نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ٦

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار13%

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 423

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 423 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 179991 / تحميل: 6667
الحجم الحجم الحجم
نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ٦

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

١

٢

٣

٤

اهداء

الى حامل لواء الامامة الكبرى والخلافة العظمى

ولي العصر المهد ي المنتظر الحجّة ابن الحسن العسكري ارواحنا فداه

يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ

وَجِئْنا بِبِضاعَةٍ مُزْجاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ

وَتَصَدَّقْ عَلَيْنا إِنَّ اللهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ

علي

٥

٦

حديث الغدير

ومن ألفاظه:

« ألست أولى بكم من أنفسكم؟ قالوا: بلى يا رسول الله قال: من كنت مولاه فعلي مولاه. أللّهمّ وال من والاه وعاد من عاداه ».

أخرجه احمد

٧

٨

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على سيّدنا محمد وآله المعصومين، لا سيما الإمام الثاني عشر الحجّة المهديّ المنتظر، ولعنة الله على أعدائهم أجمعين من الأولين والآخرين.

وبعد، فهذا هو الحديث الرابع من أحاديث كتابنا « نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار في إمامة الأئمة الأطهار » وهو ( حديث الغدير )، وقد أنجزنا قبله حديث الثقلين وحديث السفينة، وحديث النور.

بين حديث النور وحديث الغدير

وإنّ كلّ واحد من هذه الأحاديث وغيرها، من أحاديث مناقب أمير المؤمنين والأئمة من أهل البيتعليهم‌السلام ، ليدل على خلافة أمير المؤمنين وإمامته بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - بلا فصل، إلّا أنّ لكلّ واحد منها خصوصية ليست في الآخر.

وفي مجال البحث حول الأحاديث الواردة عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في

٩

شأن الإمامعليه‌السلام وخلافته من بعده ( وإلّا فالادلة على ذلك من الكتاب والاجماع والعقل وغير ذلك كثيرة لا تحصى ) نرى أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - لم يواجه فرصة أو مناسبة إلّا وقد انتهزها للتعبير عن تلك الحقيقة الراهنة بأحسن تعبير، فتارة يكنيّ، وأخرى يشبّه، وثالثة يصرّح وهكذا.

والسرّ في ذلك واضح، لأنّ نبيّناصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم « ما كان بدعاً من الرسل » الذين كانوا من قبله، فلقد كان لكل نبي من الأنبياء السابقين وصي أو أوصياء، يعرّفونهم لأممهم بأمر من الله ونصب من قبله، إقامة لدينه، وحجة على عباده، لئلّا يزول الحق عن مقرّه، ويغلب الباطل على أهله، ولئلّا يقول أحد لو لا أرسلت إلينا رسولاً منذراً، وأقمت لنا علماً هادياً، فنتبع آياتك من قبل أن نذل ونخزى.

فكيف لا يكون لهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - وصي وأوصياء كذلك وهو خاتم الأنبياء؟ وشريعته خاتمة الشرائع؟

نعم، قد اختار الله سبحانه علياً والأئمة من بعده عليهم الصلاة والسلام خلفاء بعد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - في أرضه، وحججاً على بريته، وحفظة لدينه، وأدلاء على صراطه

بل يدل « حديث النور » بألفاظه المختلفة - ومثله « حديث الشجرة » - على أن رسول الله وعليّاً صلّى الله عليهما وآلهما مخلوقان من أصل واحد، وأن الله تعالى قد اختار علياً للامامة منذ اختياره محمداً للنبوة ثم جاءت الأحاديث في حق علي على لسان النبي ليعلن إلى الناس عن ذلك الأمر الواقع الذي شاءه الله عز وجل ومن تلك الأحاديث « حديث الغدير » الذي دل بكل وضوح على ثبوت كل ما ثبت للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - لسيدنا أمير المؤمنينعليه‌السلام إلّا النبوة، لأنه خاتم النبيين.

١٠

بين يوم الدار ويوم الغدير

وإن لدينا من الأدلة والشواهد ما يؤكّد على أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - كان قد أمر بطرح موضوع الخلافة، وتعريف من نصبه الله تعالى لها، جنباً إلى جنب دعوة الناس إلى الإيمان بوحدانية الله وبرسالته ومن ذلك حديث « يوم الدار »، حيث أمر بإنذار عشيرته في أوائل البعثة، بقوله عز وجل:( وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ) فقد أسفرت تلك الدعوة والإنذار والمحاورات عن ثلاثة أمور:

١ - توحيد الله.

٢ - نبوة محمد.

٣ - خلافة علي.

حتى كأن الغرض من ذلك هو الأمور الثلاثة معاً.

وهكذا الأحاديث والنصوص الأُخرى الصادرة منهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، مع تقادم الأيام بالألفاظ المختلفة، بحسب مقتضيات الأحوال، حتى كان يوم « غدير خم ».

واقعة الغدير

وإن واقعة غدير خم من الحقائق التاريخية الثابتة التي لا تقبل المناقشة والجدل، بل إنها من أهم القضايا الواقعة في تاريخ الإسلام، قضية ذكرها المؤرخون والمحدثون والمفسرون والمتكلمون واللغويون.

... وصل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - بعد الفراغ من حجته - التي لم يحج بعدها - إلى موضعٍ بالجحفة بين مكة والمدينة عرف بغدير خم، في اليوم الثامن عشر من ذي الحجة من السنة العاشرة من الهجرة، وكان معه جموع لا يعلمها إلّا الله عز وجل.

١١

وكيف يفوت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - هذه الفرصة المتاحة فلا يبلّغ فيها الأمر، الذي طالما حرص على تبليغه وتأكيده منذ بعثته حتى اليوم، ولو بأدنى مناسبة كما أشرنا؟

لقد كان من الطبيعي أن ينتهز هذه الفرصة أيضاً، ليبلّغ للناس ويتم الحجة عليهم في أمر الخلافة، بل ويأخذ منهم البيعة لعليعليه‌السلام ولا سيما:

١ - وأن النبي قد أوشك أن يدعى فيجيب.

٢ - وأنه يعلم أن هذه الجموع التي معه لن تجتمع عنده بعد اليوم.

٣ - وأن هذا الموضع تتشعب فيه طرق المدنيين والمصريين والعراقيين.

هنا وقف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - حتى لحقه من بعده، وأمر بردّ من تقدّم من القوم إلى ذلك المكان، ونودي بالصلاة، فصلّى بالناس صلاة الظهر، ثم قام فيهم خطيباً يراه القوم كلهم ويسمعون صوته، فذكّرهم بما دعاهم إليه في اليوم الأول من بعثته: « ألستم تشهدون أن لا إله إلّا الله، وأنّ محمداً عبده ورسوله، وأن جنته حق وناره حق »

ثم سألهم: « من أولى الناس بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: إن الله مولاي وأنا مولى المؤمنين، وأنا أولى بهم من أنفسهم » ثم قال: « فمن كنت مولاه فعلي مولاه ».

ولقد نزلت في هذه الواقعة آيات من القرآن، فنزل قبل الخطبة قوله تعالى:( يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ) ونزل بعد فراغهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - منها قوله تعالى:( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي ) .

وكذلك الأمر في كثير من الوقائع المتعلقة بمناقب علي وأهل البيتعليهم‌السلام ، فالنبي يأمر علياً بالمبيت على فراشه ليلة الهجرة وينزل أمين وحي الله بقوله:( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ ) .

ويأمره تعالى بالمباهلة قائلاً:( فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ

١٢

فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ ) فيدعو رسول الله علياً وفاطمة وحسناً وحسيناًفيقول: « اللهم هؤلاء أهلي » ويخرج بهم إلى المباهلة

وطفق القوم يهنّئون أمير المؤمنينعليه‌السلام بعد خطبة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ويبايعونه بالإِمامة، وقد كان في مقدّمهم الشيخان أبو بكر وعمر، كل يقول: « بخ بخ لك يا ابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة » وقال ابن عباس: « وجبت والله في أعناق القوم »، وقال حسان أبياته المشهورة بحضور النبي وبمشهد ومسمع من القوم، ثم كان ذلك اليوم عيداً، وموسماً لجميع المسلمين منذ ذلك العهد.

خطبة الغدير

إن القدر المسلّم به، والمتواتر بين عموم المسلمين، هو هذا القسم من كلامهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وفيه غنىَّ وكفاية في الدلالة على الامامة والخلافة.

ولكنّ المستفاد من تتبع ألفاظ حديث الغدير في كتب أهل السنة - ويساعده الاعتبار وشواهد الأحوال - هو أنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - قد خطبهم، ففي مسند أحمد: « فخطبنا »(١) .

وفي المستدرك: « قام خطيباً، فحمد الله وأثنى عليه، وذكّر ووعظ، فقال ما شاء الله أن يقول»(٢) .

وفي مجمع الزوائد: « فو الله ما من شيء يكون إلى يوم الساعة إلّا قد أخبرنا به يومئذ، ثم قال: أيها الناس »(٣) .

___________________

(١). مسند أحمد بن حنبل ٤ / ٣٧٢.

(٢). المستدرك على الصحيحين ٣ / ١٠٩.

(٣). مجمع الزوائد ٩ / ١٠٥ وقد وثق رجاله.

١٣

فأين النص الكامل لتلك الخطبة؟ ولما ذا لم يرووا مواعظ الرسول وإرشاداته؟ وإذا كان قد أخبر بكلّ شيء يكون إلى يوم الساعة، فما الذي حملهم على إخفائه عن الأمة؟

إن الذي منعهم من نقل خطبة النبي كاملةً هو نفس ما منعهم من أن يقرّبوا إليه دواة وقرطاساً، ليكتب للامة كتاباً لن يضلّوا بعده! وإن الذي حملهم على كتم خطبة النبي هذه هو ما حملهم على كتم كثير من الحقائق!! لقد كان غرض القوم أن يحرموا الأمة من هدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - وتعاليمه وإرشاداته، فضلاً عن أن يكونوا دعاة إليها وناشرين لها، ذلك لأنهم لم يكونوا معتقدين بها حقاً، إذ لم يدخل الإِيمان في قلوبهم، ولأنهم كانوا يعلمون بأنهم إذا بلّغوا تعاليم النبي إلى الأُمة كما هي، لجرت الأمور في مجاريها، وهذا يعني أن لا يكون لهم أي موقع في المجتمع الاسلامي فضلاً عن الرئاسة والحكم.

لكنّ الإِمام الباقر محمد بن علي بن الحسين بن أبي طالب عليهم الصلاة والسلام يحدثنا بواقعة غدير خم، وينقل إلينا ما قاله النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - في ذلك اليوم، فيقول:

« حجّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - من المدينة، وقد بلغ جميع الشرائع قومه غير الحج والولاية، فأتاه جبرئيلعليه‌السلام فقال له: يا محمد، إنّ الله جلّ اسمه يقرؤك السلام ويقول لك: إنّي لم أقبض نبيّاً من أنبيائي ولا رسولاً من رسلي إلّا بعد إكمال ديني وتأكيد حجتي، وقد بقي عليك من ذاك فريضتان مما تحتاج أن تبلّغهما قومك: فريضة الحج، وفريضة الولاية والخلافة من بعدك، فإني لم أخل أرضي من حجة ولن أخلّيها أبداً، فإن الله جل ثناؤه يأمرك أن تبلّغ قومك الحج وتحج، ويحج معك من استطاع إليه سبيلاً من أهل الحضر والأطراف والأعراب، وتعلّمهم من معالم حجّهم مثل ما علّمتهم من صلاتهم وزكاتهم وصيامهم، وتوقفهم من ذلك على مثال الذي أوقفتهم عليه من جميع ما بلغتهم

١٤

من الشرائع.

فنادى منادي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - في الناس: ألا إنّ رسول الله يريد الحج، وأن يعلّمكم من ذلك مثل الذي علّمكم من شرائع دينكم، ويوقفكم من ذاك على ما أوقفكم عليه من غيره. فخرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - وخرج معه الناس، وأصغوا إليه لينظروا ما يصنع فيصنعوا مثله، فحج بهم، وبلغ من حج مع رسول الله من أهل المدينة وأهل الأطراف والأعراب سبعين ألف إنسان أو يزيدون، على نحو عدد أصحاب موسى السبعين ألف الذين أخذ عليهم بيعة هارون، فنكثوا واتبعوا العجل والسامري، وكذلك أخذ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - البيعة لعلي بالخلافة على عدد أصحاب موسى، فنكثوا البيعة واتبعوا العجل والسامري سنّةً بسُنَّةٍ ومثلاً بمثل، واتصلت التلبية ما بين مكة والمدينة.

فلمّا وقف بالموقف أتاه جبرئيلعليه‌السلام عن الله عز وجل فقال: يا محمد إن الله عز وجل يقرؤك السلام ويقول لك: إنه قد دنى أجلك ومدّتك، وأنا مستقدمك على ما لا بد منه ولا عنه محيص، فاعهد عهدك وقدّم وصيتك، واعمد إلى ما عندك من العلم وميراث علوم الأنبياء من قبلك والسلاح والتابوت وجميع ما عندك من آيات الأنبياء، فسلّمه إلى وصيك وخليفتك من بعدك، حجتي البالغة على خلقي علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، فأقمه للناس علماً وجدّد عهده وميثاقه وبيعته، وذكّرهم ما أخذت عليهم من بيعتي وميثاقي الذي واثقتهم وعهدي الذي عهدت إليهم، من ولاية وليي ومولاهم ومولى كل مؤمن ومؤمنة علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، فإني لم أقبض نبياً من الأنبياء إلّا من بعد إكمال ديني وحجتي، وإتمام نعمتي بولاية أوليائي ومعاداة أعدائي، وذلك كمال توحيدي وديني وإتمام نعمتي على خلقي باتباع وليي وطاعته، وذلك أني لا أترك أرضي بغير وليي ولا قيّم، ليكون حجة لي على خلقي.

فاليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام

١٥

دينا، بولاية وليي ومولى كل مؤمن ومؤمنة: علي عبدي ووصي نبيّي والخليفة من بعده وحجتي البالغة على خلقي، مقرون طاعته بطاعة محمد نبيي، ومقرون طاعته مع طاعة محمد بطاعتي، ومن أطاعه فقد أطاعني ومن عصاه فقد عصاني، جعلته علماً بيني وبين خلقي، من عرفه كان مؤمناً ومن أنكره كان كافراً، ومن أشرك بيعته كان مشركاً، ومن لقيني بولايته دخل الجنة، ومن لقيني بعداوته دخل النار.

فأقم يا محمد علياً علماً وخذ عليهم البيعة، وجدد عهدي وميثاقي لهم الذي واثقتهم عليه، فإني قابضك إليّ ومستقدمك عليّ.

فخشي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - من قومه وأهل النفاق والشقاق، أن يتفرقوا ويرجعوا إلى الجاهلية، لما عرف من عداوتهم، ولما ينطوي عليه أنفسهم لعلي من العداوة والبغضاء، وسأل جبرئيل أن يسأل ربه العصمة من الناس، وانتظر أن يأتيه جبرئيل بالعصمة، من الناس عن الله جل اسمه، فأخّر ذلك إلى أن بلغ مسجد الخيف، فأتاه جبرئيلعليه‌السلام في مسجد الخيف، فأمره بأن يعهد عهده، ويقيم علياً علماً للناس يهتدون به، ولم يأته بالعصمة من الله جل جلاله بالذي أراد، حتى بلغ كراع الغميم بين مكة والمدينة.

فأتاه جبرئيل وأمره بالذي أتاه فيه من قبل الله، ولم يأته بالعصمة فقال: يا جبرئيل، إني أخشى قومي أن يكذّبوني ولا يقبلوا قولي في عليعليه‌السلام [ فسأل جبرئيل كما سأل بنزول آية العصمة فأخّره ذلك ]، فرحل.

فلما بلغ غدير خم قبل الجحفة بثلاثة أميال أتاه جبرئيلعليه‌السلام ، على خمس ساعات مضت من النهار، بالزجر والانتهار والعصمة من الناس فقال: يا محمد إن الله عز وجل يقرؤك السلام ويقول لك( يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ - في علي -وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ) .

وكان أوائلهم قريب من الجحفة، فأمر بأن يردّ من تقدّم منهم ويحبس من تأخر عنهم في ذلك المكان، ليقيم علياً علماً للناس، ويبلّغهم ما أنزل الله تعالى في

١٦

علي، وأخبره بأن الله عز وجل قد عصمه من الناس، فأمر رسول الله عند ما جاءته العصمة منادياً ينادي في الناس بالصلاة جامعة، وبردّ من تقدّم منهم وبحبس من تأخر، وتنحى عن يمين الطريق إلى جنب مسجد الغدير، أمره بذلك جبرئيل عن الله عز وجل، وكان في الموضع سلمات، فأمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يقمّ ما تحتهنّ، وينصب له حجارة كهيئة المنبر ليشرف على الناس، فتراجع الناس واحتبس أواخرهم في ذلك المكان لا يزالون، فقام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - فوق تلك الأحجار، ثمّ حمد الله تعالى وأثنى عليه فقال:

الحمد لله الذي علا في توحّده، ودنا في تفرده، وجلّ في سلطانه، وعظم في أركانه، وأحاط بكلّ شيءٍ علماً وهو في مكانه، وقهر جميع الخلق بقدرته وبرهانه، مجيداً لم يزل، محموداً لا يزال، بارئ المسموكات، وداحي المدحوات، وجبار الأرضين والسماوات، قدّوس سبّوح رب الملائكة والروح، متفضّل على جميع من برأه، متطول على جميع من أنشأه، يلحظ كلّ عين والعيون لا تراه، كريم حليم ذو أناة، قد وسع كلَّ شيءٍ رحمته ومنّ عليهم بنعمته، لا يعجّل بانتقامه ولا يبادر إليهم بما استحقوا من عذابه، قد فهم السرائر وعلم الضمائر، ولم تخف عليه المكنونات، ولا اشتبهت عليه الخفيات، له الاحاطة بكل شيء والغلبة على كلّ شيءٍ، والقوة في كلّ شيءٍ، والقدرة على كل شيءٍ، وليس مثله شيءٌ، وهو منشئٌ الشيء حين لا شيء، دائم قائم بالقسط لا إله إلّا هو العزيز الحكيم، جلّ عن أن تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير، لا يلحق أحد وصفه من معاينة، ولا يجد أحد كيف هو من سرّ وعلانية إلاّ بما دل عز وجل على نفسه.

وأشهد أنه الله الذي ملأ الدهر قدسه، والذي يغشى الأبد نوره، والذي ينفذ أمره، بلا مشاورة مشير، ولا معه شريك في تقدير، ولا تفاوت في تدبير، صوّر ما أبدع على غير مثال، وخلق ما خلق بلا معونة من أحد ولا تكلّف ولا احتيال، أنشأها فكانت، وبرأها فبانت، فهو الله الذي لا إله إلّا هو، المتقن الصنعة، الحسن الصنيعة، العدل الذي لا يجور، والأكرم الذي ترجع إليه الأمور.

١٧

وأشهد أنه الذي تواضع كل شيء لقدرته، وخضع كل شيء لهيبته، ملك الأملاك ومفلك الأفلاك، ومسخر الشمس والقمر، كل يجري لأجل مسمى، يكوّر الليل على النهار، ويكوّر النهار على الليل يطلبه حثيثاً، قاصم كل جبار عنيد ومهلك كلّ شيطان مريد، لم يكن معه ضد ولا ند، أحد صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد، إله واحد ورب ماجد، يشاء فيمضي ويريد فيقضي، ويعلم فيحصي ويميت ويحي، ويفقر ويغني، ويضحك ويبكي، ويمنع ويعطي، له الملك وله الحمد، بيده الخير وهو على كل شيء قدير، يولج الليل في النهار، ويولج النهار في الليل، لا إله إلّا هو العزيز الغفار، مجيب الدعاء ومجزل العطاء، محصي الأنفاس ورب الجنة والناس، لا يشكل عليه شيء، ولا يضجره صراخ المستصرخين، ولا يبرمه إلحاح الملحّين، العاصم للصالحين والموفق للمفلحين، ومولى العالمين، الذي استحق من كل من خلق أن يشكره ويحمده.

أحمده على السراء والضراء والشدة والرخاء، وأؤمن به وبملائكته وكتبه ورسله، أسمع أمره وأطيع وأبادر إلى كل ما يرضاه، وأستسلم لقضائه رغبة في طاعته وخوفاً من عقوبته، لأنّه الله الذي لا يؤمن مكره ولا يخاف جوره، وأقرّ له على نفسي بالعبودية، وأشهد له بالربوبية وأؤدي ما أوحى إليّ حذرا من أن لا أفعل فتحل بي منه قارعة لا يدفعها عني أحد وإن عظمت حيلته، لا إله إلّا هو، لأنّه قد أعلمني أني إنْ لم ابلّغ ما أنزل إليّ فما بلّغت رسالته، وقد ضمن لي تبارك وتعالى العصمة، وهو الله الكافي الكريم، فأوحى إليّ: بسم الله الرحمن الرحيم( يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ - في علي [ يعني في الخلافة لعلي بن أبي طالبعليه‌السلام ] -وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ) .

( معاشر الناس ) ما قصّرت في تبليغ ما أنزل الله تعالى إليّ، وأنا مبيّن لكم سبب نزول هذه الآية: إن جبرئيلعليه‌السلام هبط إليّ مراراً ثلاثاً، يأمرني عن السلام ربي وهو السلام: أن أقوم في هذا المشهد فأعلم كل أبيض وأسود أن علي ابن أبي طالب أخي ووصيي وخليفتي، والامام من بعدي، والذي محلّه مني محلّ

١٨

هارون من موسى إلّا أنه لا نبي بعدي، وهو وليّكم من بعد الله ورسوله، وقد أنزل الله تبارك وتعالى عليّ بذلك آية من كتابه: ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ ) وعلي بن أبي طالب أقام الصلاة وآتى الزكاة وهو راكع، يريد الله عز وجل في كل حال.

وسألت جبرئيل أن يستعفي لي عن تبليغ ذلك إليكم - أيها الناس - لعلمي بقلّة المتقين وكثرة المنافقين، وإدغال الآثمين، وختل المستهزئين بالإسلام، الذين وصفهم الله في كتابه بأنهم( يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ ) ويحسبونه هينا وهو عند الله عظيم، وكثرة أذاهم لي في غير مرة حتى سمّوني أذنا، وزعموا أني كذلك لكثرة ملازمته إياي وإقبالي عليه، حتى أنزل الله عز وجل في ذلك قرآنا:( وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ ) - على الذين يزعمون أنه أذن -( خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ ) الآية.

ولو شئت أن أسمي بأسمائهم لسميّت، وأن أومي إليهم بأعيانهم لأومأت، وأن أدل عليهم لدللت، ولكني والله في أمورهم قد تكرّمت، وكل ذلك لا يرضي الله مني إلّا أن أبلغ ما أنزل إليّ، ثم تلىصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ - في علي -وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ) .

فاعلموا يا معاشر الناس: إن الله قد نصبه لكم ولياً، وإماماً مفترضاً طاعته على المهاجرين والأنصار وعلى التابعين لهم باحسان، وعلى البادي والحاضر وعلى الأعجمي والعربي، والحر والمملوك، والصغير والكبير، وعلى الأبيض والأسود، وعلى كلّ موحّد، ماض حكمه، جائز قوله، نافذ أمره، ملعون من خالفه، مرحوم من تبعه، مؤمن من صدّقه، فقد غفر الله له ولمن سمع منه وأطاع له.

( معاشر الناس ) إنه آخر مقام أقومه في هذا المشهد، فاسمعوا وأطيعوا وانقادوا لأمر ربكم، فإن الله عز وجل هو مولاكم وإلهكم، ثم من دونه محمد وليكم القائم المخاطب لكم، ثم من بعدي علي وليكم وإمامكم بأمر ربكم، ثم

١٩

الإِمامة في ذريتي من ولده إلى يوم تلقون الله ورسوله، لا حلال إلّا ما أحلّه الله ولا حرام إلّا ما حرّمه الله، عرّفني الحلال والحرام، وأنا أفضيت بما علّمني ربي من كتابه وحلاله وحرامه إليه.

( معاشر الناس ) ما من علم إلّا وقد أحصاه الله فيّ، وكل علم علمت فقد أحصيته في إمام المتقين، وما من علم إلّا علّمته علياً، وهو الإمام المبين.

( معاشر الناس ) لا تضلّوا عنه، ولا تنفروا منه، ولا تستكبروا [ ولا تستنكفوا خ ل ] من ولايته، فهو الذي يهدي إلى الحق ويعمل به، ويزهق الباطل وينهى عنه، ولا تأخذه في الله لومة لائم، ثم إنه أول من آمن بالله ورسوله، وهو الذي فدى رسوله بنفسه، وهو الذي كان مع رسول الله ولا أحد يعبد الله مع رسوله من الرجال غيره.

( معاشر الناس ) فضّلوه فقد فضله الله، واقبلوه فقد نصبه الله.

( معاشر الناس ) إنه إمام من الله، ولن يتوب الله على أحد أنكر ولايته، ولن يغفر الله له، حتماً على الله أن يفعل ذلك بمن خالف أمره فيه، وأن يعذّبه عذاباً شديداً نكراً أبد الآباد ودهر الدهور، فاحذروا أن تخالفوه فتصلوا ناراً وقودها الناس والحجارة أعدّت للكافرين.

( أيها الناس ) بي والله بشّر الأولون من النبيين والمرسلين، وأنا خاتم الأنبياء والمرسلين، والحجة على جميع المخلوقين، من أهل السماوات والأرضين، فمن شك في ذلك فهو كافر كفر الجاهلية الأولى، ومن شك في شيءٍ من قولي هذا فقد شك في الكل منه، والشاك في ذلك فله النار.

( معاشر الناس ) حباني الله بهذه الفضيلة مناً منه عليَّ وإحساناً منه إليَّ، ولا إله إلّا هو، له الحمد مني أبد الآبدين ودهر الداهرين على كل حال.

( معاشر الناس ) فضلّوا علياً فإنه أفضل الناس بعدي من ذكر وأنثى، بنا أنزل الله الرزق وبقي الخلق، ملعون ملعون مغضوب مغضوب من ردّ عليّ قولي هذا ولم يوافقه، ألا إنّ جبرئيل خبّرني عن الله تعالى بذلك ويقول: « من عادى علياً

٢٠

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

ترجمته

قالابن خلكان: « أبو اسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي النيسابوري، المفسّر المشهور، كان أوحد زمانه في علم التفسير، وصنّف التفسير الكبير الذي فاق غيره من التفاسير وذكره عبد الغافر بن إسماعيل الفارسي في كتاب سياق تاريخ نيسابور، وأثنى ليه وقال: هو صحيح النقل موثوق به وتوفي في سنة ٤٢٧ وقال غيره: توفي يوم الأربعاء لسبع بقين من المحرم سنة ٤٣٧. رحمه الله تعالى »(١) .

(٧٠)

رواية الحافظ أبي نعيم

رواه في كتاب ( معرفة الصحابة ) حيث قال:

« حدثنا عبدالله بن جعفر، ثنا إسماعيل بن عبدالله، ثنا الفضل بن دكين ثنا ابن أبي غنية عن الحكم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن بريدة قال: غزوت مع علي إلى اليمن فرأيت منه جفوة، فقدمت على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فذكرت علياً فتنّقصته فرأيت وجه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يتغيّر، وقال: يا بريدة ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قلت: بلى يا رسول الله. قال: من كنت مولاه فعلي مولاه.

رواه أبوبكر بن ابي شيبة عن الفضل مثله » ٣ / ١٦٤.

ورواه في كتاب ( حلية الأولياء ) حيث قال:

____________________

(١). وفيات الأعيان ١ / ٦.

١٢١

« حدثنا أحمد بن جعفر بن سلم، ثنا العباس بن علي النسائي، ثنا محمد بن علي بن خلف، ثنا حسين الأشقر، ثنا ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن طاوس عن بريدة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: من كنت مولاه فعلي مولاه غريب من حديث طاوس، لم نكتبه إلّا من هذا الوجه » ٤ / ٢٣.

وقال: « حدثنا سليمان بن أحمد، ثنا أحمد بن إبراهيم بن كيسان، ثنا إسماعيل بن عمرو البجلي، ثنا مسعر بن كدام عن طلحة بن مصرف عن عميرة ابن سعد قال: شهدت علياً على المنبر ناشداً أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - وفيهم: أبو سعيد وأبو هريرة وأنس بن مالك - وهم حول المنبر وعلي على المنبر، وحول المنبر اثنا عشر رجلاً هؤلاء منهم. فقال علي: نشدتكم بالله هل سمعتم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه؟ فقاموا كلّهم فقالوا: اللهم نعم. وقعد رجل فقال: ما منعك أن تقوم؟ قال: يا أمير المؤمنين كبرت ونسيت. فقال: أللهم إنْ كان كاذباً فاضربه ببلاءٍ حسن. قال: فما مات حتى رأينا بين عينيه نكتة بيضاء لا تواريها العمامة. غريب من حديث طلحة، تفرّد به مسعود عنه مطوّلاً. ورواه ابن عائشة عن إسماعيل مثله. ورواه الأجلح وهانئ ابن أيوب عن طلحة » ٥ / ٢٧.

ورواه في كتاب ( أخبار أصبهان ) حيث قال:

« حدثنا سليمان بن أحمد، ثنا أحمد بن إبراهيم بن عبدالله بن كيسان المديني سنة ٢٩٠ ثنا إسماعيل بن عمرو البجلي، ثنا مسعر عن طلحة بن مصرف عن عميرة بن سعد قال: شهدت علياً على المنبر يناشد أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من سمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم غدير خم يقول ما قال فيشهد. فقام اثنا عشر رجلاً منهم: أبو هريرة وأبو سعيد وأنس بن مالك فشهدوا أنهم سمعوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه » ١ / ١٠٧.

قال المتقي: « ألا إنّ الله وليّي وأنا ولي كل مؤمن، من كنت مولاه فعلي

١٢٢

مولاه، أبو نعيم في فضائل الصحابة عن زيد بن أرقم والبراء بن عازب معاً »(١) .

وقال: « من كنت مولاه فعلي مولاه، أللهم وال من والاه وعاد من عاداه طب عن ابن عمر. ش عن أبي هريرة وأثني عشر من الصحابة حم. طب عن أبي أيوب وجمع من الصحابة، ك عن علي وطلحة. حم طب ص. عن علي وزيد بن أرقم وثلاثين رجلاً من الصحابة. أبو نعيم في فضائل الصحابة عن سعد. الخطيب عن أنس »(٢) .

ترجمته

١ - الذهبي: وفيها: « توفي أبو نعيم الاصبهاني أحمد بن عبدالله بن احمد بن إسحاق الحافظ الصوفي تفرّد في الدنيا بعلوّ الإِسناد، مع الحفظ والاستبحار في الحديث وفنونه وصنّف التصانيف الكبار المشهورة في الأقطار »(٣) .

٢ - اليافعي: « فيها: توفي الحافظ الشيخ العارف أبو نعيم الاصفهاني كان من أعلام المحدّثين وأكابر الحفاظ المفيدين، أخذ عن الأفاضل وأخذوا عنه وانتفعوا به »(٤) .

____________________

(١). كنز العمال ١١ / ٦٠٨.

(٢). نفس المصدر ١١ / ٦٠٩.

(٣). العبر حوادث سنة ٤٣٠.

(٤). مرآة الجنان حوادث سنة ٤٣٠.

١٢٣

(٧١)

رواية ابن السّمان

قال الحافظ محبّ الدين الطبري بعد ذكر حديث رباح: « وعنه قال: بينما علي جالس، إذ جاء رجل فدخل وعليه أثر السفر فقال: السلام عليك يا مولاي، قال: من هذا؟ فقال: أبو أيوب الأنصاري. قال علي: أفرجوا له، ففرجوا. فقال أبو أيوب: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه. خرّجه البغوي في معجمه.

وعن البراء بن عازب قال: كنّا عند النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في سفر، فنزلنا بغدير خم، فنودي فينا الصلاة جامعة، وكسح لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تحت شجرة، فصلّى الظهر، وأخذ بيد علي، وقال: ألستم تعملون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى، فأخذ بيد علي وقال: اللهم من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. قال: فلقيه عمر بعد ذلك فقال: هنيئاً لك يا ابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كلّ مؤمن ومؤمنة.

وعن زيد بن أرقم مثله.

خرّجهما أحمد في مسنده، وخرّج الأول ابن السمّان، وأخرج أحمد في كتاب المناقب معناه »(١) .

وقال الطبري: « وخرج ابن السمّان عن عمر منه: من كنت مولاه فعلي مولاه. وخرّجه المخلّص الذهبي »(٢) .

____________________

(١). الرياض النضرة ٢ / ٢٢٣.

(٢). الرياض النضرة ٢ / ٢٢٣.

١٢٤

وقال الطبري: « وعن عمر أنه قال: علي مولى من كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مولاه.

وعن سالم قيل لعمر: إنك تصنع بعلي شيئاً ما تصنعه بأحد من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . قال: إنه مولاي.

وعن عمر - وقد جاء أعرابيان يختصمان فقال لعلي: اقض بينهما يا ابا الحسن، فقضى علي بينهما. فقال أحدهما: أهذا يقضي بيننا؟ فوثب إليه عمر وأخذ بتلبيبه وقال: ويحك ما تدري من هذا!! هذا مولاي ومولى كلّ مؤمن، ومن لم يكن علي مولاه فليس بمؤمن.

وعنه وقد نازعه رجل في مسألة فقال: بيني وبينك هذا الجالس، وأشار إلى علي بن أبي طالب. فقال الرجل: هذا الأبطن!! فنهض عمر عن مجلسه وأخذ بتلبيبه حتى شاله من الأرض، ثم قال: أتدري من صغّرت؟ إنّه مولاي ومولى كل مؤمن.

خرّجهنّ ابن السمّان »(١) .

ترجمته

١ - الرافعي: « إسماعيل بن علي بن الحسين السمّان أبو سعد الرازي، حافظ مكثر، سمع وجمع وكتب وطاف الكثير، ومعجم شيوخه ومعجم البلدان من جمعه يوضّحان سعة رحلته وطلبه وسماعه، وورد قزوين »(٢) .

٢ - الذهبي: « أبو سعد السّمان إسماعيل بن علي الرّازي الحافظ قال الكناني: كان من الحفّاظ الكبار، زاهداً عابداً، يذهب إلى الاعتزال، قلت: كان متبحّراً في العلوم، وهو القائل: من لم يكتب الحديث لم يتغرغر بحلاوة الإِسلام.

وله تصانيف كثيرة، يقال: إنه سمع من ثلاثة آلاف شيخ، وكان رأساً في القراءة

____________________

(١). نفس المصدر ٢ / ٢٢٤ - ٢٢٥.

(٢). التدوين في أهل العلم بقزوين ٢ / ٢٩٨.

١٢٥

والحديث والفقه، بصيراً بمذهبي أبي حنيفة والشافعي، لكنه من رؤس المعتزلة، وكان يقال: إنه ما رأى مثل نفسه »(١) .

٣ - اليافعي: « الحافظ أبو سعد السّمان إسماعيل بن علي الرازي، قال الكناني: كان من الحفاظ الكبار زاهداً عابداً »(٢) .

٤ - السيوطي: « السّمان الحافظ الكبير المتقن أبو سعد وكان من الحفاظ الكبار، إماماً بلا مدافعة في القرآن والحديث والرجال والفرائض والشروط وفقه أبي حنيفة والخلاف، زاهداً ورعاً معتزلياً ومات في شعبان سنة ٤٤٣ »(٣) .

(٧٢)

رواية أبي بكر البيهقي

قال الشيخ نور الدين ابن الصباغ المالكي المكي: « وروى الامام أحمد بن حنبل في مسنده عن البراء بن عازب أنه قال: كنا [ مع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ] في سفر فنزلنا بغدير خم، فنودي فينا الصّلاة جامعة، وكسح لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تحت شجرتين، فصلّى الظهر وأخذ بيد علي فقال: ألستم تعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى، قال: ألستم تعلمون أني أولى بكلّ مؤمن من نفسه؟ قالوا: بلى. فقال: اللهم من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. فلقيه عمر بن الخطاب بعد ذلك فقال له: هنيئاً لك يا ابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كلّ مؤمن ومؤمنة. وروى الحافظ أبوبكر

____________________

(١). طبقات الحفاظ ٤٣٠.

(٢). العبر حوادث سنة ٤٤٥.

(٣). مرآة الجنان حوادث سنة ٤٤٥.

١٢٦

أحمد بن الحسين البيهقي رحمه الله تعالى أيضاً هذا الحديث بلفظه مرفوعاً إلى البراء ابن عازب »(١) .

وقد روى الخطيب الخوارزمي روايات عديدة عن البيهقي، وكذا جمال الدين الزرندي كما ستسمع فيما بعد إنْ شاء الله تعالى.

ترجمته

قالالسيوطي: « البيهقي - الإِمام الحافظ العلّامة شيخ خراسان، أبوبكر أحمد بن الحسين بن علي بن موسى الخسروجردي، صاحب التّصانيف. ولد سنة ٣٨٤ في شعبان، ولزم الحاكم، وتخرّج به، وأكثر عنه جدّاً، وهو من كبار أصحابه، بل زاد عليه بأنواع من العلوم، كتب الحديث وحفظه من صباه وبرع، وأخذ في الأصول، وانفرد بالإِتقان والضبط والحفظ مات في عاشر جمادى الأولى سنة ٤٥٨ بنيسابور، ونقل في تابوت إلى بيهق مسيرة يومين »(٢) .

(٧٣)

رواية ابن عبد البر

قال أبو عمر ابن عبد البر: « وروى بريدة وأبو هريرة وجابر والبراء بن عازب وزيد بن أرقم كلّ واحد منهم عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أنه قال يوم غدير خم: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وبعضهم لا

____________________

(١). الفصول المهمة في معرفة الأئمة: ٤٠.

(٢). طبقات الحفاظ ٤٣٣ وتوجد ترجمته في: تذكرة الحفاظ ٣ / ١١٣٢ وتاريخ ابن كثير ١٢ / ٩٤ طبقات السبكي ٤ / ٨ وفيات الأعيان ١ / ٢٠ وشذرات الذهب ٣ / ٣٠٤ والنجوم الزاهرة ٥ / ٧٧ والمنتظم ٨ / ٢٤٢

١٢٧

يزيد عن: من كنت مولاه فعلي مولاه »(١) .

ترجمته

قالاليافعي: « الحافظ أبو عمر ابن عبد البر القرطبي، أحد الأعلام وصاحب التصانيف، وعمره خمس وتسعون سنة وخمسة أيام، قيل: وليس لأهل المغرب أحفظ منه، مع الثقة والدين والنزاهة والتبحّر في الفقه والعربية والأخبار وكان له بسطة كثيرة في علم النسب، مع ما تقدّم من الفقه والأخبار والعربية »(٢) .

(٧٤)

رواية الخطيب البغدادي

أخرج في ( تاريخ بغداد ) بقوله:

« الحسن بن علي بن سهل العاقولي، حدّث عن حمدان بن المختار. روى عنه القاضي أبوبكر ابن الجعابي. أخبرنا أبو الفتح محمد بن الحسين العطار - قطيط - أخبرنا محمد بن أحمد بن عبد الرحمن المعدل بإصبهان، حدّثنا محمد بن عمر التميمي الحافظ، حدثنا الحسن بن علي بن سهل العاقولي، حدّثنا حمدان بن المختار، حدثنا حفص بن عبيدالله بن عمر عن سفيان الثوري، عن علي بن زيد، عن أنس قال: سمعت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه » ٧ / ٣٧٧.

____________________

(١). الاستيعاب ٣ / ١٠٩٩.

(٢). مرآة الجنان حوادث ٤٦٣ وتوجد ترجمته في: تذكرة الحفاظ ٣ / ١١٢٨ ووفيات الأعيان ٢ / ٣٤٨ وشذرات الذهب ٣ / ٣١٤ والعبر ٣ / ٢٥٥ والديباج المذهّب: ٣٧٥.

١٢٨

« أخبرنا ابن بكر، أخبرنا أبو عمر يحيى بن محمد بن عمر بن عبدالله بن عمر ابن حفص بن بيان بن دينار الأخباري - في منزله بدرب الساج، في جوار ابن الشونيزي، في سنة ٣٦٣ - حدثنا أبو جعفر أحمد بن محمد الضبعي، حدثنا عبدالله بن سعيد الكندي أبو سعيد الأشج، حدثنا العلاء بن سالم العطّار، عن يزيد أبي زياد عن عبد الرحمن بن أبي ليلي قال: سمعت علياً - بالرحبة - ينشد الناس: من سمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه؟ فقام اثنا عشر بدرّياً فشهدوا أنهم سمعوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه » ١٤ / ٢٣٦.

قال المتقي الهندي: « عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: شهدت علياً في الرحبة ينشد الناس: أنشد الله من سمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول يوم غدير: من كنت مولاه فعلي مولاه لما قام، فشهد اثنا عشر بدرياً. قالوا: نشهد أنّا سمعنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول يوم غدير خم: ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجي أمهاتهم؟ فقلنا: بلى. قال: فمن كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. عم ع وابن جرير خط ص »(١) .

ترجمته

١ - اليافعي: « والحافظ أحد أئمة الأعلام، صاحب التواليف المنتشرة في الإِسلام، أبوبكر الخطيب، أحمد بن علي بن ثابت البغدادي صنّف قريباً من مائة مصنّف، وفضله أشهر من أن يوصف وكان فقيهاً يغلب عليه الحديث والتاريخ، توفي يوم الاثنين سابع ذي الحجة، وقال السمعاني: في شوال وكان قد انتهى إليه علم الحديث وحفظه، قال ابن ماكولا: لم يكن

____________________

(١). كنز العمال ١٣ / ١٧١.

١٢٩

للبغداديين بعد الدار قطني مثل الخطيب »(١) .

٢ - ابن قاضي شهبة: « أحد حفاظ الحديث وضابطيه المتقنين، وشهرته في الحديث تغني عن الإِطناب في ذكر مشايخه فيه، وتعداد البلدان التي رحل إليها وسمع فيها، وذكر مصنفاته في ذلك، فإنها تزيد على ستين مصنفاً، منها تاريخ بغداد، قال ابن ماكولا: كان آخر الأعيان ممّن شاهدناه معرفة وحفظاً وإتقاناً وضبطاً لحديث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وتفنّناً في علله وأسانيده، وعلماً بصحيحه وغريبه وفرده ومنكره، وقال: ولم يكن للبغداديين بعد الدار قطني مثله، وقال الشيخ أبو إسحاق الشيرازي: كان أبوبكر الخطيب يشبّه بالدارقطني ونظرائه في معرفة الحديث وحفظه، قال ابن السمعاني: كان مهيباً وقوراً، ثقة متحرّياً، حجة حسن الخط، كثير الضبط فصيحاً ختم به الحافظ »(٢) .

(٧٥)

رواية أبي الحسن الواحدي

سيأتي نص عبارته في وجوه دلالة حديث الغدير إنْ شاء الله تعالى.

ترجمته

قال ابن خلكان: « علي بن أحمد بن علي بن متوّيه الواحدي، صاحب التفاسير المشهورة، كان أستاد عصره في النحو والتفسير، ورزق السّعادة في تصانيفه، وأجمع الناس على حسنها، وذكرها المدرّسون في تدريسهم، منها: البسيط في تفسير القرآن الكريم، وكذلك الوسيط، وكذلك الوجيز، ومنه أخذ أبو حامد الغزّالي أسماء كتبه الثلاثة، وله كتاب أسباب النزول، والتحبير في التفسير وكان الواحدي المذكور تلميذ الثعلبي صاحب التفسير المقدّم ذكره في حرف

____________________

(١). مرآة الجنان حوادث ٤٦٣.

(٢). طبقات الشافعية ١ / ٢٤٦.

١٣٠

الهمزة، وعنه أخذ علم التفسير وأربى عليه، وتوفي عن مرض طويل في جمادى الآخرة سنة ٤٦٨ بمدينة نيسابور. رحمه الله تعالى »(١) .

(٧٦)

رواية أبي سعيد السجستاني

لقد علم فيما تقدم ان أبا سعيد مسعود بن ناصر السجستاني ممّن قد جمع طرق حديث الغدير وأسانيده، وقد أسمى كتابه بـ « الدراية في حديث الولاية » ومن ذلك الحديث التالي عن عبدالله بن عباس: « قال: لمـّا خرج النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الى حجة الوداع، نزل بالجحفة، فأتاه جبرئيلعليه‌السلام فأمره أن يقوم بعلي فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أيّها الناس ألستم تزعمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى يا رسول الله قال: من كنت مولاه فعلي مولاه، أللهم وال من والاه وعاد من عاداه، وأحبّ من أحبّه وأبغض من أبغضه، وانصر من نصره وأعزّ من أعزه، وأعن من أعانه. قال ابن عباس: وجبت والله في أعناق القوم »

(٧٧)

رواية ابن المغازلي

روى حديث الغدير حيث قال: « قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من كنت مولاه فعلي مولاه: - أخبرنا أبو يعلى علي بن عبيدالله بن العلاف البزار إذناً قال: إخبرنا عبد السلام بن حبيب البزار قال: أخبرنا عبدالله بن محمد ابن عثمان قال: حدثنا محمد بن بكر بن عبد الرزاق، حدثنا أبو حاتم مغيرة بن محمد المهلبي قال: حدثني مسلم بن إبراهيم، حدثنا نوح بن قيس الحداني، حدثنا الوليد بن صالح

____________________

(١). وفيات الأعيان ٢ / ٤٦٤.

١٣١

عن امرأة زيد بن أرقم قالت:

أقبل نبيّ الله من مكة في حجة الوداع، حتى نزلصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بغدير الجحفة، بين مكة والمدينة، فأمر بالدوحات فقمّ ما تحتهنّ من شوك، ثم نادى الصلاة جامعة، فخرجنا إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، في يوم شديد الحر، وإنّ منا لمن يضع رداءه على رأسه، وبعضه على قدميه، من شدة الرمضاء، حتى انتهينا إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فصلّى بنا الظهر، ثم انصرف إلينا فقال:

الحمد لله نحمده ونستعينه، ونؤمن به ونتوكّل عليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، الذي لا هادي لمن أضل، ولا مضلّ لمن هدى، وأشهد أن لا إله إلّا الله وأنّ محمداً عبده ورسوله.

أمّا بعد، أيّها الناس فإنه لم يكن لنبي من العمر إلّا نصف من عمر من قبله، وإن عيسى بن مريم لبث في قومه أربعين سنة، وإني قد أسرعت في العشرين، ألا وإنّي يوشك أن أفارقكم، ألا وإنّي وأنتم مسؤلون، فهل بلّغتكم، فما ذا أنتم قائلون؟ فقام من كلّ ناحية من القوم مجيب، يقولون: نشهد أنك عبدالله ورسوله، قد بلّغت رسالته، وجاهدت في سبيله، وصدعت بأمره، وعبدته حتى أتاك اليقين، جزاك الله عنّا خير ما جزى نبيّاً عن أمته.

فقال: ألستم تشهدون أن لا إله إلّا الله لا شريك له، وأنّ محمّداً عبده ورسوله، وأن الجنّة حق وأن النار حق، وتؤمنون بالكتاب كله؟ قالوا: بلى، قال: فإني أشهد أن قد صدقتكم وصدقتموني.

ألا وإني فرطكم وإنكم تبعي، توشكون أن تردوا عليّ الحوض، فأسألكم حين تلقونني عن ثقليّ. كيف خلفتموني فيهما. قال: فأعيل علينا ما ندري ما الثقلان، حتى قام رجل من المهاجرين وقال: بأبي وأمي أنت يا نبيّ الله ما الثقلان؟

قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : الأكبر منهما كتاب الله تعالى، سبب طرفه بيد الله وطرف بأيديكم، فتمسّكوا به ولا تضلوا، والأصغر منهما عترتي، من استقبل قبلتي

١٣٢

وأجاب دعوتي، فلا تقتلوهم، ولا تقهروهم، ولا قصّروا عنهم، فإني قد سألت لهم اللّطيف الخبير فأعطاني، ناصرهما لي ناصر وخاذلهما لي خاذل، ووليّهما لي وليّ وعدوهما لي عدوّ.

ألا وإنها لم تهلك أمّة قبلكم حتى تتدين بأهوائها، وتظاهر على نبوتها، وتقتل من قام بالقسط.

ثم أخذ بيد علي بن أبي طالبعليه‌السلام فرفعها، ثم قال: من كنت مولاه فهذا مولاه، ومن كنت وليّه فهذا وليّه، اللهمَّ وال من والاه وعاد من عاداه، قالها ثلاثاً. هذا آخر الخطبة ».

« أخبرنا أبوبكر أحمد بن محمد بن طاوان قال: حدثنا أبو الحسين أحمد بن الحسين ابن السماك قال: حدثنا أبو محمد جعفر بن محمد بن نصير الخلدي حدثنا علي بن سعيد بن قتيبة الرملي، قال: حدثنا ضمرة بن ربيعة القرشي، عن ابن شوذب عن مطر الورّاق عن شهر بن حوشب عن أبي هريرة قال: من صام يوم ثماني عشرة خلت من ذي الحجة كتب له صيام ستّين شهراً، وهو يوم غدير خم، لمـّا أخذ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بيد علي بن أبي طالب فقال: ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: من كنت مولاه فعلي مولاه. فقال عمر بن الخطاب: بخ بخ لك يا علي بن أبي طالب أصبحت مولاي ومولى كلّ مؤمن، فأنزل الله تعالى:( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ) .

« أخبرنا أبو طالب محمد بن أحمد بن عثمان قال: حدثنا أبو الحسين عبيدالله ابن أحمد بن البوّاب قال: حدثنا محمد بن محمد بن سليمان الباغندي حدثنا وهبان قال: أخبرنا خالد بن عبدالله، عن الحسن بن عبدالله، عن أبي الضحى عن زيد ابن أرقم قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من كنت وليّه فعلي وليّه - أو مولاه - ».

« أخبرنا أبو طاهر محمد بن علي البيّع قال: حدثنا أبو الحسن أحمد بن محمد ابن الصلت الأهوازي، قال حدثنا محمد بن جعفر المطيري قال: حدثنا علي بن

١٣٣

الحسين الهاشمي، حدثنا أبي، حدثنا فضيل بن مرزوق عن عطية عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ».

« أخبرنا أبو طالب محمد بن أحمد قال: حدثنا أبو الحسين محمد بن المظفر ابن موسى بن عيسى الحافظ البغدادي قال: حدثنا محمد بن علي بن إسماعيل قال: حدثنا الحسين بن علي قال: حدثنا أبي قال: حدثنا سلمة بن الفضل الأبرش قاضي الري، عن الجراح الكندي عن أبي إسحاق الهمداني عن عبد خير وعمرو ذي مر وحبة العرني قالوا: سمعنا علي بن أبي طالبعليه‌السلام ينشد الناس في الرحبة: من سمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه؟ فقام اثنا عشر رجلا من أهل بدر منهم زيد بن أرقم قالوا: نشهد أنّا سمعنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول يوم غدير خم: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ».

« أخبرنا أحمد بن محمد بن عبد الوهاب قال: حدثنا أبو عبدالله الحسين ابن محمد العدل العلوي الواسطي قال: حدثنا أبو عيسى جبير بن محمد الواسطي قال: حدثنا حسين بن محمد قال: حدثنا أبو معاوية قال: حدثنا الأعمش عن سعد بن عبيدة عن ابن بريدة عن أبيه قال: بعثنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في سريّة، واستعمل علينا عليّاعليه‌السلام ، فلما رجعنا قال لنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كيف وجدتم صحبة صاحبكم؟ قال: فشكوته - أو شكاه غيري - وكنت رجلا مكبابا، فرفعت رأسي فإذا النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قد احمرّ وجهه وهو يقول: من كنت وليّه فعلي وليّه ».

« أخبرنا أبو الفضل محمد بن حسين بن عبيدالله البرجي الاصفهاني فيما كتب إلي أن أحمد بن عبد الرحمن بن العباس الأسدي حدّثهم: حدثنا أبو حامد احمد بن جعفر الأشعري قال: حدثنا يعلى بن محمد ابن جمهور، عن أحمد بن حمزة عن أبان بن تغلب عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين عن أبيه عن جدّه

١٣٤

عن علي بن أبي طالب قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ».

« أخبرنا أحمد بن محمد البزار، قال حدّثنا أبو عبدالله الحسين بن محمد العدل قال: حدثنا علي بن عبدالله بن مبشر قال: حدثنا الرمادي قال حدثنا أبو أحمد الزبيري، حدثنا حنش بن الحارث عن رباح بن الحارث قال: كنا مع عليعليه‌السلام في الرحبة، إذ جاء ركب من الأنصار فقالوا: السلام عليك يا مولانا قال: كيف ذا وأنتم قوم من العرب؟ قالوا: سمعنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم غدير خم يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه. ثم انصرفوا. فقلت: من القوم؟ قالوا: قوم من الأنصار وفينا أبو أيوب الأنصاري ».

« أخبرنا أحمد بن محمد قال: حدثنا الحسين بن محمد العدل قال: حدثنا الجورابي قال: حدثنا أحمد بن يحيى الصوفي قال: حدثنا إسماعيل بن أبي الحكم الثقفي قال: حدثني شاذان عن عمران بن مسلم عن سويد بن أبي صالح عن أبيه، عن أبي هريرة عن عمر بن الخطاب قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعلي: من كنت مولاه فعلي مولاه ».

« أخبرنا أبو طالب محمد بن أحمد بن عثمان قال: حدثنا أبو الحسين محمد ابن المظفّر بن موسى بن عيسى الحافظ، قال: حدثنا محمد يعني ابن علي بن إسماعيل قال: حدثنا محمد بن نهار بن عمار، قال: حدثنا أبو مسعود أحمد بن الفرات، قال: حدثنا يحيى الحماني، حدثنا أبو محمد قيس بن الربيع، عن الأعمش عن ابراهيم عن علقمة عن عبدالله بن مسعود: أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: من كنت مولاه فعلي مولاه ».

« أخبرنا أبو الحسن علي بن عمر بن عبدالله بن شوذب قال: حدثني أبي قال: حدثنا محمد بن الحسين الزعفراني، قال: حدثني أحمد بن يحيى بن عبد الحميد، حدثنا أبو إسرائيل الملّائي عن الحكم، عن أبي سليمان المؤذن، عن زيد بن أرقم قال: نشد عليعليه‌السلام الناس في المسجد قال: أنشد الله رجلاً

١٣٥

سمع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، وكنت أنا ممن كتم فذهب بصري ».

« أخبرنا أحمد بن محمد بن طاوان قال: حدثنا الحسين بن محمد العلوي العدل الواسطي قال: حدثنا ابن مبشر، قال: حدثنا عمار بن خالد قال: حدثنا إسحاق الأزرق، عن عبد الملك عن عطية العوفي قال: رأيت ابن أبي أوفى وهو في دهليز له بعد ما ذهب بصره فسألته عن حديث فقال: إنّكم يا أهل الكوفة فيكم ما فيكم قال: قلت: أصلحك الله إني لست منهم، ليس عليك مني عار، قال: أيّ حديث؟ قال قلت: حديث علي يوم غدير خم، فقال: خرج علينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حجته يوم غدير خم، وهو آخذ بعض علي، فقال: يا أيها الناس ألستم تعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: فمن كنت مولاه فهذا مولاه ».

« أخبرنا أحمد بن محمد بن طاوان، قال حدثنا أبو عبدالله الحسين بن العلوي العدل، قال حدثنا أبو الحسن علي بن مبشر، قال حدثنا الحسن بن عرفة، قال حدثنا أبو معاوية الضرير، عن الأعمش عن سعد بن عبيدة عن ابن بريدة، عن أبيه قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من كنت وليه فعلي وليه ».

« أخبرنا أحمد بن محمد قال: حدثنا الحسين بن محمد العلوي العدل، قال حدثنا أبو الحسين بن أخي كبير الزيّات قال: حدثنا إسحاق الحربي قال حدثنا أبو نعيم قال حدثنا ابن أبي غنية، عن الحكم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن بريدة، قال: غزوت مع علي اليمن، فرأيت منه جفوة، فقدمت على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فذكرت عليّا فتنقّصته، فرأيت وجه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يتغيّر، قال: يا بريدة أو لست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قلت: بلى يا رسول الله. قال: من كنت مولاه فعلي مولاه ».

« أخبرنا أحمد بن محمد بن طاوان قال: حدثنا الحسين بن محمد العلوي العدل قال: حدثنا علي بن عبدالله بن مبشر قال: حدثنا أحمد بن منصور الرمادي

١٣٦

قال: حدثنا عبدالله بن صالح عن ابن لهيعة عن أبي هبيرة وبكر بن سوادة، عن قبيصة بن ذويب وأبي سلمة بن عبد الرحمن، عن جابر بن عبدالله، أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نزل بخم فتنحّى الناس عنه، ونزل معه علي بن أبي طالب فشقّ على النبي تأخّر الناس، فأمر عليّاً فجمعهم، فلما اجتمعوا قام فهم متوسّداً علي بن أبي طالب، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:

أيها الناس إنه قد كرهت تخلّفكم عني، حتى خيّل إلي أنه ليس شجرة أبغض إليكم من شجرة تليني. ثم قال: لكن علي بن أبي طالب أنزله الله منّي بمنزلتي منه، فرضي ‌الله ‌عنه كما أنا عنه راض، فإنّه لا يختار علي قربي، ومحبّتي شيئاً، ثم رفع يديه وقال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه.

قال: فابتدر الناس إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يبكون ويتضرعون، ويقولون: يا رسول الله ما تنحّينا عنك إلّا كراهية أن نثقل عليك، فنعوذ بالله من شرور أنفسنا وسخط رسول الله، فرضي رسول الله عنهم عند ذلك ».

« وحدثني أبو القاسم الفضل بن محمد بن عبدالله الإِصفهاني - قدم علينا واسطاً - إملاءاً من كتابه لعشر بقين من شهر رمضان سنة ٤٣٤، قال حدثنا محمد بن علي بن عمر بن المهدي قال: حدثنا سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني قال: حدثنا أحمد بن إبراهيم بن كيسان الثقفي الاصفهاني، قال: حدثنا إسماعيل ابن عمر البجلي قال: حدثنا مسعر بن كدام عن طلحة بن مصرف، عن عميرة ابن سعد قال: شهدت عليّاًعليه‌السلام على المنبر ناشداً أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من سمع رسول الله يوم غدير خم يقول ما قال فليشهد، فقام اثنا عشر رجلاً منهم أبو سعيد الخدري وأبو هريرة وأنس بن مالك، فشهدوا أنهم سمعوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه، أللهم وال من والاه وعاد من عاداه.

قال أبو القاسم الفضل بن محمد: هذا حديث صحيح عن رسول الله صلّى

١٣٧

الله عليه وسلّم، وقد روى حديث غدير خم عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نحو من مائة نفس منهم العشرة، وهو حديث ثابت لا أعرف له علة. تفرّد عليعليه‌السلام بهذه الفضيلة ليس يشركه فيها أحد»(١) .

ترجمته

١ - السمعاني: « كان فاضلاً، عارفاً برجالات واسط وحديثهم، وكان حريصاً على سماع الحديث وطلبه، رأيت له ذيل التاريخ الواسط وطالعته، وانتخب منه، سمع: أبا الحسن علي بن عبد الصمد الهاشمي، وأبا بكر أحمد بن محمد الخطيب، وأبا الحسن أحمد بن المظفر العطار وغيرهم. روى عنه: ابنه بواسط، وأبو القاسم علي بن طراد الوزير ببغداد. وغرق ببغداد في دجلة، في صفر سنة ٤٨٣، وحمل ميتاً إلى واسط، ودفن بها »(٢) .

٢ - الزبيدي: « وأبو الحسن علي بن محمد بن محمد بن الطيّب الجلّابي، عالم مؤرّخ، سمع الكثير من أبي بكر الخطيب، وله ذيل تاريخ واسط »(٣) .

٣ - محمد بن عبدالله الحضرمي: « كان محدثاً يسند إليه في زمانه، روى عنه الكثير، وهو عن جماعة، وكان ثقة أميناً، صدوقاً معتمداً في منقولاته مسنداً اليه في مروياته، له كتب منها ذيل تاريخ واسط لأسلم المشهور ببحشل وكتاب في مناقب سيدنا علي كرم الله وجهه، جمع فيه فأوعى، نقل فيه عن ثقاة الرواة »(٤) .

____________________

(١). مناقب علي بن أبي طالب ١٦ - ٢٧.

(٢). الأنساب - الجلّابي.

(٣). تاج العروس ١ / ١٨٦.

(٤). الميزان القاسط في ترجمة مؤرخ واسط: ١٩ عن طبقات الحضرمي.

١٣٨

(٧٨)

رواية الحسكاني

ولقد علم فيما تقدم أن عبيدالله بن الحسكاني، ممّن ألف في جمع طرق حديث الغدير مؤلفاً خاصاً، وقد أسماه بـ « دعاء الهداة إلى أداء حق الموالاة »(١) .

(٧٩)

رواية السمعاني

ورواه أبو المظفّر منصور بن محمد بن عبد الجبّار السّمعاني، المتوفّى ٤٨٩. فقد روى السيد هاشم بن سليمان الحسيني البحرانيرحمه‌الله عن كتاب ( فضائل الصحابة ) له ما نصّه: « عن البراء بن عازب قال: أقبلنا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حجّة الوداع، حتى إذا كنّا بغدير خم نودي فينا: الصّلاة جامعة، وكسح لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تحت شجرتين، فأخذ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بيد علي فقال: ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ ثم قال رسول الله: فإنّ هذا مولى من أنا مولاه، أللهم وال من والاه وعاد من عاداه. قال: فلقيه عمر بن الخطاب بعد ذلك فقال: هنيئاً لك يا ابن أبي طالب أصبحت

____________________

(١). وتوجد ترجمة القاضي الحسكاني في تذكرة الحفاظ ٤ / ٣٩٠، وطبقات الحفاظ للسيوطي، وتاريخ نيسابور لعبد الغافر النيسابوري، وغيرها.

١٣٩

وأمسيت مولى كلّ مؤمن ومؤمنة »(١) .

و عنه: « عن أبي هريرة عن عمر بن الخطّاب: إنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: من كنت مولاه فعلي مولاه »(٢) .

و عنه: « عن البراء: إنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نزل بغدير خم، وأمر فكسح بين شجرتين، وصيح بين الناس فاجتمعوا، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى. قال: ألست أولى بالمؤمنين من آبائهم؟ قالوا: بلى. فدعا عليّاً فأخذ بعضده ثمّ قال: هذا وليّكم من بعدي. أللهم وال من والاه وعاد من عاداه. فقام عمر إلى علي فقال ليهنئك يا ابن أبي طالب، أصبحت - أوقال: أمسيت - مولى كلّ مؤمن »(٣) .

وعنه: « عن سالم بن أبي الجعد قال: قيل لعمر: إنّك تصنع بعلي ما لا تصنع بأحد من صحابة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : قال: لأنّه مولاي »(٤) .

وقال السيد البحراني: « ومن كتاب الفضائل لأبي المظفّر السّمعاني أيضاً باسناده قال: قدم أبو هريرة ودخل المسجد، فاجتمعنا حوله، وقام رجل وقال: أنشدك - أي أسألك - إنّ حديثا سمعته من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه؟ قال: نعم. قال: فإنّي رأيتك واليت أعدائه وعاديت أوليائه »(٥) .

ترجمته

والسمعاني: من أكابر المحدثين ومشاهيرهم. ترجم له:

الأسنوي: في طبقاته ٢ / ٢٩.

والسبكي: في طبقاته ٥ / ٣٢٥.

والذهبي: في العبر ودول الإسلام حوادث ٤٨٩.

____________________

(١ - ٤) غاية المرام: ٨٤.

(٥). غاية المرام: ٨٥.

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423