نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ٤

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار22%

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 347

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 347 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 286535 / تحميل: 6652
الحجم الحجم الحجم
نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ٤

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

سمعت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: إن مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها هلك »(١) .

و في ( إحياء الميت بفضل أهل البيت )(٢) : « الحديث الرابع والعشرون: أخرج البزار عن عبد الله بن الزبير أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تركها غرق. الحديث الخامس والعشرون: البزار عن ابن عباس، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق. الحديث السادس والعشرون: أخرج الطبراني عن أبي ذر: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها هلك ومثل باب حطّة في بني إسرائيل. الحديث السابع والعشرون: أخرج الطبراني في الأوسط عن أبي سعيد الخدري: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: إنما مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق وإنما مثل أهل بيتي فيكم كمثل حطة في بني إسرائيل من دخله غفر له ».

و في ( نهاية الإِفضال في تشريف الآل ): « عن أبي ذر -رضي‌الله‌عنه أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: إن مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها هلك. أخرجه الحاكم وهو صحيح »(٣) .

و في ( الأساس ): « عن عبد الله بن الزبير: أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تركها غرق. رواه البزار في مسنده. وأخرج ابن مردويه مثله من حديث علي وابن عباس. و عن أبي ذر: سمعت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: ألا إنّ مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة

___________________

(١). الخصائص الكبرى ٢ / ٢٦٦.

(٢). هذا عن النسخة الكبرى من ( إحياء الميت ) المشتملة على ستين حديثاً. وأما النسخة الصغرى منه المشتملة على أربعين - فحديث السفينة هو الحديث العشرون والحادي والعشرون والثاني والعشرون.

(٣). نهاية الإفضال في تشريف الآل - مخطوط.

٨١

نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق ومن قاتلنا في آخر الزمان كان كمن قاتل مع الدجال. رواه البزار وأبو يعلى في مسنديهما والطبراني في الأوسط والحاكم وصحّحه »(١) .

و في ( تاريخ الخلفاء ): « وعن أبي ذر قال: - وهو آخذ بباب الكعبة - سمعت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: ألا إنّ مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها هلك. رواه أحمد»(٢) .

ترجمته:

وهو: الحافظ جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي المتوفى سنة ٩١١، صاحب المؤلّفات الكثيرة في مختلف العلوم الاسلامية، أثنى عليه كلّ المترجمين له ومدحوه أنظر:

١ - البدر الطالع ١ / ٣٢٨.

٢ - التاج المكلل ٣٤٩.

٣ - الكواكب السائرة ١ / ٢٢٦.

٤ - شذرات الذهب ٨ / ٥١.

٥ - الضوء اللامع ٤ / ٦٥.

وقد ترجم لنفسه في كتابه ( حسن المحاضرة ١ / ١٨٨ ) ترجمةً مطوّلة، أوردنا خلاصتها في قسم ( حديث الثقلين ).

___________________

(١). الأساس في مناقب بني العباس - مخطوط.

(٢). تاريخ الخلفاء ٥٧٣.

٨٢

(٥٦)

رواية السمهودي

رواه تحت عنوان ( الذكر الخامس - ذكر أنهم أمان الأُمة، وأنهم كسفينة نوحعليه‌السلام من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق ) عن جماعة من الحفّاظ بأسانيدهم المختلفة عن أصحاب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وقال السمهودي أيضاً:

« وعن أبي إسحاق السبيعي، عن حنش بن المعتمر الصنعاني، عن أبي ذر -رضي‌الله‌عنه - سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجى ومن تخلّف عنها غرق ومثل حطة لبني إسرائيل. أخرجه الحاكم من وجهين عن أبي إسحاق. هذا لفظ أحدهما و لفظ الآخر: إن مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح. وذكره دون قوله « ومثل حطة » إلى آخره. وكذا هو عند أبي يعلى في مسنده.

وأخرجه الطبراني في الصغير والأوسط من طريق الأعمش عن أبي إسحاق وقال: إن عبد الله بن عبد القدوس تفرّد به عن الأعمش. ورواه في الأوسط أيضاً من طريق الحسن بن عمرو الفقيمي، وأبو نعيم عن أبي إسحاق ومن طريق سمّاك ابن حرب عن حنش.

و أخرجه أبو يعلى أيضاً من حديث أبي الطفيل عن أبي ذر -رضي‌الله‌عنه - بلفظ: إن أهل بيتي فيكم مثل باب حطة.

و أخرجه البزار من طريق سعيد بن المسيب عن أبي ذر نحوه. وكذا أخرجه الفقيه أبو الحسن ابن المغازلي وزادوا: من قاتلنا آخر الزمان فكأنما قاتل مع الدجال.

٨٣

و عن أبي الصهباء عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما: قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق. أخرجه الطبراني وأبو نعيم في الحلية والبزار وغيرهم.

و أخرجه الفقيه أبو الحسن ابن المغازلي في المناقب من طريق بشر بن المفضل قال: سمعت الرشيد يقول سمعت المهدي يقول: سمعت المنصور يقول: حدثني أبي عن أبيه -رضي‌الله‌عنه - قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا و عن عبد الله بن الزبير - رضي الله عنهما - أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجى ومن تركها غرق. رواه البزار و عن أبي سعيد الخدري -رضي‌الله‌عنه - سمعت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: إنما مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجى ومن تخلّف عنها غرق، إنما مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطة في بني إسرائيل من دخله غفر له. رواه الطبراني في الصغير والأوسط »(١) .

ترجمته:

وهو: نور الدين علي بن عبد الله بن أحمد الحسيني السمهودي المتوفى سنة ٩١١، مفتي المدينة المنورة وصاحب المؤلّفات المشتهرة، ومنها: ( جواهر العقدين ) الذي نقل عنه واعتمد عليه جلّ المتأخرين عنه المؤلّفين في باب الفضائل والمناقب.

وقد ترجمنا له في بعض مجلدات كتابنا عن عدةٍ من المصادر منها:

١ - الضوء اللامع ٥ / ٢٤٥.

٢ - البدر الطالع ١ / ٤٧٠.

٣ - النور السافر ٥٨.

___________________

(١). جواهر العقدين - مخطوط.

٨٤

(٥٧)

رواية ابن حجر المكي

رواه في كتابه ( الصواعق المحرقة ) غير مرة، ففي موضع قال:

« وجاء من طرقٍ عديدة يقوّي بعضها بعضاً: إنما مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجا. وفي رواية مسلم: ومن تخلّف عنها غرق. ومن رواية: هلك، وإنما مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطة في بني إسرائيل من دخله غفر له وفي رواية: غفر له الذنوب »(١) .

و قال في الفصل الثاني من الباب الحادي عشر: « الحديث الثاني. أخرج الحاكم عن أبي ذر أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: إن مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها هلك.

و في رواية للبزار: عن ابن عباس وعن ابن الزبير وللحاكم عن أبي ذر أيضاً: مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق ».

و قال في كتابه ( المنح المكية بشرح القصيدة الهمزية ) بشرح:

« آل بيت النبي طبتم وطاب الـ

ـمدح لي فيكم وطاب الرثاء »:

« وصحّ حديث: إن مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف هلك ».

ترجمته:

وهو: أحمد بن محمد بن علي بن حجر الهيتمي المكي المتوفى سنة ٩٧٣، المعروف بصاحب الصواعق، وله غيره مؤلّفات كثيرة في الفقه والحديث، من

___________________

(١). الصواعق المحرقة ٢٣٤.

٨٥

أشهرها: كتاب الفتاوى أربع مجلدات ترجم له في كثير من المصادر مثل:

١ - النور السافر ٢٨٧.

٢ - خلاصة الأثر ٢ / ١٦٦.

٣ - ريحانة الألباء ١ / ٤٣٥.

(٥٨)

رواية المتقي الهندي

رواه عن عدة من الأئمة الحفاظ، وهذه ألفاظه:

« إن مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها هلك. ( ك‍ ) عن أبي ذر ».

« مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق. البزار عن ابن عباس وعن ابن الزبير. ( ك‍ ) عن أبي ذر ».

« إنما مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها هلك. ابن جرير عن أبي ذر.

مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركب فيها نجا ومن تخلّف عنها هلك. ومثل باب حطة في بني إسرائيل. ( طب ) عن أبي ذر »(١) .

ترجمته:

وهو: نور الدين علي بن حسام الدين المتقي الهندي المتوفى سنة ٩٧٥، وكان فقيهاً محدّثاً صاحب مؤلّفات: وأشهرها ( كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال ) وهو كتاب كبير رتّب فيه ( جمع الجوامع للحافظ السيوطي ).

___________________

(١). كنز العمال ١٣ / ٨٢، ٨٥.

٨٦

وقد ترجمنا له في بعض المجلّدات عن عدةٍ من المصادر أمثال:

١ - النور السافر: ٣١٥ - ٣١٩.

٢ - أبجد العلوم: ٨٩٥.

٣ - شذرات الذهب ٨ / ٣٧٩.

٤ - سبحة المرجان: ٤٣.

هذا، ولبعض علمائهم كتب مفردة في ترجمة ومناقب علي المتقي.

(٥٩)

رواية الفتني الكجراتي

ذكره في كتابه ( مجمع البحار ) بقوله: « ( يه ): مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من تخلّف عنها زخ به في النار.

أي: وقع ورمي. من زخه يزخه »(١) .

ترجمته:

وهو: محمد بن طاهر الصديقي الفتني الكجراتي الهندي المتوفى سنة ٩٨٦، من علماء أهل السنة في الحديث ورجاله، له فيهما مؤلفات معتبرة، من أشهرها: ( مجمع بحار الأنوار في غرائب التنزيل ولطائف الأخبار ). وقد ترجمنا له في قسم ( حديث الثقلين ) عن:

١ - النور السافر ٣٦١.

٢ - سبحة المرجان ٤٣.

٣ - أبجد العلوم ٨٩٥.

___________________

(١). مجمع البحار: زخ.

٨٧

٤ - نزهة الخواطر ٤ / ٢٩٨ وقد وصفه بـ « الشيخ العالم الكبير المحدّث اللّغوي العلّامة ...».

(٦٠)

رواية العيدروس اليمني

رواه مصرحاً بصحته حيث قال: « وصحّ حديث: إن مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها هلك ».

قال: « ووجه تشبيههم بالسفينة أن من أحبّهم وعظّمهم شكراً لنعمة مشرفهم -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - وأخذاً بهدى علمائهم، نجا من ظلمات المخالفات، ومن تخلّف عن ذلك غرق في بحر ظلمات كفر النعم، وهلك في مفاوز الطغيان »(١) .

ترجمته:

وهو: شيخ بن عبد الله العيدروس، من فقهاء اليمن المشهورين، له مؤلفات أشهرها: ( العقد النبوي والسر المصطفوي ). دخل الهند سنة ٩٥٨ وتوفي بها سنة ٩٩٠ ترجمنا له في بعض المجلّدات. وهي موجودة في:

١ - النور السافر لابنه.

٢ - المشرع الروي ٢ / ١١٩.

___________________

(١). العقد النبوي والسر المصطفوي - مخطوط.

٨٨

(٦١)

رواية الجهرمي

ورواه كمال الدين الجهرمي في كتابه ( البراهين القاطعة - ترجمة الصواعق المحرقة ) حيث ترجم إلى الفارسية كلّ ما ذكره ابن حجر الهيتمي، وقد تقدمت عبارات ابن حجر(١) .

ترجمته:

وهو: كمال الدين بن فخر الدين الجهرمي. قال صاحب نزهة الخواطر: « الشيخ الفاضل الكبير كمال الدين بن فخر الدين الجهرمي البيجابوري. أحد العلماء المشهورين. له: البراهيم القاطعة ترجمة الصواعق المحرقة بالفارسية، ترجمها سنة ٩٩٤ بأمر دلاورخان البيجابوري الوزير»(٢) .

(٦٢)

رواية جمال الدين المحدّث

أثبت حديث السفينة في صدر كتابه ( الأربعين ) ضمن الأوصاف التي ذكرها لسيدنا أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام وهذا نص عبارته:

___________________

(١). البراهين القاطعة ٢٥٧.

(٢). نزهة الخواطر ٤ / ٢٧٤.

٨٩

« هذه أربعون حديثاً في مناقب أمير المؤمنين، وإمام المتقين، ويعسوب المسلمين، ورأس الأولياء والصدّيقين، مبيّن مناهج الحق واليقين، كاسر الأنصاب وهازم الأحزاب، المتصدّق في المحراب، فارس ميدان الطعان والضراب، المخصوص بكرامة الأخوة والانتجاب، المنصوص عليه بأنه لدار الحكمة ومدينة العلم باب، وبفضله واصطفائه نزل الوحي ونطق الكتاب، المكنى بأبي الريحانتين وأبي تراب.

هو النبأ العظيم وفلك نوح

وباب الله وانقطع الخطاب »(١)

ترجمته:

وهو: جمال الدين عطاء الله بن فضل الله الشيرازي، المعروف بالمحدّث المتوفى سنة ٩٢٦(٢) صاحب كتاب ( روضة الأحباب في سير النبي والآل والأصحاب ) وكتاب ( الأربعين في فضائل أمير المؤمنين ). وكان محدّثاً مدققاً مقبولاً لدى المؤرخين والمحدثين وأصحاب السير، فقد نقل عنه واعتمد عليه العلماء كالملّا علي القاري في شرح أحاديث المشكاة، وعبد العزيز الدهلوي في رسالته في علم الحديث ترجمنا له في بعض المجلّدات.

(٦٣)

رواية القاري

رواه وشيّد أركانه بشرحه حيث قال:

« وعن أبي ذر » قال المؤلف: هو جندب بن جنادة الغفاري، وهو من أعلام

___________________

(١). الأربعين في فضائل أمير المؤمنين - مخطوط.

(٢). كذا ذكر بعض المحققين. وعليه ينبغي ذكره قبل هذا المكان.

٩٠

الصحابة وزهّادهم، أسلم قديماً بمكة، ويقال كان خامساً في الإِسلام، ثمّ انصرف إلى قومه فأقام عندهم إلى أنْ قدم المدينة على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعد الخندق، ثم سكن الربذة إلى أن مات بها سنة اثنين وثلاثين في خلافة عثمان، وكان يتعبد قبل مبعث النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، روى عنه خلق كثير من الصحابة والتابعين.

« أنه قال » أي أبوذر و « هو آخذ » أي متعلق « بباب الكعبة »، قال الطيبي:

أراد الراوي بها مزيد توكيد لإِثبات هذا الحديث، وكذا أبوذر اهتم بشأن روايته فأورده في هذا المقام على رؤوس الأنام ليتمسكوا به « سمعت النبي » و في نسخة صحيحة: رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم « يقول: ألا إنّ مثل أهل بيتي » بفتح الميم والمثلثة، أي شبههم « فيكم مثل سفينة نوح » أي في سببية الخلاص من الهلاك إلى النجاة « من ركبها نجا ومن تخلف عنها هلك » فكذا من التزم محبتهم ومتابعتهم نجا في الدارين، وإلّا فهلك فيهما ولو كان يفرق المال والجاه أو أحدهما. « رواه أحمد » وكذا الحاكم لكن بدون لفظ « إنّ ».

قال الطيبي: وفي رواية أخرى لأبي ذر يقول: من عرفني فأنا من قد عرفني ومن أنكرني فأنا أبوذر، سمعت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: ألا إن مثل أهل بيتي، الحديث. أراد بقوله: فأنا من قد عرفني، وبقوله: فأنا أبوذر، أنا المشهور بصدق اللهجة وثقة الرواية، وإن هذا الحديث صحيح لا مجال للرد فيه. وهذا تلميح إلى ما روينا عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: لا أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء أصدق من أبي ذر ، و في رواية لأبي ذر: من ذي لهجة أصدق ولا أوفى من أبي ذر شبه عيسى بن مريم، فقال عمر بن الخطاب - كالحاسد! - يا رسول الله! أفتعرف ذلك له؟ قال: أعرف ذلك فاعرفوه! أخرجه الترمذي وحسّنه الصغاني في كشف الحجاب »(١) .

___________________

(١). المرقاة في شرح المشكاة ٥ / ٦١٠.

٩١

ترجمته:

وهو: علي بن سلطان الهروي المعروف بالقاري المتوفى سنة ١٠١٣، من كبار الفقهاء الحنفية، ومن مشاهير محدّثي أهل السنة، له مؤلّفات علمية كثيرة وشروح على كتب الحديث المشهورة، كشرحه على المشكاة واسمه المرقاة، وشرحه على الشفا للقاضي عياض، وشرحه على الأربعين للنووي، وشرحه على الحصن الحصين وغير ذلك ترجمنا له في بعض المجلَّدات عن عدة من المصادر مثل:

١ - خلاصة الأثر ٣ / ١٨٥.

٢ - البدر الطالع ١ / ٤٤٥.

٣ - إتحاف النبلاء المتقين بإحياء مآثر الفقهاء والمحدثين للقنوجي.

(٦٤)

رواية المناوي

رواه في حرف الميم من كتابه بلفظ: « مثل عترتي كسفينة نوح من ركب فيها نجا. للثعلبي »(١) .

ترجمته:

وهو: عبد الرؤف(٢) بن تاج العارفين المناوي المتوفى سنة ١٠٣١، من كبار العلماء بالحديث والرجال وغيرهما من الفنون، له مؤلفات أشهرها: فيض القدير

___________________

(١). كنوز الحقائق - هامش الجامع الصغير ٢ / ٨٩.

(٢). في بعض المصادر اسمه: محمد وعبد الرؤف لقب له.

٩٢

في شرح الجامع الصغير، وكنوز الحقائق، ترجم له في:

١ - خلاصة الأثر ٢ / ٤١٢.

٢ - الإمداد بمعرفة علو الاسناد ١٤.

٣ - رسالة الأسانيد للنخلي ٥٦.

٤ - الأعلام ٦ / ٢٠٤.

(٦٥)

رواية المجدّد السهرندي

رواه في خاتمة كتابه ( الرسالة الكلامية ) عن سيدنا أبي ذر الغفاريرضي‌الله‌عنه بقوله: « وعن أبي ذر أنه قال - وهو آخذ بباب الكعبة - سمعت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: ألا إنّ مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها هلك ».

ترجمته:

وهو: أحمد بن عبد الأحد بن زين العابدين الفاروقي السهرندي، الملقب عندهم في الهند بالمجدد، لدعوته إلى نبذ البدع!! له مؤلفات في الكلام والرد على الشيعة، توفي سنة ١٠٣٤. له ترجمة في:

١ - نزهة الخواطر ٥ / ٤١ - ٥٣.

٢ - أبجد العلوم ٨٩٨.

٣ - الأعلام ١ / ١٤٢.

٩٣

(٦٦)

رواية محمد صالح الترمذي

رواه عن أحمد والمشكاة وشرف النبوة وهداية السعداء « عن أبي ذر الغفاري قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ألا إن مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها هلك »(١) .

ترجمته:

هو: الشيخ الفاضل محمد صالح بن عبد الله الحسيني الترمذي المتوفى سنة ١٠٤٠، قال في نزهة الخواطر ٥ / ٣٧٩: كان من العلماء المبرزين، له: مناقب مرتضوي.

(٦٧)

رواية أحمد بن الفضل المكي

رواه بطرقٍ عديدة عن أمير المؤمنينعليه‌السلام وجماعة من الصحابة، وهذا نص كلامه: « وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق، وأخرجه الملّا في سيرته والطبراني وأبو نعيم والبزار وغيرهم. و أخرج أبو الحسن

___________________

(١). مناقب مرتضوى ص ١٠٠.

٩٤

المغازلي في المناقب عن طريق بشر بن الفضل قال: سمعت الرشيد يقول: سمعت المهدي يقول: سمعت المنصور يقول: حدثني أبي عن أبيه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تأخّر عنها هلك.

وعن ابن الزبير رضي الله عنهما قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها سلم ومن تركها غرق. أخرجه البزار.

وعن علي كرّم الله وجهه قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تعلق بها فاز ومن تأخّر عنها زج في النار. أخرجه ابن السري.

وعن أبي ذر الغفاريرضي‌الله‌عنه قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح في قومه من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق ومثل باب حطة بني إسرائيل. أخرجه الحاكم.

وأخرجه أبو يعلى عن أبي الطفيل عن أبي ذررضي‌الله‌عنه ولفظه: إن مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركب فيها نجا ومن تخلّف عنها غرق، وإن مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطة. وأخرج أبو الحسن المغازلي عنه وزاد فيه: ومن قاتلنا آخر الزمان فكأنّما قاتل مع الدجال.

وعن أبي سعيد الخدريرضي‌الله‌عنه قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنما مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركب فيها نجا ومن تخلّف عنها غرق. وإنما مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطة في بني إسرائيل من دخله غفر له. رواه الطبراني في الأوسط والصغير »(١) .

ترجمته:

وهو أحمد بن الفضل بن محمد باكثير المكي المتوفى سنة ١٠٤٧ من علماء

___________________

(١). وسيلة المآل في عدّ مناقب الآل - مخطوط.

٩٥

الشافعية، وأصله من حضرموت، سكن مكة، وصنف لأميرها ( وسيلة المآل في عدّ مناقب الآل ). له ترجمة في خلاصة الأثر ١ / ٢٧١.

(٦٨)

رواية عبد الحق الدهلوي

رواه بلفظ: « إن مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها هلك، رواه الحاكم في المستدرك وابن جرير عن أبي ذر. و في رواية البزار عن ابن عباس وابن الزبيررضي‌الله‌عنه : غرق بدل هلك »(١) .

كما رواه في شرحه على المشكاة حيث رواه الخطيب التبريزي(٢) .

وقال: « وفضائل فاطمة كثيرة لا تعدّ ولا تحصى، منها ما جاء مجملاً في عنوان أهل البيت، مثل قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إن مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها هلك، وزاد في رواية: ومثل باب حطة »(٣) .

ترجمته:

وهو: عبد الحق بن سيف الدين الدهلوي المتوفى سنة ١٠٥٢، من أكابر علماء أهل السنة في ديار الهند، قال في نزهة الخواطر: « الشيخ الامام العالم العلامة المحدّث الفقيه، شيخ الاسلام وأعلم العلماء الأعلام، وحامل راية العلم والعمل في المشايخ الكرام، أوّل من نشر علم الحديث بأرض الهند تصنيفاً

___________________

(١). تحقيق الاشارة إلى تعميم البشارة.

(٢). اللمعات في شرح المشكاة. أشعة اللمعات المجلد ٢ / ٧٠٠.

(٣) رجال المشكاة: ترجمة الصدّيقة الزهراءعليها‌السلام .

٩٦

وتدريساً »(١) .

وله ترجمة في: سبحة المرجان ٥٢، أبجد العلوم ٩٠٠.

(٦٩)

رواية العزيزي

رواه في شرحه على الجامع الصغير حيث قال بشرحه: « مثل أهل بيتي. زاد في رواية: فيكم. مثل سفينة نوح. في رواية: في قومه. من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق.

قال المنّاوي: ولهذا ذهب جمع إلى أن قطب الأولياء في كلّ زمن لا يكون إلّا منهم. البزار عن ابن عباس، دعن ابن الزبير، ك‍ عن أبي ذر وقال: صحيح ».

وقال أيضاً: « إن مثل أهل بيتي، هم علي وفاطمة وأبناهما وبنوهما، فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها هلك.

قال المناوي: وجه الشبه بينهما أن النجاة تثبت لأهل سفينة نوح، فأثبت لأُمّته بالتمسك بأهل بيته النجاة. انتهى. ولعلّ المقصود من الحديث [ مقصود الحديث ] الحث على إكرامهم وإحترامهم واتباعهم في الرأي. ك عن أبي ذر »(٢) .

ترجمته:

وهو: علي بن محمد بن إبراهيم العزيزي البولاقي المتوفى سنة ١٠٧٠، ترجم له المحبي في خلاصة الأثر ٣ / ٢٠١ وأثنى عليه.

___________________

(١). نزهة الخواطر ٥ / ٢٠١.

(٢). السراج المنير في شرح الجامع الصغير ٢ / ١٨ - ١٩، ٣ / ٢٩٩.

٩٧

(٧٠)

رواية الشلي

رواه بألفاظ عديدة تحت عنوان « فضل أهل البيت » فقال: « وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : مثل أهل بيتي فيكم كسفينة نوح في قومه، من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق، ومثل حطة لبني إسرائيل. وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ألا أنّ مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركب فيها نجا ومن تخلّف عنها غرق. وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنّ مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق، وإنّ مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطة. وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق، وفي رواية: ومن تأخّر عنها هلك.

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا. وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها سلم ومن تركها غرق. وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنما مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق وانما مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطة في بني إسرائيل من دخله غفر له »(١) .

ترجمته:

وهو: محمد بن أبي بكر الحسيني الشلي الحضرمي المتوفى سنة ١٠٩٣، كان عالماً فاضلاً، له مؤلّفات في التاريخ والرجال وبعض العلوم الأُخرى، منها: عقد

___________________

(١). المشرع الروي: ١٢.

٩٨

الجواهر والدرر في أخبار القرن الحادي عشر، المشرع الروي في مناقب آل أبي علوي. ترجم له المحبي في خلاصة الأثر ٣ / ٣٣٦.

(٧١)

روايه المغربي

رواه في باب مناقب أهل البيتعليهم‌السلام عن ابن الزبير قائلاً: « ابن الزبير - رفعه - مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تركها غرق. البزار.

زاد في الأوسط: نجى. وإنما مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطة في بني إسرائيل من دخله غفر له »(١) .

ترجمته:

وهو: محمد بن محمد بن سليمان المغربي المتوفى سنة ١٠٩٤، من محدّثي أهل السنة الفضلاء. وقد ترجمنا له في بعض المجلدات. وانظر: خلاصة الأثر ٤ / ٢٠٤.

(٧٢)

رواية الشيخاني القادري

رواه في كتابه ( الصراط السّوي في مناقب آل النبي ) حيث قال:

___________________

(١). جمع الفوائد ٢ / ٢٣٦.

٩٩

« واعلم أن أهل البيت أمان للأُمة وأنهم كسفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق ».

وقال: « وعن أبي ذر -رضي‌الله‌عنه - سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح في قومه من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق ومثل حطة لبني إسرائيل، أخرجه الحاكم. هذا في لفظ، و في لفظ آخر: ألا! إن مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح. و زاد في رواية أبي الحسن المغازلي: ومن قاتلنا آخر الزمان فكأنما قاتل مع الدجال. و عن أبي سعيد الخدريرضي‌الله‌عنه : سمعت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: إنما مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف غرق، وإنما مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطة في بني إسرائيل، من دخله غفر له الذنوب كما في رواية ».

وقال في ذكر المنصور الدوانقي: « ومن رواية المنصور وعدم العمل بها أنه كان يقول في أكثر مجالسه: حدّثني أبي عن أبيه عن ابن عباس، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركب فيها نجا ومن تأخر عنها هلك ».

(٧٣)

رواية حسام الدين السهارنبوري

رواه عن أحمد عن أبي ذررضي‌الله‌عنه بقوله: « وعن أبي ذر أنه قال - وهو آخذ بباب الكعبة - سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: ألا إنّ مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها هلك. رواه أحمد » ثم ترجمه إلى الفارسية(١) .

___________________

(١). مرافض الروافض - مخطوط.

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

بن رئاب ، عن ابن أبي يعفور ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال الصبر رأس الإيمان

_________________________________________

وإن كان في نائبه مضجرة سمي رحب الصدر ويضاده الضجر ، وإن كان في إمساك الكلام سمي كتمانا ويضاده الإذاعة ، وقد سمي الله تعالى كل ذلك صبرا ونبه عليه بقوله : «وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ »(١) «وَالصَّابِرِينَ عَلى ما أَصابَهُمْ »(٢) «وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِراتِ »(٣) وسمي الصوم صبرا لكونه كالنوع له.

وقوله : «اصْبِرُوا وَصابِرُوا »(٤) أي احبسوا أنفسكم علي العبادة وجاهدوا أهواءكم ، وقوله عز وجل : «اصْطَبِرْ لِعِبادَتِهِ »(٥) أي تحمل الصبر بجهدك ، وقوله : «أُوْلئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِما صَبَرُوا »(٦) أي بما تحملوه من الصبر في الوصول إلى مرضات الله.

قوله : رأس الإيمان ، هو من قبيل تشبيه المعقول بالمحسوس ، ووجه الشبه ما سيأتي في الخبر الآتي ووجهه أن الإنسان ما دام في تلك النشأة هو مورد للمصائب والآفات ومحل للحوادث والنوائب والعاهات ، ومبتلى بتحمل الأذى من بني نوعه في المعاملات ومكلف بفعل الطاعات وترك المنهيات والمشتهيات ، وكل ذلك ثقيل على النفس لا تشتهيها بطبعها ، فلا بد من أن تكون فيه قوة ثابتة وملكة راسخة بها يقتدر على حبس النفس علي هذه الأمور الشاقة ، ورعاية ما يوافق الشرع والعقل فيها ، وترك الجزع والانتقام وسائر ما ينافي الآداب المستحسنة المرضية عقلا وشرعا ، وهي المسماة بالصبر ، ومن البين أن الإيمان الكامل بل نفس التصديق أيضا يبقى ببقائه ، ويفنى بفنائه ، فلذلك هو من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد.

__________________

(١) سورة البقرة : ١٧٧.

(٢) سورة الحجّ : ٣٥.

(٣) سورة الأحزاب : ٣٥.

(٤) سورة آل عمران : ٢٠٠.

(٥) سورة مريم : ٦٥.

(٦) سورة الفرقان : ٧٥.

١٢١

٢ ـ أبو علي الأشعري ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن سنان ، عن العلاء بن فضيل ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد فإذا ذهب الرأس ذهب الجسد كذلك إذا ذهب الصبر ذهب الإيمان.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه وعلي بن محمد القاساني جميعا ، عن القاسم بن محمد الأصبهاني ، عن سليمان بن داود المنقري ، عن حفص بن غياث قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام يا حفص إن من صبر صبر قليلا وإن من جزع جزع قليلا ثم قال عليك بالصبر في جميع أمورك فإن الله عز وجل بعث محمداصلى‌الله‌عليه‌وآله فأمره بالصبر والرفق فقال «وَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ »(١) وقال تبارك وتعالى «ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [ السَّيِّئَةَ ]

_________________________________________

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور.

الحديث الثالث : ضعيف.

« صبر قليلا » نصب قليلا إما على المصدرية أو الظرفية أي صبر صبرا قليلا أو زمانا قليلا ، وهو زمان العمر أو زمان البلية« في جميع أمورك » فإن كل ما يصدر عنه من الفعل والترك والعقد وكل ما يرد عليه من المصائب والنوائب من قبله تعالى ، أو من قبل غيره يحتاج إلى الصبر إذ لا يمكنه تحمل ذلك بدون جهاده مع النفس والشيطان وحبس النفس عليه.

«وَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ » أي من الخرافات والشتم والإيذاء «وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً » بأن تجانبهم وتداريهم ولا تكافيهم وتكل أمرهم إلى الله كما قال : «وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ » أي دعني وإياهم وكل إلى أمرهم فإني أجازيهم في الدنيا والآخرة «أُولِي النَّعْمَةِ » النعمة بالفتح لين الملمس أي المتنعمين ذوي الثروة في الدنيا ، وهم صناديد قريش وغيرهم.

«ادْفَعْ » أول الآية هكذا : «وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ » أي في الجزاء وحسن العاقبة « ولا » الثانية مزيدة لتأكيد النفي «ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ » كذا

__________________

(١) سورة المزّمّل : ١٠.

١٢٢

فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ وَما يُلَقَّاها إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَما يُلَقَّاها إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ »(١) فصبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حتى نالوه بالعظائم ورموه بها فضاق صدره فأنزل الله عز وجل عليه : «وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما يَقُولُونَ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ

_________________________________________

في أكثر نسخ الكتاب وتفسير علي بن إبراهيم ، والسيئة غير مذكورة في المصاحف وكأنهعليه‌السلام زادها تفسيرا وليست في بعض النسخ وهو أظهر ، وقيل : المعنى ادفع السيئة حيث اعترضتك بالتي هي أحسن منها وهي الحسنة ، على أن المراد بالأحسن الزائد مطلقا أو بأحسن ما يمكن دفعها به من الحسنات ، إنما أخرج مخرج الاستئناف على أنه جواب من قال كيف أصنع؟ للمبالغة ، ولذلك وضع أحسن موضع الحسنة ، كذا ذكره البيضاوي ، وقيل : اسم التفضيل مجرد عن معناه ، أو أصل الفعل معتبر في المفضل عليه على سبيل الفرض ، أو المعنى ادفع السيئة بالحسنة التي هي أحسن من العفو أو المكافاة ، وتلك الحسنة هي الإحسان في مقابل الإساءة ، ومعنى التفضيل حينئذ بحاله لأن كلا من العفو أو المكافاة أيضا حسنة إلا أن الإحسان أحسن منهما وهذا قريب مما ذكره الزمخشري من أن لا غير مزيدة ، والمعنى أن الحسنة والسيئة متفاوتان في أنفسهما فخذ بالحسنة التي هي أحسن أن تحسن إليه مكان إساءته.

«فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ » أي إذا فعلت ذلك صار عدوك المشاق مثل الولي الشفيق «وَما يُلَقَّاها » أي ما يلقي هذه السجية وهي مقابلة الإساءة بالإحسان «إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا » فإنها تحبس النفس عن الانتقام «وَما يُلَقَّاها إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ » من الخير وكمال النفس ، وقيل : الحظ العظيم الجنة ، يقال :

لقاه الشيء أي ألقاه إليه« حتى نالوه بالعظائم » يعني نسبوه إلى الكذب والجنون والسحر وغير ذلك ، وافتروا عليه.

«أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ » كناية عن الغم «بِما يَقُولُونَ » من الشرك أو الطعن فيك

__________________

(١) سورة فصّلت : ٣٥.

١٢٣

رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ »(١) ثم كذبوه ورموه فحزن لذلك فأنزل الله عز وجل «قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللهِ

_________________________________________

وفي القرآن والاستهزاء بك وبه «فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ » أي فنزه ربك عما يقولون مما لا يليق به متلبسا بحمده في توفيقك له أو فافزع إلى الله فيما نابك من الغم بالتسبيح والتحميد فإنهما يكشفان الغم عنك «وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ » للشكر في توفيقك أو رفع غمك أو كن من المصلين فإن في الصلاة قطع العلائق عن الغير «إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ » الضمير للشأن أي ما يقولون إنك شاعر أو مجنون وأشباه ذلك.

«فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ » قال الطبرسي (ره) : اختلف في معناه على وجوه : أحدها أن معناه لا يكذبونك بقلوبهم اعتقادا وإن كانوا يظهرون بأفواههم التكذيب عنادا وهو قول أكثر المفسرين ويؤيده ما روي أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لقي أبا جهل فصافحه أبو جهل فقيل له في ذلك؟ فقال : والله إني لأعلم أنه صادق ولكنا متى كنا تبعا لعبد مناف؟ فأنزل الله هذه الآية.

وثانيها : أن المعنى لا يكذبونك بحجة ولا يتمكنون من إبطال ما جئت به ببرهان ، ويدل عليه ما روي عن عليعليه‌السلام أنه كان يقرأ : لا يكذبونك ، ويقول : إن المراد بها أنهم لا يأتون بحق هو أحق من حقك.

وثالثها : أن المراد لا يصادفونك كاذبا ، تقول العرب : قاتلناكم فما أجبناكم أي ما أصبناكم جبناء ، ولا يختص هذا الوجه بالقراءة بالتخفيف لأن أفعلت وفعلت يجوزان في هذا الموضع إلا أن التخفيف أشبه بهذا الوجه.

ورابعها : أن المراد لا ينسبونك إلى الكذب فيما أتيت به لأنك كنت عندهم أمينا صادقا ، وإنما يدفعون ما أتيت به ويقصدون التكذيب بآيات الله ، ويقوي هذا الوجه قوله : ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون ، وقوله : وكذب به قومك وهو

__________________

(١) سورة الحجر : ٩٧.

١٢٤

يَجْحَدُونَ وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلى ما كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتاهُمْ نَصْرُنا »(١) فألزم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله نفسه الصبر فتعدوا فذكر الله تبارك وتعالى وكذبوه فقال قد صبرت في نفسي وأهلي وعرضي ولا صبر لي على ذكر إلهي فأنزل الله عز وجل : «وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ

_________________________________________

الحق ، ولم يقل : وكذبك قومك ، وما روي أن أبا جهل قال للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ما نتهمك ولا نكذبك ولكننا نتهم الذي جئت به ونكذبه.

وخامسها : أن المراد أنهم لا يكذبونك بل يكذبونني فإن تكذيبك راجع إلى ولست مختصا به لأنك رسول فمن رد عليك فقد رد على ، وذلك تسلية منه تعالى للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

«وَلكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللهِ » أي بالقرآن والمعجزات «يَجْحَدُونَ » بغير حجة سفها وجهلا وعنادا ، ودخلت الباء لتضمين معنى التكذيب وقال أبو علي : الباء تتعلق بالظالمين ، ثم زاد في تسلية النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بقوله : «وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلى ما كُذِّبُوا وَأُوذُوا » أي صبروا على ما نالهم منهم من التكذيب والأذى في أداء الرسالة «حَتَّى أَتاهُمْ نَصْرُنا » إياهم على المكذبين ، وهذا أمر منه تعالى لنبيه بالصبر على أذى كفار قومه إلى أن يأتيه النصر كما صبرت الأنبياء ، وبعده «وَلا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِ اللهِ » أي لا يقدر أحد على تكذيب خبر الله على الحقيقة ولا على إخلاف وعده «وَلَقَدْ جاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ » أي خبرهم في القرآن كيف أنجيناهم ونصرناهم على قومهم.

قوله عليه‌السلام : فذكروا الله ، أي نسبوا إليه ما لا يليق بجنابة «وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ » قيل : هذا إشارة إلى حسن التأني وترك التعجيل في الأمور ، وتمهيد للأمر بالصبر ، وأقول : يحتمل أن يكون توطئة للصبر على وجه آخر ، وهو بيان عظم قدرته وأنه قادر على الانتقام منهم «وَما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ » أي من تعب وإعياء ، وهو رد لما

__________________

(١) سورة الأنعام : ٣٣.

١٢٥

فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ »(١) فصبر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في جميع أحواله ثم بشر في عترته

_________________________________________

زعمت اليهود من أنه تعالى بدء خلق العالم يوم الأحد ، وفرغ منه يوم الجمعة واستراح يوم السبت واستلقى على العرش «فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ » أي ما يقول المشركون من إنكارهم البعث ، فإن من قدر على خلق العالم بلا إعياء قدر على بعثهم والانتقام منهم أو ما يقول اليهود من الكفر والتشبيه.

قوله عليه‌السلام : ثم بشر ، على بناء المجهول وقبل الآية في سورة التنزيل هكذا ، «وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَلا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقائِهِ وَجَعَلْناهُ هُدىً لِبَنِي إِسْرائِيلَ وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً » وفي أكثر نسخ الكتاب وجعلناهم وكأنه تصحيف ، وفي بعضها : جعلنا منهم ، كما في المصاحف.

ثم إنه يرد عليه أن الظاهر من سياق الآية رجوع ضمير منهم إلى بني إسرائيل فكيف تكون بشارة للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في عترته وكيف وصفوا بالصبر؟

والجواب ما عرفت أن ذكر القصص في القرآن لإنذار هذه الأمة وتبشيرهم ، مع أنه قد قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنه يقع في هذه الأمة ما وقع في بني إسرائيل حذو النعل بالنعل ، فذكر قصة موسى وإيتائه الكتاب وجعل الأئمة من بني إسرائيل أي هارون وأولاده ، ذكر نظير لبعثة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وإيتائه القرآن وجعل الأئمة من أخيه وابن عمه وأولاده كما قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنت مني بمنزلة هارون من موسى ، وقد يقال : إن قوله : «فَلا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقائِهِ » المراد به لا تكن في تعجب من سقوط الكتاب بعدك وعدم عمل الأمة به فإنا نجعل بعدك أمة يهدون بالكتاب كما جعلنا في بني إسرائيل أئمة يهدون بالتوراة.

والمفسرون ذكروا فيه وجوها : الأول أن المعنى لا تكن في شك من لقائك موسى ليلة الأسرى ، الثاني : من لقاء موسى الكتاب ، الثالث : من لقائك الكتاب ،

__________________

(١) سورة ق : ٣٨.

١٢٦

بالأئمة ووصفوا بالصبر فقال جل ثناؤه «وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا وَكانُوا بِآياتِنا يُوقِنُونَ »(١) فعند ذلك قالصلى‌الله‌عليه‌وآله الصبر من الإيمان كالرأس من الجسد فشكر الله عز وجل ذلك له فأنزل الله عز وجل : «وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنى عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ بِما صَبَرُوا وَدَمَّرْنا ما كانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَما كانُوا

_________________________________________

الرابع : من لقائك الأذى كما لقي موسى الأذى.

« وجعلناه » أي موسى أو المنزل عليه «يَهْدُونَ » أي الناس إلى ما فيه من الحكم والأحكام «بِأَمْرِنا » إياهم أو بتوفيقنا لهم «لَمَّا صَبَرُوا » أي لصبرهم على الطاعة أو على أذى القوم أو عن الدنيا وملاذها كما قيل «وَكانُوا بِآياتِنا يُوقِنُونَ » لا يشكون في شيء منها ، ويعرفونها حق المعرفة.

« فشكر الله ذلك له » إشارة إلى الصبر على جميع الأحوال وذلك القول الدال على الرضا بالصبر ، وشكر الله تعالى لعباده عبارة عن قبول العمل ومقابلته بالإحسان والجزاء في الدنيا والآخرة «وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ » صدر الآية : «وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كانُوا يُسْتَضْعَفُونَ » يعني بني إسرائيل في ظهر الآية فإن القبط كانوا يستضعفونهم فأورثهم الله بأن مكنهم وحكم لهم بالتصرف ، وأباح لهم بعد إهلاك فرعون وقومه «مَشارِقَ الْأَرْضِ وَمَغارِبَهَا » أي أرض الشام شرقها وغربها ، أو أرض الشام ومصر ، وقيل : كل الأرض لأن داود وسليمان كانا منهم وملكا الأرض التي باركنا فيها بإخراج الزرع والثمار وضروب المنافع «وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنى عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ » قال الطبرسي (ره) : معناه صح كلام ربك بإنجاز الوعد بإهلاك عدوهم واستخلافهم في الأرض ، وإنما كان الإنجاز تماما للكلام لتمام النعمة به ، وقيل : إن كلمة الحسنى قوله سبحانه : «وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ » إلى قوله : «يَحْذَرُونَ » وقال : الحسنى ، وإن كانت كلمات الله كلها حسنة لأنها وعد بما يحبون ، وقال الحسن : أراد وعد الله لهم بالجنة «بِما صَبَرُوا » على أذى فرعون وقومه «وَدَمَّرْنا ما

__________________

(١) سورة السجدة : ٢٤.

١٢٧

يَعْرِشُونَ »(١) فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله إنه بشرى وانتقام فأباح الله عز وجل له قتال المشركين فأنزل [ الله ] «فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ »(٢) «وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ »(٣) فقتلهم الله على يدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله

_________________________________________

كانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ » أي أهلكنا ما كانوا يبنون من الأبنية والقصور والديار «وَما كانُوا يَعْرِشُونَ » من الأشجار والأعناب والثمار ، وقيل : يعرشون يسقفون من القصور والبيوت«فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنه بشرى» أي لي ولا صحابي«وانتقام» من أعدائي ووجه البشارة ما مر أن ذكر هذه القصة تسلية للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأني أنصرك على أعدائك وأهلكهم وأنصر الأئمة من أهل بيتك على الفراعنة الذين غلبوا عليهم وظلموهم في زمن القائمعليه‌السلام وأملكهم جميع الأرض ، فظهر الآية لموسى وبني إسرائيل ، وبطنها لمحمد وآل محمد صلى الله وعليه وآله وسلم.

«فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ » الآية هكذا : «فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ » قيل : أي من حل وحرم «وَخُذُوهُمْ » أي وأسروهم والأخيذ الأسير «وَاحْصُرُوهُمْ » أي واحبسوهم أو حيلوا بينهم وبين المسجد الحرام «وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ » أي كل ممر لئلا ينتشروا في البلاد ، وانتصابه على الظرف ، وقال تعالى في سورة البقرة : «وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ » يقال ثقفه أي صادفه أو أخذه أو ظفر به أو أدركه.

« فقتلهم الله » أي في غزوة بدر وغيرها « وعجل له الثواب ثواب صبره » وفي بعض النسخ وجعل له ثواب صبره والأول أظهر وموافق للتفسير ، والحاصل أن هذه النصرة

__________________

(١) سورة الأعراف : ١٣٦.

(٢) سورة التوبة : ٦.

(٣) سورة البقرة : ١٩١.

١٢٨

وأحبائه وجعل له ثواب صبره مع ما ادخر له في الآخرة فمن صبر واحتسب لم يخرج من الدنيا حتى يقر الله له عينه في أعدائه مع ما يدخر له في الآخرة.

٤ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن أبي محمد عبد الله السراج رفعه إلى علي بن الحسينعليه‌السلام قال الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد ولا إيمان لمن لا صبر له.

٥ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن ربعي بن عبد الله ، عن فضيل بن يسار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد فإذا ذهب الرأس ذهب الجسد كذلك إذا ذهب الصبر ذهب الإيمان.

٦ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن أبيه ، عن علي بن النعمان ، عن عبد الله بن مسكان ، عن أبي بصير قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول إن الحر حر على جميع أحواله إن نابته نائبة صبر لها وإن تداكت عليه المصائب

_________________________________________

وقتل الأعداء كان ثوابا عاجلا على صبره منضما مع ما ادخر له في الآخرة من مزيد الزلفى والكرامة« واحتسب » أي كان غرضه القربة إلى الله ليكون محسوبا من أعماله الصالحة« حتى يقر الله عينه » أي يسره في أعدائه بنصره عليهم مع ما يدخر له في الآخرة من الأجر الجميل والثواب الجزيل.

الحديث الرابع : مجهول مرفوع.

الحديث الخامس : حسن كالصحيح وقد مر بعينه بسند آخر.

الحديث السادس : صحيح.

والحر ضد العبد والمراد هنا من نجا في الدنيا من رق الشهوات النفسانية وأعتق في الآخرة من أغلال العقوبات الربانية فهو كالأحرار عزيز غني في جميع الأحوال.

قال الراغب : الحر خلاف العبد والحرية ضربان : الأول من لم يجر عليه حكم السبي نحو «الْحُرُّ بِالْحُرِّ » والثاني من لم يتملكه قواه الذميمة من الحرص

١٢٩

لم تكسره وإن أسر وقهر واستبدل باليسر عسرا كما كان يوسف الصديق الأمينصلى‌الله‌عليه‌وآله لم يضرر حريته أن استعبد وقهر وأسر ولم تضرره ظلمة الجب ووحشته وما ناله أن من الله عليه فجعل الجبار العاتي له عبدا بعد إذ كان له مالكا

_________________________________________

والشره على المقتنيات الدنيوية ، وإلى العبودية التي تضاد ذلك ، أشار النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بقوله : تعس عبد الدرهم ، تعس عبد الدينار ، وقول الشاعر : « ورق ذوي الأطماع رق مخلد » ، وقيل : عبد الشهوة أذل من عبد الرق ، انتهى.

وفي القاموس : الحر بالضم خلاف العبد ، وخيار كل شيء والفرس العتيق ، ومن الطين والرمل الطيب.

« إن نابته نائبة صبر لها » أي إن عرض له حادثة أو نازلة أو مصيبة صبر عليها أو حمل عليه مال يؤخذ منه أداه ولا يذل نفسه بالبخل فيه ، قال في النهاية : في حديث خيبر قسمها نصفين نصفا لنوائبه ونصفا بين المسلمين ، النوائب جمع النائبة وهي ما ينوب الإنسان أي ينزل به من المهمات والحوادث ، وقد نابه ينوبه نوبا ومنه الحديث : احتاطوا لأهل الأموال في النائبة والواطية أي الأضياف الذين ينوبونهم.

« وإن تداكت عليه المصائب » أي اجتمعت وازدحمت ، قال في النهاية : وفي حديث عليعليه‌السلام : ثم تداككتم على تداكك الإبل الهيم على حياضها ، أي ازدحمتم وأصل الدك الكسر ، انتهى.

« لم تكسره » أي لم تعجزه عن الصبر ولم تحمله على الجزع وترك الرضا بقضاء الله تعالى« وإن أسر » إن وصلية« واستبدل باليسر عسرا » عطف على أسر ، وفي بعض النسخ واستبدل بالعسر يسرا فهو عطف على قوله لم تكسره فتكون غاية للصبر« إن استبعد » على بناء المجهول فاعل لم يضرر ، والمراد بحريته عزه ورفعته وصبره على تلك المصائب ورضاه بقضاء الله واختياره طاعة الله وعدم تذلله للمخوقين« وما ناله » أي من ظلم الإخوان وسائر الأحزان« أن من الله » أي في أن من الله أو هو بدل اشتمال

١٣٠

...........................................................................

_________________________________________

للضمير في لم تضرره أو بتقدير إلى فالظرف متعلق بلم تضرر في الموضعين على سبيل التنازع.

وأقول : يحتمل أن يكون ما ناله عطفا على الضمير في لم يضرره ، وأن من الله بيانا لما بتقدير من أو بدلا منه ، فيحتمل أن يكون فاعل نال يوسفعليه‌السلام وقيل : اللام فيه مقدر أي لأن من الله فيكون تعليلا لقوله : لم تضرر في الموضعين أو ما ناله مبتدأ وأن من الله خبره ، والجملة معطوفة على لم تضرره أو يكون الواو بمعنى مع ، أي لم تضرره ذلك مع ما ناله وأن من بيان لما.

والعاتي من العتو بمعنى التجبر والتكبر والتجاوز عن الحد ، والجبار بائعه في مصر أو العزيز فالمراد بصيرورته عبدا له أنه صار مطيعا له ، مع أنه قد روى الثعلبي وغيره أن ملك مصر كان ريان بن الوليد والعزيز الذي اشترى يوسفعليه‌السلام كان وزيره وكان اسمه قطفير فلما عبر يوسف رؤيا الملك عزل قطفير عما كان عليه وفوض إلى يوسف أمر مصر وألبسه التاج وأجلسه على سرير الملك وأعطاه خاتمه وهلك قطفير في تلك الليالي فزوج الملك يوسف زليخا امرأة قطفير ، وكان اسمها راعيل فولدت له ابنين أفراثيم وميشا فلما دخلت السنة الأولى من سني الجدب هلك فيها كل شيء أعدوه في السنين المخصبة فجعل أهل مصر يبتاعون من يوسف الطعام فباعهم أول سنة بالنقود حتى لم يبق بمصر دينار ولا درهم إلا قبضه ، وباعهم السنة الثانية بالحلي والجواهر حتى لم يبق في أيدي الناس منها شيء ، وباعهم السنة الثالثة بالمواشي والدواب حتى احتوى عليها أجمع وباعهم السنة الرابعة بالعبيد والإماء حتى لم يبق عبد ولا أمة في يد أحد ، وباعهم السنة الخامسة بالضياع والعقار والدور حتى احتوى عليها ، وباعهم السنة السادسة بأولادهم حتى استرقهم وباعهم السنة السابعة برقابهم حتى لم تبق بمصر حر ولا حرة إلا صار عبدا له ، ثم استأذن الملك وأعتقهم كلهم

١٣١

فأرسله ورحم به أمة وكذلك الصبر يعقب خيرا فاصبروا ووطنوا أنفسكم على الصبر توجروا.

٧ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن عبد الله بن بكير ، عن حمزة بن حمران ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال الجنة محفوفة بالمكاره

_________________________________________

ورد أموالهم إليهم ، فظهر أن الله ملكه جميع أهل مصر وأموالهم عوضا عن مملوكيته صلوات الله عليه لهم ، فهذه ثمرة الصبر والطاعة.

والمراد بإرساله إرساله إلى الخلق بالنبوة وبرحم الأمة به نجاتهم عن العقوبة الأبدية بإيمانهم به أو عن القحط والجوع أو الأعم.

« وكذلك الصبر يعقب خيرا » يعقب على بناء الأفعال قال الراغب : أعقبه كذا أورثه ذلك قال تعالى : «فَأَعْقَبَهُمْ نِفاقاً فِي قُلُوبِهِمْ »(١) وفلان لم يعقب أي لم يترك ولدا ، انتهى.

أي كما أن صبر يوسفعليه‌السلام أعقب خيرا عظيما له كذلك صبر كل أحد يعقب خيرا له ، ومن ثم قيل : اصبر تظفر ، وقيل :

إني رأيت للأيام تجربة

للصبر عاقبة محمودة الأثر

وقل من جد في أمر يطالبه

فاستصحب الصبر إلا فاز بالظفر

الحديث السابع : مجهول.

ومضمونه متفق عليه بين الخاصة والعامة ، فقد روى مسلم عن أنس قال : قال رسول اللهعليه‌السلام : حفت الجنة بالمكاره ، وحفت النار بالشهوات ، وهذا من بديع كلامه ، وقال الراوندي في ضوء الشهاب يقال :حف القوم حول زيد إذا أطافوا به ، واستداروا وحففته بشيء أي أدرته عليه ، يقال : حففت الهودج بالثياب ، ويقال : إنه مشتق من حفا في الشيء أي جانبيه ، يقولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : المكاره مطيفة محدقة بالجنة

__________________

(١) سورة التوبة : ٧٧.

١٣٢

والصبر فمن صبر على المكاره في الدنيا دخل الجنة وجهنم محفوفة باللذات والشهوات ـ فمن أعطى نفسه لذتها وشهوتها دخل النار.

٨ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن عبد الله بن مرحوم ، عن أبي سيار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إذا دخل المؤمن في قبره كانت الصلاة عن يمينه

_________________________________________

وهي الطاعات ، والشهوات محدقة مستديرة بالنار وهي المعاصي وهذا مثل يعني أنك لا يمكنك نيل الجنة إلا باحتمال مشاق ومكاره وهي فعل الطاعات والامتناع عن المقبحات ولا التفصي عن النار إلا بترك الشهوات وهي المعاصي التي تتعلق الشهوة بها فكان الجنة محفوفة بمكاره تحتاج أن تقطعها بتكلفها والنار محفوفة بملاذ وشهوات تحتاج أن تتركها.

وروي أن الله تعالى لما خلق الجنة قال لجبرئيلعليه‌السلام : انظر إليها فلما نظر إليها قال : يا رب لا يتركها أحد إلا دخلها فلما حفها بالمكاره قال : انظر إليها فلما نظر إليها قال : يا رب أخشى أن لا يدخلها أحد ولما خلق النار قال له : انظر إليها فلما نظر إليها قال : يا رب لا يدخلها أحد فلما حفها بالشهوات قال : انظر إليها فلما نظر إليها قال يا رب أخشى أن يدخلها كل أحد.

وفائدة الحديث إعلام أن الأعمال المفضية إلى الجنة مكروهة قرنا الله بها الكراهة وبالعكس منها الأعمال الموصلة إلى النار قرن بها الشهوة ليجاهد الإنسان نفسه فيحتمل تلك ويجتنب هذه.

الحديث الثامن : كالسابق.

والبر يطلق على مطلق أعمال الخير وعلى مطلق الإحسان إلى الغير وعلى الإحسان إلى الوالدين أو إليهما وإلى ذوي الأرحام ، والمراد هنا أحد المعاني سوى المعنى الأول ، قال الراغب : البر خلاف البحر وتصور منه التوسع فاشتق منه البر أي التوسع في فعل الخير وينسب ذلك إلى الله تارة نحو «إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ » و

١٣٣

والزكاة عن يساره والبر مطل عليه ويتنحى الصبر ناحية فإذا دخل عليه الملكان اللذان يليان مساءلته قال الصبر للصلاة والزكاة والبر دونكم صاحبكم فإن عجزتم عنه فأنا دونه.

٩ ـ علي ، عن أبيه ، عن جعفر بن محمد الأشعري ، عن عبد الله بن ميمون ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال دخل أمير المؤمنين صلوات الله عليه المسجد فإذا هو برجل على باب المسجد كئيب حزين فقال له أمير المؤمنينعليه‌السلام ما لك قال يا أمير المؤمنين أصبت بأبي [ وأمي ] وأخي وأخشى أن أكون قد وجلت فقال له أمير المؤمنينعليه‌السلام عليك بتقوى الله والصبر تقدم عليه غدا والصبر في الأمور بمنزلة الرأس

_________________________________________

إلى العبد تارة فيقال بر العبد ربه أي توسع في طاعته فمن الله تعالى الثواب ومن العبد الطاعة ، وبر الوالدين التوسع في الإحسان إليهما وضده العقوق« مطل » بالطاء المهملة من قولهم اطل عليهم أي أشرف ، وفي بعض النسخ بالمعجمة وهو قريب المعنى من الأول لكن التعدية بعلى بالأول أنسب« دونكم » اسم فعل بمعنى خذوا ، ويدل ظاهرا على تجسم الأعمال والأخلاق في الآخرة ومن أنكره يأوله وأمثاله بأن الله تعالى يخلق صورا مناسبة للأعمال يريه إياها لتفريحه أو تحزينه ، أو الكلام مبني على الاستعارة التمثيلية وتنحي الصبر وتمكنه في إعانته يناسب ذاته فتفطن.

الحديث التاسع : كالسابق أيضا.

« أصبت » على بناء المجهول« بأبي وأخي » أي ماتا« وأخشى أن أكون قد وجلت » الوجل : استشعار الخوف وكان المعنى أخشى أن يكون حزني بلغ حدا مذموما شرعا فعبر عنه بالوجل أو أخشى أن تنشق مرارتي من شدة الألم أو أخشى الوجل الذي يوجب الجنون« عليك » اسم فعل بمعنى الزم والباء للتقوية« بتقوى الله » أي في الشكاية والجزع وغيرهما مما يوجب نقص الإيمان ، وكأنه إشارة إلى قوله تعالى : «وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ »(١) .

« تقدم » على بناء المعلوم من باب علم بالجزم جزاء للأمر في « عليك » أو

__________________

(١) سورة آل عمران : ١٨٦.

١٣٤

من الجسد فإذا فارق الرأس الجسد فسد الجسد وإذا فارق الصبر الأمور فسدت الأمور.

١٠ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن سماعة بن مهران ، عن أبي الحسنعليه‌السلام قال قال لي ما حبسك عن الحج قال قلت جعلت فداك وقع علي دين كثير وذهب مالي وديني الذي قد لزمني هو أعظم من ذهاب مالي فلو لا أن رجلا من أصحابنا أخرجني ما قدرت أن أخرج فقال لي إن تصبر تغتبط وإلا تصبر ينفذ الله مقاديره راضيا كنت أم كارها.

١١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن سنان ، عن أبي الجارود ، عن

_________________________________________

بالرفع استئنافا بيانيا وضمير« عليه » راجع إلى الصبر بتقدير مضاف أي جزاءه ، أو إلى الله أي ثوابه ، وقيل : إلى كل من الأب والأخ ، فإن فوته جزءا خير للعلة أو إلى الأب لأنه الأصل والكل بعيد.

« غدا » أي في القيامة أو عند الموت أو سريعا.

الحديث العاشر : موثق.

والاغتباط مطاوع غبطه ، تقول : غبطه أغبطه غبطا وغبطه فاغتبط هو كمنعته فامتنع ، والغبطة إن تتمنى حال المغبوط لكونها في غاية الحسن من غير أن تريد زوالها عنه ، وهذا هو الفرق بينها وبين الحسد ، وفي القاموس : الغبطة بالكسر حسن الحال والمسرة وقد اغتبط ، وقال : الاغتباط : التبهج بالحال الحسنة ، انتهى.

والاغتباط أما في الآخرة بجزيل الأجر وحسن الجزاء ، وفي الدنيا أيضا بتبديل الضراء بالسراء ، فإن الصبر مفتاح الفرج ، وقد قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : أضيق ما يكون الحرج أقرب ما يكون الفرج ، مع أن الكاره تزداد مصيبته فإن فوات الأجر مصيبة أخرى ، والكراهة الموجبة لحزن القلب مصيبة عظيمة ، ومن ثم قيل : المصيبة للصابر واحدة وللجازع اثنتان ، بل له أربع مصيبات الثلاثة المذكورة وشماتة الأعداء ، ومن ثم قيل : الصبر عند المصيبة مصيبة على الشامت.

الحديث الحادي عشر : ضعيف.

١٣٥

الأصبغ قال قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه الصبر صبران صبر عند المصيبة حسن جميل وأحسن من ذلك الصبر عند ما حرم الله عز وجل عليك والذكر ذكران ذكر الله عز وجل عند المصيبة وأفضل من ذلك ذكر الله عند ما حرم عليك فيكون حاجزا.

١٢ ـ أبو علي الأشعري ، عن الحسن بن علي الكوفي ، عن العباس بن عامر ، عن العرزمي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله سيأتي على الناس زمان لا ينال الملك فيه إلا بالقتل والتجبر ولا الغنى إلا بالغصب والبخل ولا المحبة إلا باستخراج الدين واتباع الهوى ـ فمن أدرك ذلك الزمان فصبر على الفقر وهو يقدر

_________________________________________

« صبر » خبر مبتدإ محذوف أي أحدهما صبر ، وحسن أيضا خبر مبتدإ محذوف ، أي هو حسن ، ويحتمل أن يكون صبر مبتدأ وحسن خبره ، فتكون الجملة استئنافا بيانيا ، وقوله : ذكر الله خبر مبتدإ محذوف ليس إلا« فيكون » أي الذكر والفاء بيانية« حاجزا » أي مانعا عن فعل الحرام.

الحديث الثاني عشر : صحيح.

« لا ينال الملك فيه » أي السلطنة« إلا بالقتل » لعدم إطاعتهم أما الحق فيتسلط عليهم الملوك الجورة فيقتلونهم ويتجبرون عليهم ، وذلك من فساد الزمان وإلا لم يتسلط عليهم هؤلاء« ولا الغناء إلا بالغصب والبخل » وذلك من فساد الزمان وأهله لأنهم لسوء عقائدهم يظنون أن الغناء إنما يحصل بغصب أموال الناس والبخل في حقوق الله والخلق ، مع أنه لا يتوقف على ذلك ، بل الأمانة وأداء الحقوق ادعى إلى الغناء لأنه بيد الله ، ولأنه لفسق أهل الزمان منع الله عنهم البركات ، فلا يحصل الغناء إلا بهما« ولا المحبة » أي جلب محبة الناس« إلا باستخراج الدين » أي طلب خروج الدين من القلب أي بطلب خروجهم من الدين ،« واتباع الهوى » أي الأهواء النفسانية أو أهوائهم الباطلة ، وذلك لأن أهل تلك الأزمنة لفسادهم لا

١٣٦

على الغنى وصبر على البغضة وهو يقدر على المحبة وصبر على الذل وهو يقدر على العز آتاه الله ثواب خمسين صديقا ممن صدق بي.

١٣ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن إسماعيل بن مهران ، عن درست بن أبي منصور ، عن عيسى بن بشير ، عن أبي حمزة قال قال أبو جعفرعليه‌السلام لما حضرت أبي علي بن الحسينعليه‌السلام الوفاة ضمني إلى صدره وقال يا بني أوصيك بما أوصاني به أبي حين حضرته الوفاة وبما ذكر أن أباه أوصاه به يا بني اصبر على الحق وإن كان مرا

_________________________________________

يحبون أهل الدين والعبادة ، فمن طلب مودتهم لا بد من خروجه من الدين ومتابعتهم في الفسوق.

« وصبر على البغضة » أي بغضة الناس له لعدم اتباعه أهواءهم ، وصبر على الذل كأنه ناظر إلى نيل الملك ، فالنشر ليس على ترتيب اللف فالمراد بالعز هنا الملك والاستيلاء ، أو المراد بالملك هناك مطلق العز والرفعة ، ويحتمل أن تكون الفقرتان الأخيرتان ناظرتين إلى الفقرة الأخيرة ولم يتعرض للأولى لكون الملك عزيز المنال لا يتيسر لكل أحد ، والأول أظهر.

وفي جامع الأخبار الرواية هكذا : وقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : أنه سيكون زمان لا يستقيم لهم الملك إلا بالقتل والجور ، ولا يستقيم لهم الغناء إلا بالبخل ولا يستقيم لهم الصحبة في الناس إلا باتباع أهوائهم والاستخراج من الدين ، فمن أدرك ذلك الزمان فصبر على الفقر وهو يقدر على الغناء ، وصبر على الذل وهو يقدر على العز وصبر على بغضة الناس وهو يقدر على المحبة أعطاه الله ثواب خمسين صديقا.

الحديث الثالث عشر : ضعيف.

« اصبر على الحق » أي على فعل الحق ، من ارتكاب الطاعات وترك المنهيات« وإن كان مرا » ثقيلا على الطبع لكونه مخالفا للمشتهيات النفسانية غالبا أو على

١٣٧

١٤ ـ عنه ، عن أبيه ، عن يونس بن عبد الرحمن رفعه ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال الصبر صبران صبر على البلاء حسن جميل وأفضل الصبرين الورع عن المحارم.

١٥ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى قال أخبرني يحيى بن سليم الطائفي قال أخبرني عمرو بن شمر اليماني يرفع الحديث إلى عليعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الصبر ثلاثة صبر عند المصيبة وصبر على الطاعة وصبر عن المعصية فمن صبر على المصيبة حتى يردها بحسن عزائها كتب الله له ثلاثمائة درجة ما بين الدرجة إلى الدرجة كما بين السماء إلى الأرض ومن صبر على الطاعة كتب الله له ستمائة درجة ما بين الدرجة إلى الدرجة كما بين تخوم الأرض إلى العرش ومن صبر عن المعصية كتب الله له تسعمائة درجة ما بين الدرجة إلى الدرجة كما بين تخوم الأرض إلى منتهى العرش.

_________________________________________

قول الحق وإن كان مرا على الناس ، فالصبر على ما يترتب على هذا القول من بغض الناس وأذيتهم ، أو على سماع الحق الذي إليك وإن كان مرا عليك مكروها لك. كمن واجهك بعيب من عيوبك فتصدقه فتقبله أو اطلعك على خطإ في الاجتهاد أو الرأي فتقبله ويمكن التعميم ليشمل الجميع.

الحديث الرابع عشر : مرفوع ، وضمير عنه راجع إلى أحمد فتنسحب عليه العدةالحديث الخامس عشر : ضعيف.

« حتى يردها » أي المصيبة وشدتها« بحسن عزائها » أي بحسن الصبر اللائق لتلك المصيبة« ثلاثمائة درجة » أي من درجات الجنة أو درجات الكمال فالتشبيه من تشبيه المعقول بالمحسوس ، وفي الصحاح : التخم منتهى كل قرية أو أرض ، والجمع تخوم كفلس وفلوس ، انتهى.

ويدل على أن ارتفاع الجنة أكثر من تخوم الأرض إلى العرش ، ولا ينافي ذلك كون عرضها كعرض السماء والأرض ، مع أنه قد قيل في الآية وجوه مع بعضها رفع التنافي أظهر.

١٣٨

١٦ ـ عنه ، عن علي بن الحكم ، عن يونس بن يعقوب قال أمرني أبو عبد اللهعليه‌السلام أن آتي المفضل وأعزيه بإسماعيل وقال أقرئ المفضل السلام وقل له إنا قد أصبنا بإسماعيل فصبرنا فاصبر كما صبرنا إنا أردنا أمرا وأراد الله عز وجل أمرا فسلمنا لأمر الله عز وجل.

١٧ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن سيف بن عميرة ، عن أبي حمزة الثمالي قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام من ابتلي من المؤمنين ببلاء فصبر عليه كان له مثل أجر ألف شهيد.

١٨ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن سنان ، عن عمار

_________________________________________

الحديث السادس عشر : موثق كالصحيح.

والظاهر أنه المفضل بن عمر ويدل على مدح عظيم له ، وأنه كان من خواص أصحابه وأحبائه ، وإسماعيل ولده الأكبر الذي كان يظن الناس أنه الإمام بعدهعليه‌السلام ، فلما مات في حياته علم أنه لم يكن إماما ، وهذا هو المرادبقوله عليه‌السلام :

أردنا أمرا ، أي إمامته بظاهر الحال أو بشهوة الطبع ، أو المراد إرادة الشيعة كالمفضل وأضرابه ، وأدخلعليه‌السلام نفسه تغليبا ومماشاة ، ويدل على لزوم الرضا بقضاء الله والتسليم له ، وقيل : المعنى أردنا طول عمر إسماعيل وأراد الله موته ، وأغرب من ذلك أنه قال : عزى المفضل بابن له مات في ذلك الوقت بذكر فوت إسماعيل.

الحديث السابع عشر : حسن كالصحيح.

قوله عليه‌السلام : مثل أجر ألف شهيد ، فإن قيل : كيف يستقيم هذا مع أن الشهيد أيضا من الصابرين حيث صبر حتى استشهد؟ قلت : يحتمل أن يكون المراد بهم شهداء سائر الأمم أو المعنى مثل ما يستحق ألف شهيد وإن كان ثوابهم التفضلي أضعاف ذلك ، وقيل : المراد بهم الشهداء الذين لم تكن لهم نية خالصة فلم يستحقوا ثوابا عظيما والأوسط كأنه أظهر.

الحديث الثامن عشر : ضعيف على المشهور.

١٣٩

بن مروان ، عن سماعة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إن الله عز وجل أنعم على قوم فلم يشكروا فصارت عليهم وبالا وابتلى قوما بالمصائب فصبروا فصارت عليهم نعمة.

١٩ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان جميعا ، عن ابن أبي عمير ، عن إبراهيم بن عبد الحميد ، عن أبان بن أبي مسافر ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول الله عز وجل : «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصابِرُوا » قال اصبروا على المصائب.

وفي رواية ابن أبي يعفور ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال صابروا على المصائب.

٢٠ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن محمد بن عيسى ، عن علي بن محمد بن أبي جميلة ، عن جده أبي جميلة ، عن بعض أصحابه قال لو لا أن الصبر خلق قبل البلاء لتفطر المؤمن كما تتفطر البيضة على الصفا.

_________________________________________

والوبال الشدة والثقل والعذاب ، أي صارت النعمة مع عدم الشكر نكالا وعذابا عليهم في الدنيا والآخرة ، وصار البلاء على الصابر نعمة في الدنيا والآخرة.

الحديث التاسع عشر : مجهول وآخره مرسل.

وكأنه تتمة الخبر الثاني المتقدم في باب أداء الفرائض وقد مر تفسير الآية ولا تنافي بينها فإن للآيات معاني شتى ظهرا وبطنا.

الحديث العشرون : ضعيف.

والتفطر التشقق من الفطر وهو الشق ، والصفا جمع الصفاة وهي الحجر الصلد الضخم لا تنبت ، وفيه إيماء إلى أن الصبر من لوازم الإيمان ومن لم يصبر عند البلاء لا يستحق اسم الإيمان كما مر أنه من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد ويشعر بكثرة ورود البلاء على المؤمن.

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347