تذكرة الفقهاء الجزء ٧

تذكرة الفقهاء16%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-319-007-2
الصفحات: 481

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧
  • البداية
  • السابق
  • 481 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 169416 / تحميل: 5804
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء ٧

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٣١٩-٠٠٧-٢
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

اُجرة الأصعب ، وقد استؤجر للأصعب ولم يأت به ، فيتعيّن عليه ردّ التفاوت.

ولو استؤجر للسلوك بالأسهل فسلك الأصعب ، لم يكن له شي‌ء.

هذا إذا لم يتعلّق غرض المستأجر بتعيين الطريق ، وإن تعلّق غرض المستأجر بطريق معيّن ، فاستأجر على أن يسلكه الأجير ، فسلك غيره ، فالأقرب فساد المسمّى ، والرجوع إلى اُجرة المثل ، ويجزئ الحجّ عن المستأجر ، سواء سلك الأصعب أو الأسهل ؛ لأنّه استؤجر على فعل وأتى ببعضه.

إذا ثبت هذا ، فالأقرب أنّ الرواية تضمّنت مساواة الطريقين إذا كان الإِحرام من ميقات واحد، أمّا مع اختلاف الميقاتين ، فالأقرب المنع ؛ لاختلافهما قُرْباً وبُعْداً ، واختلاف الأغراض ، وتفاوت الأجر بسبب تفاوتهما ، وإطلاق الأصحاب ينبغي أن يقيّد بما دلّ مفهوم الرواية عليه.

إذا عرفت هذا ، فلو خالف في سلوك ما شرطه [ المستأجر ](١) من الطرق فأحصر ، لم يستحق الأجير شيئاً في الموضعين.

مسألة ١٠٧ : إذا استأجره ليحجّ عنه بنفسه ، فإمّا أن يعيّن الزمان أو لا ، فإن عيّنه ، وجب أن يكون الأجير على صفة يمكنه التلبّس بالإِحرام في أشهر الحجّ ، فإن لم يمكنه ذلك إمّا لضيق الوقت أو لمرض أو لغير ذلك ، بطل القيد ؛ لأنّه عقد على ما لا يصح.

وإذا كان الأجير ممّن يصح منه الحجّ فأخّر حتى فات الوقت ، وخالف إمّا لعذر أو لغير عذر ، بطل العقد ؛ لأنّ الوقت الذي عيّنه قد فات ، وكان للمستأجر الخيار بين استئجاره في السنة الاُخرى وبين استئجار غيره.

ولو ضمن الأجير الحجّ في السنة الاُخرى ، لم تجب إجابته ، بل لو اُجيب لافتقر إلى عقد آخر.

____________________

(١) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطية والحجرية : المؤجر. والظاهر ما أثبتناه.

١٤١

وللشافعية طريقان : أظهرهما : أنّه على قولين كالقولين فيما لو حلّ السلم والمسلم فيه منقطع:

أحدهما : ينفسخ ؛ لفوات مقصود العقد.

وأصحّهما : لا ينفسخ ، كما لو أخّر أداء الدَّيْن عن محلّه لا ينقطع.

والثاني : القطع بالقول الثاني.

وعلى القول بعدم الانفساخ يُنظر إن صدر الاستئجار من المعضوب لنفسه ، فله الخيار ؛ لتفويت المقصود ، كما لو أفلس المشتري بالثمن ، فإن شاء أخّر ليحجّ في السنة الاُخرى ، وإن شاء فسخ ، واستردّ الاُجرة ، وارتفق بها إلى أن يستأجر غيره(١) .

وإن كان الاستئجار لميّت من ماله ، فقد قال بعضهم : لا خيار لمن استأجر في فسخ العقد ؛ لأنّ الاُجرة معيّنة لتحصيل الحجّ ، فلا انتفاع باستردادها(٢) .

وقال آخرون : له الخيار ؛ لأنّ الورثة يقصدون باسترداد الاُجرة صرفها إلى مَنْ هُو أحرى بتحصيل المقصود ، ولأنّهم إذا استردّوها تمكّنوا من إبدالها بغيرها(٣) .

وقال بعضهم : إنّ على الولي مراعاة النظر للميّت ، فإن كانت المصلحة في فسخ العقد لخوف إفلاس الأجير أو هربه فلم يفعل ، ضمن(٤) .

أمّا لو كان الميّت قد أوصى بأن يحجّ عنه إنسان بمائة مثلاً ، لم يجز الفسخ ؛ لأنّ الوصية مستحقّة الصرف إلى المعيّن.

ولو استأجر إنسان للميّت من مال نفسه تطوّعاً عليه ، فهو كاستئجار المعضوب لنفسه ، فله الخيار.

____________________

(١) فتح العزيز ٧ : ٥٣ ، المجموع ٧ : ١٢٦ ، الحاوي الكبير ٤ : ٢٦٨ - ٢٦٩.

(٢) الوجيز ١ : ١١٢ ، فتح العزيز ٧ : ٥٣ ، المجموع ٧ : ١٢٦.

(٣ و ٤) فتح العزيز ٧ : ٥٣ ، المجموع ٧ : ١٢٧.

١٤٢

ولو قدّم الأجير الحجّ على السنة المعيّنة ، فالأقرب : الجواز ؛ لأنّه قد زاد خيراً ، وبه قال الشافعي(١) .

وأمّا إن لم يعيّن الزمان بل أطلق ، صحّ العقد ، واقتضى الإِطلاق التعجيل.

ولو شرط التأخير عاماً أو عامين ، جاز ، ومع الإِطلاق إذا لم يحجّ في السنة الاُولى ، لم تبطل الإِجارة ؛ لأنّ الإِجارة في الذمّة لا تبطل بالتأخير ، وليس للمستأجر فسخ هذه الإِجارة لأجل التأخير ، فإذا أحرم في السنة الثانية ، كان إحرامه صحيحاً عمّن استأجره.

وقال بعض الشافعية : إذا أطلقا العقد ، لم يقتض التعجيل ، وجاز للمستأجر التأخير مع القدرة ، ويثبت للمستأجر الخيار ؛ لتأخير المقصود(٢) .

مسألة ١٠٨ : إنّه سيأتي أنّ المواقيت المؤقّتة للإِحرام مواضع معيّنة وقّتها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لكلّ إقليم ميقات معيّن(٣) ، لا يجوز الإِحرام قبلها عند علمائنا إلّا لناذر على خلاف بين علمائنا فيه. وكذا للمعتمر في شهر رجب إذا خاف تقضيه يجوز له الإِحرام للعمرة قبل الميقات.

وأجمعت العامة على جواز الإِحرام قبل الميقات(٤) .

إذا عرفت هذا ، فنقول : إذا استأجره للحج فانتهى الأجير إلى الميقات المتعيّن شرعاً أو بتعيينهما إن اعتبرناه فلم يحرم بالحج عن المستأجر ولكن أحرم بعمرة عن نفسه ثم أحرم عن المستأجر بعد فراغه من عمرته ، فإمّا أن لا يعود‌

____________________

(١) فتح العزيز ٧ : ٥٣ ، المجموع ٧ : ١٢٨.

(٢) فتح العزيز ٧ : ٥٢ - ٥٣ ، المجموع ٧ : ١٢٦.

(٣) الكافي ٤ : ٣١٨ - ٣١٩ / ١ - ٣ ، التهذيب ٥ : ٥٤ - ٥٥ / ١٦٦ - ١٦٨ ، صحيح البخاري ٢ : ١٦٥ ، صحيح مسلم ٢ : ٨٣٨ / ١١٨١ ، سنن أبي داود ٢ : ١٤٣ / ١٧٣٧ و ١٧٣٨ ، سنن الترمذي ٣ : ١٩٤ / ٨٣١ ، سنن البيهقي ٥ : ٢٦.

(٤) المغني ٣ : ٢٢٢ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٢٦ ، الوجيز ١ : ١١٤ ، فتح العزيز ٧ : ٩٥ ، بدائع الصنائع ٢ : ١٦٤.

١٤٣

إلى الميقات بأن أحرم من جوف مكة ، وقع الحجّ عن المستأجر بحكم الإذن ، فكان يجوز أن يقال : المأذون فيه الحجّ من الميقات ، وهذا الخصوص متعلّق الغرض ، فلا يتناول الإذن غيره ، فيحطّ شي‌ء من الأجرة المسمّاة وإن وقع الحجّ عن المستأجر ، لمجاوزته الميقات وكان الواجب عليه أن يحرم منه.

وقال أبو حنيفة : إذا أحرم عن نفسه ثم حجّ عن المستأجر بإحرام من مكة من غير أن يرجع إلى الميقات ، لم يقع فعله عن الآمر ، ويردّ جميع النفقة إليه ، لأنّه أتى بغير ما أمر به(١) .

والأول مذهب الشافعي ، لأنّه ما أخلّ إلّا بما يجبره الدم ، فلم تسقط أجرته(٢) .

وفي قدر المحطوط اختلاف مبني على أنّ الاُجرة تقع في مقابلة أعمال الحجّ وحدها ، أو يتوزّع على المسير من بلد الإِجارة والأعمال ، فإن قلنا بالثاني - وهو الأظهر عند الشافعية(٣) - فقولان : أحدهما : أنّ المسافة لا تُحتسب له هاهنا ؛ لأنّه صرفه إلى غرض نفسه حيث أحرم بالعمرة من الميقات ، فعلى هذا توزّع الاُجرة المسمّاة على حجّة منشأة من بلد الإِجارة وإحرامها من الميقات ، وعلى حجّة منشأة من جوف مكة ، فإذا كانت اُجرة الحجّة المنشأة من بلد الإِجارة مائة ، واُجرة الحجّة المنشأة من مكة عشرة ، حطّ من الاُجرة المسمّاة تسعة أعشارها.

وأصحّهما عندهم : أنّها تحسب له ؛ لأنّ الظاهر أنّه يقصد بها تحصيل الحجّ الملتزم ، إلّا أنّه أراد أن يربح في سفره عمرة ، فعلى هذا تتوزّع الاُجرة المسمّاة على حجّة منشأة من بلد الإِجارة إحرامها من الميقات وعلى حجّة منشأه منها أيضاً إحرامها من مكة ، فإذا كانت اُجرة الاُولى مائة واُجرة الثانية‌

____________________

(١) المغني والشرح الكبير ٣ : ١٩٠.

(٢) فتح العزيز ٧ : ٥٥ ، المجموع ٧ : ١٢٩ ، المغني والشرح الكبير ٣ : ١٩٠.

(٣) فتح العزيز ٧ : ٥٥ ، المجموع ٧ : ١٢٩‌

١٤٤

تسعين ، حطّ من الاُجرة المسمّاة عُشرها(١) .

وإن قلنا : إنّ الاُجرة تقع في مقابلة أعمال الحج وحدها ، فتوزّع الأجرة المسمّاة على حجّة من الميقات ، وهي التي قوبلت بها ، وعلى حجّة من جوف مكة ، فإذا كانت أجرة الاولى خمسة واجرة الثانية درهمين ، حططنا من الاُجرة ثلاثة أخماسها.

ولو جاوز الميقات بغير إحرام ثم أحرم بالحج عن المستأجر ، يلزمه دم الإِساءة ، وسيأتي الخلاف في أنّ الاساءة هل تنجبر بالدم حتى لا يحطّ شي‌ء من الاُجرة أم لا؟ قال بعض الشافعية : إنّ ذلك الخلاف عائد هنا ، وإنّ الخلاف في قدر المحطوط مفرَّع على القول في قدر الحط ، ويجوز أن يقطع هنا بأنّه لا تنجبر الإِساءة ، ويفرّق بأنّه ارتفق هاهنا بالمجاوزة حيث أحرم بالعمرة لنفسه(٢) .

القسم الثاني(٣) : أن يعود إلى الميقات بعد الفراغ من العمرة وأحرم بالحج ، فإن قلنا : الاُجرة في مقابلة الأعمال وحدها أو وزّعناها عليها وعلى السير واحتسبنا المسافة هنا ، وجبت الاُجرة بتمامها ، وهو الأظهر عندهم(٤) ، وإن وزّعناها عليها ولم تحسب المسافة هاهنا ، فتوزّع الاُجرة على حجة منشأة من بلد الإِجارة إحرامها من الميقات وعلى حجّة من الميقات من غير قطع مسافة.

ولو جاوز الميقات بلا اعتمار ثم أحرم بالحج عن المستأجر ، فإن عاد إلى الميقات وأحرم منه عن المستأجر ، فلا شي‌ء عليه ولا حطّ من الاُجرة ، وإن لم يَعُدْ ، فعليه دم الإِساءة بالمجاوزة.

وهل ينجبر به الخلل حتى لا يحطّ شي‌ء من الاُجرة؟ فيه قولان‌

____________________

(١) فتح العزيز ٧ : ٥٦ ، المجموع ٧ : ١٢٩.

(٢) فتح العزيز ٧ : ٥٦ - ٥٧ ، المجموع ٧ : ١٢٩.

(٣) وقد مرّ القسم الأول عند قوله : فإمّا أن لا يعود إلى الميقات

(٤) فتح العزيز ٧ : ٥٧ ، المجموع ٧ : ١٢٩.

١٤٥

للشافعية :

أحدهما : نعم ؛ لأنّ الدم شُرّع للجبر.

وأظهرهما : المنع ؛ لأنّه نقص من العمل الذي استأجره له ، والدم يجب لحقّ الله تعالى ، فلا ينجبر به حقّ الآدمي ، كما لو جنى المـُحْرم على صيد مملوك يلزمه الضمان مع الجزاء(١) .

ومنهم من قطع بالقول الثاني(٢) .

وعلى القول بعدم الانجبار فقد المحطوط يبنى على أنّ الاُجرة في مقابلة العمل وحده أو توزّع على السير والعمل جميعاً؟ إن قلنا بالأول ، وزّعت الاُجرة المسمّاة على حجة من الميقات وحجّة من حيث أحرم ، وإن قلنا بالثاني واعتبرنا المسافة ، وزّعت على حجّة من بلدة الإِجارة وإحرامها من الميقات وعلى حجّة منها إحرامها من حيث أحرم.

والخلاف في اعتبار المسافة هاهنا إذا رتّب على الخلاف فيما إذا أحرم بعمرة عن نفسه ، كانت هذه الصورة أولى بالاعتبار ؛ لأنّه لم يصرفها إلى غرض نفسه.

ثم لهم وجهان في أنّ النظر إلى الفراسخ وحدها أم يعتبر ذلك مع ذكر السهولة والحزونة؟ والأصحّ عندهم : الثاني(٣) .

ولو عدل الأجير عن طريق الميقات المتعيّن إلى طريق آخر ميقاته مثل ذلك الميقات أو أبعد ، فلا شي‌ء عليه ، وهو المذهب عند الشافعية(٤) .

هذا كلّه في الميقات الشرعي ، أمّا إذا عيّنا موضعاً آخر ، فإن كان أقرب إلى مكة من الميقات الشرعي ، فهذا الشرط فاسد مفسد للإِجارة ، فإنّه لا‌

____________________

(١) فتح العزيز ٧ : ٥٧ - ٥٨ ، المجموع ٧ : ١٣٠.

(٢) فتح العزيز ٧ : ٥٨ ، المجموع ٧ : ١٣٠.

(٣) فتح العزيز ٧ : ٥٨ ، المجموع ٧ : ١٣١.

(٤) فتح العزيز ٧ : ٥٩ ، المجموع ٧ : ١٣١.

١٤٦

يجوز لمريد النسك أن يمرّ على الميقات غير مُحْرم ، وإن كان أبعد ، قال الشيخ في المبسوط : لا يلزمه ذلك ؛ لأنّه باطل(١) .

والتحقيق أن نقول : إن كان المستأجر قد نذر الإِحرام قبل الميقات ، لزمه الوفاء به عنده ، فإذا استأجره لذلك ، وجب على الأجير الوفاء به ، وإن لم يكن قد نذر ، لم يلزم الأجير فعله.

إذا عرفت هذا ، فإن استأجره للإِحرام من قبل الميقات الشرعي وسوّغناه فتجاوزه غير مُحْرم ، فهل يجب على الأجير الدم في مجاوزته غير مُحْرم؟

للشافعية وجهان :

أحدهما : عدم الوجوب ؛ لأنّ الدم منوط بالميقات الواجب شرعاً ، فلا يلحق به غيره ، ولأنّ الدم يجب حقّاً لله تعالى ، والميقات المشروط إنّما يتعيّن حقّاً للمستأجر ، والدم لا يُجبر حقّ الآدمي.

وأظهرهما عندهم : أنّه يلزم ؛ لأنّ تعيّنه وإن كان لحقّ الآدمي فالشارع هو الذي يحكم به ويتعلّق به حقّه ، فإن قلنا بالأول ، حطّ قسط من الأجرة قطعا ، وإن قلنا بالثاني ، ففي حصول الانجبار الوجهان(٢) .

وكذلك لزوم الدم بسبب ترك المأمور به كالرمي والمبيت.

وإن لزمه بسبب ارتكاب محظور كاللُّبْس والقَلْم ، لم يحط شي‌ء من الاُجرة ؛ لأنّه لم ينقص شي‌ء من العمل.

ولو شرط على الأجير أن يُحرم في أول شوّال فأخّره ، لزم الدم ، وفي الانجبار الخلاف(٣) ، وكذا لو شرط عليه أن يحجّ ماشياً فحجّ راكباً ؛ لأنّه ترك شيئاً مقصوداً.

مسألة ١٠٩ : أنواع الحجّ ثلاثة على ما يأتي(٤) : تمتّع وهو أفضلها ،

____________________

(١) المبسوط - للطوسي - ١ : ٣٢٢.

(٢ و ٣) فتح العزيز ٧ : ٥٩ ، المجموع ٧ : ١٣١.

(٤) يأتي في المسألة ١٢٥.

١٤٧

وقران وإفراد ، فعندنا إنّ التمتّع فرض من نأى عن مكة لا يجوز له غيره إلّا مع الضرورة ، والقران والإِفراد فرض أهل مكة وحاضريها لا يجوز له غيرهما إلّا مع الاضطرار.

إذا ثبت هذا ، فإذا استأجره ليحجّ عنه ، وجب تعيين أحد الأنواع ، فإذا أمره بالحجّ متمتّعاً فامتثل ، أجزأه إجماعاً ، ودم المتعة لازم للأجير ؛ لأنّه من مقتضيات العقد ، كفعل من الأفعال ، إلّا أن يشترطه على المستأجر فيلزمه ، وإن خالفه إلى القران ، لم يجزئه ؛ لأنّه لم يفعل ما استأجره فيه.

وإن استأجره ليُفْرد فتمتّع أو قرن ، أجزأه ، قاله الشيخ(١) رحمه‌الله ؛ لأنّه عدل إلى الأفضل وأتى بما استؤجر فيه وزيادة.

وإن استأجره للقران فقرن ، صحّ ؛ لأنّه استأجره له ، والهدي الذي به يكون قارناً لازم للأجير؛ لأنّ إجارته تتضمّنه ، فإن شرطه على المستأجر ، جاز.

وإن خالفه وتمتّع ، قال الشيخرحمه‌الله : جاز ؛ لأنّه عدل إلى ما هو الأفضل ، ويقع النسكان معاً عن المستأجر ، وإن أفرد ، لم يجزئه ؛ لأنّه لم يفعل ما استأجره فيه(٢) .

وقال الشافعي : إذا أمره بالقران فامتثل ، وجب دم القران على المستأجر في أصحّ الوجهين ؛ لأنّه مقتضى الإِحرام الذي أمره ، وكأنّه القارن بنفسه.

والثاني : على الأجير ، لأنّه قد الزم القران ، والدم من تتمتّه.

فعلى الأول لو شرطا أن يكون على الأجير ، فسدت الإِجارة ، لأنّه جمع بين الإِجارة وبيع المجهول ، كأنّه يشتري الشاة منه وهي غير معيّنة ولا موصوفة ، والجمع بين الإِجارة وبيع المجهول فاسد.

ولو كان المستأجر معسراً ، فالصوم يكون على الأجير ؛ لأنّ بعض الصوم‌

____________________

(١ و ٢) المبسوط - للطوسي - ١ : ٣٢٤.

١٤٨

ينبغي أن يكون في الحج ، والذي في الحج منهما هو الأجير(١) .

وقال بعضهم : هو كما لو عجز عن الهدي والصوم جميعاً. وعلى الوجهين يستحقّ الاُجرة بتمامها(٢) .

وإن عدل إلى الإِفراد فحجّ ثم اعتمر ، قال الشافعي : يلزمه أن يردّ من الاُجرة ما يخصّ العمرة(٣) .

وهو محمول عند أصحابه على ما إذا كانت الإِجارة على العين ، فإنّه لا يجوز له تأخير العمل فيها عن الوقت المعيّن.

وإن كانت في الذمّة ، فإن عاد إلى الميقات للعمرة ، فلا شي‌ء عليه ، وقد زاد خيراً ، ولا شي‌ء على المستأجر أيضاً ؛ لأنّه لم يُقْرنْ ، وإن لم يَعُدْ ، فعلى الأجير دم ؛ لمجاوزته الميقات للعمرة.

وهل يحطّ شي‌ء من الاُجرة أم تنجبر الإِساءة بالدم؟ فيه الخلاف السابق(٤) .

وإن عدل إلى التمتّع ، فقد قال بعضهم : إن كانت الإِجارةُ إجارةَ عين ، لم يقع الحج عن المستأجر ؛ لوقوعه في غير الوقت المعيّن ، وإن كانت الإِجارة على الذمّة ، نُظر إن عاد إلى الميقات للحج ، فلا دم عليه ولا على المستأجر ، وإن لم يَعُدْ ، فوجهان : أحدهما : لا يُجعل مخالفاً ؛ لتقارب(٥) الجهتين ، فإنّ في القران نقصانا في الأفعال وإحراما من الميقات ، وفي التمتّع كمالاً في الأفعال ونقصاناً في الإِحرام ؛ لوقوعه بعد مجاوزة الميقات ، فعلى هذا : الحكمُ كما لو امتثل(٦) .

وفي كون الدم على الأجير أو المستأجر للشافعية وجهان(٧) .

____________________

(١) فتح العزيز ٧ : ٦٠ - ٦١ ، المجموع ٧ : ١٣٢.

(٢ - ٤) فتح العزيز ٧ : ٦١ ، المجموع ٧ : ١٣٢.

(٥) في النسخ الخطية والحجرية : لتفاوت. وما أثبتناه من المصدر.

(٦ - ٧) فتح العزيز ٧ : ٦٢ ، المجموع ٧ : ١٣٢.

١٤٩

وقال بعضهم : يجب على الأجير دم ؛ لتركه الإِحرام من الميقات ، وعلى المستأجر دم آخر ؛ لأنّ القران الذي اُمر به يتضمّنه(١) .

ولو أمره بالتمتّع فأفرد ، فالأقرب أنّه لا يستحقّ أجراً ؛ لأنّه لم يفعل ما استؤجر له.

وقال الشافعي : يُنظر إن قدّم العمرة وعاد للحجّ إلى الميقات ، فقد زاد خيراً ، وإن أخّر العمرة فإن كانت الإِجارةُ إجارةَ عين ، انفسخت فيها ؛ لفوات الوقت المعيّن للعمرة ، فيردّ حصتها من المسمّى ، وإن كانت الإِجارة على الذمّة وعاد للعمرة إلى الميقات ، لم يلزمه شي‌ء ، وإن لم يَعُدْ ، فعليه دم ؛ لترك الإِحرام بالعمرة من الميقات ، وفي حطّ شي‌ء من الاُجرة الخلافُ السابق.

وإن قرن فقد زاد خيراً ؛ لأنّه أحرم بالنسكين من الميقات وكان مأموراً بأن يحرم بالعمرة منه وبالحجّ من مكة.

ثم إن عدّد الأفعال ، فلا شي‌ء عليه ، وإلّا فوجهان في أنّه هل يحطّ شي‌ء من الاُجرة ؛ للاختصار في الأفعال وفي أنّ الدم على المستأجر ؛ لأمره بما يتضمّن الدم ، أو على الأجير ؛ لنقصان الأفعال؟ وكلّ ذلك مخرَّجٌ على الخلاف المقدّم في عكسه ، وهو ما إذا تمتّع المأمور بالقران(٢) .

ولو أمره بالإِفراد فقرن ، فالأقرب : الإِجزاء ، وهدي القران على الأجير ؛ لتبرّعه.

وأمّا الشافعية فقالوا : إن كانت الإِجارة على العين ، فالعمرة واقعة لا في وقتها ، فهو كما لو استأجره للحجّ وحده فقرن ، وإن كانت في الذمّة وقعا عن المستأجر ؛ لأنّ القران كالإِفراد شرعاً في إخراج الذمّة عن العهدة ، وعلى الأجير الدم.

وهل يحطّ شي‌ء من الاُجرة أو ينجبر الخلل بالدم؟ فيه الخلاف‌

____________________

(١) فتح العزيز ٧ : ٦٣ ، المجموع ٧ : ١٣٣.

(٢) فتح العزيز ٧ : ٦٣ - ٦٤ ، المجموع ٧ : ١٣٣.

١٥٠

المتقدّم.

وإن تمتّع ، فإن كانت الإِجارة على العين وقد أمره بتأخير العمرة ، فقد وقعت في غير وقتها ، فيردّ ما يخصّها من الاُجرة.

وإن أمره بتقديمها أو كانت الإِجارة على الذمّة ، وقعا عن المستأجر ، وعلى الأجير دم إن لم يَعُدْ للحجّ إلى الميقات ، وفي حطّ شي‌ء من الاُجرة الخلافُ السابق(١) .

واعلم أنّ بعض الشافعية استشكل هذه المسائل ، فإنّها قد اشتركت في العدول عن الجهة المأمور بها إلى غيرها ، وهو [ غير ](٢) قادح في وقوع النسكين عن المستأجر.

وفيه إشكال ؛ لأنّ ما يراعى الإِذن في أصله يراعى في تفاصيله المقصودة ، فإذا خالف ، كان المأتي به غير المأذون فيه(٣) .

مسألة ١١٠ : إذا جامع الأجير قبل الوقوف بالموقفين ، فسد حجّه ، وانقلبت الحجّة إلى الأجير ، فتلزمه الكفّارة ، والمضيّ في الفاسد ، والقضاء للفاسد عنه ؛ لأنّه استؤجر للحجّ الصحيح ولم يأت به بل بحجّ فاسد ، فليصرف إليه ، كما لو أمره بشراء شي‌ء بصفة فاشترى على غير تلك الصفة ، يقع عن المأمور ، والحجّ قابل للنقل عن الحالة التي انعقد عليها ؛ فإنّ حجّ الصبي ينعقد نفلاً ، فإذا بلغ قبل الوقوف ، انقلب فرضاً ، وهو أحد قولي الشافعي(٤) .

والثاني : أنّه لا ينقلب الحجّ إلى الأجير ولا يجب القضاء ؛ لأنّ الإِحرام قد انعقد عن المستأجر فلا ينقلب إلى غيره ، ولا قضاء ، لأنّ مَنْ له الحجّ لم‌

____________________

(١) فتح العزيز ٧ : ٦٤ ، المجموع ٧ : ١٣٣.

(٢) أضفناها من المصدر.

(٣) فتح العزيز ٧ : ٦٥.

(٤) فتح العزيز ٧ : ٦٦ ، المجموع ٧ : ١٣٤.

١٥١

يفسده ، فلا يؤثّر فعل غيره فيه(١) .

وفي رواية إسحاق بن عمّار عن الصادقعليه‌السلام في رجل حجّ عن رجل فاجترح في حجّه شيئاً يلزمه فيه الحجّ من قابل أو كفّارة ، قال : « هي للأول تامّة ، وعلى هذا ما اجترح »(٢) .

إذا عرفت هذا ، فعلى ما اخترناه إن كانت السنة معيّنةً ، انفسخت الإِجارة ، ولزمالمستأجر أن يستأجر مَنْ ينوب عنه فيها ، وإن لم تكن معيّنةً ، بل كانت في الذمة ، لم تنفسخ ، وعليه أن يأتي بحجّة اُخرى في المستقبل عمّن استأجره بعد أن يقضي الحجّة التي أفسدها عن نفسه ، ولم يكن للمستأجر فسخ هذه الإِجارة عليه ، والحجّة الاُولى فاسدة لا تجزئ عنه ، والثانية قضاء عنها عن نفسه ، ثم يقضي بعد ذلك الحجّ الذي استؤجر له.

وقال الشافعي : إن كانت الإِجارة على العين ، انفسخت ، والقضاء الذي يأتي به الأجير يقع عنه ، وإن كانت في الذمّة ، لم تنفسخ.

وعمّن يقع القضاء قولان :

أحدهما : عن المستأجر ؛ لأنّه قضاء للأول ، ولو لا فساده لوقع عنه.

وأصحهما : عن الأجير ؛ لأنّ القضاء بحكم الأداء ، والأداء وقع عن الأجير ، فعلى هذا يلزمه سوى القضاء حجّة اُخرى للمستأجر ، فيقضي عن نفسه ثم يحجّ عن المستأجر في سنة اُخرى ، أو يستنيب مَنْ يحجّ عنه في تلك السنة. وحيث لا تنفسخ الإِجارة فللمستأجر خيار الفسخ عند الشافعي ؛ لتأخّر المقصود(٣) .

مسألة ١١١ : إذا أحرم الأجير عن المستأجر ثم صرف الإِحرام إلى نفسه ظنّاً منه بأنّه ينصرف ، فأتمّ الحجّ على هذا الظنّ ، فالوجه عندي : فساد‌

____________________

(١) فتح العزيز ٧ : ٦٦ ، المجموع ٧ : ١٣٤.

(٢) الكافي ٤ : ٥٤٤ / ٢٣ ، التهذيب ٥ : ٤٦١ / ١٦٠٦.

(٣) فتح العزيز ٧ : ٦٦ - ٦٧ ، المجموع ٧ : ١٣٤.

١٥٢

الحجّ.

أمّا بالنسبة إليه : فلعدم انصرافه إليه.

وأمّا بالنسبة إلى المستأجر : فلأنّه لم يَنْو بباقي الأفعال النيابة ، بل نوى وقوعها لنفسه ولم يقع؛ لبطلان الإِحرام لنفسه ، ولاستحقاق المستأجر ذلك الزمان ، ولا يستحق الأجير الاُجرة ، لأنّه لم يأت بالمقصود عليه.

وقال الشافعي : يقع الحجّ للمستأجر ، وفي استحقاق الأجير الاُجرة قولان :

أحدهما : لا يستحقّ ؛ لأنّه أعرض عنها حيث قصد بالحجّ نفسه.

وأصحّهما عنده : الاستحقاق ؛ لانعقاد الحجّ للمستأجر ، وحصول غرضه.

وهذا الخلاف جارٍ فيما إذا دفع ثوباً إلى صبّاغ ليصبغه ، فأمسكه لنفسه وجحده وصبغه لنفسه ثمّ ردّه ، هل يستحقّ الاُجرة؟

وعلى القول بالاستحقاق فالمستحقّ المسمّى أو اُجرة المثل؟ وجهان : أصحهما عندهم : الأول(١) .

مسألة ١١٢ : إذا مات الحاجّ عن نفسه فلا يخلو إمّا أن يكون الحجّ قد وجب عليه أوّلاً واستقرّ أولا ، فإن كان الحجّ لم يجب عليه قبل هذه السنة ، سقط الحج عنه مطلقاً.

وإن كان الحجّ قد وجب عليه أوّلاً واستقرّ وفرّط بالتأخير ثم خرج لأدائه فمات قبل فعله ، فالأقرب - على ما يقتضيه مذهبنا - التفصيل ، وهو أنّه إن مات بعد الإِحرام ودخول الحرم ، أجزأه عن الحجّ ، وبرئت ذمّته ؛ لأنّ ذمّة الأجير تبرأ بذلك على ما يأتي ، فكذا الأصل ، وإن مات قبل الإِحرام ودخول الحرم ، وجب أن يقضى عنه ، ولم يعتدّ بما فعله.

____________________

(١) فتح العزيز ٧ : ٦٧ ، المجموع ٧ : ١٣٤ - ١٣٥.

١٥٣

وإن كان الميّت الأجير ، فإن كان بعد الإِحرام ودخول الحرم ، أجزأه ما فعله عن نفسه وعن المنوب عنه ، وسقط الحجّ عن المنوب عند علمائنا ، وقد تقدّم.

وإن كان قبل ذلك ، لم تبرأ ذمّة المنوب ، ويجب على الأجير(١) ردّ باقي مال الإِجارة بعد إسقاط ما قابل فعله إن كان قد استؤجر لقطع المسافة والحجّ ، وإن كان قد استؤجر لفعل الحجّ خاصّة ، لم يستحقّ شيئاً في مقابلة قطع المسافة.

وقال الشافعي : إذا حجّ عن نفسه ثم مات في أثنائه ، هل يجوز البناء على حجّه؟ فيه قولان ، وشبّهوهما بالقولين في جواز البناء على الأذان والخطبة.

فالجديد - وهو الصحيح عندهم - : أنّه لا يجوز البناء على الحجّ ؛ لأنّه عبادة يفسد أوّلها بفساد آخرها ، فأشبهت الصوم والصلاة.

ولأنّه لو اُحصر فتحلّل ثم زال الحصر فأراد البناء عليه ، لا يجوز ، فإذا لم يجز له البناء على فعل نفسه فأولى أن لا يجوز لغيره البناء على فعله.

والقديم : الجواز ؛ لأنّ النيابة جارية في جميع أفعال الحج فتجري في بعضها ، كتفرقة الزكاة.

فعلى القديم لو مات وقد بقي وقت الإِحرام بالحجّ ، أحرم الثاني بالحجّ ، ووقف بعرفة إن لم يقف الأصل ، ولا يقف إن وقف ، ويأتي ببقيّة الأعمال.

ولا بأس بوقوع إحرام النائب وراء الميقات ، فإنّه مبني على إحرام اُنشئ منه.

وإن لم يبق وقت الإِحرام بالحجّ ، فبِمَ يحرم؟ وجهان :

____________________

(١) أي : على ورثة الأجير.

١٥٤

أحدهما : أنّه يُحرم بعمرة ؛ لفوات وقت الإِحرام بالحجّ ، ثم يطوف ويسعى ، فيقعان عن الحجّ ولا يبيت ولا يرمي ؛ فإنّهما ليسا من أعمال العمرة ، لكنهما يجبران بالدم.

والأصح عندهم : أن يُحرم بالحجّ أيضاً ، ويأتي ببقية الأعمال ؛ لأنّه لو أحرم بالعمرة ، للزمه أفعال العمرة ، ولما انصرفت إلى الحجّ ، والإِحرام المبتدأ هو الذي يمنع تأخيره عن أشهر الحجّ ، وهذا ليس إحراماً مبتدأً ، وإنّما هو مبني على إحرام اُنشئ في وقته.

وعلى هذا فلو مات بين التحليلين ، أحرم النائب إحراماً لا يحرّم اللبس والقلم ، وإنّما يحرّم النساء ؛ لأنّ إحرام الأصل لو بقي لكان بهذه الصفة.

هذا كلّه فيما إذا مات قبل حصول التحليلين ، فأمّا إذا مات بعد حصولهما ، فقد قال بعضهم : لا يجوز البناء والحال هذه ؛ إذ لا ضرورة إليه ، لإِمكان جبر ما بقي من الأعمال بالدم(١) .

مسألة ١١٣ : لو مات الأجير ، فعندنا قد تقدّم حكمه.

وأمّا الشافعي فقد قال : إن كان قد مات بعد الشروع في الأركان وقبل الفراغ منها فهل يستحقّ شيئاً من الاُجرة؟ فيه قولان :

أحدهما : لا يستحق ؛ لأنّه لم يسقط الفرض عن المستأجر ، وهو المقصود ، فأشبه ما لو التزم له مالاً ليردّ عبده الآبق فردّه بعض الطريق ثم هرب.

والثاني : نعم ؛ لأنّه عمل بعض ما استؤجر له ، فاستحقّ بقسطه من الاُجرة ، كما لو استؤجر لخياطة ثوب فخاط بعضه.

ثم اختلفوا فبعضهم بنى القولين هنا على القولين في أنّه هل يجوز البناء على الحجّ؟ إن قلنا : لا ، فلا شي‌ء له ؛ لأنّ المستأجر لم ينتفع بعمله ، وإن‌

____________________

(١) فتح العزيز ٧ : ٦٨ - ٦٩ ، المجموع ٧ : ١٣٥.

١٥٥

قلنا : نعم ، فله القسط.

وبعضهم نازع في هذا البناء ، وقالوا : الجديد هنا : أنّه يستحقّ القسط ، والجديد من القولين في أنّه هل يبنى على الحجّ؟ : المنع.

وأيضاً فقد رجّح كثير من الشافعية الاستحقاق هنا ، وفي خلاف البناء الراجح المنع بالاتّفاق(١) .

وتوسّط الجويني فقال : إن جوّزنا البناء ، استحقّ الأجير قسطاً من الْأُجرة ، وإلّا ففيه الخلاف.

ووجه الاستحقاق : أنّه لا تقصير من الأجير ، والمأتي به ينفع المستأجر في الثواب.

ووجه المنع : أنّ ما كان على المستأجر قد بقي بحاله ، فكأنّ الأجير لم يعمل له شيئا(٢) .

وإذا قلنا : يستحقّ قسطاً ، فالْأُجرة تقسّط على الأعمال وحدها أو عليها مع السير؟ فيه قولان.

وجه الأول : أنّ المقصود الأعمال ، والسير وسيلة إليها ، والْأُجرة تقابل المقصود.

والثاني - وهو الأظهر عندهم - : أنّ الوسائل تأخذ حكم المقاصد ، والتعب في السير أكثر منه في الأعمال ، فيبعد أن لا يقابل بشي‌ء(٣) .

ومنهم من قال : لا خلاف في المسألة ، ولكن إن قال : استأجرتك لتحجّ عنّي ، فالتقسيط على الأعمال خاصة ، ولو قال : لتحجّ عنّي من بلد كذا ، فالتقسيط عليهما معاً(٤) .

____________________

(١) فتح العزيز ٧ : ٧٠.

(٢) فتح العزيز ٧ : ٧٠ - ٧١.

(٣) فتح العزيز ٧ : ٧١.

(٤) فتح العزيز ٧ : ٧١ ، المجموع ٧ : ١٣٦.

١٥٦

ثم إن كانت الإِجارة على العين انفسخت ولا بناء لورثة الأجير ، كما لم يكن له أن يبني بنفسه.

وهل للمستأجر أن يستأجر من يتمّه؟ فيه قولان مبنيّان على القولين في جواز البناء ، إن جوّزناه فله ذلك ، وإلّا فلا.

وإن كانت الإِجارة على الذمّة ، فإن لم نجوّز البناء ، فلورثة الأجير أن يستأجروا من يحجّ عمّن استؤجر له مورّثهم ، فإن تمكّنوا منه في تلك السنة لبقاء الوقت فذاك ، وإلّا فللمستأجر الخيار ، وإن جوّزنا البناء ، فلهم أن يتمّوا الحجّ(١) .

وإن مات الأجير بعد ما أخذ في السير وقبل أن يُحرم ، فالمنقول عن نصّ الشافعي في عامّة كتبه أنّه لا يستحقّ شيئاً من الْأُجرة ؛ لأنّه بسبب لم يتّصل بالمقصود ، فأشبه ما لو قرّب الأجير على البناء آلات البناء من موضع الى موضع البناء ولم يبن شيئاً(٢) .

وفيه وجه لأصحابه : أنّه يستحقّ قسطاً من الْأُجرة ؛ لأنّ الْأُجرة في مقابلة السير والعمل جميعاً ، فإنّها تختلف باختلاف المسافة طولاً وقصراً(٣) .

ولو مات بعد إتمام الأركان وقبل الفراغ من سائر الأعمال ، فينظر إن فات وقتها أو لم يفت ولكن لم نجوّز البناء ، فيجبر بالدم من مال الأجير. وفي ردّ شي‌ء من الْأُجرة الخلافُ السابق.

وإن جوّزنا البناء فإن كانت الإِجارة على المعيّن انفسخت ، ووجب ردّ قسطها من الْأُجرة ، ويستأجر المستأجر من يرمي ويبيت ، ولا دم على الأجير ، وإن كانت على الذمّة ، استأجر وارث الأجير من يرمي ويبيت ، ولا حاجة إلى الإِحرام ، لأنّهما عملان يفعلان بعد التحلّلين ولا يلزم الدم ولا ردّ شي‌ء من‌

____________________

(١) فتح العزيز ٧ : ٧١ - ٧٢ ، المجموع ٧ : ١٣٦.

(٢) فتح العزيز ٧ : ٧٢ ، المجموع ٧ : ١٣٦.

(٣) فتح العزيز ٧ : ٧٢ ، المجموع ٧ : ١٣٧.

١٥٧

الْأُجرة(١) .

مسألة ١١٤ : لو صدّ الأجير عن بعض الطريق ، قال الشيخان رحمهما الله : كان عليه ممّا أخذ بقدر نصيب ما بقي من الطريق الذي يؤدّي فيه الحجّ إلّا أن يضمن العود لأداء ما وجب(٢) .

ونحن نقول : إن كانت الإِجارة في الذمّة ، وجب على الأجير الإتيان بها مرّة ثانية ، ولم يكن للمستأجر فسخ الإِجارة ، وكانت الاُجرة بكمالها للأجير ، وإن كانت معيّنةً ، فله أن يرجع عليه بالمتخلّف ، ولا يجب على المستأجر الإِجابة في قضاء الحج ثانياً ، بل له فسخ العقد واستئجار غيره ، وله أن يجيبه إلى ذلك.

مسألة ١١٥ : لو اُحصر الأجير ، جاز له أن يتحلّل بالهدي ؛ لعموم الآية(٣) .

ويقع ما فعله عن المستأجر ؛ لأنّه قصد الفعل له.

وقال بعض الشافعية : يقع عن المحصر(٤) .

إذا عرفت هذا ، فالدم على الأجير.

ولم لم يتحلّل وأقام على إحرامه حتى فات الحج ، تحلّل بعمرة ، ولا يستحقّ الْأُجرة على ما فعله من وقت الوقوف الى التحلّل ؛ لأنّ تلك الأفعال لم يفعلها للمستأجر ، بل ليتحلّل من إحرامه ، وأمّا ما فعله قبل ذلك فإنّه يستحقّ به الْأُجرة عندنا.

وقال الشافعي : لو اُحصر الأجير ، فله التحلّل ، كما لو اُحصر الحاج لنفسه ، فإن تحلّل فعمّن يقع ما أتى به؟ وجهان : أصحّهما : عن المستأجر ،

____________________

(١) فتح العزيز ٧ : ٧٢ - ٧٣ ، المجموع ٧ : ١٣٧.

(٢) المقنعة : ٦٩ ، النهاية : ٢٧٨.

(٣) البقرة : ١٩٦.

(٤) فتح العزيز ٧ : ٧٣ ، المجموع ٧ : ١٣٧.

١٥٨

كما لو مات ؛ إذ لم يوجد من الأجير تقصير. والثاني : عن الأجير ، كما لو أفسده ؛ لأنّه لم يحصّل غرضه ، فعلى هذا دم الإِحصار على الأجير ، وعلى الأول هو على المستأجر ، وفي استحقاقه شيئاً من الْأُجرة الخلاف المذكور في الموت.

وإن لم يتحلّل وأقام على الإِحرام حتى فاته الحج ، انقلب الحجّ إليه ، كما في صورة الإِفساد ، ثم يتحلّل بعمرة ، وعليه دم الفوات.

ولو فرض الفوات بنوم أو تأخّرٍ عن القافلة وغيرهما من غير إحصار ، انقلب المأتي به إلى الأجير أيضاً ، كما في الإِفساد ؛ لاشتراكهما في إيجاب القضاء ، ولا شي‌ء للأجير(١) .

مسألة ١١٦ : يشترط في النيابة نية النائب عن المنوب بالقلب ، ويستحب ضمّ اللسان ، ولا يجزئ لو تجرّد عن القلب ؛ لأنّ الحجّ فعل يحتمل وجوهاً ، وصرفه إلى الفاعل أقرب ، فلا بدّ من تخصيص الفعل بالمنوب ليقع له.

ويستحب له أن يذكره في المواقف كلّها ؛ لما رواه محمد بن مسلم - في الصحيح - عن الباقرعليه‌السلام ، قال : قلت له : ما يجب على الذي يحجّ عن الرجل؟ قال : « يسمّيه في المواطن والمواقف »(٢) .

وأمّا عدم وجوب التلفّظ بذلك : فللأصل.

ولما رواه مثنى بن عبد السلام عن الصادقعليه‌السلام في الرجل يحجّ عن الإِنسان يذكره في جميع المواطن كلّها؟ قال : « إن شاء فعل وإن شاء لم يفعل ، الله يعلم أنّه قد حجّ عنه ، ولكن يذكره عند الْأُضحية إذا ذبحها »(٣) .

ويستحب للنائب عند عقد الإِحرام أن يقول ما رواه الحلبي عن الصادق‌

____________________

(١) فتح العزيز ٧ : ٧٣ - ٧٤ ، المجموع ٧ : ١٣٧.

(٢) الكافي ٤ : ٣١٠ - ٣١١ / ٢ ، التهذيب ٥ : ٤١٨ - ٤١٩ / ١٤٥٣ ، الاستبصار ٢ : ٣٢٤ / ١١٤٨.

(٣) الفقيه ٢ : ٢٧٩ / ١٣٦٨ ، التهذيب ٥ : ٤١٩ / ١٤٥٤ ، الاستبصار ٢ : ٣٢٤ / ١١٤٩.

١٥٩

عليه‌السلام ، قال : قلت : الرجل يحجّ عن أخيه أو عن أبيه أو عن رجل من الناس ، هل ينبغي له أن يتكلّم بشي‌ء؟ قال : « نعم يقول بعد ما يُحرم : اللهم ما أصابني في سفري هذا من تعب أو شدة أو بلاء أو سغب فأجُر فلاناً فيه وأجُرني في قضائي عنه »(١) .

مسألة ١١٧ : إذا فعل الأجير شيئاً تلزمه الكفّارة به من محظورات الإِحرام ، كانت الكفّارة عليه في ماله من الصيد واللباس والطيب وغير ذلك ؛ لأنّها عقوبة على جناية صدرت عنه ، أو ضمان في مقابلة إتلاف وقع منه ، فاختصّت بالجاني ، وجرى مجرى الأجير إذا جنى على إنسان ، فخرق ثوبه أو جرحه ، يجب الأرش عليه لا على المستأجر ، كذلك هاهنا.

مسألة ١١٨ : قال الشيخرحمه‌الله : إذا أخذ الأجير حجّةً من غيره ، لم يكن له أن يأخذ حجّة اُخرى حتى يقضي التي أخذها(٢) .

والتحقيق أن نقول : إن كانت الإِجارة الْأُولى وقعت على تلك السنة ، لم يكن له أن يؤجر نفسه لغيره تلك السنة بعينها ؛ لأنّ فعله صار مستحقاً للأول ، فلا يجوز صرفه إلى غيره.

وإن استأجره الأول مطلقاً ، فإن استأجره الثاني للسنة الْأُولى ، فإن قلنا باقتضاء الإِطلاق التعجيل ، لم يصح العقد الثاني ؛ لأنّ الإِجارة الْأُولى وإن كانت غير معيّنة بزمان لكن يجب إتيانها في السنة الْأُولى ، فلا يجوز حينئذٍ صرف العمل فيها إلى غيره ، وإن استأجر للسنة الثانية ، جاز.

ولو استأجره مطلقاً ، فالأقرب الجواز ؛ للأصل ، واقتضاء التعجيل هنا مندفع بسبب استحقاق الأول.

ولو استأجره الأول للسنة الثانية ، جاز للثاني أن يستأجره مطلقاً وأن‌

____________________

(١) التهذيب ٥ : ٤١٨ / ١٤٥٢ ، الاستبصار ٢ : ٣٢٤ / ١١٤٧ وفيه : « شعث » بدل « سغب ».

(٢) المبسوط - للطوسي - ١ : ٣٢٦.

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

العبادة ، فلا يجب عليه الدم ، كما لو أحرم منه ، أمّا إذا عاد بعد فعل شي‌ء من أفعال الحج فقد عاد في غير وقت إحرامه ؛ لأنّ الإِحرام يتقدّم أفعال الحج.

وقد بيّنّا أنّ فعله لا اعتداد به ، فلا فرق بينهما.

وقال أبو حنيفة : إن رجع إلى الميقات ، سقط عنه الدم ، وإن لم يلبّ لم يسقط(١) .

وقال مالك : يجب الدم مطلقاً - وبه قال أحمد وزفر وابن المبارك - لقول ابن عباس : من ترك نسكاً فعليه دم(٢) .

ونمنع كون قوله حجةً أو العموم.

إذا عرفت هذا ، فلو لم يرجع مع قدرته ، بطل إحرامه وحجّه.

وقال الشافعي : إن لم يتمكّن من الرجوع ، جاز أن يُحْرم من مكانه ، ويجب الدم ، وإن لم يكن له عذر ، وجب الرجوع ، فإن لم يرجع أثم ، ووجب الدم ، وصحّ إحرامه(٣) .

وقد بيّنّا بطلانه.

مسألة ١٥٥ : لو تجاوز الميقات ناسياً أو جاهلاً ، أو لا يريد النسك ثم تجدّد له عزم ، وجب عليه الرجوع إلى الميقات ، وإنشاء الاحرام منه مع القدرة ، ولا يكفيه المرور بالميقات ، فإن لم يتمكن ، أحرم من موضعه ، ولو أحرم من موضعه مع إمكان الرجوع ، لم يجزئه.

____________________

(١) المبسوط - للسرخسي - ٤ : ١٧٠ ، بدائع الصنائع ٢ : ١٦٥ ، المغني والشرح الكبير ٣ : ٢٢٥ ، الحاوي الكبير ٤ : ٧٣ ، حلية العلماء ٣ : ٢٧٢ ، المجموع ٧ : ٢٠٨.

(٢) المغني والشرح الكبير ٣ : ٢٢٥ ، بداية المجتهد ١ : ٣٢٤ ، الكافي في فقه أهل المدينة : ١٤٨ ، بدائع الصنائع ٢ : ١٦٥ ، الحاوي الكبير ٤ : ٧٣ ، حلية العلماء ٣ : ٢٧١ ، المجموع ٧ : ٢٠٨.

(٣) فتح العزيز ٧ : ٨٩ ، المجموع ٧ : ٢٠٦.

٢٠١

وقد وافقنا العامّة على وجوب الرجوع إلى الميقات للناسي والجاهل(١) .

أمّا غير مُريد النسك فقد وافقنا أحمد أيضاً في إحدى الروايتين(٢) على وجوب الرجوع ؛ لأنّه متمكّن من الإِتيان بالنسك على الوجه المأمور به ، فيكون واجباً عليه.

ولما رواه الحلبي - في الحسن - عن الصادقعليه‌السلام ، قال : سألته عن رجل نسي أن يُحْرم حتى دخل الحرم ، قال : « عليه أن يخرج إلى ميقات أهل أرضه ، فإن خشي أن يفوته الحج أحرم من مكانه ، وإن استطاع أن يخرج من الحرم فليخرج ثم ليحرم »(٣) .

وسأل أبو الصباح الكناني الصادقعليه‌السلام عن رجل جهل أن يحرم حتى دخل الحرم كيف يصنع؟ قال : « يخرج من الحرم يهلّ بالحج »(٤) .

وقال مالك والثوري والشافعي وأبو يوسف ومحمد : يحرم من موضعه ، لأنّه حصل دون الميقات على وجه مباح ، فكان له الإِحرام منه كأهل ذلك المكان(٥) .

والفرق ظاهر ؛ لقولهعليه‌السلام : ( ومَنْ كان منزله دون الميقات فمهلّه من أهله )(٦) .

إذا عرفت هذا ، فلو لم يتمكّن من الرجوع إلى الميقات وتمكّن من‌

____________________

(١) المغني ٣ : ٢٢٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٢٤.

(٢) المغني ٣ : ٢٢٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٢٢ ، الحاوي الكبير ٤ : ٧٥ ، حلية العلماء ٣ : ٢٧٢ ، المجموع ٧ : ٢٠٤.

(٣) التهذيب ٥ : ٢٨٣ - ٢٨٤ / ٩٦٥.

(٤) الكافي ٤ : ٣٢٥ / ٧ ، التهذيب ٥ : ٢٨٤ / ٩٦٦.

(٥) الكافي في فقه أهل المدينة : ١٤٨ ، التفريع ١ : ٣١٩ ، المغني ٣ : ٢٢٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٢١ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢١٠ ، المجموع ٧ : ٢٠٣ و ٢٠٤ ، حلية العلماء ٣ : ٢٧٢ ، الحاوي الكبير ٤ : ٧٥.

(٦) أورده ابنا قدامة في المغني ٣ : ٢٢٧ ، والشرح الكبير ٣ : ٢٢٢.

٢٠٢

الخروج إلى خارج الحرم ، وجب عليه ، لما رواه عبد الله بن سنان - في الصحيح - عن الصادقعليه‌السلام ، قال : سألته عن رجل مرّ على الوقت الذي يُحْرم منه الناس ، فنسي أو جهل فلم يُحْرمْ حتى أتى مكة فخاف إن يرجع إلى الوقت فيفوته الحج ، قال : « يخرج من الحرم فيحرم منه ويجزئه ذلك »(١) .

ولأنّه بخروجه إلى خارج الحرم يكون جامعاً بين الحلّ والحرم ، بخلاف ما لو أحرم من موضعه مع المكنة من الخروج.

ولو لم يتمكّن من الخروج ، أحرم من موضعه ، وأجزأه إجماعاً ، ولا يجب عليه دم ، خلافاً للشافعي(٢) .

ولو أسلم بعد مجاوزة الميقات ، وجب عليه الرجوع إلى الميقات والإِحرام منه مع المكنة ، وإن لم يتمكّن ، أحرم من موضعه ، ولا دم عليه - وبه قال عطاء ومالك والثوري والأوزاعي وإسحاق وأصحاب الرأي(٣) - لأنّه أحرم من الموضع الذي وجب عليه الإِحرام منه ، فأشبه المكّي ومَنْ كان منزله دون الميقات.

وقال الشافعي : يجب الدم(٤) .

وعن أحمد روايتان(٥) .

والصبي والعبد إذا تجاوزا الميقات من غير إحرام ثم بلغ أو تحرّر وتمكّنا من الحجّ ، وجب عليهما الرجوع إلى الميقات ، والإِحرام منه ، وإن لم‌

____________________

(١) الكافي ٤ : ٣٢٤ / ٦ ، التهذيب ٥ : ٥٨ / ١٨١.

(٢) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢١٠ ، المجموع ٧ : ٢٠٦.

(٣) المغني ٣ : ٢٢٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٢٣ ، حلية العلماء ٣ : ٢٧٣ ، المجموع ٧ : ٦٢.

(٤ و ٥) حلية العلماء ٣ : ٢٧٣ ، المجموع ٧ : ٦١ - ٦٢ ، المغني ٣ : ٢٢٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٢٣.

٢٠٣

يتمكّنا ، أحرما من موضعهما ، ولا دم عليهما ، خلافاً للشافعي(١) .

ولو منعه مرض من الإِحرام عند الميقات ، قال الشيخرحمه‌الله : جاز له أن يؤخّره عن الميقات ، فإذا زال المنع ، أحرم من الموضع الذي انتهى إليه(٢) .

والظاهر أنّ مقصوده تأخير نزع الثياب وكشف الرأس وشبهه ، فأمّا النية والتلبية مع القدرة عليهما فلا يجوز له ذلك ؛ إذ لا مانع منه.

ولو زال عقله بإغماء وشبهه ، سقط عنه الحج ، فلو أحرم عنه رجل ؛ جاز ، لما رواه بعض أصحابنا عن أحدهماعليهما‌السلام في مريض أُغمي عليه فلم يعقل حتى أتى الموقف ، قال : « يحرم عنه رجل »(٣) .

إذا عرفت هذا ، فإنّ الإِحرام يجزئ عنه بمعنى لو أفاق ، كان مُحْرماً ، ويجب عليه إتمام الحج ، فإن زال قبل الموقفين ، أجزأه عن حجّة الإِسلام ، وإن زال بعده ، لم يجزئه عن حجّة الإِسلام.

مسألة ١٥٦ : المواقيت التي يجب الاحرام منها هي التي وقّتها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فلو كان الميقات قرية فخربت ونقلت عمارتها إلى موضع آخر ، كان الميقات موضع الاُولى وإن انتقل الاسم إلى الثانية ، لأنّ الحكم تعلّق بذلك الموضع ، فلا يزول عنه بخرابه.

وقد روي أنّ سعيد بن جبير رأى رجلاً يريد أن يُحْرم من ذات عِرْقٍ ، فأخذ بيده حتى أخرجه من البيوت وقطع به الوادي وأتى به المقابر ، ثم قال : هذه ذاتُ عِرْق الاُولى(٤) .

مسألة ١٥٧ : لو سلك طريقاً لا يؤدّي إلى شي‌ء من المواقيت ، روى‌

____________________

(١) انظر : المجموع ٧ : ٥٩.

(٢) النهاية : ٢٠٩.

(٣) التهذيب ٥ : ٦٠ / ١٩١.

(٤) الاُم ٢ : ١٣٩ ، الحاوي الكبير ٤ : ٦٩ ، المغني والشرح الكبير ٣ : ٢١٥.

٢٠٤

العامّة عن عمر لمـّا قالوا له : وقِّتْ لأهل المشرق ، قال : ما حيال طريقهم؟ قالوا : قرن المنازل ، قال : قيسوا عليه ، فقال قوم : بطن العقيق ، وقال قوم : ذات عِرْق ، فوقَّت عمر ذات عِرْقٍ(١) .

ومن طريق الخاصة : ما رواه عبد الله بن سنان - في الصحيح - عن الصادقعليه‌السلام ، قال : «مَنْ أقام بالمدينة وهو يريد الحج شهراً أو نحوه ثم بدا له أن يخرج في غير طريق المدينة ، فإذا كان حذاء الشجرة مسيرة ستة أميال فليحرم منها »(٢) .

ولو لم يعرف محاذاة الميقات المقارب لطريقة ، احتاط وأحرم من بُعْدٍ بحيث يتيقّن أنّه لم يجاوز الميقات إلّا مُحْرماً ، ولا يلزمه الإِحرام حتى يعلم أنّه قد حاذاه أو يغلب على ظنّه ذلك ؛ لأنّ الأصل عدم الوجوب ، فلا يجب بالشك.

ولو أحرم بغلبة الظنّ بالمحاذاة ثم علم أنّه قد جاوز ما يحاذيه من الميقات غير مُحْرم ، الأقرب : عدم وجوب الرجوع ؛ لأنّه فعل ما كلّف به من اتّباع الظن ، فكان مجزئاً.

ولو مرّ على طريق لم يحاذ ميقاتاً ولا جاز به ، قال بعض الجمهور : يُحْرم من مرحلتين ، فإنّه أقلّ المواقيت وهو ذات عِرْق(٣) .

ويحتمل أنّه يُحْرم من أدنى الحِلّ.

مسألة ١٥٨ : أهل مكة يُحرمون للحجّ من مكة ، وللعمرة من أدنى الحلّ ، سواء كان مقيماً بمكة أو غير مقيم ؛ لأنّ كلّ مَنْ أتى على ميقات كان ميقاتاً له ، ولا نعلم في ذلك خلافاً ، ولهذا أمر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ،

____________________

(١) راجع : صحيح البخاري ٢ : ١٦٦ ، سنن البيهقي ٥ : ٢٧ ، الحاوي الكبير ٤ : ٦٨ ، المغني ٣ : ٢١٤ ، والمحلّى ٧ : ٧٢.

(٢) الفقيه ٢ : ٢٠٠ / ٩١٣.

(٣) الوجيز ١ : ١١٤ ، فتح العزيز ٧ : ٨٨ ، المجموع ٧ : ١٩٩.

٢٠٥

عبد الرحمن بن أبي بكر أن يعمر عائشة من التنعيم ، وكانت بمكة(١) .

وإنّما لزم الإِحرام من الحِلّ ، ليجمع في النسك بين الحِلّ والحرم ، فإنّه لو أحرم من الحرم ، لما جمع بينهما فيه ؛ لأنّ أفعال العمرة كلّها في الحرم ، بخلاف الحجّ ، فإنّه يفتقر إلى الخروج إلى عرفة فيجتمع له الحِلّ والحرم ، والعمرة بخلاف ذلك.

ومن أيّ الحِلّ أحرم جاز ، كما أنّ المـُحْرم من مكة يُحْرم من أيّ موضع شاء منها ؛ لأنّ المقصود من الإِحرام الجمع في النسك بين الحِلّ والحرم.

وعن أحمد رواية : أنّ من اعتمر في أشهر الحج من أهل مكة أنّه يُهلّ بالحجّ من الميقات ، فإن لم يفعل ، فعليه دم(٢) .

ولو أحرم بالعمرة من الحرم ، لم يُجْزئه ، خلافاً للعامّة ؛ فإنّهم جوّزوه ، وأوجبوا عليه الدم ؛ لتركه الإِحرام من الميقات(٣) .

ثم إن خرج إلى الحِلّ قبل الطواف ثم عاد ، أجزأه ؛ لأنّه قد جمع بين الحِلّ والحرم.

وإن لم يخرج حتى قضى عمرته صحّ أيضاً عندهم ؛ لأنّه قد أتى بأركانها ، وإنّما أخلّ بالإِحرام من ميقاتها وقد جبره ، وهذا قول أبي ثور وابن المنذر وأصحاب الرأي وأحد قولي الشافعي ، والقول الثاني : لا تصح عمرته ؛ لأنّه نسك ، فكان من شرطه الجمع بين الحِلّ والحرم ، كالحجّ ، فعلى هذا وجود هذا الطواف كعدمه ، وهو باقٍ على إحرامه حتى يخرج إلى الحِلّ ، ثم يطوف بعد ذلك ويسعى ، وإن حلق قبل ذلك فعليه دم(٤) .

____________________

(١) كما في المغني ٣ : ٢١٥ ، والشرح الكبير ٣ : ٢١٧ ، وراجع : صحيح البخاري ٣ : ٤ ، وصحيح مسلم ٢ : ٨٧١ / ١١٣ ، وسنن البيهقي ٤ : ٣٥٧ ، ومسند أحمد ٣ : ٣٠٥.

(٢) المغني ٣ : ٢١٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٢١٨.

(٣) المغني ٣ : ٢١٨ ، المجموع ٧ : ٢٠٩ ، فتح العزيز ٧ : ٩٨.

(٤) المغني ٣ : ٢١٨ - ٢١٩ ، فتح العزيز ٧ : ٩٩ ، المجموع ٧ : ٢٠٩.

٢٠٦

مسألة ١٥٩ : مَنْ لا يريد النسك لو تجاوز الميقات ، فإن لم يُرِدْ دخول الحرم ، بل أراد حاجةً في ما سواه ، فهذا لا يلزمه الإِحرام إجماعاً ، ولا شي‌ء عليه في ترك الإِحرام ؛ لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أتى هو وأصحابه بَدْراً مرّتين ، وكانوا يسافرون للجهاد وغيره ، فيمرّون بذي الحليفة فلا يُحْرمون ، ولا يرون بذلك بأساً(١) .

ثم لو تجدّد له عزم الإِحرام ، احتمل الرجوع إلى الميقات والإِحرام منه ، وهو قول إسحاق وإحدى الروايتين عن أحمد(٢) .

وفي الاُخرى : يُحْرم من موضعه ولا شي‌ء عليه ، وبه قال مالك والثوري والشافعي وأبو يوسف ومحمد(٣) .

وأمّا إن أراد دخول الحرم إمّا إلى مكة أو إلى غيرها ، فأقسامه ثلاثة :

الأول : مَنْ يدخلها لقتال مباح ، أو من خوف ، أو لحاجة متكرّرة ، كالحشّاش والحطّاب وناقل المِيرَة(٤) ، ومَنْ كانت له ضيعة يتكرّر دخوله وخروجه إليها ، فهؤلاء لا إحرام عليهم ؛ لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله دخل يوم الفتح مكة حلالاً وعلى رأسه المِغْفَر(٥) ، وكذا أصحابه(٦) .

ولأنّ في إيجاب الإِحرام على مَنْ يتكرّر دخوله مشقّةً عظيمةً ؛ لاستلزامه‌

____________________

(١) انظر : المغني ٣ : ٢٢٦ ، والشرح الكبير ٣ : ٢٢١.

(٢) المغني ٣ : ٢٢٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٢٢ ، الحاوي الكبير ٤ : ٧٥ ، المجموع ٧ : ٢٠٤.

(٣) المغني ٣ : ٢٢٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٢١ - ٢٢٢ ، المدوّنة الكبرى ١ : ٣٧٣ ، الكافي في فقه أهل المدينة : ١٤٨ ، الحاوي الكبير ٤ : ٧٥ ، المجموع ٧ : ٢٠٤.

(٤) المِيرَة : الطعام. المفردات في غريب القرآن : ٤٧٨ « مور ».

(٥) المِغفَر : زرد ينسج من الدروع على قدر الرأس يلبس تحت القلنسوة. والزّرد : حلق المغفر والدرع. لسان العرب ٥ : ٢٦ و ٣ : ١٩٤.

(٦) صحيح مسلم ٢ : ٩٨٩ - ٩٩٠ / ١٣٥٧ ، سنن النسائي ٥ : ٢٠١ ، سنن الدارمي ٢ : ٢٢١ ، المغني ٣ : ٢٢٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٢٢.

٢٠٧

أن يكون مُحْرماً في جميع زمانه. وبهذا قال الشافعي وأحمد(١) .

وقال أبو حنيفة : لا يجوز لأحد دخول الحرم بغير إحرام إلّا مَنْ كان دون الميقات ؛ لأنّه يجاوز الميقات مُريداً للحرم ، فلم يجز بغير إحرام ، كغيره(٢) .

والشافعي استدلّ : بأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله دخل يوم الفتح مكة وعلى رأسه عمامة سوداء(٣) .

إذا عرفت هذا ، فلو أراد هذا النسك بعد مجاوزة الميقات ، رجع وأحرم منه ، فإن لم يتمكّن ، أحرم من موضعه.

وقالت العامّة : يحرم من موضعه مطلقاً(٤) .

الثاني : مَنْ لا يكلّف بالحجّ - كالصبي والعبد والكافر - إذا أسلم بعد مجاوزة الميقات ، أو بلغ الصبي ، أو عُتق العبد ، وأراد الإِحرام ، فإنّهم يخرجون إلى الميقات ، ويُحْرمون منه ، فإن لم يتمكّنوا ، أحرموا من موضعه.

وقالت العامّة : يُحْرمون من موضعهم ثم اختلفوا :

فقال الشافعي : على كلّ واحد منهم دم(٥) .

وقال عطاء ومالك والثوري والأوزاعي وإسحاق وأحمد : لا دم عليهم(٦) .

____________________

(١) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٠٢ ، المغني ٣ : ٢٢٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٢٢.

(٢) المبسوط - للسرخسي - ٤ : ١٦٧ ، المغني ٣ : ٢٢٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٢٢ ، المجموع ٧ : ١٦.

(٣) صحيح مسلم ٢ : ٩٩٠ / ١٣٥٨ ، سنن النسائي ٥ : ٢٠١ ، سنن الترمذي ٤ : ١٩٦ / ١٦٧٩ ، وسنن الدارمي ٢ : ٧٤ ، وانظر : المغني ٣ : ٢٢٧ ، والشرح الكبير ٣ : ٢٢٣ ، والمهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٠٢.

(٤) المغني ٣ : ٢٢٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٢١.

(٥) المغني ٣ : ٢٢٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٢٣.

(٦) المدوّنة الكبرى ١ : ٣٨٠ ، المغني ٣ : ٢٢٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٢٣.

٢٠٨

وقال أصحاب الرأي : لا دم في الكافر يسلم والصبي يبلغ ، وأمّا العبد فعليه دم(١) .

الثالث : المكلّف الداخل لغير قتال ولا حاجة متكررة ، فلا يجوز له تجاوز الميقات غير مُحْرم ، وبه قال أبو حنيفة وبعض أصحاب الشافعي(٢) .

وقال بعضهم : لا يجب الإِحرام عليه - وعن أحمد روايتان(٣) - لأنّ ابن عمر دخلها بغير إحرام ، ولأنّه أحد الحرمين ، فلا يجب الإِحرام لدخوله ، كحرم المدينة(٤) .

والحقّ خلافه ؛ لأنّه لو نذر دخولها ، لزمه الإِحرام ، ولو لم يكن واجباً لم يجب بنذر الدخول، كسائر البلدان.

إذا ثبت هذا ، فمتى أراد هذا الإِحرام بعد تجاوز الميقات رجع فأحرم منه ، فإن أحرم من دونه مع القدرة ، لم يجزئه ، ولو لم يتمكّن ، أحرم من موضعه.

مسألة ١٦٠ : لو دخل الحرم من غير إحرام ممّن يجب عليه الإِحرام ، وجب عليه الخروج والإِحرام من الميقات ، فإن حجّ والحال هذه ، بطل حجّه ، ووجب عليه القضاء - والشافعي [ ما ](٥) أوجب القضاء(٦) - ؛ لأنّه أخلّ بركن من أركان الحجّ ، فوجب عليه الإِعادة.

وقال أبو حنيفة : يجب عليه أن يأتي بحجّة أو عمرة ، فإنّ أتى بحجّة الإِسلام في سنته أو منذورة أو عمرة ، أجزأته عن عمرة الدخول استحساناً ؛ لأنّ مروره على الميقات مريداً للحرم موجب للإِحرام ، فإذا لم يأت به ، وجب قضاؤه ، كالنذر(٧) .

____________________

(١) المبسوط - للسرخسي - ٤ : ١٧٣ ، المغني ٣ : ٢٢٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٢٣.

(٢ - ٤) المغني ٣ : ٢٢٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٢٣.

(٥) زيادة يقتضيها السياق.

(٦ و ٧) المغني ٣ : ٢٢٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٢٤.

٢٠٩

وقال أحمد : لا قضاء عليه ؛ لأنّ الإِحرام شُرّع لتحية البقعة ؛ فإذا لم يأت به ، سقط ، كتحية المسجد(١)

وليس بجيّد ؛ لأنّ تحية المسجد غير واجبة.

ولو تجاوز الميقات ورجع ولم يدخل الحرم ، فلا قضاء عليه بلا خلاف نعلمه ، سواء أراد النسك أو لم يرده.

ومَنْ كان منزله دون الميقات خارجاً من الحرم فحكمه في مجاوزة قريته إلى ما يلي الحرم حكم المجاوز للميقات في الأحوال الثلاث السابقة ؛ لأنّه موضعه ميقاته ، فهو في حقّه كالمواقيت الخمسة في حقّ الآفاقي.

مسألة ١٦١ : إذا ترك الإِحرام من الميقات عامداً ، أثم ، ووجب عليه الرجوع إليه والإِحرام منه ، فإن لم يتمكّن من الرجوع ، بطل حجّه.

ولو تركه ناسياً أو جاهلاً ، وجب عليه الرجوع مع القدرة ، فإن لم يتمكّن ، أحرم من موضعه إن لم يتمكّن من الخروج إلى خارج الحرم ، سواء خشي فوات الحجّ برجوعه إلى الميقات أم لا - وقالت العامّة : يُحْرم من موضعه(٢) . وابن جبير(٣) وافقنا - لأنّه ترك ركنا من أركان الحج.

واحتجاج العامّة على أنّه ليس بركن : بإختلاف الناس والأماكن ، ولو كان ركناً لم يختلف ، كالوقوف والطواف(٤) .

والملازمة ممنوعة.

ويستحب لمن يُحْرم من ميقات أن يُحْرم من أول جزء ينتهي إليه منه ، ويجوز أن يُحْرم من آخره؛ لوقوع الاسم عليه.

ومَنْ سلك طريقاً لا يُفضي إلى هذه المواقيت في برٍّ أو بحرٍ ، فقد قلنا :

____________________

(١) المغني ٣ : ٢٢٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٢٤.

(٢) المغني ٣ : ٢٣٠ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٢٦.

(٣) المغني ٣ : ٢٣٠ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٢٦ ، المجموع ٧ : ٢٠٨ ، حلية العلماء ٣ : ٢٧١.

(٤) المغني ٣ : ٢٣٠ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٢٦.

٢١٠

إنّ ميقاته حيث يُحاذي واحداً منها.

ولو حاذى ميقاتين ، فأظهر وجهي الشافعية : أنّه يُحْرم من الموضع المحاذي لأبعدهما ، والثاني : يتخيّر(١) .

مسألة ١٦٢ : قد بيّنّا في ما تقدّم أنواع الحجّ ، وأنّها ثلاثة : تمتّع وقران وإفراد ، وأنّ الإِفراد أن يأتي بالحجّ وحده من ميقاته وبالعمرة مفردةً من ميقاتها في حقّ الحاضر بمكة ، ولا يلزمه العود إلى ميقات بلده عند الشافعي(٢) .

وعن أبي حنيفة أنّ عليه أن يعود ، وعليه دم الإِساءة لو لم يعُدْ(٣) .

والقران عند الشافعي : أن يُحْرم بالحجّ والعمرة معاً ، ويأتي بأعمال الحجّ ، فتحصل العمرة أيضاً ، ويتّحد الميقات والفعل(٤) .

وعند أبي حنيفة : يأتي بطوافين وسَعْيَيْن(٥) .

ولو أحرم بالعمرة أوّلاً ثم أدخل عليها الحج ، لم يجز عندنا.

وقال الشافعي : إن أدخله في غير أشهر الحج ، فهو لغو و [ إحرام ](٦) العمرة بحاله ، وإن أدخله عليها في أشهر الحجّ ، فإن كان إحرامه بالعمرة قبل أشهر الحج ثم أراد إدخال الحجّ عليها في الأشهر ليكون قارناً ، فوجهان :

أحدهما : يجوز ؛ لأنّه إنّما يدخل في الحجّ من وقت إحرامه به ، ووقت إحرامه به صالح للحج ، فعلى هذا له أن يجعله حجّاً بعد دخول الأشهر ، وان يجعله قراناً.

____________________

(١) فتح العزيز ٧ : ٨٦ ، الحاوي الكبير ٤ : ٧٢ ، المجموع ٧ : ١٩٩.

(٢) فتح العزيز ٧ : ١١٤ - ١١٥.

(٣) فتح العزيز ٧ : ١١٥.

(٤) فتح العزيز ٧ : ١١٨ ، المجموع ٧ : ١٧١ ، الحاوي الكبير ٤ : ١٦٤.

(٥) الهداية - للمرغيناني - ١ : ١٥٤ ، فتح العزيز ٧ : ١١٨.

(٦) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطية والحجرية : إدخال. وما أثبتناه يقتضيه السياق. والمراد : لم يتغيّر إحرامه بالعمرة.

٢١١

والثاني : لا يجوز ؛ لأنّ ابتداء الإِحرام متلبّس بإحرامٍ ، ولذلك لو ارتكب محظوراً ، لم يلزمه إلّا فدية واحدة ، فلو انعقد الحجّ وابتداء الإِحرام سابق على الأشهر ، لانعقد الإِحرام بالحجّ قبل أشهره ، فعلى هذا لا يجوز أن يجعله حجّاً.

وإن كان إحرامه في أشهر الحجّ ، فإن لم يشرع بَعْدُ في الطواف ، جاز ، وصار قارناً ؛ لقضية عائشة لمـّا حاضت وخافت فوت الحجّ ، فأمرها النبيعليه‌السلام بإدخال الحجّ على العمرة لتصير قارنة لتأتي بأعمال الحجّ ، وتؤخّر الطواف إلى أن تطهر.

وإن شرع فيه أو أتمّه ، لم يجز إدخال العمرة عليه ؛ لأنّه أتى بعمل من أعمال العمرة ، فيقع ذلك العمل عن العمرة ، ولا ينصرف بعدها إلى غيرها.

ولأنّه أخذ في التحلّل من العمرة ، ولا ينصرف بعدها إلى غيرها.

ولأنّه أخذ في التحلّل من العمرة ، فلا يليق به إدخال إحرام عليه ، والمتحلّل جارٍ إلى نقصان(١) .

وشبّهوه بما لو ارتدّت الرجعية ، فراجعها الزوج في العدّة ، فإنّه لا يجوز ؛ لأنّ الرجعة استباحة ، فلا يليق بحال التي تجري إلى تحريم.

ولو أحرم بالحجّ ثم أدخل عليه العمرة ، فقولان :

القديم - وبه قال أبو حنيفة - إنّه يجوز كإدخال الحجّ على العمرة.

والجديد - وبه قال أحمد - المنع ؛ لأنّ الحجّ أقوى من العمرة ؛ لاختصاصه بالوقوف والرمي والمبيت ، والضعيف لا يدخل على القويّ وإن كان القويّ قد يدخل على الضعيف ، كما أنّ فراش النكاح يدخل على فراش ملك اليمين حتى لو نكح اُخت أمةٍ(٢) حلّ له وطؤها ، وفراش ملك اليمين لا يدخل على فراش النكاح حتى لو اشترى اُخت منكوحةٍ(٣) لم يجز له وطؤها.

____________________

(١) أي : نقصان الإِحرام.

(٢) أي : أمته.

(٣) أي : منكوحته.

٢١٢

فإن جوّزنا إدخال العمرة على الحجّ فإلى متى يجوز؟ فيه لهم وجوه :

أحدها : يجوز ما لم يطف للقدوم ، ولا يجوز بعده ؛ لأنّه أتى بعمل من أعمال الحجّ.

والثاني : يجوز وإن طاف للقدوم ما لم يأت بالسعي ولا غيره من فروض الحجّ.

والثالث : يجوز ما لم يقف بعرفة ، فإنّ الوقوف أعظم أعمال الحجّ.

والرابع : يجوز وإن وقف ما لم يشتغل بشي‌ء من أسباب التحلّل من الرمي وغيره.

قالوا : ويجب على القارن دم ؛ لأنّ النبيعليه‌السلام أهدى عن أزواجه بقرةً وكنّ قارنات ، ودم القارن كدم المتمتّع ؛ لأنّه أكثر ترفّهاً ؛ لاستمتاعه بمحظورات الإِحرام بين النسكين ، فما يكفي المتمتّع أولى أن يكفي القارن.

وقال مالك : على القارن بدنة. وهو القول القديم للشافعي(١) .

وأمّا التمتّع : فأن يُحْرم بالعمرة من ميقات بلده ، ويأتي بأعمالها ، ثم ينشئ الحج من مكة ، سُمّي متمتّعاً ؛ لتمكّنه من الاستمتاع بمحظورات الإِحرام بينهما ، لحصول التحلّل(٢) . وهذا كمذهبنا.

وعند أبي حنيفة إن كان قد ساق الهدي لم يتحلّل بفراغه من العمرة ، بل يُحْرم بالحجّ ، فإذا فرغ منه ، حلّ منهما(٣) .

وإنّما يجب دم التمتّع عند الشافعي بشروط :

الأول : أن لا يكون من حاضري المسجد الحرام ؛ لقوله تعالى :

____________________

(١) فتح العزيز ٧ : ١٢٠ - ١٢٧ و ٢٠٤ - ٢٠٥ ، وراجع : المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٠٨ - ٢٠٩ ، والمجموع ٧ : ١٧١ - ١٧٣ ، و ١٩٠ - ١٩١ ، والحاوي الكبير ٤ : ٣٨ و ٣٩ ، والشرح الكبير ٣ : ٢٤٥.

(٢) فتح العزيز ٧ : ١٢٧.

(٣) بدائع الصنائع ٢ : ١٤٩ ، فتح العزيز ٧ : ١٢٧.

٢١٣

( ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ ) (١) والمعنى فيه أنّ الحاضر بمكة ميقاته للحج مكة ، فلا يكون بالتمتّع رابحاً ميقاتاً.

الثاني : أن يُحْرم بالعمرة في أشهر الحج ، فلو أحرم وفرغ من أعمالها قبل أشهر الحج ثم حجّ ، لم يلزمه الدم ؛ لأنّه لم يجمع بين الحجّ والعمرة في وقت الحجّ ، فأشبه المفرد لمـّا لم يجمع بينهما لم يلزمه دم ؛ لأنّ دم التمتّع منوط من جهة المعنى بأمرين :

أحدهما : ربح ميقات ، كما سبق.

والثاني : وقوع العمرة في أشهر الحجّ ، وكانوا لا يزحمون الحجّ بالعمرة في وقت إمكانه ، ويستنكرون ذلك ، فورد التمتّع رخصةً وتخفيفاً ؛ إذ الغريب قد يرد قبل عرفة بأيّام ، ويشقّ عليه استدامة الإِحرام لو أحرم من الميقات ، ولا سبيل إلى مجاوزته ، فجُوّز أن يعتمر ويتحلّل.

ولو أحرم بها قبل أشهر الحج وأتى بجميع أفعالها في أشهر الحجّ ، فللشافعي قولان :

أحدهما : يلزمه الدم - قاله في القديم - لأنّه حصل له المزاحمة في الأفعال وهي المقصودة ، والإِحرام كالتمهيد لها.

وأصحّهما : لا يلزم - وبه قال أحمد(٢) - لأنّه لم يجمع بين النسكين في أشهر الحجّ ؛ لتقدّم أحد أركان العمرة عليها.

وقال مالك : مهما حصل التحلّل في أشهر الحجّ وجب الدم(٣) .

وقال أبو حنيفة : إذا أتى بأكثر أفعال العمرة في الأشهر ، كان متمتّعاً(٤) .

وإذا لم نوجب دم التمتّع في هذه الصورة ، ففي وجوب دم الإِساءة‌

____________________

(١) البقرة : ١٩٦.

(٢) الشرح الكبير ٣ : ٢٤٦ ، فتح العزيز ٧ : ١٣٩ - ١٤٠ ، حلية العلماء ٣ : ٢٦١.

(٣) فتح العزيز ٧ : ١٤١ - ١٤٢ ، حلية العلماء ٣ : ٢٦١.

(٤) فتح العزيز ٧ : ١٤٢ ، حلية العلماء ٣ : ٢٦١.

٢١٤

للشافعية وجهان :

أحدهما : يجب ؛ لأنّه أحرم بالحج من مكة دون الميقات.

وأصحّهما : لا يجب ؛ لأنّ المسي‌ء مَنْ ينتهي إلى الميقات على قصد النسك ويتجاوزه غير مُحْرم ، وهنا قد أحرم بنسك ، وحافَظَ على حرمة البقعة.

الثالث : أن يقع الحجّ والعمرة في سنة واحدة ، فلو اعتمر ثم حجّ في السنة القابلة ، فلا دم عليه سواء أقام بمكة إلى أن حجّ ، أو رجع وعاد ؛ لأنّ الدم إنّما يجب إذا زاحم بالعمرة حجّةً في وقتها ، وترك الإِحرام بحجّة من الميقات مع حصوله بها في وقت الإِمكان ولم يوجد.

وهذه الشرائط الثلاثة عندنا شرائط في التمتّع.

الرابع : أن لا يعود إلى الميقات ، كما إذا أحرم بالحج من جوف مكة واستمرّ عليه ، فإن عاد إلى ميقاته الذي أنشأ العمرة منه وأحرم بالحجّ ، فلا دم عليه ؛ لأنّه لم يربح ميقاتاً.

ولو رجع إلى مثل مسافة ذلك الميقات وأحرم منه ، فكذلك لا دم عليه ؛ لأنّ المقصود قطع تلك المسافة مُحْرماً.

ولو أحرم من جوف مكة ثم عاد إلى الميقات مُحْرماً ، ففي سقوط الدم مثل الخلاف المذكور فيما إذا جاوز غير مُحْرم وعاد إليه مُحْرماً.

ولو عاد إلى ميقات أقرب إلى مكة من ذلك الميقات وأحرم منه كما إذا كان ميقاته الجحفة فعاد إلى ذات عرق ، فهو كالعود إلى ذلك الميقات للشافعية فيه وجهان :

أحدهما : لا ، وعليه الدم إذا لم يَعُدْ إلى ميقاته ولا إلى مثل مسافته.

والثاني : نعم ؛ لأنّه أحرم من موضع ليس ساكنوه من حاضري المسجد الحرام.

الخامس : اختلفت الشافعيّة في أنّه هل يشترط وقوع النسكين عن شخص واحد أم لا؟

٢١٥

فقال بعضهم : يشترط كما يشترط وقوعهما في سنة واحدة.

وقال الأكثر : لا يشترط ؛ لأنّ زحمة الحجّ وترك الميقات لا يختلف.

وهذا يفرض في ثلاث صُور :

إحداها : أن يكون أجيراً من شخصين استأجره أحدهما للحج والآخر للعمرة.

والثانية : أن يكون أجيراً للعمرة للمستأجر ثم يحجّ عن نفسه.

والثالثة : أن يكون أجيرا للحجّ ، فيعتمر لنفسه ثم يحجّ عن المستأجر.

فعلى قول الأكثر يكون نصف دم التمتّع على مَنْ يقع له الحجّ ونصفه على مَنْ تقع له العمرة.

وفصّل بعضهم ، فقال في الصورة الاُولى : إن أذنا في التمتّع ، فالدم عليهما نصفان ، وإن لم يأذنا ، فهو على الأجير ، وإن أذن أحدهما دون الآخر ، فالنصف على الآذن ، والنصف الآخر على الأجير.

وأمّا في الصورتين الأخيرتين : فإن أذن له المستأجر في التمتّع ، فالدم عليهما نصفان ، وإلاّ فالكلّ على الأجير.

السادس : في اشتراط نيّة التمتّع للشافعي وجهان :

أصحّهما عنده : أنّه لا يُشترط ، كما لا تُشترط نيّة القران ، وهذا لأنّ الدم منوط بزحمة الحجّ وربح أحد الميقاتين ، وذلك لا يختلف بالنيّة وعدمها.

والثاني : يشترط ؛ لأنّه جمع بين عبادتين في وقت إحداهما ، فأشبه الجمع بين الصلاتين.

وهذه الشروط الستّة معتبرة عنده في لزوم الدم ، وهل تعتبر في نفس التمتّع؟

قال بعض الشافعية : نعم ، فإذا تخلّف شرط ، كانت الصورة من صور الإِفراد.

وقال بعضهم : لا. وهو الأشهر عندهم ، ولهذا اختلفوا في أنّه يصحّ‌

٢١٦

التمتّع والقران من المكّي.

فقال بعضهم : نعم. وبه قال مالك.

وقال بعضهم : لا يصح. وبه قال أبو حنيفة(١) .

وعندنا يصحّ القران من المكّي دون التمتّع.

مسألة ١٦٣ : دم التمتّع نسك‌ - وبه قال أبو حنيفة وأصحابه(٢) - لقوله تعالى( وَالْبُدْنَ جَعَلْناها لَكُمْ مِنْ شَعائِرِ اللهِ لَكُمْ فِيها خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْها صَوافَّ فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْقانِعَ وَالْمُعْتَرَّ ) (٣) .

فأخبر أنّها من الشعائر ، فأمر بالأكل ، فلو كان جبراناً لما أمر بالأكل منها.

وقال الشافعي : إنّه دم جبران(٤) . وقد ظهر بطلانه.

إذا عرفت هذا ، فالمتمتّع إذا أحرم بالحجّ من مكة ، لزمه الدم إجماعاً ، فإن أتى الميقات وأحرم منه ، لم يسقط عنه فرض الدم عند علمائنا ؛ لأنّه متمتّع.

وقال جميع العامّة : يسقط عنه الدم(٥) .

مسألة ١٦٤ : من حضر الميقات ولم يتمكّن من الإِحرام لمرض أو غيره ، أحرم عنه وليّه‌ وجنّبه ما يجتنبه المحرم ، وقد تمّ إحرامه.

والحائض والنفساء إذا جاءتا إلى الميقات اغتسلتا وأحرمتا منه وتركتا صلاة الإِحرام.

____________________

(١) فتح العزيز ٧ : ١٢٨ و ١٣٦ - ١٤٩ و ١٥٢ - ١٥٥ و ١٦١ و ١٦٣ - ١٦٤ ، الحاوي الكبير ٤ : ٤٩ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٠٨ ، المجموع ٧ : ١٧٥ - ١٧٩ ، حلية العلماء ٣ : ٢٦٠ - ٢٦١.

(٢) الهداية - للمرغيناني - ١ : ١٨٦ ، المجموع ٧ : ١٧٦ و ٨ : ٤١٩ ، التفسير الكبير ٥ : ١٦٨.

(٣) الحج : ٣٦.

(٤) فتح العزيز ٧ : ١٣٥ ، المجموع ٧ : ١٧٦ ، التفسير الكبير ٥ : ١٦٨.

(٥) انظر : فتح العزيز ٧ : ١٤٧ ، والمجموع ٧ : ١٧٧.

٢١٧

ويجرّد الصبيان من فخّ إذا أُريد الحجّ بهم ، ويجنّبون ما يجتنبه المحرم ، ويفعل بهم جميع ما يفعل به ، وإذا فعلوا ما تجب فيه الكفّارة ، كان على أوليائهم أن يكفّروا عنهم.

ولو كان الصبي لا يحسن التلبية أو لا يتأتّى له ، لبّى عنه وليّه ، وكذا يطوف به ، ويصلّي عنه إذا لم يحسن ذلك.

وإن حجّ بهم متمتّعين ، وجب أن يذبح عنهم إذا كانوا صغاراً ، وإن كانوا كباراً ، جاز أن يؤمروا بالصيام.

وينبغي أن يوقفوا الموقفين معاً ويحضروا المشاهد كلّها ويرمي عنهم ، ويناب عنهم في جميع ما يتولّاه البالغ بنفسه.

وإذا لم يوجد لهم هدي ولا يقدرون على الصوم ، كان على وليّهم أن يصوم عنهم.

٢١٨

٢١٩

المقصد الثاني

في أعمال العمرة المتمتّع بها إلى الحجّ‌

وفيه فصول‌

٢٢٠

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481