؛ لأنّ الغاصب ضمنها باليد المتعدّية ، والـمُستعير أتلف منافع الغير بغير إذنه ، وأتلف أجزاء عينه.

فإن رجع على الـمُستعير ، فالأقرب : إنّه لا يرجع على الـمُعير ؛ لأنّ‌

____________________

(١) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٢٨١ - ٢٨٢ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٧٨ ، روضة الطالبين ٤ : ٧٨.

٢٨٣

التلف وقع في يده ، ولأنّه ضمن ما أتلفه ، ولا يرجع به على غيره ، وهو القول الجديد للشافعي.

وقال في القديم : يرجع عليه - وبه قال أحمد - لأنّه غرّه بأنّه دخل في العارية على أنّه لا يضمن المنفعة والأجزاء(١) .

وإن رجع على الـمُعير ، فهل يرجع الـمُعير على الـمُستعير؟ يبنى على القولين ، إن قلنا : لو رجع على الـمُستعير رجع به على الـمُعير ، فإنّ الـمُعير لا يرجع به ، وإن قلنا : لو رجع على الـمُستعير لم يرجع به ، فإنّ الـمُعير يرجع به.

فأمّا إن تلفت العين في يد الـمُستعير ، فإنّ لصاحبها أن يرجع على مَنْ شاء منهما بقيمتها ، و [ قرار ](٢) الضمان على الـمُستعير ؛ لأنّ المال حصل في يده بجهةٍ مضمونة.

ثمّ إن تساوت القيمة في يده ويد الغاصب فلا بحث ، وإن تفاوتت فإن كانت قيمتها في يد الـمُستعير يوم التلف أكثر ، فإن رجع المالك بها على الـمُستعير لم يرجع الـمُستعير بها على الـمُعير قولاً واحداً ؛ لأنّ العارية مضمونة على الـمُستعير.

وإن كانت قيمتها في يد الـمُعير أكثر ، لم يطالب المالكُ الـمُستعير بالزيادة ؛ لأنّها تلفت في يد الـمُعير ولم يحصل في يده ، وإنّما يطالب بالزيادة الـمُعير ؛ لأنّها تلفت في يده.

____________________

(١) حلية العلماء ٥ : ١٩٤ ، البيان ٦ : ٤٥٧ - ٤٥٨ ، وانظر : المغني ٥ : ٤١٤ - ٤١٥ ، والشرح الكبير ٥ : ٤٢٣.

(٢) بدل ما بين المعقوفين في « ث » : « من ». وفي « ج » والطبعة الحجريّة : « من أنّ ». وكلاهما ساقط في « خ ، ر ». والمثبت من العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٧٨ ، وروضة الطالبين ٤ : ٧٨.

٢٨٤

وإذا طالَب المالك بغرامة المنافع ، فإن طالَب الـمُستعير غُرْمها ، فالمنفعة التي تلفت تحت يده قرار ضمانها على الـمُعير ؛ لأنّ يد الـمُستعير الجاهل في المنافع ليست يدَ ضمانٍ ، والتي استوفاها بنفسه الأقوى : إنّ الضمان يستقرّ عليه ؛ لأنّه مباشر للإتلاف ، وهو أظهر قولَي الشافعي.

والثاني : إنّ الضمان على الـمُعير ؛ لأنّه غرّه(١) .

والـمُستعير من المستأجر من الغاصب حكمه حكم الـمُستعير من الغاصب إن قلنا بأنّ الـمُستعير من المستأجر ضامن ، وإلّا فيرجع بالقيمة التي غرمها على المستأجر ، ويرجع المستأجر على الغاصب.

مسألة ١٢٢ : لو أنفذ وكيله إلى موضعٍ وسلّم إليه دابّةً ليركبها إليه في شغله‌ فتلفت الدابّة في يد الوكيل من غير تعدٍّ ، لم يكن عليه ضمان ، وهو ظاهرٌ عندنا ؛ فإنّا لا نوجب الضمان على الـمُستعير.

وأمّا الشافعي القائل بالضمان فإنّه نفاه هنا أيضاً ؛ لأنّ الوكيل لم يأخذ الدابّة لغرض نفسه ، بل لنفع الموكّل ، فالـمُستعير في الحقيقة المالك(٢) .

وكذا لو سلّم الدابّة إلى الرائض ليروضها(٣) فتلفت ، لم يضمن ؛ لأنّه في مصلحة المالك.

وكذا لو كان له عليها متاع فأركب إنساناً غيره فوق ذلك المتاع ليحفظه ويحترز عليه ، فتلفت الدابّة ، لم يكن على الراكب ضمان ؛ لأنّه في شغل المالك.

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٧٩ ، روضة الطالبين ٤ : ٧٩.

(٢) الوسيط ٣ : ٣٧١ ، الوجيز ١ : ٢٠٤ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٢٨٧ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٧٩ ، روضة الطالبين ٤ : ٧٩.

(٣) راض الدابّة يروضها : وطّأها وذلّلها أو علّمها السير. لسان العرب ٧ : ١٦٤ « روض ».

٢٨٥

ولو وجد ماشياً في الطريق قد تعب من المشي فأركبه دابّته ، فعندنا لا ضمان إذا لم يتعدّ ؛ بناءً على أصلنا من عدم تضمين العارية.

وأمّا عند الشافعي فالمشهور أنّ الراكب يضمن ، سواء التمس الراكب الركوبَ للاستراحة ، أو ابتدأ المالك بإركابه ؛ لأنّها عارية محضة ، والعارية على أصله مضمونة(١) .

وقال الجويني من الشافعيّة : إنّه لا يضمن الراكب ؛ لأنّ القصد من هذه العارية التصدّق والقربة ، والصدقات في الأعيان تفارق الهبات ، ألا ترى أنّه يرجع في الهبة ولا يرجع في الصدقة ، فلذلك يجوز أن تفارق العارية التي هي صدقة سائر العواريّ في الضمان(٢) .

ولو أركبه مع نفسه ، فلا ضمان عندنا على الرديف. وعلى قول الشافعي إنّه يضمن النصف(٣) .

وقال الجويني : لا يلزمه شي‌ء ؛ تشبيهاً له بالضيف(٤) .

وعلى الأوّل لو وضع متاعه على دابّة غيره وأمره أن يسيّر بالدابّة ففعل ، كان صاحب المتاع مستعيراً من الدابّة بقسط متاعه ممّا عليها ، حتى لو كان عليها مثل متاعه وتلفت ضمن نصف الدابّة(٥) .

ولو لم يقل صاحب المتاع : سيِّرها ، ولكن سيَّرها المالك ، لم يكن صاحب المتاع مستعيراً ، وضمن صاحب الدابّة المتاعَ ؛ لأنّه كان من حقّه أن‌

____________________

(١) الوسيط ٣ : ٣٧١ ، الوجيز ١ : ٢٠٤ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٢٨٧ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٧٩ - ٣٨٠ ، روضة الطالبين ٤ : ٧٩.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٨٠ ، روضة الطالبين ٤ : ٧٩.

(٣) الوسيط ٣ : ٣٧٢ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٢٨٧ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٨٠ ، روضة الطالبين ٤ : ٧٩.

(٤ و ٥) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٨٠ ، روضة الطالبين ٤ : ٧٩.

٢٨٦

يطرح المتاع.

ولو كان لأحد الرفيقين في السفر متاع وللآخَر دابّة ، فقال صاحب المتاع للآخَر : احمل متاعي على دابّتك ، ففَعَل ، فصاحب المتاع مستعير لها.

ولو قال صاحب الدابّة : أعطني متاعك لأضعه على الدابّة ، فهو مستودع للمتاع.

ولا تدخل الدابّة في ضمان صاحب المتاع في الصورتين عندنا ، وفي الثانية عند الشافعي(١) .

مسألة ١٢٣ : تجوز استعارة الدابّة للركوب والحمل‌ ، سواء أطلق أو قيّد بالزمان أو المنفعة ، وأن يستعيرها ليركبها ؛ لأنّه تجوز إجارتها لذلك ، والإعارة أوسع ؛ لجوازها فيما لا تجوز إجارته ، فإن استعارها إلى موضعٍ فتجاوزه فقد تعدّى في العارية من وقت المجاوزة ، وكان ضامناً من حين العدوان ، ومطلقاً عند الشافعي(٢) ، فإذا استعارها من بغداد إلى الحلّة فتجاوزها إلى الكوفة ، فعليه أُجرة ما بين الحلّة والكوفة ذهاباً وعوداً.

وهل تلزمه الأُجرة من ذلك الموضع الذي وقع فيه العدوان - وهو الحلّة - إلى أن يرجع إلى البلد الذي استعار منه ، وهو بغداد؟ الأقرب : العدم ؛ لأنّه مأذون فيه من جهة المالك ، وهو أحد وجهي الشافعيّة ، والثاني : اللزوم ؛ لأنّ ذلك الإذن قد انقطع بالمجاوزة(٣) . وهو ممنوع.

____________________

(١) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٢٨٧ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٨٠ ، روضة الطالبين ٤ : ٨٠.

(٢) راجع الهامش (٤) من ص ٢٧٣.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٨٠ ، روضة الطالبين ٤ : ٨٠.

٢٨٧

إذا عرفت هذا ، فلو شرط الضمان في العارية أو أطلق وقلنا بضمان العواري ، فإنّ الدابّة تكون مضمونةً عليه إلى الحلّة ضمانَ العارية ، ولا أُجرة عليه ؛ لأنّه مأذون له في ركوبها ، فإذا جاوز ضمنها ضمانَ الغصب ، ووجب عليه أُجرة منافعها ، فإذا ردّها إلى الحلّة لم يزل عنه الضمان ، وبه قال الشافعي(١) .

وأبو حنيفة يقول : إنّها أمانة إلى الحلّة ، فإذا جاوزها كانت مغصوبةً ، فإذا ردّها إلى الحلّة لم يزل ضمان الغصب ، بخلاف قوله في الوديعة إذا أخرجها من حرزها ثمّ ردّها إليه(٢) .

إذا ثبت هذا ، فعلى قول الشافعي بانقطاع الإذن من حين التعدّي ليس له الركوب من الحلّة إلى بغداد ، بل يسلّم الدابّة إلى حاكم الحلّة الذي استعار إليه(٣) .

مسألة ١٢٤ : إذا دفع إليه ثوباً وقال : إن شئت أن تلبسه فالبسه‌ ، فهو قبل اللُّبْس وديعة ، وبعده عارية ، وهو المشهور عند الشافعيّة(٤) .

ولهم وجهٌ آخَر مخرَّج من السوم ؛ لأنّه مقبوض على توقّع الانتفاع ، فكما أنّ المأخوذ على سبيل السوم مقبوض على توقّع عقد ضمانٍ ، كذا هنا.

____________________

(١) الإشراف على مذاهب أهل العلم ١ : ٢٧٣ / ٤٤٤ ، البيان ٦ : ٤٦٠.

(٢) بدائع الصنائع ٦ : ٢١٦ ، فتاوى قاضيخان - بهامش الفتاوى الهنديّة - ٣ : ٣٨٤ ، المبسوط - للسرخسي - ١١ : ١٤٥ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٢٣٧ ، الإشراف على مذاهب أهل العلم ١ : ٢٧٣ / ٤٤٤ ، بحر المذهب ٩ : ١٤ ، وراجع أيضاً الهامش (٢) من ص ١٦٠.

(٣) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٢٨٨ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٨٠ ، روضة الطالبين ٤ : ٨٠.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٨٠ ، روضة الطالبين ٤ : ٨٠.

٢٨٨

قال هذا القائل : لو قيل : لا ضمان في السوم أيضاً تخريجاً ممّا نحن فيه ، لم يبعد(١) .

ولو استعار صندوقاً فوجد فيه شيئاً ، فهو أمانة عنده ، كما لو طيّر الريح الثوبَ في داره ، فلا ضمان فيه وإن كانت العارية مضمونةً ، إلّا مع التفريط أو التعدّي.

مسألة ١٢٥ : قد بيّنّا أنّه لا يجوز للمُحْرم أن يستعير الصيد‌ ، فإن استعاره من الـمُحلّ لم يجز ، فإن قبضه ضمنه لله تعالى بالجزاء ، ولصاحبه ضمان العارية.

فإن استعار مُحلٌّ من مُحْرمٍ صيداً كان يملكه قبل أن يُحرم ، كان ذلك مبنيّاً على القولين في زوال ملكه عنه بالإحرام.

فإن قلنا : لـمّا أحرم زال ملكه عنه بالإحرام ، فقد وجب عليه إرساله ، فإذا دفعه إلى الـمُحلّ لم يجز له ، إلّا أنّ الـمُحلّ لا يضمنه له ؛ لأنّه ليس يملكه ، ولا يضمنه لله تعالى ؛ لأنّه مأذون له في إتلاف الصيد ، إلّا أنّه إذا تلف ضمنه الـمُحْرم ؛ لأنّه تلف بسببٍ من جهته ، وهو تسليمه إلى الـمُحلّ.

وإن قلنا ببقاء ملك الـمُحْرم فيه ، جاز له إعارته ، ويكون مضموناً على الـمُحلّ ضمانَ العارية لصاحبه.

ولو كان الـمُحْرم في الحرم والصيد فيه ، لم يجز له إعارته ، ولا للمُحلّ استعارته.

مسألة ١٢٦ : إذا ردّ الـمُستعير العاريةَ إلى مالكها أو إلى وكيله ، برئ من ضمانها.

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٨٠ ، روضة الطالبين ٤ : ٨٠.

٢٨٩

وإن ردّها إلى ملك مالكها بأن حمل الدابّةَ إلى اصطبل المالك وأرسلها فيه ، أو ردّ آلةَ الدار إليها ، لم يزل عنه الضمان ، وبه قال الشافعي(١) ، بل عندنا إن لم تكن العارية مضمونةً فإنّها تصير بهذا الردّ مضمونةً ؛ لأنّه لم يدفعها إلى مالكها ، بل فرّط بوضعها في موضعٍ لم يأذن له المالك بالردّ إليه ، كما لو ترك الوديعة في دار صاحبها فتلفت قبل أن يتسلّمها المالك ؛ لأنّه لم يردّها إلى صاحبها ولا إلى مَنْ ينوب عنه ، فلم يحصل به الردّ ، كما لو ردّها إلى أجنبيٍّ.

وقال أبو حنيفة : إذا ردّها إلى ملك المالك ، صارت كأنّها مقبوضة ؛ لأنّ ردّ العواري في العادة يكون إلى أملاك أصحابها ، فيكون ذلك مأذوناً فيه من طريق العادة(٢) .

وهو غلط ؛ لأنّه يبطل بالسارق إذا ردّ المسروق إلى الحرز ، ولا نعرف العادة التي ذكرها ، فبطل ما قاله.

المبحث الثالث : في التنازع.

مسألة ١٢٧ : إذا اختلف المالك والـمُستعير ، فقال المالك : آجرتك هذه العين مدّة كذا بكذا‌ ، وقال الـمُستعير : بل أعرتنيها ، والعين باقية بعد انقضاء المدّة بأسرها أو بعضها ممّا له أُجرة في العادة ، قال الشيخرحمه‌الله في الخلاف :

____________________

(١) الإشراف على مذاهب أهل العلم ١ : ٢٧٢ - ٢٧٣ / ٤٤٣ ، الحاوي الكبير ٧ : ١٣١ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٧١ ، حلية العلماء ٥ : ١٩٣ ، البيان ٦ : ٤٦٠ ، روضة الطالبين ٤ : ٩١ ، روضة القُضاة ٢ : ٥٣٥ / ٣١٧٣.

(٢) الاختيار لتعليل المختار ٣ : ٨٣ ، روضة القُضاة ٢ : ٥٣٥ / ٣١٧٢ ، الفقه النافع ٣ : ٩٤٩ / ٦٧٥ ، المبسوط - للسرخسي - ١١ : ١٤٤ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٢٢٣ ، الحاوي الكبير ٧ : ١٣١ ، البيان ٦ : ٤٦٠.

٢٩٠

القول قول الـمُستعير - وبه قال أبو حنيفة(١) - لأنّهما اتّفقا على أنّ تلف المنافع كان على ملك الـمُستعير ؛ لأنّ المالك يزعم أنّه ملَّكها بالإجارة ، والـمُستعير يزعم أنّه مَلَكها بالاستيفاء ؛ لأنّ الـمُستعير يملك بذلك ، وقد ادّعي عليه عوض ما تلف على ملكه ، والأصل عدم وجوبه ، فكان القولُ قولَه ، ولأنّ الأصل براءة الذمّة ، والمالك يدّعي شغلها ، فيحتاج إلى البيّنة(٢) .

وقال مالك : القول قول المالك مع اليمين ؛ لأنّ المنافع جارية مجرى الأعيان ، وقد ثبت أنّه لو كان أتلف عليه عيناً كما لو أكل طعامه وقال : كنتَ أبحتَه لي ، وأنكر المالك ، فإنّ القول قول المالك ، أو كانت في يده وادّعى أنّه وهبها منه وأنكر صاحبها ذلك وادّعى أنّه باعها منه : إنّ القول قول صاحبها ، كذا هنا ، ولأنّ المنافع تابعة للأعيان في الملك ، فهي بالأصالة لمالك العين ، فادّعاء الـمُستعير التفرّدَ بالملكيّة لها على خلاف الأصل ، فيحتاج إلى البيّنة(٣) .

وأمّا الشافعي فقد قال في كتاب العارية : إنّه إذا اختلف مالك الدابّة وراكبها ، فقال صاحبها : آجرتكها بكذا ، وقال الراكب : أعرتنيها ولا أُجرة لك علَيَّ ، فالقول قول الراكب(٤) .

____________________

(١) روضة القُضاة ٢ : ٥٣٩ / ٣١٩٨ ، المبسوط - للسرخسي - ١١ : ١٤٩ ، فتاوى قاضيخان - بهامش الفتاوى الهنديّة - ٣ : ٣٨٥ ، بحر المذهب ٩ : ١٦ ، البيان ٦ : ٤٧٤ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٩١ ، المغني والشرح الكبير ٥ : ٣٧١ ، الإشراف على مذاهب أهل العلم ١ : ٢٧٦ / ٤٥٤.

(٢) الخلاف ٣ : ٣٨٨ ، المسألة ٣ من كتاب العارية.

(٣) النوادر والزيادات ١٠ : ٤٦٢ ، بحر المذهب ٩ : ١٥ ، حلية العلماء ٥ : ٢٠٤ ، البيان ٦ : ٤٧٣ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٩١ ، المغني والشرح الكبير ٥ : ٣٧١.

(٤) الأُم ٣ : ٢٤٥ ، مختصر المزني : ١١٦ و ١٣٠ ، الحاوي الكبير ٧ : ١٢١ و ٤٧٢ ، =

٢٩١

وقال في كتاب المزارعة : ولو اختلف الزارع وصاحب الأرض ، وادّعى صاحب الأرض أنّه آجره إيّاها ، وادّعى الزارع أنّه أعاره إيّاها : إنّ القولَ قولُ صاحب الأرض(١) .

واختلف أصحابه في ذلك :

فقال أبو إسحاق وجماعة : إنّه لا فرق بين المسألتين ، وإنّ فيها قولين ، ونقلوا جوابه من كلّ واحدةٍ منهما إلى أُخرى(٢) .

ومنهم مَنْ قال : إنّ المسألتين مختلفتان ، وفرّق بينهما بأنّ العادة جارية بأنّ الدوابّ تُعار ، فكان الظاهر مع الراكب ، ولم تَجْر العادة بإعارة الأرضين ، فكان الظاهر مع صاحبها(٣) .

قال الأوّلون : هذا ليس بصحيحٍ ؛ لأنّ مثل هذه العادة لا اعتبار بها في التداعي ، ولهذا لو اختلف العطّار والدبّاغ في آلة العطر لا يُرجّح قول العطّار‌

____________________

= الإشراف على مذاهب أهل العلم ١ : ٢٧٦ / ٤٥٤ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٧٣ ، بحر المذهب ٩ : ١٥ ، الوسيط ٣ : ٣٧٧ ، الوجيز ١ : ٢٠٥ ، حلية العلماء ٥ : ٢٠٤ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٢٨٨ ، البيان ٦ : ٤٧٣ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٩٠ ، روضة الطالبين ٤ : ٨٨ ، المغني والشرح الكبير ٥ : ٣٧١ ، روضة القُضاة ٢ : ٥٣٩ / ٣١٩٩.

(١) مختصر المزني : ١٣٠ ، الحاوي الكبير ٧ : ١٢١ و ٤٧٢ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٧٣ ، بحر المذهب ٩ : ١٥ ، الوجيز ١ : ٢٠٥ ، الوسيط ٣ : ٣٧٧ ، حلية العلماء ٥ : ٢٠٤ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٢٨٨ ، البيان ٦ : ٤٧٣ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٩٠ ، روضة الطالبين ٤ : ٨٨ ، روضة القُضاة ٢ : ٥٣٩ / ٣٢٠٠.

(٢) الحاوي الكبير ٧ : ١٢١ و ٤٧٢ - ٤٧٣ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٧٣ ، بحر المذهب ٩ : ١٥ ، حلية العلماء ٥ : ٢٠٤ ، البيان ٦ : ٤٧٣ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٩١.

(٣) الحاوي الكبير ٧ : ١٢٢ و ٤٧٣ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٧٣ ، بحر المذهب ٩ : ١٥ ، حلية العلماء ٥ : ٢٠٤ ، البيان ٦ : ٤٧٣ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٩٠.

٢٩٢

وإن كانت العادة جاريةً بأنّ آلة العطّار لا تكون للدبّاغ.

وفرّقوا بين هذه المسألة وبين ما إذا غسل ثوبه غسّال أو خاطه خيّاط ثمّ قال : فعلتُه بالأُجرة ، وقال المالك : بل فعلتَ ذلك مجّاناً ، فإنّ القول قول المالك مع يمينه قولاً واحداً ؛ لأنّ الغسّال فوّت منفعة نفسه ثمّ ادّعى لها عوضاً على الغير ، وهناك المتصرّف فوّت منفعة مال الغير وأراد إسقاط الضمان عن نفسه ، فلم يُقبل(١) .

إذا عرفت هذا ، فإن قلنا : القول قول الـمُستعير ، فحلف على نفي الإجارة ، كفاه ، وسقط عنه المطالبة ، وردّ العين ، وإن نكل حلف المالك ، واستحقّ بيمينه المسمّى ؛ لأنّ اليمين مع النكول إمّا أن تكون بمنزلة البيّنة أو الإقرار ، وأيّهما كان يثبت به المسمّى ، وهو قول أكثر الشافعيّة(٢) .

ولهم وجهٌ آخَر ضعيف : إنّه يستحقّ أُجرة المثل ؛ لأنّ الناكل ينفي أصل الإجارة ، فتقع يمين المدّعي على إثباته(٣) .

وليس هذا الوجه عندي بعيداً من الصواب.

وإن قلنا : القول قول المالك مع يمينه ، فإنّه يحلف على نفي الإعارة التي تدّعى عليه ، ولا يتعرّض لإثبات الإجارة ؛ لأنّه مدّعٍ فيها ، وهو قول بعض الشافعيّة(٤) .

فحينئذٍ إذا حلف على نفي الإعارة ، فالأقوى عندي : إنّ الـمُستعير يحلف على نفي الإجارة ، فإذا حلف ثبت للمالك أقلّ الأمرين من أُجرة‌

____________________

(١) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٢٨٩ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٩١.

(٢) الحاوي الكبير ٧ : ١٢٢ ، بحر المذهب ٩ : ١٦ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٢٨٩ ، البيان ٦ : ٤٧٥ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٩٢.

(٣) البيان ٦ : ٤٧٥ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٩٢ ، روضة الطالبين ٤ : ٨٨.

(٤) الوسيط ٣ : ٣٧٧ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٩١ ، روضة الطالبين ٤ : ٨٨.

٢٩٣

المثل والمسمّى ؛ لأنّه إن كانت أُجرة المثل أقلَّ فهو لم يُقم حجّةً على الزيادة ، وإن كان المسمّى أقلَّ فقد أقرّ بأنّه لا يستحقّ الزيادة.

وقال بعض الشافعيّة : إذا حلف المالك على نفي الإعارة ، استحقّ أقلَّ الأمرين من أُجرة المثل والمسمّى إن لم يحلف الـمُستعير.

قال : وإن قلنا : إنّ المالك يحلف على إثبات الإجارة ونفي الإعارة ويجمع بينهما في يمينه ، ففيما يستحقّه وجهان :

أحدهما : المسمّى إتماماً لتصديقه.

وأظهرهما - وهو مقتضى منصوص الشافعي في الأُم(١) - أُجرة المثل ؛ لأنّهما لو اتّفقا على الإجارة واختلفا في الأُجرة كان الواجب أُجرة المثل ، فإذا اختلفا في أصل الإجارة كان أولى(٢) .

والجويني حكى الوجه الثاني على غير ما ذكر ، بل حكى بدله : إنّه يستحقّ أقلَّ الأمرين ؛ لما(٣) تقدّم.

قال : والتعرّض للإجارة على هذا ليس لإثبات المال الذي يدّعيه ، لكن لينتظم كلامه من حيث إنّه اعترف بأصل الإذن ، فحصل فيما يستحقّه ثلاثة أوجُه(٤) .

ولو نكل المالك عن اليمين المعروضة عليه ، لم تُردّ اليمين على الراكب والزارع ؛ لأنّهما لا يدّعيان حقّاً على المالك حتى يُثبتاه باليمين ، وإنّما يدّعيان الإعارة ، وليست حقّاً لازماً على الـمُعير.

____________________

(١) الأُم ٣ : ٢٤٥.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٩١ ، روضة الطالبين ٤ : ٨٨.

(٣) الظاهر : « كما » بدل « لما ».

(٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٩١.

٢٩٤

وقال بعض الشافعيّة : إنّها تُردّ ؛ ليتخلّص من الغرم(١) .

مسألة ١٢٨ : لو وقع هذا الاختلاف عقيب العقد قبل انقضاء مدّةٍ لمثلها أجر‌ ، فالقول هنا قول الـمُستعير مع اليمين ، فإذا حلف على نفي الإجارة سقط عنه دعوى الأُجرة ، واستردّ المالك العين ، وإن نكل حلف المالك اليمينَ المردودة ، واستحقّ الأُجرة.

وهذا قول الشافعي أيضاً ، ولا قول له سواه ؛ لأنّ الراكب هنا لا يدّعي لنفسه حقّاً ولا أتلف المنافع على المالك ، والمدّعي في الحقيقة هنا هو المالك ، وإذا تمحّضت الدعوى له لم يتعدّد قوله كما يتعدّد في الصورة الأُولى ؛ لأنّ المنافع هناك تلفت تحت يد الراكب ، وكان القول بسقوطها مجّاناً بعيداً ، فلهذا كان له في الصورة الأُولى قولان(٢) .

مسألة ١٢٩ : لو حصل هذا الاختلاف بعد تلف العين‌ ، فإن تلفت عقيب الأخذ قبل أن يثبت لمثلها أُجرة وشرط في العارية الضمان أو قلنا به على مذهب القائلين بضمان العارية ، فلا معنى للاختلاف ؛ لأنّ صاحبها يدّعي الإجارة وقد انفسخت بتلفها ، والـمُستعير يُقرّ بالقيمة ويعترف باستحقاقها في ذمّته ، والمالك ينكرها ، فليس للمالك حينئذٍ المطالبة بها.

ولو لم نقل بالضمان في العارية ولا شرطه المالك ، فلا بحث هنا ؛ لأنّ كلّ واحدٍ منهما يعترف ببراءة ذمّة الـمُستعير.

وإن تلفت بعد مضيّ مدّةٍ لمثلها أُجرة مع شرط الضمان أو القول به ، فالـمُستعير يُقرّ بالقيمة ، والمالك ينكرها ويدّعي الأُجرة ، فيبنى على الخلاف بين العامّة في أنّ اختلاف الجهة هل يمنع الأخذ؟

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٩١ ، روضة الطالبين ٤ : ٨٨.

(٢) البيان ٦ : ٤٧٣ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٩٢ ، روضة الطالبين ٤ : ٨٨.

٢٩٥

إن قلنا : نعم ، سقطت القيمة بردّه ، والقول في الأُجرة قول المالك أو الـمُستعير على الخلاف الذي تقدّم في الحالة الأُولى.

وإن قلنا : إنّ اختلاف الجهة لا يمنع الأخذ ، فإن كانت الأُجرة مثلَ القيمة أو أقلَّ أخذها بغير يمينٍ ، وإن كانت أكثر أخذ قدر القيمة ، وفي المصدّق في الزيادة الخلافُ المتقدّم(١) .

مسألة ١٣٠ : لو انعكس هذا الاختلاف ، فادّعى المالكُ الإعارةَ ، والمتصرّفُ الإجارةَ‌ ، فإن كانت العين باقيةً وكان الاختلاف عقيب التسليم قبل مضيّ مدّةٍ لمثلها أُجرة ، كان القولُ قولَ المالك ؛ لأنّ المتصرّف يدّعي عليه عقداً واستحقاق منفعةٍ ، والمالك ينكره ، وإذا لم تكن بيّنة كان القولُ قولَ المنكر مع اليمين ، ثمّ تُستردّ العين.

وإن نكل حلف المتصرّف ، واستحقّ المنفعة المدّة والإمساك طولها.

وإن كان بعد مضيّ مدّة الإجارة ، فلا معنى للاختلاف ؛ لأنّهما اتّفقا على وجوب ردّها ، والمتصرّف يُقرّ للمالك بالأُجرة ، والمالك ينكرها.

وإن كان بعد مضيّ بعض المدّة ، فالقول قول المالك ؛ لأنّ الأصل عدم استحقاق الغير منفعة مال الغير ، فإذا حلف على نفي الإجارة أخذ العين ، وليس له مطالبته بالأُجرة عمّا مضى من المدّة ؛ لأنّه ينكرها والمتصرّف معترف له بها.

هذا إذا كان الاختلاف والعين باقية ، وأمّا إن اختلفا والعين تالفة ، فإن كان الاختلاف عقيب القبض قبل انقضاء مدّةٍ لمثلها أُجرة ، فالمالك هنا يدّعي قيمتها على المتصرّف مع شرط الضمان عندنا ، ومطلقاً عند‌

____________________

(١) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٢٨٩ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٩٢ ، روضة الطالبين ٤ : ٨٩.

٢٩٦

الشافعي(١) ، والمتصرّف ينكرها ، فيُقدَّم هنا قول المالك مع اليمين ؛ لأنّهما اختلفا في صفة القبض ، والأصل فيما يقبضه الإنسان من مال غيره الضمانُ ؛ لقولهعليه‌السلام : « على اليد ما أخذت حتى تؤدّيه »(٢) .

وإن كان الاختلاف بعد مضيّ المدّة ، فالمتصرّف يُقرّ بالأُجرة ، والمالك يدّعي عليه القيمة في المضمونة ، فإن كانت القيمة بقدر الأُجرة دفع إليه من غير(٣) يمينٍ ؛ لاتّفاقهما على استحقاق ذلك المقدار ، وهو قول بعض الشافعيّة(٤) .

وقال بعضهم : لا تثبت الأُجرة ؛ لأنّه لا يدّعيها ، ويكون القولُ قولَه في وجوب القيمة(٥) .

وإن كانت أقلَّ ، كان في قدرها الوجهان.

وإن كانت أكثر ، كان قدر الأُجرة منهما على الوجهين ، والباقي يستحقّه بيمينه.

وإن كان التلف في أثناء المدّة ، فقد أقرّ له ببعض الأُجرة ، وهو يدّعي القيمة ، والحكم في ذلك على ما ذكر.

مسألة ١٣١ : لو ادّعى المالكُ الغصبَ ، والمتصرّفُ الإعارةَ والعين باقية قائمة ، ولم تمض مدّة لمثلها أُجرة ، فلا معنى لهذا الاختلاف‌ ؛ إذ لم تفت العين ولا المنفعة ، ويردّ المتصرّفُ العينَ إلى المالك.

وإن مضت مدّة لمثلها أُجرة ، فالأقوى : إنّ القولَ قولُ المالك مع‌

____________________

(١) راجع الهامش (٤) من ص ٢٧٣.

(٢) تقدّم تخريجه في ص ٢٧١ ، الهامش (٢)

(٣) في « ج » : « بغير » بدل « من غير ».

(٤ و ٥) البيان ٦ : ٤٧٦.

٢٩٧

يمينه ؛ لما تقدّم(١) من أصالة تبعيّة المنافع للأعيان في التملّك ، فالقول قول مَنْ يدّعيها مع اليمين وعدم البيّنة ؛ لأنّ المتصرّف يدّعي انتقال المنفعة إليه بالإعارة وبراءة ذمّته من التصرّف في مال الغير ، فعليه البيّنة.

وقال الشيخرحمه‌الله في الخلاف : القول قول المتصرّف - وهو أحد أقوال الشافعي نقله المزني عنه(٢) - لأنّ المالك يدّعي عليه عوضاً ، والأصل براءة ذمّته منه ، ولأنّ الظاهر من اليد أنّها بحقٍّ ، فكان القولُ قولَ صاحبها(٣) .

وليس بجيّدٍ ؛ لما بيّنّا من أصالة تبعيّة المنافع للأعيان ، ولأصالة عدم الإذن ، وكما أنّ الظاهر أنّ اليد بحقٍّ ، كذا الظاهر التبعيّة.

ولأصحاب الشافعي هنا ثلاثة طُرق :

أظهرها : إنّ الحكم هنا على ما تقدّم في المسألة السالفة ، فيُفرّق بين الدابّة والأرض على طريقٍ ، ويُجعلان على قولين في طريقٍ ؛ لأنّ المالك ادّعى أُجرة المثل هنا ، كما ادّعى المسمّى في الإجارة هناك ، والأصل براءة الذمّة.

والثاني : القطع بأنّ القول قول المالك ، بخلاف تلك المسألة ؛ لأنّهما متّفقان على الإذن هناك ، وهنا المالك منكر له ، والأصل عدمه. ومَنْ قال بهذا خطّأ المزني في النقل.

قال أبو حامد : لكنّه ضعيف ؛ لأنّ الشافعي نصّ في الأُمّ على ما رواه‌

____________________

(١) في ص ٢٩٠.

(٢) مختصر المزني : ١١٦ ، الحاوي الكبير ٧ : ١٢٣ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٧٣ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٢٩٠ ، البيان ٦ : ٤٧٧ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٩٢ ، روضة الطالبين ٤ : ٨٩ ، المغني ٥ : ٣٧٣ ، الشرح الكبير ٥ : ٣٧٤.

(٣) الخلاف ٣ : ٣٨٩ ، المسألة ٥ من كتاب العارية.

٢٩٨

المزني(١) .

والثالث : القطع بأنّ القول قول المتصرّف ؛ لأنّ الظاهر من حال المسلم أنّه لا يتصرّف إلّا على وجهٍ جائز(٢) .

هذا إذا تنازعا والعين باقية.

مسألة ١٣٢ : لو وقع هذا الاختلاف وقد تلفت العين‌ ، فإن هلكت بعد انقضاء مدّةٍ لمثلها أُجرة ، فالمالك يدّعي أُجرة المثل والقيمة بجهة الغصب ، والمتصرّف يُنكر الأُجرة ويُقرّ بالقيمة بجهة العارية إن كانت مضمونةً ، فالحكم في الأُجرة على ما تقدّم عند بقاء العين.

وأمّا القيمة فإنّه يُحكم فيها بقول المتصرّف ؛ لأصالة براءة ذمّته من الزائد عن القيمة وقت التلف إن أوجبنا على الغاصب أعلى القِيَم.

وقال بعض الشافعيّة : إن قلنا : إنّ اختلاف الجهة يمنع الأخذ ، فلا يأخذ المالك إلّا باليمين. وإن قلنا : لا يمنع فإن قلنا : العارية تُضمن ضمانَ الغصب ، أو لم نقل به لكن كانت قيمته يوم التلف أكثر ، أخذها باليمين ، وإن كانت قيمته يوم التلف أقلَّ ، أخذها بغير يمينٍ ، وفي الزيادة يحتاج إلى اليمين(٣) .

وإن هلكت عقيب القبض قبل مضيّ وقتٍ يثبت لمثله أُجرة ، لزمه القيمة.

ثمّ قياس القول الأوّل أن يقال : إن جعلنا اختلاف الجهة مانعاً من

____________________

(١) البيان ٦ : ٤٧٧ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٩٢ ، روضة الطالبين ٤ : ٨٩ ، وراجع الأُم ٣ : ٢٤٥ ، ومختصر المزني : ١١٦.

(٢) البيان ٦ : ٤٧٧ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٩٢ ، روضة الطالبين ٤ : ٨٩.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٩٣ ، روضة الطالبين ٤ : ٨٩.

٢٩٩

الأخذ ، حلف ، وإلّا أخذ بغير يمينٍ.

وقضيّة ما قاله الجويني في مسألة التنازع بين الإجارة والعارية : إنّه لا يُخرّج على ذلك الخلاف لا هذه الصورة ولا ما إذا كان الاختلاف بعد مضيّ مدّةٍ يثبت لمثلها أُجرة.

قال : لأنّ العين متّحدة ، ولا وَقْع للاختلاف في الجهة مع اتّحاد العين(١) .

والظاهر : الأوّل عندهم(٢) .

وإن كانت العارية غيرَ مضمونةٍ ، فإنّ القولَ قولُ المالك في عدم الإعارة ، وقولُ المتصرّف في عدم الغصب لئلّا يضمن ضمانَ الغصب ، ثمّ يثبت على المتصرّف بعد حلف المالك على نفي الإعارة قيمتُها وقت التلف.

مسألة ١٣٣ : لو انعكس الفرض ، فقال المالك : أعرتُكها ، وقال المتصرّف : بل غصبتُها ، فلا فائدة في هذا الخلاف‌ ؛ لأنّ المتصرّف يُقرّ بالضمان ، والمالك يُنكره إن كانت العارية غير مضمونةٍ ، وإن كانت مضمونةً فإنّه يُنكر ضمان الغصب.

وإن مضت مدّة لمثلها أُجرة ، فالمالك ينفي استحقاق العوض عنها ، والمتصرّف يعترف له بها.

ولو قال المالك : غصبتَها ، وقال المتصرّف : بل آجرتني ، فإن كانت العين باقيةً ولم تمض مدّة لمثلها أُجرة ، فالأقوى : التحالف.

أمّا حلف المتصرّف على نفي الغصب : فلنفي زيادة الضمان إن‌

____________________

(١ و ٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٩٣ ، روضة الطالبين ٤ : ٨٩.

٣٠٠

من أحاديث

تشبيه أهل البيت بالنّجوم

٣٠١

٣٠٢

والعجب من ( الدهلوي ) يستشهد بحديث « أصحابي كالنجوم » في مقابلة « حديث السفينة» مع أنه حديث باطل موضوع حسب تصريحات كبار حفاظ طائفته، ولا يلتفت إلى الأحاديث الكثيرة التي رواها أصحابه عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيها تشبيه أهل البيت بالنجوم، وفرض إقتداء الأمة بهم، ولما كانت هذه الأحاديث كثيرة مستفيضة نذكر بعضها في هذا المقام، ونرجئ ذكر بعضها إلى المواضع المناسبة الآتية إنْ شاء الله تعالى.

(١)

قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أهل بيتي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم

وهو من أحاديث نسخة ( نبيط بن شريط الأشجعي الصحابي ) التي رواها شيوخ أهل السنة بأسانيد عالية كما ستعرف عن قريب، ومن العجيب وصف الفتني والشوكاني إياه بالكذب، قال الأول: « أهل بيتي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم. من نسخة نبيط الكذاب »(١) .

___________________

(١). تذكرة الموضوعات / ٩٨.

٣٠٣

وقال الشوكاني: « حديث أهل بيتي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم: قال في المختصر: هو من نسخة نبيط الكذاب »(١) .

وهذا لا يستقيم على مذهب أهل السنة الذين يبالغون في تعديل الصحابة وتوثيقهم، مع أن الرجل من الصحابة قطعاً:

قال ابن عبد البر: « شريط بن أنس بن مالك بن هلال الأشجعي، شهد حجة الوداع مع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وسمع منه خطبته، وكان ردفه يومئذٍ ابنه نبيط بن شريط، وكلاهما مذكور في الصحابة»(٢) .

وقال ابن حجر: « شريط - بفتح أوله - ابن أنس بن مالك بن هلال الأشجعي والد نبيط، وله ولنبيط صحبة. قال ابن السكن: له صحبة ورواية، وهو معدود في الكوفيين، و روى أحمد من طريق نبيط بن شريط قال: إني رديف أبي في حجة الوداع إذْ تكلّم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فوضعت يدي على عاتق أبي فسمعته يقول: إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام. الحديث، وأخرجه البغوي وابن السكن من وجه آخر فقال: عن نبيط بن شريط عن أبيه شريط بن أنس. وقال ابن السكن: لم يرو عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم غير هذا الحديث، وروى ابن مندة من طريق وكيع: سمعت سلمة بن نبيط يقول: جدّي من أصحاب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . ومن طريق عبد الحميد الحماني عن سلمة قال: كان أبي وجدي وعمي من أصحاب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . وهكذا أخرجه أحمد في كتاب الزهد عن الحماني »(٣) .

وقال الذهبي: « شريط بن أنس بن مالك بن هلال الأشجعي، جد سلمة نبيط ولنبيط صحبة أيضاً. ب »(٤) .

___________________

(١). الفوائد المجموعة في الاحاديث الموضوعة للقاضي الشوكاني: ١١٢.

(٢). الاستيعاب ٢ / ١٦٠.

(٣). الاصابة ٢ / ١٤٦.

(٤). تجريد الصحابة ١ / ٢٥٧.

٣٠٤

وكذا قال الزبيدي وأضاف: « وله أحاديث قد جمعت في كراسة لطيفة رويناها عن الشيوخ بأسانيد عالية، روى عنه ابنه سلمة بن نبيط، وحديثه في سنن النسائي »(١) .

وفي ( الاستيعاب ): « نبيط بن شريط رأى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وسمع خطبته في حجة الوداع، وكان رديف أبيه يومئذ، معدود في أهل الكوفة »(٢) .

وفي ( جامع الاصول ): « نبيط بن شريط رأى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وسمع خطبته في حجة الوداع، وكان ردف أبيه يومئذ، وعداده في أهل الكوفة وحديثه عندهم ».

وقال ابن الأثير بترجمته: « يروي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، روى عنه ابنه سلمة، أخبرنا أبو القاسم يعيش بن علي باسناده إلى أبي عبد الرحمن النسائي، أخبرنا عمرو بن علي، حدثنا يحيى بن سفيان عن سلمة بن نبيط عن أبيه قال: رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يخطب على جمل أحمر بعرفة قبل الصلاة خرجه الثلاثة »(٣) .

وذكره الذهبي في ( تجريد الصحابة )(٤) .

وقال في ( الكاشف ): « له صحبة »(٥) .

وأورده ابن حجر وقال: « وله رواية عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال ابن أبي حاتم: له صحبة وبقي بعد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم زماناً »(٦) .

___________________

(١). تاج العروس - نبط.

(٢). الاستيعاب ٣ / ٥٣٤.

(٣). اسد الغابة ٥ / ١٤.

(٤). تجريد الصحابة ٢ / ١٠٤.

(٥).. الكاشف ٣ / ١٩٨.

(٦). الاصابة ٣ / ٥٢٢.

٣٠٥

وفي ( تقريب التهذيب ): « صحابي صغير »(١) .

وقال الخزرجي: « صحابي له حديث »(٢) .

فهو إذاً صحابي ولم يرد في حقه ذم، وليس رمي الفتني والشوكاني إياه بالكذب إلّا تعصباً مقيتاً وعدواناً مبيناً.

( ٢ )

قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : النجوم أمان لأهل السماء وأهل بيتي

أمان لأهل الأرض

وهذا الحديث جاء في المناقب لأحمد وهذا نصه: « وفيما كتب إلينا ( محمد ابن عبد الله الحضرمي ) أيضاً يذكر أن يوسف بن نفيس حدّثهم قال: حدثنا عبد الملك بن هارون بن عنترة عن أبيه عن جده عن عليعليه‌السلام أنه قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : النجوم أمان لأهل السماء، فإذا ذهبت النجوم ذهب أهل السماء، وأهل بيتي أمان لأهل الأرض، فإذا ذهب أهل بيتي ذهب أهل الأرض »(٣) .

ورواه المحب الطبري: « عن عليعليه‌السلام قال قال رسول الله صلّى الله

___________________

(١). تقريب التهذيب ٢ / ٢٩٦.

(٢). خلاصة التهذيب ٣ / ٩٩٨٠.

(٣). المناقب - مخطوط - وهذا الحديث من زيادات القطيعي وقد صححناه على النسخة المخطوطة الموجودة لدى المحقق الكبير العلامة الطباطبائي دام فضله ( وكم له من فضل ). والحضرمي أبو جعفر مطين المتوفى سنة ٢٩٧ شيخ القطيعي، ويوسف بن نفيس ذكره الخطيب في تاريخه ١٤ / ٣٠٣.

٣٠٦

عليه وسلّم: النجوم أمان لأهل السماء، فإذا ذهبت النجوم ذهب أهل السماء، وأهل بيتي أمان لأهل الأرض، فإذا ذهب أهل بيتي ذهب أهل الأرض. أخرجه أحمد في المناقب »(١) .

وكذا رواه السخاوي في « باب الأمان ببقائهم والنجاة في اقتفائهم » عن أحمد ابن حنبل في المناقب وأضاف: « وذكره الديلمي وابنه معاً بلا إسناد »(٢) .

ورواه عن أحمد أيضاً: السمهودي في « الذكر الخامس: ذكر أنهم أمان الامة وأنهم كسفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق »(٣) .

وقال ابن حجر: « وفي رواية لأحمد وغيره: النجوم أمان لأهل السماء »(٤) .

وقال العيدروس اليمني: « وقال الشريف السمهودي في معنى قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : النجوم أمان لأهل السماء وأهل بيتي أمان لأهل الأرض، فإذا هلك أهل بيتي جاء أهل الأرض من الآيات ما كانوا يوعدون. قال: ويحتمل - وهو الأظهر عندي - أن كونهم أماناً للأمة أهل البيت [ كذا ] مطلقاً، وأن الله لما خلق الدنيا بأسرها من أجل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جعل دوامها بدوامه ودوام أهل بيته، فإذا انقضّوا طوي بساطها »(٥) .

وقال القاري بعد حديث السفينة: « ويؤيده ما أخرجه أحمد في المناقب عن علي قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : النجوم أمان لأهل السماء فإذا ذهب النجوم ذهب أهل السماء، وأهل بيتي أمان لأهل الأرض فإذا ذهب أهل بيتي ذهب أهل الأرض »(٦) .

___________________

(١). ذخائر العقبى ص ١٧.

(٢). استجلاب ارتقاء الغرف - مخطوط.

(٣). جواهر العقدين - مخطوط.

(٤). الصواعق المحرقة لابن حجر المكي ١٤٠.

(٥).. العقد النبوي - مخطوط.

(٦). المرقاة ٥ / ٦١٠.

٣٠٧

ورواه ابن باكثير المكي(١) ومحمود الشيخاني القادري(٢) والأمير الصنعاني(٣) وأحمد زيني دحلان(٤) والبلخي القندوزي كلهم عن أحمد بن حنبل في ( المناقب ).

وقال القندوزي البلخي: « الباب الثالث في بيان أن دوام الدنيا بدوام أهل بيته صلّى الله عليه وعليهم، وبيان أنهم سبب لنزول المطر والنعمة، وبيان فضائلهم: أخرج أحمد في المناقب عن علي كرم الله وجهه قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : النجوم أمان لأهل السماء، فإذا ذهبت النجوم ذهب أهل السماء، وأهل بيتي أمان لأهل الأرض فإذا ذهب أهل بيتي ذهب أهل الأرض ».

أيضاً: أخرجه ابن أحمد في زيادات المسند والحمويني في فرائد السمطين عن علي كرم الله وجهه.

أيضاً: أخرجه الحاكم عن محمد الباقر عن أبيه عن جده عن علي رضي الله عنهم.

وأخرجه أحمد عن أنسرضي‌الله‌عنه قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : النجوم أمان لأهل السماء وأهل بيتي أمان لأهل الأرض، فإذا ذهب أهل بيتي جاء أهل الأرض من الآيات ما كانوا يوعدون. وقال أحمد: إن الله خلق [ خفق ] الأرض من أجل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فجعل دوامها بدوام أهل بيته وعترتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم »(٥) .

وقال أيضاً: « أخرج الحمويني عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أهل بيتي أمان لأهل الأرض كما أن النجوم أمان لأهل السماء.

___________________

(١). وسيلة المآل - مخطوط.

(٢). الصراط السوي - مخطوط.

(٣). الروضة الندية.

(٤). الفتح المبين هامش السيرة ٢ / ٢٧٩.

(٥).. ينابيع المودة ١٩ - ٢٠.

٣٠٨

أيضاً: أخرجه الحاكم عن قتادة عن عطاء عن ابن عباس، أخرج الحاكم عن جابر بن عبد الله وأبي موسى الأشعري وابن عباس رضي الله عنهم قالوا: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : النجوم أمان لأهل السماء وأهل بيتي أمان لأهل الأرض، فإذا ذهبت النجوم ذهب أهل السماء، وإذا ذهب أهل بيتي ذهب أهل الأرض »(١) .

(٣)

قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : النجوم أمان لأهل السماء وأهل بيتي

أمان لأمتي

رواه المحب الطبري في الباب الخامس: « ذكر أنهم أمان لأمة محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : عن أياس بن سلمة عن أبيه قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : النجوم أمان لأهل السماء وأهل بيتي أمان لأمتي، أخرجه أبو عمرو الغفاري »(٢) .

وهكذا رواه الحمويني بسنده عن أياس بن سلمة بن الأكوع عن أبيه عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم »(٣) .

وقال الزرندي: « وورد عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال: النجوم أمان لأهل السماء، وأهل بيتي أمان لأمتي، وفي رواية: أمان لأهل الأرض »(٤) .

___________________

(١). المصدر نفسه / ٢٠.

(٢). ذخائر العقبى ص ١٧.

(٣). فرائد السمطين ٢ / ٢٣٩.

(٤). نظم درر السمطين / ٢٣٤.

٣٠٩

ورواه كل من: ابن حجر(١) والمتقي(٢) والسيوطي(٣) - وحسّنه - عن أبي يعلى عن سلمة بن الأكوع.

وفي ( كنز العمال ): « النجوم أمان لأهل السماء وأهل بيتي أمان لأمتي. ش ومسدد والحكيم. ع طب وابن عساكر عن سلمة بن الأكوع »(٤) .

وهكذا رواه - عن ابن أبي شيبة وأبي عمرو الغفاري ومسدد وأبي يعلى والطبراني - الفضل بن باكثير المكي(٥) .

وقال البدخشاني: « وأخرج الحفّاظ أبوبكر عبد الله بن محمد بن أبي شيبة العبسي الكوفي، وأبو الحسن مسدد بن مسرهد الأسدي البصري في مسنديهما، وأبو عبد الله محمد بن علي الحكيم الترمذي في نوادر الأصول، وأبو يعلى أحمد بن علي التميمي الموصلي في مسنده، والطبراني في الكبير، وابن عساكر: عن أياس بن سلمة بن الأكوع عن أبيهرضي‌الله‌عنه عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: النجوم أمان لأهل السماء وأهل بيتي أمان لأمتي »(٦) .

وقال محمد صدر العالم: « الآية الرابعة: قال الله تعالى:( وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ ) أشارصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى وجود ذلك المعنى في أهل بيته: أنهم أمان لأهل الأرض كما كان هوصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أماناً لهم، وفي ذلك أحاديث كثيرة: منها: ما أخرج ابن أبي شيبة ومسدد وأبو يعلى والطبراني وابن عساكر عن أياس بن سلمة بن الأكوع عن أبيه قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : النجوم أمان لأهل السماء وأهل بيتي أمان لأمتي »(٧) .

___________________

(١). الصواعق لابن حجر المكي ١١١.

(٢). كنز العمال ١٣ / ٨٣.

(٣). الجامع الصغير ١٨٩.

(٤). كنز العمال ١٣ / ٨٨.

(٥).. وسيلة المآل - مخطوط.

(٦). مفتاح النجا - مخطوط.

(٧). معارج العلى - مخطوط.

٣١٠

ورواه ولي الله اللكهنوي عن الصواعق بذيل الآية المتقدمة(١) .

ورواه العزيزي حيث شرحه ثم قال: « وإسناده حسن »(٢) .

(٤)

قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : النجوم أمان لأهل السماء، فإذا ذهبت

أتاها ما يوعدون، وأنا أمان لأصحابي ما كنت، فإذا

ذهبت أتاهم ما يوعدون، وأهل بيتي أمان لأمتي،

فإذا ذهب أهل بيتي أتاهم ما يوعدون

أخرجه الحاكم، كما في ( مفتاح النجا ) حيث قال: « وأخرج الحاكم في المستدرك عن جابر بن عبد اللهرضي‌الله‌عنه أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: النجوم أمان لأهل السماء، فإذا ذهبت أتاها ما يوعدون، وأنا أمان لأصحابي ما كنت، فإذا ذهبت أتاهم ما يوعدون، وأهل بيتي أمان لأمتي، فإذا ذهب أهل بيتي أتاهم ما يوعدون »(٣) .

وكذا رواه محمد صدر العالم عن جابر عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بلفظه(٤) .

___________________

(١). مرآة المؤمنين - مخطوط.

(٢). السراج المنير ٣ / ٣٨٨.

(٣). مفتاح النجا - مخطوط.

(٤). معارج العلى - مخطوط.

٣١١

(٥)

قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : النجوم أمان لأهل الأرض من الغرق

وأهل بيتي أمان لأمتي من الاختلاف، فإذا خالفتها

قبيلة من العرب اختلفوا فصاروا حزب إبليس

وهذا الحديث رواه جماعة من أعلام أهل السنة، كما عرفت فيما سبق في قسم دلالة حديث الثقلين، في الجواب عن حديث « سنة الخلفاء »، ولنذكر بعض عباراتهم في هذا المقام:

قال السيوطي: « الحديث التاسع والعشرون: أخرج الحاكم عن ابن عباس قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : النجوم أمان لأهل الأرض من الغرق، وأهل بيتي أمان لأمتي من الاختلاف، فإذا خالفتها قبيلة اختلفوا فصاروا حزب إبليس »(١) .

ورواه جماعة عن الحاكم عن ابن عباس، قالوا: وصحّحه على شرط الشيخين، منهم: كمال الدين الجهرمي(٢) والبدخشاني(٣) والصبان(٤) والمولوي مبين(٥) والبلخي(٦) .

___________________

(١). احياء الميت، هامش الاتحاف بحب الاشراف: ٢٥٤.

(٢). البراهين القاطعة - ترجمة الصواعق المحرقة: ٢٥٧.

(٣). مفتاح النجا - مخطوط.

(٤). اسعاف الراغبين - هامش نور الأبصار ص ١٣٠.

(٥).. وسيلة النجاة لمحمد مبين الهندي: ٤٧.

(٦). ينابيع المودة ٢٩٨.

٣١٢

(٦)

قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا الشمس وعلي القمر وفاطمة الزهرة

والحسن والحسين الفرقدان

رواه أبو إسحاق الثعلبي - المترجم له في مجلَّد آية الولاية ومجلّد قسم ( حديث الغدير )(١) - في بيان زينة الأرض، حيث قال: « وزيّنها أيضاً بالأنبياءعليهم‌السلام ، وزين الأنبياء بأربعة: إبراهيم الخليلعليه‌السلام ، وموسى الكليم، وعيسى الوجيه، ومحمد الحبيب صلوات الله عليهم أجمعين، وهم أهل الكتاب [ الكتب ] وأصحاب الشرائع وأولو العزم، وزيّنها أيضاً بآل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وزينهم [ أيضاً ] بأربعة: علي وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم.

وروى يزيد الرقاشي عن أنس بن مالك قال: « صلى بنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صلاة الفجر، فلما انفتل من الصلاة أقبل علينا بوجهه الكريم فقال: معاشر [ معشر ] المسلمين: من افتقد الشمس فليستمسك [ فليتمسك ] بالقمر، ومن افتقد القمر فليستمسك [ فليتمسك ] بالزهرة، ومن افتقد الزهرة فليستمسك [ فليتمسك ] بالفرقدين. فقيل: يا رسول الله: ما الشمس؟ وما القمر؟ وما

___________________

(١) وهذا مختصر ترجمته: أحمد بن محمد بن ابراهيم النيسابوري الثعلبي المتوفى سنة ٤٢٧ قال الداودي ( طبقات المفسرين ١ / ٦٥ ): « كان أوحد زمانه في علم القرآن وله كتاب العرائس في قصص الأنبياءعليهم‌السلام » وقال ابن خلكان ( وفيات الاعيان ١ / ٧ ) « المفسر المشهور كان أوحد زمانه في علم التفسير » وقال الذهبي ( العبر ٣ / ١٩١ ) « كان حافظاً واعظاً رأساً في التفسير والعربية متين الديانة ».

٣١٣

الزهرة؟ وما الفرقدين [ الفرقدان ]؟ فقال: أنا الشمس وعلي القمر وفاطمة الزهرة والحسن والحسين الفرقدان في كتاب الله تعالى، لا يفترقان حتى يرد علي الحوض »(١) .

ورواه أبو الفتح النطنزي * المترجم له في ( الأنساب - النطنزي ) و ( ذيل تاريخ بغداد - مخطوط ) و ( الوافي بالوفيات للصفدي ) كما دريت في قسم ( حديث الغدير ) *.

بسنده عن أنس أيضاً، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أطلبوا الشمس، فإذا غابت فاطلبوا القمر، فإذا غاب القمر فاطلبوا الزهرة، فإذا غابت الزهرة فاطلبوا الفرقدين. قلنا: يا رسول الله ومن الشمس؟ قال: أنا فقلنا: ومن القمر؟ قال: علي. قلنا: فمن الزهرة؟ قال: فاطمة. قلنا: فمن الفرقدين [ الفرقدان ]؟ قال: الحسن والحسينعليهما‌السلام (٢) .

ورواه الهروي(٣) وخواند امير(٤) بترجمة الامام الحسينعليه‌السلام عن جابر ابن عبد الله الأنصاري، وهذا لفظ الأول: قال جابر بن عبد الله قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إهتدوا بالشمس فإذا غابت الشمس فاهتدوا بالقمر، فإذا غاب القمر فاهتدوا بالزهرة، فإذا غابت الزهرة فاهتدوا بالفرقدين. فقيل: يا رسول الله ما الشمس؟ وما القمر؟ وما الزهرة؟ وما الفرقدين [ الفرقدان ]؟ فقال: الشمس أنا والقمر علي، والزهرة فاطمة، والفرقدين [ الفرقدان ] الحسن والحسين ».

___________________

(١). العرائس لابي إسحاق الثعلبي: ١٤.

(٢). الخصائص العلوية - مخطوط.

(٣). روضة الصفا.

(٤). حبيب السير.

٣١٤

(٧)

قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا علي إن الحسن والحسين من

أولادك كالبدر بين النجوم

رواه شهاب الدين ملك العلماء الدولت آبادي عن كتاب الأربعين(١) .

(٨)

قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : الكواكب أولاد فاطمة

رواه شهاب الدين الدولت آبادي عن التشريح: « عن ابن عباس قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ألا إن الله عزّ وجلّ زيّن السماء بزينة الكواكب، وزيّن الدنيا بالكواكب. قيل: وما الكواكب يا رسول الله؟ قال: أولاد فاطمة »(٢) .

___________________

(١). هداية السعداء - مخطوط.

(٢). هداية السعداء - مخطوط.

٣١٥

(٩)

قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعلي: مثلك ومثل الأئمة من ولدك

بعدي مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف

عنها غرق، ومثلكم مثل النجوم كلّما غاب نجم

طلع نجم إلى يوم القيامة

رواه البلخي حيث قال: « الحمويني في فرائد السمطين بسنده عن سعيد ابن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا علي أنا مدينة العلم وأنت بابها، ولن تؤتى المدينة إلّا من قبل الباب، وكذب من زعم أنه يحبني ويبغضك، لأنك مني وأنا منك، لحمك لحمي ودمك من دمي وروحك من روحي، وسريرتك من سريرتي وعلانيتك من علانيتي، سعد من أطاعك وشقي من عصاك، وربح من تولاك وخسر من عاداك، وفاز من لزمك وهلك من فارقك.

مثلك ومثل الأئمة من ولدك بعدي مثل سفينة نوح، من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق، ومثلكم كمثل النجوم كلّما غاب نجم طلع نجم إلى يوم القيامة »(١) .

___________________

(١). ينابيع المودة / ٢٨.

٣١٦

مؤيّدات

هذه الأحاديث

٣١٧

٣١٨

وليعلم أن هذه الأحاديث لها مؤيدات كثيرة في كلمات أئمة أهل البيت عليهم ‌السلام ، وصحابة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وكبار العلماء

(١)

من كلمات أهل البيت

فأما كلمات أهل البيت عليهم الصلاة والسلام.

فمنها: قول أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام في خطبة له:

« ألا إن مثل آل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كمثل نجوم السماء، إذا خوى نجم طلع نجم »(١) .

ومنها: قولهعليه‌السلام في حق أهل البيتعليهم‌السلام : « وهم الدعاة وهم النجاة، وهم أركان الأرض، وهم النجوم بهم يستضاء » قالهعليه‌السلام في كلام له قبيل وفاته رواه الحافظ الخركوشي وهذا نصه: « وفيكم من يخلف من نبيكمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما إنْ تمسكتم به لن

___________________

(١). نهج البلاغة الخطبة ٩٨.

٣١٩

تضلوا، وهم الدعاة، وهم النجاة، وهم أركان الأرض، وهم النجوم بهم يستضاء، من شجرة طاب فرعها، وزيتونة طاب [ بورك ] أصلها، نبتت في الحرم، وسقيت من كرم، من خير مستقر إلى خير مستودع، من مبارك إلى مبارك صفت من الأقذار والأدناس، ومن قبيح مأنبة شرار الناس، لها فروع طوال لا تنال، حسرت عن صفاتها الألسن، وقصرت عن بلوغها الأعناق، فهم الدعاة، وبهم النجاة، وبالناس إليهم حاجة، فاخلفوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأحسن. الخلافة، فقد أخبركم أنهم والقرآن ثقلان، وإنهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض، فالزموهم ترشدوا ولا تتفرقوا عنهم ولا تتركوهم فتفرقوا وتمزقوا »(١) .

ومنها: قول الامام زين العابدين علي بن الحسينعليهم‌السلام : « نحن أمان لأهل الأرض كما أن النجوم أمان لأهل السماء ». قالهعليه‌السلام في كلام له رواه القندوزي حيث قال:

« وأخرج الحمويني بسنده عن الأعمش عن جعفر الصادق عن أبيه عن جده علي بن الحسين رضي الله عنهم قال: نحن أئمة المسلمين، وحجج الله على العالمين، وسادة المؤمنين، وقادة الغر المحجلين، وموالي المسلمين، ونحن أمان لأهل الأرض كما أن النجوم أمان لأهل السماء، ونحن الذين بنا تمسك السماء أن تقع على الأرض إلّا باذن الله، وبنا ينزل الغيث وينشر الرحمة، وتخرج بركات الأرض ولولا ما على الأرض منا لساخت بأهلها.

ثم قال، ولم تخل الأرض منذ خلق الله آدمعليه‌السلام من حجة لله ظاهر مشهور أو غائب مستور، ولا تخلوا إلى أن تقوم الساعة من حجة فيها، ولولا ذلك لم يعبد الله.

قال الأعمش: قلت لجعفر الصادقرضي‌الله‌عنه : كيف ينتفع الناس بالحجة الغائب المستور؟

___________________

(١). شرف المصطفى - مخطوط.

٣٢٠

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347