نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ٦

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار13%

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 423

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 423 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 179994 / تحميل: 6667
الحجم الحجم الحجم
نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ٦

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

وسلّم علي بن أبي طالب في غزوة تبوك، فقال: يا رسول الله أتخلفني في النساء والصبيان؟! فقال: أما ترضى. الحديث. وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. رواه الإِمام أحمد »(١) .

(١١٦)

ذكر سعيد الدين الكازروني

حديث الغدير بقوله: « وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في علي: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه »(٢) .

(١١٧)

رواية ابن كثير

ورواه اسماعيل بن عمر المعروف بابن كثير الدمشقي الشافعي، في ذكر فضائل أمير المؤمنينعليه‌السلام تحت عنوان « حديث غدير خم »، فأورد حديث مناشدة الإِمام الناس في الرّحبة عن أبي الطفيل، ورواية أبي بكر الشافعي بسنده عن زيد بن أرقم، ورواية أبي يعلى وعبدالله بن أحمد حديث المناشدة أيضاً عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، وكذا رواية الطبراني المناشدة عن عميرة بن سعد، وعن ابن عقدة بسنده عن زيد بن يثيع به، وكذا عن عبد الرزاق بسنده عن سعيد بن

____________________

(١). مرآة الجنان وعبرة اليقظان. حوادث سنة: ٤٠ وترجمته في طبقات السبكي ٦ / ١٠٣، الدرر الكامنة ٢ / ٢٤٧.

(٢). المنتقى في سيرة المصطفى - مخطوط. وترجمته في الدرر الكامنة ٤ / ٢٥٥.

١٨١

وهب وعبد خير، وعن أحمد عن سعيد، وعنه عن زياد بن أبي الأسلمي، وعنه عن زاذان.

قال: « ورواه أحمد عن علي نفسه: إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: من كنت مولاه فعلي مولاه، قال: فزاد الناس: اللهم وال من والاه وعاد من عاداه.

وقد روى هذا عن طرق متعددة عن علي، وله طرق متعددة أيضاً عن زيد ابن أرقم » ثم روى أحاديث أخرى غيرها.

وقد ذكرنا بعض تلك الأحاديث عن ابن كثير، كلاً في محله مما تقدّم في الكتاب.

وقال ابن كثير في ذكر خبر حجة الوداع: « وقال المطلب بن زياد: عن عبدالله بن محمد بن عقيل، سمع جابر بن عبدالله يقول: كنا بالجحفة بغدير خم، فخرج علينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من خباء أو فسطاط، فأخذ بيد علي فقال. من كنت مولاه فعلي مولاه. قال شيخنا الذهبي: هذا حديث حسن. وقد رواه ابن لهيعة عن بكر بن سوادة، وغيره عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن جابر بنحوه »(١) .

وقال أيضاً: « وقال الحافظ أبو يعلى الموصلي، ثنا أبوبكر بن أبي شيبة أنا شريك عن أبي يزيد الأودي عن أبيه قال: دخل أبو هريرة المسجد فاجتمع الناس إليه، فقام إليه شابّ فقال: أنشدك بالله أسمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه؟ قال: نعم.

ورواه ابن جرير، عن أبي كريب، عن شاذان، عن شريك به. تابعه ادريس الأودي، عن أخيه أبي يزيد واسمه داود بن شريك به.

____________________

(١). تاريخ ابن كثير. حوادث السنة العاشرة.

١٨٢

ورواه ابن جرير أيضاً من حديث إدريس وداود، عن أبيهما عن أبي هريرة فذكره »(١) .

(١١٨)

رواية أبي حفص المراغي

ورواه أبو حفص عمر بن الحسن المراغي، فقد قال شمس الدين ابن الجزري: « أخبرنا أبو حفص عمر بن الحسن المراغي فيما شافهني به، عن أبي الفتح يوسف بن يعقوب الشيباني عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: سمعت علياًرضي‌الله‌عنه بالرحبة ينشد الناس: من سمع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه؟ فقام اثنا عشر بدريّاً، فشهدوا أنهم سمعوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول ذلك. هذا حديث حسن من هذا الوجه، صحيح من وجوه كثيرة »(٢) .

ترجمته

١ - ابن الجزري: « عمر بن الحسن بن مزيد بن أميلة بن جمعة، أبو حفص المراغي الأصل، الحلبي المحتد، الدمشقي المزي المولد، رحلة زمانه في

____________________

(١). نفس المصدر. وتوجد ترجمة ابن كثير في: طبقات ابن قاضي شهبة والبدر الطالع ١ / ١٥٣ والنجوم الزاهرة ١١ / ١٢٣ وأنباء الغمر ١ / ٣٩ والدرر الكامنة ١ / ٣٩٩ وطبقات المفسرين ١ / ١١٠ وشذرات الذهب ٦ / ٢٣١.

(٢). أسنى المطالب في مناقب علي بن أبي طالب:٣ - ٤.

١٨٣

علوّ الإسناد وكان خيراً ديناً ثقة صالحاً، إنفرد بأكثر مسموعاته، وتوفي في يوم الاثنين، ثامن ربيع الآخر سنة ٧٧٨. ودفن بالمزة ظاهر دمشق »(١) .

٢ - ابن روزبهان في ( شرح الشمائل ): « كان الشيخ المذكور ابن أميلة ثقة متقناً رحلة، يرحل إليه الناس في زمانه، وكان يسكن بمزة من الشام، وهو شيخ للشيخ أبي الخير محمد بن الجزري، وإليه ينتهي إسناده وغيره من أكابر المشايخ وأجلة الأصحاب ».

(١١٩)

رواية السيد علي الهمداني

ورواه السيد علي بن شهاب الدين الهمداني: « عن أبي عبدالله الشيبانيرضي‌الله‌عنه قال: بينما أنا جالس عند زيد بن أرقم في مجلس بني الأرقم، إذ جاء رجل فقال: أيّكم زيد بن أرقم؟ فقال القوم: هذا زيد. فقال: أنشدك بالذي لا إله إلّا هو سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه؟ قال: نعم.

و عن أبي هريرةرضي‌الله‌عنه قال: من صام يوم الثامن عشر من ذي الحجة كان له كصيام ستين شهراً، وهو اليوم الذي أخذ فيه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بيد علي في غدير خم، فقال عليه الصلاة والسلام: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، واخذل من خذله.

وعن الإِمام الباقر عن آبائهعليهم‌السلام مثل ذلك، بل روي عن كثير من الصحابة في أماكن مختلفة هذا الخبر.

____________________

(١). طبقات القراء ١ / ٥٩٠.

١٨٤

عن عمر بن الخطابرضي‌الله‌عنه قال: نصب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم علياً علماً. فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، واخذل من خذله وانصر من نصره، اللهم أنت شهيدي عليهم. قال: وكان في جنبي شاب حسن الوجه طيب الريح، فقال لي: يا عمر لقد عقد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عقداً لا يحلّه إلّا منافق، فاحذر أن تحلّه. قال عمر: فقلت يا رسول الله إنّك حيث قلت في علي كان في جنبي شاب حسن الوجه طيب الريح قال: كذا وكذا قال: نعم يا عمر، إنه ليس من ولد آدم، لكنه جبرئيل أراد أن يؤكد عليكم ما قلته في علي.

وعن البراء بن عازبرضي‌الله‌عنه قال: أقبلت مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حجة الوداع وفيه نزلت( يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ) الآية »(١) .

(١٢٠)

رواية ابن المحب

ورواه محمد بن عبدالله ابن المحب المقدسي قال ابن الجزري: « وألطف طريق وقع لهذا الحديث وأغربه: ما حدثنا به شيخنا خاتمة الحفاظ، أبوبكر محمد بن عبدالله بن المحب المقدسي مشافهة، أخبرتنا الشيخة أم محمد زينب ابنة أحمد بن عبد الرحيم المقدسية حدثتنا فاطمة بنت علي بن موسى الرّضا، حدثتني فاطمة وزينب وأم كلثوم بنات موسى بن جعفر، قلن: حدثتنا فاطمة بنت جعفر بن محمد الصادق، حدثتني فاطمة بنت محمد بن علي، حدثتني

____________________

(١). المودة في القربى للسيد علي الهمداني. أنظر ينابيع المودة: ٢٤٩.

١٨٥

فاطمة بنت علي بن الحسين، حدثتني فاطمة وسكينة ابنتا الحسين بن علي، عن أم كلثوم بنت فاطمة بنت النبيعليه‌السلام ، عن فاطمة بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ورضي عنها. قالت: أنسيتم قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم غدير خم من كنت مولاه فعلي مولاه، وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنت مني بمنزلة هارون من موسىعليهما‌السلام ؟

هكذا أخرجه الحافظ الكبير أبو موسى المديني في كتابه المسلسل بالأسماء وقال: هذا الحديث مسلسل من وجه، وهو أن كل واحدة من الفواطم تروي عن عمة لها، فهو رواية خمس بنات أخ كل واحدة منهنّ عن عمّتها »(١) .

ترجمته

١ - ابن الجزري: « شيخنا وإمامنا ومبرّزنا، الحافظ الكبير، شمس الدين أبوبكر ابن الحافظ محب الدين أبي محمد الشهير بابن المحب الصامت، ولد يوم الجمعة أول شعبان سنة ٧١٢ وسمع منه الأئمّة والحفّاظ وكان صالحاً قانتاً، قانعاً باليسير، متقشفاً لا مبالياً لأحد غيري، ربما جاءني إلى منزلي فأسمعني وأسمع أهلي وأولادي، وانتهى إليه الحفظ في زمانه، رجالاً ومتناً ومعرفة للأجزاء ورواتها، توفي في ليلة الأحد الخامس من شوال سنة ٧٨٩ »(٢) .

٢ - السيوطي: « ابن المحب الحافظ وكان عالماً متقناً فقهياً »(٣) .

____________________

(١). أسنى المطالب:٣ - ٤.

(٢). طبقات القراء ٢ / ١٧٤.

(٣). طبقات الحفاظ: ٥٣٥.

١٨٦

(١٢١)

رواية خواجة پارسا

ورواه محمد بن محمد الحافظي الشهير بخواجة پارسا بقوله: « وعن عمررضي‌الله‌عنه ان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال لعليرضي‌الله‌عنه : من كنت مولاه فعلي مولاه »(١) .

(١٢٢)

رواية ابن الحزري

وروى شمس الدين محمد بن محمد بن الجزري حديث الغدير - كما علمت فيما تقدم عن شيخه المراغي ثم قال ما نصه: « هذا حديث حسن من هذا الوجه، صحيح من وجوه كثيرة، تواتر عن أمير المؤمنين عليرضي‌الله‌عنه ، وهو متواتر أيضاً عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، رواه الجم الغفير عن الجم الغفير، ولا عبرة بمن حاول تضعيفه ممن لا اطلاع له في هذا العلم.

فقد ورد مرفوعاً عن: أبي بكر الصدّيق، وعمر بن الخطاب، وطلحة بن عبيدالله، والزبير بن العوام، وسعد بن أبي وقّاص، وعبد الرحمن بن عوف

____________________

(١). ترجمته في الضوء اللامع ١٠ / ٢٠ والشقائق النعمانية ١ / ٢٨٦ وفوائد أبي الحسنات ص ١٩٩، ونفحات الأنس ٣٩٢ وغيرها.

١٨٧

والعباس بن عبد المطلب، وزيد بن أرقم، والبراء بن عازب، وبريدة بن الحصيب، وأبي هريرة، وأبي سعيد الخدري، وجابر بن عبدالله، وعبدالله بن عباس، وحبشي بن جنادة، وعبدالله بن مسعود، وعمران بن حصين، وعبدالله ابن عمر، وعمار بن ياسر، وأبي ذر الغفاري، وسلمان الفارسي، وأسعد بن زرارة، وخزيمة بن ثابت، وأبي أيوب الأنصاري، وسهل بن حنيف، وحذيفة بن اليمان، وسمرة بن جندب، وزيد بن ثابت، وأنس بن مالك، وغيرهم من الصحابة رضوان الله عليهم، وصحّ عن جماعة منهم ممن يحصل القطع بخبرهم.

وثبت أيضاً أن هذا القول كان منهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم غدير خم ». ثم إن الحافظ ابن الجزري روى ما تقدم نقله عنه عن شيخه الحافظ ابن المحب المقدسي(١) ، ولا نعيده

ترجمته

١ - القاضي مجير الدين أبو اليمن عبد الرحمن العليمي: « شيخ الإسلام شمس الدين، أبو الخير محمد بن محمد الجزري، الدمشقي المقري الشافعي. مولده في ليلة السبت سادس عشر رمضان سنة ٧٥١، اعتنى بالقراءات فأتقنها ومهر فيها، وله مصنفات جليلة وتوفي بشيراز نهار عيد الأضحى سنة ٨٣٣رضي‌الله‌عنه ورحمه »(٢) .

٢ - الفضل بن روزبهان في ( شرح الشمائل ): « أبو الخير محمد بن محمد بن محمد الجزري رحمه الله تعالى ، شيخ مشايخ الإسلام، وقاضي القضاة بن الأنام، الجامع لأقسام العلوم الشرعية، والحاوي للمعارف الأصلية والفرعية، كان متوحّداً في زمانه في علوّ الشأن في العلوم سيّما في القراءة، فقد وصف الشيخ الامام

____________________

(١). أسنى المطالب:٣ - ٤.

(٢). الأنس الجليل بتاريخ القدس والخليل ٢ / ١٠٩.

١٨٨

الأجل أبوالفضل العسقلاني - شهر بابن حجر - إنه المتفرد الوحيد في القراءة، والمشارك في الحديث، وصاحب الفقه، اشتهر في زمانه بعلو الإِسناد، سافر البلاد ولاقى المشايخ وصحبهم ...»(١) .

(١٢٣)

رواية المقريزي

وقال أحمد بن علي بن عبد القادر المقريزي: « عيد الغدير - إعلم أن عيد الغدير لم يكن عيداً مشروعاً، ولا عمله أحد من سالف الأمة المقتدى بهم، وأوّل ما عرف في الإِسلام بالعراق أيام معز الدولة علي بن بويه، فإنه أحدثه في سنة ٣٥٢، فاتّخذه الشيعة من حينئذٍ عيداً.

وأصلهم فيه ما خرجه الامام أحمد في مسنده الكبير من حديث البراء بن عازبرضي‌الله‌عنه قال: كنا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في سفر لنا، فنزلنا بغدير خم، ونودي الصلاة جامعة، وكسح لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تحت شجرتين، فصلى الظّهر، وأخذ بيد علي بن أبي طالبرضي‌الله‌عنه فقال: ألستم تعلمون أني أولى بكل مؤمن من نفسه؟ قالوا: بلى. فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. قال: فلقيه عمر بن الخطابرضي‌الله‌عنه فقال: هنيئا لك يا ابن أبي طالب، أصبحت مولى كلّ مؤمن ومؤمنة »(٢) .

____________________

(١). شرح الشمائل لابن روزبهان الشيرازي. وله ترجمة في: البدر الطالع ٢ / ٢٥٧ والضوء اللامع ٩ / ٢٥٥ وطبقات الداودي ٢ / ٥٩ وشذرات الذهب ٧ / ٢٠٤.

(٢). المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار ١ / ٣٨٨ وتوجد ترجمة المقريزي في الضوء اللامع ٢ / ٢١.

١٨٩

(١٢٤)

رواية الدولت آبادي

ورواه شهاب الدين بن شمس الدين الدولت آبادي حيث قال: « وفي التشريح قال أبو القاسمرحمه‌الله : من قال: إن علياً أفضل من عثمان فلا شيء عليه، لأنه قال أبو حنيفةرضي‌الله‌عنه : وقال ابن مبارك: من قال إنّ عليّاً أفضل العالمين، أو أفضل الناس وأكبر الكبراء، فلا شيء عليه، لأن المراد منه أفضل الناس في عصره وزمان خلافته، كقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من كنت مولاه فعلي مولاه. أي في زمان خلافته »(١) .

(١٢٥)

رواية ابن حجر العسقلاني

ورواه ابن حجر العسقلاني حيث قال: « وروى هو ( يعني بريدة ) وأبو هريرة، وجابر، والبراء بن عازب، وزيد بن أرقم عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال يوم غدير خم: من كنت مولاه فعلي مولاه»(٢) .

____________________

(١). هداية السعداء. مخطوط. وتوجد ترجمته في: سبحة المرجان: ٣٩، نزهة الخواطر ٣ / ١٩.

(٢). تهذيب التهذيب ٨ / ٣٣٧.

١٩٠

وقال بعد ذكر طرف من مناقب أمير المؤمنينعليه‌السلام : « قلت: لم يجاوز المؤلف ما ذكر ابن عبد البر وفيه مقنع، ولكنه ذكر حديث الموالاة عن نفر سماهم فقط، وقد جمعه ابن جرير الطبري في مؤلف فيه أضعاف من ذكر، وصحّحه واعتنى بجمع طرقه أبو العباس ابن عقدة، فأخرجه من حديث سبعين صحابيّاً أو أكثر »(١) .

وقد أورد ابن حجر حديث الغدير في ( الإِصابة ٤ / ٨٠ ) و ( فتح الباري ). و ( المطالب العالية ٤ / ٦٠ ) أيضاً.

قال في الثاني: « وأمّا حديث: من كنت مولاه فعلي مولاه، فقد أخرجه الترمذي والنسائي ، وهو كثير الطرق جداً، وكثير من أسانيدها صحاح وحسان » ٧ / ٧٤.

(١٢٦)

رواية ابن الصبّاغ المالكي

ورواه نور الدين علي بن محمد المعروف بابن الصباغ المالكي المكي عن الترمذي من حديث زيد بن أرقم، وعن أحمد بن حنبل في مسنده عن البراء بن عازب، وعن البيهقي عن البراء أيضاً.

ثم رواه عن العجلي بسنده إلى حذيفة بن أسيد الغفاري، وعامر بن ليلى ابن ضمرة، وقد تقدم نقله سابقاً(٢) .

____________________

(١). نفس المصدر ٧ / ٣٣٩. ومن مصادر ترجمة ابن حجر: الضوء اللامع ٢ / ٣٦ نظم العقيان: ٥، شذرات الذهب ٧ / ٢٧٠، حسن المحاضرة ١ / ١٠٦، طبقات الحفاظ ٥٤٧، البدر الطالع ١ / ٨٧.

(٢). الفصول المهمة في معرفة الأئمة: ٤٠ / ٤١. ترجمته في الضوء اللامع ٥ / ٢٨٣.

١٩١

(١٢٧)

رواية الحسين الميبدي

ورواه حسين بن معين الدين الميبدي، حيث أورده عن أحمد من حديث البراء بن عازب وزيد بن أرقم مترجماً إيّاه إلى الفارسية(١) .

(١٢٨)

رواية العيني

ورواه محمود بن أحمد العيني، كما ستعرف ذلك إنْ شاء الله تعالى(٢) .

(١٢٩)

رواية أصيل الدين الواعظ

ورواه عبدالله بن عبد الرحمن الحسيني، المشتهر بأصيل الدين الواعظ، ذاكراً معناه بالفارسية ضمن بيان وقائع حجة الوداع(٣) .

____________________

(١). الفواتح: شرح ديوان أمير المؤمنين.

(٢). وتوجد ترجمة العيني في الضوء اللامع ١٠ / ١٣١ وبغية الوعاة ٣٨٦ وغيرهما.

(٣). درج الدرر ودرج الغرر في ميلاد سيد البشر.

١٩٢

ترجمته

وأصيل الدين الواعظ من مشايخ ( الدهلوي )، كما لا يخفى على ناظر رسالته في أصول الحديث، وقد ترجم له وأثنى عليه غياث الدين خواند أمير، وقد توفي في ١٧ ربيع الآخر سنة ٨٨٣(١) .

(١٣٠)

اثبات ابن روزبهان

حديث الغدير بقوله: « وأما ما روي من أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ذكره يوم غدير خم، حين أخذ بيد علي وقال: ألست أولى. فقد ثبت هذا في الصحاح، وقد ذكرنا سرّ هذا في ترجمة كتاب كشف الغمّة في معرفة الأئمّة »(٢) .

(١٣١)

رواية السمهودي

ورواه نور الدين علي بن عبدالله السمهودي، وقد تقدم بعض ألفاظ

____________________

(١). حبيب السير في أخبار أفراد البشر ٤ / ٣٣٤، وانظر الضوء اللامع ٥ / ١٢.

(٢). إبطال الباطل لا بن روزبهان الشيرازي، ترجمته في الضوء اللامع ٦ / ١٧١.

١٩٣

روايته سابقاً(١) .

وقال في ( وفاء الوفاء ): « وفي مسند أحمد عن البراء بن عازب، قال: كنا عند النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فنزلنا بغدير خم، فنودي فينا الصلاة، وكسح لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تحت شجرة، فصلى الظهر، وأخذ بيد علي، وقال: ألستم تعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى. قال: فأخذ بيد علي وقال: أللهم من كنت مولاه فعلي مولاه، أللهم وال من والاه وعاد من عاداه، قال: فلقيه عمر بعد ذلك فقال: هنيئاً لك يا ابن أبي طالب، أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة.

و عن زيد بن أرقم مثله ».

ترجمته

١ - السخاوي: « ولد في صفر سنة ٨٤٤ هو إنسان فاضل، متفنّن متميّز في الفقه والأصلين، مديم للعمل والجمع والتأليف، متوجه للعبادة وللمباحثة والمناظرة، قوي الجلادة على ذلك، طلق العبارة فيه، مغرم به، مع قوة نفس وتكلّف »(٢) .

٢ - ابن العماد: « نزيل المدينة المنورة، وعالمها ومفتيها، ومدرسها ومؤرخها، الشافعي، الامام القدوة الحجة المفنّن »(٣) .

٣ - ابن العيدروس: وذكر مشايخه، وعد تآليفه، وأثنى عليها(٤) .

٤ - الشوكاني كذلك(٥) .

____________________

(١). جواهر العقدين - مخطوط.

(٢). الضوء اللامع ٥ / ٢٤٥.

(٣). شذرات الذهب ٨ / ٥٠.

(٤). النور السافر ٥٨ - ٦٠.

(٥). البدر الطالع ١ / ٤٧٠.

١٩٤

(١٣٢)

رواية السيوطي

لقد تقدم كلامه الصريح في تواتر حديث الغدير.

وقال في ( تاريخ الخلفا ): « وأخرج الترمذي عن سريحة أو زيد بن أرقم عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قال: من كنت مولاه فعلي مولاه، وأخرجه أحمد عن علي وأبي أيوب الأنصاري وزيد بن أرقم وعمرو ذي مر، وأبو يعلى عن أبي هريرة. والطبراني عن ابن عمر ومالك بن الحويرث وحبشي بن جنادة وجرير وسعد بن أبي وقاص وأبي سعيد الخدري وأنس. و البزار عن ابن عباس وعمارة وبريدة. وفي أكثرها زيادة: اللهم وال من والاه وعاد من عاداه.

و لأحمد عن أبي الطفيل قال: جمع علي الناس في الرحبة ثم قال لهم: أنشد بالله كل امرئ مسلم سمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول يوم غدير خم ما قال لما قام. فقام إليه ثلاثون من الناس فشهدوا أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: من كنت مولاه فعلي مولاه. اللهم وال من والاه وعاد من عاداه »(١) .

ترجمته

١ - ابن العماد: « المسند المحقق المدقق، صاحب المؤلفات الفائقة النافعة »(٢) .

____________________

(١). تاريخ الخلفاء: ١٦٩.

(٢). شذرات الذهب ٨ / ٥١.

١٩٥

٢ - ابن العيدروس، وقد أثنى عليه الثناء البالغ، وذكر بعض كراماته وتآليفه(١) .

٣ - السيوطي نفسه، فذكر ترجمته بالتفصيل، من ولادته في سنة ٨٤٩ ودروسه ومشايخه، ومؤلفاته، وما قيل في حقه(٢) .

(١٣٣)

رواية جمال الدين المحدّث

ورواه عطاء الله بن فضل الله المعروف بجمال الدين المحدّث الشيرازي عن الامام جعفر الصادقعليه‌السلام ، وذكر نزول قوله تعالى:( سَأَلَ سائِلٌ ) الآية في حق الحارث، ثم قال:

« أصل هذا الحديث سوى قصة الحارث متواتر عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وهو متواتر عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أيضاً، رواه جمع كثير وجم غفير من الصحابة، فرواه ابن عباس ولفظه قال: لـمّا أمر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يقوم بعلي بن أبي طالب الذي قام به، فانطلق النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى مكة فقال: رأيت الناس حديثي عهد بكفر وبجاهلية، ومتى أفعل هذا به يقولون: صنع هذا بابن عمه، ثم مضى حتى قضى حجّة الوداع، ثم رجع حتى إذا كان بغدير خم أنزل الله عزّ وجلّ:( يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ) الآية. فقام مناد فنادى الصلاة جامعة، ثم قام وأخذ بيد علي، فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه.

____________________

(١). النور السافر ٥٨ - ٦٠.

(٢). حسن المحاضرة ١ / ٤٣٥ - ٣٤٤.

١٩٦

ورواه حذيفة بن أسيد الغفاري قال: لـمّا صدر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من حجة الوداع نهى أصحابه عن شجرات بالبطحاء متقاربات أن ينزلوا تحتهن، ثم بعث إليهنّ فقمّ ما تحتهنّ من الشوك، ثم عمد إليهنّ فصلّى تحتهنّ، ثم قام فقال: أيّها الناس قد نبّأني اللّطيف الخبير أنه لم يعمّر نبي إلّا مثل نصف عمر الذي يليه من قبله، وإنّي لأظن أن أوشك أن أدعى فأجيب، وإني مسئول وإنكم مسئولون، فما ذا أنتم قائلون؟ قالوا: نشهد أنك قد بلّغت وجهدت ونصحت، فجزاك الله خيراً، فقال: ألستم تشهدون أن لا إله إلّا الله وأنّ محمّداً عبده ورسوله، وأن جنّته حق وناره حق، وأن الموت حق، وأن البعث بعد الموت حق، وأنّ الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور؟ ثم قال:

أيّها الناس إن الله مولاي وأنا مولى المؤمنين، وأنا أولى بهم من أنفسهم، فمن كنت مولاه فهذا مولاه - يعني علياً - اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، ثم قال: أيّها الناس إني فرطكم وأنتم واردون عليّ الحوض، حوض أعرض مما بين بصرى وصنعاء، فيه عدد النجوم قدحان من فضة، وإني سائلكم حين تردون عليّ عن الثقلين، فانظروا كيف تخلفوني فيها، الثقل الأكبر كتاب الله سبب طرفه بيد الله وطرفه بأيديكم، فاستمسكوا به لا تضلّوا ولا تبدّلوا، وعترتي أهل بيتي، فإنّه قد نبّأني اللّطيف الخبير أنّهما لن يتفرقا حتى يردا عليّ الحوض.

ورواه زر بن حبيش فقال: خرج عليعليه‌السلام من القصر، فاستقبله ركبان متقلّدي السيوف، عليهم العمائم، حديثي عهد بسفر فقالوا: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، السلام عليك يا مولانا، فقال عليعليه‌السلام بعد ما ردّ السلام: من هاهنا من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟ فقام اثنا عشر رجلاً، منهم: خالد بن زيد أبو أيوب الأنصاري، وخزيمة ابن ثابت ذو الشهادتين، وثابت بن قيس بن شماس، وعمار بن ياسر، وابو الهيثم ابن التيهان، وهاشم بن عتبة، وسعد بن أبي وقاص، وحبيب بن بديل بن ورقاء. فشهدوا أنهم سمعوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم غدير خم يقول: من كنت

١٩٧

مولاه فعلي مولاه. الحديث.

فقال علي لأنس بن مالك والبراء بن عازب: ما منعكما أن تقوما فتشهدا، فقد سمعتما كما سمع القوم؟ فقال: اللهم إنْ كانا كتماها معاندة فأبلهما، فأمّا البراء فعمي، فكان يسأل عن منزله فيقول: كيف يرشد من أدركته الدعوة، وأمّا أنس فقد برصت قدماه، وقيل: لـمّا استشهده عليعليه‌السلام على قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من كنت مولاه فعلي مولاه، واعتذر بالنسيان فقال: اللهم إنْ كان كاذباً فاضربه ببياض لا تواريه العمامة. فبرص وجهه، فسدل بعد ذلك برقعاً على وجهه »(١) .

ورواه أيضاً في كتابه ( روضة الأحباب في سيرة النبي والآل والأصحاب ) وهو الكتاب الذي اعتمد عليه أصحاب السير والمؤرخون، كما لا يخفى على من راجع: ( الخميس ) و ( حبيب السير ) و ( إزالة الخفاء ).

(١٣٤)

ذكر عبد الوهاب البخاري

ابن محمد بن رفيع الدين البخاري، حديث الغدير. وسيأتي نصّ كلامه إنْ شاء الله(٢) .

____________________

(١). الأربعين - مخطوط.

(٢). وهو من علماء الهند، وقد ترجمه الشيخ عبد الحق الدهلوي في أخبار الأخيار: ٢٠٦.

١٩٨

(١٣٥)

رواية ابن حجر المكّي

ورواه أحمد بن محمد بن علي بن حجر المكي، ضمن فضائل أمير المؤمنينعليه‌السلام حيث قال: « وأنّه قال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. رواه ثلاثون صحابياً »(١) .

وقال في ( الصواعق ) في الجواب عن حديث الغدير: « وجواب هذه الشبهة التي هي أقوى شبههم، يحتاج إلى مقدمة، وهي بيان الحديث ومخرّجيه، وبيانه: إنّه حديث صحيح لا مرية فيه، وقد أخرجه جماعة كالترمذي والنسائي وأحمد، فطرقه كثيرة جدّاً، ومن ثم رواه ستة عشر صحابيا، وفي رواية لأحمد إنه سمعه من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثلاثون صحابيا، وشهدوا به لعلي لـمّا نوزع أيام خلافته كما مر، وسيأتي، وكثير من أسانيدها صحاح وحسان، ولا التفات لمن قدح في صحته، ولا لمن ردّه بأن علياً كان باليمن، لثبوت رجوعه منها، وإدراكه الحج مع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وقول بعضهم: إن زيادة: اللهم وال من والاه إلى آخر موضوعة. مردود، فقد ورد ذلك من طرق صحّح الذهبي كثيراً منها »(٢) .

وقال أيضاً: « قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم غدير خم: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، وقد مر في حادي عشر الشّبه أنه رواه عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثلاثون صحابياً، وأن كثيراً من طرقه صحيح أو

____________________

(١). المنح المكية - شرح القصيدة الهمزية.

(٢). الصواعق المحرقة: ٢٥.

١٩٩

حسن، ومرّ الكلام ثم على معناه مستوفى »(١) .

ترجمته

وتوجد ترجمة ابن حجر المكي في: ريحانة الألباء ١ / ٤٣٥ والنور السافر ٢٨٧، والبدر الطالع ١ / ١٠٩ وغيرها.

قالالعيدروس: « الشيخ الامام، شيخ الإسلام، خاتمة أهل الفتيا والتدريس، كان بحراً في علم الفقه وتحقيقه لا تدركه الدّلاء، إمام الحرمين كما أجمع على ذلك العارفون، وانعقدت عليه خناصر الملأ، إمام اقتدت به الأئمّة وهمام صار في إقليم الحجاز أمة، مصنفاته في العصر آية، يعجز عن الإتيان بمثلها المعاصرون، فهم عنها قاصرون ».

(١٣٦)

رواية المتقي

ورواه علي بن حسام الدين الشهير بالمتقي في ( كنز العمال )، وقد علمت ذلك من مواضع متعددة من الكتاب.

ترجمته

وتوجد ترجمة المتقي في: أخبار الأخيار ٢٤٥، وسبحة المرجان ٤٣، والنور السافر ٣١٥.

وقد وصفهابن العيدروس: بقوله: « كان من العلماء العاملين، وعباد الله

____________________

(١). الصواعق المحرقة: ٨٤.

٢٠٠

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

الواسع »(١) .

كما ترجم له في تاريخ مصر بقوله: « ابن حجر إمام الحافظ في زمانه، إنتهت اليه الرحلة والرئاسة في الحديث في الدنيا بأسرها، فلم يكن في عصره حافظ سواه »(٢) .

ترجمة الشيخ أبي إسحاق الشيرازي

وأما الشيخ أبو اسحاق الشيرازي الذي وصف الشريف المرتضى -رحمه‌الله - بما نقله الحافظ ابن حجر فإليك بعض كلماتهم في مدحه:

قال ابن خلكان ما ملخصه:

« الشيخ أبو إسحاق إبراهيم بن علي بن يوسف الشيرازي الفيروزآبادي الملقّب جمال الدين، سكن بغداد وتفقّه على جماعة من الأعيان، وصحب القاضي أبا الطيّب الطبري كثيراً وانتفع به وناب عنه في مجلسه، ورتّبه معيدا في حلقته، وصار إمام وقته ببغداد، ولما بنى نظام الملك مدرسته ببغداد سأله أن يتولاّها فلم يزل إلى أن مات. وصنّف التصانيف المباركة وانتفع به خلق كثير، وله شعر حسن، وكان في غاية من الورع والتشدّد في الدين، ومحاسنه أكثر من أن تحصر، وكانت ولادته في سنة ٣٩٣، وتوفي سنة ٤٧٦.

وذكره محب الدين ابن النجار في تاريخ بغداد، فقال في حقه: إمام أصحاب الشافعي، ومن انتشر فضله في البلاد، وفاق أهل زمانه بالعلم والزهد، وأكثر علماء الأمصار من تلامذته »(٣) .

وقال الذهبي بترجمته:

___________________

(١). نظم العقيان في أعيان الأعيان / ٤٥.

(٢). حسن المحاضرة في أخبار مصر والقاهرة ١ / ٣٦٣.

(٣). وفيات الأعيان ١ / ٢٩.

٣٠١

« أبو اسحاق الشيرازي، الشيخ الامام القدوة المجتهد شيخ الاسلام نزيل بغداد. قال السمعاني: هو إمام الشافعية ومدرّس النظامية وشيخ العصر، رحل الناس إليه من البلاد وقصدوه، وتفرّد بالعلم الوافر مع السيرة الجميلة. صنّف في الأصول والفروع والخلاف والمذهب، وكان زاهداً ورعاً. قال أبو بكر الشاشي: أبو إسحاق حجة الله على أئمة العصر. وقال الموفّق الحنفي: أبو اسحاق أمير المؤمنين في الفقهاء.

قال السمعاني: سمعت جماعة يقولون: لمـّا قدم أبو إسحاق نيسابور رسولاً تلقّوه، وحمل إمام الحرمين غاشية ومشى بين يديه وقال: أفتخر بهذا. وكان عامة المدرّسين بالعراق والجبال تلامذته وأتباعه، وكفاهم بذلك فخراً.

قال الماوردي: ما رأيت كأبي إسحاق. لو رآه الشافعي لتجمّل به.

أخبرني الحسن بن علي، أنا جعفر الهمداني، أنا السلفي، سألت شجاع الذهلي عن أبي إسحاق فقال: إمام أصحاب الشافعي والمقدّم عليهم في وقته ببغداد، كان ثقة ورعاً صالحاً عالماً بالخلاف لا يشاركه فيه أحد.

قال محمد بن عبد الملك الهمداني: ندب المقتدى أبا اسحاق للمراسلة إلى المعسكر فتوجّه، فكان يخرج اليه أهل البلد بنسائهم وأولادهم يمسحون أردانه ويأخذون تراب نعليه يستشفون به، وخرج الخبازون ونثروا الخبز، وخرج الفاكهة والحلوى ونثروا، حتى الأساكفة عملوا مداساتٍ صغاراً ونثروها وهي تقع على رءوس الناس.

قال شيرويه الديلمي في تاريخ همدان: الشيخ أبو إسحاق إمام عصره، وكان ثقة فقيهاً زاهداً في الدنيا على التحقيق، أوحد زمانه »(١) .

وقال اليافعي في تاريخه حيث عنون أبا إسحاق: « الشيخ الامام المتّفق على جلالته وبراعته في الفقه والأصول، وزهادته وورعه وعبادته وصلاحه وجميل

___________________

(١). سير أعلام النبلاء ١٨ / ٤٥٢.

٣٠٢

صفاته، السيد الجليل أبو إسحاق المشهور فضله في الآفاق » ثمّ قال بعد أن أورد كلمات العلماء في حقه:

« كان قد استقر إجماع أهل بغداد بعد موت الخليفة على أن تعقد الخلافة لمن اختاره الشيخ أبو إسحاق، فاختار المقتدى بأمر الله »(١) .

وقد ترجمه أيضاً:

١ - الذهبي في العبر في خبر من غبر: حوادث سنة ٤٧٦.

٢ - ابن الوردي في تاريخه: تتمة المختصر في أخبار البشر: حوادث سنة ٤٧٦.

٣ - الأسنوي في طبقات الشافعية: ٢ / ٨٣.

٤ - ابن قاضي شهبة في طبقات الشافعية ١ / ٢٤٤.

* * *

والخلاصة: إذا كان ذكر « الجاحظ » فضائل أمير المؤمنين -عليه‌السلام - دليلاً على الحب وعدم العداوة والنصب، فاللازم أن يكون ذكر هؤلاء الأئمّة وترجمتهم كبار الامامية بكل مدحٍ وثناءٍ دليلاً على حبهم وودّهم لهم، والموافقة معهم في عقائدهم، وتنزيههم مما يقال فيهم وينسب اليهم من المذاهب الباطلة على حد زعم أهل السنة.

ولكن رشيد الدين الدهلوي لا يسلم بذلك ولا يلتزم به.

فكذلك ذكر الجاحظ الامام -عليه‌السلام - بفضائله ومناقبه فما ذكره رداً على « العلامة الحلي » ودفاعاً عن الجاحظ باطل.

___________________

(١). مرآة الجنان: حوادث سنة ٤٧٦.

٣٠٣

تكملة

وأما ما ذكره رشيد الدين الدهلوي عن السيد الشهيد القاضي نور الله التستري - طاب ثراه - ونسبه إليه، فهو غريب جداً بل كذب، يلوح ذلك لمن راجع كتاب ( احقاق الحق ) للقاضي المذكور، بل بطلانه واضح من كلام الرشيد الدهلوي نفسه.

أما من ( احقاق الحق ) فان القاضي -رحمه‌الله - قال في الرد على كلام ابن روزبهان الذي تقدم نصه:

« قد علم عداوة الجاحظ من كلماته الأخر، ومن بعض عقائده الدالّة على أن صدور تلك المدائح عنه من قبيل ما أشار اليه تعالى بقوله:( يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ ) . وبقوله تعالى:( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيُشْهِدُ اللهَ عَلى ما فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصامِ ) .

وأقل ما صدر عن الجاحظ ممّا يدلّ على عداوته لأمير المؤمنين ومخالفته لاجماع المسلمين أنه أظهر في سنة عشر ومائتين من الهجرة القول بأن الامامة بالميراث، وأن وارث النبي -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - هو عمّه العباس دون علي، وكان ذلك منه تقرّباً إلى الخليفة المأمون العباسي، فباع دينه بدنياه، نظير ذلك أن معاوية كان يصف علياً -عليه‌السلام - عند خواص أصحابه، ويحاربه ويأمر

٣٠٤

بسبّه على رؤوس المنابر، والشيطان يسبّح الله ويقدّسه بل يزعم في دعوى إخلاصه أن سجدة آدمعليه‌السلام شرك مع الله، وصار لمخالفته الأمر بها عدواً لله ملعوناً مطروداً، وبهذا يعلم بطلان استدلاله المذكور على المحبة، ويفهم أنه لم يذق طعم المحبة.

وبالجملة، قد علم أن الجاحظ - وهو أبو عثمان عمرو بن بحر - كان عثمانياً مروانياً، ومع هذا قد اعترف بفضل بني هاشم وأهل بيت النبي -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - وتقديمهم، وفضل علي -عليه‌السلام - وتقديمه في بعض رسائله، فإنْ كان هذا مذهبه فذاك، وإلّا فقد أنطقه الله تعالى بالحق وأجرى لسانه بالصدق، وقال ما يكون حجةً عليه في الدنيا والآخرة، ونطق بما لو اعتقد غيره لكان خصيمه في محشره فإن الله تعالى عند لسان كلّ قائل، فلينظر قائل ما يقول وأصعب الأمور وأشقها أن يذكر الانسان شيئاً يستحق به الجنة، ثم يكون ذلك موجباً لدخول النار، نعوذ بالله من ذلك».

فظهر ان القاضي التستري -رحمه‌الله - قد ذكر تأليف الجاحظ رسالة فضائل علي وأهل البيت -عليهم‌السلام -، وأنه لم يحمل ذلك على محمل مستغرب، فقول رشيد الدين الدهلوي: « مع عدم ذكر تأليفه كتاباً في مناقبه، وحمل ذلك على محمل يستغفر به الأذكياء بل الأغنياء » كذب صريح.

وأما ظهور كذب هذا الرجل من كلام نفسه، فلأنه يقول: « وحمل ذلك على محمل يستغربه الأذكياء بل الأغنياء » لأنّ هذا الكلام يتضمن عدم إنكار السيد تصنيف الجاحظ تلك الرسالة.

هذا، وأما دعوى أنه « يستغربه الأذكياء بل الأغنياء » فطريفة جداً. فلقد ثبت بالقطع واليقين لدى ( الدهلوي ) نصب الجاحظ وعداوته وثبت عنده أن الجاحظ صنّف رسالة في الطعن في خصائص مولانا علي -عليه‌السلام -، فلابدّ أنْ يكون ( الدهلوي ) يحمل رسالة الجاحظ - المذكورة - على ذلك المعنى أيضاً، فيكون حينئذٍ خارجاً من عداد الأذكياء بل الأغنياء في رأي تلميذه الرشيد

٣٠٥

بل الألطف من هذا: أن رشيد الدين خان يجعل استدلال القاضي -رحمه‌الله - على عداوة الجاحظ ومخالفته لإِجماع المسلمين بإظهار قوله المذكور في الامامة، أعجب ممّا ادّعاه العلّامة الحلّي -رحمه‌الله - وكأن الرشيد الدهلوي لا يدري أن مقالة الجاحظ هذه تؤدي إلى إنكار خلافة الامام -عليه‌السلام - حتى في المرتبة الرابعة، فلو لم يكن هذا المذهب نصباً وعداوة لدى الرشيد الدهلوي فليقل لنا ما هو مصداق العداوة والبغض والانحراف في رأيه

هذا، وأما تشكيك رشيد الدين الدهلوي في صدور هذه المقالة من الجاحظ حيث قال « على تقدير تسليم صدورها من هذا المعتزلي » فيدل على طول باعه في التحقيق وسعة اطلاعه وإحاطته بالمذاهب والنحل ...!!

فإن صدور هذه المقالة من الجاحظ مشهور، فقد قال الشريف في ردّ كلام قاضي القضاة عبد الجبار المعتزلي القائل بعد كلام له:

« وبعد، فإنْ جاز حصول النص على هذه الطريقة ويختص بمعرفته قوم على بعض الوجوه، ليجوزنّ إدعاء النص على العباس وغيره، وإن اختص بمعرفته قوم دون قوم ثم انقطع النقل، لأنه إنْ جاز انقطاع النقل فيما يعم تكليفه عن بعض دون بعض جاز انقطاعه عن المكلَّفين كذلك، لأن ما أوجب إزاحة العلة في كلّهم يوجب إزاحة العلة في بعضهم ».

قال الشريفرحمه‌الله في ردّه:

« يقال له: إن المعارضة بما يدعى من النص على العباس، أبعد عن الصواب من المعارضة بالنص على أبي بكر، والذي يتبيّن بطلان هذه المقالة، والفرق بينها وبين ما يذهب اليه الشيعة في النص على أمير المؤمنين -عليه‌السلام - وجوه:

منها: أنا لا نسمع بهذه المقالة إلّا حكاية وما شاهدنا قط ولا شاهد من أخبرنا ممن لقيناه قوماً يدينون بها، والحال في شذوذ أهلها أظهر من الحال في شذوذ البكرية، وإنْ كنا لم نلق منهم إلّا آحاداً لا يقوم الحجة بمثلهم، فقد وجدوا على

٣٠٦

حال وعرف في جملة الناس من يذهب إلى المقالة المرويّة عنهم، وليس هذا في العباسية.

ولو لا أن الجاحظ صنّف كتاباً حكى فيه مقالتهم وأورد فيه ضرباً من الحجاج نسبه إليهم، لما عرفت لهم شبهة ولا طريقة تعتمد في نصرة قولهم.

والظاهر أن قوماً ممّن أراد التسوّق والتوصل إلى منافع الدنيا، تقرّب إلى بعض خلفاء ولد العباس بذكر هذا المذهب وإظهار اعتقاده ثم انقرض أهله وانقطع نظام القائلين به لانقطاع الأسباب والدواعي لهم إلى إظهاره، ومن جعل ما يحكى من هذه المقالة الضعيفة الشاذة معارضة لقول الشيعة في النص، فقد خرج عن الغاية في البهت والمكابرة.

ومنها: ان الذي يحكى عن هذه الفرقة التي أخبرنا عن شذوذها وانقراضها مخالف أيضاً لما تدين به الشيعة من النص، لأنهم يعوّلون فيما يدعونه من النص على صاحبهم على أخبار آحادٍ ليس في شيء منها تصريح بنصّ ولا تعريض، ولا دلالة عليه من الفحوى ولا ظاهر، وإنما يعتمدون على أن العم وارث، وأنه يستحق وراثة المقام كما يستحق وراثة المال، وعلى ما روي من قوله ردوا عليَّ أبي وما أشبه هذا من الأخبار التي إذا سلم نقلها وصحت الرواية المتضمنة لها لم يكن فيها دلالة على النص والامارة، ولا اعتبار بمن يحمل نفسه من مخالفينا على أن يحكى عنهم القول بالنص الجلي الذي يوجب العلم ويزيل الريب كما يقول الشيعة، لأن هذا القول عن قائله لا يغني عنه شيئاً، مع العلم بما حكي من مقالة هذه الفرقة وسطر من احتجاجها واستدلالها.

ولولم يرجع في ذلك إلّا إلى ما صنّفه الجاحظ لهم، لكان فيه أكبر حجة وأوضح دلالة، فما وجدناه - مع توغّله وشدّة توصّله إلى نصرة هذا المذهب - أقدم على أن يدعي عن رسول الله -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - نصاً صريحاً بالامامة، بل الذي اعتمده فهو ما قدمنا ذكره وما يجري مجراه.

مثل: قول العباس - وقد خطب رسول الله -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

٣٠٧

خطبته المشهورة في الفتح فانتهى إلى قوله: إنّ مكة حرام، حرّمها الله يوم خلق السماوات والأرض لا يختلى خلاها ولا يعضد شجرها - إلّا الأذخر يا رسول الله. فأطرق رسول الله - صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - وقال: إلّا الأذخر.

ومثل: ما روي من تشفيعه له في مجاشع بن مسعود السلمي - وقد التمس البيعة على الهجرة بعد الفتح - فأجابه إلى ذلك.

ومثل: إدعائه سبقه الناس إلى الصلاة على رسول الله -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - عند وفاته.

وتعلّقه بحديث الميراث، وحديث اللدود.

إلى غير ما ذكرناه مما هو مسطور في كتابه.

ومن تصفحه علم أن جميع ما اعتمده لا يخرج عما حكمنا فيه بخلوّه من الاشارة إلى نص أو دلالة، وقد علمنا عادة الجاحظ فيما ينصره من المذاهب، فإنه لا يدع غثّاً ولا سميناً، ولا يغفل عن إيراد ضعيف ولا قوي، حتى أنه ربما خرج إلى ادعاء ما لا يعرف. فلو كان لمن ذهب إلى مذهب العباسية خبر ينقلونه يتضمن نصاً صريحاً على صاحبهم، لما جاز أن يعدل عن ذكره مع تعلّقه بما حكينا بعضه، واعتماده على أخبار آحاد أكثرها لا يعرف »(١) .

وأما قول رشيد الدين الدهلوي: « وإنما يترتب على هذا الرأي حرمان أحب الأحباب، وانتقال الميراث إلى غير المحبوب ».

فتوجيه لمقالة الجاحظ، وفيه ما لا يخفى.

وأما قوله: « فصاحب هذا الزعم فاعتبروا يا أولي الألباب » فيتضمن وجهين للدفاع عن الجاحظ:

الأول: إنما قال ذلك ليتقرّب إلى المأمون العباسي، لا عداوةً لأمير المؤمنين -عليه‌السلام -.

___________________

(١). الشافي في الامامة / ٩٨ - ٩٩.

٣٠٨

والثاني: إن العداوة أمر باطني، وكلام الجاحظ لا يدل عليها.

وكلا الوجهين فاسد.

أما الأوّل: فلأن مقتضاه: أن كلّ قول صدر إرضاءً لملك أو رئيس - وإنْ كان في أقصى مراتب الشناعة والفساد - لا يدل على اعتقاد قائله به، وهذا يستلزم أن لا يكون الذين سبّوا علياً تقربّاً إلى الأمويين نواصب له وأعداء، وأن لا يحكم بالكفر على من سبَّ رسول الله -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - وأهانه واستهزأ به تقرباً إلى أئمّة الكفر إلى غير ذلك من اللوازم الواضح فسادها.

وأما الثاني: فكالأول في البطلان، بل أظهر منه.

هذا، ومن الضروري أن نشير هنا إلى أن القاضي التستري -رحمه‌الله - لم ينفرد في دعوى تشيّع المأمون، بل قال بذلك جماعة من أئمّة أهل السنّة من السابقين واللاحقين، كالجلال السيوطي في ( تاريخ الخلفاء ) والذهبي في ( سير أعلام النبلاء ) والبرزنجي في ( مرافضه )، بل ذكر ابن خلدون في ( تاريخه ): « أن دولة بني العباس دولة شيعية ».

على أن للتشيع معنيين: أحدهما: التشيع بالمعنى الخاص، وهو الاعتقاد بامامة أئمّة الإِثنى عشر من أهل البيت، أوّلهم أمير المؤمنين عليّ، وآخرهم: المهدي المنتظر،عليهم‌السلام .

والثاني: التشيع بالمعنى العام، وهو الاعتقاد بامامة علي -عليه‌السلام ، بعد رسول الله -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - بلا فصل.

وقد صرح القاضي التستري في مقدمة كتابه ( مجالس المؤمنين ) بأنه يذكر فيه الشيعة بالمعنى العام لا الخاص.

فظهر بطلان دفاع الرشيد الدين الدهلوي عن الجاحظ، وانتقاداته لكلام القاضي التستري -رحمه‌الله -.

٣٠٩

٥ ) حول رسالة الجاحظ في فضل عليعليه‌السلام

وإن تصنيف الجاحظ رسالة فضائل المؤمنين -عليه‌السلام - إنما كان يفيده لو لم يرتكب تلك القبائح، ولم يطعن في فضائل الامام -عليه‌السلام - في رسالة أخرى صنّفها في نصرة العثمانية.

ومع ذلك فإنا لا نستبعد اعتقاد الجاحظ بإمامة علي بعد رسول الله -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - ولعله من هنا أثبت في رسالته في الفضائل أفضليته من غيره، واعترف بمناقبه وفضائله التي لا تحصى، ولكن دعته الدواعي الدنيوية والشهوات النفسانية إلى تصنيف الرسالة الأخرى، التي زعم فيها كون الامامة بالميراث ...كما ذكره الشريف المرتضى والقاضي التستري - رحمهما الله تعالى -.

ونظير ذلك ما ذكره شمس الأئمّة محمد بن عبد الستار الكردي العمادي المتوفى سنة ٦٤٢ * ترجم له محيي الدين ابن أبي الوفا القرشي في ( الجواهر المضيّة في طبقات الحنفية ) بقوله: « كان أستاذ الأئمّة على الاطلاق والموفود اليه من الآفاق، قرأ بخوارزم على الشيخ برهان الدين ناصر بن أبي المكارم عبد السيد بن علي المطرزي صاحب المغرب، ثم رحل إلى ما وراء النهر وتفقّه بسمرقند على شيخ الاسلام المرغيناني صاحب الهداية، والشيخ مجد الدين المهاري السمرقندي المعروف بامام زاده، وسمع الحديث منهما، وتفقّه ببخارى على العلامة بدر الدين عمر بن عبد الكريم، والشيخ شرف الدين أبي محمد عمر بن محمد بن عمر العقيلي وبرع في معرفة المذاهب وإحياء علم أصول الفقه بعد اندراسه من زمن القاضي أبي زيد الدبوسي وشمس الأئمّة السرخسي، وتفقه عليه خلق كثير ».

وترجم له محمود بن سليمان الكفوي في ( كتائب أعلام الأخيار من مذهب النعمان المختار ) بقوله: « الشيخ الامام الموفود اليه من الآفاق مرضي الشمائل، جامع مكارم الأخلاق، بدر الأمة، شمس الأئمة أخذ عن كبار الفقهاء

٣١٠

وأعلام العلماء، حتى قرن الله مساعيه بالنجاح، وجعل صيته الطيار موفور الجناح، أخذ عن جمع كثير لا يحيط بها الحد ولا يضبطها العد، كان قد وصل إلى خدمة الرجال من أصحاب الكتيبة التاسعة والعاشرة والحادية عشر وأخذ عنهم وسمع التفسير والحديث، وبرع في معرفة المذاهب، وكان أستاذ الأئمّة على الاطلاق وكانت الطلبة ترحل اليه من الآفاق »

*عن الشافعية بقوله :

« الحمد لله رب العالمين، والصلاة على سيد المرسلين محمد وآله العالمين العاملين. وبعد، فإني ما كنت أسمع شفعوياً يذم إمام الأئمّة وسراج الأمة أبا حنيفة -رضي‌الله‌عنه - ويسيء القول به ويلعنه، بل أراهم يتقربون إلى أتباعه ويتودّدون إلى أشياعه إلّا المعتزلة منهم، فإنّهم كانوا يبغضون لبدعتهم ويعادون لعداوتهم.

حتى دخلت حلب - طهّرها الله عن البدع - فسمعت بعد مدة أنّ أعلام المدرسين من الشفعوية، لعن أبا حنيفة -رحمه‌الله - فانكرت على الناقل وكذّبته، ثم توالى على سمعي من سكان مدارس الشفعوية من المتفقهة منهم، أنهم يسيئون القول في الحنفيين ويبغضونهم، وفي أيديهم كتاب مكتوب فيه مناظرة الشافعي - رحمه‌ الله تعالى - مع محمد بن الحسن الشيباني، يذكر فيه أن الشافعي -رحمه‌الله - ناظره فنظره عند هارون الرشيد وكفّره، وهم يعتقدون صحة ذلك ويدرسونه، فقلت: سبحان الله! الشافعي كان تلميذ محمد بن الحسن واستفاد منه علم أبي حنيفة -رحمه‌الله - وأثنى عليه، كيف يستجرئ أن يناظره وينظره ويحاجّه ويحجّه، فضلاً عن أن ينظره ويكفّره، مع علمه قبح ذلك في الشريعة المطهرة؟

فطلبت ذلك المكتوب فأخفوه، والآن وقعت في يدي جزازة مكتوب فيها: إن أبا محمد الغزالي الطوسي أحد رؤساء الشفعوية ذكر في آخر كتابه الموسوم بالمنخول في الاصول باباً، قدّم فيه مذهب الشافعي على سائر المذاهب، وفضّله على سائر أصحاب المناصب، مثل أبي حنيفة وأحمد ومالك -رحمهم‌الله -، وسلك في تصحيح دعواه ثلاث مسالك وطعن فيه، وخص أبا حنيفة -رحمه‌الله - بالتشنيع

٣١١

العظيم والتقبيح العميم، ووصفه بما يشير إلى أنه كان ملحداً لا مؤمناً، نحو قوله: فأما أبو حنيفة فقد قلّب الشريعة ظهراً لبطن وشوّش مسلكها وخرم نظامها، وسنذكر تمامه في موضعه من هذا الكتاب إن شاء الله تعالى.

فقلت لنفسي: لا أتيقّن هذا ما لم أطّلع على الكتاب الموسوم بالمنخول، فتوسّلت بطريقةٍ إلى تحصيله، فوجدته بعد جهد جهيد في زمان مديد، فوجدته كما نسخ في هذه الجزازة، فأورد في قلبي وجداً وحرارة، فبان لي أن تقرّبهم في بلاد العجم إلى أصحاب الامام المعظم كان تقية، لما يرون من تقدّمهم وقربهم وتعصباً لأمرائهم، وأن تبغضهم بهم في هذه وإزراءهم عليهم لقربهم من السلطان وميله إليهم، ولاح لي بدلالة واضحة وأمارة لائحة أن القوم يعرفون أن أبا حنيفة -رحمه‌الله - هو الامام المقدّم والحبر المعظم، والعالم التقي والزاهد النقي، لكن يظهرون خلاف ما يضمرون، طلباً للرئاسة الكلية والشوهات النفسانية والحفوظ الدنيوية.

ومصداق هذه الدعوى وبرهانها أن خيارهم يأخذون الشفعة بالجوار، وأنه غصب وعدوان عندهم، ويتطهّرون بماء الحمام ويغتسلون به وهو نجس عندهم والصلاة بتلك الطهارة باطلة عندهم، بناءاً على أن رماد النجاسة المحرقة نجس عندهم، وقد خلط بالكلس في الحمام وبطليه، وأن النجاسة تحترق في الاتون وأنّ أجزاء رمادها تقع في مجرى الحوض، فيجري عليه الماء فيتنجس، ويتعاملون في السوق بالأخذ والعطاء بدون قولهم بعت واشتريت في المطعوم والمشروب والملبوس، وأنه باطل عندهم، والمقبوض بناء على ذلك كالمقبوض بالغصب.

وكذا يبيعون ويشترون على أيدي صبيانهم وتصرفاتهم عندهم باطلة، ويزارعون والمزارعة عندهم فاسدة، ويتزوّجون بتزويج أولياء فساق وتزويجهم في مذهبهم باطل، وكذلك أنكحتهم بحضرة الفساق فاسدة، فيظهر بهذا أن أنكحتهم في الأكثر باطلة، ووطؤهم بناء على تلك الأنكحة زنا وأولادهم أولاد زنا، وما يأكلون ويشربون ويلبسون حرام، وكذا ما يجمعون بتلك الطرق.

٣١٢

فإن قالوا: أخذنا في هذه المسائل بمذهب أبي حنيفة -رحمه‌الله - وأنه حقّ، فما بالهم يطعنون عليه ويلعنون؟!

وإنْ قالوا: مذهبه باطل ومذهبنا حق، فما بالهم يلابسون المحظورات ويقارفون المنهيّات، ويبارزون بالمعاصي لمالك الأوامر والنواهي، وهم يعلمون ذلك ولا يتناهون عنه ولا يرجعون، بل يتعاونون على ذلك ويتظافرون وعلى ذلك يموتون ولا يتوبون عن ذلك ولا يتذكرون؟! وممّا يؤيّد هذا ويوضحّه أنك ترى أعلمهم وأزهدهم إذا تمكّن من أمير أو وزير يعتقد أنه ظالم غاشم يجري معه في هواه ويوافقه فيما يهواه، فيمدحه في وجهه بما ليس فيه حتى يصمّه ويعميه، ومذهبه أنه لا ولاية لهذا الأمير والوزير على أولاده الصغار تزويجاً وعلى أموالهم بيعاً وشراءً، وعلى تزويج بنته البكر البالغة، فضلاً عن أن يثبت له ولايته على العوام وأموال الأيتام والأوقاف وأموال بيت المال، وأنّ توليته لا تصحّ، وأنّ الأنكحة بحضرة أمثاله لا تنعقد، ومع ذلك يتقلّد منه القضاء والنظر في الأوقاف وأموال الأيتام مع اعتقاده أنّ توليته باطلة وتقلّده فاسد، وهو في مدحه إيّاه وإعانته ظالم آثم ثمّ ربما تعدّى من ذلك إلى الوزارة وجمع المال بالطرق المحرمة، ويظهر له أنه ناصح أمين وشفيق ومسكين وهو في الحقيقة خائن مبين، فيتلهى بالرجل حتى يصل إلى أغراض فاسدة، من التقدّم على العوام وجمع الحطام وتخريب المدارس والرباطات معنى بتوليته من لا يصلح لها، إذا علم أنه يدخل معه في هواه ويوافقه فيما يهواه، وترك الصالح للتدريس والفتيا وعدم تمكينه من ذلك خوفاً من أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، وينكر عليه أفعاله ولا يحسن أحواله.

فلينظر العاقل المنصف أنّ من هذه صفاته هل يصلح أن يعتمد عليه في أمور الدين والدنيا، ويؤتمن عليه في المصالح ويفوّض إليه تدبير المملكة، فمن هذه صفته لا يبعد منه أن يعتقد حقيّة مذهب الإِمام أبي حنيفة -رحمه‌الله - ثم يظهر خلافه ليحصل له الرئاسة الكلية ».

٣١٣

ثم إنّ الكردري أورد طعن الغزالي صاحب ( المنخول ) في أبي حنيفة في الفصل الأول من كتابه وذكر أن الغزالي « ردّد أمر أبي حنيفة -رحمه‌الله - بين أن يكون جاهلاً ومجنوناً. وبين كونه كافراً زنديقاً » فقال:

« فهذا اعتقادهم في إمام الأئمّة وسراج الأُمّة، فكيف في أتباعه ومقلدي مذهبه، من الأمراء والسلاطين وقواد عساكر المسلمين والفقهاء منهم والمدرسين؟

واعتقادهم في أتباعه ما نص عليه من وصفهم به، من شدة الغباوة وقلة الدراية وشدّة الخذلان، فإنّ حواسّهم فاسدة غير سليمة وعقولهم وأنظارهم غير سديدة ».

ثم قال: « ثمّ لا يستحيون ويظهرون في وجوه أتباعه من الأمراء والقضاة والولاة من الأطراء ما يزيد على الصّديق وعمر الفاروق ».

قال: « ثمّ إنّ الله تعالى عزّ وجلّ أظهر كرامة أبي حنيفة -رحمه‌الله - بأنْ سلّط على هذا الطّاعن فيه رؤساء مذهبه وعملائهم، فقابلوه على طعنه بأن شهدوا عليه بالإِلحاد والزندقة والتزوير والمخرقة عند السلطان سنجر، وأفتوا بإباحة دمه ووجوب قتله »(١) .

أقول: وهكذا حال الجاحظ وشأنه مع مولانا أمير المؤمنين -عليه‌السلام - وعليه ينطبق جميع ما قاله الكردري في حق الغزالي، وكذا على من كان على شاكلته.

٦ ) يستند إلى أقوال العلماء في فنونهم

قد علمت أن مدح الشريف الرضي -رحمه‌الله - للجاحظ لم يكن مدحاً على حقيقته، بل كان مدح إلزام وإفحام

ثم نقول: إنه لا مانع من أن يكون مدحاً واقعياً، وأن يكون استناد الشريف إلى كلام الجاحظ في معرفة كلام الامام -عليه‌السلام - استناداً حقيقياً

___________________

(١). الرد على مطاعن أبي حنيفة في كتاب المنخول للغزالي.

٣١٤

... وذلك لأن العلماء كثيراً ما يستندون إلى أشعار الكفّار، وفي المسائل الطبية - مثلاً - إلى أقوال الطبيب الملحد، ولا يرون في ذلك بأساً أبداً

وقد تعرّض لهذه المسألة علماء الدراية وعلم الحديث في كتبهم التي وضعوها في هذا العلم، قال الحافظ جلال الدين السيوطي:

« قال عز الدين بن عبد السلام في جواب سؤال كتبه اليه أبو محمد بن عبد الحميد: وأما الاعتماد على كتب الفقه الصحيحة الموثوق بها فقد اتفق العلماء في هذا العصر على جواز الاعتماد عليها والاسناد اليها، لأنّ الثقة قد حصلت بها كما تحصل بالرواية، ولذلك اعتمد الناس على الكتب المشهورة في النحو واللغة والطب وسائر العلوم، لحصول الثقة بها وبعد التدليس، ومن زعم [ اعتقد ] أن الناس قد اتفقوا على الخطأ في ذلك فهو أولى بالخطأ منهم، ولو لا جواز الاعتماد على ذلك لتعطّل كثير من المصالح المتعلّقة بها.

وقد رجع الشارع الى قول الأطباء في صور، وليست كتبهم مأخوذة في الأصل إلّا عن قول الكفار [ قوم كفار ] ولكنْ لمـّا بَعُدَ التدليس فيها اعتمد عليها، كما اعتمد في اللغة على أشعار العرب وهم كفار، لبعد التدليس »(١) .

هذا، وأما مدح الكفار والمشركين والخوارج بصفات كانوا يتصفون بها فكثير في الصحاح وكتب الحديث والتواريخ وغيرها.

وبهذا نكتفي في رد دفاع الفاضل رشيد الدين الدهلوي عن الجاحظ.

___________________

(١). تدريب الراوي - شرح تقريب النواوي ١ / ١٥٢.

٣١٥

٣١٦

(٥)

عدم رواية ابن أبي داود حديث الغدير

٣١٧

٣١٨

وأمّا استناد الفخر الرازي إلى ترك ابن أبي داود حديث الغدير وقدحه فيه، فمردود بوجوه:

١. لا دليل على القدح

إن دعوى قدح ابن أبي داود السجستاني في حديث الغدير دعوى لا يدعمها أي دليل، ولم يقم عليها برهان.

وكل دعوى لم يقم صاحبها على صحّتها دليلاً فهي غير مسموعة

٢. دعوى القدح كاذبة

بل إن هذه الدعوى باطلة لا أصل لها، فقد قيل: إنّ ابن أبي داود لم ينكر خبر الغدير، وإنما أنكر منه بعض أمور خارجة عن أصل الحديث قال الشريف المرتضى - رحمه‌ الله تعالى:

« فإنْ قيل: أليس قد حكي عن ابن أبي داود السجستاني في دفع الخبر، وحكي عن الخوارج مثله، وطعن الجاحظ في كتاب العثمانية فيه؟

قيل له: أول ما نقوله أن لا معتبر في باب الإجمال بشذوذ كل شاذ عنه، بل الواجب أن يعلم أن الذي خرج عنه ممن يعتبر قوله في الإجماع ثم يعلم أنّ الاجماع لم يتقدم خلافه.

٣١٩

فإنّ ابن أبي داود والجاحظ لو صرّحا بالخلاف لسقط خلافهما بما ذكرناه من الاجماع، خصوصاً بالذي لا شبهة فيه من تقدم الاجماع وفقد الخلاف وقد سبقهما ثم تأخر عنهما.

على أنه قد قيل: إن ابن أبي داود لم ينكر الخبر، وإنّما أنكر كون المسجد الذي بغدير خم متقدّماً، وقد حكي عنه التنصّل من القدح في الخبر والتبرّي مما قذفه به محمد بن جرير الطبري.

وأما الجاحظ فلم يتجاسر أيضاً على التصريح بدفع الخبر، وإنما طعن على بعض رواته، وادّعى اختلاف ما نقل من لفظه.

ولو صرّح الجاحظ والسجستاني وأمثالهما بالخلاف لم يكن قادحاً لما قدّمناه »(١) .

٣. استدلال الرازي يخالف قواعد البحث

ولو سلّمنا ما حكي من قدح ابن أبي داود في حديث الغدير، فإنه لا وجه لتمسك الرازي بذلك، لأنه خروج عن قواعد البحث وآداب المناظرة، إذ قد تقرر في علم المناظرة أن يتخذ المخاصم من أقوال خصمه وتصريحات أصحابه وأبناء طائفته دليلاً على الرد، لا أن يعتمد المخاصم على ما ذكره أهل مذهبه وعلماء نحلته لأجل أن يخصم بذلك خصمه

وعلى هذا الأساس التزم ( الدهلوي ) في مقدمة ( التحفة ) ومن قبله والده في ( قرّة العينين ) بعدم الاحتجاج بروايات أهل السنة، حتى من البخاري وغيره من صحاحهم في محاجة الإِمامية ولكنهما - مع الأسف - خالفا ما التزما ولم يفيا بما وعدا

___________________

(١). الشافي في الامامة / ١٣٢.

٣٢٠

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423