نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ٦

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار18%

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 423

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 423 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 180055 / تحميل: 6670
الحجم الحجم الحجم
نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ٦

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

تواتر حديث الغدير

١٠١

١٠٢

هذا، ولبلوغ طرق حديث الغدير حدّ التواتر القطعي، الذي قلّ أن يتحقّق مثله لحديثٍ عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - لم يجد أكابر محققي أهل السنّة بدّاً من الاعتراف بتواتره، مصرّحين باعتقادهم الجازم بذلك وقطعهم بصدوره عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وإليك ذلك بالتفصيل:

ذكر من نص على ذلك

١. الحافظ الذهبي

وتوجد ترجمته في كثير من المعاجم مثل: ( طبقات الأسنوي ١ / ٥٥٨ ) و ( فوات الوفيات ٢ / ٣٧٠ )، وقد عبّر عنه ابن الوزير الصنعاني في ( الروض الباسم ) بـ « شيخ الاسلام » ورثاه تلميذه الشيخ تاج الدين عبد الوهاب بقصيدةٍ بليغة مفصلة، وقال السبط ابن العجمي في مقدمة ( الكشف الحثيث ) الذي انتخبه من ( الميزان ) في وصفه: « حافظ جهبذ ومؤرخ الإسلام وشيخ جماعة من الشيوخ » كما عبّر عنه ( الدهلوي ) بـ « إمام أهل الحديث »(١) * فقد قال الحافظ ابن كثير ما نصّه:

___________________

(١). وتوجد ترجمته في: الوافي بالوفيات ٢ / ١٦٣، وطبقات القراء ٢ / ٧١، وطبقات الشافعية للسبكي ٥ / ٢١٦، والنجوم الزاهرة ١٠ / ١٨٢، وغيرها.

١٠٣

« فأما الحديث الذي رواه ضمرة، عن أبي شوذب، عن مطر الورّاق، عن شهر بن حوشب، عن أبي هريرة، قال: لمّا أخذ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بيد علي قال: من كنت مولاه فعلي مولاه، فأنزل الله عزّ وجلّ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ) (١) . قال أبو هريرة: وهو يوم غدير خم، من صام يوم ثماني عشر من ذي الحجة كتب له صيام ستين شهراً.

فإنه حديث منكر جداً بل كذب، لمخالفته ما ثبت في الصحيحين عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب: أن هذه الآية نزلت في يوم الجمعة يوم عرفة ورسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - واقف بها كما قدمنا. وكذا قوله: إن صيام يوم الثامن عشر من ذي الحجة وهو يوم غدير خم يعدل صيام ستين شهراً، لا يصح، لأنه قد ثبت ما معناه في الصحيح: أن شهر رمضان بعشر أشهر، فكيف يكون صيام يوم واحد يعادل ستين شهراً؟ هذا باطل.

وقد قال شيخنا الحافظ أبو عبد الله الذهبي - بعد إيراد هذا الحديث -: هذا حديث منكر جدّاً، ورواه خيشون الخلّال وأحمد بن عبد الله بن أحمد الدّيري - وهما صدوقان - عن علي بن سعيد الرّملي، عن ضمرة، قال: ويروى هذا الحديث من حديث عمر بن الخطاب ومالك بن الحويرث وأنس بن مالك وأبي سعيد وغيرهم بأسانيد واهية.

قال: وصدر الحديث متواتر أتيقّن أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - قاله وأما: اللهمَّ وال من والاه، فزيادة قوية الإِسناد. وأما هذا الصوم فليس بصحيح، وو الله نزلت الآية يوم عرفة قبل غدير خم بأيام، والله أعلم »(٢) .

٢. الحافظ ابن الجزري

« أخبرنا أبو حفص عمر بن الحسن المراغي فيما شافهني به، عن أبي الفتح

___________________

(١). سورة المائدة: ٣.

(٢). التاريخ لابن كثير ٥ / ٢١٣ - ٢١٤.

١٠٤

يوسف بن يعقوب الشيباني، أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي، أخبرنا أبو منصور القزاز، أخبرنا الامام أبو بكر ابن ثابت الحافظ، أخبرنا محمد بن عمر بن بكير أبو عمر الأخباري، حدثنا أبو جعفر أحمد بن محمد الضبعي، حدثنا الأشج، حدثنا العلاء بن سالم، عن يزيد بن أبي زياد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: سمعت علياً - رضي‌الله‌عنه - بالرحبة ينشد الناس: من سمع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهمّ وال من والاه وعاد من عاداه؟ فقام اثنا عشر بدريا فشهدوا أنّهم سمعوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - يقول ذلك.

هذا حديث حسن من هذا الوجه، صحيح عن وجوه كثيرة، متواتر عن أمير المؤمنين علي -رضي‌الله‌عنه - وهو متواتر أيضاً عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

رواه الجم الغفير عن الجم الغفير، ولا عبرة بمن حاول تضعيفه ممّن لا اطلاع له في هذا العلم.

فقد ورد مرفوعاً عن: أبي بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وطلحة بن عبيد الله، والزبير بن العوام، وسعد بن أبي وقّاص، وعبد الرحمن بن عوف والعباس بن عبد المطلب، وزيد بن أرقم، والبراء بن عازب، وبريدة بن الحصيب، وأبي هريرة، وأبي سعيد الخدري، وجابر بن عبد الله، وعبد الله بن عباس، وحبشي بن جنادة، وعبد الله بن مسعود، وعمران بن حصين، وعبد الله ابن عمر، وعمار بن ياسر، وأبي ذر الغفاري، وسلمان الفارسي، وسعد بن زرارة، وخزيمة بن ثابت، وأبي أيّوب الأنصاري، وسهل بن حنيف، وحذيفة بن اليمان، وسمرة بن جندب، وزيد بن ثابت، وأنس بن مالك وغيرهم من الصحابة، رضوان الله عليهم.

وصحّ عن جماعة ممن يحصل القطع بخبرهم. وثبت أيضاً أن هذا القول كان منهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - يوم غدير خم »(١) .

___________________

(١). أسنى المطالب في مناقب علي بن أبي طالب: ٣ - ٤.

١٠٥

ترجمة ابن الجزري

وقد ترجم الحافظ السيوطي لابن الجزري بقوله: « ابن الجزري الحافظ المقري شيخ الاقراء في زمانه شمس الدين أبو الخير محمد بن محمد الدمشقي الشافعي، ولد سنة أحدى وخمسين وسبعمائة وسمع من أصحاب الفخر ابن البخاري وبرع في القراءات، ودخل الروم فاتصل بملكها [ أبي ] يزيد بن عثمان، فأكرمه وانتفع به أهل الروم، فلمّا دخل تيمور لنك إلى الروم وقتل ملكها، اتصل ابن الجزري بتيمور ودخل [ معه ] بلاد العجم، وولّي قضاء شيراز وانتفع به أهلها في القراءات والحديث، وكان إماماً في القراءات لا نظير له في عصره في الدنيا، حافظاً للحديث، وغيره أتقن منه، ولم يكن له في الفقه معرفة.

ألف: النشر في القراءات العشر، لم يصنف مثله، وله أشياء أخر وتخاريج في الحديث وعمل [ وقد ] وصفه ابن حجر بالحفظ في مواضع عديدة من الدرر الكامنة، مات سنة ٨٣٣ »(١) .

وفي ( مفتاح كنز دراية المجموع ) بعد رواية كتاب عقود اللآلي في الأحاديث المسلسلة والعوالي عن مؤلفه ابن الجزري ما نصه:

« إعلام - قال العلامة أبو القاسم عمر بن فهد في معجم شيوخ والده الحافظ تقي الدين ابن فهد: هو الامام العلامة أستاذ القراء أبو الخير قاضي القضاة شمس الدين كان والده تاجراً وبقي مدة من العمر لم يرزق ولداً، فلما حج شرب ماء زمزم وسأل الله أن يرزقه ولداً عالماً، فولد له شيخنا هذا بعد صلاة التراويح، من ليلة السبت الخامس والعشرين من رمضان سنة إحدى وخمسين وسبعمائة بدمشق، ونشأ بها وتفقه بها على العماد ابن كثير، ولع بطلب الحديث والقراءات فسمع من ابن الرميلة الصلاح ابن أبي عمرو وابن كثير في

___________________

(١). طبقات الحفاظ ٥٤٣ - ٥٤٤.

١٠٦

آخرين وله المؤلفات العديدة الجامعة المفيدة، من عيونها: النشر في القراءات العشر وأسنى المطالب في مناقب علي بن أبي طالب ».

وممن ترجم له هو ( الدهلوي ) نفسه، فقد ترجم له وأثنى عليه في ( بستان المحدثين ) الذي انتحله من ( مفتاح كنز الدراية )، فعبارته عين العبارات المتقدمة، فلا حاجة الى تكرارها(١) .

إعتماد العلماء عليه

ومما يدل على جلالة الحافظ ابن الجزري ووثاقته: إعتماد كبار علمائهم على كتبه، ونقلهم لأقواله وآرائه مذعنين بها، فمن ذلك: نقل السيوطي في كتابه ( حسن المقصد بعمل المولد ) عن « التعريف بالمولد الشريف » لابن الجزري، معبّراً عنه بـ « إمام القراء الحافظ ». وأيضاً: نقله في ( ميزان المعدلة في شأن البسملة ) عن كتاب ( النشر ) لابن الجزري معبّرا عنه بـ « أستاذ القراء الامام ».

كما قال السيوطي في كتاب ( الإتقان في علوم القرآن ) في تقسيم القراءات: « وأحسن من تكلم في هذا النوع: إمام القرّاء في زمانه، شيخ شيوخنا، أبو الخير ابن الجزري » ثم قال: بعد كلام له -: « قلت: أتقن الامام ابن الجزري هذا الفصل جداً »(٢) .

بل إنّ جماعة من كبار علمائهم، كابن حجر المكي والبرزنجي والسهارنفوري وغيرهم اعتمدوا على روايته لحديث الغدير وهم بصدد ردّه معبرين عنه بـ « الحافظ ».

كما تمسك ( الدهلوي ) في رد حديث « أنا مدينة العلم » بحكم ابن الجزري

___________________

(١). وتوجد ترجمة ابن الجزري في الأنس الجليل بتاريخ القدس والخليل ٢ / ١٠٩ والبدر الطالع ٢ / ٢٥٧ والضوء اللامع ٩ / ٢٥٥ وطبقات الداودي ٢ / ٥٩ وشذرات الذهب ٧ / ٤٠٢ وطبقات القراء ٢ / ٢٤٧.

(٢). الاتقان في علوم القرآن ١ / ٧٧.

١٠٧

بوضعه - حسب زعم الدهلوي -.

روايتهم لكتبه

ولقد اعتنى علماؤهم بمؤلفات الحافظ ابن الجزري فرووها بأسانيدهم، ويتجلى ذلك بمراجعة رسالة ( أصول الحديث ) و ( كفاية المتطلع ) و ( حصر الشارد ) وغيرها وقد عبروا عنه في أسانيدهم وطرقهم بـ « الحافظ ».

وقال الكاتب الجلبي - حيث ذكر الحصن الحصين لابن الجزري -: « وهو من الكتب الجامعة للأدعية والأوراد والأذكار الواردة في الأحاديث والآثار، ذكر فيه أنه أخرجه من الأحاديث الصحيحة، وأبرزه عدة عند كل شدّة. ولما أكمل ترتيبه طلبه عدوّه وهو تيمور، فهرب منه مختفياً تحصن بهذا الحصن، فرأى سيد المرسلينصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - جالساً على يمينه وكأنّه - عليه الصلاة والسلام - يقول له: ما تريد؟ فقال: يا رسول الله! أدع لي وللمسلمين، فرفع يديه ثم مسح بهما وجهه الكريم، وكان ذلك ليلة الخميس فهرب العدو ليلة الأحد، وفرّج الله سبحانه وتعالى عنه وعن المسلمين، ببركة ما في هذا الكتاب »(١) .

٣. الحافظ السيوطي

* الذي بالغ الشعراني في ( لواقح الانوار ) في تعظيمه، ووصفه المناوي بـ « الحافظ الكبير والامام الشهير » والعزيزي بـ « الإِمام العلامة مجتهد عصره وشيخ الحديث » والشامي صاحب السيرة بـ « شيخنا حافظ الاسلام بقية المجتهدين الأعلام »، وهو ممن يفتخر شاه ولي الله باتصال أسانيده إليه، وبذلك يتباهى ( الدهلوي ) أيضاً ويثني عليه في رسالة ( أصول الحديث ) * فإنّه قال ما هذا لفظه:

« حديث « من كنت مولاه فعلي مولاه » أخرجه الترمذي عن زيد بن أرقم،

___________________

(١). كشف الظنون ١ / ٦٦٩.

١٠٨

وأحمد عن علي وأبي أيوب الأنصاري، والبزّار عن أبي هريرة وطلحة وعمارة وابن عباس وبريدة، والطبراني عن ابن عمر ومالك بن الحويرث وحبشي بن جنادة وحوشب وسعد بن أبي وقّاص وأبي سعيد الخدري وأنس، وأبو نعيم عن خديج الأنصاري.

وأخرجه ابن عساكر عن عمر بن عبد العزيز، قال: حدثني عدة أنهم سمعوا رسول الله يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه.

واخرج ابن عقدة في « كتاب الموالاة » عن ابن حبيش، قال: قال علي: من هاهنا من أصحاب محمد؟ فقام اثنا عشر رجلاً منهم قيس بن ثابت وحبيب بن بديل بن ورقاء، فشهدوا أنهم سمعوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - يقول: من كنت مولاه فعليّ مولاه.

وأخرجه أيضاً عن يعلى بن مرة قال: لما قدم علي الكوفة، نشد الناس: من سمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه؟ فانتدب بضعة عشر رجلاً، منهم يزيد أو زيد بن شرحبيل الأنصاري »(١) .

أقول: واقتصار الحافظ السيوطي في كتابه هذا، على الاحاديث المتواترة والتزامه بعدم إيراد غيرها فيه، ظاهر من اسمه، ولا بأس بنقل خطبة الكتاب لمزيد الوضوح: « وبعد، فإنّي جمعت كتاباً سميته ( الفوائد المتكاثرة في الأخبار المتواترة )، أوردنا فيه ما رواه من الصحابة عشرة فصاعداً مستوعباً طرق كل حديث وألفاظه، فجاء كتاباً حافلاً لم أسبق إلى مثله، إلّا أنه لكثرة ما فيه من الأسانيد إنما يرغب فيه من له عناية بعلم الحديث، واهتمام عال، وقليل ما هم. فرأيت تجريد مقاصده في هذه الكراسة ليعم نفعه، بأن أذكر الحديث وعدة من الصحابة مقرونا بالعزو إلى من خرّجه من الأئمة المشهورين، وفي ذلك مقنع للمستفيدين، وسميته: الأزهار المتناثرة في الأخبار المتواترة ».

___________________

(١). الأزهار المتناثرة: ١.

١٠٩

أقول: فالحافظ السيوطي قد حكم بتواتر هذا الحديث وأدرجه في اثنين من مؤلفاته أعدهما لهذا الموضوع، وهما: ( الفوائد المتكاثرة في الأخبار المتواترة ) و ( الأزهار المتناثرة في الأخبار المتواترة )، وسيأتي حكمه بذلك في كتاب ثالث له وهو: ( قطف الأزهار المتناثرة في الأخبار المتواترة ).

ذكر كتب السيوطي في الأحاديث المتواترة

هذا، ولا ريب في ثبوت هذه الكتب للحافظ السيوطي، وهي من مؤلفاته المشهورة، وقد أورد الكتابين المذكورين في كشف الظنون، حيث قال: « الفوائد المتكاثرة في الأخبار المتواترة للسيوطي، وهو كتاب أورد فيه ما رواه من الصحابة عشرة فصاعداً مستوعباً فيه، فجاء كتاباً حافلاً، ثمّ جرّد مقاصده وسماه: الأزهار المتناثرة »(١) .

وقال: « الأزهار المتناثرة في الأخبار المتواترة، رسالة للسيوطي المذكور، جرّدها من كتابه المسمّى بالفوائد المتكاثرة »(٢) .

كما ذكره السيوطي الكتاب الثاني في قائمة مؤلفاته، وقد علمت تصريحه في خطبته بأنه مختصر من الفوائد المتكاثرة.

وأما كتابه الثالث، فقد ذكره العلامة المتقي، وسيأتي نص كلامه قريباً.

نقل حكمه بتواتر الحديث

وقد نقل حكم الحافظ السيوطي بتواتر حديث الغدير بعض العلماء مرتضين له، منهم:

العلامة المناوي * وستأتي ترجمته * حيث قال بشرح الحديث: « قال:

___________________

(١). كشف الظنون ٢ / ١٣٠١.

(٢). المصدر نفسه ١ / ٧٣.

١١٠

حديث متواتر »(١) .

والعلامة العزيزي، حيث قال بشرحه كذلك: « قال المؤلف: حديث متواتر »(٢) .

٤. الشيخ علي المتقي

* توجد ترجمته في ( أخبار الأخيار ) لعبد الحق الدهلوي، وقد جاء فيه: « قال الشيخ أبو الحسن البكري: للسيوطي منّة على العالمين وللمتقي منّة عليه ».

وفي ( سبحة المرجان في تراجم علماء هندوستان ) بترجمته: « وكان الشيخ ابن حجر المكي أستاذ المتقي، وقد صار أخيراً تلميذه ». وتوجد ترجمته أيضاً في: ( النور السافر في أخبار القرن العاشر / ٣١٥ ) و ( لواقح الأنوار في طبقات الأخيار، للشعراني ) و ( شذرات الذهب ٨ / ٣٧٩ ) وغيرها * إذ أورد حديث الغدير مع حديث المنزلة في كتاب ( مختصر قطف الأزهار )، وقد قال في خطبة هذا الكتاب:

« هذه أحاديث متواترة نحو اثنين وثمانين حديثاً التي جمعها العلامة السيوطي - رحمة الله تعالى عليه - وسمّاها ( قطف الأزهار المتناثرة ) وذكر فيها رواتها من الصحابة عشرة فصاعداً، لكني حذفت الرواة وذكرت متن الأحاديث ليسهل حفظها ».

٥. الميرزا مخدوم

* صاحب كتاب النواقض على الروافض، وهو حفيد الشريف الجرجاني وقد ذكره البرزنجي في نواقض الروافض واصفاً إيّاه بـ « السيد العلامة القاضي بالحرمين المحترمين معين الدين أشرف، الشهير بميرزا مخدوم الحسيني الحسني حفيد السيد السند المحقق العلامة نور الدين علي الجرجاني شارح المواقف وغيرها

___________________

(١). التيسير في شرح الجامع الصغير ٢ / ٤٤٢.

(٢). السراج المنير في شرح الجامع الصغير ٣ / ٣٦٠.

١١١

- صاحب المؤلفات العديدة والتحقيقات المفيدة » وذكر كتابه ( النواقض ) في ( كشف الظنون ) واعتمد عليه: رشيد الدين الدهلوي، وحيدر علي الفيض آبادي، والسهارنبوري، في ردودهم على الامامية * فانه قال في كتابه المذكور الذي تفوح منه رائحة التعصب الشديد. ما نصه:

« ومن هفواتهم القول بوجوب عصمة الأنبياء والأئمة، بمعنى أنه يجب على الله تعالى حفظهم من جميع الصغائر والكبائر وخلاف المروءة عمداً وسهواً وخطاً، من المهد إلى اللحد، مع أنّ القرآن وكتب الأحاديث والتواريخ مشحونة بخلاف ذلك

أفلا تنظرون إلى هذه الجماعة التي تأوّل أمثال هذه النصوص الجلية بما لا يقبله عقل عاقل، بل لا يحسّنه طبع جاهل؟! ومع ذلك يشنّعون علينا تجويزنا عدم دلالة حديث الغدير على نفي خلافة أبي بكر وثبوت خلافة علي بلا فصل، بل يقولون: إنه نص جلي منكره كافر، فإنْ تسألني عن حديث الغدير المتواتر أذكر لك الملخص الذي ذكره مفيدهم »(١) .

ألا تراه بينما يطعن في الاعتقاد بعصمة الأنبياء والأئمةعليهم‌السلام يعترف بتواتر حديث الغدير ولقد أجاد صاحب ( مصائب النواصب في الرد على النواقض على الروافض ) حيث قال في جوابه: « وأما رابعاً: فلأن قوله: فإنْ تسألني عن حديث الغدير أذكر لك متضمن الاعتراف بنقيض ما هو بصدده من تضييع الحق وترويج المحال، حيث أجرى الله تعالى على لسان قلمه ما هو الحق، فوصف حديث الغدير بالتواتر من غير أن يكون سياق كلامه مقتضياً لذكر هذا الوصف بوجه من الوجوه »(٢) .

___________________

(١). النواقض على الروافض - مخطوط.

(٢). مصائب النواصب للسيد التستري.

١١٢

٦. جمال الدين المحدث

* وهو من مشايخ إجازة ( الدهلوي ) ووالده. وفي ( المرقاة في شرح المشكاة ): إن « المحدث » من المشايخ الكبار. ولقد اعتمد المؤرخون والمحدثون على سيرته ( روضة الأحباب ) معتبرين إيّاه من التواريخ المعتبرة * فإنّه قال: « الحديث الثالث عشر من جعفر بن محمد، عن آبائه الكرامعليهم‌السلام أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - لما كان بغدير خم، نادى الناس فاجتمعوا، فأخذ بيد علي وقال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله، وأدر الحق معه حيث دار. وفي رواية: اللهمَّ أعنه وأعن به وارحمه وارحم به وانصره وانصر به.

فشاع ذلك وطار في البلاد، فبلغ ذلك الحارث بن النعمان الفهري، فأتى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - على ناقة له، فنزل بالأبطح عن ناقته وأناخها، فقال: يا محمد! أمرتنا أن نشهد أن لا إله إلّا الله، وأنك رسول الله فقبلناه منك، وأمرتنا أن نصلّي خمساً فقبلناه منك، وأمرتنا بالزكاة فقبلناه منك وأمرتنا أن نصوم فقبلناه منك، ثم أمرتنا بالحج فقبلناه منك، ثم لم ترض بهذا حتى رفعت بضبعي ابن عمك تفضله علينا وقلت: من كنت مولاه فعلي مولاه، فهذا شيء منك أم من الله عز وجلّ؟ فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : والذي لا إله إلّا الله إنّ هذا من الله.

فولّى الحارث بن النعمان وهو يريد راحلته وهو يقول: اللهم إنْ كان ما يقوله محمد حقاً فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم، فما وصل الى راحلته حتى رماه الله عز وجلّ بحجر، فسقط على هامته وخرج من دبره فقتله، وأنزل الله عز وجلّ:( سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ لِلْكافِرينَ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ ) .

أقول: أصل هذا الحديث سوى قصة الحارث، تواتر عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وهو متواتر عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - أيضاً رواه جمع كثير وجم

١١٣

غفير من الصحابة »(١) .

٧. الملّا علي القاري

* توجد ترجمته في ( خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر ٣ / ١٨٥ ) وغيره، وقد اثنوا عليه واعتمدوا على تصانيفه لا سيّما ( المرقاة في شرح المشكاة ) * قال بشرح قول صاحب المشكاة: « وعن زيد بن أرقم: أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - قال: من كنت مولاه فعلي مولاه، رواه أحمد والترمذي ». قال: « وفي الجامع: رواه أحمد وابن ماجة عن البراء، وأحمد بن بريدة، والترمذي والنسائي والضياء عن زيد بن أرقم، ففي إسناد المصنف الحديث عن زيد بن أرقم إلى أحمد والترمذي مسامحة لا تخفى.

وفي رواية لأحمد والنسائي والحاكم عن بريدة، بلفظ: من كنت وليّه فعلي وليّه.

وروى المحاملي في أماليه عن ابن عباس ولفظه: علي بن أبي طالب مولى من كنت مولاه.

والحاصل: إنّ هذا حديث صحيح لا مرية فيه، بل بعض الحفّاظ عدّه متواتراً، إذْ في رواية لأحمد: أنه سمعه من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - ثلاثون صحابياً، وشهدوا به لعلي لما نوزع أيام خلافته. وسيأتي زيادة تحقيق في الفصل الثالث عند حديث البراء »(٢) .

٨. ضياء الدين المقبلي

* المترجم له في ( البدر الطالع ١ / ٢٨٨ ) و ( التاج المكلّل: ٣٧٦ ) وغيرهما، ووصفه الشيخ محمد بن إسماعيل الأمير في ذيل الأبحاث المسددة بقوله: فإنّ

___________________

(١). الأربعين - مخطوط.

(٢). المرقاة في شرح المشكاة ٥ / ٥٦٨.

١١٤

الأبحاث المسددة في الفنون المتعددة، تأليف العلامة التقي صالح بن مهدي - رحم الله مثواه وبلّ بوابل رحمته ثراه - قد رزقت القبول، وهي به حقيقة، وكاد أن لا يخلو عنها بيت عالم، لما اشتملت عليه من فوائد أنيقة، إلّا أنّها تدقُّ عبارته عن الايضاح وتكثر إشارته إلى مسائل طال فيها اللجاج والكفاح، فرأيت إيضاح معانيها وشرح المشار إليه في غصون مبانيها، بذيل سميته ( ذيل الابحاث المسدّدة وحل مسائلها المعقّدة ) كما عدّه السندي في ( حصر الشارد ) والشوكاني في ( اتحاف الاكابر ) من الكتب المعتبرة، وذكرا طريقهما إلى مؤلفه في رواية الكتاب * فإنّه قال في ذكر الأحاديث النبوية الواردة في فضل أهل البيت عليهم الصلاة والسلام: « ومن شواهد ذلك ما ورد في حق علي - كرم الله وجهه في الجنة - وهو على حدته متواتر معنى، ومن أوضحه معنى وأشهره روايةحديث: من كنت مولاه فعلي مولاه، وفي بعض رواياته زيادة: اللهمَّ وال من والاه وعاد من عاداه. وفي بعض زيادة: وانصر من نصره واخذل من خذله.

وطرقه كثيرة جداً، ولذا ذهب بعضهم إلى أنه متواتر لفظاً فضلاً عن المعنى، وعزاه السيوطي في الجامع الكبير الى أحمد بن حنبل والحاكم وابن أبي شيبة والطبراني وابن ماجة والترمذي والنسائي وابن أبي عاصم والشيرازي وأبي نعيم وابن عقدة وابن حبان، بعضهم من رواية صحابي، وبعضهم من رواية اثنين، وبعضهم من رواية أكثر من ذلك.

وذلك من حديث: ابن عباس، وبريدة بن الحصيب، والبراء بن عازب، وجرير البجلي، وجندب الانصاري، وحبشي بن الجنادة، وأبي الطفيل، وزيد بن أرقم، وزيد بن ثابت، وحذيفة بن أسيد الغفاري، وأبي أيوب الأنصاري، وزيد ابن شراحيل الانصاري، وعلي بن أبي طالب، وابن عمر، وأبي هريرة، وطلحة، وأنس بن مالك، وعمرو بن مرة. وفي بعض روايات أحمد: عن علي وثلاثة عشر رجلاً، وفي رواية له وللضياء المقدسي، عن أبي أيوب وجمع من الصحابة. و في رواية لابن أبي شيبة وفيها: اللهمَّ وال من والاه الخ، عن أبي هريرة واثني

١١٥

عشر من الصحابة. وفي رواية أحمد والطبراني والمقدسي: عن علي وزيد ابن أرقم وثلاثين رجلاً من الصحابة.

نعم، فإنْ كان مثل هذا معلوماً وإلّا فما في الدنيا معلوم »(١) .

٩. محمد بن إسماعيل الأمير

* وهو من شيوخ القاضي الشوكاني كما في ( اتحاف الأكابر ) وقد ترجم له وأثنى عليه في ( البدر الطالع ٢ / ١٣٣ ) * قال: « وحديث الغدير متواتر عند أكثر أئمة الحديث، قال الحافظ الذهبي في تذكرة الحفاظ في ترجمة من كنت مولاه: ألّف محمد بن جرير فيه كتاباً - قال الذهبي: - وقفت عليه فاندهشت لكثرة طرقه. إنتهى.

وقال الذهبي في ترجمة الحاكم أبي عبد الله بن البيّع: فأما حديث من كنت مولاه فعلي مولاه فله طرق جيّدة أفردتها بمصنّف.

قلت: عدّه الشيخ المجتهد نزيل حرم الله ضياء الدين صالح بن مهدي المقبلي في الأحاديث المتواترة التي جمعها في أبحاث عن لفظ: من كنت مولاه فعلي مولاه، وهو من أئمة العلم والتقوى والانصاف.

ومع إنصاف الأئمة بتواتره فلا نميل بإيراد طرقه بل نتبرك ببعض منها »(٢) .

١٠. محمد صدر العالم

* وهو من أكابر علماء الهند ترجم له وأثنى عليه اللكنهوي في ( نزهة الخواطر ٦ / ١١٣ ) * قال: « ثم اعلم أن حديث الموالاة متواتر عند السيوطي -رحمه‌الله - كما ذكره في قطف الأزهار، فأردت أن أسوق طرقه ليتضح التواترْ، فأقول:

___________________

(١). الأبحاث المسددة في الفنون المتعددة: ١٢٢ في ذكر الأحاديث النبوية.

(٢). الروضة الندية - شرح التحفة العلوية: ٦٧.

١١٦

أخرج أحمد والحاكم عن ابن عباس، وابن أبي شيبة وأحمد عنه عن بريدة، وأحمد وابن ماجة عن البراء، والطبراني عن جرير، وأبو نعيم عن جندب الأنصاري، وابن قانع عن حبشي بن جنادة، والترمذي - وقال: حسن غريب - والنسائي والطبراني والضياء المقدسي عن أبي الطفيل عن زيد بن أرقم، وحذيفة بن أسيد الغفاري، وابن أبي شيبة والطبراني، عن أبي أيوب، وابن أبي شيبة وابن أبي عاصم، والضياء، عن سعد بن أبي وقاص، والشيرازي في الألقاب عن عمر، والطبراني عن مالك بن الحويرث، وأبو نعيم في فضائل الصحابة. عن يحيى بن جعدة، عن زيد بن أرقم، وابن عقدة في كتاب الموالاة عن حبيب بن بديل بن ورقاء، وقيس بن ثابت وزيد بن شراحيل الأنصاري، وأحمد عن علي وثلاثة عشر رجلاً، وابن أبي شيبة عن جابر، قالوا:

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من كنت مولاه فعلي مولاه. إلى آخر ما أفادوا وأجادوا »(١) .

١١. باني بتي

* وهو القاضي ثناء الله باني بتي، من كبار علماء الهند ترجم له البغدادي في ( ايضاح المكنون ١ / ٣١٠ ) وغيره وتوفي سنة ١٢١٦. * قال ما هذا تعريبه: « الأول - ما رواه بريدة بن حصيب وجماعة غيره من الصحابة: أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - قال في غدير خم - وهو موضع بين مكة والمدينة -: يا أيها الناس إنّ الله مولاي وأنا مولى المؤمنين، وأنا أولى بهم من أنفسهم، فمن كنت مولاه فهذا مولاه، اللهمَّ وال من والاه وعاد من عاداه - يعني عليّاً -.

وهذا حديث صحيح بل متواتر، رواه ثلاثون صحابياً. منهم: علي بن أبي طالب وأبو أيوب وزيد بن أرقم والبراء بن عازب وعمرو بن مرة وابو هريرة وابن

___________________

(١). معارج العلى في مناقب المرتضى - مخطوط.

١١٧

عباس وعمارة بن بريدة وسعد بن أبي وقاص وابن عمر وأنس وجرير بن عبد الله البجلي ومالك بن الحويرث وأبو سعيد الخدري وطلحة وأبو الطفيل وحذيفة بن أسيد وغيرهم.

وذكره جمهور المحدثين في الصحاح والسنن والمسانيد.

وجاء في بعض الروايات: من كنت أولى الناس به من نفسه فعلي وليّه، أللهمَّ وال من والاه وعاد من عاداه.

وتمسّك به الروافض على أنه نص جلي على استخلاف علي ويزعمون أن « مولى » بمعنى « الأولى بالتصرف » فهو الإِمام، ويزيدون على ألفاظ هذا الحديث المتواتر: « وهو الخليفة من بعدي وهو وليكم بعدي » وهي زيادة موضوعة »(١) .

١٢. محمد مبين اللكهنوي

* وهو من أكابر علماء أهل السنة في بلاد الهند ترجم له في ( نزهة الخواطر ٧ / ٤٠٣ ) وأرّخ وفاته بسنة ١٢٢٥ * قال بعد ذكر بعض طرقه في فضائل الإِمامعليه‌السلام : « وأكثر الأحاديث المذكورة في هذا الباب من المتواترات، كحديث « أنت مني بمنزلة هارون من موسى » و حديث « أنا من علي وعلي مني، اللهمَّ وال من والاه وعاد من عاداه » و حديث « لاعطينّ الراية رجلاً يحب الله ورسوله » وغيرها »(٢) .

___________________

(١). السيف المسلول: ١٠٨.

(٢). وسيلة النجاة في فضائل السادات: ١٠٤.

١١٨

خلاصة البحث

وخلاصة هذا البحث الطويل هو: أن حديث الغدير حديث متواتر ثابت لدى كبار علماء أهل السنة من حفاظهم ومفسريهم وعلمائهم في الكلام والأصول متواتر عند أعاظم أساطينهم وأعيان علمائهم الفطاحل، من المتقدمين والمتأخرين.

وقد ظهر ذلك جلياً بتصريح جماعة منهم

ولنذكر هنا كلاماً للشّريف المرتضى -رحمه‌الله - نختم به هذا الفصل من البحث، قال:

« أما الدلالة على صحة الخبر فيما يطالب بها إلّا متعنّت، لظهوره وانتشاره وحصول العلم لكلّ من سمع الاخبار به، وما المطالب بتصحيح خبر الغدير والدلالة عليه، إلّا كالمطالب بتصحيح غزوات النبي الظاهرة المنشورة وأحواله المعروفة وحجّة الوداع نفسها، لأن ظهور الجميع وعموم العلم به بمنزلة واحدة.

وبعد، فان الشيعة قاطبة تنقله وتتواتر به، وأكثر رواة أصحاب الحديث ترويه بالأسانيد المتصلة وأصحاب السير ينقلونه عن أسلافهم خلفاً عن سلف، نقلاً بغير إسناد مخصوص، كما نقلوا الوقائع والحوادث الظاهرة.

وقد أورده مصنفوا الحديث في جملة الصحيح، وقد استبد هذا الخبر بما لا

١١٩

يشركه فيه سائر الاخبار، لأن الأخبار على ضربين: أحدهما: لا يعتبر في نقله الأسانيد المتصلة كالخبر عن وقعة بدر وخيبر والجمل وصفين وما جرى مجرى ذلك من الامور الظاهرة، التي يعلمها الناس قرناً بعد قرن بغير إسناد وطريق مخصوص، والضرب الآخر: يعتبر فيه إتصال الأسانيد، كأخبار الشريعة.

وقد اجتمع في خبر الغدير الطريقان مع تفريقهما في غيره من الأخبار، على أن ما اعتبر في نقله في أخبار الشريعة إتصال الاسانيد لو فتشت عن جميعه لم تجد رواته إلّا آحاداً، وخبر الغدير قد رواه بالأسانيد الكثيرة المتصلة الجمع الكثير فمزيّته ظاهرة »(١) .

___________________

(١). الشافي في الامامة: ١٣٢ ط القديم.

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

أنّهم يتزوّجون من مسيحيات ، ممّا يجعلهم يختلطون معهم في حفلات مختلطة ، وغناء ورقص وغير ذلك.

وأنا ـ كسنّي ـ فهمت بأنّ زواج المتعة حلال ، وله أدلّته كالزواج الدائم ، كما ذكر السيّد السيستاني وغيره من العلماء والمراجع ، يحفظهم الله أجمعين ، ولكن لماذا يحلّل بعض العلماء الزواج المؤقت من الزانية والمشهورة بالزنى؟ أو ليس هناك آية صريحة يقول فيها الله :( وَالزَّانِيَةُ لاَ يَنكِحُهَا إِلاَّ زَانٍ ) (١) ، أو ليس هذا اجتهاد صريح مقابل النصّ؟! أرجو التوضيح.

آسف على الإطالة ، ولكنّي أبحث عن الحقّ ، وقد أُعجبت بمذهب أهل البيت ، ولكن رأيت من يمثّل أهل البيت لهم فتاوى غريبة ، كالتي ذكرتها ، وأنا أُريد أن أسير في طريق أهل البيت ، ولكن يوجد فتاوى كالتي ذكرتها ، والمزيد ما لم اذكره أجد فيه غرابة ، واجتهاد مقابل النصّ القرآني.

على العموم أنا إنسان في طريق الاستبصار ، فقد فهمت كُلّ عقائد أهل البيت ، ولكنّي أعجب من فتاوى العلماء الذين سوف يكون واحد منهم مرجعي ، فأرجو منكم التوضيح التامّ للأمر الذي ذكرته ، وسوف يكون بيننا تواصل إنشاء الله تعالى.

ج : مسألة التمتّع بالزانية محلّ خلاف عند فقهاء الشيعة ، فمنهم من يرى الكراهة ، ومنهم من لا يجوّزها خصوصاً في المشهورة بالزنا ، ويعتمد كُلّ منهم على نصوص وأحاديث ـ كما هو مقرّر في محلّه ـ ولكن بنحو الإجمال نشير إلى أنّ الآية التي ذكرتموها( وَالزَّانِيَةُ لاَ يَنكِحُهَا إِلاَّ زَانٍ ) ، قد يحتمل فيها وجه آخر وهو : أنّ الزاني والزانية بعد توبتهما يصبحان كمن لا ذنب له ، والآية ـ على هذا الاحتمال ـ في مجال ذكر حكمهما قبل التوبة.

وعلى فرض التنزّل ، فالمسألة محلّ خلاف حتّى عند السنّة أيضاً ، وفي هذا المجال لابأس أن يراجع إلى المجموع للنووي(٢) ، اعتماداً على حديث «لا يحرّم

__________________

١ ـ النور : ٣.

٢ ـ المجموع ١٦ / ٢١٩.

٢٢١

الحرام الحلال »(١) ؛ فالمسألة هي محلّ بحث ونقاش عند الفريقين ، وليس بالأمر المسلّم حتّى يعتمد عليه.

وأخيراً : لابأس أن نشير إلى نقطة هامّة في المقام ، وهو أنّه في طريق البحث عن العقيدة والمذهب الصحيح لا ينبغي أن نتحقّق في المواضيع الهامشية ، بل يجب علينا أن نبحث في الأُسس والأركان ، ثمّ إنّ رضينا وقنعنا بها ، نقبل بالتفاصيل بصورة عامّة.

ولا يعقل أن نتساءل في كُلّ مورد عن الأدلّة والتفاصيل ، بل نرجع فيها إلى ذوي الخبرة والاختصاص ، فالمسائل والفروع الفقهية هي محلّ بحث ونقاش حتّى الآن ، وهذا لا يخدش في أصل العقيدة والمذهب بعد ما أثبتنا صحّته بالدلائل العقلية والنقلية.

( عبد الله ـ الكويت ـ سنّي ـ ٢٥ سنة ـ دبلوم تجارة )

تعليق على الجواب السابق :

س : السلام عليكم يا اتباع الحقّ.

في الحقيقة أنّني استلمت ردّكم على سؤالي ، وأنا أشكركم جدّاً على جهدكم المتواصل ، لتوصيل مذهب أهل البيت للناس ، ولكن للأسف قليل من الناس من يعرف قدر أهل بيت رسول الله ، المهمّ أنّني قرأت الإجابات ، وإنّني أصارحكم بأنّني لم اقتنع بشكل كامل ، ولكن أصبحت الصورة أوضح والحمد لله.

( حسام ـ ـ سنّي )

التطبيق العملي لها :

السؤال : الإخوة الأفاضل في مركز الأبحاث العقائدية.

__________________

١ ـ السنن الكبرى للبيهقي ٧ / ١٦٨ ، سنن الدارقطني ٣ / ١٨٨ ، سنن ابن ماجة ١ / ٦٤٩.

٢٢٢

أُحبّ أن أشكركم على الكتب التي أرسلتموها لي في الفترة الماضية ، والحقيقة تقال : أنّ لديكم علماء ذوي أقدام راسخة في العلم ، وللأسف نحن أهل السنّة لا نعرفهم ، وهذا من باب إغلاق العقول وللأسف ، ولكنّني لست ممّن يغلق عقله ، بل على العكس أُحبّ الانفتاح على الفرق المخالفة لأهل السنّة ، بل لي كثير من الأفكار التي تخالفهم ، والحقيقة أنّني أقرأ كتبكم بحبّ وشوق ، وأنا حريص على الحقيقة.

ولكن عندي تساؤل وهو : إذا قلنا بالمتعة وجوازها بناء على الأدلّة ، كيف سيتمّ تطبيق ذلك عملياً ، ومقصدي : أنّ المرأة حينما تتزوّج بطريق المتعة عدّة مرّات ، ألا يعتبر ذلك عيباً في حقّها ، حتّى أنّ الأمر قد يصل إلى أن تفتح النساء مجالاً لأن تتزوّج بالمتعة ، فهل هذه التطبيقات العملية تكون مجدية أم لا يعتبر ذلك من العيوب؟ فيصير الأمر كأنّه شبيه ببيوت الدعارة؟ أرجو الإفادة في هذه النقطة.

ج : نسأل الله تعالى أن يوفّقكم لكُلّ خير ، ويبارك في جهودكم ويسدّد خطاكم ، ونلفت انتباهكم إلى عدّة أُمور :

١ ـ المتعة كالزواج الدائم في وجوب العدّة ، فكما يجب على المرأة المطلّقة في الزواج الدائم أن تعتدّ ، فكذا يجب على المرأة في المتعة أن تعتدّ بعد أن تنقضي المدّة المقرّرة ، وبناء على هذا الأصل لا يرد ما ذكرتموه.

ويكون حال المتمتعة كحال المرأة التي تطلّق عدّة مرّات ثمّ تتزوّج ، وما أكثر أمثال هذه الموارد في عصرنا الحاضر ، بالأخص في الخليج ، حيث أنّ الطلاق عندهم كثير جدّاً ، والمرأة تطلّق وتتزوّج عدّة مرّات.

٢ ـ أنّ المتعة بُنيت على الكتمان ، كما ورد في الحديث.

٣ ـ أنّ المتعة من المسائل التي جعلها الإسلام لحلّ المسألة الجنسية والاحتياج الجنسي في المجتمع ، وذلك بصورة منتظمة ، وذلك لئلاّ يقع الناس في حرج

٢٢٣

ويرتكبوا المحرّم ، حتّى أنّ أمير المؤمنينعليه‌السلام صرّح : «لولا أنّ عمر نهى عن المتعة ما زنى إلاّ شقي »(١) .

وعن ابن عباس : « ما كانت المتعة إلاّ رحمة رحم الله بها هذه الأُمّة ، ولولا نهي عمر بن الخطّاب عنها ما زنى إلاّ شقي »(٢) .

وكُلّ ما ذكرتموه من اشكالات وتصوّرات ترتابها الشكوك عن الواقع العملي للمتعة ، إنّما ينشأ لعدم أُلفة مجتمعاتنا لهذه المسألة ، ولم يكن تحريماً بسيطاً كسائر التحريمات ، وإنّما تحريم وعقاب ، تحريم مع تهديد بالرجم ، مع التشديد في العقوبة.

ففي المبسوط للسرخسي قال عمر : « لا أُوتي برجل تزوّج امرأة إلى أجل إلاّ رجمته ، ولو أدركته ميّتاً لرجمتُ قبره »(٣) .

وإنّ تحريم عمر للمتعة وتغليظه في التحريم ، ممّا جعل هذه المسألة تكون غير مألوفة في المجتمعات الإسلامية ، وإلاّ فإنّها كانت في غاية البساطة ، حتّى أنّ عبد الله بن مسعود قال : كنّا نغزو مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ليس لنا نساء ، فقلنا : ألا نستخصي؟ فنهانا عن ذلك ، ثمّ رخّص لنا أن ننكح المرأة بالثوب إلى أجل ، ثمّ قرأ عبد الله :( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحَرِّمُواْ طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ) (٤) .

وروي عن ابنة أبي خثيمة : « أنّ رجلاً قدم من الشام فنزل عليها ، فمكث معها ما شاء الله أن يمكث ، ثمّ إنّه خرج ، فأخبر عن ذلك عمر بن الخطّاب ،

__________________

١ ـ المصنّف للصنعاني ٧ / ٥٠٠ ، جامع البيان ٥ / ١٩ ، الدرّ المنثور ٢ / ١٤٠ ، التفسير الكبير ٤ / ٤١ ، تفسير البحر المحيط ٣ / ٢٢٥.

٢ ـ شرح معاني الآثار ٣ / ٢٦ ، الاستذكار ٥ / ٥٠٦ ، التمهيد ١٠ / ١١٤ ، أحكام القرآن للجصّاص ٢ / ١٨٦ ، الجامع لأحكام القرآن ٥ / ١٣٠ ، الدرّ المنثور ٢ / ١٤١.

٣ ـ المبسوط للسرخي ٥ / ١٥٣.

٤ ـ المائدة : ٨٧ ، وأُنظر : مسند أحمد ١ / ٤٣٢ ، صحيح البخاري ٦ / ١١٩ ، صحيح مسلم ٤ / ١٣٠ ، السنن الكبرى للبيهقي ٧ / ٧٩ و ٢٠٠ ، المصنّف لابن أبي شيبة ٣ / ٢٧١ و ٣٩١ ، السنن الكبرى للنسائي ٦ / ٣٣٧ ، مسند أبي يعلى ٩ / ٢٦٠ ، صحيح ابن حبّان ٩ / ٤٤٩.

٢٢٤

فأرسل إليّ فسألني : أحقّ ما حدّثت؟ قلت : نعم ، قال : ما حملك على الذي فعلته؟

قال : فعلته مع رسول الله ثمّ لم ينهاها عنه حتّى قبضه الله ، ثمّ مع أبي بكر فلم ينهاها عنه حتّى قبضه الله ، ثمّ معك فلم تحدث لنا فيه نهياً ، فقال عمر : أما والذي نفسي بيده ، لو كنت تقدّمت في نهي لرجمتك »(١) .

فمن هذا يتبيّن : أنّ المسألة كانت في غاية السهولة من ناحية الدافع العملي ، ولو كانت مجتمعاتنا قد رضيت بهذه المسألة وطبّقتها عملياً ، لكانت مجتمعاتنا مجتمعات صالحة يسودها كُلّ خير ، ولما اضطرّت إلى اختراع زواج المسيار!!

هذا ، وإنّ الأحكام الشرعية تعبّدية ، ليس لنا أن نرفضها لمجرّد بعض الفرضيات ، ولو فتحنا هكذا باب لرفضنا الكثير من الأحكام الشرعية ، أمثال مسألة الرضاع التي ربما سبّبت بعض المشاكل.

( إبراهيم عبد الكريم ـ النيجر ـ سنّي )

الشيعة تحلّلها :

س : بعد التحية الطيّبة ، أسأل الله أن يهدينا إلى الحقّ ، ويثبّتنا عليه بفضله وكرمه ، سؤالي هو : إنّ الشيعة يحلّلون زواج أكثر من أربع نساء.

ج : إنّ طلب الحقّ أمر ممدوح ، وعدم الاعتماد على الخصم في فهم التشيّع ، والاعتماد على كتب علماء الشيعة ، هو الطريق الوحيد لفهم مذهب أهل البيتعليهم‌السلام .

الشيعة لا تحلّل الزواج أكثر من أربع نساء ، نعم تحلّل الزواج المؤقت ، وله شروط منها : أن لا تكون البنت بكراً ، فلو كانت بكراً توقّف الجواز على إذن أبيها ، وتعيين الوقت والمهر ، والعدّة بعد انقضاء المدّة.

__________________

١ ـ كنز العمّال ١٦ / ٥٢٢.

٢٢٥

وزواج المتعة اتفق المسلمون على أنّه كان حلالاً زمن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأبي بكر ، وبعض خلافة عمر ، حتّى حرّمه عمر بقوله : « مُتعتان كانتا على عهد رسول الله وأنا أنهى عنهما ، وأُعاقب عليهما »(١) .

( أحمد منصور ـ البحرين )

التمتّع بالصغيرة ليست من مختصّات الشيعة :

س : أودّ في بداية هذه الرسالة أن أشكركم على جهودكم لتبيين كلمة الحقّ ، ودحض الحجج الواهية لأعداء مذهب الحقّ ، ممّا يأخذه بعضهم علينا مسألة التمتّع بالصغيرة أو الرضيعة ، وضّحوا لنا هذه المسألة ، جزاكم الله خيراً ، وكتبه في ميزان أعمالكم.

ج : أكثر علمائنا يشترط في التمتّع بالبنت بلوغها سنّاً يصدق عليه عرفاً إمكان التمتّع بها ، وهذا غير العقد على الصغيرة ، فالعقد شيء والتمتّع شيء آخر.

وهذه الشبهة ممّا أُثيرت مؤخّراً ضدّ الشيعة ، مع أنّها ليست من مختصّات فقه الشيعة ، بل يشترك فيها الكثير من علماء مذاهب أهل السنّة ، فهذا النووي يذكر في كتابه المجموع الكثير من الآراء لفقهاء المذاهب الإسلامية ، وفي أبواب مختلفة من كتابه تصبّ مصبّ التمتّع بالصغيرة(٢) .

__________________

١ ـ أُنظر : السنن الكبرى للبيهقي ٧ / ٢٠٦ ، معرفة السنن والآثار ٥ / ٣٤٥ ، الاستذكار ٤ / ٦٥ و ٥ / ٥٠٥ ، التمهيد ٨ / ٣٥٥ و ١٠ / ١١٣ و ٢٣ / ٣٥٧ و ٣٦٥ ، المحلّى ٧ / ١٠٧ ، المبسوط للسرخي ٤ / ٢٧ ، المغني لابن قدامة ٧ / ٥٧٢ ، الشرح الكبير ٧ / ٥٣٧ ، شرح معاني الآثار ٢ / ١٤٦ ، أحكام القرآن للجصّاص ١ / ٣٣٨ و ٣٥٤ و ٣ / ٣١٢ ، التفسير الكبير ٤ / ٤٢ ، الجامع لأحكام القرآن ٢ / ٣٩٢ ، الدرّ المنثور ٢ / ١٤١.

٢ ـ المجموع ١٦ / ٢٧ و ٤٠ و ١٦٨ و ١٧٢ و ١٩٦ و ٣٣٠ و ٣٤٠ و ٣٧٤ و ٤٠٨ و ١٧ / ٩ و ٥١ و ٧٤ و ١٥٤ و ١٦٩ و ٣٠٨ و ٣٩٥.

٢٢٦

( ـ الجزائر ـ )

حلّ من الحلول للزانية :

س : في اعتقادنا أنّ الزانية أصلح ما يكون لها هو زواج المتعة بعد استتابتها ، لأنّه أحفظ لها من الضياع المطلق ، والفساد الأكيد الذي يحرق الأخضر واليابس ، فالزانية أخطر على الأُمّة من الأسلحة الفتّاكة ، لأنّ الزنا يفسد الحرث والنسل ، ولو دقّقتم في الأمر ، وتتبّعتم التسلسل القرآني لوجدتم ما أشرنا له.

ج : نعم ، الزانية يمكن أن يكون زواج المتعة حلّ من الحلول لها بعد استتابتها ، ولكن لا يمكن لنا أن نحصر فلسفة زواج المتعة بهذا المنظار الضيّق ، ولا أنّ الحلّ للزانية التائبة بزواج المتعة.

وعلى كُلّ حال ، فما ذكرتموه بعمومه جيّد.

( ـ السعودية ـ سنّي )

تعتبر من الحلول الأساسية للمجتمع :

س : بالنسبة لزواج المتعة لدي سؤال واحد فقط : هل ترضى أن تزوّج أُختك أو ابنتك زواج متعة؟ يتمتّع بها الرجال بين الحين والآخر ، هذا هو البلاء وعدم الاستقرار ، وهضم كامل لحقوق المرأة ، وبه أصبحت المرأة مجرّد سلعة رخيصة يلهو بها الرجال بين الحين والآخر ، يأكلون منها يوماً ويتركونها يوماً ، وبزواج المتعة ليس هناك حفظ للنسل ، ولا لحقوق المرأة ، فأيّ زواج هذا الذي تصبح به المرأة مجرّد شهوة وقتية يقضي به الرجل شهوته ثمّ يتركها؟ وألا تعتقد أنّ هذا الزواج قريب جدّاً من الزنا؟

ج : تارة نبحث عن أصل المشروعية له ، وما ذكر حوله في القرآن والسنّة ، وأنّه كان ثابتاً قطعاً ، فهل نسخ؟! وكما هو المعلوم النسخ لابدّ أن يأتي متواتراً ، وإذا كان قد نسخ ، لماذا قال عمر بن الخطّاب : « مُتعتان كانتا على عهد رسول الله وأنا أنهى عنهما ، وأُعاقب عليهما »؟! ولماذا كان ابن عباس

٢٢٧

يفتي بالمتعة إلى آخر حياته؟! وهل يصدّق بأنّ ابن عباس لم يصل إليه النسخ؟! تساؤلات علينا أن نبحث فيها.

وتارة نبحث أترضى كذا وكذا ، فهل هذا بحث علمي ، أم هو من كلام العاجزين عن الدليل الذين يهذون بهذه الترهات.

فإذا استطعنا أن نثبت أصل الحكم الشرعي ، لا يمكن أن نورد هكذا خزعبلات ، وإذا فتحنا الباب أمام هذه المغالطات ، فإنّها ستجري على جميع الأحكام الشرعية.

فلو كانت أُختك أو ابنتك قد طلّقت ، وتزوّجت ثانية ، وطلّقت ، وأرادت الزواج مرّة أُخرى ، فكيف ترضى أن يتمتّع بها الرجال بين الحين والآخر؟!

وكما هو معلوم لدى أهل التحقيق : أنّ المتعة لها شروط منها : أن لا تكون بكراً ، فإذا كانت بكراً يشترط في زواجها متعة إذن الولي ، ومنها : العدّة ، فإذا انقضت المدّة وأرادت أن تتمتّع بآخر لا يمكن لها إلاّ بعد العدّة.

فالمتعة حقيقة ثابتة ، تعتبر من الحلول الأساسية للمجتمع ، وذلك إذا طبّقت بشرطها وشروطها.

( كنان حداد ـ ـ )

تساؤلات حول المتعة :

س : وجزاكم الله كُلّ خير ، أرجو إجابتكم المفصّلة عن هذه الأسئلة التي طالما أرقتني وأضاقت صدري ، وأشعلت الشكوك في نفسي :

١ ـ هل تمتّع الأئمّةعليهم‌السلام أو نساء أهل البيت؟ ـ مع الدليل ـ وإذا لم يفعلوها ، فلماذا نفعل ما لم يفعلوه؟

٢ ـ لماذا لم يعد الإمام عليعليه‌السلام العمل بالمتعة عند خلافته ، وإذا أعادها فما الدليل؟

٣ ـ كيف يمكن التوفيق بين شرط العدل بين الزوجات وبين زواج المتعة؟

٤ ـ كيف يمكن التوفيق بين أبغض الحلال عند الله الطلاق ، وبين استحباب التمتّع ، بل وأكثر من مرّة؟

٢٢٨

٥ ـ كيف تكون المستمتع بها مستأجرة وهو عقد بين طرفين؟

ج : نجيب على أسئلتكم بالترتيب كما يلي :

١ ـ إنّ الكلام في موضوع المتعة هو الكلام في جوازه لا في وجوبه حتّى يلتزم كُلّ مسلم بإتيانه ، فنحن نثبت جواز هذا العمل في السنّة النبوية ، ومن ثمّ تفسيق من حرّمه.

هذا ، وقد يستفاد من بعض النصوص أنّ المعصومينعليهم‌السلام قد أتوا بهذه السنّة في بعض الأحيان(١) .

ثمّ إنّ هذا العمل أساسه على الكتمان والتستّر ، خصوصاً بعد أن عرفنا أنّ السلطات آنذاك كانت تطارد المجوّزين ، وتصرّ على الحرمة.

٢ ـ من الطبيعي أن لا تكون الإعادة بالإشهار ، فهل يعقل أنّ الإمامعليه‌السلام يعلن الجواز على رؤوس الإشهاد؟ وما هي المصلحة من وراء ذلك؟ بل الطريق المتعارف هو عدم الردع عن العمل من جهة ، والإشارة إلى شناعة اجتهاد عمر في المسألة من جهة أُخرى ، وهذا ما صدر عنهعليه‌السلام إذ قال : «لولا أنّ عمر نهى عن المتعة ما زنى إلاّ شقي »(٢) .

٣ ـ لا علاقة بين المسألتين ، فإنّ المتعة لا تعارض حقوق الزوجات ، فللرجل أن يجمع بين الجهات المذكورة ، وأمّا إن فرضنا أنّ رجلاً لا يتمكّن من الجمع المذكور ، فهذا أمر يخصّه ، ولا يرتبط بمبدأ تشريع الحكم.

٤ ـ الفرق واضح بين المقامين : فإنّ حكمة الزواج الدائم تأسيس كيان في المجتمع ـ العائلة ـ بناؤه على الدوام والاستمرار ، وحينئذٍ فانقطاعه في الحقيقة يحدث تضعضعاً في نظام المجتمع والأُسرة ، فهو حدث غير مرغوب فيه على شذوذه وندرته بخلاف زواج المتعة ، إذ هو عقد منقطع ومؤقت إلى أجل معلوم ، فلم يؤخذ فيه الاستمرارية حتّى نصطدم بانقضاء المدّة ، أي أن انتهاء الأجل في

__________________

١ ـ وسائل الشيعة ٢١ / ١٠ و ١٣.

٢ ـ المصنّف للصنعاني ٧ / ٥٠٠ ، جامع البيان ٥ / ١٩ ، الدرّ المنثور ٢ / ١٤٠ ، التفسير الكبير ٤ / ٤١ ، تفسير البحر المحيط ٣ / ٢٢٥.

٢٢٩

الزواج المنقطع هو فرض قد أُخذ في العقد ، والطرفان على علم مسبق به ، ولكنّ الطلاق في الزواج الدائم هو أمر غير متوقّع في الأصل ، بل هو حلّ لحالات استثنائية وطارئة.

٥ ـ نعم ، زواج المتعة عقد بين الطرفين ، ولا ينافي ذلك أن يكون عقد إجارة ، والمقصود من عقد الإجارة في المقام هو التنظير بين المسألتين في الحكم من حيث اعتبار المدّة والأجل والأجرة في مشروعية العمل في كلا الموردين.

( أبو هادي ـ فلسطين ـ سنّي ـ بكالوريوس تجارة )

صحيحة عقلاً وشرعاً :

س : أودّ أن أسأل عن زواج المتعة وحكمه؟ مع الاسترشاد بالأحاديث أو الآيات القرآنية الكريمة.

ج : هو حلّ معقول وجذري للمشكلة الجنسية في ظروف عدم التمكّن من الزواج الدائم ، أو موارد حرجة أُخرى ، هذا بحسب العقل.

وأمّا من جهة النصوص ، فلا خلاف في ثبوت تشريع المتعة عند علماء المذاهب الإسلامية بأجمعهم ، معتمدين في ذلك على آية( فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً ) (١) ، حتّى أن بعضهم قد قرأها بالشكل التالي :( فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ إلى أجل مسمّى ) (٢) ، وهذا صريح في إرادة الزواج المؤقت.

وعلى أيّ حال ، فالكُلّ متّفقون على إباحة المتعة بالكتاب والسنّة(٣) .

__________________

١ ـ النساء : ٢٤.

٢ ـ المستدرك ٢ / ٣٠٥ ، السنن الكبرى للبيهقي ٧ / ٢٠٦ ، المعجم الكبير ١٠ / ٣٢٠ ، الاستذكار ٥ / ٥٠٥ ، التمهيد ١٠ / ١١٣ ، جامع البيان ٥ / ١٨ ، معاني القرآن ٢ / ٦١ ، أحكام القرآن للجصّاص ، الكشف والبيان ٣ / ٢٨٦ ، معالم التنزيل ١ / ٤١٤ ، الجامع لأحكام القرآن ٥ / ١٣٠ ، تفسير البحر المحيط ٣ / ٢٢٥ ، تفسير القرآن العظيم ١ / ٤٨٦ ، الدرّ المنثور ٢ / ١٤٠.

٣ ـ أُنظر : جامع البيان ٥ / ١٨ ، الجامع لأحكام القرآن ٥ / ١٣٠ ، الدرّ المنثور ٢ / ١٤٠ ، تفسير القرآن العظيم ١ / ٤٨٦.

٢٣٠

ثمّ إنّ المخالفين للجواز يدّعون ورود النسخ لهذه الآية بآيات أظهرها من حيث الدلالة هي :( وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ ) (١) بتوهّم حصر الزواج الشرعي في الدائم ، وملك اليمين ، ولكن من الواضح أنّ هذه الآية مكّية ، وآية المتعة مدنية ، ولا يعقل تقدّم الناسخ على المنسوخ ، على أنّ الآية المذكورة لا تنفي مشروعية المتعة ، إذ أنّها زواج شرعي ـ استناداً إلى الأدلّة التي ذكرناها ـ فتدخل ضمن( أَزْوَاجِهِمْ ) في الآية.

وأيضاً قد اعتمدوا في إثبات الناسخ بروايات وأحاديث قد يوهم بعضها النسخ ، ولكن يردّه ـ مع غضّ النظر عن أسانيدها ـ بأنّها مختلفة فيما بينها في محلّ ورود النسخ ، حتّى أُشير إلى ستّة مواطن : خيبر ، عمرة القضاء ، عام الفتح ، أوطاس ، تبوك ، حجّة الوداع ، حنين(٢) ، ممّا يوجب الاضطراب في مفادها ومضامينها ، ومن ثمّ عدم الركون إليها ، خصوصاً أنّها أخبار آحاد ، لا تصلح لنسخ الكتاب ـ على مبناهم ـ.

ومع التنزّل فإنّ هذه الأخبار متعارضة مع الأحاديث الدالّة على الجواز ، والتي هي صحاح تصل إلى حدّ الاستفاضة ، فإن قلنا بتساقط الطرفين في المعارضة ، أو ترجيح طرف الجواز لموافقتها لآية المتعة ـ كما هو المقرّر في علم الأُصول في حلّ التعارض بين الأخبار ـ تثبت نظرية الشيعة في التمسّك بالجواز في المقام.

وهنا لابأس أن نشير بورود بعض الروايات التي تدلّ بصراحة على أنّ المنع لم يشرّع في عهد الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، بل أنّه كان باجتهاد خاصّ من قبل عمر!(٣) حتّى أنّ بعضهم صرّح بأنّ عمر أسند النهي والمنع عن المتعة إلى نفسه ، لا إلى تشريع الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله (٤) .

__________________

١ ـ المؤمنون : ٥ ـ ٦ ، المعارج : ٢٩ ـ ٣٠.

٢ ـ فتح الباري ٩ / ١٣٨.

٣ ـ فتح الباري ٣ / ٣٣٩ و ٩ / ١٤١ ، كنز العمّال ١٦ / ٥٢٣ ، جامع البيان ٥ / ١٩ ، الدرّ المنثور ٢ / ١٤٠ ، مسند أحمد ٣ / ٣٨٠.

٤ ـ شرح تجريد العقائد : ٣٧٤.

٢٣١

( محمود أحمد عباس ـ العراق )

النهي عنها محمول على التقية :

س : وجدت حديثاً في كتاب وسائل الشيعة عن المتعة ، والحديث يقول : عن الحسين بن علوان ، عن عمرو بن خالد ، عن زيد بن علي ، عن آبائه عن علي عليه‌السلام قال : « حرّم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يوم خيبر لحوم الحمر الأهلية ونكاح المتعة » (١) ، فهذا الحديث يدلّ على أنّ النبيّ قد حرّم المتعة؟

ج : عند مراجعة سند الحديث نجد فيه : الحسين بن علوان : لم ينصّ على توثيقه ، بعكس أخيه ، ونسبه البعض إلى العامّة أو الزيدية ، وهو إلى الزيدية أقرب ، بدلالة من يروي عنهم.

وعمرو بن خالد : نُسب إلى العامّية ، وذكروا أنّه بتري زيدي ، بل من رؤسائهم ، وهو الأقرب(٢) .

وعلّق على الحديث الحرّ العاملي في الوسائل : حمله الشيخ وغيره على التقية ـ يعني في الرواية ـ لأنّ إباحة المتعة من ضروريات مذهب الإمامية.

فهذه الرواية لا تنهض حجّة على تحريم المتعة ، وذلك : لما مرّ آنفاً ما في سندها من وهن ، مع معارضتها لظاهر القرآن ، والروايات الصحيحة الكثيرة في حلّية المتعة ، وبعدها فهي محمولة على التقية.

( عبد السلام ـ المغرب ـ )

التمتّع بملك اليمين :

س : الإخوة الأفاضل القائمين على هذا الموقع : حكم التمتّع بالأمة ملك اليمين؟ هل لازال هذا الحكم قائماً؟ وجزاكم الله خيراً.

__________________

١ ـ وسائل الشيعة ٢١ / ١٢.

٢ ـ أُنظر : منتهى المطلب ٤ / ٢٥٥ ، رجال الطوسي : ١٤٢ ، رجال ابن داود : ٢٦٤ ، نقد الرجال ٣ / ٣٣١ ، طرائف المقال ٢ / ٣٣ ، معجم رجال الحديث ١٤ / ١٠٢ ، وغيرها.

٢٣٢

ج : ملك اليمين والعبيد والإماء في عصرنا الحاضر ليس لهم وجود ، وفي زمان وجودهم كُلّ من كان يملك أمة فيحقّ له أن يتمتّع بها بملكها ، وهذا ممّا لا خلاف فيه بين جميع المسلمين.

( محمّد ـ السعودية ـ ١٦ سنة ـ طالب ثانوية )

تكره مع المشهورة بالزنا :

س : لا أعرف ردّ هذه الشبهة ، فالرجاء المساعدة ـ وجدتها في بعض المنتديات ـ الخميني يجيز التمتّع بالزانية ، يقول في كتابه « تحرير الوسيلة » : مسألة ١٨ : يجوز التمتّع بالزانية على كراهية ، خصوصاً لو كانت من العواهر والمشهورات بالزنا ، وإن فعل فليمنعها من الفجور. تحرير الوسيلة ٢ / ٢٩٢.

ج : هذه الفتوى لم ينفرد بها السيّد الخميني ، بل هي قول الكثير من علمائنا ، بل المشهور جوازه بلا كراهة ما لم تكن مشهورة بالزنا ، فيكون السيّد أشدّ من غيره ، وأكثر احتياطاً بقوله بالكراهة مع وجوب منعها حينئذ من الزنا فلا مؤاخذة عليه.

وأمّا الآية الكريمة :( الزَّانِي لاَ يَنكِحُ إلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لاَ يَنكِحُهَا إِلاَّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ) (٢) .

فسوف لن أقول لك راجع التفاسير وكتب الفقه لمذهبك ، وأُنظر الاختلاف في فهمها منذ الرعيل الأوّل من الصحابة ، وثمّ التابعين ، ثمّ المذاهب الفقهية الأربعة وغيرها ، ولكنّني سوف أردّ ردّاً واحداً وبسيطاً وهو : لو كانت الآية على ظاهرها للزم جواز زواج الزاني المسلم من المشركة ، والزانية المسلمة من المشرك ، وهذا لا يقول به مسلم ، وانعقد الإجماع على خلاف ذلك وعدم جوازه ، وبالتالي نقول : أنّ الآية صحيح أنّ ظاهرها يقتضي تحريم الزواج من الزانية ، ولكنّ الظاهر إذا اصطدم بإجماع أو نصّ ـ كما قدّمنا آنفاً ـ فحينئذ لا يكون الظاهر حجّة.

__________________

١ ـ النور : ٣.

٢٣٣

( أحمد ـ الإمارات ـ ١٩ سنة ـ طالب حوزة )

ليست مسألة سائبة لا ضوابط فيها :

س : هذه شبهة وردت في إحدى مواقع الوهّابية في المنتديات ، أرجو الردّ السريع : لو سألت هذا السؤال : هل يجوز لأيّ رجل أن يدخل أيّة أُنثى أيّ مكان ليفعل بها ما يشاء متى شاء ، ثمّ يدعها لينصرف إلى غيرها بمجرّد أن يتبادلا التلفّظ ببضع كلمات عن الثمن والمدّة أو عدد المرّات ، ومتّعتك نفسي وبلا حاجة إلى ولي أو شهود؟ ولا داعي للسؤال عمّا إذا كانت المرأة ذات زوج أو أنّها من الزانيات؟

لجاء الجواب ومن أوثق المصادر : بسمه تعالى يجوز ذلك!! أرجو المساعدة على الردّ على تلك الحثالة الوهّابية ، وشكراً.

ج : إنّ النكاح المنقطع ـ أو زواج المتعة كما يسمّى ـ هو زواج شرعي دلّت عليه النصوص القرآنية والنبوية الشريفة بما لا غبار عليه ، ودعوى نسخه دعوى باطلة لم يرد بها كتاب أو سنّة ، ومن أجل الوقوف التفصيلي على أدلّة هذا الزواج ومشروعيته وضوابطه انصح السائل أو المستشكل بالعودة إلى بعض البحوث المهمّة التي تناولت هذا الزواج بالشرح والتحقيق ككتاب « مسائل فقهية » للسيّد عبد الحسين شرف الدينقدس‌سره .

وكذلك كتاب « المتعة وأثرها في الإصلاح الاجتماعي » للأستاذ توفيق الفكيكي ، ليقف المرء على شروط وضوابط هذا الزواج الشرعي الصحيح ، وأنّه متى تحتاج المرأة إلى إذن وليّها في هذا الزواج ومتى لا تحتاجه ، وأيضاً ليتعرّف على الصفات التي يحثّ الشرع على توفّرها في المرأة المتمتّع بها.

فالمسألة ليست كما يتوهّم البعض أنّها مسألة سائبة لا ضوابط فيها ، كي تكون محلاً للترهات والأقوال الجاهلة ، وبالعودة إلى تلك المصادر وقراءتها بتمعّن وتدبّر يزداد المرء فهماً وعلماً بدينه وأحكام شريعته.

٢٣٤

المسح على الرجلين :

( سارة حسين ـ الكويت ـ )

في قوله( وَأَرْجُلَكُمْ ) ثلاث قراءات :

س : بالنسبة لآية الوضوء الواردة في سورة المائدة ، هل صحيح أنّ ( وَأَرْجُلَكُمْ ) معطوفة على اغسلوا ، حيث أنّ الآية تقول : ( وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ ) (١) ، ولستُ ضالعة بقواعد اللغة العربية ، فهي معطوفة على من؟ أرجو إفادتي بأقرب وقت ممكن ، وجزاكم الله خيراً.

ج : في قوله تعالى :( وَأَرْجُلَكُمْ ) ثلاث قراءات :

القراءة بالرفع ، ووصفت هذه القراءة بالشذوذ ، والوجه بالرفع قالوا : بأنّ الرفع هذا على الابتداء ، وكُلّ مبتدأ يحتاج إلى خبر ، فقال بعضهم : الخبر مغسولة ، يعني : وأرجلكم مغسولة.

قال الآلوسي : « وأمّا قراءة الرفع فلا تصلح للاستدلال للفريقين ، إذ لكُلّ أن يقدّر ما شاء ، ومن هنا قال الزمخشري فيها : إنّها على معنى وأرجلكم مغسولة أو ممسوحة »(٢) .

وأمّا القراءة بالجر ، ووجه هذه القراءة واضح ، لأنّ الواو عاطفة : تعطف الأرجل على الرؤوس ، والرؤوس ممسوحة فتكون الأرجل أيضاً ممسوحة.

__________________

١ ـ المائدة : ٦.

٢ ـ روح المعاني ٣ / ٢٥١.

٢٣٥

وأمّا القراءة بالنصب ، ووجه هذه القراءة واضح ، لأنّ الواو عاطفة على محلّ الجار والمجرور ، يعني : على محلّ كلمة :( بِرُؤُوسِكُمْ ) ، ومحلّ( بِرُؤُوسِكُمْ ) منصوب ، والعطف على المحلّ مذهب مشهور في النحو ، ولا خلاف في هذا على المشهور بين علماء النحو ، فيكون حكم الأرجل المسح كما هو في الرأس ، بناءً على العطف على محلّ( بِرُؤُوسِكُمْ ) .

وتجدون الاعتراف من كبار علماء أهل السنّة على أنّ قراءة الجر والنصب على وجوب المسح دون الغسل(١) .

( محمّد السعيد ـ البحرين ـ )

القرآن صريح في وجوبه :

س : دخلت بعض المنتديات ووجدت بعض هذه الشبهات ، فهل من إجابة وبالدليل؟ الشيعة يمسحون على أرجلهم ولا يغسلونها ، مع أنّه هناك من هو كثير العرق ، والذي رائحة رجله مؤذية

ج : إنّ الأحكام الشرعية توقيفية ، بمعنى أنّ الشارع يحدّدها ، فإذا ثبت حكم ما أنّ الشارع أثبته ، فلا يحقّ لنا إعمال ما تشتهيه أنفسنا ، ولماذا كذا؟ أو هل إذا كان كذا كان كذا.

فالقرآن صريح في وجوب المسح على الرجلين ، لأنّ قوله تعالى :( وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ ) (٢) إذا قرأت بالنصب أو الجرّ فإنّها معطوفة على برؤوسكم ، أو على محلّ برؤوسكم ، فيكون حكم الأرجل المسح ، فالشارع يوجب المسح ، ومن شاء بعد المسح أن يغسل فإنّه ليس من الوضوء ، بل أمر آخر خارج عن الوضوء.

__________________

١ ـ أُنظر : المبسوط للسرخي ١ / ٨ ، المغني لابن قدامة ١ / ١٢٠ ، التفسير الكبير ٤ / ٣٠٥.

٢ ـ المائدة : ٦.

٢٣٦

( عبد الله ـ الكويت ـ ٢٨ سنة ـ خرّيج ثانوية )

معنى الكعب في قوله( إِلَى الْكَعْبَينِ ) :

س : إنّ سؤالي بسيط جدّاً ، وهو عن موضوع مسح الرجلين في الوضوء : إنّي قرأت الكثير من الكتب في هذا المجال من السنّة والشيعة ، وكُلّ له دلائله ، ولكن سؤالي هو : لماذا ذكرت الآية القرآنية( إِلَى الْكَعْبَينِ ) ، ونحن كشيعة لا نصل إلى الكعبين مطلقاً؟

نعم ، نحن نمسح كما في الآية المباركة ، ولكنّنا كما قلت أنّنا لا نصل إلى الكعبين ، وهم ـ أي أهل السنّة ـ يصلون إلى الكعبين ولكنّهم يغسلون ، لماذا توجد كلمة في القرآن ونحن لا نطبّقها ، أعني بذلك كلمة الكعبين؟

أرجو المعذرة ، ولكنّي فعلاً لا أستطيع أن أُجيب أيّ أحد ، وهل هي مجرّد زيادة في القرآن والعياذ بالله؟ عندما يقول لي : إنّ الآية قالت : إلى الكعبين ، فلماذا لا نصل للكعبين؟

ج : إنّ الكعبين لا تعنيان أسفل القدم كما ربما يتوهّمه البعض ، بل المقصود من الكعبين هو قبّة القدم ، أي : أعلاه ، بمعنى : الارتفاع الظاهر فوق القدم ، هذا هو تعريف الكعبين.

ولا يمكن الاعتماد على قول أهل اللغة هنا لتحديد مفهوم الكعبين ، لاختلافهم في تعريفهما ، والرجوع إلى روايات أهل البيتعليهم‌السلام في تحديد مفهوم الكعبين هو الأهم في هذا المقام.

ففي صحيحة أحمد بن محمّد البزنطي عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام قال : « سألته عن المسح على القدمين كيف هو؟ فوضع كفّه على الأصابع فمسحها إلى الكعبين إلى ظاهر القدم »(١) .

وهذا ظاهر أنّ المراد من الكعبين هو : العظم الناتي من قبّة القدم ، وليس شيئاً آخر ، وذلك بقرينة قولهعليه‌السلام : «إلى الكعبين إلى ظاهر القدم » ، وقوله : «ظاهر القدم » بيان لمعنى الكعبين.

__________________

١ ـ الكافي ٣ / ٣٠ ، الاستبصار ١ / ٦٢.

٢٣٧

وما ورد عن أبي جعفر الباقرعليه‌السلام قال : «ألا أحكي لكم وضوء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله »؟ ثمّ أخذ كفّاً من ماء فصبّها على وجهه ثمّ مسح رأسه وقدميه ، ثمّ وضع يده على ظهر القدم ، ثمّ قال : «هذا هو الكعب » ، وأومأ بيده إلى أسفل العرقوب ، ثمّ قال : «إنّ هذا هو الظنبوب »(١) .

فالظنبوب هو : منتهى العرقوب إلى أسفل ، أي سفل القدم من مؤخّره ، وقد اشتبه على أهل السنّة بأنّ هذا هو الكعب ، لذا فقوله تعالى :( إِلَى الْكَعْبَينِ ) ليس كلاماً زائداً بل حكيماً ، ولا اشتباه فيما التزمه الشيعة من المسح على هذه المنطقة ، فالمسح أوفق في تحديدنا هذا بالكعب.

ولا يصلح الغسل بعد ذلك ، إذ كيف يمكنك غسل هذه المنطقة دون التعدّي إلى ما خلف الكعبين ، لذا فمسح الكعبين هو ما ذهب إليه الشيعة وهو ما ذكرناه لك.

__________________

١ ـ تهذيب الأحكام ١ / ٧٥.

٢٣٨

مصحف فاطمة عليها‌السلام :

( أحمد الخاجة ـ البحرين ـ ١٥ سنة ـ طالب ثانوية )

عند الإمام المهدي :

س : هل ينزل الوحي بعد الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ وما صحّة الرواية أنّ الوحي نزل على فاطمة الزهراء عليها‌السلام ، ليوحي لها بمصحف فاطمة؟ وهل مصحف فاطمة لا يزال موجوداً؟ وهل هو نفس المصحف الذي نراه عند بعض الإيرانيين في البقيع ، والذي يكتب عليه مصحف فاطمة؟

ج : وردت أحاديث ـ فيهّن صحاح ـ على وجود مصحف لفاطمةعليها‌السلام ، من إملائها أو إملاء الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وخطّ عليعليه‌السلام ، وفي بعضها أنّ ملكاً أو جبرائيل كان يحدثّها ، ثمّ هي تملي على أمير المؤمنينعليه‌السلام ليخطّه(١) ، ولكن هذا ليس بمعنى نزول الوحي بعد الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، بل أنّ الوحي هو نزول جبرائيل بالرسالة النبوية ومتطلّباتها.

والحال أنّ المصادر التي أثبتت وجود المصحف المذكور أكّدت في نفس الوقت بعدم علاقته بالتشريع ، بل فيه إخبارات عن التكوين ، وإنباءات عن المستقبل ، وبين المقامين بون شاسع كما ترى.

ثمّ الذي ينبغي أن يقال هو : إنّ هذا المصحف لم يكن موجوداً في متناول أيدينا ، بل هو عند إمام العصر المهديعليه‌السلام ، وعليه لا معنى للظفر عليه عند بعض الشيعة!!

__________________

١ ـ الكافي ١ / ٢٤٠ ، بصائر الدرجات : ١٧٣.

٢٣٩

( عبد الله ـ السعودية )

ليس هو قرآن الشيعة :

س : أُريد أن أعرف هل صحيح أنّ للشيعة قرآناً غير هذا القرآن الموجود في البلاد الإسلامية؟ ويسمّونه بمصحف فاطمة.

ج : لقد أثار مصحف فاطمةعليها‌السلام حفيظة العديد من الكتّاب ، واتخذوا منه وسيلة للطعن والتشنيع على أتباع أهل البيتعليهم‌السلام ، باستغلال اسمه باعتبار أنّه يطلق عليه مصحف ، وجعله باباً لاتهام الشيعة بأنّهم لا يعترفون بالقرآن الموجود بين الدفتين ، والمتداول بين المسلمين قاطبة ، فيوقعون الناس في وهم : بأنّ مصحف فاطمة المذكور هو القرآن الذي يعتقده الشيعة.

وهنا لابدّ من معالجة هذه الشبهة التي أُثيرت حول مصحف فاطمةعليها‌السلام ، والضجّة المفتعلة التي يطلقها هؤلاء الكتّاب ، الذين ينقصهم الاطلاع الكافي والدقّة العلمية إن أحسنّا الظنّ بهم ، أو تنقصهم الأمانة والإنصاف ، فنقول :

أنّ الشيعة تعتقد بأنّ مصحف فاطمةعليها‌السلام ليس قرآناً ، بل القرآن هو ذلك الكتاب المنزل على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والمتداول الآن بين يدي المسلمين.

وأمّا مصحف فاطمةعليها‌السلام فهو مجرّد كتاب كتبه الإمام عليعليه‌السلام ، ذكر فيه أخبار ما كان وما يكون التي نقلتها له فاطمة الزهراءعليها‌السلام ، وليس فيه آية من آيات القرآن الكريم ، كما صرّحت بذلك الروايات الواردة عن أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام ، نذكر منها :

١ ـ عن أبي عبيدة عن الإمام الصادقعليه‌السلام : «إنّ فاطمة مكثت بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله خمسة وسبعين يوماً ، وقد كان دخلها حزن شديد على أبيها ، وكان جبرائيل يأتيها فيحسن عزاها على أبيها ، ويطيب نفسها ، ويخبرها عن أبيها ومكانه ، ويخبرها بما يكون بعدها في ذرّيتها ، وكان علي عليه‌السلام يكتب ذلك ، فهذا مصحف فاطمة عليها‌السلام »(١) .

__________________

١ ـ بصائر الدرجات : ١٧٣.

٢٤٠

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423