نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ٤

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار16%

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 347

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 347 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 286565 / تحميل: 6654
الحجم الحجم الحجم
نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ٤

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

سمعت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: إن مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها هلك »(١) .

و في ( إحياء الميت بفضل أهل البيت )(٢) : « الحديث الرابع والعشرون: أخرج البزار عن عبد الله بن الزبير أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تركها غرق. الحديث الخامس والعشرون: البزار عن ابن عباس، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق. الحديث السادس والعشرون: أخرج الطبراني عن أبي ذر: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها هلك ومثل باب حطّة في بني إسرائيل. الحديث السابع والعشرون: أخرج الطبراني في الأوسط عن أبي سعيد الخدري: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: إنما مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق وإنما مثل أهل بيتي فيكم كمثل حطة في بني إسرائيل من دخله غفر له ».

و في ( نهاية الإِفضال في تشريف الآل ): « عن أبي ذر -رضي‌الله‌عنه أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: إن مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها هلك. أخرجه الحاكم وهو صحيح »(٣) .

و في ( الأساس ): « عن عبد الله بن الزبير: أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تركها غرق. رواه البزار في مسنده. وأخرج ابن مردويه مثله من حديث علي وابن عباس. و عن أبي ذر: سمعت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: ألا إنّ مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة

___________________

(١). الخصائص الكبرى ٢ / ٢٦٦.

(٢). هذا عن النسخة الكبرى من ( إحياء الميت ) المشتملة على ستين حديثاً. وأما النسخة الصغرى منه المشتملة على أربعين - فحديث السفينة هو الحديث العشرون والحادي والعشرون والثاني والعشرون.

(٣). نهاية الإفضال في تشريف الآل - مخطوط.

٨١

نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق ومن قاتلنا في آخر الزمان كان كمن قاتل مع الدجال. رواه البزار وأبو يعلى في مسنديهما والطبراني في الأوسط والحاكم وصحّحه »(١) .

و في ( تاريخ الخلفاء ): « وعن أبي ذر قال: - وهو آخذ بباب الكعبة - سمعت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: ألا إنّ مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها هلك. رواه أحمد»(٢) .

ترجمته:

وهو: الحافظ جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي المتوفى سنة ٩١١، صاحب المؤلّفات الكثيرة في مختلف العلوم الاسلامية، أثنى عليه كلّ المترجمين له ومدحوه أنظر:

١ - البدر الطالع ١ / ٣٢٨.

٢ - التاج المكلل ٣٤٩.

٣ - الكواكب السائرة ١ / ٢٢٦.

٤ - شذرات الذهب ٨ / ٥١.

٥ - الضوء اللامع ٤ / ٦٥.

وقد ترجم لنفسه في كتابه ( حسن المحاضرة ١ / ١٨٨ ) ترجمةً مطوّلة، أوردنا خلاصتها في قسم ( حديث الثقلين ).

___________________

(١). الأساس في مناقب بني العباس - مخطوط.

(٢). تاريخ الخلفاء ٥٧٣.

٨٢

(٥٦)

رواية السمهودي

رواه تحت عنوان ( الذكر الخامس - ذكر أنهم أمان الأُمة، وأنهم كسفينة نوحعليه‌السلام من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق ) عن جماعة من الحفّاظ بأسانيدهم المختلفة عن أصحاب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وقال السمهودي أيضاً:

« وعن أبي إسحاق السبيعي، عن حنش بن المعتمر الصنعاني، عن أبي ذر -رضي‌الله‌عنه - سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجى ومن تخلّف عنها غرق ومثل حطة لبني إسرائيل. أخرجه الحاكم من وجهين عن أبي إسحاق. هذا لفظ أحدهما و لفظ الآخر: إن مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح. وذكره دون قوله « ومثل حطة » إلى آخره. وكذا هو عند أبي يعلى في مسنده.

وأخرجه الطبراني في الصغير والأوسط من طريق الأعمش عن أبي إسحاق وقال: إن عبد الله بن عبد القدوس تفرّد به عن الأعمش. ورواه في الأوسط أيضاً من طريق الحسن بن عمرو الفقيمي، وأبو نعيم عن أبي إسحاق ومن طريق سمّاك ابن حرب عن حنش.

و أخرجه أبو يعلى أيضاً من حديث أبي الطفيل عن أبي ذر -رضي‌الله‌عنه - بلفظ: إن أهل بيتي فيكم مثل باب حطة.

و أخرجه البزار من طريق سعيد بن المسيب عن أبي ذر نحوه. وكذا أخرجه الفقيه أبو الحسن ابن المغازلي وزادوا: من قاتلنا آخر الزمان فكأنما قاتل مع الدجال.

٨٣

و عن أبي الصهباء عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما: قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق. أخرجه الطبراني وأبو نعيم في الحلية والبزار وغيرهم.

و أخرجه الفقيه أبو الحسن ابن المغازلي في المناقب من طريق بشر بن المفضل قال: سمعت الرشيد يقول سمعت المهدي يقول: سمعت المنصور يقول: حدثني أبي عن أبيه -رضي‌الله‌عنه - قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا و عن عبد الله بن الزبير - رضي الله عنهما - أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجى ومن تركها غرق. رواه البزار و عن أبي سعيد الخدري -رضي‌الله‌عنه - سمعت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: إنما مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجى ومن تخلّف عنها غرق، إنما مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطة في بني إسرائيل من دخله غفر له. رواه الطبراني في الصغير والأوسط »(١) .

ترجمته:

وهو: نور الدين علي بن عبد الله بن أحمد الحسيني السمهودي المتوفى سنة ٩١١، مفتي المدينة المنورة وصاحب المؤلّفات المشتهرة، ومنها: ( جواهر العقدين ) الذي نقل عنه واعتمد عليه جلّ المتأخرين عنه المؤلّفين في باب الفضائل والمناقب.

وقد ترجمنا له في بعض مجلدات كتابنا عن عدةٍ من المصادر منها:

١ - الضوء اللامع ٥ / ٢٤٥.

٢ - البدر الطالع ١ / ٤٧٠.

٣ - النور السافر ٥٨.

___________________

(١). جواهر العقدين - مخطوط.

٨٤

(٥٧)

رواية ابن حجر المكي

رواه في كتابه ( الصواعق المحرقة ) غير مرة، ففي موضع قال:

« وجاء من طرقٍ عديدة يقوّي بعضها بعضاً: إنما مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجا. وفي رواية مسلم: ومن تخلّف عنها غرق. ومن رواية: هلك، وإنما مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطة في بني إسرائيل من دخله غفر له وفي رواية: غفر له الذنوب »(١) .

و قال في الفصل الثاني من الباب الحادي عشر: « الحديث الثاني. أخرج الحاكم عن أبي ذر أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: إن مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها هلك.

و في رواية للبزار: عن ابن عباس وعن ابن الزبير وللحاكم عن أبي ذر أيضاً: مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق ».

و قال في كتابه ( المنح المكية بشرح القصيدة الهمزية ) بشرح:

« آل بيت النبي طبتم وطاب الـ

ـمدح لي فيكم وطاب الرثاء »:

« وصحّ حديث: إن مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف هلك ».

ترجمته:

وهو: أحمد بن محمد بن علي بن حجر الهيتمي المكي المتوفى سنة ٩٧٣، المعروف بصاحب الصواعق، وله غيره مؤلّفات كثيرة في الفقه والحديث، من

___________________

(١). الصواعق المحرقة ٢٣٤.

٨٥

أشهرها: كتاب الفتاوى أربع مجلدات ترجم له في كثير من المصادر مثل:

١ - النور السافر ٢٨٧.

٢ - خلاصة الأثر ٢ / ١٦٦.

٣ - ريحانة الألباء ١ / ٤٣٥.

(٥٨)

رواية المتقي الهندي

رواه عن عدة من الأئمة الحفاظ، وهذه ألفاظه:

« إن مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها هلك. ( ك‍ ) عن أبي ذر ».

« مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق. البزار عن ابن عباس وعن ابن الزبير. ( ك‍ ) عن أبي ذر ».

« إنما مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها هلك. ابن جرير عن أبي ذر.

مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركب فيها نجا ومن تخلّف عنها هلك. ومثل باب حطة في بني إسرائيل. ( طب ) عن أبي ذر »(١) .

ترجمته:

وهو: نور الدين علي بن حسام الدين المتقي الهندي المتوفى سنة ٩٧٥، وكان فقيهاً محدّثاً صاحب مؤلّفات: وأشهرها ( كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال ) وهو كتاب كبير رتّب فيه ( جمع الجوامع للحافظ السيوطي ).

___________________

(١). كنز العمال ١٣ / ٨٢، ٨٥.

٨٦

وقد ترجمنا له في بعض المجلّدات عن عدةٍ من المصادر أمثال:

١ - النور السافر: ٣١٥ - ٣١٩.

٢ - أبجد العلوم: ٨٩٥.

٣ - شذرات الذهب ٨ / ٣٧٩.

٤ - سبحة المرجان: ٤٣.

هذا، ولبعض علمائهم كتب مفردة في ترجمة ومناقب علي المتقي.

(٥٩)

رواية الفتني الكجراتي

ذكره في كتابه ( مجمع البحار ) بقوله: « ( يه ): مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من تخلّف عنها زخ به في النار.

أي: وقع ورمي. من زخه يزخه »(١) .

ترجمته:

وهو: محمد بن طاهر الصديقي الفتني الكجراتي الهندي المتوفى سنة ٩٨٦، من علماء أهل السنة في الحديث ورجاله، له فيهما مؤلفات معتبرة، من أشهرها: ( مجمع بحار الأنوار في غرائب التنزيل ولطائف الأخبار ). وقد ترجمنا له في قسم ( حديث الثقلين ) عن:

١ - النور السافر ٣٦١.

٢ - سبحة المرجان ٤٣.

٣ - أبجد العلوم ٨٩٥.

___________________

(١). مجمع البحار: زخ.

٨٧

٤ - نزهة الخواطر ٤ / ٢٩٨ وقد وصفه بـ « الشيخ العالم الكبير المحدّث اللّغوي العلّامة ...».

(٦٠)

رواية العيدروس اليمني

رواه مصرحاً بصحته حيث قال: « وصحّ حديث: إن مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها هلك ».

قال: « ووجه تشبيههم بالسفينة أن من أحبّهم وعظّمهم شكراً لنعمة مشرفهم -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - وأخذاً بهدى علمائهم، نجا من ظلمات المخالفات، ومن تخلّف عن ذلك غرق في بحر ظلمات كفر النعم، وهلك في مفاوز الطغيان »(١) .

ترجمته:

وهو: شيخ بن عبد الله العيدروس، من فقهاء اليمن المشهورين، له مؤلفات أشهرها: ( العقد النبوي والسر المصطفوي ). دخل الهند سنة ٩٥٨ وتوفي بها سنة ٩٩٠ ترجمنا له في بعض المجلّدات. وهي موجودة في:

١ - النور السافر لابنه.

٢ - المشرع الروي ٢ / ١١٩.

___________________

(١). العقد النبوي والسر المصطفوي - مخطوط.

٨٨

(٦١)

رواية الجهرمي

ورواه كمال الدين الجهرمي في كتابه ( البراهين القاطعة - ترجمة الصواعق المحرقة ) حيث ترجم إلى الفارسية كلّ ما ذكره ابن حجر الهيتمي، وقد تقدمت عبارات ابن حجر(١) .

ترجمته:

وهو: كمال الدين بن فخر الدين الجهرمي. قال صاحب نزهة الخواطر: « الشيخ الفاضل الكبير كمال الدين بن فخر الدين الجهرمي البيجابوري. أحد العلماء المشهورين. له: البراهيم القاطعة ترجمة الصواعق المحرقة بالفارسية، ترجمها سنة ٩٩٤ بأمر دلاورخان البيجابوري الوزير»(٢) .

(٦٢)

رواية جمال الدين المحدّث

أثبت حديث السفينة في صدر كتابه ( الأربعين ) ضمن الأوصاف التي ذكرها لسيدنا أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام وهذا نص عبارته:

___________________

(١). البراهين القاطعة ٢٥٧.

(٢). نزهة الخواطر ٤ / ٢٧٤.

٨٩

« هذه أربعون حديثاً في مناقب أمير المؤمنين، وإمام المتقين، ويعسوب المسلمين، ورأس الأولياء والصدّيقين، مبيّن مناهج الحق واليقين، كاسر الأنصاب وهازم الأحزاب، المتصدّق في المحراب، فارس ميدان الطعان والضراب، المخصوص بكرامة الأخوة والانتجاب، المنصوص عليه بأنه لدار الحكمة ومدينة العلم باب، وبفضله واصطفائه نزل الوحي ونطق الكتاب، المكنى بأبي الريحانتين وأبي تراب.

هو النبأ العظيم وفلك نوح

وباب الله وانقطع الخطاب »(١)

ترجمته:

وهو: جمال الدين عطاء الله بن فضل الله الشيرازي، المعروف بالمحدّث المتوفى سنة ٩٢٦(٢) صاحب كتاب ( روضة الأحباب في سير النبي والآل والأصحاب ) وكتاب ( الأربعين في فضائل أمير المؤمنين ). وكان محدّثاً مدققاً مقبولاً لدى المؤرخين والمحدثين وأصحاب السير، فقد نقل عنه واعتمد عليه العلماء كالملّا علي القاري في شرح أحاديث المشكاة، وعبد العزيز الدهلوي في رسالته في علم الحديث ترجمنا له في بعض المجلّدات.

(٦٣)

رواية القاري

رواه وشيّد أركانه بشرحه حيث قال:

« وعن أبي ذر » قال المؤلف: هو جندب بن جنادة الغفاري، وهو من أعلام

___________________

(١). الأربعين في فضائل أمير المؤمنين - مخطوط.

(٢). كذا ذكر بعض المحققين. وعليه ينبغي ذكره قبل هذا المكان.

٩٠

الصحابة وزهّادهم، أسلم قديماً بمكة، ويقال كان خامساً في الإِسلام، ثمّ انصرف إلى قومه فأقام عندهم إلى أنْ قدم المدينة على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعد الخندق، ثم سكن الربذة إلى أن مات بها سنة اثنين وثلاثين في خلافة عثمان، وكان يتعبد قبل مبعث النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، روى عنه خلق كثير من الصحابة والتابعين.

« أنه قال » أي أبوذر و « هو آخذ » أي متعلق « بباب الكعبة »، قال الطيبي:

أراد الراوي بها مزيد توكيد لإِثبات هذا الحديث، وكذا أبوذر اهتم بشأن روايته فأورده في هذا المقام على رؤوس الأنام ليتمسكوا به « سمعت النبي » و في نسخة صحيحة: رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم « يقول: ألا إنّ مثل أهل بيتي » بفتح الميم والمثلثة، أي شبههم « فيكم مثل سفينة نوح » أي في سببية الخلاص من الهلاك إلى النجاة « من ركبها نجا ومن تخلف عنها هلك » فكذا من التزم محبتهم ومتابعتهم نجا في الدارين، وإلّا فهلك فيهما ولو كان يفرق المال والجاه أو أحدهما. « رواه أحمد » وكذا الحاكم لكن بدون لفظ « إنّ ».

قال الطيبي: وفي رواية أخرى لأبي ذر يقول: من عرفني فأنا من قد عرفني ومن أنكرني فأنا أبوذر، سمعت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: ألا إن مثل أهل بيتي، الحديث. أراد بقوله: فأنا من قد عرفني، وبقوله: فأنا أبوذر، أنا المشهور بصدق اللهجة وثقة الرواية، وإن هذا الحديث صحيح لا مجال للرد فيه. وهذا تلميح إلى ما روينا عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: لا أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء أصدق من أبي ذر ، و في رواية لأبي ذر: من ذي لهجة أصدق ولا أوفى من أبي ذر شبه عيسى بن مريم، فقال عمر بن الخطاب - كالحاسد! - يا رسول الله! أفتعرف ذلك له؟ قال: أعرف ذلك فاعرفوه! أخرجه الترمذي وحسّنه الصغاني في كشف الحجاب »(١) .

___________________

(١). المرقاة في شرح المشكاة ٥ / ٦١٠.

٩١

ترجمته:

وهو: علي بن سلطان الهروي المعروف بالقاري المتوفى سنة ١٠١٣، من كبار الفقهاء الحنفية، ومن مشاهير محدّثي أهل السنة، له مؤلّفات علمية كثيرة وشروح على كتب الحديث المشهورة، كشرحه على المشكاة واسمه المرقاة، وشرحه على الشفا للقاضي عياض، وشرحه على الأربعين للنووي، وشرحه على الحصن الحصين وغير ذلك ترجمنا له في بعض المجلَّدات عن عدة من المصادر مثل:

١ - خلاصة الأثر ٣ / ١٨٥.

٢ - البدر الطالع ١ / ٤٤٥.

٣ - إتحاف النبلاء المتقين بإحياء مآثر الفقهاء والمحدثين للقنوجي.

(٦٤)

رواية المناوي

رواه في حرف الميم من كتابه بلفظ: « مثل عترتي كسفينة نوح من ركب فيها نجا. للثعلبي »(١) .

ترجمته:

وهو: عبد الرؤف(٢) بن تاج العارفين المناوي المتوفى سنة ١٠٣١، من كبار العلماء بالحديث والرجال وغيرهما من الفنون، له مؤلفات أشهرها: فيض القدير

___________________

(١). كنوز الحقائق - هامش الجامع الصغير ٢ / ٨٩.

(٢). في بعض المصادر اسمه: محمد وعبد الرؤف لقب له.

٩٢

في شرح الجامع الصغير، وكنوز الحقائق، ترجم له في:

١ - خلاصة الأثر ٢ / ٤١٢.

٢ - الإمداد بمعرفة علو الاسناد ١٤.

٣ - رسالة الأسانيد للنخلي ٥٦.

٤ - الأعلام ٦ / ٢٠٤.

(٦٥)

رواية المجدّد السهرندي

رواه في خاتمة كتابه ( الرسالة الكلامية ) عن سيدنا أبي ذر الغفاريرضي‌الله‌عنه بقوله: « وعن أبي ذر أنه قال - وهو آخذ بباب الكعبة - سمعت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: ألا إنّ مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها هلك ».

ترجمته:

وهو: أحمد بن عبد الأحد بن زين العابدين الفاروقي السهرندي، الملقب عندهم في الهند بالمجدد، لدعوته إلى نبذ البدع!! له مؤلفات في الكلام والرد على الشيعة، توفي سنة ١٠٣٤. له ترجمة في:

١ - نزهة الخواطر ٥ / ٤١ - ٥٣.

٢ - أبجد العلوم ٨٩٨.

٣ - الأعلام ١ / ١٤٢.

٩٣

(٦٦)

رواية محمد صالح الترمذي

رواه عن أحمد والمشكاة وشرف النبوة وهداية السعداء « عن أبي ذر الغفاري قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ألا إن مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها هلك »(١) .

ترجمته:

هو: الشيخ الفاضل محمد صالح بن عبد الله الحسيني الترمذي المتوفى سنة ١٠٤٠، قال في نزهة الخواطر ٥ / ٣٧٩: كان من العلماء المبرزين، له: مناقب مرتضوي.

(٦٧)

رواية أحمد بن الفضل المكي

رواه بطرقٍ عديدة عن أمير المؤمنينعليه‌السلام وجماعة من الصحابة، وهذا نص كلامه: « وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق، وأخرجه الملّا في سيرته والطبراني وأبو نعيم والبزار وغيرهم. و أخرج أبو الحسن

___________________

(١). مناقب مرتضوى ص ١٠٠.

٩٤

المغازلي في المناقب عن طريق بشر بن الفضل قال: سمعت الرشيد يقول: سمعت المهدي يقول: سمعت المنصور يقول: حدثني أبي عن أبيه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تأخّر عنها هلك.

وعن ابن الزبير رضي الله عنهما قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها سلم ومن تركها غرق. أخرجه البزار.

وعن علي كرّم الله وجهه قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تعلق بها فاز ومن تأخّر عنها زج في النار. أخرجه ابن السري.

وعن أبي ذر الغفاريرضي‌الله‌عنه قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح في قومه من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق ومثل باب حطة بني إسرائيل. أخرجه الحاكم.

وأخرجه أبو يعلى عن أبي الطفيل عن أبي ذررضي‌الله‌عنه ولفظه: إن مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركب فيها نجا ومن تخلّف عنها غرق، وإن مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطة. وأخرج أبو الحسن المغازلي عنه وزاد فيه: ومن قاتلنا آخر الزمان فكأنّما قاتل مع الدجال.

وعن أبي سعيد الخدريرضي‌الله‌عنه قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنما مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركب فيها نجا ومن تخلّف عنها غرق. وإنما مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطة في بني إسرائيل من دخله غفر له. رواه الطبراني في الأوسط والصغير »(١) .

ترجمته:

وهو أحمد بن الفضل بن محمد باكثير المكي المتوفى سنة ١٠٤٧ من علماء

___________________

(١). وسيلة المآل في عدّ مناقب الآل - مخطوط.

٩٥

الشافعية، وأصله من حضرموت، سكن مكة، وصنف لأميرها ( وسيلة المآل في عدّ مناقب الآل ). له ترجمة في خلاصة الأثر ١ / ٢٧١.

(٦٨)

رواية عبد الحق الدهلوي

رواه بلفظ: « إن مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها هلك، رواه الحاكم في المستدرك وابن جرير عن أبي ذر. و في رواية البزار عن ابن عباس وابن الزبيررضي‌الله‌عنه : غرق بدل هلك »(١) .

كما رواه في شرحه على المشكاة حيث رواه الخطيب التبريزي(٢) .

وقال: « وفضائل فاطمة كثيرة لا تعدّ ولا تحصى، منها ما جاء مجملاً في عنوان أهل البيت، مثل قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إن مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها هلك، وزاد في رواية: ومثل باب حطة »(٣) .

ترجمته:

وهو: عبد الحق بن سيف الدين الدهلوي المتوفى سنة ١٠٥٢، من أكابر علماء أهل السنة في ديار الهند، قال في نزهة الخواطر: « الشيخ الامام العالم العلامة المحدّث الفقيه، شيخ الاسلام وأعلم العلماء الأعلام، وحامل راية العلم والعمل في المشايخ الكرام، أوّل من نشر علم الحديث بأرض الهند تصنيفاً

___________________

(١). تحقيق الاشارة إلى تعميم البشارة.

(٢). اللمعات في شرح المشكاة. أشعة اللمعات المجلد ٢ / ٧٠٠.

(٣) رجال المشكاة: ترجمة الصدّيقة الزهراءعليها‌السلام .

٩٦

وتدريساً »(١) .

وله ترجمة في: سبحة المرجان ٥٢، أبجد العلوم ٩٠٠.

(٦٩)

رواية العزيزي

رواه في شرحه على الجامع الصغير حيث قال بشرحه: « مثل أهل بيتي. زاد في رواية: فيكم. مثل سفينة نوح. في رواية: في قومه. من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق.

قال المنّاوي: ولهذا ذهب جمع إلى أن قطب الأولياء في كلّ زمن لا يكون إلّا منهم. البزار عن ابن عباس، دعن ابن الزبير، ك‍ عن أبي ذر وقال: صحيح ».

وقال أيضاً: « إن مثل أهل بيتي، هم علي وفاطمة وأبناهما وبنوهما، فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها هلك.

قال المناوي: وجه الشبه بينهما أن النجاة تثبت لأهل سفينة نوح، فأثبت لأُمّته بالتمسك بأهل بيته النجاة. انتهى. ولعلّ المقصود من الحديث [ مقصود الحديث ] الحث على إكرامهم وإحترامهم واتباعهم في الرأي. ك عن أبي ذر »(٢) .

ترجمته:

وهو: علي بن محمد بن إبراهيم العزيزي البولاقي المتوفى سنة ١٠٧٠، ترجم له المحبي في خلاصة الأثر ٣ / ٢٠١ وأثنى عليه.

___________________

(١). نزهة الخواطر ٥ / ٢٠١.

(٢). السراج المنير في شرح الجامع الصغير ٢ / ١٨ - ١٩، ٣ / ٢٩٩.

٩٧

(٧٠)

رواية الشلي

رواه بألفاظ عديدة تحت عنوان « فضل أهل البيت » فقال: « وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : مثل أهل بيتي فيكم كسفينة نوح في قومه، من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق، ومثل حطة لبني إسرائيل. وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ألا أنّ مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركب فيها نجا ومن تخلّف عنها غرق. وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنّ مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق، وإنّ مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطة. وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق، وفي رواية: ومن تأخّر عنها هلك.

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا. وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها سلم ومن تركها غرق. وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنما مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق وانما مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطة في بني إسرائيل من دخله غفر له »(١) .

ترجمته:

وهو: محمد بن أبي بكر الحسيني الشلي الحضرمي المتوفى سنة ١٠٩٣، كان عالماً فاضلاً، له مؤلّفات في التاريخ والرجال وبعض العلوم الأُخرى، منها: عقد

___________________

(١). المشرع الروي: ١٢.

٩٨

الجواهر والدرر في أخبار القرن الحادي عشر، المشرع الروي في مناقب آل أبي علوي. ترجم له المحبي في خلاصة الأثر ٣ / ٣٣٦.

(٧١)

روايه المغربي

رواه في باب مناقب أهل البيتعليهم‌السلام عن ابن الزبير قائلاً: « ابن الزبير - رفعه - مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تركها غرق. البزار.

زاد في الأوسط: نجى. وإنما مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطة في بني إسرائيل من دخله غفر له »(١) .

ترجمته:

وهو: محمد بن محمد بن سليمان المغربي المتوفى سنة ١٠٩٤، من محدّثي أهل السنة الفضلاء. وقد ترجمنا له في بعض المجلدات. وانظر: خلاصة الأثر ٤ / ٢٠٤.

(٧٢)

رواية الشيخاني القادري

رواه في كتابه ( الصراط السّوي في مناقب آل النبي ) حيث قال:

___________________

(١). جمع الفوائد ٢ / ٢٣٦.

٩٩

« واعلم أن أهل البيت أمان للأُمة وأنهم كسفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق ».

وقال: « وعن أبي ذر -رضي‌الله‌عنه - سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح في قومه من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق ومثل حطة لبني إسرائيل، أخرجه الحاكم. هذا في لفظ، و في لفظ آخر: ألا! إن مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح. و زاد في رواية أبي الحسن المغازلي: ومن قاتلنا آخر الزمان فكأنما قاتل مع الدجال. و عن أبي سعيد الخدريرضي‌الله‌عنه : سمعت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: إنما مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف غرق، وإنما مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطة في بني إسرائيل، من دخله غفر له الذنوب كما في رواية ».

وقال في ذكر المنصور الدوانقي: « ومن رواية المنصور وعدم العمل بها أنه كان يقول في أكثر مجالسه: حدّثني أبي عن أبيه عن ابن عباس، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركب فيها نجا ومن تأخر عنها هلك ».

(٧٣)

رواية حسام الدين السهارنبوري

رواه عن أحمد عن أبي ذررضي‌الله‌عنه بقوله: « وعن أبي ذر أنه قال - وهو آخذ بباب الكعبة - سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: ألا إنّ مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها هلك. رواه أحمد » ثم ترجمه إلى الفارسية(١) .

___________________

(١). مرافض الروافض - مخطوط.

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

في يد الـمُستعير هل يكون الولد مضموناً في يده؟ إن قلنا : إنّ العارية مضمونة ضمانَ الغاصب(١) ، كان مضموناً عليه ، وإلّا فلا. وليس له استعماله إجماعاً.

وهذا الخلاف الجاري في العارية أنّها كيف تُضمن آتٍ في المأخوذ على وجه السوم.

لكنّ الأصحّ عند بعض الشافعيّة : إنّ الاعتبار في المستام بقيمته يوم القبض ؛ لأنّ تضمين أجزائه غير ممتنعٍ(٢) .

وقال غيره : الأصحّ كهو في العارية(٣) .

وهذا كلّه فيما إذا تلفت العين بغير الاستعمال.

مسألة ١١٨ : لو تلفت العين المستعارة المضمونة بالاستعمال‌ ، مثل أن ينمحق الثوب باللُّبْس ، فالوجه : ضمان العين وقت التلف ؛ لأنّ حقّ العارية أن تُردّ ، والإذن في الانتفاع إنّما ينصرف غالباً إلى استعمالٍ غير مُتلفٍ ، فإذا تعذّر الردّ لزم الضمان ، وهو أحد قولَي الشافعيّة.

والأصحّ عندهم : إنّ العين لا تُضمن كالأجزاء ؛ لأنّه إتلاف استند إلى فعلٍ مأذونٍ فيه(٤) .

وعلى الأوّل لهم وجهان :

أحدهما : كما قلناه من أنّه تُضمن العين وقت التلف ، وهو آخر حالات التقويم.

____________________

(١) الظاهر : « ضمانَ الغصب ».

(٢ و ٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٧٧ ، روضة الطالبين ٤ : ٧٧.

(٤) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٢٨٠ ، البيان ٦ : ٤٥٦ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٧٧ ، روضة الطالبين ٤ : ٧٧.

٢٨١

والثاني : إنّه تُضمن العين بجميع أجزائها(١) .

مسألة ١١٩ : قد مضى البحث في ضمان العين‌ ، وأمّا ضمان الأجزاء فإن تلف منها شي‌ء بسبب الاستعمال المأذون فيه كانمحاق الثوب باللُّبْس المأذون فيه ، لم يلزم الـمُستعير ضمانه ؛ لحدوثه عن سببٍ مأذونٍ فيه ، وهو قول الشافعيّة(٢) .

ولهم وجهٌ آخَر ضعيف : إنّه يلزمه الضمان ؛ لأنّ العارية مؤدّاة ، فإذا تلف بعضها فقد فات ردّه ، فيضمن بدله(٣) .

والمعتمد : الأوّل.

وأمّا إن تلف من الأجزاء شي‌ء بغير الاستعمال ، فإن كانت العين مضمونةً كان الـمُستعير ضامناً للأجزاء ، وإلّا كانت أمانةً كالعين ، كما لو تلفت العين بأسرها ، وهو أصحّ قولَي الشافعي.

والثاني : إنّه لا يجب ضمانها على الـمُستعير ، كما لو تلفت بالاستعمال ، ويكتفى بردّ الباقي(٤) .

واعلم أنّ تلف الدابّة بسبب الركوب والحمل المعتاد كانمحاق الثوب ، وتعيّبها بالركوب أو الحمل وشبهه كالانسحاق.

ولو قرّح ظهرها بالحمل وتلفت منه ، قال بعض الشافعيّة : يضمن ، سواء كان متعدّياً بما حمل أو لا ؛ لأنّه إنّما أذن له في الحمل ، لا في الجراحة ، وردُّها إلى المالك لا يُخرجه عن الضمان ؛ لأنّ السراية تولّدت من مضمونٍ ، فصار كما لو قرّح دابّة الغير في يده(٥) .

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٧٧ ، روضة الطالبين ٤ : ٧٨.

(٢ و ٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٧٨ ، روضة الطالبين ٤ : ٧٨.

(٤) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٢٨٠ - ٢٨١ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٧٨ ، روضة الطالبين ٤ : ٧٨.

(٥) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٧٨ ، روضة الطالبين ٤ : ٧٨.

٢٨٢

وفيه نظر.

مسألة ١٢٠ : المستأجر يملك المنفعة ملكاً تامّاً‌ ، ولهذا جاز له أن يؤجر العين مدّة إجارته ، والمنفعة قابلة للنقل ، فجاز أن يعيرها ، فإذا استعار من المستأجر أو الموصى له بالمنفعة ، كان حكمها حكم العارية من المالك في الضمان وعدمه.

والشافعي القائل بالضمان في مطلق العارية له هنا قولان :

أحدهما : إنّه يضمن الـمُستعير هنا ، كما لو استعار من المالك.

والثاني - وهو الأصح عنده - : إنّه لا يضمن ؛ لأنّ المستأجر لا يضمن ، وهو نائب المستأجر ، ألا ترى أنّه إذا انقضت مدّة الإجارة ارتفعت العارية واستقرّت الإجارة على المستأجر بانتفاع الـمُستعير.

ومئونة الردّ في هذه الاستعارة على الـمُستعير إن ردّ على المستأجر ، وعلى المالك إن ردّ عليه ، كما لو ردّ عليه المستأجر(١) .

مسألة ١٢١ : إذا استعار من الغاصب العينَ المغصوبة وكان عالماً أو جاهلاً ثمّ قامت البيّنة بالغصب ، لم يجز له ردّها على الـمُعير‌ ؛ لأنّه ظالم ، ووجب عليه ردّها إلى مالكها ، فإن كان قد استعملها الـمُستعير مدّةً لمثلها أُجرة كان للمغصوب منه الرجوعُ بأُجرة مثلها على أيّهما شاء.

وكذا إن نقص شي‌ء من أجزائها ، فله الرجوع بقيمة ذلك ؛ لأنّ الغاصب ضمنها باليد المتعدّية ، والـمُستعير أتلف منافع الغير بغير إذنه ، وأتلف أجزاء عينه.

فإن رجع على الـمُستعير ، فالأقرب : إنّه لا يرجع على الـمُعير ؛ لأنّ‌

____________________

(١) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٢٨١ - ٢٨٢ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٧٨ ، روضة الطالبين ٤ : ٧٨.

٢٨٣

التلف وقع في يده ، ولأنّه ضمن ما أتلفه ، ولا يرجع به على غيره ، وهو القول الجديد للشافعي.

وقال في القديم : يرجع عليه - وبه قال أحمد - لأنّه غرّه بأنّه دخل في العارية على أنّه لا يضمن المنفعة والأجزاء(١) .

وإن رجع على الـمُعير ، فهل يرجع الـمُعير على الـمُستعير؟ يبنى على القولين ، إن قلنا : لو رجع على الـمُستعير رجع به على الـمُعير ، فإنّ الـمُعير لا يرجع به ، وإن قلنا : لو رجع على الـمُستعير لم يرجع به ، فإنّ الـمُعير يرجع به.

فأمّا إن تلفت العين في يد الـمُستعير ، فإنّ لصاحبها أن يرجع على مَنْ شاء منهما بقيمتها ، و [ قرار ](٢) الضمان على الـمُستعير ؛ لأنّ المال حصل في يده بجهةٍ مضمونة.

ثمّ إن تساوت القيمة في يده ويد الغاصب فلا بحث ، وإن تفاوتت فإن كانت قيمتها في يد الـمُستعير يوم التلف أكثر ، فإن رجع المالك بها على الـمُستعير لم يرجع الـمُستعير بها على الـمُعير قولاً واحداً ؛ لأنّ العارية مضمونة على الـمُستعير.

وإن كانت قيمتها في يد الـمُعير أكثر ، لم يطالب المالكُ الـمُستعير بالزيادة ؛ لأنّها تلفت في يد الـمُعير ولم يحصل في يده ، وإنّما يطالب بالزيادة الـمُعير ؛ لأنّها تلفت في يده.

____________________

(١) حلية العلماء ٥ : ١٩٤ ، البيان ٦ : ٤٥٧ - ٤٥٨ ، وانظر : المغني ٥ : ٤١٤ - ٤١٥ ، والشرح الكبير ٥ : ٤٢٣.

(٢) بدل ما بين المعقوفين في « ث » : « من ». وفي « ج » والطبعة الحجريّة : « من أنّ ». وكلاهما ساقط في « خ ، ر ». والمثبت من العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٧٨ ، وروضة الطالبين ٤ : ٧٨.

٢٨٤

وإذا طالَب المالك بغرامة المنافع ، فإن طالَب الـمُستعير غُرْمها ، فالمنفعة التي تلفت تحت يده قرار ضمانها على الـمُعير ؛ لأنّ يد الـمُستعير الجاهل في المنافع ليست يدَ ضمانٍ ، والتي استوفاها بنفسه الأقوى : إنّ الضمان يستقرّ عليه ؛ لأنّه مباشر للإتلاف ، وهو أظهر قولَي الشافعي.

والثاني : إنّ الضمان على الـمُعير ؛ لأنّه غرّه(١) .

والـمُستعير من المستأجر من الغاصب حكمه حكم الـمُستعير من الغاصب إن قلنا بأنّ الـمُستعير من المستأجر ضامن ، وإلّا فيرجع بالقيمة التي غرمها على المستأجر ، ويرجع المستأجر على الغاصب.

مسألة ١٢٢ : لو أنفذ وكيله إلى موضعٍ وسلّم إليه دابّةً ليركبها إليه في شغله‌ فتلفت الدابّة في يد الوكيل من غير تعدٍّ ، لم يكن عليه ضمان ، وهو ظاهرٌ عندنا ؛ فإنّا لا نوجب الضمان على الـمُستعير.

وأمّا الشافعي القائل بالضمان فإنّه نفاه هنا أيضاً ؛ لأنّ الوكيل لم يأخذ الدابّة لغرض نفسه ، بل لنفع الموكّل ، فالـمُستعير في الحقيقة المالك(٢) .

وكذا لو سلّم الدابّة إلى الرائض ليروضها(٣) فتلفت ، لم يضمن ؛ لأنّه في مصلحة المالك.

وكذا لو كان له عليها متاع فأركب إنساناً غيره فوق ذلك المتاع ليحفظه ويحترز عليه ، فتلفت الدابّة ، لم يكن على الراكب ضمان ؛ لأنّه في شغل المالك.

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٧٩ ، روضة الطالبين ٤ : ٧٩.

(٢) الوسيط ٣ : ٣٧١ ، الوجيز ١ : ٢٠٤ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٢٨٧ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٧٩ ، روضة الطالبين ٤ : ٧٩.

(٣) راض الدابّة يروضها : وطّأها وذلّلها أو علّمها السير. لسان العرب ٧ : ١٦٤ « روض ».

٢٨٥

ولو وجد ماشياً في الطريق قد تعب من المشي فأركبه دابّته ، فعندنا لا ضمان إذا لم يتعدّ ؛ بناءً على أصلنا من عدم تضمين العارية.

وأمّا عند الشافعي فالمشهور أنّ الراكب يضمن ، سواء التمس الراكب الركوبَ للاستراحة ، أو ابتدأ المالك بإركابه ؛ لأنّها عارية محضة ، والعارية على أصله مضمونة(١) .

وقال الجويني من الشافعيّة : إنّه لا يضمن الراكب ؛ لأنّ القصد من هذه العارية التصدّق والقربة ، والصدقات في الأعيان تفارق الهبات ، ألا ترى أنّه يرجع في الهبة ولا يرجع في الصدقة ، فلذلك يجوز أن تفارق العارية التي هي صدقة سائر العواريّ في الضمان(٢) .

ولو أركبه مع نفسه ، فلا ضمان عندنا على الرديف. وعلى قول الشافعي إنّه يضمن النصف(٣) .

وقال الجويني : لا يلزمه شي‌ء ؛ تشبيهاً له بالضيف(٤) .

وعلى الأوّل لو وضع متاعه على دابّة غيره وأمره أن يسيّر بالدابّة ففعل ، كان صاحب المتاع مستعيراً من الدابّة بقسط متاعه ممّا عليها ، حتى لو كان عليها مثل متاعه وتلفت ضمن نصف الدابّة(٥) .

ولو لم يقل صاحب المتاع : سيِّرها ، ولكن سيَّرها المالك ، لم يكن صاحب المتاع مستعيراً ، وضمن صاحب الدابّة المتاعَ ؛ لأنّه كان من حقّه أن‌

____________________

(١) الوسيط ٣ : ٣٧١ ، الوجيز ١ : ٢٠٤ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٢٨٧ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٧٩ - ٣٨٠ ، روضة الطالبين ٤ : ٧٩.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٨٠ ، روضة الطالبين ٤ : ٧٩.

(٣) الوسيط ٣ : ٣٧٢ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٢٨٧ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٨٠ ، روضة الطالبين ٤ : ٧٩.

(٤ و ٥) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٨٠ ، روضة الطالبين ٤ : ٧٩.

٢٨٦

يطرح المتاع.

ولو كان لأحد الرفيقين في السفر متاع وللآخَر دابّة ، فقال صاحب المتاع للآخَر : احمل متاعي على دابّتك ، ففَعَل ، فصاحب المتاع مستعير لها.

ولو قال صاحب الدابّة : أعطني متاعك لأضعه على الدابّة ، فهو مستودع للمتاع.

ولا تدخل الدابّة في ضمان صاحب المتاع في الصورتين عندنا ، وفي الثانية عند الشافعي(١) .

مسألة ١٢٣ : تجوز استعارة الدابّة للركوب والحمل‌ ، سواء أطلق أو قيّد بالزمان أو المنفعة ، وأن يستعيرها ليركبها ؛ لأنّه تجوز إجارتها لذلك ، والإعارة أوسع ؛ لجوازها فيما لا تجوز إجارته ، فإن استعارها إلى موضعٍ فتجاوزه فقد تعدّى في العارية من وقت المجاوزة ، وكان ضامناً من حين العدوان ، ومطلقاً عند الشافعي(٢) ، فإذا استعارها من بغداد إلى الحلّة فتجاوزها إلى الكوفة ، فعليه أُجرة ما بين الحلّة والكوفة ذهاباً وعوداً.

وهل تلزمه الأُجرة من ذلك الموضع الذي وقع فيه العدوان - وهو الحلّة - إلى أن يرجع إلى البلد الذي استعار منه ، وهو بغداد؟ الأقرب : العدم ؛ لأنّه مأذون فيه من جهة المالك ، وهو أحد وجهي الشافعيّة ، والثاني : اللزوم ؛ لأنّ ذلك الإذن قد انقطع بالمجاوزة(٣) . وهو ممنوع.

____________________

(١) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٢٨٧ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٨٠ ، روضة الطالبين ٤ : ٨٠.

(٢) راجع الهامش (٤) من ص ٢٧٣.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٨٠ ، روضة الطالبين ٤ : ٨٠.

٢٨٧

إذا عرفت هذا ، فلو شرط الضمان في العارية أو أطلق وقلنا بضمان العواري ، فإنّ الدابّة تكون مضمونةً عليه إلى الحلّة ضمانَ العارية ، ولا أُجرة عليه ؛ لأنّه مأذون له في ركوبها ، فإذا جاوز ضمنها ضمانَ الغصب ، ووجب عليه أُجرة منافعها ، فإذا ردّها إلى الحلّة لم يزل عنه الضمان ، وبه قال الشافعي(١) .

وأبو حنيفة يقول : إنّها أمانة إلى الحلّة ، فإذا جاوزها كانت مغصوبةً ، فإذا ردّها إلى الحلّة لم يزل ضمان الغصب ، بخلاف قوله في الوديعة إذا أخرجها من حرزها ثمّ ردّها إليه(٢) .

إذا ثبت هذا ، فعلى قول الشافعي بانقطاع الإذن من حين التعدّي ليس له الركوب من الحلّة إلى بغداد ، بل يسلّم الدابّة إلى حاكم الحلّة الذي استعار إليه(٣) .

مسألة ١٢٤ : إذا دفع إليه ثوباً وقال : إن شئت أن تلبسه فالبسه‌ ، فهو قبل اللُّبْس وديعة ، وبعده عارية ، وهو المشهور عند الشافعيّة(٤) .

ولهم وجهٌ آخَر مخرَّج من السوم ؛ لأنّه مقبوض على توقّع الانتفاع ، فكما أنّ المأخوذ على سبيل السوم مقبوض على توقّع عقد ضمانٍ ، كذا هنا.

____________________

(١) الإشراف على مذاهب أهل العلم ١ : ٢٧٣ / ٤٤٤ ، البيان ٦ : ٤٦٠.

(٢) بدائع الصنائع ٦ : ٢١٦ ، فتاوى قاضيخان - بهامش الفتاوى الهنديّة - ٣ : ٣٨٤ ، المبسوط - للسرخسي - ١١ : ١٤٥ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٢٣٧ ، الإشراف على مذاهب أهل العلم ١ : ٢٧٣ / ٤٤٤ ، بحر المذهب ٩ : ١٤ ، وراجع أيضاً الهامش (٢) من ص ١٦٠.

(٣) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٢٨٨ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٨٠ ، روضة الطالبين ٤ : ٨٠.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٨٠ ، روضة الطالبين ٤ : ٨٠.

٢٨٨

قال هذا القائل : لو قيل : لا ضمان في السوم أيضاً تخريجاً ممّا نحن فيه ، لم يبعد(١) .

ولو استعار صندوقاً فوجد فيه شيئاً ، فهو أمانة عنده ، كما لو طيّر الريح الثوبَ في داره ، فلا ضمان فيه وإن كانت العارية مضمونةً ، إلّا مع التفريط أو التعدّي.

مسألة ١٢٥ : قد بيّنّا أنّه لا يجوز للمُحْرم أن يستعير الصيد‌ ، فإن استعاره من الـمُحلّ لم يجز ، فإن قبضه ضمنه لله تعالى بالجزاء ، ولصاحبه ضمان العارية.

فإن استعار مُحلٌّ من مُحْرمٍ صيداً كان يملكه قبل أن يُحرم ، كان ذلك مبنيّاً على القولين في زوال ملكه عنه بالإحرام.

فإن قلنا : لـمّا أحرم زال ملكه عنه بالإحرام ، فقد وجب عليه إرساله ، فإذا دفعه إلى الـمُحلّ لم يجز له ، إلّا أنّ الـمُحلّ لا يضمنه له ؛ لأنّه ليس يملكه ، ولا يضمنه لله تعالى ؛ لأنّه مأذون له في إتلاف الصيد ، إلّا أنّه إذا تلف ضمنه الـمُحْرم ؛ لأنّه تلف بسببٍ من جهته ، وهو تسليمه إلى الـمُحلّ.

وإن قلنا ببقاء ملك الـمُحْرم فيه ، جاز له إعارته ، ويكون مضموناً على الـمُحلّ ضمانَ العارية لصاحبه.

ولو كان الـمُحْرم في الحرم والصيد فيه ، لم يجز له إعارته ، ولا للمُحلّ استعارته.

مسألة ١٢٦ : إذا ردّ الـمُستعير العاريةَ إلى مالكها أو إلى وكيله ، برئ من ضمانها.

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٨٠ ، روضة الطالبين ٤ : ٨٠.

٢٨٩

وإن ردّها إلى ملك مالكها بأن حمل الدابّةَ إلى اصطبل المالك وأرسلها فيه ، أو ردّ آلةَ الدار إليها ، لم يزل عنه الضمان ، وبه قال الشافعي(١) ، بل عندنا إن لم تكن العارية مضمونةً فإنّها تصير بهذا الردّ مضمونةً ؛ لأنّه لم يدفعها إلى مالكها ، بل فرّط بوضعها في موضعٍ لم يأذن له المالك بالردّ إليه ، كما لو ترك الوديعة في دار صاحبها فتلفت قبل أن يتسلّمها المالك ؛ لأنّه لم يردّها إلى صاحبها ولا إلى مَنْ ينوب عنه ، فلم يحصل به الردّ ، كما لو ردّها إلى أجنبيٍّ.

وقال أبو حنيفة : إذا ردّها إلى ملك المالك ، صارت كأنّها مقبوضة ؛ لأنّ ردّ العواري في العادة يكون إلى أملاك أصحابها ، فيكون ذلك مأذوناً فيه من طريق العادة(٢) .

وهو غلط ؛ لأنّه يبطل بالسارق إذا ردّ المسروق إلى الحرز ، ولا نعرف العادة التي ذكرها ، فبطل ما قاله.

المبحث الثالث : في التنازع.

مسألة ١٢٧ : إذا اختلف المالك والـمُستعير ، فقال المالك : آجرتك هذه العين مدّة كذا بكذا‌ ، وقال الـمُستعير : بل أعرتنيها ، والعين باقية بعد انقضاء المدّة بأسرها أو بعضها ممّا له أُجرة في العادة ، قال الشيخرحمه‌الله في الخلاف :

____________________

(١) الإشراف على مذاهب أهل العلم ١ : ٢٧٢ - ٢٧٣ / ٤٤٣ ، الحاوي الكبير ٧ : ١٣١ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٧١ ، حلية العلماء ٥ : ١٩٣ ، البيان ٦ : ٤٦٠ ، روضة الطالبين ٤ : ٩١ ، روضة القُضاة ٢ : ٥٣٥ / ٣١٧٣.

(٢) الاختيار لتعليل المختار ٣ : ٨٣ ، روضة القُضاة ٢ : ٥٣٥ / ٣١٧٢ ، الفقه النافع ٣ : ٩٤٩ / ٦٧٥ ، المبسوط - للسرخسي - ١١ : ١٤٤ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٢٢٣ ، الحاوي الكبير ٧ : ١٣١ ، البيان ٦ : ٤٦٠.

٢٩٠

القول قول الـمُستعير - وبه قال أبو حنيفة(١) - لأنّهما اتّفقا على أنّ تلف المنافع كان على ملك الـمُستعير ؛ لأنّ المالك يزعم أنّه ملَّكها بالإجارة ، والـمُستعير يزعم أنّه مَلَكها بالاستيفاء ؛ لأنّ الـمُستعير يملك بذلك ، وقد ادّعي عليه عوض ما تلف على ملكه ، والأصل عدم وجوبه ، فكان القولُ قولَه ، ولأنّ الأصل براءة الذمّة ، والمالك يدّعي شغلها ، فيحتاج إلى البيّنة(٢) .

وقال مالك : القول قول المالك مع اليمين ؛ لأنّ المنافع جارية مجرى الأعيان ، وقد ثبت أنّه لو كان أتلف عليه عيناً كما لو أكل طعامه وقال : كنتَ أبحتَه لي ، وأنكر المالك ، فإنّ القول قول المالك ، أو كانت في يده وادّعى أنّه وهبها منه وأنكر صاحبها ذلك وادّعى أنّه باعها منه : إنّ القول قول صاحبها ، كذا هنا ، ولأنّ المنافع تابعة للأعيان في الملك ، فهي بالأصالة لمالك العين ، فادّعاء الـمُستعير التفرّدَ بالملكيّة لها على خلاف الأصل ، فيحتاج إلى البيّنة(٣) .

وأمّا الشافعي فقد قال في كتاب العارية : إنّه إذا اختلف مالك الدابّة وراكبها ، فقال صاحبها : آجرتكها بكذا ، وقال الراكب : أعرتنيها ولا أُجرة لك علَيَّ ، فالقول قول الراكب(٤) .

____________________

(١) روضة القُضاة ٢ : ٥٣٩ / ٣١٩٨ ، المبسوط - للسرخسي - ١١ : ١٤٩ ، فتاوى قاضيخان - بهامش الفتاوى الهنديّة - ٣ : ٣٨٥ ، بحر المذهب ٩ : ١٦ ، البيان ٦ : ٤٧٤ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٩١ ، المغني والشرح الكبير ٥ : ٣٧١ ، الإشراف على مذاهب أهل العلم ١ : ٢٧٦ / ٤٥٤.

(٢) الخلاف ٣ : ٣٨٨ ، المسألة ٣ من كتاب العارية.

(٣) النوادر والزيادات ١٠ : ٤٦٢ ، بحر المذهب ٩ : ١٥ ، حلية العلماء ٥ : ٢٠٤ ، البيان ٦ : ٤٧٣ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٩١ ، المغني والشرح الكبير ٥ : ٣٧١.

(٤) الأُم ٣ : ٢٤٥ ، مختصر المزني : ١١٦ و ١٣٠ ، الحاوي الكبير ٧ : ١٢١ و ٤٧٢ ، =

٢٩١

وقال في كتاب المزارعة : ولو اختلف الزارع وصاحب الأرض ، وادّعى صاحب الأرض أنّه آجره إيّاها ، وادّعى الزارع أنّه أعاره إيّاها : إنّ القولَ قولُ صاحب الأرض(١) .

واختلف أصحابه في ذلك :

فقال أبو إسحاق وجماعة : إنّه لا فرق بين المسألتين ، وإنّ فيها قولين ، ونقلوا جوابه من كلّ واحدةٍ منهما إلى أُخرى(٢) .

ومنهم مَنْ قال : إنّ المسألتين مختلفتان ، وفرّق بينهما بأنّ العادة جارية بأنّ الدوابّ تُعار ، فكان الظاهر مع الراكب ، ولم تَجْر العادة بإعارة الأرضين ، فكان الظاهر مع صاحبها(٣) .

قال الأوّلون : هذا ليس بصحيحٍ ؛ لأنّ مثل هذه العادة لا اعتبار بها في التداعي ، ولهذا لو اختلف العطّار والدبّاغ في آلة العطر لا يُرجّح قول العطّار‌

____________________

= الإشراف على مذاهب أهل العلم ١ : ٢٧٦ / ٤٥٤ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٧٣ ، بحر المذهب ٩ : ١٥ ، الوسيط ٣ : ٣٧٧ ، الوجيز ١ : ٢٠٥ ، حلية العلماء ٥ : ٢٠٤ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٢٨٨ ، البيان ٦ : ٤٧٣ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٩٠ ، روضة الطالبين ٤ : ٨٨ ، المغني والشرح الكبير ٥ : ٣٧١ ، روضة القُضاة ٢ : ٥٣٩ / ٣١٩٩.

(١) مختصر المزني : ١٣٠ ، الحاوي الكبير ٧ : ١٢١ و ٤٧٢ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٧٣ ، بحر المذهب ٩ : ١٥ ، الوجيز ١ : ٢٠٥ ، الوسيط ٣ : ٣٧٧ ، حلية العلماء ٥ : ٢٠٤ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٢٨٨ ، البيان ٦ : ٤٧٣ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٩٠ ، روضة الطالبين ٤ : ٨٨ ، روضة القُضاة ٢ : ٥٣٩ / ٣٢٠٠.

(٢) الحاوي الكبير ٧ : ١٢١ و ٤٧٢ - ٤٧٣ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٧٣ ، بحر المذهب ٩ : ١٥ ، حلية العلماء ٥ : ٢٠٤ ، البيان ٦ : ٤٧٣ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٩١.

(٣) الحاوي الكبير ٧ : ١٢٢ و ٤٧٣ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٧٣ ، بحر المذهب ٩ : ١٥ ، حلية العلماء ٥ : ٢٠٤ ، البيان ٦ : ٤٧٣ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٩٠.

٢٩٢

وإن كانت العادة جاريةً بأنّ آلة العطّار لا تكون للدبّاغ.

وفرّقوا بين هذه المسألة وبين ما إذا غسل ثوبه غسّال أو خاطه خيّاط ثمّ قال : فعلتُه بالأُجرة ، وقال المالك : بل فعلتَ ذلك مجّاناً ، فإنّ القول قول المالك مع يمينه قولاً واحداً ؛ لأنّ الغسّال فوّت منفعة نفسه ثمّ ادّعى لها عوضاً على الغير ، وهناك المتصرّف فوّت منفعة مال الغير وأراد إسقاط الضمان عن نفسه ، فلم يُقبل(١) .

إذا عرفت هذا ، فإن قلنا : القول قول الـمُستعير ، فحلف على نفي الإجارة ، كفاه ، وسقط عنه المطالبة ، وردّ العين ، وإن نكل حلف المالك ، واستحقّ بيمينه المسمّى ؛ لأنّ اليمين مع النكول إمّا أن تكون بمنزلة البيّنة أو الإقرار ، وأيّهما كان يثبت به المسمّى ، وهو قول أكثر الشافعيّة(٢) .

ولهم وجهٌ آخَر ضعيف : إنّه يستحقّ أُجرة المثل ؛ لأنّ الناكل ينفي أصل الإجارة ، فتقع يمين المدّعي على إثباته(٣) .

وليس هذا الوجه عندي بعيداً من الصواب.

وإن قلنا : القول قول المالك مع يمينه ، فإنّه يحلف على نفي الإعارة التي تدّعى عليه ، ولا يتعرّض لإثبات الإجارة ؛ لأنّه مدّعٍ فيها ، وهو قول بعض الشافعيّة(٤) .

فحينئذٍ إذا حلف على نفي الإعارة ، فالأقوى عندي : إنّ الـمُستعير يحلف على نفي الإجارة ، فإذا حلف ثبت للمالك أقلّ الأمرين من أُجرة‌

____________________

(١) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٢٨٩ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٩١.

(٢) الحاوي الكبير ٧ : ١٢٢ ، بحر المذهب ٩ : ١٦ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٢٨٩ ، البيان ٦ : ٤٧٥ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٩٢.

(٣) البيان ٦ : ٤٧٥ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٩٢ ، روضة الطالبين ٤ : ٨٨.

(٤) الوسيط ٣ : ٣٧٧ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٩١ ، روضة الطالبين ٤ : ٨٨.

٢٩٣

المثل والمسمّى ؛ لأنّه إن كانت أُجرة المثل أقلَّ فهو لم يُقم حجّةً على الزيادة ، وإن كان المسمّى أقلَّ فقد أقرّ بأنّه لا يستحقّ الزيادة.

وقال بعض الشافعيّة : إذا حلف المالك على نفي الإعارة ، استحقّ أقلَّ الأمرين من أُجرة المثل والمسمّى إن لم يحلف الـمُستعير.

قال : وإن قلنا : إنّ المالك يحلف على إثبات الإجارة ونفي الإعارة ويجمع بينهما في يمينه ، ففيما يستحقّه وجهان :

أحدهما : المسمّى إتماماً لتصديقه.

وأظهرهما - وهو مقتضى منصوص الشافعي في الأُم(١) - أُجرة المثل ؛ لأنّهما لو اتّفقا على الإجارة واختلفا في الأُجرة كان الواجب أُجرة المثل ، فإذا اختلفا في أصل الإجارة كان أولى(٢) .

والجويني حكى الوجه الثاني على غير ما ذكر ، بل حكى بدله : إنّه يستحقّ أقلَّ الأمرين ؛ لما(٣) تقدّم.

قال : والتعرّض للإجارة على هذا ليس لإثبات المال الذي يدّعيه ، لكن لينتظم كلامه من حيث إنّه اعترف بأصل الإذن ، فحصل فيما يستحقّه ثلاثة أوجُه(٤) .

ولو نكل المالك عن اليمين المعروضة عليه ، لم تُردّ اليمين على الراكب والزارع ؛ لأنّهما لا يدّعيان حقّاً على المالك حتى يُثبتاه باليمين ، وإنّما يدّعيان الإعارة ، وليست حقّاً لازماً على الـمُعير.

____________________

(١) الأُم ٣ : ٢٤٥.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٩١ ، روضة الطالبين ٤ : ٨٨.

(٣) الظاهر : « كما » بدل « لما ».

(٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٩١.

٢٩٤

وقال بعض الشافعيّة : إنّها تُردّ ؛ ليتخلّص من الغرم(١) .

مسألة ١٢٨ : لو وقع هذا الاختلاف عقيب العقد قبل انقضاء مدّةٍ لمثلها أجر‌ ، فالقول هنا قول الـمُستعير مع اليمين ، فإذا حلف على نفي الإجارة سقط عنه دعوى الأُجرة ، واستردّ المالك العين ، وإن نكل حلف المالك اليمينَ المردودة ، واستحقّ الأُجرة.

وهذا قول الشافعي أيضاً ، ولا قول له سواه ؛ لأنّ الراكب هنا لا يدّعي لنفسه حقّاً ولا أتلف المنافع على المالك ، والمدّعي في الحقيقة هنا هو المالك ، وإذا تمحّضت الدعوى له لم يتعدّد قوله كما يتعدّد في الصورة الأُولى ؛ لأنّ المنافع هناك تلفت تحت يد الراكب ، وكان القول بسقوطها مجّاناً بعيداً ، فلهذا كان له في الصورة الأُولى قولان(٢) .

مسألة ١٢٩ : لو حصل هذا الاختلاف بعد تلف العين‌ ، فإن تلفت عقيب الأخذ قبل أن يثبت لمثلها أُجرة وشرط في العارية الضمان أو قلنا به على مذهب القائلين بضمان العارية ، فلا معنى للاختلاف ؛ لأنّ صاحبها يدّعي الإجارة وقد انفسخت بتلفها ، والـمُستعير يُقرّ بالقيمة ويعترف باستحقاقها في ذمّته ، والمالك ينكرها ، فليس للمالك حينئذٍ المطالبة بها.

ولو لم نقل بالضمان في العارية ولا شرطه المالك ، فلا بحث هنا ؛ لأنّ كلّ واحدٍ منهما يعترف ببراءة ذمّة الـمُستعير.

وإن تلفت بعد مضيّ مدّةٍ لمثلها أُجرة مع شرط الضمان أو القول به ، فالـمُستعير يُقرّ بالقيمة ، والمالك ينكرها ويدّعي الأُجرة ، فيبنى على الخلاف بين العامّة في أنّ اختلاف الجهة هل يمنع الأخذ؟

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٩١ ، روضة الطالبين ٤ : ٨٨.

(٢) البيان ٦ : ٤٧٣ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٩٢ ، روضة الطالبين ٤ : ٨٨.

٢٩٥

إن قلنا : نعم ، سقطت القيمة بردّه ، والقول في الأُجرة قول المالك أو الـمُستعير على الخلاف الذي تقدّم في الحالة الأُولى.

وإن قلنا : إنّ اختلاف الجهة لا يمنع الأخذ ، فإن كانت الأُجرة مثلَ القيمة أو أقلَّ أخذها بغير يمينٍ ، وإن كانت أكثر أخذ قدر القيمة ، وفي المصدّق في الزيادة الخلافُ المتقدّم(١) .

مسألة ١٣٠ : لو انعكس هذا الاختلاف ، فادّعى المالكُ الإعارةَ ، والمتصرّفُ الإجارةَ‌ ، فإن كانت العين باقيةً وكان الاختلاف عقيب التسليم قبل مضيّ مدّةٍ لمثلها أُجرة ، كان القولُ قولَ المالك ؛ لأنّ المتصرّف يدّعي عليه عقداً واستحقاق منفعةٍ ، والمالك ينكره ، وإذا لم تكن بيّنة كان القولُ قولَ المنكر مع اليمين ، ثمّ تُستردّ العين.

وإن نكل حلف المتصرّف ، واستحقّ المنفعة المدّة والإمساك طولها.

وإن كان بعد مضيّ مدّة الإجارة ، فلا معنى للاختلاف ؛ لأنّهما اتّفقا على وجوب ردّها ، والمتصرّف يُقرّ للمالك بالأُجرة ، والمالك ينكرها.

وإن كان بعد مضيّ بعض المدّة ، فالقول قول المالك ؛ لأنّ الأصل عدم استحقاق الغير منفعة مال الغير ، فإذا حلف على نفي الإجارة أخذ العين ، وليس له مطالبته بالأُجرة عمّا مضى من المدّة ؛ لأنّه ينكرها والمتصرّف معترف له بها.

هذا إذا كان الاختلاف والعين باقية ، وأمّا إن اختلفا والعين تالفة ، فإن كان الاختلاف عقيب القبض قبل انقضاء مدّةٍ لمثلها أُجرة ، فالمالك هنا يدّعي قيمتها على المتصرّف مع شرط الضمان عندنا ، ومطلقاً عند‌

____________________

(١) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٢٨٩ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٩٢ ، روضة الطالبين ٤ : ٨٩.

٢٩٦

الشافعي(١) ، والمتصرّف ينكرها ، فيُقدَّم هنا قول المالك مع اليمين ؛ لأنّهما اختلفا في صفة القبض ، والأصل فيما يقبضه الإنسان من مال غيره الضمانُ ؛ لقولهعليه‌السلام : « على اليد ما أخذت حتى تؤدّيه »(٢) .

وإن كان الاختلاف بعد مضيّ المدّة ، فالمتصرّف يُقرّ بالأُجرة ، والمالك يدّعي عليه القيمة في المضمونة ، فإن كانت القيمة بقدر الأُجرة دفع إليه من غير(٣) يمينٍ ؛ لاتّفاقهما على استحقاق ذلك المقدار ، وهو قول بعض الشافعيّة(٤) .

وقال بعضهم : لا تثبت الأُجرة ؛ لأنّه لا يدّعيها ، ويكون القولُ قولَه في وجوب القيمة(٥) .

وإن كانت أقلَّ ، كان في قدرها الوجهان.

وإن كانت أكثر ، كان قدر الأُجرة منهما على الوجهين ، والباقي يستحقّه بيمينه.

وإن كان التلف في أثناء المدّة ، فقد أقرّ له ببعض الأُجرة ، وهو يدّعي القيمة ، والحكم في ذلك على ما ذكر.

مسألة ١٣١ : لو ادّعى المالكُ الغصبَ ، والمتصرّفُ الإعارةَ والعين باقية قائمة ، ولم تمض مدّة لمثلها أُجرة ، فلا معنى لهذا الاختلاف‌ ؛ إذ لم تفت العين ولا المنفعة ، ويردّ المتصرّفُ العينَ إلى المالك.

وإن مضت مدّة لمثلها أُجرة ، فالأقوى : إنّ القولَ قولُ المالك مع‌

____________________

(١) راجع الهامش (٤) من ص ٢٧٣.

(٢) تقدّم تخريجه في ص ٢٧١ ، الهامش (٢)

(٣) في « ج » : « بغير » بدل « من غير ».

(٤ و ٥) البيان ٦ : ٤٧٦.

٢٩٧

يمينه ؛ لما تقدّم(١) من أصالة تبعيّة المنافع للأعيان في التملّك ، فالقول قول مَنْ يدّعيها مع اليمين وعدم البيّنة ؛ لأنّ المتصرّف يدّعي انتقال المنفعة إليه بالإعارة وبراءة ذمّته من التصرّف في مال الغير ، فعليه البيّنة.

وقال الشيخرحمه‌الله في الخلاف : القول قول المتصرّف - وهو أحد أقوال الشافعي نقله المزني عنه(٢) - لأنّ المالك يدّعي عليه عوضاً ، والأصل براءة ذمّته منه ، ولأنّ الظاهر من اليد أنّها بحقٍّ ، فكان القولُ قولَ صاحبها(٣) .

وليس بجيّدٍ ؛ لما بيّنّا من أصالة تبعيّة المنافع للأعيان ، ولأصالة عدم الإذن ، وكما أنّ الظاهر أنّ اليد بحقٍّ ، كذا الظاهر التبعيّة.

ولأصحاب الشافعي هنا ثلاثة طُرق :

أظهرها : إنّ الحكم هنا على ما تقدّم في المسألة السالفة ، فيُفرّق بين الدابّة والأرض على طريقٍ ، ويُجعلان على قولين في طريقٍ ؛ لأنّ المالك ادّعى أُجرة المثل هنا ، كما ادّعى المسمّى في الإجارة هناك ، والأصل براءة الذمّة.

والثاني : القطع بأنّ القول قول المالك ، بخلاف تلك المسألة ؛ لأنّهما متّفقان على الإذن هناك ، وهنا المالك منكر له ، والأصل عدمه. ومَنْ قال بهذا خطّأ المزني في النقل.

قال أبو حامد : لكنّه ضعيف ؛ لأنّ الشافعي نصّ في الأُمّ على ما رواه‌

____________________

(١) في ص ٢٩٠.

(٢) مختصر المزني : ١١٦ ، الحاوي الكبير ٧ : ١٢٣ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٧٣ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٢٩٠ ، البيان ٦ : ٤٧٧ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٩٢ ، روضة الطالبين ٤ : ٨٩ ، المغني ٥ : ٣٧٣ ، الشرح الكبير ٥ : ٣٧٤.

(٣) الخلاف ٣ : ٣٨٩ ، المسألة ٥ من كتاب العارية.

٢٩٨

المزني(١) .

والثالث : القطع بأنّ القول قول المتصرّف ؛ لأنّ الظاهر من حال المسلم أنّه لا يتصرّف إلّا على وجهٍ جائز(٢) .

هذا إذا تنازعا والعين باقية.

مسألة ١٣٢ : لو وقع هذا الاختلاف وقد تلفت العين‌ ، فإن هلكت بعد انقضاء مدّةٍ لمثلها أُجرة ، فالمالك يدّعي أُجرة المثل والقيمة بجهة الغصب ، والمتصرّف يُنكر الأُجرة ويُقرّ بالقيمة بجهة العارية إن كانت مضمونةً ، فالحكم في الأُجرة على ما تقدّم عند بقاء العين.

وأمّا القيمة فإنّه يُحكم فيها بقول المتصرّف ؛ لأصالة براءة ذمّته من الزائد عن القيمة وقت التلف إن أوجبنا على الغاصب أعلى القِيَم.

وقال بعض الشافعيّة : إن قلنا : إنّ اختلاف الجهة يمنع الأخذ ، فلا يأخذ المالك إلّا باليمين. وإن قلنا : لا يمنع فإن قلنا : العارية تُضمن ضمانَ الغصب ، أو لم نقل به لكن كانت قيمته يوم التلف أكثر ، أخذها باليمين ، وإن كانت قيمته يوم التلف أقلَّ ، أخذها بغير يمينٍ ، وفي الزيادة يحتاج إلى اليمين(٣) .

وإن هلكت عقيب القبض قبل مضيّ وقتٍ يثبت لمثله أُجرة ، لزمه القيمة.

ثمّ قياس القول الأوّل أن يقال : إن جعلنا اختلاف الجهة مانعاً من

____________________

(١) البيان ٦ : ٤٧٧ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٩٢ ، روضة الطالبين ٤ : ٨٩ ، وراجع الأُم ٣ : ٢٤٥ ، ومختصر المزني : ١١٦.

(٢) البيان ٦ : ٤٧٧ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٩٢ ، روضة الطالبين ٤ : ٨٩.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٩٣ ، روضة الطالبين ٤ : ٨٩.

٢٩٩

الأخذ ، حلف ، وإلّا أخذ بغير يمينٍ.

وقضيّة ما قاله الجويني في مسألة التنازع بين الإجارة والعارية : إنّه لا يُخرّج على ذلك الخلاف لا هذه الصورة ولا ما إذا كان الاختلاف بعد مضيّ مدّةٍ يثبت لمثلها أُجرة.

قال : لأنّ العين متّحدة ، ولا وَقْع للاختلاف في الجهة مع اتّحاد العين(١) .

والظاهر : الأوّل عندهم(٢) .

وإن كانت العارية غيرَ مضمونةٍ ، فإنّ القولَ قولُ المالك في عدم الإعارة ، وقولُ المتصرّف في عدم الغصب لئلّا يضمن ضمانَ الغصب ، ثمّ يثبت على المتصرّف بعد حلف المالك على نفي الإعارة قيمتُها وقت التلف.

مسألة ١٣٣ : لو انعكس الفرض ، فقال المالك : أعرتُكها ، وقال المتصرّف : بل غصبتُها ، فلا فائدة في هذا الخلاف‌ ؛ لأنّ المتصرّف يُقرّ بالضمان ، والمالك يُنكره إن كانت العارية غير مضمونةٍ ، وإن كانت مضمونةً فإنّه يُنكر ضمان الغصب.

وإن مضت مدّة لمثلها أُجرة ، فالمالك ينفي استحقاق العوض عنها ، والمتصرّف يعترف له بها.

ولو قال المالك : غصبتَها ، وقال المتصرّف : بل آجرتني ، فإن كانت العين باقيةً ولم تمض مدّة لمثلها أُجرة ، فالأقوى : التحالف.

أمّا حلف المتصرّف على نفي الغصب : فلنفي زيادة الضمان إن‌

____________________

(١ و ٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٩٣ ، روضة الطالبين ٤ : ٨٩.

٣٠٠

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347