تذكرة الفقهاء الجزء ٧

تذكرة الفقهاء4%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-319-007-2
الصفحات: 481

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧
  • البداية
  • السابق
  • 481 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 169758 / تحميل: 5806
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء ٧

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٣١٩-٠٠٧-٢
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

عمر كان يُنكر الاشتراط ويقول : حَسْبُكم سنّة نبيّكم(١) .

ولأنّها عبادة تجب بأصل الشرع ، فلم يفد الاشتراط فيها ، كالصوم والصلاة(٢) .

وقول ابن عمر ليس بحجّة ، خصوصاً مع معارضته لقول النبي وأهل بيتهعليهم‌السلام .

والقياس ممنوع ؛ للفرق.

إذا عرفت هذا ، فالاشتراط لا يفيد سقوط فرض الحجّ في القابل لو فاته الحجّ ، ولا نعلم فيه خلافاً ؛ لأنّ أبا بصير سأل الصادقعليه‌السلام عن الرجل يشترط في الحجّ أن حلّني حيث حبستني ، أعليه الحجّ من قابل؟ قال : « نعم »(٣) .

ولو كان الحجّ تطوّعاً ، سقط عنه الحجّ من قابل.

وإنّما يفيد الاشتراط جواز التحلّل عند الإِحصار.

وقيل : يتحلّل من غير اشتراط - وهو اختيار أبي حنيفة في المريض(٤) .

وقال الزهري ومالك وابن عمر : الشرط لا يفيد شيئاً ، ولا يتعلّق به التحليل(٥) - لأنّ حمزة بن حمران سأل الصادقعليه‌السلام عن الذي يقول : حلّني حيث حبستني ، فقال : « هو حلّ حيث حبسه الله تعالى ، قال أو لم يقل ، ولا يُسقط‌

____________________

(١) سنن الترمذي ٣ : ٢٧٩ / ٩٤٢ ، سنن النسائي ٥ : ١٦٩ ، سنن الدار قطني ٢ : ٢٣٤ / ٨٠ ، سنن البيهقي ٥ : ٢٢٣.

(٢) المغني ٣ : ٢٤٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٣٨ ، المحلّى ٧ : ١١٤ - ١١٥ ، تفسير القرطبي ٢ : ٣٧٥.

(٣) الاستبصار ٢ : ١٦٨ - ١٦٩ / ٥٥٦ ، والتهذيب ٥ : ٨٠ - ٨١ / ٢٦٨.

(٤) المبسوط - للسرخسي - ٤ : ١٠٧ ، الهداية - للمرغيناني - ١ : ١٨٠ ، فتح العزيز ٨ : ٨ - ٩ ، المغني ٣ : ٢٤٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٣٨ ، وحكاه عنه الشيخ الطوسي في الخلاف ٢ : ٤٣٠ ، المسألة ٣٢٣.

(٥) حكاه عنهم الشيخ الطوسي في الخلاف ٢ : ٤٣٠ ، المسألة ٣٢٣.

٢٦١

الاشتراط عنه الحجّ من قابل »(١) .

والوجه : الأول ؛ تحصيلاً لفائدة الاشتراط الثابت بالشرع.

فروع :

أ - لو اشترط في إحرامه أن يُحلّه حيث حبسه ، قال السيد المرتضى : يسقط دم الإِحصار عند التحلّل(٢) - وبه قال أبو حنيفة(٣) - ؛ لأنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب : ( حجّي واشترطي وقولي : اللّهم محلّي حيث حبستني )(٤) ولا فائدة لهذا الشرط إلّا التأثير فيما قلناه.

وقال الشيخرحمه‌الله : لا يسقط - وللشافعي قولان(٥) - لعموم قوله تعالى :( فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ) (٦) (٧) وفيه قوّة.

ب - لا بُدّ أن يكون للشرط فائدة‌ - قاله الشيخ(٨) - مثل أن يقول : إن مرضتُ أو فنيت نفقتي أو فاتني الوقت أو ضاق عليّ أو منعني عدوّ أو غيره ، فأمّا أن يقول : أن تُحلّني حيث شئت ، فليس له ذلك.

ج - قال الشيخرحمه‌الله : لا يجوز للمشترط أن يتحلّل إلّا مع نيّة التحلّل والهدي معاً - وللشافعي فيهما قولان(٩) - لعموم الأمر بالهدي(١٠) ،

____________________

(١) الفقيه ٢ : ٣٠٦ / ١٥١٦.

(٢) الانتصار : ١٠٤ - ١٠٥.

(٣) المغني ٣ : ٢٤٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٣٨‌

(٤) صحيح مسلم ٢ : ٨٦٧ - ٨٦٨ / ١٢٠٧ ، سنن الدار قطني ٢ : ٢١٩ / ١٨ ، سنن البيهقي ٥ : ٢٢١.

(٥) الوجيز ١ : ١٣٠ ، المجموع ٨ : ٣٠٦ - ٣٠٧ ، حلية العلماء ٣ : ٣٦٢.

(٦) البقرة : ١٩٦.

(٧ و ٨ ) المبسوط - للطوسي - ١ : ٣٣٤.

(٩) حكاه عنه الشيخ الطوسي في الخلاف ٢ : ٤٣١ ، المسألة ٣٢٤ ، وراجع : الحاوي الكبير ٤ : ٣٦٠ - ٣٦١.

(١٠) البقرة : ١٩٦.

٢٦٢

وللاحتياط(١) .

مسألة ١٩٨ : يستحب أن يأتي بالتلبية نسقاً لا يتخلّلها كلام ، فإن سُلّم عليه ردّ في أثنائها؛ لأنّ ردّ السلام واجب.

ويستحب إذا فرغ من التلبية أن يصلّي على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، لقوله تعالى :( وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ ) (٢) .

قيل في التفسير : لا اُذكر إلّا وتُذكر معي(٣) .

ولأنّ كلّ موضع شُرّع فيه ذكر الله تعالى شُرّع فيه ذكر نبيهعليه‌السلام ، كالصلاة والأذان.

ويجزئ من التلبية في دبر كلّ صلاة مرّة واحدة ؛ لإِطلاق الأمر بها ، وبالواحدة يحصل الامتثال ، ولو زاد ، كان فيه فضل كثير ؛ لقولهمعليهم‌السلام : « وأكثر من ذكر ذي المعارج »(٤) .

ولا أعرف لأصحابنا قولاً في أنّ الحلال يلبّي في غير دعاء الصلاة ، لكن تلك التلبية غير هذه.

واستحسن الحسن البصري هذه التلبيات للحلال ، وكذا النخعي وعطاء ابن السائب والشافعي وأبو ثور وأحمد وابن المنذر وأصحاب الرأي(٥) . وكرهه مالك(٦) . والأصل عدم مشروعيته.

ويكره للمُحْرم إجابة مَنْ يناديه بالتلبية ، بل يقول له : يا سعد ؛ للرواية(٧) .

____________________

(١) الخلاف ٢ : ٤٣١ ، المسألة ٣٢٤.

(٢) الشرح : ٤.

(٣) جامع البيان ٣٠ : ١٥٠ ، الرسالة - للشافعي - : ١٦ / ٣٧ ، التبيان ١٠ : ٣٧٣ ، مجمع البيان ٥ : ٥٠٨ ، ونقله أيضاً ابن قدامة في المغني ٣ : ٢٦٥.

(٤) الكافي ٤ : ٣٣٦ / ٣ ، التهذيب ٥ : ٩٢ / ٣٠٠.

(٥ و ٦) المغني ٣ : ٢٦٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٦٨.

(٧) الفقيه ٢ : ٢١١ / ٩٦٥.

٢٦٣

وإذا قال : لبّيك إنّ الحمد ، كَسَر الألف ، ويجوز فتحها.

قال ثعلب : مَنْ فَتَحها فقد خصّ ومَنْ كَسَرها فقد عمّ ، ومعناه أنّ مَن كَسَر جَعَل الحمد لله على كلّ حال ، ومَنْ فَتَح فمعناه السببية ، أي : لبّيك لهذا السبب ، أي : للحمد(١) .

المطلب الثالث : في تروك الإِحرام‌

وهي قسمان : محرّمات ومكروهات ، فالمحرمات عشرون شيئاً ، والمكروهات عشرة يأتي تفاصيلها في مباحث :

البحث الأول : يحرم صيد البرّ في الحلّ والحرم‌

وكذا يحرم على المُحلّ صيد الحرم بالنصّ والإجماع.

قال الله تعالى :( وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ ما دُمْتُمْ حُرُماً ) (٢) .

وقال تعالى( لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ ) (٣) .

وروى العامّة عن ابن عباس ، قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يوم فتح مكة : ( إنّ هذا البلد حرام حرّمه الله يوم خلق السماوات والأرض ، فهو حرام بحرمة الله الى يوم القيامة ، وإنّه لم يحلّ القتال فيه لأحد قبلي ولم يحلّ لي إلّا ساعة من نهار ، فهو حرام بحرمة الله الى يوم القيامة لا يُختلى خلاها(٤) ولا يُعضد(٥) شوكها ولا يُنفَّر صيدها ولا تُلتقط لُقطتها إلّا مَنْ عرَّفها ) فقال العباس : يا رسول الله إلّا الإِذخر(٦) فإنّه لِقَيْنِهم(٧) وبيوتهم ، فقال رسول الله‌

____________________

(١) المغني ٣ : ٢٥٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٦٤ ، المجموع ٧ : ٢٤٤ ، صحيح مسلم بشرح النووي هامش إرشاد الساري ٥ : ١٩٨.

(٢) المائدة : ٩٦.

(٣) المائدة : ٩٥.

(٤) الخلى مقصوراً : الرطب من الحشيش. الصحاح ٦ : ٢٣٣١ « خلا ».

(٥) العضد : القطع. النهاية - لابن الأثير - ٣ : ٢٥١‌

(٦) الإِذخر : حشيش طيب الريح ، وهي شجرة صغيرة. لسان العرب ٤ : ٣٠٣ « ذخر ».

(٧) القَيْن : الحدّاد والصائغ. النهاية - لابن الأثير - ٤ : ١٣٥.

٢٦٤

صلى‌الله‌عليه‌وآله : ( إلّا الإِذخر )(١) .

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام : « واجتنب في إحرامك صيد البرّ كلّه ولا تأكل ما صاده غيرك ولا تُشر اليه فيصيده »(٢) .

وقد أجمع المسلمون كافّة على تحريم صيد الحرم على الحلال والمحرم.

إذا عرفت هذا ، فالمراد بالصيد الحيوان الممتنع. وقيل : ما جمع ثلاثة أشياء : أن يكون مباحاً وحشيّاً ممتنعاً(٣) .

مسألة ١٩٩ : وصيد البرّ حرام على الـمُحرم اصطياداً وأكلاً وقتلاً وإشارةً ودلالةً وإغلاقاً ، وكذا فرخه وبيضه ، بإجماع العلماء ؛ للنصّ والإِجماع.

قال الله تعالى( وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ ما دُمْتُمْ حُرُماً ) (٤) وتحريم العين يستلزم تحريم جميع المنافع المتعلّقة بها.

وما رواه العامّة في حديث أبي قتادة لمـّا صاد الحمار الوحشي وأصحابه مُحْرمون ، قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لأصحابه : ( هل فيكم أحد أمره أن يحمل عليها أو أشار إليها؟ )(٥) وهو يدلّ على تعلّق التحريم بالحمل والإِشارة.

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام : « واجتنب في إحرامك صيد البرّ كلّه ، ولا تأكل ما صاده غيرك ولا تُشر اليه فيصيده »(٦) .

____________________

(١) صحيح مسلم ٢ : ٩٨٦ - ٩٨٧ / ١٣٥٣ ، صحيح البخاري ٣ : ١٨ - ١٩ ، وأورده ابن قدامة في المغني ٣ : ٣٤٩ - ٣٥٠.

(٢) التهذيب ٥ : ٣٠٠ / ١٠٢١‌

(٣) حكاه عن بعض أهل اللغة ، ابن قدامة في المغني ٣ : ٣٤٦.

(٤) المائدة : ٩٦‌

(٥) صحيح مسلم ٢ : ٨٥٣ - ٨٥٤ / ٦٠ ، صحيح البخاري ٣ : ١٦ ، سنن البيهقي ٥ : ١٨٩ بتفاوت يسير.

(٦) التهذيب ٥ : ٣٠٠ / ١٠٢١.

٢٦٥

وقالعليه‌السلام : « الـمُحْرم لا يدلّ على الصيد ، فإن دلّ عليه فعليه الفداء »(١) .

ولأنّه تسبّب الى محرَّم عليه فحرم ، كنصبه الاُحبولة(٢) .

إذا عرفت هذا ، فلا فرق بين أن تكون الإِشارة والدلالة صادرةً من الـمُحْرم الى الـمُحْرم والى الـمُحلّ.

مسألة ٢٠٠ : لا يحلّ مشاركة الـمُحْرم للمُحلّ ولا للمُحرم في الصيد ، فإن شاركه ، ضمن كلٌّ منهما فداءً كاملاً. وكذا لو اشترك جماعة في قتل صيد ، ضمن كلّ منهم فداء كاملا - وبه قال أبو حنيفة ومالك(٣) - لأنّه قتل الصيد.

ولأنّ عبد الرحمن بن الحجّاج سأل أبا الحسنعليه‌السلام عن رجلين أصابا صيداً [ وهما مُحرمان ](٤) الجزاء بينهما أو على كلّ واحد منهما جزاء؟ قال : « لا ، بل عليهما جميعاً ، يجزئ كلّ واحد منهما الصيد »(٥) .

ولأنّه اشترك في محرَّم مضمون ، فكان على كلّ واحد منهم جزاء كامل ، كما لو اشترك جماعة في قتل مسلم ، وجب على كلّ واحد منهم كفّارة كاملة.

وقال الشافعي وأحمد : يجب فداء واحد على الجميع ؛ لأنّ المقتول‌

____________________

(١) الكافي ٤ : ٣٨١ / ٢ ، التهذيب ٥ : ٣١٥ / ١٠٨٦ ، الاستبصار ٢ : ١٨٧ - ١٨٨ / ٦٢٩.

(٢) الاُحبولة : المِصْيدة. لسان العرب ١١ : ١٣٦ و ١٣٧ « حبل ».

(٣) المبسوط - للسرخسي - ٤ : ٨٠ - ٨١ ، بدائع الصنائع ٢ : ٢٠٢ ، أحكام القرآن - للجصّاص - ٢ : ٤٧٦ - ٤٧٧ ، بداية المجتهد ١ : ٣٥٨ ، تفسير القرطبي ٦ : ٣١٣ ، التفسير الكبير ١٢ : ٩٠ ، المغني ٣ : ٥٦٢ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٦٩ ، المحلّى ٧ : ٢٣٧ - ٢٣٨ ، فتح العزيز ٧ : ٥٠٨ ، المجموع ٧ : ٤٣٩.

(٤) اضفناها من المصدر.

(٥) الكافي ٤ : ٣٩١ / ١ ، التهذيب ٥ : ٤٦٦ - ٤٦٧ / ١٦٣١.

٢٦٦

واحد فيتّحد جزاؤه ، كما لو اشتركوا في قتل صيد حرمي(١) .

والأصل ممنوع.

ولا يحلّ للمُحْرم الإِعانة على الصيد بشي‌ء ، فإنّ في حديث أبي قتادة : ثم ركبتً ونسيتُ السوط والرمح ، فقلت لهم : ناولوني السوط والرمح ، قالوا : والله لا نُعينك عليه(٢) . وهو يدلّ على أنّهم اعتقدوا تحريم الإِعانة ، والنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أقرّهم على ذلك.

ولأنّه إعانة على محرَّم فحرم ، كالإِعانة على قتل المسلم.

ولو اشترك مُحلّ ومُحْرم في قتل صيد ، فإن كان في الحِلّ ، فلا شي‌ء على الـمُحلّ ، وعلى الـمُحْرم فداء كامل ، خلافاً للشافعي ، فإنّه قال : يجب عليه نصف الفداء ، ولا شي‌ء على الـمُحلّ(٣) .

وإن كان في الحرم ، فعلى الـمُحلّ نصف القيمة ، وعلى الـمُحْرم جزاء كامل ونصف القيمة على الأقوى.

مسألة ٢٠١ : قد بيّنّا أنّه يحرم على الـمُحْرم الدلالة على الصيد سواء كان المدلول مُحلاً أو مُحْرماً ، وكذا يحرم على الحلال الدلالة لهما في الحرم ، فلو دلّ الحلال مُحرماً على صيد فَقَتَله ، وجب الجزاء على الـمُحْرم.

وأمّا الدالّ : فإن كان الصيد في الحِلّ ، فالأقرب أنّه لا شي‌ء عليه ، سواء كان الصيد في يده أو لم يكن ؛ لأنّه لو قَتَله لم يكن عليه شي‌ء فكيف الدلالة! وإن كان في الحرم ، تعلّق عليه الضمان أيضاً ؛ لأنّه أعانه على‌

____________________

(١) الوجيز ١ : ١٢٩ ، فتح العزيز ٧ : ٥٠٨ ، المجموع ٧ : ٤٣٩ - ٤٤٠ ، المغني ٣ : ٥٦٢ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٦٩ ، التفسير الكبير ١٢ : ٩٠ ، المحلّى ٧ : ٢٣٧ ، تفسير القرطبي ٦ : ٣١٣ ، بداية المجتهد ١ : ٣٥٨ - ٣٥٩ ، بدائع الصنائع ٢ : ٢٠٢ ، المبسوط - للسرخسي - ٤ : ٨١.

(٢) سنن البيهقي ٥ : ١٨٨ وأورده النووي في المجموع ٧ : ٣٠٢ ، وابنا قدامة في المغني ٣ : ٢٨٨ ، والشرح الكبير ٣ : ٢٩٧.

(٣) فتح العزيز ٧ : ٥٠٩ ، المجموع ٧ : ٤٣٦.

٢٦٧

الـمُحرَّم.

ولو دلّ الـمُحْرم حلالاً على صيد ، فقَتَله الحلال ، فإن كان الصيد في يد الـمُحْرم ، وجب عليه الجزاء ؛ لأنّ حفظه واجب عليه ، ومَنْ يلزمه الحفظ يلزمه الضمان إذا ترك الحفظ ، كما لو دلّ المودع السارق على الوديعة.

وإن لم يكن في يده ، فإن كان الصيد في الحرم ، تعلّق الضمان على كلٍّ منهما ، وإن كان في الحِلّ ، وجب الضمان على الدالّ ، سواء كانت الدلالةُ خفيّةً لولاها لما رأى الحلالُ الصيدَ ، أو ظاهرةً ، ولا شي‌ء على القاتل ؛ لأنّه حلال ، وبه قال عليعليه‌السلام ، وابن عباس وعطاء ومجاهد وإسحاق وأحمد وأصحاب الرأي(١) .

وقال الشافعي : لا شي‌ء على الدالّ ، كما لو دلّ رجل رجلاً على قتل إنسان ، لا كفّارة على الدالّ ، ولا على القاتل ؛ لأنّه حلال. وبه قال مالك(٢) .

وقال أبو حنيفة : إن كانت الدالة ظاهرةً ، فلا جزاء على الدالّ ، وإن كانت خفيةً ، وجب الجزاء عليه. وسلَّم في صيد الحرم أنّه لا جزاء على الدالّ(٣) .

وقال أحمد : إنّ الجزاء يلزم الدالّ والقاتل بينهما(٤) .

مسألة ٢٠٢ : لو دلّ مُحْرم مُحْرماً على صيد فقَتَله ، وجب على كلّ واحد منهما فداء كامل عند علمائنا - وبه قال الشعبي وسعيد بن جبير وأصحاب‌

____________________

(١) المغني ٣ : ٢٨٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٩٧ ، التفسير الكبير ١٢ : ٩٠ ، الهداية - للمرغيناني - ١ : ١٦٩ ، المبسوط - للسرخسي - ٤ : ٧٩.

(٢) فتح العزيز ٧ : ٤٩١ - ٤٩٢ ، المجموع ٧ : ٣٠٠ ، التفسير الكبير ١٢ : ٩٠ ، المغني ٣ : ٢٨٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٩٧ ، المدوّنة الكبرى ١ : ٤٣٢ ، المبسوط - للسرخسي - ٤ : ٧٩‌

(٣) المبسوط - للسرخسي - ٤ : ٨٠ ، فتح العزيز ٧ : ٤٩٢‌

(٤) كما في فتح العزيز ٧ : ٤٩٢.

٢٦٨

الرأي(١) - لأنّ كلّ واحد منهما فَعَل في الصيد فِعْلاً مُحرّماً لا يشاركه الآخر فيه ، فالدالُّ فَعَل الدلالةَ ، والقاتلُ القَتْلَ ، فوجب على كلٍّ منهما عقوبة كاملة.

ولأنّ كلّ واحد منهما فَعَل فِعْلاً يستحقّ به العقوبة الكاملة لو انفرد ، فكذا لو انضمّ ؛ لأنّ المقتضي لا يخرج بالانضمام عن مقتضاه.

وقال أحمد وعطاء وحمّاد بن أبي سليمان : الجزاء بينهما ؛ لأنّ الواجب جزاء المتلف ، وهو واحد ، فيكون الجزاء واحداً(٢)

ونمنع الملازمة.

وقال الشافعي : لا جزاء على الدال(٣) .

ولو كان المدلول قد رأى الصيد قبل الدلالة أو الإِشارة ، فلا جزاء عليه ؛ لأنّه لم يكن سبباً في قتله.

ولو فَعَل الـمُحْرم فِعْلاً عند رؤية الصيد ، كما لو ضحك أو تشرف على الصيد فرآه غيره وفطن للصيد فصاده ، فلا ضمان ؛ لأنّه لم يدلّ عليه.

مسألة ٢٠٣ : قد بيّنّا تحريم إعانة الـمُحْرم على الصيد ، فلو أعار الـمُحْرم قاتل الصيد سلاحاً فقتله به ، قال الشيخرحمه‌الله : إنّه ليس لأصحابنا فيه نصٌّ(٤) .

وقال بعض العامّة : عليه الجزاء ؛ لأنّه كالدالّ عليه(٥) . ولا بأس به ، سواء كان المستعار ممّا لا يتمّ قتله إلّا به ، أو أعاره شيئا هو مستغن عنه ، كأن يُعيره سيفاً ومعه سيف.

وقال أبو حنيفة : إن أعاره ما هو مستغنٍ عنه ، لم يضمن المعير(٦) .

____________________

(١و٢) المغني ٣ : ٢٨٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٩٧.

(٣) المجموع ٧ : ٣٠٠ ، المغني ٣ : ٢٨٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٩٧.

(٤) الخلاف ٢ : ٤٠٦ ، المسألة ٢٧٥.

(٥) المغني ٣ : ٢٩٠ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٩٨.

(٦) المبسوط - للسرخسي - ٤ : ٨٠ ، بدائع الصنائع ٢ : ٢٠٤.

٢٦٩

أمّا لو أعاره آلة ليستعملها في غير الصيد فصاد بها ، فلا ضمان على المعير قولا واحدا ، لأنّ الإعارة لا للصيد غير محرّمة عليه ، فكان كما لو ضحك عند رؤية الصيد ففطن له القاتل.

ولو أمسك مُحْرم صيداً حتى قتله غيره ، فإن كان القاتل حلالاً ، وجب الجزاء على الـمُحْرم ؛ لتعدّيه بالإِمساك والتعريض للقتل ، ولا يرجع به على الحلال ؛ لأنّه غير ممنوع من التعرّض للصيد. وهو قول بعض الشافعية(١) .

وقال بعضهم : يرجع ، كما لو غصب شيئاً فأتلفه مُتْلف من يده ، يضمن الغاصب ، ويرجع على الـمُتْلف(٢) .

وإن كان مُحْرماً ، ضمن كلٌّ منهما فداءً كاملاً.

وللشافعية وجهان :

أظهرهما : أنّ الجزاء كلّه على القاتل ؛ لأنّه مباشر ، ولا أثر للإِمساك مع المباشرة.

والثاني : أنّ لكلّ واحد من الفعلين مدخلاً في الهلاك ، فيكون الجزاء بينهما نصفين(٣) .

وقال بعضهم : إنّ الممسك يضمنه باليد ، والقاتل بالإتلاف ، فإن أخرج الممسك الضمان ، رجع به على المتلف ، وإن أخرج المتلف ، لم يرجع على الممسك(٤) .

مسألة ٢٠٤ : يحرم على الـمُحْرم أكل الصيد ، سواء ذبحه المحلّ أو المحرم ، في الحِلّ ذَبَحا أو الحرم ، وسواء كان الذابح هو الـمُحْرم لنفسه أو ذُبِح له أو ذُبح لا لَه.

وبالجملة لحم الصيد يحرم على الـمُحْرم بكلّ حال عند علمائنا أجمع ،

____________________

(١ - ٤) فتح العزيز ٧ : ٤٩٤ ، المجموع ٧ : ٤٣٧.

٢٧٠

وبه قال عليعليه‌السلام ، وابن عمر وعائشة وابن عباس وطاوس(١) - وكرهه الثوري وإسحاق(٢) - لعموم قوله تعالى( وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ ما دُمْتُمْ حُرُماً ) (٣) .

وما رواه العامّة عن ابن عباس عن الصعب بن جثّامة الليثي أنّه أهدى الى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله حمارا وحشيّا وهو بالأبواء ، فردّه عليه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فلمـّا رأى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ما في وجهه قال : ( إنّا لم نردّه عليك إلّا أنّا حُرُم )(٤) .

ومن طريق الخاصّة : قول عليعليه‌السلام : « إذا ذبح الـمُحْرم الصيد لم يأكله الحلال والحرام ، وهو كالميتة ، وإذا ذبح الصيد في الحرم فهو ميتة حلالٌ ذَبَحه أو حرام »(٥) .

وسأل يوسف(٦) الطاطري الصادقَعليه‌السلام عن صيد أكله قوم مُحْرمون ، قال : « عليهم شاة شاة ، وليس على الذي ذبحه إلّا شاة »(٧) .

وسأل علي بن جعفر أخاه موسى الكاظمعليه‌السلام عن قوم اشتروا ظبْياً فأكلوا منه جميعاً وهُمْ حُرُمٌ ما عليهم؟ فقال : « على كلّ مَنْ أكل منه فداء صيد ، على كلّ إنسان منهم على حدته فداء صيد كاملاً »(٨) .

____________________

(١و٢) المغني ٣ : ٢٩٢ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٠٠.

(٣) المائدة ٩٦.

(٤) صحيح البخاري ٣ : ١٦ ، صحيح مسلم ٢ : ٨٥٠ / ١١٩٣ ، سنن النسائي ٥ : ١٨٤ ، سنن الترمذي ٣ : ٢٠٦ / ٨٤٩ ، الموطأ ١ : ٣٥٣ / ٨٣ ، وأورده ابنا قدامة في المغني ٣ : ٢٩٢ ، والشرح الكبير ٣ : ٣٠٠.

(٥) التهذيب ٥ : ٣٧٧ / ١٣١٥ ، الاستبصار ٢ : ٢١٤ / ٧٣٣.

(٦) في النسخ الخطية والحجرية : سيف. وما أثبتناه من المصادر.

(٧) الفقيه ٢ : ٢٣٥ - ٢٣٦ / ١١٢٢ ، التهذيب ٥ : ٣٥٢ / ١٢٢٥ وفي الكافي ٤ : ٣٩١ ٣ قال : « عليهم شاة ، وليس ».

(٨) التهذيب ٥ : ٣٥١ / ١٢٢١.

٢٧١

وقال الشافعي : إذا ذبح الـمُحْرم صيداً ، لم يحلّ له الأكل منه ، وهل يحلّ الأكل منه لغيره أو يكون ميتة؟ قولان :

الجديد : أنّه يكون ميتة - وبه قال أبو حنيفة ومالك وأحمد - لأنّه ممنوع من الذبح لمعنى فيه ، فصار كذبيحة المجوسي ، فعلى هذا لو كان مملوكاً وجب مع الجزاء القيمةُ للمالك

والقديم : أنّه لا يكون ميتةً ، ويحلّ لغيره الأكل منه ، لأنّ مَنْ حلّ بذبحه الحيوان الإِنسي يحلّ بذبحه الصيد ، كالحلال ، فعلى هذا لو كان الصيد مملوكاً فعليه مع الجزاء أرش ما بين قيمته حيّاً ومذبوحاً للمالك(١) .

وهل يحلّ له بعد زوال الإِحرام؟ فيه للشافعية وجهان : أظهرهما : لا.

وفي صيد الحرم إذا ذبح طريقان :

أحدهما : طرد القولين.

والآخر : القطع بالمنع.

والفرق : أنّ صيد الحرم مُنع منه جميع الناس وفي جميع الأحوال ، فكان آكد تحريماً(٢) .

إذا عرفت هذا ، فالاصطياد عند الشافعي يحرم على الـمُحْرم ، وكذا يحرم عليه الأكل من صيد ذَبَحه ، ويحرم عليه الأكل أيضاً ممّا اصطاد له حلال أو بإعانته أو بدلالته ، فأمّا ما ذَبَحه حلال من غير إعانته ولا دلالته فلا يحرم الأكل منه(٣) .

____________________

(١) الوجيز ١ : ١٢٨ ، فتح العزيز ٧ : ٤٩٤ ، المهذب للشيرازي ١ : ٢١٨ ، المجموع ٧ : ٣٠٤ ، المغني ٣ : ٢٩٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٠٣ ، وانظر أيضاً : بدائع الصنائع ٢ ٢٠٤ ، المبسوط - للسرخسي - ٤ : ٨٥ ، الهداية - للمرغيناني - ١ : ١٧٣ ، المدونة الكبرى ١ : ٤٣٦.

(٢) فتح العزيز ٧ : ٤٩٤ ، المجموع ٧ : ٣٠٤.

(٣) فتح العزيز ٧ : ٥٠٨ ، المجموع ٧ : ٢٩٦ و ٣٠٣ و ٣٢٤.

٢٧٢

وقال أبو حنيفة : إذا لم يُعِنْ ولم يأمر به ، لم يحرم عليه ( ولا عبرة )(١) بالاصطياد له من غير أمره(٢) .

مسألة ٢٠٥ : لو ذبح الـمُحْرم الصيد ، كان حراماً لا يحلّ أكله للمُحلّ ولا للمُحرم ، ويصير ميتةً يحرم أكله على جميع الناس ، ذهب إليه علماؤنا أجمع - وبه قال الحسن البصري وسالم ومالك والأوزاعي والشافعي وأحمد وإسحاق وأصحاب الرأي(٣) - لأنّه حيوان حرم عليه ذبحه لحرمة الإِحرام وحقّ الله تعالى ، فلا يحلّ بذبحه ، كالمجوسي.

ولقول عليعليه‌السلام : « إذا ذبح الـمُحْرم الصيد في غير الحرم فهو ميتة لا يأكله مُحلّ ولا مُحْرم ، وإذا ذبح المـُحلّ الصيد في جوف الحرم فهو ميتة لا يأكله مُحلّ ولا مُحْرم »(٤) .

فعلى هذا لو كان مملوكاً ، وجب عليه مع الجزاء القيمة للمالك.

وقال الحكم والثوري وأبو ثور : لا بأس بأكله. وبه قال ابن المنذر(٥) .

وقال عمرو بن دينار وأيّوب السختياني : يأكله الحلال(٦) .

وللشافعي قول قديم : إنّه يحلّ لغيره الأكل منه(٧) .

قال ابن المنذر : الذبح حرام ، أمّا الأكل فلا ؛ لأنّه بمنزلة السارق إذا‌

____________________

(١) بدل ما بين القوسين في النسخ الخطية والحجرية : ( ولا على غيره ) وما أثبتناه هو الصحيح والموافق لما في فتح العزيز.

(٢) الهداية - للمرغيناني - ١ : ١٧٤ ، فتح العزيز ٧ : ٥٠٨ ، المجموع ٧ : ٣٢٤.

(٣) المغني ٣ : ٢٩٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٠٣ ، المحرّر في الفقه ١ : ٢٤٠ ، المدوّنة الكبرى ١ : ٤٣٦ ، المنتقى - للباجي - ٢ : ٢٤٨ و ٢٥٠ ، الوجيز ١ : ١٢٨ ، فتح العزيز ٧ : ٤٩٤ ، المهذب - للشيرازي - ١ : ٢١٨ ، المجموع ٧ : ٣٣٠ ، المبسوط - للسرخسي - ٤ : ٨٥ ، الهداية - للمرغيناني - ١ : ١٧٣ ، بدائع الصنائع ٢ : ٢٠٤.

(٤) التهذيب ٥ : ٣٧٧ / ١٣١٦ ، الاستبصار ٢ : ٢١٤ / ٧٣٤.

(٥و٦) المغني ٣ : ٢٩٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٠٣ ، المجموع ٧ : ٣٣٠.

(٧) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢١٨ ، المجموع ٧ : ٣٣٠ ، فتح العزيز ٧ : ٤٩٤ ، المغني ٣ : ٢٩٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٠٣.

٢٧٣

ذبح(١) .

وليس بجيّد ؛ لأنّ التحريم هنا لحقّ الله تعالى ، فكان كالميتة ، بخلاف السارق.

فعلى هذا لو كان مملوكاً فعليه مع الجزاء ما بين قيمته حيّاً ومذبوحاً للمالك.

وهل يحلّ له بعد زوال الإِحرام؟ فيه للشافعية وجهان ، أظهرهما : لا(٢) .

فروع :

أ - لو ذبحه الـمُحلّ في الحرم ، كان حكمه حكم الـمُحْرم إذا ذبحه يكون حراماً ؛ لما تقدّم(٣) في حديث عليعليه‌السلام .

ولقول الصادقعليه‌السلام في حمام ذُبح في الحلّ ، قال : « لا يأكله مُحْرم ، وإذا أدخل مكة أكله المـُحلّ بمكة ، وإن اُدخل الحرم حيّاً ثم ذُبح في الحرم فلا يأكله لأنّه ذُبح بعد ما بلغ مأمنه »(٤) .

ب - لو صاده مُحلٌّ وذَبَحه في الحِلّ ، كان حلالاً على الـمُحلّ في الحِلّ والحرم ، سواء كان للمُحْرم فيه إعانة بإشارة أو دلالة أو إعارة سلاح أو لا ، لا بمشاركة في الذبح.

ج - لو صاده الـمُحْرم من أجل الـمُحلّ ، لم يُبحْ أكله ، وليس بحرام.

ولو صاده الـمُحلّ من أجل الـمُحرم ، كان حراماً على الـمُحرم وبه قال عليعليه‌السلام ، وابن عباس وابن عمر وعائشة وعثمان ومالك والشافعي(٥) .

____________________

(١) انظر : المغني ٣ : ٢٩٥ ، والشرح الكبير ٣ : ٣٠٣ ، والمجموع ٧ : ٣٣٠.

(٢) فتح العزيز ٧ : ٤٩٤ ، المجموع ٧ : ٣٠٤.

(٣) تقدّم في صفحة ٢٧٢.

(٤) التهذيب ٥ : ٣٧٦ / ١٣١٠ ، الإستبصار ٢ : ٢١٣ / ٧٢٨.

(٥) المغني ٣ : ٢٩٢ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٠٠ ، المجموع ٧ : ٣٢٤ ، المبسوط - للسرخسي – ٤ =

٢٧٤

وقال أبو حنيفة : ليس بحرام(١) .

د - لو صاده الـمُحلّ في الحِلّ وذَبَحه في الحِلّ لأجل الـمُحرم ، لم يحلّ على الـمُحْرم ، ويحلّ على الـمُحلّ في الحِلّ والحرم ؛ لأنّ الحكم بن عتيبة سأل الباقرعليه‌السلام : ما تقول في حمام أهلي ذُبح في الحلّ وادخل الحرم؟

فقال : « لا بأس بأكله إن كان مُحلاً ، وإن كان مُحرْماً فلا »(٢) .

ه - لو صاد الـمُحْرم صيداً في الحِلّ‌ وذَبَحه الـمُحلّ ، حلَّ للمُحلّ لا للمُحْرم.

مسألة ٢٠٦ : لو قتل الـمُحْرم صيداً ثم أكله ، وجب عليه فداءان ، أحدهما للقتل ، والآخر للأكل ، قاله بعض علمائنا(٣) - وبه قال عطاء وأبو حنيفة(٤) - لأنّه مُحْرم أكل صيداً مُحرّماً عليه ، فضمنه ، كما لو أكل صيداً ذبحه غيره.

ولقول الصادقعليه‌السلام : « وأيّ قوم اجتمعوا على صيد فأكلوا منه فإنّ على كلّ إنسان منهم قيمة ، وإن اجتمعوا عليه في صيد فعليهم مثل ذلك »(٥) .

ولأنّ الفعلين لو صدرا عن اثنين كان على كلٍّ منهما فداء كامل ، فكذا لو اجتمعا لواحد.

____________________

= ٤: ٨٧ ، بدائع الصنائع ٢ : ٢٠٥ ، الهداية - للمرغيناني - ١ : ١٧٤ ، تفسير القرطبي ٦ : ٣٢٢ ، المنتقى - للباجي - ٢ : ٢٤٨ ، المدوّنة الكبرى ١ : ٤٣٦.

(١) الهداية - للمرغيناني - ١ : ١٧٤ ، المغني ٣ : ٢٩٢ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٠٠ ، تفسير القرطبي ٦ : ٣٢٢.

(٢) الاستبصار ٢ : ٢١٣ / ٧٢٧ ، والتهذيب ٥ : ٣٧٥ - ٣٧٦ / ١٣٠٩‌

(٣) النهاية - للطوسي - : ٢٢٧.

(٤) المبسوط - للسرخسي - ٤ : ٨٦ ، بدائع الصنائع ٢ : ٢٠٣ و ٢٠٤ ، الهداية - للمرغيناني - ١ : ١٧٣ ، المغني ٣ : ٢٩٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٠٢ ، المجموع ٧ : ٣٣٠ ، بداية المجتهد ١ : ٣٥٩ ، المنتقى - للباجي - ٢ : ٢٥٠ ، حلية العلماء ٣ : ٢٩٨.

(٥) التهذيب ٥ : ٣٧٠ / ١٢٨٨.

٢٧٥

والوجه : وجوب الجزاء بالقتل ، وقيمة المأكول بالأكل.

وقال الشافعي : يضمن القتل دون الأكل - وبه قال مالك وأحمد(١) - لأنّه صيد مضمون بالجزاء ، فلا يضمن ثانياً ، كما لو أتلفه بغير الأكل. ولأنّ تحريمه لكونه ميتة ، والميتة لا تُضمن بالجزاء(٢) .

والفرق ثابت بين الأكل والإِتلاف بغيره ، ونمنع تعليل التحريم بذلك ، ويعارض بما لو صيد لأجله فأكله ، فإنّه يضمنه عند أحمد والشافعي في القديم(٣) .

مسألة ٢٠٧ : لو رمى اثنان صيداً فأصابه أحدهما وأخطأ الآخر ، فعلى كلّ واحد منهم فداء كامل ، أمّا المصيب : فلإِصابته ، وأمّا المخطئ : فلإِعانته.

وما رواه إدريس بن عبد الله ، قال : سألت أبا عبد الله الصادقعليه‌السلام : عن مُحْرمين يرميان صيداً فأصابه أحدهما ، الجزاء بينهما أو على كلّ واحد منهما؟ قال : « عليهما جميعاً يفدي كلّ واحد منهما على حدته »(٤) .

وسأل ضريسُ بن أعين الباقرَعليه‌السلام : عن رجلين مُحْرمين رميا صيدا فأصابه أحدهما ، قال : « على كلّ واحد منهما الفداء »(٥) .

مسألة ٢٠٨ : لو أوقد جماعة محرمون نارا فاحترق فيها طائر ، فإن كان قصدهم ذلك ، كان على كلّ واحد منهم فداء كامل ، وإن لم يكن قصدهم ذلك ، كان عليهم بأسرهم فداء واحد ؛ لما رواه أبو ولّاد الحنّاط ، قال : خرجنا ستة نفر من أصحابنا إلى مكة ، فأوقدنا ناراً عظيمة في بعض المنازل أردنا أن نطرح عليها لحماً نُكبّبه وكُنّا مُحْرمين ، فمرّ بها طير صافّ مثل حمامة‌

____________________

(١ و ٢) المغني ٣ : ٢٩٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٠٢ ، المجموع ٧ : ٣٠٥ و ٣٣٠ ، حلية العلماء ٣ : ٢٩٨ ، المنتقى - للباجي - ٢ : ٢٥٠ ، الموطأ ١ : ٣٥٤.

(٣) المغني ٣ : ٢٩٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٠٢ ، المجموع ٧ : ٣٠٣.

(٤) التهذيب ٥ : ٣٥١ - ٣٥٢ / ١٢٢٢.

(٥) التهذيب ٥ : ٣٥٢ / ١٢٢٣.

٢٧٦

أو شبهها ، فاحترقت جناحاه فسقطت في النار فماتت ، فاغتممنا لذلك ، فدخلت على أبي عبد اللهعليه‌السلام بمكة ، وأخبرته وسألته ، فقال : « عليكم فداء واحد دم شاة ، وتشتركون فيه جميعاً ، لأنّ ذلك كان منكم على غير تعمّد ، ولو كان ذلك منكم تعمّدا ليقع فيها الصيد فوقع ، ألزمت كلّ واحد منكم دم شاة » قال أبو ولّاد : كان ذلك منّا قبل أن ندخل الحرم(١) .

مسألة ٢٠٩ : الـمُحْرم يضمن الصيد ، في الحِلّ كان أو في الحرم ، وأمّا المحلّ فإن كان في الحرم ، ضمنه فيه ، وإلاّ فلا ، عند علمائنا ، وبه قال أكثر العامة(٢) ، خلافا لداود ، فإنّه حكي عنه أنّه قال : لا ضمان على المحلّ إذا قتل الصيد في الحرم(٣) .

وهو غلط ، لما رواه العامّة عن عليعليه‌السلام ، وابن عباس وعمر وعثمان وابن عمر أنّهم قضوا في حمام الحرم بشاة شاة(٤) ، ولم ينقل خلاف لغيرهم.

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام : « وإن أصبته وأنت حرام في الحِلّ فعليك القيمة»(٥) .

إذا عرفت هذا ، فكلّ صيد يحرم ويُضمن في الإِحرام يحرم ويضمن في حرم مكة للمُحلّ ، إلّا القمل والبراغيث ، فإنّه لا يجوز قتلها حالة الإِحرام ، ويجوز للمُحلّ في الحرم ؛ لقول الصادقعليه‌السلام : « لا بأس بقتل القمل‌

____________________

(١) التهذيب ٥ : ٣٥٢ - ٣٥٣ / ١٢٢٦.

(٢) المغني ٣ : ٢٩١ و ٣٥٠ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٩٩ و ٣٧١ ، المجموع ٧ : ٤٩٠ ، بداية المجتهد ١ : ٣٥٩.

(٣) المغني ٣ : ٣٥٠ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٧١ ، المجموع ٧ : ٤٩٠ ، بداية المجتهد ١ ٣٥٩.

(٤) المغني ٣ : ٣٥٠ و ٣٥١ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٧١ وفيهما عن غير عليعليه‌السلام .

(٥) التهذيب ٥ : ٣٧٠ / ١٢٨٨.

٢٧٧

والبق في الحرم ، ولا بأس بقتل النملة في الحرم »(١) وبه قال الشافعي(٢) وقال مالك : يحرم قتل الديدان ، وإن قَتَلها فَداها(٣) .

مسألة ٢١٠ : لا يؤثّر الإِحرام ولا الحرم تحريم شي‌ء من الحيوان الأهلي‌

وإن توحّش كالإِبل والبقر والغنم ، بإجماع العلماء.

و ما رواه العامة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال : ( أفضل الحجّ العجّ والثجّ )(٤) يعني إسالة الدماء بالذبح والنحر.

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام : « يذبح في الحرم الإِبل والبقر والغنم والدجاج »(٥) إذا عرفت هذا ، فالدجاج الأهلي يجوز ذبحه للمُحلّ والـمُحْرم ، وأكله لهما في الحِلّ والحرم إجماعاً.

وأمّا الدجاج الحبشي : فعندنا أنّه كالأهلي يجوز للمُحْرم ذبحه وأكله في الحِلّ والحرم ، ولا جزاء فيه ؛ لقول الصادقعليه‌السلام وقد سأله معاوية بن عمّار عن دجاج الحبش ، فقال : « ليس من الصيد ، إنّما الصيد ما كان بين السماء والأرض »(٦) .

وقال الشافعي : فيه الجزاء(٧) .

وليس بشي‌ء ؛ لأصالة البراءة.

____________________

(١) الفقيه ٢ : ١٧٢ / ٧٦١ ، التهذيب ٥ : ٣٦٦ / ١٢٧٧ بتفاوت يسير.

(٢) الاُم ٢ : ٢٠١ ، فتح العزيز ٧ : ٤٨٨ - ٤٨٩ ، المجموع ٧ : ٣٣٤.

(٣) المغني ٣ : ٣٤٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٣١١.

(٤) سنن الترمذي ٣ : ١٨٩ / ٨٢٧ ، سنن ابن ماجة ٢ : ٩٧٥ / ٩٢٤ ، سنن الدارمي ٢ : ٣١ بتفاوت.

(٥) التهذيب ٥ : ٣٦٧ / ١٢٧٩.

(٦) التهذيب ٥ : ٣٦٧ / ١٢٨٠ ، وفي الكافي ٤ : ٢٣٢ ( باب ما يذبح في الحرم ) الحديث ٢ ، والفقيه ٢ : ١٧٢ / ٧٥٦ بتفاوت يسير.

(٧) الحاوي الكبير ٤ : ٣٣١ ، المجموع ٧ : ٢٩٦.

٢٧٨

مسألة ٢١١ : لا كفّارة في قتل السباع ، سواء كانت طائرةً أو ماشيةً ، كالبازي والصقر والشاهين والعقاب ونحوها ، والنمر والفهد وغيرهما ، ذهب إليه علماؤنا - وبه قال أحمد ومالك والشافعي(١) - لما رواه العامة عن عائشة قالت : أمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بقتل خمس فواسق في الحرم : الحِدَأَة والغُراب والفأرة والعقرب والكلب العقور(٢) ، نصّ من كلّ جنس على صنف من أدناه تنبيهاً على الأعلى ، فنبّه بالحِدَأة والغُراب على البازي والعقاب وشبههما ، وبالفأرة على الحشرات ، وبالعقرب على الحيّة ، وبالكلب العقور على السباع.

قال مالك : الكلب العقور ما عقر الناس وعدا عليهم كالأسد والنمر والفهد والذئب(٣) .

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام : « كلّ ما يخاف الـمُحْرم على نفسه من السباع والحيّات وغيرها فليقتله وإن لم يردّك فلا تردّه »(٤) .

وقال أبو حنيفة : تُقتل الحيّة والغراب الأبقع والفأرة والكلب العقور والذئب والحدأة لا غير ؛ لأنّ الحديث خصّص الفواسق الخمس(٥) .

____________________

(١) المغني ٣ : ٣٤٤ - ٣٤٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٣١٠ ، المدوّنة الكبرى ١ : ٤٤٢ ، المنتقى - للباجي - ٢ : ٢٦٠ و ٢٦٣ ، الحاوي الكبير ٤ : ٣٤١ ، المجموع ٧ : ٣١٦ ، المبسوط - للسرخسي - ٤ : ٩٠.

(٢) سنن الدارمي ٢ : ٣٦ - ٣٧ ، وأورده ابنا قدامة في المغني ٣ : ٣٤٣ ، والشرح الكبير ٣ : ٣١٠.

(٣) المنتقى - للباجي - ٢ : ٢٦٢ ، المغني ٣ : ٣٤٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٣١٠ ، المجموع ٧ : ٣٣٣.

(٤) الكافي ٤ : ٣٦٣ / ١ ، التهذيب ٥ : ٣٦٥ / ١٢٧٢ ، الاستبصار ٢ : ٢٠٨ / ٧١١.

(٥) المبسوط - للسرخسي - ٤ : ٩٠ ، الهداية - للمرغيناني - ١ : ١٧٢ ، فتح العزيز ٧ : ٤٨٨ ، المغني ٣ : ٣٤٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٣١٠.

٢٧٩

والتخصيص بالذكر لا يدلّ على نفي الحكم عمّا عداه.

إذا عرفت هذا ، فقد روى أصحابنا أنّ مَنْ قتل أسداً لم يردّه ، كان عليه كبش :

روى أبو سعيد المكاري عن الصادقعليه‌السلام رجل قتل أسداً في الحرم ، فقال : « عليه كبش يذبحه »(١) .

وأمّا الغُراب والحِدَأَة : فقد روى معاوية بن عمّار عن الصادقعليه‌السلام ، قال : « وارم الغُراب والحِدَأَة عن ظهر بعيرك »(٢) .

وأمّا الذئب وغيره من أنواع السباع : فلا جزاء عليه ، سواء صال أو لم يَصُلْ - وبه قال الشافعي(٣) - لأنّ حفظ النفس واجب ، ولا يتمّ إلّا بقتلها.

وقال أبو حنيفة : إن صال ، لم يكن عليه شي‌ء ، وإن لم يَصُلْ ، وجب عليه الجزاء(٤) .

وأمّا الضبع : فقال الشيخرحمه‌الله : لا كفّارة فيه وكذا السِّمْع المتولّد بين الذئب والضبع(٥) .

وقال الشافعي : فيهما الجزاء(٦) .

والأصل براءة الذمّة.

قال الشيخرحمه‌الله : الحيوان إمّا مأكول إنسي ، كبهيمة الأنعام ، ولا‌

____________________

(١) الكافي ٤ : ٢٣٧ - ٢٣٨ / ٢٦ ، التهذيب ٥ : ٣٦٦ / ١٢٧٥ ، الاستبصار ٢ : ٢٠٨ / ٧١٢‌

(٢) الكافي ٤ : ٣٦٣ / ٢ ، التهذيب ٥ : ٣٦٥ - ٣٦٦ / ١٢٧٣.

(٣) فتح العزيز ٧ : ٤٨٧ - ٤٨٨ ، المجموع ٧ : ٣١٦ ، المبسوط - للسرخسي - ٤ : ٩٠.

(٤) المبسوط - للسرخسي - ٤ : ٩٠ ، الهداية - للمرغيناني - ١ : ١٧٢ - ١٧٣ ، أحكام القرآن - للجصّاص - ٢ : ٤٦٨.

(٥) الخلاف ٢ : ٤١٧ ، المسألة ٣٠٠.

(٦) الاُم ٢ : ١٩٢ ، الحاوي الكبير ٤ : ٣٤١ ، الوجيز ١ : ١٢٨ ، فتح العزيز ٧ : ٤٨٩ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢١٩ ، المجموع ٧ : ٣١٧.

٢٨٠

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481