تذكرة الفقهاء الجزء ٧

تذكرة الفقهاء12%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-319-007-2
الصفحات: 481

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧
  • البداية
  • السابق
  • 481 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 169754 / تحميل: 5806
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء ٧

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٣١٩-٠٠٧-٢
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

عذافر ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال ليس التعزية إلا عند القبر ثم ينصرفون لا يحدث في الميت حدث فيسمعون الصوت

أي الصبر ، يقال ( عزيته ) أي صبرته والمراد بها طلب التسلي عن المصاب والتصبر عن الحزن والانكسار بإسناد الأمر إلى الله ، ونسبته إلى عدله وحكمته وذكر ما وعد الله على الصبر مع الدعاء للميت والمصاب لتسليته عن مصيبته ، وهي مستحبة إجماعا ولا كراهة فيها بعد الدفن عندنا انتهى.

وقال : في النهاية التعزية مستحبة قبل الدفن وبعده بلا خلاف بين العلماء في ذلك إلا الثوري فإنه قال : لا يستحب التعزية بعد الدفن.

وقال في التذكرة : قال : الشيخ التعزية بعد الدفن أفضل وهو جيد.

وقال : المحقق في المعتبر : التعزية مستحبة وأقلها أن يراه صاحب التعزية وباستحبابها قال : أهل العلم مطلقا ، خلافا للثوري فإنه كرهها بعد الدفن ثم قال فأما رواية إسحاق بن عمار فليس بمناف لما ذكرنا لاحتمال أنه يريد عند القبر. بعد الدفن أو قبله. وقال : الشيخ بعد الدفن أفضل وهو حق انتهى.

وقال في المنتهى : قال الشيخ في المبسوط يكره الجلوس للتعزية يومين أو ثلاثة وخالف فيه ابن إدريس وهو الحق انتهى ، ولنرجع إلى بيان ما يستفاد من الخبر بعد ما نبهناك على ما ذهب إليه الأصحاب.

فاعلم : أن الظاهر منقوله عليه‌السلام : « ليس التعزية إلا عند القبر » عند انحصار التعزية فيما يقع عند القبر بعد الدفن كما هو الظاهر أو مطلقا كما نقلنا عن المحقق ، ولعله على ما ذكره الشيخ في المبسوط ، لكن فيه أنه لا يدل إلا على عدم استحباب التعزية بعد ذلك لا كراهتها ، مع أن مقتضى الجمع بين الأخبار انحصار السنة المؤكدة في ذلك.

وقوله عليه‌السلام : « ثم ينصرفون » يدل على كراهة المقام عند القبر بعد الدفن

١٢١

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال التعزية لأهل المصيبة بعد ما يدفن.

٣ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن الحجال ، عن إسحاق بن عمار قال ليس التعزية إلا عند القبر ثم ينصرفون لا يحدث في الميت حدث فيسمعون الصوت.

٤ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن أبيه ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال التعزية الواجبة بعد الدفن.

٥ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن القاسم بن محمد ، عن

إلا بقدر التعزية.

وقوله عليه‌السلام : « فيسمعون الصوت » يدل على إمكان سماع ما يحدث في القبر ولا استبعاد في ذلك وإن كان نادرا لمخالفته للحكمة غالبا.

الحديث الثاني : حسن.

قوله عليه‌السلام : « بعد ما يدفن » حمل على أن المراد أن تأخيرها عنه أفضل من تقديمها عليه كما قال به الشيخ والفاضلان ، فإن تعريف المبتدأ باللام يدل على الحصر ، فالمراد حصر التعزية الكاملة والسنة الأكيدة منها فيه.

الحديث الثالث : موثق. وهو الخبر الأول مع اختلاف في السند إلى إسحاق.

الحديث الرابع : مرسل.

قوله عليه‌السلام : « التعزية الواجبة » حمل على تأكد الاستحباب وهو مؤيد لما ذكرنا من الجمع والحمل.

الحديث الخامس : ضعيف. إن كان القاسم الجوهري أو كان مسئولا وإلا فمجهول.

١٢٢

الحسين بن عثمان قال لما مات إسماعيل بن أبي عبد اللهعليه‌السلام خرج أبو عبد اللهعليه‌السلام فتقدم السرير بلا حذاء ولا رداء.

قوله عليه‌السلام : « بلا حذاء ولا رداء » يدل على استحباب كون صاحب التعزية كذلك مطلقا أو في خصوص جنازة الابن وأيد الأولى بأنه وضع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله رداءه في جنازة سعد ، ويدل على خصوص وضع الرداء ما سيأتي من الأخبار ، وقد ورد النهي عنه في رواية السكوني عن الصادق عن آبائهعليهم‌السلام قال : قال رسول الله :صلى‌الله‌عليه‌وآله ثلاثة ما أدري أيهم أعظم جرما؟ الذي يمشي مع الجنازة بغير رداء ، والذي يقول قفوا ، والذي يقول : استغفروا له غفر الله لكم؟

قال في الذكرى : بعد إيراد هذه الرواية ومنه يعلم كراهية مشي غير صاحب الجنازة بغير رداء ، ويظهر من ابن حمزة تحريمه ، أما صاحب الجنازة فخلعه ليتميز عن غيره ، لخبر ابن أبي عمير وخبر أبي بصير ذكره الجعفي وابن حمزة والفاضلان وذكر ابن الجنيد أيضا التميز بطرح بعض زيه بإرسال طرف العمامة أو أخذ مئزر من فوقها على الأب والأخ ، ولا يجوز على غيرهما وابن حمزة منع هنا مع تجويزه الامتياز ، فكأنه خص التميز في غير الأب والأخ بهذا النوع من الامتياز ، وأنكر ابن إدريس الامتياز بهذين لعدم الدليل عليهما وزعم أنه من خصوصيات الشيخ ، ورده الفاضلان بأحاديث الامتياز ، ولعله إنما أنكر هذا النوع من الامتياز ، والظاهر أن الأخبار لا تتناوله ، ثم لم نقف على دليل الشيخ عليه ولا على اختصاص الأب والأخ.

وقال : أبو الصلاح يتحفى ويحل أزراره في جنازة أبيه وجده لأبيه خاصة ويرده ما تقدم انتهى.

وقال : العلامة في المختلف قال أبو الصلاح : يستحب للرجل أن يتحفى ويحل أزراره في جنازة أبيه وجده لأبيه دون من عداهم ، فإن قصد بالاستثناء التحريم منعناه عملا بالأصل ، وإن قصد انتفاء الاستحباب منعناه أيضا لأن المقتضي

١٢٣

٦ ـ علي بن إبراهيم ، عن ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال ينبغي لصاحب المصيبة أن يضع رداءه حتى يعلم الناس أنه صاحب المصيبة.

٧ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن رفاعة النخاس ، عن رجل ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال عزى أبو عبد اللهعليه‌السلام رجلا بابن له فقال :

للاستحباب هناك ليس إلا تميزه عن غيره وهو متحقق هنا ، ويؤيده رواية الحسين ابن عثمان انتهى.

أقول : إذا سمعت ما تلونا عليك فاعلم : أن الظاهر من الأخبار استحباب وضع الرداء لصاحب الجنازة أي الجماعة الذين يعدون من أصحاب تلك المصيبة لعموم الأخبار وكراهة ذلك أو حرمته لغيرهم ، وإثبات الحرمة مشكل ، وكذا إثبات مرجوحية سائر أنواع الامتياز ، والقول باستحبابها أيضا لا يخلو من إشكال. وإن كان التعليل الوارد في بعض الأخبار يشهد بذلك كما لا يخفى ، وأما التحفي فظاهر هذا الخبر ، استحبابه إما في مطلق المصيبة أو في مصيبة الابن ، والأولى الاقتصار على الابن وإن كان العموم لا يخلو من قوة والله يعلم.

الحديث السادس : حسن.

قوله عليه‌السلام : « ينبغي » ظاهره استحباب وضع الرداء لصاحب المصيبة ، والظاهر الرجوع في ذلك إلى العرف كما ذكرناه ولا يبعد أن يكون المراد بالرداء الثوب المتعارف الذي يلبسه الناس فوق الثياب ليكون وضعه علة للامتياز ، ومن هذا التعليل فهموا غير ذلك من أنواع الامتياز خصوصا في الأزمنة التي لا يصلح وضع الرداء للامتياز والله يعلم.

الحديث السابع : مرسل.

قوله عليه‌السلام : « رجلا بابن له » أي بسبب فقد ابنه.

١٢٤

الله خير لابنك منك وثواب الله خير لك من ابنك فلما بلغه جزعه بعد عاد إليه فقال له قد مات رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فما لك به أسوة فقال إنه كان مرهقا فقال إن أمامه ثلاث خصال شهادة أن لا إله إلا الله ورحمة الله وشفاعة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله

قوله عليه‌السلام : « الله خير لابنك منك » لما كان الغالب أن الحزن على الأولاد يكون لتوهم أمرين باطلين. أحدهما : أنه على تقدير وجود الولد يصل نفع الوالد إليه ، أو أن هذه النشأة خير له من النشأة الأخرى ، والحياة خير له من الممات فأزالعليه‌السلام وهمه : بأن الله تعالى ورحمته خير لابنك منك ومما تتصور من نفع توصله إليه على تقدير الحياة ، والموت مع رحمة الله خير من الحياة.

وثانيهما : توقع النفع منه مع حياته أو الاستئناس به فأزالعليه‌السلام ذلك الوهم أيضا بأن ما عوضك الله من الثواب على فقده خير لك من كل نفع تتوهمه أو تقدره في حياته.

قوله عليه‌السلام : « فعاد إليه » يفهم منه استحباب تكرار التعزية مع بقاء الجزع.

قوله عليه‌السلام . « فما لك به أسوة ».

قال : في القاموس : « الأسوة » ويضم القدوة وما يأتسي به الحزين ، والجمع إسى ويضم وأساه تأسيه فتأسى عزاه فتعزى.

وقال في النهاية : الأسوة بكسر الهمزة وضمها القدوة. أقول : يحتمل هذا الكلام : وجهين.

الأول : أن يكون المراد بالأسوة القدوة : والمعنى أنك تتأسى به ويلزمك التأسي به في الموت فلأي شيء تجزع مع أنك بعد الموت تجتمع مع ابنك ، والغرض أنه لو كان لأحد بقاء في الدنيا كان ذلك لأشرف الخلائق ، فإذا لم يبق هو في الدنيا فكيف تطمع أنت في البقاء ، ويحتمل أن يكون الغرض أنه ينبغي لك مع علمك بالموت أن تصلح أحوال نفسك ولا تحزن على فقد غيرك كما ورد في

١٢٥

فلن تفوته واحدة منهن إن شاء الله.

٨ ـ الحسين بن محمد ، عن أحمد بن إسحاق ، عن سعدان بن مسلم ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال ينبغي لصاحب المصيبة أن لا يلبس رداء وأن يكون في قميص

خبر آخر أنهم قالوا : لصاحب مصيبة غفلت عن المصيبة الكبرى وجزعت للمصيبة الصغرى.

الثاني : أن يكون المراد بالأسوة ما يتأسى به الحزين أي ينبغي أن يحصل لك به وبسبب مصيبته وتذكرها تأسي وتعز عن كل مصيبة لأنه من أعظم المصائب ، وتذكر المصائب العظيمة يهون صغارها لما سيأتي عن أبي جعفرعليه‌السلام أنه قال : إن أصبت بمصيبة في نفسك أو في مالك أو في ولدك فاذكر مصابك برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فإن الخلائق لم يصابوا بمثله قط ، وقيل المراد أنك من أهل التأسي برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ومن أمته فينبغي أن يكون مصيبتك بفقده أعظم وما ذكرنا أظهر.

قوله عليه‌السلام : « إنه كان مرهقا » بالتشديد على صيغة المفعول.

قال في النهاية : الرهق السفه وغشيان المحارم وفيه فلان مرهق : أي متهم بسوء وسفه ، ويروي مرهق أي ذو رهق.

وقال في القاموس : « الرهق » محركة السفه والنوك والخفة وركوب الشر والظلم وغشيان المحارم « والمرهق » كمكرم من أدرك وكمعظم الموصوف بالرهق ومن يظن به السوء.

أقول : المراد « إن حزني » ليس بسبب فقده بل بسبب أنه كان يغشى المحارم وأخاف أن يكون معاقبا معذبا فعزاهعليه‌السلام بذكر وسائل النجاة وأسباب الرجاء.

الحديث الثامن : مجهول. بسعدان ، ويمكن أن يعد حسنا لأنهم ذكروا في سعدان أن له أصلا ويكون كتابه من الأصول مدح له.

قوله عليه‌السلام : « وأن يكون في قميص حتى يعرف فيه » إيماء إلى أن المراد

١٢٦

حتى يعرف.

٩ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان جميعا ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن الحكم قال رأيت موسىعليه‌السلام يعزي قبل الدفن وبعده.

١٠ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن ابن مهران قال كتب أبو جعفر الثانيعليه‌السلام إلى رجل ذكرت مصيبتك بعلي ابنك وذكرت أنه كان أحب ولدك إليك وكذلك الله عز وجل إنما يأخذ من الوالد وغيره أزكى ما عند أهله

بالرداء الثوب الأعلى الذي يلبسه أصناف الناس غالبا ليصير نزعه سببا للامتياز ، والكلام في الاستدلال بالتعليل على سائر أفراد الامتياز ما مر.

الحديث التاسع : حسن. كالصحيح بل لا يقصر عن الصحيح.

قوله عليه‌السلام : « قبل الدفن وبعده » أي يجمعهما في كل جنازة أو كان يفعل تارة هكذا وتارة هكذا ، ويدل على جواز التعزية قبل الدفن واستحبابه على التقديرين وعلى حصول التعزية بها قبل الدفن خاصة على الثاني فيدل على ما ذكرنا من التأويل في الأخبار السابقة.

الحديث العاشر : ضعيف. والظاهر أن مهزيار مكان ابن مهران كما سيجيء في آخر الكتاب هذا المضمون وفيه علي بن مهزيار ، لكن سيأتي رواية سهل عن علي بن مهران في باب غسل الأطفال.

قوله عليه‌السلام : « ذكرت » يدل على أنه شكا فيما كتب إليهعليه‌السلام فقد ابنه.

قوله عليه‌السلام : « أزكى » أي أطهر وأحسن ما عند أهله أي أهل هذا المأخوذ.

قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله :« وأحسن عزاك مقصورا أو ممدودا » أي صبرك. في القاموس العزي الصبر أو حسنه كالتعزوة ، عزي كرضى عزاء فهو عز وعزاه تعزية.

قوله عليه‌السلام : « وربط على قلبك » أي ألقى الله على قلبك صبرا. قال في

١٢٧

ليعظم به أجر المصاب بالمصيبة فأعظم الله أجرك وأحسن عزاك وربط على قلبك إنه قدير وعجل الله عليك بالخلف وأرجو أن يكون الله قد فعل إن شاء الله تعالى.

(باب)

(ثواب من عزى حزينا ً)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، عن آبائهعليهم‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من عزى حزينا كسي في الموقف حلة يحبر بها.

القاموس : ربط جأشه رباطة اشتد قلبه والله على قلبه. ألهمه الصبر وقواه انتهى.

أقول. منه قوله تعالى «وَرَبَطْنا عَلى قُلُوبِهِمْ »(١) .

قوله عليه‌السلام : « وأرجو أن يكون الله قد فعل » بشارة له بأنهعليه‌السلام قد دعا له بالخلف واستجيب دعاؤه.

باب ثواب من عزى حزيناً

الحديث الأول : ضعيف على المشهور.

قوله عليه‌السلام : « حلة يحبر بها » قال في القاموس : الحلة بالضم إزار ورداء بردا وغيره ولا يكون حلة الا من ثوبين أو ثوب له بطانة.

وقال : فيه الحبر بالكسر الأثر أو أثر النعمة والحسن وبالفتح السرور كالحبور والحبرة والحبر محركة وأحبره سره والنعمة كالحبرة وقال : تحبير الخط والشعر وغيرهما تحسينه.

وقال في النهاية : الحبر بالكسر وقد يفتح الجمال والهيئة الحسنة يقال حبرت الشيء تحبيرا إذا حسنته.

أقول : قد ظهر أنه يمكن أن يقرأ على المجهول مشددا أي يحسن ويزين

__________________

(١) سورة الكهف : ١٤.

١٢٨

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن أبيه ، عن وهب ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من عزى مصابا كان له مثل أجره من غير أن ينتقص من أجر المصاب شيئا.

(باب)

(المرأة تموت وفي بطنها صبي يتحرك )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في المرأة تموت ويتحرك الولد في بطنها أيشق بطنها ويخرج الولد؟

بها ، ومخففا أي يسر بها ، وروي في الذكرى : يحبى بها من الحبوة والعطاء ثم قال وروي تحبر بها أي يسر بها.

الحديث الثاني : ضعيف. وروى العامة مثله عن عبد الله بن مسعود عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

باب المرأة تموت وفي بطنها ولد يتحرك

الحديث الأول : حسن.

قوله عليه‌السلام « نعم ويخاط بطنها » المشهور بين الأصحاب أنه يجب الشق حينئذ وإخراج الولد توصلا إلى بقاء الحي ، قالوا : ولا عبرة بكونه مما يعيش عادة كما ذكره المحقق وغيره تمسكا بإطلاق الروايات.

وقال بعض المتأخرين : لو علم موته حال القطع انتهى وجوبه ، وإطلاق الروايات تقتضي عدم الفرق في الجانب بين الأيمن والأيسر ، بل لا يعلم خصوص شق الجانب أيضا ، وقيده الشيخان في المقنعة والنهاية وابن بابويه بالجانب الأيسر ، وأما خياطة المحل بعد القطع فقد نص عليه المفيد في المقنعة والشيخ في المبسوط وأتباعهما كما ورد في هذه الرواية وإن خلا عنه غيرها ، وردها المحقق في المعتبر بالقطع وبأنه لا ضرورة إلى ذلك فإن المصير إلى البلاء : ولا يخفى أن القطع لا

١٢٩

قال فقال نعم ويخاط بطنها :

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن وهب بن وهب ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال أمير المؤمنينعليه‌السلام إذا ماتت المرأة وفي بطنها ولد يتحرك فيتخوف عليه فشق بطنها وأخرج الولد.

وقال في المرأة يموت ولدها في بطنها فيتخوف عليها قال لا بأس أن يدخل

يضر لأن مراسيل ابن أبي عمير في حكم المسانيد وضعف التعليل ظاهر.

الحديث الثاني : ضعيف. والظاهر أنه سقط عن أبيه بعد ابن خالد كما يشهد به ما مر آنفا في الباب السابق.

قوله عليه‌السلام : « ولد يتحرك » ظاهره أن مناط الوجوب الحركة ، ويمكن أن يكون المناط العلم بالحياة ، وعبر بها عنها لأنها لا يعلم غالبا إلا بها لكن العلم بغير ذلك نادر.

قوله عليه‌السلام : « لا بأس » لا خلاف بين الأصحاب في وجوب التقطيع والإخراج مع الخوف على الأم ونقل فيه الشيخ في الخلاف الإجماع واستدل بهذه الرواية.

قال في المعتبر :( وهب هذا ) عامي لا يعمل بما يتفرد به ، والوجه أنه إن مكن التوصل إلى إسقاطه صحيحا بشيء من العلاجات. وإلا توصل إلى إخراجه بالأرفق ويتولى ذلك النساء فإن تعذر النساء فالرجال المحارم فإن تعذر جاز أن يتولاه غيرهم دفعا عن نفس الحي.

أقول : ضعفه منجبر بعمل الأصحاب على ما هو دأبهم وما ذكره من التفصيل لا يأبى عنه الخبر واعلم أن ظاهرقوله عليه‌السلام لا بأس : الجواز ويمكن أن يكون هذا النوع من التعبير لرفع توهم الحذر عن مباشرة الرجل ذلك على كل حال كما في قوله تعالى «فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما »(١) وقوله تعالى «فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا »(٢) ويحتمل أن يكون المراد عدم البأس مع عدم رفق النساء وإن

__________________

(١) سورة البقرة ، ١٥٨.

(٢) سورة النساء : ١٠١.

١٣٠

الرجل يده فيقطعه ويخرجه إذا لم ترفق به النساء.

(باب)

(غسل الأطفال والصبيان والصلاة عليهم )

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن موسى ، عن زرارة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال السقط إذا تم له أربعة أشهر غسل.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد بن عثمان ، عن الحلبي وزرارة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنه سئل عن الصلاة على الصبي متى يصلى

أمكنهن الإخراج بغير رفق فلا ينافي الوجوب مع عدمهن أو عدم قدرتهن أصلا والله يعلم.

باب غسل الأطفال والصبيان والصلاة عليهم

الحديث الأول : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « السقط » إلخ ظاهر الأصحاب الاتفاق على وجوب تغسيل السقط إذا تمت له أربعة أشهر كما يدل عليه هذا الخبر.

قال في المعتبر لا يغسل السقط إلا إذا استكمل شهورا أربعة وهو مذهب علمائنا ، ثم استدل عليه بهذا الخبر وخبر سماعة الاتي وقال : لا مطعن على الروايتين بانقطاع سند الأولى وضعف سماعة عن سند الثانية لأنه لا معارض لهما مع قبول الأصحاب لهما ، وأما الصلاة عليه فلا وهو اتفاق علمائنا ، ثم قال : ولو كان السقط أقل من أربعة أشهر لم يغسل ولم يكفن ولم يصل عليه بل يلف في خرقة ويدفن ، ذكر ذلك الشيخان وهو مذهب العلماء.

الحديث الثاني : حسن.

قوله عليه‌السلام : « إذا عقل الصلاة » اعلم أن الأصحاب اختلفوا في حكم الصلاة على الطفل فذهب الأكثر ومنهم الشيخ والمرتضى وابن إدريس إلى أنه يشترط في

١٣١

عليه قال إذا عقل الصلاة قلت متى تجب الصلاة عليه فقال إذا كان ابن ست سنين والصيام إذا أطاقه.

٣ ـ علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عمر بن أذينة ، عن زرارة قال رأيت ابنا لأبي عبد اللهعليه‌السلام في حياة أبي جعفرعليه‌السلام يقال له : عبد الله فطيم قد درج

وجوب الصلاة عليه بلوغ الحد الذي يمرن فيه على الصلاة وهو ست سنين.

وقال : المفيد في المقنعة لا يصل على الصبي حتى يعقل الصلاة وقال ابن الجنيد : يجب على المستهل. وقال ابن أبي عقيل : لا تجب الصلاة على الصبي حتى تبلغ.

أقول : في هذا الخبر إجمال واقتصر المفيد (ره) على القول به بذكر لفظه ولم يبين المراد ويحتمل أن يكون الراوي علم أن عقل الصلاة حد التمرين ومراده بالوجوب هنا مطلق الثبوت ، أو وجوب التمرين على الولي فالمعنى أنه متى يعقل الصلاة بحيث يؤمر بها تمرينا.

فقال : إذا كان ابن ست سنين ، ويؤيده ما رواه محمد بن مسلم في الصحيح عن أحدهماعليهما‌السلام في الصبي متى يصلي فقال : إذا عقل الصلاة قلت : متى يعقل الصلاة ويجب عليه قال : لست سنين ولو لم يكن مراد السائل ذلك يظهر من أخبار أخر أن هذا هو حد عقل الصلاة كما هو الغالب في الأطفال أيضا وسيأتي حكم تمرين الصلاة والصيام في أبوابها إن شاء الله.

الحديث الثالث : حسن.

قوله عليه‌السلام : « قد درج » أي كان ابتداء مشيه قال : في القاموس درج دروجا ودرجانا مشى.

قوله عليه‌السلام : « ذاك شر لك » أي كونك مولى لي شرف لك وفخر فإنكار ذلك شر لك والملعون كأنه غضب من ذلك.

قوله عليه‌السلام : « في جنازة الغلام » وفي التهذيب في جنان الغلام وما هنا هو

١٣٢

فقلت له يا غلام من ذا الذي إلى جنبك لمولى لهم فقال هذا مولاي فقال له المولى يمازحه لست لك بمولى فقال ذلك شر لك فطعن في جنازة الغلام

الظاهر ، وهو كناية عن الموت.

قال في النهاية : في حديث عليعليه‌السلام والله لود معاوية أنه ما بقي من بني هاشم إلا طعن في نيطه ، يقال : طعن في نيطه أي في جنازته ومن ابتدأ في شيء أو دخله فقد طعن فيه ويروي طعن على ما لم يسم فاعله ، « والنيط نياط القلب » وهو علاقته ، وقال : في خبر ، تقول العرب إذا أخبرت عن موت إنسان رمى في جنازته لأن الجنازة تصير مرميا فيها ، والمراد بالرمي الحمل والوضع انتهى ، ويحتمل أن يكون الطعن بمعناه المعروف والجنازة كناية عن الشخص وبعض المعاصرين قرأ احتار بالحاء المهملة والتاء المثناة من فوق والراء المهملة.

قال في القاموس : الحتار من كل شيء كفافه وما استدار به وحلقة الدبر أو ما بينه وبين القبل ، أو الخط بين الخصيتين ، وريق الجفن وشيء في أقصى فم البعير انتهى.

قال : بعض أفاضل المعاصرين أظن الجميع تحريفا من النساخ وأنه طعن في حياته الغلام أي في حياة أبي جعفرعليه‌السلام أي أصابه الطاعون في حياته وعلى تقدير جنان وحتارا أيضا يكون المعنى إصابة الطاعون في ذلك المكان ، وأما كون طعن مبنيا للفاعل وعود ضميره إلى المولى أو مبنيا للمفعول ونائب فاعله المولى ففي غاية البعد لفظا ومعنى وتركيبا فإن استعمال الطعن المتعارف بمثل الرمح ونحوه في معنى الوكز ونحوه غير معروف ، ولو سلم فالمعهود المتعارف أن يقال طعنه في جنانه وحمله على الطعن بالرمح ونحوه لا يليق والمقام والذوق لا يقبلان كون المولى ضربه ضربة في ذلك المكان فمات منها أو طعنة بالرمح كذلك انتهى ولا يخفى غرابته.

١٣٣

فمات فأخرج في سفط إلى البقيع فخرج أبو جعفرعليه‌السلام وعليه جبة خز صفراء وعمامة خز صفراء ومطرف خز أصفر فانطلق يمشي إلى البقيع وهو معتمد علي والناس يعزونه على ابن ابنه فلما انتهى إلى البقيع تقدم أبو جعفرعليه‌السلام فصلى عليه وكبر عليه أربعا ثم أمر به فدفن ثم أخذ بيدي فتنحى بي ثم قال إنه لم يكن يصلى على الأطفال إنما كان أمير المؤمنين صلوات الله عليه يأمر بهم فيدفنون

قوله عليه‌السلام : « في سقط » وهو معرب معروف.

قوله عليه‌السلام : « ومطرف خز » قال في القاموس : المطرف كمكرم رداء من خز مربع ذو أعلام.

وقال الجوهري : المطرف والمطرف واحد المطارف وهي أردية من خز مربعة لها أعلام. أقول : يدل الخبر على استحباب التزين ولبس الثياب الصفر.

قوله عليه‌السلام : « فكبر عليه أربعا » محمول على التقية كما مر.

قوله عليه‌السلام : « إنه لم يكن يصلي » على البناء للمجهول أي في زمن النبي وأمير المؤمنين ( صلى الله عليهما ).

قوله عليه‌السلام : « فيدفنون من وراء » في التهذيب والاستبصار من وراء وراء مكررا.

قال في النهاية في حديث الشفاعة : يقول : إبراهيم إني كنت خليلا من وراء وراء هكذا يقال مبينا على الفتح أي من خلف حجاب ، ومنه حديث معقل أنه حدث ابن زياد بحديث فقال : شيء سمعته من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أو من وراء وراء ، أي ممن جاء خلفه وبعده ، ويقال : لولد الولد وراء انتهى.

أقول : الظاهر أنه على التقديرين ، كناية إما عن عدم الإحضار في محضر الجماعة للصلاة ، أو عدم إحضار الناس في إعلامهم للصلاة ، ويحتمل بعيدا أن يكون من وراء وراء بيانا للضمير في يدفنون أي كان يأمر في أولاد أولاده بذلك ، أو

١٣٤

من وراء ولا يصلي عليهم وإنما صليت عليه من أجل أهل المدينة كراهية أن يقولوا لا يصلون على أطفالهم.

٤ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن خالد والحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن يحيى بن عمران ، عن ابن مسكان ، عن زرارة قال مات ابن لأبي جعفرعليه‌السلام فأخبر بموته فأمر به فغسل وكفن ومشى معه وصلى عليه وطرحت خمرة فقام عليها ثم قام على قبره حتى فرغ منه ثم انصرف وانصرفت

يكون المراد أنه كان يفعل ذلك بعد الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبعد الأزمنة المتصلة بعصرهصلى‌الله‌عليه‌وآله فيكون الغرض بيان استمرار هذا الحكم من زمان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى الأعصار بعده ليظهر كون فعلهم على خلافه بدعة ، غاية الظهور كل ذلك خطر بالبال والأول عندي أظهر والله يعلم.

قوله عليه‌السلام : « كراهية أن يقولوا ».

أقول : المشهور بين الأصحاب استحباب الصلاة على من لم يبلغ ست سنين إذا ولد حيا والظاهر من هذا الخبر وكثير من الأخبار وسيأتي بعضها وعدم استحبابها قبل الست ، ويظهر منها إن ما ورد من الأمر بالصلاة قبل ذلك محمول على التقية.

فإن قيل : ظاهر هذا الخبر عدم شرعية الصلاة على غير البالغ مطلقا ولم يقل به أحد.

قلت مقتضى الجمع بين الأخبار الحمل على ما قبل الست بأن يكون اللام للعهد ، أي مثل هذه الأطفال مع أنه يمكن أن يقال إطلاق الطفل على غير البالغ مطلقا غير معلوم في اللغة والعرف القديم كما لا يخفى على من راجع كلام اللغويين واستعمالات القدماء. وبالجملة الأحوط بالنظر إلى الأخبار ترك الصلاة عليهم قبل ذلك والله يعلم.

الحديث الرابع : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « خمرة » قال في القاموس : الخمرة حصيرة صغيرة من

١٣٥

معه حتى إني لأمشي معه فقال أما إنه لم يكن يصلى على مثل هذا وكان ابن ثلاث سنين كان عليعليه‌السلام يأمر به فيدفن ولا يصلى عليه ولكن الناس صنعوا شيئا فنحن نصنع مثله قال قلت فمتى تجب الصلاة عليه فقال إذا عقل الصلاة وكان ابن ست سنين قال قلت فما تقول في الولدان فقال سئل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عنهم فقال الله أعلم بما كانوا عاملين.

٥ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن إسماعيل ، عن عثمان بن عيسى ، عن زرعة ، عن سماعة ، عن أبي الحسن الأولعليه‌السلام قال سألته عن السقط إذا

السعف.

أقول : لعلهم طرحوا ليجلس عليها فلم يجلس ، وظاهر هذا الخبر استحباب القيام حتى يدفن ، ولعله محمول على التقية كما أن الصلاة أيضا كانت لها.

قوله عليه‌السلام : « متى تجب عليه الصلاة » يحتمل صلاة الجنازة وصلاة التمرينقوله عليه‌السلام : « الله علم بما كانوا عاملين » أقول سيأتي شرح هذا الكلام وتفصيل القول فيه في باب الأطفال إن شاء الله تعالى.

الحديث الخامس : موثق. إن اعتبرنا توثيق نصر بن الصباح لعلي بن إسماعيل كما حكم الشهيد الثاني بصحة خبره ، وحسن موثق إن لم نعتبره.

قوله عليه‌السلام : « إذا استوى خلقه » استدل بهذا الخبر على ما عليه الفتوى كما ذكرنا ، ولا يخفى أن الحكم فيه وقع معلقا على استواء الخلقة لا على بلوغ الأربعة إلا أن يدعى التلازم بين الأمرين وإثباته مشكل.

ثم اعلم أن ظاهر بعض الأصحاب أنه يلف في خرقة ويدفن بعد الغسل.

وأوجب الشهيد (ره) ومن تأخر عنه تكفينه بالقطع الثلاث ، وتحنيطه أيضا ، والظاهر من الخبر وجوب التكفين على ما هو المعهود لأنه المتبادر من الكفن عند الإطلاق والأحوط التحنيط أيضا لعموم الأخبار.

١٣٦

استوى خلقه يجب عليه الغسل واللحد والكفن فقال كل ذلك يجب عليه.

٦ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن علي بن مهران ، عن محمد بن الفضيل قال كتبت إلى أبي جعفرعليه‌السلام أسأله عن السقط كيف يصنع به فكتب

قوله عليه‌السلام : « واللحد » قال الجوهري : اللحد بالتسكين الشق في جانب القبر ، واللحد بالضم لغة : فيه تقول ألحدت القبر لحدا وألحدت أيضا فهو ملحد ، أقول : يمكن أن يكون هنا اسما مصدرا وظاهره وجوب اللحد للميت ، والمشهور بينهم استحبابه بل لا خلاف بينهم في ذلك.

قال في التذكرة : ويستحب أن يجعل له لحد ومعناه أنه إذا بلغ الحافر أرض القبر حفر في حائطه مما يلي القبلة مكانا يوضع فيه الميت ، وهو أفضل من الشق ومعناه أن يحفر في قعر القبر شقا شبه النهر يضع الميت فيه ويسقف عليه بشيء ذهب إليه علماؤنا وبه قال : الشافعي وأكثر أهل العلم.

وقال أبو حنيفة : الشق أفضل لكل حال ، ثم قال : يستحب أن يكون اللحد واسعا بقدر ما يتمكن فيه الجالس من الجلوس انتهى.

أقول : يمكن حمل الخبر على الاستحباب المؤكد مع أن الوجوب في عرف الأخبار أعم من المعنى المصطلح والأولى عدم الترك.

الحديث السادس : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « يدفن بدمه » الظاهر أن المراد أنه لا يغسل بل يدفن ملطخا بالدم ، وقيل المراد أنه يدفن معه ما فضل من الدم عن المرأة عند الولادة ولا يخفى بعده.

وحمل القوم هذا الخبر على ما إذا لم يتم له أربعة أشهر كما مر وقالوا يلف في خرقة ويدفن ، واستدلوا على حكم هذا النوع من السقط بهذا الخبر مع أنه خال عن ذكر اللف وبعضهم عبروا عن هذا النوع بمن لم يلجه الروح.

وقال : الشهيد الثاني (ره) المراد به من نقص سنه عن أربعة أشهر وقد صرح

١٣٧

عليه‌السلام إلي أن السقط يدفن بدمه في موضعه.

٧ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عمرو بن سعيد ، عن علي بن عبد الله قال سمعت أبا الحسن موسىعليه‌السلام يقول إنه لما قبض إبراهيم بن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله جرت فيه ثلاث سنن أما واحدة فإنه لما مات انكسفت الشمس فقال الناس انكسفت الشمس لفقد ابن رسول الله فصعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال يا أيها الناس إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله يجريان بأمره مطيعان له لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته فإن انكسفتا أو واحدة منهما فصلوا ثم

في المعتبر أن مدار وجوب الغسل وعدمه على بلوغ أربعة أشهر وعدمه كما نقلنا عنه سابقا وهو الأظهر كما عرفت من الأخبار.

قوله عليه‌السلام : « في موضعه » لعل المراد أنه لا يلزم نقله إلى المقابر لأن ذلك حكم من ولجته الروح ومات ، بل يدفن في الدار التي وقع فيها السقط لا خصوص موضع السقط والله يعلم.

الحديث السابع : مجهول.

قوله عليه‌السلام : « آيتان من آيات الله » أي علامتان من علاماته تدلان على وجوب القادر الحكيم وقدرته وعلمه.

قوله عليه‌السلام : « مطيعان » وفي بعض النسخ مطيعان له وهو المراد.

قوله عليه‌السلام : « لا ينكسفان لموت أحد » أي بمحض الموت ، بل إذا كان ذلك بسبب فعل الأمة واستحقوا العذاب والتخويف يمكن أن ينكسفا لذلك ، فلا ينافي ما روي في الأخبار من انكسافهما لشهادة الحسين ( صلوات الله عليه ) ولعنة الله على قاتله فإنها كانت بفعل الأمة الملعونة ، واستحقوا بذلك التخويف والعذاب بخلاف فوت إبراهيمعليه‌السلام فإنه لم يكن بفعل الأمة.

قوله عليه‌السلام : « يا علي قم فجهز ابني » لعل تقديم صلاة الكسوف هنا لتضييق

١٣٨

نزل عن المنبر فصلى بالناس صلاة الكسوف فلما سلم قال يا علي قم فجهز ابني فقام عليعليه‌السلام فغسل إبراهيم وحنطه وكفنه ثم خرج به ومضى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حتى انتهى به إلى قبره فقال الناس إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله نسي أن يصلي على إبراهيم لما دخله من الجزع عليه فانتصب قائما ثم قال يا أيها الناس أتاني جبرئيلعليه‌السلام بما قلتم زعمتم أني نسيت أن أصلي على ابني لما دخلني من الجزع ألا وإنه ليس كما ظننتم ولكن اللطيف الخبير فرض عليكم خمس صلوات وجعل لموتاكم من كل صلاة تكبيرة وأمرني أن لا أصلي إلا على من صلى ثم قال يا علي انزل فألحد ابني فنزل فألحد إبراهيم في لحده فقال الناس إنه لا ينبغي لأحد أن ينزل في قبر

وقته ، وتوسعة وقت التجهيز على ما هو المشهور بين الأصحاب في مثله.

قال في القاموس : جهاز الميت والعروس والمسافر : « بالكسر والفتح » وما يحتاجون إليه وقد جهزه تجهيزا.

قوله عليه‌السلام : « زعمتم » أي قلتم ويطلق غالبا على القول الباطل أو الذي يشك فيه.

قال في القاموس : الزعم مثلثة ، القول الحق والباطل والكذب وأكثر ما يقال فيما يشك فيه انتهى.

قوله عليه‌السلام : « من كل صلاة » يدل على وجوب التكبيرات الخمس مع التعليل كما مر.

قوله عليه‌السلام : « إلا على من صلى » أي لزم تمرينه بالصلاة كما سيأتي تفسيره ويدل على عدم مشروعية الصلاة على من يبلغ الست بتوسط الأخبار الأخرى.

قوله عليه‌السلام : « فألحد ابني » بفتح الحاء أو بكسره من باب الأفعال في القاموس لحد القبر كمنع ، والحدة عمل له لحدا : والميت دفنه.

أقول : يدل على شرعية اللحد وعمومه للأطفال أيضا ، ويدل على عدم كراهة

١٣٩

ولده إذ لم يفعل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال لهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يا أيها الناس إنه ليس عليكم بحرام أن تنزلوا في قبور أولادكم ولكني لست آمن إذا حل أحدكم الكفن عن ولده أن يلعب به الشيطان فيدخله عند ذلك من الجزع ما يحبط أجره ثم انصرفصلى‌الله‌عليه‌وآله .

٨ ـ علي ، عن علي بن شيرة ، عن محمد بن سليمان ، عن حسين الحرشوش ، عن هشام بن سالم قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام إن الناس يكلمونا ويردون علينا قولنا إنه لا يصلى على الطفل لأنه لم يصل فيقولون لا يصلى إلا على من صلى فنقول نعم فيقولون أرأيتم لو أن رجلا نصرانيا أو يهوديا أسلم ثم مات من ساعته فما الجواب فيه فقال قولوا لهم أرأيت لو أن هذا الذي أسلم الساعة ثم افترى على إنسان ما كان يجب عليه في فريته فإنهم سيقولون يجب عليه الحد فإذا قالوا هذا قيل لهم فلو أن هذا الصبي الذي لم يصل افترى على إنسان هل

نزول مطلق ذي الرحم كما ذكره الأكثر ، وقد مر الكلام فيه ولم أر من الأصحاب من تعرض لهذا الخبر ، ويدل على كراهة نزول الوالد في قبر الولد وعدم حرمته ويدل على مطلوبية حل عقد الكفن وعلى أن الجزع الشديد يحبط الأجر وعلى الإحباط في الجملة.

الحديث الثامن : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « على من وجبت عليه الصلاة » أي لزم تمرينه ويلزم عليه بسبب التمرين ، وحاصل الجواب أن مناط وجوب الصلاة كون الميت بحيث تلزمه الصلاة ولا مدخل للفعل في ذلك ، وهذا الخبر يدل على أن ما ورد من الصلاة على الطفل الذي لم يبلغ الست محمول على التقية. وأن الصلاة عليه غير مطلوب فإنه الظاهر من قوله لا يصلي.

ويمكن أن يأول بأن المراد : عدم وجوب الصلاة عليه قبل ذلك ، بأن يكون المخالف الذي عورض في ذلك قائلا بالوجوب ، ويؤيده قوله وإنما يجب أن

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

يجب بقتلها فدية ، أو وحشي ، كالغزلان وحمر الوحش وبقرة ، ويجب الجزاء بقتله إجماعاً.

وما ليس بمأكول أقسامه ثلاثة :

ما لا جزاء فيه إجماعاً ، كالحيّة والعقرب وشبههما.

وما يجب فيه الجزاء عند العامّة ولا نصّ لأصحابنا فيه.

والأولى فيه عدم الجزاء ؛ لأصالة البراءة ، كالمتولّد بين ما يجب فيه الجزاء وما لا يجب كالسِّمْع المتولّد بين الضبع والذئب ، والمتولّد بين الحمار الوحشي والأهلي.

ومختلف فيه ، كجوارح الطير وسباع البهائم ، ولا يجب فيه الجزاء عندنا.

ويجوز قتل صغار السباع وإن لم تكن محذورة ، وقتل الزنابير والبراغيث والقمل ، إلّا أنّه إذا قتل القمل على بدنه ، لا شي‌ء عليه ، وإن أزاله عن جسمه ، فعليه الفداء(١) . هذا آخر كلامه.

لكن روى أصحابنا أنّ الزنبور إن قتله خطأ ، لا شي‌ء عليه ، وإن قتله عمداً ، كان عليه أن يتصدّق بشي‌ء من الطعام ؛ لأنّ معاوية بن عمار روى - في الصحيح - عن الصادقعليه‌السلام وسأله عن مُحْرم قتل زنبوراً ، فقال : « إن كان خطأ فلا شي‌ء » قلت : بل عمداً ، قال : « يطعم شيئاً من الطعام »(٢) .

إذا ثبت هذا فكلّ ما أدخله الإِنسان إلى الحرم من السباع أسيراً فإنّه يجوز له إخراجه منه ؛ لأنّ قتله مباح ، فإخراجه أولى.

وسُئل الصادقعليه‌السلام عن رجل أدخل فهذاً الى الحرم أَلَهُ أن يُخرجه؟ فقال : « هو سبع ، وكلّ ما أدخلت من السبع الحرم أسيراً فلك أن‌

____________________

(١) المبسوط - للطوسي - ١ : ٣٣٨ - ٣٣٩.

(٢) الكافي ٤ : ٣٦٤ / ٥ ، التهذيب ٥ : ٣٦٥ / ١٢٧١.

٢٨١

تخرجه »(١) .

مسألة ٢١٢ : الجراد عندنا من صيد البرّ يحرم قتله ، ويضمنه الـمُحْرم في الحِلّ ، والـمُحلّ في الحرم ، عند علمائنا - وبه قال عليعليه‌السلام وابن عباس وعمر ، وأكثر أهل العلم(٢) - لما رواه العامّة عن ابن عمر أنّه قال لكعب في جرادتين : ما فعلت في تينك(٣) ؟ قال : بَخٍ درهمان خير من مائة جرادة(٤) .

ومن طريق الخاصّة : قول الباقرعليه‌السلام : « الـمُحْرم لا يأكل الجراد »(٥) .

وقال أبو سعيد الخدري : هو من صيد البحر(٦) . وللشافعي قول غريب إنّه من صيد البحر ؛ لأنّه يتولّد من روث السمك(٧) - وعن أحمد روايتان(٨) - لما روي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : أنّه من صيد البحر(٩) .

قال أبو داود : الظاهر أنّهعليه‌السلام قال : ( إنّه من صيد البرّ ) فوَهَم الراوي(١٠) .

____________________

(١) الفقيه ٢ : ١٧٢ / ٧٦٠ ، التهذيب ٥ : ٣٦٧ / ١٢٨١.

(٢) المغني ٣ : ٥٤٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٣١٦ ، بداية المجتهد ١ : ٣٦٣ ، المجموع ٧ : ٢٩٦ و ٣٣١ ، فتح العزيز ٧ : ٤٩٠.

(٤) الاُم ٢ : ١٩٦ ، مختصر المزني : ٧٢ ، المغني ٣ : ٥٤٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٣١٦ ، المجموع ٧ : ٣٣٢.

(٥) التهذيب ٥ : ٣٦٣ / ١٢٦٢.

(٦) الحاوي الكبير ٤ : ٣٣٢ ، المغني ٣ : ٥٤٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٣١٦.

(٧) فتح العزيز ٧ : ٤٩٠.

(٨) المغني ٣ : ٥٤٤ و ٥٤٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٣١٦.

(٩) سنن أبي داود ٢ : ١٧١ / ١٨٥٣ و ١٨٥٤ ، سنن البيهقي ٥ : ٢٠٧.

(١٠) راجع سنن أبي داود ٢ : ١٧١ ذيل الحديث ١٨٥٤ ، والمغني ٣ : ٥٤٥ ، والشرح الكبير ٣ : ٣١٦.

٢٨٢

مسألة ٢١٣ : الـمُحرَّم على الـمُحْرم مطلقاً وعلى الـمُحلّ في الحرم إنّما هو صيد البرّ ، أمّا صيد البحر فإنّه سائغ لكلّ أحد ، ولا فدية فيه ، بالنصّ والإِجماع :

قال الله تعالى :( أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعامُهُ مَتاعاً لَكُمْ وَلِلسَّيّارَةِ ) (١) .

وقال الصادقعليه‌السلام : « لا بأس أن يصيد الـمُحْرم السمك ويأكله طريّه ومالحه ويتزوّد »(٢) .

وأجمع أهل العلم كافّة على أنّ صيد البحر مباح للمُحْرم اصطياده وأكله وبيعه وشراؤه.

إذا ثبت هذا ، فإنّ صيد البحر هو ما يعيش في الماء ويبيض ويفرخ فيه ، كالسمك وأشباهه ممّا يحل ، وكالسلحفاة والسرطان ونحوهما.

فإن كان ممّا يعيش في البرّ والبحر معاً ، اعتبر بالبيض والفرخ ، فإن كان ممّا يبيض ويفرخ في البحر ، فهو صيد البحر ، وإن كان يبيض ويفرخ في البرّ ، فهو صيد البرّ ، لا نعلم فيه خلافاً ، إلّا من عطاء ؛ فإنّه حُكي عنه أنّ ما يعيش في البرّ - كالسلحفاة والسرطان - فيه الجزاء ؛ لأنّه يعيش في البرّ ، فأشبه طير الماء(٣) .

وهو ممنوع ؛ لأنّه يبيض ويفرخ في الماء ، فأشبه السمك.

وأمّا طير الماء كالبطّ ونحوه ، فإنّه صيد البرّ في قول عامّة أهل العلم(٤) ، وفيه الجزاء ؛ لأنّه يبيض ويفرخ في البرّ ، فكان من صيده ، كسائر طيوره.

____________________

(١) المائدة : ٩٦.

(٢) التهذيب ٥ : ٣٦٥ / ١٢٧٠.

(٣) المغني ٣ : ٥٤٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٣١٥.

(٤) المغني ٣ : ٥٤٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٣١٥.

٢٨٣

و [ عن ](١) عطاء : أنّه قال : حيث يكون أكثر فهو صيده(٢) .

وليس بجيّد ؛ لما تقدّم ، وإقامته في البحر ؛ لطلب الرزق والمعيشة منه ، كالصيّاد.

ولو كان لجنس من الحيوان نوعان : بحري وبرّي ، كالسلحفاة ، فلكلّ نوعٍ حكمُ نفسه ، كالبقر منه الوحشي محرّم ومنه الإِنسي محلّل.

مسألة ٢١٣ : لو صاد الـمُحْرم صيداً ، لم يملكه ، سواء كان في الحلّ أو في الحرم إجماعاً ؛ لعموم :( وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ ما دُمْتُمْ حُرُماً ) (٣) .

وسأل محمدُ بن مسلم الصادقَعليه‌السلام عن ظبي دَخَل الحرم ، قال : « لا يؤخذ ولا يمسّ ، إنّ الله تعالى يقول :( وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً ) (٤) »(٥) .

إذا ثبت هذا ، فلو تلف في يده ، كان ضمانه عليه ؛ لأنّه سبب في الإِتلاف.

وقال الصادقعليه‌السلام : « لا يحرم أحد ومعه شي‌ء من الصيد حتى يُخرجه من ملكه ، فإن أدخله الحرم وجب عليه أن يخلّيه ، فإن لم يفعل حتى يدخل الحرم ومات لزمه الفداء »(٦) .

وسأل بكيرُ بن أعين الباقرَعليه‌السلام : عن رجل أصاب ظبياً فأدخله الحرم فمات الظبي في الحرم ، فقال : « إن كان حين أدخله خلّى سبيله فلا‌

____________________

(١) في النسخ الخطية والحجرية : قال ، وما أثبتناه يقتضيه السياق.

(٢) المغني ٣ : ٥٤٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٣١٥.

(٣) المائدة : ٩٦.

(٤) آل عمران : ٩٧.

(٥) التهذيب ٥ : ٣٦٢ / ١٢٥٨.

(٦) التهذيب ٥ : ٣٦٢ / ١٢٥٧.

٢٨٤

شي‌ء عليه ، وإن كان أمسكه حتى مات فعليه الفداء »(١) .

أمّا لو كان الصيد في منزله ، لم يجب عليه إرساله ، ولا يزول ملكه عنه ؛ لأصالة بقاء الملك على مالكه.

وروى صفوان - في الصحيح - عن الصادقعليه‌السلام ، قال : قلت له : الصيد يكون عند الرجل من الوحش في أهله أو من الطير يحرم وهو في منزله ، قال : « لا بأس لا يضرّه »(٢) .

مسألة ٢١٤ : إذا اضطرّ الـمُحْرم الى أكل الصيد ، أكل منه - كما يأكل من الميتة‌ - قدر ما يمسك به الرمق ، ولا يجوز له الشبع ولا التجاوز عن ذلك إجماعاً.

ولو وجد المضطرّ إلى أكله ميتةً ، فلعلمائنا قولان :

قال بعضهم : يأكل الميتة(٣) - وبه قال الحسن البصري والثوري وأبو حنيفة ومحمد بن الحسن(٤) - لأنّ الصيد إذا ذبح صار ميتة فساواها في التحريم ، وامتاز بإيجاب الجزاء وما يتعلّق به من هتك حرمة الإِحرام ، فكان أكل الميتة أولى.

ولقول عليعليه‌السلام : « إذا اضطرّ الـمُحْرم إلى الصيد وإلى الميتة فليأكل الميتة التي أحلّ الله له »(٥) .

وقال بعضهم : يأكل الصيد ويُفديه(٦) - وبه قال الشافعي وإسحاق وابن‌

____________________

(١) التهذيب ٥ : ٣٦٢ / ١٢٥٩.

(٢) الكافي ٤ : ٣٨٢ / ٩ ، التهذيب ٥ : ٣٦٢ - ٣٦٣ / ١٢٦٠ ، وفيهما : صفوان عن جميل.

(٣) كما في السرائر : ١٣٣ ، وقوّاه ابن إدريس.

(٤) المغني ٣ : ٢٩٦ و ١١ : ٧٩ ، الشرح الكبير ١١ : ١٠٣.

(٥) التهذيب ٥ : ٣٦٨ / ١٢٨٤ ، الاستبصار ٢ : ٢٠٩ / ٧١٥.

(٦) كما في السرائر : ١٣٣ ، وهو قول السيد المرتضى ، انظر : جُمل العلم والعمل ( ضمن رسائل الشريف المرتضى ) ٣ : ٧٢.

٢٨٥

المنذر وأبو يوسف(١) - لأنّه مع الضرورة والفدية يخرج من الإِثم ، فيكون واجداً للمذبوح حلالاً ، فلا تحلّ له الميتة.

ولأنّ تحريم الصيد عارض وتحريم الميتة ذاتي ، فيكون الأول أولى بالتناول.

ولقول الصادقعليه‌السلام وقد سأله عن الـمُحْرم يضطرّ فيجد الميتة والصيد أيّهما يأكل؟ قال : « يأكل من الصيد ، أما يحبّ أن يأكل من ماله؟ » قلت : بلى ، قال : « إنما عليه الفداء فليأكل وليفده »(٢) .

وقال بعض علمائنا : إن كان الصيد حيّاً ، لم يجز له ذبحه ؛ لأنّه يصير ميتة إجماعاً ، فليأكل الميتة ، وإن كان مذبوحاً فإن كان الذابح مُحْرماً فهو كالميتة ؛ لأنّه لا فرق بينهما ، وإن كان مُحلاً فإن كان في الحرم ، فهو ميتة أيضا ، وإن كان في الحلّ فإن كان المحرم المضطر قادرا على الفداء ، أكل الصيد ولم يأكل الميتة ، وإن لم يكن قادراً ، أكل الميتة(٣) .

مسألة ٢١٥ : قد بيّنّا تحريم إمساك الصيد على الـمُحْرم ، فيضمنه لو فعل ، فلو أمسكه حتى حلّ ، لزمه إرساله ، وليس له ذبحه ، فإن ذبحه ، ضمن وحرم أكله ؛ لأنّه صيد ضمنه بحرمة الإِحرام ، فلم يبح أكله ، كما لو ذبحه حال إحرامه.

هذا إذا كان في الحرم ، أمّا لو كان الصيد في الحلّ فأمسكه وهو مُحْرم ، ضمنه ، لأنّ الصيد حرام على الـمُحْرم وإن كان في الحِلّ ، فإن أمسكه حتى حلّ ، جاز له ذبحه ، وفي الضمان إشكال من حيث تعلّقه به بسبب الإِمساك.

مسألة ٢١٦ : مَنْ ملك صيداً في الحِلّ وأدخله الحرم ، وجب عليه‌

____________________

(١) المهذب - للشيرازي - ١ : ٢٥٧ - ٢٥٨ ، المجموع ٩ : ٤٩ ، المغني ٣ : ٢٩٦ و ١١ : ٧٩ ، الشرح الكبير ١١ : ١٠٣ ، وانظر : حلية العلماء ٣ : ٣٢٠.

(٢) التهذيب ٥ : ٣٦٨ / ١٢٨٣.

(٣) كما في السرائر : ١٣٣.

٢٨٦

إرساله ، وزال ملكه عنه ، ولو تلف في يده أو أتلفه ، كان عليه ضمانه - وبه قال ابن عباس وعائشة وابن عمر وعطاء وطاوس وإسحاق وأحمد وأصحاب الرأي(١) - لأنّ الحرم سبب مُحرِّم للصيد ، ويوجب ضمانه ، فيحرم استدامة إمساكه ، كالإِحرام.

ولأنّ محمد بن مسلم روى - في الصحيح - عن الصادقعليه‌السلام ، قال : سألته عن ظبي دخل الحرم ، قال : « لا يؤخذ ولا يُمسّ ، إنّ الله تعالى يقول :( وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً ) »(٢) .

وسأل بكيرُ بن أعين الباقرَعليه‌السلام عن رجل أصاب ظبياً فأدخله الحرم فمات الظبي في الحرم ، فقال : « إن كان حين أدخله خلّى سبيله فلا شي‌ء عليه ، وإن كان أمسكه حتى مات فعليه الفداء »(٣) .

وقال الشافعي : لو أدخل الحرم صيداً مملوكاً له ، كان له أن يمسكه ، ويذبحه كيف شاء ، كالنعم ؛ لأنّه صيد الحِلّ دون الحرم(٤) .

وليس بجيّد.

ولو كان مقصوص الجناح ، أمسكه حتى ينبت ريشه ويُخلّي سبيله ، أو يودعه من ثقة حتى ينبت ريشه ؛ لأنّ حفظه واجب وإنّما يتمّ بذلك.

ولما رواه الحكم بن عتيبة(٥) ، قال : سألت الباقرعليه‌السلام : ما تقول في رجل اُهدي له حمام أهلي - وهو في الحرم - [ من غير الحرم ](٦) ؟ فقال :

____________________

(١) المغني ٣ : ٣٥٢ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٠٧ ، فتح العزيز ٧ : ٥٠٩ ، بدائع الصنائع ٢ : ٢٠٨.

(٢) التهذيب ٥ : ٣٦٢ / ١٢٥٨ ، والآية ٩٧ من سورة آل عمران.

(٣) التهذيب ٥ : ٣٦٢ / ١٢٥٩.

(٤) فتح العزيز ٧ : ٥٠٩ ، المجموع ٧ : ٤٤٢ و ٤٩١ ، المغني ٣ : ٣٥٣ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٠٧.

(٥) في النسخ الخطية والحجرية عيينة. وما أثبتناه هو الموافق للمصدر.

(٦) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطية والحجرية : غير المحرم. وما أثبتناه هو الموافق =

٢٨٧

« أمّا إن كان مستوياً خلّيت سبيله ، وإن كان غير ذلك أحسنت إليه حتى إذا استوى ريشه خلّيت سبيله »(١) .

ولأنّ تخليته تتضمّن إتلافه ؛ لأنّه لا يتمكّن من الامتناع عن صغار الحيوان.

مسألة ٢١٧ : حمام الحرم لا يحلّ صيده وإن كان في الحِلّ ؛ لأنّه يصدق عليه أنّه صيد الحرم ، فيدخل تحت قولهعليه‌السلام : ( لا يُنفَّر صيدها )(٢) .

وما رواه علي بن جعفر - في الصحيح - قال : سألت الكاظمعليه‌السلام عن حمام الحرم يصاد في الحِلّ ، فقال : « لا يصاد حمام الحرم حيث كان إذا علم أنّه من حمام الحرم »(٣) .

إذا عرفت هذا ، فإنّ صيد الحرم يضمنه المسلم والكافر والحُرّ والعبد والكبير والصغير والرجل والمرأة إجماعاً ؛ لأنّ الحرمة تعلّقت بمحلّه بالنسبة إلى الجميع ، فوجب على الجميع ضمانه كالآدمي ، وللعمومات الدالّة عليه.

مسألة ٢١٨ : لو رمى المحلّ من الحِلّ صيداً في الحرم فقتله ، أو أرسل كلبه عليه فقتله ، أو قتل صيداً على فرع شجرة في الحرم أصلها في الحِلّ ، ضمنه في جميع هذه الصُور عند علمائنا أجمع - وبه قال الثوري والشافعي وأبو ثور وابن المنذر وأصحاب الرأي وأحمد في إحدى الروايتين(٤) -

____________________

= للمصدر.

(١) التهذيب ٥ : ٣٤٨ / ١٢٠٧.

(٢) صحيح البخاري ٣ : ١٨ ، صحيح مسلم ٢ : ٩٨٨ / ١٣٥٥ ، سنن أبي داود ٢ : ٢١٢ / ٢٠١٧ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١٠٣٨ / ٣١٠٩ ، سنن النسائي ٥ : ٢١١ ، سنن البيهقي ٥ : ١٩٥ ، مسند أحمد ١ : ١١٩ و ٢٥٣.

(٣) التهذيب ٥ : ٣٤٨ / ١٢٠٩.

(٤) الحاوي الكبير ٤ : ٣٠٨ - ٣٠٩ و ٣٢٣ و ٣٢٤ ، فتح العزيز ٧ : ٥٠٩ ، المجموع ٧ : ٤٤٤ و ٤٩٧ ، حلية العلماء ٣ : ٣٢١ ، المبسوط - للسرخسي - ٤ : ٨٥ و ١٠٣ ، بدائع الصنائع =

٢٨٨

لقولهعليه‌السلام : ( لا ينفّر صيدها )(١) ولم يفرّق بين أن يكون المنفّر في الحلّ أو في الحرم.

ولأنّه أصاب الصيد في موضع أمنه.

وقال أحمد في الرواية الثانية : لا ضمان عليه في ذلك كلّه(٢) .

ولو رمى من الحرم صيداً في الحلّ ، أو أرسل كلبه عليه ، ضمنه - وبه قال الشافعي وأحمد في إحدى الروايتين(٣) - لأنّ الصيد مُحرَّم على مَنْ في الحرم.

ولما رواه مسمع عن الصادقعليه‌السلام في رجل حَلٍّ في الحرم رمى صيداً خارجاً من الحرم فقتله ، فقال : « عليه الجزاء لأنّ الآفة جاءت الصيد من ناحية الحرم »(٤) .

ولقول عليعليه‌السلام وقد سُئل عن شجرة أصلها في الحرم وأغصانها في الحِلّ على غصن منها طير رماه فصرعه ، قال : « عليه جزاؤه إذا كان أصلها في الحرم »(٥) .

وقال أحمد في الرواية الاُخرى : لا ضمان عليه(٦) .

فروع :

أ - لو رمى من الحِلّ الى صيد في الحِلّ ، أو أرسل كلباً في الحِلّ الى صيد في الحِلّ لكن قطع السهمُ في مروره بهذا الحرمَ ، أو تخطّى الكلب طرف‌

____________________

= ٢ : ٢١١ ، المغني ٣ : ٣٥٤ - ٣٥٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٧٣.

(١) تقدّمت الإِشارة إلى مصادره في الهامش (٢) من ص ٢٨٧.

(٢) المغني ٣ : ٣٥٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٧٣.

(٣) الحاوي الكبير ٤ : ٣٢٤ ، المجموع ٧ : ٤٩٧ ، فتح العزيز ٧ : ٥٠٩ ، المغني ٣ : ٣٥٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٧٤.

(٤) التهذيب ٥ : ٣٦٢ / ١٢٥٦.

(٥) الكافي ٤ : ٢٣٨ / ٢٩ ، التهذيب ٥ : ٣٨٦ / ١٣٤٧.

(٦) المغني ٣ : ٣٥٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٧٤.

٢٨٩

الحرم ، قال الشيخرحمه‌الله : لا يضمنه - وبه قال أصحاب الرأي وأحمد وأبو ثور وابن المنذر والشافعية في أحد الوجهين(١) - لأصالة البراءة(٢) .

وفي الوجه الثاني : عليه الضمان(٣) .

ب - لو رمى من الحِلّ صيداً في الحِلّ فقتل صيداً في الحرم ، ضمنه ، وبه قال الثوري وأحمد وإسحاق وأصحاب الرأي(٤) ، خلافاً لأبي ثور ؛ فإنّه قال : لا جزاء فيه(٥) .

وهو خطأ ؛ لأنّه قتل صيداً في الحرم.

ج - لو أرسل كلبه على صيد في الحِلّ فدخل الكلب الحرم فقتل صيداً آخر غيره فيه ، فلا ضمان - وبه قال الثوري والشافعي وأبو ثور وأحمد وأصحاب الرأي(٦) - لأنّ الكلب دخل باختيار نفسه لا بإرساله ، فكان كما لو استرسل.

د - لو أرسل كلبه على صيد فدخل الصيد الحرم فتبعه الكلب فقتله في الحرم ، فالأقوى الضمان - وبه قال عطاء وأبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد(٧) - لأنّه قتل صيداً حرمياً بإرسال كلبه عليه فضمنه ، كما لو قتله بسهمه.

وقال الشافعي : لا ضمان. وبه قال أبو ثور وابن المنذر وأحمد في‌

____________________

(١) المبسوط - للسرخسي - ٤ : ٩٩ ، المغني ٣ : ٣٥٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٧٤ ، الحاوي الكبير ٤ : ٣٢٤ ، فتح العزيز ٧ : ٥٠٩ - ٥١٠ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٢٥ ، المجموع ٧ : ٤٤٣‌

(٢) الخلاف ٢ : ٤١٢ ، المسألة ٢٨٨.

(٣) الحاوي الكبير ٤ : ٣٢٤ ، فتح العزيز ٧ : ٥٠٩ - ٥١٠ ، المهذب - للشيرازي - ١ : ٢٢٥ ، المجموع ٧ : ٤٤٣.

(٤) المغني ٣ : ٣٥٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٧٥ ، بدائع الصنائع ٢ : ٢٠٩ ، فتح العزيز ٧ : ٥١٠.

(٥) المغني ٣ : ٣٥٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٧٥.

(٦) الحاوي الكبير ٤ : ٣٢٤ ، فتح العزيز ٧ : ٥١٠ ، المغني ٣ : ٣٥٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٧٥.

(٧) المغني ٣ : ٣٥٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٧٥.

٢٩٠

إحدى الروايتين(١) .

وفي الاُخرى : إن كان الصيد قريباً من الحرم ، ضمنه ، وإن كان بعيداً ، لم يضمنه. وبه قال مالك(٢) .

ه - لا يجوز له أكل الصيد في هذه المواضع أجمع ، سواء ضمنه أو لا ؛ لأنّه صيد حرمي قُتل في الحرم ، فكان ميتةً.

ولو رمى الـمُحلّ صيداً في الحِلّ فجرحه فتحامل الصيد فدخل الحرم فمات فيه ، قال بعض العامّة : يحلّ أكله ولا جزاء فيه ؛ لأنّ الذكاة حصلت في الحِلّ(٣) .

و - لو رمى الى صيد في الحِلّ فمضى الصيد‌ ودخل في الحرم فأصابه السهم ، وجب عليه الضمان.

ز - لو وقف صيد بعض قوائمه في الحِلّ وبعضها في الحرم فقتله قاتل ، ضمنه ، سواء أصاب ما هو في الحِلّ أو الحرم ؛ تغليباً للحرمة ، وبه قال أبو ثور وأصحاب الرأي وأحمد(٤) .

ح - لو نفّر صيداً من الحرم فأصابه شي‌ء حال نفوره ، ضمنه ؛ لأنّه تسبّب إلى إتلافه ، فكان كما لو أتلفه بشَركة(٥) .

ولو سكن من نفوره ثم أصابه شي‌ء ، فلا ضمان ، وهو قول الثوري(٦) .

مسألة ٢١٩ : لو رمى صيداً فجرحه ومضى لوجهه ولم يعلم حياته‌ ولا‌

____________________

(١) الحاوي الكبير ٤ : ٣٢٤ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٢٥ ، المجموع ٧ : ٤٤٣ ، المغني ٣ : ٣٥٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٧٥.

(٢) المغني ٣ : ٣٥٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٧٥ ، المدوّنة الكبرى ١ : ٤٣٥.

(٣) المغني ٣ : ٣٥٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٧٦‌

(٤) المبسوط - للسرخسي - ٤ : ٩٩ ، بدائع الصنائع ٢ : ٢١١ ، المغني ٣ : ٣٦٠ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٧٦.

(٥) الشَّرَك : حبائل الصائد. لسان العرب ١٠ : ١٥٠ « شرك ».

(٦) المغني ٣ : ٣٦٠ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٧٦.

٢٩١

موته ، كان عليه الفداء عند علمائنا ؛ تغليباً للإِتلاف عملاً بالسبب ، واحتياطاً للبراءة.

ولأنّ علي بن جعفر سأل أخاه الكاظمعليه‌السلام : عن رجل رمى صيداً وهو مُحْرم ، فكسر يده أو رجله ، فمضى الصيد على وجهه فلم يدر الرجل ما صنع الصيد ، قال : « عليه الفداء كاملاً إذا لم يدر ما صنع الصيد »(١) .

قال الشيخرحمه‌الله : لو رآه بعد كسر يده أو رجله قد رعى وصلح ، وجب عليه ربع الفداء(٢) ؛ لأنّ علي بن جعفر سأل الكاظمعليه‌السلام عن رجل رمى صيداً وهو محرم فكسر يده أو رجله وتركه فرعى الصيد ، قال : « عليه ربع الفداء »(٣) .

مسألة ٢٢٠ : لو كان الصيد يؤمّ الحرم وهو في الحِلّ ، لم يجز للمُحلّ قتله ، قاله الشيخ(٤) رحمه‌الله ؛ لما رواه عقبة بن خالد عن الصادقعليه‌السلام ، قال : سألته عن رجل قضى حجّه ثم أقبل حتى إذا خرج من الحرم فاستقبله صيد قريباً من الحرم والصيد متوجّه نحو الحرم فرماه فقتله ، ما عليه في ذلك شي‌ء؟ قال : « يفديه على نحوه »(٥) .

وقال بعض علمائنا : إنّه مكروه لا محرَّم(٦) ؛ لما رواه عبد الرحمن بن الحجّاج عن الصادقعليه‌السلام ، في الرجل يرمي الصيد وهو يؤمّ الحرم فتصيبه الرمية فيتحامل بها حتى يدخل الحرم فيموت فيه ، قال : « ليس عليه شي‌ء ، إنّما هو بمنزلة رجل نصب شبكة في الحِلّ فوقع فيها صيد فاضطرب حتى دخل‌

____________________

(١) التهذيب ٥ : ٣٥٩ / ١٢٤٦.

(٢) النهاية : ٢٢٨ ، المبسوط - للطوسي - ١ : ٣٤٣ ، التهذيب ٥ : ٣٥٩ ، ذيل الحديث ١٢٤٦.

(٣) التهذيب ٥ : ٣٥٩ / ١٢٤٧ ، الإستبصار ٢ : ٢٠٥ / ٦٩٨.

(٤) النهاية : ٢٢٨ ، المبسوط - للطوسي - ١ : ٣٤٣.

(٥) الكافي ٤ : ٣٩٧ / ٨ ، التهذيب ٥ : ٣٦٠ / ١٢٥١.

(٦) كما في شرائع الإِسلام ١ : ٢٩١.

٢٩٢

الحرم فمات فيه » قلت : هذا عندهم من القياس ، قال : « لا ، إنّما شبّهتُ لك شيئاً بشي‌ء»(١) .

وأمّا الكراهة : فلما رواه ابن أبي عمير - في الصحيح - عن بعض أصحابنا عن الصادقعليه‌السلام ، قال : [ كان ](٢) يكره أن يرمي الصيد وهو يؤمّ الحرم(٣) .

مسألة ٢٢١ : يكره الصيد فيما بين البريد والحرم ، وليس محرّماً ؛ للأصل.

وقال الشيخرحمه‌الله : يحرم ويفديه(٤) ؛ لما رواه الحلبي - في الصحيح - عن الصادقعليه‌السلام ، قال : « إذا كنت مُحلاً في الحِلّ فقتلت صيداً فيما بينك وبين البريد الى الحرم ، فإنّ عليك جزاءه ، فإن فقأت عينه أو كسرت قرنه ، تصدّقت بصدقة »(٥) .

و الوجه : حمل الرواية على الاستحباب.

مسألة ٢٢٢ : لو نزع عن جسده قملة فقتلها ، أو رمى بها ، فليطعم مكانها كفّاً من طعام ؛ لأنّ حمّاد بن عيسى سأل الصادقعليه‌السلام عن الـمُحْرم يبين القملة عن جسده فيلقيها ، قال : « يُطعم مكانها طعاماً »(٦) .

وروى حسين بن أبي العلاء عن الصادقعليه‌السلام ، قال : « الـمُحْرم لا ينزع القملة من جسده ولا من ثوبه متعمّداً ، وإن قتل شيئاً من ذلك خطأً ، فليطعم مكانها طعاماً قبضةً بيده »(٧) .

____________________

(١) التهذيب ٥ : ٣٦٠ / ١٢٥٢ ، الإستبصار ٢ : ٢٠٧ / ٧٠٤.

(٢) أضفناها من المصدر.

(٣) التهذيب ٥ : ٣٥٩ / ١٢٤٩ ، الإستبصار ٢ : ٢٠٦ / ٧٠١.

(٤) النهاية : ٢٢٨ ، التهذيب ٥ : ٣٦١ ذيل الحديث ١٢٥٤.

(٥) التهذيب ٥ : ٣٦١ / ١٢٥٥ ، الاستبصار ٢ : ٢٠٧ / ٧٠٥.

(٦) التهذيب ٥ : ٣٣٦ / ١١٥٨ ، الاستبصار ٢ : ١٩٦ / ٦٥٩.

(٧) التهذيب ٥ : ٣٣٦ / ١١٦٠ ، الاستبصار ١ : ١٩٦ - ١٩٧ / ٦٦١.

٢٩٣

ويجوز أن يأخذ ما عدا القملة من جسده ، وإن أراد أن يحوّل القملة من مكان الى مكان ، فعل ، وليس عليه شي‌ء ، لقول الصادقعليه‌السلام : « الـمُحْرم يلقي عنه الدواب كلّها إلّا القملة فإنّها من جسده ، وإن أراد أن يحوّل قملة من مكان الى مكان فلا يضرّه »(١) .

ويجوز أن يرمي القُراد(٢) والحَلَم(٣) عن بدنه لأنّ عبد الله بن سنان سأل الصادقعليه‌السلام : إن وجدت عليّ قُراداً أو حَلَمةً أطرحهما؟ قال : « نعم وصغار لهما إنّهما رقيا في غير مرقاهما »(٤) .

ويجوز أن يرمي القراد عن بعيره دون الحلم ؛ لأنّ معاوية بن عمّار قال : « وإن ألقى الـمُحْرم - يعني القُراد - عن بعيره فلا بأس ، ولا يلقي الحَلَمة »(٥) .

مسألة ٢٢٣ : قد بيّنّا أنّه لا يجوز إخراج شي‌ء من الصيد من الحرم.

وقال الشيخرحمه‌الله : يكره شراء القماري وما أشبهها وإخراجها من مكة(٦) .

ومنعه ابن إدريس(٧) ، وهو المعتمد ؛ لأنّ عيص بن القاسم سأل الصادقعليه‌السلام : عن شراء القماري يخرج من مكة والمدينة ، فقال : « ما اُحبّ أن يخرج منها شي‌ء »(٨) .

واعلم أنّ الشيخ -رحمه‌الله - منع من صيد حمام الحرم حيث كان‌

____________________

(١) التهذيب ٥ : ٣٣٦ - ٣٣٧ / ١١٦١.

(٢) القُراد : ما يتعلّق بالبعير ونحوه ، وهو كالقمل للإِنسان. مجمع البحرين ٣ : ١٢٧ « قرد ».

(٣) الحَلَم جمع حَلمة ، وهي القراد الضخم. مجمع البحرين ٦ : ٥٠ « حلم ».

(٤) الكافي ٤ : ٣٦٢ / ٤ ، الفقيه ٢ : ٢٢٩ / ١٠٨٥ ، التهذيب ٥ : ٣٣٧ / ١٤٦٢.

(٥) التهذيب ٥ : ٣٣٨ / ١١٦٧.

(٦) المبسوط - للطوسي - ١ : ٣٤١.

(٧) السرائر : ١٣١.

(٨) الفقيه ٢ : ١٦٨ / ٧٣٤ ، التهذيب ٥ : ٣٤٩ / ١٢١٢ ، وفيه : « منهما » بدل « منها ».

٢٩٤

للمُحلّ والـمُحرم(١) ، وجوّزه ابن إدريس(٢) .

والحقّ ما قاله الشيخ ؛ لأنّ علي بن جعفر سأل أخاه الكاظمعليه‌السلام عن حمام الحرم يصاد في الحِلّ ، فقال : « لا يُصاد حمام الحرم حيث كان إذا علم أنّه من حمام الحرم »(٣) .

إذا ثبت هذا ، فإنّ صيد الحرم يضمن بالدلالة والإِشارة كصيد الإِحرام ، والواجب عليهما جزاء واحد ، وبه قال أحمد(٤) .

ولا فرق بين كون الدالّ في الحِلّ أو الحرم.

وقال بعض العامّة : لا جزاء على الدالّ إذا كان في الحلّ ، والجزاء على المدلول وحده ، كالحلال إذا دلّ مُحرماً على صيد(٥) .

والحقّ ما قلناه ؛ لأنّ قتل الصيد الحرمي حرام على الدالّ ، فيضمنه بالدلالة ، كما لو كان في الحرم ؛ لحقّية أنّ صيد الحرم محرّم على كل واحد ؛ لقولهعليه‌السلام : ( لا يٌنفَّر صيدها )(٦) وهو عامّ في حقّ كلّ واحد.

ولأنّ صيد الحرم معصوم بمحلّه ، فحرم قتله عليهما ، كالملتجئ الى الحرم ، وإذا ثبت تحريمه عليهما ، فيُضمن بالدلالة ممّن يحرم عليه قتله ، كما يُضمن بدلالة الـمُحْرم عليه.

مسألة ٢٢٤ : لا فرق في تحريم الصيد بين الوحشي في أصله إذا استأنس أو بقي على توحّشه ، كما أنّه لا فرق في إباحة الأهلي بين أن يتوحّش أو لا.

____________________

(١) المبسوط - للطوسي - ١ : ٣٤١.

(٢) السرائر : ١٣١.

(٣) التهذيب ٥ : ٣٤٨ / ١٢٠٩.

(٤) المغني ٣ : ٣٥٣ - ٣٥٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٧٢.

(٥) المغني ٣ : ٣٥٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٧٢.

(٦) تقدمت الإِشارة إلى مصادره في المسألة ٢١٧.

٢٩٥

ويجب الجزاء في الأول بقسميه عند علمائنا - وبه قال الشافعي(١) - لأنّ الوحشي وإن استأنس لا يخرج عنه حكم توحّشه الأصلي ، كما أنّه لو توحّش إنسي لا يحرم التعرّض له ؛ إبقاءً لحكمه الأصلي.

وقال مالك : لا جزاء في المستأنس(٢) . وليس بجيّد.

ولا فرق في وجوب الجزاء بين أن يكون الصيد مملوكاً لإِنسان أو مباحاً. - إلّا أنّه يجب في المملوك مع الجزاء ما بين قيمته حيّاً ومذبوحاً للمالك - لظاهر القرآن(٣) .

وقال المزني من الشافعية : لا جزاء في الصيد المملوك(٤) . وليس بمعتمد.

إذا ثبت هذا ، فكما يحرم التعرّض للصيد يحرم التعرّض لأجزائه بالجرح والقطع ؛ لأنّ النبيعليه‌السلام قال في الحرم : ( لا ينفّر صيدها )(٥) ومعلوم أنّ الجرح والقطع أعظم من التنفير.

وكذا يحرم بيض الصيد وفرخه ولبنه على ما سيأتي.

البحث الثاني : لبس الثياب المخيطة‌

مسألة ٢٢٥ : يحرم على الـمُحْرم الرجل لُبْس الثياب المخيطة‌ عند علماء الأمصار.

قال ابن المنذر : أجمع أهل العلم على أنّ الـمُحْرم ممنوع من لُبْس‌

____________________

(١) فتح العزيز ٧ : ٤٨٥ ، المجموع ٧ : ٢٩٧.

(٢) فتح العزيز ٧ : ٤٨٦‌

(٣) المائدة : ٩٥.

(٤) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢١٨ ، المجموع ٧ : ٢٩٧.

(٥) تقدّمت الإِشارة إلى مصادره في المسألة ٢١٧.

٢٩٦

القميص والعمامة والسراويل والخُفّ والبُرْنُس(١) (٢) .

لما روى العامّة : أنّ رجلاً سأل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ما يلبس الـمُحْرم من الثياب؟ فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( لا يلبس القميص ولا العمائم ولا السراويلات ولا البَرانس ولا الخِفاف إلّا أحداً لا يجد نعلين فليلبس الخُفّين ، وليقطعهما أسفل من الكعبين ، ولا يلبس من الثياب شيئاً مسّه الزعفران ولا الورس »(٣) .

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام : « لا تلبس وأنت تريد الإِحرام ثوباً تزرّه ولا تدرعه ، ولا تلبس سراويل إلّا أن لا يكون لك إزار ، ولا الخُفّين إلّا أن لا يكون لك نعلان »(٤) .

وقد ألحق أهل العلم بما نصّ النبيعليه‌السلام عليه ما في معناه ، فالجُبّة والدراعة وشبههما ملحق بالقميص ، والتُبّان(٥) والران(٦) وشبههما ملحق بالسراويل ، والقلنسوة وشبهها مُساوٍ للبُرْنس ، والساعدان والقُفّازان(٧) وشبههما مساوية للخُفّين(٨) .

____________________

(١) البُرْنُس : قلنسوة طويلة ، وكان النُسّاك يلبسونها في صدر الإِسلام. الصحاح ٣ : ٩٠٨ « برنس ».

(٢) المغني ٣ : ٢٧٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٨٠ ، المجموع ٧ : ٢٥٤.

(٣) المغني ٣ : ٢٧٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٨٠ ، وفي صحيح مسلم ٢ : ٨٣٤ / ١١٧٧ ، وسنن ابن ماجة ٢ : ٩٧٧ / ٢٩٢٩ ، وسنن النسائي ٥ : ١٣١ - ١٣٢ ، والموطّأ ١ : ٣٢٤ - ٣٢٥ / ٨ بتفاوت.

(٤) التهذيب ٥ : ٦٩ - ٧٠ / ٢٢٧.

(٥) التُبّان : سروال صغير مقدار شبر يستر العورة المغلّظة يكون للملّاحين. الصحاح ٥ : ٢٠٨٦ « تبن ».

(٦) الران كالخُفّ إلّا أنه لا قدم له ، وهو أطول من الخُفّ. القاموس المحيط ٤ : ٢٣٠ « رين ».

(٧) القُفّاز : شي‌ء يُعمل لليدين يُحشى بقطن ، ويكون له أزرار تزرّ على الساعدين من البرد ، تلبسه المرأة في يديها ، وهما قُفّازان. الصحاح ٣ : ٨٩٢ « قفز ».

(٨) المعني ٣ : ٢٧٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٨٠.

٢٩٧

إذا عرفت هذا ، فيحرم لُبْس الثياب المخيطة وغيرها إذا شابهها ، كالدرع المنسوج والمعقود ، كجبة اللّبد والملصق بعضه ببعض ، حملاً على المخيط ؛ لمشابهته إيّاه في المعنى من الترفّه والتنعّم.

مسألة ٢٢٦ : لو لم يجد الإِزار ، لبس السراويل ، وإذا لم يجد النعلين ، لبس الخُفّين بإجماع العلماء ؛ لما رواه العامّة عن ابن عباس ، قال : سمعت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يخطب بعرفات ، يقول : ( مَنْ لم يجد نعلين فليلبس الخُفّين ، ومن لم يجد إزاراً فليلبس سراويل للمُحْرم )(١) .

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام : « لا تلبس سراويل إلاّ أن لا يكون لك إزار »(٢) .

وعن الباقرعليه‌السلام في الـمُحْرم يلبس الخُفّ إذا لم يكن له نعل ، قال : « نعم ، ولكن يشقّ ظهر القدم »(٣) .

إذا عرفت هذا ، فإذا لبس السراويل أو الخُفّ للضرورة ، لم يكن عليه فدية عند علمائنا - وبه قال عطاء وعكرمة والثوري والشافعي وإسحاق(٤) - لأصالة البراءة ، ولتسويغ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله اللُّبس لهما ؛ لأنّه أمر بلُبْسه ولم يذكر فدية.

وقال أبو حنيفة ومالك : على مَنْ لبس السراويل فدية ؛ لورود النهي عن لبسه(٥) ، ولأنّ ما وجبت الفدية بلُبْسه مع وجود الإِزار وجبت مع عدمه‌

____________________

(١) صحيح البخاري ٣ : ٢٠ ، المغني ٣ : ٢٧٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٨١.

(٢) التهذيب ٥ : ٦٩ - ٧٠ / ٢٢٧.

(٣) الفقيه ٢ : ٢١٨ / ٩٩٧.

(٤) المغني ٣ : ٢٧٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٨١ ، الحاوي الكبير ٤ : ٩٨ ، الوجيز ١ : ١٢٤ ، فتح العزيز ٧ : ٤٥٣ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢١٥ ، المجموع ٧ : ٢٦٦ ، بداية المجتهد ١ : ٣٢٧.

(٥) تقدّمت الإِشارة إلى مصادره في ص ٢٩٦ ، الهامش (٣)

٢٩٨

كالقميص(١) .

والنهي مخصوص بحديث ابن عباس ، والقميص يمكنه أن يتّزر به من غير لُبْس ويستتر به ، بخلاف السراويل.

مسألة ٢٢٧ : يحرم عليه لبس الخفّين وما يستر ظهر القدم اختيارا ، ويجوز في حال الضرورة ، لما تقدّم من الأحاديث.

وهل يجب عليه شقّهما؟ قال الشيخرحمه‌الله : نعم(٢) . وبه قال عروة ابن الزبير ومالك والثوري والشافعي وإسحاق وابن المنذر وأصحاب الرأي(٣) ؛ لما رواه العامّة : أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ( فإن لم يجد نعلين فليلبس خُفّين وليقطعهما حتى يكونا الى الكعبين )(٤) .

ومن طريق الخاصّة : قول الباقرعليه‌السلام في الـمُحْرم يلبس الخُفّ ، قال : « نعم ولكن يشقّ ظهر القدم »(٥) .

وقال بعض علمائنا : لا يجب شقّهما(٦) . ورواه العامّة عن عليعليه‌السلام (٧) ، وبه قال عطاء وعكرمة وسعيد بن سالم(٨) - وعن أحمد روايتان‌

____________________

(١) المغني ٣ : ٢٧٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٨١ ، بداية المجتهد ١ : ٣٢٧ ، المنتقى - للباجي - ٢ : ١٩٧ ، الحاوي الكبير ٤ : ٩٨ ، المجموع ٧ : ٢٦٦ ، فتح العزيز ٧ : ٤٥٣.

(٢) المبسوط - للطوسي - ١ : ٣٢٠ ، الخلاف ٢ : ٢٩٥ ، المسألة ٧٥.

(٣) المغني ٣ : ٢٧٧ - ٢٧٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٨٢ ، الاُم ٢ : ١٤٧ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢١٥ ، المجموع ٧ : ٢٦٥ ، فتح العزيز ٧ : ٤٥٣ ، بداية المجتهد ١ : ٣٢٧ ، المنتقى - للباجي - ٢ : ١٩٦.

(٤) المغني ٣ : ٢٧٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٨٢ ، صحيح البخاري ٣ : ٢٠ - ٢١ ، سنن أبي داود ٢ : ١٦٥ / ١٨٢٣ ، سنن النسائي ٥ : ١٣٥ ، سنن الدار قطني ٢ : ٢٣٠ / ٦٣ ، سنن البيهقي ٥ : ٤٩.

(٥) الفقيه ٢ : ٢١٨ / ٩٩٧.

(٦) ابن إدريس في السرائر : ١٢٧ ، والمحقّق في شرائع الإِسلام ١ : ٢٥٠.

(٧) المغني ٣ : ٢٧٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٨١ - ٢٨٢‌

(٨) المغني ٣ : ٢٧٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٨١ - ٢٨٢ ، المجموع ٧ : ٢٦٥.

٢٩٩

كالقولين(١) - لما رواه العامّة عن عليعليه‌السلام : « قطع الخفّين فساد يلبسهما كما هُما »(٢) .

ولأنّه ملبوس اُبيح لعدم غيره ، فلا يجب قطعه كالسراويل.

ولأنّ قطعه لا يُخرجه عن حالة الحظر ، فإنّ المقطوع يحرم لُبْسه مع وجود النعل كلُبْس الصحيح.

ولاشتماله على إتلاف ماليّته.

فروع :

أ - لا يجوز له لُبْس المقطوع من الخُفّين مع وجود النعلين ؛ لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله شرط في لُبْسهما عدم النعل ، فلو لبسه وجبت الفدية - وبه قال مالك وأحمد(٣) - لأنّه مخيط بعضو على قدره ، فوجب على الـمُحْرم الفدية بلُبْسه كالقُفّازين.

وقال أبو حنيفة : لا فدية عليه - وللشافعي قولان كالمذهبين(٤) - لأنّه لو كان لُبْسهما محرّماً تجب به الفدية لما أمر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بقطعهما ؛ لعدم [ الفائدة فيه ](٥) (٦) .

والجواب : القطع واللُّبس بعده إنّما يجوز مع عدم النعلين ، فالفائدة سقوط الدم والعقاب مع القطع وعدم النعل.

____________________

(١) المغني ٣ : ٢٧٧ - ٢٧٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٨١ - ٢٨٢.

(٢) المغني ٣ : ٢٧٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٨٢.

(٣) المدوّنة الكبرى ١ : ٤٦٣ ، بداية المجتهد ١ : ٣٢٧ ، المغني ٣ : ٢٧٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٨٣.

(٤) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢١٥ ، فتح العزيز ٧ : ٤٥٣ - ٤٥٤ ، بداية المجتهد ١ : ٣٢٧ ، المغني ٣ : ٢٧٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٨٣‌

(٥) في النسخ الخطية والحجرية : لعدم الفدية ، وما أثبتناه يقتضيه السياق.

(٦) المغني ٣ : ٢٧٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٨٣ ، بداية المجتهد ١ : ٣٢٧.

٣٠٠

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481