تذكرة الفقهاء الجزء ٧

تذكرة الفقهاء12%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-319-007-2
الصفحات: 481

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧
  • البداية
  • السابق
  • 481 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 169317 / تحميل: 5803
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء ٧

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٣١٩-٠٠٧-٢
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

وقال محمد بن عيسى بن الطباع: قال عبد الرحمن بن مهدي: كان هشيم أحفظ للحديث من سفيان الثوري، كان يقوى من الحديث على شيء لم يكن يقوى عليه سفيان، وسمعت وكيعاً يقول: نحوا عنّي هشيماً وهاتوا من شئتم - يعني في المذاكرة -.

وقال ابن مهدي: هشيم في حصين أثبت من سفيان وشعبة، وقال علي بن حجر: هشيم وأبو بشر مثل ابن عيينة في الزهري. وقال عيينة بن سعيد عن ابن المبارك قال: من غير الدهر حفظه فلم يغير حفظ هشيم، وقال العجلي: هشيم ثقة يدلس، وسئل أبو حاتم عن هشيم ويزيد بن هارون فقال: هشيم أحفظ منه ومن أبي عوانة »(١) .

عود إلى ترجمة الكلبي

وقد أثنى أبو اسحاق أحمد بن محمد بن ابراهيم الثعلبي على الكلبي، وجعله من أقران مجاهد والسدي حيث قال في ديباجة تفسيره: « وفرقة جرّدوا التفسير دون الأحكام وبيان الحلال والحرام، والحل عن العويصات المشكلات والرد على أهل الزيغ والشبهات، كمشايخ السلف الماضين والعلماء السابقين من التابعين وأتباعهم، مثل مجاهد، ومقاتل، والكلبي، والسدي، رضي الله عنهم أجمعين، ولكل من أهل الحق منهم غرض محمود وسعي مشكور »(٢) .

وقال ابن جزلة: « قال الحسن بن عثمان القاضي: وجدت العلم بالعراق والحجاز ثلاثة: علم أبي حنيفة، وتفسير الكلبي، ومغازي محمد بن إسحاق »(٣) .

وقال القاضي أبو عبد الله محمد بن علي العامري: « قد خرجت هذا من التفاسير التي سمعتها من الأئمةرحمهم‌الله ، منها: ما سمعت من الأُستاذ الامام أبي إسحاق إبراهيم بن محمد الإِسفراينيرحمه‌الله ، مثل تفسير مقاتل بن سليمان

____________________

(١). تذهيب التهذيب - مخطوط.

(٢). الكشف والبيان - مخطوط.

(٣). مختصر تاريخ بغداد - مخطوط.

٢١

والحلبي والكلبي وغيرهما ولم أعتمد إلّا بما صحّ عندي بتواتر واستفاضة أو روي في الصحاح بغير طعن الطاعن، والله الموفق لذلك »(١).

وقال ابن قتيبة: « الكلبي صاحب التفسير، وهو محمد بن السائب بن بشر الكلبي، ويكنى أبا النضر وكان نسّاباً عالماً بالتفسير، وتوفي بالكوفة سنة ١٤٦ »(٢) .

وقال البغوي: « وما نقلت فيه من التفسير عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما حبر هذه الأمة، ومن بعده من التابعين، أئمة السلف مثل: مجاهد، وعكرمة، وعطاء بن أبي رباح، والحسن البصري،رضي‌الله‌عنه ، وقتادة، وأبي العالية، ومحمد بن كعب القرظي، وزيد بن أسلم، والكلبي، والضحاك، ومقاتل بن حبان، ومقاتل بن سليمان، والسدّي، وغيرهم فأكثره مما أخبرني الشيخ أبو سعيد أحمد بن محمد الشريحي المذكور »(٣) .

وقال صديق حسن القنوجي: « وجمعته جمعاً حسناً، بعبارة سهلة، وألفاظ يسيرة، مع تعرض للترجيح بين التفاسير المتعارضة في مواضع كثيرة، وبيان المعنى العربي الإِعرابي واللغوي، مع حرص على إيراد صفوة ما ثبت عن التفسير النبوي، وعن عظماء الصحابة وعلماء التابعين، ومن دونهم من سلف الأئمة وأئمتها المعتبرين، كابن عباس حبر هذه الأمة ومن بعده من الأئمة، مثل مجاهد وعكرمة، وعطاء، والحسن، وقتادة، وأبي العالية، والقرظي، والكلبي والضحاك، ومقاتل، والسدي، وغيرهم من علماء اللغة والنحو كالفراء، والزجّاج، وسيبويه، والمبرد، والخليل، والنحاس »(٤) .

وقال علي بن محمد البزدوي: « ليس من اتهم بوجه ما يسقط به كلّ حديثه

____________________

(١). الناسخ والمنسوخ - مخطوط.

(٢). المعارف ٥٣٥ - ٥٣٦.

(٣). معالم التنزيل ١ / ٣ هامش تفسير الخازن.

(٤). فتح البيان في مقاصد القرآن ١ / ١٧.

٢٢

مثل الكلبي وأمثاله، ومثل سفيان الثوري وأصحابه، مع جلالة قدره وتقدّمه في العلم والورع »(١).

وقال علاء الدين عبد العزيز بن أحمد البخاري في شرح كلام البزدوي المذكور ما نصه: « قوله: مثل الكلبي. هو أبو سعيد محمد بن السائب الكلبي صاحب التفسير، ويقال له أبو النضر أيضاً، طعنوا فيه بأنه يروي تفسير كلّ آيه عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويسمى زوائد الكلبي، وبأنه روى حديثاً عند الحجاج، فسأل عمن يرويه فقال: عن الحسن بن علي رضي الله عنهما، فلمـّا خرجٍ قيل له: هل سمعت ذلك من الحسن؟ فقال: لا ولكنّي رويت عن الحسن غيظاً له.

وذكر في الأنساب: إن الثوري ومحمد بن إسحاق يرويان عنه ويقولان حدثنا أبو النضر حتى لا يعرف. قال: وكان الكلبي سبائياً من أصحاب عبد الله ابن سبأ، من أولئك الذين يقولون إن علياً لم يمت، وإنه راجع إلى الدنيا قبل قيام الساعة، ويملؤها عدلاً كما ملئت جوراً، وإذا رأوا سحابة قالوا أمير المؤمنين فيها، والرعد صوته والبرق سوطه، حتى تبرأ واحد منهم وقال:

ومن قوم إذا ذكروا علياً

يصلّون الصلاة على السحاب

مات الكلبي سنة ١٤٦.

وأمثاله. مثل عطاء بن السائب، والربيعة، وعبد الرحمن، وسعيد بن أبي عروبة، وغيرهم، اختلطت عقولهم فلم يقبل رواياتهم التي بعد الاختلاط، وقبلت الروايات التي قبله.

فإنْ قيل: ما نقل عن الكلبي يوجب الطعن عاماً، فينبغي أن لا يقبل رواياته جميعاً.

____________________

(١). أصول الفقه ٣ / ٧٢ بشرح عبد العزيز البخاري.

٢٣

قلنا: إنما يوجب ذلك إذا ثبت ما نقلوا عنه بطريق القطع، فأما إذا اتهم به فلا يثبت حكمه في غير موضع التهمة، وينبغي أن لا يثبت في موضع التهمة أيضاً، إلّا أن ذلك يورث شبهة في الثبوت، وبالشبهة تردّ الحجة، وينتفي ترجح الصدق في الخبر، فلذلك لم يثبت أو معناه.

ليس كل من اتهم بوجه ساقط الحديث، مثل الكلبي، وعبد الله بن لهيعة والحسن بن عمارة، وسفيان الثوري وغيرهم، فإنه قد طعن في كل واحد منهم بوجه، ولكن علوّ درجتهم في الدين، وتقدّم رتبتهم في العلم والورع، منع من قبول ذلك الطعن في حقهم ومن ردّ حديثهم به، إذ لو ردّ حديث أمثال هؤلاء بطعن كل واحد انقطع الرواية واندرس الأخبار، إذ لم يوجد بعد الأنبياءعليهم‌السلام من لا يوجد فيه أدنى شيء مما يجرح إلاّ من شاء الله تعالى، فلذلك لم يلتفت إلى مثل هذا الطعن، فيحمل على أحسن الوجوه، وهو قصد الصيانة »(١) .

ترجمة عبد العزيز البخاري

وعبد العزيز البخاري شارح البزدوي وصاحب الكلام المزبور في الدفاع عن الكلبي، من مشاهير الأئمة الكبار، وقد أثنى عليه عبد القادر القرشي في ( الجواهر المضية في طبقات الحنفية ) ومحمود بن سليمان الكفوي في ( كتائب أعلام الأخيار من فقهاء مذهب النعمان المختار ) والكاتب الجلبي في ( كشف الظنون ).

____________________

(١). كشف الأسرار في شرح أصول الفقه ٣ / ٧٢.

٢٤

(٢)

يحيى بن زياد الفراء

وفسّر يحيى بن زياد الفرّاء ( المولى ) بـ ( الأولى ) كما قال الفخر الرازي بتفسير قوله تعالى:( هِيَ مَوْلاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ) : «( مَأْواكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ) . وفي لفظ المولى هاهنا أقوال: أحدها - قال ابن عباس: مولاكم أي مصيركم. وتحقيقه: أن المولى موضع الولي وهو القرب، فالمعنى: إن النار هي موضعكم الذي تقربون منه وتصلون إليه.

والثاني - قال الكلبي: يعني أولى بكم. وهو قول الزّجاج والفرّاء وأبي عبيدة »(١) .

ترجمة الفراء

١ - ابن خلكان: « أبو زكريا يحيى بن زياد بن عبد الله بن منظور الأسلمي، المعروف بالفراء، الديلمي الكوفي، مولى بني أسد، وقيل مولى بني منقر.

كان أبرع الكوفيين، وأعلمهم بالنحو واللغة وفنون الأدب، حكى عن أبي العباس ثعلب أنه قال: لو لا الفراء لما كانت العربية، لأنه خلّصها وضبطها، ولو لا الفرّاء لسقطت العربية، لأنها كانت تتنازع، ويدّعيها كل من أراد، ويتكلّم الناس فيها على مقادير عقولهم وقرائحهم. فتذهب.

وأخذ النحو عن أبي الحسن الكسائي، وهو والأحمر المقدّم ذكره من أشهر

____________________

(١). التفسير الكبير ٢٩ / ٢٢٧.

٢٥

أصحابه وأخصّهم به.

ولمـّا عزم الفرّاء على الاتصال بالمأمون كان يتردّد إلى الباب، فبينما هو ذات يوم على الباب، إذ جاء أبو بشر ثمامة بن الأشرس النمري المعتزلي - وكان خصيصاً بالمأمون - قال: فرأيت أبهة أديب، فجلست إليه ففاتشته عن اللغة فوجدته بحراً، وفاتشته عن النحو فوجدته نسيج وحده، وعن الفقه فوجدته رجلاً فقيهاً عارفاً باختلاف القوم، وبالنجوم ماهراً، وبالطب خبيراً، وبأيام العرب وأشعارها حاذقاً، فقلت: من تكون وما أظنك إلا الفرّاء؟ قال: انا هو، فدخلت فأعلمت أمير المؤمنين المأمون، فأمر بإحضاره لوقته وكان سبب اتصاله به

وقال الخطيب في تاريخ بغداد: إنّ الفراء لما اتصل بالمأمون أمره أن يؤلف ما يجمع به أصول النحو وما سمع من العربية وبعد أن فرغ من ذلك خرج إلى الناس وابتدأ في كتاب المعاني، وقال الرّاوي: وأردنا أن نعدّ الناس الذين اجتمعوا لإِملاء كتاب المعاني فلم نضبطهم، فعددنا القضاة فكانوا ثمانين قاضياً، فلم يزل يمليه حتى أتمّه

وكان سبب إملائه كتاب المعاني: أن أحد أصحابه - وهو عمر بن بكير - كان يصحب الحسن بن سهل المقدّم ذكره، فكتب إلى الفراء أنّ الأمير الحسن لا يزال يسألني عن أشياء من القرآن لا يحضرني فيها جواب، فإنْ رأيت أن تجمع لي أصولاً، وتجعل في ذلك كتاباً يرجع اليه فعلت. فلمـّا قرأ الكتاب قال لأصحابه: إجتمعوا حتى أملي عليكم في القرآن، وجعل لهم يوماً، فلمـّا حضروا خرج إليهم وكان في المسجد رجل يؤذن فيه وكان من القراء، فقال له: إقرأ. فقرأ فاتحة الكتاب، ففسّرها حتى مرّ في القرآن كلّه على ذلك، يقرأ الرجل والفرّاء يفسّره، وكتابه هذا نحو ألف ورقة، وهو كتاب لم يعمل مثله، ولا يمكن لأحدٍ أنْ يزيد عليه.

وكان المأمون قد وكّل الفرّاء يلقّن ابنيه النحو، فلما كان يوماً أراد الفرّاء أن ينهض إلى بعض حوائجه، فابتدرا إلى نعل الفرّاء يقدّمانها له، فتنازعا أيّهما

٢٦

يقدّمانها له، فاصطلحا على أن يقدّم كلّ واحد منهما فرداً فقدّماها

وقال الخطيب أيضاً: كان الفقيه محمد بن الحسن ابن خالة الفرّاء، وكان الفرّاء يوماً جالساً عنده فقال له الفرّاء: قلّ رجل أنعم النظر في باب من العلم فأراد غيره إلّا سهل عليه، فقال له محمد: يا أبا زكريا قد أنعمت النظر في العربية، فأسألك عن باب من أبواب الفقه، فقال: هات على بركة الله تعالى. قال: ما تقول في رجل صلّى فسهى فسجد سجدتين للسهو فسهى فيهما؟ ففكّر الفرّاء فيهما ساعة ثم قال: لا شيء عليه. فقال له محمد: ولم؟ قال: لأن التصغير عندنا لا تصغير له، وإنما السجدتان تمام الصلاة وليس للتمام تمام. فقال محمد: ما ظننت آدميّاً يلد مثلك

وقال سلمة بن عاصم: إني لأعجب من الفرّاء كيف كان يعظّم الكسائي وهو أعلم بالنحو منه.

ومولد الفرّاء بالكوفة وتوفّي الفرّاء سنة سبع ومائتين في طريق مكّة، وعمره ثلاثة وستون سنة، رحمه الله تعالى »(١) .

٢ - اليافعي: « وفيها الامام البارع النحوي، يحيى بن زياد الفرّاء الكوفي، أجلّ أصحاب الكسائي، كان رأساً في النحو واللغة، أبرع الكوفيّين وأعلمهم بفنون الأدب، على ما ذكر بعض المؤرّخين، وحكي عن أبي العباس ثعلب أنه قال: لو لا الفرّاء »(٢) .

٣ - الذهبي: « الفرّاء أخباري علامة نحوي، كان رأساً في قوة الحفظ. أملى تصانيفه كلّها حفظاً، مات بطريق مكة سنة ٢٠٧. عن ثلاث وستين سنة. اسمه يحيى بن زياد »(٣) .

____________________

(١). وفيات الأعيان ٥ / ٢٢٥ - ٢٣٠.

(٢). مرآة الجنان حوادث ٢٠٧.

(٣). تذكرة الحفاظ ١ / ٣٧٢.

٢٧

٤ - الذهبي أيضاً: « وهو أجلّ أصحاب الكسائي، وكان رأساً في النحو واللغة »(١) .

٥ - ابن الوردي: « أبرع الكوفيين نحواً وأدباً، وله كتاب الحدود وكتاب المعاني، وكتابان في المشكل، وكتاب النهي، وغير ذلك. توفي بطريق مكة، وعمره نحو ثلاث وستين، كان يفري الكلام فلقّب بذلك »(٢) .

(٣)

أبو زيد اللّغوي

وأمّا تصريح أبي زيد سعيد بن أوس الأنصاري اللّغوي بورود ( المولى ) بمعنى ( الأولى )، فقد اعترف به ( الدهلوي ) نفسه في كلامه، كما جاء في كلام غلام محمد بن محيي الدين بن عمر الأسلمي في ترجمة ( التحفة الاثنا عشرية ) حيث قال في الجواب عن حديث الغدير: « ولا يخفى أنّ أوّل الغلط في هذا الاستدلال هو إنكار أهل العربيّة قاطبة ثبوت ورود المولى بمعنى الأولى، بل قالوا لم يجيء قط المفعل بمعنى أفعل في موضع ومادة أصلاً، فضلاً عن هذه المادة بالخصوص، إلّا أن أبا زيد اللّغوي جوّز هذا متمسكاً بقول أبي عبيدة في تفسير( هِيَ مَوْلاكُمْ ) أي أولى بكم ».

وستأتي ترجمة أبي زيد اللّغوي في الكتاب إنْ شاء الله تعالى.

____________________

(١). العبر حوادث ٢٠٧.

(٢). تتمة المختصر حوادث ٢٠٧.

٢٨

(٤)

أبو عبيدة

وأمّا تفسير أبي عبيدة معمر بن المثنّى البصري ( المولى ) بـ ( الأولى ) فقد نصّ عليه الفخر الرازي في ( نهاية العقول ) أيضاً كما سيأتي قريباً، وفي ( التفسير ) كما عرفت من عبارته الماضية، وكذا ذكره ابن الجوزي في ( زاد المسير )، واعترف به ( الدّهلوي ) كذلك، وصرّح به الأسلمي المذكور في ( الترجمة العبقريّة ).

ترجمة أبي عبيدة

١ - الذهبي: « أبو عبيدة معمر بن المثنى البصري، اللغوي الحافظ، صاحب التصانيف، روى عن: هشام بن عروبة وأبي عمرو بن شيبة. وعنه: أبو عثمان المازني وأبو العيناء وخلق.

قال الحافظ: لم يكن في الأرض خارجي ولا جماعي عالم بجميع العلوم من أبي عبيدة. وذكره ابن المبارك فصحّح رواياته.

مات أبو عبيدة سنة عشر ومائتين، وقيل سنة تسع »(١) .

٢ - الذهبي أيضاً: « أبو عبيدة معمر بن المثنى التيمي البصري اللغوي، العلّامة الأخباري صاحب التصانيف، روى عن: هشام بن عروة وأبي عمر بن العلا وكان أحد أوعية العلم. وقيل توفي سنة إحدى عشرة »(٢) .

٣ - وذكر ابن الأثير في خطبة كتابه ( النهاية ) القول بأنّ أبا عبيدة أوّل من

____________________

(١). تذكرة الحفاظ ١ / ٣٧١.

(٢). العبر حوادث ٢١٠.

٢٩

ألّف في فن غريب الحديث بعد اختلاط الألسن وتداخل اللغات، حيث قال: « فلما أعضل الدّاء وعزّ الدّواء ألهم الله جماعة من أولى المعارف والنهى وذوي البصائر والحجى، أن صرفوا إلى هذا الشأن طرفاً من عنايتهم، وجانباً من رعايتهم، فشرّعوا فيه للناس موارد، ومهّدوا فيه لهم معاهد، حراسة لهذا العلم الشريف من الضّياع، وحفظاً لهذا المهمّ العزيز من الاختلال، فقيل: إنّ أوّل من جمع في هذا الفن شيئاً وألّفه أبو عبيدة معمر بن المثنى التيمي، فجمع من ألفاظ غريب الحديث والأثر كتاباً »(١).

٤ - وقال السيوطي نقلاً عن أبي الطيّب اللّغوي بعد ذكر الخليل: « وكان في هذا العصر ثلاثة هم أئمة الناس في اللغة والشعر وعلوم العرب، لم ير قبلهم ولا بعدهم مثلهم، عنهم أخذ جلّ ما في أيدي الناس من هذا العلم بل كلّه، وهم أبو زيد وأبو عبيدة والأصمعي، وكلّهم أخذوا عن أبي عمرو اللغة والنحو والشعر، ورووا عنه القراءة. ثم أخذوا بعد أبي عمرو عن عيسى بن عمرو أبي الخطاب الأخفش ويونس بن حبيب، وعن جماعة من ثقات الأعراب وعلمائهم وكان أبو زيد أحفظ الناس للّغة بعد أبي مالك وأوسعهم رواية وأكثرهم أخذاً عن البادية، وقال ابن منادر: كان الأصمعي يجيب في ثلث اللغة، وكان أبو عبيدة يجيب في نصفها، وكان أبو زيد يجيب في ثلثيها

وأبو زيد من الأنصار، وهو من رواة الحديث، ثقة عندهم مأمون، وكذلك حاله في اللغة، وقد أخذ عنه اللغة أكابر الناس منهم سيبويه وحسبك، قال أبو حاتم عن أبي زيد: كان سيبويه يأتي مجلسي وله ذؤابتان قال: فإذا سمعته يقول: وحدثني من أثق بعربيته فإنّما يريدني.

وكبر سنّ أبي زيد حتى اختلّ حفظه ولم يختل عقله، ومن جلالة أبي زيد في اللغة ما حدثنا به جعفر بن محمد حدثنا محمد بن الحسن الأزدي عن أبي حاتم عن

____________________

(١). النهاية في غريب الحديث - خطبة الكتاب.

٣٠

أبي زيد قال: كتب رجل من أهل رامهرمز إلى الخليل يسأله كيف يقال: ما أوقفك هاهنا ومن أوقفك؟ فكتب إليه: هما واحد. قال أبو زيد: ثم لقيني الخليل فقال لي في ذلك فقلت له: إنما يقال من وقفك وما أوقفك. قال: فرجع إلى قولي.

وأما أبو عبيدة فإنه كان أعلم الثلاثة بأيّام العرب وأخبارهم وأجمعهم لعلومهم، وكان أكمل القوم، قال عمر بن شيبة: كان أبو عبيدة يقول: ما التقى فرسان في جاهلية ولا إسلام إلّا عرفتهما وعرفت فارسيهما، وهو أوّل من ألّف في غريب الحديث ».

وقال السيوطي نقلاً عن أبي الطيّب: « أخبرنا جعفر بن محمد أخبرنا إبراهيم ابن حمد قال قال أبو حاتم: إذا فسّرت حروف القرآن المختلف فيها وحكيت عن العرب شيئاً فإنّما أحكيه عن الثقات منهم، مثل أبي زيد والأصمعي وأبي عبيدة ويونس، وثقات من فصحاء الأعراب وحملة العلم »(١) .

(٥)

أبو الحسن الأخفش

وممن نصّ على مجيء ( المولى ) بمعنى ( الأولى ): أبو الحسن سعيد بن مسعدة المجاشعي المعروف بالأخفش قال الفخر الرازي: « إنّ أبا عبيدة وإنْ قال في قوله تعالى:( مَأْواكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ ) معناه: هي أولى بكم. وذكر هذا أيضاً الأخفش والزّجاج وعلي بن عيسى واستشهدوا ببيت لبيد »(٢) .

____________________

(١). المزهر في اللغة ٢ / ٢٤٩.

(٢). نهاية العقول في الكلام ودراية الأصول - مخطوط.

٣١

ترجمة الأخفش

١ - ابن خلكان: « أبو الحسن سعيد بن مسعدة المجاشعي بالولاء النحوي البلخي المعروف بالأخفش الأوسط. أحد نحاة البصرة من أئمة العربية، وأخذ النحو عن سيبويه وكان أكبر منه، وكان يقول: ما وضع سيبويه في كتابه شيئاً إلّا وعرضه عليّ وكان يرى أنه أعلم به منّي وأنا اليوم أعلم به منه

وكانت وفاته سنة خمس عشرة ومائتين، وقيل سنة إحدى وعشرين ومائتين رحمه الله تعالى »(١) .

٢ - اليافعي: « وفيها الأخفش الأوسط إمام العربية »(٢) .

٣ - السيوطي: « قال المبرد: أحفظ من أخذ عن سيبويه الأخفش ثم الناشي ثم قطرب. قال: وكان الأخفش أعلم الناس بالكلام وأحذقهم بالجدل »(٣) .

(٦)

أبو العباس ثعلب

وأما تفسير أبي العباس ثعلب أحمد بن يحيى الشيباني البغدادي ( المولى ) بـ ( الأولى ) فقد ذكره الحسين بن أحمد الزوزني في شرح المعلّقات السّبع حيث قال:

« فغدت كلا الفرجين تحسب أنه

مولى المخافة خلفها وأمامها

الفرج موضع المخافة، والفرج ما بين قوائم الدواب، فما بين اليدين فرج

____________________

(١). وفيات الأعيان ٢ / ١٢٢.

(٢). مرآة الجنان حوادث ٢١٥.

(٣). بغية الوعاة ١ / ٥٩٠.

٣٢

وما بين الرجلين فرج، والجمع فروج.

وقال ثعلب: إن المولى في هذا البيت بمعنى الأولى بالشيء كقوله تعالى( مَأْواكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ ) أي هي الأولى بكم »(١) .

مصادر ترجمة ثعلب

ولقد ترجم لأبي العباس ثعلب بكل ثناء وتبجيل في المصادر التالية:

١ - وفيات الأعيان ١ / ٨٤ - ٨٧.

٢ - تاريخ بغداد ٥ / ٢٠٤.

٣ - مرآة الجنان حوادث سنة ٢٩١.

٤ - العبر في خبر من غبر حوادث سنة ٢٩١.

٥ - تتمة المختصر في أخبار البشر حوادث سنة ٢٩١.

وقد أوردنا في الكتاب سابقاً ترجمته عن هذه الكتب.

وقال الذهبي بترجمته في ( تذكرة الحفاظ ): « ثعلب - العلّامة المحدّث شيخ اللّغة والعربية حدّث عنه: نفطويه ومحمد بن العباس اليزيدي وعلى الأخفش ومحمد بن الأعرابي وأحمد بن كامل وأبو عمرو الزاهد ومحمد بن مقسم وآخرون. مولده سنة ٢٠٠. وابتدأ بالطلب سنة ست عشرة حتى برع في علم الأدب، ولو سمع إذ ذاك لسمع من عفان ودونه.

وإنما أخرجته في هذا الكتاب لأنه قال: سمعت من القواريري مائة ألف حديث. وقال الخطيب. وقال الخطيب: كان ثعلب ثقة حجة ديّناً صالحاً مشهوراً بالحفظ قال المبرّد: أعلم الكوفيين ثعلب. فذكر له الفرّاء فقال: لا يعشره »(٢) .

____________________

(١). شرح المعلقات للزوزني: ٩١.

(٢). تذكرة الحفاظ ٢ / ٦٦٦.

٣٣

(٧)

أبو العباس المبرد

وأما حكم أبي العباس محمد بن يزيد المبرد بمجيء ( المولى ) بمعنى ( الأولى ) فقد ذكره علم الهدى السيد المرتضىرضي‌الله‌عنه حيث قال: « قال أبو العباس بالمبرّد في كتابه المترجم عن صفات الله تعالى: أصل يا ولي أولى الذي هو أولى وأحق، ومثله المولى »(١) .

مصادر ترجمة المبرد

وللمبرّد ترجمة في كثير من كتب التاريخ والأدب مع المدح العظيم والثناء الجميل، وقد أشرنا سابقاً إلى ترجمته في عدة من المصادر، مثل:

١ - وفيات الأعيان ٤ / ٣١٤.

٢ - العبر في خبر من غبر حوادث: ٢٨٥.

٣ - تاريخ بغداد ٣ / ٣٨٠ - ٣٨٧.

٤ - مرآة الجنان حوادث: ٢٨٥.

٥ - بغية الوعاة ١ / ٢٦٩.

٦ - المنتظم في تاريخ الأمم ٧ / ٩ - ١١.

وقد نصّ جلال الدين السّيوطي على وثاقته حيث قال: « وكان فصيحاً بليغاً مفوهاً ثقةً أخباريا علّامة صاحب نوادر وظرافة »(٢) .

____________________

(١). الشافي في الامامة: ١٢٣.

(٢). بغية الوعاة ١ / ٢٦٩.

٣٤

ترجمة الشريف المرتضى

وأما السيد المرتضى الذي نقل عن المبرد كلامه المذكور فمن كبار علمائنا الذي أطراهم علماء السنة وأثنوا عليهم الثناء البالغ، وذكروا فضائلهم وأوصافهم الحميدة في معاجم الرجال ومصادر التراجم وقد تقدم سابقاً في الكتاب طرف من كلماتهم في حقه. فراجع.

(٨)

أبو إسحاق الزجّاج

وأما حكم أبي إسحاق إبراهيم بن محمد بمجيء ( المولى ) بمعنى ( الأولى ) فهو صريح كلام الفخر الرازي في ( نهاية العقول ) وقد نقلناه آنفا.

ترجمة الزجاج

١ - السمعاني: « والمشهور بهذه النسبة أبو إسحاق إبراهيم بن السري بن سهل النحوي الزجاج، صاحب كتاب معاني القرآن.

كان من أهل الفضل والدين، حسن الاعتقاد، حميد المذهب، وله مصنفات حسان في الأدب »(١) .

٢ - النووي: « أبو اسحاق الزجاج الامام في العربية، مذكور في الروضة في الشرط في الطلاق، فيمن علّق طلاقها بأوّل ولد، هو أبو إسحاق [ إبراهيم ] بن السرّي بن سهل البصري النحوي، صاحب كتاب معاني القرآن قال الخطيب في

____________________

(١). الأنساب - الزجاج.

٣٥

تاريخ بغداد. كان أبو إسحاق الزجاج هذا من أهل الفضل والدين حسن الاعتقاد وحسن المذهب، له مصنّفات حسان في الأدب. روى عنه علي بن عبد الله بن المغيرة وغيره وتوفي الزجاج يوم الجمعة لإِحدى عشرة ليلة خلت من جمادى الآخرة سنة ٣١١ »(١).

٣ - ابن خلكان: « كان من أهل العلم بالأدب والدّين »(٢) .

٤ - اليافعي: « كان من أهل العلم بالأدب والدّين المتين، وله من التصانيف في معاني القرآن وعلوم الأدب والعربية »(٣) .

(٩)

إبن الأنباري

وأما تصريح محمد بن القاسم الأنباري بمجيء ( المولى ) بمعنى ( الأولى ) فقد نقله السيد المرتضى حيث قال: « وقال أبو بكر محمد بن القاسم الأنباري في كتابه في القرآن المعروف بالمشكل: والموالي في اللغة ينقسم إلى ثمانية أقسام، أوّلهنّ المولى المنعم المعتق، ثم المنعم عليه المعتق، والمولى الولي والمولى الأولى بالشيء، وذكر شاهداً عليه الآية التي قدّمنا ذكرها، وبيت لبيد، والمولى الجار، والمولى ابن العم، والمولى الصهر، والمولى الحليف، واستشهد على كلّ واحد من أقسام مولى بشيء من الشعر، لم نذكره لأن غرضنا سواه »(٤) .

____________________

(١). تهذيب الأسماء واللغات ٢ / ١٧٠.

(٢). وفيات الأعيان ١ / ٣١ - ٣٣.

(٣). مرآة الجنان، حوادث ٣١٠.

(٤). الشافي في الامامة: ١٣٤.

٣٦

ترجمة ابن الأنباري

١ - السمعاني: « أبو بكر محمد بن القاسم بن محمد بن بشار بن الحسن ابن بيان بن سماعة بن فروة بن قطن بن دعامة الأنباري النحوي، صاحب التصانيف، كان من أعلم الناس بالنحو والأدب، وأكثرهم حفظاً روى عنه: أبو الحسن الدار قطني، وأبو عمر ابن حيويه الخزاز، وأبو الحسين بن البواب وطبقتهم.

وكان صدوقاً فاضلاً ديّناً برّاً خيراً من أهل السنّة، وصنّف كتباً كثيرة في علم القرآن وغريب الحديث والمشكل والوقف والابتداء والرد على من خالف مصحف العامة، وكان يملي وأبوه حي، يملي هو في ناحية من المسجد وأبوه في ناحية أخرى، وكان يحفظ ثلاثمائة ألف بيت شاهد في القرآن، وكان يملي من حفظه، وما كتب عنه الإِملاء قط إلّا من حفظه. وكانت ولادته في رجب سنة ٢٧١. وتوفي ليلة النحر من ذي الحجة سنة ٣٢٨ »(١) .

٢ - ابن الأثير: « ثم صنّف الناس غير من ذكرنا في هذا الفن تصانيف كثيرة منهم: شمس بن حمدويه، وأبو العباس أحمد بن يحيى اللغوي المعروف بثعلب، وأبو العباس محمد بن يزيد الثمالي المعروف بالمبرد، وأبو بكر محمد بن القاسم الأنباري، وأحمد بن الحسن الكندي، وأبو عمرو محمد بن عبد الواحد الزاهد صاحب ثعلب وغيرهم.

هؤلاء من أئمة اللغة والنحو والفقه والحديث »(٢) .

٣ - ابن خلكان: « كان علّامة وقته في الأدب، وأكثر الناس حفظاً لها، وكان صدوقاً ثقة ديّناً خيّراً من أهل السنّة »(٣) .

____________________

(١). الأنساب - الأنباري.

(٢). النهاية في غريب الحديث - خطبة الكتاب.

(٣). وفيات الأعيان ٣ / ٣٦٣.

٣٧

٤ - الذهبي: « ابن الأنباري الحافظ شيخ الإسلام كان من أفراد الدهر في سعة الحفظ مع الصّدق والدين. قال الخطيب: كان صدوقاً ديّناً من أهل السنّة »(١) .

٥ - الصفدي: « محمد بن القاسم بن محمد بن بشار أبو بكر ابن الأنباري النحوي اللغوي العلّامة كان إماماً في نحو الكوفيين، وأملى كتاب غريب الحديث في خمسة وأربعين ورقة ...»(٢) .

٦ - ابن الجزري: « الإِمام الكبير والأُستاذ الشهير قال أبو علي القالي: كان ابن الأنباري يحفظ ثلاثمائة ألف بيت شاهداً في القرآن، وكان ثقة صدوقاً، وكان أحفظ من تقدّم من الكوفيين.

وقال حمزة بن محمد بن ماهر: كان زاهداً متواضعاً.

وقال الداني فيه: إمام في صناعته مع براعة فهـ وسعة علمه وصدق لهجته. وقال أبو علي التنوخي: كان ابن الأنباري يملي من حفظه، ما أملى قط من دفتر قال محمد بن جعفر التميمي: ما رأينا أحفظ من ابن الأنباري ولا أغزر من علمه، حدّثوني عنه أنه قال: أحفظ ثلاثة عشر صندوقاً. قال التميمي:

وهذا ما لا يحفظ لأحد قبله. وحدّثت عنه أنّه كان يحفظ مائة وعشرين تفسيراً بأسانيدها ...»(٣) .

٧ - السيوطي: « قال الزبيدي: كان من أعظم الناس علماً بالنحو والأدب، وأكثرهم حفظاً، سمع من ثعلب وخلق، وكان صدوقاً فاضلاً ديّناً خيّراً من أهل السنّة »(٤) .

____________________

(١). تذكرة الحفاظ ٣ / ٨٤٢.

(٢). الوافي بالوفيات ٤ / ٣٤٤.

(٣). طبقات القراء ٢ / ٢٣٠.

(٤). بغية الوعاة ١ / ٢١٢.

٣٨

(١٠)

محمد بن عزيز السجستاني

وأما تصريح محمد بن عزيز السجستاني العزيزي بمجيء ( المولى ) بمعنى ( الأولى ) فقد جاء في تفسيره لغريب القرآن المسمى ( نزهة القلوب ) حيث قال: « مولانا. أي: ولينا. والمولى على ثمانية أوجه: المعتق والمعتق والولي والأولى بالشيء وابن العم والصهر والجار والحليف ».

نزهة القلوب

وهذا التفسير أوله: « الحمد لله رب العالمين والصلاة على محمد وآله وسلّم تسليما، هذا تفسير غريب القرآن ألف على حروف المعجم ليقرب تناوله ويسهل حفظه على من أراده. وبالله التوفيق والعون ».

ذكره القاضي الشوكاني بقوله: « تفسير السجستاني المسمى نزهة القلوب أرويه بالإسناد السابق إلى الشماخي أيضا عن أحمد بن عباس السامري عن محمد ابن علي المؤذن عن عبد الله بن محمد بن دحمان عن محمد بن أحمد المعروف بابن الخطاب عن أبي الحسن عبد الباقي بن فارس المقري عن عبد الله بن الحسين بن حسنون المقري عن المؤلف »(١) .

ترجمة العزيزي السجستاني

١ - السيوطي: « محمد بن عزيز أبو بكر العزيزي السجستاني بزائين

____________________

(١). إتحاف الأكابر بإسناد الدفاتر: ٢٥.

٣٩

معجمتين كما ذكره الدارقطني وابن ماكولا وغيرهما. وقيل: الثانية مهملة نسبة لبني عزرة، وردّ بأن القياس فيه العزري لا العزيري.

كان أديباً فاضلاً متواضعاً، أخذ عن أبي بكر الأنباري، وصنّف غريب القرآن المشهور فجوّده، ويقال: إنه صنّفه في خمس عشرة سنة، وكان يقرؤه على شيخه الأنباري يصلح فيه مواضع. رواه عنه ابن سحنون وغيره. مات سنة ٣٠٣.

وقال ابن النجّار في ترجمته: كان عبداً صالحاً، روى عنه غريب القرآن أبو عبد الله عبيد الله بن محمد بن محمد بن حمدان المعروف بابن بطّة العكبري وأبو عمرو عثمان بن أحمد بن سمعان الوزّان، وأبو أحمد عبد الله بن حسنون المقري وغيرهم.

قال: والصحيح في اسم أبيه عزير آخره راء. هكذا رأيته بخط ابن ناصر الحافظ، وذكر أنه شاهده بخط يده وبخط غير واحد من الذين كتبوا كتابه عنه وكانوا متقنين. وذكر لي شيخنا أبو محمد الأخضر أنه رأى نسخة بغريب القرآن بخط مصنفه وفي آخرها: كتبه محمد بن عزير بالراء المهملة »(١) .

٢ - السيوطي: أيضاً: « النوع السادس والثلاثون في معرفة غريبه، أفرده بالتصنيف خلائق لا يحصون منهم: أبو عبيدة وأبو عمرو الزاهد وابن دريد. ومن أشهرها: كتاب العزيزي فقد أقام في تأليفه خمس عشرة سنة يحرّره هو وشيخه أبو بكر ابن الأنباري »(٢) .

٣ - السمعاني: « وكتاب غريب القرآن للعزيري، وهو: محمد بن عزير السجستاني المعروف بالعزيري لأنه من بني عزرة. هكذا ذكره القاضي أبو الفرج محمد بن عبيد الله بن أبي البقاء القاضي، وروى الكتاب عن أبي موسى الأندلسي

____________________

(١). بغية الوعاة ١ / ١٧١.

(٢). الإِتقان في علوم القرآن ١ / ١١٥.

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

وسأل علي بن جعفر أخاه الكاظمعليه‌السلام : يلبس المـُحرم الثوب المشبع بالعُصفر؟ فقال : « إذا لم يكن فيه طيب فلا بأس »(١) .

ويكره الثياب السود ؛ لقول الصادقعليه‌السلام : « لا يحرم في الثوب الأسود ولا يكفّن به الميّت»(٢) .

مسألة ١٧٩ : يكره المعصفر إذا كان مشبعاً ، ولا يكره إذا لم يكن مشبعاً عند علمائنا‌ - وبه قال الشافعي وأحمد(٣) - لما رواه العامّة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال : ( ولتلبس بعد ذلك ما أحبّت من ألوان الثياب من معصفر أو خزّ )(٤) .

ومن طريق الخاصّة : ما رواه أبان بن تغلب عن الصادقعليه‌السلام ، قال : سألته عن الثوب يكون مصبوغاً بالعُصفر ثم يغسل ألبسه وأنا مُحرم؟ قال : « نعم ليس العُصفر من الطيب ولكن أكره أن تلبس ما يشهرك به الناس »(٥) .

وقال أبو حنيفة : العُصفر طيب تجب به الفدية على المـُحرم ، كالورس والزعفران(٦) .

وهو ممنوع ، وقد نصّ الصادقعليه‌السلام على أنّه ليس بطيب(٧) .

____________________

(١) التهذيب ٥ : ٦٧ / ٢١٧ ، الاستبصار ٢ : ١٦٥ / ٥٤٠.

(٢) الكافي ٤ : ٣٤١ / ١٣ ، الفقيه ٢ : ٢١٥ / ٩٨٣ ، التهذيب ٥ : ٦٦ / ٢١٤.

(٣) الحاوي الكبير ٤ : ١١١ ، المجموع ٧ : ٢٨٢ ، المغني ٣ : ٣٠٠ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٣٣.

(٤) سنن أبي داود ٢ : ١٦٦ / ١٨٢٧ ، سنن البيهقي ٥ : ٥٢ ، المستدرك - للحاكم - ١ : ٤٨٦ ، وأورده ابنا قدامة في المغني ٣ : ٣٠٠ ، والشرح الكبير ٣ : ٣٣٣.

(٥) التهذيب ٥ : ٦٩ / ٢٢٤ ، الاستبصار ٢ : ١٦٥ / ٥٤١.

(٦) بدائع الصنائع ٢ : ١٨٩ ، بداية المجتهد ١ : ٣٢٧ ، المجموع ٧ : ٢٨٢ ، الحاوي الكبير ٤ : ١١١ ، المغني ٣ : ٣٠٠ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٣٣.

(٧) الكافي ٤ : ٣٤٢ / ١٧ ، الفقيه ٢ : ٢١٦ / ٩٩٠ ، التهذيب ٥ : ٦٩ / ٢٢٤ ، الاستبصار =

٢٤١

مسألة ١٨٠ : يجوز الإِحرام في الممتزج من الحرير وغيره ؛ لخروجه عن اسم الابريسم بالمزج.

ولأنّ الصادقعليه‌السلام سُئل عن الخميصة(١) سُداها إبريسم ولُحمتها من غَزل ، قال : « لا بأس بأن يحرم فيها ، إنّما يكره الخالص منه(٢) »(٣) .

وكذا يجوز الإِحرام في ثوب قد أصابه طيب إذا غسل وذهبت رائحته - وبه قال الشافعي(٤) - لأنّ الرائحة المقصودة من الطيب قد زالت بالغسل أو طول المكث أو بتجديد صبغ آخر عليه فزال الترفّه.

ولأنّ الكاظمعليه‌السلام سُئل عن الثوب المصبوغ بالزعفران أغسله واُحرم فيه؟ قال : « لا بأس به»(٥) .

وسأل إسماعيل بن الفضل الصادقَعليه‌السلام عن المـُحرم غسل الثوب قد أصابه الطيب ، فقال : « إذا ذهب ريح الطيب فليلبسه »(٦) .

ولو أصاب ثوبه شي‌ء من خلوق الكعبة وزعفرانها ، لم يكن به بأس وإن لم يغسله ؛ لأنّ عبد الله بن سنان سأل الصادقعليه‌السلام عن خلوق الكعبة يصيب ثوب المـُحرم ، قال : « لا بأس به ولا يغسله فإنّه طهور »(٧) .

ويكره النوم على الفُرش المصبوغة ؛ لقول الباقرعليه‌السلام : « يكره‌

____________________

= ٢ : ١٦٥ / ٥٤١.

(١) الخميصة : كساءٌ أسودٌ مربّعٌ له علمان ، فإن لم يكن معلماً فليس بخميصة. الصحاح ٣ : ١٠٣٨ « خمص ».

(٢) في النسخ الخطية والحجرية : « منها » وما أثبتناه من الكافي والتهذيب.

(٣) الكافي ٤ : ٣٣٩ / ٤ ، التهذيب ٥ : ٦٧ / ٢١٥ ، وبتفاوت يسير في الفقيه ٢ : ٢١٧ / ٩٩٢.

(٤) الحاوي الكبير ٤ : ٩٩ - ١٠٠.

(٥) التهذيب ٥ : ٦٧ / ٢١٨.

(٦) الكافي ٤ : ٣٤٣ / ١٩ ، التهذيب ٥ : ٦٨ - ٦٩ / ٢٢٣ بتفاوت يسير.

(٧) التهذيب ٥ : ٦٩ / ٢٢٥.

٢٤٢

للمُحرم أن ينام على الفراش الأصفر والمِرفقة(١) الصفراء »(٢) .

ويكره الإِحرام في الثياب الوسخة قبل الغسل ؛ لاستحباب التنظيف ، وقد تقدّم.

وسئل أحدهماعليهما‌السلام عن الثوب الوسخ يُحرم فيه المـُحرم ، فقال : « لا ، ولا أقول : إنّه حرام ، لكن تطهيره أحبّ إليّ ، وطهره غسله »(٣) .

مسألة ١٨١ : ولا يلبس ثوباً يزرّه ولا مدرعة ولا خُفّين ولا سراويل ، كما يحرم عليه لُبس المخيط ؛ لقول الصادقعليه‌السلام : « لا تلبس وأنت تريد الإِحرام ثوباً تزرّه ولا مدرعة ، ولا تلبس سراويل إلّا أن لا يكون لك إزار ، ولا الخُفّين إلّا أن لا يكون لك نعلان »(٤) .

ولا بأس بلُبس الطيلسان ، ولا يزرّه على نفسه ؛ لأنّه بمنزلة الرداء ، وإنّما لا يزرّه ؛ لأنّه حينئذٍ يتنزّل منزلة المخيط ؛ لقول الصادقعليه‌السلام في المـُحرم يلبس الطيلسان المزرور ، قال : « نعم في كتاب عليعليه‌السلام : ولا تلبس طيلساناً حتى تحلّ أزراره » وقال : « إنّما كره ذلك مخافة أن يزرّه الجاهل عليه ، فأمّا الفقيه فلا بأس بلُبسه »(٥) .

وأمّا السراويل فهي مخيطة يحرم لُبسها على المـُحرم إلّا أن لا يجد إزاراً ، فيجوز له لُبسها ، ولا فدية عليه - وبه قال الشافعي وأحمد(٦) - لما رواه العامة‌

____________________

(١) المرفقة : أي المخدّة. مجمع البحرين ٥ : ١٧٢.

(٢) التهذيب ٥ : ٦٨ / ٢٢١.

(٣) التهذيب ٥ : ٦٨ / ٢٢٢.

(٤) التهذيب ٥ : ٦٩ - ٧٠ / ٢٢٧ بتفاوت يسير.

(٥) الفقيه ٢ : ٢١٧ / ٩٩٥.

(٦) الحاوي الكبير ٤ : ٩٨ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢١٥ ، المجموع ٧ : ٢٥٤ و ٢٥٩ و ٢٦٦ ، فتح العزيز ٧ : ٤٥٢ - ٤٥٣ ، حلية العلماء ٣ : ٢٨٥ ، بداية المجتهد ١ : ٣٢٧ ، المغني ٣ : ٢٧٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٨١.

٢٤٣

عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال : ( إذا لم يجد المـُحرم نعلين لبس خُفّين ، وإذا لم يجد إزاراً لبس سراويل )(١) .

ومن طريق الخاصة : قول الصادقعليه‌السلام : « ولا تلبس سراويل إلّا أن لا يكون لك إزار »(٢) .

وقال أبو حنيفة ومالك : إذا لبس السراويل ، وجب عليه الفدية ؛ لأنّ ما وجب بلبسه الفدية مع وجود الإِزار وجب للُبسه الفدية مع عدمه كالقميص(٣) .

والفرق : أنّ القميص يمكنه أن يستر به عورته ولا يلبسه وإنّما يأتزر به ، وهذا يجب عليه لُبسه ليستر عورته ، ولا يمكنه ستر عورته إلّا بلبسه على صفته.

مسألة ١٨٢ : ويحرم عليه لُبس القباء بالإِجماع ؛ لأنّه مخيط ، فإن لم يجد ثوباً ، جاز له أن يلبس القباء مقلوباً ، ولا يُدخل يديه في يدي القباء ، ولا فدية عليه حينئذٍ - وبه قال أبو حنيفة(٤) - لأنّه لو توشّح بالقميص لم تجب الفدية فكذا القباء.

ولقول الصادقعليه‌السلام : « إذا اضطرّ المـُحرم إلى القباء ولم يجد ثوباً غيره فليلبسه مقلوباً ، ولا يُدخل يديه في يدي القباء »(٥) .

وقال الشافعي ومالك وأحمد : يجب الفداء ؛ لأنّه مُحرم لبس مخيطا على العادة في لبسه ، فوجبت عليه الفدية(٦) .

____________________

(١) سنن البيهقي ٥ : ٥٠ ، سنن الدار قطني ٢ : ٢٢٨ / ٥٦.

(٢) التهذيب ٥ : ٦٩ - ٧٠ / ٢٢٧.

(٣) المغني ٣ : ٢٢٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٨١ ، بداية المجتهد ١ : ٣٢٧ ، فتح العزيز ٧ : ٤٥٣ ، المجموع ٧ : ٢٦٦ ، الحاوي الكبير ٤ : ٩٨ ، حلية العلماء ٣ : ٢٨٥.

(٤) المغني ٣ : ٢٨٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٨٧ ، فتح العزيز ٧ : ٤٤١ ، المجموع ٧ : ٢٦٦ ، حلية العلماء ٣ : ٢٨٥.

(٥) التهذيب ٥ : ٧٠ / ٢٢٨.

(٦) الوجيز ١ : ١٢٤ ، فتح العزيز ٧ : ٤٤١ ، المجموع ٧ : ٢٦٦ ، حلية العلماء ٣ : ٢٨٥ ، =

٢٤٤

ونمنع لُبسه على العادة.

ولو أدخل كتفيه في القباء ولم يُدخل يديه في كُمّيه ولم يلبسه مقلوباً ، كان عليه الفداء - وبه قال الشافعي(١) - لعموم ما روي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله من قولهعليه‌السلام : ( لا يلبس المـُحرم القميص ولا الأقبية )(٢) خرج منه ما لو لبسه مقلوباً ؛ للضرورة ، وعملاً بما تقدّم ، فيبقى الباقي على المنع.

وقال أبو حنيفة : لا شي‌ء عليه(٣) .

قال الشيخرحمه‌الله : متى توشّح به كالرداء لا شي‌ء عليه بلا خلاف(٤) .

قال ابن إدريس : ليس المراد من القلب جعل ظاهره إلى باطنه وبالعكس ، بل المراد منه النكس بأن يجعل ذيله فوق أكتافه(٥) .

وهو حسن ؛ لما روي عن الصادقعليه‌السلام : « من اضطرّ إلى ثوب وهو مُحْرم وليس معه إلّا قباء فلينكّسه وليجعل أعلاه أسفله ويلبسه »(٦) .

مسألة ١٨٣ : يجوز للمُحْرم أن يلبس النعلين ، ولا نعلم فيه خلافاً ؛ للضرورة الداعية إليه.

ولو لم يجد النعلين ، لبس الخُفّين ، ويقطعهما إلى ظاهر القدم ، كالشمشكين ، ولا يجوز له لُبْسهما قبل القطع - وبه قال الشافعي ومالك وأبو‌

____________________

= المغني ٣ : ٢٨٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٨٧.

(١) كما في الخلاف - للشيخ الطوسي - ٢ : ٢٩٨ ، المسألة ٧٩.

(٢) أورده الشيخ الطوسي في الخلاف ٢ : ٢٩٨ ذيل المسألة ٧٩ ، وانظر : سنن الدار قطني ٢ : ٢٣٢ / ٦٨ ، وسنن البيهقي ٥ : ٥٠.

(٣) حكاه عنه الشيخ الطوسي في الخلاف ٢ : ٢٩٨ ، المسألة ٧٩.

(٤) الخلاف ٢ : ٢٩٨ ، المسألة ٧٩.

(٥) السرائر : ١٢٧.

(٦) الكافي ٤ : ٣٤٧ / ٥.

٢٤٥

حنيفة(١) - لما رواه العامّة عن النبيعليه‌السلام : ( فإن لم يجد نعلين فليلبس خُفّين ، وليقطعهما حتى يكونا الى الكعبين )(٢) .

ومن طريق الخاصّة : قول الباقرعليه‌السلام في المـُحْرم يلبس الخُفّ إذا لم يكن له نعل ، قال : « نعم ولكن يشقّ ظهر القدم »(٣) .

وقال بعض أصحابنا : يلبسهما صحيحين(٤) - وبه قال أحمد وعطاء بن أبي رباح - لقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( السراويل لمن لا يجد إزاراً ، والخُفّ لمن لا يجد نعلين )(٥) (٦) .

ولأنّ فاقد الإِزار يلبس السراويل من غير فتق فكذا الخُفّ.

ولا منافاة في الحديث لقولنا ، واللُّبْس مع الفتق غير ممكن في السراويل.

ويجوز أيضاً أن يلبس الجُرْمُوقين إذا لم يجد النعلين ؛ لقول الصادقعليه‌السلام وقد سأله رفاعة عن المـُحْرم يلبس الجوربين ، قال : « نعم والخفّين إذا اضطرّ إليهما »(٧) .

ولو وجد النعلين ، لم يجز له لُبس الخُفّين المقطوعين ولا الجُرْمُوقين ولا الشمشكين ؛ لأنّهعليه‌السلام شرط في لُبْسهما عدم وجدان النعلين.

____________________

(١) الحاوي الكبير ٤ : ٩٧ ، المجموع ٧ : ٢٦١ و ٢٦٥ ، فتح العزيز ٧ : ٤٥٣ ، حلية العلماء ٣ : ٢٨٦ ، المغني ٣ : ٢٧٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٨٢.

(٢) صحيح البخاري ٢ : ١٦٩ ، سنن أبي داود ٢ : ١٦٥ / ١٨٢٣ ، سنن النسائي ٥ : ١٣٥ ، سنن ابن ماجة ٢ : ٩٧٨ / ٢٩٣٢ ، سنن الدار قطني ٢ : ٢٢٩ / ٥٩ ، سنن الترمذي ٣ : ١٩٦ ذيل الحديث ٨٣٤.

(٣) الفقيه ٢ : ٢١٨ / ٩٩٧.

(٤) قال به ابن إدريس في السرائر : ١٢٧.

(٥) سنن النسائي ٥ : ١٣٢ - ١٣٣ وفيه : ( الخُفّين ).

(٦) المغني ٣ : ٢٧٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٨١ - ٢٨٢ ، حلية العلماء ٣ : ٢٨٦ ، الحاوي الكبير ٤ : ٩٧ ، بداية المجتهد ١ : ٣٢٧ ، المنتقى - للباجي - ٢ : ١٩٦.

(٧) الفقيه ٢ : ٢١٧ / ٩٩٦.

٢٤٦

وقال بعض الشافعية : يجوز(١) . وهو غلط.

وكذا لا يجوز له لُبْس القباء مقلوباً مع وجود الإِزار.

ولو لم يجد رداءً ، لم يجز له لُبْس القميص.

ولو عدم الإِزار ، جاز له التوشّح بالقميص وبالقباء المقلوب ، لقول الصادقعليه‌السلام : « وإن لم يكن له رداء طرح قميصه على عنقه أو قباءه بعد أن ينكّسه »(٢) .

مسألة ١٨٤ : يجوز أن يلبس المـُحْرم أكثر من ثوبين يتّقي بذلك الحَرّ أو البرد ، وأن يُغيّرهما ، لأنّ الحلبي سأل الصادقعليه‌السلام عن الثوبين يرتدي بهما ، قال : « نعم والثلاثة يتّقي بها الحَرَّ والبرد» وسأله عن المـُحْرم يُحوّل ثيابه ، قال : « نعم » وسأله : يغسلها إن أصابها شي‌ء ، قال : « نعم إذا احتلم فيها فليغسلها »(٣) .

ويكره للمُحْرم أن يغسل ثوبي إحرامه إلّا إذا أصابهما نجاسة ؛ لقول أحدهماعليهما‌السلام : « لا يغسل الرجل ثوبه الذي يُحْرم فيه حتى يحلّ وإن توسّخ ، إلّا أن تصيبه جنابة أو شي‌ء فيغسله »(٤) .

إذا ثبت هذا ، فقد بيّنّا أنّه يجوز له تبديل ثيابه ، لكن يستحب له أن يطوف في ثوبيه اللذين أحرم فيهما ؛ لأنّهما وقعت ابتداء العبادة فيهما فيستحب استدامتها فيهما.

ولقول الصادقعليه‌السلام : « لا بأس بأن يُغيّر المـُحْرم ثيابه ولكن إذا دخل مكة لبس ثوبي إحرامه اللذين أحرم فيهما ، وكره أن يبيعهما »(٥) .

____________________

(١) المهذب - للشيرازي - ١ : ٢١٥ ، المجموع ٧ : ٢٥٨ ، حلية العلماء ٣ : ٢٨٦ ، فتح العزيز ٧ : ٤٥٣ ، المغني ٣ : ٢٧٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٨٣ ، بداية المجتهد ١ : ٣٢٧.

(٢) التهذيب ٥ : ٧٠ / ٢٢٩.

(٣) التهذيب ٥ : ٧٠ / ٢٣٠.

(٤) الكافي ٤ : ٣٤١ / ١٤ ، الفقيه ٢ : ٢١٥ / ٩٨٠ ، التهذيب ٥ : ٧١ / ٢٣٤.

(٥) الكافي ٤ : ٣٤١ / ١١ ، الفقيه ٢ : ٢١٨ / ١٠٠٠ ، التهذيب ٥ : ٧١ / ٢٣٣.

٢٤٧

مسألة ١٨٥ : يجوز الإِحرام في الثياب المعلمة ، واجتنابه أفضل ؛ لقول الصادقعليه‌السلام : « لا بأس أن يُحْرم الرجل في الثوب المعلم ، ويدعه أحبّ إليَّ إذا قدر على غيره »(١) .

ويكره بيع الثوب الذي أحرم فيه ؛ لقول معاوية بن عمّار - في الصحيح - : كان الصادقعليه‌السلام يكره للمُحْرم أن يبيع ثوباً أحرم فيه(٢) .

ولو أحرم وعليه قميص ، نزعه ولا يشقّه ، وهو قول أكثر العلماء(٣) ؛ لما روى العامّة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه أتاه رجل فقال : يا رسول الله كيف ترى في رجل أحرم بعمرة في جُبّة بعد ما تضمّخ بطيب؟ فنظر إليه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ساعة ثم سكت فجاءه الوحي ، فقال له النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( أمّا الطيب الذي بك فاغسله ، وأمّا الجبّة فانزعها ثم أصنع في عمرتك ما تصنع في حجّك )(٤) .

ومن طريق الخاصة : قول الصادقعليه‌السلام في رجل أحرم وعليه قميصه ، فقال : « ينزعه(٥) ولا يشقّه ، وإن كان لبسه بعد ما أحرم شقّه وأخرجه ممّا يلي رجليه »(٦) .

قال الشيخرحمه‌الله : إذا لبسه بعد ما أحرم ، وجب عليه أن يشقّه ، ويُخْرجه من قدميه ؛ للرواية السابقة وغيرها(٧) .

____________________

(١) الفقيه ٢ : ٢١٦ / ٩٨٦ ، التهذيب ٥ : ٧١ / ٢٣٥.

(٢) التهذيب ٥ : ٧٢ / ٢٣٦ ، وفيه مضمراً.

(٣) المغني ٣ : ٢٦٧ ، معالم السنن - للخطّابي - ٢ : ٣٤٣.

(٤) صحيح مسلم ٢ : ٨٣٧ / ٨.

(٥) في النسخ الخطّية والحجرية : « يدعه » وما أثبتناه هو الموافق للمصدر.

(٦) التهذيب ٥ : ٧٢ / ٢٣٨.

(٧) التهذيب ٥ : ٧٢ ذيل الحديث ٢٣٦.

٢٤٨

النظر الثالث : في التلبيات‌

مسألة ١٨٦ : التلبيات الأربع واجبة وشرط في إحرام المتمتّع والمـُفْرِد ، فلا ينعقد إحرامهما إلّا بها ، والأخرس يُشير بها ويعقد قلبه بها ، وأمّا القارن : فإنّه ينعقد إحرامه بها أو الإِشعار أو التقليد لما يسوقه ، ذهب إليه علماؤنا أجمع ، وبه قال أبو حنيفة والثوري(١) ؛ لقوله تعالى :( فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ ) (٢) .

قال ابن عباس : الإِهلال(٣) .

وعن عطاء وطاوس وعكرمة : هو التلبية(٤) .

وما رواه العامّة أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال : ( أتاني جبرئيل فأمرني أن آمر أصحابي أو مَنْ معي أن يرفعوا أصواتهم بالتلبية أو بالإِهلال )(٥) وظاهر الأمر الوجوب.

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام : « إذا فرغت من صلاتك وعقدت ما تريد فقُمْ وامش هنيئة ، فإذا استوت بك الأرض ماشياً كُنْتَ أو راكباً فلَبِّ »(٦) الحديث.

وقال أصحاب مالك : إنّها واجبة يجب بتركها الدم(٧) .

____________________

(١) بدائع الصنائع ٢ : ١٦١ ، تحفة الفقهاء ١ : ٤٠٠ ، المغني ٣ : ٢٥٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٦٤ ، فتح العزيز ٧ : ٢٠٢ ، المجموع ٧ : ٢٢٥ ، حلية العلماء ٣ : ٢٧٧.

(٢) البقرة : ١٩٧.

(٣ و ٤ ) المغني ٣ : ٢٥٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٦٤ - ٢٦٥.

(٥) سنن الترمذي ٣ : ١٩١ - ١٩٢ / ٨٢٩ ، ترتيب مسند الشافعي ١ : ٣٠٦ / ٧٩٤.

(٦) التهذيب ٥ : ٩١ / ٣٠٠.

(٧) المنتقى - للباجي - ٢ : ٢٠٧ ، المغني ٣ : ٢٥٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٦٤.

٢٤٩

وقال الشافعي : إنّها مستحبّة ليست واجبةً ، وينعقد الإِحرام بالنيّة ، ولا حاجة الى التلبية - وبه قال أحمد والحسن بن صالح بن حي - لأنّ التلبية ذكر ، فلا يجب في الحجّ ، كسائر الأذكار(١) .

وليس بجيّد ، لما يأتي من بيان الوجوب.

مسألة ١٨٧ : والتلبيات الأربع هي الواجبة ؛ للإِجماع على عدم وجوب الزائد عليها ؛ لما رواه الشافعي عن الصادقعليه‌السلام عن الباقرعليه‌السلام عن جابر ، قال : تلبية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لبّيك اللّهم لبّيك ، لبّيك لا شريك لك لبّيك ، إنّ الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك(٢) .

وقالعليه‌السلام : ( خُذُوا عنّي مناسككم )(٣) .

ومن طريق الخاصّة : ما رواه معاوية بن عمّار - في الصحيح - عن الصادقعليه‌السلام ، قال : « فإذا فرغت من صلاتك وعقدت ما تريد فقُمْ وامش هنيئة فاذا استوت بك الأرض ماشيا كنت أو راكبا فلبّ ، والتلبية أن تقول : لبّيك اللهم لبّيك لبّيك لا شريك لك لبّيك ، إنّ الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك لبّيك لبّيك ذا المعارج لبّيك لبّيك داعياً الى دار السلام ، لبّيك لبّيك غفّار الذنوب ، لبّيك لبّيك أهل التلبية ، لبّيك لبّيك ذا الجلال والإِكرام ، لبّيك لبّيك تبدئ والمعاد إليك ، لبّيك لبّيك تستغني ويفتقر إليك ، لبّيك لبّيك مرهوبا ومرغوبا إليك ، لبّيك لبّيك إله الخلق ، لبّيك لبّيك ذا النعماء والفضل الحسن الجميل ، لبّيك لبّيك كشّاف الكروب ، لبّيك لبّيك عبدك وابن عبديك ، لبّيك لبّيك يا كريم لبّيك ».

____________________

(١) المجموع ٧ : ٢٢٥ و ٢٤٥ و ٢٤٦ ، المغني ٣ : ٢٥٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٦٤.

(٢) الاُم ٢ : ١٥٥ ، ترتيب مسند الشافعي ١ : ٣٠٤ / ٧٩٠.

(٣) سنن البيهقي ٥ : ١٢٥.

٢٥٠

« تقول هذا في دبر كلّ صلاة مكتوبة أو نافلة ، وحين ينهض بك بعيرك ، وإذا علوت شرفاً أو هبطت وادياً أو لقيت راكباً أو استيقظت من منامك ، وبالأسحار ، وأكثر ما استطعت واجهر بها ، وإن تركت بعض التلبية فلا يضرّك غير أنّ تمامها أفضل ».

« واعلم أنّه لا بدّ لك من التلبيات الأربع التي كُنّ في أول الكلام هي الفريضة ، وهي التوحيد، وبها لبّى المرسلون ، وأكثر من ذي المعارج فإنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يكثر منها ، وأوّل مَنْ لبّى إبراهيمعليه‌السلام ، قال : إن الله يدعوكم الى أن تحجّوا بيته ، فأجابوه بالتلبية ، فلم يبق أحد أخذ ميثاقه بالموافاة في ظهر رجل ولا بطن امرأة إلّا أجاب بالتلبية »(١) .

ولأنّها عبادة لها تحليل وتحريم ، فكان فيها نطق واجب ، كالصلاة.

إذا عرفت هذا ، فإنّ الزائد على الأربع مستحب - وبه قال أصحاب أبي حنيفة(٢) - لما تقدّم.

وقال الشافعي : إنّه غير مستحب. وبه قال أحمد(٣) - وقال بعضهم : إنّ الزائد مكروه(٤) - لما رواه الشافعي عن الصادق عن الباقرعليهما‌السلام عن جابر - وقد تقدّم(٥) - وما داوم عليه النبيعليه‌السلام أولى.

ونحن نقول : إنّما فَعَلهعليه‌السلام بياناً للواجب ، فلهذا لم يزد.

ويستحب الإِكثار من ذكر « ذي المعارج ».

مسألة ١٨٨ : يستحب رفع الصوت بالتلبية - وهو قول العلماء‌ - لأنّ « جبرئيل قال للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : مُرْ أصحابك بالعجّ والثجّ ، والعجّ :

____________________

(١) التهذيب ٥ : ٩١ - ٩٢ / ٣٠٠.

(٢) فتح العزيز ٧ : ٢٦٣.

(٣) الأم ٢ : ٢٠٤ ، فتح العزيز ٧ : ٢٦٣ ، المغني ٣ : ٢٥٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٦٤.

(٤) انظر : المجموع ٧ : ٢٤٥.

(٥) تقدّم في صفحة ٢٤٩.

٢٥١

رفع الصوت بالتلبية ، والثجّ : نحر البُدْن »(١) والأمر هنا ليس للوجوب ؛ لأصالة براءة الذمّة.

ويستحب الجهر بها كلّما ركب أو هبط وادياً أو علا أكمةً(٢) ، وبالأسحار ؛ لقول الصادقعليه‌السلام : « واجهر بها كلّما ركبت وكلّما نزلت وكلّما هبطت وادياً أو علوت أكمةً أو لقيت راكباً ، وبالأسحار »(٣) .

وقال الباقر والصادقعليهما‌السلام : « قال جابر بن عبد الله : ما مشى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله الروحاء(٤) حتى بُحّت أصواتنا »(٥) .

ولأنّه من شعائر العبادة ، فأشبه الأذان ، ولاشتمال الإِجهار على تنبيه الغافلين.

وليس على النساء إجهار بالتلبية ؛ لقول الصادقعليه‌السلام : « ليس على النساء جهر بالتلبية»(٦) .

والأخرس يُشير إلى التلبية بإصبعه وتحريك لسانه وعقد قلبه بها ؛ لقول عليعليه‌السلام : « تلبية الأخرس وتشهّده وقراءته القرآن في الصلاة تحريك لسانه وإشارته بإصبعه »(٧) .

ولا يجوز التلبية إلّا بالعربية مع القدرة - خلافاً لأبي حنيفة(٨) - لأنّه المأمور به ، ولأنّه ذكر مشروع ، فلا يجوز بغير العربية ، كالأذان.

____________________

(١) الكافي ٤ : ٣٣٦ / ٥ ، الفقيه ٢ : ٢١٠ / ٩٦٠ ، التهذيب ٥ : ٩٢ / ٣٠٢.

(٢) الأكمة : تلّ صغير. مجمع البحرين ٦ : ٨.

(٣) التهذيب ٥ : ٩٢ / ٣٠١.

(٤) الروحاء : موضع بين الحرمين على ثلاثين أو أربعين ميلاً من المدينة. القاموس المحيط ١ : ٢٢٥.

(٥) التهذيب ٥ : ٩٢ / ٣٠٢.

(٦) الكافي ٤ : ٣٣٦ - ٣٣٧ / ٧ ، التهذيب ٥ : ٩٣ / ٣٠٤.

(٧) الكافي ٤ : ٣٣٥ / ٢ ، التهذيب ٥ : ٩٣ / ٣٠٥.

(٨) المبسوط - للسرخسي - ٤ : ٦ ، بدائع الصنائع ٢ : ١٦١.

٢٥٢

احتجّ : بالقياس على التكبير(١) .

ونمنع الأصل.

مسألة ١٨٩ : لا يشترط في التلبية الطهارة من الحدثين إجماعاً ؛ لأنّ النبيعليه‌السلام قال لعائشة حين حاضت : ( افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت )(٢) .

ومن طريق الخاصة : قول الصادقعليه‌السلام : « لا بأس أن تلبّي وأنت على غير طهور وعلى كلّ حال »(٣) .

وقال الباقرعليه‌السلام : « لا بأس أن يلبّي الجنب »(٤) .

مسألة ١٩٠ : يستحب أن يذكر في تلبيته ما يُحْرم به من حجّ أو عمرة‌ - وبه قال أحمد(٥) - لما رواه العامة في حديث أنس ، قال : سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : ( لبّيك عمرةً وحجّاً )(٦) .

وقال ابن عباس : قدم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأصحابه وهُمْ يُلبّون بالحجّ(٧) .

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام في التلبية : « لبّيك‌

____________________

(١) المبسوط - للسرخسي - ٤ : ٦ ، بدائع الصنائع ٢ : ١٦١.

(٢) صحيح البخاري ٢ : ١٩٥ ، سنن البيهقي ٥ : ٨٦ ، سنن الدارمي ٢ : ٤٤ ، ترتيب مسند الشافعي ١ : ٣٩٠ / ١٠٠٣.

(٣) الكافي ٤ : ٣٣٦ / ٦ ، الفقيه ٢ : ٢١٠ / ٩٦٢ ، التهذيب ٥ : ٩٣ / ٣٠٦.

(٤) الفقيه ٢ : ٢١١ / ٩٦٣.

(٥) المغني ٣ : ٢٥٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٦٦.

(٦) صحيح مسلم ٢ : ٩٠٥ ذيل الحديث ١٢٣٢ ، و ٩١٥ / ٢١٥ ، سنن أبي داود ٢ : ١٥٧ / ١٧٩٥ ، سنن النسائي ٥ : ١٥٠ ، سنن البيهقي ٥ : ٤٠ ، وأورده ابنا قدامة في المغني ٣ : ٢٥٩ ، والشرح الكبير ٣ : ٢٦٦.

(٧) سنن النسائي ٥ : ٢٠١ ، وأورده ابنا قدامة في المغني ٣ : ٢٦٠ ، والشرح الكبير ٣ : ٢٦٦.

٢٥٣

بحجّة تمامها عليك »(١) .

وقال الشافعي : لا يستحب(٢) ؛ لما رواه جابر قال : ما سمّى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في تلبيته حجّاً ولا عمرةً(٣) .

وسمع ابن عمر رجلاً يقول : لبّيك بعمرة ، فضرب صدره وقال : تعلمه ما في نفسك(٤) .

وحديَث جابر معارض بما رواه العامّة عنه قال : كنّا مع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ونحن نقول : لبّيك بالحجّ(٥) . وبغيره من الروايات.

وقول ابن عمر ليس حجّةً ، خصوصاً مع معارضته لأحاديث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

إذا عرفت هذا ، فيستحب أن يذكر في تلبيته الحجّ والعمرة معاً ، فإن لم يمكنه ؛ للتقية أو غيرها ، اقتصر على ذكر الحجّ ، فإذا دخل مكة ، طاف وسعى وقصّر ، وجعلها عمرةً ؛ لقول الصادقعليه‌السلام عن رجل لبّى بالحجّ مُفرداً ثم دخل مكة فطاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة ، قال : « فليحلّ ، وليجعلها متعةً ، إلّا أن يكون ساق الهدي ، فلا يستطيع أن يحلّ حتى يبلغ الهدي محلّه »(٦) .

مسألة ١٩١ : يستحب تكرار التلبية والإِكثار منها على كلّ حال عند الإِشراف والهبوط وأدبار الصلوات وتجدّد الأحوال واصطدام الرفاق والأسحار‌

____________________

(١) التهذيب ٥ : ٩٢ / ٣٠١.

(٢) فتح العزيز ٧ : ٢٠٨ ، المجموع ٧ : ٢٢٧ ، المغني ٣ : ٢٥٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٦٦.

(٣ و ٤) سنن البيهقي ٥ : ٤٠ ، وأورده ابنا قدامة في المغني ٣ : ٢٥٩ ، والشرح الكبير ٣ : ٢٦٦.

(٥) صحيح مسلم ٢ : ٨٨٦ / ١٢١٦ ، سنن البيهقي ٥ : ٤٠ ، وأورده ابنا قدامة في المغني ٣ : ٢٥٩ - ٢٦٠ ، والشرح الكبير ٣ : ٢٦٦ وفيها : قدمنا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.

(٦) التهذيب ٥ : ٨٩ / ٢٩٣ ، الاستبصار ٢ : ١٧٤ / ٥٧٥.

٢٥٤

بإجماع العلماء ، إلّا مالكاً ، فإنّه قال : لا يلبّي عند اصطدام الرفاق(١) .

والحقّ ما قلناه ؛ لما روى العامة عن جابر : أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يلبّي في حجّه إذا لقي راكباً أو علا أكَمَةً أو هبط وادياً وفي أدبار الصلوات المكتوبة ومن آخر الليل(٢) .

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام وقد ذكر التلبيات : « تقول هذا في دبر كلّ صلاة مكتوبة أو نافلة وحين ينهض بك بعيرك وإذا علوت شرفاً أو هبطت وادياً أو لقيت راكباً أو استيقظت من منامك وبالأسحار »(٣) .

مسألة ١٩٢ : يقطع المتمتّع التلبية إذا شاهد بيوت مكة ؛ لما رواه الحلبي - في الحسن - عن الصادقعليه‌السلام ، قال : « المتمتّع إذا نظر الى بيوت مكة قطع التلبية »(٤) .

وأمّا المـُفْرد والقارن فإنّهما يقطعان التلبية يوم عرفة عند الزوال ؛ لرواية معاوية بن عمّار عن الصادقعليه‌السلام ، قال : « إذا دخلت مكة(٥) وأنت متمتّع فنظرت الى بيوت مكة [ فاقطع التلبية ، وحدّ بيوت مكة ](٦) التي كانت قبل اليوم إذا بلغت عقبة المدنيين فاقطع التلبية ، وعليك بالتكبير والتهليل والثناء على الله ما استطعت ، وإن كنت قارناً(٧) بالحجّ فلا تقطع التلبية حتى يوم عرفة الى زوال الشمس ، وإن كنت معتمراً فاقطع التلبية إذا دخلت الحرم »(٨) .

____________________

(١) المغني ٣ : ٢٦٢ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٦٧.

(٢) أورده أبو إسحاق الشيرازي في المهذّب ١ : ٢١٣ ، والرافعي في فتح العزيز ٧ : ٢٦٠ ، وابنا قدامة في المغني ٣ : ٢٦١ ، والشرح الكبير ٣ : ٢٦٧.

(٣) الكافي ٤ : ٣٣٥ - ٣٣٦ / ٣ ، التهذيب ٥ : ٩١ / ٣٠٠.

(٤) الكافي ٤ : ٣٩٩ / ٣ ، التهذيب ٥ : ٩٤ / ٣٠٧ ، الاستبصار ٢ : ١٧٦ / ٥٨١.

(٥) في النسخ الخطية والحجرية : بيوت مكة وما أثبتناه موافق للمصدر.

(٦) أضفناها من المصدر.

(٧) في النسخ الخطية والحجرية : مقرناً. وما أثبتناه هو الموافق للمصدر.

(٨) التهذيب ٥ : ٩٤ / ٣٠٩.

٢٥٥

قال الشيخرحمه‌الله : المعتمر عمرة مفردة إن كان أحرم من خارج مكة ، قَطَع التلبية إذا دخل الحرم ، وإن كان ممّن خرج من مكة للإِحرام ، قَطَعها إذا شاهد الكعبة(١) .

وقيل بالتخيير بينها من غير تفصيل(٢) .

قال الصادقعليه‌السلام : « مَنْ دَخَل مكة مفرداً للعمرة فليقطع التلبية حين تضع الإِبل أخفافها في الحرم »(٣) .

وسأل يونس بن يعقوب الصادقعليه‌السلام عن الرجل يعتمر عمرة مفردة من أين يقطع التلبية؟ قال : « إذا رأيت بيوت ذي طوى فاقطع التلبية »(٤) .

وروى عمر بن يزيد عن الصادقعليه‌السلام ، قال : « ومن خرج من مكة يريد العمرة ثم دخل معتمرا لم يقطع التلبية حتى ينظر إلى الكعبة »(٥) .

مسألة ١٩٣ : يستحب لمن حجّ على طريق المدينة أن يرفع صوته بالتلبية‌ إذا علت راحلته البيداء إن كان راكباً ، وإن كان ماشياً فحيث يُحْرم ، وإن كان على غير طريق المدينة ، لبّى من موضعه إن شاء ، وإن مشى خطوات ثم لبّى ، كان أفضل ، وبه قال مالك(٦) .

وللشافعي قولان :

قال في القديم : يستحب(٧) أن يُهلّ خلف الصلاة نافلةً كانت أو فريضةً. وبه قال أبو حنيفة وأحمد.

____________________

(١) النهاية : ٢١٦ ، المبسوط - للطوسي - ١ : ٣١٧.

(٢) كما في شرائع الإِسلام ١ : ٢٤٨ ، وراجع : الفقيه ٢ : ٢٧٧ ذيل الحديث ١٣٥٦.

(٣) الاستبصار ٢ : ١٧٧ / ٥٨٦ ، التهذيب ٥ : ٩٥ / ٣١٣ ، وليس فيه « مكة ».

(٤) الفقيه ٢ : ٢٧٧ / ١٣٥٤ ، التهذيب ٥ : ٩٥ / ٣١٤ ، الاستبصار ٢ : ١٧٧ / ٥٨٧.

(٥) الفقيه ٢ : ٢٧٦ - ٢٧٧ / ١٣٥٠ ، التهذيب ٥ : ٩٥ - ٩٦ / ٣١٥ ، الاستبصار ٢ : ١٧٧ / ٥٨٨.

(٦) انظر : المدوّنة الكبرى ١ : ٣٦١ ، والمجموع ٧ : ٢٢٣.

(٧) في « ن » : المستحب.

٢٥٦

والجديد : أن يلبّي إذا انبعثت به راحلته إن كان راكباً ، وإذا أخذ في السير إن كان راجلاً(١) .

لنا : ما رواه العامّة عن ابن عباس ، قال : اغتسل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثم لبس ثيابه ، فلمـّا أتى ذا الحليفة صلّى ركعتين ثم قعد على بعيره ، فلمـّا استوى به على البيداء أحرم بالحجّ(٢) .

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام : « إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لم يكن يلبّي حتى يأتي(٣) البيداء »(٤) .

وأما التفصيل : فيدلّ عليه قول الصادقعليه‌السلام : « إن كنت ماشياً فاجهر بإهلالك وتلبيتك من المسجد ، وإن كنت راكباً فإذا علت بك راحلتك البيداء »(٥) .

إذا عرفت هذا ، فالمراد استحباب الإِجهار بالتلبية عند البيداء ، وبينها وبين ذي الحليفة ميل ، ولا يجوز مجاوزة الميقات بغير إحرام ، وإنّما ينعقد الإِحرام بالتلبية ، فيجب إيقاعها في ذي الحليفة ، ويستحب الإِجهار بها بالبيداء.

مسألة ١٩٤ : لا يلبّي في مسجد عرفة - وبه قال مالك(٦) - لما بيّنّاه من أنّ التلبية تُقطع يوم عرفة قبل الزوال.

____________________

(١) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢١١ ، المجموع ٧ : ٢٢٣ ، فتح العزيز ٧ : ٢٥٨ - ٢٥٩ ، الحاوي الكبير ٤ : ٨١ ، الهداية - للمرغيناني - ١ : ١٣٧ ، المغني ٣ : ٢٣٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٣٥.

(٢) سنن الدار قطني ٢ : ٢١٩ - ٢٢٠ / ٢١ ، سنن البيهقي ٥ : ٣٣.

(٣) في النسخ الخطية والحجرية : لم يكن يكبّر حتى أتى. وما أثبتناه هو الموافق للمصدر.

(٤) التهذيب ٥ : ٨٤ / ٢٧٩ ، الاستبصار ٢ : ١٧٠ / ٥٦١.

(٥) التهذيب ٥ : ٨٥ / ٢٨١ ، الاستبصار ٢ : ١٧٠ - ١٧١ / ٥٦٣.

(٦) حكاه عنه الشيخ الطوسي في الخلاف ٢ : ٢٩٢ ، المسألة ٧٠ ، وانظر : المدوّنة الكبرى ١ : ٣٦٤.

٢٥٧

وقال الشافعي : إنّه مستحب(١) .

وليس بمعتمد.

وكذا لا يلبّي في حال الطواف - وبه قال الشافعي وسالم بن عبد الله وابن عيينة(٢) - لما رواه العامّة عن ابن عمر قال : لا يلبّي الطائف(٣) .

ومن طريق الخاصّة : قول الباقرعليه‌السلام : « إذا قدموا مكة وطافوا بالبيت أحلّوا ، وإذا لبّوا أحرموا ، فلا يزال يحلّ ويعقد حتى يخرج إلى منى بلا حجّ ولا عمرة »(٤) .

ولأنّا بيّنّا أنّ المتمتّع يقطع التلبية عند مشاهدة بيوت مكة.

مسألة ١٩٥ : قد بيّنّا أنّ الإِحرام إنّما ينعقد بالتلبيات الأربع في حقّ المتمتّع والمـُفْرد ، وأمّا القارن فإنّه يتخيّر بين أن يعقد إحرامه بالتلبيات الأربع أو بالإِشعار أو التقليد أيّها فَعَل انعقد إحرامه به ، وكان الباقي مستحباً.

والإِشعار : أن يشقّ سنام البعير من الجانب الأيمن ، ويلطخ صفحته بالدم ليعلم أنّه صدقة ، وهو مختص بالإِبل.

والتقليد : أن يجعل في رقبة الهدي نعلا قد صلّى فيه ، أو يجعل في رقبة الهدي خيطا أو سيراً وما أشبههما ليعلم أنّه صدقة ، وهو مشترك بين الأنعام الثلاثة.

وهذا هو المشهور ، ذهب اليه الشيخ(٥) رحمه‌الله وأتباعه(٦) .

____________________

(١) الوجيز ١ : ١١٧ ، فتح العزيز ٧ : ٢٦٠ - ٢٦١ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢١٣ ، المجموع ٧ : ٢٤٥ ، وحكاه عنه الشيخ الطوسي في الخلاف ٢ : ٢٩٢ ، المسألة ٧٠.

(٢) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢١٣ ، المجموع ٧ : ٢٤٥ ، فتح العزيز ٧ : ٢٦٢ ، حلية العلماء ٣ : ٢٨١ ، المغني ٣ : ٢٦٤. الشرح الكبير ٣ : ٢٦٨.

(٣) أورده الرافعي في فتح العزيز ٧ : ٢٦٢.

(٤) التهذيب ٥ : ٣١ - ٩٣ ، الاستبصار ٢ : ١٥٦ / ٥١١.

(٥) النهاية : ٢١٤.

(٦) منهم : القاضي ابن البراج في المهذّب ١ : ٢١٤ - ٢١٥.

٢٥٨

وقال السيد المرتضى وابن إدريس من علمائنا : لا ينعقد إحرام الأصناف الثلاثة إلّا بالتلبية(١) .

والوجه : ما قاله الشيخ ؛ لما رواه معاوية بن عمّار - في الصحيح - عن الصادقعليه‌السلام ، قال: « يوجب الإِحرام ثلاثة أشياء : التلبية والإِشعار والتقليد ، فإذا فَعَل شيئاً من هذه الثلاثة فقد أحرم »(٢) .

إذا عرفت هذا ، فينبغي أن تُشعر البُدْن وهي باركة يشقّ سنامها الأيمن ، وتُنحر - وهي قائمة - من قِبَل الأيمن ؛ لأنّ أبا الصباح الكناني سأل الصادقعليه‌السلام عن البدن كيف تشعر؟ فقال : «تُشعر وهي باركة يشقّ سنامها الأيمن ، وتُنحر - وهي قائمة - من قِبَل الأيمن »(٣) .

إذا عرفت هذا ، فلو كانت البُدْن كثيرةً وأراد إشعارها ، دخل بين كلّ بدنتين ، وأشعر إحداهما من الجانب الأيمن والاُخرى من الأيسر ، للرواية عن الصادقعليه‌السلام (٤) ، وللتخفيف.

مسألة ١٩٦ : إذا عقد نيّة الإِحرام ولبس ثوبيه ثم لم يلبّ ولم يشعر ولم يقلّد ، جاز له أن يفعل ما يحرم على المـُحْرم فعله ، ولا كفّارة عليه ، فإن لبّى أو أشعر أو قلّد إن كان قارناً ، حرم عليه ذلك ، ووجبت عليه الكفّارة بفعله ؛ لأنّ الإِحرام إنّما ينعقد بأحد الثلاثة ، فإذا لم يفعلها لم يكن محرماً ، لأنّ حفص بن البختري سأل الصادقعليه‌السلام عمّن عقد الإِحرام في مسجد الشجرة ثم وقع على أهله قبل أن يلبّي ، قال : « ليس عليه شي‌ء »(٥) .

مسألة ١٩٧ : يستحب لمن أراد الإِحرام أن يشترط على ربّه‌ عند عقد‌

____________________

(١) الانتصار : ١٠٢ ، السرائر ١٢٤ - ١٢٥‌

(٢) التهذيب ٥ : ٤٣ - ٤٤ / ١٢٩.

(٣) الفقيه ٢ : ٢٠٩ / ٩٥٥.

(٤) التهذيب ٥ : ٤٣ / ١٢٨‌

(٥) الفقيه ٢ : ٢٠٨ / ٩٤٦.

٢٥٩

الإحرام : إن لم تكن حجّةً فعمرة ، وأن يُحلّه حيث حبسه ، سواء كان حجّه تمتّعاً أو قراناً أو إفراداً ، وكذا في إحرام العمرة - وبه قال عليعليه‌السلام ، وعمر بن الخطّاب وابن مسعود وعمّار وعلقمة وشريح وسعيد بن المسيّب وعكرمة والشافعي وأبو حنيفة وأحمد(١) - لما رواه العامّة عن ابن عباس أنّ ضُباعة أتت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقالت : يا رسول الله إنّي اُريد الحجّ فكيف أقول؟ قال : ( قُولي : لبّيك اللّهم لبّيك ومحلّي من الأرض حيث تحبسني ، فإنّ لك على ربّك ما استثنيت )(٢) .

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام : « إذا أردت الإِحرام والتمتّع فقُلْ : اللّهم إنّي اُريد ما أمرت به من التمتّع بالعمرة الى الحجّ ، فيسِّر لي ذلك وتقبّله منّي وأعنّي عليه وحلّني حيث حبستني لقدرك الذي قدرت عليّ أحرم لك شعري وبشري من النساء والطيب والثياب ، وإن شئت قلت حين ينهض بك بعيرك ، وإن شئت فأخّره حتى تركب بعيرك وتستقبل القبلة »(٣) .

وعن الفضيل بن يسار عن الصادقعليه‌السلام ، قال : « المعتمر عمرة مفردة يشترط على ربّه أن يُحلّه حيث حبسه ، ومُفرد الحج يشترط على ربّه إن لم تكن حجّةً فعمرة »(٤) .

وأنكره [ ابن ](٥) عمر وطاوس وسعيد بن جبير والزهري ومالك ؛ لأنّ ابن‌

____________________

(١) المغني ٣ : ٢٤٨ - ٢٤٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٣٨ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٤٣ ، المحلّى ٧ : ١١٤.

(٢) سنن الترمذي ٣ : ٢٧٨ / ٩٤١ ، سنن أبي داود ٢ : ١٥١ - ١٥٢ / ١٧٧٦ ، سنن النسائي ٥ : ١٦٨ ، وأورده ابنا قدامة في المغني ٣ : ٢٤٩ - ٢٥٠ ، والشرح الكبير ٣ : ٢٣٨.

(٣) التهذيب ٥ : ٧٩ / ٢٦٣.

(٤) الكافي ٤ : ٣٣٥ / ١٥ ، التهذيب ٥ : ٨١ - ٨٢ / ٢٧١.

(٥) اضفناها من المصادر ولاقتضاء السياق ، ولكن قال البيهقي في سننه الكبرى ٥ : ٢٢٣ : وعندي أنّ أبا عبد الرحمن عبد الله بن عمر بن الخطاب لو بلغه حديث ضباعة بنت الزبير لصار إليه ولم ينكر الاشتراط كما لم ينكره أبوه.

٢٦٠

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481