نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ٦

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار13%

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 423

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 423 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 180044 / تحميل: 6670
الحجم الحجم الحجم
نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ٦

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

الأحاديث

الصفحة

كان رسول الله صلى الله عليه واله إذا رجع من غزاة ١٨

كان رسول الله صلى الله عليه واله إذا سافر آخر عهده ١٩

كنّا مع النبي صلى الله عليه واله ٥٦

كنت أرى رسول الله صلى الله عليه واله يقبّل فاطمة ١٤

لأنّ الله تعالى خلقها من نور عظمته ١٨

لأنّ الله عزّوجلّ فطمها وفطم من أحبّها ١٥

لكلّ نبيّ عصبة ينتمون إليه ٤٦

ما رأيت أحداً أشبه سمتاً ودلاًّ ١٥

ما رأيت أحداً كان أشبه كلاماً وحديثاً ٦

ما رأيت أحداً كان أشبه كلاماً وحديثاً ١٦

ما في الميزان شيىء أثقل من الصلاة ٣١

من ذكرت عنده فلم يصل عليّ ٢٨

من ذكرت عنده فنسي الصلاة ٢٨

من صلّى على محمّد صلى الله عليه واله وآل محمّد عشراً ٣٠

من صلّى عليّ صلّى الله عليه وملائكته ٣٠

من مات على حبّ آل محمّد ٥٣

النبي الذي يرى في منامه ٤٩

٨١

الأحاديث

الصفحة

نحن معاشر الأنبياء لانوّرث ٦١

وكيف لا اُحبّهما وهما ريحانتاي ٥٥

وما لي لا احبّهما ٥٥

هذا ملك من الملائكة إستأذن ربّه ٥٧

هذان إبناك فأنحلهما ٥٥

هذان إبناي من أحبّهما فقد أحبني ٦١

هذان إبناي وإبنا إبنتي ٦١

هذه عرفات فأعرف بها مناسكك ٤٩

يا رسول الله صلى الله عليه واله أي أهلك أحبّ إليك ١٦

يا رسول الله صلى الله عليه واله هذان إبناك فأنحلهما ٥٥

يا رسول الله صلى الله عليه واله هذان إبناك فورّثهما شيئاً ٦٠

يا رسول الله صلى الله عليه واله مالك إذا جاءت فاطمة ١٤

يا فاطمة أما ترضين أن تكوني سيدة نساء المؤمنين ٧

يا فاطمة إنّ الله عزّوجلّ يغضب لغضبك ٦

* * *

٨٢

فهرس الموضوعات

الفصل الأوّل السيدة الزهراء عليها السلام حياتها وعلاقتها بأبيها ١١

الفصل الثاني في بيان أخلاق الرسول صلى الله عليه واله ٢١

الفصل الثالث الرسول الأعظم صلى الله عليه واله ٤٣

يورّث فاطمة عليها السلام وذريّتها أخلاقه ٤٣

الفهارس ٦٩

فهرست الآيات ٧١

فهرس الأحاديث الشريفة ٧٧

فهرس الموضوعات ٨٣

مصادر الكتاب ٨٥

آثار المؤلف ٩٣

٨٣
٨٤

مصادر الكتاب

١ ـ الإستيعاب : لإبن عبدالبّر : منشورات دار الجيل ، بيروت.

٢ ـ اسد الغابة : لإبن الأثير الجزري ، منشورات دارالفكر ، بيروت.

٣ ـ أسمى المطالب : للحافظ محمّد الجزري الدمشقي الشافعي ، منشورات.

٤ ـ أسنى المطالب : للحافظ محمّد الجزري الشافعي ، منشورات مكتبة الإمام أميرالمؤمنين عليه السلام العامة ، اصفهان.

٥ ـ أقرب الموارد : لسعيد الخوري الشرتوني اللبناني ، منشورات مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي ، قم.

٦ ـ الأمالي : للشيخ الصدوق ، منشورات الأعلمي ، بيروت.

٧ ـ بحارالأنوار : للعلّامة المجلسي ، منشورات دارالكتب ، الإسلاميّة ، طهران.

٨٥

٨ ـ بداية المجتهد ونهاية المقتصد ، للإمام محمّد بن أحمد بن محمّد القرطبي ، منشورات الرضى ، قم.

٩ ـ تاج العروس : للسيد محمّد مرتضى الحسيني الزبيدي ، منشورات دارالهداية ، للطباعة والنشر ، بيروت.

١٠ ـ تاريخ بغداد : للخطيب البغدادى ، منشورات دارالفكر ، بيروت.

١١ ـ تفسير أبي السعود : للإمام أبي السعود العمادي ، منشورات دار إحياء التراث العربي ، بيروت.

١٢ ـ تفسير البغوي : للإمام البغوي الشافعي ، منشورات دارالمعرفة ، بيروت.

١٣ ـ تفسير الطبري «جامع البيان في تفسير القرآن» : منشورات دارالجيل ، بيروت.

١٤ ـ تفسير الكبير : للفخر الرازي ، الطبعة الثالثة ، ايران قم.

١٥ ـ تفسير القمي : لعلي بن إبراهيم القمي ، منشورات دارالكتاب ، قم.

١٦ ـ التوحيد : للشيخ الصدوق ، منشورات مؤسسة النشر الإسلامى.

١٧ ـ ثواب الأعمال : للشيخ الصدوق ، منشورات الشريف

٨٦

الرضي ، قم.

١٨ ـ الجامع لأحكام القرآن : لأبي عبدالله محمّد بن أحمد الأنصاري القرطبي ، منشورات دار إحياء التراث العربي ، بيروت.

١٩ ـ حلية الأولياء : لأبي نعيم الأصفهاني ، منشورات دارالفكر ، بيروت.

٢٠ ـ خصائص أميرالمؤمنين : للنساني ، منشورات مجمع إحياء الثقافة الإسلامية ، قم.

٢١ ـ الخصال : للشيخ الصدوق ، منشورات جماعة المدرسين ، قم.

٢٢ ـ دلائل الإمامة :

٢٣ ـ ذخائر العقبىٰ : للحافظ محب الدين الطبري ، منشورات مؤسسة الوفاء ، بيروت.

٢٤ ـ الذريعة إلى مكارم الشريعة : للراغب الإصفهاني ، منشورات مكتبة الكليّات الأزهريّة ، قاهرة.

٢٥ ـ سنن إبن ماجة : محمّد بن يزيد القزويني ، منشورات دار إحياء التراث العربي ، بيروت.

٢٦ ـ سنن الترمذي : لإبن السورة ، منشورات دارالفكر ، بيروت.

٨٧

٢٧ ـ سنن النسائي : للإمام النسائي ، منشورات دارالكتب العربي ، بيروت.

٢٨ ـ السنن الكبرى : للحافظ أحمد بن الحسين بن علي البيهقي ، منشورات دارالمعرفة ، بيروت.

٢٩ ـ شرح الكافية في النحو : للمحقق الرضي الاسترآبادي ، منشورات المكتبة المرتضويّة لإحياء الآثار الجعفرية ، قم.

٣٠ ـ شرح المواقف.

٣١ ـ شرح نهج البلاغة : لإبن أبى الحديد ، منشورات دارالكتب العلميّة لاسماعيل النجفى ، قم.

٣٢ ـ شواهد التنزيل : للحاكم الحسكاني ، منشورات مجمع إحياء الثقافة الإسلاميّة ، طهران.

٣٣ ـ الصحاح في اللغة : لإسماعيل بن حماد الجوهري ، منشورات دارالعلم للملائين ، بيروت.

٣٤ ـ صحيح مسلم : للإمام مسلم بن الحجاج القشيري النيشابوري ، منشورات دار إحياء العربي ، بيروت.

٣٥ ـ الصواعق المحرقة : للمحدث أحمد بن حجر المكي ، منشورات مكتبة القاهرة ، القاهرة.

٣٦ ـ عيون أخبار الرضا عليه السلام : للشيخ الصدوق ، منشورات دار

٨٨

إحياء التراث العربي ، بيروت.

٣٧ ـ الفقه على المذاهب الأربعة : لعبد الرحمان الجزري ، منشورات دار إحياء التراث العربي ، بيروت.

٣٨ ـ القاموس المحيط : لمجد الدين الفيروز آبادي ، منشورات دار المعرفة ، بيروت.

٣٩ ـ الكافي : للشيخ الكليني ، منشورات دار الكتب الإسلاميّة ، طهران.

٤٠ ـ كتاب سيبويه.

٤١ ـ كتاب العين : لأبي عبد الرحمان الخليل الفراهيدي ، منشورات مؤسسة الأعلمي للمطبوعات ، بيروت.

٤٢ ـ الكشّاف عن حقائق غوامض التنزيل : للزمخشري ، منشورات أدب الحوزة ، قم.

٤٣ ـ كشف الغمّة في معرفة الأئمّة : للعلّامة أبي الحسن علي بن عيسى ابن أبي فتح الإربلي ، منشورات دار الكتب الإسلاميّة ، بيروت.

٤٤ ـ لسان العرب : لإبن المنظور الإفريقي الطرابلسي ، منشورات دارالذخائر ، قم.

٤٥ ـ مجمع البحرين : للشيخ فخر الدين الطريحي ، منشورات

٨٩

المكتبة المرتضويّة لإحياء ، آثار الجعفريّة ، قم.

٤٦ ـ مجمع البيان : للشيخ الطبرسي ، منشورات دار إحياء التراث العربي ، بيروت.

٤٧ ـ مجمع الزوائد : للحافظ علي ابن أبي بكر الهيثمي ، منشورات دار الكفر ، بيروت.

٤٨ ـ مجمل اللغة : لأبي الحسين أحمد بن فارس اللغوي ، منشورات مؤسسة الرسالة ، بغداد.

٤٩ ـ المستدرك على الصحيحين : للحاكم النيسابوري ، منشورات دار المعرفة ، بيروت.

٥٠ ـ مسند الإمام أحمد بن حنبل : منشورات دار الفكر ، بيروت.

٥١ ـ المصباح المنير : للفيومي ، منشورات دار الهجرة ، قم.

٥٢ ـ مصابيح السنّة : للفراء البغوي ، منشورات دار المعرفة ، بيروت.

٥٣ ـ معاني الأخبار : للشيخ الصدوق ، منشورات جماعة المدرسين ، قم.

٥٤ ـ المعجم الكبير : للحافظ سليمان أحمد الطبراني ، منشورات دار إحياء التراث العربي ، بيروت.

٩٠

٥٥ ـ معجم مقاييس اللغة : لأبي الحسين أحمد بن فارس اللغوي ، منشورات مكتب الإعلام الإسلامي ، قم.

٥٦ ـ المفردات في غريب القرآن : للراغب الإصفهاني ، منشورات مكتب الإعلام الإسلامي ، قم.

٥٧ ـ مناقب إبن المغازلي.

٥٨ ـ مناقب الإمام أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب صلى الله عليه واله : من الرياض النضرة : لمحب الدين الطبري ، منشورات بوستان كتاب ، قم.

٥٩ ـ مناقب آل أبي طالب : لأبي جعفر رشيد الدين محمّد بن علي بن شهرآشوب السروي ، منشورات علاّمة قم.

٦٠ ـ الموطأ : للإمام مالك بن أنس ، منشورات دار الكتب العلميّة ، بيروت.

٦١ ـ النهاية في غريب الحديث والأثر : لإبن الأثير ، منشورات المكتبة الإسلاميّة ، بيروت.

* * *

٩١
٩٢

آثار المؤلف

١ ـ تقريرات بحث سيدنا سماحة آية الله العظمى الخوئي قدس سره غير مطبوع كما يلى :

* ـ كتاب الصلاة في أربعة أجزاء.

* ـ كتاب الصوم في جزئين.

* ـ كتاب الخمس في جزء واحد.

* ـ كتاب الزكاة في جزء واحد.

* ـ كتاب الحج في ثلاثة أجزاء.

* ـ كتاب التجارة الجزء الأوّل.

٢ ـ تأليف كتاب الرّسول الأعظم على لسان حفيده الإمام زين العابدين عليه السلام في جزء واحد.

٣ ـ تأليف كتاب الرّسول الأعظم على لسان وصيّه الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام في جزء واحد.

٩٣

٤ ـ تأليف كتاب الرّسول الأعظم على لسان اُم أبيها فاطمة الزهراء عليها السلام في جزء واحد.

٥ ـ تأليف شرح زيارة أمين الله في جزء واحد.

٦ ـ تأليف الأحاديث القدسيّة المشتركه بين السنّة والشّيعة في جزء واحد.

٧ ـ فهارس الآيات والأحاديث والموضوعات لمرآة العقول في جزئين.

٨ ـ تأليف منتخب أحاديث القدسيّة في جزء واحد.

٩ ـ تحقيق خمسة أجزاء من مرآة العقول.

١٠ ـ تحقيق كتاب الصافي في تفسير القرآن في سبعة أجزاء.

١١ ـ تحقيق كتاب رياض السالكين في سبعة أجزاء.

١٢ ـ تحقيق كتاب المراسم العلويّة في الأحكام النبويّة في جزء واحد.

١٣ ـ تحقيق كتاب من هو المهدي في جزء واحد.

١٤ ـ تحقيق بحث ولاية الفقيه من كتاب عوائد الأيّام في جزء واحد.

١٥ ـ تحقيق كتاب مختلف الشيعة في الأجزاء.

١٦ ـ تحقيق كتاب معالم الدين وملاذ المجتهدين في جزء واحد.

٩٤

١٧ ـ تحقيق كتاب في رحاب التقوىٰ في جزء واحد.

١٨ ـ تحقيق وتهذيب كتاب المهذب البارع في خمسة أجزاء.

١٩ ـ تحقيق وتهذيب كتاب كنز الدقايق.

٢٠ ـ تحقيق كتاب المحاسن البرقي في جزئين.

* * *

٩٥

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

الخطيب، أنبأ أبو بكر البرقاني، أنبأ أحمد بن إبراهيم الاسماعيلي، عن محمد بن أبي القاسم السمناني، عن الخليل بن محمد الثقفي، عن عيسى بن جعفر القاضي، عن أبي حازم المدني، قال: كنت عند جعفر بن محمد، فجاء سفيان الثوري، فقال له جعفر: أنت رجل يطلبك السلطان وأنا أتّقي السلطان. فقال سفيان: حدثني حتى أقوم » (١) .

و روى ابن الصباغ المالكي(٢) والعيدروس(٣) - واللفظ للأول -:

« قال ابن أبي حازم: كنت عند جعفر الصادق إذ جاء الآذن فقال: سفيان الثوري بالباب. فقال: ائذن له. فدخل فقال له جعفر: يا سفيان! إنك رجل يطلبك السلطان في أكثر الأحيان وتحضر عنده، وأنا أتّقي السلطان، فاخرج عني غير مطرود »

كان الثوري يدلّس

ومما ذكروا عن « الثوري » أنه كان يدلس عن الضعفاء، قال الذهبي بترجمته:

« سفيان بن سعيد الحجة الثبت المتفق عليه، مع أنه كان يدلّس عن الضعفاء، ولكن كان له نقد وذوق، ولا عبرة بقول من قال: كان يدلّس ويكتب عن الكذّابين »(٤) .

وقال ابن حجر الحافظ: « وقال ابن المبارك: حدثته - يعني الثوري - بحديث، فجئته وهو يدلّسه، فلما رآني استحيا وقال: نرويه عنك »(٥) .

___________________

(١). تذكرة خواص الأمة: ٣٤٢.

(٢). الفصول المهمة في معرفة الأئمة: ٢٢٣.

(٣). العقد النبوي والسر المصطفوي: ٧٢.

(٤). ميزان الاعتدال في نقد الرجال ٢ / ١٦٩.

(٥). تهذيب التهذيب: ترجمته ٤ / ١١٥.

٣٤١

وقال:

« سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري أبو عبد الله الكوفي ثقة حافظ فقيه عابد إمام حجة من رؤوس الطبقة السابعة، وكان ربما دلّس. مات سنة إحدى وستين وله أربع وستّون »(١) .

وذكره ابراهيم بن محمد سبط ابن العجمي المكي في المدلّسين قائلاً: « سفيان الثوري مشهور به »(٢) .

وقال السيوطي بشرح قول النووي: « النوع الثامن عشر - في التدليس. وهو قسمان، الأول تدليس الاسناد، يروي عمن عاصره ما لم يسمعه منه موهماً سماعه قائلاً: قال فلان أو عن فلان. ونحوه. وربما لم يسقط شيخه وأسقط غيره ضعيفاً أو صغيراً تحسينا للحديث ».

قال السيوطي بشرح قوله: « وربما لم يسقط »

« وهذا من زوائد المصنّف على ابن الصلاح وهو قسم آخر من التدليس يسمى تدليس التسوية، سماه بذلك ابن القطان، وهو شر أقسامه، لأنّ الثقة الأول قد لا يكون معروفاً بالتدليس ويجده الواقف على المسند كذلك بعد التسوية قد رواه عن ثقة، فيحكم له بالصحة وفيه غرور شديد

قال الخطيب: وكان الأعمش وسفيان الثوري يفعلون مثل هذا. قال العلائي: وبالجملة فهذا النوع أفحش أنواع التدليس مطلقاً وأشرّها، قال العراقي: وهو قادح فيمن تعمّد فعله، وقال شيخ الاسلام: لا شك أنه جرح وإنْ وصف به الثوري والأعمش، فالاعتذار أنهما لا يفعلانه إلّا في حق من يكون ثقة عندهما ضعيفاً عند غيرهما »(٣) .

___________________

(١). تقريب التهذيب ١ / ٣١١.

(٢). التبيين لأسماء المدلسين.

(٣). تدريب الراوي بشرح تقريب النواوي ١ / ٢٢٤.

٣٤٢

وقال علي القاري في ( نزهة النظر ): « قال الشيخ شمس الدين محمد الجزري وربما لم يسقط المدّلس شيخه، لكن يسقط من بعده رجلاً ضعيفاً وصغير السن يحسّن الحديث بذلك، وكان الأعمش والثوري وابن عيينة وابن اسحاق وغيرهم يفعلون هذا النوع ».

حرمة التدليس وشناعته

ولقد علم مما سلف « أن التدليس قادح في من تعمّد فعله » و « أنّه جرح ». وقال القاري بعد كلامه المتقدم نقله: « وهذا القسم من التدليس مكروه جداً، فاعله مذموم عند أكثر العلماء، ومن عرف به فهو مجروح عند جماعة لا تقبل روايته، بيّن السماع أو لم يبيّنه ».

وكذا قال ابن جماعة الكناني

وقال السيوطي بعد تقسيم التدليس:

« أما القسم الأول فمكروه جدّاً ذمه أكثر العلماء، وبالغ شعبة في ذمه فقال: لئن أزني أحب إليّ من أن أدلّس. وقال: التدليس أخو الكذب »(١) .

وقال السيوطي أيضاً: « ( ثم قال فريق منهم ) من أهل الحديث والفقهاء ( من عرف به ) يعني بتدليس الاسناد ( صار مجروحاً ) مردود الرواية ( مطلقاً ) وانْ بيّن السماع »(٢) .

أقول: فيجب التوقف في روايات الثوري، بل مفاد بعض الكلمات سقوطها مطلقاً.

٢ - نسبة البخاري الحديث إلى يعقوب بن إبراهيم

واعلم أن البخاري نسب رواية هذا الحديث إلى يعقوب بن إبراهيم أيضاً،

___________________

(١). تدريب الراوي ١ / ٢٢٨.

(٢). المصدر نفسه ١ / ٢٢٩.

٣٤٣

فإنّه قال:

« حدثنا أبو نعيم، قال: حدثنا سفيان، عن سعد.

أبو عبد الله: وقال يعقوب بن ابراهيم: حدثنا أبي، عن أبيه، قال: حدثني عبد الرحمن بن هرمز الأعرج، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم -: قريش والأنصار وجهينة ومزينة وأسلم وأشجع وغفار موالي ليس لهم مولى دون الله ورسوله »(١) .

ولكن أبا مسعود الدمشقي كذّب هذه النسبة، وأفاد بأن رواية يعقوب تخالف رواية سفيان، لأن يعقوب إنما رواه عن أبيه، عن صالح بن كيسان، عن الأعرج، عن أبي هريرة بلفظ: غفار وأسلم ومزينة ومن كان من جهينة خير عند الله من أسد وطي وغطفان، كذا أخرجه مسلم(٢) .

هذا بالاضافة إلى ما جاء بترجمة إبراهيم بن سعد - والد يعقوب - من تكلّم جماعة فيه، فقد قال الحافظ ابن حجر العسقلاني:

« وذكر ابن عدي في الكامل عن عبد الله بن أحمد، سمعت أبي يقول: ذكر عند يحيى بن سعيد عقيل وابراهيم بن سعد، فجعل كأنه يضعّفهما. يقول:

عقيل وابراهيم! ثم قال أبي: إيش ينفع هذا، هؤلاء ثقات لم يجدهما [ يخبرهما ] يحيى.

و عن أبي داود السجستاني: سمعت أحمد، سئل عن حديث إبراهيم بن سعد عن أبيه، عن أنس مرفوعاً: الأئمّة من قريش، فقال: ليس هذا في كتب إبراهيم ابن سعد، لا ينبغي أن يكون له أصل.

قلت: رواه جماعة عن إبراهيم.

ونقل الخطيب: أن إبراهيم كان يجيز الغناء بالعود ووليّ قضاء المدينة.

___________________

(١). صحيح البخاري ٤ / ٢١٨.

(٢). أطراف الصحيحين - مخطوط. وأبو مسعود الدمشقي: ابراهيم بن محمد بن عبيد الحافظ. توجد ترجمته في طبقات الحفاظ / ٤٢٦.

٣٤٤

وقال ابن عيينة: كنت عند ابن شهاب، فجاء ابراهيم بن سعد فرفعه وأكرمه وقال: إنّ سعداً وصّاني بابنه سعد، وسعد سعد.

وقال ابن عدي: هو من ثقات المسلمين حدّث عنه جماعة من الأئمّة ولم يختلف أحد في الكتابة عنه، وقول من تكلم فيه تحامل، وله أحاديث صالحة مستقيمة عن الزهري وغيره »(١) .

٣ - في طريقه « سعد بن إبراهيم »

وفي طريق الحديث الذي استدل به الفخر الرازي « سعد بن ابراهيم » وقد ذكر علماء الرجال ترك مالك بن أنس الرواية عن سعد قال الحافظ ابن حجر: « وقال الساجي: ثقة أجمع أهل العلم على صدقه والرواية عنه إلّا مالك، وقد روى مالك عن عبيد الله بن إدريس، عن سعيد، عن سعد بن إبراهيم، فصحّ باتّفاقهم أنه حجة.

ويقال: إن سعداً وعظ مالكاً فوجد عليه فلم يرو عنه.

حدثني أحمد بن محمد: سمعت أحمد بن حنبل يقول: سعد ثقة، فقيل له: إنّ مالكاً لا يحدّث عنه، فقال: من يلتفت إلى هذا؟ سعد ثقة رجل صالح.

ثنا أحمد بن محمد، سمعت المطيعي يقول لابن معين: كان مالك يتكلّم في سعد سيد من سادات قريش، ويروي عن ثور وداود بن الحصين خارجيين خسيسين [ خبيثين ].

قال الساجي: ومالك إنما ترك الرواية عنه، فإما أن يكون يتكلّم فيه فلا أحفظه، وقد روى عنه الثقات والله [ والأئمّة و ] كان ديّنا عفيفا.

وقال أحمد بن البرقي: سألت يحيى عن قول بعض الناس في سعد أنه كان يرى القدر وترك مالك الرواية عنه، فقال: لم يكن يرى القدر، وإنما ترك مالك

___________________

(١). تهذيب التهذيب ١ / ١٢٢ - ١٢٣.

٣٤٥

الرواية عنه، لأنّه تكلّم في نسب مالك، فكان مالك لا يروي عنه، وهو ثبت لا شك فيه »(١) .

٨. هذا الحديث مرويّ بالمعنى

والظاهر - على تقدير صحة الحديث - أن أبا هريرة قد نقله بالمعنى، فأضاف إليه لفظتي « ليس » و « دون » الدالّين على الحصر، نظير ما زعمه ابن حجر المكي في ( صواعقه ) بالنسبة إلى حديث الغدير، والكابلي في ( صواقعه ) و ( الدهلوي ) في ( تحفته ) بالنسبة إلى حديث ابن عباس في معنى آية المودة.

ويؤكّد ما ذكرنا من عدم وجود اللفظين في أصل الحديث، ما أخرجه مسلم بطريق آخر، حيث قال: « حدثني زهير بن حرب، نا يزيد - هو ابن هارون - أنا أبو مالك الأشجعي، عن موسى بن طلحة، عن أبي أيوب، قال: قال رسول الله -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم -: الأنصار ومزينة وجهينة وغفار وأشجع ومن كان من بني عبد الله موالي دون الناس، والله ورسوله مولاهم »(٢) .

٩. قيل: « انما » قد لا تدل على الحصر

لقد زعم غير واحد من علماء أهل السنة ومحققيهم كالتفتازاني في ( شرح المقاصد ) والقوشجي في ( شرح التجريد ) و ( الدهلوي ) في ( التحفة ) في الجواب عن الاستدلال الشيعة بآية الولاية:( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ ) زعموا أنّ أداة الحصر إنما يكون نفياً لما وقع فيه تردد ونزاع

فنقول: وهل كان في ولاية الله ورسوله لهذه القبائل تردد ونزاع حتى يحتاج إلى أداة الحصر؟ كلا اللهم كلا

___________________

(١). تهذيب التهذيب ٣ / ٤٤٦ - ٤٦٥.

(٢). صحيح مسلم ٧ / ١٧٨.

٣٤٦

وهذا أدل دليل على بطلان الحديث الذي تمسك به الفخر الرازي، وعلى بطلان استدلاله به على فرض صحته

بل زعم الرازي نفسه أن أداة الحصر قد لا تدل على الحصر، فقد قال في تفسير آية الولاية الدالة على إمامة علي -عليه‌السلام -:

« أما الوجه [ الأول ] الذي عوّلوا عليه وهو: إن الولاية المذكورة في الآية غير عامة، والولاية بمعنى النصرة عامة، فجوابه من وجهين:

الأول: لا نسلّم أن الولاية المذكورة في الآية غير عامة، ولا نسلم أنّ كلمة « إنما » للحصر، والدليل عليه قوله تعالى:( إِنَّما مَثَلُ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ ) ولا شك أن الحياة الدنيا لها أمثال أخرى سوى هذا المثل »(١) .

أقول: ولو تم ما ذكره الرازي حول هذه الآية، لأمكننا القول بعدم دلالة « ليس » و « دون » المذكورين في الحديث المزعوم على الحصر، وحينئذٍ يمتنع معارضة حديث الغدير المتواتر بهذا الحديث.

١٠. لا تنافي بين الحديثين

ومع التنزل عن جميع ما تقدم من وجوه الجواب عن حديث أبي هريرة نقول: كيف يعارض حديث الغدير بهذا الحديث ولا تنافي بينهما!؟

وبيان ذلك: إن الفقرة الأولى من الحديث تفيد كون هذه القبائل موالي لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - بأيّ معنى كان من المعاني - وذلك لا ينافي ولاية أمير المؤمنين، عليه الصلاة والسلام.

وأما الفقرة الثانية - والظاهر أنها - محل الاستدلال لوجود أداة الحصر فكالفقرة الأولى، لأنّ المراد من ولاية الله ورسوله إنْ كان ما عدا التصرف في الأمور فلا تناقض بين حديث أبي هريرة وحديث الغدير، إذ أنّ معنى « مولى » في

___________________

(١). التفسير الكبير ١٢ / ٣٠.

٣٤٧

حديث الغدير ليس إلّا « الأولى بالتصرف » أو « المتصرف في الأمور » وليس هذا المعنى في حديث أبي هريرة.

وإن كان المراد: الأولوية في التصرف، فهي محصورة في الله ورسوله -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - دون غيرهما، فالحديث يعارض حديث الغدير، فنقول: إنه - بالاضافة إلى الاعتراف الضمني بكون « مولى » في حديث الغدير بمعنى « الأولى بالتصرف » وهو المطلوب - يستلزم بمقتضى الحصر عدم كون أمير المؤمنين -عليه‌السلام - وليّاً وإماماً في وقت من الأوقات، وهذا يخالف إجماع المسلمين، بل يستلزم بطلان خلافة الخلفاء أيضاً، ولكنهم لا يرتضون بذلك.

فالحديث إذاً لا ينافي حديث الغدير في مدلوله.

والحل التحقيقي لحديث أبي هريرة - على فرض صحته باللفظ المذكور - هو: احتمال أن يكون المراد نفي ولاية غير الله ورسوله -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - على هذه القبائل في حياة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وأما حديث الغدير، فيدل على استقرار ولاية علي -عليه‌السلام - بعد رسول الله - صلّى الله عليهما وآلهما - مباشرة كما سيأتي شرح ذلك فيما بعد، إن شاء الله تعالى.

٣٤٨

(٨)

الردّ على أنه

« لم يكن علي مع النّبي »

٣٤٩

٣٥٠

وقول الفخر الرازي: « ولم يكن علي مع النبي في ذلك الوقت فانه كان باليمن ».

من أعاجيب الأكاذيب، يترفّع عن التفوّه به أقل الطلبة فضلاً عن أكابر أهل العلم فإنّ رجوع الامام أمير المؤمنين من اليمن وموافاته النبي -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - في حجة الوداع، مما ثبت بالأحاديث الصحيحة وتحقق في التواريخ المعتبرة والآثار المشهورة:

قال البخاري: « حدثنا الحسن بن علي الخلال الهذلي، قال: حدثنا سليم ابن حيان قال: سمعت مروان الأصغر، عن أنس بن مالك، قال: قدم علي على النبي -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - من اليمن، فقال: بم أحللت؟ قال بما حل به النبي -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - لو لا أن معي الهدي لأحللت »(١) .

و قال مسلم: « وقدم علي من اليمن ببدن النبي -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - فوجد فاطمة ممن حل ولبست ثياباً صبيغاً واكتحلت، فأنكر ذلك عليها، فقالت إن أبي أمرني بهذا »(٢) .

___________________

(١). صحيح البخاري ٢ / ١٧٢.

(٢). صحيح مسلم ٤ / ٤٠.

٣٥١

وقال ابن ماجة: « وقدم علي ببدن على النبي -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - فوجد فاطمة ممن حل ولبست ثياباً صبيغاً »(١) .

وقال أبو داود: « وقدم علي من اليمن ببدن النبي -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - »(٢) .

و قال الترمذي: « عن أنس بن مالك: إنّ عليّاً قدم على رسول الله -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - من اليمن، فقال: بما أحللت »(٣) .

و قال النسائي: « أخبرني أحمد بن محمد بن جعفر، قال: حدثني يحيى بن معين، قال: حدثنا حجاج، قال: حدثنا يونس بن أبي إسحاق، عن أبي إسحاق، عن البراء، قال: كنت مع علي حين أمّره النبي -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - على اليمن فأصبت عليه [ معه ] أواقي. فلما قدم علي على النبي -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - قال [ علي ]: وجدت فاطمة قد نضحت البيت »(٤) .

هذا، وقال ابن حجر المكي حول حديث الغدير:

« ولا التفات لمن قدح في صحته، ولا لمن ردّه بأن عليّاً كان باليمن، لثبوت رجوعه منها وإدراكه الحج مع النبي -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - »(٥) .

وقال القاري: « وأبعد من ردّه بأن عليّاً كان باليمن، لثبوت رجوعه منها وإدراكه الحج مع النبي -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - »(٦) .

ولا يخفى أنه لو فرضنا عدم رجوعهعليه‌السلام من اليمن عند خطبة النبي -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - بغدير خم، فانه غير قادح في صحة حديث الغدير

___________________

(١). سنن ابن ماجة ٢ / ١٠٢٤.

(٢). سنن أبي داود ٢ / ١٥٨.

(٣). سنن الترمذي ٢ / ٢١٦.

(٤). سنن النسائي ٥ / ١٥٧.

(٥). الصواعق المحرقة ٢٥.

(٦). المرقاة في شرح المشكاة ٥ / ٥٧٤.

٣٥٢

(٦)

عدم رواية أبي حاتم حديث الغدير

٣٥٣

وأمّا تمسك الرازي بعدم إخراج أبي حاتم حديث الغدير، أو قدحه فيه، فالجواب عنه بوجوه:

١. أبو حاتم متعنت

إن قدح أبي حاتم في حديث الغدير - إنْ ثبت - دليل آخر من أدلة تعنّته في الرجال، وبرهان على عداوته لأمير المؤمنين - عليه الصلاة والسلام - وتعصّبه الشّديد تجاه فضائله ومناقبه الثابتة بالتواتر

ولقد نص على تعنّت أبي حاتم، وأنه كان كثير الجرح في الرواة بدون تورّع وبغير دليل، جميع علماء الرجال وأئمّة الجرح والتعديل وإليك بعض الشواهد على ذلك:

قال الذهبي بترجمة أبي حاتم: « إذا وثّق أبو حاتم رجلاً فتمسك بقوله، فإنه لا يوثق إلّا رجلاً صحيح الحديث، وإذا ليّن رجلاً أو قال فيه: لا نحتج به فلا، توقّف حتى ترى ما قال غيره فيه، وإنْ وثّقه أحد فلا تبن على تجريح أبي حاتم، فإنه متعنّت في الرجال، قد قال في طائفة من رجال الصحاح: ليس بحجة، ليس بقوي، أو نحو ذلك »(١) .

___________________

(١). سير أعلام النبلاء ١٣ / ٢٦٠.

٣٥٤

وقال الذهبي بترجمة أبي زرعة الرازي: « يعجبني كثيراً كلام أبي زرعة في الجرح والتعديل يبين عليه الورع والخبرة، بخلاف رفيقه أبي حاتم فإنّه جراح »(١) .

وقال الذهبي بترجمة أبي ثور الكلبي: « إبراهيم بن خالد أبو ثور الكلبي، أحد الفقهاء الأعلام، وثّقه النسائي والناس، وأما أبو حاتم فتعنت وقال: يتكلّم بالرأي فيخطئ ويصيب، ليس محلّه محلّ المستمعين في الحديث. فهذا غلو من أبي حاتم سامحه الله.

وقد سمع أبو ثور من سفيان بن عيينة، وتفقه على الشافعي وغيره، وقد روي عن أحمد بن حنبل أنه قال: هو عندي في مسلاخ سفيان الثوري.

قلت: مات سنة ٢٤٠ ببغداد وقد شاخ »(٢) .

٢. أبو حاتم ممّن قدح في البخاري

لقد تقدّم سابقاً أنّ أبا حاتم الرازي من جملة المحدّثين الذين طعنوا وقدحوا في محمّد بن إسماعيل البخاري وكتابه المعروف بالصّحيح، فمن العجيب ذكر الرازي إيّاه فيمن قدح في حديث الغدير، لا سيّما مع ثبوت كونه جرّاحاً متعنّتاً، وأنّه كان كثير الجرح والقدح في الرجال من غير دليل.

وإذا كان جمهور أهل السنة لا يعبأون بقدحه في البخاري، فإن الشيعة والمنصفين من العلماء لا يعبأون بقدحه في هذا الحديث، ولا يصغون إلى اعتماد الفخر الرازي على ذلك، فإنه ليس إلّا تعنتاً وتعصباً مقيتاً

بل لقد نقل عن بعضهم اللعنة على من تكلّم في البخاري فقد قال السبكي: « وقال أبو عمرو أحمد بن نصر الخفاف: محمد بن إسماعيل أعلم بالحديث من إسحاق بن راهويه وأحمد بن حنبل وغيرهما بعشرين درجة، ومن

___________________

(١). سير أعلام النبلاء ١٣ / ٨١.

(٢). ميزان الاعتدال ١ / ٢٩.

٣٥٥

قال فيه شيئاً فمني عليه ألف لعنة »(١) .

ولا ريب في سقوط الملعون عن درجة الاعتبار

٣. نسبة أبي حاتم كتاباً للبخاري إلى نفسه

ومما يذكر عن أبي حاتم الرازي أنه نسب كتاباً لمحمد بن إسماعيل البخاري إلى نفسه، فقد قال السبكي ما نصه:

« وقال أبو حامد الحاكم في الكنى: عبد الله بن الديلمي أبو بسر، وقال البخاري ومسلم فيه: أبو بشر - بشين معجمة -. قال الحاكم: وكلاهما أخطأ في علمي، إنما هو أبو يسر، وخليق أن يكون محمد بن إسماعيل مع جلالته ومعرفته بالحديث اشتبه عليه، فما نقله مسلم في كتابه تابعه على زلته. ومن تأمل كتاب مسلم في الأسماء والكنى علم أنه منقول من كتاب محمد بن إسماعيل حذو القذّة بالقذّة، حتى لا يزيد عليه فيه إلاّ ما يسهل عدّه، وتجلد في نقله حق الجلادة إذ لم ينسبه إلى قائله.

وكتاب محمّد بن اسماعيل في التاريخ كتاب لم يسبق اليه، ومن ألّف بعده شيئاً في التاريخ أو الأسماء أو الكنى لم يستغن عنه، فمنهم من نسبه إلى نفسه مثل أبي زرعة وأبي حاتم ومسلم، ومنهم من حكاه عنه، فالله يرحمه فإنه الذي أصّل الأصول »(٢) .

وهذا الّذي صنع أبو حاتم من أشنع الأشياء وأقبحها، قال الشيخ سالم السّنهوري - الّذي ترجم له المحبي في خلاصة الأثر ٢ / ٢٠٤ -: « وألزم العزو غالباً إلّا فيما أنقله من شروح الشيخ بهرام والتوضيح وابن عبد السّلام وابن عرفة، فلا أعزو لها غالباً إلّا ما كان غريباً، أو ذكره في غير موضعه، أو لغرضٍ من

___________________

(١). طبقات الشافعية للسبكي ٢ / ٢٢٥ ترجمة البخاري.

(٢). طبقات السبكي ١ / ٢٢٥ - ٢٢٦.

٣٥٦

الأغراض.

وقد ذكر ابن جماعة الشافعي في منسكه الكبير أنّه صحّ عن سفيان الثوري أنّه قال: إنّ نسبة الفائدة إلى مفيدها من الصّدق في العلم وشكره، فإنّ السكوت عن ذلك من الكذب في العلم وكفره »(١) .

٤. المعارضة برواية ابنه

ثم إن ما نسبه الرازي إلى أبي حاتم معارض برواية ابنه عبد الرحمن بن أبي حاتم الحافظ نزول آية التبليغ في يوم الغدير في مولانا أمير المؤمنين -عليه‌السلام -، قال الحافظ السيوطي:

« وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه وابن عساكر عن أبي سعيد الخدري قال: نزلت هذه الآية -( يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ) - على رسول الله -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - يوم غدير خم في علي بن أبي طالب »(٢) .

___________________

(١). تيسير الملك الجليل لجمع الشروح وحواشي الشيخ خليل - خطبة الكتاب: ٣.

(٢). الدر المنثور في التفسير بالمأثور ٢ / ٢٩٨.

٣٥٧

رد الرازي على نفسه

وبعد فقد اعترف الفخر الرازي بأن « من خالف الشيعة إنما يروون أصل الحديث للاحتجاج به على فضيلة عليّ »، فحديث الغدير - باعتراف الرازي - من مرويات أهل السنة، وهم يجعلونه من فضائل أمير المؤمنينعليه‌السلام

وللرازي كلمات أخرى في هذا المضمار كذلك سننقلها.

وهلّا كان من المناسب أن تكون كلماته هذه نصب عينيه، لئلّا ينكر صحة حديث الغدير، وحتى لا يتشبث بتعنّت هذا وتعصب ذاك لمناقشته.

وإليك نصوص عبارات الفخر الرازي في كتبه المختلفة:

قال في نهاية العقول:

« ثم إنْ سلّمنا صحة أصل الحديث، ولكن لا نسلّم صحة تلك المقدّمة وهي قوله -عليه‌السلام - ألست أولى بكم من أنفسكم.

وبيانه: إن الطرق التي ذكرتموها في تصحيح أصل الحديث لا يمكن دعوى التواتر فيها، ولا يمكن أيضا دعوى إطباق الأمة على قبولها، لأن من خالف الشيعة إنما يروون أصل الحديث للاحتجاج به على فضيلة علي -رضي‌الله‌عنه - ولا يروون هذه المقدّمة ».

٣٥٨

كما صرّح فيه بأنّ الأمّة روت هذا الحديث.

وقال في أربعينه ما نصه.

« وأمّا الشبهة الثانية عشر - وهي التمسك

بقولهعليه‌السلام : من كنت مولاه فعلي مولاه

. فجوابها من وجوه:

الأول: أنه خبر واحد.

قوله: الأمّة اتفقت على صحته، لأن منهم من تمسّك به في فضل [ تفضيل ] علي، ومنهم من تمسّك به في إمامته.

قلنا: تدعي أن كلّ الأمّة قبلوه قبول القطع أو قبول الظن.

الأول: ممنوع وهو نفس المطلوب.

والثاني: مسلّم وهو لا ينفعكم في مطلوبكم »(١) .

وقال في تفسيره - في الأقوال في شأن نزول آية التبليغ:

« العاشر - نزلت هذه الآية في فضل علي، و لمـّا نزلت هذه الآية أخذ بيده فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه.

فلقيه عمر -رضي‌الله‌عنه - فقال: هنيئاً لك يا ابن أبي طالب أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة.

وهو قول ابن عباس، والبراء بن عازب، ومحمد بن علي »(٢) .

___________________

(١). الأربعين / ٤٦٢.

(٢). تفسير الرازي ١٢ / ٤٩.

٣٥٩

(٧)

تفنيد المعارضة بحديث

« قريش والأنصار مواليَّ دون الناس »

٣٦٠

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423