تذكرة الفقهاء الجزء ٧

تذكرة الفقهاء12%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-319-007-2
الصفحات: 481

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧
  • البداية
  • السابق
  • 481 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 169360 / تحميل: 5804
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء ٧

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٣١٩-٠٠٧-٢
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

وقال الشافعي ومالك والأوزاعي : إذا أتى بأفعال الحجّ ، لزمه دم.

وقال الشعبي وطاوس وداود : لا يلزمه شي‌ء(١) .

لنا : أصالة عدم وجوب الدم فلا يثبت منافيه إلّا بدليل.

وأمّا إذا نوى التمتّع ، فلزوم الدم ثابت بالإجماع.

والمتمتّع إذا أحرم من مكة ، لزمه الدم ، ولو أحرم من الميقات ، لم يسقط الدم.

وقالت العامة : يسقط الدم(٢) .

لنا : أنّ الدم استقرّ بإحرام الحج ، فلا يسقط بعد استقراره ، وكذا لو أحرم المتمتّع من مكة ومضى الى الميقات ثم منه الى عرفات.

وقال الشيخ : يسقط(٣) .

إذا عرفت هذا ، فلا يجوز نيّة حجّتين ولا عمرتين ، ولو فعل ، قيل : تنعقد إحداهما ، وتلغو الاُخرى(٤) ، وبه قال مالك والشافعي(٥) .

وقال أبو حنيفة : ينعقد بهما ، وعليه قضاء إحداهما ، لأنّه أحرم بهما ولم يتمّهما(٦) .

____________________

(١) كما في المعتبر : ٣٣٨ نقلاً عن الشيخ في الخلاف ٢ : ٢٦٤ - ٢٦٥ ، المسألة ٣٠ ، وفيه : وقال الشعبي : عليه بدنة. وقال طاوس : لا شي‌ء عليه. وبه قال داود.

وانظر : الاُم ٢ : ١٣٣ ، والحاوي الكبير ٤ : ٣٩ ، والمجموع ٧ : ١٩٠ و ١٩١ ، والشرح الكبير ٣ : ٢٥٢.

(٢) كما في المعتبر : ٣٣٨.

(٣) المبسوط - للطوسي - ١ : ٣٠٧.

(٤) المغني ٣ : ٢٥٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٦١.

(٥) المغني ٣ : ٢٥٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٦١ ، فتح العزيز ٧ : ٢٠٣ ، الاُم ٢ : ١٣٦ ، مختصر المزني : ٧٠ ، الحاوي الكبير ٤ : ٢٥٥.

(٦) المغني ٣ : ٢٥٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٦١ ، فتح العزيز ٧ : ٢٠٣ ، الحاوي الكبير ٤ : ٢٥٥.

١٨١

وليس بجيّد ؛ لأنّهما عبادتان لا يلزمه المضيّ فيهما ، فلا يصحّ الإِحرام بهما ، كالصلاتين.

وعلى هذا لو أفسد حجّه أو عمرته ، لم يلزمه إلّا قضاؤها إن قلنا بانعقاد إحداهما.

وعند أبي حنيفة يلزمه قضاؤهما معاً ، بناءً على صحة إحرامه بهما(١) .

مسألة ١٣٤ : المكّي إذا خرج عن مكة ثم عاد وحجّ على ميقات ، أحرم منه ، وجاز له التمتّع ؛ لما رواه العامّة عن ابن عباس ، قال : وقّت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لأهل المدينة ذا الحليفة ، ولأهل الشام مَهْيَعَةَ(٢) ، ولأهل نجد قرن المنازل ، ولأهل اليمن يَلَمْلَمْ ، وهي لهم ولكلّ آتٍ من غيرهم ممّن أراد الحج والعمرة(٣) .

ومن طريق الخاصة : قول الكاظمعليه‌السلام : « مَنْ دخل المدينة فليس له أن يحرم إلّا من المدينة»(٤) .

وأمّا جواز التمتع : فلأنّه إذا خرج عن مكة إلى مصر من الأمصار ، ومرّ على ميقات من المواقيت ، صار ميقاتاً له ، ولحقه أحكام ذلك الميقات.

ولما رواه الكاظمعليه‌السلام : عن رجل من أهل مكة خرج إلى بعض الأمصار ثم رجع فمرّ ببعض المواقيت التي وقّت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، هل له أن يتمتّع؟ قال : « ما أزعم أنّ ذلك ليس له ، والإِهلال بالحجّ أحبّ اليّ ، ورأيت مَنْ سأل أبا جعفرعليه‌السلام ، قال : نويت الحج من المدينة كيف أصنع؟

قال : تمتّع ، قال : إنّي مقيم بمكة وأهلي فيها ، فيقول : تمتّع »(٥) في‌

____________________

(١) المغني ٣ : ٢٥٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٦١.

(١) مَهْيَعَة : اسم للجُحْفة. النهاية - لابن الأثير - ٤ : ٣٧٧ ، معجم البلدان ٥ : ٢٣٥.

(٣) سنن البيهقي ٥ : ٢٩ ، سنن النسائي ٥ : ١٢٥ - ١٢٦ بتفاوت.

(٤) التهذيب ٥ : ٥٧ - ٥٨ / ١٧٩.

(٥) التهذيب ٥ : ٣٣ - ٣٤ / ١٠٠ ، الاستبصار ٢ : ١٥٨ / ٥١٨.

١٨٢

حديث طويل.

مسألة ١٣٥ : ومن كان من أهل الأمصار فجاور بمكة ثم أراد حجّة الإِسلام ، خرج الى ميقات أهله ، فأحرم منه ، فإن تعذّر ، خرج الى أدنى الحلّ ؛ ولو تعذّر ، أحرم من مكة.

هذا إذا لم يجاور مدّة سنتين ، فإن مضى عليه سنتان وهو مقيم بمكة ، صار من أهل مكة وحاضريها ليس له أن يتمتّع ، وبه قال الشيخ في كتابي الأخبار(١) .

وقال في النهاية : لا ينتقل فرضه عن التمتّع حتى يقيم ثلاث سنين(٢) .

وقد روى زرارة - في الصحيح - عن الباقرعليه‌السلام ، قال : « مَنْ أقام بمكة سنتين فهو من أهل مكة لا متعة له » فقلت لأبي جعفر : أرأيت إن كان له أهل بالعراق وأهل بمكة؟ قال : « فلينظر أيّهما الغالب عليه فهو من أهله »(٣) .

إذا عرفت هذا ، فذو المنزلين بمكة وناءٍ يعتبر في حقّه أغلبهما إقامةً ، فيُحْرم بفرض أهله ، فإن تساويا ، تخيّر في التمتّع وغيره.

إذا ثبت هذا ، فلو لم تمض هذه المدّة ، ففرضه التمتّع يخرج الى الميقات ، ويُحْرم منه مع المكنة ، وإلّا فمن حيث أمكن ؛ لأنّه لم ينتقل فرضه عن فرض إقليمه ، فيلزمه الإِحرام من ميقاتهم ، أمّا لو تعذّر فإنّه يخرج الى خارج الحرم فيحرم منه ، للضرورة ، ولأنّ ميقاته قد تعذّر عليه ، فيسقط اعتباره ، كما لو تعذّر عليه التمتّع ، وذلك كقضية عائشة ، ولو كان الإِحرام من مكة جائزاً ، لما كلّفها النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله تحمّل المشقّة.

وروى الحلبي عن الصادقعليه‌السلام ، قال : قلت : رجل ترك‌

____________________

(١) التهذيب ٥ : ٣٤ ذيل الحديث ١٠٠ ، الاستبصار ٢ : ١٥٩ ذيل الحديث ٥١٨.

(٢) النهاية : ٢٠٦.

(٣) التهذيب ٥ : ٣٤ / ١٠١ ، الاستبصار ٢ : ١٥٩ / ٥١٩.

١٨٣

الإِحرام حتى دخل مكة ، قال : « يرجع الى ميقات أهل بلاده ، الذي يُحرمون منه فيُحْرم ، وإن خشي أن يفوته الحج ، فليُحْرم من مكانه ، فإن استطاع أن يخرج من الحرم فليخرج »(١) .

وقال الشافعي : يجوز أن يُحرم من مكة مع المكنة من الخروج الى الميقات(٢) ، لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أمر أصحابه بالإِحرام من مكة للتمتّع(٣) .

وليس حجّةً ؛ لجواز أمرهم بإحرام الحج لا بإحرام العمرة ، أو أنّ ذلك كان للضرورة.

البحث الثاني : في وقت أداء النسكين‌

مسألة ١٣٦ : أشهر الحج شوّال وذو القعدة وذو الحجة عند أكثر علمائنا(٤) ، وبه قال مالك ، وهو مروي عن ابن عباس وعمر وابن عمر(٥) ؛ لقوله تعالى :( الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ ) (٦) وأقلّ الجمع ثلاثة.

وما رواه زرارة عن الباقرعليه‌السلام ، قال : «( الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ ) شوّال وذو القعدة وذو الحجّة ، ليس لأحد أن يُحرم بالحج في سواهنّ ، وليس لأحد أن يُحرم قبل الوقت الذي وقّت رسول الله صلّى الله عليه‌

____________________

(١) التهذيب ٥ : ٥٨ / ١٨٠.

(٢) حكاه عنه المحقق في المعتبر : ٣٤١.

(٣) سنن البيهقي ٤ : ٣٥٦.

(٤) منهم : الشيخ الطوسي في النهاية ٢٠٧ ، وابن ادريس في السرائر : ١٢٦ ، والمحقق في شرائع الاسلام ١ : ٢٣٧ ، والمعتبر : ٣٣٦.

(٥) المغني ٣ : ٢٦٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٣٠ ، بداية المجتهد ١ : ٣٢٥ ، أحكام القرآن - لابن العربي - ١ : ١ ٣١ ، المجموع ٧ : ١٤٥ ، الحاوي الكبير ٤ : ٢٧ ، حلية العلماء ٣ : ٢٥٢ ، المبسوط - للسرخسي - ٤ : ٦١ ، التفسير الكبير ٥ : ١٧٦.

(٦) البقرة : ١٩٧.

١٨٤

وآله ، وإنّما مثل ذلك مثل مَنْ صلّى أربعاً في السفر وترك الثنتين »(١) .

ولأنّه يصح أن يقع في باقي ذي الحجة شي‌ء من أفعال الحج ، كالطواف والسعي وذبح الهدي.

وقال بعض علمائنا هي : شوّال وذو القعدة والى قبل الفجر من عاشر ذي الحجّة(٢) ؛ لقوله تعالى :( الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ ) (٣) ولا يمكن فرضه بعد طلوع الفجر من يوم النحر.

ولقوله تعالى :( فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ ) (٤) وهو سائغ يوم النحر ؛ لأنّه يمكنه التحلّل في أوّله.

ولا حجّة فيه ؛ لأنّ المراد : فمن فرض في أكثرهن ، وبه يتمّ المطلوب.

وقال بعض علمائنا : هي شوّال وذو القعدة والى طلوع الفجر من ليلة النحر(٥) . وبه قال الشافعي(٦) .

وقال بعضهم : وتسعة من ذي الحجة(٧) .

وقال أبو حنيفة وأصحابه : إلى آخر العاشر من ذي الحجة - وبه قال ابن مسعود وابن عمر وابن الزبير وعطاء ومجاهد والحسن والشعبي والنخعي وقتادة والثوري وأحمد - لقول ابن مسعود وابن عمر وابن عباس وابن الزبير : شهران وعشر ليال(٨) . وإذا أطلق ذلك ، اقتضى تعدّده من الأيّام.

____________________

(١) الكافي ٤ : ٣٢١ - ٣٢٢ / ٢ ، التهذيب ٥ : ٥١ / ١٥٥ ، الاستبصار ٢ : ١٦١ / ٥٢٧.

(٢) الشيخ الطوسي في المبسوط ١ : ٣٠٨.

(٣ و ٤) البقرة : ١٩٧.

(٥) الشيخ الطوسي في الخلاف ٢ : ٢٥٨ ، المسألة ٢٣.

(٦) الحاوي الكبير ٤ : ٢٧ ، فتح العزيز ٧ : ٧٤ ، المجموع ٧ : ١٤٢ ، حلية العلماء ٣ : ٢٥١.

(٧) الشيخ الطوسي في الجمل والعقود ( ضمن الرسائل العشر ) : ٢٢٦.

(٨) المبسوط - للسرخسي - ٤ : ٦٠ و ٦١ ، المغني ٣ : ٢٦٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٢٩ و ٢٣٠ ، =

١٨٥

ولأنّ يوم النحر يدخل به وقت ركن من أركان الحج ، وهو : طواف الزيارة ، ويقع فيه كثير من أفعال الحجّ ، كالرمي والنحر والحلق والطواف والسعي والرجوع الى منى ، فكان من أشهره ، كيوم عرفة.

واعلم : أنّه لا فائدة كثيرة في هذا النزاع ؛ للإِجماع على أنّه لو فاته الموقفان فقد فاته الحجّ ، وأنّه يصح كثير من أفعال الحج يوم العاشر وما بعده.

مسألة ١٣٧ : لو أحرم بالحجّ قبل أشهره ، لم ينعقد إحرامه للحجّ ، وينعقد للعمرة - وبه قال عطاء وطاوس ومجاهد والشافعي(١) - لقوله تعالى :( الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ ) (٢) تقديره : وقت الحجّ أشهر ، أو أشهر الحجّ أشهر ، فحذف المضاف ، وأقيم المضاف اليه مقامه ، وإذا ثبت أنّه وقته ، لم يجز تقديم إحرامه عليه ، كأوقات الصلوات.

ولقول الصادقعليه‌السلام : « مَنْ أحرم بالحجّ في غير أشهُر الحجّ فلا حجّ له »(٣) .

وأمّا انعقاده للعمرة : فلقول الصادقعليه‌السلام في رجل فرض الحجّ من غير أشهر الحجّ ، قال : « يجعلها عمرة »(٤) .

وقال مالك والثوري والنخعي وأبو حنيفة وأحمد وإسحاق : ينعقد إحرامه ، واذا بقي على احرامه الى وقت الحجّ ، جاز ؛ لقوله تعالى :

____________________

= الحاوي الكبير ٤ : ٢٧ ، التفسير الكبير ٥ : ١٧٦ ، حلية العلماء ٣ : ٢٥١ ، أحكام القرآن - لابن العربي - ١ : ١٣١ ، المجموع ٧ : ١٤٥.

(١) المغني ٣ : ٢٣١ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٢٩ ، الاُم ٢ : ١٢٨ ، الحاوي الكبير ٤ : ٢٨ - ٢٩ و ٣٠ ، حلية العلماء ٣ : ٢٥٢ ، فتح العزيز ٧ : ٧٧ ، المجموع ٧ : ١٤٢ و ١٤٤ ، بداية المجتهد ١ : ٣٢٥ ، المبسوط - للسرخسي - ٤ : ٦٠ ، المحلّى ٧ : ٦٦.

(٢) البقرة : ١٩٧.

(٣) الكافي ٤ : ٣٢٢ / ٤ ، التهذيب ٥ : ٥٢ / ١٥٧ ، الاستبصار ٢ : ١٦٢ / ٥٢٩.

(٤) الفقيه ٢ : ٢٧٨ / ١٣٦١.

١٨٦

( يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنّاسِ وَالْحَجِّ ) (١) فدلّ على أنّ جميع الأشهر ميقات(٢) .

ولا حجّة فيه ؛ لأنّ الأزمنة أوقات للحوادث التي من جملتها الحجّ.

مسألة ١٣٨ : لا ينعقد الاحرام بالعمرة المتمتّع بها قبل أشهر الحجّ ، فإن أحرم بها في غيرها ، انعقد للعمرة المبتولة - وهو أحد قولي الشافعي وأحمد(٣) - لأنّ الإِحرام بالعمرة نسك وركن من أركانها ، فيعتبر وقوعه في أشهر الحجّ ، كما يعتبر وقوع باقيها.

ولأنّ المتمتّع بها داخَلَه في الحجّ ؛ لقولهعليه‌السلام : ( دخلت العمرة في الحجّ هكذا ) وشبّك بين أصابعه(٤) ، والحجّ لا يصح إحرامه قبل أشهره ، فكذا ما دخل فيه.

ولقول الصادقعليه‌السلام : « لا تكون عمرة إلّا في أشهر الحجّ »(٥) .

ولأنّه أتى بنسك لا تتم العمرة إلّا به في غير أشهر الحج ، فلا يكون متمتّعاً كما لو طاف.

وقال الشافعي في ثاني قوليه : إنّه إذا أحرم بالعمرة في رمضان وأتى بالطواف والسعي والحلق في شوّال وحجّ من سنته فإنّه يكون متمتّعاً(٦) .

وقال مالك : إذا أحرم بها في غير أشهر الحجّ ولم يتحلّل من إحرام‌

____________________

(١) البقرة : ١٨٩.

(٢) المغني ٣ : ٢٣١ - ٢٣٢ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٢٩ ، بداية المجتهد ١ : ٣٢٥ ، المبسوط - للسرخسي - ٤ : ٦٠ ، الحاوي الكبير ٤ : ٢٩ ، المجموع ٧ : ١٤٤ ، المحلّى ٧ : ٦٦.

(٣) فتح العزيز ٧ : ١٣٨ - ١٤٠ ، حلية العلماء ٣ : ٢٦١ ، المهذب - للشيرازي - ١ : ٢٠٨ ، المجموع ٧ : ١٧٦ ، الحاوي الكبير ٤ : ٤٩ - ٥٠.

(٤) صحيح مسلم ٢ : ٨٨٨ / ١٢١٨ ، سنن أبي داود ٢ : ١٨٤ / ١٩٠٥ ، سنن البيهقي ٥ : ٧.

(٥) التهذيب ٥ : ٤٣٥ - ٤٣٦ / ١٥١٤ ، المعتبر : ٣٣٦.

(٦) الحاوي الكبير ٤ : ٤٩ - ٥٠ ، حلية العلماء ٣ : ٢٦٠ - ٢٦١.

١٨٧

العمرة حتى دخلت أشهر الحجّ ، صار متمتّعاً(١) .

وقال أبو حنيفة : إذا أتى بأكثر أفعال العمرة في أشهر الحجّ ، صار متمتّعاً إذا دخلت عليه أشهر الحجّ(٢) .

وكلّ هذه الأقوال لا حجّة عليها ، فلا يلتفت اليها.

مسألة ١٣٩ : العمرة المبتولة تجوز في جميع أيّام السنة بغير خلاف بين علماء الأمصار ؛ لما رواه العامة عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال : ( عمرة في رمضان تعدل حجّةً )(٣) .

واعتمرعليه‌السلام في شوّال وفي ذي القعدة(٤) .

واعتمرت عائشة من التنعيم ليلة المحصب(٥) ، وهي الليلة التي يرجعون فيها من منى الى مكة.

ومن طريق الخاصة : قول الصادقعليه‌السلام : « السنة اثنا عشر شهراً ، يعتمر لكلّ شهر عمرة»(٦) .

ولأنّها عبادة لها تحريم وتحليل فكان من جنسها عبادة غير موقّتة ، كالصلاة.

مسألة ١٤٠ : المتمتّع إذا دخل مكة وخاف فوات الوقت لو أكملها ، جاز له أن ينقل نيته الى الإِفراد ليدرك أحد الموقفين ثم يعتمر عمرة مفردة بعد إتمام الحج.

____________________

(١) المدونة الكبرى ١ : ٣٩٥ ، المنتقى - للباجي - ٢ : ٢٢٨ ، بداية المجتهد ١ : ٣٣٤ ، حلية العلماء ٣ : ٢٦١ ، المبسوط - للسرخسي - ٤ : ٣٠ - ٣١.

(٢) بدائع الصنائع ٢ : ١٨٦ ، بداية المجتهد ١ : ٣٣٤ ، فتح العزيز ٧ : ١٤٢ ، حلية العلماء ٣ : ٢٦١.

(٣) سنن الترمذي ٣ : ٢٧٦ / ٩٣٩ ، سنن البيهقي ٤ : ٣٤٦.

(٤) صحيح مسلم ٢ : ٩١٦ / ٢١٧ ، سنن البيهقي ٤ : ٣٤٦.

(٥) صحيح مسلم ٢ : ٨٨١ / ١٢١٣ ، سنن البيهقي ٤ : ٣٤٤.

(٦) الفقيه ٢ : ٢٧٨ / ١٣٦٢.

١٨٨

وكذا الحائض والنفساء لو منعهما عذرهما عن التحلّل وإنشاء إحرام الحجّ ، نقلتا حجّتهما الى الإِفراد ، واعتمرتا بعده ، لأنّ التكليف منوط بالقدرة.

ولما رواه جميل عن الصادقعليه‌السلام ، قال : سألته عن المرأة الحائض إذا قدمت مكة يوم التروية ، قال : « تمضي كما هي الى عرفات فتجعلها حجّةً مفردة ثم تقيم حتى تطهر فتخرج الى التنعيم فتحرم وتجعلها عمرة »(١) .

إذا عرفت هذا ، فلو غلب على ظنّها أنّها تطهر وتدرك الموقف ، صبرت على إحرام المتعة الى أن تطهر ثم تطوف وتتمّ متعتها ؛ لأنّ أبا بصير سأل الصادقعليه‌السلام عن المرأة تجي‌ء متمتّعة فتطمث قبل أن تطوف بالبيت فيكون طهرها ليلة عرفة ، فقال : « إن كانت تعلم أنّها تطهر وتطوف بالبيت وتحلّ من إحرامها وتلحق الناس فلتفعل »(٢) .

البحث الثالث : في المواقيت‌

والنظر في أمرين :

الأول : تعيينها‌

مسألة ١٤١ : المواقيت ستّة ، فقد أجمع العلماء كافّة على أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله نصّ على أربعة مواقيت ، وهي : ذو الحليفة والجحفة وقرن المنازل ويَلَمْلَمْ.

وروى العامة عن ابن عباس ، قال : وقّت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لأهل المدينة ذا الحليفة ، ولأهل الشام الجحفة ، ولأهل نجد قرن المنازل ،

____________________

(١) الفقيه ٢ : ٢٤٠ / ١١٤٦ ، التهذيب ٥ : ٣٩٠ / ١٣٦٣.

(٢) الكافي ٤ : ٤٧٧ / ٨ ، الفقيه ٢ : ٢٤٢ / ١١٥٨ ، التهذيب ٥ : ٣٩١ / ١٣٦٧ ، الاستبصار ٢ : ٣١١ / ١١٠٨.

١٨٩

ولأهل اليمن يَلَمْلَمْ ، قال : فهي لهنّ ولمن أتى عليهنّ من غير أهلهنّ ، فمن كان يريد الحجّ والعمرة فمن كان دونهن فمهلَّه(١) من أهله ، وكذلك أهل مكة يهلّون منها(٢) .

ومن طريق الخاصة : قول الصادقعليه‌السلام : « من تمام الحجّ والعمرة أن تحرم من المواقيت التي وقّتها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولا تجاوزها إلّا وأنت محرم ، فإنّه وقّت لأهل العراق - ولم يكن يومئذٍ عراق - بطن العقيق من قبل أهل العراق ، ووقّت لأهل اليمن يلملم ، ووقّت لأهل الطائف قرن المنازل ، ووقّت لأهل المغرب الجحفة ، وهي : مَهْيَعَة ، ووقّت لأهل المدينة ذا الحليفة ، ومن كان منزله خلف هذه المواقيت ممّا يلي مكة فوقته منزله »(٣) .

وأمّا ميقات أهل العراق : فقد اتّفقوا على أنّه لو أحرم من ذات عرق أحرم من الميقات ، وكان أنس يحرم من العقيق ، واستحسنه الشافعي وابن المنذر وابن عبد البرّ(٤) ، واختلفوا في ثبوته.

قال العلماء : إنّه يثبت بالنصّ من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهو مذهب أهل البيتعليهم‌السلام ، وبه قال أحمد وأصحاب أبي حنيفة(٥) ؛ لما رواه العامة عن ابن عباس ، قال : وقّت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لأهل العراق ذات عرق(٦) .

ومن طريق الخاصة : قول الصادقعليه‌السلام وقد سأله أبو أيّوب الخزّاز‌

____________________

(١) أي : موضع الإِهلال بالإِحرام.

(٢) صحيح مسلم ٢ : ٨٣٨ / ١١٨١ ، صحيح البخاري ٢ : ١٦٥ ، سنن البيهقي ٥ : ٢٩.

(٣) الكافي ٤ : ٣١٨ / ١ ، التهذيب ٥ : ٥٤ / ١٦٦.

(٤) المغني ٣ : ٢١٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٢١٣ ، الاُم ٢ : ١٣٨ ، الحاوي الكبير ٤ : ٦٨ ، فتح العزيز ٧ : ٨١ ، المجموع ٧ : ١٩٧.

(٥) المجموع ٧ : ١٩٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٢١٤ ، فتح العزيز ٧ : ٨١.

(٦) أورده المحقق في المعتبر : ٣٤٢.

١٩٠

- في الصحيح - : حدّثني عن العقيق أوقت وقّته رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أو شي‌ء صنعه الناس؟ فقالعليه‌السلام : « إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وقّت لأهل المدينة ذا الحليفة ، ووقّت لأهل المغرب الجحفة ، وهي عندنا مكتوبة مَهْيَعَة ، ووقّت لأهل اليمن يَلَمْلَمْ ، ووقّت لأهل الطائف قرن المنازل ، ووقّت لأهل نجد العقيق وما أنجدت »(١) .

وقال قوم : إنّه يثبت قياساً ؛ لأنّ أهل العراق كانوا مشركين(٢) .

ولا حجّة فيه ؛ لعلمهعليه‌السلام بأنّهم يسلمون ، أو يمرّ على هذا الميقات مسلمون.

مسألة ١٤٢ : مَنْ كان منزله دون الميقات فميقاته منزله بإجماع العلماء - خلافاً لمجاهد ؛ فإنّه قال : يُهلّ بمكة(٣) . وهو خطأ - لما رواه العامّة عن عليعليه‌السلام وابن مسعود وعمر في قوله تعالى :( وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ ) (٤) قالوا : إتمامهما أن تحرم بهما من دويرة أهلك(٥) .

وعن النبيعليه‌السلام في قوله : ( فمن كان دونهنّ فمهلّه من أهله )(٦) .

ومن طريق الخاصة : قول الصادقعليه‌السلام : « ومن كان منزله خلف هذه المواقيت ممّا يلي مكة فوقته منزله »(٧) .

____________________

(١) الكافي ٤ : ٣١٩ / ٣ ، التهذيب ٥ : ٥٥ / ١٦٨.

(٢) الحاوي الكبير ٤ : ٦٨ ، فتح العزيز ٧ : ٨٠ ، المجموع ٧ : ١٩٧ ، وراجع : المغني والشرح الكبير ٣ : ٢١٤.

(٣) المغني ٣ : ٢١٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٢١٦ ، المجموع ٧ : ٢٠٣ - ٢٠٤.

(٤) البقرة : ٢٩٦.

(٥) الحاوي الكبير ٤ : ٧٥ ، المغني ٣ : ٢٢٢ ، تفسير الطبري ٢ : ١٢٠ ، أحكام القرآن - للجصّاص - ١ : ٢٦٣ - ٢٦٤ ، سنن البيهقي ٥ : ٣٠.

(٦) صحيح البخاري ٢ : ١٦٥ ، سنن البيهقي ٥ : ٢٩.

(٧) الكافي ٤ : ٣١٨ / ١ ، التهذيب ٥ : ٥٤ - ٥٥ / ١٦٦.

١٩١

مسألة ١٤٣ : ميقات أهل المدينة ذو الحليفة - وهو مسجد الشجرة - اختياراً ، وهو على عشرة مراحل من مكة ، وعن المدينة ميل ، وعند الضرورة الجحفة.

روى العامّة عن جابر أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : ( مهلّ أهل المدينة من ذي الحليفة والطريق الآخر من الجحفة )(١) .

ومن طريق الخاصة : ما رواه الحلبي - في الحسن - عن الصادقعليه‌السلام ، قال : « الإِحرام من مواقيت خمسة وقّتها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، لا ينبغي لحاج ولا لمعتمر أن يُحْرم قبلها ولا بعدها ، وقّت لأهل المدينة ذا الحليفة ، وهو مسجد الشجرة »(٢) الحديث.

وفي الصحيح عن الحلبي ، قال : سألته من أين يُحْرم الرجل إذا جاوز الشجرة؟ فقال : « من الجحفة ولا يجاوز الجحفة إلّا محرماً »(٣) .

وكان الصادقعليه‌السلام عليلاً فأحرم من الجحفة(٤) .

مسألة ١٤٤ : العقيق ميقات أهل العراق ، وكلّ جهاته ميقات من أين أحرم جاز ، لكن الأفضل الإِحرام من المسلخ ، وتليه غمرة ، وآخره ذات عرق.

وروى العامّة عن ابن عباس أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وقّت لأهل المشرق العقيق(٥) .

قال ابن عبد البرّ : العقيق أولى وأحوط من ذات عرق ، وذات عرق‌

____________________

(١) صحيح مسلم ٢ : ٨٤١ / ١٨ ، سنن البيهقي ٥ : ٢٧.

(٢) الكافي ٤ : / ٣١٩ / ٢ ، الفقيه ٢ : ١٩٨ / ٩٠٣ ، التهذيب ٥ : ٥٥ / ١٦٧.

(٣) التهذيب ٥ : ٥٧ / ١٧٧.

(٤) التهذيب ٥ : ٥٧ / ١٧٦.

(٥) سنن أبي داود ٢ : ١٤٣ / ١٧٤٠ ، سنن الترمذي ٣ : ١٩٤ / ٨٣٢ ، سنن البيهقي ٥ : ٢٨.

١٩٢

ميقاتهم بإجماع(١) .

ومن طريق الخاصة : ما رواه ابن بابويه عن الصادقعليه‌السلام ، قال : « وقّت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لأهل العراق العقيق أوّله المسلخ ووسطه غمرة وآخره ذات عرق ، وأوّله أفضل »(٢) .

واعلم أنّ أبعد المواقيت ذو الحليفة على عشرة مراحل من مكة ، وتليه في البُعْد : الجحفة ، والمواقيت الثلاثة على مسافة واحدة بينها وبين مكة ليلتان قاصدتان.

مسألة ١٤٥ : المواقيت المذكورة مواقيت لأهلها ولمن مرّ بها ممّن يُريد الحجّ أو العمرة ، فإذا حجّ الشامي من المدينة فجاز على ذي الحليفة ، أحرم منها ، وإن حجّ من اليمن ، فميقاته يلملم ، وإن حجّ من العراق ، فميقاته العقيق ، وكذا غيرها ، ولا نعلم فيه خلافاً ؛ لما روى العامّة أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ( هُنّ لهنّ ولمن أتى عليهنّ من غير أهلهنّ ممّن أراد الحجّ والعمرة )(٣) .

ومن طريق الخاصة : قول الكاظمعليه‌السلام : « مَنْ دخل المدينة فليس له أن يُحْرم إلّا من المدينة»(٤) .

ولأنّ التكليف بالمضيّ إلى ميقات بلده ضرر ، فيكون منفيّاً.

مسألة ١٤٦ : الصبي ميقاته هذه المواقيت ، ويجوز أن يجرّد من فخّ ، وأن يؤخّر إحرامه(٤) إليه ، لما رواه معاوية بن عمّار ، قال : سمعت الصادقعليه‌السلام يقول : « قدّموا من كان معكم من الصبيان إلى الجحفة أو إلى بطن‌

____________________

(١) المغني والشرح الكبير ٣ : ٢١٤.

(٢) الفقيه ٢ : ١٩٩ / ٩٠٧.

(٣) صحيح البخاري ٢ : ١٦٦ ، سنن البيهقي ٥ : ٢٩.

(٤) التهذيب ٥ : ٥٧ - ٥٨ / ١٧٩.

(٥) في النسخ الخطية والحجرية : إحرامهم. وما أثبتناه يقتضيه السياق.

١٩٣

مَرّ ثم يصنع بهم ما يصنع بالمـُحْرم ويطاف بهم ويسعى بهم ، ومن لم يجد منهم هدياً صام عنه وليّه»(١) .

وسأل أيّوب(٢) الصادقعليه‌السلام عن الصبيان أين نجرّدهم للإِحرام؟

فقال : « كان أبي يجرّدهم من فخّ »(٣) .

مسألة ١٤٧ : ميقات عمرة التمتّع هذه المواقيت ، وميقات حجّه مكّة لا غير ، فإن أحرم من غير مكة اختياراً ، لم يجزئه ، وكان عليه العود إلى مكة لإِنشاء الإِحرام ، ذهب إليه علماؤنا.

وقال أحمد : يخرج إلى الميقات فيحرم منه للحجّ(٤) .

وليس بصحيح ؛ لما رواه العامّة أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله دخل على عائشة وهي تبكي ، قال لها : ( أهلّي بالحجّ )(٥) وكانت بمكة.

وأمر أصحابه بالإِحرام من مكة لمـّا فسخوا الحجّ(٦) .

ومن طريق الخاصة : قول الصادقعليه‌السلام : « إذا كان يوم التروية - إلى أن قال - وادخل المسجد - إلى أن قال - فأحرم بالحجّ »(٧) .

إذا عرفت هذا ، فلو أحرم من غير مكة اختياراً ، لم يجزئه ، وكان عليه العود إلى مكة لإِنشاء الإِحرام ؛ لأنّ النبيعليه‌السلام أمر أصحابه بالإِحرام من مكة(٨) .

وقال الشافعي : يجوز أن يخرج إلى أحد المواقيت فيُحْرم بالحجّ‌

____________________

(١) الكافي ٤ : ٣٠٤ / ٤ ، الفقيه ٢ : ٣٦٦ / ١٢٩٤ ، التهذيب ٥ : ٤٠٩ / ١٤٢٣.

(٢) في النسخ الخطية والحجرية : أبو أيوب ، وما أثبتناه من المصدر وكما في المعتبر : ٣٤٢.

(٣) التهذيب ٥ : ٤٠٩ / ١٤٢١.

(٤) المغني ٣ : ٢١٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٢١٨.

(٥) سنن أبي داود ٢ : ١٥٤ - ١٥٥ / ١٧٨٥ ، سنن النسائي ٥ : ١٦٥.

(٦) صحيح مسلم ٢ : ٨٨٢ / ١٢١٤ ، المغني ٣ : ٢١٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٢١٨.

(٧) الكافي ٤ : ٤٥٤ / ١ ، التهذيب ٥ : ١٦٧ / ٥٥٧.

(٨) صحيح مسلم ٢ : ٨٨٢ / ١٢١٤ ، المغني ٣ : ٢١٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٢١٨.

١٩٤

منه(١) .

ويجوز أن يُحرم من أيّ موضع كان من مكة ؛ لأنّها كلّها ميقات ، لكن الأفضل الإِحرام من المسجد ، وأفضله تحت الميزاب أو في مقام إبراهيمعليه‌السلام .

ولو خرج من مكة بغير إحرام ناسياً أو جاهلاً ، رجع إليها أو أحرم منها ، فإن عرض له مانع ، أحرم من موضعه ولو بعرفات ، وكذا في الخائف من الرجوع.

مسألة ١٤٨ : هذه المواقيت المذكورة مواقيت للحجّ على ضروبه وللعمرة المفردة إجماعاً إذا قدم مكة حاجّاً أو معتمراً.

أمّا المفرد والقارن إذا قضيا مناسك الحج وأرادا الاعتمار ، أو غيرهما ممّن يريد الاعتمار ، فإنّه يلزمه أن يخرج إلى أدنى الحلّ ، فيُحْرم بالعمرة المفردة ثم يعود إلى مكة للطواف والسعي ؛ لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لمـّا أرادت عائشة أن تعتمر بعد التحلّل من الحجّ أمر عبد الرحمن أن يعمرها من التنعيم(٢) ، وهو من الحلّ.

ولو خرج إلى أحد المواقيت فأحرم منه ، جاز لكن خفّف عنه بالإِحرام من أدنى الحلّ.

وينبغي أن يُحْرم من الجعرانة ؛ فإنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله اعتمر منها(٣) ، فإن فاتته فمن التنعيم ؛ لأنّ النبيعليه‌السلام أمر عائشة بالإِحرام منها(٤) ، فإن فاتته فمن الحديبية ؛ لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لمـّا قفل(٥) من‌

____________________

(١) فتح العزيز ٧ : ٧٨ ، المجموع ٧ : ١٩٦.

(٢) صحيح البخاري ٣ : ٤ و ٥ ، صحيح مسلم ٢ : ٨٧١ / ١١٣ ، سنن البيهقي ٤ : ٣٥٧‌

(٣) صحيح البخاري ٣ : ٣ ، سنن أبي داود ٢ : ٢٠٥ - ٢٠٦ - ١٩٩٣ و ١٩٩٤ ، سنن الترمذي ٣ : ١٨٠ / ٨١٦.

(٤) صحيح البخاري ٣ : ٦ ، صحيح مسلم ٢ : ٨٧٠ - ٨٧١ / ١١٢ ، سنن البيهقي ٥ : ٦.

(٥) قفل : رجع. النهاية - لابن الأثير - ٤ : ٩٢.

١٩٥

حنين أحرم بالجعرانة(١) .

النظر الثاني : في أحكام المواقيت‌

مسألة ١٤٩ : لا يجوز الإِحرام قبل الميقات عند علمائنا إلّا لناذر على خلاف ، ولمـُريد العمرة في رجب إذا خاف فواته.

وأطبق العامّة على جوازه(٢) ، واختلفوا في الأفضل.

فقال مالك : الأفضل الإِحرام من الميقات ، ويكره قبله. وبه قال عمر وعثمان والحسن وعطاء ومالك وأحمد وإسحاق(٣) .

وقال أبو حنيفة : الأفضل الإِحرام من بلده(٤) .

وعن الشافعي كالمذهبين(٥) .

وكان علقمة والأسود وعبد الرحمن وأبو إسحاق يحرمون من بيوتهم(٦) .

لنا : ما رواه العامّة أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أحرم من الميقات(٧) ، ولا يفعل إلّا الراجح ، وقالعليه‌السلام : ( خُذوا عنّي مناسككم )(٨) فوجب‌

____________________

(١) الكامل في التاريخ ٢ : ٢٧٢.

(٢) المغني ٣ : ٢٢٢ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٢٦ ، المجموع ٧ : ٢٠٠ ، المبسوط - للسرخسي - ٤ : ١٦٦ ، بدائع الصنائع ٢ : ١٦٤ ، المنتقى - للباجي - ٢ : ٢٠٥.

(٣) المدوّنة الكبرى ١ : ٣٦٣ ، بداية المجتهد ١ : ٣٢٤ ، الكافي في فقه أهل المدينة : ١٤٨ ، المغني ٣ : ٢٢٢ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٢٦ ، حلية العلمَاء ٣ : ٢٧٠ ، فتح العزيز ٧ : ٩٣.

(٤) الاختيار لتعليل المختار ١ : ١٨٥ ، المغني ٣ : ٢٢٢ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٢٦ ، فتح العزيز ٧ : ٩٣ ، حلية العلماء ٣ : ٢٧٠ ، المجموع ٧ : ٢٠٢.

(٥) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢١٠ ، المجموع ٧ : ٢٠٠ ، حلية العلماء ٣ : ٢٧٠ ، فتح العزيز ٧ : ٩٣ ، المغني ٣ : ٢٢٢ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٢٦.

(٦) المغني ٣ : ٢٢٢ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٢٦ ، وانظر : المجموع ٧ : ٢٠٢.

(٧) المغني ٣ : ٢٢٣ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٢٧.

(٨) سنن البيهقي ٥ : ١٢٥.

١٩٦

اتّباعه.

ومن طريق الخاصة : قول الصادقعليه‌السلام : « من أحرم بالحجّ في غير أشهر الحجّ فلا حجّ له ، ومن أحرم دون الميقات فلا إحرام له »(١) .

ولأنّه أحرم قبل الميقات ، فكان حراماً ، كالإِحرام قبل أشهر الحجّ.

ولما فيه من التغرير بالإِحرام والتعرّض لفعل محظوراته ، وفيه مشقّة على النفس ، فمُنع ، كالوصال في الصوم.

احتجّوا : بما رواه العامّة عن اُمّ سلمة زوج النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّها سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : (من أهلّ بحجّة أو عمرة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام غفر له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر)(٢) .

وفي الطريق ضعف عند العامّة(٣) .

مسألة ١٥٠ : سوّغ أكثر أصحابنا(٤) الإِحرام قبل المواقيت في موضعين :

الأول : إذا نذر أن يُحرم قبل الميقات ؛ لما رواه الحلبي - في الصحيح - عن الصادقعليه‌السلام ، قال : سألته عن رجل جعل لله عليه شكراً أن يُحرم من الكوفة ، قال : « فليُحْرم من الكوفة وليف لله بما قال »(٥) .

الثاني : مَنْ يريد الإِحرام بالعمرة المفردة في رجب ، فإنّه إذا خشي تقضّيه قبل الوصول إلى الميقات ، جاز له أن يُحْرم قبل الميقات ليدرك التلبّس بالعمرة في رجب ؛ لما رواه إسحاق بن عمّار عن الكاظمعليه‌السلام عن‌

____________________

(١) الكافي ٤ : ٣٢٢ / ٤ ، التهذيب ٥ : ٥٢ / ١٥٧ ، الاستبصار ٢ : ١٦٢ / ٥٢٩.

(٢) سنن أبي داود ٢ : ١٤٣ / ١٧٤١ ، سنن البيهقي ٥ : ٣٠ ، وانظر : المغني ٣ : ٢٢٢ ، والشرح الكبير ٣ : ٢٢٦.

(٣) المغني ٣ : ٢٢٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٢٣ - ٢٢٤.

(٤) منهم ابن حمزة في الوسيلة : ١٥٩ - ١٦٠ ، والمحقّق في المعتبر : ٣٤٢ ، وشرائع الإِسلام ١ : ٢٤٢ ، ويحيى بن سعيد في الجامع للشرائع : ١٧٨.

(٥) التهذيب ٥ : ٥٣ / ١٦٢ ، الاستبصار ٢ : ١٦٣ / ٥٣٤.

١٩٧

الرجل يجي‌ء معتمراً ينوي عمرة رجب ، فيدخل عليه الهلال قبل أن يبلغ العقيق ، أيُحْرم قبل الوقت ويجعلها لرجب أو يؤخّر الإِحرام إلى العقيق ويجعلها لشعبان؟ قال : « يُحْرم قبل الوقت لرجب ، فإنّ لرجب فضلاً وهو الذي نوى »(١) .

مسألة ١٥١ : وكما لا يجوز الإِحرام قبل الميقات كذا لا يجوز مجاوزته بغير إحرام لمن يريد النسك ، فإن جاوزه فعليه أن يرجع ليُحْرم منه إن أمكنه ، سواء تجاوزه عالماً أو جاهلاً ، وسواء علم تحريم ذلك أو جهله ، فإن رجع إليه فأحرم منه ، فلا شي‌ء عليه ، ولا نعلم فيه خلافاً ؛ لأنّ فائدة توقيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لهذه المواقيت : الإِلزام بالمناسك منها لا يتقدّم عنها ولا يتأخّر.

ولما رواه معاوية بن عمّار - في الصحيح - عن الصادقعليه‌السلام ، قال : « من تمام الحجّ والعمرة أن تُحرم من المواقيت التي وقّتها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولا تجاوزها إلّا وأنت مُحْرم »(٢) .

مسألة ١٥٢ : لو أحرم غير الناذر وغير مريد الاعتمار في رجب قبل الميقات ، لم ينعقد إحرامه ، ولم يعتدّ به ، ولو فعل ما هو محظور على المـُحْرم ، لم يكن عليه شي‌ء ، وإذا بلغ الميقات ، وجب عليه تجديد الإِحرام من رأس ؛ لأنّ ما فَعَله كان منهيّاً عنه ، فلا يكون مجزئاً.

ولأنّ الباقرعليه‌السلام شبّه ذلك بمن صلّى في السفر أربعاً(٣) ، والصادقعليه‌السلام شبّهه بمن صلّى العصر(٤) ستّاً(٥) ، والمعنى واحد ، وهو‌

____________________

(١) الكافي ٤ : ٣٢٣ / ٩ ، التهذيب ٥ : ٥٣ / ١٦٠ ، الاستبصار ٢ : ١٦٢ - ١٦٣ / ٥٣٢.

(٢) الكافي ٤ : ٣١٨ / ١ ، التهذيب ٥ : ٥٤ / ١٦٦.

(٣) الكافي ٤ : ٣٢١ - ٣٢٢ / ٢ ، التهذيب ٥ : ٥١ / ١٥٥ ، الاستبصار ٢ : ١٦١ / ٥٢٧.

(٤) في الاستبصار والطبعة الحجرية و « ط » : الظهر.

(٥) التهذيب ٥ : ٥٢ / ١٥٦ ، الاستبصار ٢ : ١٦١ - ١٦٢ / ٥٢٨.

١٩٨

الزيادة في الفريضة ، كزيادة المـُحْرم قبل الميقات على المقدار المعتبر في نظر الشرع.

وقال الباقرعليه‌السلام : « من أحرم من دون الوقت الذي وقّته رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فأصاب شيئاً من النساء والصيد فلا شي‌ء عليه »(١) .

وأطبق الجمهور كافّة على صحة هذا الإِحرام(٢) .

مسألة ١٥٣ : لو ترك الإِحرام من الميقات عامداً مع إرادة النسك ، وجب عليه الرجوع إلى الميقات والإِحرام منه مع المكنة ، ولا نعلم في ذلك خلافاً ؛ لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله جعل المواقيت مواطن الإِحرام ، ومنع من الجواز بها إلّا لمـُحْرم إذا كان مُريداً للنسك(٣) .

ولما روى العامّة أنّ أبا الشعثاء جابر بن زيد رأى ابن عباس يردّ مَنْ جاوز الميقات غير مُحْرم(٤) .

ومن طريق الخاصة : ما رواه الحلبي - في الصحيح - عن الصادقعليه‌السلام ، قال : سألته عن رجل ترك الإِحرام حتى دخل الحرم ، فقال : « يرجع إلى ميقات أهل بلاده الذي يُحْرمون منه ، فيُحرم ، وإن خشي أن يفوته الحجّ فليُحْرم من مكانه ، فإن استطاع أن يخرج من الحرم فليخرج»(٥) .

إذا عرفت هذا ، فلو لم يتمكّن من الرجوع إلى الميقات وكان قد ترك الإِحرام من الميقات عامداً متمكّناً منه مع إرادة النسك ، بطل حجّة - وبه قال سعيد بن جبير(٦) - لأنّه ترك الإِحرام من الميقات عامداً متمكّناً ، فبطل حجّه ،

____________________

(١) التهذيب ٥ : ٥٤ / ١٦٥.

(٢) تقدّم تخريجه في المسألة ١٤٩.

(٣) صحيح البخاري ٢ : ١٦٦ ، صحيح مسلم ٢ : ٨٣٨ - ٨٣٩ / ١١ و ١٢ ، سنن البيهقي ٥ : ٢٩.

(٤) الاُم ٢ : ١٣٨ ، سنن البيهقي ٥ : ٢٩.

(٥) التهذيب ٥ : ٥٨ / ١٨٠.

(٦) المغني ٣ : ٢٢٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٢٦ ، الحاوي الكبير ٤ : ٧٢ ، المجموع ٧ : =

١٩٩

كما لو ترك الوقوف بعرفة.

وقالت العامّة : يجبره بدم ، ويُحْرم من موضعه ؛ لما رواه ابن عباس : أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ( من ترك نسكاً فعليه دم )(١) .

ونحن إنّما نثبت العموم لو قلنا بصحة الحج ، وهو ممنوع.

ولو أحرم من موضعه مع تركه عامداً قادراً ، لم يجزئه على ما بيّنّاه ، ولو عاد إلى الميقات فكذلك ما لم يجدّد الإِحرام ؛ لأنّ الأول لم ينعقد ، فجرى مجرى الإِخلال بالإِحرام.

ولا فرق في بطلان الحج بين أن يكون عدم التمكّن من الرجوع لمرض أو خوف أو ضيق الوقت.

مسألة ١٥٤ : لو ترك الإِحرام عامداً فقد قلنا بوجوب الرجوع ، فإن رجع إلى الميقات وأحرم منه ، فلا دم عليه ، سواء رجع بعد التلبّس بشي‌ء من أفعال الحج ، كطواف القدوم مثلاً ، أو الوقوف ، أو لم يتلبّس - وبه قال عطاء والحسن والنخعي(٢) - لأنّ إحرامه من موضعه لا اعتداد به ، وكذا ما فعله ، ومع الرجوع إلى الميقات يصح إحرامه ، والأصل براءة الذمّة من الدم.

ولأنّه رجع إلى الميقات وأحرم منه ، فلا شي‌ء عليه ، كما لو لم يفعل شيئاً من مناسك الحج.

وقال الشافعي : إن رجع قبل التلبّس ، فلا شي‌ء عليه ، وإن رجع بعد التلبّس ، وجب عليه دم(٣) ؛ لأنّه أحرم من دون الميقات فوجب الدم ، لكن برجوعه سقط ، لأنّه حصل في الميقات محرماً قبل التلبّس بشي‌ء من أفعال‌

____________________

= ٢٠٨.

(١) الحاوي الكبير ٤ : ٧٣ ، المغني والشرح الكبير ٣ : ٢٢٥.

(٢) المغني والشرح الكبير ٣ : ٢٢٥ ، المجموع ٧ : ٢٠٨.

(٣) الحاوي الكبير ٤ : ٧٣ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢١٠ ، المجموع ٧ : ٢٠٧ ، حلية العلماء ٣ : ٢٧١ ، فتح العزيز ٧ : ٩٢ ، المغني والشرح الكبير ٣ : ٢٢٥.

٢٠٠

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

٨ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام مثل ذلك وقال إنما كره ذلك مخافة أن يزره الجاهل فأما الفقيه فلا بأس أن يلبسه.

٩ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال لا تلبس ثوبا له أزرار وأنت محرم إلا أن تنكسه ولا ثوبا تدرعه ولا سراويل إلا أن لا يكون لك إزار ولا خفين إلا أن لا يكون لك نعلان قال وسألته عن المحرم يقارن بين ثيابه التي أحرم فيها وغيرها قال لا بأس بذلك إذا كانت طاهرة.

١٠ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن المحرم يتردى بالثوبين قال نعم والثلاثة إن شاء يتقي بها البرد والحر.

١١ ـ علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام

الحديث الثامن : حسن.

قوله عليه‌السلام : (١) « لا تلبس ثوبا له أزرار » قال السيدرحمه‌الله في المدارك : لا خلاف بين الأصحاب في حرمة لبس الثياب المخيطة للرجال حال الإحرام. وظاهر الروايات إنما يدل على تحريم القميص والقباء والسراويل والثوب المزرر والمدرع لا مطلق المخيط ، وقد اعترف الشهيد بذلك في الدروس : وقال تظهر الفائدة في الخياطة في الإزار وشبهه.

ونقل عن ابن الجنيد : أنه قيد المخيط بالضام للبدن ومقتضاه عدم تحريم التوشح به ولا ريب أن اجتناب مطلق المخيط كما ذكره المتأخرون أحوط.

الحديث العاشر : حسن وعليه الأصحاب.

الحديث الحادي عشر : حسن وقال في الدروس : يجوز أن يلبس أكثر من ثوبين

__________________

(١) الظاهر أنّ هنا سقط وهو الحديث التاسع.

٢٨١

لا بأس بأن يغير المحرم ثيابه ولكن إذا دخل مكة لبس ثوبي إحرامه اللذين أحرم فيهما وكره أن يبيعهما.

١٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد ، عن حماد بن عثمان ، عن عبد الرحمن بن الحجاج قال سألت أبا الحسنعليه‌السلام عن المحرم يلبس الخز قال لا بأس.

١٣ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن علي ، عن أحمد بن عائذ ، عن الحسين بن مختار قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام يحرم الرجل في الثوب الأسود قال لا يحرم في الثوب الأسود ولا يكفن به الميت.

١٤ ـ أحمد ، عن ابن محبوب ، عن العلاء بن رزين ، عن محمد بن مسلم ، عن أحدهماعليهما‌السلام قال سألته عن الرجل يحرم في ثوب وسخ قال لا ولا أقول إنه حرام ولكن أحب أن يطهره وطهوره غسله ولا يغسل الرجل ثوبه الذي يحرم فيه حتى يحل وإن

للحر أو البرد وأن يبدل الثياب ويستحب له الطواف فيما أحرم فيه.

وروى محمد بن مسلم « أنه يكره غسلهما وإن توسخا إلا لنجاسة »(١) .

وروى معاوية بن عمار كراهة بيعهما(٢) .

الحديث الثاني عشر : ضعيف على المشهور.

قوله عليه‌السلام : « لا بأس » : الظاهر أن المراد به غير ثوبي الإحرام ولو أريد به التعميم فلعله محمول على وبر الخز لا جلده.

الحديث الثالث عشر : موثق.

قوله عليه‌السلام : « لا يحرم » ظاهر الشيخ في النهاية : حرمه الإحرام في السواد وحمل على تأكد الكراهة.

الحديث الرابع عشر : صحيح. والمشهور بين الأصحاب كراهة الإحرام في

__________________

(١) الوسائل : ج ٩ ص ١١٧ ح ١.

(٢) الوسائل : ج ٩ ص ٣٩ ح ١.

٢٨٢

توسخ إلا أن يصيبه جنابة أو شيء فيغسله.

١٥ ـ أحمد ، عن ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سئل عن خلوق الكعبة للمحرم أيغسل منه الثوب قال لا هو طهور ثم قال إن بثوبي منه لطخا.

١٦ ـ أحمد ، عن ابن فضال ، عن المفضل بن صالح ، عن ليث المرادي قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الثوب المعلم هل يحرم فيه الرجل قال نعم إنما يكره

الثياب الوسخة كما دلت عليه الرواية وكذا كراهة غسل الثوب الذي أحرم فيه وإن توسخت إلا مع النجاسة.

الحديث الخامس عشر : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « لا هو طهور » أي لا بأس به لأنه يستعمل لتطهير البيت وتطييبه واستثناء خلوق الكعبة بين أنواع الطيب موضع وفاق.

وقال في النهاية : ذكرالخلوق قد تكرر في غير موضع وهو طيب معروف مركب يتخذ من الزعفران وغيره من أنواع الطيب وتغلب عليه الحمرة والصفرة(١) .

الحديث السادس عشر : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « عن الثوب المعلم » أي الذي فيه علم حرير أو ألوان.

وقيل : مطلق الملون. وقال في المدارك : الثوب المعلم المشتمل على علم وهو لون يخالف لونه فيعرف به يقال : اعلم الثوب القصار فهو معلم بالبناء للفاعل أو الثوب المعلم ، وقد قطع المحقق وجمع من الأصحاب بكراهة الإحرام فيه ، واستدلوا عليه بصحيحة معاوية بن عمار قال : قال أبو عبد اللهعليه‌السلام « لا بأس بأن يحرم الرجل بالثوب المعلم وتركه أحب إلى إذا قدر على غيره »(٢) .

مع أن ابن بابويه : روى في الصحيح عن الحلبي ، « قال سألته يعني أبا عبد الله

__________________

(١) النهاية لابن الأثير : ج ٢ ص ٧١.

(٢) الوسائل : ج ٩ ص ١١٨ ح ٣.

٢٨٣

الملحم.

١٧ ـ أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن عبد الله بن هلال قال سئل أبو عبد اللهعليه‌السلام عن الثوب يكون مصبوغا بالعصفر ثم يغسل ألبسه وأنا محرم قال نعم ليس العصفر من الطيب ولكن أكره أن تلبس ما يشهرك به الناس.

١٨ ـ أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن الحسين بن أبي العلاء قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الثوب يصيبه الزعفران ثم يغسل فلا يذهب أيحرم فيه قال لا بأس

عليه‌السلام عن الرجل يحرم في ثوب له علم ، فقال : لا بأس به »(١) .

وفي الصحيح : عن ليث المرادي(٢) وأورد هذا الخبر.

وقال الجوهري« الملحم » كمكرم جنس من الثياب(٣) ، وقيل : الملحم هو لحمة إبريسم كالقطني المعروف عندنا ، وفي بعض النسخ إنما يكره كما في الفقيه وهو الظاهر ، وفي بعضها إنما يحرم ولعله محمول على الكراهة أو على أن المراد بالملحم ما كان من الحرير المحض.

الحديث السابع عشر : مجهول.

قوله عليه‌السلام : « نعم » اعلم : أن المشهور بين الأصحاب كراهة المعصفر وكل ثوب مصبوغ مقدم ، وقال في المنتهى : لا بأس بالمعصفر من الثياب ويكره إذا كان مشبعا ، وعليه علماؤنا.

والأظهر : عدم كراهة المعصفرة مطلقا إذا الظاهر من الأخبار أن أخبار النهي محمولة على التقية كما يومئ إليه آخر هذا الخبر.

الحديث الثامن عشر : حسن.

__________________

(١) الوسائل : ج ٩ ص ١١٩ ح ٤.

(٢) الوسائل : ج ٩ ص ١١٨ ح ١.

(٣) الصحاح للجوهري : ج ٥ ص ٢٠٢٧.

٢٨٤

به إذا ذهب ريحه ولو كان مصبوغا كله إذا ضرب إلى البياض وغسل فلا بأس به.

١٩ ـ الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن الحسن بن علي ، عن أبان ، عن إسماعيل بن الفضل قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن المحرم يلبس الثوب قد أصابه الطيب قال إذا ذهب ريح الطيب فليلبسه.

٢٠ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد بن عثمان ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال لا بأس بأن يحرم الرجل في ثوب مصبوغ بمشق ولا بأس بأن يحول المحرم ثيابه قلت إذا أصابها شيء يغسلها قال نعم وإن احتلم فيها.

٢١ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن أحمد ، عن أحمد بن الحسن بن علي ، عن عمرو بن سعيد ، عن مصدق بن صدقة ، عن عمار بن موسى قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الرجل يلبس لحافا ظهارته حمراء وبطانته صفراء قد أتى له سنة وسنتان قال ما لم يكن له ريح

قوله عليه‌السلام : « إذا ضرب إلى البياض » الظاهر أن ذلك لئلا يكون مشبعا فيكره : ويحتمل : أن يكون المعنى أن يغسل حتى يضرب إلى البياض فإنه حينئذ تذهب ريحه غالبا.

وقال في المدارك : يحرم على المحرم لبس الثوب المطيب سواء صبغ بالطيب ، أو غمس فيه كما يغمس في ماء الورد أو بخر به وكذا لا يجوز له افتراشه والجلوس والنوم عليه ولو فرش فوقه ثوب صفيق يمنع الرائحة والمباشرة جاز الجلوس عليه والنوم ولو كان الحائل بينهما ثياب بدنه فوجهان واختار في المنتهى المنع ولو غسل الثوب حتى ذهب طيبه جاز لبسه بإجماع العلماء.

الحديث التاسع عشر : ضعيف.

الحديث العشرون : حسن ويدل على عدم كراهة المصبوغ بالمشق وهو بالكسر طين أحمر كما ذكره جماعة من الأصحاب.

الحديث الحادي والعشرون : موثق.

٢٨٥

فلا بأس وكل ثوب يصبغ ويغسل يجوز الإحرام فيه فإن لم يغسل فلا.

٢٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي نصر ، عن نجيح ، عن أبي الحسنعليه‌السلام قال لا بأس بلبس الخاتم للمحرم وفي رواية أخرى لا يلبسه للزينة

(باب)

(المحرم يشد على وسطه الهميان والمنطقة)

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن صفوان الجمال قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام إن معي أهلي وأنا أريد أن أشد نفقتي في حقوي فقال نعم فإن أبيعليه‌السلام كان يقول من قوة المسافر حفظ نفقته.

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن عاصم بن حميد ، عن أبي بصير قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن المحرم يشد على بطنه العمامة قال لا ثم قال كان أبي يقول يشد على بطنه المنطقة التي فيها

قوله عليه‌السلام : « فإن لم يغسل فلا » محمول على ما إذا صبغ بالطيب وبقيت ريحه.

الحديث الثاني والعشرون : مجهول. ويحرم لبس الخاتم للزينة وجوازه للسنة مقطوع به في كلام الأصحاب.

باب المحرم يشد على وسطه الهميان والمنطقة

الحديث الأول : ضعيف على المشهور. وقال في القاموس :الهميان بالكسر كيس للنفقة يشد في الوسط(١) . وقالألحقوا الكشح والإزار ويكسر أو مقعده كالحقوة.

الحديث الثاني : صحيح. وقال في المدارك : يجوز للمحرم شد العمامة على بطنه للأصل ، وصحيحة الحلبي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام «قال : المحرم يشد على

__________________

(١) القاموس المحيط : ج ٤ ص ٢٧٨.

٢٨٦

نفقته يستوثق منها فإنها من تمام حجه.

٣ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن صفوان ، عن يعقوب بن شعيب قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن المحرم يصر الدراهم في ثوبه قال نعم ويلبس المنطقة والهميان.

بطنه العمامة وإن شاء يعصبها على موضع الإزار ولا يرفعها إلى صدره»(١) .

ومقتضاها تحريم عصبها على الصدر ، والأولى اجتناب شدها مطلقا لصحيحة أبي بصير(٢) .

الحديث الثالث : صحيح. وقال في المدارك : قال في المنتهى يجوز للمحرم أن يعقد إزاره عليه لأنه يحتاج إليه لستر العورة ، وهو حسن وكذا يجوز له عقد الهميان للأصل. وصحيحة يعقوب بن شعيب(٣) .

وقال في المنتهى : إنه لو أمكن إدخال سيور الهميان بعضها في بعض وعدم عقدها فعل لانتفاء الحاجة إلى العقد. وهو حسن ، وإن كان الأظهر الجواز مطلقا ، ومقتضى الرواية استثناء المنطقة أيضا وهي ما يشد بها الوسط ، وبه قطع في الدروس.

__________________

(١) الوسائل : ج ٩ ص ١٥٨ ح ١.

(٢) الوسائل : ج ٩ ص ١٥٨ ح ٢.

(٣) الوسائل : ج ٩ ص ١٢٨ ح ١.

٢٨٧

(باب)

( ما يجوز للمحرمة أن تلبسه من الثياب والحلي وما يكره لها من ذلك)

١ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان ، عن عيص بن القاسم قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام المرأة المحرمة تلبس ما شاءت من الثياب غير الحرير

باب ما يجوز للمحرمة أن تلبسه من الثياب والحلي وما يكره لها من ذلك

الحديث الأول : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « ما شاءت من الثياب » يدل على جواز لبس المخيط للنساء في حال الإحرام كما هو المشهور بين الأصحاب. بل قال في التذكرة : إنه مجمع عليه بين العلماء ، وقال في المنتهى : يجوز للمرأة لبس المخيط إجماعا ولا نعلم فيه خلافا إلا قولا شاذا للشيخ لا اعتداد به ، وهذا القول : ذهب إليه الشيخ في النهاية ، وطاهر كلامه حيث قال : ويحرم على المرأة حال الإحرام من لبس الثياب جميع ما يحرم على الرجال ويحل لها ما يحل له مع أنه قال بعد ذلك : وقد وردت رواية بجواز لبس القميص للنساء والأفضل ما قدمناه وأما السراويل فلا بأس بلبسه لهن على كل حال ، وأما لبس القفازين فقد قطع العلامة في التذكرة والمنتهى بتحريمه وظاهره دعوى الإجماع عليه.

وقال في المدارك : ولو لا ذلك لأمكن القول بالجواز ، وحمل النهي على الكراهة كما في الحرير.

قال في التذكرة : والمراد بالقفازين شيء تتخذه المرأة لليدين يحشى بقطن تكون له أزرار تزره على الساعدين من البرد تلبسه المرأة.

وقال الجزري : فيه لا تتنقب المحرمة ولا تلبس قفازا ، هو بالضم والتشديد

٢٨٨

والقفازين وكره النقاب وقال تسدل الثوب على وجهها قلت حد ذلك إلى أين قال إلى طرف الأنف قدر ما تبصر.

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن منصور بن العباس ، عن إسماعيل بن مهران ، عن النضر بن سويد ، عن أبي الحسنعليه‌السلام قال سألته عن المرأة المحرمة أي شيء تلبس من الثياب قال تلبس الثياب كلها إلا المصبوغة بالزعفران والورس ولا تلبس القفازين ولا حليا تتزين به لزوجها ولا تكتحل إلا من علة ولا تمس طيبا

شيء تلبسه نساء العرب في أيديهن يغطي الأصابع والكف والساعد توقيا من البرد ، ويكون فيه قطن محشو. وقيل : هو ضرب من الحلي تتخذه المرأة ليديها(١) .

وقال الفيروزآبادي :« أسدل الشعر » أرخاه وأرسله(٢) .

قوله عليه‌السلام : « وكره النقاب » قال في المدارك : أجمع الأصحاب على عدم جواز تغطية المرأة وجهها ، وذهب بعضهم إلى عدم الفرق بين التغطية بثوب وغيره وهو مشكل ، وينبغي القطع بجواز وضع اليدين عليه وجواز نومها على وجهها ، وقد أجمع الأصحاب على أنه يجوز لها سدل ثوبها من فوق رأسها على وجهها قاله في التذكرة ، وفي المنتهى إلى طرف أنفها ، ولا نعلم فيه خلافا ويستفاد من بعض الروايات جواز سدل الثوب إلى النحر ، وظاهر إطلاق الروايات. عدم اعتبار محافاة الثوب عن الوجه وبه قطع في المنتهى.

ونقل عن الشيخ : أنه أوجب المحافاة بخشبة وشبهها بحيث لا تصيب البشرة وحكم بلزوم الدم مع الإصابة وكلا الحكمين مشكل.

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور.

قوله عليه‌السلام : « والورس » نوع من الطيب ولذلك استثناهعليه‌السلام .

وقال في النهاية : « الورس » نبت أصفر يصبغ به(٣) .

__________________

(١) النهاية لابن الأثير : ج ٤ ص ٩٠.

(٢) القاموس المحيط : ج ٣ ص ٣٩٥.

(٣) نهاية ابن الأثير : ج ٥ ص ١٨٣.

٢٨٩

ولا تلبس حليا ولا فرندا ولا بأس بالعلم في الثوب.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال مر أبو جعفرعليه‌السلام بامرأة متنقبة وهي محرمة فقال أحرمي وأسفري وأرخي ثوبك من فوق رأسك فإنك إن تنقبت لم يتغير لونك فقال رجل إلى أين ترخيه فقال تغطي عينيها قال قلت يبلغ فمها قال نعم وقال أبو عبد اللهعليه‌السلام :

قوله عليه‌السلام : « ولا حليا » المشهور بين الأصحاب أنه لا يجوز للمرأة لبس الحلي للزينة وما لم تعتد لبسه منه وإن لم يقصد الزينة ، ويظهر من المحقق في الشرائع : عدم الجزم بتحريم ما لم تعتد لبسه ولا بأس بلبس ما كان معتادا لها من الحلي إذا لم تكن للزينة ولكن لا يحرم عليها إظهاره لزوجها كذا ذكره الأصحاب.

ولكن مقتضى الرواية تحريم إظهاره للرجال مطلقا فيندرج في ذلك الزوج والمحارم وغيرهما فلا وجه لتخصيص الحكم بالزوج.

قوله عليه‌السلام : « ولا تكتحل » المشهور بين الأصحاب حرمة الاكتحال بالسواد للرجل والنساء إلا مع الضرورة.

وقال الشيخ في الخلاف : إنه مكروه. والمشهور أقوى.

قوله عليه‌السلام : « ولا فرندا » لعل النهي عنه للزينة.

وقال الفيروزآبادي : الفرند بكسر الفاء والراء : السيف وثوب معروف معرب(١) .

الحديث الثالث : حسن.

قوله عليه‌السلام : « وأسفري » على بناء المجرد.

قال في مصباح اللغة : « سفرت المرأة سفورا » من باب ضرب كشفت وجهها

__________________

(١) القاموس المحيط : ج ١ ص ٣٢٣.

٢٩٠

المحرمة لا تلبس الحلي ولا الثياب المصبغات إلا صبغ لا يردع.

٤ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان ، عن عبد الرحمن بن الحجاج قال سألت أبا الحسنعليه‌السلام عن المرأة يكون عليها الحلي والخلخال والمسكة والقرطان من الذهب والورق تحرم فيه وهو عليها وقد كانت تلبسه في بيتها قبل حجها أتنزعه إذا أحرمت أو تتركه على حاله قال تحرم فيه وتلبسه من غير أن تظهره للرجال في مركبها ومسيرها.

فهي سافر بغيرها(١) .

قوله عليه‌السلام : « لا يردع » أي لا يكون مصبوغا بطيب.

وقال الفيروزآبادي : « الردع » الزعفران أو لطخ منه أو من الدم أو أثر الطيب في الجسد وثوب مردوع مزعفر ورادع ومردع كمعظم فيه أثر طيب(٢) .

الحديث الرابع : صحيح.

وقال الفيروزآبادي :« الحجل » بالكسر والفتح وكابل وطمر الخلخال والجمع أحجال وحجول(٣) .

وقال :المسك بالتحريك : الأسورة والخلاخيل من القرون والعاج الواحدة بهاء(٤) .

وقال :القرط بالضم : الشنف أو المعلق في شحمة الأذن(٥) .

وقال الشنف : القرط الأعلى أو معلاق في فوق الأذن أو ما علق في أعلاها وأما ما علق في أسفلها فقرط(٦) .

__________________

(١) المصباح المنير : ص ٣٧٩ و ٣٧٨.

(٢) القاموس المحيط : ج ٣ ص ٢٩.

(٣) القاموس المحيط : ج ٣ ص ٣٥٥.

(٤) القاموس المحيط : ج ٣ ص ٣١٨.

(٥) القاموس المحيط : ج ٢ ص ٣٧٨.

(٦) القاموس المحيط : ج ٣ ص ١٦٠.

٢٩١

٥ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن أبي الحسن الأحمسي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن العمامة السابرية فيها علم حرير تحرم فيها المرأة قال نعم إنما كره ذلك إذا كان سداه ولحمته جميعا حريرا ثم قال أبو عبد اللهعليه‌السلام قد سألني أبو سعيد عن الخميصة سداها إبريسم أن ألبسها وكان وجد البرد فأمرته أن يلبسها.

٦ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد أو غيره ، عن داود بن الحصين ، عن أبي عيينة قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام ما يحل للمرأة أن تلبس وهي محرمة قال الثياب كلها ما خلا القفازين والبرقع والحرير قلت تلبس الخز قال نعم قلت فإن سداه الإبريسم وهو حرير قال ما لم يكن حريرا خالصا فلا بأس.

٧ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن عبد الله بن ميمون ، عن جعفر ، عن أبيهعليهما‌السلام قال المحرمة لا تتنقب لأن إحرام المرأة في وجهها وإحرام الرجل في رأسه.

الحديث الخامس : مجهول. وعليه الأصحاب.

الحديث السادس : ضعيف على المشهور. ويدل على عدم جواز لبس الحرير للنساء في حال الإحرام كما ذهب إليه الشيخ وجماعة من الأصحاب وقد دلت عليه صحيحة عيص بن القاسم(١) كما مر.

وذهب المفيد ، وابن إدريس وجماعة من الأصحاب : إلى التحريم ، والروايات مختلفة ، فالمجوزون حملوا أخبار النهي على الكراهة ، والمانعون حملوا أخبار الجواز على الحرير غير المحض كما يومئ إليه هذا الخبر ، والمسألة قوية الإشكال ، ولا ريب أن الاجتناب عنه طريق الاحتياط.

الحديث السابع : موثق. وحمل على ما إذا لم تستدل من رأسها كما هو المتعارف في النقاب.

__________________

(١) الوسائل : ج ٩ ص ٤٣ ح ٩.

٢٩٢

٨ ـ حميد بن زياد ، عن الحسن بن سماعة ، عن غير واحد ، عن أبان بن عثمان ، عن إسماعيل بن الفضل قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن المرأة هل تصلح لها أن تلبس ثوبا حريرا وهي محرمة قال لا ولها أن تلبسه في غير إحرامها.

٩ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن أبي الحسنعليه‌السلام قال مر أبو جعفرعليه‌السلام بامرأة محرمة قد استترت بمروحة فأماط المروحة بنفسه عن وجهها.

١٠ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن صفوان ، عن حريز ، عن عامر بن جذاعة قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام مصبغات الثياب تلبسه المحرمة فقال لا بأس به إلا المفدم المشهور والقلادة المشهورة.

١١ ـ حميد بن زياد ، عن ابن سماعة ، عن غير واحد ، عن أبان ، عن محمد الحلبي قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن المرأة إذا أحرمت أتلبس السراويل قال نعم إنما تريد بذلك السترة.

الحديث الثامن : كالموثق. ويدل على مذهب الشيخ.

الحديث التاسع : ضعيف على المشهور.

الحديث العاشر : حسن على الظاهر. والأخبار في مدح ابن جذاعة وذمة متعارضة ورجح العلامة أخبار المدح.

وقال الجوهري :ثوب مفدم ساكنة الفاء ، إذا كان مصبوغا بحمرة مشبعا.

وصبغ مفدم أيضا ، أي خائر مشبع(١) .

الحديث الحادي عشر : مرسل كالموثق. ويدل على جواز لبس السراويل ولا خلاف فيه بين المجوزين والمانعين للمخيط للنساء وكذا لا خلاف في جواز لبس الغلالة للحائض وهي بكسر الغين ثوب رقيق تلبس تحت الثياب توقيا من الدم.

__________________

(١) الصحاح للجوهري : ج ٥ ص ٢٠٠١.

٢٩٣

(باب)

( المحرم يضطر إلى ما لا يجوز له لبسه)

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في رجل هلكت نعلاه ولم يقدر على نعلين قال له أن يلبس الخفين إذا اضطر إلى ذلك وليشقه من ظهر القدم وإن لبس الطيلسان فلا

باب المحرم يضطر إلى ما لا يجوز له لبسه

الحديث الأول : ضعيف على المشهور.

قوله عليه‌السلام : « أن يلبس الخفين » يستفاد من هذا الخبر أحكام.

الأول : عدم جواز لبس الخفين اختيارا للمحرم وهو مقطوع به في كلام الأصحاب وخصوه بالرجال ، وقال في المدارك : والروايات إنما تدل على تحريم لبس الخف والجورب وغاية ما يمكن إلحاقه ما أشبههما ، أما ستره بما لا يسمى لبسا فليس بمحرم قطعا كما صرح به الشهيدان والأصح اختصاص التحريم بما كان ساترا لظهر القدم بأجمعه.

الثاني : جواز لبسهما عند الضرورة ولا خلاف فيه بين الأصحاب.

الثالث : وجوب شقهما إذا لبسهما عند الضرورة ، وقد اختلف فيه الأصحاب فقال الشيخ وأتباعه : بالوجوب لهذه الرواية وغيرها ، وقال ابن إدريس وجماعة : لا يجب الشق وردوا أخبار الوجوب بالضعف ، واختلف في كيفيته فقيل : يشق ظهر قدميهما كما هو ظاهر الرواية.

وقيل : يقطعهما حتى يكونا أسفل من الكعبين.

وقال ابن حمزة : يشق ظاهر القدمين وإن قطع الساقين كان أفضل.

٢٩٤

يزره عليه فإن اضطر إلى قباء من برد ولا يجد ثوبا غيره فليلبسه مقلوبا ولا يدخل يديه في يدي القباء.

الرابع : جواز لبس الطيلسان.

الخامس : عدم جواز زره وقد سبق القول فيهما.

السادس : جواز لبس القباء عند الضرورة ، وفقد ثوبي الإحرام ولا خلاف فيه.

السابع : وجوب لبسه مقلوبا وهو مقطوع به في كلام الأصحاب ، بل ظاهر التذكرة ، والمنتهى أنه موضع وفاق ، واختلف في معنى القلب ، فذهب ابن إدريس وجماعة إلى أنه ينكسه بجعل الذيل على الكتفين وفسره بعضهم بجعل باطن القباء ظاهرا ، واجتزأ العلامة في المختلف بكل من الأمرين ، أما التنكيس فلظاهر أكثر الأخبار وصريح بعضها ، وأما جعل الباطن ظاهرا فلما ورد في هذا الخبر وغيره من قوله « ولا يدخل يده من يدي القباء » قال : وهذا النهي إنما يتحقق مع القلب بالتفسير الثاني ولقولهعليه‌السلام في رواية محمد بن مسلم « ويلبس المحرم القباء إذا لم يكن له رداء ويقلب ظاهره لباطنه »(١) .

ونوقش في الرواية الأولى : بعدم الصراحة في المعنى الثاني وفي الثانية بعدم الصحة ، والاحتياط يقتضي الجمع بين الأمرين وإن كان ما اختاره العلامة من التخيير لا يخلو من قوة.

الثامن : أنه يجوز له لبس القباء مقلوبا للبرد وإن وجد ثوبي الإحرام وظاهر كلام المحقق وجماعة أنه إنما يجوز له ذلك مع فقد ثوبي الإحرام ، وصرح الشهيدان وبعض المتأخرين بجوازه مع فقد الرداء.

وقال الشهيد الثاني : (ره) الجواز هنا محمول على المعنى الأعم والمراد منه الوجوب لأنه بدل عن الواجب وعملا بظاهر الأمر في النصوص وهو أحوط.

__________________

(١) الوسائل : ج ٩ ص ١٢٤ ح ٧.

٢٩٥

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد ، عن رفاعة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن المحرم يلبس الخفين والجوربين قال إذا اضطر إليهما.

٣ ـ سهل ، عن جعفر بن محمد الأشعري ، عن عبد الله بن ميمون القداح ، عن جعفرعليه‌السلام أن علياعليه‌السلام كان لا يرى بأسا بعقد الثوب إذا قصر ثم يصلي فيه وإن كان محرما.

٤ ـ سهل ، عن أحمد بن محمد ، عن مثنى ، عن زرارة ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال لا بأس بأن يحرم الرجل وعليه سلاحه إذا خاف العدو.

٥ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن علي ، عن مثنى الحناط ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال من اضطر إلى ثوب وهو محرم وليس معه إلا قباء فلينكسه وليجعل أعلاه أسفله ويلبسه وفي رواية أخرى يقلب ظهره بطنه إذا لم يجد غيره.

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور. وظاهره عدم وجوب الشق.

الحديث الثالث : ضعيف على المشهور.

قوله عليه‌السلام : « لا يرى بأسا » يدل على جواز عقد الرداء إذا كان قصيرا وذكر العلامة وغيره أنه يحرم على المحرم عقد الرداء وزره وتحليله واستدلوا عليه بموثقة سعيد الأعرج « أنه سأل أبا عبد اللهعليه‌السلام عن المحرم يعقد إزاره في عنقه؟ قال : لا »(١) وحملها في المدارك على الكراهة لقصورها من حيث السند عن إثبات التحريم ، والاحتياط في الترك إلا مع الضرورة.

الحديث الرابع : ضعيف على المشهور. والمشهور بين الأصحاب حرمة لبس السلاح للمحرم لغير عذر.

وقيل : بالكراهة والخبر لا يدل على التحريم.

الحديث الخامس : حسن موثق. ويدل على ما ذهب إليه ابن إدريس ، في معنى القلب ، والظاهر أنقوله « وليجعل أعلاه أسفله » تفسير للنكس ، وجعلالنكس

__________________

(١) وسائل الشيعة ج ١٢ ـ الباب ٥٢ ح ١.

٢٩٦

٦ ـ حميد بن زياد ، عن الحسن بن محمد بن سماعة ، عن غير واحد ، عن أبان ، عن عبد الرحمن ، عن حمران ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال المحرم يلبس السراويل إذا لم يكن معه إزار ويلبس الخفين إذا لم يكن معه نعل.

(باب)

(ما يجب فيه الفداء من لبس الثياب)

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد وأحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن زرارة ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال من لبس ثوبا لا ينبغي له لبسه وهو محرم ففعل ذلك ناسيا أو ساهيا أو جاهلا فلا شيء عليه ومن فعله متعمدا فعليه دم.

بمعنى القلب ظهره البطن ليكون تأسيسا بعيد ، والرواية المرسلة يدل على التفسير الآخر كما عرفت ولعل الكليني قال بالتخيير.

الحديث السادس : مرسل كالموثق أو كالحسن.

قوله عليه‌السلام : « يلبس السراويل » لا خلاف في جواز لبس السراويل إذا لم يجد إزارا والمشهور أنه لا فدية فيه بل لا خلاف فيه أيضا.

باب ما يجب فيه الفداء من لبس الثياب

الحديث الأول : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « ساهيا أو ناسيا » (١) يمكن الفرق بينهما بحمل أحدهما على نسيان الإحرام والآخر على نسيان الحكم وهو موافق لما هو المشهور من عدم لزوم الكفارة على الناسي والجاهل في غير الصيد بل لا نعلم فيه مخالفا ، وما كون الكفارة مع العمد دم شاة فقد نقل في المنتهى عليه إجماع العلماء كافة.

__________________

(١) هكذا في الأصل ولكن في الكافي « ناسيا أو ساهيا ».

٢٩٧

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد ، عن حريز ، عن محمد بن مسلم ، عن أحدهماعليهما‌السلام قال سألته عن ضروب من الثياب مختلفة يلبسها المحرم إذا احتاج ما عليه قال لكل صنف منها فداء.

(باب)

(الرجل يحرم في قميص أو يلبسه بعد ما يحرم)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار وغير واحد ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في رجل أحرم وعليه قميص قال ينزعه ولا يشقه وإن كان لبسه بعد ما أحرم شقه وأخرجه مما يلي رجليه.

الحديث الثاني : حسن. وروي في غيره بسند صحيح ، ويدل على أنه يجب على المضطر أيضا الكفارة كما هو المقطوع به في كلام الأصحاب ويدل على تكرار الكفارة باختلاف نوع المخيط وإن اتحد الوقت كما اختاره جماعة من الأصحاب وبه جزم في المنتهى وربما ظهر من كلامه في موضع آخر من المنتهى تكرر الكفارة بتكرر اللبس مطلقا.

واعتبر الشيخ وجماعة من الأصحاب إلى التكرار اختلاف الوقت بمعنى آخر زمان الفعل عادة ، وذهب المحقق وجماعة إلى عدم التكرر مع اتحاد المجلس والتكرر مع اختلافه ولا ريب في أنه إذا لبس بعد أداء الكفارة يلزمه كفارة أخرى في جميع الصور.

باب الرجل يحرم في قميص أو يلبسه بعد ما يحرم

الحديث الأول : حسن.

قوله عليه‌السلام : « شقة » هذا التفصيل مشهور بين أصحاب ، قال في الدروس : هل اللبس من شرائط الصحة حتى لو أحرم عاريا أو لابسا مخيطا لم ينعقد؟ نظر

٢٩٨

٢ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان ، عن خالد بن محمد الأصم قال دخل رجل المسجد الحرام وهو محرم فدخل في الطواف وعليه قميص وكساء فأقبل الناس عليه يشقون قميصه وكان صلبا فرآه أبو عبد اللهعليه‌السلام وهم يعالجون قميصه يشقونه فقال له كيف صنعت فقال أحرمت هكذا في قميصي وكسائي فقال انزعه من رأسك ليس ينزع هذا من رجليه إنما جهل فأتاه غير ذلك فسأله فقال ما تقول في رجل أحرم في قميصه قال ينزعه من رأسه.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال إن لبست ثوبا في إحرامك لا يصلح لك لبسه فلب وأعد غسلك وإن لبست قميصا فشقه وأخرجه من تحت قدميك.

(باب)

(المحرم يغطي رأسه أو وجهه متعمدا أو ناسيا)

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد وسهل بن زياد ، عن ابن محبوب ، عن ابن رئاب ، عن زرارة ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال قلت المحرم يؤذيه الذباب حين يريد

وظاهر الأصحاب انعقاده حيث قالوا لو أحرم وعليه قميص نزعه ولا يشقه ولو لبسه بعد الإحرام وجب شقه وإخراجه من تحته كما هو مروي ، وظاهر ابن الجنيد اشتراط التجرد.

الحديث الثاني : مجهول وقد تقدم القول فيه.

الحديث الثالث : حسن. وما تضمنه من الأمر بالتلبية لم أر به قائلا ، والأحوط العمل به لقوة مستنده.

باب المحرم يغطي رأسه أو وجهه متعمدا أو ناسيا

الحديث الأول : صحيح.

٢٩٩

النوم يغطي وجهه قال نعم ولا يخمر رأسه والمرأة عند النوم لا بأس بأن تغطي وجهها كله عند النوم.

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن سنان ، عن عبد الملك القمي قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام المحرم يتوضأ ثم يجلل وجهه بالمنديل يخمره كله قال لا بأس.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن المحرم ينام على وجهه على زاملته قال لا بأس به.

٤ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان ، عن عبد الرحمن قال

قوله عليه‌السلام : « نعم » اختلف الأصحاب في جواز تغطية الرجل المحرم وجهه. فذهب الأكثر إلى الجواز. بل قال في التذكرة : إنه قول علمائنا أجمع ، ومنعه ابن أبي عقيل ، وجعل كفارته إطعام مسكين في يده.

وقال الشيخ في التهذيب : فأما تغطية الوجه فإنه يجوز ذلك مع الاختيار غير أنه يلزم الكفارة ومتى لم ينو الكفارة فلا يجوز له ذلك ، وقد ورد بالجواز مطلقا روايات كثيرة منها هذه الرواية(١) ، وأما جواز تغطية المرأة فلا بد من حملها على الضرورة.

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور.

الحديث الثالث : حسن. وقال الجوهري : الزاملة بعير يستظهر به الرجل ويحمل متاعه وطعامه عليه(٢) .

الحديث الرابع : صحيح. والظاهر أن عبد الرحمن هو ابن الحجاج ، ويدل على تحريم تغطية الأذنين ، وذكر جمع من الأصحاب أن المراد بالرأس في عدم جواز التغطية

__________________

(١) التهذيب : ج ٥ ص ٣٠٨.

(٢) الصحاح للجوهري : ج ٤ ص ١٧١٨.

٣٠٠

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481