تذكرة الفقهاء الجزء ٧

تذكرة الفقهاء12%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-319-007-2
الصفحات: 481

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧
  • البداية
  • السابق
  • 481 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 169755 / تحميل: 5806
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء ٧

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٣١٩-٠٠٧-٢
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

عذافر ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال ليس التعزية إلا عند القبر ثم ينصرفون لا يحدث في الميت حدث فيسمعون الصوت

أي الصبر ، يقال ( عزيته ) أي صبرته والمراد بها طلب التسلي عن المصاب والتصبر عن الحزن والانكسار بإسناد الأمر إلى الله ، ونسبته إلى عدله وحكمته وذكر ما وعد الله على الصبر مع الدعاء للميت والمصاب لتسليته عن مصيبته ، وهي مستحبة إجماعا ولا كراهة فيها بعد الدفن عندنا انتهى.

وقال : في النهاية التعزية مستحبة قبل الدفن وبعده بلا خلاف بين العلماء في ذلك إلا الثوري فإنه قال : لا يستحب التعزية بعد الدفن.

وقال في التذكرة : قال : الشيخ التعزية بعد الدفن أفضل وهو جيد.

وقال : المحقق في المعتبر : التعزية مستحبة وأقلها أن يراه صاحب التعزية وباستحبابها قال : أهل العلم مطلقا ، خلافا للثوري فإنه كرهها بعد الدفن ثم قال فأما رواية إسحاق بن عمار فليس بمناف لما ذكرنا لاحتمال أنه يريد عند القبر. بعد الدفن أو قبله. وقال : الشيخ بعد الدفن أفضل وهو حق انتهى.

وقال في المنتهى : قال الشيخ في المبسوط يكره الجلوس للتعزية يومين أو ثلاثة وخالف فيه ابن إدريس وهو الحق انتهى ، ولنرجع إلى بيان ما يستفاد من الخبر بعد ما نبهناك على ما ذهب إليه الأصحاب.

فاعلم : أن الظاهر منقوله عليه‌السلام : « ليس التعزية إلا عند القبر » عند انحصار التعزية فيما يقع عند القبر بعد الدفن كما هو الظاهر أو مطلقا كما نقلنا عن المحقق ، ولعله على ما ذكره الشيخ في المبسوط ، لكن فيه أنه لا يدل إلا على عدم استحباب التعزية بعد ذلك لا كراهتها ، مع أن مقتضى الجمع بين الأخبار انحصار السنة المؤكدة في ذلك.

وقوله عليه‌السلام : « ثم ينصرفون » يدل على كراهة المقام عند القبر بعد الدفن

١٢١

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال التعزية لأهل المصيبة بعد ما يدفن.

٣ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن الحجال ، عن إسحاق بن عمار قال ليس التعزية إلا عند القبر ثم ينصرفون لا يحدث في الميت حدث فيسمعون الصوت.

٤ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن أبيه ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال التعزية الواجبة بعد الدفن.

٥ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن القاسم بن محمد ، عن

إلا بقدر التعزية.

وقوله عليه‌السلام : « فيسمعون الصوت » يدل على إمكان سماع ما يحدث في القبر ولا استبعاد في ذلك وإن كان نادرا لمخالفته للحكمة غالبا.

الحديث الثاني : حسن.

قوله عليه‌السلام : « بعد ما يدفن » حمل على أن المراد أن تأخيرها عنه أفضل من تقديمها عليه كما قال به الشيخ والفاضلان ، فإن تعريف المبتدأ باللام يدل على الحصر ، فالمراد حصر التعزية الكاملة والسنة الأكيدة منها فيه.

الحديث الثالث : موثق. وهو الخبر الأول مع اختلاف في السند إلى إسحاق.

الحديث الرابع : مرسل.

قوله عليه‌السلام : « التعزية الواجبة » حمل على تأكد الاستحباب وهو مؤيد لما ذكرنا من الجمع والحمل.

الحديث الخامس : ضعيف. إن كان القاسم الجوهري أو كان مسئولا وإلا فمجهول.

١٢٢

الحسين بن عثمان قال لما مات إسماعيل بن أبي عبد اللهعليه‌السلام خرج أبو عبد اللهعليه‌السلام فتقدم السرير بلا حذاء ولا رداء.

قوله عليه‌السلام : « بلا حذاء ولا رداء » يدل على استحباب كون صاحب التعزية كذلك مطلقا أو في خصوص جنازة الابن وأيد الأولى بأنه وضع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله رداءه في جنازة سعد ، ويدل على خصوص وضع الرداء ما سيأتي من الأخبار ، وقد ورد النهي عنه في رواية السكوني عن الصادق عن آبائهعليهم‌السلام قال : قال رسول الله :صلى‌الله‌عليه‌وآله ثلاثة ما أدري أيهم أعظم جرما؟ الذي يمشي مع الجنازة بغير رداء ، والذي يقول قفوا ، والذي يقول : استغفروا له غفر الله لكم؟

قال في الذكرى : بعد إيراد هذه الرواية ومنه يعلم كراهية مشي غير صاحب الجنازة بغير رداء ، ويظهر من ابن حمزة تحريمه ، أما صاحب الجنازة فخلعه ليتميز عن غيره ، لخبر ابن أبي عمير وخبر أبي بصير ذكره الجعفي وابن حمزة والفاضلان وذكر ابن الجنيد أيضا التميز بطرح بعض زيه بإرسال طرف العمامة أو أخذ مئزر من فوقها على الأب والأخ ، ولا يجوز على غيرهما وابن حمزة منع هنا مع تجويزه الامتياز ، فكأنه خص التميز في غير الأب والأخ بهذا النوع من الامتياز ، وأنكر ابن إدريس الامتياز بهذين لعدم الدليل عليهما وزعم أنه من خصوصيات الشيخ ، ورده الفاضلان بأحاديث الامتياز ، ولعله إنما أنكر هذا النوع من الامتياز ، والظاهر أن الأخبار لا تتناوله ، ثم لم نقف على دليل الشيخ عليه ولا على اختصاص الأب والأخ.

وقال : أبو الصلاح يتحفى ويحل أزراره في جنازة أبيه وجده لأبيه خاصة ويرده ما تقدم انتهى.

وقال : العلامة في المختلف قال أبو الصلاح : يستحب للرجل أن يتحفى ويحل أزراره في جنازة أبيه وجده لأبيه دون من عداهم ، فإن قصد بالاستثناء التحريم منعناه عملا بالأصل ، وإن قصد انتفاء الاستحباب منعناه أيضا لأن المقتضي

١٢٣

٦ ـ علي بن إبراهيم ، عن ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال ينبغي لصاحب المصيبة أن يضع رداءه حتى يعلم الناس أنه صاحب المصيبة.

٧ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن رفاعة النخاس ، عن رجل ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال عزى أبو عبد اللهعليه‌السلام رجلا بابن له فقال :

للاستحباب هناك ليس إلا تميزه عن غيره وهو متحقق هنا ، ويؤيده رواية الحسين ابن عثمان انتهى.

أقول : إذا سمعت ما تلونا عليك فاعلم : أن الظاهر من الأخبار استحباب وضع الرداء لصاحب الجنازة أي الجماعة الذين يعدون من أصحاب تلك المصيبة لعموم الأخبار وكراهة ذلك أو حرمته لغيرهم ، وإثبات الحرمة مشكل ، وكذا إثبات مرجوحية سائر أنواع الامتياز ، والقول باستحبابها أيضا لا يخلو من إشكال. وإن كان التعليل الوارد في بعض الأخبار يشهد بذلك كما لا يخفى ، وأما التحفي فظاهر هذا الخبر ، استحبابه إما في مطلق المصيبة أو في مصيبة الابن ، والأولى الاقتصار على الابن وإن كان العموم لا يخلو من قوة والله يعلم.

الحديث السادس : حسن.

قوله عليه‌السلام : « ينبغي » ظاهره استحباب وضع الرداء لصاحب المصيبة ، والظاهر الرجوع في ذلك إلى العرف كما ذكرناه ولا يبعد أن يكون المراد بالرداء الثوب المتعارف الذي يلبسه الناس فوق الثياب ليكون وضعه علة للامتياز ، ومن هذا التعليل فهموا غير ذلك من أنواع الامتياز خصوصا في الأزمنة التي لا يصلح وضع الرداء للامتياز والله يعلم.

الحديث السابع : مرسل.

قوله عليه‌السلام : « رجلا بابن له » أي بسبب فقد ابنه.

١٢٤

الله خير لابنك منك وثواب الله خير لك من ابنك فلما بلغه جزعه بعد عاد إليه فقال له قد مات رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فما لك به أسوة فقال إنه كان مرهقا فقال إن أمامه ثلاث خصال شهادة أن لا إله إلا الله ورحمة الله وشفاعة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله

قوله عليه‌السلام : « الله خير لابنك منك » لما كان الغالب أن الحزن على الأولاد يكون لتوهم أمرين باطلين. أحدهما : أنه على تقدير وجود الولد يصل نفع الوالد إليه ، أو أن هذه النشأة خير له من النشأة الأخرى ، والحياة خير له من الممات فأزالعليه‌السلام وهمه : بأن الله تعالى ورحمته خير لابنك منك ومما تتصور من نفع توصله إليه على تقدير الحياة ، والموت مع رحمة الله خير من الحياة.

وثانيهما : توقع النفع منه مع حياته أو الاستئناس به فأزالعليه‌السلام ذلك الوهم أيضا بأن ما عوضك الله من الثواب على فقده خير لك من كل نفع تتوهمه أو تقدره في حياته.

قوله عليه‌السلام : « فعاد إليه » يفهم منه استحباب تكرار التعزية مع بقاء الجزع.

قوله عليه‌السلام . « فما لك به أسوة ».

قال : في القاموس : « الأسوة » ويضم القدوة وما يأتسي به الحزين ، والجمع إسى ويضم وأساه تأسيه فتأسى عزاه فتعزى.

وقال في النهاية : الأسوة بكسر الهمزة وضمها القدوة. أقول : يحتمل هذا الكلام : وجهين.

الأول : أن يكون المراد بالأسوة القدوة : والمعنى أنك تتأسى به ويلزمك التأسي به في الموت فلأي شيء تجزع مع أنك بعد الموت تجتمع مع ابنك ، والغرض أنه لو كان لأحد بقاء في الدنيا كان ذلك لأشرف الخلائق ، فإذا لم يبق هو في الدنيا فكيف تطمع أنت في البقاء ، ويحتمل أن يكون الغرض أنه ينبغي لك مع علمك بالموت أن تصلح أحوال نفسك ولا تحزن على فقد غيرك كما ورد في

١٢٥

فلن تفوته واحدة منهن إن شاء الله.

٨ ـ الحسين بن محمد ، عن أحمد بن إسحاق ، عن سعدان بن مسلم ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال ينبغي لصاحب المصيبة أن لا يلبس رداء وأن يكون في قميص

خبر آخر أنهم قالوا : لصاحب مصيبة غفلت عن المصيبة الكبرى وجزعت للمصيبة الصغرى.

الثاني : أن يكون المراد بالأسوة ما يتأسى به الحزين أي ينبغي أن يحصل لك به وبسبب مصيبته وتذكرها تأسي وتعز عن كل مصيبة لأنه من أعظم المصائب ، وتذكر المصائب العظيمة يهون صغارها لما سيأتي عن أبي جعفرعليه‌السلام أنه قال : إن أصبت بمصيبة في نفسك أو في مالك أو في ولدك فاذكر مصابك برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فإن الخلائق لم يصابوا بمثله قط ، وقيل المراد أنك من أهل التأسي برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ومن أمته فينبغي أن يكون مصيبتك بفقده أعظم وما ذكرنا أظهر.

قوله عليه‌السلام : « إنه كان مرهقا » بالتشديد على صيغة المفعول.

قال في النهاية : الرهق السفه وغشيان المحارم وفيه فلان مرهق : أي متهم بسوء وسفه ، ويروي مرهق أي ذو رهق.

وقال في القاموس : « الرهق » محركة السفه والنوك والخفة وركوب الشر والظلم وغشيان المحارم « والمرهق » كمكرم من أدرك وكمعظم الموصوف بالرهق ومن يظن به السوء.

أقول : المراد « إن حزني » ليس بسبب فقده بل بسبب أنه كان يغشى المحارم وأخاف أن يكون معاقبا معذبا فعزاهعليه‌السلام بذكر وسائل النجاة وأسباب الرجاء.

الحديث الثامن : مجهول. بسعدان ، ويمكن أن يعد حسنا لأنهم ذكروا في سعدان أن له أصلا ويكون كتابه من الأصول مدح له.

قوله عليه‌السلام : « وأن يكون في قميص حتى يعرف فيه » إيماء إلى أن المراد

١٢٦

حتى يعرف.

٩ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان جميعا ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن الحكم قال رأيت موسىعليه‌السلام يعزي قبل الدفن وبعده.

١٠ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن ابن مهران قال كتب أبو جعفر الثانيعليه‌السلام إلى رجل ذكرت مصيبتك بعلي ابنك وذكرت أنه كان أحب ولدك إليك وكذلك الله عز وجل إنما يأخذ من الوالد وغيره أزكى ما عند أهله

بالرداء الثوب الأعلى الذي يلبسه أصناف الناس غالبا ليصير نزعه سببا للامتياز ، والكلام في الاستدلال بالتعليل على سائر أفراد الامتياز ما مر.

الحديث التاسع : حسن. كالصحيح بل لا يقصر عن الصحيح.

قوله عليه‌السلام : « قبل الدفن وبعده » أي يجمعهما في كل جنازة أو كان يفعل تارة هكذا وتارة هكذا ، ويدل على جواز التعزية قبل الدفن واستحبابه على التقديرين وعلى حصول التعزية بها قبل الدفن خاصة على الثاني فيدل على ما ذكرنا من التأويل في الأخبار السابقة.

الحديث العاشر : ضعيف. والظاهر أن مهزيار مكان ابن مهران كما سيجيء في آخر الكتاب هذا المضمون وفيه علي بن مهزيار ، لكن سيأتي رواية سهل عن علي بن مهران في باب غسل الأطفال.

قوله عليه‌السلام : « ذكرت » يدل على أنه شكا فيما كتب إليهعليه‌السلام فقد ابنه.

قوله عليه‌السلام : « أزكى » أي أطهر وأحسن ما عند أهله أي أهل هذا المأخوذ.

قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله :« وأحسن عزاك مقصورا أو ممدودا » أي صبرك. في القاموس العزي الصبر أو حسنه كالتعزوة ، عزي كرضى عزاء فهو عز وعزاه تعزية.

قوله عليه‌السلام : « وربط على قلبك » أي ألقى الله على قلبك صبرا. قال في

١٢٧

ليعظم به أجر المصاب بالمصيبة فأعظم الله أجرك وأحسن عزاك وربط على قلبك إنه قدير وعجل الله عليك بالخلف وأرجو أن يكون الله قد فعل إن شاء الله تعالى.

(باب)

(ثواب من عزى حزينا ً)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، عن آبائهعليهم‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من عزى حزينا كسي في الموقف حلة يحبر بها.

القاموس : ربط جأشه رباطة اشتد قلبه والله على قلبه. ألهمه الصبر وقواه انتهى.

أقول. منه قوله تعالى «وَرَبَطْنا عَلى قُلُوبِهِمْ »(١) .

قوله عليه‌السلام : « وأرجو أن يكون الله قد فعل » بشارة له بأنهعليه‌السلام قد دعا له بالخلف واستجيب دعاؤه.

باب ثواب من عزى حزيناً

الحديث الأول : ضعيف على المشهور.

قوله عليه‌السلام : « حلة يحبر بها » قال في القاموس : الحلة بالضم إزار ورداء بردا وغيره ولا يكون حلة الا من ثوبين أو ثوب له بطانة.

وقال : فيه الحبر بالكسر الأثر أو أثر النعمة والحسن وبالفتح السرور كالحبور والحبرة والحبر محركة وأحبره سره والنعمة كالحبرة وقال : تحبير الخط والشعر وغيرهما تحسينه.

وقال في النهاية : الحبر بالكسر وقد يفتح الجمال والهيئة الحسنة يقال حبرت الشيء تحبيرا إذا حسنته.

أقول : قد ظهر أنه يمكن أن يقرأ على المجهول مشددا أي يحسن ويزين

__________________

(١) سورة الكهف : ١٤.

١٢٨

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن أبيه ، عن وهب ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من عزى مصابا كان له مثل أجره من غير أن ينتقص من أجر المصاب شيئا.

(باب)

(المرأة تموت وفي بطنها صبي يتحرك )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في المرأة تموت ويتحرك الولد في بطنها أيشق بطنها ويخرج الولد؟

بها ، ومخففا أي يسر بها ، وروي في الذكرى : يحبى بها من الحبوة والعطاء ثم قال وروي تحبر بها أي يسر بها.

الحديث الثاني : ضعيف. وروى العامة مثله عن عبد الله بن مسعود عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

باب المرأة تموت وفي بطنها ولد يتحرك

الحديث الأول : حسن.

قوله عليه‌السلام « نعم ويخاط بطنها » المشهور بين الأصحاب أنه يجب الشق حينئذ وإخراج الولد توصلا إلى بقاء الحي ، قالوا : ولا عبرة بكونه مما يعيش عادة كما ذكره المحقق وغيره تمسكا بإطلاق الروايات.

وقال بعض المتأخرين : لو علم موته حال القطع انتهى وجوبه ، وإطلاق الروايات تقتضي عدم الفرق في الجانب بين الأيمن والأيسر ، بل لا يعلم خصوص شق الجانب أيضا ، وقيده الشيخان في المقنعة والنهاية وابن بابويه بالجانب الأيسر ، وأما خياطة المحل بعد القطع فقد نص عليه المفيد في المقنعة والشيخ في المبسوط وأتباعهما كما ورد في هذه الرواية وإن خلا عنه غيرها ، وردها المحقق في المعتبر بالقطع وبأنه لا ضرورة إلى ذلك فإن المصير إلى البلاء : ولا يخفى أن القطع لا

١٢٩

قال فقال نعم ويخاط بطنها :

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن وهب بن وهب ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال أمير المؤمنينعليه‌السلام إذا ماتت المرأة وفي بطنها ولد يتحرك فيتخوف عليه فشق بطنها وأخرج الولد.

وقال في المرأة يموت ولدها في بطنها فيتخوف عليها قال لا بأس أن يدخل

يضر لأن مراسيل ابن أبي عمير في حكم المسانيد وضعف التعليل ظاهر.

الحديث الثاني : ضعيف. والظاهر أنه سقط عن أبيه بعد ابن خالد كما يشهد به ما مر آنفا في الباب السابق.

قوله عليه‌السلام : « ولد يتحرك » ظاهره أن مناط الوجوب الحركة ، ويمكن أن يكون المناط العلم بالحياة ، وعبر بها عنها لأنها لا يعلم غالبا إلا بها لكن العلم بغير ذلك نادر.

قوله عليه‌السلام : « لا بأس » لا خلاف بين الأصحاب في وجوب التقطيع والإخراج مع الخوف على الأم ونقل فيه الشيخ في الخلاف الإجماع واستدل بهذه الرواية.

قال في المعتبر :( وهب هذا ) عامي لا يعمل بما يتفرد به ، والوجه أنه إن مكن التوصل إلى إسقاطه صحيحا بشيء من العلاجات. وإلا توصل إلى إخراجه بالأرفق ويتولى ذلك النساء فإن تعذر النساء فالرجال المحارم فإن تعذر جاز أن يتولاه غيرهم دفعا عن نفس الحي.

أقول : ضعفه منجبر بعمل الأصحاب على ما هو دأبهم وما ذكره من التفصيل لا يأبى عنه الخبر واعلم أن ظاهرقوله عليه‌السلام لا بأس : الجواز ويمكن أن يكون هذا النوع من التعبير لرفع توهم الحذر عن مباشرة الرجل ذلك على كل حال كما في قوله تعالى «فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما »(١) وقوله تعالى «فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا »(٢) ويحتمل أن يكون المراد عدم البأس مع عدم رفق النساء وإن

__________________

(١) سورة البقرة ، ١٥٨.

(٢) سورة النساء : ١٠١.

١٣٠

الرجل يده فيقطعه ويخرجه إذا لم ترفق به النساء.

(باب)

(غسل الأطفال والصبيان والصلاة عليهم )

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن موسى ، عن زرارة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال السقط إذا تم له أربعة أشهر غسل.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد بن عثمان ، عن الحلبي وزرارة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنه سئل عن الصلاة على الصبي متى يصلى

أمكنهن الإخراج بغير رفق فلا ينافي الوجوب مع عدمهن أو عدم قدرتهن أصلا والله يعلم.

باب غسل الأطفال والصبيان والصلاة عليهم

الحديث الأول : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « السقط » إلخ ظاهر الأصحاب الاتفاق على وجوب تغسيل السقط إذا تمت له أربعة أشهر كما يدل عليه هذا الخبر.

قال في المعتبر لا يغسل السقط إلا إذا استكمل شهورا أربعة وهو مذهب علمائنا ، ثم استدل عليه بهذا الخبر وخبر سماعة الاتي وقال : لا مطعن على الروايتين بانقطاع سند الأولى وضعف سماعة عن سند الثانية لأنه لا معارض لهما مع قبول الأصحاب لهما ، وأما الصلاة عليه فلا وهو اتفاق علمائنا ، ثم قال : ولو كان السقط أقل من أربعة أشهر لم يغسل ولم يكفن ولم يصل عليه بل يلف في خرقة ويدفن ، ذكر ذلك الشيخان وهو مذهب العلماء.

الحديث الثاني : حسن.

قوله عليه‌السلام : « إذا عقل الصلاة » اعلم أن الأصحاب اختلفوا في حكم الصلاة على الطفل فذهب الأكثر ومنهم الشيخ والمرتضى وابن إدريس إلى أنه يشترط في

١٣١

عليه قال إذا عقل الصلاة قلت متى تجب الصلاة عليه فقال إذا كان ابن ست سنين والصيام إذا أطاقه.

٣ ـ علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عمر بن أذينة ، عن زرارة قال رأيت ابنا لأبي عبد اللهعليه‌السلام في حياة أبي جعفرعليه‌السلام يقال له : عبد الله فطيم قد درج

وجوب الصلاة عليه بلوغ الحد الذي يمرن فيه على الصلاة وهو ست سنين.

وقال : المفيد في المقنعة لا يصل على الصبي حتى يعقل الصلاة وقال ابن الجنيد : يجب على المستهل. وقال ابن أبي عقيل : لا تجب الصلاة على الصبي حتى تبلغ.

أقول : في هذا الخبر إجمال واقتصر المفيد (ره) على القول به بذكر لفظه ولم يبين المراد ويحتمل أن يكون الراوي علم أن عقل الصلاة حد التمرين ومراده بالوجوب هنا مطلق الثبوت ، أو وجوب التمرين على الولي فالمعنى أنه متى يعقل الصلاة بحيث يؤمر بها تمرينا.

فقال : إذا كان ابن ست سنين ، ويؤيده ما رواه محمد بن مسلم في الصحيح عن أحدهماعليهما‌السلام في الصبي متى يصلي فقال : إذا عقل الصلاة قلت : متى يعقل الصلاة ويجب عليه قال : لست سنين ولو لم يكن مراد السائل ذلك يظهر من أخبار أخر أن هذا هو حد عقل الصلاة كما هو الغالب في الأطفال أيضا وسيأتي حكم تمرين الصلاة والصيام في أبوابها إن شاء الله.

الحديث الثالث : حسن.

قوله عليه‌السلام : « قد درج » أي كان ابتداء مشيه قال : في القاموس درج دروجا ودرجانا مشى.

قوله عليه‌السلام : « ذاك شر لك » أي كونك مولى لي شرف لك وفخر فإنكار ذلك شر لك والملعون كأنه غضب من ذلك.

قوله عليه‌السلام : « في جنازة الغلام » وفي التهذيب في جنان الغلام وما هنا هو

١٣٢

فقلت له يا غلام من ذا الذي إلى جنبك لمولى لهم فقال هذا مولاي فقال له المولى يمازحه لست لك بمولى فقال ذلك شر لك فطعن في جنازة الغلام

الظاهر ، وهو كناية عن الموت.

قال في النهاية : في حديث عليعليه‌السلام والله لود معاوية أنه ما بقي من بني هاشم إلا طعن في نيطه ، يقال : طعن في نيطه أي في جنازته ومن ابتدأ في شيء أو دخله فقد طعن فيه ويروي طعن على ما لم يسم فاعله ، « والنيط نياط القلب » وهو علاقته ، وقال : في خبر ، تقول العرب إذا أخبرت عن موت إنسان رمى في جنازته لأن الجنازة تصير مرميا فيها ، والمراد بالرمي الحمل والوضع انتهى ، ويحتمل أن يكون الطعن بمعناه المعروف والجنازة كناية عن الشخص وبعض المعاصرين قرأ احتار بالحاء المهملة والتاء المثناة من فوق والراء المهملة.

قال في القاموس : الحتار من كل شيء كفافه وما استدار به وحلقة الدبر أو ما بينه وبين القبل ، أو الخط بين الخصيتين ، وريق الجفن وشيء في أقصى فم البعير انتهى.

قال : بعض أفاضل المعاصرين أظن الجميع تحريفا من النساخ وأنه طعن في حياته الغلام أي في حياة أبي جعفرعليه‌السلام أي أصابه الطاعون في حياته وعلى تقدير جنان وحتارا أيضا يكون المعنى إصابة الطاعون في ذلك المكان ، وأما كون طعن مبنيا للفاعل وعود ضميره إلى المولى أو مبنيا للمفعول ونائب فاعله المولى ففي غاية البعد لفظا ومعنى وتركيبا فإن استعمال الطعن المتعارف بمثل الرمح ونحوه في معنى الوكز ونحوه غير معروف ، ولو سلم فالمعهود المتعارف أن يقال طعنه في جنانه وحمله على الطعن بالرمح ونحوه لا يليق والمقام والذوق لا يقبلان كون المولى ضربه ضربة في ذلك المكان فمات منها أو طعنة بالرمح كذلك انتهى ولا يخفى غرابته.

١٣٣

فمات فأخرج في سفط إلى البقيع فخرج أبو جعفرعليه‌السلام وعليه جبة خز صفراء وعمامة خز صفراء ومطرف خز أصفر فانطلق يمشي إلى البقيع وهو معتمد علي والناس يعزونه على ابن ابنه فلما انتهى إلى البقيع تقدم أبو جعفرعليه‌السلام فصلى عليه وكبر عليه أربعا ثم أمر به فدفن ثم أخذ بيدي فتنحى بي ثم قال إنه لم يكن يصلى على الأطفال إنما كان أمير المؤمنين صلوات الله عليه يأمر بهم فيدفنون

قوله عليه‌السلام : « في سقط » وهو معرب معروف.

قوله عليه‌السلام : « ومطرف خز » قال في القاموس : المطرف كمكرم رداء من خز مربع ذو أعلام.

وقال الجوهري : المطرف والمطرف واحد المطارف وهي أردية من خز مربعة لها أعلام. أقول : يدل الخبر على استحباب التزين ولبس الثياب الصفر.

قوله عليه‌السلام : « فكبر عليه أربعا » محمول على التقية كما مر.

قوله عليه‌السلام : « إنه لم يكن يصلي » على البناء للمجهول أي في زمن النبي وأمير المؤمنين ( صلى الله عليهما ).

قوله عليه‌السلام : « فيدفنون من وراء » في التهذيب والاستبصار من وراء وراء مكررا.

قال في النهاية في حديث الشفاعة : يقول : إبراهيم إني كنت خليلا من وراء وراء هكذا يقال مبينا على الفتح أي من خلف حجاب ، ومنه حديث معقل أنه حدث ابن زياد بحديث فقال : شيء سمعته من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أو من وراء وراء ، أي ممن جاء خلفه وبعده ، ويقال : لولد الولد وراء انتهى.

أقول : الظاهر أنه على التقديرين ، كناية إما عن عدم الإحضار في محضر الجماعة للصلاة ، أو عدم إحضار الناس في إعلامهم للصلاة ، ويحتمل بعيدا أن يكون من وراء وراء بيانا للضمير في يدفنون أي كان يأمر في أولاد أولاده بذلك ، أو

١٣٤

من وراء ولا يصلي عليهم وإنما صليت عليه من أجل أهل المدينة كراهية أن يقولوا لا يصلون على أطفالهم.

٤ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن خالد والحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن يحيى بن عمران ، عن ابن مسكان ، عن زرارة قال مات ابن لأبي جعفرعليه‌السلام فأخبر بموته فأمر به فغسل وكفن ومشى معه وصلى عليه وطرحت خمرة فقام عليها ثم قام على قبره حتى فرغ منه ثم انصرف وانصرفت

يكون المراد أنه كان يفعل ذلك بعد الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبعد الأزمنة المتصلة بعصرهصلى‌الله‌عليه‌وآله فيكون الغرض بيان استمرار هذا الحكم من زمان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى الأعصار بعده ليظهر كون فعلهم على خلافه بدعة ، غاية الظهور كل ذلك خطر بالبال والأول عندي أظهر والله يعلم.

قوله عليه‌السلام : « كراهية أن يقولوا ».

أقول : المشهور بين الأصحاب استحباب الصلاة على من لم يبلغ ست سنين إذا ولد حيا والظاهر من هذا الخبر وكثير من الأخبار وسيأتي بعضها وعدم استحبابها قبل الست ، ويظهر منها إن ما ورد من الأمر بالصلاة قبل ذلك محمول على التقية.

فإن قيل : ظاهر هذا الخبر عدم شرعية الصلاة على غير البالغ مطلقا ولم يقل به أحد.

قلت مقتضى الجمع بين الأخبار الحمل على ما قبل الست بأن يكون اللام للعهد ، أي مثل هذه الأطفال مع أنه يمكن أن يقال إطلاق الطفل على غير البالغ مطلقا غير معلوم في اللغة والعرف القديم كما لا يخفى على من راجع كلام اللغويين واستعمالات القدماء. وبالجملة الأحوط بالنظر إلى الأخبار ترك الصلاة عليهم قبل ذلك والله يعلم.

الحديث الرابع : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « خمرة » قال في القاموس : الخمرة حصيرة صغيرة من

١٣٥

معه حتى إني لأمشي معه فقال أما إنه لم يكن يصلى على مثل هذا وكان ابن ثلاث سنين كان عليعليه‌السلام يأمر به فيدفن ولا يصلى عليه ولكن الناس صنعوا شيئا فنحن نصنع مثله قال قلت فمتى تجب الصلاة عليه فقال إذا عقل الصلاة وكان ابن ست سنين قال قلت فما تقول في الولدان فقال سئل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عنهم فقال الله أعلم بما كانوا عاملين.

٥ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن إسماعيل ، عن عثمان بن عيسى ، عن زرعة ، عن سماعة ، عن أبي الحسن الأولعليه‌السلام قال سألته عن السقط إذا

السعف.

أقول : لعلهم طرحوا ليجلس عليها فلم يجلس ، وظاهر هذا الخبر استحباب القيام حتى يدفن ، ولعله محمول على التقية كما أن الصلاة أيضا كانت لها.

قوله عليه‌السلام : « متى تجب عليه الصلاة » يحتمل صلاة الجنازة وصلاة التمرينقوله عليه‌السلام : « الله علم بما كانوا عاملين » أقول سيأتي شرح هذا الكلام وتفصيل القول فيه في باب الأطفال إن شاء الله تعالى.

الحديث الخامس : موثق. إن اعتبرنا توثيق نصر بن الصباح لعلي بن إسماعيل كما حكم الشهيد الثاني بصحة خبره ، وحسن موثق إن لم نعتبره.

قوله عليه‌السلام : « إذا استوى خلقه » استدل بهذا الخبر على ما عليه الفتوى كما ذكرنا ، ولا يخفى أن الحكم فيه وقع معلقا على استواء الخلقة لا على بلوغ الأربعة إلا أن يدعى التلازم بين الأمرين وإثباته مشكل.

ثم اعلم أن ظاهر بعض الأصحاب أنه يلف في خرقة ويدفن بعد الغسل.

وأوجب الشهيد (ره) ومن تأخر عنه تكفينه بالقطع الثلاث ، وتحنيطه أيضا ، والظاهر من الخبر وجوب التكفين على ما هو المعهود لأنه المتبادر من الكفن عند الإطلاق والأحوط التحنيط أيضا لعموم الأخبار.

١٣٦

استوى خلقه يجب عليه الغسل واللحد والكفن فقال كل ذلك يجب عليه.

٦ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن علي بن مهران ، عن محمد بن الفضيل قال كتبت إلى أبي جعفرعليه‌السلام أسأله عن السقط كيف يصنع به فكتب

قوله عليه‌السلام : « واللحد » قال الجوهري : اللحد بالتسكين الشق في جانب القبر ، واللحد بالضم لغة : فيه تقول ألحدت القبر لحدا وألحدت أيضا فهو ملحد ، أقول : يمكن أن يكون هنا اسما مصدرا وظاهره وجوب اللحد للميت ، والمشهور بينهم استحبابه بل لا خلاف بينهم في ذلك.

قال في التذكرة : ويستحب أن يجعل له لحد ومعناه أنه إذا بلغ الحافر أرض القبر حفر في حائطه مما يلي القبلة مكانا يوضع فيه الميت ، وهو أفضل من الشق ومعناه أن يحفر في قعر القبر شقا شبه النهر يضع الميت فيه ويسقف عليه بشيء ذهب إليه علماؤنا وبه قال : الشافعي وأكثر أهل العلم.

وقال أبو حنيفة : الشق أفضل لكل حال ، ثم قال : يستحب أن يكون اللحد واسعا بقدر ما يتمكن فيه الجالس من الجلوس انتهى.

أقول : يمكن حمل الخبر على الاستحباب المؤكد مع أن الوجوب في عرف الأخبار أعم من المعنى المصطلح والأولى عدم الترك.

الحديث السادس : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « يدفن بدمه » الظاهر أن المراد أنه لا يغسل بل يدفن ملطخا بالدم ، وقيل المراد أنه يدفن معه ما فضل من الدم عن المرأة عند الولادة ولا يخفى بعده.

وحمل القوم هذا الخبر على ما إذا لم يتم له أربعة أشهر كما مر وقالوا يلف في خرقة ويدفن ، واستدلوا على حكم هذا النوع من السقط بهذا الخبر مع أنه خال عن ذكر اللف وبعضهم عبروا عن هذا النوع بمن لم يلجه الروح.

وقال : الشهيد الثاني (ره) المراد به من نقص سنه عن أربعة أشهر وقد صرح

١٣٧

عليه‌السلام إلي أن السقط يدفن بدمه في موضعه.

٧ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عمرو بن سعيد ، عن علي بن عبد الله قال سمعت أبا الحسن موسىعليه‌السلام يقول إنه لما قبض إبراهيم بن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله جرت فيه ثلاث سنن أما واحدة فإنه لما مات انكسفت الشمس فقال الناس انكسفت الشمس لفقد ابن رسول الله فصعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال يا أيها الناس إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله يجريان بأمره مطيعان له لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته فإن انكسفتا أو واحدة منهما فصلوا ثم

في المعتبر أن مدار وجوب الغسل وعدمه على بلوغ أربعة أشهر وعدمه كما نقلنا عنه سابقا وهو الأظهر كما عرفت من الأخبار.

قوله عليه‌السلام : « في موضعه » لعل المراد أنه لا يلزم نقله إلى المقابر لأن ذلك حكم من ولجته الروح ومات ، بل يدفن في الدار التي وقع فيها السقط لا خصوص موضع السقط والله يعلم.

الحديث السابع : مجهول.

قوله عليه‌السلام : « آيتان من آيات الله » أي علامتان من علاماته تدلان على وجوب القادر الحكيم وقدرته وعلمه.

قوله عليه‌السلام : « مطيعان » وفي بعض النسخ مطيعان له وهو المراد.

قوله عليه‌السلام : « لا ينكسفان لموت أحد » أي بمحض الموت ، بل إذا كان ذلك بسبب فعل الأمة واستحقوا العذاب والتخويف يمكن أن ينكسفا لذلك ، فلا ينافي ما روي في الأخبار من انكسافهما لشهادة الحسين ( صلوات الله عليه ) ولعنة الله على قاتله فإنها كانت بفعل الأمة الملعونة ، واستحقوا بذلك التخويف والعذاب بخلاف فوت إبراهيمعليه‌السلام فإنه لم يكن بفعل الأمة.

قوله عليه‌السلام : « يا علي قم فجهز ابني » لعل تقديم صلاة الكسوف هنا لتضييق

١٣٨

نزل عن المنبر فصلى بالناس صلاة الكسوف فلما سلم قال يا علي قم فجهز ابني فقام عليعليه‌السلام فغسل إبراهيم وحنطه وكفنه ثم خرج به ومضى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حتى انتهى به إلى قبره فقال الناس إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله نسي أن يصلي على إبراهيم لما دخله من الجزع عليه فانتصب قائما ثم قال يا أيها الناس أتاني جبرئيلعليه‌السلام بما قلتم زعمتم أني نسيت أن أصلي على ابني لما دخلني من الجزع ألا وإنه ليس كما ظننتم ولكن اللطيف الخبير فرض عليكم خمس صلوات وجعل لموتاكم من كل صلاة تكبيرة وأمرني أن لا أصلي إلا على من صلى ثم قال يا علي انزل فألحد ابني فنزل فألحد إبراهيم في لحده فقال الناس إنه لا ينبغي لأحد أن ينزل في قبر

وقته ، وتوسعة وقت التجهيز على ما هو المشهور بين الأصحاب في مثله.

قال في القاموس : جهاز الميت والعروس والمسافر : « بالكسر والفتح » وما يحتاجون إليه وقد جهزه تجهيزا.

قوله عليه‌السلام : « زعمتم » أي قلتم ويطلق غالبا على القول الباطل أو الذي يشك فيه.

قال في القاموس : الزعم مثلثة ، القول الحق والباطل والكذب وأكثر ما يقال فيما يشك فيه انتهى.

قوله عليه‌السلام : « من كل صلاة » يدل على وجوب التكبيرات الخمس مع التعليل كما مر.

قوله عليه‌السلام : « إلا على من صلى » أي لزم تمرينه بالصلاة كما سيأتي تفسيره ويدل على عدم مشروعية الصلاة على من يبلغ الست بتوسط الأخبار الأخرى.

قوله عليه‌السلام : « فألحد ابني » بفتح الحاء أو بكسره من باب الأفعال في القاموس لحد القبر كمنع ، والحدة عمل له لحدا : والميت دفنه.

أقول : يدل على شرعية اللحد وعمومه للأطفال أيضا ، ويدل على عدم كراهة

١٣٩

ولده إذ لم يفعل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال لهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يا أيها الناس إنه ليس عليكم بحرام أن تنزلوا في قبور أولادكم ولكني لست آمن إذا حل أحدكم الكفن عن ولده أن يلعب به الشيطان فيدخله عند ذلك من الجزع ما يحبط أجره ثم انصرفصلى‌الله‌عليه‌وآله .

٨ ـ علي ، عن علي بن شيرة ، عن محمد بن سليمان ، عن حسين الحرشوش ، عن هشام بن سالم قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام إن الناس يكلمونا ويردون علينا قولنا إنه لا يصلى على الطفل لأنه لم يصل فيقولون لا يصلى إلا على من صلى فنقول نعم فيقولون أرأيتم لو أن رجلا نصرانيا أو يهوديا أسلم ثم مات من ساعته فما الجواب فيه فقال قولوا لهم أرأيت لو أن هذا الذي أسلم الساعة ثم افترى على إنسان ما كان يجب عليه في فريته فإنهم سيقولون يجب عليه الحد فإذا قالوا هذا قيل لهم فلو أن هذا الصبي الذي لم يصل افترى على إنسان هل

نزول مطلق ذي الرحم كما ذكره الأكثر ، وقد مر الكلام فيه ولم أر من الأصحاب من تعرض لهذا الخبر ، ويدل على كراهة نزول الوالد في قبر الولد وعدم حرمته ويدل على مطلوبية حل عقد الكفن وعلى أن الجزع الشديد يحبط الأجر وعلى الإحباط في الجملة.

الحديث الثامن : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « على من وجبت عليه الصلاة » أي لزم تمرينه ويلزم عليه بسبب التمرين ، وحاصل الجواب أن مناط وجوب الصلاة كون الميت بحيث تلزمه الصلاة ولا مدخل للفعل في ذلك ، وهذا الخبر يدل على أن ما ورد من الصلاة على الطفل الذي لم يبلغ الست محمول على التقية. وأن الصلاة عليه غير مطلوب فإنه الظاهر من قوله لا يصلي.

ويمكن أن يأول بأن المراد : عدم وجوب الصلاة عليه قبل ذلك ، بأن يكون المخالف الذي عورض في ذلك قائلا بالوجوب ، ويؤيده قوله وإنما يجب أن

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

ب - يجوز لُبْس النعل مطلقاً ، ولا يجب قطع شي‌ء منها ، ولا فدية حينئذٍ ؛ لورود الأمر بلُبْسهما مطلقاً ، والأصل عدم التخصيص.

وقال أحمد : يجب قطع القيد في النعل والعقب ، وتجب به الفدية لو لم يقطعهما(١) . وبه قال عطاء(٢) .

ج - لو وجد نعلاً لا يتمكّن من لُبْسه ، لبس الخُفّ ، ولا فدية ؛ لأنّه بتعذّر استعماله أشبه المعدوم ، وهو إحدى الروايتين عن أحمد ، وفي الثانية : تجب الفدية ؛ لأنّ النبيعليه‌السلام قال : ( مَنْ لم يجد نعلين فليلبس الخُفّين )(٣) وهذا واجد(٤) .

وليس بجيّد ؛ لأنّ المراد الوجدان مع التمكّن من الاستعمال.

د - الجَوْربان(٥) كالخُفّين في المنع من لُبْسهما مع التمكّن من النعلين ، وجوازه مع عدمه ؛ لأنّه بمعناه.

وروى الحلبي - في الصحيح - عن الصادقعليه‌السلام ، قال : « وأيّ مُحْرم هلكت نعلاه فلم يكن له نعلان فله أن يلبس الخُفّين إن اضطرّ الى ذلك ، والجوربين يلبسهما إذا اضطرّ الى لبسهما »(٦) .

ه - ليس للمُحْرم أن يعقد عليه الرداء ولا غيره إلّا الإِزار والهميان ، وليس له أن يجعل لذلك زرّاً ولا عروة ؛ لأنّ يونس بن يعقوب سأل الصادقعليه‌السلام : عن الـمُحْرم يشدّ الهميان وسطه ، فقال : « نعم ، وما خيره بعد نفقته »(٧) .

____________________

(١و٢) المغني ٣ : ٢٨٠ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٨٤.

(٣) تقدّمت الإِشارة إلى مصادره في ص ٢٩٧ ، الهامش (١)

(٤) المغني ٣ : ٢٨٠ - ٢٨١ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٨٤ - ٢٨٥.

(٥) الجَوْرَبُ معرّب ، والجمع : الجواربة ، والهاء للعجمة. الصحاح ١ : ٩٩ « جرب ».

(٦) التهذيب ٥ : ٣٨٤ / ١٣٤١.

(٧) الفقيه ٢ : ٢٢١ / ١٠٢٧.

٣٠١

و يجوز له أن يعقد إزاره عليه ؛ لأنّه يحتاج اليه لستر العورة ، فيباح ، كاللباس للمرأة ، ويعقد الهميان.

و - تجب الفدية باللّبس طال الزمان أو قصر‌ - وبه قال الشافعي(١) - لأنّه باشر محظور الإِحرام ، فلزمه الفداء ، كما لو حلق.

وقال أبو حنيفة : إنّما تلزم الفدية التامّة إذا استدام الُّلبْس يوماً كاملاً ، فإن كان أقلّ ، فعليه صدقة(٢) .

ز - تجب الفدية بلُبْس القباء وإن لم يدخل يديه في كُمّيه ، وبه قال الشافعي ومالك وأحمد(٣) .

وقال أبو حنيفة : لا تجب لو أخرج يديه من كُمّيه(٤) .

ولو ألقى على نفسه قباءً أو فرجياً وهو مضطجع ، قال بعض الشافعية : إن أخذ من بدنه ما إذا قام عُدّ لابسه ، فعليه الفدية ، وإن كان بحيث لو قام أو قعد لم يستمسك عليه إلّا بمزيد أمر فلا(٥) .

مسألة ٢٢٨ : يجوز للمرأة لُبْس المخيط إجماعاً ، لأنّها عورة ، وليست كالرجال.

وكذا يجوز لها أن تلبس الغلالة(٦) إذا كانت حائضا إجماعاً ، لتقي ثيابها‌

____________________

(١) فتح العزيز ٧ : ٤٤٠ - ٤٤١ ، المجموع ٧ : ٢٥٩.

(٢) المبسوط - للسرخسي - ٤ : ١٢٥ - ١٢٦ ، بدائع الصنائع ٢ : ١٨٧ ، الهداية - للمرغيناني - ١ : ١٦١ ، فتح العزيز ٧ : ٤٤١.

(٣) فتح العزيز ٧ : ٤٤١ ، المجموع ٧ : ٢٥٤ و ٢٦٦ ، المنتقى - للباجي - ٢ : ١٩٦ ، المغني ٣ : ٢٨٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٨٧.

(٤) المبسوط - للسرخسي - ٤ : ١٢٥ ، بدائع الصنائع ٢ : ١٨٤ ، فتح العزيز ٧ : ٤٤١ ، المجموع ٧ : ٢٦٦ ، المنتقى - للباجي - ٢ : ١٩٦ ، المغني ٣ : ٢٨٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٨٧.

(٥) فتح العزيز ٧ : ٤٤١ - ٤٤٢ ، المجموع ٧ : ٢٥٤.

(٦) الغِلالة : ثوب رقيق يُلبس على الجسد تحت الثياب ، تتّقي به الحائض عن التلويث. مجمع =

٣٠٢

من الدم ؛ لقول الصادقعليه‌السلام : « تلبس المرأة الـمُحْرمة الحائض تحت ثيابها غِلالة »(١) .

ولا يجوز للمرأة لُبْس القُفّازين ، ولا لُبْس شي‌ء من الحُلّي ما لم تجر عادتها بلُبْسه قبل الإِحرام.

ولا يجوز لها لبس البُرْقَع ؛ لأنّ الباقرعليه‌السلام كره للمُحْرمة البُرْقع والقُفّازين(٢) .

والمراد بالقفّازين شي‌ء تتّخذه المرأة لليدين يحشى بقطن ، ويكون له أزرار تزرّ على الساعدين من البرد تلبسه المرأة.

وبه قال عليعليه‌السلام ، وعائشة وابن عمر وعطاء وطاوس ومجاهد والنخعي ومالك وأحمد وإسحاق(٣) .

وللشافعي قولان : أحدهما : الجواز(٤) ، وبه قال أبو حنيفة والثوري وسعد بن أبي وقّاص ؛ فإنّه أمر بناته أن يلبسن القُفّازين(٥) .

لما رواه العامّة عن عليعليه‌السلام ، قال : « لا تتنقب المرأةُ الحرامُ ولا تلبس القُفّازين »(٦) .

____________________

= البحرين ٥ : ٤٣٧ « غلل ».

(١) الفقيه ٢ : ٢١٩ / ١٠١١ ، التهذيب ٥ : ٧٦ / ٢٥١.

(٢) الفقيه ٢ : ٢١٩ / ١٠١٢.

(٣) المغني ٣ : ٣١٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٣١ ، فتح العزيز ٧ : ٤٥٤ ، المجموع ٧ : ٢٦٩ ، المحلّى ٧ : ٨٢ ، بداية المجتهد ١ : ٣٢٨.

(٤) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢١٥ ، الوجيز ١ : ١٢٤ ، فتح العزيز ٧ : ٤٥٤ ، المجموع ٧ : ٢٦٣ ، المغني ٣ : ٣١٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٣١.

(٥) المبسوط - للسرخسي - ٤ : ١٢٨ ، المغني ٣ : ٣١٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٣١ ، فتح العزيز ٧ : ٤٥٤ ، المجموع ٧ : ٢٦٩.

(٦) صحيح البخاري ٣ : ١٩ ، سنن الترمذي ٣ : ١٩٤ - ١٩٥ / ٨٣٣ ، سنن أبي داود ٢ : ١٦٥ / ١٨٢٥ ، سنن النسائي ٥ : ١٣٦ ، سنن البيهقي ٥ : ٤٦ ، وفيها : ابن عمر عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله .

٣٠٣

ومن طريق الخاصّة : ما تقدم(١) .

ويجوز للمرأة أن تلبس الخلخال والـمَسَك بفتح الميم ؛ وهو سِوار من ذَبْلٍ(٢) أو عاجٍ.

فرع : الخنثى المشكل لا يجب عليه اجتناب المخيط ؛ لأصالة البراءة.

مسألة ٢٢٩ : يحرم لُبْس السلاح لغير ضرورة ؛ لما فيه من منافاته للخضوع والتذلّل.

وقيل : يكره(٣) ؛ للأصل.

البحث الثالث : الطيب‌

مسألة ٢٣٠ : يحرم على الـمُحْرم الرجل والمرأة الطيب أكلاً وشمّاً وإطلاءً بإجماع علماء الأمصار ؛ لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال في الـمُحْرم الذي وقصت(٤) به ناقته : ( لا تمسّوه بطيب )(٥) ومنع الحيّ لأجل الإِحرام المتحقّق عيناً أولى من الميّت الـمُحْرم وَهْماً.

وما رواه الخاصّة - في الصحيح - عن الصادقعليه‌السلام ، قال : « لا يمسّ الـمُحْرم شيئاً من الطيب ولا من الريحان ولا يتلذّذ به ، فمن ابتلى بشي‌ء من ذلك فليتصدّق بقدر ما صنع بقدر شبعه » يعني من الطعام(٦) .

____________________

(١) من حديث الإِمام الباقرعليه‌السلام .

(٢) الذَّبْل : شي‌ء كالعاج ، وهو ظهر السُّلحفاة البحرية ، يتّخذ منه السوار. الصحاح ٤ : ١٧٠١ « ذبل ».

(٣) كما في شرائع الإِسلام ١ : ٢٥١.

(٤) الوَقْص : كسر العنق. النهاية - لابن الأثير - ٥ : ٢١٤ « وقص ».

(٥) صحيح البخاري ٣ : ٢٢ ، صحيح مسلم ٢ : ٨٦٦ / ٩٩ ، سنن النسائي ٥ : ١٩٥ ، مسند أحمد ١ : ٢١٥.

(٦) التهذيب ٥ : ٢٩٧ / ١٠٠٧ ، الاستبصار ٢ : ١٧٨ / ٥٩١.

٣٠٤

إذا عرفت هذا ، فالـمُحْرم إذا مات وهو محرم ، لا يجوز تغسيله بالكافور ، ولا يحنّط به ولا بغيره من أنواع الطيب.

مسألة ٢٣١ : الطيب ما تطيب رائحته ، ويتّخذ للشمّ ، كالمسك والعنبر والكافور والزعفران وماء الورد ، والأدهان الطيّبة ، كدهن البنفسج والورس ، والمعتبر أن يكون معظم الغرض منه التطيّب ، أو يظهر فيه هذا الغرض.

وقد اختلف علماؤنا في تعميم التحريم وعدمه ، فالمشهور : التعميم ، لما تقدّم.

وللشيخرحمه‌الله قول آخر : إنّ المحرّم إنّما هو المسك والعنبر والعود والكافور والزعفران والوَرْس(١) ، بفتح الواو وسكون الراء ، وهو نبت أحمر قاني يوجد على قشور شجرة يُنحت منها ويُجمع ، وهو يشبه الزعفران المسحوق ، يُجلب من اليمن ، طيّب الريح.

لما روي عن الصادقعليه‌السلام أنّه قال : « إنّما يحرم عليك من الطيب أربعة أشياء : المسك والعنبر والوَرْس والزعفران غير أنّه يكره للمُحْرم الأدهان الطيّبة الريح »(٢) .

وتُحمل على شدّة التحريم.

إذا عرفت هذا ، فالنبات الطيب أقسامه ثلاثة :

الأول : ما لا ينبت للطيب ولا يُتّخذ منه ، كنبات الصحراء من الشِّيْح والقَيْصُوم والخُزامي والإِذخر والدار صيني والمصطكي والزنجبيل والسعد وحَبَق الماء - بالحاء المفتوحة غير المعجمة ، والباء المنقطعة تحتها نقطة المفتوحة ، والقاف - وهو الحَنْدَقُوقى ، وقيل : الفُوذَنْج(٣) ، والفواكه ، كالتفّاح والسفرجل‌

____________________

(١) النهاية : ٢١٩.

(٢) التهذيب ٥ : ٢٩٩ / ١٠١٣ ، الاستبصار ٢ : ١٧٩ / ٥٩٦.

(٣) الصحاح ٤ : ١٤٥٥ « حبق ».

٣٠٥

والنارنج والاُتْرُج ، وهذا كلّه ليس بمحرَّم ، ولا تتعلّق به كفّارة إجماعاً.

وكذا ما ينبته الآدميون لغير قصد الطيب ، كالحنّاء والعصفر ، لما روي : أنّ أزواج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كنّ يحرمن في المعصفرات(١) .

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام : « لا بأس أن تشمّ الإذخر والقيصوم والخزامي والشّيح وأشباهه وأنت محرم »(٢) .

وسأل عمّار الساباطي الصادقعليه‌السلام : عن المحرم أيأكل الأترج؟

قال : « نعم » قلت : فإنّ له رائحة طيبة ، فقال : « إنّ الأترج طعام ليس هو من الطيب»(٣) .

وسأل عبد الله بن سنان الصادقعليه‌السلام : عن الحنّاء ، فقال : « إنّ المحرم ليمسّه ويداوي به بعيره ، وما هو بطيب ، وما به بأس »(٤) .

الثاني : ما ينبته الآدميون للطيب ولا يُتّخذ منه طيب ، كالريحان الفارسي والمرزجوش والنرجس والبَرَم ، قال الشيخرحمه‌الله : فهذا لا تتعلّق به كفّارة ، ويكره استعماله(٥) . وبه قال ابن عباس وعثمان بن عفان والحسن ومجاهد وإسحاق ومالك وأبو حنيفة ؛ لأنّه لا يُتّخذ للطيب ، فأشبه العُصْفر(٦) .

وقال الشافعي في الجديد : تجب به الفدية ، ويكون محرّماً. وبه قال جابر وابن عمر وأبو ثور - وفي القديم : لا تتعلّق به الفدية ؛ لأنّها لا تبقى لها‌

____________________

(١) أورده ابنا قدامة في المغني ٣ : ٢٩٧ ، والشرح الكبير ٣ : ٢٩١ ، وفي الطبقات الكبرى - لابن سعد - ٨ : ٧٢ : يحججن ، بدل يحرمن.

(٢) الكافي ٤ : ٣٥٥ / ١٤ ، الفقيه ٢ : ٢٢٥ / ١٠٥٧ ، التهذيب ٥ : ٣٠٥ / ١٠٤١.

(٣) التهذيب ٥ : ٣٠٦ / ١٠٤٣ ، الإستبصار ٢ : ١٨٣ / ٦٠٧.

(٤) الكافي ٤ : ٣٥٦ / ١٨ ، الفقيه ٢ : ٢٢٤ / ١٠٥٢ ، التهذيب ٥ : ٣٠٠ / ١٠١٩ ، الاستبصار ٢ : ١٨١ / ٦٠٠.

(٥) المبسوط - للطوسي - ١ : ٣٥٢.

(٦) المغني ٣ : ٢٩٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٩١ ، بدائع الصنائع ٢ : ١٩١ ، المبسوط - للسرخسي - ٤ : ١٢٣.

٣٠٦

رائحة إذا جفّت(١) ، وعن أحمد روايتان(٢) - لأنّه يُتّخذ للطيب ، فأشبه الورد(٣) .

الثالث : ما يُقصد شمّه ويُتّخذ منه الطيب ، كالياسمين والورد والنيلوفر.

والظاهر أنّ هذا يحرم شمّه ، وتجب منه الفدية - وبه قال الشافعي(٤) - لأنّ الفدية تجب فيما يُتّخذ منه ، فكذا في أصله.

وقال مالك وأبو حنيفة : لا تجب(٥) .

مسألة ٢٣٢ : ما يُطلب للتطيّب واتّخاذ الطيب منه حرام ، كالزعفران وإن كان يُقصد للصبغ والتداوي ، وكذا الوَرْس.

وما يُطلب للأكل أو التداوي غالباً لا يحرم ، كالقَرَنْفُل والسنبل والدار صيني وسائر الأبازير الطيّبة.

وفي البنفسج للشافعي قولان :

أحدهما : أنّه ليس بطيب ؛ لأنّ الغرض منه التداوي.

والثاني : أنّه طيب(٦) .

وقيل في الجمع : إنّه أراد بالأول الجافّ ، فإنّه حينئذٍ لا يصلح إلّا للتداوي(٧) .

وقيل : أراد بنفسج الشام والعراق ؛ فإنّه لا يتطيّب به(٨) .

____________________

(١) فتح العزيز ٧ : ٤٥٧ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢١٦ ، المجموع ٧ : ٢٧٨.

(٢) المغني ٣ : ٢٩٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٩١.

(٣) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢١٦ ، فتح العزيز ٧ : ٤٥٧ ، المجموع ٧ : ٢٧٨ ، المغني ٣ : ٢٩٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٩١.

(٤) الحاوي الكبير ٤ : ١٠٨ ، فتح العزيز ٧ : ٤٥٦ ، المجموع ٧ : ٢٧٧.

(٥) انظر : المدوّنة الكبرى ١ : ٤٥٦ ، وحلية العلماء ٣ : ٢٩٠.

(٦) الاُم ٢ : ١٥٢ ، الحاوي الكبير ٤ : ١٠٩ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢١٦ ، المجموع ٧ : ٢٧٨ ، فتح العزيز ٧ : ٤٥٧ ، حلية العلماء ٣ : ٢٩٠.

(٧ و ٨) فتح العزيز ٧ : ٤٥٧.

٣٠٧

وقيل : أراد المربي بالسكر(١) .

وفي النيلوفر له قولان(٢) .

والريحان طيب عند بعض الشافعية(٣) .

والحِنّاء ليس بطيب ، ولا يجب على المـُحْرم باستعماله فدية ، ولا يحرم استعماله بل يكره للزينة - وبه قال الشافعي(٤) - لما رواه العامّة : أنّ أزواج النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله كُنّ يختضبن بالحِنّاء(٥) .

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام : « إنّه ليس بطيب ، وإنّ المـُحْرم ليمسّه ويداوي به بعيره »(٦) .

وقال أبو حنيفة : يحرم وتجب به الفدية(٧) ؛ لقول النبيعليه‌السلام لاُمّ سلمة : ( لا تطيبي وأنت مُحْرمة ، ولا تمسّي الحِنّاء فإنّه طيب )(٨) .

ولأنّ له رائحة مستلذّة ، فأشبه الوَرْس.

والرواية ضعيفة رواها ابن لهيعة وهو ضعيف ، وروى غيره : ( لا تمسّي‌

____________________

(١) الحاوي الكبير ٤ : ١٠٩ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢١٦ ، المجموع ٧ : ٢٧٨ ، فتح العزيز ٧ : ٤٥٧.

(٢) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢١٦ ، المجموع ٧ : ٢٧٨ ، فتح العزيز ٧ : ٤٥٧ ، حلية العلماء ٣ : ٢٩٠.

(٣) الْأُم ٢ : ١٥٢ ، المجموع ٧ : ٢٧٨ ، فتح العزيز ٧ : ٤٥٧.

(٤) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢١٦ ، المجموع ٧ : ٢٨٢ ، فتح العزيز ٧ : ٤٥٧ ، حلية العلماء ٣ : ٢٩١ ، المغني ٣ : ٣١٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٣٤.

(٥) أورده ابن سعد في الطبقات ٨ : ٧٢ ، وأبو إسحاق الشيرازي في المهذّب ١ : ٢١٦ ، وابنا قدامة في المغني ٣ : ٣١٧ ، والشرح الكبير ٣ : ٣٣٤.

(٦) الكافي ٤ : ٣٥٦ / ١٨ ، الفقيه ٢ : ٢٢٤ / ١٠٥٢ ، التهذيب ٥ : ٣٠٠ / ١٠١٩ ، الاستبصار ٢ : ١٨١ / ٦٠٠ بتفاوت.

(٧) المبسوط - للسرخسي - ٤ : ١٢٥ ، الهداية - للمرغيناني - ١ : ١٦٠ ، بدائع الصنائع ٢ : ١٩١ ، حلية العلماء ٣ : ٢٩١ ، المجموع ٧ : ٢٨٢.

(٨) المعجم الكبير - للطبراني - ٢٣ : ٤١٨ / ١٠١٢.

٣٠٨

الحِنّاء فإنّه خضاب )(١) .

وينتقض القياس بالفواكه.

والعُصْفر ليس بطيب ، ويجوز للمُحْرم لُبْس المعصفر ، ولا فدية فيه - وبه قال الشافعي وأحمد(٢) - لأنّ النبيعليه‌السلام سوّغ لبس المـُعَصْفر(٣) .

ومن طريق الخاصّة : ما رواه علي بن جعفر - في الصحيح - عن أخيه الكاظمعليه‌السلام ، قال : سألته يلبس المـُحْرم الثوب المشبع بالعُصْفر؟ فقال : « إذا لم يكن فيه طيب فلا بأس به »(٤) .

وقال أبو حنيفة : العُصْفر طيب تجب به الفدية ، قياساً على الوَرْس(٥) .

ونمنع الإِلحاق.

ولا بأس بخَلُوق الكعبة وشمّ رائحته ، سواء كان عالماً أو جاهلاً ، عامداً أو ناسياً ؛ لأصالة البراءة.

ولما رواه حمّاد بن عثمان - في الصحيح - عن الصادقعليه‌السلام ، أنّه سأله عن خَلُوق الكعبة وخَلُوق القبر يكون في ثوب الإِحرام ، فقال : « لا بأس به هُما طهوران »(٦) .

وقال الشافعي : إن جهل أنّه طيب فبان طيباً رطباً ، فإن غسله في الحال ، وإلّا وجبت الفدية، وإن علمه طيباً فوضع يده عليه يعتقده يابساً فبان رطباً ،

____________________

(١) المعجم الكبير - للطبراني - ٢٣ : ٤١٩ / ١٠١٣ وفيه : ( لا تمتشطي بالحِنّاء ).

(٢) الحاوي الكبير ٤ : ١١١ ، فتح العزيز ٧ : ٤٥٧ ، حلية العلماء ٣ : ٢٩٠ ، المجموع ٧ : ٢٨٢ ، المبسوط - للسرخسي - ٤ : ١٢٦ ، المغني ٣ : ٣٠٠ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٩١.

(٣) سنن أبي داود ٢ : ١٦٦ / ١٨٢٧ ، سنن البيهقي ٥ : ٤٧ و ٥٢.

(٤) التهذيب ٥ : ٦٧ / ٢١٧ ، الاستبصار ٢ : ١٦٥ / ٥٤٠.

(٥) المبسوط - للسرخسي - ٤ : ١٢٦ ، بدائع الصنائع ٢ : ١٨٩ ، حلية العلماء ٣ : ٢٩٠ ، فتح العزيز ٧ : ٤٥٧.

(٦) التهذيب ٥ : ٢٩٩ / ١٠١٦.

٣٠٩

فقولان ؛ لأنّه مسّ طيباً ، فوجبت الفدية(١) .

والملازمة ممنوعة ؛ لأنّ هذا الموضع ممّا تمسّ الحاجة إلى الدخول إليه ، وربما حصل زحام.

مسألة ٢٣٣ : يحرم لُبْس الثوب مسّه طيب ، ذهب اليه علماء الأمصار ؛ لما رواه العامّة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال : ( لا تلبسوا شيئاً من الثياب مسّه الزعفران ولا الوَرْس )(٢) .

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام : « لا تمسّ الريحان وأنت مُحْرم ولا تمسّ شيئاً فيه زعفران ، ولا تأكل طعاماً فيه زعفران ، ولا ترتمس في ماء يدخل فيه رأسك »(٣) .

إذا ثبت هذا ، فلا فرق بين صبغ الثوب بالطيب وغمسه فيه وتبخيره به.

وكذا لا يجوز افتراشه والنوم عليه والجلوس ، فمتى لبسه أو نام عليه ، وجبت الفدية - وبه قال الشافعي وأحمد(٤) - لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله نهى عن لُبْس ما مسّه الزعفران(٥) ، ولم يُفرّق بين الرطب واليابس ، ولا بين ما ينفض وما لا ينفض.

وقال أبو حنيفة : إن كان رطباً يلي بدنه أو يابساً ينفض ، فعليه الفدية ، وإلّا فلا ؛ لأنّه غير مستعمل لجرم الطيب في بدنه ، فلا فدية عليه ، كما لو‌

____________________

(١) الحاوي الكبير ٤ : ١١٣ ، فتح العزيز ٧ : ٤٦١ - ٤٦٢ ، المجموع ٧ : ٢٧٢.

(٢) صحيح البخاري ٣ : ١٩ ، صحيح مسلم ٢ : ٨٣٤ / ١١٧٧ ، سنن الترمذي ٣ : ١٩٥ / ٨٣٣ ، سنن ابن ماجة ٢ : ٩٧٧ / ٢٩٢٩ ، الموطّأ ١ : ٣٢٥ / ٨ ، سنن البيهقي ٥ : ٤٩.

(٣) التهذيب ٥ : ٣٠٧ / ١٠٤٨.

(٤) الوجيز ١ : ١٢٥ ، فتح العزيز ٧ : ٤٦١ ، المجموع ٧ : ٢٧٢ ، المغني ٣ : ٢٩٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٨٨.

(٥) تقدّمت الإِشارة إلى مصادره في الهامش (٢)

٣١٠

جلس عند العطّارين(١) .

والفرق : أنّ الجلوس ليس بتطيّب.

فروع :

أ - لو غسل الثوب حتى ذهب الطيب ، جاز لبُسْه إجماعاً.

ولأنّ الصادقعليه‌السلام سُئل عن الثوب للمُحرم يصيبه الزعفران ثم يغسل ، فقال : « لا بأس به إذا ذهب »(٢) .

ب - لو انقطعت رائحة الطيب لطول الزمان عليه ، أو صُبغ بغيره بحيث لا تظهر له رائحة إذا رشّ بالماء ، جاز استعماله - وبه قال سعيد بن المسيّب والحسن البصري والنخعي والشافعي وأبو ثور وأصحاب الرأي(٣) - لزوال الرائحة المقتضية للتحريم.

وكرهه مالك(٤) .

ج - لو فرش فوق الثوب المطيّب ثوباً يمنع الرائحة والمباشرة ، فلا فدية بالجلوس عليه والنوم‌. ولو كان الحائل ثياب نومه ، فالوجه : المنع ؛ لأنّه كما مُنع من استعمال الطيب في بدنه مُنع من استعماله في ثوبه.

د - لو أصاب ثوبه طيب ، وجب عليه غسله أو نزعه ، فلو كان معه من الماء ما لا يكفيه لغسل الطيب وطهارته ، غسل به الطيب ؛ لأنّ للوضوء بدلاً.

ه- - لو جعل الطيب في خرقة وشمّها ، وجب عليه الفداء ؛ للعمومات.

وقال الشافعي : لا فدية عليه(٥) .

____________________

(١) المغني ٣ : ٢٩٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٨٨.

(٢) الفقيه ٢ : ٢١٦ / ٩٨٨ ، التهذيب ٥ : ٦٨ / ٢٢٠.

(٣) المغني ٣ : ٢٩٩ ، فتح العزيز ٧ : ٤٥٩ ، المجموع ٧ : ٢٧٣.

(٤) المدوّنة الكبرى ١ : ٣٦٢ ، المغني ٣ : ٢٩٩.

(٥) الْأُم ٢ : ١٥٢ ، الحاوي الكبير ٤ : ١١٢ - ١١٣.

٣١١

مسألة ٢٣٤ : يكره له الجلوس عند العطّارين ، ويُمسك على أنفه لو جاز في زُقاق العطّارين ، ولا يقبض على أنفه من الرائحة الكريهة ؛ لقول الصادقعليه‌السلام : « وأمسك على أنفك من الريح الطيّبة ولا تُمسك من الريح النتنة »(١) .

ويجوز الجلوس عند الكعبة وهي تُجمّر ، وبه قال الشافعي(٢) .

ولا يجوز الجلوس عند رجل متطيّب ولا في سوق العطّارين ؛ لأنّه يشمّ الطيب حينئذٍ.

وقال الشافعي : إن جلس لحاجة أو غرض غير الطيب ، كره ، وإن جلس لشمّ الطيب ، فقولان :

أحدهما : الجواز من غير كراهة ، كالجلوس الى الكعبة.

والثاني : الكراهة(٣) .

قال الشيخرحمه‌الله : لو كان الطيب يابساً مسحوقاً ، فإن علق ببدنه منه شي‌ء ، فعليه الفدية ، وإن لم يعلق بحال ، فلا فدية ، وإن كان يابساً غير مسحوق ، فإن علق ببدنه رائحته ، فعليه الفدية.

وقال الشافعي : إن علق به رائحة ، فقولان(٤) .

قال الشيخرحمه‌الله : لو مسّ طيباً ذاكراً لإِحرامه ، عالماً بالتحريم ، رطباً ، كالمسك والغالية والكافور المبلول بماء ورد وشبهه ، فعليه الفدية في أيّ موضع كان من بدنه ، وكذا لو تسعّطه أو حقن. وبه قال الشافعي.

____________________

(١) التهذيب ٥ : ٢٩٧ - ١٠٠٦ ، الاستبصار ٢ : ١٧٨ - ٥٩٠.

(٢) مختصر المزني : ٦٦ ، الحاوي الكبير ٤ : ١١٣ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢١٧ ، المجموع ٧ : ٢٧٥ ، فتح العزيز ٧ : ٤٦٠.

(٣) فتح العزيز ٧ : ٤٦٠ ، المجموع ٧ : ٢٧١.

(٤) الخلاف ٢ : ٣٠٦ ، المسألة ٩٤ ، وراجع : الوجيز ١ : ١٢٥ ، وفتح العزيز ٧ : ٤٦٠ ، والمهذّب - للشيرازي - ١ : ٢١٧ ، والمجموع ٧ : ٢٧٢.

٣١٢

وقال أبو حنيفة : لو ابتلع الطيب فلا فدية عليه.

وكذا لو حشا جرحه بطيب(١) .

ولو داس بنعله طيباً فعلق بنعله ، فإن تعمّد ذلك ، وجبت الفدية ؛ لأنّه مستعمل للطيب ، كما لو علق بثوبه ، وإن لم يتعمّد ، لم يكن عليه شي‌ء.

ولو اضطرّ المـُحْرم الى سعوط فيه مسك ، جاز له التسعّط به ؛ للرواية(٢) .

ولو لم تكن ضرورة ، فالوجه : المنع ، ووجوب الفدية ، وبه قال الشافعي(٣) . وكذا لو احتقن به ، خلافاً لأبي حنيفة(٤) .

مسألة ٢٣٥ : يحرم على المـُحْرم أكل ما فيه طيب عمداً ، وتجب به الفدية على جميع الأحوال عند علمائنا أجمع ؛ لعموم الأخبار الدالّة على المنع من أكل طعام فيه طيب أو شربه واستعمال الطيب مطلقاً.

وقول الصادقعليه‌السلام : « واتّق الطيب في زادك »(٥) .

وقول الباقرعليه‌السلام : « مَنْ أكل زعفراناً متعمّداً أو طعاماً فيه طيب فعليه دم ، وإن كان ناسياً فلا شي‌ء عليه ويستغفر الله ويتوب اليه »(٦) .

وقال مالك : إن مسّته النار ، فلا فدية - وهو قول أصحاب الرأي(٧) - لأنّه استحال بالطبخ عن كونه طيباً ، فيكون سائغاً ، سواء بقيت أوصافه أو لم تبق(٨) .

____________________

(١) الخلاف ٢ : ٣٠٦ ، المسألة ٩٣ ، وراجع : الأُم ٢ : ١٥٢ ، وفتح العزيز ٧ : ٤٥٩ و ٤٦٠ ، والمجموع ٧ : ٢٧٠ - ٢٧١.

(٢) الفقيه ٢ : ٢٢٤ - ١٠٥٤.

(٣) الْأُم ٢ : ١٥٢ ، فتح العزيز ٧ : ٤٦٠ ، المجموع ٧ : ٢٧١.

(٤) انظر : فتح العزيز ٧ : ٤٦٠.

(٥) التهذيب ٥ : ٢٩٧ / ١٠٠٦ ، الاستبصار ٢ : ١٧٨ / ٥٩٠.

(٦) الكافي ٤ : ٣٥٤ / ٣ ، الفقيه ٢ : ٢٢٣ / ١٠٤٦.

(٧ و ٨) المغني ٣ : ٣٠٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٨٩ ، المنتقى - للباجي - ٢ : ٢٠٤ ، المدوّنة =

٣١٣

وليس بجيّد ؛ لأنّ الترفّه والاستمتاع حاصل من حيث المباشرة ، فأشبه ما لو كان نيئاً.

مسألة ٢٣٦ : لو طيّب بعض العضو كان كما لو طيّب كلّه ، ويجب الفداء عند علمائنا ، وبه قال الشافعي(١) .

وقال أبو حنيفة : إن طيّب جميع العضو كالرأس واليد ، وجبت الفدية التامّة ، وإلّا فلا ، بل يجب صدقة لو طيّب بعض العضو(٢) .

لنا : أنّه مُسْتعمِل للطيب ، فدخل تحت عموم النهي.

وكذا البحث في اللُّبْس لو لبس بعض العضو أو غطّى بعض رأسه كان كما لو ستر الجميع.

ولو اضطرّ الى أكل طعام فيه طيب أو مسّه ، أكل أو لَمَس وقَبَض على أنفه ، للضرورة ، ولا شي‌ء عليه.

ويجوز له شراء الطيب إجماعاً ، لأنّه غير المنهي عنه فيبقى على الإِباحة الأصلية.

وكذا يشتري المخيط والجواري ؛ لأنّه غير الاستمتاع بهما ، بخلاف النكاح الذي لا يقصد به إلّا الاستمتاع ، فلهذا مُنع منه.

وكما يُمنع المـُحْرم من ابتداء الطيب كذا يُمنع من استدامته ، سواء صبغ ثوبه به ، كالمـُمْسَك والمـُزعفَر والمـُعنبَر ، أو غمسه فيه ، كما لو غمسه في ماء الورد وماء الكافور ، أو بجرّه به ، كالندّ(٣) والعود.

____________________

= الكبرى ١ : ٤٥٧ ، الموطأ ١ : ٣٣٠ ذيل الحديث ٢١ ، بدائع الصنائع ٢ : ١٩١ ، حلية العلماء ٣ : ٢٨٩.

(١) فتح العزيز ٧ : ٤٦٠ ، حلية العلماء ٣ : ٢٩١ ، المجموع ٧ : ٢٧٠ - ٢٧١ ، المغني ٣ : ٥٣٣.

(٢) المبسوط - للسرخسي - ٤ : ١٢٢ ، الهداية - للمرغيناني - ١ : ١٦٠ ، بدائع الصنائع ٢ : ١٨٩ ، فتح العزيز ٧ : ٤٦٠ ، المغني ٣ : ٥٣٣.

(٣) الندّ : ضرب من الطيب يدخّن به. لسان العرب ٣ : ٤٢١ « ندد ».

٣١٤

ولو غمس ثوبه في ماء الفواكه الطيّبة ، كالاُتْرُج والتفّاح وشبهه ، لم يكن به بأس.

قال الشيخرحمه‌الله : يستحب للمُحْرم إذا نسي وتطيّب أن يكلّف مُحلاً غسْله ، ولا يباشره بنفسه ، فإن باشره بنفسه ، فلا شي‌ء عليه(١) . وهو جيّد.

مسألة ٢٣٧ : لو أكل طعاماً فيه زعفران أو طيب آخر ، أو استعمل مخلوطاً بالطيب في غير الأكل ، فإن استهلك الطيب فيه فلم يبق له ريح ولا طعم ولا لون ، فالأقرب أنّه لا فدية فيه ، وبه قال الشافعي(٢) .

وإن ظهرت هذه الأوصاف فيه ، وجبت الفدية قطعاً.

وإن بقيت الرائحة وحدها ، فكذلك ؛ لأنّها الغرض الأعظم من الطيب.

وإن بقي اللون وحده ، فطريقان للشافعية ، أحدهما : أنّ المسألة على قولين : أظهرهما : أنّه لا تجب فدية ؛ لأنّ اللون ليس بمقصود أصلي.

الطريق الثاني : القطع بعدم وجوب الفدية.

ولو بقي الطعم وحده ، فطريقان : أظهرهما : أنّه كالريح ، والثاني : أنّه كاللون(٣) .

ولو أكل الجلنجبين(٤) ، نُظر في استهلاك الورد فيه وعدمه.

ولو خفيت رائحة الطيب أو الثوب المطيّب بمرور الزمان عليه أو بغبار وغيره ، قال الشافعي : إن كان بحيث لو أصابه الماء فاحت الرائحة منه ، لم يجز استعماله ، فان بقي اللون ، فوجهان مبنيّان على الخلاف المذكور في أنّ اللون هل يعتبر؟ والصحيح عندهم : أنّه لا يعتبر(٥) .

____________________

(١) المبسوط - للطوسي - ١ : ٣٥٢.

(٢) الأُم ٢ : ١٥٢ ، فتح العزيز ٧ : ٤٥٨ ، المجموع ٧ : ٢٧٣.

(٣) فتح العزيز ٧ : ٤٥٨ - ٤٥٩ ، المجموع ٧ : ٢٧٣.

(٤) في « ف ، ن » : الجكنجبين.

(٥) فتح العزيز ٧ : ٤٥٩ ، المجموع ٧ : ٢٧٣.

٣١٥

ولو مزج ماء ورد بماء مطلق فذهبت رائحته ، فقولان :

أحدهما : تجب الفدية باستعماله ؛ للعلم بوصول الطيب اليه.

والثاني - وهو الأصحّ عندهم - : لا تجب الفدية ؛ لفوات مقصود الطيب(١) .

مسألة ٢٣٨ : استعمال الطيب عبارة عن شمّه أو إلصاق الطيب بالبدن‌ أو الثوب أو نشبت(٢) الرائحة بإحداهما قصداً للعرف ، فلو تحقّق الريح دون العين بجلوسه في حانوت عطّار أو في بيت يجمّره ساكنوه ، وجبت الفدية إن قصد تعلّق الرائحة به ، وإلّا فلا.

والشافعي أطلق القول بعدم وجوب الفدية(٣) .

ولو احتوى على مجمرة ، لزمت الفدية عندنا وعنده(٤) أيضاً.

وقال أبو حنيفة : لا تجب الفدية(٥) .

ولو مسّ جرم العود فلم تعبق(٦) به رائحته ، فلا فدية.

وللشافعي قولان(٧) .

ولو حمل مسكاً في فأرة مصمومة الرأس ، فلا فدية إذا لم يشمّها ، وبه قال الشافعي(٨) .

ولو كانت غير مصمومة ، فللشافعية وجهان(٩) .

____________________

(١) فتح العزيز ٧ : ٤٥٩ ، المجموع ٧ : ٢٧٣.

(٢) نشب الشي‌ء في الشي‌ء : علق فيه. الصحاح ١ : ٢٢٤ « نشب ».

(٣) الْأُم ٢ : ١٥٢ ، الوجيز ١ : ١٢٥ ، فتح العزيز ٧ : ٤٦٠ ، المجموع ٧ : ٢٧١.

(٤) الوجيز ١ : ١٢٥ ، فتح العزيز ٧ : ٤٦٠ ، المجموع ٧ : ٢٧١.

(٥) فتح العزيز ٧ : ٤٦٠.

(٦) عبق : لزم ، لزق. لسان العرب ١٠ : ٢٣٤ « عبق ».

(٧) الوجيز ١ : ١٢٥ ، فتح العزيز ٧ : ٤٦٠.

(٨) الوجيز ١ : ١٢٥ ، فتح العزيز ٧ : ٤٦٠ ، المجموع ٧ : ٢٧٢.

(٩) الوجيز ١ : ١٢٥ ، فتح العزيز ٧ : ٤٦١.

٣١٦

وقال بعضهم : إنّ حمل الفأرة تطيّب(١) .

ولو جعل الطيب المسحوق في خرقة وشمّها ، فعليه الفداء.

وقال الشافعي : لا فدية عليه ، ولا يكون محرّماً(٢) .

ولو طيّب فراشه ونام عليه ، حرم ، ولزمه الفداء.

ولا فرق بين أن يتّفق الإِلصاق بظاهر البدن أو داخله ، كما لو أكله أو احتقن به أو تسعّط.

وللشافعية قول آخر : إنّه لا تجب الفدية في الحقنة والسعوط(٣) .

ولو مسّ طيباً فلم يعبق ببدنه شي‌ء من جرمه ولكن عبقت به الرائحة ، لزمه الفداء - وهو أحد قولي الشافعي(٤) - لأنّ المقصود الرائحة وقد حصلت.

والثاني : لا تجب ؛ لأنّ الرائحة قد تحصل بالمجاورة(٥) .

ولو لم تعبق به الرائحة ، فلا شي‌ء عليه.

ولو شدّ المسك أو العنبر أو الكافور في طرف ثوبه ، أو وضعته المرأة في جيبها ، أو لبست الحليّ المحشوّ به ، وجبت الفدية.

ولو شمّ الورد فقد تطيّب به ، وكذا لو شمّ ماء الورد.

وقال الشافعي : لا يجب بشمّ ماء الورد شي‌ء إلاّ أن يصبّه على بدنه أو ثوبه ، لأنّ الطريق فيه الصبّ على الثوب أو البدن(٦) .

ولو داس بنعله طيبا ، لزمته الفدية - وبه قال الشافعي(٧) - لأنّها ملبوسة له بحال.

____________________

(١) فتح العزيز ٧ : ٤٦١.

(٢) الحاوي الكبير ٤ : ١١٢ - ١١٣ ، والْأُم ٢ : ١٥٢.

(٣) فتح العزيز ٧ : ٤٦٠ ، المجموع ٧ : ٢٧١.

(٤ و٥ ) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢١٧ ، المجموع ٧ : ٢٧٢ ، فتح العزيز ٧ : ٤٦٠.

(٦) فتح العزيز ٧ : ٤٦٠ ، المجموع ٧ : ٢٧٢.

(٧) فتح العزيز ٧ : ٤٦١ ، المجموع ٧ : ٢٧٣.

٣١٧

ولو نام أو جلس على أرض أو فراش مطيّبين ، فإن فرش فوقهما ثوباً وإن كان رقيقاً ، فلا بأس إذا لم يشمّ طيبهما وإلّا فلا.

مسألة ٢٣٩ : إنّما يحرم استعمال الطيب مع القصد ، فلو تطيّب ناسياً أو جاهلاً بكونه طيباً أو بكون الطيب محرّماً ، فلا فدية - وبه قال الشافعي(١) - كما لو تكلّم في الصلاة ناسياً أو أكل في رمضان.

وقال أبو حنيفة ومالك والمزني : تجب الفدية على الناسي والجاهل(٢) .

وعن أحمد روايتان(٣) .

ولو علم أنّه طيب ولم يعلم أنّه يعبق ، لزمته الفدية.

ولو علم تحريم الاستعمال وجهل وجوب الفدية ، وجبت الفدية ، لأنّه إذا علم التحريم ، كان حقّه الامتناع.

ولو علم تحريم الطيب وجهل كون الممسوس طيباً ، لم تجب الفدية - وهو قول أكثر الشافعية(٤) - لأنّه إذا جهل كون الشي‌ء طيباً فقد جهل تحريم استعماله.

وحكى الجويني وجهاً آخر : أنّه تجب الفدية(٥) .

ولو مسّ طيباً رطباً وهو يظنّ أنّه يابس لا يعلق شي‌ء منه به ، فالأقرب عدم الفدية - وهو أحد قولي الشافعي(٦) - لأنّ جهله برطوبته كجهله بكونه طيباً.

____________________

(١) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٢٠ ، المجموع ٧ : ٣٤٠ و ٣٤٣ ، الوجيز ١ : ١٢٥ ، فتح العزيز ٧ : ٤٦١ ، مختصر المزني : ٦٦ ، حلية العلماء ٣ : ٣٠٠ ، صحيح مسلم بشرح النووي هامش إرشاد الساري ٥ : ١٨٦.

(٢) فتح العزيز ٧ : ٤٦١ ، المجموع ٧ : ٣٤٠ و ٣٤٣ ، المدوّنة الكبرى ١ : ٣٨٨ ، حلية العلماء ٣ : ٣٠٠ ، صحيح مسلم بشرح النووي هامش إرشاد الساري ٥ : ١٨٦.

(٣) المغني ٣ : ٥٣٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٥٤ ، فتح العزيز ٧ : ٤٦١ ، المجموع ٧ : ٣٤٣ ، صحيح مسلم بشرح النووي هامش إرشاد الساري ٥ : ٣٤٠.

(٤ و ٥ ) فتح العزيز ٧ : ٤٦١ ، المجموع ٧ : ٣٤٠.

(٦) فتح العزيز ٧ : ٤٦١ - ٤٦٢ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٢٠ ، المجموع ٧ : ٣٤٠ ، حلية العلماء ٣ : ٣٠١.

٣١٨

والثاني : تجب الفدية ؛ لأنّه قصد الطيب مع العلم بكونه طيباً(١) .

وقال الشيخرحمه‌الله : لو كان الطيب يابساً مسحوقاً ، فإن علق بيده شي‌ء منه ، فعليه الفدية ، وإن لم يعلق بحال ، فلا فدية ، ولو كان يابساً غير مسحوق ، كالعود والعنبر والكافور ، فإن علق بيده رائحته ، فعليه الفدية ؛ للاحتياط وعموم الأخبار(٢) . وهو جيّد.

مسألة ٢٤٠ : لو لصق الطيب ببدنه أو ثوبه على وجه لا يوجب الفدية‌ بأن كان يابساً أو ألقته الريح ، وجب عليه المبادرة إلى غسله أو تنحيته أو معالجته بما يقطع رائحته ، ويأمر غيره بإزالة ذلك عنه.

ولو باشره بنفسه ، فالأقرب أنّه لا يضرّه ؛ لأنّه قصد الإِزالة.

فإن أخّره قادراً ولم يُزله مع الإِمكان ، وجب الفداء.

ولو كان زمناً لا يقدر على إزالته أو مكتوفاً لا يتمكّن ، فلا فدية.

ولو اكره على التطيّب ، فلا فدية.

ولو اُكره على التطيّب ، فلا فدية.

ولا خلاف بين أهل العلم في تحريم لُبْس ثوب فيه طيب من وَرْس أو زعفران وغيرهما مع رطوبته أو تبخيره به ، فكلّ ما صُبغ بزعفران أو وَرْس ، أو غُمس في ماء ورد أو بُخّر بعود ، فليس للمُحْرم لُبْسه ولا الجلوس عليه ولا النوم عليه ؛ لأنّه استعمال له ، فأشبه لُبْسه ، ومتى لبسه أو استعمله ، فعليه الفداء ، وبه قال الشافعي وأحمد(٣) .

وقال أبو حنيفة : إن كان رطباً يلي بدنه أو يابساً ينفض ، فعليه الفدية ،

____________________

= حلية العلماء ٣ : ٣٠١

(١) فتح العزيز ٧ : ٤٦٢ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٢٠ ، المجموع ٧ : ٣٤٠ ، حلية العلماء ٣ : ٣٠١.

(٢) الخلاف ٢ : ٣٠٦ ، المسألة ٩٤.

(٣) فتح العزيز ٧ : ٤٦١ ، المجموع ٧ : ٢٧٢ ، المغني ٣ : ٢٩٨ - ٢٩٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٨٨.

٣١٩

وإلّا فلا ؛ لأنّه ليس بمتطيّب(١) .

وهو خطأ ؛ لأنّه مُحْرم استعمل ثوباً مطيّباً ، فلزمته الفدية ، كالرطب.

فإن غسله حتى ذهب ما فيه من الطيب ، فلا بأس به بإجماع العلماء.

ولو انقطعت رائحة الثوب لطول الزمن عليه ، أو لكونه صُبغ بغيره فغلب عليه بحيث لا تفوح له رائحة إذا رشّ فيه الماء ، فلا بأس باستعماله ؛ لزوال الطيب منه ، وبه قال سعيد بن المسيّب والنخعي والشافعي وأبو ثور وأصحاب الرأي ، وهو مروي عن عطاء وطاوس(٢) .

وكره ذلك مالك إلّا أن يغسل ويذهب لونه ؛ لأنّ عين الزعفران ونحوه موجودة فيه(٣) .

وليس بجيّد ، لأنّه إنّما نهي عنه لأجل رائحته والتلذّذ به وقد ذهبت بالكلّية.

ولو لم تكن له رائحة في الحال لكن كان بحيث لو رشّ فيه ماء فاح ريحه ، ففيه الفدية ؛ لأنّه متطيّب ؛ لأنّ رائحته تظهر عند رشّ الماء فيه ، والماء لا رائحة له ، وإنّما هي من الصبغ الذي فيه.

ولو فرش فوق الثوب ثوباً صفيقاً يمنع الرائحة والمباشرة ، فلا فدية عليه بالجلوس والنوم عليه.

ولو كان الحائل بينهما ثياب بدنه ، وجب الفداء ؛ لأنّه ممنوع من استعمال الطيب في الثوب الذي عليه ، كما مُنع من استعماله في بدنه.

ولا بأس بالثوب المـُعَصْفر - وهو المصبوغ بالعُصْفُر - للرواية(٤) ، خلافاً

____________________

(١) المغني ٣ : ٢٩٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٨٨.

(٢) المغني ٣ : ٢٩٩ ، فتح العزيز ٧ : ٤٥٩.

(٣) المغني ٣ : ٢٩٩ ، المدوّنة الكبرى ١ : ٣٦٢.

(٤) التهذيب ٥ : ٦٧ / ٢١٧ ، الاستبصار ٢ : ١٦٥ / ٥٤٠.

٣٢٠

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481