تذكرة الفقهاء الجزء ٧

تذكرة الفقهاء12%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-319-007-2
الصفحات: 481

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧
  • البداية
  • السابق
  • 481 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 169781 / تحميل: 5807
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء ٧

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٣١٩-٠٠٧-٢
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

يستأجره للسنة الْأُولى.

مسألة ١١٩ : لا يجوز لحاضر مكة المتمكّن من الطواف الاستنابة فيه ؛ لأنّه عبادة بدنية يمكن الإِتيان بها مباشرة ، فلا تجوز الاستنابة فيها كالحجّ.

ولو كان غائباً ، جاز له أن يستنيب فيه مع وجوبه عليه وعدم تمكّنه منه ، أو مع ندبيته ؛ لأنّه بغيبته عاجز عن المباشرة ، فجاز له الاستنابة.

ولما رواه عبد الرحمن بن أبي نجران عمّن حدّثه عن الصادقعليه‌السلام ، قال : قلت : الرجل يطوف عن الرجل وهما مقيمان بمكّة ، قال : « لا ولكن يطوف عن الرجل وهو غائب » قلت : وكم قدر الغيبة؟ قال : « عشرة أميال »(١) .

إذا عرفت هذا ، فإنّه يجوز للحاضر غير المتمكّن من الطواف ؛ لعدم تمكّنه من الطهارة ، بأن يكون مريضاً لا يستمسك الطهارة ، فإنّه يُطاف عنه ، ولو استمسك ، طيف به.

والمغمى عليه والكسير يُطاف به ويُرمى عنه ؛ لما رواه حريز عن الصادقعليه‌السلام ، قال : « المريض والمغمى عليه يرمى عنه ويطاف عنه »(٢) .

وفي رواية معاوية بن عمار عن الصادقعليه‌السلام قال : « الكسير يُحمل ويُطاف به ، والمبطون يُرمى عنه ويطاف عنه »(٣) .

مسألة ١٢٠ : الأجير يملك الاُجرة بالعقد ، فإذا حجّ فإن فضل له شي‌ء من الاُجرة عن نفقة الحج ، استحبّ له ردّه إلى المستأجر ليكون قصده بالحج القربة لا العوض ، وليس ذلك بلازم ؛ لما رواه مسمع عن الصادقعليه‌السلام ، قال : قلت : أعطيت الرجل دراهم ليحجّ بها عنّي ، ففضل‌

____________________

(١) التهذيب ٥ : ٤١٩ / ١٤٥٥.

(٢) التهذيب ٥ : ١٢٣ / ٤٠٣ ، الاستبصار ٢ : ٢٢٦ / ٧٧٩.

(٣) التهذيب ٥ : ١٢٥ / ٤٠٩.

١٦١

منها شي‌ء فلم يردّه عليّ ، قال : « هو له ، ولعلّه ضيّق على نفسه »(١) .

ولأنّ عقد الإِجارة سبب لتملّك الاُجرة مع الإِتيان بما وقع عليه الإِجارة وقد وجد السبب فيوجد المسبّب.

ولو قصرت الاُجرة عن النفقة ، لم يجب على المستأجر الإِتمام ، بل يستحب ؛ لاشتماله على المساعدة للمؤمن وإعانته على طاعته والإِنفاق على أفضل العبادات ، وليس واجباً ؛ عملاً بالأصل.

وأبو حنيفة منع من الإِجارة ، فيكون الأجير نائباً محضاً ، وما يدفع إليه من المال يكون رزقاً لطريقة(٢) .

فلو مات أو اُحصر أو ضلّ الطريق أو صُدّ ، لم يلزمه الضمان لما أنفق عليه ؛ لأنّه إنفاق بإذن صاحب المال.

فإذا ناب عنه آخر ، فإنّه يحج من حين بلغ النائب الأول ؛ لأنّه حصل قطع هذه المسافة بمال المنوب عنه ، فلم يكن عليه الإِنفاق دفعة اُخرى ، ويردّ النائب ما فضل معه من المال ، ولا يُسرف ولا يقتر على نفسه ولا يمشي ولا يدعو إلى طعامه ولا يتفضّل ، أمّا لو أعطاه ألفاً وقال : حجّ بهذه ، كان له أن يتوسّع فيها ، وإن فضل شي‌ء فهو له.

ولو سلك النائب طريقاً يمكنه سلوك أقرب منه ، كان الفاضل من النفقة في ماله. وإن تعجّل عجلة يمكنه تركها فكذلك.

وإن أقام بمكة أكثر من مدّة القصر بعد إمكان السفر للرجوع ، أنفق من ماله ؛ لأنّه غير مأذون فيه ، فأمّا من لا يمكنه الخروج قبل ذلك فله النفقة ؛ لأنّه مأذون فيه ، وله نفقة الرجوع.

وإن مرض في الطريق فعاد ، فله نفقة رجوعه ؛ لأنّه لا بدّ له منه حصل‌

____________________

(١) التهذيب ٥ : ٤١٤ - ٤١٥ / ١٤٤٢.

(٢) المبسوط - للسرخسي - ٤ : ١٥٩ ، المغني ٣ : ١٨٦ ، الشرح الكبير ٣ : ١٨٥ ، المجموع ٧ : ١٣٩.

١٦٢

بغير تفريطه ، فأشبه ما لو قطع عليه الطريق أو صدّ.

وإن قال : خفت أن أمرض فرجعتُ ، فعليه الضمان ؛ لأنّه مجرّدوهم.

مسألة ١٢١ : يشترط في الاستئجار على الحج : العلم بالعوض كغيره ، فلو قال : استأجرتك للحج بنفقتك لم يصح - وبه قال الشافعي(١) - لفوات شرط صحة العقد ، وهو العلم بمال الإِجارة.

وقال أبو حنيفة : يصح(٢) . وليس بمعتمد.

وكذا البحث لو قال : حجّ عنّي بما شئت.

وإذا فسدت الإِجارة فإن حجّ عنه ، وجب له اُجرة المثل ، وصحّت الحجّة عن المستأجر.

ولو قال : أول من يحجّ عنّي فله مائة ، صحّ جعالة.

وقال المزني : الإِجارة فاسدة ، وله اُجرة المثل(٣) .

واحتجّ الشيخ -رحمه‌الله - بقوله : [صلى‌الله‌عليه‌وآله ] : ( المؤمنون عند شروطهم )(٤) (٥) .

ولو قال : حجّ عنّي أو اعتمر بمائة ، قال الشيخ : يكون صحيحاً ، فمتى حجّ أو اعتمر ، استحقّ المائة ، لأنّه خيّره بين الحجّ والعمرة باُجرة معيّنة ، وليس بمجهول ، ولا مانع يمنع منه.

وقال الشافعي : تبطل الإِجارة ؛ لجهالة العمل ، فإن حجّ أو اعتمر ،

____________________

(١) حكاه عنه الشيخ الطوسي في الخلاف ٢ : ٣٩٣ ، المسألة ٢٥٠ ، وراجع : الاُم ٢ : ١٢٩ - ١٣٠ ، والحاوي الكبير ٤ : ٢٧٦.

(٢) حكاه عنه الشيخ الطوسي في الخلاف ٢ : ٣٩٣ ، المسألة ٢٥٠.

(٣) حكاه عنه الشيخ الطوسي في الخلاف ٢ : ٣٨٧ ، المسألة ٢٣٨ ، وراجع : الحاوي الكبير ٤ : ٢٧٥ - ٢٧٦ ، وفتح العزيز ٧ : ٥١ - ٥٢ ، والمجموع ٧ : ١٢٢.

(٤) التهذيب ٧ : ٣٧١ / ١٥٠٣ ، الاستبصار ٣ : ٢٣٢ / ٨٣٥ ، تفسير القرطبي ٦ : ٣٣.

(٥) الخلاف ٢ : ٣٨٧ - ٣٨٨ ، المسألة ٢٣٨.

١٦٣

استحقّ اُجرة المثل(١) .

والتحقيق : أنّه إن كان إجارةً ، فالوجه ما قاله الشافعي ، وإن كان جعالةً ، فالوجه ما قاله الشيخ.

وكذا لو قال : مَنْ حجّ عنّي فله عبد أو دينار أو عشرة دراهم إن كان عقد إجارة ، بطل ؛ لجهالة العوض ، وإن كان جعالةً ، صحّ ، ويتخيّر المستأجر في دفع أيّها شاء.

وقال الشافعي : يبطل العقد ، فإن حجّ ، استحقّ اُجرة المثل(٢) .

مسألة ١٢٢ : لو استأجره اثنان ليحجّ عنهما حجّة واحدة ، فأحرم عنهما ، قال الشيخرحمه‌الله : لا يصح إحرامه عنهما ولا عن واحد منهما ؛ لأنّ الحجّة الواحدة لا تقع عن شخصين ، وليس أحدهما أولى بها من صاحبه ، ولا ينعقد عن نفسه ؛ لأنّه لم يَنْوها عنه بل عنهما ، فانقلابها اليه يحتاج الى دليل ، وعدم صحتها عنهما وعن واحد منهما بلا خلاف ، ولا يصح عندنا إحرامه عن نفسه ولا ينقلب اليه(٣) .

وقال الشافعي : ينقلب الإِحرام اليه(٤) .

وليس بجيّد ؛ لأنّه لم يقصد الإِيقاع لنفسه ، فلا يقع عنها ؛ لقولهعليه‌السلام : ( لا عمل إلّا بنيّة )(٥) ( وإنّما لكلّ امرئ ما نوى )(٦) .

والوجه أن يقال : إن كانت الحجّة مندوبةً ، صحّ أن تقع عن واحد وأكثر ؛ لأنّها طاعة تصح النيابة فيها عن واحد ، فتصح عن أكثر.

____________________

(١) الخلاف ٢ : ٣٩٣ - ٣٩٤ ، المسألة ٢٥٢.

(٢) حكاه عنه الشيخ الطوسي في الخلاف ٢ : ٣٩٤ ، المسألة ٢٥٣.

(٣) المبسوط - للطوسي - ١ : ٣٢٣ ، الخلاف ٢ : ٣٨٨ - ٣٨٩ ، المسألة ٢٤٠.

(٤) حكاه عنه الشيخ الطوسي في الخلاف ٢ : ٣٨٩ ، المسألة ٢٤٠ ، وانظر : المجموع ٧ : ١٣٨ ، والحاوي الكبير ٤ : ٢٧١.

(٥) أمالي الطوسي ٢ : ٢٠٣.

(٦) صحيح البخاري ١ : ٢.

١٦٤

ولما رواه علي بن أبي حمزة عن الكاظمعليه‌السلام ، قال : سألته عن الرجل يُشرك في حجّةٍ الأربعة والخمسة من مواليه ، فقال : « إن كانوا صرورةً جميعاً فلهم أجر ، ولا تجزئ عنهم من حجّة الإِسلام ، والحجّة للذي حجّ »(١) .

مسألة ١٢٣ : إذا أحرم الأجير عن نفسه وعمّن استأجره ، قال الشيخرحمه‌الله : لا ينعقد الإِحرام عنهما ولا عن واحد منهما ؛ لأنّ شرط الإِحرام النيّة ، فإذا لم يَنْو عن نفسه بالاستقلال ، لم يصح عنه ، كما لا يصح عن المستأجر(٢) .

وقال الشافعي : ينعقد عن نفسه ولا يصح عن غيره ؛ لأنّ الإِحرام قد انعقد ولا يصح عن غيره ، فيقع عن نفسه ، كالصرورة(٣) .

وليس بجيّد ؛ لأنّ مجامعة غيره في النية إن كان مبطلاً ، لم يتخصّص الوقوع بالأجير ، ونمنع من انعقاد الإِحرام.

ولو أحرم عن المستأجر ثم نقل الحجّ إلى نفسه ، لم يصح ، فإذا أتمّ الحجّ ، استحقّ الاُجرة ؛ لامتثال الشرط على إشكال.

وللشافعي قولان : هذا أحدهما ، والثاني : صحة النقل ، لقولهعليه‌السلام لمـّا سمع مُلبّياً عن شبرمة ، قال : ( حجّ عن نفسك ثم عن شبرمة )(٤) (٥) .

ولو استأجره ليحجّ عنه فاعتمر ، أو ليعتمر عنه فحجّ ، قال الشيخرحمه‌الله : لا يقع عن المستأجر سواء كان حيّاً أو ميّتاً ، ولا يستحقّ شيئاً من الاُجرة ؛

____________________

(١) التهذيب ٥ : ٤١٣ / ١٤٣٥ ، الاستبصار ٢ : ٣٢٢ / ١١٣٩ بتفاوت يسير.

(٢) المبسوط - للطوسي - ١ : ٣٢٣ ، الخلاف ٢ : ٣٨٩ ، المسألة ٢٤١.

(٣) الاُم ٢ : ١٢٥ ، الحاوي الكبير ٤ : ٢٧١ ، المجموع ٧ : ١٣٨.

(٤) المعجم الكبير - للطبراني - ١٢ : ٤٢ - ٤٣ / ١٢٤٩.

(٥) راجع : فتح العزيز ٧ : ٦٧ ، المجموع ٧ : ١٣٤.

١٦٥

لأنّه لم يفعل ما استؤجر له(١) .

وقال الشافعي : إن كان المنوب حيّاً ، وقعت عن الأجير ، وإن كان ميّتاً ، وقعت عن المنوب ، ولا يستحق شيئاً من الاُجرة على كلّ حال(٢) .

والوجه : أنّه يقع عن المستأجر ؛ لأنّه نسك نوى به صرفه الى غيره فيصرف اليه.

نعم لا يستحقّ شيئاً من الاُجرة ؛ لتبرّعه بفعله ، والاُجرة وقعت في مقابلة ما لم يفعله فيرجع الى المستأجر.

مسألة ١٢٤ : لو اُحصر الأجير ، تحلّل بالهدي على ما تقدّم ، ولا قضاء عليه ، إذ ليس في ذمّته حجّ يأتي به ، ويبقى المستأجر على ما كان عليه ؛ فإن كان الحجّ واجباً عليه ، وجب عليه أن يستأجر مَنْ يأتي به ، وإلّا كان مستحبّاً.

ولو فاته الموقفان بتفريط منه ، لزمه التحلّل بعمرة لنفسه ، ويعيد الاُجرة إن كان الزمان معيّناً.

وإن لم يكن بتفريط ، قال الشيخ : يستحق اُجرة المثل الى حين الفوات(٣) .

ولو قيل : له من الاُجرة بنسبة ما فعله من أفعال الحج ويستعاد الباقي ، كان وجهاً.

ولو أفسد الحج ، وجب عليه القضاء على ما تقدّم ، ولو أفسد القضاء ، وجب عليه أن يأتي بقضاء آخر ، كما يجب على المنوب لو فعل ذلك.

____________________

(١) الخلاف ٢ : ٣٩٥ ، المسألة ٢٥٥ ، المبسوط - للطوسي - ١ : ٣٢٥.

(٢) المجموع ٧ : ١٣٤ ، الحاوي الكبير ٤ : ٢٦٦ ، وحكاه عنه الشيخ الطوسي في الخلاف ٢ : ٣٩٥ ، المسألة ٢٥٥.

(٣) المبسوط - للطوسي - ١ : ٣٢٥ - ٣٢٦.

١٦٦

١٦٧

الفصل الثالث

في أنواع الحج وما يتبعها‌

الأول : في الأنواع‌

مسألة ١٢٥ : أنواع الحجّ ثلاثة : تمتّع وقران وإفراد ، بلا خلاف بين العلماء وإن اختلفوا في تفسير بعضها.

ونحن نقول : العمرة إن تقدّمت على الحجّ ، كان تمتّعاً ، وإن تأخّرت فإن انضمّ اليه سياق هدي ، فهو قران ، وإلّا فإفراد ؛ لما رواه معاوية بن عمّار - في الحسن - عن الصادقعليه‌السلام ، قال : سمعته يقول : « الحجّ ثلاثة أصناف : حجّ مفرد وقران وتمتّع بالعمرة إلى الحج ، وبها أمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والفضل فيها ، ولا نأمر الناس إلّا بها »(١) .

وفي الصحيح عن منصور الصيقل عن الصادقعليه‌السلام ، قال : « الحج عندنا على ثلاثة أوجه : حاج متمتّع وحاج مفرد ساق الهدي وحاج مفرد للحج »(٢) .

مسألة ١٢٦ : صورة التمتّع : أن يحرم من الميقات بالعمرة المتمتّع بها‌

____________________

(١) الكافي ٤ : ٢٩١ / ١ ، التهذيب ٥ : ٢٤ / ٧٢ ، الاستبصار ٢ : ١٥٣ / ٥٠٤.

(٢) الكافي ٤ : ٢٩١ / ٢ ، التهذيب ٥ : ٢٤ / ٧٣ ، الاستبصار ٢ : ١٥٣ - ١٥٤ / ٥٠٥.

١٦٨

الى الحج ثم يدخل مكة فيطوف سبعة أشواط بالبيت ويصلّي ركعتيه بالمقام ثم يسعى بين الصفا والمروة سبعة أشواط ثم يقصّر وقد أحلّ من كلّ شي‌ء أحرم منه إلّا الصيد ؛ لكونه في الحرم ، فإن خرج منه ، جاز له الصيد أيضاً.

فإذا كان يوم التروية ، أحرم للحجّ ، ولا يتعيّن هذا اليوم ، بل يستحب ، والواجب ما يعلم أنّه يدرك الوقوف معه ، ثم يمضي الى عرفات فيقف بها الى الغروب من يوم عرفة ثم يفيض الى المشعر فيقف به بعد طلوع فجر العيد ثم يفيض إلى منى فيحلق بها يوم النحر ويذبح هديه ويرمي جمرة العقبة ثم يأتي مكة ليومه إن شاء ، وإلّا فمن غده ، فيطوف طواف الحج ويصلّي ركعتيه ويسعى سعي الحج ويطوف طواف النساء ويصلّي ركعتيه ثم يعود الى منى فيرمي ما تخلّف عليه من الجمار الثلاث يوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر ، وإن شاء أقام بمنى حتى يرمي جماره الثلاث يوم الحادي عشر والثاني عشر.

ثم إن اتّقى جاز له أن ينفر بعد الزوال الى مكة للطوافين والسعي ، وإلّا أقام الى الثالث عشر.

وصورة الإِفراد : أن يُحرم من الميقات أو من حيث يصح له الإِحرام منه بالحجّ ثم يمضي الى عرفات فيقف بها ثم يمضي الى المشعر فيقف به ثم يأتي منى فيقضي مناسكه بها ثم يطوف بالبيت ويصلّي ركعتيه ويسعى بين الصفا والمروة ويطوف طواف النساء ويصلّي ركعتيه ثم يأتي بعمرة مفردة بعد الحج والإِحلال منه يأتي بها من أدنى الحلّ.

وصورة القران كالإِفراد ، إلّا أنّه يضيف إلى إحرامه سياق الهدي.

هذا مذهب علماء أهل البيتعليهم‌السلام .

وقالت العامّة : التمتّع : أن يُهلّ بعمرة مفردة من الميقات في أشهر الحج ، فإذا فرغ منها أحرم بالحج من عامه. والإِفراد : أن يُهلّ بالحج مفرداً. والقران : أن يجمع بينهما في الإِحرام بهما ، أو يُحرم بالعمرة ثم يدخل عليها‌

١٦٩

الحج قبل الطواف(١) .

مسألة ١٢٧ : أجمع علماؤنا كافة على أنّ فرض من نأى عن مكة التمتّع لا يجوز لهم غيره إلّا مع الضرورة ، وأمّا النوعان الآخران فهما فرض أهل مكة وحاضريها.

وعندنا أنّه لا يجوز لهم غير هذين النوعين ، وهو اختيار أكثر علمائنا(٢) ؛ لما رواه الحلبي - في الصحيح - عن الصادقعليه‌السلام ، قال : سألته عن الحج ، فقال : « تمتّع » ثم قال : « إنّا إذا وقفنا بين يدي الله تعالى قلنا : يا ربّنا أخذنا بكتابك وقال الناس : برأينا ورأينا(٣) ، ويفعل الله بنا وبهم ما أراد »(٤) .

وأمّا أهل مكة وحاضريها - وهو مَنْ كان بينه وبين مكة دون ثمانية وأربعين ميلاً - فإنّ فرضهم القران أو الإِفراد دون التمتّع ؛ لما رواه الحلبي وسليمان ابن خالد وأبو بصير - في الصحيح - عن الصادقعليه‌السلام ، قال : « ليس لأهل مكة ولا لأهل مر ولا لأهل سرف متعة ، وذلك لقول الله عزّ وجلّ :( ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ ) (٥) »(٦) .

وفي الصحيح عن زرارة عن الباقرعليه‌السلام ، قال : قلت له : قول الله عزّ وجلّ في كتابه :( ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ ) قال : « يعني أهل مكة ليس عليهم متعة ، كلّ من كان أهله دون ثمانية وأربعين‌

____________________

(١) المغني ٣ : ٢٣٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٤٤ - ٢٤٥ ، المهذب - للشيرازي - ١ : ٢٠٨ ، المجموع ٧ : ١٧١.

(٢) منهم : الشيخ الطوسي في النهاية : ٢٠٦ ، والسيد ابن زهرة في الغنية ( ضمن الجوامع الفقهية ) : ٥١١ ، وابن إدريس في السرائر : ١٢١.

(٣) في المصدر : « رأينا رأينا ».

(٤) التهذيب ٥ : ٢٦ / ٧٦ ، الاستبصار ٢ : ١٥٠ - ١٥١ / ٤٩٤.

(٥) البقرة : ١٩٦.

(٦) التهذيب ٥ : ٣٢ / ٩٦ ، الاستبصار ٢ : ١٥٧ / ٥١٤.

١٧٠

ميلاً ذات عرق وعسفان كما يدور حول مكة فهو ممّن دخل في هذه الآية ، وكلّ مَنْ كان أهله وراء ذلك فعليه المتعة »(١) .

وأطبقت العامة على جواز الإِحرام بأيّ الأنساك الثلاثة شاء ؛ لقول عائشة : خرجنا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فمنّا مَنْ أهلّ بعمرة ، ومنّا مَنْ أهلّ بحج وعمرة ، ومنّا مَنْ أهلّ بحج(٢) (٣) .

ولا حجّة فيه ؛ لاختلافهم في الفرض لا التخيير بين الأنواع.

مسألة ١٢٨ : قال علماؤنا : التمتّع أفضل الأنواع - وبه قال الحسن وابن عمر وابن عباس وابن الزبير وعطاء وطاوس ومجاهد وجابر بن زيد والقاسم وسالم وعكرمة ، وهو أحد قولي الشافعي وإحدى الروايتين عن أحمد ، وهو قول أصحاب الحديث(٤) - لقوله تعالى :( ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ ) (٥) وهو يدلّ على أنّه فرضهم ، فلا يجزئهم غيره.

ولما رواه العامة عن ابن عباس وجابر وأبي موسى وعائشة أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أمر أصحابه لمـّا طافوا بالبيت أن يحلّوا ويجعلوها عمرة(٦) ، فنقلهم من الإِفراد والقران الى المتعة ، ولا ينقلهم إلّا الى الأفضل.

ولم يختلف عندهم الرواية عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه لمـّا قدم مكة أمر أصحابه أن يحلّوا إلّا مَنْ ساق هدياً ، وثبت على إحرامه ، وقال : ( لو‌

____________________

(١) التهذيب ٥ : ٣٣ / ٩٨ ، الاستبصار ٢ : ١٥٧ - ١٥٨ / ٥١٦.

(٢) صحيح البخاري ٢ : ١٧٥ ، صحيح مسلم ٢ : ٨٧٢ و ٨٧٣ / ١١٧ و ١١٨ ، سنن البيهقي ٥ : ١٠٩.

(٣) المغني ٣ : ٢٣٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٣٩ ، الحاوي الكبير ٤ : ٤٤ ، المجموع ٧ : ١٥١ و ١٥٣ ، معالم السنن - للخطّابي - ٢ : ٣٠١.

(٤) المغني ٣ : ٢٣٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٣٩ ، فتح العزيز ٧ : ١٠٦ ، الحاوي الكبير ٤ : ٤٤ ، معالم السنن - للخطّابي - ٢ : ٣٠١ ، حلية العلماء ٣ : ٢٥٩.

(٥) البقرة : ١٩٦.

(٦) المغني ٣ : ٢٣٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٤٠.

١٧١

استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي ولجعلتها عمرة )(١) .

قال جابر : حججنا مع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يوم ساق البدن معه وقد أهلّوا بالحج مفرداً ، فقال لهم : ( حلّوا من إحرامكم بطواف بالبيت وبين الصفا والمروة ثم أقيموا حلالاً حتى إذا كان يوم التروية فأهلّوا بالحج واجعلوا التي قدّمتم بها متعةً ) فقالوا : كيف نجعلها متعة وقد سمّينا الحج؟ فقال : ( افعلوا ما أمرتكم به ، ولو لا إنّي سقت الهدي لفعلت مثل الذي أمرتكم به )(٢) .

وفي لفظ : فقام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال : ( قد علمتم أنّي أتقاكم لله وأصدقكم وأبرّكم ولو لا هديي لحللت كما تحلّون ، ولو استقبلت من أمري ما استدبرت ما أهديت ) فحللنا وسمعنا وأطعنا(٣) .

ومن طريق الخاصة : ما رواه معاوية بن عمّار عن الصادقعليه‌السلام عن آبائهعليهم‌السلام ، قال : « لمـّا فرغ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من سعيه بين الصفا والمروة أتاه جبرئيلعليه‌السلام عند فراغه من السعي وهو على المروة فقال : إنّ الله يأمرك أن تأمر الناس أن يحلّوا إلّا من ساق الهدي ، فأقبل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله على الناس بوجهه ، فقال : يا أيّها الناس هذا جبرئيل - وأشار بيده الى خلفه - يأمرني عن الله أن آمر الناس أن يحلّوا إلّا مَنْ ساق الهدي ، فأمرهم بما أمر الله به ، فقام اليه رجل ، فقال : يا رسول الله نخرج إلى منى ورؤوسنا تقطر من النساء ، وقال آخرون : يأمرنا بشي‌ء ويصنع هو غيره ، فقال : يا أيّها الناس لو استقبلت من أمري ما استدبرت صنعت كما‌

____________________

(١) المغني ٣ : ٢٣٩ - ٢٤٠ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٤٠ ، شرح معاني الآثار ٢ : ١٥٥.

(٢) صحيح البخاري ٢ : ١٧٦ ، صحيح مسلم ٢ : ٨٨٤ - ٨٨٥ / ١٤٣ ، سنن البيهقي ٤ : ٣٥٦ ، المعجم الكبير - للطبراني - ٧ : ١٤٥ / ٦٥٧١ ، المغني ٣ : ٢٤٠ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٤٠ - ٢٤١.

(٣) صحيح البخاري ٩ : ١٣٨ ، صحيح مسلم ٢ : ٨٨٣ - ٨٨٤ / ١٢١٦ ، سنن البيهقي ٥ : ١٩ ، المغني ٣ : ٢٤٠ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٤١.

١٧٢

صنع الناس ، ولكنّي سُقْتُ الهدي ، فلا يحلّ مَنْ ساق الهدي حتى يبلغ الهدي محلّه ، فقصّر الناس وأحلّوا وجعلوها عمرةً ، فقام اليه سراقة بن مالك ابن جُشْعم المدلجي ، فقال : يا رسول الله هذا الذي أمرتنا به لعامنا هذا أم للأبد؟ فقال : لا(١) ، للأبد الى يوم القيامة ، وشبّك أصابعه ، وأنزل الله في ذلك قرآناً( فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ) (٢) »(٣) .

وفي الصحيح عن أبي أيّوب إبراهيم بن عيسى عن الصادقعليه‌السلام ، قال : سألته أيّ الأنواع أفضل؟ فقال : « المتعة ، وكيف يكون شي‌ء أفضل منها ورسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : لو استقبلت من أمري ما استدبرت فعلت كما فعل الناس! »(٤) .

ولأنّ التمتّع منصوص عليه في كتاب الله تعالى ؛ لقوله :( فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ) دون سائر الأنساك.

ولأنّ المتمتّع يجتمع له الحج والعمرة في أشهر الحج مع كمالهما وكمال أفعالهما على وجه اليسر والسهولة.

وذهب الثوري وأصحاب الرأي الى أنّ القران أفضل ؛ لما رواه أنس قال : سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أهلّ بهما جميعاً يصرخ بهما صُراخاً يقول : ( لبّيك عمرةً وحجّاً ، لبّيك عمرةً وحجّاً )(٥) .

____________________

(١) في المصدر بدل « لا » : « بل ».

(٢) البقرة : ١٩٦.

(٣) التهذيب ٥ : ٢٥ / ٧٤.

(٤) التهذيب ٥ : ٢٩ / ٨٩ ، الاستبصار ٢ : ١٥٤ / ٥٠٧.

(٥) المغني ٣ : ٢٣٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٣٩ - ٢٤٠ ، المبسوط - للسرخسي - ٤ : ٢٥ ، الاختيار لتعليل المختار ١ : ٢١١ ، حلية العلماء ٣ : ٢٥٩ ، الحاوي الكبير ٤ : ٤٤ ، المجموع ٧ : ١٥٢ ، معالم السنن - للخطابي - ٢ : ٣٠١ ، أحكام القرآن - للجصّاص - ١ : ٢٨٥ ، وراجع : صحيح مسلم ٢ : ٩١٥ / ١٢٥١ ، وسنن أبي داود ٢ : ١٥٧ / ١٧٩٥ ، وسنن النسائي ٥ : ١٥٠ ، وسنن البيهقي ٥ : ٩ ، ومسند أحمد ٣ : ٩٩.

١٧٣

وقال أحمد : إن ساق الهدي ، فالقران أفضل ، وإن لم يسقه ، فالتمتّع أفضل ؛ لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قرن حين ساق الهدي ، ومنع كلّ مَنْ ساق الهدي من الحلّ حتى ينحر هديه(١) .

وذهب مالك وأبو ثور الى اختيار الإِفراد - وهو ظاهر مذهب الشافعي ، وروي ذلك عن عمر وعثمان وابن عمر وجابر وعائشة - لما روت عائشة أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أفرد بالحج(٢) (٣) .

ونمنع كون النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أفرد ؛ فإنّه قد روى ابن عمر وجابر وعائشة من طرق صحاح عندهم أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله تمتّع بالعمرة الى الحج(٤) .

ولأنّ روايتهم اختلفت ، فرووا مرّةً أنّه أفرد ، ومرّةً أنّه تمتّع ، ومرّةً أنّه قرن(٥) مع وحدة القضية ، ولا يمكن الجمع بينها ، فيجب إطراحها كلّها.

مع أنّ عمر قال : إنّي لأنهاكم عن المتعة ، وإنّها لفي كتاب الله ، ولقد صنعها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله (٦) .

ولأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أمر أصحابه بالانتقال الى المتعة عن الإِفراد والقران ، ولا يأمرهم إلّا بالانتقال الى الأفضل ، ويستحيل أن ينقلهم‌

____________________

(١) المغني ٣ : ٢٣٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٣٩.

(٢) سنن أبي داود ٢ : ١٥٢ / ١٧٧٧ ، سنن النسائي ٥ : ١٤٥ ، سنن الترمذي ٣ ١٨٣ / ٨٢٠ ، سنن ابن ماجة ٢ : ٩٨٨ / ٢٩٦٥ ، سنن الدارمي ٢ : ٣٥ ، الموطّأ ١ ٣٣٥ / ٣٨.

(٣) الكافي في فقه أهل المدينة : ١٣٨ ، التفريع ١ : ٣٣٥ ، المغني ٣ : ٢٣٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٤٠ ، فتح العزيز ٧ : ١٠٧ ، المجموع ٧ : ١٥١ و ١٥٢ و ١٦٣ ، حلية العلماء ٣ : ٢٥٩ ، معالم السنن - للخطابي - ٢ : ٣٠١ ، أحكام القرآن - للجصاص - ١ : ٢٨٥.

(٤) المغني والشرح الكبير ٣ : ٢٤١ ، سنن النسائي ٥ : ١٥١ ، سنن البيهقي ٥ : ١٧ - ١٨ ، شرح معاني الآثار ٢ : ١٤٢ و ١٥٦.

(٥) المغني والشرح الكبير ٣ : ٢٤١ ، شرح معاني الآثار ٢ : ١٤٣ و ١٤٩ و ١٥٠ و ١٥٤ و ١٥٦.

(٦) المغني ٣ : ٢٤٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٤٤ ، وسنن النسائي ٥ : ١٥٣.

١٧٤

من الأفضل الى الأدنى وهو الداعي إلى الخير الدالّ عليه.

ثم أكّد ذلك بتأسّفه على فوات ذلك في حقّه ، وأنّه لا يقدر على انتقاله وحلّه ؛ لسياقه الهدي.

لا يقال : قد نهى عنها عمر وعثمان ومعاوية.

لأنّا نقول : قد أنكر عليهم علماء الصحابة نهيهم عنها ، وخالفوهم في فعلها.

قالت الحنابلة : والحقّ مع المنكرين عليهم دونهم(١) ؛ لما رواه العامّة أنّ عليّاًعليه‌السلام اختلف هو وعثمان في المتعة بعُسْفان ، فقال عليعليه‌السلام : « ما تريد الى أمر فعله رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله تنهى عنه؟»(٢) .

وقال عليعليه‌السلام لعثمان : « ألم تسمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله تمتّع؟ » قال : بلى(٣) .

وعن ابن عمر قال : تمتّع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في حجة الوداع بالعمرة إلى الحج(٤) .

وقال سعد : صنعها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وصنعناها معه(٥) .

فلا نقبل نهي عمر عنها خصوصاً مع قول عمر : والله إنّي لأنهاكم عنها ، وإنّها لفي كتاب الله، وقد صنعها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله (٦) . فهل يحلّ‌

____________________

(١) المغني ٣ : ٢٤٥.

(٢) المغني ٣ : ٢٤١ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٤٢ ، صحيح مسلم ٢ : ٨٩٧ / ١٥٩ ، سنن البيهقي ٥ : ٢٢ ، شرح معاني الآثار ٢ : ١٤٠.

(٣) المغني ٣ : ٢٤١ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٤٢ ، سنن الدار قطني ٢ : ٢٨٧ / ٢٣١ ، سنن النسائي ٥ : ١٥٢ ، شرح معاني الآثار ٢ : ١٤١.

(٤) المغني ٣ : ٢٤١ - ٢٤٢ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٤٢ ، سنن النسائي ٥ : ١٥١ ، سنن البيهقي ٥ : ١٧ ، شرح معاني الآثار ٢ : ١٤٢.

(٥) المغني والشرح الكبير ٣ : ٢٤٢ ، سنن البيهقي ٥ : ١٧ ، شرح معاني الآثار ٢ : ١٤١.

(٦) تقدّمت الإِشارة إلى مصادره في ص ١٧٣ ، الهامش (٦)

١٧٥

تقليد مَنْ يُخالف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في ضدّ ما فعله رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟

قال صاحب المغني من الحنابلة : قيل لابن عباس : إنّ فلاناً ينهى عن المتعة ، قال : اُنظروا في كتاب الله ، فإن وجدتموها ، فقد كذب على الله وعلى رسوله ، وإن لم تجدوها ، فقد صدق ، فأيّ الفريقين أحقّ بالاتّباع وأولى بالصواب؟ الذين معهم كتاب الله وسنّة رسوله ، أم الذين خالفوهما؟

ثم قد ثبت عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، الذي قوله حجّة على الخلق أجمعين ، فكيف يعارض بقول غيره!؟(١) .

قالوا : قال سعيد بن جبير عن ابن عباس ، قال : تمتّع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال عروة : نهى أبو بكر وعمر عن المتعة ، فقال ابن عباس : أراهم سيهلكون ، أقول : قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ويقول : نهى عنها أبو بكر وعمر(٢) .

قالوا : وسئل ابن عمر عن متعة الحج فأمر بها ، فقال : إنّك تخالف أباك ، فقال : عمر لم يقل الذي تقولون ، فلمـّا أكثروا عليه قال : أفكتاب الله أحقّ أن تتّبعوا أم عمر؟(٣) .

مسألة ١٢٩ : قد بيّنَا أنّ فرض أهل مكة وحاضريها القران أو الإِفراد ، فلو عدلوا الى التمتّع ، فللشيخ قولان :

أحدهما : الإِجزاء ، ولا دم عليهم - وبه قال الشافعي ومالك(٤) - لأنّ المتمتّع آتٍ بصورة الإِفراد وزيادة غير منافية(٥) .

____________________

(١ - ٣) المغني ٣ : ٢٤٦.

(٤) المجموع ٧ : ١٦٩ ، الحاوي الكبير ٤ : ٥٠ ، حلية العلماء ٣ : ٢٦٧ ، فتح العزيز ٧ : ١٦٤ ، أحكام القرآن - لابن العربي - ١ : ١٢٩.

(٥) المبسوط - للطوسي - ١ : ٣٠٦ - ٣٠٧ ، وحكاه عنه المحقّق في المعتبر : ٣٣٧.

١٧٦

والثاني : العدم(١) - وبه قال أبو حنيفة(٢) - لما رواه العامة عن ابن عمر أنّه قال : ليس لأهل مكة تمتّع ولا قران(٣) .

ومن طريق الخاصة : ما رواه علي بن جعفر - في الصحيح - عن أخيه الكاظمعليه‌السلام ، قال : « لا يصلح لأهل مكة أن يتمتّعوا ؛ لقول الله عزّ وجلّ :( ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ ) (٤) »(٥) .

وهذا الأخير هو المعتمد ، ونمنع إتيانه بصورة الإِفراد ؛ لأنّه أخلّ بالإِحرام من ميقاته ، وأوقع مكانه العمرة مع أنّه غير مأمور بها ، فلا يكون ما أتاه مجزئاً.

وقول الشافعي : إنّ قوله تعالى :( ذلِكَ ) راجع الى الهدي(٦) ، ممنوع ؛ لعدم التخصيص ، ولمعارضة الروايات المنقولة عن أهل البيتعليهم‌السلام .

مسألة ١٣٠ : اختلف علماؤنا في حدّ حاضري المسجد الحرام ، فقال الشيخ في بعض كتبه: مَنْ كان بين منزله وبين المسجد الحرام اثنا عشر ميلاً من كلّ جانب(٧) .

ونحوه قال ابن عباس ؛ لأنّه قال : حاضري أهل الحرم خاصة. وبه قال مجاهد والثوري(٨) .

____________________

(١) النهاية : ٢٠٦ ، وحكاه عنه المحقّق في المعتبر : ٣٣٧.

(٢) الهداية - للمرغيناني - ١ : ١٥٨ ، الاختيار لتعليل المختار ١ : ٢١٠ ، أحكام القرآن - للجصّاص - ١ : ٢٨٧.

(٣) لم نجده في مظانّه.

(٤) البقرة : ١٩٦.

(٥) التهذيب ٥ : ٣٢ - ٣٣ / ٩٧ ، الاستبصار ٢ : ١٥٧ / ٥١٥.

(٦) التفسير الكبير ٥ : ١٧٣.

(٧) المبسوط - للطوسي - ١ : ٣٠٦ ، التبيان ٢ : ١٥٨ - ١٥٩ و ١٦١.

(٨) المغني ٣ : ٥٠٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٤٩ ، المجموع ٧ : ١٨٢ ، الحاوي الكبير ٤ : =

١٧٧

وقال الشيخ في بعض كتبه : حدّ حاضري المسجد الحرام مَنْ كان من أهل مكة أو يكون بينه وبينها ثمانية وأربعون ميلاً من كلّ جانب(١) . وبه قال الشافعي وأحمد(٢) ؛ لأنّه مسافة القصر ، ولأنّ ما دون مسافة القصر يكون قريباً من المسجد ؛ لأنّه بمنزلة الحاضر ، وقد سلف(٣) في حديث الباقرعليه‌السلام التحديد بثمانية وأربعين ميلاً.

ولما رواه الحلبي عن الصادقعليه‌السلام في حاضري المسجد الحرام : قال : « ما دون المواقيت الى مكة فهو من حاضري المسجد الحرام وليس لهم متعة »(٤) ومعلومٌ أنّ هذه المواضع أكثر من اثني عشر ميلاً.

وقال أبو حنيفة : حاضر والمسجد الحرام أهل المواقيت والحرم وما بينهما(٥) .

وقال مالك : هُمْ أهل مكة وذي طوى(٦) . ورُوي عنه أنّهم أهل الحرم.

ومسافة القصر تعتبر من نفس مكة أو الحرم؟ للشافعية وجهان(٧) .

____________________

= ٦٢ ، حلية العلماء ٣ : ٢٦٢ ، أحكام القرآن - للجصّاص - ١ : ٢٨٩ ، جامع البيان ٢ : ١٤٩.

(١) النهاية : ٢٠٦.

(٢) الحاوي الكبير ٤ : ٦٢ ، حلية العلماء ٣ : ٢٦٢ ، المهذب - للشيرازي - ١ : ٢٠٨ ، المجموع ٧ : ١٨٢ ، المغني ٣ : ٥٠٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٤٩ ، المبسوط - للسرخسي - ٤ : ١٦٩ ، تفسير القرطبي ٢ : ٤٠٤ ، التفسير الكبير ٥ : ١٧٤.

(٣) سلف في المسألة ١٢٧.

(٤) التهذيب ٥ : ٣٣ / ٩٩ ، الاستبصار ٢ : ١٥٨ / ٥١٧.

(٥) المبسوط - للسرخسي - ٤ : ١٦٩ ، أحكام القرآن - للجصاص - ١ : ٢٨٩ ، تفسير القرطبي ٢ : ٤٠٤ ، التفسير الكبير ٥ : ١٧٤ ، المغني ٣ : ٥٠٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٤٩ ، الحاوي الكبير ٤ : ٦٢ ، حلية العلماء ٣ : ٢٦٢.

(٦) الكافي في فقه أهل المدينة : ١٤٩ ، تفسير القرطبي ٢ : ٤٠٤ ، التفسير الكبير ٥ : ١٧٤ ، أحكام القرآن - للجصاص - ١ : ٢٨٩ ، المغني ٣ : ٥٠٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٤٩ ، المبسوط - للسرخسي - ٤ : ١٦٩.

(٧) المجموع ٧ : ١٧٥.

١٧٨

مسألة ١٣١ : قد بيّنّا أنّ القارن هو الذي يسوق عند إحرامه بالحج هدياً عند علمائنا أجمع ، إلّا ابن أبي عقيل ؛ فإنّه جعله عبارةً عمّن قرن بين الحج والعمرة في إحرام واحد ، وهو مذهب العامّة بأسرهم(١) .

لنا : ما رواه العامة عن أبي شيخ قال : كنت في ملأ من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عند معاوية بن أبي سفيان ، فناشدهم معاوية الله في أشياء ، وكلّما قالوا : نعم يقول : وأنا أشهد ، ثم قال : اُنشدكم الله أتعلمون أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله نهى عن جمع بين حجّ وعمرة؟ قالوا : أمّا هذه فلا ، فقال : أمّا إنّها معهنّ - يعني مع المنهيات - ولكنكم نسيتم(٢) .

ومن طريق الخاصة : ما رواه معاوية بن وهب - في الصحيح - عن الصادقعليه‌السلام ، أنّه قال في القارن : « لا يكون قران إلّا بسياق الهدي »(٣) الحديث.

احتجّوا بما رواه ابن عباس عن عمر ، قال : سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : ( أتاني آتٍ من ربّي ، فقال : صلّ في هذا الوادي المبارك ركعتين ، وقُلْ : لبّيك بعمرة في حجّة )(٤) .

ولقولهعليه‌السلام : ( أهلّوا يا آل محمد بعمرة في حج )(٥) .

ونحن نقول بموجبه ؛ فإنّ عمرة التمتّع داخلة في الحج ، قال الصادقعليه‌السلام : « دخلت العمرة في الحج الى يوم القيامة »(٦) الى غير ذلك من‌

____________________

(١) المغني ٣ : ٢٣٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٤٤ - ٢٤٥ ، المهذب - للشيرازي - ١ : ٢٠٨ ، لمجموع ٧ : ١٧١ ، الكافي في فقه أهل المدينة : ١٤٩.

(٢) مسند أحمد ٤ : ٩٢ ، سنن أبي داود ٢ : ١٥٧ / ١٧٩٤.

(٣) التهذيب ٥ : ٤١ / ١٢٢.

(٤) صحيح البخاري ٢ : ١٦٧ ، سنن ابن ماجة ٢ : ٩٩١ / ٢٩٧٦ ، سنن البيهقي ٥ : ١٤ بتفاوت يسير في اللفظ.

(٥) مسند أحمد ٦ : ٢٩٧ - ٢٩٨.

(٦) الفقيه ٢ : ٢٠٤ / ٩٣٤.

١٧٩

الأحاديث.

مسألة ١٣٢ : لا يجوز إدخال الحج على العمرة ولا بالعكس ، مثل أن يكون مُحْرماً بعمرة مفردة فيُحرم بالحج قبل قضاء مناسكها ، أو يُحرم بالحج ثم يدخل عليه العمرة. ولأنّها عبادة شرعية ، فتقف على مورد النقل.

وأطبق العامّة على الأول(١) ، واختلفوا في إدخال العمرة على الحج بعد عقد نيّة الإِفراد ، فجوّزه أبو حنيفة(٢) ، وللشافعي قولان(٣) .

إذا عرفت هذا ، فلو كان مُحْرماً بعمرة التمتّع ، فمنعه مانع من مرض أو حيض عن إتمامها ، جاز نقلها الى الإِفراد إجماعاً ، كما فعلت عائشة(٤) .

وكذا مَنْ كان مُحْرماً بحجّ مفرد فدخل مكة ، جاز أن ينقل إحرامه إلى التمتّع ؛ لقولهعليه‌السلام : (من لم يسق الهدي فليحل وليجعلها عمرة )(٥) .

مسألة ١٣٣ : لا يجوز القران بين الحجّ والعمرة في إحرامه بنيّة واحدة على ما بيّنّاه.

قال الشيخ في الخلاف : لو فعل ، لم ينعقد إحرامه إلّا بالحج ، فإن أتى بأفعال الحج لم يلزمه دم ، وإن أراد أن يأتي بأفعال العمرة ويجعلها متعة ، جاز ذلك ، ولزمه الدم.

____________________

(١) كما في المعتبر : ٣٣٨ ، وراجع : المغني ٣ : ٥١٥ ، والشرح الكبير ٣ : ٢٤٥ ، والمجموع ٧ : ١٧٢ ، وفتح العزيز ٧ : ١٢١ - ١٢٢ ، والحاوي الكبير ٤ : ٣٨.

(٢) كما في المعتبر : ٣٣٨ ، وراجع : تحفة الفقهاء ١ : ٤١٣ ، والمغني ٣ : ٥١٥ ، والشرح الكبير ٣ : ٢٤٥ ، وفتح العزيز ٧ : ١٢٥.

(٣) كما في المعتبر : ٣٣٨ ، وراجع : فتح العزيز ٧ : ١٢٥ ، والمجموع ٧ : ١٧٣ ، والحاوي الكبير ٤ : ٣٨.

(٤) كما في المعتبر : ٣٣٨.

(٥) أورده المحقق في المعتبر : ٣٣٨ ، وراجع : سنن النسائي ٥ : ١٤٣ - ١٤٤ ، وسنن الدارمي ٢ : ٤٦.

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

(باب )

(كراهية الارتماس في الماء للصائم )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال الصائم يستنقع في الماء ولا يرتمس رأسه.

في قضاء الصوم فذهب الأكثر إلى وجوبه لهذا الخبر ولصحيحة الحلبي(١) .

وقال الصدوق : بعد نقل هذه الرواية وفي خبر آخر إن من جامع في أول شهر رمضان ثم نسي الغسل حتى خرج شهر رمضان أن عليه أن يغتسل ويقضي صلاته وصيامه إلى ذلك اليوم ولا يقضي ما بعد ذلك.

وقال ابن إدريس : لا يجب قضاء الصوم لأنه ليس من شرطه الطهارة في الرجال إلا إذا تركها الإنسان معتمدا من غير اضطرار وهذا لم يتعمد تركها ووافقه المحقق في الشرائع والنافع.

باب كراهية الارتماس في الماء للصائم

الحديث الأول : حسن.

قوله عليه‌السلام : « يستنقع » الاستنقاع كما يظهر من كتب اللغة النزول في الماء واللبس فيه وعبر عنه أكثر الأصحاب : بالجلوس فيه ، وهو أخص من المعنى اللغوي وعلى التقديرين هو مكروه للمرأة دون الرجال كما سيأتي.

قوله عليه‌السلام : « ولا يرتمس » لعله كان الأولى يرمس كما في غيره من الكتب لأن الارتماس لازم وهو الاغتماس والاختفاء تحت الماء وقوله « رأسه » إما مرفوع بالفاعلية أو منصوب بنزع الخافض ويمكن أن يكون استعمل متعديا ولم ينقل.

ثم اعلم : أن الخبر ظاهرا يدل على عدم جواز الارتماس للصائم واختلف الأصحاب في حكمه فذهب الأكثر إلى أن الارتماس مفسد للصوم وبه قال المرتضى وادعى

__________________

(١) الوسائل ج ٧ ص ٤٣ ح ١.

٢٨١

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد ، عن حريز ، عن أبي عبد الله صلوات الله عليه قال لا يرتمس الصائم ولا المحرم رأسه في الماء.

٣ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن علي بن الحكم ، عن العلاء بن رزين ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال الصائم يستنقع في الماء ويصب على رأسه ويتبرد بالثوب وينضح بالمروحة وينضح البورياء تحته ولا يغمس رأسه في الماء.

٤ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن موسى بن سعدان ، عن عبد الله بن الهيثم ، عن عبد الله بن سنان قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول لا تلزق ثوبك إلى جسدك وهو رطب وأنت صائم حتى تعصره.

٥ ـ محمد بن يحيى وغيره ، عن محمد بن أحمد ، عن السياري ، عن محمد بن علي الهمذاني ، عن حنان بن سدير قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الصائم يستنقع في الماء قال لا بأس ولكن لا ينغمس فيه والمرأة لا تستنقع في الماء لأنها تحمل الماء بفرجها.

الإجماع عليه.

وقال ابن إدريس إنه مكروه.

وقال الشيخ في الاستبصار : إنه محرم ولا يوجب قضاء ولا كفارة.

الحديث الثاني : حسن وهو كما تقدم.

الحديث الثالث : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « ويتبرد بالثوب » يدل على الجواز ولا ينافي الكراهة المشهورةالحديث الرابع : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « لا تلزق » يدل على المنع من بل الثوب على الجسد وحمل على الكراهة ولم يذهب إلى التحريم أحد ، لضعف المستند ووجود المعارض كما مر.

الحديث الخامس : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « والمرأة لا تستنقع » المشهور بين الأصحاب كراهة جلوس المرأة في الماء.

٢٨٢

٦ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن بعض أصحابنا ، عن مثنى الحناط والحسن الصيقل قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الصائم يرتمس في الماء قال لا ولا المحرم قال وسألته عن الصائم يلبس الثوب المبلول قال لا.

(باب )

(المضمضة والاستنشاق للصائم )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في الصائم يتوضأ للصلاة فيدخل الماء حلقه فقال إن كان وضوؤه لصلاة فريضة فليس عليه شيء وإن كان وضوؤه لصلاة نافلة فعليه القضاء.

وقال أبو الصلاح : إذا جلست المرأة في الماء إلى وسطها لزمها القضاء.

ونقل عن ابن البراج : أنه أوجب الكفارة أيضا بذلك وهما نادران.

والحق الشهيد في اللمعة بالمرأة : الخنثى والخصي الممسوح لمساواتها لهما في العلة وفيه إشكال.

الحديث السادس : ضعيف وقد مر الكلام فيه.

باب المضمضة والاستنشاق للصائم

الحديث الأول : حسن ورواه الشيخ في الصحيح عن الحلبي(١) .

قوله عليه‌السلام : « إن كان وضوؤه » المشهور بين الأصحاب أنه من أدخل فمه الماء فابتلعه سهوا فإن كان متبردا فعليه القضاء وإن كان للمضمضة به للطهارة فلا شيء عليه وقال في المنتهى : وهذا مذهب علمائنا. واستدل عليه بروايتي سماعة(٢) ويونس(٣) وفيهما ضعف ، وهذا الخبر يدل على وجوب القضاء إذا دخل الماء الحلق من وضوء

__________________

(١) الوسائل : ج ٧ ص ٤٩ ح ١.

(٢) الوسائل : ج ٧ ص ٤٩ ح ٣.

(٣) الوسائل : ج ٧ ص ٥٠ ح ٤.

٢٨٣

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن إسماعيل بن مرار ، عن يونس ، عن أبي جميلة ، عن زيد ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في الصائم يتمضمض قال لا يبلع ريقه حتى يبزق ثلاث مرات.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد عمن ذكره ، عن أبي عبد الله صلوات الله عليه في الصائم يتمضمض ويستنشق قال نعم ولكن لا يبالغ.

النافلة ويستفاد منه وجوب القضاء إذا دخل من مضمضة التبرد أو العبث بطريق أولى.

وأما الكفارة فلا تثبت إلا مع تعمد الازدراد قطعا.

وقال بعض المحققين : وفي معنى دخول الماء من الوضوء الواجب دخوله من المضمضة للتداوي أو لإزالة النجاسة ولا يلحق بالمضمضة الاستنشاق في هذا الحكم قطعا ولا يجب بما يسبق منه قضاء ولا كفارة بل لو قيل بأن تعمد إدخال الماء من الأنف غير مفسد للصوم لم يكن بعيدا.

ثم اعلم : أن المعروف من مذهب الأصحاب جواز المضمضة للصائم في الوضوء وغيره ، بل قال في المنتهى ولو تمضمض لم يفطر بلا خلاف بين العلماء ، سواء كان في الطهارة أو غيرها ، وربما ظهر من كلام الشيخ عدم جواز المضمضة للتبرد وهو ضعيف.

الحديث الثاني : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « أن (١) يبزق ثلاث مرات » حمل في المشهور على الاستحباب.

قال : في الدروس يستحب للمتمضمض أن يتفل ثلاثا ، وكذا ذائق الطعام وشبهه انتهى.

والأحوط عدم ترك العمل به.

الحديث الثالث : حسن.

قوله عليه‌السلام : « ولكن لا يبلغ » (٢) أي الماء وجوبا أو الريق بعد المضمضة كما مر

__________________

(١) هكذا في الأصل : ولكن في الكافي : حتى يبق.

(٢) هكذا في الأصل : ولكن في الكافي : ولكن لا يبالغ.

٢٨٤

٤ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن الريان بن الصلت ، عن يونس قال الصائم في شهر رمضان يستاك متى شاء وإن تمضمض في وقت فريضته فدخل الماء حلقه فليس عليه شيء وقد تم صومه وإن تمضمض في غير وقت فريضة فدخل الماء حلقه فعليه الإعادة والأفضل للصائم أن لا يتمضمض.

(باب )

(الصائم يتقيأ أو يذرعه القيء أو يقلس )

١ ـ محمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان وأبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار جميعا ، عن صفوان بن يحيى ، عن ابن مسكان ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إذا تقيأ الصائم فعليه قضاء ذلك اليوم وإن ذرعه من غير أن يتقيأ فليتم

استحبابا ، وفي بعض النسخ لا يبالغ فهو أيضا محمول على الكراهة.

الحديث الرابع : ضعيف على المشهور.

قوله عليه‌السلام : « يستاك » المشهور بين الأصحاب استحباب الاستياك للصائم باليابس والرطب.

بل قال : في المنتهى : إنه قول علمائنا أجمع إلا ابن أبي عقيل فإنه كرهه بالرطب.

قوله عليه‌السلام : « في غير وقت فريضة » لا يخفى أنه موافق للتفصيل المستفاد من الخبر السابق وإن استدل به بعض الأصحاب على عدم النقض بما يدخل في الحلق من مضمضة الوضوء للصلاة مطلقا كما عرفت.

قوله عليه‌السلام : « أن لا يتمضمض » لعله محمول على المضمضة لغير الوضوء.

باب في الصائم يتقيأ أو يذرعه القيء أو يقلس

الحديث الأول : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « فعليه قضاء ذلك اليوم » اختلف الأصحاب في حكم تعمد القيء للصائم بعد اتفاقهم على أنه لو ذرعه أي سبقه بغير اختياره لم يفطر.

٢٨٥

صومه.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ومحمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد جميعا ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إذا تقيأ الصائم فقد أفطر وإن ذرعه من غير أن يتقيأ فليتم صومه.

٣ ـ محمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في الذي يذرعه القيء وهو صائم قال يتم صومه ولا يقضي.

٤ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن أحمد ، عن أحمد بن الحسن ، عن عمرو بن سعيد ، عن مصدق بن صدقة ، عن عمار بن موسى ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن الرجل يخرج من جوفه القلس حتى يبلغ الحلق ثم يرجع إلى جوفه وهو صائم قال ليس بشيء.

فذهب الشيخ وأكثر الأصحاب : إلى أنه موجب للقضاء خاصة.

وقال ابن إدريس : إنه محرم ولا يجب به قضاء ولا كفارة.

وحكى السيد المرتضى عن بعض علمائنا قولا : بأنه موجب للقضاء والكفارة ، وعن بعضهم أنه ينقض الصوم ولا يبطله قال : وهو الأشبه والمعتمد الأول كما يدل عليه هذا الخبر.

الحديث الثاني : صحيح. وهو كالخبر السابق والإفطار لا يستلزم الكفارة كما توهم.

الحديث الثالث : مجهول كالصحيح.

الحديث الرابع : موثق.

قوله عليه‌السلام : « من جوفه القلس » قال : الجزري « القلس » بالتحريك ، وقيل : بالسكون ما خرج من الجوف ملء الفم ، أو دونه وليس بقيء فإن عاد فهو القيء.

قوله عليه‌السلام : « ليس بشيء » إما لعدم الاختيار أو لعدم الوصول إلى الفم والأول أظهر.

٢٨٦

٥ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن علي بن الحكم ، عن العلاء بن رزين ، عن محمد بن مسلم قال سئل أبو جعفرعليه‌السلام عن القلس يفطر الصائم قال لا.

٦ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة قال سألته عن القلس وهي الجشأة يرتفع الطعام من جوف الرجل من غير أن يكون تقيأ وهو قائم في الصلاة قال لا ينقض ذلك وضوءه ولا يقطع صلاته ولا يفطر صيامه.

(باب )

(في الصائم يحتجم ويدخل الحمام )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد جميعا ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن الصائم أيحتجم فقال إني أتخوف عليه أما يتخوف على نفسه قلت ما ذا يتخوف عليه قال الغشيان أو تثور به مرة قلت أرأيت إن قوي على ذلك ولم يخش شيئا قال نعم إن شاء.

قال في الدروس : لو ابتلع ما خرج منه كفر ، واقتصر في النهاية ، والقاضي في رواية محمد بن سنان(١) لا يفطر ويحمل على عوده بغير قصد.

الحديث الخامس : صحيح وقد مر فيه الكلام.

الحديث السادس : موثق.

قوله عليه‌السلام « وهي الجشأة » قال : الجوهري الجشأة كهمزة.

وقال الأصمعي : ويقال : الجشاء على وزن فعال.

باب في الصائم يحتجم ويدخل الحمام

الحديث الأول : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « أو تثور به مرة » هي بالكسر تطلق على الصفراء والسوداء والخبر يدل على كراهة الحجامة مع خوف ثوران المرة وطريان الغشي ، ولا خلاف بين الأصحاب في عدم حرمة إخراج الدم في الصوم ولا في كراهته إذا كان مضعفا.

__________________

(١) هكذا في الأصل : ولكن في الوسائل : عبد الله بن سنان فراجع چ ٧ ص ٦٢ ح ٩.

٢٨٧

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن الحسين بن أبي العلاء قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الحجامة للصائم قال نعم إذا لم يخف ضعفا.

٣ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن العلاء بن رزين ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفرعليه‌السلام أنه سئل عن الرجل يدخل الحمام وهو صائم فقال لا بأس ما لم يخش ضعفا.

٤ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن القاسم بن محمد ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الرجل يدخل الحمام وهو صائم قال لا بأس.

(باب )

(في الصائم يسعط ويصب في أذنه الدهن أو يحتقن )

١ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان بن يحيى ، عن حماد بن عثمان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن الصائم يشتكي أذنه يصب فيها الدواء قال لا بأس به.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد قال سألت أبا عبد الله

الحديث الثاني : حسن.

الحديث الثالث : صحيح. ويدل على جواز دخول الحمام في الصوم ، والمنع منه إذا كان مضعفا وحمله الأصحاب على الكراهة.

الحديث الرابع : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « لا بأس » أي مطلقا ، ولا ينافي الكراهة إذا كان مضعفا ويمكن حمله على ما إذا لم يكن مضعفا.

باب في الصائم يسعط ويصب في أذنه الدهن أو يحتقن

الحديث الأول : صحيح.

٢٨٨

عليه‌السلام عن الصائم يصب في أذنه الدهن قال لا بأس به.

٣ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد أنه سأله عن الرجل يحتقن تكون به العلة في شهر رمضان فقال الصائم لا يجوز له أن يحتقن.

٤ ـ أحمد بن محمد ، عن علي بن الحسين ، عن أحمد بن الحسن ، عن أبيه ، عن علي بن رباط ، عن ابن مسكان ، عن ليث المرادي قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الصائم

قوله عليه‌السلام : « لا بأس به » يدل على جواز صب الدواء في الأذن وبإطلاقه يشمل ما إذا وصل إلى الجوف وإن كان بعيدا ، وحمله بعض الأصحاب على عدمه وحكم بأنه مع الوصول إلى الجوف مفسد للصوم ، وللمناقشة فيه مجال.

وحكم في الدروس : بكراهته مع عدم التعدي إلى الحلق.

الحديث الثاني : حسن وقد مر الكلام فيه.

الحديث الثالث : ضعيف على المشهور.

قوله عليه‌السلام . « لا يجوز له أن يحتقن » يدل على عدم جواز الاحتقان للصائم مطلقا ، واختلف الأصحاب في حكمه.

وقال المفيد : إنه يفسد الصوم وأطلق.

وقال علي بن بابويه : لا يجوز للصائم أن يحتقن.

وقال ابن الجنيد : ويستحب للصائم الامتناع من الحقنة لأنها تصل إلى الجوف.

واستقرب العلامة في المختلف : أنها مفطرة مطلقا ، ويجب بها القضاء خاصة.

وقال : الشيخ في جملة من كتبه ، وابن إدريس تحرم الحقنة بالمائع خاصة ، ولا يجب بها قضاء ولا الكفارة واستوجه المحقق في المعتبر تحريم الحقنة بالمائع والجامد بدون الإفساد ولا يخلو من قوة.

الحديث الرابع : موثق.

٢٨٩

يحتجم ويصب في أذنه الدهن قال لا بأس إلا السعوط فإنه يكره.

٥ ـ محمد بن يحيى ، عن العمركي بن علي ، عن علي بن جعفر ، عن أخيه موسى بن جعفرعليه‌السلام قال سألته عن الرجل والمرأة هل يصلح لهما أن يستدخلا الدواء وهما صائمان قال لا بأس.

٦ ـ أحمد بن محمد ، عن علي بن الحسين ، عن محمد بن الحسين ، عن أبيه قال كتبت إلى أبي الحسنعليه‌السلام ما تقول في التلطف يستدخله الإنسان وهو صائم فكتب لا بأس بالجامد.

قوله عليه‌السلام : « فإنه يكره » يدل على كراهة السعوط وعدم كراهة صب الدواء في الأذن ، والمشهور كراهة التسعط بما لا يتعدى إلى الحلق.

وقال : الصدوق في الفقيه : ولا يجوز للصائم أن يتسعط.

ونقل عن المفيد وسلار : أنهما أوجبا به القضاء والكفارة ، وأما السعوط بما يتعدى إلى الحلق فالمشهور : إن تعمده يوجب القضاء والكفارة.

ويمكن المناقشة فيه بانتفاء ما يدل على كون مطلق الإيصال إلى الجوف مفسدا.

الحديث الخامس : صحيح ويدل على جواز الاحتقان بالجامد فيمكن حمل الخبر السابق على المائع جمعا.

الحديث السادس : مجهول.

قوله عليه‌السلام : « في التلطف » قال الجوهري : « التلطف » للأمر الترفق له وألطف الرجل البعير أدخل قضيبه في الحياء وذلك إذا لم يهتد لموضع الضراب انتهى وهنا كناية عن الحقنة.

والجواب : يدل على التفصيل المتقدم.

٢٩٠

(باب )

(الكحل والذرور للصائم )

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن سليمان الفراء ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفرعليه‌السلام في الصائم يكتحل قال لا بأس به ليس بطعام ولا شراب.

علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن سليمان الفراء ، عن غير واحد ، عن أبي جعفرعليه‌السلام مثله.

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن خالد ، عن سعد بن سعد الأشعري ، عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام قال سألته عمن يصيبه الرمد في شهر رمضان هل يذر

باب الكحل والذرور للصائم

الحديث الأول : سنده الأول صحيح. والثاني مرسل في قوة الحسن.

قوله عليه‌السلام : « لا بأس به » يدل على جواز الاكتحال للصائم مطلقا.

والمشهور بين الأصحاب : كراهة الاكتحال بما فيه صبر أو مسك ، ومقتضى بعض الروايات المعتبرة كراهة الاكتحال بكل ما له طعم يصل إلى الحلق ، وبه قطع العلامة في التذكرة والمنتهى وهو قوي.

بل قال بعض المحققين : لا يبعد كراهة الاكتحال مطلقا لصحيحة سعد بن سعد(١) وصحيحة الحلبي(٢) .

الحديث الثاني : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « هل يذر » قال : في القاموس « الذر » طرح الذرور في العين وقال

__________________

(١) الوسائل : ج ٧ ص ٥٢ ح ٣.

(٢) الوسائل : ج ٧ ص ٥٣. ح ٩.

٢٩١

عينه بالنهار وهو صائم قال يذرها إذا أفطر ولا يذرها وهو صائم.

٣ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة بن مهران قال سألته عن الكحل للصائم فقال إذا كان كحلا ليس فيه مسك وليس له طعم في الحلق فلا بأس به.

(باب )

(السواك للصائم )

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن الحسين بن أبي العلاء قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن السواك للصائم فقال نعم يستاك أي النهار شاء.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن الصائم يستاك بالماء قال لا بأس به وقال لا يستاك بسواك رطب.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنه كره للصائم أن يستاك بسواك رطب وقال لا يضر أن يبل سواكه

الذرور ما يذر في العين.

الحديث الثالث : موثق وقد مر الكلام فيه.

باب السواك للصائم

الحديث الأول : حسن وقد مر الكلام في مثله.

الحديث الثاني : حسن.

قوله عليه‌السلام : « لا يستاك » قال الشيخ في التهذيب : الكراهة في هذه الأخبار إنما توجهت إلى من لا يضبط نفسه فيبصق ما يحصل في فيه من رطوبة العود ، فأما من يتمكن من حفظ نفسه فلا بأس باستعماله على كل حال.

الحديث الثالث : حسن.

٢٩٢

بالماء ثم ينفضه حتى لا يبقى فيه شيء.

٤ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن أحمد ، عن أحمد بن الحسن ، عن عمرو بن سعيد ، عن مصدق بن صدقة ، عن عمار بن موسى ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في الصائم ينزع ضرسه قال لا ولا يدمي فاه ولا يستاك بعود رطب.

(باب )

(الطيب والريحان للصائم )

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن يحيى ، عن غياث بن

قوله عليه‌السلام : « حتى لا يبقى » قال سيد المحققين في المدارك : لا بأس بالمصير إلى ما تضمنه هذه الروايات. لأن رواية ابن سنان(١) مطلقة ورواية الحلبي(٢) غير صريحة في انتفاء كراهة السواك بالرطب لأن نفي البأس لا ينافي الكراهة انتهى كلامه ولا يخلو من قوة.

الحديث الرابع : موثق. ويدل على جواز قلع الضرس في الصوم.

وقال في الدروس : ويكره نزع الضرس لمكان الدم رواه عمار(٣) ولعل المرادبالعود الرطب العود المرطب بالماء لا العود الذي فيه رطوبة من نفسه وإن أمكن أن يشمله.

باب الطيب والريحان للصائم

الحديث الأول : موثق. وفي بعض النسخ هكذا عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن يحيى ، عن غياث وهو الظاهر ، وفي بعضها عن أحمد بن محمد بن علي ، عن غياث وهو اشتباه.

__________________

(١) الوسائل : ج ٧ ص ٥٧ ح ١.

(٢) الوسائل : ج ٧ ص ٥٧ ح ٢.

(٣) الوسائل : ج ٧ ص ٥٩ ح ١١.

٢٩٣

إبراهيم ، عن جعفر ، عن أبيهعليه‌السلام أن عليا صلوات الله عليه كره المسك أن يتطيب به الصائم.

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن داود بن إسحاق الحذاء ، عن محمد بن الفيض قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام ينهى عن النرجس فقلت جعلت فداك لم ذلك فقال لأنه ريحان الأعاجم.

وأخبرني بعض أصحابنا أن الأعاجم كانت تشمه إذا صاموا وقالوا إنه يمسك الجوع.

٣ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن أبيه ، عن عبد الله بن

قوله عليه‌السلام : « كره المسك » ظاهر أكثر الأصحاب استحباب التطيب للصائم بأنواع الطيب ، وإنما خصوا الكراهة بشم الرياحين خصوصا النرجس.

وألحق العلامة في المنتهى. بالنرجس المسك لشدة رائحته ، ولهذه الرواية واقتصر الشهيد (ره) في الدروس على نسبة الكراهة إلى هذه الرواية.

الحديث الثاني : مجهول. وقد أومأنا إلى أن المشهور بين الأصحاب كراهة شم الرياحين في الصوم وتأكد كراهة شم النرجس من بينها.

بل قال في المنتهى : إن كراهة شم الرياحين قول علمائنا أجمع ، والذي يظهر من كلام أهل اللغة أنه يطلق الريحان على كل نبت له رائحة طيبة وربما يخص بما له ساق.

وأما تأكد كراهة النرجس فمستنده هذه الرواية.

قوله عليه‌السلام : « وأخبرني » الظاهر أنه كلام الكليني ، وعلله المفيد في المقنعة بوجه آخر ، وهو أن ملوك العجم كان لهم يوم معين يصومونه فيكثرون فيه شم النرجس فنهواعليهم‌السلام عنه خلافا لهم.

الحديث الثالث : ضعيف.

٢٩٤

الفضل النوفلي ، عن الحسن بن راشد قال كان أبو عبد اللهعليه‌السلام إذا صام تطيب بالطيب ويقول الطيب تحفة الصائم.

٤ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن علي بن الحكم ، عن العلاء بن رزين ، عن محمد بن مسلم قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام الصائم يشم الريحان والطيب قال لا بأس به.

وروي أنه لا يشم الريحان لأنه يكره له أن يتلذذ به.

٥ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن الحسن بن راشد قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام الحائض تقضي الصلاة قال لا قلت تقضي الصوم قال نعم قلت من أين جاء ذا قال إن أول من قاس إبليس قلت والصائم يستنقع في الماء قال نعم قلت فيبل ثوبا على جسده قال لا قلت من أين جاء ذا قال من

قوله عليه‌السلام : « تحفة الصائم » أي يستحب أن يؤتى به للصائم ويتحف به لأنه ينتفع به في حالة الصوم ولا ينتفع بغيره من المأكول والمشروب ، أو أتحف الله الصائم به بأنه أحل له التلذذ به في الصوم.

ثم اعلم : أن هذا الخبر يدل على عدم كراهة استعمال مطلق الطيب بل على استحبابه.

الحديث الرابع : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « لا بأس به » يدل على عدم كراهة شم الريحان ، وحمل على الجواز جمعا ، لكن روايات الجواز التي ظاهرها عدم الكراهة أقوى سندا ، ولذا مال بعض المحققين من المتأخرين إلى عدم الكراهة.

قوله عليه‌السلام : « يكره له أن يتلذذ » جعل الشهيدرحمه‌الله في الدروس هذا التعليل مؤيدا لكراهة المسك ولعله مخصوص بالتلذذ الحاصل من الريحان.

الحديث الخامس : ضعيف.

٢٩٥

ذاك قلت الصائم يشم الريحان قال لا لأنه لذة ويكره له أن يتلذذ.

(باب )

(مضغ العلك للصائم )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قلت الصائم يمضغ العلك قال لا.

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن علي بن الحكم ، عن العلاء بن رزين ، عن محمد بن مسلم قال قال أبو جعفرعليه‌السلام يا محمد إياك أن تمضغ علكا فإني مضغت اليوم علكا وأنا صائم فوجدت في نفسي منه شيئا.

قوله عليه‌السلام : « من ذاك » أي مما أنبأتك عليه من عدم تطرق القياس في دين الله ووجوب التسليم في كل ما ورد من الشارع.

باب مضغ العلك للصائم

الحديث الأول : حسن.

قوله عليه‌السلام : « قال : لا » ماله طعم كالعلك إذا تغير الريق بطعمه ولم ينفصل منه أجزاء فابتلع الصائم الريق المتغير بطعمه ففي فساد الصوم به قولان :

أحدهما : الإفساد لهذا الخبر ولما ذكره في المختلف من أن وجود الطعم في الريق دليل على تحلل شيء من أجزاء ذي الطعم فيه لاستحالة انتقال الأعراض فكان ابتلاعه مفطرا.

واعترض عليه باحتمال الانفعال بالمجاورة.

قال في المنتهى : وقد قيل أن من لطخ باطن قدميه بالحنظل وجد طعمه ولا يفطره إجماعا انتهى.

وأما الخبر : فالأجود حمل النهي فيه على الكراهة كما اختاره الشيخ في المبسوط ، وابن إدريس ، وجماعة لصحيحة محمد بن مسلم(١) وغيرها.

الحديث الثاني : صحيح وقد مر الكلام فيه.

__________________

(١) الوسائل : ج ٧ ص ٧٣ ح ١.

٢٩٦

(باب )

(في الصائم يذوق القدر ويزق الفرخ )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنه سئل عن المرأة الصائمة تطبخ القدر فتذوق المرقة تنظر إليه فقال لا بأس قال وسئل عن المرأة يكون لها الصبي وهي صائمة فتمضغ الخبز وتطعمه فقال لا بأس والطير إن كان لها.

٢ ـ الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن الحسن بن علي الوشاء ، عن أبان بن عثمان ، عن الحسين بن زياد ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال لا بأس للطباخ والطباخة أن يذوق المرق وهو صائم.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن هارون بن مسلم ، عن مسعدة بن صدقة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إن فاطمة صلى الله عليها كانت تمضغ للحسن ثم للحسين صلوات الله عليهما وهي صائمة في شهر رمضان.

باب في الصائم يذوق القدر ويزق الفرخ

الحديث الأول : حسن.

قوله عليه‌السلام « لا بأس به » المشهور بين الأصحاب جواز مضغ الطعام للصبي وزق الطائر وذوق المرق مطلقا كما دل عليه هذه الرواية.

وقال : الشيخ في كتاب الأخبار بتفصيل سنشير إليه.

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور. ويدل على المشهور.

الحديث الثالث : ضعيف. ويدل على المشهور أيضا.

٢٩٧

٤ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن علي بن النعمان ، عن سعيد الأعرج قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الصائم يذوق الشيء ولا يبلعه قال لا.

الحديث الرابع : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « قال لا » اعلم : أن الشيخقدس‌سره أورد هذا الخبر في الكتابين وأوله بما لفظه في التهذيب هذه الرواية محمولة على من لا يكون له حاجة إلى ذلك والرخصة إنما وردت في ذلك لصاحبة الصبي أو الطباخ الذي يخاف فساد طعامه أو من عنده طائر إن لم يزقه هلك ، فأما من هو مستغن عن جميع ذلك فلا يجوز له أن يزق الطعام انتهى.

ولا يخفى ما فيه من البعد ، إذ لا دلالة في الأخبار السابقة على التقييد الذي اعتبره والأولى الحمل على الكراهة.

« فرع »

لو مضغ الصائم شيئا فسبق منه شيء إلى الحلق بغير اختياره فظاهر أصول الأصحاب عدم فساد صومه بذلك للإذن فيه شرعا وعدم تعمد الازدراد.

وقال في المنتهى : لو أدخل فمه شيئا فابتلعه سهوا ، فإن كان لغرض صحيح فلا قضاء عليه وإلا وجب القضاء انتهى وفيه نظر.

٢٩٨

(باب )

(في الصائم يزدرد نخامته ويدخل حلقه الذباب )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن غياث بن إبراهيم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال لا بأس بأن يزدرد الصائم نخامته.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن هارون بن مسلم ، عن مسعدة بن صدقة ، عن أبي عبد الله ، عن آبائهعليهم‌السلام أن عليا صلوات الله عليه سئل عن الذباب يدخل حلق الصائم قال ليس عليه قضاء لأنه ليس بطعام.

باب في الصائم يزدرد نخامته ويدخل حلقه الذباب

الحديث الأول : موثق. واختلف الأصحاب في حكم النخامة ، فجوز المحقق في الشرائع : ابتلاع ما يخرج عن الصدر ما لم ينفصل عن الفم ، ومنع من ازدراد ما ينزل عن الرأس وإن لم يصل إلى الفم.

وحكم الشهيدان : بالتسوية بينهما في جواز الازدراد ما لم يصلا إلى فضاء الفم والمنع إذا صارتا فيه.

وجزم الفاضلان في المعتبر والمنتهى والتذكرة : بجواز اجتلاب النخامة من الصدر والرأس وابتلاعهما ما لم ينفصلا عن الفم وهو الأقوى.

ثم إن قلنا : إن ذلك مفسد للصوم فالأصح أنه غير موجب للكفارة.

وربما قيل : بوجوب كفارة الجمع بناء على تحريمه وهو مدفوع بالأصل والروايات الدالة على جواز الابتلاع في باب المساجد.

الحديث الثاني : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « لأنه ليس بطعام » أي ليس مما يعتاد أكله أو ليس دخول الذباب

٢٩٩

(باب )

(في الرجل يمص الخاتم والحصاة والنواة )

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في الرجل يعطش في شهر رمضان قال لا بأس بأن يمص الخاتم.

٢ ـ أحمد بن محمد ، عن علي بن الحسن ، عن محسن بن أحمد ، عن يونس بن يعقوب قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول الخاتم في فم الصائم ليس به بأس فأما النواة فلا.

مما يعد طعما وأكلا ، والأول أظهر لفظا والثاني معنى.

واختلف الأصحاب في أكل ما ليس بمعتاد أو شربه.

قال السيد المرتضىرضي‌الله‌عنه في بعض كتبه : إن ابتلاع غير المعتاد كالحصاة ونحوها لا يفسد الصوم وحكاه في المختلف عن ابن الجنيد أيضا ، واستدل لهما بأن تحريم الأكل والشرب إنما ينصرف إلى المعتاد ثم أجاب بالمنع من تناول المعتاد خاصة ولا بأس به إذا صدق على تناوله اسم الأكل والشرب.

وقال الشهيد (ره) في الدروس : ولا إفطار لسبق الغبار إلى الحلق أو الذباب وشبهه ويجب التحفظ من الغبار.

باب الرجل يمص الخاتم والحصاة والنواة

الحديث الأول : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « لا بأس » بأن يمص الخاتم لا خلاف فيه بين الأصحاب.

الحديث الثاني : مجهول.

قوله عليه‌السلام : « فأما النواة فلا » يحمل مع العلم بانفصال شيء على الحرمة كما هو المشهور ، وإن أمكن المناقشة فيه بأن ابتلاع في مثل هذا لا يسمى أكلا عرفا ، وقل ما يخلو الريق عن مثله ، ومع عدم العلم على الكراهة إما لتكليف الريق بالطعم أو لاحتمال انفصال شيء منها وقد مر بعض القول فيه في باب مضغ العلك.

٣٠٠

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481